اقلام واراء اسرائيلي 350
24/5/2013
في هــــــذا الملف
التفكير الاسرائيلي في مستقبل نظام الاسد
بقلم:ايتمار رابينوبيتش،عن نظرة عليا
طبول حرب لا يريدها احد
بقلم:البروفيسور إيال زيسر،عن اسرائيل اليوم
التشخيص: كراهية الذات
بقلم:اسرائيل هرئيل،عن هآرتس
أمن بطل الى قاتل؟
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
يمين لبيد الجديد
بقلم:أري شبيط،عن هآرتس
جامعة الأوهام
بقلم:غي بخور،عن يديعوت
التفكير الاسرائيلي في مستقبل نظام الاسد
بقلم:ايتمار رابينوبيتش،عن نظرة عليا
في 17 ايار/مايو 2013 اقتبست ‘التايمز′ اللندنية عن مصادر استخبارية اسرائيلية ادعت بان ‘نظام الاسد الباقي على حاله، حتى وان كان ضعيفا، افضل لاسرائيل وللمنطقة’. ويواصل المقال فيقتبس عن ضابط استخبارات اسرائيلي كبير قوله: ‘الشيطان الذي نعرفه خير من البديل المحتمل الذي يمكننا فقط أن نتخيله في حالة تدهور سورية نحو الفوضى’، ومتطرفون من العالم العربي يحظون هناك بموطئ قدم. نحن لا نعرف ما هي المصادر الاسرائيلية، ولكن التقرير في ‘التايمز′ يوفر اطلالة على المداولات والجدالات في المؤسسة الامنية الاسرائيلية، بالنسبة لسلم الاولويات المرغوب فيه لاسرائيل في كل ما يتعلق بمستقبل سورية.
تعبير ‘الشيطان الذي نعرفه’ استخدمه رئيس الوزراء ارييل شارون في 2005، عندما شرح للرئيس جورج دبليو بوش لماذا يعارض ارادة الرئيس الامريكي دفع نظام الاسد الى الانهيار. فعداء الرئيس بوش للرئيس السوري تعاظم بعد أن دعم الاخير الثورة ضد الاحتلال الامريكي في العراق، وفتح حدوده امام المتسللين الجهاديين وعبور العتاد العسكري، كجزء من هذا الدعم. ومع أن شارون هو الاخر لم يستطب على نحو خاص الرئيس السوري، الا انه اعتقد بانه من زاوية نظر اسرائيلية، من الافضل التعاطي مع النظام المعروف في دمشق، فذلك افضل من بديل ليس مؤكدا، وحيال امكانية ان يسيطر الاخوان المسلمون ـ المعارضة المنظمة الوحيدة في سورية ـ على الدولة.
لقد كان الاسد حليفا لايران ووفر لها جسرا بريا لحزب الله في لبنان. كما أنه دعم حماس والجهاد الاسلامي، ولكن الى جانب ذلك حافظ على حدود هادئة في هضبة الجولان، وورث سمعة أبيه كعدو يتصرف بشكل معروف ومتوقع. وقد عارض شارون فكرة التسوية مع سورية، على مدى السنين التي كان فيها في الساحة السياسية، وكذا ايضا في السنوات الخمس التي تولى فيها منصب رئيس الوزراء، وعارض على نحو خاص الانسحاب من الجولان، الذي كان ينطوي عليه اي اتفاق كهذا.
لقد تغيرت وجهة نظر اسرائيل في 2006، بعد حرب لبنان الثانية، فبالنسبة لرئيس الوزراء اولمرت، خليفة شارون، جسدت الحرب خطورة التهديد الذي تقف امامه اسرائيل من جانب محور ايران ـ سورية ـ حزب الله. والاستنتاج الذي استخلصه اولمرت، بدعم من المؤسسة الامنية، كان، ان على اسرائيل أن تمنح أولوية عالية لتفكيك هذا المحور، وانه ينبغي عمل ذلك اساسا من خلال انتزاع ‘اللبنة السورية’ من السور الذي هو تحت السيطرة الايرانية. ولهذا الغرض فقد شرع في بداية 2007 بجهد، بوساطة تركية، لفحص امكانية الوصول الى اتفاق سوري ـ اسرائيلي. واستمرت المفاوضات حتى كانون الاول/ديسمبر 2008، وان كانت جمدت مؤقتا في ايلول/سبتمبر 2007، حين دمرت اسرائيل المفاعل النووي السوري، الذي بنته لها كوريا الشمالية. وهناك من سيدعي بان لا معنى للتفاوض على تسوية مع الرئيس السوري القادر على خطوة بهذا التطرف، ولكن اولمرت اعتقد ان هذا بالذات عزز الحاجة الى تعطيل المواجهة مع سورية. وقد تأثر هو وآخرون أيضا بحقيقة أن الاسد أظهر نضجا وتحكما بذاته حين امتنع عن الانتقام في اعقاب الاهانة التي تلقاها جراء تدمير المفاعل.
مفاوضات اخرى بين اسرائيل وسورية جرت اثناء 2010 2011، وهما السنتان الاخيرتان لولاية بنيامين نتنياهو السابقة، وتمت عبر وسطاء عن ادارة اوباما. وحسب هؤلاء الوسطاء فقد كانت هذه مفاوضات جدية، وان كان نتنياهو عارض علنا الانسحاب من هضبة الجولان. وقد وضع اندلاع الازمة في سورية في اذار/مارس 2011 حدا لهذه المحادثات ايضا.
فالازمة في سورية، التي بدأت كسلسلة من المظاهرات وتطورت الى حرب اهلية وحشية ومواجهة طائفية، غيرت وجهة نظر اسرائيل عن الاسد ونظامه. فالحرب الاهلية في سورية اصبحت بؤرة نزاع اقليمية ودولية. على المستوى الاقليمي اصبحت مواجهة بين ايران ومعارضيها. ايران وفرعها ـ حزب الله، وظفا جهودا عديدة للدفاع عن الذخر الاستراتيجي. السعودية، تركيا، قطر والاردن ، وسعوا دعمهم للمعارضة. على المستوى الدولي، روسيا وبقدر اقل الصين، توفران لنظام الاسد ستارا دفاعيا في مجلس الامن وفي محافل اخرى. كما أن روسيا تواصل تزويد نظام الاسد بمنظومات سلاح متطورة. وتمنح روسيا اولوية عالية لحماية استثمارها في سورية كي تمنع سقوطها في مجال النفوذ الامريكي.
كدولة مجاورة ذات مصلحة مركزية في مستقبل سورية، فان اسرائيل ملزمة بان تقرر ما هي أولوياتها. في مراحل مبكرة من الثورة في سورية، اختارت اسرائيل موقفا سلبيا، ومن دون صلة بافضلياتها، استنتجت وعن حق ان قدرتها في التأثير على نتيجة الحرب الاهلية محدودة، فليس لاسرائيل تأثير على السياسة الداخلية في سورية، واذا أعربت عن تأييد ما للمعارضة، فانها ستخدم النظام السوري، وادعى الاسد والناطقون بلسانه منذ البداية بان هذه ليست ثورة داخلية حقيقية، بل مؤامرة مصدرها القوى الخارجية، ولا ريب انه كان سيسارع الى أن يستغل حتى النهاية كل فرصة لاحراج المعارضة، من خلال الاشارة الى صلة ما او دعم ما من اسرائيل لها. وبالتوازي، أوضحت اسرائيل ان لها خطوطا حمراء خاصة بها بالنسبة لسورية. كما أعلنت انها ستتدخل في نقل منظومات سلاح متطورة و’مغيرة لقواعد اللعب’ الى منظمات الارهاب، سواء كانت حزب الله أم منظمات الجهاد التي اصبحت محافل مركزية في المعارضة السورية المسلحة.
في كانون الثاني/يناير 2013 علم بان اسرائيل دمرت منظومة صواريخ في منطقة دمشق كانت في طريقها الى لبنان. ومن اجل عدم احراج النظام السوري ولتقليل الخطر بعملية رد مقابل، لم تأخذ اسرائيل المسؤولية عن العملية، ولكن في ايار/مايو 2013، عملت اسرائيل لمرتين اخريين ولم يكن ممكنا تمويه ذلك. واضح أن ايران، سورية وحزب الله رفعت مبلغ الرهان، وهكذا ايضا روسيا، التي ستزود سورية بصواريخ S300 متطورة، دخولها الى الساحة اللبنانية ـ السورية غير مقبولة من اسرائيل. ومن شأن اسرائيل أن تجد نفسها في دائرة عنف في اطارها تعمل المرة تلو الاخرى ضد نقل السلاح عبر سورية الى حزب الله بشكل يجر رد فعل محتم، سواء من سورية أم من حزب الله. وهذا ما قصده مصدر رسمي اسرائيلي حين قال الاسبوع الماضي لـ’نيويورك تايمز′، انه اذا ما انتقم الاسد، فان اسرائيل ستسقط نظامه. وبكلمات اخرى، تدمير سلاح الجو والمدرعات لدى الاسد من جانب اسرائيل سيؤدي الى انتصار المعارضة. في كل الاحوال، تجد اسرائيل نفسها متدخلة بعمق في النزاع الاقليمي والدولي على مستقبل سورية، وكذا في مسألة مستقبل النظام ايضا.
صحيح حتى اليوم يجري جدال داخل المؤسسة الامنية الاسرائيلية بالنسبة للنتيجة المرغوب فيها للحرب الاهلية في سورية، يدعي البعض، بروح قول ‘التايمز′ اللندنية، ‘في نهاية اليوم افضل لاسرائيل أن يبقى الاسد’، وحجتهم هي انه في ضوء قوة الجهاديين والاسلاميين في اوساط الميليشيات التي تقاتل ضد النظام، فان سيطرة الجهاديين أو الاسلاميين، أو كبديل وضع الفوضى، حيث تكون المحافل الجهادية حرة في تنفيذ عمليات ارهابية تشكل التهديد الاخطر على أمن اسرائيل.
على خلفية هذه الامور، يصبح الاسد مرة اخرى ‘الشيطان الذي نعرفه’. ويدعي آخرون ان استمرار نظام الاسد في خدمة ايران وبتعاون وثيق مع حزب الله، يطرح تهديدا أخطر على أمن اسرائيل القومي. وحسب هذه المصادر فليس مرغوبا فيه ان تسيطر منظمات الجهاد على اجزاء من سورية، ولكن سورية ليست سيناء، واذا ما وقفت اسرائيل امام تهديدات ارهابية من جانب سورية، فانها ستكون قادرة على العمل.
هذه المدرسة الاخيرة، اكثر اقناعا، فقد جسد بشار الاسد قدرته على اتخاذ اعمال خطيرة ومتطرفة، عندما اختار بناء مفاعل نووي بالتعاون مع كوريا الشمالية. وقد جسد استعداده لذبح ابناء شعبه، بل واستخدام سلاحا كيميائيا ضدهم. وصحيح حتى الان فانه ليس سوى اداة بيد ايران. لا يعني هذا ان على اسرائيل أن تقف علنا ضده وضد مستقبل نظامه. الوضع الحالي الذي وجدت اسرائيل نفسها فيه متدخلة في النزاع الروسي ـ الامريكي حول مستقبل سورية، هو تطور سلبي. ومع انها دافعت عن مصالحها الامنية، وهذه حيوية، ولكن على اسرائيل أن تسعى مرة اخرى نحو السياسة التي ميزتها على مدى معظم ايام الحرب الاهلية، اي، الامتناع قدر امكانها عن الانجرار الى الازمة السورية، وحماية مصالحها الامنية الحيوية بتصميم، وان كان بحذر وبكتمان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
طبول حرب لا يريدها احد
بقلم:البروفيسور إيال زيسر،عن اسرائيل اليوم
لا يمر يوم من دون تصريح حاد جديد على لسان مسؤول اسرائيلي كبير ما، يكون مجهول الاسم في الأكثر عما يجري في سورية. فيُتحدث يوما عن تهديد تسقط فيه اسرائيل نظام بشار الاسد، اذا رد على محاولاتها منع نقل سلاح متقدم الى حزب الله، ويُتحدث في الغد عن صافرة تسكين تقول إن اسرائيل معنية بأن يبقى بشار على سدة الحكم في دمشق.
في يوم الاحد من هذا الاسبوع أعلن رئيس الوزراء نتنياهو ان اسرائيل ستظل تعمل، ويعني هذا ضمنا أنها ستهاجم سورية لمنع نقل سلاح الى حزب الله، أما أمس فأعلن قائد سلاح الجو اللواء أمير ايشل ان على اسرائيل ان تستعد لامكانية حرب مفاجئة في هضبة الجولان وانهيار مفاجئ فوري للنظام السوري.
وازاء طوفان التصريحات هذا يبدو ان اسرائيل تشبه ذاك الذي يريد ان يأكل الكعكة ويبقيها كاملة. اجل إن اسرائيل مصممة على منع نقل سلاح الى حزب الله، لكنها تريد في نفس الوقت ان تخفض قدر المستطاع لهب النار التي قد تشتعل إثر عملية اسرائيلية كهذه. وتريد اسرائيل ايضا ان تُضعف الاسد وان تمنع مثلا وصول سلاح روسي متقدم اليه، لكنها معنية في نفس الوقت بمنع نشوب حرب شاملة قد تفضي الى تدخل اسرائيلي عميق فيما يجري في سورية، بل الى سقوط النظام السوري. راهنت اسرائيل في عملياتها الاخيرة في سورية على ضعف الاسد. ويُرى الرئيس انه غارق كله في صراعه على حياته في وجه المتمردين الذين ثاروا عليه، ولذلك كان الافتراض انه سيمتنع عن الانجرار الى مواجهة عسكرية مع اسرائيل قد تجلب نهايته.
إن ضعف بشار فتح اذا نافذة فرص لاسرائيل، لكنه أحدث في نفس الوقت مركز عدم يقين، بل أحدث تهديدا لنا. لأن الحاكم الضعيف الذي ليست له أملاك مثل بشار يمكنه ان يشعر بأنه أكثر تحررا، وأن مجال حيلته ازاء اسرائيل أوسع. وقد دمر المتمردون أصلا كل منشآت البنى التحتية في بلده التي حرص على حمايتها من اسرائيل. فلم يبق لاسرائيل في واقع الامر سوى سلاح يوم القيامة وهو التهديد باسقاط نظام بشار الاسد. لكن هذا السلاح يُستعمل في يوم القيامة حينما تفنى جميع الخيارات، لا إثر اطلاق ضال أو متعمد على دورية للجيش الاسرائيلي في هضبة الجولان أو اطلاق صاروخ على طائرات لسلاح الجو الاسرائيلي.
إن مشكلة مشكلات اسرائيل هي انه بخلاف الحزم الذي تُبينه تصريحات المسؤولين الكبار، فان السياسة الاسرائيلية المتعلقة بسورية أقل حزما ووضوحا. ولم يستقر رأي القدس بعد أهي معنية باسقاط الاسد أم هي معنية الى جانب ايران وحزب الله وروسيا ببقائه على كرسيه. ولم يستقر رأيها بعد هل يُسوغ منع زيادة صواريخ لحزب الله تزيد على عشرات الآلاف التي قد نُقلت الى المنظمة من قبل مخاطرة بالتدهور الى حرب شاملة مع السوريين، وهي حرب يبدو ألا أحد يريدها، لكن دائرة رعب عملية اسرائيلية ثم رد سوري وهكذا دواليك قد تفضي بنا اليها. وعلى كل حال لن تكون حرب كهذه حربا مفاجئة، كما يُحذر اللواء إيشل، بل ستكون حربا متوقعة مسبقا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
التشخيص: كراهية الذات
بقلم:اسرائيل هرئيل،عن هآرتس
قضت لجنة وزارية بأن محمد الدرة لم يُقتل، في شبه يقين، بنار جنود الجيش الاسرائيلي. وتنفس كثيرون في اسرائيل الصعداء لأن هذه على نحو عام طبيعة الانسان، أي ان يؤيد جيش شعبه ولا سيما حينما توجد آلاف الأدلة التي تُثبت طهارته. لأن أي جيش سواه في العالم يُبلغ أعداءه متى وأين سيهاجم بغرض منع اصابة المدنيين؟
لكن وُجد غير قليلين ايضا هاجموا التقرير: فهو غير موثوق به، وغير اختصاصي، وهو دعاية مضرة، يحق لمن لم يطلع على المواد التي اطلعت عليها اللجنة ان يخالف استنتاجاتها بالطبع. لكن صورة الانتقاد والتهكم والاستهانة مصدرها واحد وهو ان الجيش الاسرائيلي خرج بريئا، وهذا يخالف التصور العام لأنه من الواضح ان أحداثا مثل جنين والرصاص المصبوب ستبرهن على ان الجيش الاسرائيلي ينفذ جرائم حرب.
إن موت الدرة من جهة مبدئية ـ حتى لو قُتل ايضا ـ لا يختلف عن موت مئات أو ربما آلاف من الاولاد قُتلوا في الحروب الأهلية في ليبيا واليمن والعراق وسورية ولبنان. وينبغي ان نفترض انه فيما يتعلق بحالات قتل غير قليلة في سورية مثلا، توجد مادة مقنعة و’نوعية’ أي أكثر قسوة وأكثر دموية وأكثر اثارة للجزع ـ من الصور في ساحة مفترق نتساريم في ايلول/سبتمبر سنة 2000.
لكن وسائل الاعلام حولت الدرة وحده الى رمز، بسبب امكانية نسبة موته الى اسرائيل. وتُبث الصور منذ ذلك الحين الى اليوم ويتم تكرار بثها ـ باعتبار ذلك دعاية خالصة ـ في جميع شبكات التلفاز في العالم تقريبا. ورغم أنه لا يوجد ‘مقطع نهاية’ حقيقي يُثبت ان الولد قُتل، استنتج ملايين المشاهدين الكثير عن جيش الدفاع الاسرائيلي، ووسم جبين هذا الجيش فقط بعلامة عار ‘قاتل الاولاد’.
يُنتج الشريك الفلسطيني بجعله اسرائيل شيطانا، أبطالا. وتُنتج وسائل الاعلام العالمية التي تساعده على ذلك مشاهد تضخم أكثر من كل تناسب كل زلة اسرائيلية وتتهرب بصورة منهجية من الوحشية العربية التي توثق توثيقا جيدا وتشتمل على قتل اولاد بدم بارد.
تُبث ‘حكاية’ امرأة فلسطينية تستلقي لتلد قرب حاجز (ويولدها طبيب عسكري اسرائيلي لكنهم لا يبثون هذا) في مقدمة الأخبار في حين يذبح ‘الجانب المحق’ في سورية (أو في ليبيا أو في اليمن) بلا رحمة، ولا تكاد وسائل الاعلام تُظهر ذلك. يذبح المواطنين الذين هم من جسده ومن لحمه مع إظهار شهوة للقتل لا تحكم بها.
في غزة رمى رجال حماس بخصومهم من المباني المتعددة الطوابق، ونكلوا بعائلاتهم، ويوجد توثيق كبير لذلك، لكن الحكومات والمنظمات التي تندد باسرائيل بلا توقف، الى جانب شبكات الأخبار الكبرى في العالم، لا تندد ولا تكاد تبث ذلك لأن الصور مشاهدتها مؤلمة. وكذلك راعت قنوات التلفاز في اسرائيل التي تتبنى المعايير المهنية التي لا هوادة فيها لنظيراتها في الغرب، مشاعرنا وضاءلت إظهار الصور المزعزعة.
من الواجب علينا ان ننتقد أنفسنا، لكن جزءا كبيرا من انتقاد النفس أصبح تأييدا حقيقيا لأهداف العدو. فهم يتعاونون على نشر دعاية مسمومة، كما كانت الحال زمن عملية الرصاص المصبوب وبعدها، على دولة اليهود. ويشتغل بهذه الدعاية صحافيون ومنتجون ومخرجون، ويكون ذلك أكثر من مرة بنفقة مباشرة أو غير مباشرة من حكومة اسرائيل، وجمعيات ومنظمات سياسية. ولا يوجد بين العاملين في السينما والتلفاز حتى واحد يمنح واحدا من اولاد اسرائيل الذين قُتلوا بشتى أنواع القتل هالة البطولة. فهذا الحق محفوظ لمحمد الدرة وأشباهه فقط، وفي الأساس وفي العمق لا مفر من ان نسأل: هل أنتم معنا أم علينا؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أمن بطل الى قاتل؟
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
ما الذي جرى لايتمار ألون؟ لا أحد يستطيع ان يقول ما الذي سبب فورة جنونه القاتلة بالضبط، فقد أخذ أسراره الى قبره، لكن خلفيته تعطي عددا من الاشارات الخفية. بلغ ذروة نجاحه في حياته البائسة في خدمته العسكرية. فقد كان ألون ضابطا في الهندسة الحربية وفي حرس الحدود. وتقول أمه إنه كان جنديا يقتدى به. وأوحى كل ما حدث بعد خدمته العسكرية بالفشل. فيمكن ان نفترض من هنا ان شيئا ما قد اختل في طريقه من الجيش وحرس الحدود الى الحياة المدنية. سُجل بريق نجاح وحيد في سنة 2002 حينما صفى الحارس ألون بسلاحه مخربا في مدينته ونال عن ذلك وسام تقدير.
لم يتعلم ألون في الهندسة الحربية وفي حرس الحدود خاصة، استعمال السلاح فقط بل سهولة استعماله ايضا. وتعلم ايضا انه يمكن قتل أبرياء من دون ان يُعاقب، فقد خدم الخدمة العسكرية في المناطق. وللجمع بين حرس الحدود والمناطق معنى مميز جدا. فحرس الحدود هو أشد الاسلحة مرضا في سلطة الاحتلال. وتوجد لذلك اسباب اجتماعية وعرقية تنطوي عليها خلفية أكثر مقاتليه من الروس والدروز والاثيوبيين وسكان الأطراف الذين لا ترسلهم اسرائيل عرضا في تهكم ليكونوا رأس حربة سيطرتها العنيفة على الفلسطينيين؛ وليس من الصدفة ايضا أنهم يتحولون ليصبحوا أكثر قسوة.
لم يتعلم ألون في حرس الحدود اطلاق النار فقط، بل تعلم ايضا التعامل بقسوة وعنف وحل المشكلات ببندقيته، وان ينال عن ذلك ايضا وسام تقدير. وقد ضللنا العنوان الصحافي ‘البطل أصبح قاتلا’: لأن الحد الفاصل بين البطل والقاتل في المناطق خفي جدا، لا يلاحظه كثيرون ولا يعرف آخرون كالضابط ألون الخط الفاصل المطموس بين المناطق واسرائيل ايضا.
رأى ألون ان الأوغاد غيروا القواعد، فما كان مسموحا به في الخليل تقريبا أصبح مُحرما في بئر السبع.
وقد اقترنت بحكايته في موعد قريب حكايتان مشابهتان أخريان: ففي اليوم الذي أطلق فيه النار في كل اتجاه، أُدين ضابط حرس حدود آخر هو نير سوميخ بقتل جاره، بن تال. وقبل ذلك بأسابيع قتل مقاتل آخر من حرس الحدود هو غولان كوهين زوجته، إستر ابراهام. يمكن بالطبع ان نقول في هذه الحوادث الثلاث أنها وقعت صدفة ويمكن ألا نفعل ايضا.
يتحدثون الآن على أثر حملة القتل في البنك عن تغيير سياسة حيازة المواطنين للسلاح، وهذه بالطبع خطوة مهمة لكنها السهلة نسبيا. تشتغل اسرائيل إثر كل حرب بضحايا صدمة المعركة فيها. وتغطي في نفس الوقت على وجود ضحايا آخرين، هم ضحايا الخدمة العسكرية العنيفة في المناطق. إن عشرات الآلاف منهم ممن قتلوا واعتقلوا وضربوا وجرحوا وعذبوا وداهموا البيوت وفقدوا بوصلتهم الاخلاقية، يتجولون بين ظهرانينا كباقي البشر. وقد يكون أكثرهم تعافوا من صدمة معركتهم هذه، لكن ليس الجميع. وربما كان ألون واحدا من هؤلاء.
عرض تقرير نشره قبل بضعة أشهر قسم اعادة التأهيل في الولايات المتحدة، عرض معطيات شديدة تُبين ان 31 في المئة من خريجي فيتنام، و10 في المئة من خريجي حرب الخليج، و11 في المئة من خريجي افغانستان و20 في المئة من خريجي العراق شُخصت حالتهم بأنهم مصابون بأعراض ضغط ما بعد الصدمة؛ وشُخصت حالة 30 في المئة من الجنود الامريكيين الـ834.463 المسرحين المعالجين في السنوات الاخيرة بأنهم مصابون بهذه الأعراض.
إن الخدمة العسكرية في المناطق هي نوع من الحرب ايضا من جهة الآثار النفسية. وهي دائما عنيفة جدا. كتب البروفيسور يعقوب روفيه وهو مختص بالاختلالات النفسية أول أمس في صحيفة ‘اسرائيل اليوم’ عن ألون: ‘الحديث عن شخص يتميز سلوكه بسبب نشاطه بالعنف وكان في ماضيه نشاط في حرس الحدود اشتمل على اطلاق نار وعنف. ويميل مثل هؤلاء الاشخاص في حالات الغضب الى اخراج مشاعرهم بعنف’.
يحسن ان نتذكر هذا ايضا حينما نأتي لاجراء ميزانية كلفة الاحتلال. كان ألون وضحاياه جزءا منه فهم ايضا ضحايا اعمال اسرائيل العدوانية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
يمين لبيد الجديد
بقلم:أري شبيط،عن هآرتس
نجحت المراسلة المدهشة الموهوبة من صحيفة ‘نيويورك تايمز′ في اسرائيل في المكان الذي فشلت فيه وسائل الاعلام الاسرائيلية: فقد كشفت عن الصورة السياسية ليئير لبيد. إن الكلام المباشر الصريح الذي قاله وزير المالية العظيم السحر لجودي رودرن بيّن المستقبل السياسي الذي يراه زعيم ‘يوجد مستقبل’ أمامه.
هل كنتم تحسبون ان السياسي الجديد هو سياسي بلا ايديولوجية؟ اخطأتم، فأيديولوجية لبيد هي سلام من غير تقسيم القدس، واتفاق سياسي من غير محمود عباس، وحل الدولتين من غير تجميد البناء في المستوطنات. وخطة لبيد هي ان ينتظر عدة سنوات الى ان تُرسم الحدود الدائمة وأن يُفضل اثناء ذلك الاسرائيليون الذين سينتقلون للسكن في المستوطنات. أما في ما يتعلق بالقدس والفلسطينيين فقد تبين أن صديق ايهود اولمرت الصالح نسخة دقيقة عن بنيامين نتنياهو؛ وفي ما يتعلق بالمستوطنين، وقف ابن تومي بعيدا عن يمين بنيامين نتنياهو.
تُثبت المقابلة الصحافية التأسيسية في صحيفة ‘نيويورك تايمز′ أن الرجل الذي ورث ‘كديما’ في مركز الخريطة السياسية ليس من المركز السياسي. فلبيد محافظ في قميص قصير الكُم في السياسة، كما في الاقتصاد ايضا. وما يقترحه على اسرائيل ليس يسارا ولا مركزا، بل هو يمين جديد آسر.
من الطيب ان لبيد نطق بحقيقته آخر الامر، فقد بان ما كان غامضا في المعركة الانتخابية. وازداد حدة ما كان مطموسا منذ تم تشكيل الحكومة. خرج الثعبان من الكيس. ومن المنطق ان نفترض ان الوضع الجديد لوزير المالية بصفته زعيم اليمين الجديد سينفعه من جهة سياسية، فهو سيزيد قوة جذبه في الجزء القومي ـ القوماني من الخريطة. وسيُمكنه من توثيق الحلف مع نفتالي بينيت، وأن يقتطع من الليكود اقتطاعا كبيرا. يستطيع ناخبو افيغدور ليبرمان وقيم ليبرمان ايضا، ان يجدوا في ‘يوجد مستقبل’ بيتا أكثر أناقة من بيت ‘اسرائيل بيتنا’ القديم. واذا سلك سلوكا حكيما فان أيقونة اليمين التل ابيبية الجديدة تستطيع ان تبتلع اليمين المقدسي القديم في حين يقترح على اسرائيل رؤية آسرة للمحافظة الجديدة الحسنة.
لكن المعنى السياسي لكلام لبيد واضح، فهو يسد الطريق أمام اتفاق سياسي ولا يُمكن من اجراء من طرف واحد. وهو يعوق وزير المالية ويعترض رئيس الحكومة ويجعل الحكومة حكومة يمين قديم وجديد ومتطرف. أما صاحب الموهبة الذي جاء ليُغير فلا ينوي في الحقيقة تغيير الوضع الراهن في يهودا والسامرة. والنجم الذي وعد بالاقتطاع من نفقة مشروع الاستيطان يوشك ان يحول الى المستوطنات مليارات. وفي حين ينتظر سلاما مجردا لن يأتي، يوشك شقيق بينيت ان يدفع قدما بحلم المليون مستوطن لبينيت. ويوشك لبيد على غير عمد ومن دون ان يعلم ذلك ان يدفن نهائيا فكرة تقسيم البلاد.
وبذلك تعود الكرة الآن الى ملعب الوسط ـ اليسار والى الفريق الخاسر لبرنامج العمل السياسي. اذا كانت توجد أوهام فقد زالت: ربما يكون لبيد لاعبا رائعا وربما يكون قائد فريق رائعا لكن لا في فريقنا. وربما يحرز أهدافا مدهشة لكن لا في المرمى المقابل، إن الزي الحقيقي الذي يلبسه هو الزي المجدد البراق للفريق الخصم، وانتماؤه الحقيقي هو لاسرائيل المؤمنة بالقوة.
لهذا فان من يؤمنون الى الآن بأن من الواجب انقاذ الدولة اليهودية الديمقراطية من الاحتلال مُجبرون على ان ينظموا أنفسهم من جديد. واولئك الذين ما زالوا يريدون رسم حدود لاسرائيل مُجبرون على إظهار طريق جديد وفكرة جديدة. إن اجتياز لبيد للخطوط يدع في مركز السياسة الاسرائيلية فراغا ضخما يتحدى حزب العمل و’الحركة’ وميرتس والجناح اليساري من ‘يوجد مستقبل’ ايضا. وهو يُتيح فرصة ذهبية لقوى جديدة ولاعبين نوعيين يُسخنون على المقاعد استعدادا لدخول الملعب. فبعد أن زال أمل السلام الذي كان ينطوي عليه لبيد حان الوقت لأمل جديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
جامعة الأوهام
بقلم:غي بخور،عن يديعوت
يُعدل ممثلو الجامعة العربية ‘المبادرة السعودية’ لتصبح اتفاق ‘سلام’ مع اسرائيل، ووجد في هذه البلاد اشخاص هامشيون سارعوا الى مباركة الفكرة، بل زعموا أنها أهم مبادرة لاسرائيل، أحقا؟
إن هذه الجامعة غير موجودة في واقع الامر. وقد كانت بالفعل مبادرة من وزارة الخارجية المصرية، لنشر التأثير المصري في العالم العربي، وليس فيها شيء عربي عام. ولهذا اذا كانت امارة قطر، التي تدفع قدما بمبادرات مع اسرائيل، فان مصر ستفعل كل شيء لتصد ذلك. وقد قال شخص دبلوماسي مصري لنائب وزير الخارجية في القدس: تستطيعون نسيان مبادرة الجامعة العربية، فمن نصدق اذا؟
ولما كان التدخل المصري غير مرغوب فيه في الشرق الاوسط، فهذا يعني فشل تلك الجامعة في جميع أنشطتها. هكذا كانت الحال دائما وهذا ما يحدث الآن ايضا. فقد فشلت مبادراتها للتدخل في الحرب الأهلية في سورية، وخرج شمال افريقيا عن السيطرة عامة، وكذلك الوضع في لبنان والعراق.
أما المكان الوحيد الذي تستطيع فيه تلك الجامعة ان تُظهر نشاطا في ظاهر الامر، فهو اجراءات مقابل اسرائيل، وكل هذه المحاولات هي لمناكفة اسرائيل وجعلها تتورط مع الولايات المتحدة، من اجل كيان وهمي آخر هم الفلسطينيون. وهكذا يدفع كيان وهمي، هو الجامعة العربية، قدما بكيان وهمي آخر، وتُعاون على ذلك وزارة الخارجية الامريكية.
كانت الجامعة العربية السبب بعدم حصول اللاجئين العرب من ارض اسرائيل على الجنسية في الدول العربية؛ وهي التي استقر رأيها على قطيعة اقتصادية مع اسرائيل ما تزال نافذة الفعل الى اليوم؛ وهي التي دعت الى التحريض على اسرائيل، الى اليوم. ولا يوجد بين اعضائها من يدعو الى أية مصالحة او أية ارادة خيّرة.
وما الذي تمثله الجامعة؟ لا تمثل سوى نظم حكم الدول السنية أو ما بقي منها. أما الدول الشيعية فلم تعد تتعاون مع هذه الجامعة والقصد، العراق وسورية واليمن ولبنان. فهل تصنع اسرائيل السلام مع السنيين اذا؟ وماذا عن الآخرين؟ علينا ان نتذكر ايضا ان كل ارض يخليها الجيش الاسرائيلي سيستولي عليها فورا سلفيون مسلحون من جميع أنحاء العالم العربي، كما في سيناء أو سورية. فمن يهب لمساعدة اسرائيل اذا حينما تُهاجَم؟ هل مقاتلو الجامعة العربية المحبة لـ’السلام’؟
والى ذلك فانه بحسب دستور تلك الجامعة، يقتضي كل تغيير في المبادرة العربية تصويت رؤساء الدول العربية أو وزراء الخارجية على الأقل، ولم يتم هذا ولن يتم ايضا لأنه لن يرفع أي رئيس دولة عربي يده من اجلها.
كانت هذه المبادرة دائما نزوة دبلوماسية ولن يقبلها الشارع العربي أبدا. ولم تتناول وسائل الاعلام العربية تقريبا في الحقيقة هذا ‘التعديل’ للمبادرة لأنه افتراضي.
وهذا برهان آخر على أنه لا نرى أمامنا سوى وهم ومحاولة فظة لحشر اسرائيل في زاوية جديدة ما، ومحاولة عربية اخرى في مئة سنة حرب نهايتها الفشل كبدايتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ


رد مع اقتباس