أقـــــلام وأراء عربي (166)
في هـــــذا الملف:
فتح وحماس.. هل من بديل
بقلم: د. ناصر عبد الرحمن الفرا عن القدس العربي
الإسلاميون وكتابة الدساتير العربية
بقلم: خليل العناني عن الحياة اللندنية
الأسد ينتحر دوليا
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
نتنياهو وتربيع الدائرة في إسرائيل
بقلم: محمد خالد الأزعر عن البيان الاماراتية
القدس.. سوريا.. مينامار إلى متى؟
بقلم: كاظم عايش عن السبيل الأردنية
إعلانُ قطاعِ غزّةَ محرراً
بقلم: هاني المصري عن السفير البيروتية
مَنْ الذي وضع أوباما في قفص الصهيونية؟!
بقلم: شاكر النابلسي عن الوطن القطرية
فتح وحماس.. هل من بديل
بقلم: د. ناصر عبد الرحمن الفرا عن القدس العربي
شئنا أم أبينا، فإن حركة التحرير الفلسطينية 'فتح' وحركة المقاومة الإسلامية 'حماس' هما المرجعية السياسية المحورية داخل الساحة الوطنية السياسية. هذا القول ليس رأيا خاصا وإنما تعبير واقعي منبثق عن شرعية نتائج انتخابات المجلس التشريعي المنعقدة عام 2006، التي حصلت فيها حماس على 57.6' من عدد المقاعد، في الوقت التي حصلت فتح على 32.6' من المقاعد. معاً وكل واحد من هذه القوى حصل على نسبة أعلى تجاوزت النسبة التي حصلت عليها باقي القوى المستقلة الوطنية المندرجة تحت مظلة أحد تلك الحركات أو تحت مظلة فصائل أخرى فضلت أخذ موقف متردد من تلك الانتخابات والتعامل معها بشكل غير مباشر، نقصد هنا بالتحديد الجبهة الشعبية، الجبهة الديمقراطية والجهاد الإسلامي.
على الرغم من تاريخها النضالي، حالياً وللأسف لا يمكن الجزم بأن هذه القوى، منفردة أو متحالفة، تشكل بديلاً استراتيجياً لكل من حركة فتح وحماس. هذا الاعتقاد، القائم على معطيات موضعية، يفرض على كل مهتم بالشأن الفلسطيني أن يقبل، طوعاً أو كراهية، بالآمر الواقع، وأن يركز جلي استحقاقاته على كلا الحركتين حتى تتغير الأمور لما هو أفضل من هذا الحال. رغم ذلك، دعم كل واحدة من القوى الثلاثة المذكورة واجب عام سيساهم في خلق توازن دائم يمنع كل من فتح وحماس من الهيمنة الدائمة على الساحة الفلسطينية. هذا النوع من الهيمنة، كما يبدو من عمق دوامة الانقسام والمصالحة، مضر بشكل واضح على مجرى الاحداث الوطنية.
الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني، ذو الانتماء الوطني البحت، تتمنى لو كان هنالك بديل حقيقي سياسي يستحق الدعم ويؤدي إلى تهميش، لزمن ما، كل من حركة فتح وحماس، لما اقترفته كلاهما من أخطاء ذات تأثير سلبي على البيت الداخلي وعلى مصير أفاق النضال الشعبي. بلا شك، تاريخ كلا الحركتين، وبالتحديد كوادرها المقاتلة، مجيد وحافل بالفخر، لكن هذا لا يمنع من القول بأن وجود كل من فتح وحماس خارج دواليب السلطة، لفترة زمنية، يمكن أن يدفع كوادرها السياسية الى إعادة صياغة منظومتهم الفكرية وترتيب هيكلتها المؤسساتية، وهنا نقصد بالتحديد حركة فتح، ذات التركيبة المعقدة والتي منذ فترة بدأت تظهر عليها ملامح الكهولة والعيش على ما تبقى من مدخرات الماضي. يمكن أن يبدو هذا القول ضرب من الخيال، لكن كل خيال في هذا الشأن هو خطوة ضرورية تسبق أي عملية تمعن وعمل. وفلسطين في حاجة لأن تشخص فتح في وضعها الداخلي وتعمل على تغييره بشكل معمق وليس بشكل سطحي وملفق كما حدث في مؤتمرها السادس.
نفس الآمر يخص الجبهة الشعبية والديمقراطية. فرغم نوعية العمل الثوري المتبع من قبل كوادر كلا الجبهتين، فأن هذه القوى بقيت دائماً مركونة على هــــوامش الإطار السياسي الفلسطيني العام، في الوقت الذي احتكرت كل من حركة فتح، منذ انطلاقتها، وحركة حماس، منذ تأسيسها، موقع الصدارة. هنالك اعتقاد عام مرده أن تمسك بعض قيادات الجبهة الشعبية والديمقراطية بالمفاهيم االماركسية-اللينينيه'، أو هكـــذا أعتقد، وتحليلهم للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، على الأقل في بدايته، من منطلق صراع الطبقات والتكتلات القطبية، لم يفهم بتاتاً من قبل المواطن ذو الثقافة المتواضعة. هذا السلوك أثر وما زال يؤثر سلبياً علي نسبة الانتماء الشعبي لكلا الجبهتين.
هــــذه النسبة بقيت متدنية رغم االنقد الذاتيب الذي قامت بها بين الحين والآخر القيادات الشابة، والهادف لأن يحكم المواطن عليهم من منطلق السلوكيات الوطنية، وليس، كما جرت العادة، من منطلق المرجعيات الكونية.
لسوء حظ الشعب الفلسطيني، السلوك الأيدلوجي القديم منع وما زال يمنع كل من الجبهة الشعبية والديمقراطية من تأسيس بديل ثالث متوازن ومواز لحماس ولفتح. للأسف، انغلاق القيادات القديمة الدائم وعدم قيامهم بمجهود تجديدي واقعي يعطي الانطباع بأن كلا الجبهتين يمكن أن يشكلوا بديلاً حقيقياً حد من امكانياتهم ومواقعهم في الساحة السياسية.
هذه القيادات عجزت عن محاكاة العقلية العامة والاستفادة من الكم الهائل من تنوع التوجهات الفكرية، خاصة بين المستقلين، الذين ليس لهم انتماء سوى لله وللوطن. فيما يتعلق بالجهاد الإسلامي، يبدو أنها فضلت الاكتفاء بشرف العمل الثوري على حساب العمل السياسي، حتى لا تضيع في متاهاته. بهذا الشكل احتفظت هذه الحركة برونق خاص، شبيه بذلك الذي كانت تحظى به كل حركة مع بداية انطلاقتها.
بعكس الجبهة الشعبية والديمقراطية، برعت كل من حركة فتح وحركة حماس، الأكثر عدة ونفيراً، من تجسيد واستثمار نضال كوادرها الثورية بشكل أفضل، كذلك في استغلال نبض وفكر الشارع العامة، مما زاد من تواجدهم وقوتها في الساحة الوطنية. لقد تمكنت كل من الحركتين من إبراز فكرة كونهم الإفراز الطبيعي للنسيج الاجتماعي والبنية العقلية الفلسطينية، متجاوزين في ذلك حتى مواقف ورأي الكمية الهائلة من الصامتين والغير راغبين في الاصطفاف رسمياً خلف أي منهما، نتيجة ما الت إلية الأحوال الداخلية من تشرذم وبسب نوعية العلاقة بين الفصيلين، التي تتجاوز في حدتها ونوعيتها العلاقة مع المحتل. احياناُ، وهنا ترى الأغلبية شر البلية، هو أن هذه القوى تستنسخ في تعاملها المتبادل نفس النهج والاساليب القمعية المتبعة من قبل إسرائيل ضد كوادرها وضد كافة أبناء الشعب عامة.
حالياً ومع غياب البديل الوطنــــي، يبدو أنه لا مفر بتاتاً من التعاطي اليومي مع كل من حركة فتح وحماس. لقد وافــــق المواطن الفلسطيني، بإرادته أو رغماً عنه، بأن تدير الحركتان مصير الشعب والقضية. مع ذلك، ما يبغضه المواطن حقاً هو ممارسة قيادات فتح وحماس من زعامة وطنية توحي كما وكأن هنالك شعبين وقضيتين مستقلتين تماماً. هذا الانطباع، الموحى اساساً من السلوك السياسي، يرغم، خاصة البعيد عن الساحة الوطنية، على تفهم مواقف بعض الحكومات العربية، القائم على ضرورة عدم تمكين كلا الحركتين من فرض امر واقع منفصل في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، لأن مثل هذا النوع من التمكين على الأرض سوف يساهم حقاً في تجذير الانقسام الديموغرافي، لا بل سوف يسمح للقيادات المقسمة للوطن إدارة الامور بشكل انفصالي، مما سوف يسهل أكثر على إسرائيل ابتلاع الأرض وقلع الشعب.
بلا شك، السلوك الرسمي العام غير مفهوم وغير مقبول، بل ومرفوض شعبياً. مع ذلك، هذا الشعور لن يمنع أي مواطن فلسطيني، كان هذا قاطناً في القدس، رام لله، غزه أو خانيونس، أو في الخارج، لبنان، مصر، سوريا، الكويت، السويد أو اليونان، من المطالبة بعملية انتخابية متوالية تسمح بتداول حقيقي للسلطة. حالياً، هذه العملية هي المخرج المناسب لتلاشي حالة التردي القائمة، وهي أنجع وسيلة لتبديل الاشخاص وتجديد التوجهات السياسية. فقط الانتخابات المنظمة بشكل دوري سوف تسمح للمواطن وللمواطنة الفلسطينية التعبير عن رأيهم والتأثير على مجرى الأحداث.
على ما يبدو، كل من حركة فتح وحماس على يقين من التأثير السلبي للانتخابات على مصالحهم الفئوية، لهذا نلاحظ في اليوم الذي يريد هذا إجرائها، يرفض فوراً الآخر. هذا التصرف الغريب يجعلنا نعتقد بأن كلا الطرفين متفقان ضمنياً على شروط اللعبة؛ هم الوحيدين في الملعب، والباقي متفرج أو مصفق. كم مباراة هزلية وكم هزيمة أغضبت الجمهور وأجبرته النزول لأسقاط جم غضبه على من سبب في الهزيمة. كل مواطن فلسطيني يتمنى أن لا يصل الآمر لهذا الحد، بل أن تتفق كل الأطراف على الثوابت الوطنية وأن تركز كل الطاقات على الأولويات العامة. وجود المحتل هو الذي يفرض الصمت والتركيز اساساً على عملية التحرير من براثن الاحتلال أولاً.
الانتخابات واحترام الإرادة الشعبية هم من يمنح وينزع الشرعية. في أعين المواطنين، المشكلين للأغلبية والذين، كما قلنا سابقاً، ليس لهم انتماء سوى لله وللوطن، حالة تمت الانتخابات، سوف يكونوا مجبرين على الاختيار بين كل من حركة فتح وحماس، وذلك رغم اعتقاده بأن كلاهما غير جديرتين بكامل الثقة نتيجة سلوكياتهم السلبية وتركيز طاقتهم لبعضهم البعض بدل توجيهها نحو المحتل. الاختيار اساساً سوف يكون بين كلاهما رغم فقدان الثقة وبسبب عدم وجود حل أو بديل. غياب الثقة عامة ناتج عن الاسباب التالية: فيما يتعلق بحركة فتح، أولاً، لعدم إجراء عملية تنظيف داخلية تقلع جذرياً وتعاقب كل من هو مفسد لسمعة الحركة. الكل على معرفة بمن وكيف عاب تاريخ فتح النضالي.
الرعيل الأول قاد الحركة بجدارة وحنكة، وخرج من الدنيا ولم يعرف عنه تواطؤ أو فساد يعيق مصير الحركة ويضر بسمعتها. من بعده جاء جيل آخر، شغله الشاغل هو احتلال المناصب واحتياز الشهرة أو المال، مثل ما يحتل العدو الأرض ويسعى في احتياز خيراته. لقد أصبحت سلوكيات بعض أبناء هذا الجيل الحديث اليومي وهدف للتسلية العامة. في الماضي، كانت اناشيد فتح تتغنى بمفهوم الردع، الذي يعصف بكل من يخرج عن الصف. أما الآن، هنالك من يسرح ويمرح ولا يبالي، يفعل كما وكأنه ماسك على غيرة ممسك يمنعه من القول أو الفعل. فتح اليوم، في عزيمتها، ليس لها بتاتاً علاقة بفتح الطلقة الأولى.
ثانياً: عدم اكتراث حركة فتح بتاتاً بالجانب الفكري. لم تشكل فتح يوما ما مجموعة منظرين يتكلفون بعملية تقييم دائم لمنظومة أفكارها. لا يعرف للحركة وثيقة عامة تحدد الأطر الايدلوجية السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية والعقائدية واضحة المعالم. من يحاول البحث عن مرجعيات تحدد الأفكار العامة والخاصة بها، لن يجد سوى كتيبات بلا اسماء أو محتوى متناسق شامل، معظمها مغبرة ومركونة على أرفة المكاتب وفي المخازن.
'الميثاق الوطني الفلسطيني'، أو ما تبقى منه، ليس منظومة فكرية في حد ذاته، وإنما دستور مبدئي فلسطيني عام، وغاية تحمل في طياتها أهدافا تحدد لها وسائل. المرجعية الفكرية شيء آخر يجب وضعه نظرياً واتباعه عملياً. حالياً شبيبة فتح في حالة ضياع لا مثيل له، لا تعرف ماذا تقول أو على أي اساس ترد، تفكر أو تفعل امام حدث. انهم في حالة دفاع دائم، وما هو مؤلم، هو أن الكم الهائل من الهجوم والنقد يأتي من بينهم ومن بين أبناء شعبهم، نتيجة سلوكيات بعض قياداتهم الرسمية وشبة الرسمية، أو المحسوبين عليها، كما يحلو للبعض ان يقال لتخفيف حدة النقد. امام هذا الحال، الكثير من 'فتح الشرفاء' كما يسمى حالياً البعض تمييزاً عن الغير، بادروا إلى الانعزال تلقائياً، في انتظار اليوم الذي يتبلور فيه جيل يعيد لحركة فتح كرامتها المهدورة ودورها التاريخي في تحرير الوطن ورقي الشعب.
أما فيما يتعلق بحركة حماس، للحصول على الثقة عليها أن تضع في الحسبان ما يلي:
أولاً، على الحركة أن تعي بأن حملها لأسم الإسلام لا يعني إنها تمثل المشيئة الإلهية على أرض فلسطين. انطلاقا من فكرة أن دورها ليس هذا، لا يحق لبعض كوادرها أو منظريها لعن وتكفير كل ما لا يوافق على أسلوب عملها ومواقفها السياسية. يجب الاعتراف والعمل على اساس أن هنالك اختلاف بين المواقف المنبثقة عن ما هو ديني بحت، خاصة فيما يتعلق بالمعتقدات والعبادات، وبين العمل السياسي المحض. المكلفون بتفسير ما هو ديني هم فقط المتخصصين في فقه الشريعة، ليس سوي، أما القائمون على العمل السياسي فهم من كافة الناس، وهم بذلك غير معصومين من الخطأ والمحاسبة. رسولنا الكريم هو القائل 'أن الله يحب أذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه'. هنا استعمل كلمة عمل بشكل مفرد، والكل يحاسب حسب نوعية عملة. من يعمل في السياسة يجب أن يقبل أن يحكم عليه من مفهوم سياسي، ومن يعمل في الدين أن يحكم عليه من منطلق ديني.
وما هو أهم من هذا وذاك، هو وجوب التذكير بأن الغالبية العظــمى من أبناء المجتمع الفلسطيني، مسلمين ومسيحيين، هم مؤمنين بحق، كانوا أم لم يكونوا تابعين لفئة بعينها. لذلك يجب التعامل دائماً معهم على هذا الاساس ومن هذا المنطلق. هذا القول لا يلغي حق حماس في العمل على اسس مرجعية دينية في تعاملها مع إسرائيل، خاصة وأن حكوماتها، يمينية أو يسارية، لا تخفي أجندتها ذات البعد الديني في التعامل معنا. أليس جميعهم مؤيد لمطلب الاعتراف 'بيهودية دولتهم'.
ثانياُ: على حركة حماس حماية والدفاع بقوة عن مشروع تطوير وتحديث المجتمع الفلسطيني. هنالك انطباع شائع بأن حماس تحمل في جعبتها 'مشروعا ظلاميا' وتخلفيا لهذا المجتمع، بمعنى أنها أن تمكنت سوف تغلق كل آفاق التقدم امام شباب وشابات هذا المجتمع. يصعب تفهم ذلك، خاصة وأن تصرفات كثير من شبيبة وقيادات الحركة توحي بدرجة عالية من الرقي والحداثة، لكن مردود هذا الاعتقاد هو وجود فئات حمساوية تبدو تصرفاتها اقرب للتعصب والتزمت من التسامح والتعامل بالحسنى، التي هي، بجانب الرغبة في العلم والتقدم، سمة من سمات ديننا الحنيف وصفة من صفات شعبنا على مر العصور، سواء كان ابناؤه منتمين لحركة فتح، حماس، الشعبية، الديمقراطية أو الجهاد.
أن وعيت كل من حركة فتح وحركة حماس بثقل كل ما ذكر وتمكنوا من إدراكها بأسرع وقت ممكن، وأن تمكنت باقي القوى السياسية الفلسطينية من طرح نفسها كبديل وطني، فإن المواطن، الذي هو البديل الدائم والحاسم بحرية إرادته، حال فرضت عليه الانتخابات، سوف يجد نفسه في حيرة وسيصعب عليه الانتقاء بين الأفضل والأفضل من الأفضل. هنا تكمن عظمة الحرية والإرادة الوطنية العامة.
الإسلاميون وكتابة الدساتير العربية
بقلم: خليل العناني عن الحياة اللندنية
نظرياً تمثل كتابة الدساتير انعكاساً لحالة من التوافق المجتمعي بين مكونات الشعوب من أجل التوصل إلى صياغات دستورية عامة تمثل خارطة طريق للأجيال القادمة. ولكنها في حقيقة الأمر تعكس صراعاً سياسياً واجتماعياً وقيمياً شرساً بين القوى السياسية والمجتمعية التي تسعى لوضع بصمتها وحماية مصالحها في الدستور الجديد. وكلما اتسعت هوة الخلاف الايديولوجي والسياسي بين القوى السياسية كلما كانت عملية كتابة الدستور شاقة ومضنية. لذا يخطئ من يظن أن الدساتير هي مجرد نصوص عامة صمّاء في حين أنها تمثل قمة الصراع السياسي بين كافة القوى. وعلى العكس مما قد يتخيله البعض فإن الصراع على كتابة الدساتير يزداد شراسة وتعقيداً في البلدان الديموقراطية أو عندما يأتي في أعقاب ثورات شعبية على غرار الحال في العالم العربي وذلك بعكس البلدان السلطوية التي تكون فيها الدساتير مجرد انعكاس وتنفيذ لإرادة الحاكم من دون مشاركة الشعب.
الآن بعد أن وصل الإسلاميون الى الحكم في أكثر من بلد عربي فقد باتوا طرفاً أصيلاً في عملية كتابة دساتير ما بعد الربيع العربي. وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة ليس فقط حول المحتوى والمضمون والصياغات الجديدة للدساتير العربية وإنما أيضا حول كيفية إدارة عملية كتابة الدساتير ذاتها. ويبدو الصراع أكثر وضوحاً في الحالة المصرية، وهي موضوع هذا المقال، حيث تدور معركة شرسة بين كافة الأطراف المشاركة وغير المشاركة في كتابة الدستور الجديد.
وبعيداً من المخاض العسير الذي مرت به عملية تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور والتي تم توجيه اللوم لـ «الإخوان المسلمين» والسلفيين بمحاولة الهيمنة عليها، فإن ثمة معركة حقيقية تدور حول مضمون وصياغات الدستور الجديد. واللافت في الأمر أن الصراع على كتابة الدستور المصري ليس محصوراً بين الإسلاميين من جهة والليبراليين والعلمانيين من جهة أخرى، وإنما داخل الكتلة الإسلامية ذاتها بين «الإخوان» والسلفيين وهو جزء من الصراع الأكبر الدائر بين الطرفين منذ قيام الثورة وحتى الآن والذي يأخذ أشكالاً متعددة ويمتد الى مساحات متفاوتة في المجتمع والإعلام ناهيك عن الفضائين العام والخاص.
وبوجه عام يمكن رصد اربع قضايا رئيسة تمثل أرضية الصراع بين الإسلاميين وغيرهم من القوى السياسية حول كتابة الدستور المصري الجديد. أولها يتعلق بمسألة هوية الدولة. وهي بالنسبة الى الإسلاميين وتحديداً السلفيين مسألة حياة أو موت. فالسلفيون مثل من سبقهم من الإسلاميين دخلوا عالم السياسة عبر بوابة «الحفاظ على هوية الأمة». فكثير من قيادات وشيوخ السلفية يبررون انخراطهم الكثيف في العمل السياسي تحت ذريعة حماية البلاد من خطر العلمانيين والليبراليين. وهي مقولة لا مجال لتفكيكها ومناقشتها الآن ولكنها تعكس الهاجس الهوياتي المركزي لدى السلفيين. وهي معركة تبدو في جزء كبير منها مفتعلة وليست واقعية لعدة أسباب. فمن جهة لا يوجد خطر حقيقي على هوية الدولة المصرية الراسخة منذ قرون والتي لا يمكن لأي فصيل مهما كان وزنه وحجمه اللعب بها أو تغييرها كي تتوافق مع انتماءاته الايديولوجية والحزبية الضيقة وإلا فإنه يغامر بمستقبله وجماهيريته.
ومن جهة ثانية يقرّ كثير من الليبراليين والعلمانيين بالطابع العربي والإسلامي للدولة المصرية، بل يفتخر بعضهم بهذا الانتماء بمفهومه الحضاري الواسع بعيداً من التطييف الديني والعقائدي. ونحن هنا لا نتحدث عن القلة الليبرالية المتطرفة التي تتبرأ من انتماءاتها الحضارية أو تلك التي تتبنى مفهوماً ضيقاً وشوفينياً للذات الوطنية، وإنما عن التيار الليبرالي الواسع الذي يضم حركات وجماعات تعتز بهويتها الوطنية من دون تبعية أو انبطاح. بل من المفارقات أن أول دستور مصري في العصر الحديث والذي صدر عام 1923 قد رّسخ الهوية العربية والإسلامية للبلاد وتم وضعه فى ظل غياب الحركات والأحزاب الإسلامية وهو ما تكرر فى دستوري 1954 و 1956.
بيد أنه لا بد من التمييز بين موقف السلفيين وجماعة «الإخوان المسلمين» في ما يخص مسألة الهوية. فالسلفيون يرون ضرورة ترسيخ مسألة الهوية بشكل لا يقبل التأويل فى نصوص الدستور وهو ما يعني تحويل الدستور من وثيقة استرشادية عامة إلى وثيقة تفصيلية ضيقة عبر صياغات غاية في المركزية والتشدّد وضعف الخيال. فعلى سبيل المثال يسعى السلفيون إلى تغيير المادة الثانية من الدستور القديم والتي تنص على أن «مبادئ» الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساس للتشريع وذلك إما باستبدال كلمة «مباديء» بكلمة «أحكام» أو حذفها تماماً.
والمبرر هنا حسبما صرحت به قيادات سلفية هو غلق الباب أمام التأويل الواسع لكلمة «مبادئ» والتي قد يستخدمها العلمانيون والليبراليون لصالحهم. في المقابل لا يرى «الإخوان» أية مشكلة فى أن يظل النص على عموميته باعتباره كافياً لترسيخ دور الشريعة الإسلامية في التشريع مع حق المسيحيين واليهود فى الاحتكام لشرائعهم في ما يخص الأحوال الشخصية.
القضية الثانية تتعلق بالروح العامة للدستور. فبعض الإسلاميين وبخاصة السلفيين يتعاطون مع الدستور بمنطق نفعي إن لم يكن انتهازياً لا تخطئه العين باعتبار أنها فرصة تاريخية قد لا تتكرر. فناهيك عن الاستغراق في قضايا فرعية وأحياناً شكلية، فإن الصياغات اللغوية التي يجري استخدامها لتعديل المواد الدستورية تؤشر على أننا بصدد كتابة دستور «إسلامي» بالمعنى الحزبي الضيق وليس بمعناه الحضاري الواسع. وهو ما يعني أن تتماشى المواد الدستورية مع الرؤية الايديولوجية والعقائدية والسياسية للإسلاميين كفصيل سياسي. ومكمن الخطورة هنا ليس فقط في الرؤية السياسية للإسلاميين والتي قد يختلف معها كثيرون، وإنما أيضا في الانتقال من العام إلى الخاص. فإذا كان هناك تشدد في القضايا العامة والكبرى التي يُفترض أنها محسومة فكيف ستكون الحال إذاً عندما تتم مناقشة قضايا وأبواب الحريات الخاصة والعامة وهي التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير. وإذا كانت جماعة «الإخوان» تبدو أقل تشدداً من السلفيين فى هذا الصدد، إلا أن صمتها هو إما بدافع الانشغال في إدارة شؤون الحكم بعد وصول محمد مرسي للرئاسة أو من أجل درء أي مزايدات سلفية عليهم والطعن في «إسلاميتهم» لدى الشارع، وهو ما قد يشجع السلفيين على المضي قدماً في تغيير الدستور كي يتلاءم مع رؤيتهم الايديولوجية. فعلى سبيل المثال أصر السلفيون على ان يكون الأزهر هو المرجعية الوحيدة في تفسير المادة الثانية الخاصة بكون مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع. وهو أمر استهجنه كثير من المثقفين والنشطاء السياسيين فضلاً عن رفض الأزهر له، فى حين لم يعلّق عليه «الإخوان» رغم أنه يرسخ سابقة غير معهودة في التاريخ الدستوري المصري وقد تكون لها آثار سلبية مستقبلاً.
أما القضية الثالثة فتتعلق بشكل النظام السياسي للدولة وصلاحيات رئيس الجمهورية. فثمة ميل واضح لدى الإسلاميين لتفضيل النظام الرئاسي المختلط الذي يمنح صلاحيات لكل من البرلمان والرئيس في الوقت نفسه. وهو ما لا يتماشى مع رغبة كثير من النشطاء السياسيين الذين يفضلون نظاماً برلمانياً كاملاً تكون الإرادة الشعبية هي المصدر الحقيقي للسيادة والسلطة. بل ثمة اختلاف بين «الإخوان» والسلفيين حول هذا الأمر، ففي الوقت الذي يفضل السلفيون تقسيم الصلاحيات بين الرئيس والبرلمان فإن «الإخوان» يميلون لإعطاء الرئيس صلاحيات أوسع في ما يخص تعيين الوزراء وحق حل مجلسي الشعب والشورى وإعلان حالة الحرب فضلاً عن حقه في تعديل الدستور وذلك حسبما أشار المحامي «الإخواني» المعروف صبحي صالح في تصريحات صحافية أخيراً.
أما القضية الرابعة والأخيرة فتتعلق بقضايا أو باب الحريات والحقوق العامة في الدستور والتي من المفترض أن تتم مناقشتها قريباً. فالأغلب أن يحاول السلفيون تضييق مساحة الحريات العامة والخاصة أو على الأقل «تديينها» وإعادة تعريف نطاقها ومفهومها ومضمونها وفقاً لفهمهم وتفسيرهم لها. وهي قضية ستثير الكثير من المشاكل والغضب لدى قطاع عريض من المثقفين والنشطاء السياسيين الذين يرون في باب الحريات الضمانة الحقيقية لعدم استنساخ تجربة الاستبداد والتسلط التي عاشتها مصر طيلة العقود الثلاثة الماضية. وشتان بين رؤية هؤلاء ورؤية الإسلاميين وبخاصة السلفيين لمسألة الحريات ونطاقها الخاص والعام.
وعليه فبدلاً من أن تصبح كتابة الدستور المصري الجديد وسيلة لإعادة صوغ العلاقات السياسية والاجتماعية في إطار عقد اجتماعي متوازن، فإن الرؤية الضيقة لبعض الإسلاميين قد تحوّلها إلى قضية خلافية ترسخ حالة الاستقطاب الايديولوجي والسياسي بين المصريين.
الأسد ينتحر دوليا
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
كالحيتان عندما تقذف بنفسها للسواحل انتحارا، قام بشار الأسد بالانتحار دوليا، وذلك عندما أعلن المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأسدية أن ما لديهم من أسلحة كيماوية، وجرثومية، في مواقع آمنة، وتحت سيطرة قواتهم، وأنه لن يتم استخدامها أيا ما آل إليه وضع الأزمة السورية، وأن النظام لن يستخدم تلك الأسلحة إلا في حالة حدوث عدوان خارجي!
والاعتراف بامتلاك هذه الأسلحة، وعلى لسان النظام الأسدي نفسه، يشكل بحد ذاته سببا مقنعا للتحالف الدولي ضده، هذا فضلا عن تلويح النظام الأسدي بأنه سوف يقوم باستخدامها في حال أي تدخل خارجي. وهذا الاعتراف لا يورط الأسد وحده، وحسب، بل إنه يحرج حتى الروس الذين يدافعون عن طاغية دمشق. والإعلان عن امتلاك الأسلحة، والتلويح باستخدامها، يعد دليلا على حالة اليأس التي بلغها النظام في دمشق. فالأسد أقر مجانا بما كان ينفيه، طوال أربعة عقود، وعكس القذافي الذي سمح للأميركيين بتفتيش حتى أقنان الدجاج، وسلمهم ما سلم من أسلحة محرمة، لكنه احتفظ لنفسه بشيء منها، ولم يُكتشف ذلك إلا بعد سقوطه، وعكس صدام حسين الذي وقع ضحية كذبه هو نفسه حول امتلاكه للأسلحة الكيماوية، حيث أقر بعد أن ألقي القبض عليه بأنه لم يكن بمقدوره الإفصاح عن عدم امتلاك السلاح النووي لكي لا تهتز صورته القوية أمام إيران، بينما نجد الأسد، وفي حالة يأس واضحة، يسلم رقبته علنا للإسرائيليين، والمجتمع الدولي!
خطوة لا يمكن القول عنها إلا أنها انتحار سياسي حقيقي، حيث تعطي المبرر الآن للتعامل مع طاغية لا يتوانى عن ارتكاب أفظع الجرائم بحق أبناء الشعب السوري. وبالتالي، فقد يقوم باستخدام هذه الأسلحة ضد شعبه، وربما جيرانه، خصوصا أنه يقول إنه لن يقوم باستخدامها إلا في حالة التدخل الخارجي في سوريا، والنظام لا يكف عموما عن وصف الثوار والثورة بأنهم نتاج مؤامرة خارجية! فمن يمكن أن يضمن نظاما مثل نظام الأسد الذي قتل قرابة 17 ألف سوري إلى الآن؟ بالتأكيد لا أحد! ولذا فإن ما فعله النظام الأسدي من اعتراف باستخدام الأسلحة الكيماوية والجرثومية، ما هو إلا دليل على أن النظام بات يتأرجح، وفي لحظة ضياع حقيقية أفقدته صوابه، وإلا لما تجرأ على هذا التصريح الانفعالي المكلف جدا، الذي يستوجب بالطبع تحركا دوليا سريعا، من أجل ضمان أن لا تقع هذه الأسلحة بيد حزب الله، أو غيره. وقبل هذا وذاك، ضمان أن لا يقوم النظام باستخدام تلك الأسلحة الخطرة ضد السوريين العزل، خصوصا مع احتدام المعارك في العاصمة السورية دمشق، وفي مدينة حلب، وازدياد العنف الذي بات ينهجه النظام الأسدي مع فقدانه للسيطرة على كل سوريا، وقد يفعله النظام الأسدي، أي استخدام الأسلحة المحظورة، كما فعله صدام حسين في حلبجة ضد الأكراد، فالأسد هو الوجه الآخر لنفس عملة صدام حسين، فالبعث كلهم واحد، وإن تفاوتت جرائمهم. كما أن لديهم نفس العقلية الانتحارية، فصدام انتهى بحفرة، وها هو الأسد يحفر لنفسه حفرة أخرى!
نتنياهو وتربيع الدائرة في إسرائيل
بقلم: محمد خالد الأزعر عن البيان الاماراتية
لم تعد تيارات اليهود العلمانيين في إسرائيل تطيق صبرا على إعفاء مواطنيهم المتدينين (الحريديم)، من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية. بعد 64 عاما من الجدل حول مدى استقامة هذا الإعفاء واتساقه مع مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، تمكن العلمانيون من تكوين جبهة اجتماعية وفقهية سياسية عريضة، تدفع في اتجاه ضرورة خضوع المتدينين للتجنيد في الجيش.. هذا وإلا كانت هذه الشريحة تحظى بميزة قياسا ببقية القطاعات الاجتماعية الأخرى.
وفي غمرة الزعم بالبحث عن كيفية معالجة عوار المساواة بين يهود إسرائيل، تحت شعار توزيع الأدوار والأعباء، استطرد التناظر إلى قضية إلزام فلسطينيي 1948 بكل من الخدمتين العسكرية والمدنية، شأن سائر مواطني الدولة. وعليه، استدرج أبناء المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل، إلى حمأة نقاش وتنازع لا يخصهم، بحكم التاريخ والتكوين الاستثنائي لهذه الدولة الاستيطانية غير الاعتيادية.
ولأن بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، مشهود له بالنفاق والانتهازية والشغف بالمناورة، فقد عجل بركوب الموجة، فتعهد بالاستجابة لنداء العلمانيين و"توسيع نطاق التجنيد العسكري ليشمل اليهود المتشددين والعرب الإسرائيليين".
وعلى سبيل إبداء الصدقية في تعهداته، شكل نتنياهو لجنة بلاسنر، نسبة إلى رئيسها يوحنان بلاسنر عضو الكنيست من حزب كاديما، كي تضطلع بالبحث في تطبيق مبدأ الأعباء المتساوية. وقد أوصت اللجنة فعلاً بزيادة مشاركة المتدينين والعرب، في الخدمة الوطنية والمدنية.
لقد تصور نتنياهو أنه بخطوته الجريئة سوف يأتي بما لم يستطعه الأوائل، بالنظر إلى أن أحداً من سابقيه في رئاسة الحكومات الإسرائيلية منذ إعلان إسرائيل، لم يتمكن من إلزام الحريديم والعرب بهذه الخدمة. وكان مما شجعه على الاعتقاد بأنه رجل هذه القضية المختار، تضامن مروحة واسعة من القوى العلمانية و"اليسارية" معه، وتأكيدات استطلاعات الرأي بأن أكثرية من الإسرائيليين تؤيده، فضلاً عن عشرات ألوف المتظاهرين في تل أبيب، الذين رفعوا شعارات داعمة له مثل "شعب واحد.. تجنيد إلزامي واحد".
غير أن هذه النشوة سرعان ما ووجهت بحقائق مضادة تعبر عن الرفض والغضب؛ على رأسها مواقف كل من اليهود الحريديم والعرب.. الأمر الذي أكره نتنياهو على التراجع والبحث عن مخرج آمن، يخلصه مما ورط به نفسه من تعهد يصعب الوفاء به بالسهولة التي تخيلها.
فمن ناحية، هاجت القوى والأحزاب الدينية، مثل شاس ويهودت هاتوراه، في وجه رئيس الوزراء، وراحت تذكره بأن له شركاء، لطالما ناصروه وقت العسرة النيابية، وقد يغادرون معسكره إذا ما مضى إلى إنفاذ وصايا بلاسنر أو حاول تمريرها بمشروع قانون.
ومن ناحية أخرى، أعادت قوى فلسطينيي 48 تأكيد موقفها الرافض تماما لفرض التجنيد على العرب. وجدد أيمن عودة رئيس لجنة مناهضة التجنيد، التذكير بأن لقومه وضعا مختلفا عن السياق اليهودي برمته، وأن المطلوب ليس إلحاق العرب بجيش ساهم في قمعهم واستلاب أرضهم والتعدي على حقوق شعبهم، وإنما طرح ملف قضاياهم ووجودهم المثخن بجراح التمييز. واعتبرت حنين الزغبي، عضو الكنيست عن حزب التجمع، الإجراء الإسرائيلي بمثابة إعلان حرب على العرب في الدولة العبرية.
في ضوء هذا التجاذب، دخل نتنياهو في دائرة من الحيرة والارتباك.. فهو اضطر تحت ضغوط الحريديم، والعرب نسبيا، إلى فض لجنة بلاسنر وإهمال توصياتها. ثم إنه نكص عن هذا العدول، انصياعا لغضبة العلمانيين وإصرار شريكه الجديد المتنمر موفاز على موقفه. وكانت المحصلة أنه عاد إلى سيرته، حيث الأساليب المطاطية الانتهازية، بأن انحاز إلى تكوين طاقم بديل من لجنة بلاسنر، بهدف صياغة مسودة قانون يسمى "المساواة في العبء"، يشق طريقه إلى الحكومة ثم الكنيست.
ضمن مفارقات هذا المشهد، لنا أن نلحظ تلاقي موقف أكثر التيارات الدينية اليهودية تطرفا ورجعية، مع موقف أكثر قوى فلسطينيي 48 حرصا على انتمائهم الوطني الفلسطيني والعربي القومي. فالحريديم يقعون عند أقصى نقطة عنصرية يمكن تصورها في إسرائيل ضد العرب، فيما يقع العرب عند أقصى نقطة على الطرف الآخر من المتواصل.. إنه لقاء النقيضين من منطلقات شديدة التباين والاختلاف.
الحريديم يرفضون الخدمة العسكرية، بهدف التفرغ لتغذية الدولة بالفكر التوراتي العنصري الانعزالي وروايته الملفقة عن أرض إسرائيل.. والعرب يأبون الخضوع لإجراء يسوقهم إلى رفع السلاح ضد أنفسهم وبني وطنهم وقوميتهم، ويطيح بروايتهم الحقيقية لتاريخ فلسطين..
ترى، متى وعلى أي شاكلة ستضع الحرب التي يعنيها هذا التنازع العميق أوزارها؟ وكيف يوفق نتنياهو ورهطه بين دعوته السياسة الفلسطينية للاعتراف بإسرائيل كدولة خالصة لليهود، وبين محاولته إدماج فلسطينيي 48، ذوي الأصل القومي والديني المختلف كلياً، في جيش هذه الدولة؟
القدس.. سوريا.. مينامار إلى متى؟
بقلم: كاظم عايش عن السبيل الأردنية
خلال حقبة طويلة من الزمن اصبحنا محترفين في الرثاء والعويل والبكاء، فمصائبنا ودماؤنا التي تنزف على مدار الساعة جعلت منا جوقة من البكائين، واذا اضفت الى المشهد بكاء الشيعة وتطبيرهم فستخرج بصورة سيريالية هائلة، تستوقف كل ذواقي الفن الواقعي، حيث المشهد حار جدا وساخن جدا، ومفجع بكل المقاييس.
المشهد الحاضر الآن هو مشهد المذابح في ميانمار وسوريا، أما القدس فتظهر في خلفية المشهد، حيث يستعد المستوطنون لاحياء خراب الهيكل في التاسع والعشرين من تموز بمليونية تحيط بالأقصى، تمهيدا لاقتحامه وبناء الهيكل الخرب على جبل الهيكل المتوهم، وللمشهد ايحاء مهم، فما يحدث في سوريا هو عين الذي يحدث في مينامار وفلسطين والعراق والشيشان وافغانستان وفي كل أرض وتحت كل سماء، حين رفع غطاء الأمة عن مكوناتها، ولم يعد يربطها رابط أو يدافع عنها مدافع، فصارت نهبا ومشاعا لكل شذاذ الآفاق وشراذم الأرض وسفاكي الدماء، ينالون منها كيف شاؤوا ومتى شاؤوا.
يقتل طفل يهودي أو ابيض امريكي فتهتز اركان الارض اعلاما وشجبا واستنكارا، وتتحرك الديبلوماسية ويستعد العسكر، وقد يكون القتل عارضا لا علاقة له بالدين أو السياسة، أما التطهير العرقي والفعل العنصري والمخالف لكل أعراف الدنيا وقوانينها، فإنه لا يكاد يحرك على استحياء كلمة هنا أو هناك؛ لأن اصحاب القضية ما يزالون غائبين أو مغيبين عن الوجود والشهود، وأما الزعانف المتفاخرة المنتفخة الفاسدة فهي منشغلة بالحفاظ على ما نهبت وسرقت واستبدت به من حقوق الشعوب المغلوبة على أمرها، ولا يمنع ذلك بعضها ان تدعي انه حامية حمى الاسلام والمدافعة عن المسلمين زورا وبهتانا وإفكا، وعلى الرغم من امتلاكها المليارات التي تمكنها من التدخل ولو للتخفيف من مصائب المسلمين، إلا إنها لا تفعل؛ لأنها تحتاج الى أوامر من فوقها؛ لأنها تخشى أن تتزلزل الارض من تحت أقدامها إن هي فعلت دون إذن مرجعياتها التي تملك ناصيتها وزمام أمرها.
ستبقى جراح سوريا نازفة وكذلك ميانمار وستبقى فلسطين والقدس تعاني، وكذلك سائر أقطار الارض التي تضم هؤلاء المستضعفين، حتى تقوم الكيانية الحرة المؤهلة للدفاع، ليس فقط عن المسلمين، ولكن عن كل المضطهدين والمعذبين في الارض، وتباشير قيامها بدأت، ولكنها تحتاج الى الكثير من العمل والجهد والبذل والتضحية من كل مسلم وحر وذي مبدأ، تباشيرها بدأت وما يزال البعض يمارسون هواياتهم التقليدية في المتابعة والمراقبة والاعجاب دون ان يحركوا ساكنا أو يقدموا شيئا، ما يزال البعض ينتظرون المهدي أو معجزة من السماء، وما دروا ان المعجزات تصنعها الشعوب في هذا الزمن الجديد، فهي تمتلك الكثير من الامكانات والمقدرات، ولكن ينقصها الكثير من الايمان والارادة والمبادرة وحب التضحية والرغبة في لقاء الله وحب الجنة والخوف من النار ومن عذاب الله، وحين يتوفر لها ذلك بجهود المخلصين والامناء الجادين من حملة هذا الدين العظيم فإنها ستحقق ما تريد، وستنتصر للحق وتقيم موازين العدل وتنصف المظلومين في كل مكان.
إعلانُ قطاعِ غزّةَ محرراً
بقلم: هاني المصري عن السفير البيروتية
بالرغم من نفي محمود الزهار وأسامة حمدان، إلا أن تقارير إعلاميّة مستندة إلى مصادر في «حماس» أشارت إلى أن نقاشًا في «حماس» يدور حول إعلان قطاع غزة محررًا، في محاولة لتوظيف المتغيرات في مصر لمصلحة «حماس».
بدايةً، لا بد من الاعتراف بأن وضع الضفة الغربيّة بعد تطبيق خطة الفصل الإسرائيليّة بات مختلفًا عن قطاع غزة، ولكن ليس إلى درجة اعتبار أن الضفة محتلة وقطاع غزة محررًا، وإنما الأولى خاضعة إلى احتلال مباشر والثاني إلى احتلال غير مباشر.
لقد كنت من الأقليّة التي انتقدت الاحتفالات الفلسطينيّة بـ«تحرير» قطاع غزة التي نظمتها مختلف الفصائل من دون استثناء، ليس لأن خطة الفصل لا تعكس خطوة إسرائيليّة إلى الوراء ترجع في أحد أسبابها إلى صمود شعبنا في القطاع ومقاومته الباسلة التي دفعت القادة الإسرائيليين إلى التمني بأن يبتلع البحر القطاع؛ بل لأنها كانت من أجل عشر خطوات إسرائيليّة إلى الأمام في الضفة الغربيّة، وخصوصًا في القدس، وكما ترمي إلى استعادة زمام المبادرة وقطع الطريق على قيام دولة فلسطينيّة.
فإسرائيل التي «انسحبت» من القطاع، واصلت حصاره البري والبحري والجوي، واحتلال شريط من أرضه، وقامت بالعدوان عليه بالحرب الواسعة أو بالاقتحامات والاغتيالات المستمرة، الأمر الذي يجعل القطاع محتلًا، وفق القانون الدولي الذي ينص على أن أي أرض تبقى محتلة إذا مارس الاحتلال أي نوع من أنواع التأثير عليها.
لم ينجح الحصار في إسقاط حكومة «حماس» ولا في دفعها لقبول المصالحة وفقًا لشروط لا تناسبها، وبالرغم من أن «حماس» تغيرت كثيرًا حتى يتم الاعتراف بها، سواء في برنامجها السياسي أو من خلال تعليق المقاومة المسلحة وتخفيف شروطها للمصالحة، إلا أنها استخدمت هذا التغيير للاستمرار في سيطرتها الانفراديّة على القطاع، ومن قبيل كسب الوقت والسعي إلى الحصول على مصالحة تمكنها من الاحتفاظ بما لديها (نتائج انتخابات 2006، والسيطرة على القطاع)، ما دامت لم تتمكن من المشاركة الفاعلة في المنظمة والسلطة تمهيدًا لقيادتها، الأمر الذي يحول دونه استمرار الاحتلال المباشر في الضفة الغربيّة. فالاحتلال قادر على جعل أي اتفاق للمصالحة لا يرضى عنه حبرًا على ورق في الضفة الغربيّة على الأقل.
فنحن عالقون في ورطة شديدة، لأن استمرار الانقسام سيؤدي إلى تعميق الفصل بين الضفة والقطاع، شئنا أم أبينا، سواء من خلال إعلان القطاع محررًا أو من دون ذلك، مع أن هذا لا يبرر هذا الإعلان ولا استمرار الحصار أو المساهمة في استمراره على القطاع.
كما تظهر الورطة في أن المصالحة المسموح بها، هي التي تتم على أساس الشروط الإسرائيليّة الدوليّة، وعلى أساس عودة العمل باتفاقيّة 2005 حول معبر رفح، التي تعطي لإسرائيل حق التدخل، ولو عن بعد، على المعبر، من دون أن تكون موجودة، وأيضًا تظهر أن الحصار ليس حصارًا محكمًا بسبب الأنفاق التي كسرت الحصار وألحقت أضرارًا فادحة باقتصاد القطاع، وساهمت في إيجاد شرائح مستفيدة من الانقسام، ومن مصلحتها استمراره.
الخروج من الورطة ممكن من خلال الإدراك أن لكل شيء ثمنًا لاستمرار الانقسام أو لاستعادة الوحدة، وعلى الفلسطينيين اختيار الوحدة، لأن ثمنها أقل من ثمن الانقسام. فالحل موجود، ويمكن تنفيذه في حال توافر الإرادة السياسيّة لدى الأطراف الفلسطينيّة المتنازعة، بحيث تشرع في عمليّة قادرة على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنيّة على أساس برنامج قواسم وطنيّة مشتركة، وفي سياق إحياء المشروع الوطني وإعادة تشكيل المنظمة على أساس الأهداف والحقوق الوطنيّة بعيدًا عن شروط اللجنة الرباعيّة، وبما يجمع ما بين الحفاظ على الحقوق الوطنيّة والقدرة على الفعل السياسي المنسجم مع موازين القوى القائمة، والذي يقتضي أن يكون برنامج الحكومة مستندًا إلى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، بما يحافظ على المكتسبات التي توفرها الشرعيّة الدوليّة، وتوظيفها ضد الاحتلال، وعدم تمكينه من تحييد العامل الدولي أو جذبه للانحياز إلى إسرائيل.
معضلة «حماس» أو بعض الأوساط فيها أنها تريد إعلان قطاع غزة محررًا من دون أن يكون ذلك جزءًا من مشروع وطني شامل يحقق المصالحة، وفي ظل غياب المقاومة، حيث غدت المقاومة مجرد شعار تطبيقه معلق برحم المستقبل المجهول، ما يؤدي في أحسن الأحوال إلى قيام دولة فلسطينيّة في غزة، دولة ستكون محاصرة ومعزولة وغير معترف بها وعبئًا على مصر، وتستطيع إسرائيل الاعتداء عليها بحريّة ووحشيّة أكبر، ما يعني أن قدرتها على المقاومة ستكون أقل، ومن شأن إقامتها أن يصب من دون قصد في خدمة المشاريع الإسرائيليّة الرامية إلى تطبيق الخطوات الأحاديّة، بما فيها ضم كل أو معظم المناطق المصنفة (ج) إلى إسرائيل، والدولة ذات الحدود المؤقتة، ورمي القطاع في حضن مصر، ومعازل الضفة في حضن الأردن.
ما حال دون تشكيل الإطار القيادي المؤقت هي الأسباب نفسها التي حالت دون تشكيل حكومة الوفاق الوطني، أو دون إعادة تشكيل الأجهزة الأمنيّة وإصلاحها وبنائها وتوحيدها، أو دون التحضير لإجراء الانتخابات على كل المستويات بصورة جديّة؛ وهي: أولًا، تغليب المصالح الفئويّة والفرديّة والسعي للهيمنة، خصوصًا بعد تعمق الانقسام ومأسسته، وعدم استعداد «فتح» و«حماس» لدفع ثمن هذا الاستحقاق، وبعد زيادة نفوذ جماعات الانقسام هنا وهناك سلطة وثروة. وثانيًا، تأثير العوامل الخارجيّة، خصوصًا العامل الأميركي - الإسرائيلي الذي يصر على قيام المصالحة بناء على شروط الرباعيّة، وإلا فلن تكون أبدًا.
إن «حماس» الآن تراهن على وجود محمد مرسي أحد قادة جماعة «الإخوان المسلمين» على كرسي الرئاسة بمصر حتى يساعدها على رفع الحصار كليًّا عن قطاع غزة وإعلانه محررًا، وتنسى أن الرئيس مرسي مقيد الصلاحيات، وأن الصلاحيات الفعليّة، خصوصًا في ما يتعلق بالأمن والدفاع والسياسة الخارجيّة في يد «المجلس العسكري»، وأن الإشارات التي أطلقها منذ توليه الرئاسة تظهر أنه حريص على الاستقرار الإقليمي، والمحافظة على معاهدة السلام مع إسرائيل، وأنه غير مستعد للإقدام على ما من شأنه إثارة متاعب جديدة في وقت مصر أحوج ما تكون إلى التركيز على حل مشاكلها الداخليّة، وخصوصًا الأمنيّة والاقتصاديّة.
تأسيسًا على ما سبق، أعلن مرسي حرصه على إتمام المصالحة الفلسطينيّة، وأنه يقف على مسافة واحدة من مختلف الفصائل، حيث استقبل الرئيس الفلسطيني أولاً في دلالة على احترامه للشرعيّة الفلسطينيّة، وأكد في لقاءيه مع الرئيس ومشعل أنه سيبذل كل ما يستطيعه لرفع الحصار عن قطاع غزة وإتمام المصالحة.
لن تستطيع مصر أن تلعب دورًا فاعلًا إذا لم تكن الأطراف الفلسطينيّة مستعدة لإتمام المصالحة، وإذا لم تستقر تمامًا بعد اجتياز المرحلة الانتقاليّة واستكمال مؤسساتها الدستوريّة ووضع الدستور، الذي يحدد صلاحيات الرئيس والبرلمان والعسكر بما ينسجم مع نظام سياسي ديموقراطي قادر على النهوض.
إذا خضعت «حماس» ووافقت على شروط الرباعيّة تمامًا يمكن أن تحدث المصالحة، «ونكون كلنا في الهم سواسية»، وعندها سينشب تنافس داخلي محتدم بين «فتح» و«حماس» على من الطرف الأجدر باعتماده أميركيًّا وإسرائيليًّا ودوليًّا لقيادة الفلسطينيين.
بصراحة وكل صراحة، من دون ضغط قوي من داخل الأطراف المتنازعة والقوى الأخرى والفعاليات الوطنيّة والشعب الفلسطيني في داخل الوطن وخارجه، لا يمكن إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة حتى على مراحل، وهذا الضغط غير متوافر حتى الآن، ولا يعرف أحد متى يمكن أن يتوافر. فالشعب الفلسطيني لن يتحرك بقوة لتحقيق المصالحة بين «فتح» و«حماس» فقط، فهذا هدف لا يستحق وحده المخاطرة بفرض الحصار والمقاطعة ونزع الشرعيّة الأميركيّة، وربما الدوليّة عن السلطة والمنظمة، بل يجب أن يكون التحرك من أجل المصالحة عندما تكون جزءًا من مشروع وطني شامل قادر على إنقاذ القضيّة الفلسطينيّة وتحقيق أهدافها.
مَنْ الذي وضع أوباما في قفص الصهيونية؟!
بقلم: شاكر النابلسي عن الوطن القطرية
في مناسبة كل انتخابات رئاسية أميركية، نقف - نحن العرب - الموقف السياسي ذاته، والذي لا يتعدى الحزن والأسى والعتب الشديد على موقف المرشحين للرئاسة الأميركية.
لقد درجنا على هذا منذ 1948 الى الآن.
اللعب بالنار
وخلال ستين عاماً من ضياع فلسطين، لم نفطن الى أن حلَّ القضية الفلسطينية في واشنطن، وليس في تل ابيب، أو القدس. فأهملنا واشنطن المرضعة للصهيونية، وركّزنا على تل ابيب (الرضيع) القريبة منا. ورحنا نتعامل معها باللعب، وليس بالجد. واللعب هنا، يتمثل في عمليات المقاومة المجانية، التي لم تأت بمفعول أو بنتيجة ايجابية تُذكر منذ ستين عاما، بل على العكس من ذلك، شددت من قبضة اسرائيل على فلسطين، سنة بعد أخرى أكثر من الماضي، وشوّهت صورة الفلسطينيين والعرب والمسلمين في الغرب أكثر فاكثر. وخسرت القضية الفلسطينية الكثير من أسهمها عند الرأي العام العالمي والاعلام العالمي، فيما لو علمنا أن هذين العاملين هما الدافعان والمؤثران على أصحاب صناعة القرار الغربي في أميركا، وفي الغرب عموما.
وفي كل انتخابات رئاسية اميركية، نتساءل:
أين هم العرب؟
أين منظماتهم المؤثّرة على الرأي العام الأميركي؟
أين اللوبي العربي في أميركا، المقابل للوبي الصهيوني الكاسح في واشنطن (ايباك)؟
أين المال العربي؟
فلا نجد غير بعض المنظمات الصغيرة المتهالكة، التي لا صوت، ولا وزن ثقيلا لها. بل العكس من ذلك فكبرى هذه التنظيمات في واشنطن وهي مجلس العلاقات الأميركية الاسلامية (كير) الذي تأسس عام 1994 ، وأصبح كل همّه خاصة بعد كارثة 11 سبتمبر 2001 ، الدفاع عن تُهم الارهاب التي تُلصق بالاسلام والمسلمين. وهو هدف وجهد يُشكر عليه. ولكن المهمة الرئيسة، وهي تعريف الرأي العام الأميركي بالحق العربي والفلسطيني في فلسطين، وانعكاس هذا الجهد على مجرى ونتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، لم تأتِ بأية نتائج تُذكر. وظل المتنافسون في الانتخابات الرئاسية الأميركية يطلبون الودّ اليهودي والصهيوني، وهو ما يعني حوالي خمسة ملايين صوت انتخابي يهودي، مجهزين تجهيزا سياسيا عالي المستوى، وهم بأمرة لجنة الشؤون العامة الأمير
إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً


رد مع اقتباس