النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء حماس 384

  1. #1

    اقلام واراء حماس 384

    اقلام واراء حماس 384
    11/7/2013

    مصر: الذي جرى.. والخير الذي فيه.. رؤية مختلفة

    ساري عرابي/ المركز الفلسطيني للاعلام

    المواقف العربية والدولية من الانقلاب في مصر
    ياسر الزعاترة / فلسطين اون لاين

    العرب من مصر اثنان
    فايز ابو شماله / فلسطين الان

    ما لا تعرفونه عن عام من حكم مرسي
    احمد منصور / فلسطين الان

    الإعلام الإسلامي
    عصام عدوان / المركز الفلسطيني للاعلام

    (أن تكون الجزيرة) من ضحايا الانقلاب!
    لمى خاطر/ فلسطين اون لاين



    مصر: الذي جرى.. والخير الذي فيه.. رؤية مختلفة

    ساري عرابي/ المركز الفلسطيني للاعلام

    تحتاج التحليلات التي تتناول الحدث المصري الراهن إلى وقفات طويلة، فمن ناحية نحتاج أن نبذل جهدًا مذهلاً لتحرير الصورة من حجم الغبش والخلط والهيمنة الإعلامية، على الأقل احترامًا لأنفسنا بقدر احترامنا للحقيقة، نحتاج كثيرًا أن نتجاوز أنفسنا وأن نقوم لله قومة حق نبحث فيها عن الحقيقة.

    ومن ناحية أخرى تبدو الأزمة الأخلاقية كاسحة، تتجلى في المواقف والتحليلات المعلنة من هذا الحدث المستمر، ولم ينج من ذلك حتى من تفترض منهم وظيفتهم الأساسية (أي البحث والعمل الأكاديمي) النظر إلى السياق الكامل، بكل فواعله، وعلى طول خطه الزمني.

    بيد أننا للأسف، وجدنا من اتخذ من أخطاء الإخوان (الحقيقية والمختلقة) مدخلاً وحيدًا لقراءة المشهد وفهمه، على نحو جعل البعض عاجزًا عن اتخاذ موقف من قتل شباب الإخوان وسحلهم والاعتداء على ممتلكاتهم!

    كل ذلك مهم، وينبغي مناقشته، بقصد الإسهام في تحرير الحقيقة، لأجل أنفسنا والأجيال القادمة، لكن هل هذا هو فقط ما ينبغي قوله بعد هذه التجربة؟ هل مجال النقاش لا يتسع إلا للبحث في أخطاء الإخوان كحكم وخصومهم كمعارضة، أو البحث في حجم المؤامرة ومقدراتها وأطرافها؟ أم إنه لا بد من إعادة النظر في التجربة كلها بعد أن حاولت الدخول في النموذج القائم (دولة ما بعد الاستعمار) وإصلاحها من الداخل.

    لا يبدو حتى الآن، أن هذه القضية خاضعة للنقاش، لا من خصوم الإسلاميين، ولا من الإسلاميين أنفسهم، وإن كان يرجى أن تضع هذه النتيجة الإسلاميين في مواجهة اليقين تجاه إمكان احتمال إصلاح النماذج المستمرة من عهود الاستعمار والاستبداد بتركيبتها كما هي!

    حينما تأسست جماعة الإخوان المسلمين، تأسست كحالة اعتراضية على هذا النموذج الاستعماري، لكن بعد ذلك، جرت مياه كثيرة، وسارت الفكرة الإسلامية نحو تحولات انتهت بمقاربة من جزأين:

    أن المشكلة هي الحل، وأن الجماعة (أي جماعة، إخوان أو غيرهم) هي الحل، وبهذا توزع الإسلاميون في مجالي المعرفة والحركة، إلى محاولة أسلمة الحداثة الغربية، وهو ما عنى في نهاية المطاف الاقتصار على خيار واحد في النهوض بمنطقتنا، أي القبول بمنطق الدولة الحديثة، والقبول بواقعها القطري، وتأجيل الأسئلة الكبرى المتعلقة بالمشروع إلى المستقبل.

    وكان التفكير دائمًا منصبًا على الممكن، أكثر مما هو منصب على الواجب، حتى صارت أسئلة الممكن هي التي تلح على كل من يتصدى لمواجهة الاحتلال أو الاستبداد، حيث يبدو الممكن معدومًا أو ضيقًا، فيتحول البحث عن الممكن إلى قبول بالواقع، وهو في حقيقته ليس أكثر من هزيمة ذاتية، فما نشأت على رفضه، قبلت به، وما رأيته المشكلة صار هو الحل.

    بينما تقضي المسؤولية بتقديم الواجب على سؤال الممكن في الحالات المذكورة، فحين القيام بالواجب تتراكم الإمكانية، لأن المعركة ليست محصورة بأرض أو جيل، وهذا التراكم يدفع نحو تهيئة اللحظة التاريخية التي تشكل نواة الانفجار الثوري، وحينها، ومن اعتاد تقديم الواجب على الممكن، لا يجد بدًا من الالتحام بهذه اللحظة التاريخية وتعظيمها والدفع بها نحو النهاية، نحو هدم النموذج القائم، وإعادة بنائه من جديد.

    في مصر وتونس، جاءت هذه اللحظة التاريخية، التي لم تخرج عن نص ثوري، ولم يصنعها برنامج عملي، لكن بدلاً من تعظيمها والدفع بها إلى آخر مداها، جرى إجهاضها من الجميع تقريبًا، لأسباب مختلفة، تتعلق في جانب منها بالتربص والكيد والحسد السياسي.

    فمن يبقى ملتحمًا باللحظة التاريخية ويدفع بها نحو النهاية، في ظل التربص والكيد، قد يتعرض للخذلان، والاستفراد، بينما يتجه الآخرون لمكاسب الحكم، ودعوى الإصلاح من داخل المؤسسات، ولذلك، وسوى قلة من بعض الشباب، اتجه الجميع للمسار السياسي من داخل الدولة التي ثاروا عليها!

    لكن يبدو أن الثورة لم تكن على الدولة، بقدر ما كانت على مبارك وعائلته عند البعض، وعلى النظام عند بعض آخر.

    في جانب آخر، وكما هي الطبيعة البشرية، ثمة خشية دائمة من الفوضى وانعدم الاستقرار، وثمة حرص على الدولة؛ الدولة التي يكرهها الناس كونها جهاز قمع وتنظيم قهري، لكنهم لا يتصورون سبيلاً للحياة إلا في ظلها، ولا إمكان للأمن إلا بها.

    لكن السؤال قبل ذلك، وهو السؤال المتعلق بالإسلاميين تحديدًا، والذي بالإجابة عليه تحدد وجهة المسار؛ ما هو المشروع الإسلامي؟ وهل يمكن أن تنسجم التصورات الإسلامية مع منطق الدولة الحديثة؟ وهل التصور الإسلامي المعاصر لبعض مفاهيم الحداثة الغربية، كالحريات والديمقراطية، والهوية الوطنية، والمواطنة، وغير ذلك، ناضج من رحم تجربتنا الذاتية، أم محاولة قهر قصري للإسلام كي يتماهى مع مفاهيم الحداثة القاهرة الغالبة؟!

    هل المشروع الإسلامي، هو القبول بمنطق الدولة الحديثة، وقيادة مشروع اقتصادي، يطعم الناس من جوع، ويأمنهم من خوف، في حدود الدولة القطرية، وضمن الاشتراطات الغربية؟!

    إلى حد ما وفي سياق الممكنات المتاحة، وخطة التدرج، والتذاكي في خداع العالم، يمكن القول إن هذا هو المشروع الإسلامي، الذي يتخذ من أنموذج أردوغان المثل الأعلى، الذي تمكن أن يحكم وهو القادم من الفكرة الإسلامية لحكم أعتى علمانية في العالم الإسلامي.

    لكن دون أن ننتبه إلى أن أردوغان قبل بمنطق الدولة الحديثة تمامًا، وهو منطق علماني صرف، يصعب إخضاع التصور الإسلامي له، كما قبل بالاشتراطات الدولية، فشرط تسهيل النجاح في الداخل، الاحتفاظ بموقع تركيا في تأمين المصالح الغربية، وبهذا فإن الجيش التركي إلى جانب النيتو يقتل المسلمين في أفغانستان، وبهذا مثلاً شهدنا في لحظة ما ترحيب حكومة النهضة في تونس بغزو فرنسا لمالي!

    إذا كان النجاح متعلقًا بالممكن، فهذا نجاح. لكن هو بالنسبة لي كمواطن عربي مسلم، لا يعني لي أي شيء أكثر من نجاح أي حزب في النمسا أو السويد، حتى لو كان الحزب في هذه الحالة عربيًا، أو إسلاميًا حسب توصيفه لنفسه.

    سوف نسلم، أنه لا مناص من البحث في الممكن، بدلاً من التنظير المفتقر للتحديد والحلول العملية، بالرغم من توفر فرصة تاريخية كان يمكن أن تذهب إلى مداها، لكن يبدو أن التصورات لم تكن قد نضجت عربيًا باتجاه هذا الخيار.

    بيد أنه لا بد من النظر في جانبين، وهذا بمعزل عن افتقار الحل البديل للوضوح، وبمعزل عن قضية محاولة أسلمة الدولة الحديثة.

    الأول: رسوخ جهاز الدولة، كما في مصر، (الجيش، الأمن، القضاء، الإعلام، الجهاز الإداري..)، وهو الجهاز الذي يفترض أن ينقاد لأي حكومة جديدة، كما هو مستقر في الأنظمة الديمقراطية، فهل يمكن أن ينقاد هذا الجهاز الذي يملك كل أوراق القوة، والباقي كما هو بكل بناه من زمن الاستبداد القريب اللصيق، لحكومة جديدة، تهدده بتغييره؟

    كيف تصبح المشكلة الحل؟ كيف تستخدم المشكلة لمعالجة ذاتها؟ كيف تتوقع أن ينقاد لك من تهدده بإنهاء نفوذه، وقطع موارده المستفادة من الفساد؟ كيف لا تقدر حجم هذا الجهاز الراسخ والكبير والضخم، ثم تتوقع بصورة رومانسية حالمة أنه يمكنك استخدامه كأداة لتغيير ذاته؟!

    مما يقال، إن من أسباب تعجيل الانقلاب على مرسي، قراراته المعدة بتطهير القضاء والداخلية، والتي تتضمن إقالات واسعة، وتجاوزه لدور الجيش وخطوطه الحمراء في قضايا الأمن القومي، خاصة فيما اتصل بسيناء، وغزة وأنفاقها، وسوريا، وإيران. وقد تعرض مرسي لاتهامات كثيرة بالغة فيما تعلق بسلوك الجيش في سيناء وأنفاق غزة، وها قد ثبت بالانقلاب على مرسي أنه لم يكن يملك الكثير تجاه هذه الملفات التي حمّل أوزارها.

    والأمر لا يتعلق فقط بجهاز الدولة الذي لا يمكن استخدامه لإصلاح نفسه بهذه السهولة المتخيلة، خاصة إذا كان بهذا الحجم، وفي دولة ثقيلة كمصر، وإنما ثمة شريحة ترى أنها الابن الشرعي لهذه الدولة، وهي الشريحة الليبرالية المدنية ومن التحق بها، ممن لا يرى في الإسلاميين والمهمشين –مهما تحدث نظريًا عن قضيتهم- إلا غرباء عن جهاز الدولة، ومطرودين حتى عن مجالها العام أيضًا، إلا إذا أمكن استخدامهم فيما يخدم هذه الشريحة التي لم تكن مشكلتها مع الدولة، وإنما مع مبارك وعائلته أساسًا.

    ولذلك، اتخذت هذا الموقف العدائي من نتائج العملية الديمقراطية، وتحالفت مع الجيش وما سمي بالدولة العميقة، ومع كل مكونات نظام مبارك، فحتى ثقافيًا وطبقيًا هي غير قادرة على استيعاب الإسلاميين داخل جهاز الدولة أو في مجالها العام.

    الثاني: موقف النظام الدولي من منطقتنا العربية، خاصة من دولة بحجم ومقدرات مصر، وعلى حدود دولة العدو.

    فهل تصح المقارنة مع أي تجربة نجحت في بناء نهضة اقتصادية ضمن الالتزام باشتراطات النظام الدولي، كما في اليابان أو كوريا الجنوبية؟ أو كما في تجارب إسلامية أخرى غير عربية كما في تركيا أو ماليزيا أو أندونيسيا؟ هل ينظر النظام الدولي لتلك البلاد كما ينظر لنا، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الموقع الجغرافي، والنظرة الثقافية، والحمولة التاريخية، وقبل كل ذلك عمق الموقف من الكيان الصهيوني؟

    وإضافة إلى هذا فثمة خصوصيات أخرى تتعلق بطبيعة المجتمع، وتاريخ تطور الممارسة الديمقراطية فيه، إذ لا تصح المقارنة الاعتباطية دون إدراك كل أوجه الشبة والافتراق بين أي نموذجين.

    لا بد وأن يطرح في هذا السياق، السؤال عن البدائل والخيارات الممكنة للإخوان وغيرهم حينها، وهو سؤال محق، بيد أن نقد المحاولة القائمة هو أهم عملية في البحث عن البديل، مع ضرورة النظر في هذا الإلحاح على سؤال الممكنات بدلاً من سؤال الواجب، وهو سؤال قد يتحول إلى حالة انهزامية لا تعني إلا قبول الواقع، وبهذا لا يهدم طغيان، ولا تحرر أوطان.

    وقد ثبت أن محاولات إصلاح الدولة باستخدام الدولة نفسها، وامتصاص الموقف الدولي ببعض المواءمات والتسويات، لم يفض إلا إلى الانقلاب على الحكم الشرعي، بينما مثلاً، لو اتخذ الإخوان في الحكم قرارًا بقطع العلاقات مع العدو الصهيوني، بدلاً من إرجاء هذا السؤال الكبير إلى ما بعد بناء مصر، لخرجوا من هذه المؤامرة برواية مشرفة لا تجعل خصومهم إلا خونة!

    بالتأكيد؛ الحسابات كثيرة ومعقدة، سواء حين اتخاذ قرار الاتجاه لمسار الإصلاح المؤسساتي، أو حين الترشيح للرئاسة، أو بالتردد في إصلاح أجهزة الدولة، أو محاولة طمأنة النظام الدولي، خاصة فيما تعلق بالعلاقة مع العدو الصهيوني، فهذا ليس تقييمًا للتجربة بأثر رجعي، ولا تقييمًا مستعجلاً بفعل الشعور بالصدمة أو الهزيمة، كما قد يرى البعض، حيث اعتقد أنه كان لا بد أن تذهب هذه التجربة إلى مداها، وأن نفحص هذه الممكنات حتى نهايتها، كي نصطدم باليقين، ونتحول إلى دراسة التجربة، والبحث في الواجب المطلوب.

    فليست القضية أبدًا هي جماعة الإخوان المسلمين، ولا حكم الدولة، وإنما القضية هي مشروع بناء هذه الأمة، وإنهاء الحضور الاستعماري منها تمامًا، ومن ثم فالحل قد لا يكون بالجماعة بالرغم من انحيازي الكبير لها كجماعة ظلمت في هذه اللحظة التاريخية وتعرضت لحملة تشويه مذهلة، وقد لا يكون الحل بالضرورة بمحاولة إصلاح هذه الدولة.

    فثمة آفاق أخرى اتسعت في تجارب إنسانية مختلفة لم تنشأ بالضرورة عن برنامج عملي تفصيلي، فالمهم أن نعرف ماذا نريد، وما هو مشروعنا، وأي خطاب نقدمه لأمتنا وجماهيرنا.

    في اللحظات التي أكتب فيها هذه المقالة، أتابع صور الحشود الضخمة للمصريين الداعين لعودة الرئيس مرسي، والمناوئين للانقلاب، وأتساءل: لو أن الإخوان اعتمدوا على ذاتهم وحسب، على هذه الجماهير وحسب، وأبقوها حاضرة بهذا الزخم، مدركين لخطر اللحظة، متصرفين على الأساس العيش في حالة ثورية مستمرة، غير سامحين بأن تسرق الإرادة الشعبية وتزيف كما شاهدنا في 30 يونيو، ولا سامحين بتفريغ الميادين إلا من خصومهم، هل كان الانقلاب على الشرعية بهذا اليسر؟!

    بيد أن الاعتماد على الجيش، أي على المشكلة، ما كان ليفضي إلا إلى ما رأينا، لأنك في النهاية لم تعتمد على ذاتك.

    والآن، هل الحل بإعادة تدوير التجربة التي حاولنا قراءتها بصورة مختلفة قليلاً؟ أم الحل هذه المرة بالذهاب بثورة استعادة الشرعية، واستعادة ثورة يناير حتى نهايتها؟

    مهما كانت النتائج، فأنت قد جربت الذهاب بمحاولة إصلاح الدولة وطمأنة النظام الدولي حتى النهاية، جربت المواءمات والتسويات والتنازلات التي يروق لنا تزيينها حين وصفها بالحكمة والعقلانية والممكن والمرونة، فلماذا لا تثبت على الواجب حتى النهاية وإلى أبعد مدى مهما كانت النتائج، سواء عاد الرئيس مرسي للرئاسة أم لا، استفادت جماعة الإخوان المسلمين أم لا.

    فالقضية مرة أخرى ليست الجماعة ولا الحكم، وإنما هذه الأمة، التي لم تبن بالأساس قبل 1400 عام بالبحث في الممكنات وإنما بالثبات على الواجب، والتي كان ثمن بنائها باهظًا ومكلفًا كما هو شأن كل الأمم التي رأيناها كيف بنت نفسها كما قرأنا في كتب التاريخ. فلماذا هذا الخوف من الثمن المكلف؟!

    أما إذا عاد مرسي، وهو الذي نرجوه، ولا ينبغي أن نراه مستحيلاً.. فينبغي أن يكون حينها ثمة حديث حول موقع الحركة الإسلامية من المجتمع، واستحقاقات الإصلاح، والموقف من قضايا الأمة.







    المواقف العربية والدولية من الانقلاب في مصر
    ياسر الزعاترة / فلسطين اون لاين

    في قراءة المواقف العربية والدولية من الانقلاب العسكري في مصر، سيكون من العسير على المراقب أن يجد الكثير من الفروقات بينها وبين المواقف المشابهة من انقلاب العسكر في الجزائر عام 91. حدث ذلك رغم الفارق الهائل في السياق العربي والدولي على كثير من الأصعدة. ولعل القاسم المشترك بين الانقلابين أن الطرف المستهدف بهما هو طرف إسلامي الهوية؛ جبهة الإنقاذ في الجزائر، وجماعة الإخوان في مصر.

    عربيا يمكن القول إن الموقف من ربيع العرب بالنسبة لأكثر الدول العربية لا يتصل بهوية قوى المعارضة التي يمكن أن تتصدر أية انتخابات تأتي بعده، بقدر ما يتعلق قبل كل شيء برفضها الجذري لأية مطالب تتعلق بالتغيير والإصلاح، سواءً جاءت من طرف إسلامي أم سواه، وقبل سنوات تصدر بضعة نفر (ليسوا إسلاميين) مطالب إصلاحية بسيطة تتمثل في عريضة عادية في دولة عربية خليجية، فكان أن قمعوا بشدة. ولذلك فالدول إياها تتآمر على ربيع العرب لكي لا يصل إليها، بصرف النظر عن القوى السياسية التي تطالب به، ولو كان الفائزون في انتخابات ما بعد مبارك من القوى القومية أو اليسارية أو حتى العلمانية التي تؤمن بالدولة المدنية الديمقراطية لما تغير الموقف.

    في سياق المواقف مما جرى في مصر، كان لافتا أن دولة عربية كبيرة كانت أول من بارك الانقلاب، وبعث زعيمها مهنئا الرئيس الجديد المعين، فيما كان الكثيرون يسكتون على مواقف تلك الدولة من الثورة المصرية، مع أن دعمها للانقلاب كان واضحا (الإعلام هو أكثر ما يفضح المواقف) من خلال دعم قوى الثورة المضادة، بخاصة في ميدان الإعلام الذي تكفل بشيطنة الرئيس تمهيدا للانقلاب عليه. بعد ذلك الزعيم كان وزير خارجية دولة أخرى هي الأكثر وضوحا في عداء الإخوان، وقبل ذلك الإصلاح والثورة وربيع العرب يبارك الانقلاب، هو الذي كانت دولته الأكثر تمويلا، وتآمرا ضد الثورة المصرية، ثم ما لبث أن قرر إرسال وفد وزاري لزيارة مصر!!

    بعد ذلك توالت ردود الفعل المؤيدة، من دول لها ذات الموقف من ربيع العرب والإخوان في آن، لاسيما أن لبعضها خصومة معهم، كونهم يشكلون عصب معارضتها في الداخل، كما تميز موقف بشار الأسد الذي جاء سريعا أيضا في إعلان فرحه بما جرى. وعموما لم يكن ثمة مواقف عربية لافتة تقف في المعسكر الرافض للانقلاب، ربما باستثناء تونس التي رفضته كتعبير عن انحيازها للثورة. وحتى قطر اضطرت بعد تردد إلى إصدار بيان دبلوماسي يراوح في الموقف خشية الدخول في إشكال مع الدولة العربية الأكبر، لاسيما أن تهما دعمها للرئيس مرسي كانت تتردد بشكل مسف في وسائل إعلام الفلول، لكأن الأموال التي كانت تقدمها كانت تذهب إلى جيب مرسي والإخوان. ثم ما لبث الموقف أن تغير إلى حد ما بعد هبة الجماهير المؤيدة للشرعية، الأمر الذي تجلى في تغطية الجزيرة للأحداث، وهي التغطية التي أغاظت العسكر وفلول نظام مبارك، الأمر الذي تجلى في طرد مراسل المحطة (وسط زفة بائسة) من المؤتمر الصحفي الذي عقدته أجهزة الأمن للحديث عن المجزرة التي ارتكبت بحق مؤيدي الشرعية أمام مبنى الحرس الجمهوري.

    المواقف الإقليمية كانت لافتة، وفي مقدمتها الموقف التركي الذي أعلن رفضه للانقلاب بشكل واضح، وبذل جهودا لتسويق قناعته على عدد من الأطراف، وإن لم يسفر ذلك عن نتيجة جيدة، فيما عكست وسائل إعلام إيران والمدعومة منها فرحها بالانقلاب، بصرف النظر عن الكلام الدبلوماسي، ومعلوم أنه لا شيء يعكس المواقف الحقيقية أكثر من وسائل الإعلام.

    المواقف الدولية كانت أكثر بؤسا ونفاقا، إذ تراوحت بين إدانة خجولة للانقلاب من قبل بعض الدول (باستثناء ألمانيا، وبقدر أقل بريطانيا)، وبين تأييد مكتوم، كما هو حال موقف الولايات المتحدة التي رفض رئيسها وصف ما جرى بأنه انقلاب، فيما كانت دوائر الكونغرس (المتصهينة طبعا) تحتفل وتؤيد تبعا لفرح الكيان الصهيوني الذي لم يكتم موقفه رغم مطالبة نتنياهو وزرائه بعدم الحديث عما جرى (جون ماكين شذّ بعض الشيء)، لكن موقف مرسي في حرب غزة لن يُنسى بالنسبة إليهم، هم الذي يشتكون دائما من أنه لم يتلفظ بكلمة إسرائيل أبدا منذ فوزه بالرئاسة (رسالة بيريز كلام فارغ أرسلت بروتوكوليا ولم يعلم بها الرجل إلا من وسائل الإعلام). ودوليا تميز الموقف الفرنسي بترحيبه بالانقلاب، لكن موقف الاتحاد الأوروبي كان لافتا برفض اعتباره انقلابا، والذي جاء عكس موقف الاتحاد الإفريقي الذي رفضه وعلق عضوية مصر فيه.

    دعك هنا من حكاية الدعوة إلى جعل الفترة الانتقالية قصيرة التي ترددت على ألسنة كثيرين، فهي دعوة منافقة لا تختلف عن دعوات الداخل كما عكسها عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح وصباحي وحزب النور وسواهم، والتي لا تقلل من حجم الجريمة التي اقترفها هؤلاء بتأييد انقلاب عسكري على رئيس منتخب.، وقبولهم بوصاية الجيش على العملية السياسية في البلاد.

    والحق أن الموقف العربي الرسمي، باستثناء محدود، لا يختلف عن الموقف الدولي الذي لم يكن مؤيدا ولا مرتاحا لمسيرة ربيع العرب، ليس من أجل الكيان الصهيوني الذي تمتع لعقود بسياج حماية من أنظمة دكتاتورية لا تعبر عن شعوبها، بل من أجل المصالح الاستعمارية التقليدية التي تهددها استعادة الشعوب العربية لقرارها، ولو في المدى المتوسط، مع فارق أن الرفض الرسمي العربي إنما ينطلق من هاجس الحكام التقليدي في الحفاظ على أنظمتهم.

    في أي حال، ما جرى في مصر هو فضيحة مكتملة الأركان، ليس فيها أية أسرار باستثناء التفاصيل الصغيرة، فالانقلاب كان واضحا لجهة المشاركين فيه من الداخل والخارج، وكذلك حال المتواطئين معه، والسعداء بوقوعه.

    على أن ذلك كله، لا يغير في حقيقة قناعتنا بأن ما جرى لن يوقف مسيرة ربيع العرب، حتى لو عطلها أو أخرها لبعض الوقت، وقد قلنا مرارا إن ما يجري هو تحول تاريخي في هذه المنطقة، لن يمر بيسر وسهولة، في ظل مواجهته المجنونة من قبل جحافل من الأعداء والخصوم والحمقى في آن.


    العرب من مصر اثنان
    فايز ابو شماله / فلسطين الان

    عربي مع الثورة المصرية، ومع الشعب المصري الذي انتخب الرئيس محمد مرسي، وعربي مع الانقلاب العسكري الذي أطاح بأول تجربة ديمقراطية في مصر، وبين هذا وذاك تكمن الانتماءات السياسية، والمصالح الحزبية، والرؤية الاستراتيجية في التطور أو الجمود.

    قبل عام، قدمت دولة قطر وتركيا مساعدات مالية سخية للرئيس المصري المنتخب، كي تعينا مصر على عبور أزمتها الاقتصادية، ولكن بعد الانقلاب العسكري على الرئيس المصري محمد مرسي، فإن حكومة الكويت قررت تقديم 7 مليارات دولار منحة لمصر على 3 سنوات، إضافة إلى 3 ملايين برميل بترول كمنحة لا ترد، وقررت المملكة العربية السعودية منح مصر، 5 مليارات دولار؛ بينهما 2 مليار دولار وديعة، و2 مليار دولار نفط وغاز، ومليار دولار نقدًا، وقررت الأمارات المتحدة بمساعدة مصر بثلاثة مليارات دولار، وتزويدها بقافلة من النفط الممتد من سواحل الإمارات حتى قناة السويس.

    فما الذي تغير؟ وأين كانت هذه النخوة والهمة والشهامة العربية قبل أن يسقط العسكر الرئيس المنتخب؟ أين كان هذا المال ومصر تحت حكم المسلمين؟ وهل عرب مصر في شهر أيلول اختلفوا عن عرب مصر في شهر يونيه؟ ما الذي تغير في مصر؟

    على كل مسلم وعربي ومصري أن يسأل نفسه هذا السؤال: لماذا هب النظام السعودي والإماراتي والكويتي لنجدة مصر الآن، ولم يمد لها يد العون قبل أيام؟ لماذا انتظر هذا التحالف حتى تم سجن الرئيس المسلم محمد مرسي، فهبوا لمساعدة حكم العسكر؟ وهل مصالح الأمة تكمن في حكم العسكر أم الحكم الديمقراطي؟

    من مفارقات السياسية أن الحكم العسكري في مصر قد زج برجال الإخوان المسلمين في السجن، وهذا بحد ذاته نقيصة تحرض حامي الحرمين لأن يقف مع الحركات الإسلامية، وضد الانقلاب، وبحساب سطحي بسيط، فإن المنطق يقول: بأن الرئيس محمد مرسي هو أقرب إلى السعودية من نظام العسكر، ولاسيما أن نظام السعودية هذا كان من ألد أعداء حكم العسكر حين ترأس مصر الرئيس جمال عبد الناصر؟
    أزعم أن الاقتراب والابتعاد من السياسة الأمريكية سبب وجيه لوقوف حلف السعودية مع الانقلاب على الرئيس مرسي، وإن كان البعض يتحدث عن تنافس خفي بين المذهب الوهابي الذي يشكل أفقاً فكرياً لنظام الحكم في العربية السعودية، وبين رؤية الإخوان المسلمين.


    ما لا تعرفونه عن عام من حكم مرسي
    احمد منصور / فلسطين الان

    مرسي أخرج مصر من ذل أمريكا في استرقاقها لشعوبنا في رغيف الخبز فأعاد الاكتفاءالذاتي برغيف الخبز بنسبة 0/70 بعد أن حسن الرغيف وخفض من سعره.

    مرسي أطلق مشروع استثمار قناة السويس لاستصلاح السفن ليرتفع دخل مصر خلال عشر سنوات من ثلاثة مليارات دولار إلى مائة ملياردولار سنويا مما أغضب تل أبيب ودبي.

    مرسي افتتح المنطقة الصناعية الأولى برعاية قطرية والمنطقة الصناعية الثانية برعاية تركية.

    مرسي افتتح فروعا لشركة سامسونج للتصنيع وليس للتسويق بما يكفل تأمين فرص عمل للمصريين.

    مرسي أشرف على صناعة آيباد مصري بخبرات مصرية وصناعة مصرية ومواصفات مصرية.

    ماذا تريدون من مرسي الذي وصل إلى كرسي الحكم وعلى مصر ديون داخلية وخارجية تصل إلى ترليون وثلاثمائة مليار دولار لا علاقة له بها

    ماذا تريدون من مرسي الذي سبقه تهريب أموال مصر المسروقة منها مابين انتخابه وقبل أن يتولى المنصب فعليا؟

    كيف يمكن لمرسي أن يصلح في سنة ما أفسده العلمانيون في ستين سنة؟

    ماذا تريدون من مرسي وقد أطلق للحريات العنان فنال الشعب في عهد مرسي في سنة مالم ينله في عهود العلمانيين الفاسدين مجتمعين.. فرغت السجون وقد كانت تمتلأ بمساجين الرأي والتعذيب والظلم! ثم من يقود الحملة عليه

    من يقود هذا التمرد
    -البرادعي الذي أتى بأمريكا إلى العراق فدمرها حتى جاءتنا بالمالكي الطائفي النتن...

    -عمرو موسى الوزيرالسابق للخارجية في عهد مبارك والعميل المتميز عند الموساد..

    -حمدين صباحي الرجل الأول لإيران في مصر..

    -المتطرفون النصارى الذين أشعلوها لأجل أن الإسلام سيحكم مصر العربية .. وينعق معهم الخرفان ضاحي الخلفان الذي يحرم نقد النظام السوري على المنابر وفي المحافل..

    -الفلول الذين يمسكون بزمام الإعلام الإباحي الفاسد والمال الذي نهبوه من لقمة الشعب المصري المسكين.

    -تل أبيب التي خرج مرسي من عباءتها وأخرج مصر من معسكرها..

    -واشنطن التي أوقفت منذ تولي مرسي مساعداتها لمصر والتي قال وزير خارجيتها بوسع المظاهرات أن تتوقف إذا أعاد مرسي الحياة لاتفاقية كامب ديفيد وخاصة الاقتصادية منها..

    -إيران والتي رمى مرسي في وجهها عروضها ولو قبل لانتهت مشاكله الاقتصادية لكنه أثبت أنه رجل الساعة.

    -أما ماتناقلته العربية آنذاك فقد ثبت أنه محض دجل وافتراء فالعربية أن تتصهين أكثر.

    إن ما يجري في مصر وتركيا هو محاولة من تل أبيب وعملائها لإعادة القاهرة وأنقرة إلى المعسكرالصهيوني أو الإطاحة بهما لأنهما سارا في سياسة بناء القوة الاقتصادية المستقلة التي تمهد لعز العرب والمسلمين وهو ما أشارت إليه تسيبي ليفني وهددتهما لأنهما شبا عن الطوق وخرجا من معسكر إسرائيل..


    الإعلام الإسلامي
    عصام عدوان / المركز الفلسطيني للاعلام

    لا يجادل أحد في أهمية وخطورة الإعلام في هذا العصر، وتتخطى أهميته الحرب الإعلامية والنفسية لتصل إلى تعبئة الأمة وصوغ فكرها ووجدانها لما لذلك من تأثير طويل المدى. وقد ثبت بالممارسة والمشاهدة خلال أحداث الربيع العربي وما حصل في مصر على وجه التحديد ما للإعلام من قدرة فائقة على الحشد والتعبئة والاستقطاب والتنفير والتأثير على الأمن القومي وإنجاح الثورة على أنظمة، ودعم الثورات المضادة.

    فالإعلام أداة محايدة لا تخدم فئة بعينها ويمكن للجميع أن يستفيد منها ويوظفها لمصلحته والعبرة هنا لمن يتقن هذه الأداة ويمتلك مقوماتها بغض النظر عن المحتوى الفكري والثقافي والإعلامي وقد رأينا كيف ساهم الإعلام المصري في تفكيك وحدة ثوار 25 يناير، ودسّ الأسافين بين شركاء الوطن واستعداء فئة على أخرى واستدراج التدخل الأجنبي والتقاطع مع مصالح الأعداء في كشف عورات المجتمع المصري وإبراز نقاط ضعفه، حتى وصل الأمر بهذا الإعلام إلى أن نجح في دعم الثورة المضادة وتنحية وإقصاء الشرعية الدستورية ومؤسساتها وقلب مفاهيم الناس وانطباعاتهم تجاه فئات مثلت ضمير الأمة وضربت مثلاً في الحلم والصبر وحب الناس فتم تشويههم وشيطنتهم.

    لقد عملت فضائيات إسلامية عدة في واقع صعب ومن خلال أقمار صناعية غير مملوكة لها، بل لا تملك منع بثها على هذه الأقمار وهذا ما حدث مع قنوات إسلامية مصرية مثل: قناة مصر 25، والناس، والحافظ، والرحمة، وغيرها، الأمر الذي نبه إلى خطورة عدم امتلاك الحركات الإسلامية في العالم على امتدادها واتساعها أي قمر صناعي وهذا يفرض عليها، فرض كفاية أن توفر القمر الصناعي اللازم لبث قنواتها الإسلامية على تنوعها دون تأثير من أحد، ودون الخوف من إغلاقها أو التحكم فيها من قبل أنظمة لا تستسيغ هذا الفكر الإسلامي ولا إعلامه.

    إن فرض الوقت يوجب على الحركات الإسلامية في العالم، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين أن تبحث عن أقمار صناعية تبث من خلالها قنواتها الفضائية بضمانات مؤكدة بعيداً عن أي تأثير أو تدخل في شؤونها، ومن هذه الأقمار القمر التركي والإيراني عند تشغيله، وهذا في المنظور القريب، وأما على المدى الاستراتيجي فإن الواجب يحتم أن تؤسس هذه القنوات الإسلامية قمراً صناعياً إسلامياً تطلقه بالاتفاق مع إحدى الدول الصديقة وبعقود ذات ضمانات قانونية متينة وطويلة الأجل.

    من جهة ثانية، يجب ألا يقتصر الخطاب الإعلامي الإسلامي على الكلمة، وربما النشيد، وإنما يجب تخطي ذلك ليشمل كل المجالات الإعلامية، ومن أهمها الدراما والكوميديا الساخرة، والمسرحيات المتلفزة، والدوبلاج، وأفلام الكرتون، وغير ذلك من مجالات، لكل واحد منها قطاعه من الناس الذين يصغون إليه ويتأثرون به. هذا التحدي قائم بحق القنوات التي لا تزال تعمل، وبحق القنوات المأمول فتحها يوماً ما، وإنها أمانة الكلمة.

    (أن تكون الجزيرة) من ضحايا الانقلاب!
    لمى خاطر/ فلسطين اون لاين

    كان شمل مكاتب ومراسلي قناة الجزيرة في مصر بإجراءات تكميم الأفواه والقمع الإعلامي منذ اللحظة الأولى للانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب كفيلاً بتبيان وضع الحريات وحقوق الإنسان والصحافة في دستور سلطة الانقلاب الجديدة!

    فأن يطال القمع المنابر الإعلامية المحسوبة على الإسلاميين أو المقربة منهم سيبدو مفهوماً لدى قطاع من الناس خصوصاً مع سلطة بوليسية جديدة ليست سوى تحديث رديء لنظام مبارك وما سبقه. أما أن تكون فضائية الجزيرة بكل ما تمثله من ثقل إعلامي في العالم العربي من ضحايا هذا الانقلاب، فالأمر يتجاوز نزعة القمع المتأصلة في سياسات كلّ السلطات المستبدة إلى محاولة نسختها المصرية لجعل المشهد حكراً على إعلامها المضلل والمزيّف للحقائق، من باب) لا أريكم إلا ما أرى). وما كان هذا المستوى من التمادي في القمع الإعلامي ليحصل لولا معرفة فريق الانقلاب بمدى الجرم المرتكب من طرفهم بحق كل مكتسبات ثورة 25 يناير، والردّة الكبيرة عن مسارها، وهي جريمة غير قابلة للتزيين إلا لدى إعلام خسيس متجرّد من أدنى قيم المهنية والصدق!

    وقد كانت حادثة طرد مدير مكتب القناة من مؤتمر العسكر قبل يومين مؤشّراً على أن الإعلام المسموح له بالتحرك والعمل في ظل الانقلاب هو ذاك الذي يقبل الروايات المفبركة دونما تشكيك، وبعيداً عن الحجج المقابلة التي تفنّد هذه الروايات.

    بغض النظر عن الاختلاف أو الاتفاق مع سياسات القناة، إلا أن أي متابع منصف لها لا يمكن أن يتهمها بالتحريض أو الانحياز إلى طرف دون آخر، وكل ما تفعله أنها تقدّم الخبر كما هو ودون تزييف، وتتيح لكل الخصوم التعليق عليه وتقديم وجهات نظرهم بخصوصه، عدا عن أنها لا تغامر بمصداقيتها لأجل نشر شائعات تتقن الفضائيات الأخرى عرضها والتركيز عليها وفق سياسة تحريرية يظهر الانحياز جلياً فيها.

    وحال الفضائيات المصرية ما بعد الانقلاب يعطي مؤشراً كافياً عن أسباب تحريضهم على قناة الجزيرة وتشجيعهم الإجراءات المتخذة بحقها، فهذه القنوات لم تعد تستضيف أي ممثل مخالف لها ليقدّم وجهة نظره، بل تقتصر على رأي واحد ووجهة نظر بعينها، وهي ليست متوازنة بل في غاية التطرّف، وتبث يومياً موجات مركزة من التحريض والأكاذيب والروايات الملفّقة. لأنها لو قامت بدور إعلامي نظيف أو على الأقل يحمل الحد الأدنى من الموضوعية لانكشف كثير من الزيف الذي يجلل المشهد، ولتبين حجم التهتك في الروايات المكذوبة، وخصوصا للمتابعين البسطاء الذين يراد إبقاؤهم مغيبين عن الحقيقة أطول فترة ممكنة، وإلى أن تتمكن سلطة الانقلاب من تثبيت أركانها، وإجراءاتها كأمر واقع ومفروض!

    في تغطيتها للثورة السورية، ظلّت قناة الجزيرة تحرص على تقديم وجهة نظر النظام في دمشق، حتى تلك المكشوف زيفها، وحرصت على استضافة المحسوبين عليه حتى وهم يشتمونها ويتهمونها بالتحريض، لكنّها لم تغيّب الرأي الآخر، وتحديداً الذي يعاني القمع والتغييب ولا يجد فضاءات إعلامية رسمية لتقديم روايته أو وجهة نظره!

    ولنا أن نتوقف قليلا عند بعض الشخصيات التي غادرت قناة الجزيرة بدعوى الاحتجاج على سياساتها (المنحازة ، لنرى كيف أنها الآن في خصام مع المهنية والموضوعية من خلال أدائها في المنابر التي انتقلت إليها!

    من السهل على خصوم الحرية والخائفين من إفرازاتها أن يبرروا تحاملهم على منبر إعلامي موضوعي عبر اتهامه بالانحياز أو التحريض أو إثارة الفتن، فمجرد عرض ذلك المنبر الحقيقة كما هي كفيل بتأليب أعدائها عليه، ومن مساخر الأبواق المنحازة لأي نهج دموي وصفها من ينقل صورة المجازر بأنه شريك في سفك الدماء، وكأنه ما من مجازر أو انتهاكات حدثت واستحقت نشر أخبارها، وتداولها إعلاميا، وهذا الأمر لمسناه في تغطية الجزيرة لأحداث سوريا، وقبلها ليبيا، وحالياً في أحداث مصر، كما في تغطيتها منذ نشأتها لأي حادث ساخن في أية بقعة من العالم، وخصوصا العربي.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء حماس 325
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-07, 11:31 AM
  2. اقلام واراء حماس 272
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-26, 10:30 AM
  3. اقلام واراء حماس 271
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-26, 10:29 AM
  4. اقلام واراء حماس 270
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-26, 10:28 AM
  5. اقلام واراء حماس 269
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-26, 10:28 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •