أقــلام وآراء إسرائيلي الاثنيـــن 21/07/2014 م
في هــــــذا الملف
المواجهة في غزة منافسة دولية
مصالح الأطراف الداخلية والخارجية هي التي ستجلب وقف إطلاق النار
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
يمكن أن نفهم حماس
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
السعي إلى اشتباك حقيقي
الحسم هو ضرب الخصم ضربات لا ينساها لزمن طويل تردعه من العودة إلى عادته في المستقبل
بقلم:بن كسبيت،عن معاريف الاسبوع
مطلوب نقطة نهاية
الفرصة تكمن في قدرة الولايات المتحدة وروسيا ومصر وقطر على عقد مؤتمر دولي يؤدي إلى تسوية
بقلم:حاييم آسا،عن معاريف الاسبوع
لن تصير حماس الى الاعتدال
لا يمكن التوصل معها إلى اتفاق لأنها منظمة متطرفة ولا مفر من قتالها
بقلم:إيال زيسر،عن اسرائيل اليوم
المواجهة في غزة منافسة دولية
مصالح الأطراف الداخلية والخارجية هي التي ستجلب وقف إطلاق النار
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
إن رحلات محمود عباس الى مصر وتركيا وقطر والبحرين؛ وزيارة جون كيري المتوقعة للقاهرة؛ والمكالمات الهاتفية بين ايران والجهاد الاسلامي – ترسم الخريطة الجيولوجية للتفاوض في وقف اطلاق النار.
إن هذه الخريطة مؤلفة من عدة طبقات الاولى هي الحاجة الى تسوية خط بين حماس والجهاد الاسلامي المختلفتين في مسألة مكانة مصر وسيطة. فحماس ترفض الوساطة المصرية والاقتراح المصري لأنها ترى أنه لا يقدم الجواب عن الحد الأدنى الضروري الذي تطلبه الحركة، فليس فيه ضمانات لفتح المعابر أو ضمان علاج قضية السجناء وتحويل الاموال لرواتب نحو من 45 ألف موظف ادارة في غزة، كانت تمولها حماس الى الآن. ويعوزه ايضا تطرق الى سجناء حماس الذين أُعيد اعتقالهم بعد أن أفرج عنهم بصفقة شليط. وتطلب حماس ايضا السماح لصيادي السمك في القطاع أن يصيدوا الى مدى 12 كم عن ساحل غزة.
«الجرف الصامد»: آخر الأنباء
إن الجهاد الاسلامي مستعد لأن يقبل مبدئيا الاقتراح المصري ووساطة مصر، ويبدو أن لذلك عدة اسباب أولها الرغبة في استغلال مكانة الجهاد المميزة في مصر لأنه في مقابل حماس لا يُعرف بأنه «عدو الشعب» لأنه ليس جزءا من الاخوان المسلمين. وتوصلت مصر في الماضي ايضا الى تصالح مع الجهاد الاسلامي المصري (الذي ليست له صلة بالضرورة بالحركة الفلسطينية) وهو يعتبر ايضا حركة ليست لها مطامح في الحكم بخلاف حماس.
إن ايران تنفق على الجهاد وهو مقرب منها، وقد يكون دعمه للاقتراح المصري معتمدا على رغبة ايران في أن تسجل لنفسها نقطة استحقاق عند الرئيس المصري السيسي تستطيع أن تجبيها بعد ذلك في مسار اصلاح العلاقات بين الدولتين، هذا الى أن ايران تصفي الحساب مع حماس ايضا لقطعها علاقتها بسوريا وبسبب النقد الذي قذفت به النظام السوري بسبب القتل الجماعي لمواطني الدولة.
إن دائرة المنظمتين في غزة تمس ايضا دائرة المصالح الخارجية التي تبرز فيها عدة دول. وقد انضمت قطر الى تركيا لا لاحراز وقف اطلاق نار فقط بل لسلب مصر احتكار حل الازمة ايضا، في الأساس. وإن اقتراحاتهما أكثر تفصيلا وتشمل فيما تشمل اسقاط الحصار عن غزة وتحديد جدول زمني لتطبيق التفاهمات التي ستُحرز، ويُطلب الى الولايات المتحدة خاصة لا الى مصر أن تمنح ضمانات لتنفيذ الاتفاق المستقبلي بأن تشرف على تنفيذ اسرائيل له.
ترفض مصر هذا الاقتراح في الأساس لأنه يدفعها الى هامش التدخل برغم أنها تملك وسيلة الضغط الرئيسة على غزة. وعلى حسب مصادر مصرية وعدت اسرائيل القاهرة بأنها لا تنوي أن تتبنى أي اقتراح لا يرى أن مصر هي الجهة المسؤولة الوحيدة عن تنفيذ الاتفاق، أو بعبارة اخرى سيُقبل فقط كل ما تقبله مصر واسرائيل. ومع ذلك فان وسيلة الضغط المصرية على صورة السيطرة على معبر رفح قد يتبين بعد ذلك أنها سيف ذو حدين، اذا طالت العملية وتغير اتجاه الرأي العام في مصر نحو فتح المعبر. وعلى ذلك ولأن عمق العداء الرسمي والعام بين مصر وحماس لا يُمكن الطرفين من التوصل الى تصالح قد يجد الجهاد الاسلامي نفسه «وسيط الوسيط».
تُبين تصريحات قادة الجهاد أن «وحدة الصف» بينه وبين حماس صلبة وأن كل قرار سيتخذ بتعاون. لكن الارباب في طهران الذين يرفضون حتى مباحثة زعيم حماس خالد مشعل، قد يستعملون الضغط على الامين العام للجهاد رمضان عبد الله شلح ليُبين لحماس أنه يجدر أن تقبل اقتراحا مصريا مرنا. وهكذا تجد ايران لنفسها مستمسكا في الازمة في غزة، وقد تكون بفضل الجهاد الاسلامي ذات دور مهم لانهاء الازمة.
وتوجد في الدائرة الخارجية السعودية وعدد من دول الخليج، والولايات المتحدة وفرنسا والمانيا التي تؤيد مصر بصفتها صاحبة الشأن في حل الازمة. وبينها جميعا خصص للولايات المتحدة الدور المركزي لأنها هي التي ستضطر الى اعطاء الضمانات لتنفيذ اسرائيل لوقف اطلاق النار. وخُيل الينا لحظة أن واشنطن تمسك الخريطة السياسية مقلوبة لأنها سارعت الى منح المبادرة القطرية والتركية دعمها. ومن جملة اسباب ذلك أن السيسي سارع الى اعلان اقتراحه قبيل زيارة كيري للقاهرة وبذلك جعل التدخل الامريكي لا داعي له.
لكن واشنطن صحت من غفوتها وأدركت أن مصر واسرائيل لن تقبلا أي اقتراح قطري تركي حتى لو اشتمل على إفناء حماس، فعادت الى الساحة المصرية. وكان يفترض أن يصل كيري الذي زار مصر أول زيارة قبل شهر كي يضمن للسيسي أن واشنطن تراه زعيما ذا شرعية، في يوم السبت الى القاهرة بعد أن غادر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مصر بزمن قصير. ويمكن أن نستنتج من هنا أن التدخل الدولي والعربي في الحرب في غزة لا يضع مفتاح إنهائها في يد عدد القتلى الفلسطينيين والاسرائيليين أو عدد الصواريخ والانفاق فقط بل وبقدر كبير في الموازنة الصحيحة بين صراعات القوة وفخامة الشأن التي سيناضل كل طرف عنها حتى آخر قطرة دم فلسطينية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
يمكن أن نفهم حماس
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
وبعد أن قلنا كل شيء عن حماس: أنها أصولية؛ وغير ديمقراطية؛ وقاسية، وإنها لا تعترف باسرائيل؛ وإنها تطلق النار على سكان مدنيين؛ وإنها تخبيء الاسلحة في المدارس والمستشفيات؛ وإنها لم تعمل على حماية سكان غزة – بعد أن قلنا كل ذلك وبحق، يحسن أن نقف لحظة وأن نصغي اليها ايضا؛ ويجوز ايضا أن نقف أنفسنا مكانها بل أن نحترم جرأتها وقدرتها على الصمود في ظروف قاسية.
لكن اسرائيل تفضل أن تسد مسامعها عن مطالب الطرف الآخر حتى حينما تكون عادلة وقد تتسق ومصلحتها هي نفسها البعيدة الأمد. وهي تفضل أن تضربها بلا رحمة وبلا غاية سوى الانتقام. ويبرز الامر هذه المرة بصورة خاصة، فاسرائيل تقول إنها لا تريد أن تسقط حماس – فهي تدرك ايضا أن البديل عنها يشبه الصومال على أبوابها – لكنها غير مستعدة ايضا للاصغاء الى مطالبها. فهل كلهم «حيوانات بشرية»؟ لنفرض ذلك، لكنهم هناك كي يبقوا، من وجهة نظر اسرائيل ايضا، فلماذا لا نصغي اذا؟. نشر في الاسبوع الماضي عشرة شروط من قبل حماس والجهاد الاسلامي لوقف اطلاق النار مدة عشر سنين. ويحل أن نشك في أن تكون هذه مطالب المنظمتين، لكن يمكن أن تكون أساسا عادلا لتفاوض بل ربما لاتفاق لأنه لا يوجد فيها حتى شرط داحض واحد.
تطلب حماس والجهاد الحرية لغزة. فهل يوجد مطلب مفهوم أكثر من هذا وأعدل منه؟ لا سبيل لانهاء دائرة القتل الحالية دون جولة اخرى بعد بضعة اشهر، من غير استجابة له. ولن تفضي أية عملية عسكرية جوية أو بحرية أو برية الى حل؛ ويمكن أن يضمن تغيير توجه أساسي فقط نحو غزة ما يريده الجميع وهو الهدوء.
إقرأوا قائمة الشروط واحكموا بالقسط هل فيها طلب واحد غير عادل وهي: انسحاب قوات الجيش الاسرائيلي والسماح للمزارعين بفلاحة اراضيهم حتى السياج الحدودي؛ والافراج عن كل سجناء صفقة شليط الذين أُعيد اعتقالهم؛ ووقف الحصار وفتح المعابر؛ وفتح ميناء ومطار بادارة الامم المتحدة؛ وتوسيع منطقة صيد السمك؛ ورقابة دولية على معبر رفح؛ والتزام اسرائيل بهدنة لعشر سنين واغلاق المجال الجوي لغزة أمام حركة طائراتها؛ والسماح لسكان غزة بزيارة القدس للصلاة في الأقصى؛ والتزام اسرائيل بألا تتدخل في السياسة الفلسطينية الداخلية وحكومة الوحدة؛ وفتح المنطقة الصناعية في غزة.
إن الشروط مدنية لكن وسائل احرازها عسكرية وعنيفة وآثمة. لكن الحقيقة (المُرة) هي أنه حينما لا تطلق غزة صواريخ على اسرائيل لا يهتم أحد بمصيرها. وانظروا في مصير الزعيم الفلسطيني الذي ضاق ذرعا بالعنف، فقد فعلت اسرائيل كل شيء لتدمر محمود عباس، فما هو الاستنتاج اليائس؟ بالقوة فقط.
إن الحرب الحالية هي حرب لا اختيار فيها وإن كان الاختيار كان موجودا. صحيح أنه وجب على اسرائيل أن ترد بعد أن بدأت حماس اطلاق الصواريخ، لكن الصواريخ لم تسقط من السماء ومن العدم بخلاف ما تحاول الدعاية الاسرائيلية الترويج له. عودوا بضعة أشهر الى الوراء، الى وقف اسرائيل للتفاوض والى الحرب التي شنتها على حماس في الضفة على إثر قتل طلاب المعهد الديني الثلاثة والذي يُشك في أن تكون حماس دبرته، وشمل ذلك اعتقالا عبثيا لنحو من 500 من نشطائها؛ ووقف تحويل رواتب عمال حماس في غزة ومعارضة اسرائيل لحكومة الوحدة التي كان يمكن أن تُدخل المنظمة في الدائرة السياسية. ومن اعتقد أن كل ذلك سيمر بهدوء كان مصابا بالغرور والوداعة والعمى.
يُسفك الدم الآن بمقادير مخيفة في غزة – وفي اسرائيل ايضا لكن بقدر أقل، وهو يُسفك عبثا. إن حماس تضربها اسرائيل وتذلها مصر، والاحتمال الوحيد للافضاء الى حل حقيقي هو الطريق العكسي تماما للذي تسير فيه اسرائيل. هل سيكون ميناء في غزة لتصدير توتها الارضي الممتاز؟ يبدو هذا من وجهة نظر اسرائيلية مثل الكفر في الأساس، وهنا يفضلون مرة اخرى الدم (الفلسطيني) على التوت (الفلسطيني).
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
السعي إلى اشتباك حقيقي
الحسم هو ضرب الخصم ضربات لا ينساها لزمن طويل تردعه من العودة إلى عادته في المستقبل
بقلم:بن كسبيت،عن معاريف الاسبوع
اجتازت حملة «الجرف الصامد» سبتها الثاني وحماس لا تزال تطلق الصواريخ، تخرج من الانفاق وتحاول انتاج عمليات تفجيرية. وأمس كلفنا هذا بالقتلى. توجد اسباب تدعو الى الرضى في الجانب الاسرائيلي، من حقيقة أن الجيش الاسرائيلي يواصل «تعطيل قدرات استراتيجية لحماس»، حسب صياغة الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي العميد موطي الموز، وكذا لحقيقة أنه في هذه المرحلة لا يمارس بعد ضغط دولي على اسرائيل للتوقف.
تحذير: هذا وهم. فالساحة الدولية خائنة حتى اكثر من ساحة العبوات وانفاذ التفجير لحماس. فالعالم يمكن له أن ينقلب علينا دفعة واحدة. وهذا يحصل بشكل عام في التوقيت الاكثر مفاجأة والاقل راحة. وحتى «تعطيل القدرات» لحماس هو أمر هام ولكنه لا يكفي. مطلوب حسم. ليس بمعنى انتصارات الماضي، مع الاحتلالات والاعلام البيضاء، فهذا العصر انتهى. حماس لن تستسلم. الحسم، في عصرنا، هو ضرب الخصم ضربات لا ينساها لزمن طويل، ضربات تردعه من العودة الى عادته على مدى اقصى حد ممكن من الزمن في المستقبل.
تعمل حماس تحت الارض، تخرج من الانفاق، تلاحق هنا وتحاول اخراج عملية هناك. وهي تستغل فضائل منظمة العصابات على الجيش الكبير والمعقد. اما الجيش الاسرائيلي بالمقابل فقد أدخل الى قاطع العمل الضيق له في قطاع غزة حجما كبيرا يمكن له أن يدفع الى الانهيار جيش سوريا (في صيغته السابقة). ويوجد لمثل هذه القوة فضائل كثيرة ولكن نواقص ايضا. يوم آخر أو يومين كهذين، فيصبح الامر مراوحة في الوحل الغزي. لقد سبق أن كنا في مثل هذا الفيلم.
وعليه، فمطلوب مبادرة، مطلوب شجاعة، مطلوب اشتباك جسدي، جبهوي، حقيقي، مع لباب حماس، في عرينها. من هذه المواجهة ينبغي لحماس أن تخرج مضروبة ومرضوضة. نعم هذا سيكلف خسائر في جانبنا ايضا، ولكن لهذا الغرض بالذات اقمنا في العام 1948 الجيش الاسرائيلي، ويخيل لي أنه منذئذ لم تتغير امور كثيرة في المجال. اذا كان يوجد جيش اسرائيلي، فليسعى الى اشتباك حقيقي الان. اذا كنا نريد ان نخلق في الجنوب الردع الذي خلقناه في 2006 في الشمال فليس لنا خيار آخر ونحن ملزمون بالقيام بعمل ما.
نحن نعيش في قلب الشرق الاوسط المشتعل. من حولنا، ينظر الينا كل مجانين ومتزمتي الحي – ويوجد كثيرون كهؤلاء. وعليه، فالواقع يجب أن يتغير. وبدلا من أن نستجدي وقف النار (الامر الذي يحصل في واقع الامر منذ بداية الازمة)، فلتستجدي حماس. وهذا لن يحصل الا اذا ظهر الجيش الاسرائيلي على بوابة النفق الذي يختبىء فيه الان محمد ضيف ورفاقه. لا سبيل الى تجاوز ذلك. لا سبيل الى التملص من ذلك. كل شيء آخر سيعيدنا الى الخانة التي نوجد فيها الان بعد نصف سنة، او سنة ونصف بحيث ما سيطلق علينا في حينه سيكون اقوى وأكثر فتكا مما اطلق امس.
درس حزب الله
عندما بدأت المناورة البرية الشهيرة لحرب لبنان الثانية، كان زملائي يدعون اولمرت، بصوت عالٍ وبكتابة بليغة، الى النهوض والهرب. الخروج من لبنان كلما كان يستطيع. ولشدة الحظ، لم يطع اولمرت. فقد أرسل الجيش الاسرائيلي ثلاث فرق الى داخل لبنان نفذت خطوة برية محددة، نفذت بعدم مهنية وبقدرة طفيفة (وبخسائر كثيرة).
الحرب انتهت. الغبار تبدد. من التحقيقات التي جاءت بعد ذلك تبين أمران: أولا، تبين أن حزب الله كان قريبا من الانكسار اكثر بكثير مما اعتقدنا. ثانيا، تبين أن الضربة التي تلقاها حزب الله ردعته ردعا يستمر حتى هذه اللحظة. لماذا؟ لان حزب الله فهم بان اسرائيل تسير له على الرأس. نصرالله فهم، وهو يفهم هذا حتى الان بانه ابن موت واسرائيل لن تهدأ ولن تسكن الى أن يتحطم رأسه. لقد فهم حزب الله بان في المرة التالية – الفرق الثلاثة التي سيتلقاها على الرأس ستكون أكثر تدريبا وأكثر تصميما. ولبنان له فهم بانه اذا اطلقت الصواريخ على مدن اسرائيل، فان نصف لبنان سيدمر. هذا هو السبب الذي يجعلهم لا يطلقون النار. هم في هذه الاثناء لم يتهودوا، ولم ينتسبوا لميرتس. هم ببساطة خائفون.
هذا ينبغي أن يحصل هنا ايضا، يا نتنياهو. لا تخف. اذا كان ينبغي هز الجيش الاسرائيلي، فهز الجيش الاسرائيلي. اذا كان ينبغي تغيير المفهوم والفكر، افعل هذا. لا لاحتلال القطاع، لا لتعيين حاكم عسكري، لا لانهيار حماس. فلسنا نحن من يقرر للفلسطينيين أي مجنون بالضبط سيحكمهم. نعم لتوجيه ضربة شديدة، ابداعية، جسورة، على قلب حماس. ليس على هوامش غزة، وليس على ضواحي غزة. على غزة.
عندما اهتزت غزة
إرفع مكالمة هاتفية الى غابي أشكنازي، يا بيبي، واسأله عن «الرصاص المصبوب». وهو سيروي لك بان غزة اهتزت وأن صوت محركات الدبابات كان يسمع في الشارع الرئيس. وهنا قريبين، قريبين جدا من توجيه ضربة الرحمة لحماس ولم نفعل هذا بسبب الجبن السياسي لبعض السياسيين. انت رئيس حكومة يمينية، يا بيبي، تذكر هذا. الثناء الذي تجنيه الان وعن حق من وسائل الاعلام، من المركز السياسي وحتى من اليسار، يطيب لاذنيك حتى أكثر من اناشيد التمجيد التي انشدها كل هؤلاء على شرفك بعد ان حررت 1.027 قاتلا كي تعيد جلعاد شاليط.
ولكن هذا الثناء لن يعيد الامن لاسرائيل، ولن يحمي سكان الجنوب. سيدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ان المسؤولية عن تحقيق هذه المهام ملاقاة عليك، وانت تعرف بانه يوجد فقط سبيل واحد لتحقيقه. هذا السبيل هو بالضبط عكس ما يهمس لك مستشارك الخفي ايهود باراك ان تفعله. وبالتوفيق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
مطلوب نقطة نهاية
الفرصة تكمن في قدرة الولايات المتحدة وروسيا ومصر وقطر على عقد مؤتمر دولي يؤدي إلى تسوية
بقلم:حاييم آسا،عن معاريف الاسبوع
مثل كل معركة، هذه المعركة أيضا تستوجب تعريفا ذكيا لوضع انهائها. ويفترض بهذا التعريف ان يعبر عن النتيجة السياسية المرغوب فيها من اسرائيل. واذا لم يكن تعريف النتيجة السياسية واضحا، فان وضع النهاية لحملة «الجرف الصامد» هو الاخر لن يكون واضحا، ومن هنا ستبدأ كل المشاكل – مثلما في كل المعارك التي شهدتها اسرائيل في السنوات الاخيرة.
حملة لتصفية الانفاق بدت للحظة مبررة وفهيمة. ولكن في تفكير ثان فانها مجرد علاج بفرص تخفيف الألم لمريض يعاني من مرض مزمن. فالانفاق يمكن حفرها مرة اخرى. ووسائل الاطلاق والصواريخ يمكن انتاجها وشراؤها من جديد. وعليه فان هذا ليس هدفا كافيا، وليس هدفا سيؤدي الى نتيجة سياسية محددة. اذا ما صفينا الكثير من الانفاق وذهبنا الى البيت سنواصل من هنا لاحقا التصرف وكأننا مجرد «اغلقنا لهم الفم» ولم نفعل شيئا.
إذن ماذا نعم؟ أولا، نحن ملزمون بفهم ما هي المصلحة الحماسية. حماس تعرف قوة الجيش الاسرائيلي. وهي لا تتفاجأ في أنه لا يوجد حاليا مصابون في تل أبيب. وهي تعرف أن الطائرة الصغيرة بدون طيار الغبية التي اطلقتها هي مجرد ترهات. وهي على علم بان الفرصة لعمل شيء ما جوهري في التسلل البحري هي صفر. حماس لا تتفاجأ من الاجتياح البري للجيش الاسرائيلي. فقد اجتذبت بعناء الجيش الاسرائيلي كي يدخل بريا، فيما هي تفهم ايضا قوة الجيش الاسرائيلي على الارض، وتعرف ايضا بان التسلل عبر نفق الى اراضي اسرائيل سيحقق بضعة اصابات في اسرائيل، ولكن ليس لذلك أي قيمة استراتيجية جوهرية. وهي تواصل اطلاق الصواريخ.
حماس بالذات هي التي تريد انجازا سياسيا (هو في قسمه الاكبر اقتصادي ايضا). وهي تريد، بتقديري، ان تحقق واحدة من النتيجتين التاليتين: نتيجة ممكنة اولى هي ازالة الحصار الاسرائيلي وكذا الحصار المصري. أما النتيجة الثانية – اذا سيطرت اسرائيل على غزة، حسب نهج وزير الخارجية ليبرمان – فهي ممتازة لحماس. أخيرا ستعود حماس لان تكون منظمة ارهابية تعمل تحت الارض وفوق الارض ضد حكم أجنبي. وسيكون بذلك مثابة اصلاح للخطأ الفظيع الذي ارتكبته حماس في أنها اصبحت الحاكم السياسي الداخلي والخارجي لمثابة دولة مستقلة تسمى غزة، وهكذا أصبحت ملزمة بالحرص على اقتصاد وجودة حياة مواطنيها ونشطائها. هذه ليست غاية منظمة الارهاب. هذا هو الخطأ الاكبر الذي يمكن لمنظمة ارهابية أن ترتكبه. ونحن يمكننا أن مصلحه لها بفضل افكار حماسية من نوع أفكار وزير الخارجية الاسرائيلي، التي هي حلم وزير الخارجية الحماس.
وسواء النتيجة الاولى أم النتيجة الثانية هما نتيجتان جيدتان لحماس. ومن يرتب لها هذه النتيجة، هو النقص الكارثي في تعريف النتيجة السياسية اللازمة من وضع النهاية العسكرية الذي يمكن لاسرائيل أن تصل اليه. يمكن الافتراض بان اسرائيل يمكنها أن تصل الى كل وضع نهاية عسكرية ترغب فيه. ضعفها سياسي داخلي. وفكر وزير الخارجية الاسرائيلي هو دليل على ذلك.
اسرائيل ملزمة بان تحول هذه الازمة الى فرصة كي تعود لترتب المنطقة بأسرها. وبالذات التهديد الذي تنجح حماس في خلقه (صواريخ بعيدة المدى، طائرات صغيرة بدون طيار وما شابه)، يمكن أن يشهد على أنه بعد عشر سنوات ستكون لهم قدرات استراتيجية حقيقية (غير تقليدية)، وهذا ما يقلق الولايات المتحدة وروسيا. إذن بالفعل توجد فرصة.
والفرصة تكمن في قدرة الولايات المتحدة وروسيا، مع مصر وقطر (موردة المال لحماس) على عقد مؤتمر دولي يؤدي الى تسوية بين اسرائيل وحكومة ابو مازن، تضم حماس ايضا. هذا هو تعريف الحسم، وليس غيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
لن تصير حماس الى الاعتدال
لا يمكن التوصل معها إلى اتفاق لأنها منظمة متطرفة ولا مفر من قتالها
بقلم:إيال زيسر،عن اسرائيل اليوم
إخترقت منظمة داعش في شهر حزيران طريقا الى وعي العالم. كانت هذه المنظمة المتطرفة (وهناك من يقولون الهاذية والمجنونة) قد عملت بضع سنين في العراق وسوريا بعيدة عن الناظر، لكنها تحولت فجأة من حركة هامشية صغيرة الى قوة حقيقية أسقطت في غضون بضعة أيام بمساعدة حماسة عقائدية والتزام لا نهاية له عند مقاتليها، أسقطت الدولة العراقية وانشأت «خلافة اسلامية» من ظاهر بغداد الى ظاهر حلب.
اذا كان أحد ما قد اعتقد أو أمل أن يصير هذا الانجاز بالمنظمة وبزعيمها أبو بكر البغدادي خاصة، الى الاعتدال، فقد جاءت اعمال هذا الاخير فبرهنت على عكس ذلك. فقد أعلن البغدادي انشاء خلافة اسلامية في المنطقة التي استولى عليها وبين أنه متجه الى جهاد العالم كله من الشيعة في العراق والنظام السوري مرورا بايران وانتهاءا الى الاردن واسرائيل والولايات المتحدة. ويتميز سلوكه مع رعاياه بقسوة لا حد لها.
تبرهن داعش اذا على أن للتطرف منطقه الخاص وأن من الخطأ الحكم على منظمة راديكالية متطرفة بمعايير لاعبة عقلانية فضلا عن معايير لاعبة ذات منطق دولة. اعتاد كثيرون أن يروا حركة حماس في قطاع غزة، خلافا لداعش، أن يروها لاعبة عقلانية بل منظمة تسلك سلوك دولة خالصة. فليس الحديث في الحاصل عن مجموعة مجانين اجتمعوا من أنحاء العالمين العربي والاسلامي لأجل فريضة الجهاد وهم ذوو رؤيا خلاصية لانشاء خلافة اسلامية عامة. فقد حرصت حركة حماس دائما على أن تقف وقوفا صلبا على رجليها: الرجل الاسلامية التي تربطها بحركة الاخوان المسلمين التي جاءت منها، مع الرجل الفلسطينية المتصلة اتصالا تاما بالواقع الذي نشأت فيه.
بيد أن حماس مثل داعش لها منطقها الخاص الذي ليس من الضروري أن يكون منطقا اسرائيليا أو غربيا، بل يتبين أنه ليس منطق حكام المنطقة الذين اعتادت عليهم اسرائيل على مر السنين. إن التزام العقيدة الدينية الشامل يُمكن حماس من مرونة ما في الحقيقة، لكنه لا يدع ألبتة لقادتها أي قدرة على تصالح أو تنازل. وعلى كل حال كان المنطق الذي يحرك حماس وما زال منطق حركة اسلامية راديكالية لا منطق دولة منظمة. وهنا يكمن فشل المقدرين والخبراء الذين توقعوا أن تعتدل حماس بعد أن تولت الحكم في غزة.
كانت المصلحة الواضحة والعقل الرشيد يوجبان عليها في ظاهر الامر أن تحافظ بل أن تحسن علاقاتها بمصر وأن تحافظ على الهدوء بكل ثمن، لكن حماس عملت مرة بعد اخرى بدل ذلك في الحفاظ على جو المقاومة وروحها الذي يعني الحفاظ على وضع توتر دائم ومواجهة مع اسرائيل. ولم تحجم حماس ايضا عن التصعيد وعن إساءة الوضع على حدود القطاع. ويتبين من هنا أن تسلحها الكثيف بالصواريخ ليس بالضرورة لحماية نفسها من اسرائيل ولردعها عن الهجوم عليها فقط، بل هو يرمي ايضا الى انشاء القاعدة والظروف للهجوم التالي عليها وللجولات التالية. ونقول بالمناسبة إنه من الجيد أن محمد مرسي لم يعد رئيس مصر. لأنه يمكن أن نفرض برغم الحذر الذي أبداه نحو اسرائيل بضغط من جهاز الامن المصري، أنه باعتباره من الاخوان المسلمين ما كانت لتبقى علاقات اسرائيل بمصر على حالها زمنا طويلا لو بقي في الحكم في الفترة الحالية ايضا. لأن مرسي في الحاصل مثال يبين كيف لا يغير رجل من الاخوان المسلمين يصبح رئيسا تصوره العام وسلوكه، في الحقيقة.
يمكن أن نحمل السياسة الاسرائيلية بالطبع المسؤولية عن سوء الحال على حدود غزة، ويمكن أن نزعم ايضا أن حماس تتمسك بمواقف متطرفة كي تميز نفسها سياسيا في الشارع الفلسطيني عن م.ت.ف وهذا هو مصدر رفضها المستمر الاعتراف باسرائيل والزامها نفسها وإن يكن ذلك كاذبا، بالحل السلمي. لكن الامريكيين يقولون في ذلك: «من أسمع صوت بطة وسار مثل بطة فهو بطة». ونقول في شأننا إن المنظمة الراديكالية تبقى منظمة راديكالية سواء أكانت داعش التي انشأت خلافة اسلامية أم حماس التي تنشيء دولة اسلامية في غزة. ويصعب التوصل مع هذه المنظمة الى تحادث وتصالح ولا مناص ولا مفر سوى محاربة هذه المنظمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس