أقــلام وآراء إسرائيلي السبـــت 26/12/2014 م
في هــــــذا الملف
تسيبي تقسم القدس
الحزب الذي لا يعرض موقفا واضحا يتضمن حلا جديا للمسائل الجوهرية التي سيعالجها اتفاق السلام ليس جديرا بالقيادة
بقلم:كارولينا ليندسمان،عن هآرتس
اختبار حدود حماس
المؤشرات تقول إن الحركة لا تريد التصعيد والواقع الجديد اضطرها إلى استيعاب حجم الضربة التي أنزلتها اسرائيل
بقلم:رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
من الصعب إلى الأصعب
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
تسيبي تقسم القدس
الحزب الذي لا يعرض موقفا واضحا يتضمن حلا جديا للمسائل الجوهرية التي سيعالجها اتفاق السلام ليس جديرا بالقيادة
بقلم:كارولينا ليندسمان،عن هآرتس
شاركت تسيبي لفني يوم الاحد في مناسبة اشعال الشموع في المبكى وأعلنت: «السيادة الاسرائيلية هنا، في هذا المكان، في القدس هو التعبير عن الارتباط التاريخي بين الشعب وبلاده: المكان الذي نرتبط فيه باعماق روحنا سيبقى تحت سيادة دولة اسرائيل إلى الابد».
لا حاجة لأن نقول للفني ان معنى الاتفاق السياسي مع الفلسطينيين هو، ضمن امور اخرى، تقسيم القدس. بدونه لن يكون اتفاق. ولهذا، فانه عندما تتحدث لفني مع ناخبيها المفترضين بالتلميحات عن وحدة القدس فانها تكذب عليهم. لفني ستقسم القدس، والا فانها لن تجلب اتفاقا. وحتى عندما يتحدث بنيامين نتنياهو عن التسوية دون تقسيم القدس فانه يكذب. نتنياهو لن يحقق اتفاقا سياسيا الا اذا قسم القدس.
توجد اسباب مختلفة لهذه الكذبة، التي يشارك فيها معظم السياسيين ومعظم الجمهور منذ بضع عشرات السنين. فالخوف من المعارضة الداخلية هو الاقل بحثا فيها. كل المؤشرات تدل على ان المجتمع في اسرائيل تطرف فقط في العشرين سنة الماضية منذ اغتيال رابين، ولن يكون مبالغا فيه الافتراض بان حياة من يقسم القدس ستكون في خطر.
مطلوب لاسرائيل سياسي «شهيد»، مستعد لان ينتحر من أجل السلام، وليس احدا يخاف حتى قول الحقيقة عن الشروط الضرورية للاتفاق.
لقد تناول نتنياهو ذات مرة باستخفاف كراهية اليسار له، وقال انه لو كان يتحدث عن السلام، لتبناه اليسار. وكأن محبة اليمين له لا تتعلق بالايديولوجيا. فالفكرة في أن «اليمين وحده يستطيع» ان يعيد المناطق، صحيحة ربما حين يدور الحديث عن صحراء سيناء او عن غزة. فلنراهم يقولون الحقيقة عن القدس ويبقون على قيد الحياة.
في السنة الماضية تحطم وهم الوضع الراهن. وحتى ابتكار تزييف مفاوضات لن يعمل بعد اليوم. فالى أن تتعهد اسرائيل بحل واقعي، أي بحل يكون مقبولا على الفلسطينيين أيضا، فانها ستتدحرج من جولة انتخابات إلى جولة عنف وهلمجرا، وتعرض نفسها لدومينو من العقوبات الدولية. وعندما يعلن ننياهو ويئير لبيد بانهما سيبقيا القدس موحدة إلى الابد، من المهم أن يوضحا للجمهور بان المعنى هو أنهما تنازلا عن امكانية هل النزاع ويعتزما ان يقترحا فقط اشكال مختلفة من الوضع الراهن. عليهما أن يعدا الجمهور للاثار الدولية، الاقتصادية والأمنية لاستمرار الوضع الراهن. وبالمقابل، فان «وحدة» لفني – هرتسوغ يجب ان تعد الجمهور للتنازلات الاليمة التي تفترضها التسوية، والتي ستتضمن اقتلاع الناس من بيوتهم وعلى الاقل إلى أن تكتمل، تعريض الاسرائيليين ايضا لإرهاب المعارضين.
ان من يسعى إلى نيل ثقة الشعب يجب أن يكون مستقيما وصريحا في نواياه. ينبغي البدء بقول الحقيقة. نفتالي بينيت أعلن منذ الان بانه يكف عن الاعتذار ويعرض خطته لحل. فقد حان الوقت لان تكف حتى الاحزاب التي بين بينيت وحداش عن الاعتذار وان تعرض خطة سياسية. فلماذا لا يمكن اجراء نقاش جدي، علني وصادق عن المشكلة المركزية لدولة اسرائيل؟
انتخابات 2015 يجب ان تكون استفتاء شعبيا على حل سياسي. والحزب الذي لا يضع ويعرض موقفا سياسيا واضحا، يتضمن موقفا جديا من المسائل الجوهرية التي سيعالجها كل اتفاق (انهاء الاحتلال، الترتيبات الأمنية، ترسيم الحدود، مكانة القدس والحوض المقدس، حق العودة)، ليس جديرا بان يعرض نفسه كمرشح محتمل لقيادة الدولة.
ان وضع وعرض الخطة السياسية من كل الاحزاب يمكن أن يوفر المنطق الايديولوجي للمطلب الحكيم في توحيد القوى من أجل هدف مشترك. عندها فقط سيكون ممكنا الطلب من الاحزاب التخلي عن التميز (او الغموض) الايديولوجي باسم هدف أسمى. ولكن في البداية يجب التأكد بان الهدف الاسمى واضح وصريح.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
اختبار حدود حماس
المؤشرات تقول إن الحركة لا تريد التصعيد والواقع الجديد اضطرها إلى استيعاب حجم الضربة التي أنزلتها اسرائيل
بقلم:رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
اطلاق النار الذي نفذته وحدة القناصة في حماس من منطقة القرارة بالقرب من عبسان في غزة باتجاه قوة الجيش الاسرائيلية بالقرب من الجدار جنوب كيسوفيم أدى إلى اصابة أحد الجنود اصابة بالغة. ولكن حماس دفعت ثمنا كبيرا لذلك. هذا الاختبار للحدود تسبب في مقتل قائد وحدة القناصة واصابة مسؤول أعلى منه. النار الفورية للجيش من الارض والجو كانت انذارا اسرائيليا واضحا – سياسة اسرائيل تجاه التنظيم القاتل هي عدم التحمل. مثل اطلاق النار في بداية الاسبوع فان المحاولات الفلسطينية المتقطعة واجهت ردا فوريا ومؤلما من اسرائيل.
حماس التي تُظهر اللامبالاة تعتبر نفسها سيادة مسؤولة عن مواطنيها وملزمة بالرأي العام الداخلي في القطاع وتهتم بحاجاته. لذلك فان حماس معرضة للاصابة وقابلة للردع مثل أي قيادة تريد البقاء. صحيح أن حماس تستمر في تطوير قدرات القتل لكن زعماءها شعروا أنهم لا يريدون فتح مواجهة جديدة من العنف.
المؤشرات تقول إن حماس لا تريد التصعيد. والواقع الجديد اضطر المنظمة إلى استيعاب حجم الضربة التي أنزلتها اسرائيل. وهي غير مستعدة لمواجهة عسكرية اخرى حتى اذا أراد زعماء حماس التغاضي عن الألم الذي يعانيه مواطنو غزة الذين تم اخلاءهم من مناطق الدمار التي كانت في يوم من الايام بيوتهم، وتأخذ حماس في حسابها التفوق المطلق للجيش الاسرائيلي والسياسة غير المتحملة.
أحد اسباب ذلك أن حماس تعاني من ضائقة اقتصادية. تم اعطاء وعود بمليار دولار لاعمار القطاع، لكنها لم تصل.
الشتاء يضرب بدون رحمة في المناطق التي أُخليت ولا أحد في المنظمة يريد زيادة الكارثة. والتفضيل هو عدم التضييق على مرور المنتوجات الزراعية من غزة إلى الضفة ودخول الشاحنات المحملة بالاسمنت والحديد من اسرائيل التي يفترض أن تساعد في اعادة اعمار الانفاق وبيوت المواطنين التي دمرتها عملية الجرف الصامد.
ستضطر حماس إلى قياس تأثير الصراع مع السلطة الفلسطينية وهذا جزء من نظام الترويض لاعمالها. وما زال نشطاءها ينتظرون بأيد ممدودة اموال الدعم والرواتب. لم تسلم المنظمة بالاتفاق الذي فرض عليها بوساطة مصرية، هذا الاتفاق الذي وضع السلطة الفلسطينية كعنوان رسمي للقطاع.
في الدول العربية والغرب يعتبرون هذه السلطة التي يفترض أن تقوم بتوزيع اموال الاعمار وتحافظ على المعابر. تفجير بيوت مسؤولي فتح في القطاع وتفريق مظاهرة في ذكرى مرور عشر سنوات على موت ياسر عرفات، هذه الاحداث عادت وأكدت الشرخ بين حماستان وبين رجال أبو مازن. وعدم الوفاء بالشروط يمنع السلطة الفلسطينية من العمل بالشكل المطلوب، والنتيجة تعويق تدفق اموال المساعدة بشكل شبه كلي.
ورغم وضع حماس إلا أنها متفائلة في هذه الايام حيث يفترض دخول الهواء إلى مخابيء قيادة التنظيم. يكشف المصريون في الآونة الاخيرة عن مرونة حيث فتح معبر رفح في الاتجاهين، ويبدي الايرانيون استعدادا علنيا للمساعدة على تسليح حماس، وفي ظل الحرب ضد الإرهاب الإسلامي لداعش والقاعدة تم اخراج حماس من قائمة التنظيمات الإرهابية في الغرب.
تقوم اوروبا بتشجيع حماس. اوروبا التي نشأ فيها القتلة النازيون تتعامل بتفهم مع اعمال القتل ضد المواطنين اليهود في اسرائيل وتمنح هذه المنظمة الكلمة الرومانسية «مقاومة» و»منظمة تحرير» بدلا من منظمة إرهابية.
قال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس الملتزمة في ميثاقها بالبند السابع بالقضاء على يهود العالم ككل، في مقابلة مع «الجزيرة» خلال عملية الجرف الصامد إن صراع المنظمة ضد الاحتلال الاسرائيلي يشبه صراع الاوروبيين ضد النازية. هذه المقارنة المرفوضة نسي أن يقول فيها مشعل إنه لا يوجد ولو جندي اسرائيلي محتل واحد في منطقة القطاع. فقد انسحب الجيش الاسرائيلي من غزة بشكل أحادي في 2005.
بعض المتغيرات في المحيط الاقليمي والدولي لا تبشر بالخير لمنظمة الإرهاب الإسلامية، وقد تتسبب باحداث تغييرات في نشاطها في المستقبل. في الوقت الذي تتعزز فيه مكانة السلطة الفلسطينية في الساحة الدولية حيث تقترب من الاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل أحادي الجانب فان مكانة حماس وتأثيرها يتراجعان شيئا فشيئا.
يمكن الافتراض أنه على الرغم من اخراجها من قائمة الإرهاب فان مكانة حماس ستتراجع كلما زادت اعمال داعش في العراق وسوريا حيث أن المهاجرين الإسلاميين العائدين من العراق وسوريا سيبثون الرعب في دول الغرب.
إن طريق حماس للتسلح والتمويل في حدود سيناء تصل إلى طريق مسدود وسبب ذلك الخطوات المصرية على خط فيلادلفيا والضربات العسكرية التي توجهها مصر تجاه المنظمة الإرهابية أنصار بيت المقدس في سيناء، وهي منظمة قدمت الولاء لداعش. وسيتعامل المصريون هكذا مع أي تنظيم يعتبر من ولاة الاخوان المسلمين أو يسعى إلى زعزعة الهدوء في المنطقة.
تنظر حماس ايضا بقلق إلى المصالحة التي تمت بين قطر ودول الخليج ومصر، الامر الذي سيؤثر سلبا على نشاط ومستقبل المنظمة التي دُفعت إلى الهامش. الجبهة الموحدة التي ولدت بين الدول العربية ومنها دول الخليج توجه قوتها باتجاه الخطر الحقيقي – ايران.
ومع ذلك ومن اجل فهم الاستفزازات الكلامية للمنظمة المنسحقة اقتصاديا وعمليا فهي تريد تذكير اسرائيل بوجودها. ضعف المنظمة الداخلي يسمح لمنظمات محيطة راديكالية وإسلامية بالطبع بمحاولة القيام بعمليات.
من هذه الناحية فان الرد الاسرائيلي المؤلم الذي يعتبر حماس المسؤولة الوحيدة عن هذه العمليات يمنعها من التملص. ونزع سلاح حماس ومحاكمة زعمائها اضافة إلى شركائها في السلطة الفلسطينية خلال عملية الجرف الصامد هما شرط التقدم في المفاوضات المستقبلية مع الفلسطينيين على المستوى السياسي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
من الصعب إلى الأصعب
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
من المتوقع أن يكون الشرق الاوسط في السنة القادمة مكانا سيئا للعيش، وقد يكون أحد الاماكن الاسوأ والأخطر في العالم. عندما تنظر الاستخبارات العسكرية وتلمس ما يحدث وراء الحدود – ايران، العراق، الاردن، سوريا، لبنان، مصر، اليمن، السعودية وشمال افريقيا ـ فانها ترى وتصف عالما مليئا بالفساد الاجتماعي ويتهاوى سياسيا ويصبح فقيرا أكثر فأكثر.
الازمة الاقتصادية المزمنة لدول الربيع العربي الآخذة في التعمق بسبب تراجع اسعار النفط، تزيد من الانهيار الداخلي لدول مركزية مثل سوريا، ليبيا والعراق، الامر الذي سيزعزع أنظمة مستقرة مثل ايران ومصر. فقط في السعودية التي تعتبر دولة مستقرة وصلت البطالة هذا العام في اوساط الشباب إلى 30 بالمئة. وليس غريبا أن هناك الكثير من السعوديين في منظمات الجهاد العالمي.
الكثير من الشباب لن يجدوا مكانهم في المجتمع الإسلامي والنتيجة: الكثير من الحركات المتطرفة ستنشأ من حول اسرائيل، والكثير من الدماء الإسلامية ستُسفك من قبل مسلمين مقارنة مع السنوات السابقة، الامر الذي سيسبب صعود موجة تسونامي عنيفة إلى داخل الحدود الاسرائيلية. اذا كان هناك كابوس سيمنع النوم من أعين الاستخبارات العسكرية في عام 2015 فهو امكانية عدم رصد وتحديد الموجة خلال تشكلها. هذا التوقع المتكدر هو السطر الاخير في الوثيقة الشاملة التي قدمتها وحدة البحث في الاستخبارات العسكرية إلى هيئة الاركان العامة في الحفل التقليدي المسمى: تقدير الاستخبارات العسكرية السنوي. وهذا تقليد ثابت يهدف إلى رسم التوقعات السياسية والعسكرية للسنة القادمة للنخبة السياسية والعسكرية. هذا التقدير الذي يحتوي على سلسلة من المخاطر المحتملة التي يجب ايجاد الاجوبة لها يفترض أن يشكل أساس خطة العمل الأمنية الاقتصادية السياسية لدولة اسرائيل.
هذه المرة ستسقط التوقعات المتكدرة على أكتاف الحكومة الجديدة ومجلس وزاري مصغر جديد، ورئيس اركان جديد وقد يكون ايضا وزير دفاع جديد الامر الذي سيحول المسألة إلى شيء مقلق أكثر. الشرق الاوسط لن ينتظر حتى الصيف، حتى تستقر الحكومة الجديدة في اسرائيل. غياب اليقين وغياب الاستقرار واشتعال الاحداث قد يزعزع المنطقة بدون تحذير. وليس غريبا أن الاستخبارات العسكرية تزعم اليوم أن عمل تقدير سنوي كامل هو أمر غير ممكن ومبالغ فيه. وتستطيع الاستخبارات العسكرية اعطاء تقدير دقيق فقط في الاشهر الاولى من العام 2015.
في الطابق الـ 15 لمبنى وزارة الدفاع يجلس رئيس الاركان الجديد غادي آيزنكوت في الغرفة المؤقتة التي تعطى لرؤساء الاركان الجدد. يحتمل أن يوضع هذا الملف على أكتافه لعدة أشهر على الأقل، عندما تكون حكومة جديدة وقد يكون ايضا وزير دفاع جديد. سيمر وقت حتى يفهموا من ضد من ويبدأون في اتخاذ القرارات للمدى البعيد. حتى ذلك الحين سيكون رئيس الاركان آيزنكوت الوحيد القادر على الاستمرارية في المجال واعطاء الاجوبة الأمنية. وسيضطر أن يكون الرقيب حتى تستطيع الفرقة الجديدة تدفئة كراسيها. إنه يعرف تقديرات الاستخبارات العسكرية جيدا، فقد شارك في اعدادها. والآن يفكر كيف يُبنى الجدار الواقي من اجل عدم دخول جنون الشرق الاوسط إلى داخل بيتنا.
صاحب البيت اختفى
تبدأ تقديرات الاستخبارات العسكرية في رسم الصورة الاقليمية من زاوية الدولة العظمى. والسطر الاخير هنا بسيط جدا. في الشرق الاوسط لا يوجد راعي دولي. لا يوجد طرف يقوم بترتيب التوازنات ويخلق التعاون الدولي ويُمكّن من هدوء ما في المنطقة.
تقوم روسيا بوتين بجميع الجهود لزيادة تأثيرها في الشرق الاوسط من خلال السيطرة الشديدة على سوريا. الولايات المتحدة التي تمتعت لسنوات طويلة من حرية الحركة في الشرق الاوسط لا تتحرك بدون تحالفات، تحالف عربي في سوريا وتحالف غربي في العراق. بدون تحالف ما كان اوباما ليتعامل مع داعش وما كان لينزل عن السور من اجل مساعدة القوات السنية الأكثر اعتدالا في سوريا والاكراد في العراق.
الروس الذين أداروا عدة معارك أولية ضد المتمردين في سوريا يئسوا من الجيش السوري. الخبراء السوريون والايرانيون الذين يعملون في سوريا جنبا إلى جنب توصلوا إلى استنتاج أن هذا الجيش لن ينجز عمله ولن يُحدث التغيير. لذلك هم يحاولون ـ والأمريكيون ينجرون وراءهم ـ التوصل إلى حل وسط بين المتمردين والاسد وتقسيم السلطة في سوريا. وهذا لا يمنع الروس من الاستمرار في احضار سفينة سلاح كل اسبوع إلى ميناء طرطوس من اجل الجيش السوري، مليئة برصاص الكلاشينكوف وحتى القذائف الثقيلة.
سوريا الكبرى لم تعد قائمة. والمصطلح المقبول اليوم هو سوريا الصغرى للاسد التي تسيطر على 20 – 30 بالمئة من الدولة. أما الباقي فهو كانتونات مستقلة، تحارب بعضها البعض. مكان اسرائيل في هذه القصة هو في هضبة الجولان. ثمن المساعدة الانسانية الذي تقدمه اسرائيل لمتمردي الجيش السوري الحر هو انتشار جماعات سنية معتدلة على طول جزء كبير من هضبة الجولان، مع الوجهة إلى داخل سوريا. إنهم يخلقون حاجزا ويمنعون دخول عناصر جبهة النصرة وداعش إلى هضبة الجولان الاسرائيلية.
إلى الشمال من القنيطرة توجد عدة قرى درزية تشكل مركزا لعمل معادي لاسرائيل في هضبة الجولان. والوحدات التي تعمل هناك يتم تحريكها من حزب الله والجيش السوري. مسؤول عن أحدها إبن عماد مغنية، الذي وقف على رأس جهاز العمليات الخارجية لحزب الله وقُتل على يد اسرائيل في عام 2008. ومسؤول عن مجموعة اخرى وجه معروف هو سمير قنطار الذي كان في السجن الاسرائيلي عشرات السنين وتم اطلاق سراحه مقابل جثتي الداد ريغف واهود غولدفاسر.
الملف الكيميائي السوري سيبقى مفتوحا ايضا في عام 2015. والمنظمة التي تعمل على تفكيك السلاح الكيميائي لم تغلقه بعد. هناك احتمال كبير أن نظام الاسد مستمر في اخفاء مواد كيميائية.
على الجبهة الايرانية ايضا الوضع معقد. وحتى الصيف لن نعرف اذا ما كان سيتم توقيع اتفاق بين ايران والولايات المتحدة حول البرنامج النووي. يعتقدون اليوم في الاستخبارات العسكرية أن اتفاقا كهذا سيكون سيئا لاسرائيل. من ناحية اخرى فان التوقيع عليه سيسمح باجراء تقدير مؤكد حول سلوك حزب الله في الحدود الشمالية أمام اسرائيل. في المقابل اذا لم توقع ايران على اتفاق مع الغرب ولا تستطيع رفع العقوبات الدولية عنها فمن شأنها كسر الأدوات. خيبة الأمل من روحاني واستمرار اليأس الاقتصادي قد يُعيدا حرس الثورة إلى السلطة في طهران. الحديث هنا عن أحداث دراماتيكية قد تؤثر بشكل فوري على الحدود الشمالية، لكن لا أحد يستطيع التنبؤ بها اليوم.
هناك أمران اضافيان على الأقل سيحددان وجه 2015 في الشرق الاوسط: الانتخابات في اسرائيل وتأثير تراجع اسعار النفط على مصدري النفط في المنطقة. السعودية ودول الخليج وضعوا احتياطي مالي يُمكنهم من تجاوز تراجع الاسعار بسلام. وفي المقابل في ايران والعراق وليبيا من شأن ذلك اسقاط الانظمة وزيادة الفوضى. يستطيع الروس ايضا تغيير سلوكهم في الشرق الاوسط على ضوء التراجع الدراماتيكي في ايرادات النفط والتصرف بشكل عنيف أكثر من اجل كسر ما يعتبرونه مؤامرة أمريكية لتدميرهم.
نقطة ضوء في الظلام
موضوع آخر في تقديرات الاستخبارات العسكرية هو انهيار الدول القومية. ليبيا مقسمة إلى ثلاث دول: كيرنايكة في الشرق، طرابلسية في الغرب وبازان في صحارى الجنوب. السودان انقسمت إلى قسمين. اليمين، سوريا، العراق والصومال مفككة. هذا الامر كما تقول الاستخبارات العسكرية قد يمتد إلى دول اخرى ويتعمق أكثر في الدول المفككة حاليا.
مركبات داعش – سياسية وليست عسكرية في الوقت الحالي – موجودة في منطقة معان في الاردن. منظمة أنصار بيت المقدس في سيناء التي كانت مرتبطة مع القاعدة أعلنت مؤخرا عن ولائها لداعش. ومنذ ذلك الاعلان يتحضرون في القيادة الجنوبية للعملية الاولى لداعش التي سيتم تصديرها من سيناء إلى اسرائيل. أمير داعش، أبو بكر البغدادي، أعلن قبل بضعة اسابيع أن اسرائيل أحد أهداف التنظيم. الجهاد العالمي على اختلاف أنواعه يستمر في التحرك في الشرق الاوسط وافريقيا. فهو موجود في سيناء وفي غزة وفي سوريا وفي العراق وفي الصومال واليمن. وريث إبن لادن، أيمن الظواهري، الذي جاء من مصر لديه، على العكس من سلفه، أجندة شرق اوسطية وفي قلبها اسرائيل.
في الاستخبارات العسكرية يشيرون إلى اربعة معسكرات في الشرق الاوسط تحارب بعضها بعضا. الاول هو الخط الشيعي الراديكالي الذي يشمل ايران، سوريا، حزب الله، الجهاد الإسلامي والحوثيين في اليمن. يحاول هذا الخط معانقة حماس في هذه الايام. وفي الاسابيع الاخيرة أعلن مسؤولون ايرانيون أنهم يريدون نقل مساعدات عسكرية لحماس في الضفة.
الخط الثاني هو المعسكر المعتدل: مصر، الاردن، السعودية ودول الخليج. وقد انضمت في الايام الاخيرة قطر بعد أن أجبرها السعوديون على التوصل إلى تفاهمات مع مصر.
هذا التفاهم بين قطر ومصر مهم جدا لاسرائيل، حيث يستطيع اعاقة أو منع التصعيد في حدود غزة، وهذا التحالف قد يبعد الايرانيين عن حماس ويعطي دفعة اخرى لاعمار القطاع بمشاركة السلطة الفلسطينية.
لا شك أن هذه العملية سيتم تشويشها من قبل جهات في الجهاد العالمي وجهات من القطاع. وقد حصلنا في الايام الاخيرة على دليلين في محاولة لجر اسرائيل وحماس إلى مواجهة جديدة: اطلاق الصواريخ باتجاه حيفر اشكول من قبل الجهاد العالمي، واطلاق باتجاه جنوب القطاع من قبل قناص من منظمة غير معروفة. حماس التي تنظر إلى المال القطري والى اعمار غزة تقوم بجهود كبيرة لمنع الجهاد العالمي وجهات اخرى من العمل ضد اسرائيل. التعاون القطري المصري الموجود في بدايته قد يكون نقطة ضوء في ظلمة العلاقات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية في عام 2015.
يتابعون في اسرائيل باهتمام خطوات أبو مازن وتقديم المشروع لاقامة دولة فلسطينية خلال عامين لمجلس الأمن. اذا فعل أبو مازن ذلك بعد كانون الثاني فستكون هناك اغلبية للقرار، وسيحظى هذا الحدث بأبعاد اخرى. والتوتر بين اسرائيل والفلسطينيين سيزداد الامر الذي قد يؤدي إلى تدهور أمني.
التدهور الأمني بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية أو بين اسرائيل وغزة هو خيار واقعي في عام 2015. القدرات الصاروخية لحماس تصل اليوم إلى 30 بالمئة مقارنة مع تلك التي كانت لديها عشية عملية الجرف الصامد. هذا تحسن بـ 5 – 10 بالمئة منذ وقف اطلاق النار. والانفاق الهجومية في الشجاعية وخانيونس يتم اعادة ترميمها وبناءها من جديد رغم أنه غير معروف حتى الآن عن انفاق جديدة تصل إلى داخل الاراضي الاسرائيلية. توجد أدلة لدى اسرائيل على أن حماس قد اشترت الاسمنت من 8 آلاف عائلة حصلت عليه من الامم المتحدة بالتعاون مع اسرائيل من اجل اعمار بيوتها.
المعسكر الثالث هو الذراع السياسية للاخوان المسلمين. هم موجودون في غزة واسرائيل والاردن ومصر وسوريا. تقديرات الاستخبارات العسكرية لا تنفي احتمالية عودة المظاهرات إلى الميادين في الاردن ومصر لأن استقرار الاقتصاد في الدول العربية أمرا صعبا.
المعسكر الرابع هو الجهادي السني: داعش وجبهة النصرة وأنصار بيت المقدس وما يتفرع عنهم. هذه المعسكرات الاربعة تحارب بعضها البعض في داخل الملعب الشرق اوسطي. واسرائيل في الوقت الحالي هي المراقب الذي تصيبه بين الفينة والاخرى شظايا الحرب.
إستعدوا لهجوم السايبر
في الاستخبارات العسكرية يشيرون ايضا إلى تغيير في استخدام قوة العدو. حزب الله وحماس انتقلا إلى طرق دفاعية واستنزافية من خلال سلاح الهجوم في المناطق الاسرائيلية. الهدف هو ايضا رسم صورة انتصار وضرب قدرة الصمود لدى المدنيين. وقد رأينا هذا التغيير في عملية الجرف الصامد وفي حرب الانفاق واقامة الوحدات الخاصة للعمل داخل المناطق الاسرائيلية.
في المقابل فان حزب الله وحماس يشددان على ضرب اسرائيل من خلال سلاح دقيق: صواريخ شاطيء – بحر، طائرات بدون طيار وقذائف متطورة. أحد دروس عملية الجرف الصامد هو إدخال صواريخ قصيرة المدى لكنها تحمل رأسا متفجرا كبيرا، تُمكن من تدمير مباني قرب الحدود الامر الذي تم استخدامه في الجرف الصامد كأمر حيوي لكسر روح العدو. وحزب الله يمتلك صواريخ «الفرقان» التي تطير إلى مدى 4 – 5 كم لكنها تملك رأسا متفجرا ضخما.
نظرية الحرب الجديدة التي ستقف أمامها اسرائيل تركز ايضا على نشر القوات العسكرية: لا يوجد لدى الطرف الثاني هدف واضح، واحد أو اثنان، يسبب إحداث اختلال في توازن العدو. واستمرار الحرب ايضا من ناحية العدو هو أمر حاسم سيحاول خلق مواجهات أطول.
حزب الله جاهز في الجنوب اللبناني للأمر الايراني اذا ما شعرت ايران بالتهديد. ويستمر في التسلح، وسيطرة السلطة اللبنانية على الكانتونات القومية جزئية فقط. وفي الوقت الحالي يتعاون حزب الله والجيش اللبناني على كبح جبهة النصرة والجهاد العالمي اللبناني.
خطر آخر قد يفاجئنا هذا العام هو هجوم السايبر: على اسرائيل الانتباه إلى أننا سنستيقظ في أحد الايام على هجوم عسكري ومدني. ونتائج هجوم كهذا رأيناها مؤخرا في كوريا الشمالية.
الانتقاد الذي يُسمع من الجيش حول تقديرات الاستخبارات العسكرية السنوية لا يتناول الحقائق وانما التحليلات، حيث أن تقديرات الاستخبارات العسكرية لا تنظر إلى الفرص وانما فقط التهديدات، نصف الكأس الفارغ. وقد يكون سبب عدم رؤية النصف المليء للكأس هو المكانة المتدنية لاسرائيل اليوم في الساحة الدولية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس