أقلام وآراء

(727)

سياسة خارجية مدمرة

صحيفة السفيرعن "هآرتس" - بقلم اسرة التحرير

علاقات متميزة .. الإسهام الإسرائيلي في خدمة الولايات المتحدة

صحيفة السفير عن صحيفة "إسرائيل اليوم" للكاتب- ورام اتينغر

انتصار المثقفين

بقلم: تسفي غباي/معاريف

نتنياهو في الطريق الى كوسوفو

بقلم: عكيفا الدار/هآرتس

سياسة خارجية مدمرة

افتتاحية ("هآرتس" 25/12/ 2011)- صحيفة السفير

بعد ان أجلس نائب وزير الخارجية، داني ايالون، السفير التركي في إسرائيل على كرسي صغير، جاء دور الوزير، افيغدور ليبرمان، لوضع اوروبا في مكانها. ردا على بيان الشجب الذي صدر ضد سياسة الاستيطان، أعمال العنف ضد الفلسطينيين والمس بالمساجد الذي نشرته الاسبوع الماضي الدول الاوروبية الاعضاء الاربعة في مجلس الامن، وبخت وزارة الخارجية في القدس المانيا، فرنسا، بريطانيا والبرتغال وأعلنتها دولا "غير ذي صلة". ولم تكتف الوزارة بذلك بل أملت على دول الاتحاد الاوروبي جدول أعمال سياسياً: ركزوا على ما يجري في سوريا وايران ودعوكم من النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

من نافل القول أن اوروبا تستعد بقلق للتوبيخ التالي من القدس، هذه المرة في أعقاب الاحتجاج الذي قدمه الاتحاد الاوروبي الى وزارة الخارجية على اخلاء البدو وهدم منازل الفلسطينيين في منطقة E1، بين مستوطنة معاليه ادوميم وشرقي القدس. ويمكن الافتراض بان روسيا، الهند، البرازيل وجنوب افريقيا الذين اعربوا عن عدم الارتياح من سياسة الاستيطان، أُرسلوا للبحث عن شأنية لهم في مواقع اخرى.

بيان الشجب ضد الدول الثلاث المهمة في اوروبا، والتي تجري إسرائيل إلى أبوابها في الكفاح الذي تخوضه ضد المشروع النووي الايراني ولصد المبادرة الفلسطينية في الامم المتحدة، تمثل سياسة خارجية مُدمرة. فعملية السلام شكلت مرسى لتنمية العلاقات مع المجتمع الدولي. وفي ظل غياب مبادرة سياسية إسرائيلية، فان الانشغال بالمبادرات لانهاء الاحتلال تخلي مكانها لانتقاد مظالم الاحتلال. الولايات المتحدة بقيت الحاجز الوحيد بين إسرائيل وبين العزلة الدولية التي تلامس الخطر الاستراتيجي.

ومع ذلك، يوجد أكثر من ذرة حقيقة في الادعاء بان الاتحاد الاوروبي غير ذي صلة في الساحة الإسرائيلية الفلسطينية؛ فمنذ قرار مدينة البندقية، الذي اتخذ في حزيران 1980، أعلن الاعضاء التسعة في الاسرة الاوروبية بان حلا شاملا للنزاع الإسرائيلي العربي "ضروري وملح اكثر من أي وقت مضى". وهي وعدت بالقيام "بدور خاص والعمل الان بشكل ملموس أكثر" من أجل انهاء الاحتلال في المناطق الفلسطينية بالضفة الغربية. ينبغي التعلل بالامل في أن يؤدي السلوك الهاذي لحكومة إسرائيل إلى تحفيز اصدقاء إسرائيل في اوروبا على تنفيذ هذا التعهد وأن يكونوا فعلا ذوي صلة.

علاقات متميزة .. الإسهام الإسرائيلي في خدمة الولايات المتحدة

صحيفة السفير عن ("إسرائيل اليوم" 22/12/2011) للكاتب- ورام اتينغر

خلافا للفرضية السائدة فإن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة ليست أحادية الاتجاه (الولايات المتحدة تعطي وإسرائيل تأخذ)، بل هي ثنائية الاتجاه وذات فائدة متبادلة. فالعلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة تتخطى الصراع العربي الإسرائيلي والمشكلة الفلسطينية، وتُطيل وتُحسن ذراع الولايات المتحدة الاستراتيجية.

قال لي مدير مصنع انتاج طائرات "اف 16"، بورت وورث، في تكساس إن إسرائيل "ساهمت بأكثر من 600 تحسين في طائرة "اف 16" ما يعادل زيادة مليارات الدولارات للشركة منتجة الطائرة". وتمتعت مئات شركات الصناعة الامنية الأميركية باسهام مشابه من إسرائيل. ويُعتبر الشراء الإسرائيلي شهادة كفاءة وأهلية للصناعة الامنية الأميركية وهو يشكل

عنصراً كبيراً يضاعِف انتاج الاقتصاد الأميركي. وإسرائيل ايضا هي مختبر ناجع لظروف قتال بالنسبة لأميركا وتسهم في صناعتها الامنية كما يسهم حانوت لمركز تجاري.

ان "إنتل" و"ميكروسوفت" و"موتورولا" ومئات الشركات الأميركية مدينة لتكنولوجيات إسرائيلية بتفوقها النسبي في السوق العالمية. يدعي جورج غيلدر "زعيم" صناعات الهاي تيك في الولايات المتحدة ان "الولايات المتحدة محتاجة لإسرائيل كما تحتاج إسرائيل للولايات المتحدة". فالجنود الأميركيون يتدربون في إسرائيل وهم في طريقهم الى العراق والى افغانستان ويستفيدون من تجربة ومعدات إسرائيلية متميزة ليصمدوا أمام العبوات الناسفة والسيارات المفخخة والانتحاريين وصواريخ مضادة للدبابات وغير ذلك.

مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، أندرو شابيرو، شهد في مجلس الشيوخ ان "إسرائيل تمثل حجر زاوية لسياسة الولايات المتحدة في مواجهة ايران ومحاربة الارهاب الدولي ومنع نشر السلاح النووي... وأن للتقنيات الإسرائيلية دوراً حاسماً في تطوير الامن الداخلي والدفاع عن جنودنا. فالدروع الإسرائيلية المحكمة تحمي دبابات ومركبات أميركية في العراق وافغانستان، ومعدات طبية إسرائيلية تُحسن علاج جرحانا... وتجري قوات أميركية وإسرائيلية تدريبات مشتركة لتطوير التعاون والقدرات العملياتية بشكل عام وقدرات محاربة الارهاب بشكل خاص".

الجنرال الكسندر هيغ، الذي كان قائد حلف شمال الاطلسي "الناتو" ووزير الخارجية الأميركي، عرّف إسرائيل بأنها "حاملة الطائرات الأميركية الأكبر من دون جنود أميركيين، والتي ترسو في منطقة حاسمة للمصلحة الأميركية وتوفر على الولايات المتحدة نحوا من عشرين مليار دولار كل سنة".

ان الحمم الملتهبة في "الشارع العربي" التي لم تبلغ ذروتها بعد تكشف عن الطبيعة المتحركة والمتقلبة وغير الموثوقة للانظمة العربية. واجلاء القوة الأميركية عن العراق يمنح رياح إسناد للعنف الاقليمي ويساعد على تعميق التدخل الروسي والصيني في الشرق الاوسط، ويسهم في تقويض استقرار انظمة عربية موالية لأميركا، ويزيد في خطر الأسلمة التي تزداد في سياسة تركيا. كل هذه الأمور تُبرز إسرائيل باعتبارها الحليف الوحيد للولايات المتحدة، الحليف المستقر والموثوق به والناجع والديمقراطي بلا شرط وهذه ظاهرة متميزة في المنطقة والعالم.

تذكروا كل ما ورد آنفا عندما تفكرون في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

انتصار المثقفين

بقلم: تسفي غباي/معاريف 26/12/2011

لا بد أن وزير التاريخ سيصنف العام 2011 كعام المفاجآت الكبرى في الشرق الاوسط. فنحن لا نتمكن من استيعاد أحد التطورات فاذا به يسقط علينا تطور مفاجيء جديد. التونسيون كانوا الاوائل الذين رفعوا علم الثورة ضد الفساد، وفي غضون وقت قصير انضم اليهم الليبيون، اليمنيون، المصريون وكذا السوريون. الشعوب العربية حطمت حاجز الخوف، خرجت الى ميادين المدن وفاجأت في الثورات الجماهيرية ضد الزعماء الطغاة. وكشفت الثورات فوارق عميقة في مزايا الشعوب العربية، في طبيعة حكامهم وفي سلوك جيوشهم.

في "ام الدنيا" كما يقول المصريون، بشرنا في كانون الثاني بحلول "الربيع العربي". وفي غضون وقت قصير سقطت الانظمة في تونس وفي ليبيا، وفي مصر تنحى حسني مبارك وقدم الى المحاكمة كأحد أفراد الشعب. نتيجة الانتخابات هي

"شتاء اسلامي": 75 في المائة من الناخبين صوتوا في الجولتين الاولتين في صالح الاحزاب الاسلامية – الاخوان المسلمين والسلفيين – اما الكتلة الليبرالية – العلمانية، التي بادرت وقادت الثورة، فتلقت باقي الاصوات التي تشكل أقلية.

انتصار المحافل الاسلامية في الانتخابات في تونس وفي مصر وسيطرتهم في ليبيا جاء بفضل نفوذهم الذي اتسع تحت حكم الطغيان. وقد اتسع النفوذ الاسلامي بفضل مشاريع توزيع الغذاء للمحتاجين. وهكذا نشأ خليط مظفر في الانتخابات للمحافل الاسلامية.

ولكن ما هو العنصر الذي تسبب بالثورات في الدول العربية؟ بلا شك، المثقفون العرب هم الذين زرعوا على مدى السنين، في دولهم وبالاساس خارجها، شرارات الهزة الارضية الحالية. كتاباتهم النقدية التي تجاهل الحكام تأثيرها، هي التي أعدت التربة لانفجار الجماهير. الشعراء والكتاب حاسبوهم على قمع الحريات، التفكير وحرية التعبير؛ احتجوا على استغلال "فلسطين" كذريعة لسيطرتهم بلا كوابح على شعوبهم. المفكر أدونيس دعا (في مقال نشر في 3/3/2011) الثوار الى المطالبة أولا وقبل كل شيء بالغاء الرقابة على الفكر والحياة. الحرية، إذن، هي الاساس لكل بني البشر.

في هذه الايام عادت النار الى مصر. الشباب الذين أدوا الى الاطاحة بمبارك وتطلعوا الى التحول الديمقراطي، بقوا محبطين. عملية الانتخابات كشفت عن ضعفهم العددي. وبالتالي، يمكن الافتراض بانهم سيواصلون الاعراب عن استيائهم، ولا سيما في ضوء المس بالمؤسسات الثقافية للدولة.

الشرق الاوسط ليس مكانا للسذج. لم تتبلور بعد شعوب منسجمة في الدول العربية التي اقيمت بشكل مصطنع وتعسفي على ايدي القوى العظمى الغربية في النصف الاول من القرن العشرين. وتكافح الشعوب من أجل طابعها. طالما سيطر عليها طغاة مطلقون، اديرت الدول ظاهرا على مياه هادئة. ولكن عندما حل لجام الحكم، صعدت المحافل الاسلامية ذات النفوذ وأمسكت بالحكم في تونس وفي ليبيا.

وعليه فان علينا أن نفتح العيون ونمتنع عن الموقف الرسمي من الاحداث في الدول العربية. فموقفنا ستستغله المحافل المعادية لصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية العسيرة في اتجاه اسرائيل – كريهة نفوسهم. وبالتوازي، علينا أن نحاول البحث والعثور عن محافل معتدلة نحافظ معها على الاستقرار الجغرافي السياسي الاقليمي. ماذا ينتظرنا في العام 2012؟ الايام ستروي

نتنياهو في الطريق الى كوسوفو

/بقلم: عكيفا الدار/هآرتس 26/12/2011

ان توبيخ دول اوروبا وتوصية وزارة الخارجية لالمانيا وفرنسا وبريطانيا والبرتغال بألا تدس أنوفها في "الشؤون الداخلية" لاسرائيل وان تدعها تُدير الاحتلال كما تشتهي – بدوا لي معروفين بصورة مخيفة. وأثار تسلسل "الامور الداخلية" ايضا ذكرى تثير القشعريرة؛ ففي التسعينيات رفض رئيس صربيا، سلوفدان ميلوسوفيتش، طلب اوروبا الكف عن اضطهاد الكثرة الالبانية في كوسوفو. بعد ذلك رفض طلب حلف شمال الاطلسي اخراج قواته من اقليم كوسوفو والكف عن طرد عشرات آلاف الالبان وأكثرهم مسلمون، من بيوتهم. وردت قوات حلف شمال الاطلسي بهجوم جوي على أهداف عسكرية ومدنية في جمهورية الصرب.

تابعت جمهورية الصرب معارضة منح كوسوفو الاستقلال بل هددت بفرض عقوبات عليها وعلى الدول التي تؤيدها. ولم تشد اوروبا الأحزمة. ففي شباط 2008 اعترفت بريطانيا وفرنسا وايطاليا والمانيا بكوسوفو. وانضمت الولايات المتحدة الى الدول المركزية في الاتحاد الاوروبي وتبعها نحو من 70 دولة. ان نقضا روسيا في مجلس الامن يحول بين كوسوفو والعضوية

الكاملة في الامم المتحدة (واسرائيل ايضا لا تعترف بها)، لكن المحكمة الدولية للعدل في لاهاي قضت بأن اعلان الاستقلال لا يناقض القانون الدولي. وتضمن قوة مهام من الاتحاد الاوروبي السلام والنظام في كوسوفو.

في اسرائيل كما في جمهورية الصرب، تجند السلطة الرأي العام بتصور عام قومي وشعور بأنها الضحية وعقلية الغيتو. في بحث أجرته جامعية من الجامعة العبرية (طلب موجهها إبقاء اسمها سرا خشية ان يتعرضوا له بالأذى) في اطار حلقة تعليمية لتسوية النزاعات، أشارت الى خطوط تشابه مفاجئة بين خطبة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الجمعية العامة للامم المتحدة في ايلول وبين الخطبة الشهيرة التي خطبها ميلوسوفيتش في 1989 في الذكرى السنوية الـ 600 لـ "معركة كوسوفو" بين ملك الصرب لازار والدولة العثمانية. وبرغم ان الصرب هُزموا في تلك المعركة، فانهم يرونها حدثا تأسيسيا في التاريخ القومي الصربي.

استعمل الزعيمان حكايات شعبية معروفة لعرض اتصال تاريخي بين "الوطن التاريخي" والواقع الجغرافي السياسي في المناطق المختلف فيها. وأكد الاثنان معاناة الماضي لأبناء شعبيهما وزرعا الخوف من التهديدات التي يشتمل المستقبل عليها؛ وأسس كلاهما موقفه على "الحقوق التاريخية" لأبناء شعبيهما وتجاهلا المطامح القومية والمناطقية للشعب الجار؛ وأشار نتنياهو الى ان الاسلام الاصولي المتطرف هو عدو اليهود والامريكيين والغرب. وذكر ميلوسوفيتش قيم اوروبا النصرانية ازاء الاتراك العثمانيين باعتبارها خلفية المجابهة في كوسوفو بين الصرب والسكان الالبان المسلمين في أكثرهم.

ولازالة الشك نقول ان نتنياهو ليس مجرم حرب. لكن التشابه الكبير بين تصوره العام وتصور ميلوسوفيتش لكل ما يتعلق بالصراع في المناطق يدعو الى استخلاص دروس من الصراع في كوسوفو. ولا يجب عليك لتفعل هذا ان تكون استسلاميا اسرائيليا. فقبل 12 عاما كتب رئيس مجلس الامن القومي يعقوب عميدرور (وكان آنذاك قائد معهد الامن القومي) في مقالة في صحيفة "معرخوت"، أنه يجب على دول صغيرة كاسرائيل ان تتعلم دروس تلك الحرب. "تشير هذه الحرب الى مسار واضح تسير فيه وتثبت توجهات جديدة تتعلق بنظام العلاقات بين "العالم" وبين دول يُرى أنها تضر بالاخلاق الدولية"، كتب عميدرور.

وأضاف الجنرال الذي هو من ناس الصهيونية الدينية – القومية: "ان معنى أحداث كوسوفو واضح وهو ان من ينقض الاجماع الدولي حتى داخل اراضيه السيادية يجب ان يأخذ في الحسبان تدخلا دوليا، ولا سيما اذا داس عصبا حساسا في الادارة الامريكية". ويمكن ان نضيف – فكيف تكون الحال خارج ارضه السيادية. وبعد ان قدم بقوله "برغم جميع الفروق"، اقترح من عينه نتنياهو رئيسا لمقر الامن القومي، ان تأخذ اسرائيل في حسابها الرأي العام الدولي: "من المهم في الحقيقة ما تفعله اسرائيل لكن ينبغي ألا نتجاهل ما تقوله وتفعله دول العالم". فيحسن قُبيل نقاش إحلال البؤر الاستيطانية وقبل الهجوم القادم على اوروبا ان يضع المستشار الكبير مقالته على مائدة الحكومة.