النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 475

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء عربي 475

    اقلام واراء عربي 475
    18/8/2013

    في هذا الملــــف:


    1. ابحث عن فلسطين في “ثورات” العرب

    نسيم الخوري-الخليج الإمارتية

    1. هل تلحق «حكومة هنية» بـ «نظام مرسي»؟!

    عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية

    1. “إسرائيل” . . شؤون بلا حدود

    هاشم عبدالعزيز-الخليج الإماراتية

    1. حل أمريكي - صهيوني

    إلياس سحاب- الخليج الإماراتية

    1. الأزمة الأخلاقية؟!

    عبدالمنعم سعيد-المصري اليوم

    1. تمرّد" على "المعونة"

    أمجد عرار-الخليج الإماراتية

    1. لغز الدكتور البرادعى

    صلاح منصور- المصري اليوم

    1. انقسام الخليج حول مصر

    عبدالرحمن الراشد-الشرق الأوسط

    1. الإعلام البديل..

    هشام الجخ-اليوم السابع



    1. الطوارئ مجددًا

    فهمي هويدي- الشروق

    1. في لبنان وفي مصر !

    طارق مصاروة-الرأي الأردنية

    1. المسؤولية عن تفجير الضاحية

    الياس حرفوش-الحياة

    1. التهاب المحيط السوري

    فايز سارة- الشرق الأوسط

    1. الأردن .. سيبقى آمنا مطمئناً ولن يسمح للإخوان بتدميره

    رأي الرأي الأردنية

    1. مواجهة ممولة بين السلفيين في الأردن

    ماهر ابو طير-الدستور الأردنية















    ابحث عن فلسطين في “ثورات” العرب
    نسيم الخوري-الخليج الإمارتية
    كيري يدعو الفلسطينيين للتفاوض رغم الاستيطان . إسرائيل (من دون قوسين بالطبع) تسرّع وتيرة الاستيطان وتستعدّ لإطلاق عدد من الفلسطينيين . “إسرائيل” أطلقت 26 أسيراً فلسطينياً ومفاوضات اليوم أمام تحدّي الاستيطان . سياسة الاستيطان تقود إلى تدمير فرص السلام . واشنطن قلقة جدّاً من استمرار الاستيطان “الإسرائيلي” . تلويح فلسطيني بمقاطعة المفاوضات ردّاً على الاستيطان . الاستيطان يلقي بظلاله على محادثات السلام . . . .الخ .

    تلك بعض جملٍ قفزت إلى افتتاحيات الصحف ونشرات الأخبار الإذاعية والتلفزيونية بطبلٍ وزمرٍ يضاهي الضرب على الصنوج ويتجاوزها قطعاً . لماذا؟ ربّما لأنّ الحبر والصوت العربي وقعا في رتابة القتل والقتل المضاد في عواصم “الثورات العربية”، وسرعان ما جنحا نحو رتابة الحبر والصوت في فلسطين التي كانت وما زالت تشكّل المذود والموقد . أين الجديد والمستحدث في المفاوضات التي تنطق بفراغاتها قبل أن تبدأ؟ لا جديد فيها على الإطلاق إذا اتّفقنا بأنّ الجديد هو إضافة شيء إلى القديم . ما هو الجديد في مفاوضات ملّت من نفسها وخرجت من مضامينها الأكاديمية القاموسية، وهي تصرخ لشدّة الرتابة فيها لفظاً وكلماتٍ ومعاني تتكرّر وتتردّد من جيلٍ إلى جيل، وتبدو لمن جايل فلسطين أنّها كلمات لا تقول شيئاً جديداً . فعلاً ما الجديد في إعلان “إسرائيل” موافقتها على بناء 942 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية المحتلة عشية استئناف المفاوضات “الإسرائيلية”- الفلسطينية المتوقّفة منذ ثلاثة أعوام؟ فقد أعطت الحكومة “الإسرائيلية” الضوء الأخضر لبناء 1187 وحدة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة وأحياء استيطانية في القدس الشرقية التي يريدها الفلسطينيون عاصمةً لدولتهم الموعودة المنتظرة، والمشروع الاستيطاني الجديد الذي أعلن عنه سيكون في جنوب القدس في حي جيلو الاستيطاني وهذه ليست خطة جديدة ولكنها مكابرة لمشروع تاريخي رهيب مدروس ومستمر ويعدّ استفزازاً للفلسطينيين ولبقايا النبض العربي المناهض لتلك الملحمة التاريخية مع أنّ القرار يعد بإمكان بناء 300 وحدة أخرى أيضاً في مرحلة لاحقة .

    نعم تلك عينة هزيلة معبّرة مختارة من مئات “مانشيتات” الصحف وعناوين المقالات والتعليقات التي يمكن أن يصادفها القرّاء إن لم يكونوا في طريقهم إلى الانقراض التام بعدما كانوا وما زالوا في حالة العجز القاتل، لا في البحث عن نتائج أو سير الجولة الثانية من المفاوضات التي عقدت في القدس برئاسة وزيرة العدل “الإسرائيلية” تسيبي ليفني، وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات تعقبها جولة أخرى في أريحا بالضفة الغربية بل في البحث عن فلسطين .

    نعم البحث عن فلسطين؟ فمن يستطيع أن يعطينا رقم جولات المفاوضات التي تبحث عن فلسطين؟ نعم البحث عنها، وأين تقع تلك الدولة أو بقاياها وأين يقع ضحاياها وشهداؤها وأين تقع مخيّماتها وأشعارها وبؤسها؟ أين يقع مستقبلها على هوامش الربيع العربي الذي اصفرّ وجهه مع تقادم الخريف الراكض هذا الصيف فجّاً في بيروت كما في عواصم العرب؟ تتساقط الأوراق والأجساد على الأرصفة العربيّة في صراعات مجانية حافلة بالكيديات والأحقاد والخسائر وتشتدّ المذابح العربية والإسلامية التي لا تشي بأيّ مستقبلٍ منتظر، تماماً كما تتساقط تلك العناوين والجمل والأوراق الفلسطينية وتدور في زوايا الساحات العربية وفوق بلاط أرصفة العالم منذ ال1948 . لا بل قبل هذا التاريخ بزمنٍ طويل تذكيراً بالدعوة الموثّقة في الكتب والموسوعات عن التاجر الدنماركي أوليفربولي الذي أطلق في العام 1765 الفكرة الأولى المطالبة بضرورة وضع خطّة مبرمجةٍ توطّن اليهود في فلسطين، وبعث بها إلى ملوك أوروبا، وانتظرت حتّى العام 1789 ليتلقّفها نابليون بونابرت مقترحاً إنشاء دولة يهودية في فلسطين إبّان حملته على الشرق من البوّابة المصرية . هل يفترض بنا التذكير هنا بأنّه يكفي تناول الكراريس والكتب المدرسيّة بين أيدي أولادنا أو أحفادنا لنقرأ بأنّ تاريخ النهضة العربية مربوط بدخول نابليون بونابرت إلى الشرق؟

    لا أعلم على ماذا يتفاوضون، ف”إسرائيل” عنوانها الاستيطان Land Settlement وقلب الفكر الصهيوني يغور في الذهن اليهودي والغربي نحو الجذور الدينية والتاريخية التي وعد بها شعب اليهود وفقاً لزعمهم الذي لم يتغيّر، وخلق حقائق جغرافية وديمغرافية وتحولات تتجاوز بكثير هزلية المفاوضات وتقطيع الوقت لا يمكن لعاقل عربي لم تصبه الرخاوة التاريخية العربيّة أن يجد فيها أيّ معنىً للتعايش أو التحاور ولا حتّى للتجاور . تلك سيناريوهات مملّة تحصل على إيقاعات العنف والطرد والاستئصال والترحيل ملفوظة من أيّ قانون دولي أو عهود أو مواثيق أو اتفاقات دولية والقاعدة الأولى فيها التشجيع العملي على الاستيطان واستمراره وتغذيته لأنّه يعني اكتمال الكيان “الإسرائيلي” ذي الحدود الرخوة المطّاطة المنقولة وفقاً لبرامج وآليات ترسّخ “إسرائيل” وتسخّر دوائر القرار لمصالحها وتسخر من الانهيارات

    العربية الضخمة . هكذا نجد الواقع الفلسطيني أسير
    مراحل ثلاث من الاستيطان بدأت بالاستملاك وتدفّق المهاجرين اليهود في موجات خمسٍ متلاحقة، ثمّ مرّت وما زالت في مرحلة الاستيلاء بالقوّة والسجون ومصادرة الأراضي وإنشاء المستوطنات حتّى ال،1967 وصولاً إلى المرحلة الثالثة مع توقيع اتّفاق أوسلو 1993 الذي سمح لهذه الدولة العدوّة بالسيطرة على ثلث مساحة الضفّة الغربيّة بعد إقامة جدار الفصل العنصري .

    إلى أين من هنا؟ إلى مزيد من الاستنكارات اللفظية بانتظار أن ترسي لعنة المفاوضين على يهودية الدولة كمقدمة لنجاح فكرة ما لطرد العرب أو إعتبارهم أجانب مقيمين إقامة مؤقتة، يمكن سحب حق إقاماتهم وطردهم كل لحظة من جذورهم .

    يكفينا في هذا المجال العودة إلى العام 1951 لنقرأ عن عملية يوحنان التي تقترح تهجيرهم إلى الأرجنتين، أو إلى العام 1953 لتهجيرهم إلى ليبيا، ثمّ القول في العام 1954 بسلطة تأهيل الفلسطينيين داخل “إسرائيل”، ثمّ المجاهرة بمشروع أبراهام تامير بتوطين مليون فلسطيني في لبنان برعاية تشاوسيسكو رئيس رومانيا في العام نفسه، وصولاً إلى مشروع سيناء في ال1955 بترحيل وتوطين الفلسطينيين هناك حيث تتكفّل مصر بتقديم 300 ألف فدّان يستوعب 300 ألف فلسطيني ثم مشروع إيغال آلون بعد هزيمة 1967 الذي اقترح توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء محمّلاً دول الجوار وفي رأسها مصر تبعات المشكلة الفلسطينية، وهو المشروع الذي تمّ تجديده بشكلٍ نموذجي مع آرييل شارون في عام 1971 الذي شذّب الكثافة السكانية في قطاع غزة مرحّلاً الأعداد الكبيرة من الفلسطينيين . ولم تغب المشاريع والأفكار المشابهة المتنقّلة في ترحيل الفلسطينيين سواء في العراق 1993 أو غيره في ما بعد، حيث ينمو سوق التبادلية في الأراضي على إيقاعات المفاوضات المفرغة من أيّ نتيجة وتحولات “ثورات العرب”، ولهذا مبحث طويل إذا كانت القراءة واقعة ومفيدة بعد .



    هل تلحق «حكومة هنية» بـ «نظام مرسي»؟!
    عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
    يراهن كثيرون على سقوط حكومة حماس في غزة قريباً، بعد أن فقدت ظهيرها القوي في القاهرة، فضلاً عن فائض الأسباب المتصلة ببؤس أداء الحركة في سنوات حكمها الست، وتحديداً في مجال الحريات والحقوق والإدارة وتوفير مقومات العيش الكريم وبناء اللحمة الوطنية ... بيد أن رهاناً كهذا يسهى أصحابه عن حقيقة أن حماس قضت سنوات خمس في الحكم، قبل أن يصعد مرسي وإخوانه إلى سدة الحكم في مصر ... وتفوت هؤلاء حقيقة أن حماس تمتلك “ورقةً” لا تحظى بمثلها الحركات الإسلامية “الشقيقة” في مصر وتونس وليبيا وسوريا، وأقصد بها “ورقة المقاومة”.

    وللتوضيح أكثر أضيف، أن لحماس مخرجاً “جاهزاً” من كل استعصاء في علاقاتها بأهل القطاع أو مكوناته السياسة والمدنية والاجتماعية، إذ يكفي أن تفتح النار على إسرائيل، أو أن تنجح في استدراج مواجهةً واسعة مع الاحتلال، حتى تُضطر هذه القوى والمكونات جميعها، لـ “ضبضبة” مطالباتها وطي صفحة تحركاتها، للتوحد في الميدان في مواجهة الخطر القادم والعدو المشترك.

    وتتمتع هذه “الورقة” بصلاحيتها كاملة في النطاق القومي والإقليمي لعلاقات حماس وتحالفاتها، فالنظام المصري الجديد على سبيل المثال، ومهما بلغت حدة كراهيته لحماس أو انزعاجه منها، سيظل مضطراً للاحتفاظ بـ “حد أدنى” من العلاقات مع حماس، أقله لمواجهة لحظات الاشتباك الفلسطيني – الإسرائيلي ... وتراهن حماس على هذه “الورقة” في مسعاها لاستعادة علاقاتها مع “محور طهران – دمشق – الضاحية الجنوبية”، فهي بطاقة العودة الآمنة لأحضان هذا المحور، حتى وإن اختلفت درجة حرارة (دفء) هذه الحاضنة ... كما أن هذه “الورقة” هي ما يدفع دولا ومنظمات عربية ودولية للإبقاء على “شعرة معاوية”، أو بعض قوات الاتصال الأمامية والخلفية، مع الحركة وحكومتها.

    ليست حماس أول من اكتشف أهمية هذه “الورقة” أو استخدمها ... من قبل، كان الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، يلجأ إلى تسخين جبهات القتال مع إسرائيل كـ “ورقة” في مواجهة ضغوط الداخل (المنظمة) والخارج(بعض الأطراف العربية والإقليمية) الضاغطة باستمرار عليه، أو الساعية لمصادرة قراره الوطني المستقل ... وأذكر في العام 1980، عندما التأم المجلس الوطني الفلسطيني في دمشق، كيف لجأ عرفات لإشعال حرب المدفعية لتفادي ضغوط عبد الحليم خدام وطارق عزيز المشتركة للسيطرة على منظمة التحرير، وكسر نفوذ فتح وعرفات في مؤسساتها القيادية، إذْ نجح الرئيس الراحل في “إبقاء قديم المؤسسات الفلسطينية على قدمه”، بسبب الوضع الطارئ الذي أنشأه في جنوب لبنان، للهرب من ضغوط “اللقاء القومي النادر” بين العاصمتين البعثيتين المُحتربتين.

    قد تستطيع القوى المناوئة لحماس في قطاع غزة، أن تحشد جمهوراً شبيهاً بجمهور “30 يونيو” في مصر، ومعادلاً له في الوزن، بالمعنى النسبي للكلمة بالطبع، ولقد سبق لجمهور غزة أن خرج بغالبيته العظمى نكاية بحماس لا تضامناً مع فتح في ذكرى انطلاقاتها الأخيرة (يناير 2013) ... لكن حماس تستطيع أن تجعل من كل ذلك بددا ... يكفي أن تعترض دورية إسرائيلية أو ان تهاجم نقطة حدودية متقدمة أو تطلق رشقة صواريخ على مستوطنات الجنوب، حتى تعود الطائرات والمدافع الإسرائيلية لأداء وظيفتها التاريخية في “توحيد الشعب الفلسطيني” في الميدان على الأقل، لمواجهة العدوان الداهم.
    بخلاف “إخوان مصر”، ليس لحماس ما تخسره إن هي فعلت ذلك، فهي مُدرجة بالأصل، على قائمة الإرهاب، والاتصالات الغربية معها ما زالت في طور “الاستطلاع” و”جسّ النبض”، وصعودها إلى حكم غزة، جاء بالضد من رغبة الغرب ومعظم العرب ونصف الفلسطينيين، في حين أن إخوان مصر، الذين جاءوا إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، كانوا أنجزوا قبل ذلك بزمن، تفاهمات عميقة مع الغرب وبعض الدول العربية والإقليمية، يقع في صلها (التفاهمات)، حفظ السلام مع إسرائيل والوفاء بالالتزامات نظام مبارك وتعهداته السابقة، وضبط مقاومة حماس على إيقاع المصلحة الاستراتيجية لحكم الإخوان في مصر، وليس وفقاً لمتطلبات الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وهذا ما سيفسر لاحقاً، هذا الدفاع الغربي عن نظام مرسي وحكم الجماعة.

    مستقبل حكم حماس وحكومتها في غزة، لا تقرره الأرقام والأعداد والنسب المئوية ... ويكاد المراقب المطلع يجزم بأن حماس فقدت الكثير من شعبيتها في غزة (الوضع ليس هكذا في الضفة الغربية) ... ثمة “ديناميكات” أكثر تعقيداً، يجب تأملها قبل إطلاق التقديرات “المتفائلة” بقرب رحيل إسماعيل هنية وحكومته، وخصوصاً تلك المتصلة بالعامل الإسرائيلي.

    قد يقول قائل، بإن إسرائيل قد تجد في سقوط نظام الإخوان فرصة لإسقاط حكم حماس وحكومتها، وأن أي “استدراج” قادم للحرب، قد يكون مقامرة غير محسوبة على الإطلاق، وقد تتخذ منها إسرائيل مناسبة للإجهاز على حكم حماس وحكومتها.

    لكن السؤال الذي يتعين على أصحاب هذه التقديرات أن يجيبوا عنه هو: هل أن إسرائيل “توّاقةٌ” لإسقاط حكم حماس وحكومتها في غزة، والدفع بالحركة وكتائبها للعودة إلى صفوف المعارضة والمقاومة والعمل السري؟! ... بقاء حماس على رأس الحكومة في غزة، من شأنه إدامة حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، وهذه ذريعة مناسبة لإسرائيل للتبرير الإحجام على السير بخطى جدية على طريق مفاوضات جدية ... وحماس في السلطة لديها ما تخسره، وتريد الاحتفاظ به، لديها عنوان يمكن استهدافه، أما حماس (تحت الأرض)، فليس لديها شيء من هذا القبيل، وقبل أن تصل الحركة إلى السلطة، كانت إسرائيل تعاقب ياسر عرفات وسلطته وأجهزته وحركة فتح، على كل فعل مقاوم، كانت حماس تقوم به، وإسرائيل لا تريد العودة إلى وضع كهذا ... وأخيراً، فإن حماس في السلطة، ستكون أقدر على حفظ التهدئة والهدنة، مما لو كانت فتح والفصائل الحليفة لها في السلطة، فتح والفصائل لا تطلق النار ولا الصواريخ، فيما حماس وحلفاؤها، هم من يفعلون ذلك، وعندما يقرر هؤلاء أن صمت المدافع في مصلحتهم، سيعم الهدوء على امتداد خطوط التماس والجبهات الداخلية كذلك.

    لكل هذه الأسباب، قد لا تكون إسرائيل معنية بالانخراط في أي جهد لإسقاط حكومة حماس في غزة، هي معنية بضرب القوة العسكرية للحركة حتى لا تصل إلى مرحلة “توازن الرعب” ... وفي مطلق الأحوال، سيظل لإسرائيل حساباتها النابعة من صميم مصالحها وحسابات أمنها، والتي لا تتوقف طويلاً عند من يحكم القطاع أو الضفة، بل تتوقف طويلاً وملياً عند من يوفر “البضاعة” بصرف النظر عن الغلاف الديني والسياسي والإيديولوجي الذي سيحيطها به.




    “إسرائيل” . . شؤون بلا حدود
    هاشم عبدالعزيز-الخليج الإماراتية
    عندما أعلن الاتحاد الأوروبي استثناء الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة من أية اتفاقات تبرمها دول الاتحاد مع “إسرائيل” وفي قرار نصه “أنه اعتباراً من العام 2014 فإن كل الاتفاقات بين “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي (يجب أن تشير من دون التباس وعلناً إلى أنها لا تشمل الأراضي التي احتلتها “إسرائيل” العام ،1967 أي لا تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة وهضبة الجولان، وهي أراض فلسطينية وسورية احتلتها “إسرائيل” في العام 1967)، ربط مراقبون بين الجهود الأمريكية لاستئناف المفاوضات وهذه الخطوة الأوروبية في دخول للاتحاد الأوروبي على خط الضغط على “إسرائيل” .

    ومع أن ردود الفعل “الإسرائيلية” كانت في الإجمال غاضبة على الموقف الأوروبي لكنها بدت متباينة لتتداعى في مواقف أقرب إلى المواجهة وهذا ما سجلته وزيرة العدل “الإسرائيلية” تسيبي ليفني المسؤولة عن مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، في حين سارع نتنياهو إلى اعتبار الخطوة الأوروبية “محاولة لرسم حدود “إسرائيل” بالقوة من خلال الضغط الاقتصادي بدلاً من المفاوضات” وأن “هذا يقوي الموقف الفلسطيني ويضعف ثقة “إسرائيل” في حياد أوروبا”، معلناً أن “إسرائيل” لن تقبل إملاءات الاتحاد الأوروبي .

    كانت ليفني قد تناغمت مع آراء “إسرائيلية” متباينة ومختلفة مع ما ذهب إليه نتنياهو في شأن القرار الأوروبي حين رأت أن الركود في ما يتعلق بالملف الفلسطيني خلف فراغاً يحاول المجتمع الدولي أن يملأه .

    في رأيها حول القرار الأوروبي كانت ليفني متقاربة مع ما طرحته صحف “إسرائيلية” عديدة منها صحيفة “هآرتس” التي نبهت إلى أن صبر الحكومات الأوروبية تجاه “إسرائيل” بدأ ينفد وأن لحظة الحقيقة اقتربت، مضيفة أنه يتوجب على الحكومة “الإسرائيلية” أن تقرر ما إذا كانت مستعدة لمواصلة تعريض مستقبل البلاد للخطر من خلال مواصلة الاحتلال . أما صحيفة “يديعوت أحرونوت” فنقلت عن مسؤولين “إسرائيليين” أن المبادرة الأوروبية تم تنسيقها مع الإدارة الأمريكية .

    لكن ما بدا في شأن قرار الاتحاد الأوروبي مفهوماً على هذا النحو “إسرائيلياً” لم يدم سوى بضعة أيام ليصير مرفوضاً ولتنقلب تسيبي ليفني على نفسها، وهذا ما جرى الاثنين الماضي، خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعها ووزير الخارجية الألماني بعد لقاء تفاوضي حيث أعلنت جهاراً نهاراً أنه “لا شأن للاتحاد الأوروبي في الصراع مع الفلسطينيين”، مشيرة إلى أن الأمور المرتبطة بهذا الوضع قيد المفاوضات على حد تأكيدها .

    بالطبع هذا الموقف قد يراه البعض رد فعل غاضب تجاه القرار الأوروبي بالنظر إلى الأضرار التي ستلحق بالاقتصاد “الإسرائيلي” بمئات الملايين من الدولارات، بخاصة في مجال الأبحاث والتنمية، إضافة إلى أن القرار يؤشر إلى اعتراف بحدود ال 4 من يونيو/حزيران ،1967 وهو ما تضمنه الاعتراف الدولي بحدود الدولة الفلسطينية .

    بيد أن الأمر لا يتوقف عند هذا المستوى، إذ ستصير تسيبي ليفني أول مسؤول صهيوني يفصح عن حقائق الشؤون “الإسرائيلية”، وهي على أي حال ليست قاصرة على أمن واستقرار هذا الكيان وعلاقته الإقليمية والدولية، والمؤكد أن ذلك ما كان ليصير إلى هذا الحد من الغطرسة والبجاحة تجاه الاتحاد الأوروبي لو لم تكن الدول الأوروبية مع الولايات المتحدة مكنت هذا الكيان ليصير “طرزان عصره” .

    مبدئياً، العدوان والاحتلال والاستيطان شأن دولي بمواثيقه وقراراته وشأن انساني بمبادئه وقيمه، لكن هذه المواثيق والقرارات والمبادئ والقيم اصطدمت في جرائم الكيان الصهيوني منذ أن بدأ على حساب الشعب الفلسطيني في حقوقه وأرضه وتاريخه ووجوده بالحماية الأمريكية خاصة والمساندة من دول أوروبية صديقه ل”إسرائيل”، وعلى هذا ظل هذا الكيان قائماً على الجرائم وفوق القانون الدولي الذي لم تعرف قراراته طريقها إلى التنفيذ، ولأن هذا الموقف منح هذا الكيان الاستئثار بحقوق الآخرين والنيل من حياتهم فقد كان طبيعياً أن يأتي هذا الاستئساد على من هم أصدقاء وحلفاء ومن بينهم من كان سبباً في وجود هذا الكيان من أساسه .

    نحن الآن في لحظة فارقة تعتقد ليفني ومن لف لفها أن تداعيات التسوية الأمريكية التي جرت على الاستفراد في شؤون هذه المنطقة وتحويل القضية الفلسطينية من قضية عربية إلى شأن “إسرائيلي” مفتوح على شؤون مصر وسوريا ولبنان والأردن، ومجمل هذه المنطقة وامتداداتها القارية، مكمن قوة “إسرائيل” لا أحد يستطيع فرض عقوبات عليها نتيجة جرائمها ضد الإنسانية .

    وإذا كان الأوروبيون معنيين بعلاقتهم ب”إسرائيل” فالمؤكد أنهم مسؤولون عن كارثة العدوان والاحتلال والاستيطان الصهيوني .

    حل أمريكي - صهيوني
    إلياس سحاب- الخليج الإماراتية
    لو خير كل من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، في أن يختارا أكثر ما يناسبهما من الظروف والتوقيت للسعي في تسوية لقضية فلسطين تكون أقرب ما تكون إلى تصفية نهائية لهذه القضية، لما أتيح لهما حتى يومنا هذا، أفضل من التوقيت الحالي للمضي قدماً باتجاه تسوية أو حل يكون تصفية لقضية فلسطين، بأفضل الشروط المناسبة لكل من الولايات المتحدة من جهة والكيان الصهيوني من جهة ثانية، وللتحالف الاستراتيجي القائم بين الاثنين .

    فحالة شعب فلسطين السياسية، هي في أضعف موقف لها منذ قيام منظمة التحرير الفلسطينية، وانطلاق حركة المقاومة الفلسطينية في النصف الثاني من ستينات القرن المنصرم، بل هي في أضعف موقف لها منذ وقوع النكبة في عام 1948 . فشعب فلسطين يعيش الذورة التاريخية لتشرذمه بين اراضي عام ،1948 والانقسام في أراضي 1967 بين الضفة الغربية وغزة، والتوزع في الشتات العربي مع حالات سياسية بائسة من التشرذم تحت ضربات التفكك العراقي، والأزمة السورية المدمرة، والتجاذب الأردني بين الحكومة وحركة الإخوان المسلمين .

    ويبدو شعب فلسطين كمن استنفد حيويته التاريخية، في انتفاضتين، انتهت كل منهما بفخ كان يزيد في كل مرة التدهور التاريخي لقضية فلسطين من جهة، وللظروف المعيشية لشعبها من جهة ثانية .

    كما أن شعب فلسطين يعيش في حالة أقرب إلى التخلي عن كل أشكال المقاومة المدنية والمسلحة، بعد دخول حركة حماس في هدنة مطولة مع “إسرائيل” من جهة، وتكرار إعلان رأس السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، التنازل النهائي عن كل أشكال المقاومة، لمصلحة حركة سياسية واحدة هي المفاوضات .

    والوضع العربي العام، يكاد يكون هو الآخر موازياً في بؤسه السياسي للواقع الفلسطيني، فهذا بلد كالعراق، يتحول من أكبر وأقوى دولة عربية موحدة في المشرق العربي، إلى كيان مفكك مهلهل يعيش في حالة دائمة ومستمرة من الاقتتال الدامي الطائفي والمذهبي بين أبنائه .

    وهذه سوريا، ثاني أكبر وأقوى دولة عربية في المشرق العربي تعيش في حالة اقتتال وتشرذم لا يبدو له أفق لحل سلمي قريب .

    وهذه مصر، كبرى الدول العربية، وحجر الارتكاز التاريخي في الصراع العربي “الإسرائيلي”، ما تزال رغم قيام ثورتين شعبيتين في خلال عامين ونصف العام تحاول الفكاك من أسر تركة العهد القصير لحكم الإخوان المسلمين، الذي قالت عنه “إسرائيل” صراحة إن التعاون الأمني بينها وبينه كان أقوى وأعمق مما كان قائماً مع نظام مبارك، الذي ظلت “إسرائيل” تعدّه، حتى رحيله، كنزها الاستراتيجي .

    في هذه الظروف الفلسطينية والعربية التي تتوجها ذروة الانقسام المذهبي، وتراجع لكل عوامل التوحد والمشاركة في ما بينها، أمام كل عوامل التشرذم والتباغض، في هذه الظروف بالذات، قيام وزير الخارجية الأمريكية برحلة مكوكية، استغرقت منه ست جولات، ليفرض استئناف مفاوضات التسوية بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، وفي وقت وصل فيه تهويد القدس إلى ما نسبته تسعون في المئة، وفق الدراسات الأخيرة .

    ولعل أكثر ما يثير المخاوف من هذه المفاوضات التي يدخلها الجانب الفلسطيني وفي يده صفر من أوراق القوة، أن جون كيري يبشرنا بأن هذه المفاوضات لابد لها من أن تظهر نتائجها النهائية في خلال تسعة شهور، لا أكثر . أي أن بداية المفاوضات ونهاية المفاوضات سيتمان في الحالة البائسة والظروف اليائسة نفسها، لشعب فلسطين ولأمته العربية، حيث لا يعقل أن يطرأ أي تغيير فلسطيني أو عربي جدي على الظروف العامة للقضية، من خلال الشهور التسعة القادمة .

    خلاصة القول، أننا الآن لسنا أمام مجرد استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين”، كما في كل مرة منذ عشرين عاماً فقط، بل أمام تصفية تاريخية نهائية هذه المرة لقضية فلسطين، تمد سلطة الكيان الصهيوني من البحر إلى النهر (نهر الأردن)، وتحول شعب فلسطين من صاحب أعدل قضية في القرن العشرين، إلى كتل بشرية ممزقة ومشتتة، تشكل احتياطياً بشرياً للكيان الصهيوني، بأبخس الأثمان .



    الأزمة الأخلاقية؟!
    عبدالمنعم سعيد-المصري اليوم
    ذكر دانتى آلجيرى فى معلقته «الكوميديا الإلهية»- ١٣٠٠ ميلادية- «أن أسوأ المواقع فى الجحيم هى تلك التى يوجد فيها هؤلاء الذين يقفون على الحياد فى زمن الأزمة الأخلاقية». وللحق فإن الغالبية الساحقة من الكتاب والمثقفين المشهود لهم لم تقف على الحياد فكريا وأخلاقيا فى المعركة الدائرة فى مصر اليوم، وإنما جرى الفرز والانحياز بين الأغلبية الساحقة الممثلة للشعب المصرى فى تعبيراته فى أيام ٣٠ يونيو و٣ و٢٦ يوليو؛ وتلك الأقلية التى تمركزت قبل فضها فى اعتصامى رابعة العدوية ونهضة مصر التى يخرج منا ما تيسر من مظاهرات واعتصامات وقطع طرق وتعطيل للمصالح العامة بغية تحقيق أكبر قدر من الاضطراب فى الدولة المصرية. فى هذا المعسكر الأخير يقف جماعات الإرهابيين فى سيناء الذين لم يألوا جهدا فى توجيه عمليات العنف والإرهاب ضد المدنيين، والمسيحيين خاصة، والمؤسسات الوطنية، والقوات المسلحة والشرطة، ومن تيسر من الأجانب وتجرأ من السائحين.

    إلى هنا تبدو المسألة منطقية، ولا يوجد مكان للحياد أو المحايدين الذين سوف يذهبون إلى أسفل السافلين فى جحيم دانتى، فالأزمة قائمة، والاستقطاب حاد، وهو لم يحدث فقط منذ تم عزل الرئيس د. محمد مرسى، بل إنه مستمر وذائع منذ تمت الإطاحة بنظام ٢٣ يوليو ١٩٥٢ فى طبعته الثالثة تحت حكم الرئيس حسنى مبارك.

    ولكن ما هو ليس منطقيا ولا محايدا أن يعتمد مثقفون وفقهاء وكهنة وكتاب من ممثلى تيار «رابعة» و«النهضة» على أدوات الثقافة الليبرالية والفكر الديمقراطى فى محاجاتهم مع أنصار المعسكر الآخر. هذا النوع من الخداع ربما كان ممكنا تفهمه فى مرحلة ما قبل ثورة يناير كنوع من «التقية» السياسية والفكرية، أو للبحث عن القرب من العالم الغربى، ولكن أن يجرى استخدامه بعد الوصول إلى السلطة وممارستها فإنه يصبح نوعا من التدليس الذى يستحق مكانا أسفل من النار لأنه المكان الذى يليق بالمنافقين الذين يقولون بما لا يعتقدون.

    لقد سبق لى أن تناولت هذا الموضوع من قبل فى مقال «عندما يصبح الأصولى ديمقراطيا»! (الأهرام ٢٣/٤/ ٢٠٠٧) ومقالات أخرى مشابهة وجدت فيها جماعات من الكتاب الأصوليين يستخدمون مفاهيم الدولة المدنية والديمقراطية والحداثة كنوع من المكايدة مع الدولة المصرية أحيانا، والدول الديمقراطية أحيانا أخرى؛ ولكن هذه المعايير تختفى تماما عندما يقترب الأمر من دول الأصولية الإسلامية فى إيران أو غزة أو أفغانستان أو السودان، وبالتأكيد صار الأمر كذلك عندما أصبحت مصر تحت حكم الإخوان المسلمين.

    لاحظ ما يكتب الآن فى الصحافة المصرية من قبل كتاب «إسلاميون» عن حرية التعبير والتظاهر والاعتصام والدولة المدنية غير العسكرية؛ وكيف صار هؤلاء فجأة من الذين يذودون عن الدولة الوطنية التى عليها ألا تقف فى وجه هجمات «المجاهدين» ضد إسرائيل. أصحاب هؤلاء أخيرا أصبحوا من المدافعين عن الدستور- ٢٠١٢ بالطبع- أما ما جرى من قبل فى العهد الإخوانى من حصار للمحكمة الدستورية العليا ومنعها من إصدار أحكامها فيما يخص الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى فقد سقط لأسباب غير معلومة من الذاكرة.

    ولكن ذلك أقل أهمية من الدستور نفسه الذى خرج تماما عن إطار الدولة المدنية المصرية بما أقره من «ولاية الفقهاء» على إصدار القوانين، مع تضييق المرجعية الإسلامية وجعلها قصرا على أهل السنة والجماعة. وبمثل هذا الحال فإن البرنامج الذى وضعته جماعة الإخوان فى عام ٢٠٠٧ قد جرى إصداره فى عام ٢٠١٢، ومن ناحية كان فيه من العوار الذى جعل الرئيس السابق يعلن عن الاستعداد لتعديله فور إصداره فى سابقة لم تحدث فى التاريخ. وكانت السابقة على هذا الشكل لأنه كان معلوما أن الدستور لم يصبه العوار فقط بل كانت عملية الاستفتاء عليه أكثر بشاعة عندما جرى التزوير بطريقة فاضحة بعد أن قاطعت الأغلبية من القضاة عملية الاستفتاء وباتت جماعة موظفى الإخوان هى المشرف الرسمى على أصوات المواطنين. جرت الجريمتان- الدستور المطلوب تعديله ساعة إصداره، والاستفتاء الذى جرى عليه- تحت سمع وبصر جماعة الأصوليين «الإسلاميين» ولم يجد فيهما مخالفات ليبرالية تذكر.

    الأمر كان ممتدا تحت أنظارهم منذ اتفاق «فيرمونت» الذى جرى فيه استغفال الجماعة الوطنية والتى نقض بعدها العهد والوعد حول الدولة المدنية «بمرجعية إسلامية» فصارت دولة دينية بادعاء مدنى؛ وحتى عملية القمع الوحشى للمتظاهرين حتى سقط منهم ٨٤ قتيلا غير من جرى تعذيبه وسجنه. لم يكن حق التظاهر السلمى فى ذلك الوقت مسموحا به لأن «الاستقرار» ودوران عجلة الإنتاج صار شعار المرحلة؛ وكلاهما كما نرى مستنكر الآن لأن «الليبرالية» تقول بهذا الحق. لم يستقر فى كلام جماعتنا شىء عن الإعلان الدستورى الذى لا شك فى استبداده، ولا شىء عن عمليات الحصار المستمرة لمدينة الإنتاج الإعلامى، ولا عمليات الإرهاب «القانونى» التى قام بها النائب العام السابق.

    باختصار شديد كانت الدولة المدنية المصرية تتحول إلى أشلاء، وكانت الجماهير المصرية تدرك يوما بعد يوم مدى الخديعة والنفاق السياسى الذى تعرضت لها على مدى السنوات الماضية. والأخطر من ذلك كله لم يكن عدم الكفاءة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى يتم بها إدارة الدولة المصرية هى القضية، حتى ولو تدهورت أحوال الدولة فى جميع المؤشرات المعروفة عما كان عليه الحال خلال حكم ما قبل ثورة يناير والمتهم دوما بأنه عصر الخراب والفساد والنهب والتزوير؛ وإنما كان التفريط فى الأمن القومى المصرى. المدهش أن المفكر الأصولى أصبح فجأة غيورا على هذا الأمن خوفا من أن تكون المواجهة مع الإرهابيين وحماس بديلا عن المواجهة مع إسرائيل. هكذا يصل النفاق الفكرى والسياسى إلى قمته، فقد كان الرئيس مرسى هو أول من دبر لاتفاق بين إسرائيل وحماس يقوم على وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل، ولكنه من جانب آخر عمل بكامل طاقته على «تعمير» سيناء بكل أنواع الإرهابيين سواء هؤلاء الذين تم الإفراج عنهم من السجون المصرية، أو هؤلاء الذى تم استجلابهم من أفغانستان وباكستان وحيثما تجرى عملية صناعة الإرهاب.

    الآن أصبح المفكر «الإسلامى» قلقا على سيناء وهو الذى لم يقلق يوما على تثقيبها بالأنفاق، ولا كانت لديه مشكلة مع عملية الاجتياح المدنى لها من غزة فى يناير ٢٠٠٨، ولا مع عمليات تهريب السلاح الكثيفة من الطوائف «الإسلامية» المتعددة فى ليبيا والسودان. كل ذلك لم يكن مهما بالنسبة لجماعتنا التى تريد سرقة المنطق الليبرالى والوطنى ليس على أساس من اقتناع واعتقاد، وإنما لأنه ينفع فى مساجلات كلامية، وادعاءات سياسية.

    فالحقيقة أن عملية عزل الرئيس السابق لم تكن «خيانة» للعملية الديمقراطية والقيم الليبرالية وصناديق الانتخابات، وإنما كان لمواجهة الخيانة التى جرت لكل هذه القيم. فلم يحدث فى تاريخ الديمقراطية والليبرالية أن كان الحكم لحزب سياسى (الحرية والعدالة) ليس له من دور غير الواجهة، وإنما كان الحكم لجماعة سرية لا يعرف عنها أحد شيئا لا عن أعضائها ولا تمويلها، ولا طريقة إدارتها، ولا علاقاتها الدولية المرتبطة بتنظيم دولى غامض، وخيوط غير مرئية بتنظيمات الإرهاب الدولى. آن الأوان أن يفصح المفكر الأصولى عن وجهه الحقيقى حتى يتبين الرشد من الغى، ويكون الحكم للشعب فى الأزمة الأخلاقية الراهنة.

    تمرّد" على "المعونة"
    أمجد عرار-الخليج الإماراتية
    الحملة التي أعلنتها “تمرد” لجمع التواقيع على طلب برفض ما تسمى “معونة” أمريكية، وإلغاء اتفاقية “كامب ديفيد” مع الكيان الصهيوني، يعني أن البوصلة بدأت تتجه الوجهة الصحيحة، الوجهة التي تعيد لمصر استقلالها الوطني المفقود منذ أربعة عقود، والذي بدأ بالانفتاح الاقتصادي وأمركة الجيش المصري وصولاً للصلح مع العدو الصهيوني وتوقيع اتفاقية “كامب ديفيد” معه . ولأن الاتفاقية تنزع مصر من كرامتها واستقلالها، جاءت المكافأة الأمريكية عبر هذه “المعونة” التي تقدم على شكل أسلحة دفاعية بشرط أن لا تستخدم ضد “إسرائيل” واقتصادياً على شكل سلع ومنتجات .

    عموماً هذه “المعونة” لا تشكّل أكثر من 2% من الدخل القومي المصري، وما يقارب نصف المعونات الخارجية . وعلاوة على أن مصر باستغنائها عن هذه الرشوة المسمومة تشتري نفسها وهيبتها وإرادتها، فإن بالإمكان الاستغناء عنها، أولاً من خلال إجراءات اقتصادية تدعم الاقتصاد الوطني وتطوّر السياحة كمصدر مهم ومؤثّر، إضافة للمساعدات العربية غير المشروطة، وثانياً من خلال الاعتماد على روسيا في الشق العسكري، فهي تبدي استعداداً لتسليح الجيش المصري من دون شروط تمس السيادة .

    أما ربط حركة “تمرد” بين “المعونة” الأمريكية واتفاقية “كامب ديفيد”، فهو ليس ربطاً زمنياً فحسب، إنما ربط عضوي مبني على معادلة السبب والنتيجة، أي إنها مقايضة بين استقلال مصر وحفنة “مساعدات” لم تفد فقراء مصر بقدر ما ساهمت في تسمين فئة طفيلية منتفعة، ولا تكترث بسيادة مصر وكرامتها . من هنا فإن الربط منطقياً بين “المعونة” و”كامب ديفيد”، حيث إن الاستغناء عن الأولى يقود إلى انتفاء “سبب” الحفاظ على الثانية، كما أن إلغاء الثانية سيدفع أمريكا لقطع الأولى، فتنتفي الحاجة لحملة التواقيع .

    يمكن التعويل كثيراً على هذه الخطوة لحركة “تمرّد” التي سبق لها أن نجحت في جمع ما يقرب من خمسة وعشرين مليون توقيع لحجب الثقة عن نظام الإخوان المسلمين، وقد كان لها الدور الأبرز في حشد التظاهرات المليونية غير المسبوقة في التاريخ البشري في كل شوارع مصر وميادينها . لذلك فإن هذه الحركة، وإن لم تكن حزباً منظّماً ومؤدلجاً، تستعين مجدداً بالشعب المصرى للرد على تدخّل أمريكا في شؤون مصر، متجاوزةً كل الضوابط الدبلوماسية والعلاقات بين الدول، ودعمها المتواصل للكيانات الإرهابية، وفي مقدّمها “إسرائيل” .

    لا بد أن أمريكا لاحظت فرقاً بين انتفاضة يناير 2011 التي غابت عنها الشعارات السياسية والصراع العربي الصهيوني، وانتفاضة 30 يونيو التي حفلت بالشعارات المناهضة للغرب والولايات المتحدة، بل وجرت خلالها تظاهرات أمام السفارة الأمريكية، ورفعت شعارات تطالب بطرد السفيرة آن باترسون، في حين لوحظت أعلام روسية وصور بوتين إلى جانب صور عبدالناصر والسيسي .

    لم تعد “المعونة” الأمريكية سيفاً مسلطاً على رقاب المصريين، وما أن تعود الحياة إلى طبيعتها حتى يبدأ الاقتصاد المصري بالتعافي . ويكفي هنا الاستشهاد بما قاله الخبير الاقتصادي المصري رشاد عبده، وهو أن قيمة أسبوع من الدخل السياحي سيعادل الجزء المدني من “المعونة” الأمريكية الذي لا يتجاوز ربع مليون دولار، ومن الممكن الاستغناء عنها وعن الشق العسكري، وبعدها ستتخلص مصر من التبعية المدفوعة ثمناً لهذه “المعونة” الملعونة .

    لغز الدكتور البرادعى
    صلاح منصور- المصري اليوم
    رغم وصفه الإخوان فى خطاب استقالته بأنهم «جماعة تتخذ من الدين ستارا نجحت فى استقطاب العامة نحو تفسيراتها المشوهة، حتى وصلت للحكم لمدة عام يعد من أسوأ الأعوام التى مرت على مصر». ورغم أنه من خلال منصبه الرسمى وحسه كمواطن كان لابد أن يدرك معاناة أكثر من مائة ألف مواطن سجنتهم الاعتصامات 47 يوما متواصلة، وغضب ملايين المصريين الذين فاض صبرهم، إلا أن الدكتور محمد مصطفى البرادعى، نائب رئيس الجمهورية، لم يستطع تحمل تدخل قوات الأمن لفض الاعتصام وهرب فى صباح بدء عملية الفض!

    هرب دون أن يعتذر للشباب الذى التف حوله باعتباره المهدى المنتظر إلى المستقبل المشرق. هرب دون أن تواتيه الشجاعة ويتشاور مع أفراد حزب «الدستور» الذى يرأسه والذى يضم شخصيات محترمة كانوا يحاولون إلباسه ثوب الزعامة.

    والذى لا ينساه المحلل للبرادعى أنه كان أول من وقف بصراحة فى مواجهة مبارك، إلا أنه بعد ذلك خذل مؤيديه عندما هرب منهم، ما أثار الجدل حوله. إلا أنه عند اختياره نائبا لرئيس الجمهورية بدا لى أنه الرجل المناسب فى الوقت المناسب. فهو واجهة محترمة تؤكد للعالم أن ثورة 30 يونيو التى سار البرادعى نفسه فى مظاهراتها هى حركة شعبية مدنية وإلا ما أعلن تأييده لها. قد بدأ الرجل مهمته بعد أكثر من أسبوعين من بدء اعتصامات رابعة والنهضة، وبالتالى كان بالضرورة يعرف أنه، وقد أصبح نائب الرئيس للعلاقات الدولية، سيكون عليه أن يشرح للدول ضرورة فض هذه الاعتصامات، كما حدث من قبل فى أمريكا وبريطانيا واليونان وفرنسا وتركيا وغيرها من الدول.

    يضاف إلى ذلك أننى كنت أرى المنصب فرصة كى يمارس الرجل العمل فى موقع القمة بالدولة بما يؤهله للترشح رئيسا، ولا نواجه، كما حدث مع تجربة مرسى، بمن ليست له خبرة فى الإدارة أو شؤون الحكم .

    لماذا إذاً هرب البرادعى فى أول منعطف خطير واجهته الثورة؟ هل خوفه من الإخوان ووضعه فى الاعتبار ألا يخسرهم؟ هل خوفه من تهديدات أمريكا بعد أن تعود من خلال عمله الوظيفى فى وكالة الطاقة الذرية أن يخضع لضغوطها ووجد فى مصر من يقول لها لا فخاف على نفسه؟ هل خوفه من احتمال أن يلاحقه قرار يصدر مستقبلا عن مجلس الأمن كمشارك فى أعمال عنف تشوه تاريخه وتهدد جائزة نوبل التى حصل عليها، أم أنه فى لحظة تتفق مع ميوله الهروبية وجد الوطن مهددا، فقرر فتح الباب والقفز طلبا للحياة وانتحر دون أن يدرى؟

    انقسام الخليج حول مصر
    عبدالرحمن الراشد-الشرق الأوسط
    منذ إقصاء الرئيس محمد مرسي في مصر، والخليج منقسم أيضا على نفسه وفي جدل، لا يقل كثيراً عما تشهده الساحة المصرية، خاصة من جانب المحسوبين على الإخوان الذين انتفضوا في أكبر حملة وتظاهرة لهم سياسية وإعلامية. ولأن المنطقة تعيش توترا على كل الصعد فمن الطبيعي ان تصل ارتداداته إلى الخليج المكتظ بالعرب وبالأفكار الواردة من هناك.

    في الخليج، عادت الحكومات إلى مربعاتها السابقة كما كانت تقف منذ سنوات. المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت والبحرين في جانب، والحكومة القطرية في جانب آخر! ويمكن قراءة المواقف من بيانات الحكومات والإعلام. وهذا يحدث بعد هدنة قصيرة من التوافق الخليجي على كل شيء تقريبا منذ بدايات الربيع العربي قبل عامين ونصف. بالنسبة لدول مثل السعودية والإمارات، وكذلك الكويت، تعي خطورة الفوضى في بلد مثل مصر، وتعتقد أن الوقوف ضد الوضع القائم قد يجرف مصر نحو الفوضى. والإخوان المسلمون في مصر، كما بدا واضحا خلال الأسابيع القليلة الماضية، مستعدون للسير ميلا إضافيا نحو المواجهة والفوضى بدلا من القبول بدعوات الحوار والتصالح. وهذه الدول الخليجية تعتقد أن دفع مصر نحو الفوضى يعني تهديدها بالتحول الى دولة فاشلة أخرى، مثل ليبيا وسوريا. وسيهدد فشل مصر كل منطقة الشرق الأوسط، ولن تستقر المنطقة لعقود طويلة.

    بالنسبة لقطر، يصعب علينا فعلا فهم منطقها السياسي لبلد لا يرتبط بها نظاما وايديولوجيا ولا اقتصادا ولا يمثل فيه المصريون عندها إلا أقلية! دعمها إجبار الجيش والقوى المصرية السياسية الأخرى على تبني المطالب الإخوانية عدا عن أنه أمر مستحيل له أيضا مضاعفات خطيرة، وبالتالي دعم الإخوان حاليا يزيدهم تشبثا بمواقفهم ويتسبب في فوضى بالغة الخطورة، فلماذا تفعلها قطر إذا؟! فعلا، فعلا، لا ندري ولا نفهم.

    تاريخيا، وعلى مدى نحو عشرين عاما قطر دائماً تبنت مواقف معاكسة لبقية شقيقاتها الخليجية، وجميعها انتهت كسياسة فاشلة. فقد منحت مساحة إعلامية لتنظيم القاعدة في التسعينات والسنوات التالية حتى بعد أن استهدف نشاط التنظيم السعودية والولايات المتحدة وبقية العالم. ساندت حزب الله وإيران رغم أن الحزب شارك في اغتيال قيادات لبنانية واحتل بيروت الغربية السنية. ساندت النظام السوري في لبنان، حتى عندما كان يقوم بقتل قيادات «14 آذار» واغتال رفيق الحريري. وتبنت عملية تأهيل نظام الأسد السوري لإصلاح علاقته بالغرب، خاصة في فرنسا! كما ساندت نظام العقيد معمر القذافي حتى عندما تورط في عمليات اغتيال ودعم مقاتلين ضد السعودية. والفاصل الزمني قصير بين السياستين، بالوقوف مع إيران وحزب الله والأسد والقذافي والوقف ضدهم من قبل قطر، بعد قيام الربيع العربي!

    أنا واثق من أن قطر ستغير سياستها تجاه مصر لاحقا، وستضطر للتعامل مع النظام المصري القائم، لأن مصر أكبر من أن تعاديها أو حتى تتجاهلها أي دولة عربية. الوضع الآن أخطر، لان أيام حسني مبارك كان النظام أقل فعالية وأقل شعورا بالخطر مما هو عليه النظام الحالي الذي يشعر بالقلق والغضب معا.
    الإعلام البديل..
    هشام الجخ-اليوم السابع
    الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت شيئا لا يطاق. قبل الثورة كان الأمر لا يتخطى الشائعات الخاصة بكرة القدم وانتقال اللاعبين والأجهزة الفنية أو الشائعات الخاصة بالفنانين والمشاهير وزواج الفنانة المشهورة من الممثل المغمور وما شابه. ولكن للأسف بعد الثورة -وأنا هنا أقصد ثورة يناير وأعتبر حركة 30 يونيو تكملة وامتدادا لثورة يناير- بعد الثورة تحول الأمر إلى شائعات مدمرة تقود البلاد للهاوية بسرعة أكبر مما نحتمل. هذا هو ما أطلقوا عليه «الإعلام البديل». لقد برع المصريون فى استخدام برامج الفيديو والجرافيك فجأة بعد الثورة وأصبحوا قادرين على تأليف فيديوهات وصور لا علاقة لها بالواقع، وأصبحوا يوظفون هذه البراعة فى إثبات نظريات هم يعلمون أنها خاطئة ويعلمون أنهم كاذبون ولكنهم يعتبرون هذا الكذب نوعا من الجهاد وإنقاذ مصر من الضياع.

    على موقع الفيس بوك سرت شائعة تقول إن عساكر الأمن المركزى يحرقون المتظاهرين أحياءً وهذه الشائعة مدعومة بالطبع بالصور والفيديوهات.. أى جنون هذا؟؟؟ من الجندى الذى سيحرق إنساناً حياً؟؟ ومن الضابط الذى سيصدر أوامر بحرق إنسان حى؟؟ وعلى الجانب الآخر تجد شائعات تقول إن اعتصام رابعة العدوية كان يحتوى على منصات لإطلاق صواريخ بعيدة المدى.. أى هَذْيٍ هذا؟؟ والغريب أن هناك من يصدقون هذه التخاريف ويروجون لها وبقوة لدرجة أن أحد الأصدقاء على الفيس بوك قال لى إنه رأى «بعينيه» جنديا من جنود القوات المسلحة يحرق أحد المعتصمين حياً «مع العلم أن القوات المسلحة لم تشتبك أصلا مع المتظاهرين» ووصل الأمر لدرجة أن أحد أصدقائى -على الفيس بوك ايضا - أقسم لى أنه رأى بعينيه منصة الصواريخ فى رابعة العدوية قبل فض الاعتصام بيومين. لقد زادت درجة الاستقطاب فى مصر ووصلت لمرحلة التخاريف والخزعبلات وصلت لمرحلة شائعات بخصوص هبوط سيدنا جبريل عليه السلام على منصة رابعة العدوية من ناحية ومن ناحية أخرى وصلت لمرحلة شائعات بوجود سيدات يمارسن الجنس الجماعى مع المعتصمين فى رابعة.. وبين هذين الطرفين يقف الشعب المصرى المسكين لا يدرى أين الحقيقة وأين الصواب.

    الشائعات ياسادة آفة خطيرة وقادرة على جر البلاد إلى منعطفات فى منتهى الخطورة لو لم يتدارك المصريون أنفسهم ويعوا ضرورة تبين الحقائق قبل الحكم على الأشخاص وقبل التصرف فى المواقف. لن أذكركم بمواقف تاريخية كان للشائعات الدور الأكبر فى صناعتها.. لن أذكركم بأحداث الأمن المركزى فى عام 86 أيام الوزير اللواء أحمد رشدى رحمه الله ولن أذكركم بهزيمة هتلر فى الحرب العالمية الثانية ولن أذكركم بهزيمة المسلمين فى غزوة أحد ولن أذكركم بانتصار المصريين على التتار بقيادة قطز.. الخ.

    التاريخ مكتظ بالأحداث المهمة التى غيرت مجرى التاريخ ونحتت شكلا آخر لجغرافيا الأرض وحدود الدول وقيام الحضارات أو اضمحلالها وقد كان للشائعات دور كبير جدا فى هذه الأحداث منذ بدايتها وحتى النهاية. ولقد حذرنا المولى عز وجل فى كتابه الحكيم من الشائعات فى قوله تعالى من سورة الحجرات الآية 6 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» صدق الله العظيم. وأذكر حين كنت فى مكتب التجنيد بأسيوط لاستكمال أوراقى شاهدت لافتة كبيرة فى المكتب أثناء وقوفى فى الطابور مكتوب عليها بخط عريض «لا تروّج للشائعات».. لم أفهم وقتها أهمية هذا الأمر ولكنى بعد عشر سنوات أدركت تماما أن الترويج للشائعات قد يهدم ويدمر ما لا يمكن أن تدمره الآلة العسكرية والجيوش الجرارة. أرجو من حضراتكم «جميعا» أن تتوخوا الحذر وتحرصوا على تحرى الدقة فى الأخبار التى تتداولوها على مواقع التواصل الاجتماعى لأننا على شفا كارثة مجتمعية أدعو الله أن يقينا شرها ويحفظ لمصر أمنها وسلامتها.

    الطوارئ مجددًا
    فهمي هويدي- الشروق
    ابتداء من الساعة الرابعة من مساء الأربعاء الماضى 14/8 ولمدة شهر كامل لرئيس الجمهورية أن يكلف أى شخص فى بر مصر بتأدية أى عمل يخطر على باله، من عجين الفلاحة وحتى إلقاء نفسه فى النيل، مرورا بتطليق زوجته والمشى على يديه فى الشارع. وهذا كلام لا هزل فيه. ولكنه نص قانون الطوارئ الذى لم أضف إليه حرفا، وكل ما فعلته أننى قمت بتنزيل النص على الواقع (لعلم الأجيال التى لا تعرف عجين الفلاحة أذكر بأنه أحد التمارين الشهيرة التى تتدرب عليها القرود لتسلية المشاهدين) وإذا لم تصدق ما قلت فإليك نص المادة الثالثة من قانون الطوارئ الذى سيحكمنا طوال الشهر المقبل: لرئيس الجمهورية متى أعلنت الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابى أو شفوى (تصور!) التدابير الآتية أولا: وضع قيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور فى أماكن أو أوقات معينة، والقبض على المشتبه بهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم، والترخيص فى تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية. وكذلك ــ خذ بالك ــ تكليف أى شخص بتأدية أى عمل من الأعمال (!!). وهذا النص العجيب الذى يعطى رئيس الجمهورية الحق فى أن يأمر ليس فقط كتابة وإنما أيضا شفاهة أى شخص من التسعين مليون مصرى بأن يؤدى أى عمل يخطر له على بال. وفى هذه الحالة فإن «عجين الفلاحة» يعد أمرا واردا بل وهينا للغاية. ولعلم جنابك أيضا فإن المادة الثالثة من القانون سيئ الذكر يعطى الرئيس الحق أيضا فى أن يأمر كتابة أو شفاهة بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها، ومراقبة الصحف النشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم (!) وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها، وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها ــ كما أن له الحق فى الاستيلاء على أى منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات، وله أيضا أن يأمر بإخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة.

    من ناحية أخرى تقضى المادة الرابعة من القانون بتولى قوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه. وإذا تولت القوات المسلحة هذا التنفيذ يكون لضباطها ولضباط الصف ابتداء من الرتبة التى يعينها وزير الحربية سلفه تنظيم المحاضر للمخالفات التى تقع لتلك الأوامر.

    بقية مواد القانون (عددها الإجمالى 20 مادة) تتحدث عن محاكم أمن الدولة الاستثنائية التى سيحال إليها المخالفون لأوامر رئيس الجمهورية وحقه فى وقف المحاكمات أو إلغاء الأحكام أو التصديق عليها. إذ طالما أن له الحق فى أن يطلب من أى مواطن أن يقوم بأى عمل يخطر له على باله، فله الحق أيضا فى أن يتصرف فى مصير المواطن بالصورة التى تعن له. فيحبسه أو يطلقه أو يضعه تحت المراقبة أو يقرر نفيه أو إعدامه!

    المهتمون بالأمر يعرفون أن قانون الطوارئ صدر بعد الحرب العالمية الأولى باسم قانون الأحكام العرفية، وأن سلطة الاحتلال البريطانى حرصت على إصداره قبل إقرار دستور 1923، وكان المراد منه تقنين إمكانية تكبيل المجتمع وإطلاق يد السلطة والأمن فى مقدراته فى المواقف التى تخشى السلطة من تداعياتها، بما يهدد نفوذها. وقد تم تعديل القانون فى عام 1958 أثناء المرحلة الناصرية وأصبح يحمل اسم قانون الطوارئ الذى سبقت الإشارة إلى مضمونه. ومنذ ذلك الحين تحضع مصر لحالة الطوارئ، باستثناء فترات معدودة، الأمر الذى يعنى أنها تعيش فى ظل الطوارئ منذ ربع قرن تقريبا.

    يهدئ البعض المخاوف من تطبيق الطوارئ بدعوى أن أغلب بلاد الدنيا لديها قوانين من ذلك القبيل. وهذا صحيح لكنه حق أريد به باطل، بمعنى أن الأمر يختلف من بلد إلى آخر، من حيث جدية الظروف التى تستدعى إعلان الطوارئ، لأن بعض الدول تفتعل الأزمات أو تخوف منها لتطبيقها، كما أن هناك اختلافا أيضا حول قوة مؤسسات المجتمع من عدمها، لأن وجود المؤسسات القوية كفيل بالحيلولة دون تغول السلطات وطغيانها تذرعا بالطوارئ. ثم إن مضمون القانون يختلف من بلد إلى آخر، حيث لا أعرف مثلا أن بلدا محترما سمح فيه قانون الطوارئ لرئيس الدولة أن يأمر شفاهة أى شخص بأن يقوم بأى عمل وإلا تعرض لعقوبة السجن.

    إن قضية الحريات العامة تظل الضحية الأولى لتطبيق الطوارئ. وهو ما نلمسه فى مصر منذ وقع انقلاب الثالث من يوليو. وإذا كانت أصداء الخوف ومقدمات مصادرة الرأى الآخر قد حدثت منذ وقعت الواقعة، فلم يكن مستغربا أن يتضاعف ذلك الخوف بعد الإعلان الرسمى عن تطبيق قانون الطوارئ، حيث صار الشعار المرفوع ضمنا هو من اعترض صودر وانطرد. وهو ما لم يخطر على بال الذين قاموا بثورة 25 يناير، التى يطاح بأهدافها الآن تحت أعيننا ــ ادعوا لنا بالثبات والصبر.

    في لبنان وفي مصر !
    طارق مصاروة-الرأي الأردنية
    يثير الانفجار الذي ضرب الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت, ردات فعل متناقضة تكشف عن الحالة السياسية اللبنانية المتردية, وتجعل المنزلق الذي يقف عليه لبنان اكثر انحداراً واقصر.. رغم ان الجميع يدرك ان العودة الى المتاريس لم تعد واردة!!
    .. الحكم: رئيس الجمهورية والوزراء والقهرمانات.. جنبلاط، والحريري واخرون يتهمون اسرائيل بأنها هي وراء الانفجار!! وهو اتهام يبدو الأسهل على الدولة.. ثم الاتهام الاقل مشاكل. فلا احد يريد ان يصطدم بغضب حزب الله, وشعوره بأن «مربعه الامني» ليس آمناً!!

    الوحيد الذي يجرؤ على تسمية الاشياء باسمائها هو حسن نصرالله، الذي اعلن ان الانفجار هو من فعل السلفيين الارهابيين. وليس من فعل اسرائيل. وتوعد هؤلاء ليس بملاحقتهم في لبنان، وانما بدفع المزيد من مقاتلي حزب الله الى سوريا: اذا كنا نرسل الفاً فإننا الان سنرسل ألفين! واذا كنا سنرسل خمسة الاف فإننا الان سنرسل عشرة الاف. ثم رمى حاكم لبنان الاوحد القفاز حين قال: واذا تطلب الامر ان اذهب الى القتال في سوريا فسأذهب!!

    في مصر, وقع الهجوم الاميركي- الغربي على النظام الجديد وقع الصاعقة على المسؤول والصحفي والفضائيات الحكومية والحزبية. لكن خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز رد لها الروح. وجاء التأييد الاماراتي والبحريني والكويتي والاردني ليشعر النظام الجديد انه ليس وحده. وأن العرب قادرون على سنده!!

    وحتى لا ننسى فإن اجتماع مجلس الامن بدعوة بريطانيا وفرنسا واستراليا - وليس اميركا -وفشله في التوصل الى ادانة النظام المصري.. يجب ان لا نمر عليه مرور الكرام. فقد كان مندوبا الصين وروسيا وبعض دول عدم الانحياز جاهزين للرد: ليس من وظيفة المجلس التدخل في الشؤون الداخلية للدول!؟

    اشرنا امس الى السيناريو المصري.. والشبه القاتل مع السيناريو السوري. بالوجوه ذاتها الاميركية والاوروبية. فرق واحد هو ان العرب وقفوا ضد النظام السوري لأن النظام آذاهم ولانهم صدقوا اكاذيب الاميركيين والفرنسيين والانجليز. وهم وقفوا الان مع النظام الجديد لانهم يفتقدون مصر ودورها, ولانهم لم يعودوا يقبلون الاكاذيب وتكرار السيناريوهات الدموية المملة!


    المسؤولية عن تفجير الضاحية
    الياس حرفوش-الحياة
    هل كان في امكان لبنان ان يتجنب الارتدادات السياسية والامنية التي كان لا بد من ان ينتهي اليها تدخل «حزب الله» في الحرب السورية؟
    حتى السيد حسن نصرالله نفسه لم يخفِ عندما اعلن للمرة الاولى مشاركة عناصر حزبه في القتال في القصير، انه مستعد لدفع الثمن ولتحمّل تبعات تلك المشاركة وما ستؤدي اليه من ردود فعل. وفي خطابه الاخير بمناسبة ذكرى حرب العام 2006، اكد نصرالله مرة اخرى ما كان متداولاً ومعروفاً من ان التفجيرات الاخيرة التي استهدفت مناطق نفوذ الحزب، وآخرها التفجير الذي وقع في الضاحية الجنوبية لبيروت، هدفها الرد على مشاركة الحزب في الحرب السورية الى جانب النظام. غير ان ذلك لم يدفع نصرالله الى اعادة النظر في موقفه من تلك المشاركة، بل على العكس، فقد هدد من سمّاهم «الارهابيين التكفيريين» بأن تدخل «حزب الله» سيتضاعف وبأن نصرالله مستعد للدخول شخصياً في هذه الحرب، «من اجل سورية وشعبها».

    ما يغفله هذا التهديد من جانب «حزب الله» بتصعيد تدخله في الحرب السورية هو ان الخلاف العميق والانقسام القائم في هذا البلد هو بالتحديد حول مصلحة سورية ومستقبل شعبها. ومع اتساع النزاع في سورية، ومواجهة النظام للتظاهرات السلمية التي قام بها معارضوه في بداية الازمة بالعنف والقمع الدموي، تطور النزاع من مواجهات بين المعارضة والحكم الى حرب طائفية ومذهبية يقف فيها النظام ومعظم طائفته في خندق، فيما تقف اكثرية السوريين المعارضين من الطائفة الاخرى في الخندق المعادي.

    وأي محاولة لإغفال هذا الواقع وإعطاء النزاع صفة اخرى، سواء كانت هذه الصفة وطنية او «ممانعة»، كما تحاول الادوات الاعلامية لـ «حزب الله» ان تصفها، لا تغير في واقع الامر شيئاً. فالواقع ان تدخل «حزب الله» لنصرة النظام في هذه الحرب، ادى الى استعداء اكثرية السوريين، من معارضين ومواطنين عاديين، من الذين يرون ان مستقبل بلدهم لا يضمنه سوى تغيير هذا النظام. فوق ذلك، وبسبب الطبيعة المذهبية للحرب الدائرة في سورية، فقد تحول تدخل «حزب الله» الى نصير لطائفة ضد اخرى، وزاد من وضوح هذه الصورة الخطاب الذي اخذ يطغى على المواقف الاخيرة للحزب ولأمينه العام والتي ما عادت تتردد في التأكيد والمفاخرة بهويته المذهبية، وهو ما كان «حزب الله» يحرص على تجنبه في كل النزاعات التي خاضها في الماضي، مفضلاً اعطاء نفسه صورة الحزب الذي يدافع عن مشروع «وطني» ويعتبر مقاومة اسرائيل الهدف الوحيد لنشاطه السياسي والعسكري.

    هذا التراجع في طبيعة خطاب «حزب الله» انتهى به الى استبعاد اسرائيل من دائرة الاتهام بالمسؤولية عن التفجير الاخير في الضاحية، بعد ان حوّل اصابع الاتهام كلها باتجاه هذه الجماعات «التكفيرية»، من دون ان يكرر الاتهام التقليدي بأن هذه الجماعات تعمل عند اسرائيل.

    بالطبع لا يجوز استبعاد دخول «التكفيريين» على خط اعمال العنف والارهاب في لبنان وفي دول اخرى في المنطقة، من التي اصبحت ساحات للمواجهات والتفجيرات والهجمات الانتحارية، التي تأخذ اليوم طابعاً مذهبياً واضحاً. وبسبب هذه المخاوف كانت الدعوات العاقلة منذ البداية الى ابقاء لبنان في مأمن من هذه المواجهات، من طريق عدم إقحام البلد او اي طرف من اطرافه في الحرب السورية، بسبب ردود الفعل الخطيرة التي يرتبها ذلك على العلاقات الهشّة القائمة بين الطوائف اللبنانية.

    غير ان مواجهة الفكر «التكفيري» وقطع الطريق على دخول لبنان في أتون الحرب المذهبية، التي قال نصرالله ان «التكفيريين» يريدون جرّه اليها، لا يكونا إلا من طريق الابتعاد عن لغة «التخوين»، اي تخوين مواطنين لبنانيين آخرين، لمجرد أن لهم رأياً مخالفاً لرأي الحزب. فالتخوين هو الوجه الآخر للتكفير، اذ انه يرتكز الى الفكر الإقصائي نفسه الذي يحرم الآخر من حقه في الرأي... وصولاً الى حرمانه من حقه في الحياة.

    اما الوسيلة الاخرى لمواجهة «التكفيريين» فتكون من خلال مد اليد الى الاصوات المعتدلة التي ترفض هي ايضاً هذا الفكر في كل الطوائف، وعلى الاخص داخل الطائفة السنّية. ذلك ان محاربة هذه الاصوات ومحاولة القضاء عليها، واتهامها بالعمالة مرة وتخوينها مرات اخرى لا تبقي في الواجهة سوى الاصوات والتيارات المتطرفة، التي يقول «حزب الله» اليوم انه بات ضحية ارهابها.

    التهاب المحيط السوري
    فايز سارة- الشرق الأوسط
    لعل انفجار ضاحية بيروت الجنوبية الذي استهدف أحد مقرات حزب الله اللبناني وأوقع قتلى وجرحى وتدميرا واسعا في المكان، هو أحد التعبيرات الواضحة والفجة عن حالة الالتهاب التي صار إليها المحيط السوري، والتي تشمل البلدان المحيطة بسوريا والبلدان القريبة منها، وكلها تعاني من حالات التهاب سياسي وأمني واقتصادي - اجتماعي نتيجة تطورات الأوضاع في سوريا، أو بسبب انعكاسات بعض نتائجها وتفاعلاتها مع الواقع المحلي في بعض تلك البلدان.

    لقد شهدت سوريا في العامين ونصف العام الماضي، تطورات خطيرة في تأثيرها على المحيط، حيث دفعت سياسات النظام الدموية في القتل والتدمير وتصعيدهما ملايين السوريين نحو بلدان المحيط، كما دفع تدهور النظام وسلطته على الأراضي السورية لتصير الأخيرة ممرا ومقرا لمختلف الأشخاص والتنظيمات وخاصة المتطرفة والمسلحة الراغبة في الانخراط والتأثير على الواقع السوري ومحيطه، وصار بالإمكان إدخال الأسلحة والذخائر إلى مختلف المناطق السورية، ولا سيما تلك القريبة من الحدود، كما أن ضعف النظام في سوريا جعل من دول الجوار والأبعد منها قادرة على لعب دور المتدخل والمؤثر في الواقع السوري، وبالإجمال فقد خلقت تطورات الوضع السوري بيئة وعلاقات جديدة بين سوريا ومحيطها بعد قيام الثورة وفي سياق تطورها.

    إن الأثر المباشر لتطورات الواقع السوري بعد الثورة انعكس في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في دول الجوار السوري والبلدان القريبة منها، ولعل الأبرز والأخطر في تلك التأثيرات يتمثل في جانبين هما السياسي والأمني.

    إن الأبرز في تأثيرات الواقع السوري بعد الثورة تمثل في المتغيرات السياسية، حيث أعادت الثورة وتطوراتها تشكيل المشهد السياسي الإقليمي بصورة عامة، ذلك أن دولا مثل تركيا وقطر والسعودية كانت قريبة من النظام في دمشق ومتوافقة معه انتقلت إلى جبهة الاختلاف معه، كما أن حكومة العراق التي كانت تعادي النظام في دمشق، وتتهمه بممارسة الإرهاب ودعمه في العراق، انتقلت للوقوف إلى جانبه ودعمه، واصطفت الحكومة اللبنانية إلى جانب النظام رغم إعلانها الشهير «النأي بالنفس» عن الانخراط في الموضوع السوري، بينما طورت إيران موقفها من حليف للنظام إلى شريك مباشر له في مواجهة الشعب السوري وثورته.

    وإضافة إلى التغييرات السابقة في الجانب السياسي، فإن متغيرات أخرى حدثت في بعض بلدان المنطقة ومنها الانقسام الحاد في لبنان بين جماعات مؤيدة للثورة في سوريا وأخرى مؤيدة للنظام، بل إن ذلك الانقسام انعكس على شكل تدخل مسلح في الصراع داخل سوريا، حيث دخلت قوات حزب الله للقتال إلى جانب قوات النظام ضد الثورة، ولا سيما في حمص وريف دمشق، مقابل دخول محدود لمتطوعين لبنانيين للقتال إلى جانب الثوار ضد النظام، وساهمت تلك التطورات في تغذية الانقسامات في صفوف الأكثرية الإسلامية من سكان المنطقة، حيث برز انقسام سني - شيعي ربما هو الأخطر في تاريخ المنطقة المعاصر، وترتب في سياقه تنظيم حملات دعم ومساندة طائفية في بلدان في المنطقة وخارجها للذهاب إلى القتال في سوريا ومساعدة النظام، كان أبرز تعبيراتها دخول قوات حزب الله اللبناني وميليشيات شيعية عراقية ومتطوعين شيعة من بلدان أخرى للقتال إلى جانب النظام، وكذلك توافد متشددين وأعضاء في جماعات إسلامية متطرفة ينتمون إلى «القاعدة» وأخواتها وتأسيس جماعات لهم للقتال في سوريا.

    وكان من الطبيعي وفي ظل فوضى السلاح والسياسة في سوريا وانفلات الأوضاع الأمنية على الحدود، وصعود التناقضات والصراعات السياسية، انتقال بعض تعبيرات الصراع وآثاره في سوريا إلى المحيط، ومن ذلك قيام السلطات السورية بإرسال عملاء لها إلى بلدان الجوار، وهي مهمة لم تكن محصورة في متابعة ورصد الأوضاع والحالات السياسية، وإثارة العواصف حول المعارضة هناك، بل أيضا في تأليب الرأي العام في تلك البلدان على النازحين السوريين والقيام بعمليات خطف واغتيال لناشطين، وهناك كثير من الوقائع التي كشفت ذلك في لبنان والأردن ومصر وتركيا.

    كما أن بعض تلك البلدان أصبحت ميدانا لعمليات مسلحة تداخلت أهدافها وتناقضت؛ بعضها كان هدفها أنصار النظام كما حدث في ضاحية بيروت أخيرا، وبعضها الآخر جرى ضد أهداف مناصرة للثورة السورية، وثمة أمثلة من لبنان أيضا، وهناك عمليات أخرى كان هدفها إشاعة الخوف وتعميم الإرهاب على نحو ما كان هدف العمليات الإرهابية في تركيا ومنها تفجير الريحانية قبل أشهر.

    إن خلاصة تأثيرات الوضع السوري على محيطه، تؤكد أنها شملت جوانب متعددة في تلك البلدان، لكن الأبرز فيها هو تأثيراتها السياسية والأمنية التي يمكن القول إنها أعادت رسم ملامح عامة للمنطقة ولبعض بلدانها، وقد تعاظم دور تلك التأثيرات في تفاعلها مع الأوضاع الداخلية في بعض البلدان على نحو ما هو موجود من احتدام طائفي في لبنان، وحضور قوي للجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة في العراق، ومن أزمة سياسية في مصر.

    الأردن .. سيبقى آمنا مطمئناً ولن يسمح للإخوان بتدميره
    رأي الرأي الأردنية
    ان ما شاهدناه الجمعة الماضية من خطاب انقلابي، عبرت عنه هتافات وشعارات قيادات وكوادر الحركة الاسلامية في مسيرة الجمعة الماضية التي نظموها وسط العاصمة عمان،يأتي ترجمة حقيقية لتصدير ازمة اخوان مصر الى الاردن في سابقة خطيرة على الامن الوطني الاردني، وتهديد وترويع للمواطن .
    ان تأييد الدولة الاردنية للنظام المصري الحالي في فرض القانون والامن، ينبع من المصلحة القومية العربية وللحفاظ على مصر قلب الامة، وانسجاما مع مطالب عشرات ملايين المصريين، الذين عدلوا مسار الثورة بعد أن حرفها الاخوان عن الطريق الصحيح من خلال سياسة الاقصاء، واخونة الدولة التي رفضها الشعب المصري.

    ولو ان اخوان مصر اتبعوا لغة العقل بداية وسياسة المنهج السلمي الذي اتبعوه، لما وقع المشهد الدموي الذي أسفر عن سقوط مئات الضحايا بين قتيل وجريح، الا ان اصرار الاخوان على المواجهة والصدام، يكشف بشكل جلي عن اهدافهم الدنيوية في «السلطة»، ولو كانت على حساب الدم المصري وامن البلاد .

    غير أن الاهداف الدنيوية واستراتيجية احتكار السلطة، لدى قيادات الاخوان في مصر، وهي ذات الاستراتيجية ، في فروعها في الدول العربية والاسلامية، كانت الدافع الاساسي للاستعداد لمواجهة مسلحة مع اخوتهم من عناصر الشرطة والجيش المصري،ليقع ما رأينا من سقوط قتلى وجرحى، من الطرفين في مشهد مؤلم ، ندعو الله ان يهدئ البال وان تتبع لغة الحكمة والعقل، وان يجنح الاخوان الى السلم، ويعودوا الى منازلهم واعمالهم، ويمارسوا منهجهم المعتدل في اطار النظام والقانون، لتجنيب البلاد شرور الفتن.
    لكن بدا واضحا، ان لغة العقل اصبحت من الماضي، وان الامور خرجت عن السيطرة كما قال الناطق باسم الجماعة في مصر عصام حداد قبل ايام، والذي تحدث ان الجماعة قد تتحول الى العمل المسلح .مما سيغرق البلاد في حمام دم طويل الامد .

    هذه النتائج والسيناريوهات المصرية، يجب على اخوان الاردن ان يكفوا عن تبنيها، فالظروف في مصر مختلفة تماما عن الظروف في الاردن، ولن يسمح لهم تحت اي ذريعة، ان يكونوا عونا لاخوتهم في توتير الساحة الاردنية .

    فالاجواء الديمقراطية التي تشهدها المملكة والتي تستفيد منها الاحزاب السياسية والشخصيات المعارضة، وجدت من اجل الدولة ومصلحة المواطن، لا من اجل دعم تنظيم تحول الى السلاح لتحقيق اهدافه السياسية، ولن يسمح بتفجير ازمته على الساحة الاردنية تحت ذريعة الحريات، فالامن الوطني خط أحمر، وعلى قيادات اخوان الاردن أن يعوا ذلك .

    ان ما شهدته مسيرة الاخوان الجمعة الماضية من رفع شعارات منها « من دعم الانقلاب يستحق الانقلاب»، فهذه اليافطة ليست عبثية رفعها هاو، فنحن نعلم وقد شاهدنا، امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي الشيخ حمزة منصور، وهو يكتب الشعارات على قصاصة ورق ويسلمها لاحد عناصر التنظيم ليقرأها على الملأ واما الكاميرات.

    اذن، الدعوة الى الانقلاب على النظام الاردني، شعار بات يرفعه الاخوان بشكل صريح وعلني، فهل ستسكت الدولة على هذا تحت ذريعة كما أسلفنا الديمقراطية، وهل يعتقد حمزة منصور وهمام سعيد وزكي بني ارشيد، ان سكوت الدولة عن تلك الدعوات ضعف، أم ان تلك القيادات تسعى لجر الدولة الى السيناريو المصري، ليتحقق تصدير المشهد وتحقيق مبتغاهم، عليهم ان يتقوا الله في ارواح المواطنين وامن البلاد ، فتحقيق مصالحهم الدنيوية لا تستدعي جر الدولة الى الصدام، وعليهم ان ينصرفوا الى منهجهم المعتدل في الوعظ والارشاد .
    الا انه بات واضحا ان خطاب الوعظ الذي ينتهجه الاخوان تحول الى خطاب كراهية ونفور واتبع مبدأ ، « ان لم تكن معي فأنت ضدي»، بل ذهبوا في مصر الى اكثر من ذلك، رفعوا السلاح بوجه النظام على اعتبار انه تيار ليبرالي يساري علماني كافر، وشرعوا قتاله، بل ان رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي « إخوان « دعا مؤخرا جموع المسلمين في العالم العربي والإسلامي بالوقوف جوار مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، مطالبهم بالذهاب إلى مصر لرؤية «المذابح» التى تحدث، ولنيل الشهادة بجوار إخوانهم في نصرة الإسلام.

    دعوة القرضاوي، تحريض واضح ، على اعادة تصدير السيناريو السوري في مصر، وهل ينقصها الامة، فتن وخراب ودمار، ألم ينتبه الشيخ القرضاوي لما ألم بملايين المواطنين السوريين من مآسي وآلام، ألم يتعظ ، ويكون ناصحا للامة في حقن دمائها.

    أخيرا، علينا في الاردن، ان نكون متكاتفون ، وان لا نسمح لاي أحد باستحضار تجارب الغير الدموية، وان يستورد ازمته لاشعال الساحة الاردنية، لتقديم العون له على حساب الدم الاردني، فهذا لن يحدث ولن يسمح فيه، وعلى القيادات الاخوانية ان تعي خطورة المشهد، وان تتبع لغة الحكمة والعقل، وان يجنبوا البلاد مخاطر التأزيم و الصدام .

    مواجهة ممولة بين السلفيين في الأردن
    ماهر ابو طير-الدستور الأردنية
    في الأردن تياران للسلفيين،الأول السلفية التقليدية المنشغلة بالعلم الشرعي والدعوة، والسلفية الجهادية التي تتبنى مبدأ القتال، و مرجعيتها القاعدة.
    عدد المنضوين تحت لواء الاولى بالمئات في مناطق مختلفة من المملكة والتقديرات تتحدث عن ألف سلفي تقليدي تقريبا،فيما عدد السلفيين الجهاديين يصل الى خمسة الاف سلفي جهادي بمن فيهم الثمانمئة سلفي الذين يقاتلون في سورية،والعلاقة بين التيارين سلبية وصامتة دون مواجهات مفتوحة حتى الآن.

    غير ان هناك مواجهة في الافق، بعد المعلومات التي تتحدث عن دعم مالي كبير تلقاه تيار السلفية التقليدية في الاردن،وهذا التيار يتلقى الدعم دائما وبشكل تقليدي من عواصم معينة وممولين عرب،إلا ان دعمه زاد مؤخرا في سياق الرغبة بتوظيفه ضد التيارات الاسلامية المتطرفة والتي على رأسها السلفية الجهادية،وفي سياق تقويته في سياق مايراه الممولون حربا دينية ومذهبية في المنطقة.

    لن يكون ممكنا الاقرار هنا من جانب السلفية التقليدية بتلقيهم مؤخرا لدعم كريم في سياق الرفض التقليدي لما قد يعتبرونه اتهاما لهم.
    السلفية الجهادية في الاردن والتي يبلغ عدد عناصرها مايزيد عن خمسة الاف تتمدد بشكل غريب،يفوق السلفية التقليدية،ولربما فكرة القتال ضد الظلمة تشكل جاذبية كبيرة لدى كثيرين،والمعلومات تقول إن السلفيين الجهاديين يتركزون في معان والزرقاء،وبدأ جمهورهم بالازدياد في المخيمات وخصوصا مخيم البقعة الذي يزيد عدد السلفيين الجهاديين فيه عن خمسمئة بالاضافة الى تمدد اخر جديد في مخيم حطين ومخيم اربد وغير ذلك من مواقع،وجاذبية هؤلاء لاتتراجع على مايبدو.

    المواجهة المؤجلة بين السلفيين التقليديين والسلفيين الجهاديين،لن تبقى مؤجلة الى اشعار غير محدد،اذ ان هناك مؤشرات على مواجهة مقبلة على الطريق بين الاتجاهين،خصوصا،ان هناك تقديرات محلية في عمان،وتقديرات اخرى لعواصم عربية ترى في السلفية الجهادية خطرا ماحقا لابد من استئصاله،واحدى وسائل مواجهة السلفية الجهادية ستكون عبر السلفية التقليدية ذاتها،وعبر منهاج ديني وشرعي،يخطئ هذا الاتجاه في محاولة لحصر مساحات تمدده في الأردن والمنطقة عموما.

    على الرغم من ان المواجهات بين الاتجاهين اطلت برأسها في تواقيت معينة،الا انها بقيت محصورة في اطار المحاججة،والمعلومات تقول إن هذه المواجهة سوف تتخذ شكلا آخر، خصوصا حين تبدأ السلفية التقليدية بالسعي للتمدد في ذات بؤر تمدد السلفيين الجهاديين،وهذا يعني اننا سنشهد في الاغلب احتكاكات في مدن ومخيمات بين الاتجاهين،على عكس حالة الهدوء التي كانت قائمة وموقعة بالاحرف الاولى بين التيارين في الاردن.

    معنى الكلام ان قرارا ما على مايبدو تم اتخاذه للبدء في حصر السلفية الجهادية في الأردن ودول اخرى،والقرار هنا،بقدر كونه أردنيا الا انه عربي في ذات الوقت،وهذا يعني ان قرار حصر السلفيين الجهاديين قرار اقليمي في المنطقة،خصوصا، مع تداعيات الملف السوري، والسيناريوهات المحتملة التي تضع في حسابها ارتداد قوة السلفيين الجهاديين في المآلات على الأردن ودول خليجية وبقية دول المنطقة.

    ليس من مصلحة الاردن حدوث مواجهة بين السلفية التقليدية والسلفية الجهادية فهذه مواجهة غير مأمونة النتائج والعواقب،وقد تبدأ بكلام وتنتهي بدموية،خصوصا،ان احد الفريقين يتبنى القتال عقيدة له، وهذا يعني ان السعي لتوظيف السلفية التقليدية ضد السلفية الجهادية قد لاينجح الا في زيادة عدد السلفيين في الاتجاهين من باب التحشيد والتحشيد المضاد،وسيؤدي ايضا الى انفلات ردود الفعل من عقالها،لان لاضمانة ان تبقى كل القصة محصورة بالحوارات والمراجعات،وقد تنزلق بنا الجماعتان إلى ما لايحمد عقباه،خصوصا،حين يشتد الصراع على مناطق نفوذ اجتماعية غارقة اصلا بحساسياتها وتعقيداتها.

    المواجهة بين السلفيين التقليديين والسلفيين الجهاديين،كانت مؤجلة بقرار داخلي في ذات بنى السلفيين من الاتجاهين،وبقرار اردني وعربي،غير ان الواضح ان احتمالات انفجار المواجهة بين الطرفين مقبلة على الطريق،بعد ان وصلت جدولة الصراع الى سقفها النهائي.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 391
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-07, 11:41 AM
  2. اقلام واراء عربي 390
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-07, 11:40 AM
  3. اقلام واراء عربي 389
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-07, 11:39 AM
  4. اقلام واراء عربي 388
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-07, 11:38 AM
  5. اقلام واراء عربي 303
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-23, 12:50 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •