أقلام وآراء (256)
- الذين سلكوا سبيل الغيّ في تحليل المشهد المصري!
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، ساري عرابي
- من يتحمل مسؤولية الحوادث المؤسفة؟
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د.عصام شاور
- انتخابات المجلس الوطني.. والتسريبات المضطربة
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د. حسن أبو حشيش
الرسالة نت ،،، بقلم/ وسام عفيفة
- ولاية ثانية بسياسات قديمة
فلسطين أون لاين ،،، أ.د. يوسف رزقة
|
الذين سلكوا سبيل الغيّ في تحليل المشهد المصري!
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، ساري عرابي
لا يحتاج المشهد المصري قدرة فائقة، ولا أدوات استثنائية في التحليل، لتفسيره، وإنما يحتاج الموضوعية، بمعناها الذي يقصد الأحداث والوقائع كما هي، وليس للمحلل إلا وصفها دون انتقاء ولا اختزال ولا اجتزاء ولا إغفال، وليس ضروريًا أن يكون في هذه الحالة متحررًا من مشاعره ورغباته المسبقة، ومن ثم قد تكون نتائجه مؤذية لتلك المشاعر ومخيبة لتلك الرغبات، بيد أنه لا يستطيع إلا الإعلان عن تلك النتائج، رغم معاناته الشخصية إزاءها. والموضوعية بهذا المعنى ممكنة، وإن كانت شاقة ومرهقة.
وبهذا، فإن الكاره للإخوان، أو للإسلاميين عمومًا، أو المختلف معهم في تصورهم لطبيعة الإسلام، من حيث علاقته بالسياسة، وموقعه في صياغة المجال الاجتماعي، أو حتى إن كان كافرًا بالإسلام نفسه كدين، إذا كان موضوعيًا بالمعنى الذي سبق بيانه، لن يكون عاجزًا عن فهم المشهد المصري، والوصول إلى نتيجة واحدة، مفادها، أن ما يجري عملية إسقاط وإفشال للرئيس المنتخب من طرف فرقاء لم يجتمعوا إلا لهذه الغاية، على ما بينهم من تباين، لأسباب مختلفة، باختلاف وتعدد هؤلاء الفرقاء فيما سمي تجاوزًا (معارضة)، وباختلاف وتعدد الأطراف التي تمولهم وتدعمهم.
ولن يكون الكاره لـ(الإخوان) أو المختلف معهم مرتاحًا لإعلان هذه النتيجة التي تنصف الإخوان، لكنه إن كان ذا مروءة وإنصاف، لن يجد بدًا من تحديد موقفه وفق النتيجة التي وصل إليها، فينحاز للمظلوم الذي يكرهه أو يختلف معه! أو على الأقل يقر بمظلوميته والاعتداء عليه.
ذلك لأن المشهد المصري مكشوف، خاصة في الأحداث الأخيرة، إلى درجة يصبح فيها إدراكه وفهمه، متماهيًا مع سلامة المروءة والإدراك العقلي، فمن لا يصل إلى هذه النتيجة، فإنما لديه مشكلة في عقله، أو في مروءته، أو في كليهما، أو في أحسن الأحوال، يعاني من جهل مفرط بالأحداث كما هي، لعجز بالغ في القدرة على الوصول إلى تلك الأحداث، وتتبع مصادر المعلومات المتنوعة والمتباينة.
فمحاولة إقناع من يعاني من مشكلة في الإدراك العقلي أو في أخلاقه وضميره، أو يفشل في تنويع المصادر والبحث عن الحقيقة، تصير ضربًا من ضروب العبث والعدمية، وهو ما يدعو المرء أحيانًا للكف عن الحديث في هذا المشهد، لكن لا ينبغي أن يكون هذا الخراب العقلي والأخلاقي الذي ينطبع به قطاع في المجتمع العربي، مانعًا من اتخاذ موقف والانحياز لمظلومية صاحب الحق المعتدى عليه، أو من محاولة بيان حقيقة الصورة للرأي العام الذي تسطو عليه آلة إعلامية جبارة، في حجمها واتساعها وقدراتها، أو في جرأتها على الكذب والتضليل.
ولا ينبغي أن تذهب النفس حسرات، على من ارتكس في حمأة الحقد والكراهية، أو طَمَس الكبر بصيرته، أو كان الكذب والضلال وسوء الطوية خلقه اللازم، فرفض الحق، أو عمي عن رؤيته، وقد قال الله تعالى في مثل هؤلاء: "إن الله لا يهدي القوم الظالمين"، "سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق، وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها، وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً، وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً"، "إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب"، "كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب".. وهذه الآيات، إجابة كافية للعقول الحائرة في فهم مكابرة هؤلاء، وفجورهم، وجلدهم، في الكذب ومعاندة الحقيقة، أو عجزهم عن إدراكها.
فليس غريبًا، أن يزعم عربيٌ، أن ما يجري ثورة على نظام كامب ديفد لتحرير مصر من التبعية لأمريكا والكيان الصهيوني! فمن كان معرضًا عن سبيل الرشد سالكًا طريق الغي، لن يتورع عن جعل محمد البرادعي، ومايكل منير، وعمرو حمزاوي، وعمرو موسى، وفلول كامب ديفد، وإعلام رجال أعمال مبارك، ثوارًا على كامب ديفد والتبعية لأمريكا والكيان الصهيوني! وسوف يكون ما يلي خطوات ثورية، ودلائل على الدفق الشعبي الهائل للتحرر من عمالة الإخوان لأمريكا والكيان الصهيوني: (تصريحات البرادعي التي تستدعي التدخل الأجنبي، وتحرض على الداخل المصري، وتثير الحساسيات الغربية بالتحريض على ابن الوطن من بوابة الهولوكوست، وتصريحات عماد جاد عن اجتماعهم بالسفيرة الأمريكية وتعهدهم لها بزيادة الحشد لإثبات الجدارة في استحقاق الدعم الأمريكي، وتصريحات محمد أبو حامد عن وعد دولة أجنبية بدعمهم إن استطاعوا إثبات حجمهم بحشد كبير ومستمر في الشارع، أو زيارة مياكل منير للكيان الصهيوني والتحريض ضد الإخوان والرئيس المنتخب والإشادة بـ "الثورة" عليه من داخل الجامعة العبرية، والتحريض على حماس والشعب الفلسطيني وأهل غزة وكتائب القسام بنفس خطاب مبارك وإقحامهم في المشهد المصري كما فعل نظام مبارك أثناء ثورة 25 يناير... الخ)!!!
نعم؛ كل ذلك وأكثر، دلائل على ثورة وطنية قومية نضالية ضد عمالة الإخوان لأمريكا والكيان الصهيوني! وإلا فما هي الدلائل على أن ما يجري ثورة وطنية لتحرير مصر من التبعية؟! حسنًا؛ ولأن دعي القومية والنضال ضد الاستعمار، عاجز عن إثبات طهرية ووطنية وكفاحية "الثورة" التي يشكل العملاء صراحة، وفلول مبارك بلا مواربة، عمودها الفقري، سوف يشير إلى بعض الشخصيات القومية التي تشكل ركنًا في "ثورة" إسقاط الرئيس المنتخب، ويستقوي بمن يسمون -على نحو رومانسي ساذج يستبطن الطهورية المطلقة- "الشباب الثوري"، دون أن يشرح لنا كيف لا يجرح في وطنيتهم وصدقهم وطهوريتهم، التحالف مع العملاء والفلول ودول (الرجعية العربية) في سياق إسقاط رئيس مصر، وإحراق البلد، وإطالة كبوتها؟!
لن يشرح لنا صاحبنا، لماذا تدعم دول الخليج قاطبة –عدا قطر- "الثورة" على الرئيس المنتخب، وتسخر له كل إمكاناتها الإعلامية، بينما يعلن بعضها العداء للإخوان وتجربتهم بشكل جلي لا يجدي التأويل معه! إلا إذا صارت (مشيخيات النفط الرجعية)، تقدمية وثورية، وطليعة للأمة العربية في تحررها من الإمبريالية والرأسمالية العالمية!
حسنًا، سوف يستخف الصديق "القومي المناضل" بكل ذلك، ويتذكر قطر وتركيا! فالعلاقة بهما الحجة البالغة التي لا راد لها على العمالة لأمريكا! وطبعًا، فإن صديقنا "القومي المناضل" قد نسي –وبصورة لم تعد مذهلة- علاقة قطر وتركيا السابقة بكل من حزب الله وسوريا!
وآخر –مثلًا- وهو يسمي "الثورة النبيلة" على "استبداد الإخوان وطغيانهم"، (ثورة سلمية)، بينما مقراتهم تحرق، وشبابهم يقتل، ورئيسهم يلقى على مقر حكمه قنابل المولوتوف، والفتيات "الثوريات" في ميدان التحرير يمارس معهن زملاؤهن في "الثورة"، فعلًا ثوريًا فريدًا من الاغتصاب والتحرش الجماعي، فإنه لن يرى، من ذلك كله، إلا سحل بلطجي كان يرمي المولوتوف عند قصر الرئاسة، ناسبًا فعل الشرطة الشنيع التي سحلته إلى الإخوان، وهي الشرطة نفسها التي سكتت طويلًا على حرق مقرات الإخوان، والاعتداء على القصر الرئاسي، وأفرجت عن البلطجية في عدة حوادث استهدفت الإخوان وأبناءهم!
والحقيقة أن الأمثلة على عمى البصيرة هذا الذي أركس الله فيه أمثال هؤلاء من المرتابين الكذابين الذين ارتضوا سبيل الغي كثيرة، بيد أن ما ذكر يكفي لإدانة كل من يدافع عن جريمة إحراق مصر وتخريبها، ومنع استقرارها، ولا يقل عن هذا جريمة، من يستحضر أخطاء الإخوان، التي لا تزيد عن كونها أخطاء تحتملها الممارسة السياسية، ويوجبها أحيانًا ضيق الخيارات، وليست أبدًا من نوع الكبائر والخطايا التي تقترفها ما يسمى زورًا وبهتانًا (معارضة).
ووجود الإخوان في الحكم لا يحملهم أبدًا مسؤولية ما يجري، وهذه الحجة، متهافتة، وساقطة، في حساب العقل السليم، ولا ينبغي التساوق معها وترديدها، وكأنها مسلمة أخلاقية وسياسية، مع أنها في الحالة المصرية، تقفز عن حقائق، منها: جهاز الدولة المعادي للحاكم الجديد (تمامًا كما حصل في الحالة الفلسطينية حينما كان جسم السلطة معاديًا للفائز في الانتخابات)، والدولة المحطمة التي ورثها هذا الحاكم، وعملية الإشغال والإفشال الواسعة وغير المتورعة عن أي وسيلة لإسقاط هذا الحاكم، والحملة الإعلامية المتوحشة التي تسطو على الوعي المصري، والدفع الإقليمي والدولي المخابراتي والمالي والسياسي والإعلامي لإفشال تجربة الإخوان في مصر... الخ.
إذن، لماذا لا يرى البعض الأمور كما هي؟! أو يراها، ولكنه يمعن في تزييفها؟! والحديث هنا عن العربي غير المصري!
لأنه ببساطة كاره للإسلاميين والإخوان، لأسباب أيديولوجية دوغمائية، كالماركسيين، وبقاياهم في صيغ مختلفة، ممن لا يزالون مهيمنين على المجال الثقافي العربي، وهؤلاء يمكنك الاستماع لهم، والتعاطي معهم، حتى إذا وصلوا إلى الإسلام والإسلاميين تجردوا من كل العلمية التي يزعمونها مما يجعل الاستماع لهم عبث ومضيعة للوقت وخديعة للنفس، أو لأسباب سياسية، وغالبًا في المناكفات السياسية العربية يغيب المنطق تمامًا، ومن ثم نشاهد انقلابات مذهلة تفتقر للتفسير المنطقي، فمنافسو أو خصوم الإخوان في أي بلد عربي، يدعمون خصوم الإخوان في مصر بصرف النظر عن الحقائق والملابسات، حتى لو كان في ذلك خراب مصر ودوام عثرتها، وبعد الثورة السورية، أعاد القوميون العرب، ومستحثات اليسار، والتشيع السياسي، تقييم الثورات العربية السابقة على الثورة السورية بأثر رجعي من بعد أن أيدوها سابقًا، فصارت كلها عميلة، ومدبرة أمريكيًا.. وهكذا..
وطالما الحديث عن النخبة الثقافية العربية، فالإشارة ضرورية إلى أن هذه النخبة بتنوعاتها المختلفة، يقتضي الانتساب إليها، اتخاذ موقف نقدي من الإسلاميين، فمن لم يكن يعاني من عقدة كراهية مؤسسة على أسباب أيديولوجية أو سياسية، فإنه مضطر لتكلف نقدي، وهذا ملاحظ حتى في الإسلاميين الذين يلتحقون بهذه النخبة، فإنهم يدركون بإحساس مضمر اشتراطات "التجنس" في هذا الوسط، فيتأثرون به أكثر مما يؤثرون فيه، أما من فتح له الوسط أبوابه لاستغلال ثارات شخصية تعبر عن نفسها بمنتهى الفجور المقصود في الحديث النبوي (إذا خاصم فجر)، فحكاية أخرى، لأن الوعي النظيف لن يصدق أن أحدًا اكتشف فجأة أن الإخوان ماسونيين وعبدة شيطان بعد أن قضى فيهم شطر عمره يقرأ المأثورات ويتلو القرآن، دون أن يسجد للشيطان مرة أو يتعمد في مذبح ماسوني!
تفسير ذلك فقط قوله تعالى: "وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً"، والموعظة البالغة لمن يأسى لهذا العمى والضلال، أيضًا قوله تعالى: "واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون".
من يتحمل مسؤولية الحوادث المؤسفة؟
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د.عصام شاور
ليست غزة وحدها التي تقع فيها الحوادث المؤسفة، فطالما هناك بشر هناك أخطاء ولا يوجد بقعة على وجه الأرض لا يموت فيها أفراد بسبب أخطاء منهم أو من غيرهم، أخطاء خارجة عن الإرادة وأخرى نتيجة للتقصير، وحوادث الاختناق بسبب المولدات الكهربائية أو الاحتراق بسبب الاستخدام الخاطئ للشموع هي من ضمن تلك الحوادث المؤسفة.
لقد اعتدنا على وجود فئات تصطاد في المياه العكرة وتستغل المعاناة الإنسانية من أجل تحقيق أهداف حزبية أو سياسية أو حتى شخصية، فما علاقة الحكومة عندما يتم استخدام مولدات الكهرباء أو استخدام الشموع _على سبيل المثال_بشكل خاطئ؟، الحكومة تحاول جاهدة توفير الكهرباء للمواطنين بل وتسعى إلى فك الحصار عن قطاع غزة بكل السبل المشروعة والجميع يشهد بذلك.
هناك من يتعمد إلقاء اللوم على الحكومة _مستغلا حالة الحزن والأسى التي تجتاح الشارع الفلسطيني بسبب بعض الحوادث المفجعة_ فيحملها المسؤولية أو جزءا منها دون تفسير أو توضيح لما ذهب إليه وبحجة أن الحكومة هي المسئولة عن أمن المواطنين، ولكن من حقنا أن نسأل: هل المطلوب من الحكومة أن تتأكد بنفسها أن كل شمعة مضاءة في قطاع غزة لا تشكل خطراً على حياة المواطنين؟، ليس هناك من يتحمل مسؤولية ما يفعله المواطن داخل بيته أو بعيداً عن الأعين إلا المواطن نفسه.
آخرون تخطوا حدود المزاودة إلى ما هو أخطر من ذلك، فنادوا بضرورة الاتفاق مع الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء أزمة الكهرباء بـ"أي ثمن"، ونحن نعرف "الثمن" والشروط التي يريدها الاحتلال مقابل رفع الحصار وإعادة التيار الكهربائي بشكل طبيعي، وأولها تجريم المقاومة الفلسطينية ومحاربتها، وثانيها الاعتراف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي على 78 % من فلسطين وثالثها إسقاط حق عودة اللاجئين، فماذا نسمي هؤلاء الذين يسعون إلى مقايضة القضية الفلسطينية بالكهرباء أو حتى برفع الحصار كليا عن قطاع غزة ؟.
ختاماً نؤكد أن بعض المنتمين للفصائل والأحزاب ما زالوا يعيشون مرحلة المناكفة السياسية المبطنة التي تكشفها ألسنتهم وإعلامهم، وتلك مرحلة من المفروض أن نكون قد تخطيناها استعدادا لمرحلة الوفاق والتصالح المجتمعي وتلك بحاجة إلى جهود ونوايا صادقة لا برهان على وجودها حتى يومنا هذا.
انتخابات المجلس الوطني.. والتسريبات المضطربة
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د. حسن أبو حشيش
الجميع بات يعرف أن تطبيق بنود المصالحة الفلسطينية متفق على أن يكون بالتزامن وبالجدولة المنصوص عليها، ولأن طريق المصالحة ليس ممهدا، وأمامه الكثير من المعوقات والعقبات، ولأنه يتعرض إلى كلاليب الإفشال والإحباط...فإنه لا يحتمل أي تسريبات غير دقيقة، ولا يستوعب تصريحات من شأنها أن تمس بما هو متفق عليه. ومن البنود المتفق عليها : إجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج حسب ما تسمح به البلدان التي تحتضن اللاجئين الفلسطينيين.
والذي ظهر للإعلام والذي لم يظهر ندركه جيدا أن تفاصيل الانتخابات في خارج فلسطين لم تُحدد بعد، ولم يتم تداول ونقاش الدول التي ستسمح والتي لن تسمح...المفاجأة كانت تسريبات إعلامية تعلن أن كلا من الأردن وسوريا ولبنان لن تسمح بإجراء انتخابات المجلس الوطني، وفي المقابل نفت حركة حماس أحد طرفي اتفاقية المصالحة ذلك, وبالتالي حدث إرباك جديد للرأي العام.
تُدرك كل الأطراف أن ملف منظمة التحرير من أعقد الملفات على الساحة الفلسطينية، ومن أكثر الملفات التي تتعرض إلى معارضة الإقليم والعالم لأسباب كثيرة لا مجال لتوضيحها في هذه السطور...هذا يتطلب أن تتحلى كل الأطراف بالصبر والحكمة وتفكيك الأزمات بهدوء وروية على قاعدة المثل الشعبي ( داري على شمعتك تقيد ) ولا داعي لتسريبات غير دقيقة قد تُعيق أو تُؤلب أو تُحرض.
من هنا فإن الضبط الإعلامي مهم، وعدم التبرع بأخبار لا وزن لها، وإن كانت صحيحة قد تتغير بعد مشاورات أو مداولات أو تواصل إلا إذا كان المقصود منها قلب الطاولة، وبعثرة الأمل، واستبداله بالخوف والقلق والشك...حينها تتطلب المسألة وضع النقاط على الحروف, والوضوح في فضح القضية، ومصارحة الشعب. لكن أتمنى أن تكون سقطات إعلامية يتم استدراكها مصلحة للوطن وللمواطن؟
الحمار والعاطل
الرسالة نت ،،، بقلم/ وسام عفيفة
المشهد العام: شاب تبدو عليه ملامح "القرف" يجلس بجوار حمار يظهر عليه الإنهاك بعد أن تحرر من "الكارة" ولم يبق على ظهره سوى "البردعه".
لقطة قريبة لوجه الشاب أمام رأس الحمار ويدور الحوار التالي:
الشاب: ما لي أراك بالكاد تستطيع الوقوف على قدميك؟
الحمار: صاحبي "الحمرجي" ينهكني في العمل، وكما ترى: المقابل قليل من الطعام.. هذا ظلم لا يقبله أحد.
الشاب: على الأقل أنت تعمل أما أنا فعاطل عن العمل.. أنت لك أهمية عند معلمك أما أنا "وجودي وقلته" واحد.
الحمار: المشكلة أنني كلما تذمرت أو "عنفصت" يهددني بأنه سيستعيض عني بـ"توك توك", ولم تعد لي مكانة خاصة عنده كما في السابق.
الشاب: بيني وبينك, وبصراحة: كلامه صحيح.. أنتم تلوثون الشوارع بروثكم، ووجودكم غير حضاري في البلد.
الحمار: أنتم البشر ناكرو جميل!.. ألم نقف إلى جانبكم في أحلك الظروف خصوصا في الحصار يوم لم تجدوا الوقود لسياراتكم, ثم إنكم آخر من يتحدث عن النظافة.. أنتم تلوثون الشوارع بسلوككم وبإرادتكم, أما نحن فمجبورون.. انظر إلى المكان من حولك: الناس تترك حاويات القمامة وتلقي "زبالتها" على الأرض, وقلة نظافتكم لفتت أنظار الضيوف من الوفود والقوافل التي تزوركم أسبوعيا.
الشاب: يظل "التوك توك" أكثر فعالية وخدمته أفضل.
الحمار: لهذا ارتفعت الحوادث نتيجة هذه العربات المجنونة التي يقودها "مخابيل".. أريد أن أكشف لك سرا: أحيانا نحن نقود في الطريق أفضل من "الحمرجية" ولو ركنا واستسلمنا لقيادتهم لتسببوا بحوادث وفوضى كبيرة.
الشاب: إذن، اعمل بصمت ولا تتذمر واكتف بما يصلك من شعير.
الحمار: أنت غريب يا ابن آدم تستكثر علي القليل من الطعام مقابل كثير من العمل في حين ان أن آلاف منكم يأكلون بلا عمل منذ 6 سنوات.
الشاب: آه.. لا تقلب علي المواجع.. أنا الآن تمنى أن أكون مكانك, وغيري يتعب من الوصول للبنك يوم الراتب فقط.
الحمار: أنا لا أتمنى أن أكون مكانهم, فلا أفهم كيف يقبل "الحمرجي اللي مشغلهم" أن يطعمهم ويكافئهم لأنهم لا يعملون.
الشاب: يا ليت كنت معهم.. كان على الأقل ما فضفضت همومي لحمار.
الحمار: أنصحك ألا تكون مثلهم وينطبق عليك "مثل حميري" عندنا يقول: "اربط البغل جنب الحمار إن ما تعلّم شهيقه يتعلم نهيقه".
الشاب: لا تنقصني سوى نصائحك.. أيضا هناك مثل عندنا يقول: "الحمار حمار لو بين الخيول سار".
هذه اللحظة، ينفجر الحمار في وجه الشاب: أنتم معشر البشر أسأتم لي كثيرا.. لعلمك أنا أصلا من الجنس الذي ينتمي إليه الحصان.. أنا صبور قوي في حين أن منكم من يعيش عالة على المجتمع.. وصفتموني بالغباء, وصرت شتيمة مع أنَّي ذكي أستطيع مثلا أن أحفظ الطريق من أول مرة في حين أن كثيرين يضلون طريقهم كل يوم.
هل تعلم أنني آكل من الأعشاب والنباتات فإذا اقتربت من شجرة التبغ "الدخان" أنفر منها.. فيما مئات الألوف منكم يستنشقون التبغ صباح مساء.
وأضاف: أذكرك أيضا أنني كنت مركبا للرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فقد حملت المسيح عيسى من جبل الطور إلى القدس، وحملت الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لفتح بيت المقدس..
يقطع صوت الراديو صراخ الحمار ويعلن المذيع في نشرة الأخبار عن توفير وكالة الغوث آلاف فرص العمل.. وخبر آخر" الحكومة تعلن عن الشروع في برنامج تشغيلي لـ5000 فرصة للحد من البطالة.
مشهد عام: الشاب يجري بعيدا عن الحمار وهو يقفز هاتفا: شغل.. شغل, أنا الآن أمير.. أمير.
لقطة قريبة على وجه الحمار: يضحك بتهكم على الشاب ويقول: "إذا أنت أمير وأنا أمير.. مين اللي بيسوق الحمير؟".
ولاية ثانية بسياسات قديمة
فلسطين أون لاين ،،، أ.د. يوسف رزقة
نتنياهو يعود إلى رئاسة الحكومة في تل أبيب في ولاية ثانية متوالية بتكليف من شمعون بيرس بعد أن حصل حزب (الليكود بيتنا) على (31 مقعدًا) في الكنيست التاسعة عشرة. الائتلاف المتوقع حدوثه سيكون من اليمين واليمين المتطرف إضافة إلى بعض الأحزاب الدينية. قد يضم الائتلاف 62 مقعدًا، مما يعني أن الأغلبية ضعيفة، وأن الحكومة معرضة للسقوط. وهذا سيجعل بيضة القبان، واستقرار الحكومة بيد الأحزاب الصغيرة، التي ستحاول الابتزاز بحسب قاعدة المصالح الحزبية القائمة في تل أبيب، وفي الحكومات المتعاقبة.
عودة نتنياهو لرئاسة الحكومة لا يحمل جديدًا في الملفات السياسية الرئيسة، وأعني هنا (ملف المفاوضات مع محمود عباس) و(ملف الحكومة والمقاومة في غزة) و(ملف العلاقات مع ايران). سياسات نتنياهو في هذه الملفات معروفة سلفًا، ولن يحدث عليها تغيير، فنتنياهو يدعو عباس إلى العودة إلى المفاوضات، ولا يقدم لا قطعة لحم ولا عظمة بلا لحم حافزًا على العودة. هو يريد مفاوضات تجمّل وجه (إسرائيل) مع استبقاء الاستيطان في القدس وما حولها. وعباس في المقابل ينتظر تدخلاً دوليًا تقوده بريطانيا وفرنسا من خلال مبادرة باردة برودة الرجل الأوروبي حتى الآن، يقال إنها تدعو إلى ستة أشهر مفاوضات، وتتضمن وقف الاستيطان للمدة نفسها للوصول إلى حلول نهائية.
عباس ينتظر المبادرة الدولية لأنها خياره الوحيد، ونتنياهو لا ينتظر أحدًا، والدور الأوروبي لا يعنيه، وهو لا يرى أن (إسرائيل) في حاجة إلى مبادرة أوروبا. أمريكا هي خيار نتنياهو رغم الجفاء النسبي مع أوباما. وعيون نتنياهو تتجه نجو (جون كيري) وزير الخارجية الجديد الذي يوصف بأنه متمرس في الملفات الدولية، ويؤمن بالخيارات السياسية.
يخطئ عباس إذ أطال الوقوف على عتبة الانتظار، فالأرض الفلسطينية يسرقها الاستيطان الذي لا ينتظر أحدًا، ويجدر بعباس (بط الدمل)؟! والخروج من دائرة الضياع، فالمفاوضات تحتاج إلى عناصر قوة متعددة لا يملك عباس وحده شيئًا منها لأنه يصر على العمل منفردًا.
وكما لا تحمل الحكومة جديدًا في ملف المفاوضات، فقد تواصل حالة العدوان على غزة، وقد تفتعل معها معركة جديدة، بعد أن خرج نتنياهو جريحًا من معركة حجارة السجيل، وبعد أن هاجمه خصومه بالفشل، وبإضاعة عامل الردع، وبتهديد أمن (إسرائيل). قد لا تطول فترة الهدوء السائدة الآن مع قطاع غزة، مع حديث الجيش عن تحديث بنك الأهداف في غزة. وفي المقابل يمكن القول بأن المعركة مع غزة لم تعد نزيهة، وإن استحقاقات معركة جديدة ستطول ما بعد تل أبيب والقدس، لا محالة.
وستبقى سياسة نتنياهو في الملف الإيراني تتجه نحو تسخين هذا الملف والتوجه به نحو سياسة (حافة الهاوية) والضغط على أمريكا وأوروبا للتعاون مع (إسرائيل) في تحطيم قدرات إيران النووية، ومنعها من الوصول إلى سلاح ذري, وهي سياسة لم تحقق نجاحًا في الحكومة المنصرمة، ولا أحسبها ستحقق نجاحًا في الحكومة الجديدة، لأن أمريكا وأوروبا ليست قلقة من القنبلة النووية الإيرانية. وما زالت سياسة الاحتواء والاستثمار هي التي تقود السياسة الأمريكية الغربية في الملف الإيراني.