اقلام واراء اسرائيلي 400
26/7/2013
في هذا الملف
حبس المواطن بائع الكعك لعشر سنوات
بقلم: نير حسون ،عن هآرتس
يجب اجراء استفتاء للشعبين الاسرائيلي والفلسطيني
بقلم: جدعون ليفي،عن هآرتس
هذا زمان البحث عن قوة عظيمة جديدة
بقلم: غي بخور،عن يديعوت
استفتاء الشعب لمنع حرب اهلية
بقلم: رؤوبين ريفلين،عن اسرائيل اليوم
لا تسقط عن الدراجة يا كيري
بقلم: أري شبيط،عن هآرتس
اسرائيل لا تفهم العربية
بقلم: ايلي أفيدار،عن معاريف
خطة القطارات في الضفة: ارض عربية وحاجة يهودية
بقلم: عميره هاس،عن هآرتس
استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين حقيقة ام عبث
بقلم: شلومو بروم،عن نظرة عليا
حبس المواطن بائع الكعك لعشر سنوات
بقلم: نير حسون ،عن هآرتس
في حجرة السجن في ريمونيم في القدس محبوس اثنان، الاول مجرم ادين بتجارة عشرات الكيلوغرامات من المخدرات الخطيرة، ومحكوم لست سنوات سجن. والثاني هو زكي صباح، 54 عاما، بائع كعك حكم لعشر سنوات سجن لعدم دفع الديون للبلدية على البسطة بدون رخصة. ومن شبه المؤكد ان صباح، من سكان العيساوية في شرق القدس لن يمضي كل سنوات السجن التي حكم بها وسيتحرر مقابل تسوية دفع ما. ولكن كيف يحصل أن شخصا كل خطيئته هي بيع الكعك يصل الى السجن؟
على الحكم وقعت قبل نحو اسبوعين قاضية محكمة الشؤون المحلية في القدس تمار نمرودي. القرار الفني في اساسه يوحد 254 ملفا فتحت ضد صباح على مخالفة البيع المتجول من دون ترخيص. وبالاجمال تلقى صباح منذ العام 2005 الاف المخالفات التي تراكمت الى مبلغ 731910 شيكلات و21 اغورة. ولما كان الى جانب كل غرامة تسجل يوجد ايضا خيار سجن لعدة ايام، فقد تراكمت ايام السجن في دين صباح الى 3554 يوما. معظم المداولات في قضيته اجريت بغير حضوره ولما كان لا يصل الى تسوية دفع مع البلدية فقد تم توحيد الملفات وصادقت القاضية على أوامر الحبس المتراكمة. بعد وقت قصير من القرار اعتقل صباح وحبس. بعد اربعة ايام فقط من اعتقاله تمكن من الاتصال بمحاميه، المحامي امير شنايتشر. وفي اعقاب طلب رفعه شنايتشر الى المحكمة وافقت البلدية على الافراج عنه مقابل دفع 10 في المئة من الدين نحو 80 الف شيكل. وقضت القاضية في محكمة الصلح في القدس تمار بار آشر تصبان بان يطلق سراحه حتى مقابل 8 الاف شيكل، ولكنه لم يتمكن من تأمين المبلغ وبقي في السجن.
في طلب عاجل رفعه محامي صباح ادعى بأن أمر الحبس ليس قانونيا، أولا لانه طرأ تقادم على العقاب اكثر من ثلاث سنوات من يوم اصدار الحكم، ثانيا يخرج العقاب عن صلاحيات محكمة الشؤون المحلية المخولة بالحكم حتى سبع سنوات سجن. اضافة الى ذلك يدعي شنايتشر بان صباح لم يستلم بعضا من المخالفات واحكام المحكمة بحقه على مدى السنين. ويقرر القانون شروطا واضحة لفرض عقوبة السجن على شخص بغير حضوره، ولا سيما في كل ما يتعلق بالشكل الذي ينبغي ابلاغه به وتحذيره من العقاب. هذه الاجراءات، بزعم المحامي لم تتوفر. وهو يزعم بان مراقبي البلدية كانوا يسجلون له المخالفات حتى في الايام التي لا يفتح فيها بسطته على الاطلاق.
وقال ان ‘القانون يقضي بان القاضي ملزم بان يأخذ الانطباع بان ليس في حبسه اي نوع من التشويه القانوني، وهنا واضح بانه يوجد تشويه قانوني’، قال. ليست هذه هي المرة الاولى التي يحبس فيها صباح بسبب المخالفات العديدة التي راكمها. في 2003 حبس وقضى 11 شهرا في السجن بالحكم الذي صدر بحقه من دون اجازات ومن دون اقتطاعات. في 2008 حكمة المحكمة المركزية بان الحبس لم يكن قانونيا لان البلدية لم تعرض على صباح المخالفات والاحكام كما يفترض القانون. وحظي صباح في حينه بتعويض بمبلغ 523 الف شيكل من الدولة بسبب الحبس العابث. ورغم ان بائعي الكعك وباقي الباعة المتجولين هم جزء لا يتجزأ من مشهد البلدة القديمة في القدس، الا انهم يعانون في السنوات الاخيرة من معاملة متشددة من جانب البلدية. قبل سنة ونصف نشرت ‘هآرتس′ قصة اسحق كنعان، هو ايضا بائع كعك راكم ديونا بمئات الاف الشواكل. وسبب ذلك هي المصاعب الكثيرة التي تفرضها بلدية القدس على الباعة المتجولين الذين يرغبون في استصدار رخصة بيع متجول.
وجاء من بلدية القدس التعقيب بان ‘البائع المتجول توجه الى المحكمة من خلال محامي خاص استأجر خدماته، بطلب الغاء أمر الاعتقال التلقائي الذي اصدرته بحقه المحكمة بسبب عدم دفع الدين كما يفترض القانون. واقترحت البلدية أن يدفع نحو 10 في المئة 80 الف شيكل من الدين مقابل الالغاء الفوري لامر الاعتقال. وقضت المحكمة بان عليه أن يدفع 8 الاف شيكل (1 في المئة من دينه)، مقابل الغاء أمر الاعتقال بشكل فوري. ولكن البائع المتجول اختار الا يدفع وان يقضي محكوميته. وخلافا لما زعم بانه حكم عليه بعشر سنوات حبس، فان القانون لا يسمح في مثل هذه الحالات باستنفاد كامل لايام الاعتقال التي تقررت ويقيد الفترة بمدة حتى ثلاث سنوات’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
هذا زمان البحث عن قوة عظيمة جديدة
بقلم: غي بخور،عن يديعوت
في الوقت الذي تحترق فيه سورية والعراق ومصر ولبنان حولنا، في وضع لم يسبق له مثيل في تاريخ الشرق الاوسط، وجد اوباما وقتا ليطلب ‘سلاما’ بين اسرائيل والعرب في ارض اسرائيل وهو آخر المشاكل وأكثرها هامشية في المنطقة اذا كان مشكلة أصلا. إن وسواس جون كيري الذي يقلق الفلسطينيين جدا ايضا يشهد على عدم فهم عميق للواقع الاقليمي، حتى إنه ليبلغ الى درجة تقدير غير معقول. وليس هذا جديدا عند كيري: ألم يكن يُجل بشار الاسد، وأوصى الرئيس بأن يجعله مركز الدبلوماسية الامريكية في المنطقة، الى أن جاء الواقع ونقض أبراجه المتعالية في الهواء. ويُعرض كيري الآن أبو مازن للخطر، وأصبحت حماس تهدده حتى بعودة العنف.
لا تدرك الادارة الامريكية أن اسرائيل محاطة بذئاب جديدة، واذا تقلصت الى حدود غير قابلة للدفاع عنها فسينقض عليها السلفيون والارهابيون والاسلاميون وآخرون كثيرون، لأنه ستوجد ارض بلا وجود الجيش الاسرائيلي. وتكفي قذيفة صاروخية واحدة كل شهر على مسارات مطار بن غوريون كي لا تهبط أية طائرة هنا. فسنحتاج الى الابحار الى قبرص ولأن نقلع من هناك الى العالم.
يأتي كيري الى هنا في تسويد لنفسه، ويفرض نفسه علينا متى شاء وكيف شاء، ويُخيف الاسرائيليين والفلسطينيين، فقط لأن الطرفين متعلقان بالولايات المتحدة. فقدت الولايات المتحدة قوتها تماما في الشرق الاوسط، ولهذا بقيت اسرائيل التي يخاف رئيس وزرائها، وبقيت السلطة الفلسطينية البائسة التي يخضع حاكمها ايضا لابتزاز.
إن العلاقات بالشعب الامريكي مهمة لنا جدا، لكن هذه الادارة تُعرض اسرائيل للخطر، ولن يساعد السخاء الانتقائي الذي استعمله اوباما في زيارته هنا وهو نفس اوباما الذي أعلن في حملته الانتخابية أن القدس الموحدة عاصمة اسرائيل، وكان اعلانا آخر فارغا من المضمون.
وُلد الاعتماد على الولايات المتحدة فقط في سنوات صعبة على اسرائيل، كانت فيها اوروبا كعادتها بعيدة، ولم توجد قوة اخرى من القوى العظمى لأن روسيا والصين كانتا عدوتين لاسرائيل. لكن هذه الضرورة انتهت وصار لهاتين الدولتين علاقات حميمة ودية باسرائيل. ومن الضرورة الاستراتيجية ومن حقنا بيقين مثل كل دولة اخرى في العالم، أن نعقد أحلافا مع قوى من القوى العظمى اخرى ليست أقل فهما من الامريكيين للمصلحة الاسرائيلية، بل قد تكون أكثر. على سبيل المثال، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، ان روسيا تعارض دولة فلسطينية بلا اتفاق. فهل طور أحد ما عندنا هذا قدما مع الروس؟ مما يثير الحسد أن نرى مبلغ اهتمام روسيا والصين بحلفائهما وحينما ننظر الى الولايات المتحدة ندرك انها تتدهور فقط.
عند اسرائيل الكثير مما تعرضه على الروس والصينيين: من أسعار الغاز في السوق الاوروبية التي سيتم تنسيقها مع الروس، الى تقنيات تريدها الدولتان جدا، ثم الى سكة حديد ايلات أسدود الحيوية للتصدير الصيني. لنا ما نأخذه منهما ولهما ما تأخذانه منا دونما مس بالصداقة الاستراتيجية مع الصديقة الامريكية. ويعني هذا ايضا انه يجب على اسرائيل ان تطلب إنهاء الدعم المالي الامريكي لنا بالتدريج خلال عشر سنوات. لأننا نشتري بأكثر المال أصلا سلاحا امريكيا ويعود المال الى هناك. لم يتحرر قادة اسرائيل الى اليوم من التفكير بقوة عظيمة واحدة تكون سندا وحيدا، وحان الوقت لتغيير ذلك الآن. ويجب على ادارة اوباما ايضا ان تدرك ان اسرائيل لن تكون موضوعة في جيبها بصورة آلية وأنه أسهم هو نفسه في ذلك بأدائه المخيف في الشرق الاوسط.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
يجب اجراء استفتاء للشعبين الاسرائيلي والفلسطيني
بقلم: جدعون ليفي،عن هآرتس
قولوا منذ الآن: يهودية وديمقراطية وباحثة عن السلام. إن اقتراح اجراء استفتاء شعبي يجسد كل هذه الأسس السامية التي هي نور يهدي دولة اسرائيل، فهي ‘يهودية’، رغم أن أبناء الشعب الواحد فقط سيتم استفتاؤهم، وهم أبناء شعب سيتم حسم مصيرهم بقدر أقل من مصير الشعب الثاني، لأن مستقبل ملايين الفلسطينيين موضوع في كفة الميزان؛ وهو أكثر مصيرية من مسألة مكان سكن بضع مئات الآلاف من الاسرائيليين المستوطنين الذين يملكون ارضا اخرى وقد يوجد لهم بيت آخر داخل دولة اسرائيل.
وهي ‘ديمقراطية’، رغم أنه لا تكاد توجد في كل الديمقراطيات في العالم استفتاءات شعبية، ولا في اسرائيل، فلم يُستفتَ أحد من الشعب قبل أي خروج لحرب مخطط لها ووجد منها الكثير؛ ولم يُستفتَ أحد قبل بناء المستوطنات وكانت كثيرة ايضا. إن الحروب والمستوطنات حسمت مصير الاسرائيليين بقدر لا يقل عن التسوية المستقبلية، وتحققت بصورة عجيبة من دون استفتاء. إن القيادة الشجاعة غير محتاجة الى استفتاء فلا تحتاجه إلا القيادة الجبانة. هذا الى أن السؤال الذي سيُطرح للاستفتاء غير ديمقراطي في جوهره وهو: هل يتم الاستمرار في الاحتلال الكامل أو الجزئي، وهو سؤال غير اخلاقي وغير قانوني وغير ديمقراطي. فالمظالم لا يمكن ان يتم الاستفتاء فيها ولا الجرائم ايضا، بل يجب ان تنتهي ببساطة باستفتاء أو بغيره في الأساس.
ولا حاجة الى إكثار الكلام على الأساس الثالث، وهو أنها ‘باحثة عن السلام’. فمن الواضح للجميع أن اقتراح اجراء استفتاء يرمي فقط الى رفض كل تسوية والى مُلاشاتها. وتُبين النظرة الى مؤيدي الاستفتاء أن الباحثين المعروفين عن السلام، وهم بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت ويئير لبيد وفريق المشجعين من اليمين، أشد بحثا عن السلام. يريد الجميع استفتاء يعني بالعبرية فقط عصا في الدولاب العالق أصلا. ويكشف تعجل سن قوانين الاستفتاء الآن وفورا، وكأن التسوية تقف قريبة لا يفصل بينها وبين تحقيقها سوى استفتاء الشعب فقط، عن مؤامرة اليمين. هلم نتجادل أكثر الجدل في مجرد الاستفتاء ونصرف العناية عن الشأن المركزي وهو: هل اسرائيل مستعدة أصلا لانهاء وضع الاحتلال أم لا. ولم تتم الاجابة عن هذا السؤال قط. إن العالم يعلم ما الذي تريده السلطة الفلسطينية، ولا يعرف أحد معرفة صحيحة ماذا تريد حكومة اسرائيل.
هل يريدون مع كل ذلك استفتاء شعبيا؟ تفضلوا، إن الاستفتاء الحقيقي، والاخلاقي الوحيد والعادل والقانوني يجب ان يكون التالي: هل تريدون حل الدولتين مع اخلاء كل المستوطنات، أم دولة ديمقراطية واحدة مع منح الجميع تساويا كاملا في الحقوق؟ لا توجد طريق ثالثة ولا حل عادل آخر. إن تأبيد وضع الاحتلال غير مأخوذ في الحسبان.
أدولة أم اثنتان في هذا يمكن أن يتم استفتاء الشعب، وفي هذا يجب أن يتم استفتاء الشعبين. إن هذا الاستفتاء للشعبين سيبرز فوق السطح السؤال الحقيقي من دون أي صرف للانتباه والتضليل. وهكذا سيتم تمزيق القناع عن وجوه الاسرائيليين الذين يريدون الاستمرار في إحداث الظلم مع الشعور بأنه غير موجود. إن هذا الاستفتاء سيُزيل الامكانية الثالثة التي يؤيدها، كما يبدو أكثر الاسرائيليين بعدم اكتراثهم أو غفلتهم أو هذياناتهم، ويرى أنه يمكن في القرن الواحد والعشرين أن يتم تأبيد واقع استعماري؛ وأن أحدا في العالم سيوافق على وضع يعيش فيه في ارض واحدة شعبان الاول سامٍ عليٌ له كل الحقوق، والآخر مقموعٌ ليس له أي حق.
هلّم نتجه بشجاعة الى استفتاء الشعب الحقيقي، والى استفتاء الشعبين التاريخي. ليُسأل الفلسطينيون هل يريدون العيش في سلام الى جانب الاسرائيليين في دولة واحدة، دولة مساواة وعدل، أم يفضلون العيش في دولة قومية لهم هم أنفسهم الى جانب دولة اسرائيل. وليُسأل الاسرائيليون ايضا: هل يريدون دولة واحدة مع المستوطنات أم اثنتين من غيرها. ولتحسم الأكثرية أما كل ما عدا ذلك فصرف للانتباه وكلام فارغ وعبارات جوفاء، بالعربية وبالعبرية في الأساس.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
استفتاء الشعب لمنع حرب اهلية
بقلم: رؤوبين ريفلين،عن اسرائيل اليوم
إن فكرة استفتاء الشعب التي عادت وبرزت مع تجديد المسيرة السياسية، تصطدم مع مبادئ طريقة نظام الحكم عندنا أي الديمقراطية البرلمانية.
في الديمقراطية البرلمانية يتم استفتاء الشعب الوحيد كل اربع سنوات مرة في انتخابات الكنيست. وفي الفترة بين انتخابات وانتخابات تكون الكنيست هي الممثلة الوحيدة لصاحب السيادة إلا اذا حُلّت في ظروف يعدّها القانون.
والى ذلك فان الحكومة في الديمقراطية البرلمانية تعمل بقوة ثقة الكنيست بها، وليس من حق الحكومة ان تحكم، بل هو واجبها ولهذا فان استفتاء الشعب قد يُضعف قوة الكنيست والحكومة ويُحدث وضعا تكون شرعيتهما فيه مشروطة باستفتاء الشعب. إن استعمال هذه الوسيلة بصورة دائمة مع كل قرار حاسم يُطرح في جدول العمل كما اعتيد في سويسرا يُفسد في واقع الامر قدرة من انتخبهم الجمهور على تأدية عملهم.
طلبوا في اسرائيل منذ كانت اتفاقات اوسلو تطبيق استفتاء الشعب وقت اتخاذ قرارات حاسمة ذات تأثيرات مصيرية لكنهم لم يصلوا الى اتفاق الى اليوم.
لست أعترض بصورة قبلية على استعمال استفتاء الشعب، لكنني أعتقد أن مكانه في النظام البرلماني هو الدستور ومع عدم وجود دستور ففي قانون أساسي يقتضي تأييد 61 عضو كنيست على الأقل. وينبغي أن يُقر بهذا القانون الأساسي أن يُستعمل استفتاء الشعب فقط بعد حسم الكنيست لقضية ما لا أن يكون بديلا عنه، وايضا في أي الحالات يُستعمل وكيف يُستعمل.
سيكون من الصحيح أن يرد في هذا القانون الأساسي أن كل اتفاق تُجيزه الكنيست، سواء أكان تسوية دائمة أم مرحلية، وسواء أكان في السيادة أو في تبادل الاراضي، أن يؤتى به كله دفعة واحدة أمام مواطني اسرائيل وان يُسأل هؤلاء سؤالا واحدا فقط وهو، هل تؤيدون أم تعارضون الاتفاق كما تمت اجازته؟ وكل سؤال آخر يمس تفصيلات التسوية يُفسد الهدف الذي استُعمل استفتاء الشعب من اجله. لأن المنتقدين سيسألون وبحق: من صاغ السؤال ومن ينفق على نشاط الاستفتاء الدعائي؟ يجب أن يكون استفتاء الشعب موجزا وقاطعا لا لبس فيه وأن يوجب جوابا واضحا هل تؤيد أم تعارض التسوية.
من الصحيح الى الآن أن الحكومة تحتاج الى استفتاء الشعب كي تُمكّن من وجود ائتلاف مستقر يستطيع التفاوض مع الفلسطينيين. ويجب علينا ان نحرص مع هذه الضرورات على ألا يُفسر قانون استفتاء الشعب في دول العالم وبين ظهرانينا ايضا بأنه حيلة سياسية ترمي الى تأخير النهاية أو الى اجراء تفاوض عن عدم نية خالصة. إن سن استفتاء الشعب في اطار قانون أساسي هو خطوة ضرورية توحي بالالتزام والصدق. لكننا اذا لم نُثبت ذلك بقانون أساسي واستعملنا هذه الوسيلة لغرض ما، فقد يشهد ذلك على خبرة برلمانية لكنه قد يخطئ جوهر الديمقراطية. ومما يؤسفني أنه ثبت في الماضي أن الاستعمال الهازل لهذه الوسيلة التشريعية سيف ذو حدين تكون نهايته الاضرار بالديمقراطية.
أعتقد رغم تحفظي من اجراء استفتاء شعبي في الديمقراطية البرلمانية أن هذا الامر مشروع اذا تم فقط في القضايا التي يتم الاختلاف فيها اختلافا عميقا في المجتمع الاسرائيلي واذا نشأت الحاجة الى حسمها بمرة واحدة والى الأبد. في الواقع الاسرائيلي الذي تتجاوز فيه الاختلافات العميقة المجتمع وتوجد فيه هاوية ايديولوجية ودينية فاغرة فاها بين المجموعات فيه، قد يُخفف استفتاء الشعب لهيب الاختلاف ويمنع حربا أهلية ويزيد في التزام الشعب بقرار الأكثرية الحاسم وأن يكون ذلك ضمانا لبقائه حقبا متطاولة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لا تسقط عن الدراجة يا كيري
بقلم: أري شبيط،عن هآرتس
في ربيع 2000 حينما كان السلام يقف على الباب، كتبت مقالة عنوانها ‘راكب الدراجة النارية’ زعمت فيها ان الطريقة الصحيحة لعلاج الصراع الاسرائيلي الفلسطيني هي ركوب دراجة هوائية والسير في حذر الى قمة السلام، في حين يكون الهدف الحفاظ على تقدم ثابت في الاتجاه الصحيح من دون تسرع يزيد على الحاجة، لكن من دون سقوط عن الدراجة المتواضعة والبطيئة ايضا. وحذرت من أن ما يوشك أن يفعله ايهود باراك بخروجه الى مؤتمر التوقعات العالية في كامب ديفيد هو أن يلبس معطفا جلديا ويركب دراجة نارية من طراز هارلي ديفدسون تنقله الى القمة سريعا والى الهاوية.
لم تُنشر مقالتي قط، وفي جو النشوة الذي ساد البلاد قبل 13 سنة لم يكن ناس السلام مستعدين لسماع من يزعم أنه قد يوجد عيب ما في تصور السلام الرائج. وما عدا ذلك كما تعلمون تاريخ. فقد كان رفض ياسر عرفات والانتفاضة الثانية واليأس من الشريك واحتضار اليسار وجمود المسيرة السياسية. وربع مليون مستوطن آخر يدفنون الصهيونية في تلال الكتاب المقدس في يهودا والسامرة.
انطلق ثلاثة ركاب دراجات نارية بسرعة الى اليوم نحو القمة المرجوة للاتفاق الدائم. فقد حاول باراك ان يحتل الجبل في سنة 2000، وجربت تسيبي ليفني قوتها في 2007 2008، وكاد ايهود اولمرت يفعل غير الممكن في 2008.
وكانت مقاصد الثلاثة سامية. وكانت قوى النفس والزمن التي أُنفقت عظيمة. لكن النتائج التي أحرزها ركاب الدراجات النارية الشجعان اولئك كانت عدماً. فقد ثبت مرة بعد اخرى ان طريقة ‘هارلي ديفدسون’ ليست الطريقة الصحيحة لصنع سلام في الشرق الاوسط. وثبت مرة بعد اخرى ان طريقة كل شيء أو لاشيء خطأ وخطيرة. إن الدراجات النارية المحطمة لباراك وليفني واولمرت هي شواهد تثير القشعريرة، لها رسالة واضحة الى كل من يحاول ان يعود ليصل الى القمة التي حطمت اولئك الثلاثة.
إن جون كيري نبيل امريكي يحب اسرائيل أكثر مما تحب اسرائيل نفسها. ويحاول وزير الخارجية الجريء بانفاق موارد عظيمة وبمخاطرة مدهشة أن ينقذ حل الدولتين في الدقيقة التسعين. ولا يستحق جهده التقدير فقط، بل الاجلال ايضا. فتمسكه بالمهمة يثير الاعجاب. والانجاز الذي أنجزه بتجديد التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني يستحق كل مدح. لكن حينما يخرج كيري الآن الى الطريق عليه ان يدرس جيدا قصة ركاب الدراجات النارية الثلاثة الذين سبقوه وعليه ان يشتري دراجة هوائية، فالدراجة فقط لها احتمال في هذه الارض الصعبة. والركوب البطيء فقط والحذر والمتعب للدراجة الهوائية يمكنه أن يُقربنا من قمة السلام.
إن طريق الدراجة الهوائية هي طريق واضحة، وهي اتفاق مرحلي بعيد الأمد لا اتفاقا دائما؛ وتجميد البناء وراء الكتل الاستيطانية، لا تجميد بناء كليا؛ وانسحاب اسرائيلي جزئي لا انسحابا اسرائيليا كاملا؛ وإحداث وضع دولتين معقول قبل احراز سلام كامل بين الدولتين. ولما كانت احتمالات إنهاء الصراع اللاهوتي العميق بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الظروف الحالية وفي الشرق الاوسط الحالي ضعيفة فانه ينبغي تمكينهما من العيش جنبا الى جنب في مناطق منفصلة. وينبغي أن يُمنح الشعبان الوقت والمنطقة اللذين يشكلان فيهما نفسيهما وهويتهما الى ان يصبحا ناضجين لسلام حقيقي. ومن الواجب أن يُمنح المسار الفلسطيني الصعب، وهو مسار بناء أمة، وقتا طويلا الى جانب المسار الاسرائيلي المؤلم والطويل والتدريجي لتقسيم البلاد.
اذا لم يدخل كيري في نفسه هذه الآراء الأساسية وأصر على ان يكون راكب دراجة نارية فستكون نهايته كنهاية ركاب الدراجات النارية الذين سبقوه، لكنه اذا ركب الدراجة الهوائية الجبلية الصحيحة فقد يفاجئنا جميعا بسلام من نوع آخر: متواضع وبطيء وملاصق للارض وملائم للبيئة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اسرائيل لا تفهم العربية
بقلم: ايلي أفيدار،عن معاريف
قرأ العديد من الاسرائيليين أمس النبأ عن الهجوم الحاد الذي شنه المندوب الفلسطيني في الامم المتحدة وببساطة لم يفهموا. فوزير الخارجية الامريكي جون كيري أعلن فقط عن استئناف محادثات السلام، وها هو رياض منصور يتهم اسرائيل بليس أقل من جرائم الحرب. اسرائيل تبني في الضفة الغربية، قال منصور، تصادر الاراضي، تطرد السكان من اراضيهم وتدعم المتطرفين الذين يمارسون الارهاب ضد الفلسطينيين في الضفة. غير أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في الخطوات الفلسطينية، بل في صعوبتنا في أن نفهم الاستراتيجية والفلسفة الدبلوماسية للطرف المقابل لنا. هكذا، حتى بعد أكثر من عشرين سنة من الاتصالات، فانه يخيب أملنا كل مرة من جديد. جذر المفاجأة الاسرائيلية هو الفهم السطحي الذي نتبناه: السلام أو الحرب. إما نطلق النار على اعدائنا أو نعانقهم. الحرب نفهمها، ولكن في اللحظة التي تتجدد فيها محادثات السلام، نتخذ جانب الحذر فلا نهاجم ولا ننتقد، باسم الزخم الايجابي بالطبع، وكي لا نعتبر كمن يخرب على مسيرة الحوار الهشة.
اما الفلسطينيون فليس لهم مثل هذا الثبات الفكري. طريقتهم معاكسة. ليست لديهم مشكلة في استئناف محادثات السلام، وفي نفس الوقت ممارسة الضغط الدبلوماسي الشديد على اسرائيل في كل الجبهات. السير على البسط الحمراء نحو غرف المباحثات وفي نفس الوقت اتهام شركائهم في المفاوضات بجرائم حرب.
ايام هذه الاستراتيجية كايام الاتصالات المباشرة، حتى في ذروة مسيرة اوسلو لم يكف عرفات للحظة عن ممارسة الضغط على اسرائيل بهدف تقييد مجال المناورة لديها وهز مكانتها العالمية. ابو مازن ليس عرفات ولكن السياسة الفلسطينية بقيت على حالها، وذلك لانها لا ترتبط بهوية الزعيم في رام الله، بل بالنهج المختلف تجاه العلاقات الثنائية. خصوصا المفاوضين المثقفين والمعتدلين صائب عريقات، نبيل شعث، حنان عشراوي، أمثالهم وخلفاؤهم هم الذين قادوا وسيقودون الهجمات ضد اسرائيل. بالنسبة لهم هذا ليس خروجا عن المفاوضات بل استمرارا للدبلوماسية بوسائل اخرى.
اسرائيل من جهتها تسمع الهجمات وتتجلد، ولكن في اقصى الاحوال تعلن بانها من شأنها ان تمس بالمسيرة السلمية. سنة وسنة اخرى تمر، قمة إثر قمة، والسياسة التافهة لا تتغير: اذا كنا نتحدث، فلا نهاجم.
حان الوقت لان نتصرف بادوات ولغة الشرق الاوسط. الى جانب المحادثات علينا أن نبادر ايضا الى دبلوماسية هجومية. الموافقة على المفاوضات بل وتشجيعها، وبالتوازي شجب التحريض والكراهية اللذين يثيرهما جهاز التعليم الفلسطيني. الى جانب التسهيلات على التجارة والحركة التي تعهدنا بها، سنطالب السلطة بان تعرض تحسينا حقيقيا في الاقتصاد الفلسطيني، وليس فقط اسداء الثواب لشريحة ضيقة من القريبين من الصحن ودفع باقي الجمهور الى الانهيار. نقبل مبادرة كيري، وبالتوازي نعرب عن خيبة الامل من الفساد في السلطة، التي تأخذ المليارات من اموال المانحين ولا تدفع الى الامام بالشعب الفلسطيني في شيء، لا تبني بيتا واحدا في مخيمات اللاجئين ولا تضيف صف تعليم واحدا للمدارس المكتظة حتى التعب. ومثل هذا النهج لا ينقل فقط واجب البرهان الى الطرف الاخر، بل ويكشف ايضا الازدواجية الاخلاقية للقيادة في رام الله ومبعوثيها في العالم. وهو سيسهل على اصدقائنا تأييدنا، ويساعد في وقف الانجراف في الرأي العام.
لقد قيض لاسرائيل ان تعيش في الشرق الاوسط. وبدلا من التمسك بالتقاليد الغربية علينا أن نتصرف بلغة المنطقة ذات اللغة التي يستخدمها اعداؤنا منذ سنوات لتقويض مكانتنا الدولية وجعلنا منبوذين في العالم. النهج الجديد لا يتناقض مع المسيرة السلمية. بل العكس. هو السبيل الوحيد الذي ندفع فيه الطرف الاخر الى أن يفهمنا ويحترمنا. بينما نتوقف نحن عن أن نكون متفاجئين كل مرة من جديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
خطة القطارات في الضفة: ارض عربية وحاجة يهودية
بقلم: عميره هاس،عن هآرتس
إن الخطة الضخمة لبناء شبكة سكة حديدية في الضفة الغربية، التي تم اتخاذها (الاربعاء) في الادارة المدنية، مُحاكة لتوافق جسم الوزير المسؤول، اسرائيل كاتس، رغم أنه ليس هو الذي بادر اليها في الحقيقة. انه هو الوزير الذي قال منذ وقت غير بعيد إن ‘دولة فلسطينية هي أمر غير مقبول، بسبب حقنا في هذه الارض’ (موقع ‘ولاه’ 10 تموز/يوليو).
ليست الخطة جديدة، فقد تقرر في 24/5/2005 في مجلس التخطيط الأعلى في الادارة المدنية ايداع ‘خطة هيكلية لمنظومة سكك حديدية في يهودا والسامرة، مخطط هيكلي 54′، والموقع عليها هو قسم البنى التحتية في قطار اسرائيل، أي ان العمل عليها قد بدأ حتى قبل ذلك. وجرت على الخطة منذ ذلك الحين عدة تغييرات. إن الغاية منها بحسب لوح العرض الذي عُرض في الادارة المدنية في أيار/مايو 2011 هو ‘انشاء اتصال بين منظومة السكك الحديدية داخل الخط الاخضر ومنظومة السكك الحديدية المخطط لها في يهودا والسامرة’، أي أن الغاية منها هي تقوية الصلة بين البلدات في اسرائيل والمستوطنات في الضفة بقدر أكبر وتشجيع يهود آخرين على السكن في الضفة بتسويغ النفقة الضخمة. وحتى لو تحدثوا عن سكان ‘محليين’ فلسطينيين يسافرون في القطار فان مساره مثل الشوارع الالتفافية قد بُني بحسب حاجات السكان اليهود.
إن دعوة السلطة الفلسطينية الى المشاركة في التخطيط نفاقية: لأن خطط بنى تحتية أكثر تواضعا وإلحاحا بأضعاف مضاعفة تريد السلطة الفلسطينية ان تدفع بها الى الأمام، يعلوها الغبار في لجان الادارة المدنية منذ سنين أو تُرفض، ولم تدع السلطة باعتبارها حكومة مستقبلية لدولة جارة ذات سيادة على الارض بل لتُعرض بصفة رافضة.
لكن اليوم الذي ستُحقق فيه الخطة ما زال بعيدا، إن كان سيوجد أصلا، وما زالت تأثيراتها على الارض في خطط بناء مختلفة بعيدة. قد تنغص حياة الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة ج الذين ما زالوا يناضلون لدى مؤسسات الادارة المدنية عن حقهم الأساسي في ان يبنوا في قراهم وتصلهم شبكات الماء والكهرباء. إن الخطة ستتيح قبل كل شيء في السنوات القريبة مصدر رزق أكبر وشعورا بكبر الأهمية عند بيروقراطيي الادارة المدنية الذين سيبحثون في كل المعارضات التي سيتم تقديمها.
وستضطر السلطة الفلسطينية ايضا مع ميزانيتها الضئيلة الى أن تعزز فرق المحامين والمخططين لديها الذين سيقدمون معارضات من قبل القرى والمدن. وسيُجند ناشطون اختصوا بالدعوة الى القطيعة مع شركات تعاون الاحتلال الاسرائيلي، سيجندون أنفسهم فورا ويعرفون كيف يصلون الى كل مصنع ينتج كل جزء من السكة أو القاطرة من اجل تحذيره. اذا كانت اوروبا محتاجة الى دفعة كي تبدأ تنفيذ توجيهاتها الى عدم التعاون مع المستوطنات والشركات المتصلة بها، فقد حصلت عليها أمس.
ينبغي تقديم المعارضات بعد ايداع الخطة بستين يوما (بعد شهر): أي بعد نحو من ثلاثة أشهر. ووجدت من قبل سوابق تقديم عشرات آلاف المعارضات لخطط هيكلية مختلفة (سفدي مثلا). وحتى لو تم تقديم ألف معارضة فقط على منظومة السكة الحديدية، فان قراءتها والبحث فيها سيمتدان أشهرا، بل سنوات، وحتى لو أجاز اعضاء مكتب التخطيط المركزي (وكلهم اسرائيليون) الخطة فلا شك في أن المعارضين سيرفعون استئنافات الى المحكمة العليا التي ستوحدها، لكنها ستحتاج ايضا الى دراسة تفاصيلها كلها. وهكذا لا يتوقع أن تُحفر في جبال الخليل ورام الله ونابلس أنفاق في السنتين أو الثلاث التالية. لكن لما كانت هذه الخطة قد تم اتخاذها بعد ايام معدودة من اعلان جون كيري، وزير الخارجية الامريكي، تجديد التفاوض السلمي الذي يرمي الى انشاء دولة فلسطينية، فانها تثير الريبة في نوايا اسرائيل حتى في قلوب أكثر الناس تفاؤلا، والذين يميلون الى تصديق تصريحات بنيامين نتنياهو.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين حقيقة ام عبث
بقلم: شلومو بروم،عن نظرة عليا
أعلن وزير الخارجية الامريكي جون كيري في 19 تموز/يوليو 2013 في مؤتمر صحافي في عمان، ان الاسرائيليين والفلسطينيين توصلا الى اتفاق يشكل اساس استئناف المفاوضات على الاتفاق الدائم. بالملموس اتفق على انه في غضون اسبوع سيعقد في واشنطن لقاء تمهيدي للمفاوضات، يشارك فيه وزير الخارجية الامريكي، صائب عريقات من الجانب الفلسطيني وتسيبي ليفني واسحق مولخو، مبعوث رئيس الوزراء نتنياهو، من الجانب الاسرائيلي. وفي هذا اللقاء سيتفق على جدول الاعمال والخطوط الهيكلية للمفاوضات المتجددة.
لقد نجح وزير الخارجية كيري في جسر الفجوات في الشروط التي طرحها الطرفان لبدء المفاوضات، وفي عدم قدرتهما على الوصول الى اتفاق على مبادئ المفاوضات من خلال خلق توازن حساس في أربعة مجالات خلافية:
في مسألة اساس المفاوضات على خطوط 1967 مع تبادل متفق عليه للاراضي لا توجد موافقة من الطرف الاسرائيلي، ولكن الولايات المتحدة تتعهد للطرف الفلسطيني بانها تتبنى هذا المبدأ.
في مسألة الاعتراف الفلسطيني باسرائيل كدولة يهودية، وجد حل مشابه. لا توجد موافقة من الطرف الفلسطيني، ولكن الولايات المتحدة تتعهد لاسرائيل بانها تتبنى هذا المبدأ، وهكذا وازنت التزامها السابق للفلسطينيين. في مسألة تجميد المستوطنات لا توجد موافقة اسرائيلية على تجميد شامل للبناء في المستوطنات، ولكن يوجد تفاهم بين كيري والفلسطينيين بانه سيعمل على السماح بالبناء في الكتل الاستيطانية، وكذا سيعمل على السماح للعطاءات التي سبق أن نشرت. عمليا، يوجد منذ الان تجميد هادئ للبناء في كل المستوطنات، بما في ذلك احياء القدس خلف الخط الاخضر.
في مسألة تحرير السجناء استجابت اسرائيل الى طلب الفلسطينيين لتحرير السجناء الذين حكموا قبل بدء مسيرة اوسلو لفترات سجن طويلة، كلهم سجناء مع ‘دم على الايدي’، باستثناء السجناء الذين جنسيتهم اسرائيلية. وحسب مصادر اسرائيلية يدور الحديث عن 82 سجينا، اما حسب مصادر فلسطينية فعن نحو 250. يحتمل ان يكون معنى الرقم الذي تشير اليه المصادر الفلسطينية هو أنه سيتحرر ايضا سجناء أقل ثقلا من الفترة ما بعد بدء مسيرة اوسلو. وسيتحرر السجناء بشكل تدريجي اثناء المفاوضات. تحرير السجناء هو موضوع مركزي من ناحية الجمهور الفلسطيني والموافقة عليه ساعدت جدا عباس في أن يقرر استئناف المفاوضات.
توجد موافقة على أن تستمر المفاوضات، ما لا يقل عن تسعة اشهر من دون أن يتفق الطرفان على موعد انهاء ملزم. ووافق الطرفان على الامتناع عن خطوات احادية الجانب اثناء المفاوضات، والمعنى هو أن الفلسطينيين سيمتنعون عن استخدام اعتراف الامم المتحدة بدولة فلسطينية لاتخاذ خطوات احادية الجانب في مؤسسات الامم المتحدة اثناء هذه الفترة. كما أنه يوجد تفاهم بين كيري والفلسطينيين بان تركز المفاوضات في المرحلة الاولى في مواضيع الحدود والامن. ليس واضحا اذا كانت اسرائيل تنازلت بالفعل عن طلبها أن تجرى المفاوضات بالتوازي في كل المواضيع.
الشيطان يوجد في التفاصيل، ولهذا يجب أن نأخذ بالحسبان انه لا يوجد توافق كامل على استئناف المفاوضات والامر منوط بنجاح ‘المحادثات على المحادثات’ في واشنطن. لا يزال معقولا ان تكون هناك الغام غير قليلة مثل عدم التوافق على جدول الاعمال وترتيب المباحثات، طلب فلسطيني في أن تكون مبادرة السلام العربية اساسا للمحادثات، وكذا تفسير محتمل مختلف للتفاهمات مع كيري يمكنها أن تفشل استئناف المفاوضات.
ان استئناف المفاوضات يتاح لان الطرفين لم يكونا مستعدين لان يوجدا في حالة يتهما فيها من الولايات المتحدة والاسرة الدولية بالرفض وافشال استنئاف المفاوضات، ويتعين عليهما تحمل الاثمان نتيجة لذلك. يحتمل أن يكون احد الاسباب التي أثرت على الطرف الاسرائيلي هو نظام اخراج المناطق المحتلة من الاتفاقات التي يوقع عليها الاتحاد الاوروبي مع اسرائيل. وخلافا لزعم الناطقين بلسان حكومة اسرائيل، ثمة مكان للاعتقاد بان الخطوة الاوروبية ساعدت فقط في استئناف المفاوضات ولم تخرب على احتمالاتها. فقد خشيت اسرائيل من امكانية توسع نزع الشرعية عن اسرائيل كنتيجة لصورتها الرافضة.
أما على الطرف الفلسطيني فقد أثرت تهديدات الولايات المتحدة بتقليص دعمها المالي للسلطة الفلسطينية اذا ما واظبت على رفضها، ولكن ايضا الدعم القوي الذي وفرته الجامعة العربية لرئيس السلطة محمود عباس، الذي معناه مظلة اقليمية لخطواته. وتجدر الاشارة الى أن وفد الجامعة العربية، الذي التقى بكثير في عمان، كرر في هذه المناسبة انه حسب فهمه فان معنى اقامة المحادثات على اساس خطوط 67، الوارد في مبادرة السلام العربية، هو أنه يحتمل تبادل متفق عليه للاراضي بحجم ونوعية متساويين. يحتمل ايضا ان يكون الانقلاب في مصر، الذي اسقط حكم الاخوان المسلمين واضعف بذلك حماس، التي عولت على الدعم المصري، اعطى عباس احساسا بانه تعزز سياسيا ولديه حرية عمل في اتخاذ القرار باستئناف المفاوضات، من دون الخوف من اثمان سياسية باهظة في الساحة الداخلية.
في الطرفين يقدرون ان الفجوات بين مواقفهم كبيرة جدا ولهذا فمن ناحية كل واحد منهما لا يوجد اي احتمال في أن يقبل الطرف الاخر اتفاقا يناسب شروط الحد الادنى لديه. عمليا، فقد جرا الى المفاوضات التي لا يؤمنان بها. معقول انه سيكون لهذا أثران مركزيان. اولا، نبوءات كهذه تصبح في احيان قريبة نبوءات تجسد نفسها لانها تخلق عدم دافعية لبذل جهد حقيقي. من جهة اخرى، سيلعب الطرفان بقدر اقل الواحد مع الاخر، وبقدر أكثر مع اللاعب الامريكي، لارضائه واقناعه بان فشل المحادثات ليس بذنبه. ومع أن هذا يخلق دافعية معينة لابداء المرونة، ولكن من الصعب الايمان بنجاح المحادثات عندما يكون الوسيط الامريكي يريد نجاحها اكثر مما يريد الطرفان نفساهما.
ان تحديد اطار زمني من تسعة اشهر يمكنه أن يساعد في ميول الطرفين، ولا سيما الطرف الاسرائيلي، لاجراء المفاوضات من أجل المفاوضات وليس من اجل الوصول الى اتفاق، لان الطرف الثاني الذي تعهد بهذا الاطار الزمني لا يمكنه أن يهدد بتفجير المحادثات. والامر من شأنه ان يعزز عدم الثقة العامة بالمفاوضات والسخرية السائدة لدى الطرفين. وسيكون المعنى هو ان الازمة تأجلت فقط.
طريق محتمل لمنع الازمة في نهاية الاشهر التسعة هذه يمكن أن تكون موافقة الطرفين على أنهما سيبحثان ليس فقط في الاتفاق الدائم، بل ايضا في خطوات انتقالية نحو الاتفاق. والمقصود هنا الخطوات التي في جوهرها ستستخدم لتحسين وضع السكان الفلسطينيين وتعزيز قدرة الفلسطينيين على بناء بنية تحتية لدولتهم المستقبلية واقتصادهم، من خلال توسيع صلاحياتهم والارض التي تحت سيطرتهم. توافق كهذا سيعطي الطرفين مساحة لمواصلة المباحثات لانه يمكنهما أن يظهرا للجمهور في المعسكرين تقدما على الارض.
في هذه المرحلة لا يشكل الاتفاق على اساس استئناف المفاوضات تهديدا على سلامة حكومة اسرائيل. فالجناح اليميني في الائتلاف، حزب البيت اليهودي لا يعتزم الانسحاب من الائتلاف، لان زعماءه لا يؤمنون بان المفاوضات ستؤدي الى اتفاق. ولكن تحتمل أزمات تندلع جراء تلطيف لحدة مواقف اسرائيل في اثناء المفاوضات، حتى قبل الوصول الى اتفاق. هذا ايضا لا يهدد بقاء حكومة نتنياهو، لان احزاب المعارضة وعدت بالدعم من الخارج بل ويحتمل أن بعضها (ولا سيما حزب العمل) سينضم الى الائتلاف اذا ما انسحب البيت اليهودي. كما أن المعارضة اليمينية لنتنياهو داخل الليكود ستجد صعوبة في العمل ضده لانه لا يوجد بديل لنتنياهو. والمعنى هو أنه لا توجد (بالتأكيد ليس في هذه المرحلة) اضطرابات سياسية داخلية جدا تثقل على حريته في العمل، ناهيك عن أن الاسرة الدولية، بما فيها الولايات المتحدة ستجد صعوبة في أن تقبل حججا من الطرف الاسرائيلي بانه لا يستطيع ادارة مفاوضات ناجعة ومرنة لاعتبارات سياسية داخلية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ


رد مع اقتباس