النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 27/05/2014

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء عربي 27/05/2014

    في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
    2014… عام المصالحات
    بقلم: عماد زقوت عن القدس العربي
    مصالحة «فتح» و«حماس»: مشكلاتها وأبعادها
    بقلم: ماجد كيالي عن الحياة اللندنية
    المصالحة من زاوية حركة حماس
    بقلم: يوسف فخر الدين عن الحياة اللندنية
    لا نحتاج إلى مباركة الفاتيكان للمفاوضات
    بقلم: لميس أندوني عن العربي الجديد
    الرسائل السياسية لرحلة البابا الرعوية
    بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الاردنية
    مفاجآت البابا
    بقلم: مازن حماد عن الوطت القطرية

    مرة أخرى.. حماس بين المطرقة والسندان
    بقلم: سعيد الحاج عن رأي اليوم اللندنية
    مسيحنا الفلسطيني الأنطاكي
    بقلم: عقل العويط عن النهار البيروتية
    باختصار .. مصر تنتخب
    بقلم: زهير ماجد عن الوطن العمانية
    رهان الإخوان بعد الانتخابات
    بقلم: محمد السعيد إدريس عن الخليج الاماراتية












    2014… عام المصالحات
    بقلم: عماد زقوت عن القدس العربي
    المؤرخون ستغلب عليهم مصطلحات المصالحة، والشراكة، والتفاهم، والتقارب، عندما يسجلون أحداث عام 2014، وخاصة حركة حماس التي عملت جاهدة على التصالح مع حركة فتح، وها هو اتفاق غزة بدأت ثماره في النضوج، وعما قريب سنشهد حكومة توافق فلسطينية، والتي سيعلن عنها في 28 أو 29 من شهر ايار/مايو من العام 2014، وحينئذ ستشهد الساحة السياسية الفلسطينية حيوية، وفعالية، باعتبار أن اللون والاتجاه الواحد لا يضفي على العمل السياسي إلا القتامة، سواء في الضفة، أو غزة، وبالتالي يختفي التدافع بين الحاكم والمعارضة، وهذا ما لم يخدم القضية والشعب الفلسطيني، فأي نظام سياسي لا تكون ضمن مكوناته السلطة، والمعارضة، يصبح نظاماً خالياً من أي نوع من العمل السياسي الصحيح.
    وبالتالي المصالحة الوطنية ستحقق للشعب والقضية الفلسطينية حيوية العمل السياسي، وافساح المجال للكفاءات الوطنية، للعمل وخدمة الشعب، وهنا لا أقصد بالكفاءات الصورة الذهنية عنهم، بأنهم التكنوقراط، والاكاديميون، والمستقلون فحسب، ولكن أضف عليهم المتأطرين ضمن إطار سياسي، وفصائلي، وبذلك تكتمل الصورة الوطنية الفلسطينية، وهذا يعود بالنفع على قضيتنا، وشعبنا، ولأن الوطن بحاجة للجميع.
    وبناءً عليه ندعو أصحاب القلم، والفكر، والرأي، والكلمة، إلى نصرة المصالحة، ودفع عجلتها إلى الأمام، ولنعلم جميعاً بأن مضار المصالحة الفلسطينية الفلسطينية لن تكون في أي حال من الأحوال أكثر من منافعها.
    وأيضاً من المتوقع أن يشهد عام 2014م عودة العلاقات بين إيران وحماس، وذلك وفق المؤشرات التالية:
    اللقاء الذي جمع السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس مع مساعد وزير الخارجية الإيراني في الدوحة، والذي امتاز بأجواء إيجابية.
    ما تحدثت عنه قناة الميادين المقربة من إيران بأن وفداً من حركة حماس زار طهران مؤخراً، وأجرى لقاءات مع مسؤولين إيرانيين.
    دعوة رئيس الوزراء إسماعيل هنية لإلقاء كلمة عبر الفيديو كونفرنس في افتتاح مؤتمر اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، والذي تشرف عليه الحكومة الإيرانية، والذي سيتحدث في افتتاحيته الرئيس الإيراني قبل أن يستمع إلى كلمة هنية.
    وأيضا أشير إلى اتصالات الدكتور محمود الزهار القيادي البارز في حركة حماس مع المسؤولين الإيرانيين لم تنقطع، وكذلك من المتوقع أن يكلل كل ما سبق بزيارة السيد خالد مشعل لطهران خلال الفترة المقبلة، ويلتقي خلالها الرئيس روحاني.
    وهذا حقيقة تؤكد مرونة وإيجابية الدبلوماسية الحمساوية، التي نجحت في ترطيب الأجواء والتي أثمرت عن عودة العلاقات بين الجانبين، وكذلك كان للدبلوماسية الإيرانية دور إيجابي في ذلك، فهي لم تقطع شعرة معاوية مع حماس.
    وكذلك من الواضح أن تحسناً طرأ على تعامل السلطات المصرية مع حركة حماس، والتصريحات التي أدلى بها المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي، فيها الكثير من الإيجابية، والتي فتحت الباب أمام عودة العلاقات، ومن المتوقع أن ترتقي تلك العلاقات إلى الأفضل بعد الانتخابات الرئاسية المصرية، خاصة بعد نجاح جهود المصالحة الوطنية، وتشكيل حكومة موحدة، والتي لمصر دور كبير فيها.
    وكل ذلك يؤكد أن لدى حركة المقاومة الإسلامية حماس رؤية واضحة، بأنها لن تستغني عن أي من العلاقات مع أي دولة سواء عربية، أو إسلامية، أو حتى غربية، لأن كل ذلك يصب في صالح الشعب الفلسطيني وقضيته، وفضلاً عن ذلك أنها حرصت على نجاح جهود المصالحة، حتى تعود للشعب الفلسطيني لحمته، وأن تعزز من صموده.فنتمنى أن لا ينتهي عام 2014م إلا وقد تغيرالحال إلى الأفضل، وباتت المصالحةعنوانه.

    مصالحة «فتح» و«حماس»: مشكلاتها وأبعادها
    بقلم: ماجد كيالي عن الحياة اللندنية
    لا تتوقف مشكلة الفلسطينيين عند انقسام كيان السلطة بين الضفة وغزة، وبين «فتح» و»حماس»، إذ أنها تشمل مجمل نظامهم السياسي، أي المنظمة والسلطة والفصائل، التي باتت جدّ متقادمة ومستهلكة.
    الأسوأ أن هذه المشكلة تشمل أيضاً تصدّع رؤية الفلسطينيين لذاتهم كشعب، مع ضمور وعيهم بهويتهم الوطنية، وتراجع تعريفهم للمصير المشترك، بواقع تآكل إجماعاتهم السياسية، وتهمّش كيانهم الجمعي (منظمة التحرير) لصالح السلطة، وتحوّل مفهومهم للتحرر الوطني، الذي غدا يقتصر على إقامة سلطة لجزء من الشعب على جزء من الأرض.
    القصد أن عملية المصالحة الجارية بين «فتح» و «حماس»، المتضمنة استعادة وحدة الكيان الفلسطيني، على أهميتها وضرورتها، تبدو بمثابة محاولة لتخفيف المشكلات التي يعاني منها هذان الفصيلان المهيمنان في الحقل السياسي الفلسطيني، لجهة الشرعية والمكانة والدور، ولجهة إخفاق الخيارات التي أخذها كل منهما على نفسه، سواء في التسوية أو في المقاومة.
    بيد أن اقتصار الأمر على قضية المصالحة بين الفصيلين المعنيين لا يقلل من الصعوبات والتعقيدات المتضمنة في جوانبها أو متطلباتها على الصعيد السياسي والأمني والاجتماعي، بعد انقسام دام سبعة أعوام، مع ما ترتب عليه من ترتيبات وتبريرات.
    على صعيد وحدة الكيان الفلسطيني، مثلاً، ثمة مشكلة تتعلق بالأعباء الإدارية والمالية الناجمة عن دمج إدارات ومؤسسات السلطتين في الضفة وغزة، هذا اذا تجاوزنا المشكلات السياسية والسيكولوجية لهذا الأمر.
    معلوم أن «المفاوضات» بين الطرفين أثمرت عن التوافق على دمج حوالى 40 ألفاً من الموظّفين في السلك الأمني والإداري والخدمي، من الذين عيّنتهم «حماس» في غزة، عوض موظفي السلطة الغزّيين الذين كانوا استنكفوا عن العمل بعد الانقسام (عام 2007)، ما يعني ارتفاع عدد موظفي السلطة في الضفة وغزة من 153 ألفاً إلى قرابة مئتي ألف، مع أن السلطة تعاني أصلاً من تضخّم في عدد الموظفين لديها، ومن تضخّم أجهزتها الأمنية، ومن افتقادها للموارد الذاتية، واعتمادها على دعم الدول المانحة.
    السؤال الآن، هل زيادة الأعباء المالية تساعد في تعزيز استقلالية الفلسطينيين، وفي تعزيز المنحى التحرّري في خياراتهم الوطنية؟ أم أنها تؤدي إلى ترسيخ اعتمادهم على الخارج، وبالتالي تضعف قدرتهم على انتهاج الخيارات التي تتناسب مع حقوقهم الوطنية؟ والحال، فإنه من المستغرب أن لا تولي حركة وطنية، بعد كل هذه التجربة، الاهتمام المناسب لتعزيز اعتمادها على ذاتها، وعلى شعبها، بدل جعل شعبها يعتمد عليها، وبالتالي على الموارد التي تأتي من الدول المانحة، وهي هنا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا واليابان والسعودية وقطر والإمارات، مع كل الانعكاسات السياسية التي قد تنجم عن ذلك على صانع القرار الفلسطيني، وعلى طبيعة الخيارات الفلسطينية.
    في هذا الإطار أيضاً، ينبغي الأخذ بالاعتبار ضعف القطاعات الاقتصادية الفلسطينية، وعلاقات التبعية التي تربطها بإسرائيل، بواقع علاقات القوة والهيمنة، علماً أن معدل البطالة بين الفلسطينيين في الضفة والقطاع، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (صحيفة «الأيام» 7/5)، بلغت 29.3 في المئة، أو 328 ألف شخص (من حوالي 1.253 ألف شخص)، يضاف اليهم 110 آلاف من العمال الفلسطينيين الذين يشتغلون في إسرائيل، ما يضفي مدلولات أكبر وأخطر على هذه المسألة.
    أما بالنسبة لقضية تشكيل الحكومة، وتوحيد أجهزتها الإدارية والأمنية، فهذه لا تقل إشكالية عن سابقتها، ذلك أن التوافق الفتحاوي الحمساوي انصبّ، على الأرجح، على مجرد تشكيل حكومة واحدة للسلطة، وتهيئة متطلبات نجاحها، وفق معايير الحد الأدنى، الإداري، وليس السياسي. هكذا، تم التوافق على حكومة تكنوقراط ومستقلين، مع عدم إجراء أي تغييرات في الجهازين الإداري والأمني في قطاع غزة (كما في الضفة بالطبع). وبديهي أن ذلك يعني ابقاء التشكيلات العسكرية، والسيطرة الأمنية، لحركة «حماس» في قطاع غزة على حالها، أقله إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي من المتوقع أن تتأخّر كثيراً.
    على هذا الأساس أيضاً تم التوافق على تجاوز تقديم الحكومة لبرنامج سياسي يوضح أو يحدّد توجّهاتها، وذلك بإحالة الملف التفاوضي إلى منظمة التحرير، وباعتبارها حكومة أبو مازن، وهذا ما أعلنه الرئيس الفلسطيني لدى مخاطبته الأطراف الدولية المعنية (لا سيما الولايات المتحدة)، لصدّ اعتراضاتها على المصالحة.
    المشكلة، أيضاً، أن مسألة المصالحة، وحتى بغض النظر عن الرؤية السياسية التي تنبني عليها، يفترض أن تفضي إلى مسألتين: الأولى، إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لحسم حال الازدواجية في السلطة، والانتهاء من واقع الاختلاف والانقسام بشأنها، وأيضاً، من أجل تعيين موازين القوى السياسية الراهنة في إطار المجتمع الفلسطيني. والثانية، تتعلق باستيعاب حركة «حماس» في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها بمثابة القيادة المرجعية للسلطة، والكيان السياسي والمعنوي الممثل للفلسطينيين في الداخل والخارج.
    المعنى أن الفلسطينيين هنا أيضاً، وبغض النظر عن أية خطوط أو خيارات سياسية، يقفون إزاء مشكلة التناقض في نظامهم السياسي، بين ارتكاز منظمة التحرير على ما يسمّى «الشرعية الثورية»، وهو تعبير مهذّب لنظام المحاصصة الفصائلي (الكوتا)، وبين الشرعية التمثيلية التي تتمخّض عنها العملية الانتخابية وفق صناديق الاقتراع.
    وبينما يضمن الشكل الأول الحفاظ على منظمة التحرير كإطار سياسي جامع للفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، فإنه ينطوي، أيضاً، على إبقاء النظام السياسي القديم على حاله، رغم أن الزمن تجاوزه، وكذا التطورات في مجتمع الفلسطينيين، وفي وعيهم وتجربتهم، وخاصة أن ثمة فصائل لم يبق منها سوى الاسم. أما الشكل الثاني، فعلى رغم أنه يضمن تمثيلا للقوى السائدة، أو الصاعدة، في الضفة وغزة، إلا أنه لا يأخذ في اعتباره الفلسطينيين في مناطق اللجوء والشتات، ويزيد من تهميشهم.
    طبعاً، لم يتم حل هاتين الاشكاليتين، أي تحول النظام الفلسطيني (المنظمة والسلطة) نحو الشرعية التمثيلية ـ الانتخابية ـ الديموقراطية، كما لم يتم الحسم بشأن تعميم الانتخابات على مختلف تجمعات الشعب الفلسطيني، وحيث أمكن ذلك. وتالياً لذلك، فلم يتم حسم قضية تمثّل حركة «حماس» في إطار المنظمة، بما يتناسب وحجمها في المجتمع، وفي إطار الصراع ضد إسرائيل. والراجح أن القيادة الفلسطينية تعمل على تأجيل هذا الاستحقاق، وربما صرف النظر عنه، مستغلة ضائقة «حماس» في هذه الظروف.
    على ذلك فإن الفلسطينيين يقفون اليوم إزاء نوع من الشراكة على إدارة السلطة، بين «فتح» و»حماس»، مع ملاحظة أن هذه الإدارة لا تشمل البعد السياسي، كما لا تشمل وضع منظمة التحرير.

    المصالحة من زاوية حركة حماس
    بقلم: يوسف فخر الدين عن الحياة اللندنية
    يحصل أن يعمل السياسيُّ لخدمة ما يرفضه لفظاً من دون دراية. هذه الفرضية يمكن أن تجد دلالاتها في نتائج فعل الجماعات السياسية بشكلٍ أوضح، ومثال حركة حماس في الوضع الفلسطيني قد يكون دليلاً على صحتها. فالحركة التي كانت ترفض التسوية القائمة على حلِّ الدولتين جملة وتفصيلاً، عرفت محطات عدّة قبل أن تصل إلى حيث صنعت مؤسسات دولة لم تخرج في واقع الحال عن سياق لطالما اعلنـت عن رفضه بالجملة.
    وهذا الأمر وضعها في تناقض بين ضرورتين مختلفتين، واحدة لبرنامجها السياسي المنتمي الى حركات التحرر الوطني، إلى هذا الحد أو ذاك، والثانية لمؤسسات حكم أنشأتها وصار لها حياتها المنفصلة بما فيها من مصالح وثقافة.
    وإذا كانت العصبية الإيديولوجية، بمعونة الجهاز العسكري للحركة، فرضت خطابها وضغطت على التعبيرات الدولتية فيها وعملت على تطويعها لخدمتها، إلا أن التطورات الأخيرة في المنطقة، بما فيها الانقسام الحادّ (السنّي-الشيعي) والانقلاب في مصر، وضعت الحركة في مواجهة استحقاقات تقوّي المؤسسات وتظهرها حلاً لمصير بدأ يلوح في الأفق أو على الأقل تتعاظم الهواجس منه.
    ففي المنطقة ترجّح الأوضاع الناتجة من «الربيع العربي» سيطرة الفوضى لزمنٍ ليس بالقصير، فتظهر فيها قوى ومصالح وأفكار جديدة، وتتغير التحالفات مرة بعد مرة بتغير المصالح وبفعل المستجدّات في واقع سيّال. وفي الوقت الذي يتوقع أن تميل قطاعات من الناس باتجاه ما تتأمل منه إعادة الاستقرار والأمن، يغلب أن ترفض أخرى ما تعتبره ضيماً لها ونصراً لظلاّمها بعد كل ما تعرضت له من ضرر.
    إلا أن التفاوت في المصائر، على مستوى المنطقة، والبلد الواحد، على المدى المتوسط سيبقى سائداً حيث يرجح أن تكون الغلبة في كلِّ بلدٍ لتيارات على حساب أخرى مرتبطة بالمدى الذي وصل إليه الصراع، والمزاج العام السائد، ومسلك الفاعلين الإقليميين. في هذا الوقت يميل الناس في البلدان التي لم تصل إليها موجة الثورات باتجاه اختيار الاستقرار الذي تجلبه المؤسسات القائمة، وإن كان على حساب حقوقهم المهضومة، تحسّباً من دخول منطقة الفوضى.
    وبدورها تمتلك حركة حماس مؤسسات حكم مستقرة (وإن على أزمة) في قطاع غزة. وهذه المؤسسات معنيةٌ أيضاً بالاستقرار على خلاف خطابها «الثوري»، وتشعر بالخطر الداهم من حُكمٍ مصريٍّ غاضبٍ على الإخوان المسلمين ومُصرٍّ على الانتقام منهم لدورهم في الثورة عليه ولخوفه من قدرتهم على النهوض لمنازعته. وهذا ما طرح على حماس الاختيار بين انتظار قدرها بتعنّت، أو محاولة إيجاد مخارج عبر المصالحة مع حركة فتح والدخول في النظام السياسيّ الفلسطينيّ بعد أن حاولت أن تكون بديلاً منه.
    وقد وصلت حماس إلى المصالحة حركةً أخرى غير تلك التي انقلبت على سلطة الحكم الذاتي المحدود التي نشأت عن أوسلو. فقد أضافت السنوات الثلاث الأخيرة الكثير إلى الخبرة السياسية التي حازتها بين الحدثين، والمقصود تجربة التفاؤل بانتصار الإخوان المسلمين في المنطقة في سياق «الربيع العربي» وما شهدته من تدهور في وضعهم بدلاً من ذلك. ومما تختلف فيه الحركة اليوم أنها عرفت الحكم وبنت مؤسسات له، وأنها تدخل المصالحة وفيها آلاف من الخريجين، من جامعاتٍ قطاع غزة التي أشرفت عليها، وممن عادوا من الجامعات الإسلامية، ودرسوا اختصاصات مختلفة منها علوم الإدارة والسياسة والاقتصاد، وهم متحفزون للمساهمة في بناء الدولة. وهم أكثر تمثلاً لـ «الحداثة» من أسلافهم، ومنهم من درس التجربة الماليزية والتركية (بعضهم في جامعاتهما) ويسود لديهم طموح نقل تجربة نظرائهم في البلدين. ومنهم من اجتهد في تقليب أحوال مؤسسات الحكم في قطاع غزة، وأنتجوا وجهة نظر في ما يعتبرونه مميزاتها وعيوبها.
    هؤلاء، لكلّ ما سبق، ورغماً عن بعض تفاصيل رأيهم السياسي الآني، يشكلون إسناداً كبيراً لخيار الدولتين، تحديداً لأن وعيهم وتجربتهم تشكّلا في ظلِّ قطيعةٍ كاملة مع الاحتلال الإسرائيلي، ولما تبعث عليه عقيدتهم من اهتمام ببناء المجتمع المنفصل وإن على حساب الأرض. ما يدعم الفرضية التي انطلقنا منها، حيث يتلقى النظام السياسي الفلسطيني المنهَك دعماً غير متوقع ممن واجهوه وانقسموا عنه وخاضوا حربين مع إسرائيل تحت عنوان رفض خياراته السياسية.
    ما سبق ليس بالنهائي، فحماس لديها مشكلاتها التي نتجت من جذورها الإخوانية، وهي التي منعتها من قيادة الحالة الفلسطينية حينما توافرت الظروف لتفعل. والعقيدة لديها هي صمغ العلاقة بين كتلٍ تمتلك الكثير من التناقضات، وهو ما تبدي قيادتها السياسية حرصاً عالياً على عدم المسّ به خوفاً من التفكك. وهذه، تخوض اليوم غمار امتحان سيوضح مدى قبولها الوطنية الديموقراطية.
    إلا أن المراجعات الواسعة التي تجرى في صفوف الإخوان المسلمين، وعودة نموذج حركة النهضة التونسية ونجاحاتها في الشراكة مع القوى الأخرى إلى موقع الإلهام، إضافة إلى نجاحات حزب العدالة والتنمية التركي، وما أسلفنا ذكره من أخطار... تدعو للتفاؤل بأن تكون النتائج لمصلحة الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يتناسب مع طموحات شريحة ليست بالقليلة من مثقفي حماس الشباب، ومع حرص المؤسسات في غزة (بما هي كيان مدرك لذاته ومصالحه) على الاستقرار والنمو.
    يبقى القول إن من غير المعلوم مدى إدراك محمود عباس لجوانب الفائدة التي يجنيها النظام الذي يقف على رأسه من المصالحة، إضافة الى ما لا بد من أنه يعلمه من فائدة سياسية مباشرة، ولا إن كانت حماس قادرة على التأقلم مع ما بنته بيديها من مؤسسات واحتياجاتها بعد أن يحوز ما بنت استقلاليته عنها، أو كيف ستتعامل مع هذا الأمر، تحديداً أنه سيمرُّ عبر وحدةٍ سياسية تحرمها من احتكار السلطة تحت غطاء حكمٍ إسلاميٍّ غير معلن عنه ولكنه يرضي مكوناتها عقائدياً ويهدئ من خلافاتهم السياسية.
    وفقط حينما تتضح معالم الإجابة عن هذه الأسئلة، مضافاً إليها استعداد بنية فتح المتهالكة للتعامل مع شريكٍ قويٍّ ضمن نظامٍ سياسي واحد، يمكن توقع مسارات الصراع البيني في النظام وصراعه مع إسرائيل الشريك-العدو الذي لا يبدو أي أفق للفكاك منه.

    لا نحتاج إلى مباركة الفاتيكان للمفاوضات
    بقلم: لميس أندوني عن العربي الجديد
    تمنيت، وإن كان التمني فيه الكثير من السذاجة، أن لا يدخل البابا، فرانسيس، على خط محاولة إنقاذ أو إحياء "عملية السلام الموهوم" البائسة، بل أن يأخذ موقف شاهد حق: فمن يرى الاحتلال ويبقى حيادياً، لا مكان لعدالة في رؤيته، أو مواقفه.
    كانت هناك لحظة بدت مختلفة، فصورة البابا، فرنسيس، وهو يصلي أمام جدار العزل العنصري، أقرب إلى إدانة صارخة للاحتلال الإسرائيلي، لكن دعوته شيمون بيريز ومحمود عباس إلى الفاتيكان لحثهما على "السلام" تضع كل الرحلة في سياق عملية المفاوضات الأميركية، وتنسف أية رمزية مهما كانت قوية.
    تجاهلت الصحف الغربية، خصوصاً الأميركية، رمزية الصورة، وإن نشرتها، بل، وبالعكس، حاولت، في النص المرافق، تصوير الجدار أنه ضرورة أمنية إسرائيلية، وأن سرقة الأراضي وتفريق العائلات ما هي إلا ادعاءات فلسطينية.
    حاول البابا أن يبعث رسالة إلى الطرفين بأنه يحس بآلام شعبين، ويقر بروايتين للتاريخ، وإن يعني ذلك الاعتراف بفلسطينية الأراضي المحتلة عام 1967، لكنه لم يتحَدّ مفاهيم الصهيونية الأساسية، بل كرّسها في زيارته قبر ثيودور هيرتزل ونصب الهولوكوست.
    لم يكن ذلك مستغرباً، فالفاتيكان كيان سياسي، وليس دينياً فقط، وفي الماضي، تماهت مواقفه مع القوى الغربية، وتواطأ معها، خصوصاً لتقويض الشيوعية وضرب تيار اللاهوت التحرري الثوري في الكنيسة الكاثوليكية في أميركا اللاتينية.
    الفاتيكان حساس، أيضاً، للابتزاز الصهيوني، بشأن دور الكنيسة الكاثوليكية، في التواطؤ، أو على الأقل، السكوت على الهولوكوست، مما جرّ البابوات إلى الرضوخ وربط قيام الدولة الصهيونية وتأييدها، وكأنها شهادة براءة من أية جريمة، حقيقية أو مجرد ادعاء.
    الفلسطينيون المسيحيون، وفلسطينيون مسلمون كثيرون، تعاملوا مع الزيارة باعتبارها فرصة سياسية وإعلامية لإيصال صوتهم، فمهد المسيح مدينة بيت لحم محاصرة بالجدار القبيح، ومهددة بخسارة مزيد من الأراضي، لبناء مستعمرات يهودية لخنقها.
    استبق الاحتلال الشكوى الفلسطينية، ودمر غابة الأمم، وهي من رموز المقاومة السلمية، التي تواجه الدبابات بزرع الأشجار لتثبيت هوية الأرض، قبل أقل من ثمانية واربعين ساعة من بدء رحلة البابا، في رسالة واضحة أنها القوة الحاكمة وستبقى.
    عمل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وبكل صفاقة، على سرقة اللحظة، فتباكى على مصير المسيحيين في المنطقة، وهي عادة إسرائيلية قديمة، لصرف أنظار الغرب، والمسيحيين في العالم، عن جرائمها ضد الفلسطينيين، مسيحيين ومسلمين. فأهم ما تسعى إليه القيادة الإسرائيلية هو إضفاء أخلاقية على جريمة تاريخية مستمرة، وأسهل طريقة هي ادعاؤها بحماية مسيحيي المنطقة، وكأن البابا لم يلتق مسيحيين فلسطينيين، ولا يدري معاناتهم، وكأن الجدار العازل لا يؤثر على حياة المسيحيين، وكأنه لا يخنق بيت لحم بمسلميها ومسيحييها.
    من الخطأ توقع الكثير من زيارة البابا، على الرغم من أنني أتفهم رغبة الفلسطيني، خصوصاً في الداخل، في ايصال روايته وشرعيتها إلى العالم، لكن، أياً كانت إيجابياتها، فإن دخول الفاتيكان على خط إحياء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ينسف رمزيةً كسبها الفلسطينيون، ولو للحظات في جولة البابا.
    أحسن ما حصل أخيراً فشل وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في التوصل إلى اتفاق إطار لحل المسائل النهائية، كما تسمى، فإذا كان البابا يريد فتح الباب، أو توسيع باب العودة إلى المفاوضات، فلا يحتاج الفلسطينيون إلى أضرار جديدة، وليدعهم البابا وشأنهم. فهم لا يحتاجون إلى مباركة روحية لمفاوضاتٍ، أسُسُها وأهدافها غير أخلاقية وغير عادلة، ومباركة الفاتيكان لها، إذا ما حصلت، ما هي إلا تواطؤ في الجريمة، فليعفنا البابا منها.

    الرسائل السياسية لرحلة البابا الرعوية
    بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الاردنية
    أن يأتي قداسة البابا فرانسيس الأول فلسطين من أبوابها، وبوصفها كياناً قائماً بذاته، لا “ملحقاً” تابعاً لدولة الاحتلال والاستيطان، فتلكم هي أولى الرسائل، المشبعة بالمعاني والدلالات، التي حرص قداسته على توجيهها في مستهل رحلته إلى الأراضي المقدسة ... درجت العادة، أن يخصص زوار فلسطين الكبار، هامشاً من وقتهم وجدول أعمالهم، لزيارة رام الله أو بيت لحم، بعد أن تكون مراسم زياراتهم لإسرائيل قد استكملت... المؤكد أن ترتيباً كهذا، ينقل البابا من عمان إلى بيت لحم، مباشرة ومن دون “الخاتم” الإسرائيلي، وعلى متن مروحية أردنية، لم يرق للإسرائيليين، والأرجح أنهم “ابتلعوه” على مضض.
    وأن يخرج قداسته عن “جدول أعمال” زيارته الفلسطينية وبروتوكولاتها، ويقرر التوقف عند جدار الفصل العنصري، لأداء الصلوات من أجل العدالة والسلام، فتلكم رسالة ثانية، حافلة بالمعاني والدلالات، وقد فهمت إسرائيل، كما فهمنا جميعاً، أن رأس الكنيسية الكاثوليكية في العالم، ليس راض عن جدار الفصل العنصري، وهو الداعية الأبرز لبناء الجسور وتجسير الفجوات، وأنه يتضامن مع الفلسطينيين في محنتهم مع الاحتلال والعنصرية والاستيطان الزاحف كالثعبان الممتد بامتداد الضفة الفلسطينية المحتلة، ويصلي من أجل خلاصهم.
    البابا، ومن خلفه حاضرة الفاتيكان، تقف إلى جانب حل عادل لقضية شعب فلسطين، وترى الدولة المستقلة والقابلة للحياة، هي الجواب الوحيد الممكن لإخراج الفلسطينيين من قلب الألم والمعاناة، إلى رحاب الحرية والاستقلال ... وهو عبّر عن ذلك في كل مناسبة، وإن بمنسوب منخفض من السياسة لصالح المنسوب الديني، الذي هو جوهر رسالة الفاتيكان والبابا ... ولهذا جرت العادة، أن يأنس الفلسطينيون إلى خطاب البابا ومواقف الفاتيكان وهذا ما يفسر الحفاوة التي استقبل وودع بها، وهذا ما يبرر الاستجابة الفلسطينية الرسمية الفورية، لدعوة قداسته كلاً من شمعون بيريز ومحمود عباس للصلاة في الفاتيكان من أجل السلام.
    رسائل أخرى، لا تقل أهمية، تم توجيهها من خلال بعض المظاهر الاحتفالية والاحتفائية بقداسته في بيت لحم ... منها أن الجدارية التي جرت تحت ظلالها الاحتفالات والقداديس، قد زُيّنت بصورة للمسيح في مهده، وهو متدثر بـ “الكوفية” الفلسطينية ... وان نشيد “موطني” قد تماهى في كلماته وألحانه، مع “التراتيل” و”الترانيم” التي صاحبت القداس .... لتتوج هذه “الرسائل” بارتداء البابا نفسه، “الكوفية” الفلسطينية، وهو يهم بدخول إحدى أقدس ثلاث كنائس في العالم.
    رسائل البابا الفلسطينية، مهمة لشعب فلسطين عموماً، ومسيحييه بشكل خاص، وفي هذا التوقيت على نحو محدد ... فالفلسطينيون يرون رؤية العين، كيف تسطو دولة الاحتلال والعنصرية والاستيطان، على أرضهم وحقوقهم ... وهم بحاجة لمن يمد لهم يد العون والإسناد، وهل ثمة ما هو أكثر أهمية، من أن يقوم رأس الكنيسة التي تضم أكثر من مليار انسان من أتباعها ومؤمنيها، بإبداء التفهم والدعم والإسناد لحقوق شعب فلسطين وكفاحه العادل والمشروع من أجل العدالة والحرية والكرامة والاستقلال؟
    ومسيحيو فلسطين بخاصة، كانوا بحاجة ماسة لزيارة من هذا النوع وعلى هذا المستوى الأرفع، لتشد من أزرهم، في مواجهة احتلال يسعى في إدماجهم في آلته الحربية القاتلة، ويسطو على أملاك كنيستهم بالمصادرة و”التدليس” و”السمسرة” ... ويجعل حياتهم، وحياة إخوانهم من المسلمين، جحيماً لا يطاق.
    أبعد من ذلك، فإن المسيحيين العرب، بل وجميع مسيحي المشرق، كانوا بأمس الحاجة لمثل هذه الزيارة، خصوصاً بعد ما شهده العراق في السنوات العشر الفائتة من عمليات نزوح ونزف لمسيحييه، وما يكابده مسيحيو سوريا من عنت ومشقة على أيدي الجماعات الأصولية المتشددة من فارضي الجزية ومقطعي الرؤوس .... دع عنك ما كابده مسيحيو مصر، من مشقات جراء النمو المتزايد للجماعات المتشددة، تجلى في استهداف الكنائس والاعتداء على الممتلكات ودعوات التحقير والتهجير.
    زيارة البابا فرانسيس، وإن كانت روحية ورعوية في الأصل، إلا أنها حملت من الرسائل، ما جعلها “سياسية” بامتياز ... وأحسب أن حصادها صب في طاحونة الأردن وفلسطين ومسيحيي المنطقة بمجملها ... والمؤكد أن مقالات هناك، وفتاوى كريهة هناك، و”خطب جمعة” موتورة تصدر عن جهل وتعصب، لا يمكن أن تغطي على النتائج الإيجابية لزيارة تاريخية بكل ما للكلمة من معنى.

    مفاجآت البابا
    بقلم: مازن حماد عن الوطت القطرية
    لم يسبق لأي بابا أن فاجأ العالم بما حمله في جعبته إلى الشرق الأوسط كما فعل فرانسيس الأول خلال ثلاثة أيام قضاها متنقلاً بين الأماكن المسيحية المقدسة في كل من الأردن وفلسطين وإسرائيل.
    وعلى الرغم من إصرار الفاتيكان على الطبيعة الدينية لجولة البابا، فقد كانت هذه الجولة وستبقى لفترة طويلة قادمة موضع جدل ونقاش جراء الاسقاطات والترميزات السياسيةالقوية التي اشتملت عليها تحركاته.
    تمثلت المفاجأة الأولى في انتقال البابا من الأردن باتجاه الضفة الغربية أولاً وليس إلى إسرائيل للاجتماع مع محمود عباس بصفته رئيس دولة فلسطين كما سماه برنامج الجولة الصادر عن حاضرة الفاتيكان،ثم أكمل رحلته إلى الدولة العبرية على عكس ما فعله البابوات السابقون الذين كانوا يزورون إسرائيل قبل المناطق الفلسطينية المحتلة.
    أما المفاجأة الثانية فجاءت عندما عرض البابا استقبال عباس والرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في منزله بالفاتيكان الشهر المقبل للصلاة من أجل السلام في المنطقة.
    وتحققت المفاجأة الأهم في جولة البابا عندما أوقف فرانسيس موكبه قرب مدينة بيت لحم ونزل من سيارته ومشى بضع خطوات نحو مقطع من جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية كتبت عليه باللون الأحمر عبارة «فلسطين حرة»، ووضع يده على الجدار وأطرق برأسه ليصلي بصمت من أجل السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
    وتوقف المحللون طويلاً عند هذه المبادرة الشجاعة التي أظهرت تعاطف بابا الفاتيكان الواضح مع معاناة الشعب الفلسطيني جراء القمع الإسرائيلي الذي يكرسه بناء الجدار. وكانت هذه الخطوة أقوى من بيان مكتوب يعبر عن موقف البابا ضد جدار اسمنتي يمتد مئات الكيلومترات ويمثل رمزاً شريراً من رموز التقسيم والصراع.
    وكانت مدهشة إشارات البابا الذي عرف كيف يفضح العنصرية الإسرائيلية والتطرف الإسرائيلي دون أن ينطق بكلمة واحدة.
    وكان الرجل متفرداً بين جميع من سبقه من بابوات في دعوة عباس وبيريز إلى بيته متسلحاً ليس بقدراته التفاوضية ولكن بسلطته الروحية ومشاعره القوية تجاه ما يقاسيه الفلسطينيون بسبب السياسات الإسرائيلية القمعية منذ حوالي سبعة عقود.


    مرة أخرى.. حماس بين المطرقة والسندان
    بقلم: سعيد الحاج عن رأي اليوم اللندنية
    لئن كان إرضاء الناس غاية لا تدرك في الحياة اليومية، فهو في عالم السياسة لا يرجى كثيراً، ولئن كان هذا حال الأحزاب السياسية المستقرة فهو أولى في الاحزاب والتيارات التي تعاني من ظروف صعبة.
    تنطبق المقولة آنفة الذكر على مواقف وتصريحات حركة حماس في فلسطين، التي تعاني من ضائقة وظروف صعبة على شتى الصعد، بينما يريد منها محبوها ومنتقدوها على السواء مواقف أقرب للمثالية (من وجهة نظرهم هم)، خاصة فيما يتعلق بالربيع العربي.
    واجهت الحركة هجمة شرسة من الطرفين في بدايات الثورة السورية، إثر تجنبها اتخاذ مواقف حادة أو الاصطفاف بشكل واضح إلى جانب النظام أو الثورة، مؤكدة مبدأها الثابت في ميثاقها بعدم التدخل في شؤون الدول العربية الداخلية. لكن تطورات الثورة السورية اللاحقة واستطالة الأمد وتدخل بل وتداخل الكثير من الفواعل أدى إلى تراجع حدة النقد (والتخوين) من الطرفين، رغم أن الحركة لم تغير من موقفها أو خطابها.
    واليوم، يتم تكرار نفس المشهد تقريباً، مع كل موقف أو تصريح لأي قيادي في حماس، صحيحاً كان أم مفبركاً، قيدماً كان أم جديداً، ومن الطرفين، فيعتبره أنصار السيسي/بشار تراجعاً للحركة وعودة للابن الضال إلى بيت الطاعة، ويعتبره معارضوهما نكوصاُ وخيانة للأمة وقضاياها. ولأن التجاذبات والاستقطابات هي قدرنا المحتوم، ولأن الكثير من المشتغلين بالسياسة والشأن العام تتخطفهم “غرائب” الإعلام وإشاعات مواقع التواصل الاجتماعي، ولأننا نعيش في زمن نحتاج فيه إلى توضيح الواضحات، يبدو من المناسب هنا – وفي عجالة – التذكير بالتالي:
    أولاً، أن موقف حماس من عدم التدخل في شؤون الدول العربية (وغير العربية) موقف مبدئي تم اتخاذه بناء على دروس التاريخ ومعطيات السياسة، وهو غير مختص ببلد دون بلد، ومن البديهي أنه قديم متجدد وليس مستحدثاً.
    ثانياً، أن الحركة تتعامل دائماً وفق مبدأ أنها حركة تحرر تحاول تجييش الجميع (دولاً وشعوباً وتيارات) خلف القضية الفلسطينية دون استعداء أحد، ولكن أيضاً دون الإخلال بالثوابت الدينية أو القومية أو الوطنية، وبعيداً عن سياسات الإملاء والتخندق والمحاور.
    ثالثاً، أن موقف الحركة من “الحل السياسي” لا يعني التسليم بالأمر الواقع أو دعم أي نظام قائم، ولكنه يعني نفي ورفض الخيار العسكري أو الأمني القاضي بسفك الدماء وقتل الشعوب وتدمير البلاد، وهذا هو الموقف المنطقي والمبدئي الذي لم يتغير منذ البداية.
    رابعاً، أن هذا الموقف مرهون بموقف آخر أسبق وأوضح منه، وهو التأكيد على حق الشعوب في التعبير عن رأيها وتقرير مصيرها ومن يحكمها، والعمل على امتلاك حريتها وصياغة مستقبلها.
    خامساً، أن الحركة هي الحلقة الأضعف في المشهد ككل، وأنه من غير المطلوب منها إصدار مواقف عنترية أو دونكيشوتية تؤدي إلى تشديد الحصار وتضييق الخناق على الفلسطينيين وحركات المقاومة أكثر.
    سادساً، أن معادن ومواقف وتواريخ حركات التحرر الوطني والأحزاب السياسية المختلفة لا يغيرها بيان هنا أو تصريح هناك أو جملة هنالك بين ليلة وضحاها. فكل تيار سياسي له نظامه الأساسي وتاريخه العملي وقادته الناطقون باسمه، وتفهم التصريحات الجزئية وفق هذه الرؤية الكلية. أما المتربصون بكل كلمة، الذين يحسبون كل جملة عليهم، فلا نظن أن منهجهم فيه من الواقعية أو الموضوعية أو الحقيقة شيء. اللهم إلا تفريغ ما في النفوس، أو اللهاث وراء أنصاف الحقائق وقوافل الإشاعات.
    لقد اضطر الإخوان السوريون في السابق للجوء إلى صدام حسين ولم يكن أقل إجراماً أو معاداة للإسلاميين من حافظ الأسد، وتتعامل المعارضة السورية حالياً مع الإدارة الأمريكية وهي ليست أقل إيغالاً في دماء شعوبنا من إيران، ولجأت كل حركات التحرر عبر التاريخ إلى دول جارة أو قريبة أو حليفة لم تكن بالضرورة من نفس التيار الأيديولوجي والتيار الفكري، لكن تحالفات السياسة تبنى على المصالح والموازنة بين الفوائد والأضرار، وليس على الدين أو الأيديولوجيا.
    ولذلك، آن لنا أن نهدئ من روع صرخاتنا واتهاماتنا مع كل تصريح أو خطاب، حتى ذلك الذي يجانبه الصواب والحصافة أحياناً، ففي النهاية يبقى العمل السياسي عملاً بشرياً وأكثر ما يلازم البشر من صفات هو الخطأ.

    مسيحنا الفلسطيني الأنطاكي
    بقلم: عقل العويط عن النهار البيروتية
    من بين جميع الصور المحفوظة لفلسطين في ذاكرتنا الروحية والثقافية، وحدها صورة المسيح، الحرّ الثائر، تجسّد معادلة المكان المغتصَب، وتختصرها. هي هي صورته مسيحاً فلسطينياً مصلوباً وقتيلاً على يد قَتَلَته، لكنْ... منتفضاً عليهم؛ ومنتصراً، لا محالة، بسلطان الحرية. كلّ استعادةٍ لهذه الصورة، كلّ تعاطٍ سابقٍ أو راهنٍ مع وقائعها ومعطياتها، يرتبطان ارتباطاً عضوياً عندنا بالحقيقة الفلسطينية المطلقة؛ وهي أن فلسطين المغتصَبة ليست حقاً مكتسباً لمغتصبيها، بل هي لفلسطينييها، ويجب استدراج كل الوقائع والمعطيات القسرية الأخرى، إلى طاولة هذه الحقيقة - المعادلة. قد ترضخ السياسات للظروف الموضوعية، أما الصورة الرمزية هذه فلا تنال منها سياساتٌ ولا ظروفٌ موضوعية. انطلاقاً من هذا المعطى، نخاطب أسقف روما الذاهب إلى أرض المسيح المغتصَبة، حيث يلاقيه في أبرشيته، "شوقاً" و"واقعاً"، المتقدّم بين الأساقفة الموارنة على كرسيّ أنطاكيا.
    ها أنتما تزوران؛ أيها السيّدان الأسقفان؛ أرض فلسطين المحتلة، وما يُطلَق على هذه الأرض، في لغة الاغتصاب، من تسميةٍ تَعَارَفت عليها "عدالة" العالم بأنها "دولة إسرائيل"؛ وذلك في غمرة ما يواجهه مسيحيو المنطقة العربية، والعرب جميعاً، من مآسٍ ومحنٍ وظلمات، وما يعتري مستقبلهم من قلقٍ جمٍّ على الوجود والمصير.
    لا نجدنا في حاجةٍ إلى تذكير الزائرَين، بل فقط مَن يُستحسَن تذكيره، بأن ليس للصهيونية إرثٌ في فلسطين. نعتقد أن هذه المسألة يجب أن تكون واضحة، تاريخياً وسياسياً وواقعياً و... فلسفياً، وضوح الأيدي التي دقّت المسامير في جسد فلسطين. وهي جسد المسيح رمزاً.
    لا نخفي القرّاء أننا نشعر بـ"ضعف" حيال أسقف روما. حتى لنرانا نخاطبه لا كرأسٍ للكنيسة الكاثوليكية في العالم؛ إنما كصديق. بل أكثر: كصديقٍ عتيق، يستحضر نموذجُه عندنا، أكثر ما يستحضر، صديقنا الأحبّ والأعزّ والأغلى والأعتق، الذي تعود علاقتنا به إلى ألفين وأربعة عشر عاماً، بالتمام والكمال.
    لأسقف روما أن يرى ما يراه، في شأن هذه الزيارة؛ آخذاً في الاعتبار جملةً من الحقائق الدينية، والوقائع والمعطيات التاريخية والوطنية، ومعها جملةٌ من القضايا والاعتبارات اللاهوتية والعقائدية، ليس أقلّها أنه خليفة بطرس، وأنه وارث تاريخٍ طويلٍ وشائك، من صدامات الإيمان والحضارة والقيم والثقافة والعقل، بين اليهودية والمسيحية؛ فضلاً عما يستدعيه وجود المسيحية في الشرق خصوصاً، وفي العالم كله، معاً وفي آنٍ واحد، من دفاعٍ حتى الشهادة عن قيم الحقّ والعدل والحرية، وما يتطلّبه من خبرة التآخي والسماح ورحابة التلاقي بين المسيحية والإسلام.
    لأسقف الكرسي الأنطاكي الماروني الذي يزور مرامي كرسيّه، شوقاً وواقعاً، في فلسطين المسيح، أن يرى ما يراه؛ لكنْ أيضاً بعيون أسلافه على السدّة الأنطاكية؛ وله أن يتكلّم بلغته؛ لكنْ أيضاً بلغة عقولهم وقلوبهم وألسنتهم وأيديهم وهواجس منعتهم؛ وله أن يتطلّع إلى ما يرتئيه من مخاطبات؛ لكنْ خصوصاً ما تفرضه مهابة السدّة من معايير الاقتصاد في التعبير والتحفّظ في إبداء المشاعر والانفعالات؛ فيستخلص خطابه من بلاغة الصامتين وعبقرية المتكلمين، ويجسّد التوق في عيون الأحرار؛ فيتوق إلى ما يتوقونه، ويفكّر في ما تفكّر فيه عقولهم، ويهجس بما تهجس به قلوبهم، مرتقياً إلى شجون العرب الأحرار، ومسيحيي لبنان والشرق؛ وهو المؤتمَن روحياً على أرضٍ أنطاكيةٍ، كانت ولا تزال، ويجب أن تبقى، أرضاً للمسيح، وأرضاً لفلسطين هذا المسيح الحرّ الثائر، مغسولةً من كلّ عارٍ صهيوني، ومن كلّ استسلامٍ عربي. هل نذكّره، بأنه مؤتمَنٌ روحياً على شعبٍ، اصطفى لنفسه خياراً واحداً وحيداً، يتمثّل، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، بحرية الانعتاق من كلّ ربقةٍ استبدادية؛ شقيقةً أكانت أم صديقةً أم حليفةً؛ فكيف بربقة "دولة إسرائيل" وبريقها العنصري الصهيوني المقيت؟!
    ليس لنا، أن نُملي على السيّدين، الأسقف الروماني والأسقف الأنطاكي، ما نستسيغه وما لا نستسيغه في هذه الزيارة، التي، شخصياً، يُمِضّنا شقّها الأنطاكي الماروني، بصفتنا مواطنين، لبنانيين، عرباً، وأصدقاء معتّقين بالوجدان القلبي، لمسيح فلسطين الأنطاكية، الحرّ الثائر أبداً.
    وإذا كنا لا نستسيغ الزيارة، فبسبب المستنقع الصهيوني – العربي؛ الاستبدادي الظلامي؛ الذي نحن فيه، لا لعلّةٍ فيها.
    وإننا لا نخطّئها، ولا نتّهمها، البتّة، بأنها تطبّع مع الكيان الصهيوني، وتساهم في ترسيخه.
    هذا الاتهام، وكلّ اتهامٍ مماثل، يقع في صفاقة الاعتداء على وجدان المسيح الفلسطيني الأنطاكي الحرّ الثائر؛ مثلما يقع في صفاقة الاعتداء على الكفاح المسيحي الروحي، الفكري، الثقافي، الحضاري، المعنوي؛ مثلما يقع، في الآن نفسه، في صفاقة السياسة؛ وهذه كلها دون طبائع الوجدان المسيحي الأنطاكي السرياني الماروني، ودون نزاهة الكفاح، ودون ثقافة السياسة؛ في حين أن مسألة فلسطين المسيح هي قبل السياسة، وبعدها؛ أي أنها في الجوهر الفلسفي للمعنى.
    هي تُمِضّنا؛ لكننا نرى أن ليس من حقّ أحد أن يكون ضدّها، لأنه يكون يعطّل آنذاك جوهرها، ويكون جزءاً من آلةٍ تُخضِع المعنى للترويج والاستعراض، وتُفقده فلسفته.
    كلّ ترويجٍ، كلّ استعراضٍ، ها هنا، ينقلان مسألة فلسطين المسيح، من كونها مسألة حقٍّ مطلق إلى كونها عملاً يقع في المستنقع؛ مستنقع الاعتداء على وجدان المسيح الأنطاكي، وهو نفسه مستنقع السياسة التعبوية الصهيونية، والسياسة التعبوية الممانِعة المضادّة، الفارغة من كلّ مضمون.
    هذا النوع من العمل السياسي التعبوي الاستنقاعي، يجعلنا، بقوة التجاذب، على طرفٍ موازٍ للمغتصِب؛ ونحن لا نطيق هذا المغتصِب، مطلقاً، فكيف نطيق أن نكون معترفين به، ومُوازين له؟
    إذا كنا لا نستسيغ مثل هذه الزيارات، غير الخاضعة عندنا للاتهام، فهل يمكننا أن نستسيغ الخطاب الترويجي الاستعراضي ضدّها، الذي ينزع عنها جوهرها، ويجعلها سلعةً في هياكل الصيارفة والتجّار؟!
    لسنا عنصريين. لكننا لا نتحمّل عنصرية المغتصِب. هل نضطر أن نتحمّل، تحت وطأة هذا الابتزاز العنصري الصفيق، أن "يُباع" موقفنا المبدئي هذا، في عملية الاستغلال الصهيوني من جهة، والتسويق المضادّ من جهة ثانية، التي يمارسها طرفان، لا نقبل أن نكون أحدهما؟
    هذان الطرفان، الأول الصهيوني من جهة، والثاني الترويجي الاستعراضي الممانِع، من جهة ثانية؛ لا نتحمّل أن نكون أحدهما.
    نحن قَبْلهُما. ونحن بَعدَهُما. نحن فلسطين الفلسطينية العربية الأنطاكية المصلوبة الثائرة، ويجب أن أنزل عن الصليب، وأن أُحرَّر، وأُستعاد، بقوة الجوهر الخلاّق الحرّ الثائر؛ بقوة شروطه ومعاييره، لا بمداهنات السياسة الدولية الغاشمة، ولا بالتسويات المهينة، ولا أيضاً بخطاب الترويج والاستعراض الممانِع.
    أيها السيّدان الأسقفان؛
    تعاني دول الشرق، وفي مقدّمها فلسطين؛ لبنان؛ سوريا؛ العراق، مصر...؛ ما تعانيه من فنون الاحتلال والاستبداد والاستعباد والعنصرية والتخلف.
    تعرفان تماماً أنه لم يعد ثمة مسيحيون في فلسطين، إلاّ القليل النادر منهم، بسبب الكيان الصهيوني الذي احتلّ الأرض، واغتصبها، وطرد أهلها، وهو الآن "يهوّدها" بطريقة عنصرية فاقعة، على مرأى من "العدالة" الدولية، والصمت العربي المتواطئ (ومحور الممانعة!)، وعلى مسمعٍ منها.
    يحصل هذا، في وقتٍ لا يكاد يبقى مسيحيٌّ في العراق؛ وفي وقتٍ يواصل مسيحيو سوريا، ولبنان، والأردن، ومعهم مسيحيو مصر، الهجرة النازفة؛ الطوعية ظاهراً، لكن القلقة الهاربة ضمناً.
    حتى ليتصوّر المرء، مستقبلاً افتراضياً، أبوكاليبتياً، يخلو فيه هذا الشرق، قريباً جداً، من مسيحييه.
    فأيّ افتراضٍ أدهى من هذا الافتراض، يُرى فيه هذا الشرق، الذي هو أرض المسيح، والمسيحية الأولى، وقد أصبح أرضاً لا تطيق أن ترحب صدراً ومكاناً بالمسيحيين؟!
    تتعدّد الأسباب؛ في مقدّمها اليد الصهيونية الغاصبة، تواكبها وتؤازرها يد الاستبداد السياسي والأمني والعائلي الديكتاتوري، ويد الاستبداد الظلامي الديني. وهما يدان توأمان.
    أما النتيجة فواحدة: تفريغ الأرض من مسيحييها.
    هذه ليست إهانةً لوجدان المسيح، وللمسيحية فحسب؛ بل هي عارٌ، كيف يتحمّله أهل الممانعات الفارغة، لكن الملأى باستعراضات الترهيب الفكري والمادي، والابتزاز الديني، والرياء السياسي، والتجارة الرخيصة، والصفاقة العارية؟
    الصهيونية ومريدوها، سيكونان في العيد العظيم، عندما "يتحرّر" الشرق من المسيح الفلسطيني الأنطاكي، ومن مسيحييه.
    أيبتغي السادة الممانِعون أن يعيّدوا مع الصهيونية عيد "التحرير" هذا؟!
    ليس عندنا ما نضيفه في هذا الصدد، لا إلى الأسقفَين الزائرَين، ولا إلى أهل الممانعة.
    فليذهب صديقنا فرنسيس إلى حيث يريد. نرجو له أن تظلّ تعصمه جروح مسيح فلسطين، وهو يمشي في الأرض التي تغمرها الآن ظلاميات الصهيونية الغادرة.
    أما الزائر الأنطاكي فله نواحي أنطاكياه المارونية، شوقاً وواقعاً. فليزدها منعةً ورسوخاً وحرية؛ وليهجس بما كان يهجس به "ملفان" الكنيسة الأنطاكية، العلاّمة اللاهوتي الشاعر الخوري ميشال الحايك في قوله: "أنـــا آرامــــي ســــريـــانـــي مــــارونــي أنــطـــــاكــي بــيــــزنــطـــي رومـــــانـــي لــبـــــنــانـــي عــــربـــي إنــســـــانـــي".
    بمثل هذا الهجس الزائر، لا بدّ أن يجد أنطاكيو فلسطين عزاءً وبلسماً وحضّاً على الرسوخ في الأرض. هذه هي رسالتهم الفلسطينية الأنطاكية. وهذه هي حقيقة مسيحهم الفلسطيني الأنطاكي.
    ألا يجب أن نقول: بهذا الرسوخ وحده يُنزِل الراسخون في الأرض الفلسطينية، مسيحهم الفلسطيني الأنطاكي من عن صليبه؛ في فلسطين، وفي سواها من أمم العرب الموجوعة؛ ليعود حرّاً، كما يليق بالحرية أن تستقبل مسيحها!




    باختصار .. مصر تنتخب
    بقلم: زهير ماجد عن الوطن العمانية
    لن تتعب مصر، ستظل تذهب إلى صناديق الاقتراع كلما احتاجت إليها .. الشعوب متجددة حتى لو قهقرها الفقر وغذى أوجاعها . الشعوب الصميمة لا يهدأ لها بال الا اذا قالت كلمتها ولو في حضرة اي كان .
    كأنما قال المصريون بالأمس انهم اشتاقوا إلى اغنية أم كلثوم ” والله زمان ياسلاحي ” .. هنا المعنى مطلوب، فليس من شعوب لا تحب القتال دفاعا عن نفسها وعن ارضها وعرضها .. اسرائيل لا تدلل المصريين، بل يهمها صمتهم ، تخافه وتحذره، كلما افاق المصريون الى وجود سفارة اسرائيلية في عاصمة بلادهم ،اشتاقوا الى لحن النشيد البديع الذي صار نشيدهم الوطني ذات عمر مناسب للحياة .
    بالأمس واليوم وقفت الطوابير المصرية وفي يدها مفتاح اسرار المرحلة. ما ستقوله في صندوق الاقتراع سيكون عنوان المرحلة القادمة .. لعلنا لن نكتشف جديدا اذا قلنا انه المشير عبد الفتاح السيسي،، اي انها رحلة عمر يراد له التفاهم منذ البداية على جملة مطالب متبادلة بينهم وبين “الرئيس”.
    هو صار رئيسا منذ ان تحدث بالصوت العالي عن أفق جديد قلبه بقوة الصدمة المعنوية التي يمثلها الجيش في لحظة الحاجة الماسة إليه. كتب السيسي مقدارا كبيرا من حسن الاستماع إليه ومن الانتباه لدوره .. ليس هنالك ادوار الا لها ما لها وما عليها .. لكن مقياس الوطنية يظل قائما بينه وبين شعبه.
    يتذكر الناخب المصري وهو يدلي بصوته ان صوته يساوي الكثير: يغير ويبدل، يأتي من يشاء ويمنع من يشاء .. على هذا الهدف عقد المصريون النية، فكان المشير، لكنها مصر أولا، مشروع العمر المتوالد من جيل إلى جيل، وهي نعمة مصر التي تتمتع جغرافيا بعبقرية مكان لا تجارى.
    لن تتعب مصر، لسان حالها الدائم انها نذرت نفسها للعيش، وهو عزيز كما يقول الشاعر التركي ناظم حكمت .. بل يطيب تلذذه حتى لو على حدود فقر متداول طالما ان الثقة بينه وبين رئيسه المنتخب قائمة.
    ليس مبالغة القول ان مصر التي تنتخب ستسكت بعد الادلاء بصوتها .. كل ناخب لن يمل الكلام، ففي حضرة مطالبه اشياء كثيرة يريد قولها، اولها حال معدته، وثانيها، حال جيبه، وثالثها حال اجياله، تكاد هذه كلها مفاتيح شخصه التي تبنى على قواعد.
    تتغير الأيام والأعوام، لكن الناخب المصري لا يتغير، سيظل واقفا عند الصندوق، لقد ارتبط بالديمقراطية نهجا، علمته كيفية الاختيار وان “كانت اسوأ الحلول الجيدة ” كما يقول تشرشل. ولأنها الديمقراطية، نصيب كل مواطن مصري، فهي لن تغيبه ابدا.
    ليس في صندوق الاقتراع المصري مفاجآت، بات معروفا منذ ان قال السيسي اولى كلماته الموهوبة، انه سيد الصندوق بلا منازع، وهو بالتالي سيد مصر التي ارادته كالعادة من جيشها المحترم القابض على تاريخ مصر المعاصر.
    ليست مصر وحدها من تنتخب، ثمة آخرون يعالجون فكرة الديمقراطية بأسلوبها الذي يريده الغرب كي لا يقال انه فعل مدبر.




    رهان الإخوان بعد الانتخابات
    بقلم: محمد السعيد إدريس عن الخليج الاماراتية
    من المتوقع أن تبدأ جماعة الإخوان مرحلة جديدة من الصراع في أعقاب الانتهاء من الانتخابات الرئاسية المصرية بعد عجزهم عن إفشالها . كان قرار الإخوان بالنسبة لموقفهم من هذه الانتخابات هو "المقاطعة الدموية" وهو نوع من المقاطعة يكون مقروناً بدرجة عالية من العنف هدفها هو إرهاب الناخبين من الذهاب إلى صناديق الاقتراع، لذلك كان وصفهم للانتخابات الرئاسية بأنها "انتخابات الدم" كاشفاً لحقيقة نواياهم بجعلها انتخابات ملطخة بدماء الأبرياء، لكنهم لم يكتفوا بالتهديد بل تعمدوا بارتكاب جرائم تفجيرات في مناطق متفرقة بالقاهرة وخارجها في الأيام التي سبقت موعد إجراء الانتخابات التي بدأت يوم الاثنين 26 مايو/أيار وتمتد إلى يوم 27 مايو/أيار الجاري . كانت رسالتهم تقول إنهم سيجعلون مقار لجان الانتخابات ومحيطها بركاً من الدماء .
    جاء هذا الموقف كرد فعل لفشلهم في تشويه الانتخابات الرئاسية معنوياً، فلم يجدوا غير العنف الدموي، لكن تخصيص 182 ألف ضابط وجندي من الجيش إضافة إلى قوات الأمن لحماية مقار الاقتراع وتعاون المواطنين مع تعليمات الأمن التي تستهدف سلامتهم حال دون إنجاح مخطط الإخوان في إثناء الناخبين عن الذهاب للمشاركة المكثفة في الإدلاء بأصواتهم، حيث تؤكد المؤشرات أن الاقبال الشعبي على التصويت يفوق كل التقديرات لادراك المصريين أن الإخوان يستهدفون نزع الشرعية عن النظام الجديد من خلال إفشال الانتخابات، أو على الأقل من خلال مشاركة شعبية متدنية تقل كثيراً عن المشاركة الشعبية التي جاءت بمرشح الإخوان الرئاسي محمد مرسي رئيساً لمصر .
    ففي الأسبوع الذي سبق موعد الاقتراع الرئاسي، بدأ التركيز الدعائي لحملة المرشحين الرئاسيين المشير السيسي والأستاذ حمدين صباحي وكذلك الإعلام الحكومي والإعلام الخاص على حث الناخبين على التصويت "من أجل مصر" بدلاً من تركيز الدعوة لانتخاب مرشح بعينه، الأمر الذي أحبط المخطط الإخواني ب "نزع" الشرعية عن النظام الجديد، من خلال تصويره أولاً على أنه ابن شرعي لما يصفونه ب "الانقلاب ضد الشرعية" ويقصدون ما يعتبره المصريون ثورة 30 يونيو/حزيران 2013 التي أسقطت بإرادة شعبية حرة نظام الإخوان، لذلك يواصل ما يسمونه ب "التحالف الوطني لدعم الشرعية" تجريمه لتلك الثورة باعتبارها انقلاباً عسكرياً ضد من يعتبرونه "أول رئيس مدني منتخب" ويقصدون رئيسهم المعزول محمد مرسي، ومن خلال حجب الشرعية عنه بمنع حصوله على الدعم الشعبي حتى لا يؤسس لشرعية جديدة يرفضونها، لذلك كان تركيزهم على تحقيق أعلى نسبة من المقاطعة الشعبية للانتخابات ومطالبة الشعب بعدم المشاركة من خلال تشويه مكثف للمرشحين معاً وللأهداف المرجوة من هذه الانتخابات باعتبارها ستقود إلى تثبيت الانقلاب وتمكين العسكريين من الحكم والقضاء على أمل الشعب في حكم مدني ديمقراطي .
    فقد ظلت تظاهراتهم طوال الأسابيع الثلاثة الماضية تهتف وتحرض ضد الجيش والشرطة وضد المرشحين الرئاسيين السيسي وصباحي، من بين هذه الهتافات شديدة الدلالة بهذا الخصوص: "لا سيسي ولا حمدين . . يسقط الكرسي بالاثنين" . ما يكشف أنهم مازالوا يرفضون أي رئيس لمصر بديلاً لرئيسهم محمد مرسي . وأن هجومهم على المرشحين معاً جاء بعد فشلهم في ارغام حمدين صباحي عن مواصلة الترشيح للانتخابات الرئاسية، لأنهم كانوا يأملون أن يقع حمدين في هذا الخطأ الذي كان سيعد أسوأ أو أعنف ضربة للانتخابات وأول مسمار في جسد السلطة الجديدة لنزع الشرعية عنها
    هم بعد اكتمال الانتخابات يعدون لمخطط بديل وهو حرمان الرئيس المنتخب، الذي يدركون أنه المشير عبدالفتاح السيسي، من اكمال مدته الرئاسية بافشاله أمنياً أولاً واقتصادياً ولكن بعد تشويهه جماهيرياً بما يمكنهم من الانقلاب عليه، ما يعني أن السيناريو الإخواني الأرجح، على الأقل في المدى القصير، سيكون السيناريو "الصدامي الدموي" وليس السيناريو "الحواري - التصالحي" .
    فدعايتهم تركز من الآن على الزعم بوجود تحولات مهمة في المزاج الشعبي الداعم لثورة 30 يونيو/حزيران ولشخص المشير عبدالفتاح السيسي مقارنة بعودة مناخ التعاطف مع الإخوان والثقة في رئاسة محمد مرسي . فقد نشروا مؤخراً احصاءات مغلوطة نقلاً عن أحد مراكز الأبحاث الأمريكية المغمورة وذات المصداقية المحدودة ومعلومات تفيد بأنه "رغم مليارات الدعاية . . استطلاع أمريكي: 54% يؤيدون السيسي مقابل 43% لمرسي"، هكذا . . هم مازالوا يتعاملون مع محمد مرسي باعتباره الرئيس في مواجهة رئاسة السيسي، وأن هناك إرادة شعبية قوية مازالت ترى أن محمد مرسي هو الرئيس .
    الاحصاءات المغلوطة تلك امتدت إلى الجيش أيضاً، فهم ينقلون عن ذلك المركز أن 45% من المشاركين في الاستطلاع يرون دوراً سلبياً للجيش مقابل 56% يعتقدون بدور ايجابي له، ما يعني أن الرأي العام يتحول بالتدريج ضد الجيش وأيضاً ضد القضاء الذي يقولون إن 41% يرون الآن دوراً ايجابياً للقضاء مقابل 58% يرون العكس، كما نقلوا عن احصاءات هذا الاستطلاع المشكوك في جديته ما يقول إن 54% فقط من المصريين يؤيدون عزل الجيش ل "الرئيس المنتخب ديمقراطياً: محمد مرسي، مقابل 43% يعارضون هذه الخطوة التي يعتبرونها "انقلاباً ضد الشرعية"، وأن 38% ينظرون بايجابية نحو جماعة الإخوان مقابل 61% يعارضونها .
    الترويج لهذه الأوهام هدفه خلق وعي داخلي وخارجي بوجود انقسام شعبي ضد الحكم الجديد، وأن الشرعية تعود تدريجياً إلى رئيسهم وإلى تنظيمهم الذي صنف "إرهابياً" لكنهم، وحسب ما ينشرونه، لن يكتفوا بذلك بل سيصعدون حرباً استنزافية ضد الجيش والشرطة، وحرباً استنزافية أخرى ضد الاقتصاد المصري من خلال إحداث الفوضى الأمنية وخلق احتجاجات اجتماعية مستفيدة من الأزمة الاقتصادية الناتجة عن توقف أغلب المنشآت الإنتاجية والسياحية، والازدياد الكثيف لمعدلات البطالة والتضخم الهائل في الأسعار . فالرهان الإخواني يتركز على قناعة بأن الاقتصاد ينهار، والانقلاب لن يستطيع قيادة البلد في ظل هذه الظروف، والدولة ستنهار، ولن يستطيعوا مواصلة ضرب التظاهرات والتوسع في الاعتقالات" .
    معنى ذلك أن الإخوان لن يعترفوا بشرعية للنظام الجديد ولا للرئيس الجديد، هم ينكرون شرعية الرئيس كما أنكروا شرعية دستور ،2014 وهم مازالوا يحسبون النظام الجديد على أنه "الانقلاب" وأن شيئاً لم يتغير في المعادلة، فقائد "الانقلاب" هو في نظرهم "الرئيس" المتهم سلفاً بأنه "قاتل" .
    مثل هذه الخلاصة لها وجه آخر مازال غائباً وهو: كيف سيتعامل الرئيس الجديد مع هذه الحالة؟ هل سيواصل التمسك بالحل الأمني الذي يأمله الإخوان ومن يساندونهم، أم أنه سيبادر ببلورة مشروع سياسي وطني يجمع كل المصريين وكل القوى السياسية للتصدي المشترك للمخطط الإخواني ولإعادة بناء مصر وترميم كل ما تصدع في البناء النفسي والقيمي للمصريين طوال ثلاث سنوات من الصراع السياسي العنيف والفوضى المخططة المدبرة؟

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 12/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 01:01 PM
  2. اقلام واراء عربي 11/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 01:00 PM
  3. اقلام واراء عربي 10/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 12:59 PM
  4. اقلام واراء عربي 08/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 12:58 PM
  5. اقلام واراء عربي 07/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 12:58 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •