[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]
[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif[/IMG]
- في هذا الملــــف:
- جولة كيري . . تقليد أمريكي ثابت
- بقلم: محمود الريماوي عن الخليج الاماراتية
- رأي القدس: كيري في المنطقة للسلام أم للحرب؟
- بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
- السجون الاسرائيلية مقبرة لابطالنا!
- بقلم: صالح الدباني عن القدس العربي
- الشهيد البطل ميسرة أبو حمدية
- بقلم: عطاء الله مهجراني عن الشرق الأوسط
- القدس المنسية في الأجندة العربية !
- بقلم: مرسي عطااللّه عن الوطن القطرية
- الخلط بين الإسلام السياسي والمسلمين والإسلاميين!
- بقلم: عرفان نظام الدين عن الحياة اللندنية
- شيطنة «حماس» لمصلحة من؟
- بقلم: عبد الله المجالي عن السبيل الأردنية
- إسرائيل تربح «الربيع العربي»؟
- بقلم: أسرة التحرير عن السفير البيروتية
- أميركا.. وإسرائيل وما بينهما.. ودورهم في استمرار الأزمة السورية!!
- بقلم: هيثم يحيى محمد عن الوطن السورية
- السياسة.. فيما هو «سياسى»
- بقلم: أيمن الصياد عن الشروق المصرية
- المتأسلمون والإعلام
- بقلم: محمد ناهض القويز عن الرياض السعودية
جولة كيري . . تقليد أمريكي ثابت
بقلم: محمود الريماوي عن الخليج الاماراتية
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يعتزم زيارة أنقرة و”تل أبيب” ورام الله خلال هذا الأسبوع . وبينما تحدثت صحف أمريكية عن أن زيارة كيري كانت مخصصة لآسيا، وأن “المنطقة” قد أضيفت إلى برنامج الزيارة، إلا أن وقوع موعدها بعد أسابيع قليلة على زيارة باراك أوباما، تسمح بالاستخلاص أن جولة كيري هي ثمرة لزيارة الرئيس .
والزيارة إذا تمت حسبما هو معلن عنها، هي مستغربة حقاً، فهناك توتر هائل غير مسبوق بين الكوريتين، والتهديدات النووية المحظورة حكماً حتى على نادي الكبار النوويين . . هذه التهديدات ارتفعت في بيونغ يانغ ضد سيؤول، دون توفير الولايات المتحدة نفسها منها، فهل تملك واشنطن “الترف” كي تنشغل بقضية غير ملتهبة كقضية “الشرق الأوسط”؟
مع ذلك فقد نسب إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قوله إن الفرصة المتاحة أمام كيري هي شهران لأداء مهمته، والمفارقة في الأمر أنه بينما تتمسك السلطة برفض استئناف التفاوض، فإن مسألة التفاوض لا تشغل حكومة نتنياهو المعنية بالاستيطان، وليس هناك ما ينبئ أن المسألة تحظى بأولوية تذكر لدى واشنطن في هذه المرحلة . فإلى جانب التوتر الناشئ في شبه الجزيرة الكورية، هناك الأزمة السورية التي مازالت على صفيح ساخن، والحلول السياسية لها لا تعدو أن تكون سراباً، وهذه بالمقاييس الأمريكية أدعى إلى الاهتمام، وستكون مثار اهتمام فائق في محطتي الوزير في أنقرة و”تل أبيب” . فعلام إذاً، هذه الجولة التي ستكون رام الله محطة رئيسة لها؟
خبرة العقود السابقة من تاريخ الصراع تفيد أن واشنطن قد دأبت على إرسال وزراء خارجيتها إلى المنطقة، في مفتتح ولاية كل رئيس ديمقراطياً كان أم جمهورياً . وأن هذه الجولات باتت من التقاليد المرعية للخارجية الأمريكية، كما يدل على ذلك أرشيف هذه المهمات المتعاقبة لسائر رؤساء الدبلوماسية . وأن هذه الجولات ضرورية في تقدير المؤسسة الأمريكية من أجل إسباغ معنى إيجابي على العلاقات مع العالم العربي أولاً، وفي سبيل قطع الطريق على أي جهد أو اهتمام دولي بحيث تنفرد واشنطن من دون غيرها من عواصم العالم بأداء هذا الدور ثانياً، ولنا أن نلاحظ كيف أن الرباعية الدولية تغيب وتحضر، تنام وتستيقظ حسبما يُراد لها من واشنطن، بصرف النظر عن رأي بقية الأعضاء: روسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة .
جولة الوزير الجديد كيري في الولاية الجديدة لأوباما لا تخرج عن هذا السياق، بل على العكس تتقيد به . فهي تأتي بلا وعود، بلا مقدمات، بغير موجبات واقعية على الأرض، ومن دون توقعات تذكر، ومع ذلك فإن خطة القيام بها سائرة على قدم وساق، إلا إذا اشتد التوتر الكوري ولامَس خطوطاً حُمراً وفرض برنامجاً طارئاً على جدول أعمال الوزير . وسيكون الجديد فيها هو شخصية الوزير نفسه كوجه جديد على الدبلوماسية الأمريكية، بعدما “نشطت” على هذا الصعيد من قبل هيلاري كلينتون وغوندوليزا رايس . وستكون هذه فرصة لإعلان التزام إدارة بلاده بتحقيق حل الدولتين، ودعم حكومة سلام فياض في متاعبها المالية، ودفع “تل أبيب” إلى تقديم مزيد من اللفتات بالإفراج عن أسير مريض أو أسيرة أو الاثنين مثلاً، والتذكير بأهمية التفاوض الثنائي والدعم الأمريكي الدائم للمفاوضات كأفضل وسيلة لحل الخلافات، والدعوة إلى نبذ المتطرفين (على الجانب الفلسطيني، فلا وجود لمتطرفين على الجانب الآخر!) وربما يحمل الرجل دعوة للرئيس عباس إلى واشنطن، يتم الاتفاق لاحقاً على موعدها وبرنامجها . . .
بهذا تُجدد واشنطن التزاماتها الثابتة، وهي بالفعل التزامات ثابتة ب”عملية سلام” شبه أبدية عابرة للرؤساء المتعاقبين واللاحقين، ومن أبرز محدداتها أن تنال رضى مسبقاً من الحكومات المتعاقبة في “تل أبيب”، فإذا طرأت خلافات بين الجانبين تتجمد العملية (لكن الاتصالات تتواصل) إلى أن تتبنى واشنطن وجهات نظر “تل أبيب” بتفاصيلها، وهذا بالضبط ما حدث قبل نحو أربع سنوات حين نشبت خلافات بين الطرفين على الاستيطان، وقد صمدت “تل أبيب” وتراجعت واشنطن، أما الجانب الفلسطيني فمتمسك بتجميد الاستيطان أي إبقائه عند النقطة التي بلغها . ومع تراجع واشنطن وتمسك نتنياهو وعباس بموقفيهما، فإن الأمريكيين يطرحون الحل الشافي: ما دام الخلاف قائماً . . إذاً، عليكم أن تبحثوه باستئناف المفاوضات بينكما . يرحب نتنياهو ويواصل الاستيطان، ويتعهد علناً وعلى الأرض باستمراره، فيظهر الجانب الفلسطيني في النتيجة متعنتاً لأنه يوقف عجلة المفاوضات .
على هذا النحو العبثي تدور عملية السلام الأمريكية، ويُجرب كيري حظه ببيع بضاعة قديمة مستعملة على أنها بضاعة جديدة، وبمحاولة نسج علاقات شخصية مع زعماء الجانبين، والتشديد على استمرار التواصل . وإذا كنا نراها عبثية، إذ تضع الحقوق العربية في مهب الريح بل في فم المحتل، فلا شك في أنها ليست عبثية لدى الطرف الآخر، بل هي مثمرة حقاً، فمن المهم تحت غطاء “عملية السلام” شراء المزيد من الوقت، والاستيلاء على المزيد من الأرض، وفرض المزيد من الوقائع، ومنح المحتل فرصة فعل ما يريد بغير رقيب أو حسيب . أما الجانب الفلسطيني فخياره الوحيد أن يساق إلى مفاوضات ثنائية بلا نهاية وليس مهماً أن تنجح هذه المفاوضات هذه السنة أو السنة المقبلة أو بعد عشر سنوات، بل المهم أن تستمر من أجل تكريس هذا النهج، وحل بعض المشكلات اليومية، والتقريب بين “الشعبين” . . إلخ .
رأي القدس: كيري في المنطقة للسلام أم للحرب؟
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
جون كيري وزير الخارجية الامريكي التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله لبحث فرص استئناف المفاوضات مع اسرائيل، ومن المقرر ان يلتقي اليوم، وفي الاطار نفسه، بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي.
الرئيس عباس، ومثلما جاء في التصريحات العلنية لمستشاريه، طالب الوزير الامريكي بضرورة وقف البناء الاستيطاني، والتزام اسرائيل بحدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 كحدود للدولة الفلسطينية المستقبلية، وتقديم خرائط موثقة في هذا المضمار.
وزير الخارجية الامريكي يرفض تقديم اي تعهدات بوقف الاستيطان، تجنبا لاغضاب نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، ويعرض في المقابل ما يسميه باجراءات لاستعادة الثقة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، من بينها تخفيف بعض الاجراءات الامنية الاسرائيلية المهينة على الحواجز، وبسط ولاية السلطة على بعض المناطق الواقعة تحت الاحتلال.
بمعنى آخر يريد المستر كيري، ان يعود الرئيس عباس الى طاولة المفاوضات مقابل 'رشاوى' اسرائيلية شكلية وبسيطة، على ان يتم التعاطي مع مطالبه بتجميد الاستيطان واعتراف اسرائيل بحدود الدولة الفلسطينية على طاولة المفاوضات.
علمتنا التجارب السابقة التي جاءت حصيلة عشرين عاما من المفاوضات، اي منذ توقيع اتفاقات اوسلو في ايلول (سبتمبر) عام 1993، ان الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة تريد مفاوضات من اجل المفاوضات، وللقول للرأي العام العالمي بانها دولة مسالمة تريد اعطاء الفلسطينيين دولة لهم، ولكن المشكلة تكمن في تشدد سلطتهم ورئيسها.
مثلما علمتنا التجارب نفسها ان الرئيس عباس والمجموعة المحيطة به، لديه ضعف تجاه المفاوضات، ويشعر بالحنين اليها كلما طال زمن توقفها، وغالبا ما يطرح شروطا تبدو مقنعة لانصاره، وتظهر صلابته، ليعود ويتراجع عنها، ويصدر الاوامر لمستشاريه لتبرير هذا التراجع.
لا نفهم هذه الهجمة من قبل الادارة الامريكية لاحياء مفاوضات السلام وفي مثل هذا التوقيت بالذات، والدور التركي المنتظر فيها بعد تحقيق المصالحة بين السيد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء ونظيره الاسرائيلي نتنياهو، بعد اعتذار الثاني، بوساطة الرئيس باراك اوباما، عن مجزرة سفن الحرية التي ارتكبتها وحدة كوماندوز بحرية اسرائيلية في عرض البحر.
ثم كيف ستكون الادارة الامريكية الحالية وسيطا مقبولا وهي التي طالب رئيسها اثناء زيارته لتل ابيب قبل بضعة اسابيع بضرورة اعتراف العرب باسرائيل دولة يهودية، والتطبيع معها دون شروط؟
نخشى ان تكون هذه الصحوة الامريكية المفاجئة تجاه احياء عملية السلام هي غطاء لحرب جديدة اسرائيلية او امريكية في المنطقة ضد ايران او سورية او الاثنتين معا، تماما مثلما استخدم بوش الابن الغطاء نفسه قبيل غزو قواته للعراق واحتلاله.
السجون الاسرائيلية مقبرة لابطالنا!
بقلم: صالح الدباني عن القدس العربي
تعتبر السجون الاسرائيلية مقبرة للابطال، فهناك يتم زجهم في مهاجع تحت الارض، البعض منهم لا يعود يرى الشمس لشهور، اضافةً إلى التعذيب الممنهج باساليبٍ لا يتصورها العقل ولا يتحملها البشر. وهذا الاسلوب المتبع من قــبل سجّاني الاحتلال هو بمثابة الحكم عليهم بالموت البطيء احياء في سجل السجناء، لكنهم اموات من ناحية الاخلاقيات والادبيات الانسانية، ولا نقول القانونية لسخرية النظام العبري من كل الاعراف والقوانين الدولية ومروقه من اي مساءلة عن اي جريمةٌ تُرتكب من قبل جيشه وسجانيه تحت ذرائع واهية وحجج بالية متكررة تحت ما يسمى الارهاب او العداء للسامية.
كيف لهم وهم يقولون انهم أُستعبدوا وذاقوا الامرين من جراء الاستعباد والعبودية والذل والاهانة في عدة مراحل وفي اماكن شتى، الا يُعتبر حكام بني صهيون اليوم من ماضيهم، فهم الذين يدّعون ان اسلافهم قد ذاقوا من العذاب والتهجير والحرق والتنكيل الكثير، فلماذا يقوم هؤلاء بسقي الفلسطينيين من الكأس الذي شرب منها سلفهم؟ وهل المجتمع الدولي وخصوصاً الاوروبي الذي يشعر بذنبٍ تجاه ما اقترفه اجدادهم تجاه اليهود يرتكب نفس خطأ اجداده بمنحه اليوم النظام العبري غطاء التستر على كل جرائمه ضد شعب اعزل ليس له من اخطاء التاريخ شيء ولم يقم بمجازرٍ ضد اليهود بل ضمهم اليه وآواهم واسكنهم وتقاسم معهم لقمة العيش، حينما كان الصليبيون في اوروبا يطاردونهم في كل ركنٍ وزاوية!
لكن السؤال يظل قائماً على مستجدات العصر وما يحدث اليوم على صعيد الواقع وعلى قول المثل الشعبي - حكيت بكل لظفار ماحك لي غير ظفري- اين السلطة الفلسطينية من كل ما يحدث؟ اين مرتبة مستوى التنفيذ الفلسطيني في الامم المتحدة الذي رفع الى مستوى مراقب، اين الحقوق التي ممكن ان تمارسها السلطة الفلسطيمية والطرق التي يجب ان تسلكها؟ أليس هذا حقٌ للشعب الفلسطيني وليس حصراً على السلطة؟! لماذ الاستحياء في عمل الواجب؟ لن يغفر الشعب الفلسطيني الخذلان في حقه فهو يُجلد بسوط الاحتلا وبيد السلطة ان تعمل شيئا للتقليل من الانتهاكات قدر الامكان وليس النحيب والعويل بعد وقوع الفأس في الرأس، ربما يكون قد صدق المتحدث باسم حكومة نتنياهو عندما قال رداً على السلطة الفلسطينية في تعليقها على استشهاد السيد ميسرة ابو حمدية ان السجناء الفلسطينيين في سجونهم يُعاملون اكثر رأفةً ولطفاً مما يُعاملون في سجون سلطة رام الله!
السؤال المحيّر للاذهان هو لماذا تسجن سلطة شعبها وهي وشعبها ما زالا تحت الاحتلال، والجواب هو اما ان تكون تلك السلطة شرطياً بيد الاحتلال للقيام بما يريده وتعمل تحت امرته للقيام بسجن من سوّلت له نفسه لمقاومة الاحتلال، والشق الثانية زج من خالفها في قواعد العبة في غياهب السجون لاسبابٍ سياسيةٍ او فصائلية، وبهذا فهي تقوم بتخفيف العبء من على كاهل المحتل كحليف معه وليس مناضلاً ضده من اجل استرداد الارض ونيل الاستقلال!
لماذا يسجن الشرفاء من الشعب الفلسطيني من كلا الجانبين؟ كم سجينُ اسرائيلي في سجون سلطة رام الله اذا كان لها كامل السيادة لفرض الامن، كما تدعي على الاراضي الخاضعة لها، فهناك من المستوطنين اليهود الالاف ممن يرتكبون الجرائم اليومية ضد الشعب الفلسطيني، وكل ذلك موثقٌ بالصور والفيدو ام ان المستوطن اعلى من ان يسأله رجال امن السلطة، كفى مهزلة فان من لا يحترم نفسه لا يحترمه الاخرون، ومن امل في عشاء جاره نام جائعاً!
الشهيد البطل ميسرة أبو حمدية
بقلم: عطاء الله مهجراني عن الشرق الأوسط
ياروم كانويك كاتب وصحافي متميز في إسرائيل، وكثيرا ما أتابع مقالاته ورواياته. وقدم كانويك التماسا في مايو (أيار) 2011 إلى وزارة الداخلية الإسرائيلية لتغيير ديانته من اليهودية إلى «بلا ديانة»، وهو المصطلح الذي تمت صياغته في الأدبيات السياسية الراهنة نظرا لأن بعض الإسرائيليين يعتزمون القيام بنفس الشيء. وقد قرأت مقالته التي جاءت بعنوان «فوضى غياب القانون في إسرائيل» في صحيفة «يديعوت أحرنوت» في الرابع من مارس (آذار) الماضي، ويركز المقال على أسس الثقافة الحالية في إسرائيل وكيفية المواجهة بين الجيل الجديد والجيل القديم.
وتقول المقالة: «الدولة التي تسمح بضرب الأطفال العرب لن تغير شيئا، عندما عدت مصابا من إحدى المؤسسات الحكومية، هنأني والدي موشيه؛ وقال: (اليهود والدولة لا يجتمعان)». وفي الواقع، كان محقا فيما قال، فإذا لم يكن هناك نوع من الشفقة والإحساس بالمشاعر فلن يكون هناك دولة، وهذه هي الفوضى التي ترى إسرائيل أنها صائبة.
وانتقد ياروم السلوك الاجتماعي بين اليهود داخل المجتمع الإسرائيلي. وأود أن أركز على وفاة ميسرة أبو حمدية من وجهة نظر أخرى. عندما نتحدث عن الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان في بلد ما، يتعين علينا أن نركز على حالة السجون والسجناء، وكذلك حقوق الأقليات. ولم يكن ميسرة أبو حمدية السجين الفلسطيني الوحيد الذي لقي حتفه داخل السجون الإسرائيلية، فكما تذكرون فقد مات أيضا عرفات جرادات في السجن، ولدينا قائمة طويلة بأسماء الأسرى الذين وافتهم المنية، أو بعبارة أخرى، تعرضوا للتعذيب حتى الموت. وقد قتل أكثر من 207 سجناء فلسطينيين حتى الآن.
ودائما ما تحاول الحكومة الإسرائيلية تبرير حالات الوفاة بين السجناء عبر زعمها بأنهم قد لقوا حتفهم لأنهم كانوا يعانون من أمراض مختلفة، فقد قيل على سبيل المثال، إن ميسرة أبو حمدية (64 عاما) كان يعاني من مرض السرطان.
والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا نواجه هذا السلوك؟ لماذا يموت 207 سجناء فلسطينيين في غيابات السجون أو من هم رهن الاعتقال الإداري الإسرائيلي، والعالم بأسره يلتزم الصمت؟ لماذا يتم طمس العدالة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل؟ أين الأمم المتحدة؟ أين كل أولئك المفكرين والكتاب والصحافيين والمنظمات غير الحكومية، التي تدافع عن حقوق الإنسان في العالم؟ لماذا يتم تجاهل الفلسطينيين وحدهم؟
لدي إجابتان على هذه الأسئلة: أولا، ومع الأسف، خلقت الحكومة السورية، وأحيانا معارضيها، حالة غريبة في المنطقة، فلم يعد هناك أي قيمة للروح الآدمية، حيث يقتل كثير من المدنيين يوميا، وتستخدم الحكومة السورية صواريخ «سكود» ضد شعبها. وبالنظر إلى كل هذا، حتما ستبدو وفاة مواطن فلسطيني داخل أحد السجون الإسرائيلية أمرا طبيعيا، ولا سيما وأن ما تفعله الحكومة الإسرائيلية مع فلسطينيين وليس مع أبناء شعبها، ولنا أن نستحضر ما قاله القرآن الكريم:
«واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة» (الأنفال الآية 25)
من منا يعرف عدد القتلى الفلسطينيين خلال الاضطرابات الحالية في سوريا؟ ما أريد أن أقوله هو أن بشار يحذو حذو والده، في قتل الفلسطينيين للمرة الثانية. كيف يمكننا أن ننسى مذبحة تل الزعتر عام 1976، وقصف مخيم اليرموك من قبل القوات الجوية السورية مؤخرا؟
ثانيا، تعتبر إسرائيل دولة استثنائية، نظرا لأن الولايات المتحدة دائما ما تستخدم حق النقض (الفيتو) لمصلحتها، علاوة على تبرير كل الآراء والمثل والأفعال الإسرائيلية. وبالتالي لا مجال أمام الفلسطينيين لتنظيم مظاهرات في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقد أصيب عشرات الفلسطينيين خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي عند مدخل بلدة بيت أمر. وأشار يوسف أبو ماريا، المتحدث باسم اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في بيت أمر، إلى أن الجيش أطلق عشرات من قنابل الغاز والرصاصات المعدنية المغطاة بالمطاط وأغلقوا الطرق الرئيسية المؤدية إلى المدينة.
وذكرت مصادر طبية فلسطينية، في الجزء الجنوبي من الضفة الغربية المحتلة، أن 40 فلسطينيا على الأقل قد أصيبوا خلال اشتباكات وقعت مع الضباط الإسرائيليين الذين هاجموا الفلسطينيين المتظاهرين احتجاجا على وفاة الأسير ميسرة أبو حمدية.
ونقلت شبكة فلسطين الإخبارية، أن الاشتباكات وقعت في منطقة باب الزاوية في حبرون، وأن الضباط أطلقوا عشرات من قنابل الغاز وقنابل ترويع ورصاصات معدنية مغطاة بالمطاط مما أدى لإصابة 40 فلسطينيا على ذلك. علاوة على ذلك، ففي الخليل، كان هناك تظاهرة ضخمة في جنازة ميسرة أبو حمدية. وكما نقلت وكالة أنباء «وفا»: فإن شابين من بلدة الخضر جنوب بيت لحم، أصيبا مساء اليوم الخميس، برصاص الاحتلال خلال مواجهات مع المواطنين في منطقة «أم ركبة» جنوب البلدة.
وأفاد مدير الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر ببيت لحم عبد الحليم جعافرة لـ«وفا»، أن شابين أصيبا بالرصاص المعدني أحدهما في الصدر والآخر في قدمه، وقدمت لهما الإسعافات الأولية، قبل أن يتم نقلهما إلى مستشفى بيت جالا الحكومي.
فضلا عن ذلك، فقد قتل مراهقان فلسطينيان، هما ناجي بلبيسي وعامر نصار، في يوم الثلاثاء 2 مارس (آذار) في عنينا على يد ضباط إسرائيليين. وأعتقد أن الفلسطينيين بإمكانهم في بعض الأحيان التفكير بشأن الخبرة التي اكتسبوها من قضية الضابط الإسرائيلي، جلعاد شاليط. في يوم 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، تم إطلاق سراح 477 من الأسرى الفلسطينيين البالغ عددهم 1027 أسيرا كجزء من عملية تبادل للأسرى. يوضح هذا المثال أن هذه هي اللغة الوحيدة التي تفهمها السلطات الإسرائيلية.
القدس المنسية في الأجندة العربية !
بقلم: مرسي عطااللّه عن الوطن القطرية
ما الذي يجري في القدس؟... وهل يمكن أن تضيع الحقيقة وسط سحابات الدخان الكثيفة من الأكاذيب والمغالطات الإسرائيلية التي ترتدي أحيانا ثوب الأبعاد الدينية والتاريخية التي تفتقر الى الدقة وترتدي في أحيان أخرى ثوب الضرورات الانسانية لتلبية ما يسمى بالنمو الطبيعي للمستوطنات غير الشرعية.
ما يجري في القدس لم يعد يحتمل السكوت فالمسألة ليست مجرد سلسلة مستفزة من الحفريات تنتهك بها إسرائيل حرمة المسجد الأقصي لتهدد أساساته وتمهد لتغييرات ديمغرافية بعد ازالة تلة بوابة المغاربة.. وانما القضية هي قضية القدس الأسيرة كلها!
ان قضية القدس تواجه في مرحلة الانشغال العربي برياح ثورات الربيع تحديات بالغة الخطورة تستهدف ايجاد أمر واقع جديد يستند الى رجحان كفة ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، من أجل تهويد المدينة تهويدا شاملا وبشكل متسارع ومتصاعد جغرافيا.. وديموجرافيا وسياسيا.. وتشريعيا وعمرانيا !
والحقيقة ان كل من يتابع أوضاع القدس باهتمام يتأكد لديه كيف أن إسرائيل لم تترك وسيلة أو غاية لكي تنجز بأسرع ما يمكن هدف التغيير الديموجرافي عن طريق مصادرة الأراضي، وهدم المنازل العربية، واقامة المستوطنات اليهودية، ووقف اعطاء أي تراخيص بالبناء للسكان العرب، وممارسة شتى أنواع الضغوط لاجبار السكان العرب على الهجرة، والرحيل، وفي مقدمتها الضغوط المادية، والنفسية بالحصار، وزيادة الضرائب، واغلاق المؤسسات، وسحب الهويات.
و لا شك في أن عدم تمكن إسرائيل من حسم صراع القدس لمصلحتها على أرض الواقع حتي الآن بشكل كامل ونهائي - كما تخطط وتتمني - يرجع في المقام الأول لصمود سكان القدس واصرارهم على مواصلة التصدي بكل قواهم لكل أنواع الضغوط التي تمارس ضدهم برغم واقع السيطرة الفعلية لإسرائيل على القدس عسكريا، وسياسيا، واداريا، وتشريعيا منذ عام 1967 وحتي اليوم رغم تصاعد وتيرة الترهيب ضد سكان القدس في الآونة الأخيرة، حيث زادت عمليات المصادرة، واقامة المستوطنات وهدم المنازل، وسحب الهويات، واستعمال العنف غير المشروع مع العرب!
ومن المؤكد أن سياسة الاغلاق واحكام الطوق الأمني حول القدس تستهدف أساسا ابقاء وتكريس السيادة الإسرائيلية غير المشروعة على المدينة المقدسة، ومحاولة ترسيخ حقائق جغرافية وديمغرافية جديدة عن طريق بناء طوق من المستوطنات حول القدس، بحيث يكون من الصعوبة بمكان تغييرها في اطار أي حل يتفق عليه مستقبلا.. فضلا عن الهدف الأكثر خبثا وشراسة وهو فصل مدينة القدس جغرافيا وسكانيا عن بقية الأراضي الفلسطينية وقطع أواصر العلاقات السياسية والدينية والاقتصادية والثقافية بين القدس، والدولة الفلسطينية المرتقبة!
والحقيقة ان ما يجري الآن في القدس ليس سوى حلقة في سلسلة طويلة ضمن مخطط قديم قدم الحركة الصهيونية نفسها لأن من يراجع مسيرة المخطط الإسرائيلي لاستلاب القدس يجد أن كل شيء قد سار على الطريق التدريجي الذي حددته الحركة الصهيونية منذ نشأتها.. ففي حرب 1948 استطاعت إسرائيل أن تحتل القسم الغربي للمدينة وتضعه بالكامل تحت سيطرتها ليصبح جزءا أساسيا من الدولة اليهودية برغم أنف قرارات المجتمع الدولي التي نصت على تدويل القدس بكامل شطريها.. وفي حرب عام 1967 تقدمت إسرائيل خطوة أخرى على طريق هدفها، وذلك عندما نجحت في احتلال القسم الشرقي العربي الذي كان خاضعا للسيادة الأردنية منذ عام 1948 لتتهيأ لها الفرصة لبدء العمل على وضع شعار القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل موضع التنفيذ.
وقد جاءت السنوات العشر الأخيرة التي تجمدت فيها عملية السلام تماما بمثابة أخطر وأهم مرحلة في تنفيذ مخطط التهويد والابتلاع الكامل للقدس، حيث بدا الأمر وكأن إسرائيل في حالة سباق مع الزمن !
أريد أن أقول بوضوح: ان ما أقدمت عليه إسرائيل في السنوات الأخيرة من اجراءات تهويدية بدءا بعمليات التوسع الاستيطاني ووصولا الى هدم المباني العربية من أجل تفريغ القدس من هويتها العربية بشريا وعمرانيا وتراثيا لا يمكن أن نجد وصفا دقيقا لهذه الاجراءات سوى أنها عمليات تطهير عرقي قذرة تفوق كل ما عرف على طول التاريخ من سياسات عنصرية ووحشية !
وليست المصادرة والهدم والاستيطان واجراءات الترحيل القسري هي كل أدوات إسرائيل لتفريغ القدس من هويتها العربية، ولكن هناك بندا بالغ الأهمية والخطورة في اطار هذه الاجراءات الإسرائيلية الخبيثة وهو بند الضرائب.. حيث ان المواطن العربي في القدس مطالب بسداد أكثر من عشرة أنواع من الضرائب، حيث يتم تحصيلها بالقوة والاكراه وبتباين شديد عن المستوطن اليهودي، حيث يتعرض المواطن العربي للاجحاف والظلم ومخالفة جميع القوانين الدولية التي تمنع جباية كل هذه الضرائب من الرازحين تحت سلطة الاحتلال.
والأغرب والأبشع أن إسرائيل لا تدوس فقط على القوانين والمبادئ الدولية التي تحرم عليها جباية الضرائب من السكان العرب باعتبارها سلطة احتلال، وانما تأخذ من السكان العرب ضرائب بلدية متساوية مع ما تأخذه من السكان اليهود برغم تفاوت الدخول ولا توفر للأحياء العربية أي خدمات من تلك التي تتمتع بها الأحياء اليهودية في المدينة.
وهنا ينبغي أن تصل رسالة واضحة للمجتمع الدولي مفادها أن الإسرائيليين الذين يكررون الزعم بأنهم راغبون في التوصل الى تسوية، لكنهم باسم هواجس الأمن وتحت نزعات التوسع يجاهرون بحقهم في رفض أهم الركائز التي يمكن أن يقوم عليها أي سلام حقيقي بدءا من القدس واللاجئين ووصولا الى المستوطنات وخطوط 4 يونيو 1967.. واذن فإن المسألة ليست مسألة تعديلات طفيفة، وانما المطلوب تنازلات جوهرية.
واذا كان من الجائز لدي بعض القوي الدولية فهم بعض دوافع التخويف والحذر التي تعشش في بعض العقول الإسرائيلية نتيجة ترسب الشكوك على مدى سنوات طويلة من ناحية والخضوع للمعتقدات والأساطير التوراتية من ناحية أخرى.. فإن ذلك لم يعد له مبرر الآن، بعد أن قدمت الأطراف العربية أدلة مؤكدة حول صدق قبولها للسلام واستحقاقاته الواجب عليها سدادها خصوصا أن قطاعا لا يستهان به من الرأي العام الإسرائيلي يدرك تمام الادراك أن استمرار التمسك بعدم التخلي عن القدس يعني ضياع الفرصة الراهنة لتحقيق السلام، وبالتالي فإنه سوف يكلف إسرائيل ويكلف المنطقة بأسرها.. ما هو فوق الطاقة.. وما هو فوق الاحتمال !
الخلط بين الإسلام السياسي والمسلمين والإسلاميين!
بقلم: عرفان نظام الدين عن الحياة اللندنية
نعيش هذه الأيام إرهاصات الموجة الثالثة من الهجوم على الإسلام وتشويه صورته وتعمد الخلط بين الدين الحنيف ومبادئه السمحة، وهو دين الوسطية والاعتدال والمحبة، وبين الحركات والاتجاهات الإسلامية أو الفئات المتأسلمة اسماً لاستغلال الدين كقناع في سبيل تحقيق مصالح آنية أو تأمين مطامع وغايات أخرى.
الموجة الأولى بدأت فور انهيار الاتحاد السوفياتي وتحطم جدار المعسكر الاشتراكي وسقوط النظرية الشيوعية عندما تحركت عدة جهات تغذيها وتحرضها الحركة الصهيونية للتحريض ضد الإسلام والمسلمين والزعم بأن العدو الأكبر للمعسكر الديموقراطي سيكون الإسلام وأن الصراع المقبل سيكون صراع حضارات، أي بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية. وشارك في تقديم هذه النظريات والمؤامرة التحريضية رجال سياسة ودين وأحزاب ومؤسسات مثل مؤسسة «راند» التي أطلقت وصف «الإسلاموفوبيا» على الحال الراهن، وبعض الكتاب والمفكرين مثل صموئيل هنتنغتون صاحب نظرية «صراع الحضارات» وفوكوياما صاحب نظرية «نهاية التاريخ» التي تراجع عنها بعد ثبوت فشلها وعدم مطابقتها للواقع.
وتواصلت الحملة إلى أن تحقق لهؤلاء جميعاً، ما أرادوا لتكر علينا هجمة أشرس كرد فعل لزلزال تفجيرات نيويورك وواشنطن وتبني «القاعدة» لها ولغيرها من العمليات الإرهابية، ما استدعى تشكيل رأي عام عالمي يكره كل ما هو مسلم ويلصق تهمة الإرهاب بالإسلام وما تبع ذلك من غزو لأفغانستان والعراق وردود الفعل الأخرى المعروفة. والواقع أن الحملة لم تتوقف منذ بدايتها، بل جعلتها «القاعدة» وقوداً لأحقادها وصبت على نار العداء زيتاً لتزيدها اشتعالاً وحقداً.
الجولة الثالثة بدأت مع تباشير قيام الربيع العربي وتمثلت في تشويه صورته بنشر المخاوف من صعود ما يسمى بالإسلاميين إلى الحكم وسيطرتهم على المنطقة بأسرها تمهيداً لحروب واضطرابات توصل إلى ما هدفت إليه نظرية صراع الحضارات.
والمؤسف أن الكثير من العرب أسهموا من حيث يدرون أو لا يدرون في الترويج لهذه الأباطيل، وهو ما أشرت إليه في مقال سابق في حينه محذراً من «الإسلاموفوبيا» العربية، أي مشاركة العرب في مؤامرة التخويف من الإسلام.
ولا أقول أن الأخطار ليست قائمة في حال صعود المتطرفين إلى السلطة في أي مكان، ولكني أجزم بأن الخلط بين الإسلام كدين وبين كل هذه الحركات العاملة في الساحة هو خطأ كبير لا يجوز أن يقع فيه العرب والمسلمون وينتهوا إلى المساهمة في التضليل وقلب الحقائق وتشويه صورة دينهم الحنيف للأسباب التالية:
• إن كل هذه الحركات القائمة هي حركات سياسية توصف خطأ بـ «الإسلام السياسي» لأنه ليس هناك ما يسمى بالإسلام السياسي والإسلام غير السياسي. فهي في الحقيقة أحزاب تسعى للوصول إلى السلطة وتتخذ الدين ستاراً أو قناعاً لتحقيق أهدافها.
• إن التضليل وصل إلى الخلط بين الإسلام كدين وبين كل هذه التسميات الأخرى مثل السلفيين والجهاديين والأصوليين والمتطرفين و «القاعدة»، التي تدعي أنها تختصر كل المسلمين في بوتقتها، فيما جماعة «الإخوان المسلمين» اكتفت بربط اسمها بالمسلمين وليس بالإسلام وهذه خطوة عقلانية، لأنه لا يمكن لأي جهة أن تحتكر ارتباط الإسلام باسمها مع أن جميع المسلمين أخوة لا تفرقة بينهم ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى ولهذا من الخطأ حصر كلمة «الإخوان المسلمين» بحزب أو بجماعة.
• إن الفرق كبير بين الحركات القائمة أو الاتجاهات السائدة، فالسلفيون يمثلون الاعتدال والعودة إلى السلف الصالح مع الأصوليين الذين يطالبون بالعودة إلى أصول الدين، أي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. أما «الإخوان» فهم حزب سياسي بكل معنى الكلمة يعمل منذ قرن من الزمان فيما الحركات المتطرفة اتخذت العنف سبيلاً لها وأساءت إلى نفسها وإلى الإسلام ولم تجن على نفسها سوى الويلات والحروب والتدخل الأجنبي.
• إن الإسلام أكبر وأشمل وأكثر عدلاً وحكمة من كل هذه الحركات فهو دين المحبة والسلام والتعايش ودين «إدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة»، وهو دين «لا إكراه في الدين» و «من يكفر فليكفر وليؤمن من يؤمن»، ودين التسامح والتوجه في الدعوة بالحكمة والكلمة الطيبة والأسلوب الحضاري الراقي وليس كما نشهد من ممارسات بعض الحركات من عنف وإكراه وفظاظة وخشونة مخالفين قول الباري عز وجل في محكم تنزيله «لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك».
• إن الإسلام نفسه ركز على المؤمنين كصفة أساسية للمسلمين: «لا تقولوا أسلمنا بل قولوا آمنا»، كما أنه دين للمسلم والتسامح مع أهل الكتاب والذين قالوا «إنا نصارى» ووصفهم بأنهم أكثر الناس مودة للذين آمنوا. وهذا ما جرى عندما عاش المسلمون والمسيحيون جنباً إلى جنب وفق العهدة العمرية الشهيرة وغيرها لأكثر من 14 قرناً من دون أن يتعرض أحد لهذه اللحمة الحضارية أو لكنائس وأديرة وممتلكات المسيحيين، وحتى اليهود عاشوا بسلام وأمان في العهود الإسلامية وفي الأندلس، إلى أن قامت إسرائيل وأوجدت أجواء العداء والكراهية بين أبناء الديانات السماوية.
هذه العوامل وغيرها تؤكد عدم جواز الخلط بين الحركات والأحزاب والإمعان في التضليل لربط الإسلام بها، وصولاً إلى محاربته ولصق تهمة الإرهاب به. والمؤسف أن بعض القيادات أسهمت في هذا التضليل أو قدمت الذرائع والحجج للأعداء للتنفيس عن أحقادهم وبث سمومهم. كما أن الإعلام يسهم اليوم في هذا الخلط ويشيع الدعايات بالترويج للإسلاموفوبيا والخوف من كل ما هو إسلامي.
وأملي كبير بأن يتبنى الإعلام العربي والإسلامي مواقف حاسمة ترفض كل هذه الترهات ويتخلى عن استخدام الصفات والنعوت والاصطلاحات التي يرددها الحاقدون حتى لا يتحول إلى ببغاء يردد الأباطيل ويسيء إلى الإسلام في كل شاردة وواردة وعند إيراد أي خبر أو تغطية الأحداث. وهذا لا يتم إلا بالكف عن ربط الحركات المتطرفة بالإسلام أو ترداد كلمة الإسلاميين عند الحديث عن أي عمل عنف أو إرهاب لأن هذا ما يريده الأعداء من عملية «غسل الأدمغة» وأدمغة العرب في سلم الأولويات.
فلتسم الأمور بأسمائها ولتلصق التهم بمن يقوم بأي عمل يخصه والتفريق بين الإسلام والمسلمين، وحتى الإسلام السياسي بالدين. فالإسلام هو الدين وهو الأساس ويؤمن به أكثر من بليون و200 مليون إنسان، ومن الطبيعي أن يسعى البعض إلى استغلاله أو استخدام اسمه لغايات سياسية كما يجري في العالم المسيحي حيث تكثر الأحزاب المسيحية، ولكن ما من أحد يربط الدين المسيحي بما تقوم به من أعمال وما تمارسه من سياسات.
وواجب المسلمين في كل أنحاء العالم، والعرب في مقدمهم أن يهبوا ليدافعوا عن دينهم ويرفضوا الإساءة له أو استغلاله من أية فئة وأن يدعوا العالم بالحكمة والموعظة الحسنة والإعلام الهادف إلى فهم حقيقة الإسلام ووسطيته ونبذه للعنف والإرهاب والغلو.
أما ما يروج هذه الأيام من صعود الإسلاميين وهيمنتهم وركوبهم موجة ثورات الربيع العربي فهو أكثر من مبالغة، ويصل إلى حد التضليل لأسباب عدة أولها أن الصورة لم تتضح بعد، وأن حسم الأمور يحتاج إلى سنين. إضافة إلى ثبوت عدم قدرة أية فئة أو جماعة أو حزب على التفرد بالحكم أو كسب تأييد غالبية الشعوب.
إضافة إلى ذلك، هناك مؤشرات على خلافات بين الحركات التي تتلطى براية الإسلام تبدأ من تطبيق الشريعة ولا تنتهي عند صغائر الأمور، وتصل إلى غياب الخطة الكاملة وعدم وضوح الصورة بل وضبابية المواقف من جمع القضايا المطروحة وأولها القضايا الحياتية والمعيشية والأوضاع الاقتصادية الصعبة. وما علينا سوى الانتظار.
شيطنة «حماس» لمصلحة من؟
بقلم: عبد الله المجالي عن السبيل الأردنية
قد أتفهم الهجوم الشرس على جماعة الإخوان المسلمين في مصر؛ فهناك أنظمة تخشى على عروشها واستمرار سفهائها في التنعم بخيرات البلاد، واستعباد العباد، وهؤلاء حساسون جدا تجاه حرية الشعوب، لأن استمرار حكمهم يعتمد على استغفال شعوبهم، وهناك فلول النظام السابق من سياسيين وإعلاميين ورجال أعمال، الذين فقدوا امتيازاتهم وحظوتهم، وهناك دولة عميقة تعتقد أنها في خطر حال استقرار الأمور ودوران عجلة التنمية، وهناك جماعات وأحزاب تعتقد أنها الأحق بقطاف ثمار ثورة تقول إنها صنعتها، وهناك ثوار يعتقدون أن الإخوان يريدون احتكار السلطة ويرون في الإعلان الدستوري دليلا على ذلك.
أفهم ذلك الهجوم في سياق إحباط الشعوب وإجهاض الربيع العربي لكيلا تنتقل العدوى الى «الشعوب السعيدة»، وفي سياق إجهاض نهضة مصر لكيلا تكون دولة محورية في المنطقة، وفي سياق إفشال تجربة الإسلاميين في الحكم لكيلا تمتد إلى دول أخرى.
لكن في أي سياق يمكن أن يأتي الهجوم الشرس على حركة حماس ومحاولة شيطنتها في الإعلام المصري الممول.
إن شيطنة حماس ومحاولة زعزعة سمعتها لدى الشعب المصري، لا يمكن أن يستفيد منها أي طرف مصري أو عربي حتى لو كان مناوئا الثورة أو الإخوان.
باختصار: المستفيد الأول والأخير من دق الأسافين بين حماس والشعب المصري هو العدو الصهويني، فهل يعمل هؤلاء على أجندة العدو بعلم أم بدون علم؟
إسرائيل تربح «الربيع العربي»؟
بقلم: أسرة التحرير عن السفير البيروتية
التغيير في النظام الدولي يبدو متوقعاً بل مرجحاً بعد عقدين من الآن، إذا سارت الأمور بالوتيرة نفسها. يمثل الشرق الأوسط بموارده الهائلة من الطاقة، أهمية فائقة للولايات المتحدة الأميركية في إطار سعيها لإدامة مصالحها فيه، وهي المصالح القادرة على حسم التنافس الأميركي مع الأقطاب الدولية الأخرى، وبالتالي التأثير في وتيرة الصعود والهبوط والاحتفاظ في النهاية لأميركا بموقعها الاستثنائي في النظام الدولي. وكنا قد نشرنا سلسلة من المقالات حول سياسات الولايات المتحدة حيال الأقطاب الإقليمية في الشرق الأوسط: إيران، مصر، تركيا، السعودية وإسرائيل لتحاول استشراف السياسة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة حيال كل قطب منها. وهذا المقال هو الأخير في هذه السلسلة.
أوباما الثاني وإسرائيل: أفق جديد
توقع كثيرون أن أوباما في فترة ولايته الثانية سيواصل سياساته الاستقلالية حيال إسرائيل في ملفات الشرق الأوسط، خصوصاً أن اللوبي المؤيد لإسرائيل ساند خصمه الجمهوري بوضوح في الانتخابات الرئاسية الأميركية 2012، ولكن الأمور سارت على العكس مما توقع هؤلاء. أعطى أوباما في زيارته الأخيرة لإسرائيل معظم ما حلم به نتنياهو: «يهودية الدولة»، وتجاهل المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967، ومطالبة الفلسطينيين بمفاوضات غير مشروطة مع إسرائيل. وبقي الملف النووي الإيراني نقطة خلاف في التفاصيل، إذ يرى أوباما أن الديبلوماسية ما زال لديها بعض الوقت وتحديداً حتى شهر تشرين الأول المقبل، فيما لم تعد إسرائيل تلوّح بقيامها بضربات عسكرية لإيران تاركة الموضوع في يد أوباما.
والحال أن التغير في سلوك أوباما حيال إسرائيل ـ مع التسليم بأن مواقفه في العامين الأخيرين كانت تتفق مع إسرائيل في العمق وتعود لتختلف معها في الشكل والطرائق - يعود إلى رغبة الإدارة الأميركية في القيادة من الخلف، بعد ترتيب التوازنات في الشرق الأوسط بما يضمن مصالحها. ويتطلب ذلك ترتيب اصطفافات وتحالفات المنطقة بما يسهل الرغبة الأميركية، بحيث تعتمد واشنطن على تحالفاتها التقليدية في المنطقة، ولكن مع مراعاة الوقائع الجديدة في الشرق الأوسط والمنبثقة عن «الربيع العربي».
هنا لا تلعب المرارات الشخصية لأوباما دوراً في توجيه سياسته الشرق أوسطية، وإنما رغبته العارمة في إعادة تشكيل الشرق الأوسط بأقل التكاليف، مقارنة بالمحافظين الجدد الذين غرقوا في مستنقعات أفغانستان والعراق ومرمطوا العقل السياسي الأميركي في الوحل. في هذا السياق تبدو إعادة العلاقات التركية - الإسرائيلية إلى سابق مستواها قبل حادثة «أسطول الحرية» أمراً هاماً ومطلوباً للإدارة الأميركية. بمعنى آخر، يريد أوباما تصميم خريطة جديدة للمنطقة على أساس اصطفاف إقليمي جديد يكون عموده الأساس التحالف التركي - الإسرائيلي. وهنا تنفتح نافذة الفرصة أمام إسرائيل ليس للاحتفاظ بعلاقاتها الاستثنائية مع واشنطن فحسب، وإنما لتشكيل البيئة الإقليمية على قياس المصالح الإسرائيلية.
إسرائيل في السياق الإقليمي الجديد
يفتح «الربيع العربي»، بعد عامين من التخبط والمغالبة والأزمات الداخلية المستفحلة للدول التي ضربها، نافذة الفرصة أمام إسرائيل لتشكيل جديد للمنطقة يؤاتي مصالحها ويخرجها من معادلة الصراع الرئيسة (الصراع العربي - الإسرائيلي). ولا يعني ذلك الاستجابة للشرعية الدولية ومقررات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وقيام دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل العام 1967 وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين الفلسطينيين، وإنما بإعادة تعريف معادلة الصراع في حد ذاتها بحيث تخرج إسرائيل منها من دون تكاليف كبيرة.
وبدورها تضع الأزمة الاقتصادية المتعاظمة في دول «الربيع العربي» أوراقاً جديدة بيد أوباما، إذ ان مقايضة الرضوخ التام لمقتضيات السياسة الأميركية بالمساعدات الاقتصادية سيمكن أوباما، على الأرجح، من انتزاع تنازلات إخوانية تفوق ما قدّمه حسني مبارك على مدار ثلاثة عقود من تنازلات. ومن شأن إغلاق فرص الحركة أمام السياسة المصرية بسبب تردي الوضع الاقتصادي وتراجع مصادر التمويل المصرية التقليدية (السياحة والقروض والاستثمارات المباشرة)، أن تدفع إدارة محمد مرسي إلى الانخراط الكامل في الخرائط الجديدة للمنطقة حفاظاً على سلطتها. ويزيد هذه الفرضية احتمالاً العوامل التالية:
أولاً، يرتهن بقاء محمد مرسي في السلطة بالرضا الأميركي لأن الجهات المانحة الدولية ومن ضمنها «صندوق النقد الدولي» تتأثر إلى حد كبير بالميول الأميركية، كما أن رضا أوباما عن إدارة مرسي يكبح إلى حد كبير احتمالات أن تقوم المؤسسة العسكرية المصرية بتغيير في شكل السلطة القائمة.
ثانياً، تتخوّف دول الخليج العربية من تصدير «الإخوان المسلمين» لتصوراتهم إليها، السعودية والإمارات على وجه الخصوص، فتحجم عن إسناد إدارة مرسي بالاستثمارات والقروض والمساعدات، فتتفاقم أزمته الاقتصادية.
ثالثاً، تعد قطر حتى الآن الداعم المالي الأول لإدارة مرسي، ولكن نظرا للأدوار المناطة بالدوحة في إطار «الربيع العربي» وموقعها في التصورات الأميركية للمنطقة، فمن شبه المؤكد أن الدوحة ستنخرط في المجهود الأميركي لمقايضة الرضوخ المصري بالإيداعات والمساعدات المالية.
رابعاً، لا تملك تركيا بسبب تركيبة اقتصادها الفوائض المالية الريعية التي تملكها دول الخليج، وهنا سنشهد توزيعاً جديداً للأدوار بين دولتي الإسناد الإقليمي لجماعة «الإخوان المسلمين»، تركيا وقطر، لجرجرة إدارة مرسي إلى الانخراط في خرائط أميركا الجديدة.
سينفتح صنبور المساعدات القطرية أو يغلق وفقاً للرؤى الأميركية، مثلما ستقترب تركيا من موقع «الوسيط النزيه» بين إسرائيل ومصر لتسوية القضية الفلسطينية، التي ستتقزم إلى «مسألة غزة». هنا تنفتح نافذة الفرصة إذاً أمام دولة الاحتلال الإسرائيلي لرص اصطفاف إقليمي سني كبير مشكل من تركيا ومصر والأردن ودول الخليج العربية بالتحالف معها، في مواجهة إيران الشيعية وتحالفاتها الإقليمية (كما ورد بأشد الوضوح في مؤتمر هرتزيليا 2013).. وهي نتيجة ستفوق في تأثيراتها السياسية كل مكاسب إسرائيل الإقليمية في العقود الأخيرة.
الخلاصة
دأبت إسرائيل على الدخول في «مفاوضات سلام» مع الفلسطينيين منذ «مؤتمر مدريد» وحتى الآن، بغرض التغطية على تطبيع الدول العربية معها، وليس اقتناعاً منها بالسلام أو ترضية الشعب الفلسطيني. باختصار، كان الهدف الإسرائيلي متمثلاً في دفع الفتات للفلسطينيين في عملية سلام شكلية لتطبيع العلاقات مع الدول العربية، ومن ثم الدخول معها في شراكات اقتصادية تنتهي بسيطرة إسرائيلية على اقتصادات المنطقة. وتوفر هذه الفكرة الحاكمة للتوجه الإسرائيلي ما لم تستطع الآلة العسكرية توفيره، أي النفاذ إلى المعادلات الداخلية للدول العربية عموما، وبما سُمّي «دول الطوق» خصوصاً. وبالمثل فقد احتاجت واشنطن إلى عملية سلام ـ لا سلام - لتخفيف نقمة الشعوب العربية عليها، فيكثر الحديث عن «السلام» كلما كان ذلك مواتياً لمصالح واشنطن دون قدرة فعلية على اجتراحه نظرا لاختلال التوازن في القوى بين العرب وإسرائيل.
الآن ومع رغبة أوباما في القيادة من الخلف، تنفتح شهية إسرائيل على حل القضية الفلسطينية حلاً نهائياً بحيث يقزّمها ويجعل إسرائيل تدفع أقل الأثمان لقاء تسويتها، وتشكل بالمقابل البيئة الإقليمية الجديدة على قياس رغباتها، خصوصاً مع تزايد احتمالات تقسيم سوريا. والمفتاح هنا هو التقارب مع إدارة مرسي كضامن لقطاع غزة في الحل المرتقب وكمحتاج بشدة للمساعدات المالية للاحتفاظ بسلطته، عبر واشنطن من وراء الستار وأنقره والدوحة في قلب المشهد. ولما كان الاصطفاف السني - الشيعي يؤاتي المصالح الأميركية بشدة، تلك التي ستنساب بهدوء بين الاصطفافين، يبدو أن تطابقاً في رؤية الطرفين الأميركي والإسرائيلي في بداية الولاية الثانية لأوباما قد حدث، وهو ما سيظهر في ترتيبات الشهور المقبلة. فشل السلطة الجديدة في مصر في قيادة عملية انتقالية تضم كل القوى السياسية، وتنكرها لأهداف الثورة وسعيها للمغالبة والهيمنة في ظل الأزمة الاقتصادية التي لا تملك حلولاً لها، كلها عوامل ستجعلها أكثر عرضة للابتزاز الأميركي والإسرائيلي. هنا ربما تتقدم خرائط سياسية جديدة للمنطقة وفق سيناريو دولي إقليمي من نوع جديد، وبما يجعل دولة الاحتلال الإسرائيلي وبأثر رجعي في مقدم الرابحين من «الربيع العربي»! من كان يتصور ذلك قبل سنتين فقط؟
أميركا.. وإسرائيل وما بينهما.. ودورهم في استمرار الأزمة السورية!!
بقلم: هيثم يحيى محمد عن الوطن السورية
تعمل (إسرائيل) بكل ما تستطيع لمنع الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق مع روسيا الاتحادية على إنهاء الأزمة السورية في فترة قريبة قادمة. فهي تريد استمرار الأزمة إلى حين القضاء على القدرات العسكرية والاقتصادية للدولة السورية التي تعتبر الدولة الأهم في محور مقاومة المشروع الصهيوني الاستيطاني.. والدولة المرشحة للمزيد من القوة في المستقبل في ضوء الكميات الهائلة للنفط والغاز في مياهها الإقليمية كما تؤكد الدراسات التي أنجزتها شركات عالمية متخصصة.. والدولة الأكثر تمسكاً بسيادتها ومصالح شعبها وحقوقها وقرارها المستقل.. وإلخ.
ومع هذا العمل المستمر من الطبيعي أن تتخوف (إسرائيل) من أي تقارب أميركي روسي في هذا المجال.. ومن أي مواقف أو تصريحات تصب في هذا الاتجاه.. ومن ثم من الطبيعي أن تدخل على خط الأزمة عبر إدخال السلاح والمسلحين للمعارضة السورية المسلحة لتأجيج النار المستعرة.. وعبر دعمها السياسي والإعلامي لها.. هذا الدّعم الذي بات واضحاً وضوح الشمس لكل ذي بصر وبصيرة .. وعبر مطالبة الجامعة العربية بالتدخل العسكري المباشر و.. إلخ.
صحيح أن الولايات المتحدة الأميركية بارعة في تدوير الزوايا عندما تتطلب مصالحها العليا ذلك ومن ثم عندما تجد أن وقف العنف وحل الأزمة سياسياً استناداً لبيان جنيف أو غيره يخدم مصالحها حاضراً أو مستقبلاً في منطقة الشرق الأوسط أو في أي منطقة أخرى من هذا العالم فإنها لن تتوانى عن فرض ما تريده على أدواتها داخل سورية وفي المنطقة بدءاً بتركيا مروراً بإسرائيل والأردن وليس انتهاء بالسعودية وقطر.
لكن هل تقتضي المصالح الأميركية.. حالياً أو في المدى المنظور وقف حمام الدم.. والتدمير الممنهج في سورية.. وفرض حل سياسي لأزمتها التي مضت عليها سنتان؟ الجواب بكل بساطة ... كلا. وأدلتنا على ذلك عديدة سبق أن تحدثنا عن بعضها في زاوية سابقة نشرناها تحت عنوان أميركا والخيار العسكري في سورية.. ونضيف إليها اليوم المعطيات التي ظهرت بعد زيارة الرئيس الأميركي أوباما لإسرائيل منذ أسبوعين.. وتداعيات هذه الزيارة.. فقد قدم الرئيس الأميركي خطاباً في إسرائيل أعلن فيه الولاء والوفاء والدعم اللامحدود لهذه (الدولة) الغاصبة وأكد أن أمنها من أمن أميركا وأنها كانت وستبقى الأقوى في المنطقة ولن يتغلب عليها أحد!!
وطبعاً هذا الكلام يستحيل تحقيقه في حال بقيت سورية قوية وبقي محور المقاومة في حالة من القوة المتصاعدة.. وفي حال حصول أي شقاق أو انفصال بين تركيا وإسرائيل لذلك لا بد من إعلان عودة الأمور إلى طبيعتها بين تركيا وإسرائيل رغم أنها كانت طبيعية في الخفاء.. ولا بد من الضغط على دول الجوار السوري من أجل إيواء وتدريب وتمرير المسلحين وتسهيل دخولهم.. ولا بد من التلويح مجدداً بإقامة منطقة حظر جوي في المناطق الشمالية حيث تسيطر المجموعات الإرهابية المسلحة.. وبالمحصلة لا بد من استمرار الحرب الاقتصادية والعسكرية والسياسية والإعلامية على سورية وهذا هو ما حصل ويحصل الآن رغم التصريحات الأميركية (المنافقة) التي تتحدث عن الحل السياسي للأزمة!!
السياسة.. فيما هو «سياسى»
بقلم: أيمن الصياد عن الشروق المصرية
لم يسبق لى زيارة إيران، وأعلم أن سجلها فى حقوق الإنسان «التى سننافسها فيه قريبا» لا يدعو لإعجاب أو تقدير.
ولكنى أعلم أنه فى العام ذاته (١٩٣٩) الذى نادى فيه أحمد حسين بالأخذ بالشريعة الإسلامية باعتبارها أساسا للحياة فى مصر، ونودى فيه بإحياء الخلافة، وبالملك فاروق الأول؛ ملك مصر والسودان «خليفة للمؤمنين» تزوج محمد رضا «بهلوى» شاه إيران الشاب بالأميرة فوزية جميلة جميلات أسرة محمد على وشقيقة الملك فاروق.. وكان الزواج «سياسيا» بامتياز.
اليوم، فى العام الثالث عشر من القرن الحادى والعشرين، وبغض النظر عن اختلاط الهدف باضطرار «الحاجة»، إلا أننى أحسب أن قرار الرئيس المصرى باستقبال نظيره الإيرانى أحمدى نجاد ــ متجاهلا حذاء رفع فى وجهه ــ كان قرارا صائبا، يعيد إلى «السياسة» معناها. أو بالأحرى يضعها حيث يجب أن تكون.
ولذلك، فقد كان من قبيل المفارقات «الصادمة» أن أقضى نصف ساعة كاملة على الـ BBC أدافع عن قرار حكومة مرسى بالتعامل مع ايران «الدولة» على أساس من «السياسة» لا على أساس من دين الدولة أو مذهبها، ثم أحول مؤشر المذياع فأجد مجلس الشورى، وقد باغتنا بقرار «صادم» يجعل من الانتخابات التى هى شأن «سياسى» محض معركة دينية، وذلك بالسماح باستخدام الشعارات الدينية فى الدعاية الانتخابية. وهو قرار، فضلا عن أنه يغامر بوحدة الوطن أحسبه ينزل بنقاء الدين من عليائه، إلى مستنقعات السياسة القذرة ومعاركها الانتخابية الرخيصة.. ليشتروا به ثمنا قليلا.. «فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ»
ثم إنه ــ فى منطلقاته ــ لا يختلف كثيرا عن ما ذهب اليه معارضو موقف الرئيس من المسألة الإيرانية، استدعاء للدين إلى ساحة حسابات سياسية؛ داخلية كانت أو خارجية. وفى هذا يشبه هؤلاء وأولئك ذلك الذى يختار الطبيب أو المهندس، ليس على أساس كفاءته أو مهارته، وإنما على أساس من عقيدته أو مذهبه الدينى. رغم أنه فى الوقت ذاته يرفل من صبحه إلى مساه فى رفاه منتجات تكنولوجية غربية صنعها «أو ابتدعها» مسيحيون، ويهود، وهندوس.. وملاحدة (!)
لم تكن «اللحظة العبقرية» للحادى عشر من فيراير ٢٠١١؛ لحظة التجسيد الحى لـ«كيف تنتصر مصر عندما تكون «يدا واحدة»؟ ــ قد فقدت وهجها بعد، حتى صعد الشيخ الجليل يوسف القرضاوى لمنبر الميدان فى الجمعة التالية مباشرة (١٨ فبراير ٢٠١١) ليلقى «خطبة النصر» مؤثرة معبرة بليغة، بدت وكأنها تستلهم روح الميدان «الجامع» حين بدأها بـ«أيها المسلمون والمسيحيون». لم يستوقف أحدا يومها ما بدا «خشونة إقصائية» من بعض مرافقى الشيخ، فهمناها فى حينه على أنها محض أعراض زحام وتوقير واجب لعمر الشيخ وتاريخه، إلا أن وقتا طويلا لم يمض حتى كان هناك من بدا وكأنه قد تنكَّر، على الأرض بأفعاله وشعاراته لاستهلالة القرضاوى «الجامعة». متذرعا، أو بالأحرى ممتشقا «سيفا» دينيا فى وجه خصومه «السياسيين» ليمهد طريقه مهما كان الثمن نحو الصناديق.. بداية من «نعم المؤمنة.. ولا الكافرة»، والتظاهرات التى ربطت شعاراتها قسرا بين «شريعة الله، وشرعية الرئيس»، وليس نهاية بقرار الشورى الذى يسمح باستخدام الشعارات الدينية فى الدعاية الانتخابية (!) والحال هكذا، لا نستغرب إذن أن يزايد فصيل «دينى» على رئيس جاء من رحم جماعة «دينية» رافعا فى وجهه شعارات «دينية»، احتجاجا على قرارات لا علاقة لها بعبادة أو شعائر، وإنما هى من صميم «السياسة» الخارجية. وكان قد سبقهم فى نعت الرئيس بأقسى النعوت نفرٌ ممن يصنفون فى خانته «الإسلاميون»؛ وجدى غنيم على سبيل المثال. تارة لأنه تجرأ والتقى بعدد من الفنانين، وأخرى لموقفه من المسيحيين «المواطنين». قائلا له «اتق الله» مرة، وواصفا إياه أخرى «بالجهل أو النفاق.. الخ». والحاصل أن الهجوم بغض النظر عن شطط اللفظ كان دائما ما يستل سيفا «دينيا»، وهنا جوهر المشكلة. فالدين بطبيعته، «ولهذا أُنزل» لا يعرف غير الحق والباطل. ولذا تكون النزاعات التى ترفع لافتته مهما كانت فى حقيقتها سياسية نزاعات «صفرية». لا فرق فى ذلك بين «الفتنة الكبرى» هنا، وحرب «الثلاثين سنة ١٦١٨ــ ١٦٤٨» هناك.
قديمة هى فى مصر قدم التاريخ قصة استدعاء الدين «وشعاراته» لاستخدامه سياسيا. فعلها الفراعنة فى مصر القديمة فى قصص مشهورة. وفعلها نابليون لا غيره فى رسالته الشهيرة وهو على أبواب مصر غازيا. والتى استهلها قائلا: «لا اله الا الله وحده، ولا شريك له فى ملكه...» واختتمها بالدعاء لحضرة السلطان العثمانى «أدام الله ملكه… وأصلح حال الأمة».
على النهج ذاته سار الملك فاروق، والذى أمعن فى استخدام الدين ورقة فى لعبة السياسة. ففى عهده ظهر لأول مرة فى مصر من يتحدث عن «التفويض الإلهى» ليربط بين شريعة الله وشرعية الملك. ثم كان أن استصدر «الملك» فتوى تقول أنه من الأشراف ومن حقه أن ينصب نفسه «خليفة للمسلمين». ثم بدا أنه صدق نفسه، ليصدقه الآخرون، فكان يطلب من حراسه أن يؤدوا الصلاة معه «لأن الله هو الحارس»، ويأمر بأن يضع المسئولون أيديهم على المصحف عند تأدية اليمين أمامه. إلى آخر قصص أخرى كثيرة تنافس فيها رجال بلاطه بالادعاء والرياء والمشورة.
وإن كان كثيرون من غير قراء التاريخ، لا يذكرون بالقطع تلك الحكايات، فلعل من جيلنا من يذكر قطعا ما فعله السادات «الداهية» متدثرا أمام خصومه فى البداية بعباءة «العلم والإيمان»، ثم مواجها إياهم «بالجماعات الدينية» فى جامعات السبعينيات، قبل أن يقدم على تعديل دستور ١٩٧١ ليطلق سنوات تولى رئاسة الجمهورية (كانت قبل التعديل محددة بمدتين) وكان كالعادة أن لجأ للأسلوب ذاته، فستر التعديل «المعيب» بغطاء المادة الثانية الشهيرة. ومن مفارقات الأقدار أننا نحن الذين دفعنا ثمن هذا التعديل، دون أن تمهل الرجلَ «الجماعات التى أنشأها» ليستفيد عمليا منه. فكان أن جاء مبارك. ولم يكن بقيمة خلَفه، أو بدهائه، فترك لرجال نظامه «الأمنى» الملف كله. وفى هذا وقائع ثبتت.. وأخرى تنتظر. منها ما يُحكى عن تربية جماعات بعينها لمناوأة جماعات أخرى. ومنها العمل على إثارة فزع الأقباط بعد وصول ٨٨ من الإخوان إلى برلمان ٢٠٠٥، ومنها كل ما قيل عن حادث كنيسة القديسين المريب.
وبعد..
فلأولئك الذين لا يتورعون عن حرق الوطن.. والمستقبل، أو لا يدركون ربما خطورة ما يقدمون عليه، ولا يستحون من فكرة بيع صكوك الجنة للبسطاء ليشتروا بها أغلبية «الصناديق»، أرجوكم تدبروا ما جرى عند منزل القائم بالأعمال الإيرانى، وأعيدوا الاستماع إلى أشرطة وجدى غنيم، الذى ما فتئ يذكركم بها.
الفتنة تنتظر فى كل ركن.. فاتقوا الله فينا.. وفى أنفسكم. وحاولوا قراءة التاريخ.
المتأسلمون والإعلام
بقلم: محمد ناهض القويز عن الرياض السعودية
انتفض الشعب في مصر وليبيا وتونس.
قدم الشهداء لإزاحة أنظمة ديكتاتورية فاسدة لم يعد همها إلا جمع المال على حساب الوطن والمصلحة العامة.
سقطت الأنظمة بشكل سريع.. ثم امتطى المتأسلمون صهوة جواد الثورة ومازالوا في الحكم منذ أكثر من سنة.
انقلب الإعلاميون المطبلون إلى منتقدين للنظام السابق.. بعضهم قدم نفسه على أنه بطل.
ومع مرور الوقت وفشل المتأسلمين بتحقيق الحد الأدنى لأحلام الشعب بدأت موجة الانتقاد تتجه نحوهم.
المتأسلمون لا يقبلون الرأي الآخر ولا يقبلون النقد، ويعتقدون أنهم حزب الله المختار، أصبحت منابر الجوامع أداة دعاية ممجوجة لهم بدأ بالقول إن من لم يصوت لمرشحهم يعص الله إلى التهديد بمن ينتقد الحكم القائم.
انتشرت الجريمة وعم الفقر وبدأت مفاصل الدولة بالانهيار.
وبدلا من أن نرى "البلطجية" يقدمون للمحاكمة وينفذ فيهم حد المحاربة، اتجه قضاء المتأسلمين المسيس لمطاردة الإعلاميين في محاولة مستميتة لكتم الصوت الحر. ففي كل يوم نسمع عن محاكمة إعلامي، ثم أصبحنا نسمع عن محاكمة مجموعة من الإعلاميين.
ثم سجن إعلاميين ورفض إطلاق صراحهم رغم تبرئتهم.
ولا يزال القضاء على الإعلام الحر أولوية في أجندة الحكومات المتأسلمة.
وسيظل كذلك. لابد أن يدرك المتأسلمون أنهم لايمثلون الإسلام، وأن الهجوم الإعلامي عليهم ومعارضتهم لايعني معارضة الإسلام ولا الهجوم عليه. من الخطأ الواضح للحكومات المتأسلمة المزايدة على الإسلام واتهام خصومهم بأنهم ضد الإسلام. لقد انكشفت تلك الحكومات للناس على حقيقتهم، فهجومهم لم يطل الإعلام الحر فقط بل اتجهوا للقضاء النزيه، ولو خلت الساحة لهم لأصبحت الحرب بين المتأسلمين أنفسهم.
إنها سني عُجاف سلطها الله على تلك الدول وأهلها.
فإلى متى سيستمر هذا الابتلاء؟
وهل سيساهم المتأسلمون في انهيار دولهم مقابل الحفاظ على جماعاتهم.


رد مع اقتباس