منظمة التحرير الفلسطينية

الأسس القانونية الداعمة للاعتراف بالدولة الفلسطينية

مدخل:

نضع بين أيديكم الأسس القانونية الداعمة للاعتراف بالدولة الفلسطينية وقبول عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة.

هذه الأسس جاءت نتيجة لعدد كبير من الاستشارات والدراسات، وساهم في انجازها فريق من المختصين الفلسطينيين والعرب والأجانب، وتحديداً فريق مشروع دعم المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية.

نعمل مع فريق من القانونيين الدوليين بدعم مشكور من (دولة قطر)، نستطيع استشارتهم وتقديم الأسئلة لهم، حول أي من المواضع ذات العلاقة الرجاء عدم التردد في طرح أي أسئلة أو استفسار حول المسائل القانونية والسياسية والإجرائية ذات العلاقة بموضوع العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.

د. صائب عريقات

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية

رئيس الوفد الفلسطيني لمفاوضات الوضع النهائي

مقدمة

الحق الفلسطيني في تقرير المصير واقامة دولة ذات سيادة على حدود العام 1967 هو حق معترف به من المجتمع الدولي. وخلال العقدين السابقين لم تألو منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، جهداً بغية تحقيق هذه التطلعات الوطنية عبر التفاوض مع إسرائيل. ومع ذلك، فإن رفض إسرائيل الالتزام باقانون الدولي ووقف اجراءاتها غير القانونية في الأرض الفلسطينية ومن ضمنها وقف الأنشطة الاستيطانية يعرض للخطر إمكانية البقاء على حل الدولتين مما يدفعنا إلى السعي للحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 بعاصمتها القدس الشرقية.

تستوفي فلسطين المعايير القانونية لإقامة الدولة. في الواقع، يرجع عدم تمكن فلسطين من بسط سيطرتها الفعلية على جميع أراضيها إلى استمرار الاحتلال العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة مخالفة بذلك القانون الدولي وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه الحقيقة ينبغي ألا تقف عائقاً أمام الاعتراف بدولة فلسطين، بل بالأحرى ينبغي أن تقدّم سبباً وجيهاً للمجتمع الدولي كي يتمسك بالقانون الدولي ويدعم ممارسة الفلسطينيين لحق تقرير مصيرهم عبر الاعتراف بدولة فلسطين وقبولها عضواً في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.

تبقي دولة فلسطين ملتزمة بالتفاوض للوصول إلى حل سلمي للصراع مع إسرائيل، كما أنها سوف تستمر في التعاون مع إسرائيل في المسائل الأمنية والمدنية كما فعلت خلال العقدين السابقين من المحادثات مع إسرائيل. لكنها سوف تفعل كل ذلك على أساس المساواة في السيادة.

الحجج القانونية

1. يمتلك الشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير والسيادة ويعترف المجتمع الدولي بهذا الحق.

أ‌. أكد المجتمع الدولي أولاً على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والسيادة قبل تسعة عقود تقريباً بموجب معاهدة عصبة الأمم.

منذ العام 1922 أكدت عصبة الأمم على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والسيادة فيما يتعلق بمجمل الأراضي التي تشمل إسرائيل اليوم والأراضي الفلسطينية المحتلة داخل حدود العام 1967. ووفقاً إلى عصبة الأمم، فإن فلسطين التاريخية بما فيها بعض المجتمعات الأخرى التي تألفت منها الامبراطوية العثمانية كانت قد وصلت إلى درجة متقدمة من التطور يستدعي اعترافاً مشروطاً فيها كدولة مستقلة. وعلى الرغم من ذلك، تمّ وضعها مؤقتاً تحت إدارة قوة الانتداب (بريطانيا العظمى) بمثابة "وديعة مقدسة" حتى "يحين الوقت يمكنها فيه أن تقف وحدها". وفي هذا الصدد، كان من الواضح أن سلطة الانتداب امتلكت سلطة إدارية مؤقتة وكان لها المسؤولية الرئيسية في مساعدة الشعب الفلسطيني في تحقيق الحكم الذاتي الكامل والاستقلال في أقرب وقت ممكن.

كما اعترفت الأمم المتحدة خليفة عصبة الأمم بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة في العام 1947 عندما كتبت اللجنة الفرعية الثانية المنبثقة عن اللجنة المخصصة للقضية الفلسطينية في تقرير لها تقول فيه من جملة أمورة أخرى بأن

الشعب الفلسطيني ناضج للحصول على حكم ذاتي، وقد تمّ الاتفاق أنه ينبغي أن يصبحوا مستقلين في أقرب وقت ممكن. ويترتب عن ذلك أيضاً أن الجمعية العامة لا تملك الصلاحية كي توصي بأي حل ناهيك عن أن تفرض أي حل غير الاعتراف باستقلال فلسطين.

وعلى الرغم من التقرير الذي نشرته اللجنة المخصصة، قامت الجمعية العامة في 29 تشرين الأول 1947 في قرارها 181 (II) ("حل التقسيم") بتقسيم أراضي فلسطين الواقعة تحت الانتداب البريطاني إلى دولتين. وعلى الرغم من أن حل التقسيم لم يعكس رغبات غالبية السكان الفلسطينيين، إلا أنه يشكل تأكيداً على حق الشعب الفلسطيني في السيادة وتقرير المصير. وكان من ضمن بنود قرار 181 هو ان على كل دولة الناشئة من قرار التقسيم أن تنشئ حكومة ديمقراطية وأن تضمن "حقوقاً متساوية لا تمييز فيها لجميع الأشخاص في المسائل المدنية والسياسية والدينية، والتمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية".

وقد تأسست دولة إسرائيل عدة أشهر فقط بعدما اعتمدت الهيئة العامة للأمم المتحدة حل التقسيم، ومع ذلك لم يحصل الفلسطينيون على دولة مستقلة حيث اندلعت حرب عام 1948 وانتزعت إسرائيل بالقوة قسم كبير من الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية مما قلص من مساحة الأراضي الفلسطينية المخصصة للدولة إلى أقل من النصف. وفي العام 1967، احتلت إسرائيل بقية الأراضي الفلسطينية المؤلفة من الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة.

ب‌. أعادت الأمم المتحدة مراراً وتكراراً التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والسيادة.

بما يتفق وميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واعترافاً بالظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني، دعت الأمم المتحدة مراراً وتكراراً إلى ممارسة حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير والسيادة. وقي العام 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية، الجهاز القضائي الرئيسي في الأمم المتحدة، قراراً يقضي بأن "وجود الشعب الفلسطيني لم يعد قضية خاضعة للجدل"، كما أكدت المحكمة على حق الفلسطينيين في تقرير المصير.

وقد توصلت محكمة العدل الدولية لقرارها الداعم لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير لقرارات الجمعية العامة الصادرة خلال السنوات العابرة. ففي العام 1970، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن للشعب الفلسطيني الحق في تقرير مصيره بموجب ميثاق الأمم المتحدة . وفي العام 1974 أكدت الجمعية على "الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في فلسطين"، بما فيها حق "الاستقلال دون أي تدخل أجنبي" و"الاستقلال الوطني والسيادة". كما شجبت الجمعية العامة الحكومة المسؤولة عن حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير معتبرة الحرمان من ذلك الحق انتهاك جسيم لميثاق الأمم المتحدة.

أمّا أحدث قرار اتخذته الجمعية العامة لدعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره هو القرار رقم 202/65 الذي يعيد التأكيد على "حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بما في ذلك حقه في الحصول على دولة فلسطينية مستقلة". وقد حثّ القرار أيضاً "جميع الدول والوكالات المتخصصة والمنظمات التابعة لمنظومة الأمم المتحدة الاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني من أجل ممارسة حقهم في تقرير المصير". وقد تمّ اعتماد هذا القرار بأغلبية ساحقة تضمنت 177 دولة.

ت‌. يشكل إعلان إسرائيل قبول حق الفلسطينيين في تقرير المصير واجباً قانونياً دولياً ملزماً.

كشرط مسبق لقبول إسرائيل في الأمم المتحدة، ألزمت إسرائيل نفسها بشروط وأحكام القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة والقاضي بقيام دولة فلسطينية. كما اعترفت إسرائيل أيضاً في رسالة كتبها رئيس الوزراء الراحل إسحق رابين إلى رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات في 9 أيلول 1993 بالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لتلك الحقوق. وقد نصًت الرسالة على أن "... حكومة إسرائيل قررت الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كالممثل للشعب الفلسطيني ...". ويشكل هذا الإعلان أحادي الجانب من إسرائيل التزاماً قانونياً دولياً لها.

ث‌. اعترفت إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير عندما وقعت على اتفاقات أوسلو.

اعترفت إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير في إعلان المبادئ بشأن ترتيبات الحكم الذاتي خلال المرحلة الانتقالية للعام 1993 وأيضاً في الاتفاق المرحلي بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة للعام 1995. ويصف التمهيد لإعلان المبادئ منظمة التحرير الفلسطينية على أنها "ممثل الشعب الفلسطيني" وينص على أن إٍسرائيل تعترف "بالحقوق الشرعية والسياسية" للشعب الفلسطيني. وبالمثل، يصف اتفاق المرحلة الانتقالية منظمة التحرير الفلسطينية على أنها "ممثل الشعب الفلسطيني" كما ينص التمهيد له على أن الأطراف "تعيد التأكيد ...على الحقوق الشرعية والسياسية المتبادلة" وأنها "تعيد التأكيد على الاعتراف المتبادل" الوارد ذكره في الرسائل ما بين الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية. علاوة على ذلك، يشير إعلان المبادئ إلى "الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني". تبين جميع هذه النصوص والمراجع بوضوح اعتراف إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

2. أن الوحدة الجغرافية لممارسة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير تتألف من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967.

ان اعتبار حدود عام 1967 هي الأساس التي تقوم عليه الوحدة الجغرافية لدولة فلسطين هو امر متماشي مع القرار 242 الصادر عن مجلس الأمنحيث يؤكد القرار على مبدأ القانون الدولي بأن أية محاولة تقوم بها إسرائيل للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بالقوة مرفوضة، ويطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967. وقد اعترف مجلس الأمن على وجه الخصوص بأن الأراضي الفلسطينية المحتلة تشكل أساس الدولة الفلسطينية.

وينبغي النظر إلى تصريحات مجلس الأمن ضمن سياق قرارات الجمعية العامة التي تعلن بوضوح أن "الحقوق غير القابلة للتصرف" للشعب الفلسطيني هي "عنصر لا يقبل الجدل لقيام سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط". ومن وجهة نظر المجتمع الدولي فإن تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط يستلزم ممارسة الشعب حقه في تقرير المصير والسيادة فوق "أراضيه المحتلة منذ العام 1967". ويؤكد بشكل خاص القرار 292/58 الصادر عن الجمعية العامة على "الحاجة لتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة سيادته وتحقيق استقلاله داخل دولته – دولة فلسطين" وأن "الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 بما فيها القدس الشرقية هي أراض خاضعة للاحتلال العسكري. كما يؤكد القرار بموجب قواعد ومبادئ القانون الدولي والقرارات ذات العلاقة الصادرة عن الأمم المتحدة بما في ذلك قرارات مجلس الأمن على أن للشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير والسيادة فوق أراضيه".

وقد اعترفت محكمة العدل العليا وأكدت على أنه يحق للشعب الفلسطيني ممارسة حقه في تقرير المصير داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967. وفي رأيها الاستشاري بشأن الجدار ، أوضحت المحكمة أن الممارسات الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تجحف بالحقوق الفلسطينية في إقامة وطنهم "تعيق بشدة ممارسة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير وهي بذلك تشكل انتهاكاً لالتزام إسرائيل باحترام هذا الحق".

وتدعم القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والتي أكدت عليها محكمة العدل الدولية، مقرونة بالشروط والأحكام الواضحة ضمن الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والداعية إلى الحفاظ على "الوحدة الجغرافية" للأراضي الفلسطينية المحتلة حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره داخل الأراضي التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967.

3. أصبح حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير معترف به دولياً كحق قانوني تلتزم به جميع الدول وتلزمها بوضع حداً لأية معيقات تجعل من الصعب على الشعب الفلسطيني ممارسة هذا الحق.

وفقاً إلى محكمة العدل الدولية، تطور القانون الدولي إلى درجة أصبح فيها مبدأ تقرير المصير بالنسبة لجميع الدول حق يتوجب تطبيقه في جميع الأراضي التي تخضع إلى حكم خارجي أجنبي. إضافة إلى ذلك، حكمت المحكمة الدولية بأن إسرائيل انتهكت جميع الالتزامات الدولية المتمثلة "باحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وبالتأكيد التزاماتها الأخرى بموجب القانون الإنساني الدولي".

كما دعت المحكمة جميع الدول "إلى التأكد من وضع حد لأية معيقات" ناشئة عن إقامة إسرائيل لجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة تمنع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير. وبما أن الجدار يشكل محاولة إسرائيلية تهدف إلى خلق واقع جديد من خلال ضم أراض هي في الأصل جزء من الأراضي المعترف بها دولياً لممارسة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير، يمكن فهم الرأي الاستشاري للمحكمة على أنه يحمي الوحدة الجغرافية للأراضي الفلسطينية المحتلة.

4. الأعمال التي تقوم بها إسرائيل من جانب واحد والمتمثلة في مصادرة أراض فلسطينية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية بغية الاستمرار في أنشطتها الاستيطانية هي أعمال غير قانونية وتشكل عائقاً كبيراً أمام قدرة الشعب الفلسطيني على ممارسة حقه في تقرير المصير.

وفقاً إلى المادة 49(6) من معاهدة جنيف المرتبطة بحماية السكان المدنيين في وقت الحرب الصادرة في 12 آب/أغسطس 1949 ("معاهدة جنيف الرابعة") فإن ترحيل أو نقل قوة الاحتلال لقسم من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي احتلتها هو عمل ممنوع ومرفوض. إضافة إلى ذلك، تعتبر الأعمال الاستيطانية بمثابة جريمة حرب بموجب البروتوكول 1 الإضافي لمعاهدات جنيف وأيضاً بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وقد قرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على أن السياسة والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية لا تمتلك أية "صلاحية قانونية" وتشكل "انتهاكاً فاضحاً" لمعاهدة جنيف الرابعة كما أنها تشكل "عائقاً خطيراً أمام تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط". وكذلك الأمر فإن الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف إلى تغيير الواقع القائم والواقع القانوني في القدس الشرقية غير قانونية.

تنص خارطة الطريق الدولية والتي وضعتها اللجنة الرباعية من أجل الوصول إلى حل دائم يقوم على أساس حل الدولتين (2002) ("خارطة طريق") التي تمّ المصادقة عليها في قرار مجلس الأمن 1515 (2003) على أن أية تسوية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لا بد أن تتضمن "نهاية للاحتلال الذي بدأ في العام 1967" بالاستناد إلى "مبدأ الأرض مقابل السلام". وفي المرحلة الأولى من خارطة الطريق، على إسرائيل أن تجمد جميع أنشطتها الاستيطانية. ومن الجدير بالذكر هنا أن كل من منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل قد وافقتا على خارطة الطريق هذه.

وعلى الرغم من تصريحات مجلس الأمن التي تعتبر بناء المستوطنات عملاً غير قانوني، وعلى الرغم أيضاً من الحظر الذي تنص عليه معاهدة جنيف الرابعة وشروط خارطة الطريق، رفضت إسرائيل تجميد أنشطتها الاستيطانية التي تقوم بها في جميع أنحاء الضفة الغربية، لا سيما داخل وحول مدينة القدس الشرقية. وبين الأعوام 2002 و2011 طرحت إسرائيل عدة مناقصات لبناء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية. وخلال العام 2008 وحده، العام الذي شهد محادثات أنابوليس، طرحت إسرائيل مناقصات لبناء المزيد من الوحدات السكنية فاق عدد المناقصات التي طرحته خلال العام الذي سبق مؤتمر أنابوليس. وكانت تلك المناقصات ترتبط بأنشطة استيطانية داخل وحول مدينة القدس الشرقية.

وقد استمرت إسرائيل، قوة الاحتلال، بتقديم الحوافز للمواطنين الإسرائيليين لتشجيعهم على الانتقال للسكن في الأراضي العربية الفلسطينية، وتشمل هذه الحوافز تقديم الدعم المالي، والإعفاء من دفع الرسوم الضريبية، ومنح أسعار تفضيلية وتسهيل الحصول على خدمات، والحصول على رواتب مرتفعة، والحصول على تعليم مجاني، وغير ذلك من الحوافز. ونتيجة لذلك، ارتفع عدد المستوطنين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها مدينة القدس الشرقية من 420،000 مستوطناً في العام 2002 العام الذي وضعت فيه خارطة الطريق إلى 500،000 مستوطن اليوم.

5. تمتلك الدول الثالثة السلطة القانونية والسيادة للاعتراف بدولة فلسطين على أساس حدود عام 1967 كأحد الوسائل للإيفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي.

الاعتراف بدولة فلسطين على أساس حدود عام 1967 عمل يتطابق والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وكذلك الإجماع الدولي بشأن حل الدولتين بغية الوصول إلى تسوية سلمية دائمة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ويشكل مثل هذا الاعتراف خطوة سياسية وقانونية صائبة تتماشى والالتزامات القانونية والمسؤوليات السياسية المرتبطة بالقضية الفلسطينية.

ولكل دولة ذات سيادة السلطة للاعتراف بدول أخرى عبر تبادل الرسائل الدبلوماسية أو عبر إنشاء العلاقات الدبلوماسية.

يشكل الاعتراف بدولة جديدة عمل حر تعترف من خلاله دولة أو أكثر بوجود مجتمع سياسي له تنظيم سياسي يعيش فوق بقعة جغرافية محددة، ومستقل عن أية دولة قائمة أخرى، وقادر على احترام التزاماته تجاه القانون الدولي. ومن خلال هذا الاعتراف أيضاً تظهر الدول نيتها اعتبار الدولة المعترف بها عضو في المجتمع الدولي.

وكعمل سياسي جوهري يمكن اعتبار أية دولة على أنها تنتهك القانون الدولي في حال اعترفت هذه الدولة بدولة أخرى قامت بضم أراض بالقوة وبطريقة غير قانونية أو انتهكت القواعد الآمرة للقانون الدولي مثل التمييز العنصري. لهذا تمّ اعتبار اعتراف الدول الثالثة بإعلان إقامة دولة في جنوب روديسيا من قبل نظام الأقلية العنصري (دولة زمبابوي الحديثة) على أنه اعترافاً مخالفاً للقانون. وبالمثل، فإن الدول التي نشأت من خلال الاستخدام غير القانوني للقوة على النطاق الدولي لا يمكن الاعتراف بها كدول حتى لو امتلكت جميع مقومات الدولة.

وفقاً إلى لجنة التحكيم التابعة للمؤتمر الدولي المعني بيوغسلافيا الذي يمثل المفهوم السائد للاعتراف بالدول الأخرى:

لا يشكل الاعتراف شرطاً مسبقاً لإقامة الدولة وهو بمثابة إعلان فقط، ومع ذلك هو عمل تقديري يمكن القيام به من قبل دول أخرى في الوقت الذي تختاره هذه الدول وبالطريقة التي تراها مناسبة، بشرط أن تمتثل إلى متطلبات القانون الدولي العام لا سيما منع تلك الدول استخدام القوة مع دول أخرى أو ضمان حقوق الأقليات الإثنية والدينية واللغوية.

لا يمكن للدول أن تنتهك القانون الدولي باعترافها بالدولة الفلسطينية. وفي واقع الأمر، سوف يعيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية التأكيد على المبادئ القانونية الدولية التي تحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة وعلى قرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى إنسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها مدينة القدس الشرقية. وعن طريق الاعتراف بالدولة الفلسطينية سوف تساعد الدول في وضع نهاية للمعيقات التي تمنع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير.

6. تستوفي فلسطين جميع المعايير القانونية لإقامة الدولة وهي على أتم الاستعداد للانضمام إلى المجتمع الدولي.

أ‌. فلسطين مؤهلة كي تصبح دولة بموجب معاهدة مونتيفيديو حول حقوق الدول وواجباتها

تحتوي معاهدة مونتيفيديو حول حقوق الدول وواجباتها على معايير إقامة الدولة، ووفقاً إلى المعاهدة يتوجب على الدولة أن تمتلك: (1) سكان دائمين؛ (2) منطقة جغرافية محددة؛ (3) حكومة؛ و(4) قدرة لإقامة علاقات مع دول أخرى. وتهدف هذه المعايير إلى إظهار ما إذا كانت وحدة جغرافية معينة تمتلك "الفعالية" اللازمة كي تعمل ككيان مستقل يحكم ذاته. وعلى الرغم من هذه المعاييرتكثر الحالات التي تمّ فيها الاعتراف بدول لم تستوفي هذه الشروط أو المتطلبات.

ويبدو واضحاً من الممارسات الدولية أن المعايير التي تحتويها معاهدة مونتيفيديو لا تشكل الاعتبارات الوحيدة أو المصيرية عند التحقق مما إذا كانت الوحدة الجغرافية تستحق لقب دولة أم لا. وتشمل الاعتبارات الأخرى بشأن الاعتراف بدولة ما وكيفية تطبيق معاهدة مونتيفيديو مدى انسجام هذا الاعتراف مع المبادئ القانونية والشرعية. ومن أهم المبادئ التي تصب في صالح الاعتراف بالدولة دعم ممارسة الحق في تقرير المصير. وفي حال تمّ الاعتراف دولياً بأي كيان على أنه وحدة جغرافية يعيش عليها سكان يمارسون حقهم في تقرير المصير والاستقلال، تنخفض درجة الفعالية التي يحتاجها هذا الكيان لإقامة الدولة .

تتأهل دولة فلسطين كي تصبح دولة وفقاً إلى معايير المعاهدة:

• تمّ الاعتراف بالشعب الفلسطيني دولياً كشعب له الحق في تقرير المصير داخل دولة خاصة به.

• الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية هي أراض جغرافية محددة كما توضح محكمة العدل العليا ويعيش فيها سكان دائمون يملكون حق تقرير المصير.

• لا يتطلب القانون الدولي الاتفاق على حدود الدولة قبل الاعتراف بها. على سبيل المثال، بعض حدود إسرائيل والهند والصين، تبقى غير محددة لكن هذا لم يمنع من اعتراف الدول الأخرى بها.

• تملك دولة فلسطين القدرة على إقامة علاقات دولية حيث اعترفت بها أكثر من 120 دولة كما انها نشطة من ناحية العلاقات الدبلوماسية مع دول أخرى ولها أيضاً بعثات دبلوماسية.

• فلسطين عضو في المنظمات الدولية بما في ذلك حركة عدم الانحياز ، ومجموعة ال77 ، وجامعة الدولة العربية ، ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية، وصندوق النقد العربي، والبنك العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، والصندوق العربي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومنطقة التجارة العربية الحرة الكبرى، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، وبنك التنمية الإسلامي، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا .

• تمارس فلسطين سيطرة كبيرة على سياسيتها الوطنية والخارجية على الرغم من القيود التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي المستمر. وتعترف إسرائيل بالسلطة الوطنية الفلسطينية والصلاحية التي تمتلكها فوق جزء من الضفة الغربية وقطاع غزة . كما أن لفلسطين مؤسسات حكومية متطورة ولها جهاز شرطة يمتلك صلاحية فوق أجزاء مهمة من الأراضي الفلسطينية يعمل على بسط الأمن والنظام العام.

أكدت أحدث التقارير الصادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة على أهلية فلسطين في الحكم واستعداد مؤسساتها الوطنية للحكم، وأيضاً استعداد فلسطين للحصول على الاستقلال. وفي حقيقة الأمر وجد المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط بعد الاطلاع على عملية البناء المؤسساتي في ستة مجالات مختلفة منها الحكم، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان، والعمل، والتعليم والثقافة، والصحة والخدمات الاجتماعية، والبنى التحتية، والمياه، على أن "الوظائف الحكومية الفلسطينية تكفي الآن لأداء مهام حكومة الدولة" .

يعيق استمرار الاحتلال الإسرائيلي تطوير مؤسسات الدولة في فلسطين. وعلى وجه التحديد، نظراً لأن قضية فلسطين تنطوي على حرمان الشعب الفلسطيني من حقه المعترف به في تقرير المصير والانتهاك الفاضح لحقوق الإنسان والقانون الدولي المعترف بهما دولياً، تقدم دولة فلسطين حجة قوية لصالح الدولة التي قد لا تستوفي جميع معايير الدولة. وينبغي على إسرائيل أن لا تمنع قيام دولة فلسطينية وأن لا تستفيد من سلوكها الخاطئ الذي ينبذه المجتمع الدولي.

ب‌. تستوفي فلسطين متطلبات ميثاق العضوية في الأمم المتحدة

تنص المادة 4(1) من ميثاق الأمم المتحدة على أن "العضوية في الأمم المتحدة مفتوحة أمام جميع الدول الأخرى المحبة للسلام التي تقبل بالمتطلبات التي يحتويها الميثاق الحالي وأيضاً، في رأي المنظمة، التي تكون قادرة ومستعدة لتنفيذ تلك المتطلبات والواجبات". وقد عبرت دولة فلسطين عن التزامها بميثاق الأمم المتحدة في إعلان الاستقلال الفلسطيني بتاريخ 5 تشرين الأول/نوفمبر 1988. وينص الإعلان بوضوح على أن دولة فلسطين ملتزمة "بأهداف ومبادئ الأمم المتحدة، وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبسياسة ومبادئ عدم الانحياز". كما عبرت دولة فلسطين في الإعلان عن رفضها "التهديد أو استخدام القوة والعنف والتخويف بهدف إضعاف التكامل الجغرافي لدولة فلسطين واستقلالها السياسي أو لأية دولة أخرى". كما عبرت دولة فلسطين عن رفضها "جميع أشكال الإرهاب بما في ذلك إرهاب الدولة". وقبلت دولة فلسطين أيضاً جميع الالتزامات الواردة في معاهدة جنيف الرابعة للعام 1949 ولائحة لاهاي للحرب البرية للعام 1907.

7. يتفق الاعتراف بدولة فلسطين مع المعايير التي قبلها المجتمع الدولي من أجل حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

يدعم الاعتراف بدولة فلسطين الحل القائم على أساس الدولتين وهو يتفق مع المعايير التي قبلها المجتمع الدولي كأساس لحل سلمي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وتشمل هذه المعايير رسم حدود دولة فلسطين على أساس خطوط 1967 مع إمكانية إجراء تبادل طفيف في الأراضي متفق عليه ومماثل في القيمة والمثل. وقد أفصح عن هذا التفاهم مؤخراً الرئيس الأمريكي باراك أوباما:

تعتقد الولايات الأمريكية أنه ينبغي أن يتمخض عن المفاوضات دولتين مع حدود فلسطينية دائمة مع إسرائيل والأردن ومصر، وحدود إسرائيلية دائمة مع فلسطين. وينبغي أن تستند حدود إسرائيل وفلسطين إلى خطوط 1967 مع تبادل في الأراضي يتفق عليه الطرفان، كي يتم إقامة حدود آمنة للدولتين. وينبغي أن يكون للشعب الفلسطيني الحق في حكم أنفسهم وتحقيق قدراتهم داخل دولة ذات سيادة تتمتع بالتواصل الجغرافي.

وتدعم خارطة الطريق والتي صادق عليها مجلس الأمن المعايير التي تستند إلى إنسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية المحتلة ووضع نهاية للاحتلال الذي بدأ في العام 1967. وقد أكد الاتحاد الأوروبي أيضاً على أن حدود فلسطين وإسرائيل يجب أن تستند إلى خطوط عام 1967 مع إمكانية الاتفاق المتبادل على تبادل الأراضي. وتتضمن مبادرة السلام العربية للعام 2002 التي صادقت عليها 22 دولة عربية و57 دولة إسلامية من منظمة الدول الإسلامية وأيضا مجلس الأمن، دعوة للانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة منذ عام 1967 وتنفيذ القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن و"إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ 4 حزيران/يونيو 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة مع القدس الشرقية عاصمة لها".

8. كان الهدف من اتفاقات أوسلو تسهيل وضع نهاية للاحتلال على أساس القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وقعت منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقات أوسلو ودخلت في عملية سلام على أمل قيام دولة فلسطينية مستقلة على أراضي الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة بعد انتهاء المرحلة الانتقالية ومدتها خمس سنوات. المادة 1 من إعلان المبادئ تنص على ان("تهدف المحادثات الفلسطينية-الإسرائيلية من جملة أمور اخرى إلى إقامة سلطة فلسطينية مؤقتة للحكم الذاتي، المجلس المنتخب، للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية لا تتعدى الخمس سنوات تؤدي إلى تسوية دائمة تستند إلى القرارين 242 و338 الصادرين عن مجلس الأمن".) ومع ذلك، فقد مرّ 20 عاماً منذ توقيع إعلان المبادئ وما تزال إسرائيل مستمرة في توسيع المستوطنات/المستعمرات فوق أراض ينبغي أن تشكل الأساس للدولة الفلسطينية. وفي واقع الأمر، يواجه الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة اليوم خطر مصادرة الأراضي، وإخلاء المنازل، وأوامر الهدم بمعدل أكبر مما كان عليه الأمر قبل بدء عملية السلام. كما أن السياسة التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي تضر بشدة بالاقتصاد الوطني الفلسطيني.

9. بدأت الجهود للحصول على اعتراف ثنائي ودولي بدولة فلسطين قبل توقيع أية اتفاقات بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وكانت الجهود تتماشى تماماً مع التفاهم الذي شكّل الأساس للاتفاق المرحلي.

أعلنت دولة فلسطين استقلالها في العام 1988 قبل عقد أي اتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. وبعد الإعلان اعترفت أكثر من 100 دولة بدولة فلسطين التي سعت إلى الانضمام لمعاهدات متعددة الأطراف والحصول على عضوية في الهيئات الدولية. وتشكل الجهود الرامية إلى الحصول على اعتراف ثنائي وعضوية الأمم المتحدة مبادرة دبلوماسية فلسطينية مستمرة، وهذه المبادرة ليست جديدة وهي تتفق مع الاتفاقات الموقعة بين فلسطين وإسرائيل حيث وضعت تلك الاتفاقات تصوراً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية يتماشى والقرارين 242 و338 الصادرين عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ويتفق الاعتراف بدولة فلسطين أيضاً مع الالتزام الوارد في المادة 30(7) من الاتفاق المرحلي التي تمنع أي جهة "اتخاذ أو القيام بأية خطوة تهدف إلى تغيير الوضع القائم للضفة الغربية وقطاع غزة في انتظار نتائج مفاوضات الوضع النهائي". ومنذ عام 1967 تمّ الاعتراف بالوضع القانوني للضفة الغربية وقطاع غزة على أنهما أراض محتلة حتى من قبل المحكمة الإسرائيلية العليا. ولم تغير نتائج الاتفاقات المرحلية بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل هذا الوضع، كما أن الاعتراف الثنائي أو المتعدد الأطراف بدولة فلسطين أو قبولها في الأمم المتحدة سوف لن يغيرا من هذا الوضع إذ سوف تبقى دولة فلسطين تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي حتى تنهي إسرائيل سيطرتها الفعلية على الآراضي الفلسطينية.

لا تملك إسرائيل أية مطالبة قانونية للسيطرة على أي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبغض النظر عن نتائج الاتفاقات بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل تبقى إسرائيل قوة احتلال. لا تملك إسرائيل ولا يمكنها أن تملك أي حق للسيطرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل بالأحرى فإن للفلسطينين الحق في امتلاك هذه الأراضي، وقد اعترف المجتمع الدولي بحق الشعب الفلسطيني ممارسة حقه في تقرير المصير فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي جميع الأحوال فإن الإدعاءات بأن الجهود التي تقوم بها دولة فلسطين للحصول على اعتراف دولي تشكل خرقاً للاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل ليس لها أي تأثير على قانونية القرار التي تتخذه الدول الثالثة من أجل الاعتراف بدولة فلسطين. وعلى الرغم من أن القانون الدولي الحديث ينظر إلى انتهاكات القواعد الآمرة للقانون الدولي على أنها معيقات تقف أمام الدولة، لا يمتد هذا كي يشمل المعاهدات الثنائية. فقد خلقت اتفاقات أوسلو نظاماً مؤقتاً لإدارة الأراضي الفلسطينية المحتلة ولم تشكل بتاتاً تسوية دائمة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي إذ أنها تحرم الفلسطينيين من حقهم في إقامة دولتهم فوق أراض معترف بها دولياً على أنها أراضيهم.

10. الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاقت الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل تدمر إمكانية تحقيق الحل القائم على أساس الدولتين عبر المفاوضات الثنائية فقط.

قامت إسرائيل بانتهاك جميع الاتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية بما في ذلك إعلان المبادئ والاتفاق المرحلي. وأهم من هذا كله قامت الحكومات الإسرائيلية بتحويل الواقع الديمغرافي والجغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة بهدف ترسيخ السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية التي تسعى إسرائيل إلى ضمها، وفي الوقت ذاته استمرت إسرائيل في تشريد الفلسطينيين من هذه الأراضي. وقد حققت إسرائيل هذا الهدف من خلال إقامة جدار الفصل والمستوطنات وسياسة الإغلاق على الرغم من الالتزامات التي تعهدت بها بموجب القانون الدولي والاتفاقات المبرمة. وفي العام 2010، أجاز الأمر العسكري الإسرائيلي 1650 من الناحية القانونية سيطرة إسرائيل وسلطتها فوق أراضي الضفة الغربية بما فيها المناطق التي كان من المفترض أن تخضع للسيطرة الفلسطينية بموجب الاتفاق المرحلي، حيث يشير الأمر العسكري مرة أخرى إلى الضفة الغربية باعتبارها "يهودا والسامرة".

وعلى الرغم من أن إسرائيل تعهدت في اتفاقية الحركة والتنقل للعام 2005 بإزالة القيود المفروضة على الحركة التي تفصل المجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عن بعضها البعض، إلا أن السلطات الإسرائيلية على مدى السنوات قامت بتقييد حركة السكان والبضائع بين المجتمعات الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من ناحية، وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة وبقية العالم من ناحية أخرى. واليوم يوجد أكثر من 550 جاجزاً عسكرياً يعيق حركة المواطنين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كذلك تبقي غزة منعزلة تماماً عن العالم الخارجي. كما قامت إسرائيل بعزل القدس الشرقية عن بقية أراضي الضفة الغربية. أنظر الملحق المرفق من أجل الحصول على وصف مفصل للانتهاكات الإسرائيلية إضافة إلى وصف تصويري للوضع على الأرض في الضفة الغربية والقدس يتعلق ببناء المستوطنات ووصول الفلسطينيين إلى اراضيهم.

الخاتمة

بينما يبقى الفلسطينيون ثابتين في التزامهم الوصول إلى اتفاق سلام عبر المفاوضات يستند إلى الحل القائم على أساس الدولتين، استمرت إسرائيل في إطالة أمد احتلالها للأراضي الفلسطينية وإقامة المستوطنات عليها. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تآكل إمكانية تحقيق الحل القائم على اساس الدولتين.

وفي محاولة لإحداث تقدم في قضايا الحرية وتقرير المصير والاستقلال وحقوق الإنسان، ومنع انهيار الحل القائم على أساس الدولتين، يدعو الفلسطينيون المجتمع الدولي إلى الإيفاء بوعوده وتحمل مسؤولياته تجاه القانون الدولي والشعب الفلسطيني. وهذا هو المنطق الذي تقوم عليه دعوة الفلسطينيين المجتمع الدولي للاعتراف بدولة فلسطين وقبولها عضواً في الأمم المتحدة أسوة ببقية الأعضاء من دول العالم. ولا تشكل الدعوة للاعتراف بدولة فلسطين حركة دبلوماسية بهلوانية يقوم بها الفلسطينيون كردة فعل للتعنت الإسرائيلي، بل هي قضية وجودية لكل من فلسطين وإسرائيل.