النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء اسرائيلي 12/01/2014

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء اسرائيلي 12/01/2014

    أقــلام وآراء إسرائيلي الاثنيـــن 12/1/2015 م


    في هــــــذا الملف

    أوروبا تغير تعاملها مع المسلمين
    بقلم:آشر شختر،عن هآرتس

    ارتفاع شعبية داعش والقاعدة ستؤدي الى المزيد من العمليات في اوروبا
    بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس

    باريس في السواد
    العملية غيرت الفرنسيين... فهم يقفون حدادا على أنفسهم وعلى قيمهم اكثر من حدادهم على قتلى العملية
    بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت

    البدلة الواقية لحزب الله
    بقلم:يورام شفايتزر وبنديتا بارتي،عن نظرة عليا

    مثلما حصل في الولايات المتحدة بعد احداث 11 ايلول 2001 سيؤدي الحفاظ على الامن في هذه الحالات بالضرورة الى قيود معينة على حريات الفرد
    بقلم: يوسي ميلمان،عن معاريف





    أوروبا تغير تعاملها مع المسلمين

    بقلم:آشر شختر،عن هآرتس

    فرنسا ومعها اوروبا جميعها تلقت في الايام الاخيرة مذكرة موجعة للتحديات الكامنة في استيعاب السكان المسلمين في القارة. والحقيقة هي أن اثنين على الاقل من المعتدين الثلاثة اللذين اقتحموا موقع المجلة الفرنسية في باريس وقتلوا 12 شخصا بريئا هم من مواطني الدولة، الاخوة سعيد وشريف كواشي من مواليد فرنسا من أصل جزائري في الثلاثينات من أعمارهم الذين تنطبق حالتهما على ما تزعمه «مارين لوبان» وحزب «الجبهة الوطنية» اليمينية المتطرفة، التي تحذر الفرنسيين منذ سنوات من أنه لا يوجد أي مجال في أن يتعايش المجتمع الفرنسي مع الاسلام بسلام. الهجوم المثير على «شارلي إبدو» ليس هجوما على حرية التعبير بل ايضا هو تعبير عن النسيج الاجتماعي اللطيف لفرنسا الآخذ في التفكك بوتيرة مقلقة في السنوات الاخيرة، وتعبير عن فرص المجتمع الفرنسي في استيعاب الاقلية المسلمة الكبيرة (الأكبر في غرب اوروبا) في داخلها. ويبدو أن اسوأ المخاوف التي تعيشها فرنسا من قبل مئات المواطنين الذين قاتلوا في السنوات الاخيرة في صفوف تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) والقاعدة في العراق وسوريا، قد تحقق. وباضافة حالات فارقة على صفحة المجلة الاخيرة «شارلي إيبدو» التي صدرت في يوم العملية ظهرت شخصية الكاتب الفرنسي ميشيل وولباك الذي انتقد بشدة الاسلام في السنوات العشر الاخيرة وتمت ملاحقته من قبل منظمات اسلامية بسبب هذا. وكتابه الاخير الذي صدر يوم الاربعاء تحت عنوان «الخنوع» يتوقع حدثا مستقبليا (غير واقعي كما يعترف بنفسه) في 2022 وهو أن يقوم مرشح اسلامي ويهزم لوبان ويفوز في الانتخابات الرئاسية بحيث يكون مدعوما من الاسلاميين واليمين المعتدل. وبعد يوم من ذلك ستتوقف النساء عن اللباس الغربي والذهاب إلى العمل. وفي الاحياء الفقيرة اليوم في فرنسا تختفي الجريمة وتتحول الجامعات إلى اسلامية ويستقيل المعلمون غير المسلمين اذا لم يكن في امكانهم اعتناق الاسلام. وعلى الصفحة الساخرة لـ «شارلي إيبدو» تحت العنوان «نبوءات الساحر وولباك»، حيث يقول: في 2015 سأفقد أسناني وفي 2022 سأصوم في رمضان.
    وفي المقابل للذكرى التراجيديا والصعوبات في استيعاب الاقلية الاسلامية الآخذة في الازدياد تلقت اوروبا هذا الاسبوع تذكيرا آخر بالمأزق الأخلاقي الذي تواجهه القارة في هذه الايام الذي يتعلق باللاجئين (واغلبيتهم من المسلمين) الذين يستمرون في الوصول اليها بأعداد كبيرة. ومنذ اسبوعين كان 360 مهاجرا سوريا على ظهر سفينة «عز الدين» التي تم جرها إلى الشاطيء من قبل حرس السواحل الايطالي، حيث كانوا يجلسون باكتظاظ ومجمدين في حاويات أُعدت في الأصل لنقل الابقار. وقد نفذ لديهم الماء والغذاء منذ اليوم الاول، وفيما بعد نفذ لديهم الوقود وبقيت السفينة بلا كهرباء، فقرر طاقم المهربين الذين دفع لهم اللاجئين بين 1000 إلى 2000 دولار للفرد الواحد – قرروا تركهم في عرض البحر بدون كهرباء وفي احوال جوية عاصفة.
    هؤلاء اللاجئون أكثر من 70 منهم تحت سن الـ 18، وبينهم ايضا اطفال ونساء حوامل خرجوا قبل اسبوعين من تركيا على سفينة «عز الدين»، وهي سفينة نقل عمرها 50 سنة رفعت علم سيراليون (وكانت مسجلة في لبنان). واغلبية هؤلاء هم ناجون من الحرب الاهلية في سوريا التي حولت في السنوات الاربع الاخيرة نحوا من 3 ملايين شخصا إلى لاجئين. وأغلبية هؤلاء اللاجئين تدفقوا إلى الدول المجاورة، مثل لبنان التي تزايد عدد سكانها بنسبة 25 بالمئة بعد أن وصل اليها 1.5 مليون لاجيء سوري في السنوات الاخيرة. ولكن الآلاف منهم اختاروا أن يدفعوا ما لديهم من مال والمخاطرة بحياتهم من اجل الوصول إلى اوروبا يحدوهم الأمل بأن يحظوا بحياة أفضل. ونقطة الانطلاق كانت دائما تركيا أو ليبيا، والهدف في اغلب الاحيان هو ايطاليا أو اليونان أو مالطا. وهي بوابات اللاجئين السوريين إلى الحلم الاوروبي.
    ولحسن حظ لاجئي سفينة «عز الدين» وبعد أن تركها أفراد الطاقم على مسافة 65 كم من شواطيء ايطاليا عثرت عليها سفينة حرس السواحل الايسلندي التي كانت تقوم باعمال الدورية في المنطقة في اطار برنامج الاتحاد الاوروبي، وشخصت السفينة بعد أن سمعت منها نداءات الاستغاثة من قبل المسافرين، واضطر حرس السواحل الايطالي إلى جرها إلى ميناء كورليانو كالبرو بسبب الاحوال الجوية العاصفة. وبذلك تمكن اللاجئون الذين تم أخذهم إلى ملجأ في ايطاليا بعد ذلك من تقديم طلبات اللجوء السياسي. لم يحظ جميعهم بالموافقة ولكن وضعهم سيكون افضل مما كان عليه وضع 20 ألف طالب لجوء آخرين الذين ماتوا في العقدين الاخيرين في البحر وهم يحاولون الوصول إلى اوروبا.
    إن حادثة «عز الدين» ليست حادثة منفردة، بل هي سفينة الاشباح الثالثة التي تم انقاذها من قبل حرس السواحل الايطالي وهي مليئة باللاجئين، خلال أقل من اسبوع، والثانية التي تم انقاذها خلال ثلاثة ايام. قبل يومين كانت السفينة بلوسكاي إم التي تُركت في عرض البحر وعلى متنها 750 لاجئا سوريا دفعوا آلاف الدولارات من اجل الوصول إلى اوروبا، وبعضهم استجابوا للاعلانات في الـ«فيسبوك» التي اقترحت على طالبي اللجوء السوريين ممرا آمنا إلى اوروبا مقابل 6 آلاف دولار للشخص، وقد وجد اربعة منهم ميتين على ظهر السفينة.
    إن التقارب في الزمن بين انقاذ السفينتين ليس صدفة. ففي الاشهر الاخيرة كانت عملية ترك لسفن نقل كبيرة محملة باللاجئين، كانت عبارة عن تكتيك مركزي لشبكات التهريب الاوروبية التي تحولت في الربيع العربي إلى شبكات تهريب ذكية وأكثر جرأة من أي وقت مضى. ويقوم هؤلاء بعمليات ابداعية من اجل مضاعفة ارباحهم من المعاناة الانسانية. وقد كانوا في السابق يستخدمون وسائل نقل صغيرة وخفيفة، ولكن في الاشهر الاخيرة تحولوا إلى استخدام سفن النقل الكبيرة والقديمة التي خرجت من الخدمة حيث يستطيعون أن يحملوا فيها مئات اللاجئين ويربحوا نحوا من مليون دولار في كل رحلة. في السابق كانت القوارب الصغيرة تخرج إلى اوروبا من ليبيا (وهناك ايضا كان المهربون يتركون المسافرين في عرض البحر)، ولكن السفن الكبيرة تخرج اليوم من الموانيء التركية، وهناك يجبي المهربون ثلاثة اضعاف ما كان يجبيه المهربون من ليبيا.
    الفكرة البسيطة هي: المهربون ينقلون أعدادا كبيرة من اللاجئين – سوريين، اكراد أو من شمال افريقيا – في سفن نقل قديمة يشترونها بمبلغ 100 – 150 ألف دولار حسب التقديرات ويوجهونها إلى اوروبا بواسطة قبطان آلي ويهجرونها بعد فترة قصيرة في زوارق ذات محركات، ويبقى طالبو اللجوء وحدهم في ظروف صعبة وغالبا بدون غذاء على السفينة التي لا يقودها أحد. ويفترض المهربون أن الاوروبيين – اليونانيين أو الايطاليين – لن يسمحوا لسفينة مملوءة بالمهاجرين بالتحطم أمام شواطئهم بدون انقاذ من عليها. وهكذا ينجح هؤلاء في ضمان الأمان لطالبي اللجوء الذين كانوا تحت سيطرتهم، ويصل اللاجئون إلى اوروبا، ومن ناحية اخرى يضاعف هؤلاء ارباحهم. إن السفن التي ينقلون فيها هي بصعوبة يمكن تسميتها سفن. فهي سفن قديمة جدا تُبدل أسماءها بين حين وآخر وتُبدل أصحابها وأهدافها وطرق سيرها، وهي مُعدة لنقل البضائع وبعيدة جدا عن أن تكون آمنة، ويتم شراؤها اغلب الظن كسفن للتفكيك. ويصعد عليها المهاجرون اليائسون في رحلة خطرة إلى اوروبا، وهي سفن نقل خربة يفضلها اللاجئون على الحروب التي هربوا منها. وميناء مارسين في تركيا يستخدم على الاغلب كنقطة انطلاق لسفن النقل الكبيرة لأنه ما زال يرتبط بمدينة اللاذقية السورية من خلال العبارات. وهذا ما يحول هذه الظاهرة إلى خطرة بشكل خاص وهو أنه من الصعب العثور على هذه السفن حتى عندما تسير بسرعة باتجاه الشاطيء، وفي احيان كثيرة تكون هيئة التشخيص الآلية لها معطلة وهذا ما يحولها إلى غير ممكنة الكشف، ولهذا السبب فعلّت ايطاليا في الاونة الاخيرة برنامج للبحث والانقاذ اسمه «مارامستروم» الذي تم العمل به بعد غرق أكثر من 350 طالب لجوء في 2013. وحسب التقديرات فان «مارامستروم» أنقذ حتى الآن حياة 100 ألف انسان، ولكن تم الغاؤه مؤخرا بسبب تكلفته العالية، حيث أن ايطاليا ما زالت تواجه ازمة اقتصادية، وتكاليف البرنامج تُقدر بنحو 9 ملايين يورو في الشهر. وبناءً على طلب ايطاليا قامت وكالة تأمين الشواطيء «فرونتكس» بالحلول محل «مارامستروم»، والبرنامج الخاص بها اسمه «ستريتون»، وهذا البرنامج أقل كلفة من البرنامج السابق بنحو ثلثي القيمة.

    صناعة تهريب اللاجئين

    ظاهرة سفن الاشباح من سوريا التي تحولت في الاشهر الاخيرة إلى وجع رأس كبير للايطاليين – 15 سفينة اشباح وصلت إلى ايطاليا منذ آب – هي فقط جزء صغير من ازمة اللاجئين الكبيرة التي تواجهها اوروبا في هذه الايام. ومئات آلاف طالبي اللجوء من سوريا وافريقيا، مسلمين وغير مسلمين، يطرقون الابواب. وهذه اكبر ازمة انسانية تمر بها قارة اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وعلى خلفية صعود اليمين المتطرف وموجة الكراهية المعادية للاسلام التي تغمر اوروبا في هذه الايام (ومن المتوقع أن تتزايد في اعقاب الهجوم الارهابي على شبكة «شارلي إيبدو»)، والابعاد السياسية والاجتماعية لهذه الازمة ستكون كبيرة. ففي 2013 تم تقديم 435 ألف طلب لجوء إلى اوروبا، أي حوالي 100 ألف أكثر من عام 2012، وهذه الوتيرة آخذة في الازدياد.
    وسبب تزايد طلبات اللجوء إلى اوروبا هو أن عدد اللاجئين في العالم آخذ في الازدياد. ففي السنوات الاخيرة، بسبب الصراعات في سوريا والعراق ولبنان واريتيريا وبسبب الربيع العربي، طُرد ملايين اللاجئين أو اضطروا إلى ترك بلادهم والبحث عن ملجأ في دول اخرى. وفي السنة الاخيرة وحدها اضطر 50 مليون شخص إلى ترك بيوتهم في اعقاب الحروب والصراعات في بلادهم. وهو العدد الاكبر من المقتلعين منذ الحرب العالمية الثانية. ومن بين هؤلاء اللاجئين 348 ألفا حاولوا القيام بذلك عبر البحر في 2014، وأكثر من 207 آلاف منهم حاولوا الدخول إلى اوروبا – ثلاثة اضعاف ما كان عليه الوضع سابقا في 2011. بعد اندلاع الحرب الاهلية في ليبيا، حسب معطيات وكالة اللاجئين التابعة للامم المتحدة، فان 3500 منهم ماتوا خلال ابحارهم إلى اوروبا (في 2013 مات حوالي 600)، 150 ألفا تم انقاذهم من قبل ايطاليا وحدها.
    إن وصول مئات الآلاف من طالبي اللجوء في السنة إلى شواطيء اوروبا هو جزء من القصة فقط. حسب منظمة الهجرة الدولية، 10 بالمئة من المهاجرين غير القانونيين الذين يدخلون اوروبا يقومون بذلك عن طريق البحر، وعدد كبير آخر يقومون بذلك عن طريق البر من خلال دول مثل هنغاريا وبلغاريا المجاورة لدول شرق اوروبا والتي ليست عضوا في الاتحاد الاوروبي. ولكن ازدياد المهاجرين عبر البحر هو نتيجة تشديد المتابعة في الحدود البرية للاتحاد، الامر الذي يكشف الازمة التي يجب أن تواجهها اوروبا في هذه الايام. والمأزق الذي يجب أن يواجهه الاوروبيون عموما: هل يستوعبون جميع هؤلاء المهاجرين في ديارهم على رغم المشاكل الاقتصادية والسياسية والثقافية المترتبة على ذلك، أم يعيدوهم إلى بلادهم حيث سيكون موتهم.
    إن اوروبا التي يتزايد فيها كره الاجانب في السنوات الاخيرة، تعتبر طالبي اللجوء تحديا سياسيا واقتصاديا واخلاقيا مركب لها، ويبدو أن اوروبا لم تتحرك لمواجهة هذا التحدي بعد. ومن جهة اخرى ليس لديها الكثير من المبررات.
    إن الهجرة الحالية تضع اوروبا في فترة حساسة بشكل خاص التي تتعاظم فيها قوة اليمين المتطرف الذي يكره الاجانب مثل المانيا والدانمارك والسويد. إلى جانب هذا حظيت الاحزاب المعارضة للهجرة مثل فرنسا بنجاح كبير. والاقتصاد الاوروبي يعاني من المشكلات ويصعب على الدول الاوروبية قبول طالبي اللجوء كما عملت في السنوات العشر السابقة للازمة. ففي هذا الاسبوع مثلا اضطرت بلغاريا الرازحة تحت عبء اللاجئين السوريين المتدفقين اليها منذ سنوات عبر تركيا – اضطرت إلى اعادة قبول أكثر من 3 آلاف لاجيء غادروا اراضيها وحاولوا دخول دول اوروبية اخرى. ومعا مع ايطاليا ومالطة واليونان تدعي بلغاريا أن الوضع الحالي الذي تتحمل فيه وحدها اعباء استيعاب اللاجئين هو وضع غير منطقي. وفي السنوات الاخيرة منذ اقامة «فرونتكس» في 2004 شددت دول اوروبا من سياسات الهجرة اليها إلى درجة ان منظمات حقوق الانسان بدات تنعت سياسات الهجرة لهذه الدول «حصن اوروبا» (وهو مصطلح استخدمه النازيون في وصف دول اوروبا المحتلة التي بنت على شواطئها جدارا بديلا لمنع دخول دول الحلفاء. في شهر تموز نشرت منظمة حقوق الانسان «إمنستي انترناشيونال» تقريرا تحت عنوان «الثمن الانساني للحصن الاوروبي» انتقدت من خلاله الرد الاوروبي على موجة اللاجئين التي تحاول الوصول إلى اوروبا ومحاولات منعهم من الدخول. وفي التقرير تدعي المنظمة أن دول اوروبا استثمرت في السنوات الاخيرة في بناء الجدران وتكنولوجيا المتابعة وقوات الشرطة ومنشآت الاعتقال من اجل بناء حصن غير قابل للاختراق ومعد لابقاء المهاجرين في الخارج. إن نجاح تلك الخطوات في كبح دخول طالبي اللجوء هو أمر مشكوك فيه كما تقول «إمنستي». والثمن الانساني مقابل ذلك لم يتم أخذه بعين الاعتبار.
    فيما وصف التقرير كيف تحاول دول اوروبا مثل اليونان وبلغاريا اعادة طالبي اللجوء إلى بلادهم بشكل مخالف لقوانين الاتحاد الاوروبي التي تمنع الاعادة بالاكراه لطالبي اللجوء إلى بلادهم التي قد يعيشون فيها في حالة خطر. حسب القانون الاوروبي يوجد لطالبي اللجوء حق في الغذاء والعلاج الطبي ومنح الملجأ، ولهم الحق في التقييم الخاص لمطالبهم الشخصية. وبامكانهم تقديم طلب لجوء سياسي، ولهم الحق في الحصول على العمل بعد تسعة اشهر.
    تغيرت السياسات الاوروبية تجاه طالبي اللجوء في السنوات الاخيرة على خلفية الموجة المتزايدة لكره الاسلام وزيادة قوة الاحزاب اليمينية المتطرفة التي نقشت على رايتها كراهية الاجانب، والتي تضغط على السياسيين المعتدلين وتدفعهم إلى التعامل مع مخاوفها ومخاوف ناخبيهم. اذا كانت قبلت دول مثل اسبانيا سياسات هجرة ليبرالية أدت إلى موجة هجرة كبيرة في سنوات ما قبل الازمة الاقتصادية فانها اليوم تخشى من أن يتسبب ذلك بعبء اضافي على انظمة الربح الخاصة بها. بريطانيا مثلا رفضت في تشرين الاول دعم مهمات انقاذ طالبي اللجوء في البحر المتوسط بدعوى أن عدم انقاذهم يشكل عامل ردع جيد لهم، وقد تم تبني هذه السياسة من قبل دول اوروبية اخرى سمتها منظمات حقوق الانسان سياسات «دعوهم يغرقون».
    ولكن المشكلة الكبيرة لرئيس حكومة بريطانيا دافيد كامرون هي ليست طالبي اللجوء من سوريا وافريقيا بل شيئا آخر وهو طالبو اللجوء من اوروبا نفسها. فهو معني باصلاح سياسات الهجرة للاتحاد الاوروبي قبل اجراء استطلاع للرأي العام الذي وعد البريطانيون في 2017 فيما يتعلق بمواصلة عضويتها في الاتحاد الاوروبي الذي يشكل عام الضغط على الاتحاد الاوروبي لتغيير ميثاقه الاساسي الذي يحترم حرية التعبير ليكون بامكانه كبح جماح هجرة البولونيين والاسبان واليونانيين إلى بريطانيا واحد التغيرات في هذه السياسة هو برنامج يمنع المهاجرين الذين حصلوا على لجوء في اوروبا من المخصصات قبل المكوث فيها اربع سنوات على الاقل.

    حتى في السويد يحرقون المساجد

    مع الكثير من الاحترام للاسبان الذين يطلبون بدل بطالة من بريطانيا فان ما يزعج الجمهور الاوروبي هو المهاجرون المسلمون وتشديد التعامل الاوروبي مع طالبي اللجوء المسلمين بأغلبيتهم ليس عرضيا، فان سياسيين مثل كامرون وانجيلا ميركل وفرانسوا أولاند (دعم بشكل متحمس الهجرة) يجب أن يواجهوا في السنوات القادمة التزايد المقلق في قوة اليمين المتطرف لاحزاب مثل حزب الاستقلال البريطاني والسويديين الديمقراطيين في السويد وسياسيين مثل مارين لوبان في فرنسا وحركات سياسية راديكالية مثل بغيدا الالمانية، وهذا الحزب الالماني مثال ممتاز للطريقة التي تهدد بها ازمة اللاجئين اوروبا واستقرار الهيئات السياسية. وجيدا هذه (الوطنيون الاوروبيون ضد أسلمة الغرب) قامت في الاشهر الاخيرة بعدة مظاهرات واعتصامات في المانيا وخارجها وصلت ذروتها في الاسبوع الماضي بمظاهرة عملاقة في مدينة دردزان تواجد فيها 18 ألف متظاهر احتجاجا على أسلمة المانيا نتيجة قبول طلبات آلاف اللاجئين المسلمين اليها في السنوات الاخيرة. ومنظمة بغيدا هذه هزت الجمهور والهيئة السياسية في المانيا بسبب تصريحاتها العنصرية ونشاطاتها وبسبب أنها راكمت شعبية كبيرة في عدة مدن في المانيا وخارجها منذ انشائها. ولكن لمزيد المفارقة فانها الاكثر شعبية في درزدن وذلك بسبب أنه في ولاية سكسونيا التي تقع فيها دردزن فقط 3 بالمئة من سكانها من المهاجرين ومنهم 0.1 بالمئة مسلمين.
    ومع ذلك لا شك أن بغيدا تمثل جذبا كبيرا ومتزايدا في المانيا ضد ما يُعرف في اوساط الجمهور الألماني بالعجز أو عدم رغبة السياسيين في كبح الهجرة الاسلامية إلى الدولة. وحسب استطلاع اجرته «دير شبيغل» في الشهر الماضي فان ثلث الالمان يؤمنون ان المانيا تعيش حالة أسلمة وان ثلثي المستطلعة اراؤهم يعتقدون ان الحكومة لا تقوم بما يكفي لتهدئة هذه المخاوف. ان المانيا هدف الهجرة الثاني الكبير في العالم بعد الولايات المتحدة، وقد قبلت عددا كبيرا من طلبات اللجوء في 2014 لنحو 200 ألف شخص اغلبهم من العراق وسوريا، وذلك اكبر من أي دولة في اوروبا، وفي 2015 يتوقع ان يتزايد هذا العدد بشكل كبير.
    ولكن تزايد قوة اليمين المتطرف بعيدة عن ان تكون مشكلة في المانيا بمعان مختلفة. فالهزة الارضية التي تسببها الهجرة الحالية هي في بدايتها، وفي بريطانيا كانت المنظمة الانفصالية كارهة الاجانب هي المنتصرة الكبرى في الانتخابات للبرلمان الاوروبي قبل اكثر من سنة. وفي السويد ذات الشخصية الاكثر تحملا يظهر فيها حزب السويديين الديمقراطيين الذي يتحول إلى الحزب الثالث في حجمه في البرلمان. وفي السويد تم احراق ثلاثة مساجد في الاسابيع الاخيرة. وقائد حزب السويد الديمقراطي، يامي اكسون، وصف الاسلام ليس كالخطر الاكبر على السويد منذ الحرب العالمية الثانية بل كخطر على دولة الرفاه القائمة في السويد. وفي فرنسا التي هزها الهجوم على مكاتب المجلة فمن المتوقع أن تدخل لوبان إلى قصر الاليزيه في 2017.
    إن من قرر التدخل في ازمة اللاجئين الاوروبية هو البابا فرانسيسكو في خطاب في الذكرى السنوية لغرق السفينة «بلموفديزا»، دعا اوروبا إلى تغيير سياسة الهجرة الخاصة بها وفتح ابوابها للاجئين. «أطلب من جميع النساء والرجال في اوروبا فتح ابوابهم وقلوبهم»، كما قال البابا، ثم توجه للاجئين وقال لهم «اريد ان تعرفوا اني قريب منكم وأصلي من اجلكم وأصلي لأن تفتح الابواب المغلقة امامكم على مصراعيها».
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
    ارتفاع شعبية داعش والقاعدة ستؤدي الى المزيد من العمليات في اوروبا

    بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس

    إن ارتفاع شعبية داعش والقاعدة ستؤدي الى المزيد من العمليات في اوروبا مثل العمليات في مومباي ونيروبي. حيث لم يأت الارهابيون من اجل ادارة المفاوضات بل من اجل الذبح. لقد فشلت المخابرات الفرنسية عندما لم تتمكن من ملاحقة منفذي العمليات، وفشلت في حماية المؤسسات اليهودية، وسيكون بالامكان العثور على اماكن اخرى.
    لقد انتهت الدراما التي بدأت قبل 48 ساعة في مكاتب المجلة الاسبوعية الساخرة “شارلي هبدو” وكانت النتائج متضاربة. وقد تم قتل المنفذين للمذبحة في المجلة الاسبوعية والشخص الآخر الذي خطف الرهائن في البقالة في شرق باريس وقُتل ايضا الرهائن الاربعة الذين احتجزهم المخرب في البقالة.
    يبدو أنه لم يكن لدى قوات الامن الفرنسية مجال كبير للمناورة. فمنذ اللحظة التي تم فيها العثور على الأخوين كواشي في المطبعة شمال باريس وتبين وجود عملية اخرى في البقالة، كان واضحا أن وحدات محاربة الارهاب قد أخذت تعمل في سباق مع الزمن. فبعد أن تم قتل 12 شخصا في مكاتب المجلة الاسبوعية لم تبق امكانيات حقيقية لادارة مفاوضات مع الأخوة المتحصنين. والمطلب الذي وضعه الخاطف الثالث حمدي كوليبالي السماح للاخوة بالخروج من غير ضرر كان مطلبا غير مقبول، وتطلب الامر اقتحام الموقعين حتى بثمن المخاطرة بحياة الرهائن.
    يمكن الافتراض أن الهدف الاساسي الذي وضعته القوات المقتحمة نصب أعينها، اضافة الى انقاذ اكبر عدد ممكن من المخطوفين، كان انهاء القضية بسرعة. وكل ساعة اضافية تنشغل بها وسائل الاعلام الدولية كانت بمثابة ربح صافي للخاطفين في الموقعين. ومن اجل الاعداد لعملية الانقاذ يتطلب الامر معلومات استخبارية عن الموقعين وكاميرات تصوير وتسجيلات ورؤية واضحة لموقع الاحداث، وخطة تنفيذية للاقتحام واختيار مسار التقدم الملائم. كل هذا يأخذ زمن ولكن حسب التقارير الاولية من فرنسا في مساء يوم الجمعة فان الاخوة كواشي هما اللذين أمليا مسيرة الاحداث. فمن اللحظة التي خرجا فيها مطلقي النار نشأت حاجة ملحة لانهاء عملية الاختطاف بسبب أن كوليبالي هدد بقتل الرهائن اذا تم الحاق الاذى بالاخوين كواشي.
    ولسلسلة الاحداث التي حدثت في فرنسا شبه كبير بالاعتداء الارهابي في مومباي في الهند في 2008 وعملية اقتحام المجمع التجاري في نيروبي في كينيا في 2013. وفي بضعة حوادث كبيرة في السنوات الاخيرة فان الارهابيين المحسوبين على الاسلام المتطرف لم يأتوا لادارة المفاوضات. فالهدف هو شيء آخر: الذبح الجماعي وبعده وجلب الانتباه الى افعالهم. وذلك بسبب أنه في هذه الايام أكثر مما كان في الماضي فان أي عملية في عاصمة اوروبية ستضمن للمنفذين تغطية اعلامية عالمية في شبكات التلفزة ومواقع الانترنت، وإن تأثير الارهاب آخذ في الازدياد مع الزمن (المذبحة في مدرسة في الباكستان في الشهر الماضي والاعتداء الارهابي لبوكو حرام في نيجيريا التي استمرت هذا الاسبوع ايضا، حظيت بعشر ما حظيت عليه من التغطية الاعلامية الاحداث في باريس).
    إن التبريرات التي قدمها المخربون للاعتداء على المجلة الاسبوعية هي نشر كاريكاتورات تمس بشرف النبي محمد. وهذا الادعاء لا يبدأ من عند تنظيم داعش (الدولة الاسلامية) ولا يبدأ من عند القاعدة. بل إن ايران الشيعية هي التي أصدرت فتوى في الماضي ضد الكاتب سلمان رشدي على كتابته “الفصول الشيطانية” في نهاية الثمانينيات. وبعد ذلك ثارت العاصفة حول الكاريكاتورات في الصحيفة الدانماركية. والتغير الآن يكمن في العلاقة القوية بين الغرب وبين ما يجري في الشرق الاوسط. فالقطار الجوي لنشطاء الجهاد الى سوريا والعراق وبالعكس وتغطية المحطات التلفازية في الاقمار الصناعية العربية لاحداث الحرب بشكل واسع تدعم التطرف في اوساط جزء من الشباب المسلمين في اوروبا. والتوتر مع الغرب سيزداد على خلفية الهجمات الجوية التي يقوم بها التحالف الدولي على داعش منذ ايلول الماضي. وقد قدرت اجهزة الاستخبارات الاوروبية مسبقا أنه خلال اشهر معدودة يتوقع أن تحدث موجة من عمليات الانتقام ضد اهداف غربية بسبب ذلك الهجوم.
    واذا كانت المعلومات التي نشرت عن مكوث أحد الاخوة كواشي في معسكر تدريب للقاعدة في اليمن، صحيحة، فان ذلك يعني أنه يوجد اختراق كبير في عمل اجهزة المخابرات الفرنسية. فانسان كهذا كان يجب أن يكون تحت المتابعة المتواصلة، وكان معروفا ايضا أنه على اتصال مع نشطاء اسلاميين متطرفين في فرنسا. وذلك يعني أن هذه العمليات كان يجري التخطيط لها. وبسبب أن هذه العمليات، كما توصف في وسائل الاعلام، بأنها “11 ايلول الفرنسي” فيفترض أن تزداد المتابعة وتعقب المسلمين المتطرفين في فرنسا في الاشهر القريبة وأن يتم اتخاذ اجراءات استخباراتية وعمليات تأمين وحماية بحجم واسع.
    يمكن فقط أن نأمل أن لا تبالغ فرنسا في هذه الاجراءات كما بالغت ادارة بوش التي دفعت الامريكيين الى القيام بعمليات التعذيب في أبو غريب وفي معتقل غوانتنامو، والقيام بعمليات تعقب ومطاردة للمدنيين في الانترنت وفي الهواتف، كما كشف قبل سنة ادوارد سنودن.
    ومثل العمليات الاخيرة في طولوز وبروكسل تم هنا ايضا اختيار هدف يهودي للاعتداء الارهابي في باريس، الذي يضاف الى سلسلة التقارير عن اعتداء المسلمين على يهود في الاشهر الاخيرة. وفي اجهزة الامن والوسط السياسي في اسرائيل تجري الآن نقاشات أولية للبحث حول امكانيات مساعدة الجاليات اليهودية في اوروبا للتغلب على مشكلة حماية مؤسساتها، وحماية الكنس والمراكز الجماهيرية والمؤسسات الثقافية، وستتم مضاعفتها. ولكن الارهاب الذي يريد أن يعمل يجد دائما الهدف السهل وغير المحمي كما هي البقالة، للاعتداء عليه.
    الافتراض المعقول هو أن الاهداف الدرامية للاسبوع الماضي ليست الحلقة الاخيرة في السلسلة، فعلى خلفية شعبية التنظيمات مثل داعش والقاعدة في اوساط الشباب المسلم في الغرب، يجب أن نتوقع عمليات اخرى من جانب المسلمين في اوروبا وضد اليهود ايضا.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
    باريس في السواد
    العملية غيرت الفرنسيين... فهم يقفون حدادا على أنفسهم وعلى قيمهم اكثر من حدادهم على قتلى العملية

    بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت

    باريس. حداد وطني يمر على فرنسا منذ العمليات الارهابية الاسبوع الماضي. المشهد فريد من نوعه. كنت في نيويورك غداة عمليات ايلول 2001. هذا كان مشابها ولكنه مختلف؛ غطيت حدادنا على اغتيال رابين في 1995. هذا كان مشابها ولكنه مختلف. لقد صدم الامريكيون حتى أعماق روحهم عندما اكتشفوا بانهم غير محصنين من الارهاب. البرجان التوأمان، رمز القوة الامريكية، انهارا امام ناظريهم. لقد خرجوا للانتقام بالدم والنار: ضد بن لادن، طالبان، صدام حسين. وامتلأت المدن الكبرى في أمريكا بجنود الحرس الوطني بكل عتادهم. وقد بدوا وكأنهم في أرض محتلة.
    اما الاسرائيليون فقد اختاروا عن أي رابين يريدون ان يقيموا الحداد ـ كل واحد وأفكاره، كل واحد وحزبه. وسرعان ما تحول الغضب إلى بكاء، والنار الكبرى ـ إلى شموع.
    أما الفرنسيون فيحدون بشكل مختلف. امس اجتمع العشرات ـ وربما المئات ـ في مظاهرة عفوية في الميادين في المدن الفرنسية. كان تواجد مكثف في الاماكن العامة لرجال الدرك، ولكن باريس واصلت تعيش حياتها. وهي لم تحتل.
    الالاف جاءوا لكل الميادين. صمتوا على مدى ساعة وذهبوا إلى البيوت. والحداد سيبلغ ذروته اليوم في المظاهرة في باريس، التي يفترض بها أن تكون اكبر المظاهرات التي تشهدها فرنسا. اكبر من مظاهرات الطلاب في 1968، أكبر من المظاهرة التي سجلت الانتصار على المانيا في نهاية الحرب العالمية الثانية، أكبر من الانقضاض على سجن الباستيل في 1789، والذي بشر بالثورة الفرنسية. وليس صدفة أن اختارت الحكومة الفرنسية بدء المظاهرة اليوم في ميدان الباستيل.
    في هذه المرحلة هم يحدون بوقفة صمت. لا يبكون، لا يحتجون، فقط يرفعون يافطات تحمل اسماء المغدورين مضافا اليها كلمة «أنا». تحدثت امس مع موظف كبير في الحكومة الفرنسية، شخص يتابع عن كثب مواجهة فرنسا مع الارهاب. طلبت أن يشرح لي ـ أنا الضيف للحظة ـ رد فعل أبناء شعبه. قال: «هم مصدومون. ما أذهلني هو حجم التضامن، عمق المشاعر. فهذا ليس الـ 17 الذين قتلوا، بل القيم التي قتلت، المسلمات التي تبنى عليها الحياة هنا. معظم الفرنسيين لم يقرأوا أبدا المجلة الساخرة «شارلي ايبدو» مشكوك أن يكونوا سمعوا عنها، ولكن القتل اصاب اصابة قاتلة الثقة التي لهم بنمط حياتهم. انت تعرف جيدا، قلت، الطريقة التي رد فيها الاسرائيليون على عمليات الارهاب. ما الفرق؟
    قال: «فارقان. وكلاهما يجعلان العمليات في فرنسا أخطر. في اسرائيل ارهاب الانتحاريين كان أعمى: هاجم دون تمييز؛ الهجمات على الصحيفة وعلى السوبرماركت اليهودي كانت مقصودة. والاساس: انتم واجهتم الارهاب الذي جاء من الخارج؛ هذا صحيح ايضا بالنسبة للامريكيين؛ أما الارهاب في فرنسا فجاء من الداخل. المنفذون هم مواطنون فرنسيون، ولدوا أو تربوا هنا، يتكلمون الفرنسية النقية، وهم جزء من المجتمع الفرنسي. هذا صعب. عندما يستيقظ الفرنسيون من الصدمة سيسألون كيف ربيناهم؛ بعض منهم سيطالب بالفصل على اساس ديني او عرقي ـ اخراج المسلمين من المجتمع الفرنسي. وهذه ستكون فرنسا أخرى». هذه الجمل بحاجة إلى ايضاح. فرنسا تؤمن بتفوق ثقافتها، بقدسية اللغة الفرنسية، بعدالة العلمانية الفرنسية. في كل دولة حكمتها فرنسا فرضت ثقافتها على السكان المحليين. من هاجر إلى فرنسا كان يمكنه أن يصبح فرنسيا عاديا فقط اذا ما اتقن اللغة، الثقافة، التاريخ الفرنسي. لقد آمن الفرنسيون ـ مثل آباء حركة العمل عندنا ـ بأتون الصهر. تعدد الثقافات، الذي اصبح موضة في أمريكا، غريب عليهم. ليست لديهم صعوبة في منع النساء من اعتمار الحجاب، والشعور بانهم تقدميون وليبراليون. المسلمون يعدون اليوم نحو 8 في المئة من السكان، ومعدلهم يزداد من سنة إلى سنة. قسم كبير منهم يرفض ان يستوعب الثقافة الفرنسية؛ القيم العلمانية غير مقبولة من جانبه. وهو مظلوم اقتصاديا واجتماعيا. في الهوامش تجده يدمن الأصولي والارهاب.
    هل ستتمكن فرنسا من أن تبقى فرنسا؟ هذا هو السؤال الذي يزعج الكثير من الفرنسيين اليوم. فهل هذا يشرح حجم الحداد الوطني؟ اليهود هم لاعب فرعي في هذه القصة. لا يحد الفرنسيون على اربعة يهود قتلى، بل يحدون على أنفسهم.

    لليهود مكان يذهبون إليه

    في كنس عديدة في باريس لم تجر أمس صلوات السبت. فقد ألم الخوف بالمصلين. وعلى مسافة اقل من مئتي متر من السوبرماركت الذي تعرض للاعتداء تعمل ثلاثة كنس: واحد مغربي، واسمه «هتكفا» (الأمل)، واحد سفرادي (شرقي) وواحد اشكنازي (غربي). وقررت الكنس الثلاثة بانها لن تستسلم للارهاب، والصلوات ستجري كالمعتاد. رجال الدرك، الشرطة ـ الجنود مثل حرس الحدود عندنا، أغلقوا قاطع الشارع بشريط أحمر ـ أبيض، مثلما في ساحة عملية. وقد كانوا مسلحين بالبنادق. رجال الامن الذين استأجرتهم الطائفة استعرضوا تواجدهم. كل حركة في الشارع كانت تجعلهم يقفزون.
    حاييم، شماس الكنيس المغربي، بكر في المجيء. المبنى، الذي يشكل ايضا مدرسة يهودية، كان مظلما. وقد طلب من أحد افراد الشرطة أن يكون بالنسبة له غريبا يساعده في اشعال الاضواء في يوم السبت. لم يفهم الشرطي الامر. ولكنه ضغط دون صعوبة على كل الازرار. وفي الساعة المعدة لصلاة الفجر يوم السبت كان تواجد الجمهور طفيفا. في الكنيس الاشكنازي كان تسعة مصلين فقط. تطوعت لان أكون العاشر في العدد، حتى مجيء التعزيزات. ولكن في غضون ساعة كانت القاعة مليئة. «في السبت العادي يلعب الاولاد في الشارع»، قال أحد المصلين. «الان محظور. هذا لم يعد نفس الشيء».
    «انا لا اخاف»، هتف احد المصلين في الشارع. اما مصل آخر فقال بهدوء: «خفت وتغلبت».
    «كانت معجزة كبرى»، قال حاييم بيبي، أب لخمسة، والسادس على الطريق. منذ أن تاب بيبي وهو يؤمن بالمعجزات. له عينان زرقاوان بريئتان وجسم كبير، دُبي. اي معجزة هذه، سألته، حين يموت الأبرياء. «تخيل أن يصل المخربون إلى المدرسة اليهودية»، قال. «كانوا سيقتلون مئتي طفل. هناك فوق احد ما يحرص علينا».
    بكّر في الوصول إلى الصلاة صاحب البقالة التي تقع خلف السوبرماركت الذي تعرض للاعتداء. وهو من مواليد المغرب. «هناك مسلمون وهناك مسلمون آخرون»، يقول. «المغاربة على ما يرام. يقدمون لنا الاحترام. التونسيون هم ايضا على ما يرام. اما الجزائريون فمشكلة كبيرة. يعتقدون أن فرنسا تعود لهم».
    وقال: «نحن اليهود يوجد لنا مكان نذهب اليه. فالى اين سيذهب المسلمون، هل سيعودون إلى الجزائر؟».
    عرضت عليه السؤال المتوقع جدا. «الهجرة إلى البلاد صعبة»، قال. «الاعمال هنا. ولكني اشتريت شقة في نتانيا».
    ذات السؤال طرح في حديث مع الحاخام كابيتس، احد الحاخامين البارزين في الطوائل السفرادية – الشرقية. جوابه كان مظفرا: «الى اسرائيل يهاجر المرء. إلى اسرائيل لا يهرب».
    في كل حديث طرح السؤال لماذا تسمح الحكومة للمسلمين الذين سافروا إلى العراق، إلى سوريا او إلى اليمن العودة إلى فرنسا. يوجد 1.200 مواطن فرنسي كان لهم اتصال ما مع منظمات ارهابة اسلامية. بعضهم لم يعد إلى فرنسا. البعض الآخر عاد وبدأ حياة جديدة. فقط قلة صغيرة تجندت للعمل في فرنسا بتكليف من المنظمة أو بتكليف ذاتي. القانون الفرنسي لا يسمح للحكومة بان ترفض ادخالهم إلى فرنسا. يمكن ان تطرد فقط اولئك الذين ليس لهم جنسية.
    ولكن هذا لا يهم اليهود في الكنس. فهم غاضبون على ما يفسرونه كانهزامية من اليسار. «الافضل هي ماريت لوبان»، قال مصل عجوز في الكنيس الاشكنازي. ولكن أباها ينكر الكارثة، احتججت. الرجل، ناج من الكارثة هز كتفيه. «كان هذا قبل أربعين سنة»، قال. «ما يهمني هو الغد».

    اسرائيل ليست جزءا من القصة

    في اسرائيل ينظفون ساحة العملية كلها في غضون ساعة. والعجلة هي جزء من المواجهة، رفض الاسرائيليين الغرق في الكرب. اما في فرنسا فلا يسرعون. المحلات في المبنى مغلقة، السيارات في مواقفها مركونة، على الرصيف عبر الطريق تتراكم الورود المغلفة بالسولفان. نساء ورجال يتوجهون عن قصد تام نحو الكومة، ويضعون وردة. هذا جميل جدا، حزن جدا ويائس.
    مراسلة «يديعوت احرونوت» في باريس ليئور زلبرشتاين وأنا نسمع شهادات الناجين. شابان يدخنان السجائر خارج السوبرماركت لاحظا المخربين واستدعيا الشرطة. وهما يقفان لساعات قرب ساحة العملية، ولا يعرفان روحيهما. عينا أحدهما حمروان والثاني متوتر. وهما لا يريدان أن يبقيا هناك ولا يمكنهما أن يذهبا.
    قبل المساء التأمت امام السوبرماركت مظهرة، وللدقة وردية حداد. ومنحت المنظمات اليهودية المظاهرة رعايتها، ووصل الالاف في البرد وفي المطر. اسماء القتلى مكتوبة على اليافطات. «انا يوهن كوهين»، «انا يهودي»، «انا الجمهورية»، «قتلوني لأني يهودي»، ومن حين إلى حين حاولت مجموعة في الجمهور انشاد المارسييز، النشيد الوطني. الجمهور لم ينجرف وراءه. واحد آخر حاول «هتكفا». وبقي وحده.
    في هوامش المظاهرة برز خلاف بين شاب يهودي يميني وامرأة يهودية يسارية. فقد طلب قتل المسلمين، طردهم، اعتقالهم، وهي أهانته. فصرخ. وصرخت. بعد ذلك انضمت أمرأة صرخت: المشكلة هي أنهم لا يفعلون شيئا. نحن نُقتل وهم لا يهمهم.
    «هم مجانين»، قالت المرأة اليسارية. «هم بصعوبة مئتي شخص، ولكنهم يتصرفون وكأنهم الأغلبية».
    «هل لاحظت انه لا توجد أعلام في المظاهرة»، قال لي، «لا أعلام فرنسا ولا أعلام اسرائيل».
    حقا لماذا؟ سألت.
    «إسرائيل ليست جزءا من القصة»، قالت.
    رويت لها أن نتنياهو، ليبرمان وبينيت سيأتون للمظاهرة اليوم. «انت تضحك علي»، قالت. «ما هو شأنهم».
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
    البدلة الواقية لحزب الله

    بقلم:يورام شفايتزر وبنديتا بارتي،عن نظرة عليا

    وفقا للتقارير الاخيرة الواردة من لبنان ووسائل الاعلام العالمية معا، فإن حزب الله كشف وقدم للقضاء عميلا يشغل درجة عالية مع اربعة من معاونيه، للاشتباه بأنهم عملوا لصالح اسرائيل. ووفقا لما ورد، فإن المشتبه بهم كانوا اعضاء في وحدة العمليات الخارجية التابعة للحزب المسماة (الوحدة 910)، ويعتبر محمد شواربة، المتهم الرئيسي في القضية والذي عمل في السابق مسؤولا عن طاقم الحماية الشخصية المكلف بحماية حسن نصر الله حيث عمل كنائب لقائد الوحدة.
    ويفترض ان مصدر المعلومات لوسائل الاعلام بالكشف عن المشتبه بهم جاء من داخل حزب الله وليس من مصدر رسمي للمنظمة، وينضم هذا التطور الاخير إلى سلسلة من «فضائح التجسس» التي كشفتها اجهزة امن المنظمة. حيث اولى الحزب منذ سنوات اهتمامه بالأمن الوقائي، لمكافحة التجسس ومن اجل كشف العملاء المحتملين من الاجانب.
    في بداية العام 2000، وكجزء من الدعم الشامل الذي تلقاه من إيران، انشأ الحزب وحدة «للمخابرات الوقائية» حيث تلقى مساعدات لذلك من افراد الحرس الثوري الإيراني المتواجدين في لبنان. بهدف البحث والكشف عن متسللين محتملين ولمنع تسرب المعلومات .
    وبالمثل، فأحد العبر التي تم استخلاصها من الحرب ضد اسرائيل في العام 2006، كان يستوجب الاستثمار في شبكات الاستخبارات والحماية في المنظمة. وهذا ايضا بمساعدة من طهران، من اجل تقليص حجم الاضرار في المنظمة من خلال الكشف عن المتسللين إلى صفوفها. ومن ذلك الحين تركزت الجهود على المخابرات الوقائية لحزب الله بإدارة معركة هجومية لكشف وإعتقال العملاء المحتملين والعملاء المزدوجين في لبنان بشكل عام وفي داخل المنظمة بشكل خاص.
    ومن احد الاحداث البارزة في الماضي، إلى جانب الكشف عن شبكات تجسس خاصة لصالح اسرائيل، كان الكشف ـ في حزيران وتشرين ثاني من العام 2011 ـ عن مجموعة من اعضاء الحزب الذين كانوا متورطين بالتجسس لصالح وكالة المخابرات الاميركية. حيث كان لهذه الحادثة تأثير كبير على حزب الله، الذي اعترف للمرة الاولى، ان وكلاء اخترقوا صفوفه، الامر الذي مس بسمعته بأنه محصن وغير قابل للاختراق من داخل صفوفه.
    وعلى الرغم من أن الحديث لا يدور عن حدث غير مسبوق، فإن اعتقال وكيل وصل إلى درجات عملياتيه عالية داخل الحزب،كشف ايضا بشكل اكبر عن الاضرار التي لحقت بالحزب من خارجه، على الرغم من الصورة المزروعة بأنه حزب محصن ومتماسك. وبالاضافة إلى ذلك، فإن لهذا التطور تأثير كبير على المستوي العملياتي للحزب.
    في اعقاب عملية الاغتيال التي قامت بها اسرائيل في دمشق في العام 2008 ضد احد العناصر الهامة والكبيرة في جهاز عمليات الحزب، صرح نصر الله امين عام الحزب عن التزامه بالانتقام لموت عماد مغنية. وهو التصريح الذي اعقبه سلسلة من العمليات ضد ممثلين، مؤسسات ومواطنين اسرائيليين في الخارج، والتي فشلت او احبطت.
    على ضوء الموقع الرئيسي الذي شغله العميل شواربه، في جهاز العمليات للمنظمة، من الممكن الافتراض ان تعاونه مع اسرائيل ساهم في الاحباط من هجمات حزب الله، من أذربيجان ةتركيا ولغاية قبرص، تايلند ومؤخرا في البيرو، بالاضافة إلى جمع معلومات عن قيادة المنظمة.
    النجاح الوحيد الذي حققه حزب الله انتقاما لمغنية كان الهجوم على السياح الاسرائيليين في مطار بورغاس البلغاري في العام 2012، والذي اسفر عن مقتل 6 مدنيين، 5 من السياح الاسرائيليين ومواطن بلغاري. وفقا للتقارير، في هذا الهجوم، الذي ساهم إلى حد بعيد في قرار المجتمع الاروبي لوضع الجناح العسكري لحزب الله على قائمة الإرهاب، والتركيز ليس فقط على المخابرات الوقائية بل على الأمن الداخلي.
    بالاضافة إلى ذلك، الاعتبارات والاسباب الأمنية لحزب الله مازالت مستمرة بالتأثرمن مسألة الردع التي زادت اهميتها في اعقاب الحرب ضد اسرائيل في العام 2006. ومنذ بداية الحرب الاهلية في سوريا، تحول الجهد للحفاظ على الوضع القائم إلى مسأله صعبة جدا، حيث يحارب حزب الله على جبهتين متناقضتين: فمن جهة – الحاجة لاثبات قوته واصراره وللتأكيد مجددا على قواعد اللعبة في مواجهة اسرائيل، وبشكل خاص في اعقاب ما قامت به اسرائيل في لبنان وسوريا ضد قوافل السلاح الذي كان في طريقه إلى حزب الله في لبنان. ومن جهة اخرى- الرغبة، التي ما زالت قائمة، بمنع التصعيد وفتح جبهة كاملة اضافية ضد اسرائيل. على هذه الخلفية، وفي الاشهر الاخيره، اخذت المنظمة على عاتقها المسؤولية عن عدة عمليات صغيرة الحجم نسبيا والتي تمت في مزارع شبعا (هار دوف) وفي هضبة الجولان.
    على ضوء الصعوبات المعقدة التي تواجه حزب الله، الكشف على ما يبدو انه إحباط لعملية تجسس، سيتم التلويح بها كنصر عملياتي لحزب الله. الا ان الكشف عن متسليين رفيعي الدرجة، سيمكن الحزب من إظهار قوته وفعاليته العملياتية، وتقويض شبكة جمع المعلومات الاسرائيلية، من المفترض ان يكون تشغيل احد المسؤولين الكبار واربعة من مساعديه قد ساهم بنجاح في إحباط الهجمات، التي تم التخطيط لها من قبل حزب الله في الخارج. لذا، فإن الكشف بالتأكيد سوف يلحق الضرر في الشبكة التي تديرها اسرائيل ضد منظمة الإرهاب الشيعية. ففقدان هذا الكنز الكبير سوف يجعل الامور اكثر صعوبة على اسرائيل في نجاحها في المستقبل لاحباط الاعمال الإرهابية ضد اهدافها في الخارج.
    ان الهجمات المتواصلة انتقاما لموت مغنية تعزز الحاجة لدى اسرائيل للتعاون الدولي في ملاحقة نشاطات المنظمة في الخارج. واضافة إلى ذلك، فإنه على ضوء حقيقة طرق عمل حزب الله في الماضي، والتي شملت الامتناع عن الاعلان عن مسؤولية المنظمة عن الاعمال في الدول الاجنبية، وغياب مصادر المعلومات الداخلية من شأنه ان يصعب الجهود لكشف حزب الله كعنصر إرهاب دولي.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
    مثلما حصل في الولايات المتحدة بعد احداث 11 ايلول 2001 سيؤدي الحفاظ على الامن في هذه الحالات بالضرورة الى قيود معينة على حريات الفرد

    بقلم: يوسي ميلمان،عن معاريف

    مثل شركات التأمين، فان وكالات الاستخبارات هي ايضا لا يمكنها أن تضمن تغطية كاملة للاضرار. فالاجهزة الفرنسية لم يكن بوسعها أن تعرف عن كل خلية ارهابيين، وبالتأكيد ليس عن مجموعة من الافراد أو الازواج، ممن تآمروا في الخفاء على تنفيذ عمليات. ولتذكيركم، فان جهازا سريا وناجعا مثل الشاباك الاسرائيلي لم يعرف عن خطة اختطاف الاسرائيليين في مفترق غوش عصيون في حزيران الماضي – العملية التي انتهت بقتل التلاميذ الثلاثة – واستغرقه وقتا ما حتى صعد على آثار مخربي حماس.
    “في معظم الحالات، لا يكون بوسع أجهزة الاستخبارات أن تتوقع متى يتحول فيها متزمت من متطرف يعرب عن أفكاره الى ارهابي عنيف”، كما اقتبس امس عن المسؤول الكبير السابق في السي.اي.ايه بروس ريدل، في وكالة “رويترز″ للانباء في سياق أحداث باريس. واضاف ريدل بان “مشكلة اجهزة الامن الفرنسية هي أنه يوجد عدد كبير من المواطنين الفرنسيين الذين انضموا الى حروب الجهاد في سوريا، في العراق وفي اماكن اخرى وعادوا الى الديار، ولا يمكنها ان تتابعهم جميعا وتراقبهم”.
    هذه أقوال موزونة وصحيحة مبدئيا. ولكن مع ذلك، ينشأ انطباع بان هذه المرة ارتكبت اجهزة الاستخبارات الفرنسية فشلا مدويا. فالاخوان سعيد وشريف كواشي، المخربان اللذان قتلا شرطيين و12 شخصا في اسرة تحرير المجلة الساخرة “شارلي ايبدو” كانا هدفين هامين لاجهزة الامن. فقد ظهر اسماهما أيضا في “TIDE”، بنك المعلومات المركزي للاستخبارات الامريكية عن الارهابيين المعروفية او عن المشبوهين باعمال ارهابية. وتوزع الاستخبارات الامريكية القائمة التي تتشكل من أكثر من مليون اسم، على الاجهزة المماثلة في الدول الاخرى، بحيث انهما كانا معروفين للاستخبارات الفرنسية. بل ان اسميهما ظهرا في قائمة دولية من ممنوعي الطيران.
    احد الاخوين تدرب في 2011 لدى القاعدة في اليمن. وفي فرنسا عملا كمجندين لمتطوعين للعراق. وكانت هذه مؤشرات دالة يفترض بها أن تشعل اضواء تحذير. ولكن في السنة الاخيرة، كونهما لم يكونا مشاركين في احداث استثنائية وبقيا في الظل، فقد ضعفت المتابعة لهما.
    في الوقت الذي يحاول فيه خبراء أجانب مثل ريدل، ابداء التفهم لما فعله أو لم يفعله بما يكفي جهاز الامن الداخلي في فرنسا، فان الانتقاد الاكثر شدة ينطلق بالذات من جانب مهنيين من فرنسا نفسها. وبعضهم لا يتردد في أن يصف بكلمة “قصور” ما ظهر امام ناظرينا بعد ثلاثة أيام كانت فيها العاصمة الفرنسية في شبه حصار، في اثناء المطاردة للجهاديين الاربعة المسلحين بالكلاشينات. وقال لي خبير فرنسي في شؤون الامن والاستخبارات طلب عدم ذكر اسمه ان “مشكلتنا هي في مبنى اسرتنا الاستخبارية”.
    الشرح: في العام 2008 تم توحيد وحدات الاستخبارات في الشرطة (RG) وجهاز الامن الداخلي (DST) في جسم واحد يدعى DCRI، تم تغيير اسمه في 2014 ليصبح DGSIويتبع وزير الداخلية. وحسب الخبير، فقد كان المقصود من التوحيد هو أمر جيد: النجاعة في عمل جمع المعلومات، منع الازدواجية، وتطوير مستوى قدرة المتابعة للمشبوهين. اما عمليا، مع ذلك، فان الهدف لم يتحقق.
    ويضيف الخبير فيقول ان “هذا النموذج لا ينجح. فالـ RG ركز في الماضي على المواضيع الكبرى، اي اساسا على التجسس المضاد، المتابعة للمجموعات الارهابية الكبرى مثل القاعدة. بينما الـ RG الاستخبارات الشرطية، فقد قام في الماضي بالعمليات الميدانية القذرة – التسلل بهويات خفية الى المساجد، الاستماع الى الأئمة ورفع التقارير الفورية عن ذلك. وكان هذا عمل منهاجي، محبط وبطيء، ولكن كانت له نتائج”.
    وعلى حد قوله، “مع توحيد الاجهزة، ابتلعت وحدات الـ RGفي المبنى الجديد ووقفت في ظل DST الذي رأى نفسه يوما كجهاز ارستقراطي لا يعنى بالصغائر. وقد “لوث” هذا المزاج كل المبنى الجديد. وللمفارقة، فانه كلما تعاظم تهديد الارهاب – ضعفت التغطية له”.
    وبالطبع مشكلة فرنسا ليست فقط مبنى اجهزتها السرية، بل أعمق بكثير. فرنسا، مثل كل اوروبا الغربية، بحاجة لان تفهم بان عليها أن تغير نمط التفكير وان تستوعب بانها توجد في حالة حرب في مواجهة من يهددون الحضارة، الثقافة والتراث الخاص بها. عليها أن تشرع قوانين اكثر تشددا ضد الارهاب، وتوثق الرقابة على الهجرة بل وربما سحب الجنسية من نشطاء الارهاب. كما أن عليها أن تؤكد اعتراف الجهاز القضائي بان هذا صراع بين الثقافات. فالحديث يدور عن سياق متواصل يستغرق زمنا الى أن تتوفر التوازنان الصحيحة بين الحفاظ على حرية الفرد، على المبادىء الليبرالية وعلى القيم الديمقراطية، وبين حماية أمن الجمهورية. ومثلما حصل في الولايات المتحدة بعد احداث 11 ايلول 2001 سيؤدي الحفاظ على الامن في هذه الحالات بالضرورة الى قيود معينة على حريات الفرد.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء اسرائيلي 05/11/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-02, 02:00 PM
  2. اقلام واراء اسرائيلي 02/08/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-08-10, 12:37 PM
  3. اقلام واراء اسرائيلي 31/07/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-08-10, 12:36 PM
  4. اقلام واراء اسرائيلي 26/07/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-08-10, 12:36 PM
  5. اقلام واراء اسرائيلي 04/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-05-29, 11:40 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •