- فتح في تفكر المؤسسة الإسرائيلية (9)
المركز الفلسطيني للإعلام،،، علاء الريماوي
- لنا قصص مع هذه الأرض يا مقاطيع
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د.ديمة طارق طهبوب
- صورة (إسرائيل) في عامها الجديد
المركز الفلسطيني للإعلام،،، د. عدنان أبو عامر
- باب الشمس قرية كرامة ووحدة
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د. فايز أبو شمالة
- ماذا حين يعترف بيريز باغتيال عرفات؟!
فلسطين الان ،،، ياسر الزعاترة
فلسطين الآن ،،، حلمي الأسمر
|
فتح في تفكر المؤسسة الإسرائيلية (9)
المركز الفلسطيني للإعلام،،، علاء الريماوي
نجحت إسرائيل في الوصول إلى بغيتها، وطن مقسم، وأشقاء على مذبح التناحر، وتدخل دولي سافر في فرض توجهات المرحلة، ولعب مكشوف غير مسبوق من دول في دعم تيار على تيار.
فتح وعلى إيقاع هذا الخليط الذي ألم بالساحة الفلسطينية، ذهبت باتجاه خطوة مهمة طال انتظارها، وهي ترتيب البيت الداخلي عبر انعقاد ما بات يعرف بمؤتمر فتح السادس، الذي أشعل حربا بين قطاعات الحركة ومحاورها حول العضوية وسماتها، فعلت لكنة الاتهام والاتهام المضاد، فخرج المرحوم هاني الحسن عن صمته واصفا فتح " بالحركة المسروقة " لصالح دول لم يسمها.
حكاية السرقة لم تكن سوى عبارة مخففة لواقع نجح فيه التيار الدحلاني بصناعة جملة من التحالفات التي أفرزت مجلسا ثوريا غيب كثيرا من وجوه الحركة المهمين لعدم انضوائهم تحت أي من مراكز القوى المتجاذبة.
هذا الحديث بدوره كان الناظم لبناء اللجنة المركزية التي أعيد تركيبها من خلال توليفة التحالفات المتحكمة أصلا بالحركة، دون الوصول إلى صياغة قادرة على نظم الحركة وفق أطر و منهجية عمل.
في إسرائيل كان التعليق على هذا الإجراء مهما خاصة وأن الوجوه المرتبطة بالتشكيلة الجديدة في أغلبها قريبة من القطاع الأمني، مع التأكيد على أن إسرائيل كان لها حضور في منع كثير من الشخصيات الدخول إلى الضفة الغربية.
هذا الواقع الجديد وضع فتح أمام معضلة تجذير الانقسام عن الشتات، والأهم القبول بحالة الانقسام عن غزة والتي أفرزت دعما لتوجهات الرئيس خاصة في مسألة القبول بحكومة سلام فياض وإفرازاتها الأمنية في الضفة الغربية، والتي قرأت في حينها بأنها منهجية غالبة لا تجديد فيها ولا مراجعة.
ثبات الحالة زاد من دعم الكيان الإسرائيلي لما يعرف نظريا بدولة المؤسسات مع ظهور غير مسبوق لمنهجية جديدة للتعاطي مع قطاع غزة الذي ظل دحلان يمسك بخيوط المشهد فيه، حيث كشفت بعض من الأوراق الإسرائيلية أن بعضا من قيادات هذا المحور كان على تنسيق كامل في الحرب على قطاع غزة في العام 2008، ثم ما تلاه من أحداث مهمة تستهدف إسقاط حكم حماس.
هذا الدور لدحلان شجعه للقيام بدور معارض للرئيس محاولا الانقلاب عليه، أو التمهيد لوراثته عبر السيطرة على مراكز القوة في الضفة الغربية، لكن أشرعة دحلان في الضفة كانت أضعف من موج كان ينتظر الانتقام حين تلوح الفرص.
دحلان في لعبة الخيارات كان الشخص الأكثر تفضيلا لدى إسرائيل خاصة في بورصة الأسماء المتوقعة لخلافة الرئيس عباس.
تغيرت الحكومة الإسرائيلية وذهب حزب كاديما واولمرت وتكشف لدى الجمهور الفلسطيني حلقات مهمة من العلاقة الإسرائيلية بقيادة فتح والتي وكانت تنوي التوصل إلى تسوية هي الأخطر في نتائجها ومحتواها على الثوابت الفلسطينية من أي حراك تفاوضي سابق.
المعطيات ونتائجها هذه وبحسب التسريبات التي ساقتها الجزيرة وفرت للمتابع الوقوف على منهجية فتح، التي أشعلت على الساحة الفلسطينية نقاشا عميقا أظهر مدى الانقسام والخلاف على الأرض الفلسطينية.
الحكومة الجديدة في إسرائيل لم ترَ في فتح شريكا قويا، بل أمعنت في التركيز على المناكف سلام فياض الذي رفعت أسهمه المشاريع الدولية في الضفة الغربية.
هذه الأسهم استثمرها الرجل لبناء علاقات وثيقة مع الأمن، و قيادات من فتح، وكثير من مراكز القوة في الضفة الغربية، حتى بدأت أصوات كعزام الأحمد تدق جدار الخزان بأن فتح في ظل فياض باتت مهمشة في الضفة الغربية.
هذا الاحتقان على السيد فياض أفرز نوعا من الصراع الخفي والذي انتهى بتلويح فتح من خلال الشارع أن أيام حكومتك محدودة، خاصة بعد عزوف كثير من الدول الداعمة لمشروع الدولة التخلي عن دعم مشروعها الذي بات مستحيل التطبيق.
نتنياهو في تحليله لبيئة ما أنجز في الضفة كانت القراءة الغالبة لديه ولأجهزة أمنه بأن الضفة الغربية لا يمكن لها الجنوح لانتفاضة جديدة، وأن أولويات النظام السياسي القائم باتت منشغلة في توفير فاتورة الرواتب، وأن فتح يحكمها نظام الفكر الواحد الذي لا يؤمن بالمواجهة ولا بالمشاكسة التي يمكن أن تقفز على التوجهات الأممية الرافضة التصالح مع حماس.
هذا الاطمئنان كانت تسنده جملة من التصورات أهمها مستوى تأثير النظام المصري السابق، وحجم التفاهمات الأمنية المتبادلة، والأهم غياب التصور لدى فتح عن منهجية تحكم حراك فتح في مرجلة ما بعد القناعة المتشكلة على أن حكومة نتنياهو ومعها الولايات المتحدة لن تعطي الفلسطيني تسوية ولا دولة.
النتيجة السوداوية عن توجهات إسرائيل ستنقلنا للحلقة الأخيرة عن مستقبل فتح بعد هذا المخاض العسير والمهم، مربوطا بالقراءة حول مستقبل فتح مع الملفات الإستراتيجية في المرحلة القادمة في العين الإسرائيلية.
لنا قصص مع هذه الأرض يا مقاطيع
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د.ديمة طارق طهبوب
تعلمنا أن لغة العواطف أقل صوتا ووزنا من لغة العقل و أنها على الأخص ليست مناسبة للتعاطي مع ظروف السياسة و الحرب و الاحتلال و الشهادة و الدماء و القتل و التشريد و نسينا أن الصمود لهذه المآسي لا يكون الا بحالة مستغرقة من الحب تملأ على المجاهد قلبه فلا يرى فرحة سوى بالتضحية بروحه لمحبوبته الأرض، و ماذا يؤنس الأسير في ظلمة زنزانته سوى ذلك الحب و التلاحم مع الوطن الذي يشعل قناديل روحه و بصيرته؟ ماذا يصبر الأم الثكلى و الزوجة الأرملة و الأبناء اليتامى سوى حب الوطن؟
نعم هو الحب الذي يحرك العظمة في نفوسنا و يدفعنا لبلوغ المعالي، هو الحب الذي يثبت انسانيتنا بالرغم من الوحشية المفروضة علينا، هذا الحب استخدمه الفلسطينييون كسلاح من نوع جديد لاحياء الذاكرة و اعادة تثبيت الجذور المقتلعة في الأرض و العقول و القلوب
باب الشمس الرواية الأدبية لإلياس خوري حلقة عن مسلسل التشريد الفلسطيني تتحول من صفحات الورق الى حقيقة واقعة على أرض فلسطين، بقرية يقيمها الفلسطينييون في المنطقة التي تربط الضفة الغربية بالقدس و جنوبها و التي صادرها الاحتلال لبناء مستوطنات جديدة عليها، و هذا يدلل على أهمية الأدب و الإعلام في صناعة و ترسيخ الذاكرة و أثره الفعال عندما يكون ملتزما بقضايا الأمة أو أثره المدمر لو تواطأ عليها حتى ينسى الناس و يكتمل مسلسل الضياع.
عادت الذاكرة الواقعية و الأدبية لتشعل الصمود في الحاضر فجزء من علاقتنا بأرضنا هي تلك الذكريات و القصص التي ورثناها عن أبائنا حتى أصبحت جزءا من كياننا و ميراثنا، و القصة من المصادر التي تثبت أن لك مع أرضك تاريخا و ماضيا و حاضرا و مستقبلا و كأنها تقوم مقام صكوك الملكية و لذا قال أحد النقاد "إذا كانت هذه أرضك فأين قصصك؟if this is your land, where are your stories? " و هذا ما حاول العدو الصهيوني أن يفعله بكتابة التاريخ و إعادة البحث و التنقيب للبحث عن أثر يربطه بهذه الأرض و لو في صغر حجر! و لم يجد ليظل عابرا غير مستقرعلى أرض لا تقر له بالمكوث و المقام
باب الشمس في الرواية مغارة ضيقة و لكنها توسعت بالحب حتى أصبحت الوطن كله الذي أخرج زوجا و زوجة، حبيبا و حبيبة، أبا و أما، مجاهدا و ثائرة و كانت صورة شعب بأكمله جُر الى الضيق جرا ففتح في قلب الضيق بابا لتدخل منه الشمس و الضياء
يونس أو ابو سالم بطل القصة هو ايضا المجاهد الذي يحاول أن يعيش حياة طبيعية و هو في ذلك رمز لكل الشعب الفلسطيني أما زوجته نهيلة فتنتقل من صفة المرأة لتمثل الأرض و الوطن و يقول يونس في وصفها "إنها كالمواسم، و في كل موسم تأتي كهفك برائحة جديدة ...المرأة يا بني جديدة دائما...المرأة رائحة العالم و أنا معها تعلمت أن أملأ رئتي برائحة الأرض"
إن التعاطي برؤية إيجابية مشرقة مستشرفة يزيد في إذكاء وقود الصمود فالذي يقاوم مسنودا بالأمل ليس كالذي حكم على نفسه بالخذلان قبل المعركة الحقيقية، و هزيمة الإرادات أنكى من الهزيمة على الأرض، و اسقاط الانسان في غياهب النسيان يضمن احتلالا دائما
الخطوة على رمزيتها ترسل رسائل كثيرة للداخل و الخارج بأن الشعب الفلسطيني محكوم بالأمل و برغبة الحياة و هو أمل يقيني في أن شمس نصرهم لن يغطيها الغربال الصهيوني، قد يحجبها قليلا بالجدران و العوازل لكن الشمس تعرف كيف تنفذ دائما و لو من أصغر الشقوق، الخيام القليلة التي أقامها النشطاء الفلسطينييون العزل لرفض الاستيطان و فصل القدس تسلط شمسا حارقة و كاشفة تعري سوءات المسؤولين و الرخويات الثورية المتواطئة و تثبت أن فلسطين لن يحميها الا شعبها و رجالها
باب الشمس كُتبت قصة و صارت قرية و ستبقى أرضا خالدة طاهرة مباركة تعرف أهلها كما يعرفونها.
صورة (إسرائيل) في عامها الجديد
المركز الفلسطيني للإعلام،،، د. عدنان أبو عامر
في هذه الأيام، ومع بدء العام الجديد، تدخل (إسرائيل) عامها الخامس والستين، وهي تجري كشف حساب لها، من خلال دراسة جملة من الظواهر المصاحبة لها، باتت تؤرق صانع القرار فيها، اليوم وفي قادم الأيام، لاسيما وهي تعتقد بأن المسوغ الأساسي لقيامها على أنقاض الأرض الفلسطينية، جاء لتكون قاعدة عسكرية متقدمة للمشروع الغربي في المنطقة العربية، وفي مراحل لاحقة تحولت لتصبح "حاملة طائرات" بكل ما تحمل الكلمة من معنى، مما جعلها "الطفل المدلل" للعواصم الغربية، ليس بالضرورة حباً في سواد عيون اليهود، ولكن لأنهم يقدمون خدمات جليلة "غير مجانية" لتلك العواصم.
ومع ذلك، فإن الضلع الأساسي من أضلاع الأزمة الإستراتيجية لـ(إسرائيل) إقليمياً ودولياً -وهي تدخل العام الجديد- يتمثل في شعورها بفقدان الدور والوظيفة المناطة بها منذ تأسيسها، لاسيما بالنسبة للغرب، وتمثل ذلك بما عرضته شعبة التخطيط في هيئة الأركان العامة للجيش (الإسرائيلي)، من تقديرات متشائمة للأوضاع السياسية والأمنية بشكل استثنائي، واعتقادها بأن العام الجديد قد يشهد تفاقماً لبيئتها الاستراتيجية بشكل خطير، مما سيجعلها تقف في وضع بالغ الصعوبة أكثر من الوضع الحالي.
ويتزامن هذا الأمر بصورة وثيقة بما يسمى "تآكل" المواقف الأميركية في الساحة العالمية، مما سيجعل من قدرتها على تحقيق استقرار الشرق الأوسط مقيدة مقارنة بالماضي، ولمحاولة استدراك تراجع الوظيفة الغربية للدولة (الإسرائيلية)، تطالب أوساط صناع القرار في (تل أبيب) بالتصدي للتحديات العسكرية والسياسية المناطقية، وللتآكل في أساس قوة ردعها، لأن ذلك سيتركها فترة من الزمن تقف بانتظار الحسم في مواضيع سياسية وأمنية جوهرية، وسيكون لها تأثير حتمي على الحلبة السياسية الداخلية والخارجية.
فـ(إسرائيل) موجودة في وضع يمكن فيه أن تهتز، وكل جهد لمنع هذه الاهتزازات سيكون منوطاً بثمن دبلوماسي، وبصعوبة في استيعاب التحديات الأمنية، أما على الصعيد الخارجي، فإنها تعيش فترة تتميز بتفاقم سريع للتهديدات الأمنية والسياسية المحدقة بها، وتدهور وضعها الإستراتيجي في ظل الحراك العربي المتلاحق، وفقدانها لأنظمة شكلت لها على الدوام مخزوناً احتياطياً عز نظيره.
والمثير أن سيطرة (إسرائيل) باتت محدودة على حجم هذه التغيرات وآثارها، مما سيجعلها تجد نفسها عالقة في وضع لا تملك فيه ردوداً على أكثر التحديات التي تؤثر في مكانتها السياسية ووضعها الأمني في السنوات المقبلة، وربما ما يزيد الأمور تعقيداً وسواداً لدى مراكز التفكير (الإسرائيلية)، ما تشهده العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من أزمة غير مسبوقة في حدّتها حول جملة من المواقف، لعل أهمها الصراع مع الفلسطينيين، وجميع المؤشرات تقطع بما لا يدع مجالاً للشك أن شرخاً أصاب "الحليفين الاستراتيجيين"!
وهناك تخوّف من أن تصل العلاقات بين (تل أبيب) وباقي العواصم الغربية مرحلة "الطلاق البائن"، في ضوء أن الأزمة الحالية بينهما لا تتلخص في الفوارق السياسية العميقة القائمة، بل في الاختلاف العميق في أوضاعهما.
مع العام الجديد أيضاً، يشهد المراقب لحالة (إسرائيل)، سلّماً بيانياً يميل إلى التراجع في مختلف المستويات السياسية والأخلاقية والسكانية، وتقتضي الضرورة العلمية الإشارة إلى أن هذه التراجعات باتت على أبواب المستوى العسكري، رغم أنه شهد طفرات كبيرة -وكبيرة جدا- خلال العقود الماضية، وهو الأمر الذي وجد ترجمته العملية والميدانية في نجاح الجيش (الإسرائيلي) في تحقيق نجاحات عسكرية عز نظيرها في التاريخ الحديث والمعاصر، بدءًا بما يسميه المؤرخون (الإسرائيليون) "حرب الاستقلال" عام 1948 والتي شكلت العد التصاعدي لنكبة فلسطين، وصولا إلى "حرب الأيام الستة" عام 1967 والتي أسماها العرب "نكسة حزيران"، وانتهاء "بحرب سلامة الجليل" عام 1982 والتي نجحت (إسرائيل) من خلالها في إخراج الثورة الفلسطينية من الأراضي اللبنانية.
ولكن، ما الذي جعل ذات الجيش -ودولته صاحبة القوة العسكرية الرابعة على مستوى العالم- يتوقف عن ذلك المسلسل من الانتصارات؟ وما الذي حل به من تراجعات وعيوب وثغرات؟ ولماذا وصل قطار الانتصارات (الإسرائيلية) إلى محطته الأخيرة ليبدأ مسلسل الهزائم والإخفاقات؟
يمكن القول إن (إسرائيل) التي تدخل عامها الـ65 تعاني من غياب حقيقي لمفهوم الردع الذي بنت عليه أسطورة "الجيش الذي لا يقهر"، بعدما ألغت المقاومة الفلسطينية من القاموس (الإسرائيلي) مصطلح "الحدود الآمنة"، ووقف جيشها عاجزًا أمام ابتكارات المقاومين، مما دفع قادته إلى إعلان عدم امتلاكهم حلولاً سحرية لقمعها، ونجحت في فرض المعاناة المباشرة على (الإسرائيليين) نتيجة سياسات حكوماتهم المتعاقبة.
وبينت أن اختلال موازين القوى لصالح المحتل، لم يحقق له الحل الذي أراد، بل على العكس، فقد فاقمت من أزمة نظامه السياسي، وأقنعت الأحزاب الحاكمة طوال ستة عقود بأن سياستها القائمة على الضم والإلحاق بأرض (إسرائيل) الكاملة اصطدمت بعقبات جدية، رغم تبنيها شعار الأمن أولاً! وعدم التفاوض في ظل العنف!
وعكست المقاومتان الفلسطينية والعربية طوال عقود ستة ماضية هي عمر (إسرائيل)، حالة تدهور وضعها الأمني، وتراجع القيمة الردعية لجيشها، خاصة الجرأة المتزايدة للمقاومين، مما أشار إلى تخطيط واستعداد لمواجهة مباشرة مع قوات الأمن، بعدما لوحظ تغير في أساليب عمل خلايا المقاومة التي أصبحت توجه مجهوداتها ضد قوات الاحتلال، ولا ترتدع عن خوض صدامات مباشرة معها، وبات واضحًا أن هذه العمليات سبقتها نشاطات استخبارية وتخطيط وجمع معلومات.
كما شهدت المقاومة خلال مختلف مراحلها وفي جميع جبهاتها الداخلية والخارجية، صراعًا دامياً مع الجيش (الإسرائيلي)، اشتد من الناحيتين الكمية والنوعية، حيث استمات المقاومون في الصدام على اعتبار أن موتهم سيزيد حدة المواجهة، رغم أن مجموعاتهم المسلحة لم يزد عدد أفراد الواحدة منها على أصابع اليد، تنطلق للاصطياد ولديها سلاح مصدره الأساسي مخازن جيش الاحتلال!
ووصلت (إسرائيل) إلى قناعة جاءت على لسان أحد قادتها بقوله "حظي أعداؤنا بنجاح عسكري في العام الماضي، ولاشك أن هذا النجاح سيثير شهيتهم لإحراز نجاحات جديدة في العام الجديد.. لقد ولدت الحرب الاحتلال، والاحتلال ولد المقاومة، والمقاومة ولدت الخطوات الوقائية والقيود والاعتقالات والتحقيقات، ومقابلها الردود، والردود على الردود، وحسابات الدم متواصلة، وأحلام الانتقام، وما نضج مجددًا هو روح الكراهية المتبادلة، وولدت الانتفاضة والمقاومة الواسعة".
أخيراً.. فقد أثبت خمسة وستون عاماً من تاريخ (إسرائيل) على الأرض الفلسطينية، أن المقاومة خلال مختلف مراحلها التاريخية أكدت فشل الهدف (الإسرائيلي) نحو خفض مستوياتها، لأن الجيش لم يقدر على خوض حرب طويلة، وليس هناك في الأفق ما يشير إلى نهايتها، وقد باتت أطول حرب يخوض غمارها "جيش الدفاع"!
باب الشمس قرية كرامة ووحدة
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د. فايز أبو شمالة
جراءة الفكرة تكمن في التنفيذ، وعدم الاكتفاء بالخطب الرنانة عن مقاومة الاستيطان، إنها القذيفة الفعلية لمقاومة الاستيطان والتي تعادل ألف قذيفة من كلام، إنها قرية باب الشمس التي قام بتنفيذها شباب فلسطيني على أرض فلسطينية قرر الغاصبون الصهاينة مصادرتها.
وبغض النظر عن أسماء الشباب المبادر لإقامة القرية، وبغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية، فإن الفكرة في حد ذاتها تستوجب الدعم الشعبي والرسمي الفلسطيني، وتستحث الجميع للوقوف خلف المحاولة بكل ما لديهم من قوة، فرجاحة الخطوة تفرض على القوى والتنظيمات الفلسطينية جميعها التحالف الميداني، لأن قرية باب الشمس تقع ضمن مفهوم المقاومة الشعبية لمن أراد، وتقع ضمن مفهوم المقاومة الفعلية للغاصبين، والانتصار فيها، وبسط الهيمنة على الأرض لا يقل أهمية عن الانتصار في معركة السجيل، ويفوق بأهميته آلاف المرات اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين المراقب.
قرية باب الشمس أصدق محاولة فلسطينية لمقاومة الاستيطان اليهودي حتى الآن، إنها عمل مقاوم غير مسبوق، ينفذ بأيدي شباب فلسطيني، يصدق مع وطنه، ويتجشم عبء التحدي للإرادة الصهيونية، ويصر أن يقيم على الأرض الفلسطينية خيام قريته في عز البرد، كأصدق رد على القرار الإسرائيلي بمصادرة الأرض التي أطلق عليها اسم E1، وهي المنطقة الجغرافية التي تفصل بين جنوب الضفة الغربية وشمالها، وهي المنطقة الاستراتيجية التي تعزل مدينة القدس عن محيطها العربي.
قرية باب الشمس لم تعد فكرة لمقاومة الاستيطان، ولم تعد حلماً، ولا أمنيات، قرية باب الشمس صارت شمعة تمزق ظلام الصمت، وما فتئت حراكاً يهز عروش الجبناء عن المواجهة، وهي عمل ينفذ على الأرض يعادل آلاف التصريحات، ويكشف عن مدى مصداقية القرارات الفلسطينية الرافضة لاغتصاب الأرض، وهي منطلق الاختبار الحق للانتماء، فمن كان صادقاً مع دينه ووطنه ونفسه فيلتحق بالشباب الفلسطيني المبادر، وينتمي بماله وولده وكل كيانه، ويتوجه لأحدث قرية الفلسطينية تتحدي القرارات العدوانية الصهيونية.
قرية باب الشمس أهم حدث فلسطيني لعام 2013، ولها ما بعدها، وبقاؤها وتطورها يعني بقاء فلسطين، وزوال الغاصبين، والانتصار لفكرتها في هذا الوقت هو انتصار للدعوات الصادقة بإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الفلسطينية ميداناً على الأرض الفلسطينية، من خلال التحدي، والمواجهة المكشوفة مع الصهاينة.
فهل ستشهد الأيام القادمة وجوداً مكثفاً للمسئولين الفلسطينيين في قرية باب الشمس؟
ماذا حين يعترف بيريز باغتيال عرفات؟!
فلسطين الان ،،، ياسر الزعاترة
لم نكن في حاجة لاعتراف بيريز باغتيال دولته المجرمة للرئيس ياسر عرفات رحمه الله، لاسيما أن الأمر كان يتعلق بالرجل الأهم في الساحة الفلسطينية. رجل كان يحظى بقدر من الحماية من الوضع الدولي والعربي، خلافا لقادة آخرين اغتيلوا ويعلم الجميع قاتلهم، سواءً أكان ذلك باعتراف رسمي كما هي حال العمليات المباشرة في الداخل ضد القادة والرموز (قادة حماس الكبار وقائد الجبهة الشعبية مثالا)، أم العمليات الخارجية التي قد يعترفون بها بعد حين (اغتيال خليل الوزير) أو يسكتون عنها كما هي حال الكثير من العمليات، فيما يعطون إشارات غير مباشرة في بعض الأحيان مثل اغتيال عماد مغنية والمبحوح وعدد من قادة المقاومة في الخارج.
الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني كانت تدرك أن عرفات قضى مسموما على يد الإسرائيليين بتورط فلسطيني لم تُحدد معالمه بدقة إلى الآن، لكن قادة السلطة فضلوا تجاوز الأمر؛ لأن مصلحتهم تتطلب تجاوزه والمضي في برنامج مختلف؛ بعد مرحلة من المناكفة مع الراحل وصلت حد كسر العظم، وصولا إلى محاولة انقلاب عسكري بتوقيع دحلان ودعم عباس.
لولا تحقيق الجزيرة الشهير لما فتح الملف من جديد رغم أن الاعترافات باغتياله كانت أكثر من واضحة، وأشهرها بطبيعة الحال ما كشفه الصحفي الإسرائيلي المعروف (أوري دان)، وهو الإعلامي الأكثر قربا من شارون، وأورده في كتابه “أسرار شارون” الذي صدر عام 2007. وفيه يقول (دان) إن شارون قد تحلل في 14 نيسان عام 2004 من وعده لبوش بعدم التعرض لعرفات، وفي اللقاء الذي عقد بينهما في البيت الأبيض، قال شارون لبوش، إنه لا يعتبر نفسه ملزما بالوعد الذي منحه له خلال لقائهما الأول بعد فوزه في الانتخابات، وهنا رد بوش قائلا “ربما من الأفضل إبقاء مصير عرفات بيد قوة عليا، بيد الله” ، فأجاب شارون “ربما يجب أحيانا مساعدة الله”. وعندما سكت بوش اعتبر شارون أنه “تحرر من عبء ثقيل”، والعبارة الأخيرة للصحفي الإسرائيلي.
اليوم يخرج الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ليقول ذلك صراحة، ويبدو أنه اعترف ثم عدل عن ذلك، فالمقابلة التي ورد فيها الاعتراف أجرتها صحيفة نيويورك تايمز قبل 4 أشهر ولم تنشرها، ثم عادت ونشرتها الأربعاء، ما يشير إلى ضغوط على الصحيفة لعدم النشر، وقد أوردت الإذاعة العبرية بعض ما ورد في المقابلة، بل أهمه، وهو الاعتراف الصريح بتنفيذ عملية الاغتيال، حيث قال بيريز “ما كان ينبغي اغتيال ياسر عرفات”، مضيفا “أظن أنه كان بالإمكان التعامل معه، ومن دونه كان الوضع أصعب وأكثر تعقيدا”.
الآن، وفي ظل تحقيقات لا زالت تجري بشأن الجريمة، فإن التحقيق لم يعد مهما، لأن الاعتراف سيد الأدلة كما يقال، لاسيما حين يأتي من رئيس الدولة، وليس من شخصية هامشية، ما يَطرح سؤالا على قادة السلطة يتعلق بما ينبغي عمله بعد اعتراف يُضاف إلى تحقيق الجزيرة الذي كان واضحا في كشف الدليل، ولم تكن ثمة حاجة للمزيد.
وإذا جئنا لسؤال الإنكار، فهل سيعجز الكيان الصهيوني مثلا عن إنكار علاقته بالجريمة في حال تم كشف البولونيوم في رفات الراحل، ومن يمكنه إثبات أن المادة قد جاءته من مصدر إسرائيلي، وهل يكفي القول إنها لا تتوفر إلا في دول بعينها ليكون دليلا على ذلك؟!
حين يكون الذئب ماثلا أمامنا، فإن من العبث أن نواصل ملاحقة الأثر، والكل يعرف أن الصهاينة هم المجرمون، لكن السؤال الأكبر الذي لا يجيب عنه القوم ولا يحققون فيه بشكل مقنع هو المتعلق بهوية من أوصلوا المادة إلى جسد الرجل. أليس هذا الجزء من التحقيق هو مهمة قيادة السلطة إذا كانت جادة في كشف الحقيقة؟!
لقد قلنا من قبل إن قيادة السلطة الحالية التي ورثت عرفات هي التي مهدت الأجواء لاغتياله بعد عرض نفسها كبديل عنه أكثر مرونة، لاسيما أنها لم تكن تتردد أبدا في إعلان موقفها الرافض للكفاح المسلح، بل كان محمود عباس يحمِّل ياسر عرفات صراحة المسؤولية عن “الكارثة” التي ألحقتها انتفاضة الأقصى بالشعب الفلسطيني.
ثمة حقيقة مهمة تجدر الإشارة إليها هنا، وهي أن الاحتلال الصهيوني قد دأب منذ عقود على إعادة تشكيل هرمية الفصائل الفلسطينية والتأثير في سياساتها عبر سياسة الاغتيال والاعتقال، وليس ثمة عبثية هنا، لاسيما فيما خصّ اغتيال القادة.
لقد فعلوا ذلك مع كل الفصائل، وفي مقدمتها فتح وحماس والجبهة الشعبية، من دون أن يعني ذلك تشكيكا بالقادة الآخرين، لاسيما في الفصائل الكبيرة التي يمكنها تعويض القادة، رغم أن هناك قادةً ليس من السهل تعويضهم، وهو ما يفسر اغتيالهم لإرباك وضع التنظيم، ولو لبعض الوقت.
نسأل أخيرا: ما هو ردهم على اعتراف بيريز؟ الجواب: لا شيء. إذ سيواصلون التأكيد على أنهم ضد انتفاضة ثالثة، ومع المفاوضات والتعويل على الضغوط الدولية، وبناء الدولة العتيدة (تحت الاحتلال) إلى ما شاء الله، مع أملنا ودعائنا بأن نرى صحوة فلسطينية عامة تهيل التراب على هذا المسار العبثي وتختط طريقا آخر يوجع العدو ويفرض عليه التنازلات.
(إسرائيل) والربيع العربي
فلسطين الآن ،،، حلمي الأسمر
لا أملُّ ولا أكلُّ من البحث عما يفند قول من يرون أن الربيع مجرد مؤامرة غربية اسرائيلية لتفتيت الوطن العربي وإحراقه!
صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية نشرت أخيرا بحثا يشير إلى أن التحولات التي يشهدها العالم العربي تحمل في طياتها الكثير من المخاطر الإستراتيجية؛ ما يستدعي التهديد الأوسع على ("إسرائيل"(
المرحلة الأولى من الربيع العربي بدأت بتلك الشرارة التي أطلقتها تونس في العام 2011م ومن ثم انطلقت بعد ذلك الشرارات الواحدة تلو الأخرى في كافة الدول العربية لا سيما المحيطة في (إسرائيل)، والتي كانت نتائجها سقوط أنظمة دعمت (إسرائيل) أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
أما المرحلة الثانية فهي تلك التي رأيناها في عام 2012 والتطور الجديد في إنشاء المرحلة الانتقالية في كل دولة وإجراء الانتخابات البرلمانية وحتى الرئاسية كما حصل في مصر، وفي بعض الدول بدأت عملية صياغة دستور جديد، على الرغم من إبراز بعض الخلافات بين الذين كانوا متفقين على سقوط أنظمتهم، وهذا الأمر قلل من التخوف الإسرائيلي إزاء ما يحدث من حولها، وربما كانت الداعم لتلك الخلافات. لكن التخوف الإسرائيلي الحقيقي هو ما سيحدث خلال العام الجديد، وما يحمل من علاقات دول الربيع العربي مع (إسرائيل) أم أن الأمر سيبقى كما هو وتنشغل كل دولة عما يحدث بها من أمور داخلية؟.
وفي التقرير الذي تحدثنا عنه آنفاً يبرز أن الربيع العربي شمل ثلاثة أنواع من الثورات في مختلف الدول، الأول منها الثورات الهادئة وكالتي حصلت في كل من تونس ومصر وأدت إلى سقوط بن علي وحسني مبارك، أما النوع الثاني فهو الثورات المسلحة أو العنيفة كالتي وقعت في ليبيا، والحرب الأهلية المستمرة في سوريا، والنوع الثالث هو الثورات الإصلاحية تلك التي أجبرت بعض الأنظمة على اتخاذ إصلاحات بعيدة المدى وإرساء الديمقراطية ومكافحة الفساد.
ويمكن لنا القول: إن من أبرز الرابحين وبشكل أساسي من تلك الثورات؛ التيارات الإسلامية لا سيما جماعة الإخوان المسلمين التي حققت فوزاً كبيراً في معظم بلدان الربيع العربي خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية، علما بأن الحركات السلفية الإسلامية "الأكثر تطرفاً" حسب تعبير الصحيفة العبرية اعتبرت في فترة معينة تهديداً على سيطرة جماعة الإخوان، إلا أن الاحتجاجات العلمانية التي ظهرت في منتصف العام الماضي حالت دون وقوع ذلك. أما عن الخاسرين في تلك المعركة - إن صح التعبير- فهم أصحاب الفكر المتأرجح بين الأنظمة السابقة والثوار الذين سعوا لإسقاطهم فمثلاً القوميون والعلمانيون والناصريون والبعثيون كانوا وما زال بعضهم ممن يسمونهم فلولَ أو شبيحة النظام السابق لا يمكن للشعب أن يختارهم.
وحول الخطر المحدق بدولة (إسرائيل) التي من الممكن أن تتأثر به مستقبلاً فإنها في هذه الفترة محاطة بالعديد من الدوائر التي يمكن أن نصنفها كالآتي وكل هذا حسب تقويمات الصحيفة العبرية:
الدائرة الأولى والمتمثلة في مصر وسوريا والأردن ولبنان، وهي الآن ما بين مستقرة على الصعيد الأمني والسياسي كمصر والأردن وما بين متدهورة أمنياً وعسكرياً وحتى سياسياً كسوريا ولبنان، وما بين هذه وتلك يبقى الأمر في هذه الدائرة غير مستقر خاصة على "الحدود" الشمالية مع "إسرائيل" والتي يقترب منها الخطر يوماً بعد يوم. أما الدائرة الثانية والتي تضم رائدة الثورات العربية تونس ومن ثم ليبيا واليمن، فهي بنظر الإسرائيليين أقل خطراً من سابقتها، في حين تشير التقديرات الأمنية إلى أن تونس من الدول الأكثر تأثيراً على منطقة الشرق الأوسط فكيف بها بعد الربيع العربي، لكن انشغالها الداخلي ربما يؤخر التفرغ لوضع علاقاتها مع (إسرائيل) إلى بعض الوقت.
أما في ليبيا- والتي تعتبر أغنى الدول النفطية- فهي غارقة بمصالحها العامة والخلافات الداخلية لا سيما الأزمة الاقتصادية والاقتتال الداخلي الذي ما زال مستمرا، فالحكومة الانتقالية لم تنجح في جمع السلاح الذي تراكم في الآونة الأخيرة بأيدي المتمردين، كما أن وضعها لا يسمح الآن بالتطلع إلى العلاقات مع (إسرائيل) وفي اليمن التي تعيش هي الأخرى وضعاً أمنياً صعباً يشبه الوضع في ليبيا، فإن غياب سيطرة النظام على تلك العصابات والقبائل المسلحة، فضلاً عن تدحرج خطر التدهور إلى الفوضى ومن ثم إلى الحرب الأهلية التي يحذر منها الجميع، كما أن جماعات أخرى لا بأس بها تنادي بانقسام اليمن إلى شمال وجنوب كالذي حدث في السودان، فإن هذا الوضع أيضاً لا يسمح بوضع برنامج جديد في كيفية العلاقات المستقبلية مع (إسرائيل).
هكذا تنظر (إسرائيل) إلى الربيع العربي، وهكذا تقومه مراكز ابحاثها، فكيف تكون هي والغرب من صانعيه؟