النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء اسرائيلي 269 17/1/2013

  1. #1

    اقلام واراء اسرائيلي 269 17/1/2013

    • أقــلام وآراء إسرائيلي (269) السبــت- 16/02/2013 م
    • في هــــــذا الملف
    • دُفن بن ولم تُدفن قصته
    • في كل مرة تحاول فيها اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية كتم قضية ما واخفاءها على وسائل الاعلام المحلية والاجنبية تزيد بذلك اهتمام العالم بها وتفضحها
    • بقلم:رونين بيرغمان،عن يديعوت
    • تجنيد الاصوليين غير مناسب اخلاقيا وعمليا
    • بقلم:اوري افنيري،عن هآرتس
    • في الولايات المتحدة يشككون بسياسة التصفيات
    • بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
    • شوارع الغضب في تونس
    • بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس


    • دُفن بن ولم تُدفن قصته
    • في كل مرة تحاول فيها اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية كتم قضية ما واخفاءها على وسائل الاعلام المحلية والاجنبية تزيد بذلك اهتمام العالم بها وتفضحها
    • بقلم:رونين بيرغمان،عن يديعوت
    • نشأ موشيه تسيفر كل حياته مع شعور فظيع. وينبغي عدم الاستخفاف بالمعاناة الشديدة لمن نشأ مع علم بأن أباه هجر أمه حينما كانت حاملا في الشهر الرابع وهو في رحمها، وهرب الى امريكا اللاتينية، حيث استقر مع أموال صرفها باحتيال في اسرائيل وتنكر لعائلته وللطفل المولود. ونشأ تسيفر ليصبح عاملا اجتماعيا يحيا حياة هادئة في عزلة مع عائلته في واحد من الاماكن المرتفعة في الجليل الأعلى. وهو رجل دمث الخُلق لكنه منطوٍ ايضا ومحلق شيئا ما ترك تاريخه الشخصي المؤلم آثاره على وجهه.
    • قبل ست سنوات حينما كان في الـ 51 من عمره جئت اليه بالنذير المُر الثاني. وقال لي وهو دامع العينين: 'كانت الضربة الثانية أشد إيلاما بكثير'. قلت له إن أباك لم يستقر في امريكا اللاتينية لأنه لم يكن هناك قط. كان الكسندر إيبور اسرائيل ضابطا في سلاح البحرية تورط في ديون وهرب من البلاد تاركا وراءه زوجته متيلدا أم تسيفر حاملا. وعلم الموساد بأنه يحاول ان يبيع واحدا من الملحقين العسكريين الاجانب في روما وثائق سرية. واختطف في باريس بعملية معقدة وتم تنويمه ووضع في صندوق كبير ونُقل جوا الى اسرائيل كي يُحاكم محاكمة سرية هنا على تجسس خطير. وأُعدت له زنزانة خاصة سرية في سجن الرملة (أيلون) وهو أحدث مواقع السجن في مصلحة السجون كان قد افتتح قبل ذلك بسنتين وحصل هناك على لقب السجين 'إكس'. هل يُذكركم هذا بشخص ما؟.
    • وتشوشت الخطة حينما اخطأ الطبيب المنوم من الموساد، يونا أليئين في تقدير وجبة دواء التنويم الذي حقن به اسرائيل ومات في طريقه الى البلاد. وبأمر من رئيس الموساد أقلعت الطائرة مرة اخرى وألقى اثنان من ناس وحدة العمليات التابعة للشباك التي أدارت العملية، جثة اسرائيل في البحر. وغرس 'الشباك' في الصحف أنباءا توهم بأنه استقر في امريكا اللاتينية. وجُمعت لجنة المحررين لاسكات عدد من الصحفيين بلغتهم معلومات مُدينة. وخلصت لجنة التحقيق السرية التي نشأت في القضية الى استنتاج ان الجميع عملوا كما ينبغي ودُفنت القضية في أرشيف الموساد و'الشباك' الى ان سرّب لي شخص ذو ضمير القصة التي فجرتها 'يديعوت احرونوت' في أيار 2006.
    • منذ ذلك الحين لم تسكن نفس تسيفر المعذبة. فقد تاب الى الله وهو يعمل عملا تطوعيا في عدة مجالات. وبدأ في موازاة ذلك اجراء معركة قضائية على الدولة طالبا ان يتم الاعتراف بأنه يتيم من الجيش الاسرائيلي (فقد كان أبوه ضابطا في خدمة فعالة) وأن يُكشف له في الأساس عن كل الوثائق في القضية. 'أنا أتوجه اليك بطلب شخصي'، كتب الى رئيسي 'الشباك' والموساد، 'ساعدني من فضلك على حل لغز حياتي... يؤسفني أن أمي لم تعد موجودة هنا كي أستطيع التخفيف عنها. ويُخيل إلي أنه قد حان الوقت لتُقال لي الحقيقة بعد 52 سنة'.
    • سيكون من الصعب المبالغة في وصف الجهود التي بذلتها الدولة وما زالت تبذلها الى اليوم كي لا يعلم تسيفر الحقيقة. فقد جُندت اجراءات قضائية صارمة ومواقف لا هوادة فيها، ومجموعات كبيرة من المحامين والاجراءات السرية اعتلالا بأمن الدولة، جُندت كلها كي تُبقي هذه القضية سرية. وقد مات أكثر المشاركين في القضية منذ زمن. ودُفن نحاميا مئيري وهو من كبار رجال العمليات في الموساد في كل الأزمان وآخر ناس الفريق الأحياء من تلك الطائرة، دُفن في مقبرة يركونيم قبل اسبوعين. ويُخيل إلي أنه يصعب حتى على ممثلي الدولة ان يزعموا في جدية ان الحديث عن قضية سرية من 1954. بقيت فقط الوصمة الفظيعة في تاريخ الجماعة الاستخبارية التي يجب حمايتها كي لا تخرج الى الخارج.
    • سري جدا، وغامض جدا
    • هل كانت تقديرات امن الدولة وحدها بازاء نواظر أرباب الاستخبارات الاسرائيلية في 1954 حقا كحال الأرباب الحاليين في السنين الثلاث الاخيرة حينما بذلوا جهدا كبيرا جدا لمنع نشر القضية؟ أربما كان في ذلك ايضا شيء من الرغبة في منع الحرج والوصمة والفضيحة العامة؟ انه من الطبيعي والمفهوم ان يريد كل واحد مهما يكن من رجاحة العقل ان يفخر بالنجاحات ويضائل الاخفاقات.
    • من المؤكد ان كثيرين سيقولون إن تلك كانت اياما مختلفة وانه ينبغي ألا تُقاس واقعة على اخرى وانه هنا في قضية زغيير كان يمكن ان يحدث ضرر فظيع حقا. ويمكن في المقابل ان يتم الزعم ان هذه القضية ستبدو بعد بضع سنين مثل وطء قاس لا داعي له لحقوق الانسان، وان الفرق الجوهري الوحيد بينها وبين قضية اسرائيل هو انه كان يمكن في 1954 في الحقيقة وقف نشرها والحديث في العصر الحديث عن مسألة وقت فقط، وقت قليل، الى ان تخرج هذه الامور الى الخارج.
    • حدّثني بعضهم في منتصف 2010 عن 'السجين إكس' في سجن الرملة. قلت: 'أنا أعرف القصة. وهي قصة كبيرة تحتاج الى كتاب باسلوب جون لا كاره'. وقال ذلك الشخص إن هذا إكس جديد وقصة خطيرة جدا. وبالغ هذا الشخص في تفصيلات القضية التي بدت بعد ان سمعتها منه شديدة الخطر حقا وصورت الشخص الذي في السجن على أنه وغد كبير قد تفضي افعاله الى موت ناس.
    • كان من الواضح لي في تلك المرحلة انه لا يوجد ما أفعله في هذه القصة. فهي سرية جدا وغامضة جدا والاشتغال بها سيثير علينا الغضب ويتم وقفه أصلا بالرقابة. ومن الجدير بالذكر انه توجد في قضية زغيير أجزاء يحسن السكوت عنها لأنه توجد حياة ناس يجب حمايتها. وليس من المؤكد من الجهة الثانية انه كان يجب من اجل هذه القيم ان يُعامل على هذا النحو من العنف يفضي به الى ان يفعل شيئا فظيعا جدا.
    • سمعت بعد ذلك ببضعة اشهر أن ذلك السجين قد انتحر قبل إنهاء محاكمته. وغير ذلك قوانين اللعب وأوجب نشر القضية، لأنه لا توجد ايضا سبيل لابقاء قضية كهذه سرا وليس ذلك من الاخلاق ايضا. وبرغم ان هذا يلائم كتاب توتر، كان واضحا لي ان ليس الحديث عن مؤامرة مُحكمة وانه لا أحد ساعد على الانتحار. ومن جهة ثانية شعرت بأنه لا يوجد في مصلحة السجون التي لها تجربة سيئة مع الانتحارات انه ليس عندها دافع زائد للفحص عن القضية. وفكرت أصلا في ان جهات الاستخبارات تحصر عنايتها في الجوانب العملياتية من القضية وان مصير من تراه خائنا يكون أقل أهمية.
    • بادرنا (بموازاة جمعية حقوق المواطن وجهات اعلامية اخرى) الى توجه الى المحكمة (قدمه رفيقنا يورام يركوني) في محاولة لمضاءلة السرية المضروبة على القضية. وطرحتنا رئيسة المحكمة اللوائية في المركز، هيلا غارستل، جميعا عن الدرج.
    • تُبين سلسلة أنباء نشرت في الخارج ان نشاط زغيير كان في مقابل جهات ايرانية. وعلى حسب النبأ الذي نشر في 'الغارديان' ويقتبس من الصحفي الاسترالي جيسون كاتسوكيس الذي سكن في اسرائيل زمنا ما ويسكن في بيروت اليوم (لكنه يأتي للزيارة في أزمان متقاربة) ان كاتسوكيس حصل في سنة 2009 من شخص ما (ذي صلات بعالم الاستخبارات) على أسماء ثلاثة اسرائيليين لهم جوازات استرالية. وكان الثلاثة بحسب النبأ المنشور نشطاء في شركة وهمية انشأها الموساد في اوروبا وباعت ايران معدات الكترونية وجُند الشباب الذين أُرسلوا للتجسس في ايران بواسطتها.
    • 'كان يبدو هذا في البداية أفضل كثيرا من ان يكون حقيقيا'، قال كاتسوكيس لصحيفة 'الغارديان'، 'لكنني نجحت في التحقق من ان الشركة قائمة ونجحت في التحقق ايضا من ان زغيير وواحدا آخر من الثلاثة عمل من اجلها. ولم أنجح في التحقق من اسم الثالث. وقيل لي ايضا ان السلطات الاسترالية تضيق الخناق على زغيير بل انه ربما يُعتقل'.
    • وتذكر الصحيفة ان جهاز الامن العام الاسترالي بدأ التحقيق في صلات الاستراليين الثلاثة بالموساد قبل اغتيال المبحوح في دبي بنصف سنة حيث استُعملت هناك جوازات استرالية. وبيّن كاتسوكيس ان زغيير أثار ارتياب السلطات حينما غير اسمه اربع مرات. وذكر الصحفي قائلا: 'تبين لي ايضا انه طلب رخصة عمل في ايطاليا'.
    • في شباط 2010 حينما توجه كاتسوكيس الى زغيير، سأله عن علاقاته بالموساد وزعم ان عنده علما يقول انه استعمل جوازه الاسترالي كي يزور سوريا ولبنان وايران، ورد زغيير في غضب وقال ان كل ذلك هراء. وهو من جهة ثانية لم يقطع المحادثة الهاتفية. 'بدا في الحقيقة ذاهلا حقا لكنه أصغى الى ما قلته'. ويؤكد كاتسوكيس ان زغيير أنكر جميع الشبهات التي أثارها ورفضها آخر الامر حينما اتصل مرة ثانية. لكن هل يمكن ان يكون انكشاف زغيير للصحفيين والسلطات الاستراليين هو الذي عُد خيانة في نظر الموساد؟. تعتقد السلطات في ايران انه من الصعب على الموساد ان يعمل في الدولة لأنه يوجد فيها قوات شرطة واستخبارات قوية جدا تستعمل القبضة الحديدية على معارضي السلطة ولا تنفر من أشد الوسائل عنفا. وزعمت جهات ايرانية رفيعة المستوى في وسائل الاعلام هناك ان اسرائيل خصصت موارد ضخمة كي تُجند عملاء على ارضها وهم ايرانيون يخرجون من اجل اعمال الى خارج الدولة ويعودون اليها، أو سياح ورجال اعمال من العالم الغربي يدخلون اليها من اجل اعمالهم.
    • على حسب أنباء منشورة اجنبية، يقوم الموساد على نحو عام باعمال عنف لا يقوم بها إلا اسرائيليون أي ينفذها مواطنو اسرائيل الذين يعملون بصورة دائمة في الموساد لا عملاء جُندوا في الدول المستهدفة. ومع ذلك، وعلى حسب أنباء اجنبية نشرت، كان صعبا أو غير ممكن تقريبا لعملاء 'قيصاريا'، وهو قسم اعمال التخريب والاغتيالات من المنظمة، أن يدخلوا الى ايران خشية ان يتم الكشف عنهم لأن وقوع حتى عميل واحد في غرف تحقيق الحرس الثوري يعتبر في اسرائيل انه لا يقل عن كارثة استراتيجية.
    • اذا كانت هذه الامور صحيحة فهناك حاجة الى الاستعانة ايضا بجهات اخرى تنفذ اعمال جمع المعلومات أو الاغتيالات. ويعتقد الايرانيون ايضا أنهم نجحوا في ان يعتقلوا ويُحاكموا بعض اولئك العملاء ممن أدلوا بشهادات بعضهم في المحاكم وبعضهم في التلفاز. وعلى حسب تلك الشهادات جُند عدد من العملاء 'تحت علم مختلق'، أي من غير ان يعلموا بأنهم يعملون من اجل الموساد. وعلى حسب تلك الشهادات، يستعمل مُجنِدو العملاء المدربين من المنظمة تغطية اجنبية كي لا يعتقد المجندون أنهم يعملون من اجل 'العدو الصهيوني'. هذا الى ان الايرانيين احتجزوا في سنة 2010 و2011 عدة مرات سياحا ومتنزهين بزعم أنهم جواسيس للموساد.
    • جهاز التنصت في القبو
    • حاول جسم جمع معلومات استخبارية اسرائيلي ان يتساءل في الاسابيع الاخيرة منذ عُلم هنا بالتحقيق الذي أخذ ينضج في شبكة 'إي.بي.سي' الاسترالية، كيف عرفوا بالقضية؟ وهذا هو السؤال غير الصحيح وهو يُبين ايضا مثل خطوات كثيرة قام بها جهاز الامن في القضية عن فروق مقلقة بينه وبين الواقع الاتصالي والعام في العالم.
    • والسؤال الصحيح هو كيف لم تتسرب القصة قبل ذلك لأنه يوجد قبر في استراليا؛ وتوجد عائلة متألمة وذاهلة في استراليا؛ وفي 2010 كان زغيير الذي جهد في تغيير اسمه مرة بعد اخرى، مستهدفا لأذرع فرض القانون في استراليا، التي اشتبهت فيه انه يعمل في خدمة الموساد بل بلغت المعلومات الى صحفي توجه اليه في هذا الشأن؛ وأنباء في 'واي نت' أُزيلت بعد ساعات طويلة؛ ويوجد غير قليل من الناس الذين يعرفون أجزاءا من القضية على الأقل، وغير ذلك كثير.
    • إن الاذاعة القريبة للتحقيق أثارت أمواجا ارتدادية في الجماعة الاستخبارية كلها، لكن الاسابيع الطويلة التي سبقت نشر الأنباء لم تُستغل في عملية فعالة لمضاءلة الضرر المتوقع. وتقرر في سلسلة مباحثات أُجريت انه يجب فعل كل شيء واستعمال جميع الوسائل القضائية والقانونية ومنها أمر بحظر نشر معلومات مكشوفة في خارج البلاد، كي لا تُنشر أجزاء من القضية في مصادر اسرائيلية. وكان المبدأ الموجه هو ان مجرد النشر في وسيلة اعلام هنا يُصدق صحة الامر (ويُشتق من هذا المبدأ تمسك الرقابة باملاء 'بحسب مصادر اجنبية' فيما يتعلق باعمال لا تعترف اسرائيل بها).
    • ورُفضت الاصوات في تلك المباحثات (التي جاءت خاصة من جهات من الرقابة) وزعمت انه لن يمكن وقف تيار المعلومات وانه يفضل ان ندع التحقيق الاسترالي يمر من فوق رؤوسنا جميعا ولا نوليه اهتماما. وهكذا تحولت سلسلة الاسكات الى عصا مرتدة خطيرة: فقد تسرب تشديد سياسة حظر النشر واستعمال الرقابة العسكرية والجمع العاجل للمحررين الرؤساء لوسائل الاتصالات فورا الى الخارج واستُعملت أكثر من كل شيء آخر تصديقا للتحقيق الاسترالي الذي كان لولا وسائل التعتيم سيُرى غريب الأطوار.
    • حيوان لا يمكن إشباعه
    • وُجد في الماضي غير قليل من الافكار وأوراق العمل التي أُعدت حول مسألة هل يُعين للموساد متحدث مثل وحدة الاعلام التي تعمل لصق مكتب رئيس 'الشباك' منذ أكثر من عشر سنوات بنجاح كبير. وفي كل مرة أُثير فيها هذا الأمر سقط أو كما يقول مئير دغان رئيس الموساد السابق 'خلصت الى استنتاج ان هذا الحيوان لا يمكن إشباعه'.
    • للموساد تجربة غنية جدا مع الاعلام استعمال حملات تشهير، وتضليل وحرب استخبارية مع غرس معلومات منتقاة في وسائل اعلام في الغرب والبلاد العربية واستعمال وسائل الاعلام لدفع أهدافه قدما، وليست المعلومات كلها كاذبة. بالعكس. فوسائل الاعلام في الغرب تنشر معلومات كثيرة دقيقة في جزء منها أو بصورة كلية عن المشروع الذري الايراني. لكن هذه التجربة هي من الطرف الثاني الذي يبادر الى النشر. وفي كل مرة تضطر فيها الجماعة الاستخبارية الى مواجهة نبأ منشور في الخارج، أي لا يخضع للرقابة العسكرية، تكون النتائج ضئيلة جدا.
    • حتى لو لم يُنشر أمر المباحثات مع المحررين الرؤساء فان أرشيف السنين الثلاثين الاخيرة يُبين انه في كل مرة حاولوا فيها ان يمنعوا بالقوة نشر قضايا من هذا القبيل، كانوا يجعلونها أكبر كثيرا. وهذا ما كان في قضية فعنونو حينما حاولوا ان يُخفوا حقيقة انه معتقل في اسرائيل بعد ان اختطفه الموساد في ايطاليا.
    • وهذا ما كان في قضية عامل الموساد المبتديء أوستروفسكي الذي كان يوشك ان ينشر كتابا عن المنظمة ورفض رفضا قويا سحبه، حتى حينما عُرضت عليه تعويضات مالية حسنة. وقد أوصى موشيه لفين (كوكلا)، وهو من كبار المغتالين في الموساد، أوصى رئيس الموساد شفتاي شبيط بقتل أوستروفسكي، واقترح آخرون اختطافه الى اسرائيل. وقبل شبيط توصية أمنون غولدنبرغ وبادر الى اجراء قضائي عليه في كندا والولايات المتحدة. وطيّر القضاة الدولة عن الدرج كله وكان مجرد استعمال الاجراء برهانا على انه كان في الموساد حقا.
    • ولم تكن محاولة منع نشر الاعتقال السري ليوسف عميت العامل في وحدة استخدام العملاء 504، بسبب تجسس من اجل الولايات المتحدة، لم تكن أفضل لأن هذه المحاولة لم تُفضِ إلا الى مزيد اهتمام بالقضية.
    • حاول جهاز الامن في 2001 ان يُبقي اجراءا دبّره على 'يديعوت احرونوت' طالبا حظر نشر أجزاء متطابقة بين قضية منبار وقضية رون أراد، أن يُبقيها سرا، وأثار مجرد إتيان رئيس الموساد افرايم هليفي الى المحكمة اللوائية في تل ابيب ومنع نشر الاعداد الصحفية موجة اشاعات وجعل المعلومات التي أراد اخفاءها (وهي موت اثنين من عملاء الموساد في فيينا في 1992) تطفو الى أعلى.
    • وفي آذار 2001 اختفى العميد اسحق يعقوب (ياتسا) من فوق البسيطة. فقد جاء لزيارة اسرائيل وكان يفترض ان يخرج لاستجمام في تركيا لكنه لم يصل الى هناك. فقد اعتقلته الشرطة و'الشباك' في مطار بن غوريون وتم تحويله الى تحقيق شديد السرية مدة شهور طويلة، بسبب مقابلة صحفية أجراها معي تطرق فيها ايضا الى المشروع الذري الاسرائيلي. وقد كان آنذاك 'السجين إكس'. وضجت البلاد بالاشاعات التي كان بعضها آثما متعمدا وقالت ان يعقوب قد اعتقل بشبهة انه جاسوس روسي.
    • وكما هي الحال في قضية بن زغيير وألون وبوروز، كانت محاولة الابقاء على القضية سرا آنذاك محكومة بالفشل. فقد نشرت صحيفة 'نيويورك تايمز' أجزاءا منها بصورة مبرزة وهو ما جذب اليها انتباها كبيرا وحولها من جدل صغير فيما يجوز أو لا يجوز لمسؤولين سابقين نشره، الى نقاش تعدى الحدود والمحيطات في الغموض الذري الاسرائيلي. وما زلنا لم نقل شيئا في قضية عنات كام.
    • ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    • تجنيد الاصوليين غير مناسب اخلاقيا وعمليا
    • بقلم:اوري افنيري،عن هآرتس
    • أقسمت الولاء للجيش الاسرائيلي في يوم تأسيسه، في ظل حرب العام 1948. خدمت في سرية 'ثعالب شمشوم'، أم كل الوحدات الخاصة. كنا 'وحدة مختارة' (على الاقل في نظر أنفسنا). كرهنا المتملصين من الخدمة، وبالاساس الساعين الى الوظائف ممن ارتدوا بزات مكوية ومكثوا في الخلفية.
    • وأستبق الحديث بهذه الملاحظة كي تفهم جملتي التالية على نحو مناسب: أنا ضد المساواة في العبء! أنا اعارض خدمة الاصوليين في الجيش سواء من الناحية العملية أم من الناحية الاخلاقية.
    • من الناحية الاخلاقية: علينا أن نعترف بخصوصية الطائفة الاصولية. فهي تختلف عن كل باقي الفئات في الشعب. وسيكون هناك من يقول: هذا شعب آخر. مثل المواطنين العرب. بل ربما اكثر. لا يوجد ضابط يتوق لتجنيد المواطنين العرب. فكرة تسليح الشبيبة العربية وتدريبها العسكري تثير لدى الجيش الاشمئزاز. فكرة تجنيد الاصوليين لا تقل سخافة، وان كان لاسباب اخرى.
    • لقد عارضت الطائفة الاصولية الصهيونية منذ عهد هرتسل، لاسباب عميقة من الايمان. هذه الطائفة تعيش في اسرائيل في منفى، مغلقة ومنطوية على نفسها. والمطلب القاضي بان ترسل شبابها، مواصلي دربها، الى مجتمع الاغيار الاسرائيليين، قدوة البارات في تل أبيب، بصحبة السائبات، أسوأ من المطالبة بان يأكلوا الخنزير. الحاخامون محقون بزعمهم بانه بعد الخدمة في الجيش سيكون الشباب ضائعين وغير جديرين بالعودة الى الطائفة الاصولية.
    • اما الاقتراح باستبدال الخدمة العسكرية بـ 'خدمة مدنية' فمرفوضة من اساسها. اذا ما تحققت، فستكون النفقات هائلة، وسيقع ضرر بالعاملين العاديين والمنفعة ستكون قليلة. وبالاساس: هذا ليس 'مساواة في العبء'. يجب ببساطة الاعتراف بان هذا جمهور خاص، مختلف من كل النواحي، ويحق له أن يعيش حياته دون أن تتحرش به الدولة. ومن الجهة الاخرى فان الدولة لا ينبغي لها أيضا ان تمولها.
    • أنا ملحد تام. وأتبنى فكرة الفصل التام بين الدين والدولة. وأمكت الاحزاب الدينية. ولا افكر باي دين يدور الحديث. ولكن هذا لا يمنعني من أن اشعر بالعطف تجاه الناس ذوي المعتقدات المختلفة. كما أن احتقر السياسيين الذين يحاولون الاندفاع نحو الحكم على ظهر الكراهية الدينية.
    • ومن الناحية العملية: هذه ستكون مصيبة للجيش الاسرائيلي. تجنيد الاصوليين سيملأ صفوف الجيش بعشرات الاف الجنود الذين سيكرهون الجيش الاسرائيلي وكل ما يرمز اليه. هؤلاء الجنود لن يطيعوا الا اوامر الحاخامين، وسيرفضون اطاعة أوامر قادتهم عندما يقول الحاخامون لهم افعلوا ذلك. الكثيرون سيقضون فترة خدمتهم في السجن رقم 6. اما محاولة فرض الخدمة المتساوية (حقا متساوية) على جموع الاصوليين فستؤدي الى اضطرابات لا يحمد عقباها.
    • لا حاجة الى الجيش الاسرائيلي لهؤلاء الجنود. فأنا أعرف ضباطا ينتظرون تجنيدهم بقلق. واذا ما جندوا، لا سمح الله، فانهم سيغيرون تماما طبيعة الجيش. فكرة إقامة معسكرات خاصة للوحدات الاصولية، وفيها حاخامون ومدارس دينية، هي فكرة شوهاء. واضح أنه لا يمكن لاي مجندة أن تدخل الى مثل هذه المنشأة. مفهوم أن 'المساواة في العبء' ستضخم اكثر فأكثر ميزانية الدفاع المتضخمة على اي حال.
    • يوجد حل بسيط لمشكلة 'المساواة في العبء': وضع حد للخدمة الالزامية القديمة. فأفضل الجيوش في العالم وضعوا حدا لها منذ زمن بعيد، في صالح جيش متطوعين مهني. في عصرنا، المعركة لم تعد صداما بين كتلتين بشريتين مثل معارك ووترلو وبورودينو. الجيش الحديث هو جسم مهني صغير، يستخدم عتادا متطورا، يستوجب اختصاصا وتجربة جمة. وكلما كان الجيش اكبر واكثر انتفاخا، تكون نجاعته أقل.
    • كانت أزمنة فيها الخدمة الالزامية مثالا متطورا. اليسار تبناها كي يمنع الحكام المطلقين من استخدام الجيش ضد الشعب. وعندنا كان التجنيد الالزامي جزءا من المثال الجماعي للصهيونية الاشتراكية. تلك العهود انقضت منذ زمن بعيد. آجلا أم عاجلا سيتعين على اسرائيل أيضا أن تتبنى لنفسها جيشا يقوم على اساس التطوع والمهنية، وخير ساعة مبكرة أكثر.
    • سيكون هناك من سيدهشون من قلقي على الجيش الاسرائيلي. عطفتُ على الجيش الاسرائيلي الى أن جعلوه شرطة احتلال. وأنا واثق من أن الاحتلال سينتهي ودولة اسرائيل ستعيش بسلام وصداقة مع دولة فلسطين التي ستقوم الى جانبها. ولكن في المستقبل ايضا، مثل الدول الاوروبية التي بعد مئات السنين من الحروب تعيش بسلام رائع الواحدة الى جانب الاخرى، فان دولة اسرائيل هي الاخرى بحاجة الى جيش صغير، مدرب، ناجع ومهني.
    • ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    • في الولايات المتحدة يشككون بسياسة التصفيات
    • بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
    • مشوق أن نتابع، في نظرة من اسرائيل، النقاش الجماهيري الجاري في الولايات المتحدة في الاشهر الاخيرة حول آثار الحرب العالمية التي يخوضها الامريكيون ضد الارهاب الاسلامي. فأمريكا تتصدى الان، بتأخير ما، للمسائل التي طرحت قبل بضع سنوات من ذلك حول الصراع الاسرائيلي طويل السنين ضد الارهاب في المناطق وفي لبنان. وبايجاز، هذه مسألة كم بعيدا يمكن للديمقراطية المدافعة عن نفسها ان تسير في الوسائل التي تستخدمها ضد الارهابيين الذين يشخصون نقاط ضعف المجتمع الغربي. بقدر ما فان النقاش الجماهيري في الولايات المتحدة أعمق بكثير منه في اسرائيل.
    • يمكن أن نحدد هذا الصراع زمنيا بالعقد الذي بين الهجوم الارهابي في 11 ايلول 2011 وتصفية اسامة بن لادن او الثماني سنوات والولايتين للرئيس جورج بوش. ولكن، هذا لن يكون تشخيصا دقيقا: فالامريكيون يواصلون اتخاذ خطوات بعيدة الاثر في الصراع حتى في ولاية الرئيس الحالي براك اوباما. فادارة اوباما هي التي بلورت فتوى تسمح للرئيس باقرار تصفيات في خارج البلاد دون محاكمة لمواطنين امريكيين مشبوهين بالارهاب وكان الرئيس نفسه هو الذي خرق وعدا انتخابيا له باغلاق المعتقل موضع الخلاف في غوانتيمانو.
    • في الولايات المتحدة يترددون في هذه المسائل بسبب تطورات جديدة، ولكن ايضا في أعقاب الانشغال بها في الثقافة الشعبية. فالاستماع لرئيس السي.اي.ايه المرشح، جون بيرنان، رفع الى النقاش سياسة تصفية نشطاء الارهاب ولا سيما استخدام الطائرات بدون طيار لهذا الغرض.
    • فيلم سينمائي مرشح للاوسكار 'تأهب مع الفجر' عن تصفية بن لادن، بعث الى الحياة من جديد الخلاف حول استخدام التعذيب عند التحقيق مع الارهابيين في ظروف تفترض ذلك برأي الاستخبارات الامريكية. اما التقارير في الصحف البريطانية والامريكية عن اساليب جديدة طورتها الصناعة الامنية الامريكية لتحليل نشاطات الاحتجاج من خلال متابعة الشبكات الاجتماعية فتثير نقاشا عن حدود تدخل الادارة والخطر على حريات المواطن في العصر الرقمي.
    • ولا تتبلور الحروب في افغانستان وفي العراق والصراع الداخلي ضد الارهاب معا الى صدمة امريكية بقوة صدمة حرب فيتنام. فعدد الخسائر فيها اقل بلا قياس، واحساس الفشل هو الاخر اقل، فما بالك انه يغيب هنا التجنيد الالزامي في الصيغة التي كانت متبعة في عهد فيتنام، ثمن الحروب الاخيرة بعيد عن ان يكون ملموسا في كل بيت امريكي. ولا يزال يجري هناك نقاش يقظ، بل حتى يثير الحسد بقدر ما.
    • كل المسائل التي ينشغل فيها الامريكون تلامس المسائل التي تتصدى لها اسرائيل. فقد جرى تطوير سياسة الاغتيالات وتوسعت من قبل الجيش والمخابرات الاسرائيلية منذ بداية العقد الماضي (النموذج الذي أثر غير قليل على الاستراتيجية الامريكية ايضا). فعلى مدى السنين قتلت اسرائيل هكذا عشرات عديدة من المخربين بلا محاكمة. واسرائيل لا تعقب على ذلك رسميا، ولكن الصحافة الدولية تمتلىء منذ سنين بالتقارير عن استخدام اسرائيلي للطائرات بلا طيار التي تهاجم لغرض التصفيات في المناطق وفي دول بعيدة. ومع أن التعذيب محظور بأمر من المحكمة العليا في 1999، الا انه لا يزال هناك مجال لا بأس به لاستخدام ما يسمى 'وسائل شاذة' في تحقيقات المخابرات، التي مورست غير مرة في عهد الانتفاضة الثانية في محاولة لتصفية 'القنابل المتكتكة'.
    • وكانت الاستخبارات الاسرائيلية بدأت تركز جهودا كبيرة في متابعة الشبكات الاجتماعية للمنظمات الاسلامية ونشطاء اليسار الاجانب، بعد المفاجأة التي تكبدتها من منظمي الاسطول التركي في 2010 (قضية مرمرة). وهذا الاسبوع فقط طرحت ادعاءات ضد الشرطة لانها استخدمت وسائل مشابهة جدا لملاحقة نشطاء الاحتجاج الاجتماعي في اسرائيل.
    • ولكن في كل ما يتعلق بالنقاش الجماهيري للوجه الاكثر تعقيدا للصراع ضد الارهاب، تبدو أن اسرائيل لا تزال بعيدة مسافة طويلة عن الولايات المتحدة. ومسائل مثل شرعية سياسة التصفيات وان كانت رفعت الى محكمة العدل العليا في العقد الماضي، الا انها شطبت عن جدول الاعمال الجماهيري بسرعة شديدة. فالامتناع عن هذا الانشغال لا ينبع فقط من الاثار الاخلاقية بعيدة المدى التي لقسم من الوسائل التي اتخذتها اسرائيل في الصراع العدواني الذي ادارته ضد الارهاب. يخيل أنه من ناحية معظم الاسرائيليين، فان الخمس أو الست سنوات الاولى من العقد الماضي، سنوات الانتفاضة الثانية لا تزال مثابة كابوس يفضل كبته في الزوايا الاكثر خفية من الذاكرة. هذه الحرب وان لم تنتهي بحسم قاطع مشكوك ان يكون الامر ممكنا على الاطلاق في الصراع ضد الارهاب وحرب العصابات، ولكن واضح أن الجيش والمخابرات الاسرائيلية نجحا في قمع هجمة الارهاب الفلسطيني من الضفة الغربية. اكثر راحة نسيان التفاصيل، حين يبدو أن النجاح النسبي دفن الخطر العميق في القبو.
    • مفهوم أيضا ان تواصل الاحداث التي تعتمل منذئذ وفاة ياسر عرفات، فك الارتباط عن قطاع غزة، مرض ارئيل شارون، حرب لبنان الثانية - ساعد كبت التجارب القاسية للانتفاضة. ثمة شيء ما غريب في أن الهجوم الاجرامي للانتفاضة الثانية، والتي جبت حياة اكثر من 1.100 اسرائيلي، معظمهم مدنيون، تبحث هنا في السنوات الاخيرة أقل مما تبحث حرب لبنان الثانية، التي اجمالي خسائرها في الطرف الاسرائيلي لا يصل حتى الى سدس هذا الرقم.
    • لقد ابعدنا الانتفاضة الثانية وكبتناها، ولكن لا يجب الاستخفاف بتأثيرها. يخيل أن هذه الفترة تصمم حتى هذا اليوم بقدر كبير الوعي السياسي للاسرائيليين. فهي التي تقدم مفعولا للاشتباه الكبير الذي يكنه معظم الجمهور في البلاد تجاه نوايا الفلسطينيين وهو الذي رسخ الدعم الواسع نسبيا لبنيامين نتنياهو كسياسي حذر لا يسارع الى مخاطر غير مدروسة في المفاوضات للسلام. ومن الجهة الاخرى لجدار الفصل، لا ريب أن المعاناة الفلسطينية في سنوات الانتفاضة رفعت مستوى الغضب والكراهية تجاه اسرائيل، في نفس الوقت الذي خلقت فيه ما وصفه موشيه بوغي يعلون بانه 'كي الوعي' ذاك الوعي الملموس جدا لثمن الخسارة الذي تنطوي عليه المواجهة، والذي يعمل اليوم ايضا في المناطق كوسيلة تكبح الجماح وتمنع حاليا التدهور الى حرب اخرى من الارهاب.
    • ومع ذلك، فان الشهرين الاخيرين يوفران لاول مرة بوادر نقاش متجدد في فترة الصدمة اياها. المحفز الاول لذلك هو فيلم درور موريه 'حماة الحمى'، الذي هو ايضا مرشح للاوسكار، والذي يصدم ستة من رؤساء المخابرات السابقين مع نتائج 45 سنة من الاحتلال في المناطق. يخيل أن تأثير الفيلم يتجاوز الدوائر العادية لمشاهدي السينماتيك، والانشغال به ينتقل جدا الى ما وراء صفحات المقالات في 'هآرتس'.
    • الجانب المشوق هنا، فضلا عن الندم المتأخر على الخطيئة، هو في زاوية النظر الاوسع التي يتبناها قادة جهاز المخابرات بعد اعتزالهم. ففي ذروة الانتفاضة اتهم رئيس الاركان في حينه، يعلون، رئيس المخابرات، آفي ديختر بانه ينظر الى ما يجري في المناطق من خلال زاوية الاحباط الضيقة. دور المخابرات في المناطق مميز وحصري احباط الارهاب. اما المسيرة السياسية لا تعنيها حقا. وعندما يغادر رؤساء الجهاز مناصبهم، فان الصورة تبدو فجأة اكثر تعقيدا.
    • مؤشرات على الاشتعال
    • هذا الاسبوع انضمت ايضا القناة 10 الى النبش التاريخي، عندما بثت تحقيقا لامنون ليفي عن ملابسات وفاة عرفات والاكثر اهمية القسم الاول من بين قسمين لفيلم رفيف دروكر عن ارئيل شارون والانتفاضة الثانية. هنا ايضا، مثابة الصدى لـ 'حماة الحمى' يظهر ديختر وخليفته، يوفال ديسكن. التسجيلات التي ادرجها دروكر من البرنامج الصباحي في صوت الجيش من عهد الانتفاضة، ولا سيما صور هياكل الباصات المفحمة واصوات الصافرات، تبدو وتسمع كاصداء بعيدة عن تلك الفترة الكابوس. دروكر والنائب حديث العهد عوفر شيلح، آفي يسسخروف وأنا كلنا انشغلنا في هذه الفترة بتوسع بالكتب التي نشرناها قبل بضع سنوات. ولا يزال توجد قيمة خاصة للظهور امام كاميرات رافض المقابلات القديم مثل اوري شني، رجل سر شارون، او الاقوال الصريحة التي يقولها الان ديسكن للاقتباس والنقل. يمكن الافتراض بان في القسم الثاني من الفيلم، الذي سيبث اليوم (الجمعة) سيلمس دروكر الشكل الذي صممت فيه قرارات شارون، اكثر من أي شخص آخر، وجه المعركة اياها: حملة 'السور الواقي'، التي احدثت الانعطافة الجذرية في الوضع، اقامة جدار الفصل وبعدهما فك الارتباط عن قطاع غزة.
    • الجدار، الذي اقامه شارون رغم أنفه، لا يزال يصمم وعينا بالنسبة للمناطق ويسمح لمعظم الاسرائيليين بادارة حياتهم وكأن نابلس وبلاطة توجدان خلف جبال الظلام وليس على مسافة نصف ساعة سفر. ولكن القصة الفلسطينية، مثلما سبق أن كتب هنا غير مرة، بعيدة عن الانتهاء. فالصدام الجذري مع الفلسطينيين، سواء دار في قنوات الدبلوماسية والقانونية في الامم المتحدة والمحكمة الدولية، في المظاهرات الشعبية الواسعة أو في استئناف الارهاب، سيعود أخيرا الى مركز الساحة رغم التركيز الحالي بآلام الطبقة الوسطى. ثمة لهذا بصراحة مؤشرات أولية على الارض: الارض في الضفة لا تشتعل بعد، ولكنها بالتأكيد تبدأ بالحراك.
    • اللواء احتياط غيورا ايلند كتب هذا الاسبوع مقالا واعيا في 'يديعوت احرونوت' شرح فيه لماذا طفيفة هي احتمالات الوصول الى تسوية دائمة مع الفلسطينيين في السنوات القريبة القادمة. ويلاحظ ايلند، وعن حق، بان حتى اليوم لم يتحقق حل دائم، رغم توقعات الادارات المتعاقبة في واشنطن، لان الاسرائيليين والفلسطينيين غير معنيين بذلك بما فيه الكفاية الثمن الذي ينطوي عليه الوصول الى حل، من ناحية الطرفين، أعلى من المنفعة التي سيستمدونها منها برأيهم. ومع ذلك، في المحادثات مع ضباط الجيش الذين يخدمون في المناطق من الصعب عدم ملاحظة التوقع، شبه اليائس من ان القيادة السياسية في اسرائيل ستستأنف النشاط في القناة السياسية بهدم توجيه الطاقة الكامنة هناك باتجاه يمنع الانفجار.
    • الانباء من الميدان تأتي حاليا بالتنقيط، ولكنها غير مشجعة. هذا الاسبوع تعززت الحواجز في المداخل للقدس بسبب انذار عن تسلل مخرب، الظاهرة التي لم ترَ في العاصمة منذ قرابة سنتين. العديد من المستوطنون يعودون لتحصين سياراتهم ضد رشق الحجارة بعد سنوات لم تكن فيها حاجة لذلك. وفي السلطة الفلسطينية يخشون من أن تكون حماس كفيلة باشعال موجة اضطرابات جديدة في الضفة، ضد السلطة واسرائيل، في ضوء الوتيرة البطيئة التي تجري فيها الاتصالات على المصالحة بين رام الله وغزة.
    • ذات مرة، قبل سنوات جيل، كان اختبار اجراه الجيش الاسرائيلي للمرشحين للضابطية كي يقف عند مدى قدرتهم على ملاحظة التفاصيل في صورة مركبة: فقد عرضت على المرشح سلسلة من نحو عشرين صورة، وفي رأسها كان يظهر قط. ورويدا رويدا، من صورة الى اخرى، تطول اظافر القط ويتلوى ذيله، الى أن يصبح في الصورة الاخيرة نمرا. في المناطق أيضا، السؤال المتبقي كيف ومتى سيتحول مرة اخرى القط ليصبح نمرا.
    • ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    • شوارع الغضب في تونس
    • بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس
    • طليعتا الثورة في الشرق الاوسط، تونس ومصر، تتنافسان مرة اخرى فيما بينهما. فمنذ نحو ثلاثة اسابيع تعصف الشوارع في عاصمتيهما، والاف المتظاهرين يدعون الى اسقاط الحكم ومرة اخرى بدت قوات الامن تفرق المتظاهرين بالعنف، تطلق الغاز المسيل للدموع نحو المتجمهرين وتعتقل مئات من المواطنين الغاضبين.
    • الاسباب السياسية معروفة. في مصر هذا هو الدستور الجديد الذي يثير المعارضة، وفي تونس الاغتيال لاحد زعماء المعارضة العلمانية، شكري بلعيد، اثار الانفجار الذي يهدد الاستقرار في الدولة. في الدولتين يسيطر حزبان دينيان، النهضة في تونس والاخوان المسلمون في مصر. وفي كلتيهما تمثل المظاهرات ليس فقط معسكرا سياسيا بل وايضا الاحباط وخيبة الامل العميقين من انعدام الافق الاقتصادي.
    • 'نحو 80 في المائة من طلابي يريدون مغادرة الدولة'، روى محاضر في جامعة في تونس في مقابلة صحفية. 'الحل لمشاكل البطالة في الدولة هو الهجرة الى دول اخرى'، اقترح سياسي تونسي. 'ليس عندي عصا سحرية بواسطتها يمكنني أن احل بها كل مشاكل الدولة'، شرح رئيس الدولة المنصف المرزوقي، الذي طرد في كانون الاول بالحجارة من مدينة سيدي بوزيد، حين جاء لزيارة عائلة محمد بوعزيزي، الشاب الذي أحرقه نفسه فاشعل الثورة في الدولة في 2010.
    • وحسب المعطيات الرسمية، فان معدل البطالة في تونس هو 18 في المائة، ولكن في أوساط الشباب المتعلمين يصل الى نحو 5 في المائة وفي المناطق القروية الفقيرة يرتفع الى معدل شاهق يصل الى نحو 80 في المائة. نحو 100 الف خريج جامعي سيخرجون الى سوق العمل في العام 2015، ومشكوك أن يكون حتى لثلثهم مكان عمل مناسب. النمو في الاقتصاد بلغ في السنة الماضية 2.7 في المائة ليس فيها ما يرضي سوق العمل المتصاعد في ضوء حقيقة أن السياحة، التي هي الصناعة الثانية في أهميتها في الدولة، لم تنتعش بعد منذ بدأت الثورة.
    • 'التقدير هو أن تونس ستحتاج الى ما لا يقل عن خمس سنوات كي تعود الى وضعها الاقتصادي قبل الثورة، وذلك شريطة أن تتمكن من الحفاظ على استقرار سياسي يريح المستثمرين الاجانب. ويبدو هذا الشرط في الاسابيع الاخيرة كالحلم. فرئيس الوزراء حمدي الجبالي اقترح الاسبوع الماضي حل الحكومة واقامة حكومة تكنوقراط بدلا منها للتغلب على الخلافات السياسية، ولكن يعارض ذلك حزب النهضة والحركات الراديكالية الدينية التي لا تريد أن تتنازل عن القوة السياسية التي منحتها لها الانتخابات.
    • ومع أن مؤتمر الدول الثمانية الكبرى في ايار 2011 انتج تعهدا هاما بمساعدة دول الربيع العربي بمبلغ نحو 30 مليار دولار، ولكن قسما صغيرا فقط من هذه الوعود تحققت. الولايات المتحدة منحت تونس في السنتين الماضيتين 300 مليون دولار. الاتحاد الاوروبي تبرع بـ 400 مليون وقطر اشترت سندات دين حكومية بمبلغ نصف مليار دولار. تونس، التي تلقت ايضا قرضا بمبلغ 500 مليون دولار من البنك الدولي وتطلب قرضا بمبلغ 1.7 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، تحتاج الى مبالغ أكبر بكثير كي يستقر اقتصادها.
    • خلف هذه الارقام الكبرى يوجد مواطنون لا يرون أي فرق بين الحكم السابق لزين العابدين بن علي وبين النظام الجديد. في الصحف التونسية، التي حظيت بوجبة دسمة من حرية التعبير منذ الثورة، يمكن أن نقرأ اخيرا قصصا تقشعر لها الابدان عن مواطنين آمنوا بان الحكم الجديد سيساعدهم. 'في كل مرة اتوجه فيها الى وزارة حكومية كي احث مشروع أريد أن اقيمه، أجد أن الموظفين مضربون'، روى مواطن تونسي لصحيفة 'الشعب'. نماذج الطلب لاقامة المشاريع تضيع، والموظفون فظون، أما الوعود بالقروض فبقيت على الورق.
    • العناوين الرئيسة في الصحف عنيت هذا الاسبوع بالاضرابات المتوقعة في فرع السفن، في التلفزيون الحكومي وفي عدة مشاريع نسيج بسبب عدم الايفاء بالوعود لتحسين شروط العمل والاجور. كما أن لافراد الشرطة ورجال الحرس المدني شكاوى قاسية على الحكومة. ففي الاسبوع الماضي قام نحو 3 الاف شرطي بمظاهرة احتجاج امام ديوان رئيس الوزراء طالبوا فيها بعلاوة الاجور التي وعدوا بها قبل سنة وبتحسين العتاد الذي يتيح لهم أداء مهامهم. ومع تضخم مالي وصل الشهر الماضي الى معدل قياسي 6 في المائة يبدو أن طلب علاوة الاجور معقولا، ولكن عندما يكون العجز في الميزان التجاري يصل الى نحو 8 مليار دولار وعندما تهبط جباية الضرائب لا يكون واضحا من اين ستأتي الحكومة بالمال كي تلبي مطالب موظفيها وشرطييها.
    • يمكن للتهديد الاقتصادي أن تكون له آثار خطيرة ليس فقط في تونس. فبصفتها الدولة الاولى التي نجحت في اسقاط حكم الطغيان، فانها ايضا تشكل نموذجا لقدرة النظام الذي نشأ في حضن الثورة على ادارة الدولة بشكل أنجح. كما ان هذا هو الاختبار الهام للحزب الديني الذي قدم بديلا للحكم العلماني للرئيس السابق. ومع أنه لا مجال للمقارنة بين مكانة الاخوان المسلمين في مصر ومكانة حزب السلطة في تونس، ولكن الفشل في تونس قد يبث اشعاعه على مصر ايضا، والتي فيها ايضا بدأت تعتمل احتجاجات الفقراء.
    • ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء اسرائيلي 268 17/2/2013
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-17, 02:06 PM
  2. اقلام واراء اسرائيلي 266 17/2/2013
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-17, 02:04 PM
  3. اقلام واراء اسرائي 265 17/1/2013
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-17, 02:03 PM
  4. اقلام واراء اسرائيلي 252
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-03, 10:55 AM
  5. اقلام واراء اسرائيلي 235
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 11:23 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •