اقلام واراء عربي 419
9/6/2013
- عن مرحلة ما بعد 1967
بقلم: علي جرادات عن الخليج الاماراتية
- خيارات حكومة الحمد الله
بقلم: بركات شلاتوة عن الخليج الاماراتية
- رسالة من مواطن للسيد رامي الحمد الله
بقلم: حسن مناصرة عن القدس العربي
- المُصالحة: نُكتة ذوي المصالح
بقلم: هشام نفاع عن الأخبار البيروتية
- لفلسطين من بعدنا طول البقاء
بقلم: امديرس القادري عن السبيل الأردنية
- إلى القدس بدون بنزين.. «كعابى»
بقلم: نشوى الحوفى عن الوطن المصرية
- خطر اليهود على العالم
بقلم: بنان نساف عن الوطن السورية
- شباب ثائرون وسياسيون تقليديون!
بقلم: السيد يسين عن الحياة اللندنية
- إنهم يتقاسمون سوريا!
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
- ربما كان حزب الله شيطانا..
بقلم: التهامي مجوري عن الشروق الجزائرية
- حزب الله واكتشاف القرضاوي
بقلم: محمد عثمان الثبيتي عن المدينة السعودية
- من الواقع..حيرة وارتباك في الموقف العربي ...
بقلم: عبدالله بن حيي بوغانم السليطي
عن مرحلة ما بعد 1967
بقلم: علي جرادات عن الخليج الاماراتية
حلت قبل أيام الذكرى السنوية ال 46 لمصيبة حرب 1967 كحدث مفصلي ومصيري في تاريخ الأمة وشعوبها، عموماً، وفي حياة الشعب الفلسطيني، خصوصاً . إذ لئن كان “وعد بلفور”، ،1917 هو ما مهد الطريق لوقوع النكبة، ،1948 فإن حرب 1967 هي ما أدى إلى تعميق هذه النكبة واستمرارها، بوصفها حدثاً تاريخياً قلب حياة الشعب العربي الفلسطيني-بالمعاني كافة- رأساً على عقب . أما لماذا؟
تصير خسارة الحرب هزيمة - فقط - عندما يتم التسليم السياسي بنتائجها . وخسارة العرب لحرب العام ،1967 ظلت - فعلاً - مجرد “نكسة” طوال فترة الرد السياسي عليها بشعار “لا صلح لا مفاوضات لا اعتراف”، فضلاً عن اقتران ذلك باستئناف الطور المعاصر للثورة الفلسطينية مع الثبات على هدف “التحرير والعودة”، وبإطلاق “حرب الاستنزاف” التي شكلت - بكلمات قادة الكيان- “أقسى حروب “إسرائيل” وأكثرها كلفة”، وببدء الإعداد والاستعداد لحرب العام 1973 التي كسرت، بمعزل عن بؤس الاستثمار السياسي لإنجازها الميداني، أسطورة “الجيش الذي لا يقهر” .
لكن خسارة تلك الحرب أخذت تتحول إلى هزيمة منذ بدأ الارتداد السياسي على هذا النهج في إدارة الصراع، واستبداله بنهج المفاوضات الثنائية المباشرة برعاية أمريكية، أي مفاوضات “الأرض مقابل السلام”، المرادفة للتسليم بنتائج النكبة التي بوقوعها صارت الأرض والسيطرة عليها محور الصراع، وأصبحت عودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها جوهر القضية الفلسطينية التي تبقى “قضية العرب الأولى”، وجوهر الصراع الذي فرضته أبشع عملية تطهير عرقي، وضع المؤتمر الصهيوني الأول خطتها، (1897)، بينما رعت تنفيذها دول الاستعمار الغربي بدءاً بوعد بلفور:”إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين”، (1917)، وصولاً إلى “وعود” جون كيري، ،2013 بانتزاع الاعتراف ب”إسرائيل” “دولة للشعب اليهودي”، المساوي للإقرار بما حققه المشروع الصهيوني على أرض فلسطين من استيطان وتهويد وتفريغ وتغيير للهوية وتزوير للتاريخ .
لقد شكل اختزال القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 عبر اعتماده أساساً لمفاوضات “الأرض مقابل السلام”، فاتحة مسار نهج تراجعي في إدارة الصراع، كنهج لم يسفر إلا عن “معاهدة كامب ديفيد” المذلة، ،1979 “واتفاق أوسلو” الكارثة، ،1993 و”معاهدة وادي عربة” المتسرعة، 1994 . وكانت المفارقة هي القبول بالرعاية الأمريكية لعقود من مفاوضات “الأرض مقابل السلام” الثنائية المباشرة . هذا علماً أنه كان للولايات المتحدة - منذ البدء - موقف معادٍ للقضية الفلسطينية، حيث لعبت دوراً أساسياً في صدور وعد بلفور، ووقوع النكبة، وشن حرب ،1967 كأحداث مفصلية مصيرية في حياة الشعب الفلسطيني، والأمة، عموماً، بل، و”صنعت الشرق الأوسط كما نعهده اليوم”، بكلمات المفكر الفلسطيني وليد الخالدي الذي يعلل استخلاصه بالقول:
“في سنة 1917 كان ثمة مباركة هامشية لوعد بلفور من طرف الرئيس الأمريكي ويلسون . وفي سنة 1948 كان هناك الضغط العنيد العميق الأثر الذي مارسه الرئيس الأمريكي هاري ترومان على بريطانيا المفلسة والمنهكة من الحرب، والذي أدى إلى إنهائها انتدابها على فلسطين بالطريقة التي انتهى بها، وكانت نتيجته النكبة . أما في سنة 1967 فقد كان دور الرئيس الأمريكي جونسون دوراً حاسماً في الجوهر والشكل والتوقيت من حيث تبنيه بالكامل، وبحذافيرها وأهدافها، الاستراتيجيا “الإسرائيلية” القائمة على إرساء مفاوضات ما بعد وقف القتال من أجل التوصل إلى تسوية سلمية على خطوط وقف إطلاق النار ذاتها، وهي الخطوط التي أوجدتها حرب 5 يونيو/حزيران 1967 الصاعقة، بحيث ظل أي تقدم سياسي بيد القوة العسكرية الطاغية وبشروطها إلى يومنا هذا” . (مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد ،93 شتاء ،2013 ص8) . ما معنى هذا الكلام؟
ثمة حاجة إلى إجراء مراجعة سياسية فلسطينية، بالمعنى الإستراتيجي والشامل للكلمة، وبالاستناد إلى دروس مرحلة ما بعد هزيمة ،1967 مسيرة ومآلاً، من حيث:
مسار التراجع الرسمي العربي، ومنه الفلسطيني، في إدارة الصراع صار اليوم أشد خطورة، ما يستدعي إعادة الاعتبار للمستوى الشعبي . والشعوب العربية المنتفضة، هي، وإن كانت - لأسباب مفهومة - غير منشغلة - مؤقتاً- بقضية فلسطين وكفاح شعبها، إلا أنها ستكون - بلا ريب أو شك - على غير هذا النحو على المدى البعيد، وربما المتوسط .
استمرار تهويل قدرات “إسرائيل” الناجم من هزيمة 1967 لن يفضي إلا إلى إنتاج ذرائع العجز عن مواجهتها، المساوي لنسيان أو تناسي دروس الصمود الأسطوري في بيروت، (1982)، وإسقاط “اتفاق 17 أيار”، (1983)، والانتفاضة الفلسطينية الشعبية الكبرى، (1987)، وطرد الاحتلال عن أرض الجنوب اللبناني دون شرط أو التزام، والانتفاضة الفلسطينية الثانية، (2000)، والصمود الشعبي الأسطوري في غزة في مواجهة عدوانيْ 2008 و2012 .
تقديم التنازلات ل”إسرائيل” يفتح شهيتها إلى المزيد منها . فالاعتراف بوجودها وأمنها، ك”دولة” غير محددة الحدود، وتمضي قدماً في سياسة الاستيطان والتهويد والتفريغ والعدوان، شجع قادتها على المطالبة بالاعتراف بكيانهم “دولة للشعب اليهودي” . وبدايات تطبيع العلاقات معها، شجّع قادتها على المطالبة بالتطبيع العربي الشامل والكامل كشرط لاستئناف المفاوضات .
في كل مرحلة كانت الوحدة الوطنية ناظماً، كان الفعل أكثر نجاعة وجدية . ودروس التوحد الوطني في تجارب الصمود في بيروت والانتفاضتين الأولى والثانية غنية عن الشرح على هذا الصعيد .
في كل مرحلة كان العامل الوطني الفلسطيني موحداً وفاعلاً ومبادراً وثابتاً، كان الدعم العربي الرسمي والشعبي أكثر جدية وعمقاً وزخماً .
خيارات حكومة الحمد الله
بقلم: بركات شلاتوة عن الخليج الاماراتية
الحكومة الفلسطينية الجديدة التي أدت اليمين القانونية، الخميس الماضي، برئاسة الأكاديمي رامي الحمد الله ستكون أمام امتحان صعب خلال الفترة المقبلة وأمامها ملفات شائكة ينبغي الإسراع في معالجتها قبل حدوث الانفجار في الشارع الفلسطيني .
أول وأهم هذه الملفات هي الرواتب، حيث يعاني الموظفون العامون من شظف العيش إثر الانقطاع المتكرر في صرف رواتبهم وتأخرها وتقسيطها، وسطو البنوك على حصة الأسد منها . ولمعالجة ذلك فإن حكومة الحمد الله مطالبة بإيجاد دخل ثابت يؤمن رواتب القطاع العام التي تناهز مئة وخمسين إلى مئتي مليون دولار شهرياً، وهذا الرقم ليس كبيراً في ظل تأمين أكثر من ثلثه من الضرائب التي تجبيها “إسرائيل” لمصلحة السلطة الفلسطينية، إلى جانب المنح والمساعدات الدولية . لذا فإن على الحكومة أن تبحث عن مصدر دخل جديد، بعيداً عن فرض ضرائب جديدة، خاصة في ظل الغلاء الفاحش وارتفاع أسعار أساسيات الحياة . ولحل ذلك ينبغي البحث عن نهج يبتعد عن الكلاسيكية التي ترى أن جيوب الشعب هي الحل لجميع الأزمات الاقتصادية، وقد يكون أحد هذه الحلول دعم القطاع الزراعي الذي بإمكانه أن يقضي على جزء كبير من البطالة المتفشية داخل المجتمع الفلسطيني، باعتباره زراعياً في الأساس، وفي نفس الوقت سيوفر ذلك مبالغ مالية لا يستهان بها لخزينة الدولة، إذا ما فكرت السلطة في الأمر كوسيلة استثمارية يتم من خلالها دعم المزارعين للقيام بمشروعاتهم ثم تسويق منتجاتهم وبالتالي تحريك عجلة الاقتصاد المحلي وتنشيط الحركة التجارية في الأسواق التي يشوبها ركود قاتل منذ أكثر من عامين .
إضافة إلى ذلك يمكن التصويب على القطاع الصناعي بإنشاء مصانع ومناطق صناعية تلبي متطلبات السوق المحلية مبدئياً، وتشغّل المزيد من العمال، وتستخدم المواد المتوفرة لدى الفلسطينيين كالصناعات الغذائية مثلاً، ما يعني تحفيز قطاعي الزراعة والصناعة في آن وتقليص معدّل البطالة إلى الحد الأدنى .
وبذلك فإن الحكومة الجديدة ستستطيع بعد ذلك التخلي شيئاً فشيئاً عن المنح والمساعدات الخارجية المرهونة بمطالب سياسية، وبالتالي ضمان رضا الشارع وتبديد السخط المتراكم على الحكومات السابقة .
أما الشق السياسي، فطالما أن السلطة جزء من منظومة أوسع وأشمل، هي منظمة التحرير، فإنه يقع على عاتق المنظمة تنظيم شؤون العلاقات الدولية والمفاوضات وما إلى ذلك من شؤون خارجية، وعلى الحكومة التركيز على الشأن الداخلي من تثبيت الفلسطينيين ودعمهم في مواجهة الاحتلال والاستيطان إلى جانب إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة إلى الوطن .
من سلبيات تبدّل الحكومات محاولة نسف الجديدة كل ما بنته السابقة والبدء من الصفر وليس البناء على المنجزات، ولكن وبما أن الحمد الله أكاديمي فلا شك أنه يتطلع إلى الاستفادة من تجربة حكومة سلفه سلام فيّاض والابتعاد عن الأخطاء التي وقعت فيها .
رسالة من مواطن للسيد رامي الحمد الله
بقلم: حسن مناصرة عن القدس العربي
منتصف آب ليس ببعيد، فالمثل الشعبي يقول (في آب اقطف قطف العنب ولا تهاب) فهل سيوفر لنا رامي الحمد الله هذه الامكانية ام لا؟ بما يعنيه هذا التساؤل على جميع الاصعدة فالتركة التي خلفها فياض للحكومة القادمة ليست بالسهلة.. وبالتالي فمهمة حمدالله ليست ملء فراغ دستوري لحين اتمام المصالحة والذهاب الى تشكيل حكومة برئاسة عباس، فمن واقع تجربتنا المريرة مع حماس وفتح في ملف المصالحة ووجود الشيطان في كافة تفاصيل هذا الملف ستطول مهمة رامي الحمد الله.
لست محللا سياسيا ولا اقتصاديا فأنا مجرد مواطن عادي اثقلته هموم الحياة والسياسة والانقسام، واصبح الهم الفلسطيني الحالي عند المواطن العادي المغلوب على امره لقمة العيش التي يوما بعد يوم تحملها سلة الغلاء لتنافس الشيكولاته السويسرية الموجودة بكثرة على موائد المتنفذين وواضعي برامج تنفيذ استراتجيات الدول المانحة صاحبة الاستحقاق السياسي المطلوب من هؤلا الغارقين في وهم البقاء في مراكزهم التي تعفنت بداء الفساد.
كمواطن قليل الحيلة مطالبتي للسيد حمد الله، الذي ستطول مدة بقائه كرئيس وزراء ان يبتعد عن هؤلا، وان يكرس جل اهتمامه لتجسيد ضميره الحي في تحسين الواقع الفلسطيني البائس والعمل على الارتباط المباشر بهموم المواطن العادي وقضاياه.. واخيرا نتمنى عليه ان يرتقي برئاسة الوزراء، كما ارتقى بجامعة النجاح الوطنية وجعلها وطنية من الدرجة الاولى.
المُصالحة: نُكتة ذوي المصالح
بقلم: هشام نفاع عن الأخبار البيروتية
من يعمل محرّراً في أية وسيلة إعلام سيستصعب الإجابة عن السؤال التالي: كم مرّة صغتَ عنواناً موضوعه الاتفاق على إنجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية؟
لا تعود الصعوبة إلى تقادمٍ أنْسانا الحدث ولا إلى نُدرة تواتره، بل إلى الكثرة المفرطة في إطلاق «بالونات الأمل» من طرفي الصراع الأساسيين، سلطة رام الله وسلطة غزة. فلم يعد يصح القول «فتح» و«حماس»، بل السلطة خلف هذه وتلك. الحركة/ الفصيل شيء والسلطة شيء آخر تماماً. الحركات تعجّ بالشرفاء.
من السخيف والمملّ تكرار مقولة: أهمية إنهاء الانقسام وهلمّ جرّا... بات الأمر علْك شعارات. لا يحتاج أحدُ المتصارعَين إلى تنظير وهداية وإرشاد. هل ينتظر محمود عباس أو خالد مشعل من صحافي إفهامه ضرورة المصالحة الوطنية لمواجهة الاحتلال؟ لا طبعاً. إنهما يفهمان هذا أكثر من الجميع. لذلك يجب البحث عن مادّة أخرى للسؤال: المصالح، تلك التي تعني الترجمة الأدقّ للسلطة.
آن أوان الاقتناع بأن خطاب «المصالحة الوطنية» باللغة الفلسطينية صار بحاجة إلى النفض. النفض والانتفاضة من نفس الأصل، الكريم والنبيل!
الحناجر الشابة تروح تهتف في رام الله وغزة للمصالحة كلّما توقعنا الدخان الأبيض من قمّة فلسطينية في الخارج، ولكن المعنى يختلف بين صرخة هذه الحناجر الصادقة ووقعها على مسامع القمميّين الفلسطينيين. صحيح أنّ ما تعرفه الشابة الفلسطينية بالحدْس والوعي عن وجوب إنهاء الانقسام، يعرفه القمميّون أيضاً، لكن حساباتهم تختلف: لا تُقاس لديهم القوة الناجمة عن المصالحة بمفردات معادلة كالتالي: مقاومة مقابل احتلال، بل تقاس بمفردات معادلة مختلفة: سلطة رام الله مقابل سلطة حماس، وبالعكس. ميزان الرعب التّافه هذا! المصالحة تُقاس بمفردات المصلحة الضيّقة للسلطتين. ولا حاجة إلى الإضافة طبعاً أن كلاً منهما تساوي «طُزّ»... لأن جمهورية الأولى وإمارة الثانية وهميّتان طالما أنهما رازحتان تحت نير الاحتلال الأجنبي. وأمّا أكثر ما يثير حوامض المعدة، فهو مسلسل البحث عن المصالحة بواسطة السّفرات الفلسطينية الطائرة والراجلة إلى هذه العاصمة العربية – الخليجية خصوصاً - أو تلك. ما علاقة هؤلاء بمصالح/ة شعبنا؟ فزعماء الخليج – لا الشعوب طبعاً!- كفوا منذ زمن قاتم يتطاول عن أن يكونوا عرباً. انظروا إلى اهتماماتهم وأهوائهم ومصالحهم وخدماتهم وأمزجتهم وميولهم ورغباتهم - كلها مرتبطة بالغرب السياسي فقط. من الغباوة التعامل معهم كعرب. أصلاً، من هو العبقري الذي يتوقع من أنظمة العبيد هذه فهمَ الوجدان الفلسطيني والهم الفلسطيني والوعي الفلسطيني لصراع على الوجود والتحرّر والكرامة، وكيفية ارتباط هذا كله بالمصالحة الوطنيّة؟ هل يمكن لأيّ خيال مهما انفلت أن يتخيّل مقارنة لتصوّر التحرّر، ما بين أمير نفطي ومناضل فلسطيني في العشرين من جنين مثلاً؟! لحظة، هناك حدود للسريالية.
«أموت وأفهم» ما الذي يدور في رأس الأخوة الفلسطينيين من جمهورية رام الله أو إمارة غزة، وهم جالسون أمام ملك السعودية أو أمير قطر، حين يتشدّق هذان عن فلسطين وقضيتها ومصالحها وضرورة مصالحتها؟ هل يتمعّنون فيهما وهما يسكبان الكلام؟ هل دار في رؤوس الأخوة مرة السؤال: عزيزي حمد وعزيزي عبد الله، لقد بذلتما من المال والعتاد والسلاح في سوريا ما يصعب تعداده، فكيف لم تفكرا مرة في سكب نصفه لمقاتلة الاحتلال الإسرائيلي؟ أليست القدس صمغاً أساسياً في خطبكما العصماء؟ لماذا لم يأخذ تحرير القدس مقدار ذرّة من سعيكما المبارك «لتحرير» دمشق وسرقة ثورتها وأفغنتها؟!
الفلسطيني الوطني يعرف أن هذا هو السؤال! أو يُفترض به ذلك... وأن جوابه هو القيام بدون استئذان ولا سلام ومغادرة مجالس أصحاب السموّ والجلالة (والعمالة) والعودة إلى رام الله أو غزة. ليس فقط لأن المصالحة تبدأ وتنتهي هنا، وليس فقط لأن جميع المصالح المترتبة على المصالحة يجب أن تبدأ وتنتهي هنا، في البلد، بل لأن الفلسطيني الوطني يفترض به معرفة أن أولئك الزعماء العرب/ الأجانب لا تهمهم غزة ولا رام الله ولا القدس. إنهم مشغولون بما يُملى عليهم من أجندات لتحرير (وأفغنة) دمشق، وتثبيت عروش (أي سرقة ثورة) القاهرة وتونس، وإسناد عرش (أي قمع انتفاضة) المنامة. أما فلسطين، فليست على ألسنتهم سوى نوع واطئ من عُهر الخطابة.
لفلسطين من بعدنا طول البقاء
بقلم: امديرس القادري عن السبيل الأردنية
أمّا شعبها وأهلها فليس لهم من دونها سوى رحمة رب العالمين، فكل الرهانات على تحريرها وعودتها لأصحابها الشرعيين فشلت حتى وقتنا الراهن وبذلك لم يعد لنا سوى أبواب السماء نتمسك بحبالها وبقدرتها على خسف الأرض وزلزلتها تحت أقدام الصهاينة الأوغاد والسارقين الذين لم تشهد البشرية ولن تشهد حتى قيام الساعة مثيلا لهم في الطغيان والإجرام، فزوال وكنس هؤلاء القتلة عن أرض فلسطين سيبقى جوهر ولبّ هذا الصراع المحتدم والمتواصل معهم، السماء وعدت بذلك ولن تخلف وعدها، فهل يصدق أهل الأرض ذلك؟ وهل سيعملوا بإيمان لتنفيذ وتحقيق تلك المشيئة النافذة؟ هذا هو السؤال، وهنا يكمن بيت القصيد.
الشعب الفلسطيني وقيادته وقواه الوطنية منشغلين ومنذ زمن عن هذا الهدف وعن ما يحتاجه من إعداد وخطط وبرامج فعلية، فهذا النفر من هذه القيادة المتحكمة بالقرار لا يزال يعمل على جرّ كل الطاقات لتظل بعيدة عن التحرير والعودة بعد أن غرق حتى شعر رأسه في مراهنات خائبة وعبثية يجب أن يندى لها كل جبين فلسطيني حر وشريف، فالثورة والثوار المستعدين للتضحية والفداء انخفضت رايتهم حتى تكاد تلامس سطح الأرض، ومنظمة التحرير تحوّلت إلى ملجأ للعجزة، والفصائل لم يعد لها من اسمها شيء يذكر، وبات المعروض هو أوسلو بكل ما فيه من خيانة وتآمر وتفريط، إلى جانب المفاوضات العبثية وما يروَّج له من إمكانية إحلال سلام وهمي كاذب.
العداوة الأمريكية الرسمية المزمنة اتجاه القضية الفلسطينية وبكل ما فيها من عدالة لم تبدأ مع الجهود التي يتظاهر ببذلها الآن وزير خارجيتها الحالي جون كيري، والذي يلاقي ترحيبا وتفاؤلا عند كل الأطراف المتآمرة واللاعبة في ملعب القضية، هذا ما يلتقون عليه وبغضّ النظر عن التنوع والتباين في أغراض ومرامي ومصالح كل طرف من هؤلاء اللاعبين، ومن يشكك في ذلك فليعد قليلا للوراء وليراجع سياسات مادلين اولبريت، وكولن باول وكونداليزا رايس وهيلاري كلينتون، فلن يجد قاسماً مشتركاً بينهم سوى هذه العداوة والانحياز التام والسافر لعدونا الصهيوني، إذاً فجون كيري يواصل من حيث انتهى الذين سبقوه وسيرحل عن رئاسة الخارجية الأمريكية قبل أن يتمكن من فك عقدة واحدة من تلك العقد التي تتوزع على حبل هذا الصراع.
إنّ مصيبتنا لا تكمن عند حدود ومشارف السياسات والمواقف الأمريكية المعادية والمتنكرة لقضيتنا، فهذا أصبح واضحا ومعروفا ولن يتغير، ما يبعث على التقيؤ والاشمئزاز يتمركز في الحقيقة عند الطرف الفلسطيني الذي يصرّ على مواصلة مراهانته الخائبة والخاسرة، فسبعة لقاءات بين الرئيس عباس والوزير كيري في أقل من شهر، ومنح المهلة تلو الأخرى لهذه الجهود الفارغة والمحكوم عليها مسبقا بالفشل، يبدو أنّه لم يعد كافيا، وعليه فلن يوجد عند هذه «القيادة الفلسطينية» ما يمنع من مواصلة هذا العبث وضياع الوقت حتى اليوم الأخير لكيري على مقعد وزارة الخارجية الأمريكية، فيما تواصل «إسرائيل» تنفيذ كل جرائمها في مجال الاغتصاب الاستيطاني والذي يجد كل الرضى والدعم عند الطرف الأمريكي العاجز عن استخدام «لا» واحدة في وجه هذا العدو الصهيوني.
إنّ هذه «القيادة» المنهارة والعاجزة والتي لم تعد تحسب حسابا لموقف الشعب الذي سرقت واغتصبت تمثيله تتمنع وتخاف حتى من التوظيف الفعال لما أسمته انتصارا عندما أعطتها الجمعية العامة للأمم المتحدة الموافقة على مقعد دولة غير عضو في تشرين الثاني من العام المنصرم، وترتعب فرائضها من مغبّة الإعلان عن قيام «دولة فلسطين» كدولة تحت الاحتلال لأنها ستكون مضطرة عندئذ لإلغاء كل ما له صلة بسلطتها الوطنية، بل إنّها أجبن بكثير من تنفيذ تهديدها بالذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية والتي يجب عليها أن تتحصّل على عضويتها أولا حتى تتمكن من تقديم الملف اللازم لمحاكمة «إسرائيل» على جرائمها في الاستيطان وغيره.
إنّ على فلسطين، وشعبها، وعلى كل ما تبقّى من أشباه القوى الوطنية أن يستفيقوا من سباتهم وغفلتهم وقلة حيلتهم التي يتدارون ويختبئون خلفها، وبعكس ذلك فهم في موقع المشارك المباشر أو غير المباشر فيما ترتكبه هذه «القيادة» المتنفذة والمتسلطة من جرائم واستهتار بحق كل ما في ملف قضيتنا من عنوانين مصيرية وإستراتيجية هامة، وعليه فإنّ محاكمتها على أفعالها التفريطية وعلى تواطئها مع كل ما هو مشبوه هو المدخل اللازم والضروري والمُلحّ إذا كنّا نريد فعلا تحرير فلسطين واستعادتها من الذين اغتصبوها.
كلنا سنموت، ولكن فلسطين باقية إلى أبد الآبدين، ومن عمل منّا بإخلاص ويقين لتحريرها لن يجد بعد موته سوى رحمة رب العالمين، ولذلك سنظل ندعو لها بطول العمر والبقاء ما دامت شوكة جارحة في حلوق كل الذين تنكّروا لها وتطاولوا على حقها المشروع وعلى عدالتها التي ستحرق أيدي كل من يقترب من المساس بها، هذا أمر يعلمه عدونا الصهيوني جيدا، فمتى يأتي الوقت الذي ستظهر فيه قيادة فلسطينية صادقة مع ذاتها وشعبها؟ هذا ما يجب أن نعمل من أجله وبأسرع ما يمكن، وإن لم نفعل فغضب رب العالمين هو ما سيكون في انتظارنا، وهذا غضب ليس من بعده غضب!
إلى القدس بدون بنزين.. «كعابى»
بقلم: نشوى الحوفى عن الوطن المصرية
هل رأيت شباب الإخوان وهم يهرولون إلى مسجد رابعة العدوية يوم الجمعة لنصرة القدس وإعلاء شعار «القدس عاصمة فلسطين»؟ لا بد أنك رأيتهم ومعهم المحروس من العين صلاح سلطان خطيب الجمعة يومها والأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية صاحب شعار «تكبييييييييير» لحشد الهمم والمفرق بين المصريين على منصة مظاهرة مليونية نصرة الشريعة، وقد انضم لهم رئيس الوزراء بدر البدور الذى لا يستحى من فشله فى إدارة ما أوكل له من ملفات منذ أن كان وزيراً للرى، ووزير الثقافة الذى وضع على عاتقه مهمة إخلاء الوزارة من الفاسقين دون تحقيق أو استماع لهم فيما هم متهمون فيه، «شكمنه» جاء للمنصب حافظاً من دون فهم، رغم أن الدين الصحيح يلزمنا بالاستماع قبل الحكم..
يا سلام على منظر هؤلاء جميعاً فى جمعة نصرة القدس، ولا أدرى لماذا لم يلحق بهم وزير الصحة هو الآخر ومعه أطباء عيون الوزارة لعلاج الحول الربانى لدى هؤلاء جميعاً؛ إذ إن مسجد رابعة لا علاقة له من قريب أو من بعيد بالقدس إلا إذا كانوا يؤمنون بأن مؤسسة العشق الإلهى من أهل فلسطين وفكروا فى التبرك بها قبل الهجرة بالملايين، وهو اعتقاد خاطئ أيضاً، إذ إن الست الله يرحمها من أهل البصرة العراقية!
كنت أتابع أخبار المسيرة الإسلامية لتحرير القدس فى مدينة نصر، وأنا أتابع السير للبحث عن بنزين فى محطات الوقود دون جدوى. وظننت -وبعض الظن إثم- أن الوقود قد نفد لملء عربات وجرارات الإخوان والسلفيين التى ستقل الجحافل المستعدة للاستشهاد لنصرة القدس وإعادتها من بين يدى صديق مرسى الإسرائيلى العظيم بيريز. لحظتها هانت علىّ سخونة الجو وحرارته، وقلت فى نفسى: ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط، ولكن خاب ظنى بعد أن علمت أن هذا ليس سبب غياب البنزين ونفاذه، الله!! إذن لو لم يذهب البنزين لموكب التحرير، فكيف سيصل الإخوة للقدس؟؟ كعابى؟؟ أم على الجمال؟؟ وهكذا يا سادة بتنا نحيا تلك المهزلة الملصقة افتراءً بالإسلام وهو منها براء، براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
أى تحرير للقدس ونحن نعانى انقطاع الكهرباء ونقص الوقود وغياب الأمن وبيع الأرض وتفرق الإخوة فى الوطن؟ نكّد الله على من غسلوا عقولكم وجعلوكم أضحوكة ومحط سخرية من الجميع. أليس فيكم رجل رشيد يفكر ويعلم أن ما تفعلونه هو عين الحمق والجهل والتنطع والاستسهال؟ أليس منكم عاقل يقف أمام هؤلاء المتاجرين بالدين ليقول لهم سحقاً لبغيكم ولما تكنزون؟ ألم تقرأوا دينكم وسيرة رسولكم أم أن على قلوب أقفالها. فنبينا لم يبدأ فى المدينة إلا ببناء دولة وتأسيس قواعدها. لم يفكر فى فتح مكة وهو المؤيد من السماء والمدعوم من أصحابه إلا بعد أن نقضت قريش عهدها وبعد أن صار قوة يُحسب حسابها. ألم تقرأوا عن واقعة الرجل الذى جاء يسأل ابن عمر رضى الله عنهما، عن دم البعوض على الثوب وما إذا كان يفسد الصلاة. فسأله ابن عمر: من أى البلاد أنت؟ فأجابه الرجل: من العراق. فإذا ابن عمر يقول للرجل: أفيكم دم الحسين وتسألنى فى دم البعوض؟!! أى أتعيشون بذنب الحسين الذى قتلتموه ودمه فى رقابكم حتى وأنتم تصلون، وتسألون عن إفساد دم البعوضه لصلاتكم!! وهكذا أنتم تنهار بلادكم وأنتم تهرولون فى مسيرات استعراضية لنصرة أرض مقدسة كان وعد الله دوماً ألا يدخلها إلا الصادقون.
خطر اليهود على العالم
بقلم: بنان نساف عن الوطن السورية
إن لليهود منذ قرون خطة سرية غايتها الاستيلاء على العالم أجمع لمصلحتهم، وتتضح هذه الخطة من خلال ما عرف عن اليهود من حقد على الأمم والأديان، وليس هناك دليل أقوى على خطر اليهود من نظرتهم إلى كل من ليس يهودياً، فهو في نظرهم شيء جامد، وهذه النظرة أو الفلسفة تسوغ لهم الادعاء أن العالم ملك لهم بكل من فيه وما فيه، وأن يروا كل من ليس منهم عدواً لهم، فيعملوا على سحقه، ومن هنا كانت فلسفتهم التي تعتبر جميع أبناء الكرة الأرضية ما عداهم أشياء، وهذه النظرية الهدامة تهدد أمن الإنسانية وشرفها، كما أن تعاليمهم تسوغ لهم العدوان على سائر الأمم وادعاء ملكيتها كأنها جمادات، وشريعتهم لا تكتفي بتسويغ جرائمهم بل تشجعهم على التفنن والإفراط فيها.
ويسعى اليهود دائماً لهدم الحكومات في كل العالم والاستعاضة عنها بحكومات موالية لهم، ويهيئون لذلك كل الوسائل ومنها إغراء الحكام ضد الشعوب من جهة، وإغراء الشعوب بالتمرد على الحكام من جهة أخرى، عاملين بذلك على نشر مبادئ «الحرية والمساواة» بتفسيرها تفسيراً خاصاً يؤذي الطرفين، مع محاولة إبقاء كل من قوة الحكومة وقوة الشعب متعاديتين، وإبقاء كل منهما في خوف دائم من الأخرى، ومحاربة كل ذكاء يظهر بين من هم من غير اليهود والاستعانة على ذلك بكل الوسائل.
لقد مهد اليهود بكثير من وسائل الفتنة لقلب النظام العالمي وتهديد كيانه بإشاعة الفوضى والإباحية بين شعوبه، وتسليط المذاهب الفاسدة والدعوات المؤثرة على عقول أبنائه، وتقويض كل دعامة من دعائم الدين أو الوطنية أو الخلق القويم، وعملوا على إلقاء بذور الخلاف والشغب في كل الدول عن طريق الجمعيات السرية السياسية والدينية والفنية والرياضية والمحافل الماسونية، على اختلاف نشاطاتها، ونقل الدول من التسامح إلى التطرف الديني والسياسي، وعملوا على استخدام المذاهب المتطرفة والمتناقضة لخدمة مصالحهم، ما دامت تؤدي أخيراً إلى تفكك العالم، والقضاء على أخلاقه ونظمه وأديانه وقومياته، وهي كما يرون ضد سلطتهم العالمية، فهم يدعون إلى العالمية والوطنية المتطرفة، والتسامح الديني، والتطرف الديني في آن واحد، ولهم مؤسسات وجمعيات دولية ذات نفوذ عالمي قوي، لإثارة الفتن وتوسيع الخلاف بين الدول، وجر العالم لحروب عالمية ومحلية وكل ذلك لإزالة العوائق أمام سيادة اليهودية العالمية، وهم المستفيدون وحدهم في السلم والحرب أكثر من المسالمين والمحاربين أنفسهم.
يرى اليهود أنه يجب أن يساس الناس كما تساس قطعان الغنم، وكل الناس من غير اليهود حتى الزعماء الممتازين منهم إنما هم قطع شطرنج في أيديهم تسهل استمالتهم واستعبادهم بالتهديد أو بوسائل أخرى، كما يرى اليهود أن طرق الحكم في العالم جميعها فاسدة، والواجب زيادة إفسادها في تدرج إلى أن يحين الوقت لقيام المملكة اليهودية التي تحكم وتدير العالم، لأن حكم الناس صناعة سرية مقدسة سامية لا يتقنها في رأيهم إلا نخبة ممتازة موهوبة من اليهود الذين أتقنوا التدريب التقليدي عليها، وكُشفت لهم أسرارها التي استنبطها حكماء صهيون من تجارب التاريخ خلال قرون طويلة.
لقد عملت الصهيونية العالمية منذ نشوئها على تدبير الوسائل للقبض على زمام السياسة العالمية من وراء القبض على زمام الصيرفة وفي هذا تفسير للمساعي التي انتهت بقبض الصيارفة الصهيونيين على زمام الدولار في القارة الأميركية ومن ورائها جميع الأقطار، وقد نجح الصهاينة في جعل الدولار الأميركي أساس النقد في العالم، وأصبحت بأيديهم قوة الدولار، كما سيطروا على أكثر وسائل الطبع والنشر والصحافة والمدارس والجامعات وشركات السينما ودورها والعلوم والقوانين والمضاربات وغيرها في معظم الدول الكبرى، وأصبح الذهب الذي يحتكره اليهود أقوى الأسلحة لإثارة الرأي العام وإفساد الشباب، والقضاء على الضمائر والأديان والقوميات وحتى على نظام الأسرة، وهكذا وضع اليهود أسس الاقتصاد العالمي على أساس الذهب الذي يحتكرونه، لا على أساس قوة العمل والإنتاج والثروات الأخرى، مع إحداث الأزمات الاقتصادية العالمية على الدوام، كي لا يستريح العالم أبداً ويضطر إلى الاستعانة باليهود لكشف كروبه، ويرضى طائعاً بالسلطة اليهودية العالمية.
إن الدولة اليهودية قائمة، بلا حدود جغرافية ولا لغة واحدة، ولا نحو ذلك من مقومات الدولة في بعض دول العالم. إن قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين تم بهدف الاستيلاء على رقعة الشرق الأوسط والبلاد العربية خاصة، ليتحكموا بتجارة العالم بين الشرق والغرب، وليستغلوا سكان هذه الرقعة الضعاف في نظرهم، ويستولوا على آبار النفط وكل المعادن الموجودة في تلك المنطقة. وإن كانوا يحاولون أيضاً نشر اللغة العبرية بعد إحيائها بينهم وحتى يتم لدولتهم مقومان شكليان أكثر مما هما أساسيان، وهما وحدة اللغة ووحدة الإقليم، وهذان المقومان مع أهميتهما غير ضروريين لقيام الدولة اليهودية، فهي قائمة دونهما لأن المقومات التي هي أهم منهما لقيام الدول، قد اجتمعت لليهود أكثر مما يلزم، ومقومات الدولة المتحققة لليهود كثيرة: (أولها) اتحاد مصالح اليهود وحاجتهم لمعاونة بعضهم البعض محلياً وعالمياً و(ثانيها) وحدة التاريخ والاشتراك بالمفاخر والمآسي منذ قرون طويلة و(ثالثها) وحدة الغرض وهو استغلال العالم لمصلحتهم و(رابعها) اضطرارهم للتعاون والتعصب ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم من الدول وهم أقلية ضئيلة فإذا أهملوا التعاون والتعصب بينهم ذابوا في الأمم و(خامسها) إحساسهم المشترك بالنقمة على العالم وسكانه و(سادسها) في منتهى الخطورة وهو وحدة الدين الذي يمتاز بأنه يحثهم على اعتزال العالم والترفع عليه واحتكار خيراته وسكانه لخدمتهم، ويوجب عليهم استغلال أسوأ الوسائل لإشاعة الرذيلة في العالم وحلّ أخلاقه وقومياته. وهكذا تُلمس سطوة الدولة اليهودية ونفوذها على العالم من خلال تسلط اليهود على اقتصاديات معظم الدول الكبرى وكثير من الدول الصغرى، ومن خلال تسلط اليهود على حكوماتها ومذاهبها، فهم في الدول الديمقراطية يجمعون المال بما تعترف به هذه الدول، وهم في الدول الدكتاتورية يستميلون حكامها بذهبهم ونسائهم وكل ما لديهم من قوة ونفع لا يستغنى عنه هؤلاء الحكام، كي يتركوا لليهود نشاطهم الاقتصادي وغيره فيها.
شباب ثائرون وسياسيون تقليديون!
بقلم: السيد يسين عن الحياة اللندنية
أدركت أخيراً، وهو خطأ لا بد لي أن أعتذر عنه، أن الصراع الدائر الآن في بلاد ثورات الربيع العربي ليس بين تيارات إسلامية تتمثل في جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر وحزب «النهضة» في تونس و»إخوانيين» في ليبيا، وتيارات ليبرالية أو علمانية أو حداثية بحسب المصطلح المناسب في كل بلد، ولكنه بكل صراحة بين أجيال الشباب المندفع والزاخر بالطاقات الهائلة التي جعلته يحطم في نفسه أولاً حاجز الخوف من النظم المستبدة قبل أن ينطلق ليشعل الثورة في كل بلد من بلدان الربيع العربي، وبين أجيال الكهول والشيوخ من العجائز الذين يتحركون فكرياً وجسدياً بصعوبة بالغة، والذين أصاب التبلد السياسي أذهانهم، وحسبوا أنهم يستطيعون العيش مرة أخرى بطرقهم القديمة البالية التي سقطت مع سقوط النظم الاستبدادية! وهذه الطرق القديمة البالية تتضمن من بين ما تتضمنه المساومات وعقد الصفقات من وراء ستار، وتوزيع المقاعد، واقتسام الفوائد والمنافع، بل وممارسة الكذب السياسي جهاراً نهاراً حين يفضح أمر الصفقات السرية.
وقد برز صراع الأجيال بروزاً واضحاً في الشهور الأخيرة في مصر بعدما تبين عجز النخب السياسية المعارضة التقليدية في مواجهة استبداد جماعة «الإخوان المسلمين»، والتي استطاعت عبر إجراءات ديموقراطية زائفة أن تستولي على مجمل الفضاء السياسي المصري، فقد امتلكوا بوضع اليد مجلسي الشعب والشورى وقفزوا بعد ذلك إلى موقع رئيس الجمهورية، وهم الآن وفقاً لخطة التمكين المحكمة يزحفون بصورة منهجية لاحتلال مقاعد غالبية المحافظين، ويتسللون إلى مفاصل الدولة الرئيسية من خلال تعيين أعضاء الجماعة في المناصب الإدارية العليا.
وهناك خطط لوضع قانون جديد للسلطة القضائية ينص فيه على خفض سن القضاة إلى سن الستين، وبالتالي يتم فصل أكثر من ثلاثة آلاف قاض وتعيين مئات المحامين من أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» في القضاء، إعمالاً لنص مهجور في قانون السلطة القضائية.
وقد اجتهدت جبهة «العواجيز السياسية» في مقاومة المدّ الإخواني للسيطرة على الدولة والمجتمع نفسه، وذلك بتشكيل «جبهة الإنقاذ» والتي تضم عدداً من الأحزاب السياسية والتي سرعان ما دب الخلاف بينها.
لقد فشلت الجبهة فشلاً ذريعاً في اجتذاب الجماهير لها، لأنها تلجأ إلى الأساليب التقليدية الفاشلة والتي تتمثل في عقد المؤتمرات في الفنادق، والتنافس على الوقوف وراء الميكروفونات وأمام الكاميرات لإصدار تصريحات «عنترية» لا وزن لها.
وحين أحست جبهة المعارضين بإفلاسها اتخذت قرارات كوميدية في الواقع!
منها قرار بإنشاء برلمان مواز للبرلمان المصري لمناقشة مشكلات البلد ووضع حلول لها! وقرارات أخرى لعدد من الأحزاب لتشكيل «حكومات ظل»، وصرح أحد قادتها بأن حكومة حزبه لن تزيد على خمسة عشر وزيراً، وأنها ستقوم بتقديم حلول ناجعة لمختلف المشكلات التي تواجه الجماهير!
ولم يسأل أحد نفسه من نخبة عواجيز السياسة كيف سيتصدون لحل المشكلات وليست لديهم البيانات الأساسية التي هي تحت يد الأجهزة الحكومية وذلك في أي قطاع من القطاعات.
ونتيجة لاتساع شقة الانقسام السياسي بين جماعة «الإخوان المسلمين» وباقي الأحزاب السياسية وفشل نخبة عواجيز السياسة في صوغ حلول سياسية لمواجهتها وهزيمتها سياسياً إنبرت جماعات الشباب الثوري للمشكلة بحل سياسي نضالي إبداعي في الواقع.
وتمثل هذا الحل في حركة «تمرد»، والتي سرعان ما انتشرت في المدن والقرى والنجوع عن طريق مئات الشباب من المتطوعين، والذين أخذوا يجمعون تواقيع الناس لسحب الشرعية السياسية من رئيس الجمهورية والمطالبة بعقد انتخابات رئاسة مبكرة.
والشباب الثوري في هذه المبادرة الديموقراطية السلمية استطاعوا بحدسهم السياسي أن يضعوا أيديهم على جوهر الشرعية السياسية كما أجمع عليها علماء السياسة، وكما تواتر تطبيقها في البلاد الديموقراطية الراسخة، وهو أنها رضى الغالبية العظمى من المواطنين عن الحكم القائم.
بعبارة أخرى لو استطاع هؤلاء الشباب عن طريق ملايين استمارات «تمرد» الموقع عليها بالاسم والرقم القومي إثبات أن عشرات الملايين من المصريين يسحبون الشرعية السياسية من رئيس الجمهورية من خلال التعبير عن عدم رضاهم عن حكمه، ويدعون في الوقت نفسه – ديموقراطياً وليس عن طريق العنف- لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة حتى يقول الشعب كلمته، فمعنى ذلك أنهم بإبداعهم السياسي المثير تجاوزوا بكثير بلادة الأساليب التقليدية التي تخصص في ممارساتها عواجيز النخب السياسية السائدة.
ومعنى ذلك – إذا ما صوبنا نظرنا إلى المستقبل القريب وليس البعيد - أننا سنشهد في دول الربيع العربي أجيالاً جديدة من الشباب الثوري يمتلكون رؤى مختلفة عن العالم تتميز عن رؤى العالم التقليدية التي عششت في عقول الأجيال السياسية القديمة، والتي تظن وهماً أنها يمكن أن تحكم هذه البلاد الربيعية الثائرة والتي غالبية السكان فيها من الشباب الذين أصبحت تفصل بينهم وبين الأجيال السابقة مسافات شاسعة من التباينات ليس في رؤى العالم فقط، ولكن في نسق القيم الذي يعتنقونه وفي الأساليب التي ينتهجونها في الصراع السياسي، وفي الأحلام التي يريدون تحقيقها على أرض الواقع، والتي ترى الأجيال السابقة أنها وهم من الأوهام.
وهناك أسئلة بالغة الأهمية مطروحة للنقاش:
هل يمكن فعلاً صوغ المجتمعات العربية الثائرة صوغاً جديداً في ضوء تحقيق شعارات الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية واحترام الكرامة الإنسانية؟
وهل يمكن حقيقة تحقيق مبدأ المواطنة وتفعيله في العمل بحيث لا يكون هناك تمييز لأي سبب بين مواطن وآخر؟
وهل يمكن إيجاد مجتمع عالمي يسوده السلام بدلاً من الصراع، وينهض على أساس حوار الثقافات بدلاً من صراع الحضارات، في ظل نسق عالمي للقيم يعبّر تعبيراً حقيقياً عن الوعي الكوني العالمي الذي بدأ يتشكل تحت تأثير ثورة الاتصالات الكبرى وأدوات التواصل الاجتماعي الحديثة؟
كل هذه الأهداف ليست حلماً طوباوياً يهيمن على عقول الشباب العربي وهم جزء من الشباب العالمي، ولكنها فلسفة الأجيال الجديدة، والتي لا بد لنا نحن «عواجيز العالم» أن نحاول فهمها وفك شفرتها حتى نستطيع أن نتعايش مع أجيالنا الجديدة المتوثبة!
ومما لا شك فيه أننا – كمواطنين عرب بشكل عام- نحتاج إلى إعادة تثقيف أنفسنا من جديد من خلال الإطلاع المنهجي على البحوث الحديثة التي أجريت أخيراً عن أجيال الشباب الجديدة.
ومن أبرز الكتب التي صدرت أخيراً كتاب «جيل الشباب في الوطن العربي ووسائل المشاركة غير التقليدية من المجال الافتراضي إلى الثورة». يضم الكتاب مجموعة متميزة من دراسات عدد من الباحثين الشباب بإشراف محمد العجاتي، وأصدر الكتاب «مركز دراسات الوحدة العربية» في بيروت (نيسان / أبريل 2013).
في هذا الكتاب الرائد دراسات عن سمات الجيل العربي الجديد والبنية المعرفية للشباب العربي، وغيرها من الدراسات المتميزة. علينا أن نتعرف على أجيال المستقبل!
إنهم يتقاسمون سوريا!
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
ما يحدث الآن في سوريا، وبكل بساطة، هو تقاسم إيراني روسي لبلاد الشام، وأمام أنظار العالم، تفعل إيران ذلك من خلال فيلق القدس وعملائها في المنطقة من حزب الله والميليشيات الشيعية العراقية، والأمر نفسه تفعله روسيا من خلال استثمار دعمها للأسد، ومواقفها السياسية.
ففي الوقت الذي تجوب فيه ميليشيات حزب الله الأراضي السورية قمعا للثوار، محاولة استعادة ما فقده الأسد، وبحجة تأمين حدود «السلاح الشيعي»، لضمان خط إمداد سلاح حزب الله وإيران، وهو ما سماه حسن نصر الله حماية ظهر المقاومة، تقوم روسيا أيضا بانتزاع حصتها من سوريا وليس في طرطوس وحسب، بل ها هي موسكو تعرض إرسال جنود مراقبة للجولان للفصل بين النظام الأسدي وإسرائيل وذلك بعد انسحاب القوات النمساوية من هناك، مما يعني أن حزب الله، ومن خلفه إيران بالطبع، يقومان باقتطاع جزء من سوريا تأمينا لنفوذهما، وتثبيتا لعميلهما الأسد، بينما تقوم روسيا بتثبيت نفوذها هناك، والفصل بين الأسد وإسرائيل، وذلك لتأمين الطاغية الذي بات يصغر حجمه يوما بعد الآخر في ظل الوصاية الإيرانية الروسية.
هذا ما يحدث فعليا في سوريا بينما المجتمع الدولي مشغول في مؤتمر جنيف 2 الذي ألهتهم به روسيا، ورغم إعلان الأمم المتحدة عن أنه مع نهاية العام سيكون نصف السوريين بحاجة لمساعدة، فإن الاحتلال الإيراني الروسي لسوريا، وتقسيمها، نتيجته للآن هي أن نصف السوريين تحت وطأة التشرد والمعاناة، والنصف الآخر تحت الاحتلال الإيراني الروسي، والمضحك المبكي هنا هو أن المجتمع الدولي لا يزال يحذر من تقسيم سوريا، بل إن الغرب لا يزال يحذر من مغبة التدخل العسكري بسوريا، وخطورة «القاعدة» وفتاوى الجهاد والتكفير هناك، فهل من عبث أكثر من هذا العبث؟ فالتقسيم في سوريا بات أمرا واقعا، وكذلك الخطر الطائفي، والمعاناة الإنسانية حقيقية، وبإقرار الأمم المتحدة التي طالبت بدعم مالي يصل إلى خمسة مليارات دولار للقيام بما اعتبر «أكبر نداء» في تاريخ المنظمة الدولية، وهو ما يفوق حجم المساعدات التي قدمت للعراق، وباكستان، والسودان! يحدث كل ذلك وسط تدفق السلاح الإيراني والروسي، وتدفق مقاتلي حزب الله ومرتزقة العراق، بينما لا يزال المجتمع الدولي مترددا للقيام بعمل عسكري ضد الأسد، فأي تقاعس أكثر من هذا التقاعس؟ خصوصا أن المعارضة لا تقاتل قوات الطاغية وحسب، بل إنها تقاتل غزاة سوريا الجدد، إيران وعملاءها!
والمؤسف أن العرب، وتحديدا الفاعلين وليس المتخاذلين، والمجتمع الدولي، خصوصا أميركا وفرنسا وبريطانيا، لا يتجاهلون معاناة السوريين وحسب، بل إنهم يتجاهلون أيضا عملية تقاسم سوريا من قبل إيران وروسيا، وبالطبع إسرائيل التي أخذت حصتها المتمثلة بمرتفعات الجولان وما زالت تحافظ عليها بمساعدة من الأسد نفسه، وكل هذا يعني مساسا مباشرا بمصالح العرب والغرب، ولا أبالغ إن قلت إنه مساس مباشر بأمنهم واستقراره
م، فعلامَ هذا الصمت، والتردد؟ يا سادة لقد وصلنا لمرحلة: أنقذ نفسك، فماذا تنتظرون؟
ربما كان حزب الله شيطانا..
بقلم: التهامي مجوري عن الشروق الجزائرية
عرض الأخ والزميل صالح عوض في موضوعه قبل أسبوع في الشروق اليومي للأزمة السورية في موضوع صنف فيه الفريقان المتنازعات وفق تقسيم سماه "حزب الله وحزب الشيطان"، وتوصل في مقاله ذاك إلى أن حزب الله هوالنظام السوري وحزب الله اللبناني ومن نحا نحوهم، وحزب الشيطان هو الأمريكان وفرنسا وبلجيكا وقطر وتركيا.. "وهلم جريا".
وهذا الكلام فيما أعتقد يعد تسطيحا للمسألة، أكثر منه دراسة تحليلا للأزمة، لمعرفة مخارجها وتقديم ما يمكّن الشعب من تجاوز أزمته، التي ذهبت بالأخضر واليابس، وإذا سلمنا جدلا بأن حزب الشيطان هو أمريكا وفرنسا وبلجيكا، فلا يمكن أن نسلم معه بشيطنة الأردن أو قطر أو تركيا، كما لا نسلم معه بأن النظام السوري أو حزب الله اللبناني هما حزب الله بالمفهوم الديني للمصطلح، والأخ صالح عوض يعلم جيدا أن السياسة والعلاقات الدولية تحديدا ليست علوما دقيقة، وإنما هي فرص للإغتنام ومساحات للخير قابلة للاتساع وأخرى للشر قابلة للتضييق، ومن ثم فإن حزب الله قابل لأن يصبح شيطانا في معيار السياسة والعلاقات الدولية، وحزب الشيطان قد ترتضي منه بعض الذي يفعل؛ لأنه يبحث عن مصالح تتقاطع فيها مصالح لك قومية بأخرى وطنية وإقليمية، في عشرة او عشرين بالمائة منها، او أقل أو أكثر.
فإلى عهد قريب جدا لم يكن يرى العالم الإسلامي في حزب الله إلا ذلك الحزب المقاوم الذي أرانا عجائب قدرة المقاومة في اليهود، ولم يكن يرى من النظام السوري إلا ذلك النظام المقاوم الممانع..، ولم يكن احد يسمع بالسنيورة ولا بالحريري ولا بعون ولا بغيرهم من رجال السياسة؛ لأن المسألة في أذهان الناس يومها لم تكن إلا فلسطين واليهود والمقاومة، فلا إيران على الخط ولا سنة ولا شيعة ولا أي شيء؛ لأن المعيار يومها كان المقاومة، فمن كان معها فعلى العين والرأس، وما كان خارج هذا الطرح فلا قيمة له، بمن في ذلك رجال الحركة الوطنية اللبنانية المناوئين لحزب الله اللبناني.
كانت الصورة التي لم يكن يريد العالم الإسلامي رؤية غيرها في الساحة، هي هذه الصورة، وحتى الذين كانت لهم آراء أخرى تخالف هذا التوجه، من الخبراء بمنطقة الشرق الأوسط وصراعاتها القومية والإقليمية، لم يكونوا يجرؤون على إظهار ما يعتقدون، سواء في موقفهم من حزب الله اللبناني غير الوطنية، ولا بما كان يفعل النظام السوري في لبنان، ما دام الأمر أو ما يظهر منه على الأقل في صالح فلسطين وفي صالح المقاومة وداعم لحزب الله وحماس والجهاد..
أما اليوم وقد اختلف الأمر ولم يعد النظام نظام مقاومة ولا حزب الله حزب مقاوم، وإنما وجهت مدافعهم وصواريخهم، في وجه الشعب السوري، وهجرت المقاومة الفلسطينية بلاد الشام حتى لا تقف في وجه الشعب، وحتى لا تتحول إلى طرف في صراع بين نظام وشعبه، انسحبت رغم صعوبة الحال وغموض المستقبل.
إن الأزمة السورية اليوم ليست في موقفها من اليهود، والذي يتكلم عن النظام السوري اليوم وعلى حزب الله معه، لا يناقش ماضي المواقف المشرفة من المقاومة أو فيما يظهر من حركية لحزب الله في منطقة الجنوب اللبناني، وإنما هي في نظام يبيد شعبه وحزب يناصر نظاما على شعبه، وهذا أقل ما نقول فيه نحن الجزائريون "ماهيش رجلة"، نظام استولى على قلوب الناس بسبب ممانعته، وحزب خطف عقولهم بسبب مقاومته الباسلة لجيش هزم جيوشا نظامية مجتمعة، هاتان القوتان تجتمعان على شعب أعزل بحجة انه مدعوم بفلول القاعدة ومدعوم من الأتراك والقطريين.. "هذه هي الحقرة بعينها".
لنفرض جدلا ان مؤامرة تحاك ضد سوريا.. أليس من الحكمة والعقل أن ندعو الرئيس الأسد للتنحي، وإعطاء فرصة للمقاومة التي تناضل منذ سبعينيات القرن الماضي، ونفتح المجال للقوى السياسية الوطنية.. هل أخليت سوريا من الأوفياء ومن الصادقين.. وهل كل السوريين عملاء للأمريكان..؟
أستاذ صالح، لا يليق بك تغطية الشمس بالغربال.. وأربأ بك أن تدافع عن طروحات كان يمكن أن تفهم في الستينيات والسبعينيات، أيام كان يساق المرء إلى المشنقة بالشبة، أما اليوم فقد أصبح البيت بيتا كما قال العلامة محمد البشير الإبراهيمي، وتدفق المعلومات على الجميع، ولم يعد خافيا على أحد ان الحركة في العلاقات الدولية لا تعدو ان تكون صراعات وموازين قوة، وهذه الموازين ليست بين حزب الله وحزب الشيطان كما يوحي به مقالك، وإنما هي قوى إقليمية تتصارع، وجميعها فيه من حزب الله شيء ومن حزب الشيطان أشياء.. فلا إيران جمعية خيرية ولا تركيا تعمل في سبيل الله ولا الأسد يدعو إلى الله.. ويضاف إلى كل ذلك الطائفية النتنة التي ظهرت في النظام السوري وعلاقته مع إيران، وعلاقة هذين النظامين بحزب الله، وعلاقة الجميع بما يقع في العراق والبحرين واليمن.. لماذا هذه المواقع بالذات دون غيرها؟ لأن هذه المناطق فيها الشيعة وإيران تحتضنهم وتحافظ عليهم كأقليات وتدعمهم.. فعلاقة إيران بالنظام السوري لم تنقطع منذ 1979 إلى يومنا هذا، ولم تدوم علاقتها مع جهة كما دامت مع سوريا، وعلاقتهما بحزب الله كعلاقة الأب بأبيه.. وهي علاقة استراتيجة قلما يوجد مثلها في العالم الإسلامي وهي جيدة في البناء السياسي الفعال، ولكنها بكل أسف استراتيجية مذهبية طائفية؛ بل إن مساعدات إيران للفلسطينيين، سواء لحماس أو الجهاد، لم تكن في سبيل الله وإنما في إطار استراتيجي إيراني محض.
لقد كنت أستغرب من تصريحات الشيخ الطفيلي وهو الأمين الأسبق لحزب الله عندما كان يقول إن احتكار حزب الله للمقاومة في جنوب لبنان هو حماية لإسرائيل؛ لأن هذا الاحتكار قد حرم غيره من مقاتلة إسرائيل إلا بإذن من حزب الله، وحزب الله لا يقاتل إلا بإذن من إيران.. كنت أستغرب من مثل هذا التصريح، ولكن اليوم عندما أستمع إلى تصريحات رجال حزب الله، وأعمالهم في سوريا وفي اليمن وفي العراق وفي البحرين، أستسيغ ما كنت استغرب؛ بل وأكثر من ذلك، تعلمت أن السياسة والوطنية لهما معاييرهما المختلفة عن الانتماء الديني، كما قال المثقف الشيعي اللبناني الشيخ هاني فحص، "تعلمت وطنيتي في الحوزة العلمية بإيران"، وذلك عندما سافر إلى إيران منبهرا بالثورة الإسلامية سنة 1979، فانتقل إلى إيران مبتهجا بانتصار الثورة الإسلامية العالمية، وإذا به يرى أن الانتصار كان لثورة وطنية _ثورة شعب- على نظام مستبد وكفى.
فلا مكان هنا _يا سي صالح- لحزب الله او حزب الشيطان، وإنما هنا مكان لمعايير المصالح، والصراعات بين القوى الإقليمية، فقطر التي صنفتها في خانة حزب الشيطان، دولة صغيرة، ولو كانت في سنوات الستينيات، لأرسل إليها عبد الناصر أو بومدين أو صدام حسين أو الأسد الأب، فريقا من المظليين وأعلنها جمهورية مستقلة، ولكن هذه الدولة تعاملت مع الواقع باللغة التي تفهم، فخسرت المال وانشأت المؤسسات الإعلامية ودعمت التوجه الثقافي إلى أن أصبحت الدوحة التي لا يعرفها أحد، إلى عاصمة ثقافية سياسية تشد إليها الرحال، وذلك لأن رجالها آمنوا بـ"إمكانية الدولة الصغيرة الفاعلة"، وعملوا على ذلك، أما تركيا فلا يعقل أن تصنف هكذا في خانة حزب الشيطان، وهي الدولة ذات الثقل والمكانة.. صحيح أن لها علاقات مع إسرائيل واتفاقيات، ولكن وضعها قبل ثلاثين سنة غيره الآن، ومع ذلك لا أبرر مواقفها، وإنما أذكر فقط بأنها دولة من العيار الثقيل، ويباح لها بالضرورة، ما يباح لإيران في المنطقة.
فالقضية ليست في حزب الله وحزب الشيطان، وإنما هي منحصرة في حاكم يقتل شعبه.. لا أكثر ولا أقل، وإذا كان هناك من يخاف على سوريا من المؤامرات الدولية ومن حزب الشيطان، فليشير على الرئيس الأسد بالتنحي مثلا على الأقل استجابة لمطالب الشعب الذي فقد الآلاف من أبنائه.. ليفوت الفرصة على المتآمرين.
قبل أيام قليلة تشكلت مجموعة سميت بـ"لجنة المساعي الحميدة"، شكلها الإخوة الشيعة من جماعة الحوار بين المذاهب، لتقوم ربما بالوساطة بين المتنازعين، والسلطة والمعارضة تحديدا. ولكن بعد ماذا؟ ولذلك قال أحد المدعوين، لماذا تصرون على شخص في مقابل شعب؟ ثم عن أية مساعي حميدة نتكلم بعدما أزهقت الأرواح وسالت الدماء أودية..؟
حزب الله واكتشاف القرضاوي
بقلم: محمد عثمان الثبيتي عن المدينة السعودية
منذ أن ارتفعت أسهم حزب الله في المشهد اللبناني إبِّان تبنيه للمقاومة المزعومة ضد الاحتلال الإسرائيلي وهو يُمارس أدواراً لا أخلاقية تجاه كل من يختلف معه في المنهجية والمُعتقد ، وحفَّزه على تصدُّره لمثل هذه الممارسات ضعف في التنظيم الأمني والعسكري الحكومي الذي نأى بنفسه بعيداً عن المواجهة مع هذا « الحزب « القادم من ميادين الكرامة المُزيفة ، والبطولات الوهمية التي مُررت على أتباعه من مُعطلَي التفكير ، وطبَّل لها المرجفون محدودو النظر الذين لم يستوعبوا أن هذا الحزب لا يعدو أن يكون ذراعاً سياسياً للإرهاب المُنظَّم ، وحاملاً لأجندة خفيِّة تُحقق أهدافاً تتمحور حول العقيدة أكثر من اهتمامها بالمقاومة كخيار استراتيجي لاسترداد الحقوق المسلوبة .
هذه الخلفية التي – أزعم – أنها تعكس بعضاً من المبادئ التي يؤمن بها هذا الحزب ، ويسعى إلى تحقيقها متى ما سنحت له الفرصة ، يجب أن تكون مُنطلقاً لنا في كيفية التعامل معه سياسياً وعسكرياً وقبلها عقائدياً ، فحزب تمرد ولا يزال يتمرد على تنظيم بلده في تجرُّد صارخ على الشرعية لن يرعوي أمام أي نظام آخر ، ولن يحترم عهوداً ومواثيق صاغتها الأسرة الدولية للحفاظ على كينونة العالم من التجاوزات العنترية التي تُغذيها بعض الشخصيات المهووسة بحب البروز وتضخم الذات ، وما تعاطيه الذي يقوم به الآن في سوريا من دعم لنظامها الطاغي إلا شاهد إثبات على أن هذا الحزب تُحركه المذهبية الدينية التي تتوحد على اختلاف مشاربها – فقط – عند شعورها بتهديد يمس كيانها الكبير ، فالعلوية – طائفة الأسد المتوحش – وإن تباينت في فكرها ومنهجيتها إلا أنها من شيعة حزب الله ، من هذا المُنطلق ضرب بعرض الحائط كل المعاهدات الدولية التي تنص على عدم التدخل في شئون الآخرين وجرَّ جيشه المُعمَّم إلى أتون الحرب الدائرة في سوريا في تناقض مُخجل في فَهَم مدلول المقاومة التي يتخذها كشعار له ، فكيف به يتبناها ضد المُحتليِّن بالأمس ، ويرفضها اليوم في الشام ضد الطغاة الذين جثموا على صدر وطنهم أعواماً عديدة وأزمنة مديدة مارسوا فيها كل ألوان التعذيب ضد أبناء شعبهم ، وجردوهم من حرياتهم الشخصية ، وكمموا أفواههم بلجام الذل ووصل الأمر بهم إلى قمة الإجرام المتمثل في هتك الأعراض واستباحة الممتلكات - بل يقف في وجهها بالدعم المادي والعسكري - ؟
لقد شكَّل تصريح الشيخ القرضاوي الذي عاد فيه عن رأيه السابق في حزب الله علامة فارقة في التعاطي الديني والسياسي مع هذا الحزب حيث قال : « إن الثورة السورية أجلت الحقيقة وبيّنت حقيقة حزب الله وشيعته الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله « ، وثنَّى على موقف علماء المملكة المستوعبين لماهية حزب الله من قبل بقوله : « وقفتُ ضد المشايخ الكبار في السعودية داعياً لنصرة حزب الله ، لكن مشايخ السعودية كانوا أنضج مني وأبصر مني ؛ لأنهم عرفوا هؤلاء على حقيقتهم .. هم كَذَبة « فهذا الكلام من عالم في مكانة الشيخ القرضاوي يُعد نُصرة للحق ، ورد الفضل لأهله فالعودة إلى طريق الصواب مؤشر على تواضع العلماء ، والذي قابله سماحة المفتي العام للمملكة بمزيدٍ من الغبطة والحبور لهذا الموقف الذي عبَّر عنه بقوله : « إننا لنشكر لفضيلته هذا الموقف الذي ليس غريباً منه ، إذ إنه يذكِّر بمواقف كبار العلماء عبر التاريخ في رجوعهم إلى الحق متى ما استبانوا الموقف الرشَد « منطلقاً سماحته من مواقف المملكة الداعية – دوماً – إلى توحيد جهود الأمة ولم شملها ، والبعد عن التناحر ، وتجاوز الأُطر السياسية الضيِّقة التي تُعيق الانطلاق في أفق أرحب للتآزر والتعاضد بدلاً من الانقسامات غير المُبررة التي لن تزيد جسد الأمة إلا وهناً على وهن .
من الواقع..حيرة وارتباك في الموقف العربي ...
بقلم: عبدالله بن حيي بوغانم السليطي
ستتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها ... أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم....
الظروف الخطيرة والحساسة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية الآن .. تتطلب البحث عن سلامة المنهج، للخروج من هذه الأزمات المتلاحقة، بأقل الخسائر الممكنة.
لم تحلّ بعدُ قضية احتلال فلسطين، بل الأمر ازداد سوءًا وعُنجهية من الصهيونيين ببناء مزيد من المستوطنات والعمل على تهويد القدس، ما يكرس وجودهم على أرض عربية مغتصبة.
المشكلات المتتالية في مصر وعدم استقرارها، الثورة السورية التي دخلت عامها الثالث، وراح ضحيتها عشرات الآلاف من البشر وتهجير الملايين منهم، وتدمير بيوتهم وممتلكاتهم بمساعدة دول وأطراف حزبية عاثت في السوريين قتلاً وتدميرًا، دعك ما يحدث في ليبيا وتونس واليمن والسودان والعراق وغيرها من الدول الإسلامية.
الموقف العربي من هذه الأزمات يشوبه حيرة وارتباك وضبابية حيال ما يحدث في دول الوطن العربي، التي توزعت مواقفها وتباينت آراؤها وتنافرت وحدتها في وقف وحل هذه المشكلات


رد مع اقتباس