النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء حماس 394

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء حماس 394

    اقلام واراء حماس 394
    23/7/2013

    حماس التي خرجت من سوريا ولم تدخل مصر

    المركز الفلسطيني للإعلام ،،، ساري عرابي

    قتل وسحل الحرائر فى مصر!
    فلسطين الآن ،،، أحمد منصور

    خوف على الحاضر والمستقبل
    فلسطين الآن ،،، فهمي هويدي

    عن مسألة التصاريح
    اجناد الاخباري - محمود عمر

    ماذا يريد كيري فلسطينيا
    اجناد الاخباري - ياسر الزعاترة

    وقف المفاوضات كالعودة إليها
    الرسالة نت ،،، عبد الستار قاسم

    الزلزلة
    فلسطين أون لاين ،،، يوسف رزقة

    كيري و"التغميس خارج الصحن"!
    فلسطين أون لاين ،،، خالد وليد محمود



    حماس التي خرجت من سوريا ولم تدخل مصر
    المركز الفلسطيني للإعلام ،،، ساري عرابي
    * قراءة في المشهد:
    في الشهرين الثاني والثالث من العام الماضي كتبت مقالتين، الأولى؛ حول موقف حماس من الثورة السورية، دعوت فيها إلى التعامل مع حماس كحركة مقاومة في سياق ثورة فلسطينية مستمرة، وتقدير عملها في بيئة شديدة التعقيد ويغلب عليها العداء لمشروع الحركة التحرري، والثانية؛ رأيت فيها أن القوى الإقليمية المناوئة للتغير في المشهد الإقليمي، وبعضها دول عربية مركزية، ومن خلفها دول النظام الدولي، قد تمكنت من احتواء حركة ما عرف بـ"الثورات العربية"، وهو الاحتواء الذي يبدو ناجحًا حتى اللحظة.
    كان المشهد متحركًا، ولا يحتمل المراهنة عليه والمغامرة بأية مكاسب قائمة، لأجل أماني لا يوجد ما يسندها من حقائق، وعلى العكس، كانت المعطيات الموضوعية، لا تزال في غير صالح حركة المقاومة.
    فالتدخل الخليجي في سوريا، وإن كان في جانب منه يصفي حسابًا مع بشار الأسد ويخوض معركة مع إيران، فإنه لن يغامر بتغيير المنظومة الإقليمية، وصعود الفوضى في عقدة جغرافية إستراتيجية من شأنها أن تفتح الآفاق على تحولات واسعة في المشرق العربي (فوضى على حدود السعودية وتركيا والعراق والأردن ولبنان والكيان الصهيوني)، والأمر نفسه يمكن قوله بالنسبة لتركيا، التي مهما بلغت قيادتها من صدق التعاطف مع جراح الشعب السوري، فإنها لم تكن لتذهب خارج موقعها في الحفاظ على المصالح الغربية.
    الأنظمة العربية بطبيعتها، خاصة الخليجية منها، تتعامل بعداء بالغ، وتوجس كبير، مع أي حركة تغيير شعبية عفوية وتلقائية حتى لو كانت تستهدف أنظمة عربية أخرى تخاصمها، لأسباب مفهومة متعلقة ببنى هذه الأنظمة، لكن الخطورة تبدو أكبر لدى هذه الأنظمة، حينما تندفع حركة التغيير الشعبية بتلقائيتها صوب تغيير المنظومة الإقليمية، وهو ما من شأنه أن ينسف بهذه المنظومة، أي بوجود هذه الأنظمة، أو أن يكون التغيير خارج خريطة مصالحها.
    وهذا العداء والتوجس تشاركها فيه أصلاً قوى النظام الدولي، ولعل هذه القراءة يمكنها أن تفسر جانبًا من أسباب التدخل لإحباط الثورة السورية، فقوى النظام الدولي لا يمكنها أن تسمح بأي تغيير في المنظومة الإقليمية إلا بفعلها وعلى أساس رؤيتها ووفق مصالحها.
    وفي مصر أجهضت النواة الثورية، حينما اقتصرت نتائج 25 يناير على إسقاط مبارك، وإبقاء الدولة كما هي بنفس البنى، وكان هذا الإجهاض بمشاركة صناع الثورة أنفسهم، وكان واضحًا أن الإسلاميين القادمين إلى الحكم سوف يراعون اشتراطات الوصول إلى حكم دولة مركزية في المنظومة الإقليمية، بتسويات مع البنى القائمة، ومراعاة بعض التسويات مع القوى الإقليمية والدولية.
    فهذه الدولة أي مصر، بدأت تلتحق فعليًا بالحقبة الخليجية من بعد هزيمة العام 1967، ورضوخ عبد الناصر أخيرًا وبشكل ذليل للقوى الرجعية كما كان يسميها، بعد السقوط المدوي لمشروعه، واحتياجه للمال الخليجي، لتكتمل أخيرًا تبعية مصر لأمريكا من بعد حرب العام 1973، بحيث تشكلت تمامًا عقيدة الدولة المصرية، وعلى نحو راسخ، صاغت في إثرها محددات الأمن القومي، الذي لا يرى مصر قادرة على الاستمرار، إلا بضمان بقائها داخل المنظومة الإقليمية، بنفي أي فكر متجاوز لمفهوم الدولة الحديثة القطرية، وخاصة إذا كان هذا الفكر إسلاميًا، باعتباره الأكثر إثارة للمخاوف والعداء في الغرب، والقيام بالدور الوظيفي في خريطة المصالح الأمريكية وعلى حدود الكيان الصهيوني، وإحباط أي تغيير في المشهد الإقليمي العربي.
    واستطرادًا، مع المشهد الإقليمي كله، يمكن قراءة خطة أعداء المشروع التحرري في المنطقة في احتواء حركات التغيير الشعبية التلقائية، من تدخل النيتو في ليبيا، مهما قيل في تسويغه، مرورًا بإحباط مشروع الثورة اليمنية، إضافة إلى تطويق الحركات الاحتجاجية في المغرب والأردن، بينما الاحتمالات في تونس تبقى مفتوحة، مع مخاطر الاستمرار من داخل الأنموذج أسفل السقف الموروث من زمن الاستبداد والمفروض استعماريًا، لكن تبقى الأهمية الاستثنائية لكل من سوريا ومصر، لمركزيتهما في المشرق العربي، ومركزيتهما من بين دول الطوق.

    * إشكالات القراءة الإخوانية:
    كان الإشكال دائمًا بالنسبة لجماعات الإخوان المسلمين، اعتماد حسن الظن بالجماعة، والمعرفة بصدق ونبل غاياتها ومقاصدها النهائية، أداة تحليل وحيدة لقراءة خيارات الجماعة السياسية والفكرية، فالغاية النهائية إقامة المشروع الإسلامي وأستاذية العالم، ونظرًا للطبيعة التربوية المميزة داخل الجماعة، والظروف التي عبرتها تاريخيًا، وانشغالها بالجانب العملي، وترفعها عما يغرق فيه الإسلاميون الآخرون من خلافات وتجاذبات، فإن الشعور بالطهورية يغلب على أبناء الجماعة، وهو ما يحول كثيرًا دون قراءة موضوعية للمسار والخيارات، فالنوايا الحسنة لا تضمن بالضرورة صحة المسار.
    وكانت حماس، من ضمن جماعات الإخوان المسلمين، التي سلمت للإخوان المسلمين في مصر بمسارهم، وقبلت منهم خطة عملهم، القائمة على إرجاء المشاريع الكبرى إلى ما بعد التمكين وبناء مصر، وهو ما يحتاج، بحسب رؤية الإخوان، إلى التدرج والصبر والحكمة، وعدم المغامرة باتخاذ مواقف كبرى تصدم القوى الدولية والإقليمية، أو تصدم سدنة عقيدة الأمن القومي المصري من بنى الدولة القوية المستمرة.
    وحماس بطبيعة الحال، كانت تنطلق من حسن الظن وتعول على المستقبل، وقد أخذها الإيمان بحقيقة التغيير الحاصل في المنطقة واستحالة العودة إلى الوراء.
    وهذا المنهج في قراءة الجماعة، لم يكن ليتيح أي مناقشة جادة للمسار، فضلاً عن المراجعة، وإنما هو يدفع دائمًا نحو الدفاع المستند إلى حسن الظن والمعرفة بصدق الجماعة، وهو ما لا يمكن إلزام الآخرين به ممن يساهمون في النقاش العربي العام أو ينخرطون في هذا التدافع من غير الإخوان المسلمين.

    بيد أن الأهم كان إدراك أن نبل المقاصد لم يكن ليمنع من أمرين: إما الذوبان في الأنموذج القائم والاستحالة إلى طبيعة مختلفة بتدرج في المبررات التي تقوم على إحسان الظن، أو الخروج من المشهد حين العجز عن الاستمرار في قبول اشتراطات الأنموذج القائم بشقيه (بنية الدولة، والمنظومتين الإقليمية والدولية)، وهذا الذي حصل مع الإخوان، حين انقلب عليهم ملاك أوراق القوة في البنية التي طرأ عليها الإخوان ولم يكونوا يومًا منها ولا يملكون فيها شيئًا، وهذا في جانب منه قد يكشف عن صدق الإخوان في مقاصدهم بيد أنه يكشف عن فشل الخطة، وفي جانب آخر يحيل إلى ضرورة المراجعة، ويفتح فرصًا وآفاقا أخرى لمواجهة هذه البنى القائمة.
    كانت المشكلة التي حالت دون قراءة دقيقة للمشهد الإقليمي والحضور الدولي فيه، لا تتعلق بجماعة الإخوان المسلمين وحماس وحسب، وهي أيضًا في حالة الإخوان وحماس لم تقتصر المشكلة على نزعة حسن الظن والاستشعار الملازم للأفضلية والطهورية التي كبحت مراجعة المسار والتدقيق فيه، وإنما كان ثمة نشوة عامة طالت كل الأحرار في المنطقة العربية، بدأت بالانحسار أولاً عن القوميين واليساريين حينما وصلت الثورة سورية، ولأن "الثورات العربية" صعدت بالإسلاميين، فأعادوا تقييمها بأثر رجعي، وعدوها مؤامرة أمريكية، بينما بدأت النشوة بالانحسار عن الإسلاميين بعد الانقلاب الأخير على الرئيس محمد مرسي، وجلاء أدوار الأطراف المحلية والإقليمية والدولية في هذا الانقلاب.
    وهذه النشوة، عززت بعض التصورات الرومانسية عن الشعوب والمجتمعات العربية، حيث أغفلت عقودًا ممتدة من الاستبداد التي رزحت أسفلها هذه الشعوب، وما يمكن لتلك العقود أن تراكمه من أمراض وتشوهات في وعيها وسلوكها.
    فبدأت تلك التصورات في قراءة تلك الشعوب من لحظة "الثورات" وكأن التاريخ بدأ من هنا، وكأن الشعوب هي تلك التي خرجت ثائرة فقط، أو كأن التأثير في مستقبل البلاد العربية سيقتصر على "الثوار" والذين هم أيضًا ليسوا نسيجًا واحدًا في الأفكار والأخلاق، هذا بالرغم من أن نصف المصوتين المصريين، مثلاً، صوتوا لممثل نظام مبارك، أحمد شفيق. فبسبب هذه النشوة ترسخت المقولة الوثوقية بأن "الشعب لن يسمح".
    ولأن المنطقة العربية كلها، بأنظمتها القمعية العميلة، أو قواها التحررية، آمنت على المستوى الذهني بأن أوراق القوة أكثرها بيد أمريكا، تولدت قراءة أخرى ترى بأن أمريكا بدأت الانسحاب من المنطقة، وهذه القراءة لدى الإسلاميين لم يفسروا بها تفجر "الثورات" التي بقيت في وعيهم طاهرة نقية خارج التدبير الأمريكي، وإنما فسروا بها فوزهم في الانتخابات في كل من تونس ومصر، مستدلين على عمليات الإفشال القمعي والدموي التي حصلت في تونس والجزائر في القرن الماضي بغطاء غربي فرنسي وأمريكي.
    ولذلك ترسخت مقولة أخرى بأن "الزمن لن يرجع للوراء"، وأنه يمكن الاستمرار في ظل الضعف الأمريكي مع بعض التسويات بما يحول دون استفزاز قوة حضور أمريكا في المنطقة من جديد.
    نشوة حالت دون قراءة شاملة للمشهد في تركيبته المعقدة، وأغفلت قوة الخصوم، سواء أولئك الذين ينطلقون في خصومتهم من الحسد السياسي أو الحقد الأيديولوجي، أو العداء الجذري لفكرة التغيير في البلد أو في المنطقة، وهي النشوة التي تمظهرت في اندفاع مغرور أو غير متروي، بعدما انهالت التطمينات على الإخوان من قوى مختلفة، بأن تجربتكم لن تفشل، وأن المنطقة دخلت في تحول ديمقراطي حقيقي، والزمن لن يرجع للوراء فعلاً.
    هذا لا ينفي أن ثمة تغيرا جديا انفتح على إمكانات تدافع واسعة تنتهي بهذه الحالة إلى ثورات حقيقية تعيد بناء مشرقنا العربي من جديد، فالثورات الحقيقية هي زمن طويل ممتد من التدافع القاسي، فكان ثمة قصور في إدراك أن التدافع لم يكن قد حسم قبل الانقلاب على مرسي لصالح الإسلاميين أو لصالح مشروع التغيير، وهو الآن بعد الانقلاب لم يحسم لصالح خصوم الإسلاميين أو أعداء التغيير.
    وهو الأمر الذي كان يقضي حينه، أي قبل الانقلاب، وحتى قبل الترشح للرئاسة، مراعاة المشهد في تركيبته المعقدة مع أخذ قوة كل الأطراف بعين الاعتبار، وعيش اللحظة الحقيقية بدلاً من عيش لحظة متوهمة (لحظة الانتصار المنجز الذي لم ينجز!)، والذي يقضي الآن بمراجعة التجربة، وتعزيز الإرادة بالاستمرار في المواجهة والثبات على الحق، واستحضار قوله تعالى وهو يحذر من الاطمئنان المستعجل حين الخير، أو الجزع حين الشر: "فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ".

    * فلسطين وحماس في المشهد:
    في سياق هذا المشهد تأتي فلسطين وحماس، فلسطين من حيث كونها قضية العرب الجامعة، كما يفترض، والمؤشر على صدقية ومستوى التغير ونجاح مشروع التحرر العربي، ومن حيث أثر الحضور الاستعماري فيها (الكيان الصهيوني) في إفشال أي مشروع تحرر عربي حقيقي.
    أما حماس، حركة المقاومة الأهم والأكبر في فلسطين، فقد ارتبطت بالمشهد الإقليمي والتحولات الجارية من جوانب خمس:
    أولاً: فلسطين التي سبق الحديث عنها بكل ما اتصل بها، وثانيًا: أنها تحكم قطاع غزة الذي عانى من قهر الالتصاق الجغرافي بمصر، وثالثًا: أنها حركة إخوانية ترتبط بجماعات الإخوان المسلمين في العالم كله وتأثرت مواقفها وقراراتها بصعود هذه الحركات خاصة في مصر، ورابعًا: أنها ارتبطت طوال عقدين بصعود متدرج بعلاقة تحالف وثيقة مع محور (إيران، سوريا، حزب الله)، خامسًا: أن الحركة تعرضت لحصار خانق، وعداء محكم، سافر أو مضمر، من دول ما عرف بـ (محور الاعتدال العربي)، والذي يضم مصر والأردن وأكثر دول الخليج ومعهم السلطة الفلسطينية وحركة فتح.
    هذا الارتباط المتشابك بالإقليم، وشديد التعقيد، لا يجعل حماس أبدًا بمنأى عن آثار تغيرات بهذا الحجم في الإقليم، فقد استبشرت بسقوط مبارك رئيس النظام الذي تولى المهمة المركزية من بين دول وقوى محور الاعتدال في حصار حماس والدفع نحو إنجاز مشروع التسوية التصفوي للقضية الفلسطينية، ثم أصابتها الحيرة والارتباك بعد وصول الموجة إلى سورية، ثم حسمت أمرها بالقطيعة مع تحالفها السابق، والانحياز لما ظنته الزمن القادم، أي زمن الإخوان والإسلاميين، وظهر وكأن الحركة دخلت حلفًا جديدًا، وعززت علاقتها بتركيا وقطر، وانخرطت تبشر بالديمقراطية والربيع العربي.
    والذي حصل أن حماس خرجت من سويا، فلم تدخل مصر أصلاً، بينما لا يمكن التعويل على تركيا التي ليست أكثر من محطة عابرة، فيكفي أن تكون عضوًا في حلف النيتو، لنعلم حجم المفارقة حينما تحتضن حركة مقاومة تسعى لتحرير فلسطين!
    ويكفي أن تركيا لم تتغير إلى الدرجة التي يصبح فيها تحرير فلسطين من بنود عقيدتها القومية! بينما قطر، وبمعزل عن موقعها في الحضور الأمريكي المدجج في الخليج، وبصرف النظر عن دوافع سياستها التي كانت تبدو جيدة بالمقارنة مع بقية دول الخليج، فإنها بحجمها الطبيعي والبشري وجغرافيتها لا تقوى أبدًا على احتضان حركة مقاومة تخوض صراعًا بهذا الحجم.
    قد يبدو هذا التوصيف وكأن حماس قد تورطت في سوء التقدير حتى باتت اليوم في أسوأ حالاتها، بينما الأمر أكبر من حماس بكثير، فهي لم تنحاز عن النظام السوري وتقطع معه، فقط؛ انطلاقًا من موقف أخلاقي مبدئي، على أهمية هذا الدافع، أو بسبب التعويل على الزمن الإخواني القادم، أو بضغط من قواعدها التي استنكرت تمامًا بقاء حماس في سوريا أو امتناعها عن اتخاذ موقف واضح، أو بإغواء تركي وقطري يحذر من قرب سقوط النظام السوري، أو بتأثر من حملة الضغط والهجوم التي شنتها أوساط عربية وسورية مختلفة معادية للنظام السوري على حركة حماس، لم تكن قطيعة حماس مع النظام السوري لتلك الأسباب وحسب، ولكن أيضًا لأن النظام السوري وحلفاءه أرادوا استخدام حماس في معركة بشار الأسد الداخلية وهو ما لم تقبله حماس، فكانت خياراتها بالتأكيد صعبة وعسيرة.

    * من مظاهر الخلل:
    أكدت الأحداث، أن المحور الداعم للمقاومة، لدية أجنداته الخاصة التي يظهر موقع فلسطين فيها أداة للاستخدام والتوظيف، أكثر مما هو موقع القضية المبدئية الثابتة، ولذلك لم يكتف هذا المحور بقطع سبل الدعم عن حماس، والتي هي بدورها أيضًا قطعت معه حتى وقت قريب، وإنما شن عليها حملة تخوين مذهلة، وكأن المقاوم هو فقط الذي يتفق مع هذه المحور في كل معاركه، بحيث لا يكفي الالتقاء على أرضية فلسطين!
    بينما بقيت قضية فلسطين مؤجلة في حسابات الإخوان، إلى ما بعد التمكين الذي لا يعلم أحد متى يأتي، ولم يستطع مرسي في الحكم أن يقدم إلا بعض المظاهر البروتوكولية لقيادات حماس، والتسهيلات التي انتزعها بعناء من سدنة الأمن القومي الذين احتفظوا بعدائهم للحركة وبممارسات الحصار والعداء أثناء حكم مرسي وبعده.

    وقد ظهر توظيف فلسطين أيضًا في الحالة المصرية، حينما أُقحمت حماس وأهل غزة خصوصًا والفلسطينيون عمومًا، من طرف الدعاية المصرية المناوئة للإخوان زورًا وبهتانًا في الأحداث، على نحو كشف وبشكل مذهل عن بنية واسعة ومهيئة لاستقبال وإعادة بث الكراهية ضد الفلسطينيين، واستدعاء مقولات مصرية رائجة وخرافية عن الثمن الذي دفعته مصر بسبب الفلسطينيين ناكري الجميل!
    بينما وكما كان دائمًا، بقيت فلسطين خارج العالم الخاص ببقية الدول العربية الأخرى، خاصة دول ما عرف بمحور الاعتدال، إلا بالقدر الذي تساهم فيه بدفع مشروع التسوية، أو الحرب الاستخباراتية السرية الكاسحة على حماس، هذا وبالرغم من أن حماس حاولت تحييد هذه الدول فضلاً عن كسبها، على حساب تحالفها مع إيران دون جدوى، لتخسر إيران ولا تكسب الآخرين!
    المشكلة إذن ليست في حماس وحدها، لكن من الواضح، وإضافة إلى الخطأ في قراءة تغيرات الإقليم، واستعجال تغيير المواقع، كان واضحًا أن ثمة خللاً في المفاهيم والتصورات، لم تفلح حماس في تغييرها، وإن تماهت معها أحيانًا، ويمكن أن نساهم بمناقشة بعض منها:
    أولاً: حماس، وإن كانت حركة إسلامية، فإنها حركة تحرر وطني، من ضروراته حشد كل قوى الأمة خلفها، بكل قواها وتياراتها الفكرية والسياسية بلا استثناء، فقضيتها لا تتعلق بذاتها، ولا برؤيتها الإسلامية وحسب، ولا بارتباطاتها الإخوانية، وإنما بفلسطين، وهو ما يوجب على الحركة التواصل الحثيث وبناء العلاقات مع كل مكونات الأمة، بما في ذلك كل مكونات المشهد المصري، وعلى النحو الذي يجنبها التوظيف في أي استقطاب داخلي، بيد أنها بالتأكيد لا حيلة لها مع من يناصبها العداء ابتداء ويعرض عن يدها الممدودة.
    ثانيًا: خطيئة تأجيل فلسطين، والإمعان في طمأنة الكيان الصهيوني والغرب، وتحويل غاية التغيير العربي إلى البناء الداخلي، وهذا راجع بالأساس إلى خطأ المسار من البداية، وهو أيضًا ما ساهمت حماس خطأ في دعمه وتعزيزه، انطلاقا من حسن ظن بالإخوان، واعتقادًا منها أن هذا المسار سيفضي إلى التمكين الذين ينتهي بتحرير فلسطين! وهو ما لم يتم، وحتى لو مضت خطة التمكين فإن مخاطر الذوبان في النموذج القائم تبقى قوية وقائمة.
    وللأسف انساقت الجماعة، أحيانًا، خلف الدعوات التي تجعل العداء لإيران مقدمًا على العداء لـ"إسرائيل"، بالرغم من أن مركز هذه الدعوات معادٍ للإخوان، ومغيب تمامًا للقضية الفلسطينية، بل ومركز هذه الدعوات يرتبط بعلاقات أوثق بإيران من العلاقة بالإخوان فضلاً عن العلاقة بحماس حيث يغلب العداء والاستهداف، وهو ما ثبت بالتآمر الخليجي لإسقاط الإخوان في مصر، وهذا من المفارقات العجيبة في سياسات الإقليم الغامضة، وهذا لا يعني الغفلة عن طبيعة المشروع الإيراني، الذي لا يندرج في سياق رؤية أوسع للأمة، بل هو مشروع يتأسس على رؤية خاصة منفصلة عن عموم الأمة، ويتسلح بعصبيات طائفية وقومية مغلقة، ما يحول دون التعويل التام عليه، أو الثقة العمياء به.
    وبالنسبة لحماس، فإن القوى التي تكون أقرب إلى فلسطين، ليس في المآل وحسب، بل في الراهن، هي الأولى بالاقتراب وبناء التحالف، على ضوء الإدراك والوعي بكل نقاط الالتقاء والافتراق، فالتحالف مبصر، ويدرك مستوى التعويل، وحدود الافتراق.
    ثالثًا: لم تواجه الخطابات الوطنية الضيقة بخطاب ثوري جديد يناهض هذه الوطنيات المشوهة، والتي تظهر بأبشع ما يكون في مصر، خاصة بتجلياتها المعادية للفلسطينيين، وأخيرًا للسوريين.
    وامتنعت الحركة الإسلامية، مراعاة لهذه النزعة، عن تقديم خطاب جديد يعيد صياغة موقع فلسطين بما يمنحه المكانة المتقدمة في المشروع العربي التحرري بشكل واضح وبلا مواربة، ومسلحًا بما يهدم التصورات الخرافية التي راجت لدى العرب عن القضية الفلسطينية.
    وهذا لا ينفي مركزية حضور فلسطين في وعي الإخوان المسلمين وبرامجهم التربوية والثقافية، لكن الحديث عن الخطاب في مستواه العام.
    رابعًا: خطورة تحميل حركة تحرر وطني فوق طاقتها، وبما يتجاوز وظيفتها، في اتخاذ مواقف من أحداث تدور في الإقليم، مهما كان الحق واضحًا أو ملتبسًا فيها، وقد ساهم في دفع حماس نحو هذه المواقف الجميع تقريبًا، من عناصرها، وإخوانها الإسلاميين، وحلفائها السابقين، وحلفائها اللاحقين، وحتى ممن ناصبوها العداء طويلاً.
    خامسًا: قد يبدو الحديث عن عدم تحميل حماس كحركة تحرر فوق طاقتها متعارضًا مع مفهوم الأمة الواحدة الذي ندعو إليه، بيد أن هذا التعارض يزول لسببين:

    الأول: متعلق بضرورة جعل فلسطين محل إجماع لا محل انقسام، وتخليصها من أشكال الاستخدام والمزايدة، وهذا لا يخدمه أبدًا الانخراط باسم فلسطين في أي إشكال عربي، خاصة وأن الفلسطيني هو الطرف الأضعف دائمًا.
    والثاني: أن الواجبات قد تتزاحم، وحينها يكون الالتزام بالواجب الألصق، والقيام بأمانة الثغر الأقرب، خاصة إذا كانت المشاركة في واجب ثغر آخر على حساب الثغر الأقرب، والقرب والبعد هنا، بالمعنى الوظيفي الذي أملاه الواقع، وليس بناء على تصورات هوياتية وطنية ضيقة.

    * أفكار للحاضر والمستقبل:
    هذه الملاحظات، وغيرها مما لم يتسع لها المقام، يمكنها أن تفتح مجالات هامة للعمل، وهي كلها تجعل حركة التغيير في الأمة، والقضية الفلسطينية، تخدم كل منهما الأخرى على نحو وشائجي، فلا يوجد انفصال بينهما من حيث الأصل، وبهذا تبدو حماس مطالبة، بوضع خطة عمل تهتم بتنفيذ بعض الأفكار التي منها:
    أولاً: التواصل مع كل مكونات الأمة، لشرح وظيفة حماس كحركة تحرر، وحاملة أمانة على ثغرها الفلسطيني، واحتياجات هذا الثغر التي قد لا تبدو مفهومة أحيانًا لبعض الأطراف المناصرة لمشروع المقاومة في فلسطين.
    فكل طرف داعم أو متعاطف مع حماس يرغب بأن تكون الحركة على صورته، فبعض القوى الإسلامية السنية المسكونة بالهاجس الطائفي لم تكن قادرة على فهم اضطرار حماس للعلاقة بإيران، بينما اهتمت إيران بتوظيف دعمها لحماس في سياق مشروع خاص قد يتعارض في بعض المحطات مع مشروع مقاومة الاحتلال!
    ثانيًا: تحميل الأمة، بكل قواها، مسؤوليتها تجاه فلسطين، ومنح فلسطين الأولوية في قضايا واهتمامات الأمة، انطلاقًا من كون فلسطين هي عنوان التحرر والتغيير الحقيقي، وأن نهضة الأمة لا يمكن أن تتم مع استمرار الحالة الاستعمارية في المنطقة، وأن الواجب الديني تجاه فلسطين ليس منوطًا بسكان فلسطين وحدهم، خاصة والحديث عن بقعة مقدسة لدى المسلمين جميعًا.
    ثالثًا: دفع الحركة الإسلامية العالمية، لإعادة النظر في خطابها المتماهي عمليًا مع النزعات الوطنية، التي حين تتضخم لا بد وأن تكون على حساب فلسطين، وحساب أي رؤية عربية وإسلامية تكاملية، بل وعلى حساب المشروع الإسلامي نفسه، وهو ما يفسر كثيرًا من مظاهر شقائنا العربي.
    رابعًا: هذه الأفكار تعتمد على التواصل الرسمي والفعاليات الجماهيرية والثقافية والإعلامية، وهو ما يتطلب إصلاح مؤسسات الحركة، وإعادة توظيفها بما يخدم تلك الأفكار على ضوء رؤية فكرية وخطة عمل واضحة، مع إنشاء أشكال تعاون مع كل المؤسسات والفعاليات التي تؤمن بهذه الأفكار.
    خامسا: صياغة رؤية فكرية واضحة ومتسقة، تعالج كل القضايا المشكلة بالنسبة لطبيعة الحركة ووظيفتها وسلوكها وتحالفاتها وثوابتها، بحيث تشكل أرضية صلبة تقف عليها قاعدة الحركة في رؤية ذاتها ورؤية المحيط والعالم وطبيعة المشروع الذي تحمله.
    كما إنها تشكل أيضًا أرضية للآخرين للتعامل مع الحركة وفهمها، وانطلاقًا من هذه الأرضية تتضح للجميع علاقة الحركة بمكونات الأمة المختلفة، وثوابتها التي لا تقبل التحول، وتتحدد المجالات التي يمكن للحركة أن تتحرك فيها في المحيط العربي والإسلامي، والخطاب الذي يمكن أن تقدمه للعالم، والمساهمة التي يمكن أن تقوم بها خارج الحيز الفلسطيني.
    وهذا أيضًا يحتاج مناقشات واسعة يشترك فيها الجميع، وإصلاح مؤسسات الحركة، بتفعيل سبل التواصل بين أجسام الحركة، وبين القيادة والقاعدة، وإيلاء المجال الفكري العناية اللازمة به، بحيث لا يكون ثمة فجوة بين تصورات وآمال وتوقعات قواعد الحركة وقيادتها.
    وختامًا؛ حماس ليست في أي أزمة وجودية، ما تمسكت بمبادئها الأصيلة، المتعلقة بالصراع في فلسطين، وهي كذلك إن شاء الله، وطالما بقيت ترى نفسها حركة تحرر وطني، فإنها باقية قوية ما بقيت تمارس دورها كحركة تحرر.
    وقد تعرضت لحملات استئصال تستهدف وجودها كحركة مقاومة منذ تأسيسها، فاستهداف الحركة في وجودها ومواردها وسبل دعمها كان حاضرًا دائمًا قبل إنشاء السلطة الفلسطينية وقبل دخولها فيها، ولا يمكن أن نتخيل أي وضع آخر لا تكون فيه حماس مستهدفة، ما بقيت حركة مقاومة.
    والجراح في المعارك المفتوحة، تنبه الوعي إلى أخطاء المسار، وتفتح له آفاق المستقبل.



    قتل وسحل الحرائر فى مصر!
    فلسطين الآن ،،، أحمد منصور
    يوما بعد يوم يتجاوز الانقلابيون فى مصر كل الحرمات والأعراف والتقاليد، يدعمهم فريق من الإعلاميين ومن يدعون أنهم مثقفون أو سياسيون، حيث يتجاوز كثير منهم مرحلة دعم الجريمة إلى الشراكة المباشرة فيها من خلال الشماتة فى الضحية وتحميلها المسئولية بدلا من إدانة القاتل، فخلال أسبوعين من عمر الانقلاب تم إطلاق النار على المتظاهرين، وكل هذه الجرائم ارتكبت ضد جموع من المصريين كانت تحوى نساء وأطفالا تعرضوا لمثل ما تعرض له الرجال، وهذا سلوك غير مسبوق فى واحدة من أعرق الدول الإسلامية وأن يكون المعتدى هو قوات عسكرية، دورها أن تحمى الناس وحياتهم وأعراضهم لا أن تعتدى عليها، ولم يكن هذا بداية تجاوز الحرمات وإنما بدأ مسلسل تجاوز الحرمات بشكل سافر بعد ثورة يناير 2011، حيث بدأ مسلسل التجاوزات وكأنه عملية انتقام منظمة من هذا الشعب الذى قرر أن يتحرر من الاستبداد والاستعباد وبيادة العسكر وأن يستعيد بلاده ويقرر مصيره وإرادته.
    لذلك فإننا لا نستطيع أن نفصل مسلسل الجرائم الأخيرة عما قبلها، ولعل أخطر ما فى هذه الجرائم الاعتداء على حرائر مصر من النساء، وهذا سلوك ضد كل هذه الأخلاقيات بلغ ذروته فى أحداث محمد محمود حينما سحلت طبيبة صيدلية وتم تعريتها أمام كاميرات العالم من قبل جنود يرتدون الزى العسكرى، وبقيت هذه الصورة خالدة فى ظل جهل هؤلاء بأن الإعلام المدجن وشهود الزور الذين يقلبون الحقائق لا يستطيعون محو هذه الصور التى أصبح لها إعلام قوى موازٍ حول كل مصرى بهاتفه النقال إلى مراسل ومصور ينقل الحقائق إلى العالم.
    وتكرر المشهد بشكل أكثر شذوذا ودموية فى مذبحة دار الحرس الجمهورى، حيث استمعت إلى شهادة كثير من النساء اللائى تم الاعتداء عليهن دون رحمة مع أطفالهن، وبعد ذلك احتجز المصلون فى مسجد الفتح فى ميدان رمسيس بعد الاعتداء عليهم فى صلاة القيام، وخرج إمام المسجد يستنجد بقوات الشرطة والأمن حتى تؤمن ثلاثمائة من المحتجزين من قبل البلطجية فى المسجد بينهم نساء وأطفال وظل يطلق مناشداته من بعد صلاة التروايح وحتى ظهر اليوم التالى دون أن يرد عليه أحد، ثم توج المشهد بمجزرة المنصورة يوم الجمعة الماضى التى راح ضحيتها حتى الآن خمسة شهيدات وجرح مائتين آخرين على يد بلطجية تحت سمع الأمن وبصره، وقد استفزت هذه الجريمة النكراء كل نساء مصر بل كل المدافعات عن الحرية فى العالم، وهذه الجريمة البشعة ليست سوى امتداد لما قبلها غير أن المتابعين لمسلسل هذه الجرائم يجدون وتيرته تعلو يوما بعد يوما، لاسيما فى ظل تبريرات شركاء الانقلابيين من السياسيين الذين يحملون الضحية المسئولية أنها خرجت إلى التهلكة.
    وهل نجحت ثورة يناير إلا بوجود المرأة المصرية إلى جوار الرجل؟ ومنذ متى تجلس المرأة فى بيتها ووطنها يسلب، وعرضها ينتهك؟ إن جرائم الاعتداء على حرائر مصر ستشعل نارا لن تنطفئ إلا بعد أن ينال الجناة عقابهم الرادع، لأنها اعتداء على عرض كل مصرى وعلى شرفه وستظل دماء الشهداء معلقة فى رقبة الشعب كله حتى يحاكم الجناة ولو بعد حين؟







    خوف على الحاضر والمستقبل
    فلسطين الآن ،،، فهمي هويدي
    أوقفوا استغباءنا رجاء فصل الفتنة فى كتاب الثورة ثورة مصر تبحث عن "بوصلة" تطهير منقوص هل يدير مبارك السياسة الخارجية لمصر؟
    في الأسبوع الماضي تناقلت وسائل الإعلام الغربية محتويات تقريرين منفصلين صدرا عن مذبحة الحرس الجمهوري الأخيرة.
    التقريران أحدهما أصدرته في 17/7 منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية، والثاني نشرته صحيفة الجارديان البريطانية في 18/7.
    وما يلفت النظر فيهما أنهما سجلا وقائع ما جرى بالساعة والدقيقة، كما أنهما تابعا التفاصيل وتحققا منها من خلال تسجيل أقوال الشهود والأطباء والضحايا، ومن خلال الأشرطة والصور التي التقطها البعض لما جرى.
    ورغم المعلومات الموثقة والخطيرة التي تضمنها التقريران فإن الصحف المصرية تجاهلتهما، باستثناء موقع «الشروق» الذي نشر تلخيصا وافيا لتقرير منظمة هيومان رايتش ووتش.
    الخلاصات التي توصل إليها التقريران غاية في الأهمية، لأنهما اتفقا على تكذيب الرواية الرسمية المصرية التي تحدثت عن أن سبب الاشتباك راجع إلى قيام مجموعة إرهابية مسلحة بمحاولة اقتحام مقر الحرس الجمهوري.
    وأكدا أن قصة المحاولة لا أساس لها من الصحة، وأن الصحيح غير ذلك تماما، لأن المعتصمين أمام مقر الحرس الجمهوري كانوا يؤدون صلاة الفجر، وأن 12 مدرعة، وأعدادا كبيرة من جنود الأمن المركزي حاصرت المكان وأطلقت النيران على المصلين، الأمر الذي أدى إلى قتل 51 شخصا، وجرح عدة مئات منهم.
    وقد اعتبرت هيومان رايتس ووتش أن ذلك الحادث يعد الأكثر دموية منذ عصر مبارك. مما اتفق عليه التقريران أيضا أن التحقيقات التي أعلن رسميا عن إجرائها في ملابسات الحادث لا يطمئن إلى مسارها، لأنها تجرى بواسطة السلطات التي استبقت وقدمت رواية لم تثبت صحتها لما جرى، فضلا عن أن القضية إذا نظرت فستكون بين أيدي القضاء العسكري الذي سيتحرك في نفس الحدود، الأمر الذي يعني أن المذبحة ستطمس معالمها ولن يمكن الرأي العام المصري من التعرف على الحقيقة فيها.
    يقشعر بدن المرء وهو يطالع التفاصيل المنشورة، ولا يفارقه الخوف بعد ان ينتهي من قراءتها.
    وإذا سألتني كيف ولماذا، فردي كالتالي:
    - إن الحادث بحد ذاته يبعث على الخوف الشديد، حتى أزعم أنه سيشكل صفحة سوداء في سجل القائمين على الأمر في البلاد يتعذر محوها أو نسيانها.
    ذلك أن ما حدث أمام مقر الحرس الجمهوري أكثر جسامة وأسوأ بكثير من أحداث شارع محمد محمود أو مقتلة ماسبيرو،
    في الحالتين كان المتظاهرون يتبادلون الاشتباك مع الشرطة والجيش، ثم ان ضحايا أحداث محمد محمود التي استمرت ستة أيام نحو خمسين قتيلا أما مقتلة ماسبيرو فإن ضحاياها كانوا أكثر من عشرين شخصا.
    أما في مذبحة الحرس الجمهوري فإنها لم تكن نتيجة اشتباك بين المتظاهرين والحرس كما ذكر التقريران اللذان سبقت الإشارة إليهما، وإنما كان ضحاياها من المتظاهرين السلميين والعزل المعتصمين أمام مقر الحرس، وقتلاهم الذين بلغ عددهم 51 شخصا سقطوا خلال ثلاث أو أربع ساعات فقط.
    - تخيفنا أيضا ردود أفعال النخبة المصرية الليبرالية، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان التي كان غاية ما ذهب إليها بعضها أنها انتقدت «الاستخدام المفرط للقوة»، دون أن تتبنى إدانة واضحة للجريمة البشعة.
    وسواء كان ذلك راجعا إلى النقص في المعلومات وعدم بذل الجهد الكافي للتحقق من الوقائع،
    أو كان راجعا إلى الشماتة والكراهية التي دفعت البعض إلى اعتبار ما جرى جهدا إيجابيا يحقق للإقصاء غايته، فالشاهد أن الحدث تم تمريره وأصبح معرضا للتهوين والطمس.
    ولولا شهادات جهات مثل هيومان رايتس ووتش وصحيفة الجارديان لطويت صفحة المجزرة ولغرقت في بحر النسيان، وإذا صح ذلك التحليل فإنه يعني أن حملة البغض والكراهية لم تعمق من الاستقطاب فحسب، وإنما أثرت سلبا على المشاعر الإنسانية ونالت من نقاء الضمير لدى أغلب عناصر النخبة.
    يخوفنا ما جرى أيضا من زاوية أخرى، لأن السلطة التي أصدرت الأمر بارتكاب المذبحة، والتي حاولت تغطيها ببيانات وروايات غير صحيحة، وحين سعت إلى طمس معالمها وراهنت على ضعف ذاكرة الناس، هذه السلطة هي المؤتمنة على ترتيب أوضاع مستقبل الوضع المستجد في مصر.
    أعني أنه في ظلها سيعدل الدستور أو يكتب من جديد،وفي ظلها ستجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
    وإذا كان ذلك سلوكها في تعاملها الذي لم يكن أمينا ولا نزيها في مذبحة الحرس الجمهوري، فهل نطمئن إلى استقامة سلوكها في التعامل مع بقية الملفات المصيرية الأخرى.
    وإذا كانت قد واتتها الجرأة على قتل أكثر من خمسين مواطنا مصريا في ساعة الفجر فهل تستبعد منها عبثا في الدستور أو تلاعبا وتزويرا في الانتخابات؟
    إن الخوف مما جرى في مذبحة الحرس الجمهوري لا يقلقنا على الحاضر فحسب، ولكنه يقلقنا أيضا على المستقبل.



    عن مسألة التصاريح
    اجناد الاخباري - محمود عمر
    ليس مقنعًا بالمرّة، بالنسبة لي على الأقل، أنّ "إسرائيل" تمنح أهل الضفة الغربيّة مئات الآلاف من التصاريح "لإنعاش الاقتصاد الإسرائيلي". بمعرفة اقتصاديّة بسيطة، وبحدس معيّن، يبدو ذلك التبرير كلامًا فارغًا بامتياز. ومن ثم فإنّ الضفة الغربية، من أقصاها إلى أقصاها، ملحقة تمامًا بالاقتصاد الاسرائيلي بقدّه وقديده، فكيف يكون دخول الفلسطينيين للتسوّق في مولات تل أبيب "إنعاشًا للاقتصاد" في حين أنّ ما سيشترونه متوافر، على الأغلب، في أسواق رام الله، وسيصب ربحه في حلقة اقتصاديّة واحدة "إسرائيل" طرفها الأقوى بما تنصّ عليه الاتفاقات التي منها اتفاقية باريس سيئة الذكر؟
    أمّا لماذا تمنح اسرائيل هذا الكم من التصاريح؟ التبرير الذي يبدو، بالنسبة لي، أقرب إلى الواقع، هو سياسة الـ Good cop Bad cop. لا تهديد جدي لمصالح "إسرائيل" في الضفة، لا حراك شعبي عارم، لا طرق لخزّان أوسلو، بل وتنظيم للسير على حاجز قلنديا، فلماذا -من وجهة نظر المحتلّ- لا نكافئهم؟ هذا هو التعريف الحقيقي للتصاريح في شكلها المكتسح، بمئات الآلاف: مكافئة من "إسرائيل" لمجموع شعبي على حسن سيره وسلوكه.
    في كتاب "نحو الحكم الذاتي الفلسطيني" الذي صدر عام 1993 كنتاج لورشة نقاش جمعت أكاديميين فلسطينيين وإسرائيليين وأمريكان، كان ثمة باب يتحدث عن اجراءات بناء الثقة. كان من بين تلك الاجراءات تخفيف ساعات حظر التجول حتى إلغائها تمامًا وما شاكل ذلك من اجراءات بسيطة ستسهل عيش الفرد العادي.
    اللعبة، منذ الأزل وحتى اليوم، تكمن في كلمة "الثقة" هذه. بين الأقوى والأضعف لا يوجد ثقة، لا يمكن -لأسباب فلسفيّة وعملانيّة- أن يوجد. تخفيف ساعات الحظر وتسهيل السفر ومنح التصاريح لا يمكن أن نراها كإجراءات بناء ثقة، بل كما هي عليه حقًا: مكرمة أو عطايا للرعيّة المؤدبة، ومرهونة بمطلقها لاستمرار حالة السمع والطاعة.
    أما محاولة البعض توجيه هذه الظاهرة غير الطبيعية، والمقززة على صعيد عاطفيّ بحت، نحو "خدمة فلسطين" بإطلاق مبادرة لتحديد الأماكن التي سيزورها الفلسطينيون حملة التصاريح داخل الأراضي المحتلّة عام 1948، في محاولة لمنعهم من التبضّع لدى جهات تجارية اسرائيليّة، واقتراح متاجر ومطاعم ومقاهي يملكها فلسطينيون في الداخل، تلك المحاولة التي لا تقول شيئًا بالمرّة عن دلالة هذه التصاريح، ولا عن أسباب استصدارها، ولا عن طريقة التعامل معها، لا تبدو جديّة وعلى اشتباك مع هذه الظاهرة. إنها مبادرة طبقة وسطى مدفوعة بالنوايا الحسنة إياها التي تدفع للشعور بالغثيان.
    أنا لا أستنكر بالمطلق تلك المبادرة ولا أعيب القائمين عليها، لكنني أقول أنّ مبادرتهم تلك، بشكلها ومفاعيلها، تذكرني بالمثل القائل: مش قادر على الحمار، بيتشاطر ع البردعة.















    ماذا يريد كيري فلسطينيا
    اجناد الاخباري - ياسر الزعاترة
    لم ينشغل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري منذ تسلمه لمنصبه بملف قدر انشغاله بالملف الفلسطيني، ربما إلى جانب السوري، فها هو يجلس أياما في المنطقة في جولة هي الخامسة خلال شهور.
    والسؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق بالهدف الحقيقي من وراء جولات كيري، وهل تعبر عن سياسة أمريكية، أو هي استجابة لحاجات الكيان الصهيوني؟ والجواب أن جولة أوباما الأفريقية هي الأكثر تعبيرا عن توجهات الإدارة الأمريكية خلال المرحلة المقبلة، ممثلة في حصار الصعود الصيني، فيما لا تعدو تدخلات واشنطن الشرق أوسطية أن تكون استجابة لحاجات الكيان الصهيوني الذي يضغط اللوبي التابع له في أمريكا لكي يبقى أمنه أولوية بالنسبة لأية إدارة مهما كانت هويتها. وإذا تحدثنا عن التدخل في الملف السوري، فهو يدخل في ذات الإطار المتعلق بمصالح تل أبيب، في ذات الوقت الذي يبدو نوعا من المناكفة مع روسيا التي أخذت ترفع رأسها متحدية النفوذ الأمريكي أيضا، وتتعاون بهذا القدر أو ذاك مع الصين في تكريس التمرد على الأحادية الأمريكية التي أصبحت جزءا من الماضي من الناحية العملية.
    في الملف الفلسطيني يدرك كيري، ومعه أصغر مستجد في السياسة أن إمكانية الشروع في مفاوضات تؤدي إلى تحقيق اتفاق نهائي هي ضرب من الخيال، فلا الطرف الإسرائيلي يملك القابلية لتقديم عرض مقبول، ولا الطرف الفلسطيني يملك قابلية للموافقة على عرض بائس تم رفض ما هو أفضل منه في كامب ديفيد عام 2000.
    من يقرأ وثائق التفاوض الشهيرة وما انطوت عليه من تنازلات مذهلة، ومع ذلك رفضها ثنائي أولمرت- ليفني، سيتأكد دون شك أن مسألة الاتفاق النهائي هي ضرب من المستحيل، وهو ما يدركه كيري ونتنياهو، بل ومحمود عباس أيضا، ويبدو أن الجميع قد أخذوا يتواطؤون على حل واحد ووحيد ليس ثمة سواه في الأفق هو الحل المؤقت الذي يحظى بإجماع في الأوساط الإسرائيلية، فيما تقبل به السلطة وتعززه على الأرض؛ من دون أن تعترف بذلك علنا.
    الهدف الأساس من كل هذه التحركات السياسية هي إبقاء الأمل مفتوحا بتحقيق تقدم ما، وذلك خشية انفجار الشارع الفلسطيني في انتفاضة جديدة تصعب السيطرة عليها، وهي انتفاضة لا تستبعدها دوائر إسرائيلية كثيرة، وهي تبذل كل جهد ممكن من أجل منعها، فيما تتفق معها دون ترد قيادة السلطة الفلسطينية التي ترى فيها خطرا وجوديا يتهدد إنجازاتها في السلطة/ الدولة في الضفة الغربية.
    والنتيجة أن كلا الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لهما مصلحة في استمرار الإيحاء بإمكانية الحل، وذلك منعا لحدوث ما لا تحمد عقباه ممثلا في الانتفاضة الجديدة التي لا يمكن الجزم بمنعها في ظل استمرار الاستيطان والتهويد، وفي هذا السياق يتواصل التنسيق الأمني، والاعتقالات اليومية من السلطة والاحتلال في آن، وكذلك إعادة تشكيل الوعي في الضفة الغربية عبر الاستثمار والمال والأعمال، مع السيطرة على كل المنافذ التي يمكن أن يتسلسل منها فكر المقاومة. كل ذلك يمضي من أجل أن لا تندلع تلك الانتفاضة، حتى لو كانت سلمية على غرار الربيع العربي.
    ربما يأمل كيري في أن يعيد الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات كجزء من تلك الخطة، أي منع اندلاع الانتفاضة، لكن نتنياهو يريد ذلك بشروطه، وهو ما يجعل الأمر صعبا، لكن التغلب على هذه المعضلة ليس مستبعدا في يوم ما، ليس من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي، وإنما من أجل استكمال مشروع الدولة المؤقتة في حدود الجدار، والتي ستغدو في حالة نزاع حدودي مع جارتها، من دون أن يضطر قادتها إلى القول إنهم تنازلون عن ثوابتهم، وسيكون من الجيد الاحتفال لاحقا بتطوير وضع تلك الدولة من عضو مراقب في الأمم المتحدة إلى عضو دائم في احتفالية مهيبة!!
    ما سيفشل هذه اللعبة هو الشعب الفلسطيني، عبر انتفاضته الجديدة، والتي ستندلع يوما ما ردا على الاستيطان والتهويد، وربما لاحقا كرد على تكريس الدولة المؤقتة في حدود الجدار؛ والتي تعني دفن القضية دون إعلان رسمي، فما يجري، وما سيجري لن يكون مقبولا من شعب عظيم قاتل عقودا من أجل حريته وتحرير أرضه.





    وقف المفاوضات كالعودة إليها
    الرسالة نت ،،، عبد الستار قاسم
    تقول الأخبار إن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ستستأنف بعد وقف علني دام حوالي ثلاث سنوات.
    هذه مجرد أخبار، ولم نقرا شيئا مكتوبا حتى الآن، ولم نسمع تصريحات واضحة حول نصوص الاتفاق الذي توصل إليه وزير خارجية أمريكا مع قادة السلطة الفلسطينية. ليس من الممكن الآن الدخول في تحليل مضمون الاتفاق، وعلينا الانتظار حتى نقرأ، علما أن هناك احتمالا بعدم صدور أي شيء خطي حول الموضوع. لكن بالإمكان اللمس على التالي:
    عدم توقف المفاوضات
    على الرغم من أن الجانب الفلسطيني أعلن عن وقف المفاوضات حتى تجميد الاستيطان الصهيوني، إلا أنه لم يوقفها تماما على مدى ثلاث سنوات. حصلت لقاءات تفاوضية بين فلسطينيين وإسرائيليين في القدس وعمان، وصرح أحد أعمدة منظمة التحرير الفلسطينية أن المفاوضات كانت تجري في السر. الجانب الفلسطيني لم يكن أمينا أو صادقا مع الشعب الفلسطيني إلى درجة أنه وصف لقاءات عمان التفاوضية على أنها لقاءات استكشافية.
    الأمر الأهم أن الجانب الفلسطيني أعلن وقف المفاوضات، لكنه استمر في التنسيق الأمني ​​مع إسرائيل. إسرائيل ليست مهتمة كثيرا بالمفاوضات، لكنها مهتمة بالتنسيق الأمني ​​الذي هو جوهر الاتفاقيات. إسرائيل استعملت المفاوضات أصلا لتحويل الفلسطينين إلى وكلاء للاحتلال أمنيا وإداريا، وهذا ما تم لها عام 1996 ولم تعد قضية المفاوضات بعد ذلك أمرا يثير الاهتمام. التنسيق الأمني ​​يعني أنه إذا قام فلسطيني بقذف حجر على مستوطن فإن الأجهزة الفلسطينية تقوم بملاحقته، والتنسيق الإداري يعني أنه إذا ولد طفل فلسطيني الآن تقوم الأجهزة الإدارية بإرسال المعلومات حول المولود ورقم هويته ومكان ولادته إلى الإسرائيليين.
    لو كانت السلطة الفلسطينية جادة في وضع ضغط على إسرائيل لألغت التنسيق الأمني، وعندها كنا سنجد رد فعل قاس من الإسرائيليين، أما وقف المفاوضات لم يثر حفيظة إسرائيل إلا قليلا للتمويه. الدليل على هذا هو أن السلطة الفلسطينية أوقفت المفاوضات، واستمرت في التفرج على إسرائيل تبني وتوسع المستوطنات . لو كانت السلطة فعلا جادة لقامت بعمل شيء ما لوقف الاستيطان، أو لتخويف المستوطنين، أو لإزعاج إسرائيل، بل على العكس، استمرت السلطة باستنكار وشجب الاستيطان ما طمأن إسرائيل أن الفلسطينيين لا ينوون التحدي.
    لماذا المفاوضات؟
    إسرائيل وأمريكا تستعملان المفاوضات لاستهلاك الوقت ليس إلا. منذ عام 1991 لم يحصل الفلسطينيون على أي جزء من حقوقهم الوطنية، وكل ما حصلوا عليه هو بعض المال كأجر على خدماتهم الأمنية والإدارية لإسرائيل. والهدف واضح وهو كسب الوقت من أجل تحويل الفلسطينيين إلى مجرد أفراد يبحث كل واحد منهم على مصالحه الخاصة. وهذا ما رأيناه يتزايد منذ قيام السلطة الفلسطينية. اكتسب الناس ثقافة الاستهلاك، وثقافة المناصب والنصب والاحتيال والرواتب، وأصبح هم جزء كبير من الناس البحث عن المصالح الخاصة دون الالتفات إلى المصالح العامة أو القضايا الوطنية.
    المفاوضات تستعمل كمخدر للفلسطينيين، ولو كانت أمريكا جادة في وقف الاستيطان لاتخذت إجراءات ضد إسرائيل، لكنها تنتقد إسرائيل في العلن، وتقدم لها كل أشكال الدعم العسكري والأمني ​​والسياسي والاقتصادي والمالي. ولأننا عجزة، أو متآمرين على شعبنا، نحب أن نصدق كلام أمريكا وليس أفعالها.
    أما لماذا الضغط الآن من أجل العودة إلى المفاوضات؟ لا أعرف تحديدا، لكن ربما وجدت أمريكا أن قطاعات من الشباب العربي في عدة بلدان عربية قد أخذوا يتحدثون ضد إسرائيل وضرورة قطع العلاقات معها، وهذا أمر خطير قد يقضي على كل ما حققته أمريكا من تنازلات عربية. ولهذا تلجأ أمريكا لاستخدام الفلسطينيين كأداة لإسكات شباب العرب، وذلك بجمع الفلسطينيين والإسرائيليين على طاولة واحدة، وأحيانا وهم يتصافحون، أو يتبادلون القبل. في هذا رسالة لكل العرب تقول إنه إذا كان الفلسطينيون أصحاب القضية المباشرين يرشفون العسل من خدود الصهاينة فلماذا تسعون أيها الشباب العربي إلى حرمان أنفسكم من حرارة القبل، بخاصة أن المفاوض الآن تسيفي ليفني الحاصلة على إجازة زنا دينية؟ تريد أمريكا أن تخفف من عداء الشباب العربي لإسرائيل، وتريد التأثير عليهم نفسيا بأن الهزيمة هي عنوان العرب دائما، والنصر دوما لإسرائيل.
    حفظ ماء الوجه
    مع كل خازوق تدقه أمريكا وإسرائيل في العرب والفلسطينيين، تعملان على تقديم شيء ما تضخمانه في الإعلام لكي يطغى على المشهد الخازوقي الأساسي. هذا شبيه بأيام اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل والذي حاولت التغطية عليه بإعلان الدولة. اعترفت بإسرائيل عام 1988 وطلبت من الناس الخروج إلى الشوارع احتفالا بإعلان الدولة، وساهم الإعلام في تضليل الشعب. خرج الناس يهتفون ويدبكون ويوزعون الحلوى، وصحوا بعد ذلك على لا دولة.
    لكي يتكرر المشهد والذي للأسف يمر على أغلب شعبنا الفلسطيني ويصدقونه، ستقوم أمريكا وإسرائيل بخطوات مثل:
    أ - تقديم بعض المال للسلطة الفلسطينية لتحسين بعض الأوضاع المالية والاقتصادية بخاصة أن الشهر رمضان والصدقات قد حل أوانها. هذا سيلهي الناس بالمزيد ويحول أنظارهم من القضية الوطنية إلى القضية الاستهلاكية. هذا يعبر عن نقطة ضعيفة شنيعة وجدها أهل الغرب والإسرائيليون فينا وهي أننا، أو جزء غير قليل منا، على استعداد لمقايضة المصلحة الوطنية بالمال، بل لمقايضة الوطن بالمال.
    ب - تسهيل عمل المزيد من العمال الفلسطينيين في المنشآت الصهيونية، على اعتبار أن هذا أحد إنجازات السلطة، والذي يؤدي إلى انتعاش الأسواق في مدن الضفة الغربية. وهنا مشكلة شنيعة أيضا متمثلة في عجز الفلسطينيين عن تطوير مشاريع اقتصادية تستقبل قوى الإنتاج البشرية، وبدلا من ذلك يتم توظيف قوى الإنتاج الفلسطينية في مصالح إسرائيل.
    ت - الإفراج عن بعض المعتقلين، وخروج الأهالي لاستقبال المحررين. الأصل في هذا أن الأسرى قد قدموا تضحياتهم من أجل القضايا الوطنية، ولا يجوز أن يخرجوا على حساب هذه القضايا. الأصل أن تكون هناك استراتيجية فلسطينية لتحرير الأسرى، لا تنازلات من أجل خروجهم.
    أمور كهذه سيتناولها الإعلام بالتفصيل والتكرار حتى يغطي على ما تقدمه السلطة من تنازلات.
    نحن لسنا أصحاب قرار
    يخطئ من يظن أن السلطة الفلسطينية صاحبة قرار أو إرادة حرة تمكنها من اتخاذ قرارات هامة. تستطيع السلطة أن تتخذ قرارات فرعية هامشية لا تؤثر على مصالح إسرائيل الحيوية، وإذا اقتربت السلطة من المساس بما تراه إسرائيل مهما لها فإنها تجد غلظة بالتعامل.
    الأمر بسيط، من يأكل من خير غيره عليه أن يطيع ذلك الغير، وأمريكا وإسرائيل رتبتا أوضاعنا الاقتصادية والمالية بطريقة تجعلنا أدوات مطيعة. فمن ظن أن عندنا رئيس سلطة يستطيع اتخاذ قرارات كما شاء، أو رئيس حكومة ووزراء يقررون فإن عليه مراجعة ظنونه.
    تركتنا أمريكا بعيدين عن طاولة المفاوضات تحت ظروف معينة، لكنها أمرت بالعودة إلى المفاوضات عندما تغيرت الأحوال.
    اجتماع ما يسمى بالقيادة في رام الله
    شاهدنا على التلفاز عناصر قيادية تتوافد إلى مقر اجتماع القيادة في رام الله لتدارس أمر استئناف المفاوضات، وصدر قرار عن المجتمعين أنه لا عودة إلى المفاوضات إلا بتجميد الاستيطان. وقد ظهر عدد منهم على شاشات التلفاز يزمجر بكلمات كبيرة وكأنه قد كسب معركة السهول الخضراء.
    كان الأمر مضحكا عندما فوجئ هؤلاء بعد حوالي 24 ساعة من قرارهم التاريخي بإعلان وزير خارجية أمريكا عن استئناف المفاوضات.
    وأنا أشاهد هؤلاء كانت أمامي حقيقة وهي أن هؤلاء لا يمكن أن يكونوا في هذا النعيم لولا أموال أمريكا وتلك التي تجمعها إسرائيل وترسلها للسلطة. أمريكا تقدم الأموال ليقولوا نعم، ومن كان منهم سيصر على قول لا فإن النعيم سينقطع عن أجهزته الجسمانية الاستهلاكية.




    الزلزلة
    فلسطين أون لاين ،،، يوسف رزقة
    لم يعدّ الواقع العربي في 2013 واقعاً إستاتيكيا ثابتا على حالة واحدة معروفة . بحيث تقبل حالته القياس ، والقراءات الاستشراقية الراجحة ، بل غدا واقعاً ديناميكياً متحركاً ، يصعب متابعته ، ويصعب قياسه ، وكل ما يمكن الوقوف عنده هو ملامح لهذه الحركة على مستوى الظاهر كثيرا، وعلى المستوى العميق قليلاً .
    الأحداث التي وقعت في مصر في 30/6 وتفاعلاتها وتداعياتها أيضاً مازالت تخض العالم العربي كافة خضاً سياسياً واجتماعياً على نحو غير مسبوق . لقد أصبح العالم وهنا لا أستثني عاصمة من عواصمه في مركز الزلزال السياسي والاجتماعي، الذي وسّع الفجوة بين الشعب ومن في الحكم . وهي حالة تمنح الدول الاستعمارية الكبرى فرصاً أفضل للتدخل في الشئون الداخلية للبلاد العربية ، ومن ثمة ابتزاز أنظمة الحكم ، وتعميق خسائر البلاد وخسائر المستقبل .
    حالة الزلزلة والاضطراب الشديد قد تفضي إلى هدم ما هو قائم على المستوى السياسي والاجتماعي، كما يهدم الزلزال المباني والمؤسسات لتبدأ بعدها حملات الإغاثة الكاذبة ، ثم إعادة إعمار ما تهدم على مفاهيم جديدة.
    إذا كانت مصر هي دولة المركز في العالم العربي، حيث يتفق الخبراء على هذا التوصيف ، فإن أي اهتزاز في المركز تنتج عنه اهتزازات ارتدادية لا محالة في محيط المركز وفي أطرافه ، وأحسب أن هذه الاهتزازات قد ضربت مراكز القوة الأخرى في العالم العربي، كما ضربت الهوامش والأطراف ، ودخل الجميع في حالة ترقب وانتظار ، وكل العيون الآن شاخصة إما إلى السماء تطلب اللطف ، وإما إلى البيت الأبيض تطلب العبد والحماية.
    في ظل الزلزلة لا أحد من العلماء أو الخبراء يمكنه أن يتنبأ بمستقبل الحالة السياسية ، والحالة الاجتماعية ، التي يمكن أن تكون عليها مصر وغيرها من البلاد العربية . كما لا يمكن لفلسطيني أن يتحدث عن دور حقيقي وعملي للعالم العربي في مسألة تحرير فلسطين ، أو استعادة القدس ، أو بناء دولة فلسطينية على حدود 1967، أو حتى مجرد رفع الحصار عن غزة ؟.
    في كل عاصمة عربية مشكلة داخلية تجعله الحاكم لا يفكر إلا في همومه ، وفي ضبط إيقاع الحكم من الاهتزاز. في سوريا حرسها الله قصفت قوات الاحتلال مواقع الصواريخ الأحدث في اللاذقية ، وبسبب عجز النظام الذي يقف على فوهة الزلزال أنكر وقوع الهجوم ، فقامت أميركا بتسريب أخباره إلى الصحف ، تعزيزاً للزلزلة .
    وفي فلسطين حفظها الله ، عادت السلطة لتدخل الكمين بأرجل مضطربة وقلب مرعوب ، دون تفويض من شعبها ، وليس في يديها غير ورقة التسول تسترحم بضعفها واشنطن وتل أبيب ، مع أنها تعلم أن هؤلاء ما كانوا يوماً من أهل الرحمة . (ما هو مصير القدس ؟ ما مصير حق العودة ؟ ما مصير حدود 1967 م ؟ ) لا أحد يمكنه تقديم إجابة شافية .
    في القاهرة هتافات ضد الإمارات ، وضد السعودية ، وهتافات في جهة مقابلة ضد قطر ، وضد فلسطين ، والإعلام الشاذ ما زال يطحن في عظام المقاومة ويشوه صورتها . حال العواصم الأخرى ليس في موضع العافية التي تبعث على الاطمئنان . لهذا وغيره نقول إن الواقع العربي يشهد حالة غير مسبوقة سياسياً واجتماعياً على مستوى الداخل الوطني الذي هو شكل من أشكال الزلزلة ، أو الخض العنيف .


    كيري و"التغميس خارج الصحن"!
    فلسطين أون لاين ،،، خالد وليد محمود
    في الوقت الذي تنشغل فيه الشعوب والحكومات العربية بأزماتها المستعصية وأوضاعها الداخلية المضطربة، خرج وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ليعلن التوصل لاتفاق باستئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الأسبوع المقبل، وذلك للمرة الأولى خلال ست جولات قام بها إلى المنطقة، وبغطاء عربي وإقليمي.
    قلنا في مقال سابق تزامن مع الجولة الرابعة لجون كيري إلى المنطقة، أن شروط نجاحه في مسعاه للوصول إلى تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ليست متوافرة، وأن الزيارات السابقة التي جاءت من أجل إحياء "عملية السلام" وبث الحياة في عروقها المتيبسة 2008 خاصة خلال زيارته الأخيرة جوبهت برد إسرائيلي يفترض أنه أجهض مبادرة كيري حتى قبل أن تبدأ وكوفئ ببدء تل أبيب مرحلة جديدة من بناء مئات الوحدات الاستيطانية في القدس الشرقية. وقلنا إن أحد أهم شرطين لنجاح جولة كيري، تتمثل في وجود قيادة إسرائيلية، تقبل بمرجعيات عملية السلام والوفاء باستحقاقاتها، وهذا ليس متوفراً تمامًا في (إسرائيل) التي ينزاح مجتمعها نحو اليمينية والتطرف، والشرط الثاني يتمثل في وجود إدارة أمريكية قادرة على الضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل دفعها لتقديم تنازلات للقبول وهذا الشرط غير متوافر أيضًا. ولهذا فإن مسعى كيري لن يكتب له النجاح وكل ما سيبذله لن يخرج عن سياسة "العلاقات العامة" وسيجد نفسه بأنه يغرد خارج السرب ويغمس خارج الصحن، لأن ما يجري من ممارسات إسرائيلية ستفضي لإفشال مهمة كيري وهذا الشخص يعرف أكثر من غيره أن مهمته لم تعد بمثابة وساطة لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين و(إسرائيل)، بسبب موقف بنيامين نتنياهو وحكومته من المسألة، بل هو يعرف أكثر من غيره أن تل أبيب لا تريد مفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية، إنما تريدها وفق شروطها، أي قبول الفلسطينيين بالأمر الواقع الذي تفرضه على الأرض من استيطان وتهويد، وإلا فإنها تريد مفاوضات للمفاوضات فقط، من أجل كسب الوقت لاستكمال مخططاتها، ومن ثم للإيحاء للعالم بأنها تفاوض من أجل السلام!
    الحقيقة وبعد ست عشريات من السنين هي أن (إسرائيل) لم تتغير وأنها ليست ناضجة للسلام واستحقاقاته وكل ما تريده عندما يقول نتنياهو بأنه مستعد للمفاوضات يعني استمراراً للاحتلال والعدوان العسكري ولخطط توسيع الاستيطان، وتهويد القدس والمقدسات وتقطيع الأوصال، وفرض الحقائق على الأرض التي تجعل إقامة دولة فلسطينية أبعد مع كل إشراقة شمس جديدة!
    الهوة التي تحدث عنها كيري والتي أصبحت بين الفلسطينيين والإسرائيليين أضيق والأرضية المهيأة لاستئناف المفاوضات لم تلق أي آذان صاغية لدى القيادات الإسرائيلية. فنتنياهو عاد ليؤكد على المؤكد من وجهة نظر (إسرائيل) وهو أن لا مفاوضات مع الفلسطينيين على أساس العودة إلى حدود الخامس من يونيو/ حزيران 1967، كماعاد ليلعب على المكشوف ومن موقع القوة العسكرية، والدعم الأمريكي اللامحدود، والغياب العربي، واللامبالاة الدولية ودعم المجتمع الإسرائيلي، وهو يوظف ما يمتلك من أوراق القوة هذه لتحقيق أهداف ومخططات (إسرائيل) التوسعية والتهويدية. وكل تصريحات متفائلة يدلي بها كيري لن يغير أي شيء على أرض الواقع، خصوصاً أن الفلسطينيين ليس بمقدورهم تغييره أو تعديله الآن دون توفير شروط تسمح بإطلاق عملية سلام تكون مرجعيتها إنهاء الاحتلال، وهذا مسار يبدأ بالاتفاق على برنامج وطني فلسطيني مشترك ويحفظ الحقوق الوطنية، ولا ينتهي فقط بالاتفاق على أسس وأشكال المقاومة ومرجعيتها.
    جولة كيري لم تحقق ولن تحقق أهدافها، وهي مهمة لن تحقق تقدماً في المسار السياسي الذي سيبقى مسدوداً نتيجة سياسات وممارسات حكومة الاحتلال، وستكون في نهاية المطاف سراباً ووهماً كالمفاوضات السابقة، ولن تحقق أماني وأحلام الشعب الفلسطيني بالعودة والحرية والاستقلال وإقامة الدولة المستقلة في حدود عام 1967، خصوصاً في ظل الانحياز الأمريكي الكامل لـ(إسرائيل) وسياستها العدوانية! فحذار من معسول كلام كيري لأن المعطيات على أرض الواقع ستختلف عما يصرح، وحذار من الوقوع في الشرك والمصيدة الإسرائيلية، لأن كل تنازل أو تفريط بأي من الثوابت الفسطينية هي ضربة للمشروع الوطني والقضية الفلسطينية العادلة.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء حماس 355
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-06-10, 11:01 AM
  2. اقلام واراء حماس 318
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-24, 09:31 AM
  3. اقلام واراء حماس 317
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-24, 09:31 AM
  4. اقلام واراء حماس 316
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-24, 09:30 AM
  5. اقلام واراء حماس 282
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-12, 10:39 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •