اقلام واراء عربي 401
18/5/2013
في هذا الملــــف:
الانقلاب العسكري.. والأربعة المبشرون بروتانا!
بقلم: سليم عزوز – القدس العربي
اغلاق معبر رفح: انتقام في غير محله
بقلم: رأي القدس – القدس العربي
انتهى الحجيج.. فهل اقتربت الحرب؟!
بقلم: عبد الباري عطوان – القدس العربي
الضمير العربي العابر للحدود
بقلم: حلمي الأسمر - الدستور
لا بديل عن حق العودة
رأي الدستور - الدستور
أردوغان و«أخونة» الصراع في سورية
بقلم: مصطفى زين – الحياة اللندنية
في الذكرى العاشرة لتفجيرات المحيا والحمراء... الأسلاك الشائكة لا تزال هناك!
بقلم: جمال خاشقجي - الحياة اللندنية
عربياً.. التاريخ يعيد نفسه!
بقلم: يوسف الكويليت – الرياض
أنا حفيد سيد قطب رغم أنف جماعة الإخوان
بقلم: عز الدين عبد الرحمن – اليوم السابع
وجهان لعملة واحدة
بقلم: د. حامد طاهر – اليوم السابع
الانقلاب العسكري.. والأربعة المبشرون بروتانا!
بقلم: سليم عزوز – القدس العربي
تشاهد الفضائيات في مصر، فتقف على أنها تعاني شُحاً مُطاعاً، فأقل من عشرين شخصاً يتنقلون بين الاستوديوهات طوال الليل، وحتى اشراقة يوم جديد، لدرجة أن البرامج التلفزيونية صارت شبيهة بالمقررات الدراسية، وعندما يقرر مقدمو البرامج ‘ تحدي الملل’، فإنهم يستضيفون أنفسهم، فتذهب إلى هذه القناة فتجد شخصاً يعمل مذيعاً، وفي القناة الأخرى تجده يشتغل ضيفاً، ومعتز بالله عبد الفتاح، كان ضيفاً ذات يوم مع عماد أديب على ‘سي بي سي’ محللاً، وفي البرنامج التالي على ذات القناة شاهدته مذيعاً ومحاوراً.
برنامج ‘ساعة مصرية’ على ‘روتانا’، يحتفي بأربعة أشخاص، كمقرر دراسي يومي، وعندما قرر مقدم البرنامج تامر أمين الحصول على إجازة أسبوعية، قام باختيار احد ضيوفه من دون الأربعة مذيعاً، وهو يجلس على ‘دكة الاحتياط’، كغيره، لمواجهة أي احتمالات واردة باعتذار احد الأربعة المبشرين بروتانا، وقبل ساعات من كتابة هذه السطور، شاهدت الضيف المذيع، وقد جاء بطاقم من الضيوف خاصاً به، ليس من بينهم واحداً من الأربعة المقررين علينا بقرار من وزير المعارف!
يمثل الإخوان في برنامج تامر، النجم الفضائي الجديد السابح في الملكوت، هاني صلاح الدين، ومشاهدته مرة في الشهر تكفي لإحداث حالة من التشبع لديك، والتي قد توردك مورد التهلكة بدوافع الاكتئاب، ومؤخراً أسندوا إليه بالإضافة إلى كونه ضيفاً مستديماً على مائدة ‘روتانا’، وغيرها، مسؤولية الإدارة في ‘مصر 25′، فضائية الإخوان الفاشلة، التي إذا جلس أمامها باسم يوسف يوماً واحداً في كل شهر، لأنجز من خلالها فقط برنامجه لأربع حلقات، ولوجد فيها تنويعاً يغنيه عن التكرار، ومشكلة برنامج باسم يوسف أنه صار أسيراً لموضوع واحد هو السخرية من الدكتور محمد مرسي، وهو أمر يكفي لإصابة المشاهد بالتخمة، تماماً كما يحدث له عندما يشاهد هاني صلاح الدين!
الحلقات الأفضل في برنامج باسم هي تلك التي كان يعلق فيها على كلام مقدمي الفضائيات، ومن عماد أديب إلى لميس الحديدي التي كان يستخدمها فزاعة للأطفال في البيوت.. وللكبار أيضاً. وفي طفولتنا المعذبة كانوا يهددوننا بالعسكري إن لم ننم، وفي هذه الأيام فان التهديد يكون بلميس، لكن باسم صار صديقاً لهؤلاء، وفي الأسبوع الماضي حاورته المذكورة، وبعد ربع ساعة شعرت أن المخزون الاستراتيجي من الأوكسجين في منطقة الشرق الأوسط نضب.
وقد سبق لها أن أوقفت برنامجها في ‘سي بي سي’ احتجاجاً على تعرض باسم لها، لكن باسم الآن صار متوافقاً معها بدون اتفاق فهو يهاجم الرئيس، كما تفعل هي، وهي كلما تذكرت اسم محمد مرسي، ذهبت بوجدانها إلى الأيام الخوالي، عندما كانت تعمل في البلاط، وكانت فخورة بأنها مسؤولة الدعاية بحملة المخلوع، وقد منوا عليها ببرنامج في تلفزيون الريادة الإعلامية.
خيبة الإخوان
‘مصر 25′، خيبة الإخوان الثقيلة، ويعمل بها اثنان من مقدمي البرامج، عندما تشاهدهما، فانك لن تجد نفسك بحاجة للذهاب إلى ‘موجة كوميدي’، الأول هو محمد العمدة، الذي اخبرنا بأنه ظل يرضع من ثدي أمه ست سنوات، والثاني هو الاختراع الإعلامي الجديد، الذي يطلق عليه باسم ‘خميس′، ليذكرنا بخميس أبو العافية الذي كان يراسل التلفزيون المصري من تل أبيب، وكنت تشعر أن قطعاً أسمنتية محشورة في أنفه، وسرعان ما اصطحب فنانو الكوميديا طريقته في الحديث إلى المسرح الساخر!
هاني صلاح الدين، بالإضافة إلى كونه ضيفاً مستديماً في ‘ساعة مصرية’، ومسؤولا إدارياً بقناة الإخوان، فانه يقدم برنامجاً على هذه القناة، وهو مع هذا يظل الليل كله يسبح في الفضاء اللامتناهي، والإخوان لديهم ندرة في الكفاءات، ويعتبرون هاني اكتشافاً شبيهاً باكتشاف البرتغاليين لرأس الرجاء الصالح، واكتشاف جمال مبارك لجهاد عودة، ولأنه كذلك فلا نستبعد إذا وجدناهم قد اسندوا إليه رئاسة مجلس مدينة أرمنت، وموقع رئيس مجلس إدارة مصنع عسل نجع حمادي.
الغريب، انه والحال كذلك، فان هناك من يتحدثون عن الاخونة، و أن مهمة صلاح عبد المقصود في وزارة الإعلام هي أخونتها. فمن أين يأتي بالناس التي تشغل المواقع؟.. ومثلي لا يخاف من استعانة الجماعة بكوادرها، فما أخشاهم هم ‘المؤلفة قلوبهم’، وهؤلاء هم من بالغوا في إثبات الولاء، حتى حولوا بعض الصحف القومية إلى منشورات تصدر من حزب ‘الحرية والعدالة’.
زميلنا مجدي الجلاد من هذه المقررات الإعلامية، فهو يعمل مذيعاً وضيفاً على مدار الساعة، وهو وحده آية تذكرنا بالحديث القدسي ‘وعزتي وجلالي لأرزقن من لا حيلة له حتى يتعجب من ذلك أصحاب الحيل’، فليس فيه من المواصفات القياسية للمذيع ومع هذا فهو مذيع وضيف، ومن السابحين ليلاً في الفضاء اللامتناهي، وذات ليلة وجدته يسبح مع معتز الدمرداش، وكانت ليلة ليلاء، كما قال الشاعر، الذي لا يحضرني اسمه الآن.
الفريق السيسي وزير الدفاع المصري، كان قد قطع قول كل خطيب، وأوقف حالة ‘الشحتفة’ التي عمت البلاد، من المطالبين بنزول الجيش وانقلابه على السلطة وشحن الإخوان إلى المعتقلات كما فعل عبد الناصر، الذي يتم استدعاؤه هذه الأيام من كافة الأطراف، فخصوم الجماعة يستدعونه عندما يتمنون التخلص منهم كما فعل ناصر، والمناصرون للإخوان يتذكرونه عندما يدعون لمذبحة للقضاة كتلك التي فعلها عبد الناصر.
وزير الدفاع قال إن القوات المسلحة تحترم الشرعية، وأن التغيير يكون عبر الصندوق الانتخابي، وحذر من فكرة استدعاء الجيش!
كيد النساء
لكي أضع القارئ غير المتابع في الصورة، فهناك أصوات ترتفع في مصر تطالب الجيش بإحداث انقلاب عسكري، وتخليص البلاد من حكم الإخوان، حتى أولئك الذين هتفوا معنا قبل الثورة وبعدها بسقوط حكم العسكر، فالأمور صارت محكومة بنظرية ‘كيد النساء’.. حوالينا لا علينا.
وقد اختلطت أصوات الثورة بأصوات من يمثلون الثورة المضادة، وهناك من راهنوا عندما كان الحكم ثنائياً على المجلس العسكري وتقربوا إليه بالنوافل، واتخذوا موقفاً عدائياً من الرئيس باعتباره الخيار الضعيف، وبنو كل مشاريعهم المستقبلية على هذا القرب، وكان المجلس طوال عام ونصف العام من حكمه، يستدعي خبرة النظام البائد في التعامل مع الأحبة والأنصار من خلال ‘رشات جريئة’ عليهم، لكن الإخوان لديهم أزمة الجائع النهم، فهم طامعون في كل المواقع، أما الفتات المتناثر فيشترط فيمن يتحصل عليه من خارج التنظيم أن يكون خاضعاً خضوع العبد المطيع لسيده، ويشترط فيه أن يكون فاقداً للكاريزما، وفي حالة ‘انسحاق عذري’.
كلنا لم نتوقع أن يفعل مرسي ما فعل، بإنهاء زمن العسكر بعد ستين عاماً من الحكم العضوض، وإقالة المشير ورئيس أركانه، في حركة أفقدت المحيطين بهما اتزانهم، فعقدت الدهشة ألسنتهم، وظنوا أنها القاضية، ثم فوجئوا ببعض قوى المعارضة المنتمية للثورة، تطالب بتدخل العسكر، فانضموا إليهم، وكان معهم إعلام الثورة المضادة يروج للأمر ويصوره على أنه قاب قوسين أو ادني من التحقق!
ولم يكن في الأفق ما يشير إلى أن هناك انقلاباً وشيكاً سيقع، لكنهم نسجوا القصص وحلقوا في الخيال، وكنت تستمع إلى كلمات واضحة، من قيادات عسكرية، لا تشير إلى ما يتخيلون، فيندفعون للشرح والتحليل والغوص فيما وراء الكلمات والبحار، وتحميلها غير ما تحتمل ليؤكدوا أن الانقلاب قادم لا ريب فيه.
الثورة المضادة دخلت في قصة التبشير بالانقلاب بكل ثقلها، بما تملكه من أدوات إعلامية، وبرامج ‘التوك الشو’ التابعة لهؤلاء كانت تظل الليل كله تبشر به، ووجدت القوى المدنية المنتمية للثورة بشكل أو بآخر في إعلام الفلول عوناً استراتيجياً، وللأسف فان بعض القوى لا تمانع في حضور ‘الناتو’ رأساً لإسقاط حكم الإخوان، وفي حضور الاحتلال، فالغل يعمي ويصم، والذين قدموا أنفسهم سابقاً على أنهم من الدعاة للدولة المدنية، صاروا الآن لا يمانعون في أن يكون لدينا حكم عسكري مقابل أن يغادر الإخوان.
قبل عدة شهور أعلن احد القيادات بالجيش وهو العميد أسامة الجمال في حضور الفريق عبد الفتاح السيسي أن الجيش لن ينقلب على الشرعية، فلطمت مذيعة قناة ‘التحرير’ اللطمة الأولى وأقامت مناحة كبرى، وسرعان ما نسينا هذا وتم التبشير من جديد بانقلاب عسكري وشيك، والذي بدأ بكذبة صدقها من أطلقوها وعاشوا الوهم، فلما ران على قلوبهم لم يجد وزير الدفاع مناصاً من أن يعلن رأيه قاطعاً، كحد السيف، فخيم عليهم الإحساس بخيبة الأمل.
معتز الدمرداش، استدعى لبرنامجه المحلل الاستراتيجي العملاق مجدي الجلاد، الذي لم تكن حالته تتحمل مزيداً من الانتظار إلى حين ظهوره في برنامجه على محطة ‘سي بي سي’، فجاء ليؤكد ان تصريح السيسي ‘صادم’، وأنه ‘مصدوم’، وكانت مناحة عظيمة، فيها ‘صادم’ و ‘مصدوم’ وبينهما مجدي، ولا تقل هذه المناحة عن تلك التي نصبتها رولا خرسا حرم عبد اللطيف المناوي، مسؤول التبشير السابق بجمال مبارك.
هذه عائلة مبتلاة حقاً، فقد كان البعل قريباً من الباب العالي، وتمكن في أيام الثورة من أن يفتح خطاً مع المجلس العسكري، لدرجة أن الثوار كانوا يطالبون بإقالته من منصبه كرئيس لقطاع الأخبار بالتلفزيون، بسبب قيادته لحملة تشويه الثورة والثوار، وفي مواجهة هذه الحماية، جرى حصار مكتبه واقتحامه والاعتداء عليه، فضمن له العسكر خروجاً آمناً إلى لندن.
كانت عائلة المناوي ستكون في حال غير الحال لو أن مبارك الابن حكم، لكن حكم العسكر كان بديلاً مريحاً لها، وإذا كان القوم فشلوا في إبقاء رب العائلة في موقعه بسبب زخم الثورة، فان عودة العسكر بعد الانقلاب الذي تم التبشير به، لن يواجه بممانعة تحول دون أن يستكمل المناوي مسيرته الوظيفية وبدون معارضة، لكن عندما قال الفريق السيسي ما قال اسقط في يد السيدة حرمه، وبدت ملامحها غريبة وهي تستنكر ما قاله، واستمرت في رسالتها التحريضية، فالجيش ‘اتبهدل’ على يد الإخوان، والسيسي قال الحل عند الشعب. وبدا كلام الرجل يحتاج إلى مذكرة تفسيرية، مع أنه في الدول الديمقراطية فان الشعوب هي صاحبة السيادة.
عندما ينفعل المرء فانه يكون خارج مناط التكليف، وقد انفعلت رولا خرسا، فانفعلت لانفعالها بالعدوى، وقالت إن الفريق قال ‘لا تنتظروا الجيش’. وتساءلت في براءة ‘طازجة’ لم تتعرض لعوامل التعرية: ‘من ننتظر إذن’؟!.. ووجدتني أقول وانا في الحالة سالفة الذكر: ‘انتظري عبد اللطيف’.
ومع كل هذا فان ما يشفع لرولا خرسا أنها مقدمة برنامج وفقط، وفي أيام العز كانت تقدم برنامجين، ولم أشاهدها ضيفة، ومحللة إستراتيجية، مثل فرق المحللين الجدد الذين يمثلون مقررات إعلامية في زمن الشح والندرة.
أرض جو
ـ الحكم القضائي بإدانة الإخواني عصام العريان لصالح المذيعة جيهان منصور نشر في الصفحات الأولى بالصحف.. وحكم إدانة المذيعة بتهمة سب العريان نشر في صفحات الحوادث منزوياً لا تقع عليه العين بسهولة.. حظوظ؟
اغلاق معبر رفح: انتقام في غير محله
بقلم: رأي القدس – القدس العربي
السلطات المصرية تواصل مفاوضاتها مع عدد من شيوخ العشائر في صحراء سيناء للافراج عن تسعة من الجنود المصريين تعرضوا لعملية خطف وهم في طريق عودتهم الى القاهرة في حافلات صغيرة.
اللجوء للمفاوضات للتعاطي مع هذه القضية الخطيرة والمعقدة قرار يعكس الكثير من الحكمة والتروي، لان اللجوء الى العنف قبل استنفاد كل الطرق والوسائل السلمية قد يعطي نتائج معاكسة تماما، مضافا الى ذلك انه اي اسلوب التفاوض حقق نجاحا في بعض الحالات المماثلة.
ما يصعب فهمه، بالنسبة الينا، والكثيرين مثلنا، هو اقدام افراد غاضبين من الشرطة المصرية على اغلاق معبر رفح الحدودي، المنفذ الوحيد لمليوني فلسطيني في قطاع غزة الى العالم الخارجي.
شهود عيان قالوا لوكالات انباء اجنبية ان اغلاق المعبر جاء كرد فعل على اختطاف الجنود المصريين الذين يعملون في محافظة شمال سيناء في الساعات الاولى من يوم الخميس الماضي للمطالبة بالافراج عن متشددين اسلاميين سجناء مقابل الافراج عن هؤلاء الجنود.
الخاطفون، ومثلما تؤكد المعلومات التي نقلتها الوكالات الاجنبية، هم متشددون اسلاميون من ابناء محافظة سيناء، والمخطوفون هم من جنود الامن المصريين، فما ذنب معبر رفح والفلسطينيين الذين تقطعت بهم السبل على جانبيه، بحيث بات على الكثيرين منهم، خاصة اولئك العائدين الى القطاع المبيت في العراء لايام وربما لاسابيع، لانهم اصبحوا رهائن اخرين يدفعون ثمن جريمة خطف ليس لهم فيها ناقة او جمل.
حركة المقاومة الاسلامية ‘حماس′ التي تحكم قطاع غزة حاليا، ادانت عملية خطف الجنود المصريين، واعربت عن استعدادها لوضع كل ما لديها من امكانيات للافراج عن هؤلاء المخطوفين منذ اللحظة الاولى للاعلان عن هذه العملية الاجرامية، وهذا موقف يحسب لها، ويكشف عن تعاونها الايجابي لايجاد الحلول والمخارج، واطلاق سراح هؤلاء الجنود الابرياء. ما يوقعنا في حيرة كبيرة ان هؤلاء الجنود الغاضبين اقدموا على اغلاق معبر رفح بتصرف جماعي من جانبهم، ودون اي تعليمات من قيادتهم السياسية او العسكرية مما يعكس جريمة اكبر، اي عدم الانضباط العسكري والتصرف بمعزل عن القانون وهم الذين يجب ان يكونوا الاحرص على تطبيقه وفرض احترامه.
في العرف العسكري، في الدول جميعا، يجب تقديم هؤلاء الى محكمة عسكرية، لانهم تصرفوا بطريقة غير مسؤولة، ووضعوا انفسهم فوق القانون، وهم بذلك لا يختلفون مطلقا عن الخاطفين بتصرفهم هذا، بل جريمتهم اكبر.
نتمنى ان تتدخل السلطات المصرية، وتفرض هيبتها باعتقال هؤلاء وتقديمهم الى المحاكم المختصة، واعادة فتح المعبر امام المسافرين في الاتجاهين، احتراما لمصر ومكانتها وسيادة قوانينها، لان اغلاق المعبر، وبهذه الطريقة ‘المزاجية’ يسيء لمصر الثورة وصورتها امام العرب والعالم، وهذا ما لا نتمناه نحن الذين نحبها، ونحترم قوانينها، ونحرص على سيادتها وامنها، ولا نتمنى لها الا الخير والاستقرار معا.
انتهى الحجيج.. فهل اقتربت الحرب؟!
بقلم: عبد الباري عطوان – القدس العربي
اختتم السيد رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا يوم امس مسلسل ‘الحجيج’ العربي الشرق اوسطي الى العاصمة الامريكية واشنطن، الذي بدأه قبل شهر الشيخ محمد بن زايد ولي عهد امارة ابو ظبي، ثم كل من الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، والشيخ حمد بن خليفة امير دولة قطر، وكان العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني هو الزائر قبل الاخير.
الهدف من هذا الحجيج التعاطي مع الملفين الاكثر التهابا في المنطقة، الاول ملف الطموحات النووية الايرانية، والثاني الحرب الاقليمية المتفاقمة على الارض السورية من خلال وكلاء محليين سوريين وغير سوريين.
القاسم المشترك بين الدول الخمس وممثليها الذين زاروا واشنطن تباعا، هو التدخل بشكل مباشر في الأزمة السورية ماليا وعسكريا، والاستعداد للتدخل الى جانب الولايات المتحدة واسرائيل، كل حسب دوره وقدراته، في حال قررتا بدء الضربات الجوية لتدمير المنشآت النووية الايرانية.
الآن، وبعد ان اكتمل النصاب، وجرى التشاور حول هذين الملفين، وتوزيع الأدوار، ما هي الخطوة التالية المتوقعة، وهل باتت الحرب وشيكة، ومن الذي سيشعل فتيلها اذا ما تقرر الانتقال من مرحلة الانتظار الى مرحلة الفعل؟
جميع الاطراف الهادفة او المستهدفة تضع اصبعها على الزناد، وتعيش في حالة من الطوارئ والاستعدادات القصوى، مع التأكيد على امرين اساسيين، الاول ان الخوف من تبعات الحرب يسيطر على الجميع، والطرفين الاسرائيلي والامريكي على خاصة، ووجود نزعة شبه انتحارية لدى الطرف الآخر المدعوم روسياً وايرانيا، بعد ان طفح كيله من الاهانات الاسرائيلية، والدمار الذي لحق ببلده، وعدم وجود اي امل وشيك بالحسم العسكري، ونحن نتحدث هنا عن النظام السوري تحديدا.
الاسرائيليون هم اكثر الاطراف رعبا وقلقا، وهم قد يكونون الطرف الذي يفجّر الحرب الاقليمية في اضخم صورها واخطرها، وهذا ما يفسر الزيارة المفاجئة التي قام بها الى تل ابيب جون برينان رئيس وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.آي.ايه) في اليومين الماضيين، بهدف التهدئة، ومنع اي حماقة جديدة تتمثل في غارات جديدة على اهداف سورية.
بيني غانتز رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي حذر قبل ثلاثة ايام من ان اسرائيل لن تتسامح مع اي ارسال لشحنات اسلحة سورية حديثة الى حزب الله في لبنان، وستقوم بضربها، ولا يوجد اي مؤشر بان شحنات هذه الاسلحة ستتوقف، بل ما يحدث هو العكس تماما.
‘ ‘ ‘
ما يرهب الاسرائيليين اكثر هذه الايام، واكثر من اي وقت مضى، الصلابة غير المعهودة في الموقف الروسي الداعم لنظام الرئيس الاسد، الذي انعكس في المضي قدما بتسليمه بطاريات صواريخ من طراز اس 300 المضادة للطائرات، وفشل نتنياهو في منعها، وهو الذي نجح في زيارة سابقة في الغاء عقد لشراء ايران العشرات منها، وارسال موسكو غواصات نووية، وسفنا حربية للوجود قرب السواحل السورية تحت عنوان حماية القاعدة الروسية في طرطوس.
قلنا اكثر من مرة، ونقلا عن مصادر وثيقة، ان شهر حزيران (يونيو) قد يكون هو الموعد المحدد للحرب المتوقعة في المنطقة، وما يفصلنا عنه ايام معدودة اذا صحت هذه التسريبات، والسيناريو الاكثر ترجيحا هو اقدام طائرات اسرائيلية على قصف اهداف داخل سورية تحت ذريعة الحفاظ على الامن الاسرائيلي، واختراق الخط الاحمر بإرسال اسلحة الى حزب الله.
هناك مؤشرات قوية بان روسيا اعطت الضوء الاخضر للنظام السوري وحزب الله، للرد على اي عدوان اسرائيلي جديد، الامر الذي سيفجر المنطقة بأسرها. فجميع الاطراف ملّت من حالة الانتظار، وضاقت ذرعا من اطالة امد الجمود وغياب الحسم، سواء تجاه الملف الايراني، او ازاء تفاقم تعقيدات الملف السوري، وتوسع نفوذ التنظيمات الجهادية في اطرافه الشرقية والغربية.
القيادة الروسية لن تكرر خطأها في السكوت عن تغيير النظامين العراقي والليبي على ايدي حلف الناتو وحلفائه العرب، والا لخسرت مصداقيتها ومصالحها كقوة عظمى، والنظام السوري اثبت، اتفقنا معه او اختلفنا، انه اصلب من ان يكسر مثلما كان يتوقع الكثيرون، والاسرائيليون والاتراك وبعض العرب على رأسهم.
الحل السياسي الذي اطلّ برأسه اثناء اللقاء بين جون كيري وزير الخارجية الامريكي ونظيره الروسي سيرغي لافروف تراجع، ان لم يكن تبخّر، فرفض الطرفين المبطن له، الحكومة والمعارضة، والخلاف على مصير الرئيس الاسد في نهاية المرحلة الانتقالية وحجم صلاحية الحكومة الانتقالية التي ستشكل ومن سيتمثل فيها، وأدت هذا الحل وهو نطفة.
‘ ‘ ‘
من الصعب علينا ان نراهن على اي من احتمالات الحرب او الحل السياسي، لان الاولى مكلفة جدا في زمن لا تريد الادارة الامريكية، او تتهرب، من اي حرب في المنطقة، اما الاحتمال الثاني، اي الحل السياسي، حتى لو جرى تذليل كل العقبات في طريقه فإنه سيحتاج الى وقت طويل وغير مضمون النتائج.
الشيء الوحيد الذي يمكن ان نقوله بكل ثقة ان الوضع الحالي لا يمكن ان يستمر، لانه ليس في مصلحة اي من الاطراف الاقليمية والدولية، لان هناك اتفاقا فيما بينها على ان الخطر المشترك هو جبهة النصرة وشقيقاتها، ولا بد من مواجهته.
الخلاف حاليا هو هل ستكون الأولوية لاسقاط النظام اولا، والانتقال بعد ذلك لمواجهة الجماعات الجهادية، ويفضل هذا التوجه امريكا واسرائيل والحلفاء العرب والاتراك، او تتم هذه المواجهة مع بقاء النظام واعطائه الدور الاكبر في هذا الصدد، والروس والايرانيون من محبذي هذه النظرية وداعميها.
الاسابيع المقبلة قد تحسم الكثير من القضايا والملفات المتفجرة، والمنطقة في انتظارالحماقة الاسرائيلية المقبلة.
الضمير العربي العابر للحدود
بقلم: حلمي الأسمر - الدستور
تعبنا من الخسارة، يجب على هذه الجغرافيا العودة إلى ساحة التاريخ، هكذا تكلم شاب متحمس، يرأس وحدة خاصة للتواصل مع الجمهور، في رئاسة الحكومة التركية، أسست بعد الربيع العربي!
لا يعلم أهل «الربيع» أنه أحدث ثورة ترددت أصداؤها في العالم كله، ولا يعلمون أيضا، أن كثيرا من الشعوب الحية وحكوماتها أيضا مسّها سحر الربيع، فتجاوبت معه، وانفعلت به، أكثر من أصحابه، حتى ما قبل سقوط مبارك، كان النظام السائد في عالم العرب، هو نظام كامب ديفيد، الآن، بعد ثورة مصر وخروج الأسد من اللعبة، سينتهي هذا النظام!
يقول مؤرخ تركي وعالم اجتماع: ثمة ضمير عربي جديد عابر للحدود يتشكل في مرحلة «الربيع» أثر على العالم كله، ضمير يحمل مفاهيم جديدة: كرامة، حرية، عزة، شراكة!
المؤرخ نفسه، يرد ولو ضمنيا على من يهرعون إلى واشنطن، طلبا لـ «الغوث» حين يقول، إننا بتنا نعيش في عالم متعدد الأقطاب، صحيح أن أمريكا لم تزل الأقوى، ولكن ليس في كل الملفات وأوباما بات يعرف «حجمه» الطبيعي، من الصعب الآن أن نرى مبادرات تقودها أمريكا، أوباما اليوم يلعب دور «المُسهل» عبر تحالفاته مع هذه الجهة أو تلك، للمرة الأولى –كإثبات على هذا الأمر- تبدي أمريكا «احتراما» لقرارات الأمم المتحدة!
ثمة عصبيات جديدة تتشكل في المنطقة، تلك من الحقائق الغائبة تقريبا عن رؤى الساسة والمؤرخين، عصبيات غدت تحرك الأحداث أكثر بكثير مما كانت تحركها تناقضاتنا مع العدو الأزلي، عصبيات مذهبية وطائفية تأكلنا داخليا، فيما العدو الأكبر يستمتع وهو يرانا نذوي وننزوي، هل ثمة مؤامرة؟ ولم لا؟ لكنها من المؤكد ليست من خارج الحدود، فنحن نتآمر علينا، ونأكل بعضنا، في مواجهات بينية غير مسبوقة!
هل يمكن للضمير العربي العابر للحدود، ألا يتوقف ولو قليلا كي يرى ما آل إليه الربيع الذي أنبته؟ بالمناسبة، قد لا نعرف أن اكبر دول الربيع وهي مصر، عاشت ما عاشته تركيا في بداية الثورة الهادئة التي قادها اردوغان، قد لا نعرف، أن السنتين الأوليين في حكم اردوغان كانتا شبيهتين بما يجده مرسي اليوم من خصومه، ولكنه صبر وناجز وصمد وحافظ على جذوة ثروته متقدة، وربما على مرسي اليوم أن يصبر ويصبر ويصبر، ويعبر هذا البرزخ بأقل الخسائر، لعل الخصوم يتعبون، كما تعبنا من الخسارة!
مقولات كثيرة انحفرت في الوجدان، على مدار الأيام الماضية التي قضيتها في عاصمة الخلافة، وأختم هذه الجولة التي ربما طالت أكثر مما ينبغي، واكثر مما يحتمل عمود صحفي، ومن هذه المقولات صوت قوي تردد في جنبات مجلس الشعب التركي، اطلقها رئيس كتلة حزب العدالة والتنمية: نحن لسنا أسياد الشعب، نحن خُدامه!
لا بديل عن حق العودة
رأي الدستور - الدستور
يجيء تأكيد الفعاليات الشعبية الفلسطينية في داخل الوطن المحتل، وفي الشتات على حق العودة في ذكرى النكبة الاليمة، ليذكر الجميع بأن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن هذا الحق المقدس، والذي هو محور الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، وسيبقى متمسكاً به حتى يعود اللاجئون الى وطنهم بموجب القرار 194، الذي طردوا منه بالقوة وبفعل المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية.
وفي هذا السياق فلا بد من الاشارة الى ان العدو وبمساعدة حلفائه وخاصة واشنطن ولندن حاول وعلى مدار اكثر من ستة عقود شطب حق العودة من خلال سياسة التذويب والانصهار التي روّج لها جون فوستر دالاس وزير خارجية اميركا في اوائل الخمسينيات من القرن الماضي.. وفحواها ان الكبار يموتون والصغار ينسون، وكانت المفاجأة التي اربكت العدو وحلفاءه ان الصغار لا يقلون تمسكاً وتعلقاً بهذا الحق، وقد استقر في وجدانهم ان الوطن هو عنوان الوجود ولا كرامة لمن لا وطن له..!!
ومن هنا فان صمود الشعب الفلسطيني في وطنه، وتمسكه بحق العودة وعدم التنازل عن هذا الحق هو فعلاً ما يقض مضاجع العدو، وخاصة انه حق مقدس لا يسقط بالتقادم، ولا يحق لأي كان ان يتنازل عنه لأنه حق فردي وجماعي مقدس.
ومن هنا تأتي مطالبة العدو الصهيوني للسلطة الفلسطينية الاعتراف “بيهودية” الدولة الاسرائيلية.. فهذا الاعتراف - اذا ما حصل - يعني شطب حق العودة هذا أولا، ويعني ثانياً تسفير العرب الفلسطينيين في ارض 1948 من وطنهم، على اعتبار ان الاعتراف “بيهودية اسرائيل” تعني ان فلسطين لليهود فقط، وليس لأحد مكاناً فيها.
محاولة العدو الالتفاف على حق العودة وشطبه، تذكرنا بالمبادرة العربية واخضاعها هذا الحق للمفاوضات مع العدو، وهو ما يعتبر تراجعاً عربياً خطيراً في اهم واخطر محور تستند اليه القضية الفلسطينية، وهو ما يدعونا الى مطالبة الدول الشقيقة والجامعة العربية الى اعادة تصويب هذا البند ليعود كما ورد في القرار 194، بعد ان رفض العدو الاعتراف بالمبادرة العربية، واعتبرها مجرد حبر على ورق ولا تستحق المناقشة.
ان التفريط بحق العودة، يعني التسليم بحق اسرائيل المقدس في فلسطين، والتسليم بنفي الشعب الفلسطيني من وطنه في اربعة ارجاء الارض، وهذه خطيئة كبرى ترقى الى مرتبة الجريمة والخيانة العظمى، ففي الوقت الذي يسن العدو فيه “قانون العودة” والذي يحق بموجبه لأي يهودي وفي أي ارض يقيم، العودة الى فلسطين والاقامة فيها، تقوم المجموعة العربية بمحاولة افراغ هذا الحق التاريخي المقدس من مضمونه..!!
مجمل القول: لا حل للقضية الفلسطينية الا بعودة اللاجئين الى وطنهم، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على تراب وطنهم وعاصمتها القدس الشريف، واي محاولة لتهميش هذا الحق، او الانتقاص منه هي جريمة وخطيئة لا تغتفر ترقى الى درجة الخيانة العظمى.
أردوغان و«أخونة» الصراع في سورية
بقلم: مصطفى زين – الحياة اللندنية
حمل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الملف السوري إلى واشنطن وفيه مسألتان: الأسلحة الكيماوية، وتفجير الريحانية في لواء الإسكندرون. المسألة الأولى تحتاج إلى تدقيق أكثر، على ما قال له سيد البيت الأبيض. والثانية جزء من الإرهاب الذي تتعرض له المنطقة كلها، ويحاول كل طرف استغلاله لترويج سياسته. فضلاً عن أن الاتهام التركي المباشر للنظام السوري بالضلوع في الحادث كان محل تساؤلات كثيرة في أنقرة ذاتها، خصوصاً أن التهمة ألصقت بتنظيم «مستعجلون» المتوقف عن النشاط منذ أكثر من ثلاثين سنة.
إلى هاتين المسألتين تناولت المحادثات بين أردوغان وأوباما الوضع في سورية بعد الأسد، إذ اتفق الطرفان على رحيله لتغيير نهج دمشق وسياساتها وتحالفاتها في المنطقة وفي العالم، وإبعادها عن محور إيران. وحاول رئيس الوزراء خلال وجوده في واشنطن، وقبل ذلك، إقناع الإدارة الأميركية بأن «الإخوان المسلمين» جديرون بحكم دمشق وبتغيير كل سياساتها الداخلية والخارجية، وحجته المثالان في تونس وفي مصر. فالنظامان الجديدان حافظا على العلاقة الجيدة مع الولايات المتحدة والغرب عموماً، وعلى الاتفاقات الدولية (كامب ديفيد) ويتعاونان في محاربة الإرهاب، ولم يغيرا شيئاً في السياسة «الليبرالية» الاقتصادية. ويقفان ضد إيران والنظام السوري. وفضلاً عن ذلك يتخذان الحكم في تركيا نموذجاً.
هل اقتنع أوباما؟ الواقع أن الدول الساعية إلى تغيير النظام السوري لم تتوصل، حتى الآن، إلى الاتفاق على بديل للنظام السوري. واشنطن ومعها باريس ولندن، تعرف تماماً أن بعض العلمانيين والليبيراليين أمثال جورج صبرا وبرهان غليون، والإسلاميين المعتدلين مثل معاذ الخطيب وهيتو، لا يستطيعون الإمساك بالأرض ولا اتخاذ أي قرار، فهم كانوا وما زالوا مجرد واجهة لعرض الشعار الأوروبي المعادي للاستبداد، من دون أن يكون لهم تأثير فعلي في مجرى الأحداث. أما «الإخوان المسلمون» فهم الأكثر تنظيماً ولديهم فصيل مسلح يخوض الحرب في الداخل وقد يكون له تأثير في باقي المسلحين الإسلاميين المصنفين في خانة الإرهاب.
باختصار، يحاول أردوغان تسويق «الإخوان المسلمين» بديلاً للنظام السوري لتكون له الكلمة العليا في توجيه سياسة دمشق وللتحالف معها كي ينطلق إلى باقي العالم العربي. لكن دون ذلك عقبات كثيرة أهمها أن الفصائل المسلحة على الأرض لا تخضع لسلطة واحدة. وأن «الإخوان»، إذا وصلوا إلى الحكم مضطرون إلى خوض صراعات دموية طويلة نيرانها ستطاول الأقليات، وهذا ما يفسر التردد الأميركي في إجبار «الائتلاف» على اختيار ممثليه في مؤتمر جنيف المزمع عقده بناء على اتفاق أميركي روسي.
إلى ذلك كله يحاول أردوغان تسويق خطته القديمة في فرض منطقة حظر جوي في سورية تشرع تسليح المعارضة وتمكنها من السيطرة الفعلية على بعض المدن في الشمال، خصوصاً على حلب، لكنه يصطدم دائماً بعدم استعداد واشنطن لخوض حرب جديدة قد تشيع الفوضى في كل المنطقة، ولربما كانت تفجيرات الريحانية خير دليل.
لم يستطع أردوغان إقناع أوباما لا بـ «ولاية الإخوان»، ولا بالمنطقة العازلة، ولم يستطع إقناع مواطنيه بأن تنظيم «مستعجلون» وراء الإرهاب في الإسكندرون. لذا سيزيد تصلبه ودعمه للمسلحين عله يقنع الجميع بوجهة نظره عملياً. وإلا تشظت سياسته مع تفجير الريحانية، على ما كتبت صحيفة «ميللييت».
في الذكرى العاشرة لتفجيرات المحيا والحمراء... الأسلاك الشائكة لا تزال هناك!
بقلم: جمال خاشقجي - الحياة اللندنية
لم تنتصر السعودية على الإرهاب بعد، طالما أن الأسوار العالية والأسلاك الشائكة لا تزال تحيط بكل المجمعات السكنية التي يقطنها الأوروبيون والأميركيون وبعض من العرب الذين يعملون في المملكة، مع حراسة مشددة ومدججة بالسلاح تستقبل كل من يقترب من بواباتها.
قبل عشرة أعوام، وبعد منتصف الليل، فجعت الرياض، بل كل المملكة بأصوات انفجارات مدوية استهدفت أربعة مجمعات سكنية، قتل فيها 26 مدنياً وجرح 170 من القاطنين فيها من مختلف الجنسيات، تبيّن لاحقاً أن هدف المهاجمين كان حصد أكبر عدد من القتلى. عرفنا لاحقاً أن المهاجمين كانوا شباناً سعوديين غرقوا في لجّة من التطرف والغلو والكراهية. كان فعلهم تلك الليلة «بياناً سياسياً» يختصر رؤيتهم هم ومن خلفهم من شيوخ ومحرضين على المملكة العربية السعودية ومستقبلها، فكان الرد غير المباشر في كلمة ملك البلاد يومذاك الراحل فهد بن عبدالعزيز أمام مجلس الشورى بعد أيام قليلة، وألقاها العاهل الحالي الملك عبدالله، وحملت بصماته، وشكلت سيرته بعدما أصبح ملكاً بعيد ذلك بعامين هو: «الانفتاح والإصلاح»، وكان أوضح ما قاله يومها مخاطباً الشعب السعودي: «نحن أيها الإخوة جزء من هذا العالم ولا نستطيع الانفصام عنه». بالطبع كان الخطاب موجهاً أيضاً لأولئك الذين يحملون أفكار انتحاريي المحيا والحمراء، ولكن لا يحملون سلاحهم.
كان اختيار الانتحاريين والذين اتفق على نسبتهم إلى «القاعدة»، واختارت الدولة أن تسميهم «الفئة الضالة»، للمجمعات السكنية التي يقطنها الأجانب، رمزياً واضحاً يختصر كل أفكارهم، ففي تلك الليلة عندما خرج 9 شبان سعوديين من أوكارهم، وقد تمنطقوا بالأحزمة الناسفة وتسلحوا حتى أسنانهم واستعدوا للقتل والذبح، كانوا يعلمون أنهم لن يستولوا على الحكم ويقيموا دولتهم الإسلامية بهذه «الغزوة» المزعومة، إنما كانوا مجرد أدوات ضغط لمنع مضي الدولة في مشروع السعودية الجديدة التي يريدها تحديداً الأمير عبدالله وقتذاك، والنخب المثقفة الساعية إلى سعودية محافظة متمسكة بالدين، الذي هو انتماؤها السياسي أيضاً، ولكنها منفتحة على العالم وحديثة متجددة، تبتغي لشعبها رخاء وحرية وسعادة. إنها المعركة نفسها التي خاضها مؤسس المملكة في بدايات التأسيس، وواجهها بحزم وشدة. كانت معركة وجودية ولا تزال، ولو سقطت «التجربة» الجديدة وقتذاك في يد ذلك التيار المتشدد الرافض للانفتاح لانهارت الدولة والوحدة والمشروع الإسلامي الذي قدمه عبدالعزيز آل سعود، فالبديل كان يمكن أن ينتصر، ولكنه كان سيعجز عن الحكم، فهو لا يملك أدواته، لأنه يجيد القوة والقتل فقط.
وحيث أن الدولة في السعودية هي الحكومة والمعارضة والحزب والممثل للشعب -حتى الآن- وبالتالي عليها أن تستشعر المسؤولية الكاملة حيال الوطن والمواطن، لذلك يمكن النظر في تلك الكلمة التي تلت العملية الإرهابية بخمسة أيام فقط، على أنها بمثابة المشروع السياسي للدولة، لتجديد خلايا الدولة وإعادة التأسيس لها، وهو ما قام الملك عبدالله بتحقيق الكثير منه خلال العقد الماضي (احتفلت السعودية قبل أيام بالذكرى الثامنة لاعتلاء الملك عبدالله العرش)، ففي تلك الكلمة اعترفت الدولة بالحاجة إلى الإصلاح السياسي -نعم لقد استخدم الملك هذا المصطلح- والقبول بفكرته والإعلان عن تقديرها وتفهمها لوجود إصلاحيين، ووعدت بتوسيع مساحة «المشاركة الشعبية»، وهو المصطلح البديل للديموقراطية في السعودية، ومرة أخرى التأكيد على أن السعودية لا يمكن أن تتبنى سياسة انعزالية، «إذ لا يمكن أن نسكن والعالم يتغير» بحسب ما جاء في الكلمة. وكم جرى من تغيّرات في العقد الأخير، سياسية وتقنية واقتصادية، فكيف لو نجح ذلك التيار الذي هو أكبر من «القاعدة» في فرض أجندته الانعزالية على المملكة في العام 2003، فتراجعت التنمية وأغلقت منافذ التعبير، وتوغلت مدرسة الرأي الواحد! هل كان ممكناً وقتها للدولة أن تصمد في وجه أعاصير الربيع العربي؟
لم يتحقق المشروع الإصلاحي الذي وعدت به الدولة عام 2003 بالكامل، اعتراه النقصان، وبخاصة في مسألة حسن التدبير الحكومي، كمكافحة الفساد والتربح والهدر وتعثر تنفيذ المشاريع، وبطء حل مشكلات الإسكان، وتآكل الطبقة الوسطى، ومكافحة الفقر والبطالة وسوء الخدمات، وذلك لتأخر الدولة في اعتماد أدوات «المكاشفة والمساءلة والمحاسبة»، وهي الأدوات التي تحاول أن تطبقها من خلال مؤسسات رقابية، كديوان المراقبة العامة وهيئة مكافحة الفساد، بل حتى القضاء السعودي الذي نشط أخيراً في محاكمة مرتشين وفاسدين بما في ذلك قضاة وكتاب عدل، وهي سابقة لم يعهدها المواطن، ولكن بقدر اعتماد هذه الأدوات صدقاً، يتحقق التحسن في حسن التدبير.
الأخطر من ذلك، أن أولئك القوم الذين وقفوا يفركون أيديهم، ويغمغمون في كلامهم، وهم يشهدون بضعة شبان سعوديين يفجرون أنفسهم ويقتلون الأبرياء في تلك الليلة قبل 10 أعوام، ثم ما تلا ذلك من عمليات وجرائم، حتى تمكنت الدولة «أمنياً» منهم، لا يزالون واقفين يفركون أيديهم، يتربصون بالدولة ومشاريعها الإصلاحية، فيعبّرون عن أنفسهم تارة برفع قميص «المعتقلين»، وتارة بوصف الإصلاح والبناء بالتغريب والخيانة، وثالثة بإشاعة أن البلاد تتعرض لهجمة إلحاد، ورابعة وخامسة...
هؤلاء هم الفكر الذي نخشاه، ونشعر به يتماهى بخبث مع حديث الصالحين والغيورين على الدين. لا يوجد سلاح هنا، ولا توجد أحزمة ناسفة، ولكنه فكر يصنعها متى غفلت عين الأمن الساهرة، ما يجعل الدولة تتردد أن تزيل الأسوار العالية والأسلاك الشائكة، وعندما تُزال نستطيع أن نقول إننا انتصرنا على الإرهاب، وإننا أصبحنا بالفعل دولة طبيعية حيث يعيش الناس من دون أسلاك شائكة حول بيوتهم.
عربياً.. التاريخ يعيد نفسه!
بقلم: يوسف الكويليت – الرياض
هذه الأمة المأزومة بحالها وحدها من يعيد التاريخ نفسه في قضاياها، ففي ستينات القرن الماضي تحاربت مدن العراق بعد انقلاب عبدالكريم قاسم بين الشيوعيين والقوميين والبعثين، نيابة عن السوفييت والغرب، وحارب شيعة العراق زمن صدام شيعة إيران، وحالياً يقاتل في صفوف المالكي، سنة مع الشيعة ضد السنة، وشيعة مع السنة ضدهم، وفي سوريا سنة وعلويون، يقاتلون السنة العرب والأكراد وبقية الأطياف الأخرى تضامناً مع الأسد، وعلويون مع الجيش الحر، والبلدان في حال تمزق قد يغير من طبيعة الجغرافيا والسكان في البلدين..
في لبنان الكل حارب مع وضد الفلسطينيين، والشيعة والسنة والمسيحيين بطوائفهم، والعملية قابلة للإعادة بسبب الأوضاع السورية والداخلية وفي الأردن، كاد الفلسطينيون بمنظمة ايلول الأسود أن يخلقوا حرباً أهلية لو لا أن الجيش الأردني حسم القضية لصالحه، وعاشت اليمن ظروف حرب أهلية تداخلت فيها الأحزاب اليسارية مع القبائل والطوائف، ودمرت كل شيء بدعم سوفيتي لأنصاره، وغربي وعربي ضد الشيوعيين..
بعد سنوات من ثورة المليون شهيد التي سجلت اسطورة النضال المبهر لذلك الشعب، انتصر التيار الإسلامي في الانتخابات، لكن الجيش غير البوصلة بأبعادهم، ولكنهم خرجوا مع المسرح السياسي للتحصن بالمواقع الحساسة وبدأوا حرباً مولتها عناصر داخلية وخارجية وكادت تعصف بوحدة البلد كله لولا أن طرفي المواجهات عجزا عن الحسم فآثرا الحوار ثم المصالحة..
الحديث عن الصومال مشكل كبير، لأن جميع الفرقاء دخلوا الحرب وأبعدوا القوات الأمريكية بسحل عناصرها، ولم تتوقف بشكل حاسم حتى اليوم فصارت كل نزاعات تجري بين الفرقاء العرب يخشون «صوملة» أوضاعهم..
سلسلة طويلة قد لا تنتهي، وهي نتيجة تراكم أحداث قتلت كل شيء في نفس المواطن وجعلته غريباً على أرضه، أي لا يتمتع بأهلية الإنسان كامل الحقوق، وقد سقطت كل المبررات عندما جيرت دخول دول عربية عديدة للتجييش على حساب المدرسة والخبز والتنمية، لتحتكر فئة واحدة كل السلطات وترى نفسها مخولة، نيابة، عن الشعب أن تفتي وتتخذ القرارات الكبرى من الحرب إلى التأميم إلى القمع لأي معارض، فتوقفت التنمية وبقيت البنوك والمصانع والصحافة احتكاراً لرأسمالية الدولة، وهنا جاء رد الفعل بربيع حاد قلب كل الأشياء، لكنه لم يكن التعويض عن الحكومات المطاح بها، لأنه ذهب إلى عنصر إسلامي واحد يحكم بلا تجربة أو منهج، حتى جفت موارد تلك الدول، وأصبحت الأزمة الاقتصادية قوة الضغط والامتحان لتلك الدول، ومعها ضاع الأمن، وهيبة الدولة، ولا تزال الصورة معتمة حتى المتفائلين ممن زحفوا على الميادين، تغيرت نظرتهم إلى السلبية وهو معيار، مخيف لامتحان قد يسقط فيه الجميع.
أنا حفيد سيد قطب رغم أنف جماعة الإخوان
بقلم: عز الدين عبد الرحمن – اليوم السابع
ليس مهما أن تجادل جماعة تعودت أن تلقن كل من ينتمى إليها درسا فى فنون السمع والطاعة، حتى أصبح كل من ينتمى إليهم هم جماعات وأنفار فى مستوى الثقافة العمياء.
ليس مهما أن تجادل من هم فى مستوى الثقافة العمياء إن صح لفظ ثقافة من الأصل، فهم أنفار يسيرون ببطء الحركة التاريخية، وليس بتطورها الطبيعى والفكرى، فهم ما زالوا يعيشون وهم البحث عن السلطة، أيا كانت هذه السلطة، فقد نافقوا كل حاكم منذ بدايات نشأتهم مع وجود الإنجليز وحتى مع مبارك نفسه والتاريخ هنا خير شاهد على ذلك، ولكن لأنهم قوالب جامدة لا تعترف بالرأى والرأى الآخر، حتى أصبحوا فى جزيرة منعزلة عن التطور الطبيعى لحالة الخلاف أو ما يسمى بالرأى الآخر.
فهم يضيقون ذرعا بمن يوجه لهم نقدا أيا كان هذا النقد، هنا يصبحون كأنهم عصابات استولت على البلاد ويدعون أنهم ملاك حقيقيون بل وأنهم أصحاب (ديانة) اسمها الإخوان، مثلما قال صبحى صالح (اللهم أمتنى على ذمة الإخوان!!!) بل والأدهى من ذلك أنهم قد حددوا لك من أنت، ولماذا، حتى التشكيك فى القرابة والنسب !! لمجرد أنك تنتقد الجماعة التى أصبحت جماعة من الملائكة من وجهة نظر أنفارهم، فهم لا يخطئون أبدا بل هم يسيرون وفق ديانة اعتنقوها مثلما قال صبحى صالح.
كانت هذه مقدمة حتمية أردت أن أعود إليها بعد حالة السعار التى انتابت جماعة الإخوان، بعد أن انتقدت أسلوب حكمهم فى مصر وبعض البلدان العربية، وبعدما أصبحت مصر إمارة إخوانية سرقت لتجلس هناك فى سجن المقطم، فقلت أن حكم الإخوان الآن هو الأخطر على مصر من إسرائيل، فقامت دنيا الإخوان ولم تقعد بعد.. فكيف لى أن أنتقد جماعة تعودت أن تلقن درسا فى فنون السمع والطاعة، حتى أصبحوا لا يطيقون سماع رأى يختلف عن آرائهم وتوجهاتهم، فكانت الطامة الكبرى، هذه المرة، فقد طعنوا فى صلة قرابتى بالشيخ سيد قطب الذى كان واحدا من أهم قيادات جماعة الإخوان التاريخية، والتى لو قدر أن عاش الشيخ سيد قطب حتى الآن لتبرأ منهم جميعا بعدما أصبحوا أنفارا فى لغة التزمت والرجعية والتخلف.
فبدأت لغة الحقد والغل تنتاب بعضهم، فقاموا بالتشكيك حتى فى صلة قرابتى بالشيخ، ولا أعلم كيف يفكر بعضهم عندما قال إن الشيخ لم يتزوج، حتى يكون له أحفاد !!نعم الشيخ لم يتزوج، ولكنه كان (خال والدتى) أى جدى، أى أنا هنا فى حالة "الحفيد"، فما يعنيهم هذا أو ذاك، هل فقط لأنى تجرأت عليهم وقمت بنقدهم..؟ والسؤال: فماذا
لو أننى كنت من أنفارهم تعودت وتعلمت السمع والطاعة العمياء، وكتبت فيهم قصائد الشعر وانضممت إلى دياناتهم الجديدة، كما قال صبحى صالح، هنا كنت قد أصبحت
الشيخ سيد قطب نفسه لا حفيده فقط!! وكنت قد أصبحت إماما وقيادة فى هذه الجماعة، وقد فزت بموقع مستشار أو وزير أو محافظ أو حتى مساهم فى شركاتهم متعددة الجنسيات، ولكن الآن فقط أصبحت لا حفيد ومزور فى بطاقتى الشخصية، وهنا أريد أن أوجه لهم ولمرشدهم، إننى على استعداد أن أتحداهم قانونا وأمام القضاء إن جاءوا بغير ذلك، رغم أنى لا أتشرف فى الدخول فى صراع مع جماعة تعودت أن تشكك فى كل شىء، طلما أنك تختلف معهم فى فهم دينهم.
نعم أنا حفيد سيد قطب رغم أنف الجماعة، ومن يختلف معى فى ذلك، فأنا ابن قرية "موشا" التابعة لمركز أسيوط، والتى ولد فيها الشيخ سيد قطب.
ورغم أنى قد قلت ووصفت صلة القرابة، إلا أننى لست فى صراع مع أحد حتى يتثنى لى أن أقنعه بأننى حفيد الشيخ سيد قطب، ولا أحد هنا له حق أن يشكك فى ذلك، ومن
يريد عليه هو شخصيا أن يبحث فى ذلك، لعل حقده وغله الأعمى قد يشفى منه، ولكن فى هذا المقام أريد أن أقول أن السبب الرئيسى لهذه الحملة أننى وصفت هذه الجماعة بأنها أشد عداوة على مصر من إسرائيل نفسها، بل إننى قلت أن الزعيم جمال عبد الناصر نفسه، هو واحد من أشرف من حكموا مصر على الإطلاق، هنا قد أصيبوا بوعكة الغل والحقد من اسم عبد الناصر، رغم اختلافى مع عبد الناصر فى قصة إعدام جدى.. ولكن أنا هنا أمام ضمير قاض، يكتب ما يعى ويحكم على مجمل سياسات وتاريخ وليس على طريقة "ولا تقربوا الصلاة".
أنا هنا لست مؤرخا ولكن أنا واحد من إنجازات ثورة عبد الناصر، ولست بصدد أن أصبح نفرا من أنفار الجماعة التى تعودت على أن تلقن أعضاءها دروسا فى الغل والحقد والكره، لكل من يختلف معهم، وإلا لماذا خرج هذا الكم الهائل من القيادات الإخوانية من أمثال، الهلباوى والخرباوى وأبو الفتوح وحبيب هذا بخلاف من خرجوا من بين صفوفهم بعد أن انكشف أمرهم، وخاصة بعد أن سرقت ثورة مصر وأصبحت أسيرة لمكتب إرشاد جماعة المقطم، وانزوت فكرة مشروع النهضة الذى أصبح كما يقول العامة إنه "مشروع الفنكوش"، فهل أصبحت هذه الجماعة عناصر من "الفنكوش" المغلف بالغل والحقد والكره لمن يختلف معهم.
وجهان لعملة واحدة
بقلم: د. حامد طاهر – اليوم السابع
من قال إن اللغة الأجنبية، وخاصة الإنجليزية، ليست مهمة لأبنائنا، إن العالم فى وضعه الحالى، وآفاقه المستقبلية يتطلب مواطنا مصريا (يتقن العربية، ويجيد الإنجليزية) أما العربية فهى لغته الأم، التى تحفظ تراثه الدينى والثقافى، ويتواصل بها مع أبناء وطنه وبالطبع عليه أن يتقنها على نحو يستطيع معه أن يعبر عن أفكاره بدقة ووضوح، وأن يفهم فى نفس الوقت كل ما يقوله الناس من حوله. وأما الإنجليزية، التى أصبحت فى الواقع لغة عالمية، فهى التى يستخدمها المصرى عندما يغادر وطنه فى المطارات والفنادق، ويجدها فى المؤتمرات ومختلف التجمعات التى تضم العديد من دول العالم. الكل يعرفونها ويتحدثون بها، ويتواصلون من خلالها، وقد شاهدت هذا بنفسى فى كل بلاد العالم التى زرتها، وليس هذا مقتصرا فحسب على الجانب الغربى، بل إنه موجود على نحو واضح فى كل من الهند، والصين، وماليزيا، وهونج كونج، وسنغافورة.. فهم جميعا يمتلكون لغتهم الأم، التى يتحدثون بها فيما بينهم، لكنهم يجيدون الحديث بالإنجليزية مع أى ضيف أو سائح يمر بهم. ولا توجد مشكلة على الإطلاق لدى هذه الشعوب فى امتلاك لغتين، إحداهما محلية، والأخرى عالمية. بل لعل ذلك هو أحد عوامل تميزهم، وتقدمهم العلمى والتكنولوجى لأنهم من خلال اللغة الإنجليزية يستطيعون الاطلاع على أحدث ما ينتجه العلم المعاصر، وتحققه التكنولوجيا المتطورة. والذى أريد أن أوضحه فى هذا المقال هو أن اللغة الإنجليزية لن تطغى أبدا على العربية، مادام يتم تعليمها لأبنائنا بصورة منهجية صحيحة، وبحيث لا تتغلب لغة على أخرى، كما يحدث حاليا فى (دبى) حيث الإنجليزية هى السائدة فى الشوارع والفنادق وبين معظم الناس بينما العربية متوارية فى زوايا منعزلة.
وهناك إشارة تاريخية لمن يريد أن يتأمل، هى أن البريطانيين احتلوا مصر ما يزيد عن سبعين عاما، ومع ذلك فإنهم لم ينشروا لغتهم فيها، ولم يكن هذا الأمر اعتياديا، بل فى يقينى أنه كان مقصودا، لكى لا يتسلح الشعب المصرى باللغة التى تقدم بها الإنجليز وغيرهم، بل إن الإنجليز عملوا أيضا على إضعاف اللغة العربية نفسها، وكانت النتيجة أننا حتى الآن مازلنا نعانى من محاولة الوصول إلى إتقانها على النحو المطلوب.. ويكفى أن أنبه أخيرا إلى أن اللغة والفكر وجهان لعملة واحدة؛ إذا استقام أحدهما استقام الآخر، والعكس صحيح.


رد مع اقتباس