اقلام واراء اسرائيلي 421
23/8/2013
في هــــــذا الملف
على اسرائيل أن تعود لمبادئ وثيقة الاستقلال
بقلم:سافي رخلفسكي،عن هآرتس
انتفاضة ثالثة في الطريق
بقلم:عامي دور أون،عن معاريف
هل ‘القاعدة’ صفيت أم تعززت؟
'القاعدة' رغم هزائمها السابقة عادت لتنشط في ظل استغلال الربيع العربي وتحويله الى ربيع اسلامي مستغلة بؤر الصراع المختلفة
بقلم:يورام شفايتسر وافيعاد مندلبلوم،عن نظرة عليا
مفترق طرق الفريق السيسي
بقلم:يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
اوباما لا يريد التدخل او لا يستطيع ذلك؟
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
لماذ لا تتدخل امريكا في سورية؟
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
على اسرائيل أن تعود لمبادئ وثيقة الاستقلال
بقلم:سافي رخلفسكي،عن هآرتس
ينظر كثير من الناس في اسرائيل والسلطة العليا فيها الى القتل المستمر في مصر وسورية، ويهمسون قائلين: ‘إنها الطبيعة العربية’، بل قال أوري سبير، وهو من المبادرين الى اتفاق اوسلو، هذا الاسبوع إن جيراننا ‘ليسوا سويسريين’. قبل بضع عشرات السنين فقط قتل اوروبيون أكثر من 100 مليون انسان في 31 سنة فظاعة. أفكانت تلك آنذاك ‘طبيعة اوروبية’؟ أفكانت ‘طبيعة بيضاء’؟ أفكانت ‘اوروبية قاتلة’؟.
لست مُغرما بالفكاهات فهي في الأكثر تُخلد التصنيفات، لكن يجوز ذكرها احيانا. في 1916 دُعي واحد من أعيان افريقيا الى اثنين من أعيان اوروبا، وجلس الثلاثة على تل فوق غليبولي، وحينما حل الظلام ووضع السلاح في الليل، مرر الضيف لسانه على شفتيه وقال: ‘أنأكلهم الآن اذا؟’، فأجابه مضيفاه: ‘هل جُننت؟ نحن لا نأكل البشر’. فسألهما الافريقي: ‘فلماذا قتلتموهم؟’. وقد جاءت سنوات المذابح الاوروبية في 1914 ـ 1945 بعد أكثر من ألف سنة عنف في اوروبا، ومن اوروبا وباسم اوروبا. فقد كانت هناك حروب دين وعِرق وحملات صليبية قاتلة وعنف استعماري عنصري منهجي. وكانت اعمال إبادة شعب كما فعل اوروبيون من امريكا الشمالية بجنوبها، ولم يكن ذلك في الماضي السحيق فقط، فقبل عشرين سنة فقط حدثت مذبحة جماعية عرقية على ارض يوغسلافيا.
إن الانسان هو الانسان فلا يوجد عربي واوروبي وصيني وهندي ويهودي. واذا تغيرت الظروف سلك الناس والحضارات سلوكا مختلفا تماما. فبدل أن تُضاف العنصرية في الحديث عن ‘الطبيعة’ يحسن الاهتمام اذا بالظروف الثقافية وتوسيع الانسانية التي لدى كل واحد، كي تشمل أكبر عدد ممكن.
إن هذا المفهوم من تلقاء ذاته ما كان يجب ان يُقال في ظروف عادية، لكن الظروف غير عادية. فكلام داني سيمان وهو مُقرب ايديولوجي من بنيامين نتنياهو، وهو من اختاره للدعاية عن ‘الطبيعة العربية’، الذي جاء به باراك ربيد في صحيفة ‘هآرتس′ هو مثال فقط على مزاج السلطة في اسرائيل. ويكرر نفتالي بينيت وأوري اريئيل قولهما ذلك ومعهما وسائل الاعلام الدينية. وكذلك يتكلم ايضا كبار الوزراء في أحاديث خاصة هل جُننا كي نُسلم مناطق مهمة الى هؤلاء الاشخاص الذين هذه هي طبيعتهم؟ إن مُحادثتهم دعاية لكن هل نفعل ذلك؟ من المعلوم أنه يوجد أكثر من شيء قليل من السخرية في أن النظام الاسرائيلي الذي يؤيد كثيرا سحق الاخوان المسلمين في مصر يقوده ‘الاخوان اليهود’. ويُضيف الى هذه الصورة الاعتماد الاستراتيجي لنظام نتنياهو على ‘الاخوان المسيحيين’ الانجيليين الذين ينبع تأييدهم للاخوان اليهود من ايمانهم بسيناريو آخر الزمان الذي خُصص فيه لليهود دور المُبادين على الخصوص.
ويوجد هنا أكثر من السخرية بكثير. إن كثيرا من الاسرائيليين من ذوي الأصول العربية، ومن الفلسطينيين والعرب تُذكرهم اعمال القتل في المنطقة بأهمية اختيار الحياة، والسلوك السوّي والاهتمام البسيط بمستقبل الاولاد. وكما جاء من سنوات ذبح الملايين في اوروبا اختيار نهج آخر، فان الأحداث في المنطقة تُمكّن سكان اسرائيل ايضا، الذين يشعرون بأنهم يهود أو عرب أو بشر، من ان يعلموا ‘ما الذي ينبغي ألا يكون بعد’، وما الذي من الضروري أن يكون. إن الوعي خاصة الذي ليس فيه ‘شرق اوسط جديد’، بل حاجة الى اختيار مشترك للحياة، هو أساس مستقر للسير الحذر الى مستقبل مختلف. والحال هنا هي كحال ما استقر في اوروبا واليابان بعد ان هاجت ‘الطبيعة الذابحة’. إن المخاوف في المنطقة خاصة يمكن ان تفضي الى جُهد عالمي خطة مارشال مُجندة لانشاء نموذج بديل وطراز حياة يُسهم في وقف أحداث آخر الزمان في المنطقة.
لكن اسرائيل تحتاج لأجل ذلك الى نظام يُعاود اعلان الاستقلال. إن الوعي في مواجهة الوحشية التي تظهر من الانسان بعد الذبح في اوروبا وفي خلال معارك في البلاد هو الذي أفضى الى الشعور الانساني في الاعلان وفي أساسه مقولة ‘مساواة كاملة في الحقوق بلا تمييز في الدين او العِرق او الجنس′. وتستطيع اسرائيل كهذه فقط ان تستغل مرة اخرى الخوف من القتل الجماعي لتؤسس مرة اخرى استقلالا واثقا بنفسه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
انتفاضة ثالثة في الطريق
بقلم:عامي دور أون،عن معاريف
حركتا تحرر وطنيتان تتصارعان منذ أجيال على ذات البلاد التاريخية بلاد اسرائيل. الحركة الصهيونية تقول: كلها لي. هذه مُلك ابائي واجدادي وعدنا بها الرب الذي في السماء، اما الحركة الفلسطينية فتدعي: هذا مُلك لنا منذ الأزل وانتم الاحتلال الاجنبي الذي يستولي عليها بقوة الذراع.
خلافا لقضية ‘اثنين يمسكان بخرقة الصلاة’، التي تعنى بمُلك منقول، فان الصراع على البلاد المقدسة هو على مُلك ثابت ليست الملكية الرسمية هي التي تقرر حق الحيازة عليه، بل الايمان الديني. وها هو، للمرة التي لا ندري كم، يبدأ الطرفان الصقريان بالحديث على تحديد خط التقسيم والملكية على الارض. الحديث ليس خوض مفاوضات لانه في الصيغة الحالية لا يبدي أي من الطرفين الاستعداد لاعطاء اي شيء. الاستعداد هو فقط للاخذ. وعليه فمن المهم ان نفهم ان هذه الاحاديث لن تؤدي الا الى باب فولاذي مغلق، مفتاح قفله الصدئ القي به منذ زمن بعيد الى قعر البحر.
في هذه الاثناء يوجد الطرفان في مرحلة الاحاديث الاولية، التي يمكن في بعضها الوصول الى توافق، مثلا في اي مكان تجرى اللقاءات، في اي ساعة تبدأ الجلسة، وربما أيضا يتفق على لون الملابس التي سيرتديها المندوبون الذين يجلسون حول الطاولة، وربما ايضا يتحقق تفاهم على تعديلات حدودية طفيفة في مناطق ليس لها أي اهمية. ولكن عندما تأتي لحظة الحقيقة والمواضيع على الطاولة ويكون هناك ما درج على تسميته ‘المواضيع الجوهرية’، فان التوافق لن تقوم له قائمة، كون الطرفين يريدان بالضبط ذات الشيء.
الموضوعان المركزيان هما صخرة الخلاف الحقيقية بين الطرفين. خلاف غير قابل للجسر. الفلسطينيون يريدون دولة خاصة بهم، عاصمتها القدس، وأن يعود كل لاجئي 1948، مع انسالهم وابناء أنسالهم الى املاكهم المهجورة. بتعبير أبسط، يجري الحديث عن ‘تقسيم القدس′ وتحقيق ‘حق العودة’.
من الجانب الاسرائيلي الرد على هذين المطلبين قاطع لا لبس فيه: لا ومرة اخرى لا. لن يكون ابدا. التفسير لهذا الرفض الذي لا لبس فيه يقول على النحو التالي: الدولة لا يمكنها أن تتقاسم مع كيان أجنبي الملكية على عاصمتها التاريخية، العاصمة التي كانت رمزا للاماني الوطنية على مدى الفي سنة. الموضوع الثاني ملموس أكثر بكثير وكله مبني على فهم معنى الكلمات. الفلسطينيون يسمون هذا ‘حق العودة’، بينما اسرائيل تتعامل مع هذا الادعاء بتعبير ‘المطالبة بحق العودة’.
اذا ما تحققت هذه المطالبة، فان دولة اسرائيل لن يكون بوسعها أن تعيش ككيان سيادي ومستقل، وفي الارض التي بين نهر الاردن والبحر ستكون دولة يكون فيها الاسرائيليون أقلية. وستكون هذه أقلية مطاردة تعدم بالذبح او بتأكيد القتل. وتحقيق مثل هذه المطالبة تسمى بالعبرية ‘انتحارا’. اسرائيل لن توافق ابدا على التنازل في هذين الشرطين، وبالتالي فان مصير الحديث المتجدد الجاري بين الطرفين هو السير في الطريق ذاته والشطب عن الخريطة محاولة حل ‘النزاع′.
مثل عربي عتيق يقول: ‘ما لا يسير بالقوة يسير بمزيد من القوة’. وكاعادة صياغة لهذا القول يمكن القول انه بعد تفجير المحادثات سيحاول الفلسطينيون تحسين المثل والايضاح هنا بتهديد مبطن بان ‘ما لا يسير بالاقوال يسير بالقوة، وما لا يسير بالقوة يسير بمزيد من القوة’. والمعنى العملي لمثل هذا التهديد ينبغي أن يكون واضحا لكل من يسعى الى مواصلة رؤية اسرائيل وطنا له. الانتفاضة الثالثة على الطريق. انتفاضة أكثر عنفا، أكثر اجراما. ولكن كون الارادة الوطنية الاسرائيلية غير مستعدة لان تعود الى صفحات التاريخ السوداء للكارثة واضح باننا على مثل هذه الانتفاضة ايضا سنعرف كيف نتغلب.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
هل ‘القاعدة’ صفيت أم تعززت؟
'القاعدة' رغم هزائمها السابقة عادت لتنشط في ظل استغلال الربيع العربي وتحويله الى ربيع اسلامي مستغلة بؤر الصراع المختلفة
بقلم:يورام شفايتسر وافيعاد مندلبلوم،عن نظرة عليا
حظيت ‘القاعدة’ هذا الاسبوع بالمجد وبرزت الى العناوين الرئيسة في نشرات الاخبار الاولى في وسائل الاعلام العالمية، تهدد أمن السفارات الغربية، وعلى رأسها الامريكية، وأمن المواطنين في العالم. ووقع هذا النصر الدعائي في ايديها في أعقاب نشر لمعلومات استخبارية تسربت تفاصيل جزئية عنها من الناطقين بلسان الادارة الامريكية ومحافل استخبارية. وأدى هذا النشر الى تجديد حملة التقديرات للوضع بالنسبة لمستوى التهديد الذي تشكله ‘القاعدة’ اليوم. فبينما في السنة الماضي عرض كبار مسؤولي الادارة الامريكية ورجال الامن والعديد من المحللين صورة وضع متفائلة تقول، ان المنظمة اصبحت في وضع اقرب ما يكون الى التصفية، ففي الاسبوع الاخير انتقل البندول الى الجانب الاخر من تقدير قوة ‘القاعدة’ وشركائها كاخطبوط متعدد الاذرع قادر على تنفيذ العمليات الارهابية المتوازية وكثيرة الاصابات في اماكن مختلفة من العالم.
لقد استند قرار الادارة الامريكية باغلاق عدد كبير من السفارات واصدار اخطار سفر لمواطنيها أغلب الظن، الى معلومات استخبارية موضعية نبعت من التقاط لاتصال بين د. ايمن الظواهري، زعيم ‘القاعدة’ وعدد من كبار شركائه ناصر الوحيشي، السكرتير الشخصي السابق لابن لادن وزعيم ‘القاعدة’ في الحجاز. وفي هذا الاتصال يظهر أن الظواهري وجههم لتنفيذ هجمات واسعة النطاق ضد سلسلة من الاهداف الاستراتيجية. واضيفت الى ذلك ايضا المعلومات عن أن مخزونا جديدا قديما من السجناء من بين رجال ‘القاعدة’ المحليين في العراق، ليبيا، باكستان واليمن فروا بجموعهم في عمليات هروب جريئة ومنظمة من السجون في هذه الدول.
لقد اصبح اشراك الجمهور بالمعلومات الاستخباراتية وباخطارات السفر في السنوات الاخيرة عادة سائدة في العديد من الدول الغربية. ويمكن أن نعزو ذلك الى الصدمة العالمية التي سببها هجوم الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 الذي دفع نحو اعادة ترميم وانتشار علني غير مسبوق للمعلومات الاستخبارية الحميمة والسرية للغاية. ان قرار الادارة الامريكية نشر معلومات استخبارية نوعية الان، حتى بثمن ‘احراق’ قدراتها على التقاط مكالمات لزعماء ‘القاعدة’، ستكلف ثمنا في فقدان هذه القدرة المحددة يمكن تفسيرها باعتبارات مختلفة: الاول الحاجة الجوهرية لحماية حياة المواطنين الذين يزورون الممثليات للحصول على الخدمات ويكونون عرضة للاصابة. هؤلاء المواطنون، خلافا لرجال الممثليات، ليسوا محميين في نطاقات محصنة ومحروسة جيدا. ومنع الزيارات كفيل بان يساعد في استعداد اكثر نجاعة للهجوم المرتقب. والثاني، تسعى الادارة الى منع انتقاد لاذع للتسلل الى خصوصية المواطن، في ظل استخدام جارف للتنصت والمتابعة للمكالمات والمراسلات بين المواطنين في الولايات المتحدة وخارجها، من جانب اجهزة الاستخبارات وانفاذ القانون. والثالث ادارة اوباما التي اكتوت بنار الانتقاد بسبب عدم المعالجة المناسبة للمعلومات الاستخبارية التي ادت الى اغتيال السفير الامريكي وثلاثة من حراسه في بنغازي في ليبيا، في سبتمبر 2012، اتخذت جانب حذر متشدد ومستعدة حتى لان تخاطر بمصادر استخبارية باهظة القيمة كي لا تتهم باي اخفاق.
السؤال المهم الناشئ عن أحداث الاسبوع الاخير هو هل ‘القاعدة’ ضعفت أم قويت مقارنة بالماضي وما هو الخطر المحدق منها ومن شركائها في استئناف معركة الارهاب العالمية، بالحجوم التي شهدناها في الماضي.
التقدير في أن ‘القاعدة’ ليست فقط ضعفت جدا، بل واقتربت من نهايتها على نحو مؤكد، مثلما قال الرئيس الامريكي بدا سابقا لاوانه. فهذا التقدير يستند الى حقيقة ان المنظمة تضررت جدا جراء الحرب ضد الارهاب، التي دارت منذ اكثر من عقد من الزمان بعد ضربات الارهاب للولايات المتحدة ولا سيما في السنوات الاخيرة. في هذه السنين فقدت ‘القاعدة’ بن لادن، زعيمها الاسطوري، وصفي العديد من قياداتها في هجمات الطائرات بدون طيار او اعتقلوا وهكذا تضررت جدا قدرتها على تنفيذ العمليات في الغرب. فقد أجبر النشاط الامريكي المنظمة وشركاءها على أن يكرسوا وقتا، ووسائل وجهودا كبيرة للحفاظ على ارواحهم وحريتهم. كما أن احداث الربيع العربي التي بشرت بتفضيل الجماهير في الدول العربية لطريق الثورات العربية غير المسلحة، باسم الافكار الليبرالية والديمقراطية، على الفكر الذي تمثله ‘القاعدة’، والذي روج للاطاحة بالانظمة القديمة من خلال الجهاد الكفاحي، مما اثار الامل في ان توجه ضربة قاضية للمنظمة.
ولكن في بحثهم عن سبل البقاء والتجدد، اختار زعماء ‘القاعدة’ وشركاؤهم تبني الربيع العربي وجعله ربيعا اسلاميا. وشجعوا الاطاحة بالانظمة حتى لو على ايدي جهات لا تنتمي اليهم وحتى بافكار غريبة ومتعارضة مع تلك التي يتبنوها على أن تساهم هذه في تحقيق اهدافهم. وقد استغلوا تضعضع الاستقرار في المناطق المختلفة في الشرق الاوسط وفي افريقيا لتحرير رجالهم من السجون وجمع الوسائل القتالية والانتشار في مناطق ذات قدرة حكم متدنية او غير ناجعة. وهكذا نجد ‘القاعدة’ تشجع وتساعد منظمات ذات رؤية سلفية جهادية في تثبيت نفسها في المغرب، في الساحل، في الشمال وفي وسط افريقيا. وفي سيناء، ومؤخرا بشكل مركز في سورية يتدفق الى المناطق القتالية هذه متطوعون جدد يراكمون تجربة قتالية، يحتكون بشركائهم في الطريق ويعززون ايمانهم بالجهاد العالمي. وهؤلاء يشكلون بالنسبة للقاعدة وشركائها مخزونات قوى بشرية لتحقيق اعمالهم الارهابية العالمية.
يأمل الظواهري ورجاله في أن يسمح لهم الانسحاب الامريكي من العراق ومن افغانستان باعادة الانتشار والعمل في هاتين المنطقتين وفي المناطق القبلية الباكستانية بحرية. ولا تزال تحت تصرف ‘القاعدة’ مخزونات من القيادات من الجيل القديم وجهاز عمليات الخارج الذي يواصل تجنيد، وتدريب وتفعل الناشطين بمن في ذلك الغربيون منهم ايضا. وكل هؤلاء يبعثون لدى ‘القاعدة’ وحلفائهم الامل في انه سيكون بوسعهم استئناف زخم عملياتهم. وضمن حلفائهم المقربين يمكن ان نحصي: ‘القاعدة في العراق’، ‘القاعدة في الحجاز′ و’القاعدة في المغرب’ والى جانبهم منظمات شريكة من درجة قرب ثانية، تتماثل مع طريق جبهة النصرة العاملة في سورية، انصار بيت المقدس العاملة في سيناء، الشباب المسلم في نيجيريا ومنظمات انصار الشريعة العاملة في دول مختلفة في الشرق الاوسط.
وهكذا رغم رؤية الظواهري لاقامة خلافة اسلامية واستعادة مجد الاسلام لا تبدو قابلة للتحقق، يبدو أن ‘القاعدة’ من خلال شركائها وربما بنفسها ايضا، ستحاول استئناف مساعيها لخوض معركة ارهاب واسعة مثلما فعلت في الماضي. ان مدى نجاحهم في تحقيق نواياهم منوط بقدر كبير بنجاعة المعركة المضادة للارهاب. والامر منوط بقدرة الاستخبارات وانفاذ القانون للتعاون في ما بينهم ومع جهات استخبارية أجنبية. والى جانب ذلك توجد اهمية عليا ايضا لتعميق المعركة الدبلوماسية الجماهيرية الرامية الى اطفاء السحر الذي كان لافكار ‘القاعدة’ الشوهاء على الشباب المسلم في ارجاء العالم.
بالنسبة لاسرائيل فان المعنى لنجاح منع محاولات ‘القاعدة’ وشركائها العودة الى اعمال ارهابية واسعة النطاق هو ذو اهمية عليا: ففي الخارج تشكل الاهداف الاسرائيلية واليهودية أهدافا جذابة للجهاد العالمي على نحو خاص. وفي حدودها تستعد منظمات شريكة لـ’القاعدة’ بنوايا معلنة لاستغلال قربهم منها للاعتداء على مواطنيها وجنودها. دليل واضح على ذلك كان الاسبوع الماضي عندما اعتزمت خلية من انصار بيت المقدس اطلاق صواريخ نحو ايلات. وعلى الحدود مع سورية ايضا يوجد ناشطو الجهاد العالمي الذين يقاتلون ضد نظام الاسد، ولكن بالتوازي ينتظرون اللحظة المناسبة، من اجل العمل ضد اسرائيل. واضح من هنا انه الى جانب الدول الغربية، العربية وغيرها، توجد اليوم اسرائيل ايضا في جبهة الصراع ضد الارهاب العالمي في حدودها، كشريك مناسب ومساهم في المعركة ضد الجهاد العالمي في أرجاء العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مفترق طرق الفريق السيسي
بقلم:يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
حينما عيّن محمد مرسي السيسي وزيرا للدفاع المصري بدا أنه قريب جدا من تصوره الايديولوجي، وأنه الأنسب ليكون رجل ثقته. ولم يمض وقت طويل حتى عزل على أكتاف الثوار الرئيس الفاشل وانشأ حكومة اخرى بقي وزير الدفاع فيها.
لم يخش مواجهة عنيفة مع مؤيدي مرسي وأبعدهم عن ميادينهم وكانت كلفة ذلك إزهاق أرواح كثيرة. وهو اليوم يجد نفسه تحت انتقاد غير سهل في الداخل (لا من الاخوان المسلمين فقط، بل من ليبراليين ايضا مثل محمد البرادعي)، وانتقاد قاسٍ من الخارج ولا سيما من اوروبا والولايات المتحدة. حينما عُين لمنصبه لم يتنبأ بالموضع الذي سيصل اليه. وقد يكون رأى نفسه حين تعيينه شبيها بسنسنتوس وربما يطمع اليوم في مقام أتاتورك.
عاش لوكيوس سنسنتوس في روما في القرن الخامس قبل الميلاد وكان قائدا وفلاحا. وحينما حاصر أعداء في سنة 460 قبل الميلاد روما اختاره مجلس الشيوخ لمنصب قنصل وديكتاتور ودُعي لانقاذ الوضع. وحينما جاءوا ليُبلغوه انتخابه وجدوه مع محراثه في الحقل. وجاء سنسنتوس الى العاصمة ونظم الجيش وحاصر أعداءه وأبطل التهديد وعاد الى قريته بعد 16 يوما. وبعد ذلك بسنين حينما كان في الثمانين من عمره أُعيد الى منصبه كي يمنع سبوريوس ماليوس من أن يتوج نفسه ملكا لروما. وبقي هذه المرة في منصبه 21 يوما وقتل ماليوس وعاد الى قريته مرة اخرى.
كان مصطفى كمال (1881 1938) قائدا عسكريا تركيا، وأول من هزم جيشا غربيا في معركة على غليبولي في الحرب العالمية الاولى. وقد عارض الحكم العثماني وانتُخب أول رئيس للجمهورية التركية وتولى عمله 15 سنة كان فيها ديكتاتورا مستنيرا قام بسلسلة تُدير الرأس من الاصلاحات في تركيا ولهذا حظي بلقب أتاتورك، أي (أبو الأتراك). ويلاحظ أثره في الأساس في حربه التي لا هوادة فيها للمتدينين، والمحرمات الثقيلة التي فرضها (تحريم إعفاء الشارب ولبس الطربوش وغير ذلك)، واستعمال الخط اللاتيني في اللغة التركية التي كانت تُكتب قبل ذلك بحروف عربية. وإن فرضه عدم التدين هو من العوامل في الموجة العكسية التي تحدث اليوم في تركيا.
يجب على السيسي أن يقرر الى أين يتجه، فاذا عاد الى حصر عنايته في عمله العسكري وترك مواقع القيادة لاختيار الشعب فيمكن أن يُتذكر بأنه أنقذ بلده من الغرق في أصولية دينية، وإن يكن ثمن ذلك خسائر غير قليلة، وبأنه مكّن من بدء فصل جديد. واذا بقي في موقع القائد وأغراه ان يصبح أب المصريين مع فرض قيم لا يريدها جزء كبير من الشعب المصري، فسيضطر الى أن يحكم بقبضة حديدية تمنع عنه تأييد الغرب المهم له.
المشكلة هي أنه لم يكن لسنسنتوس ورثة. والحقيقة هي أنه حينما نحتاج الى مثال على من يأتي لفترة وجيزة وينقذ شعبه ويعود الى ما كان يتعاطاه قبل ذلك نصل دائما الى هذا القنصل الديكتاتور المميز.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اوباما لا يريد التدخل او لا يستطيع ذلك؟
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
في الرابع من حزيران/يونيو كانت فرنسا أول دولة قضت ‘بيقين’ بأن النظام السوري يستعمل سلاحا كيميائيا في الحرب الأهلية الوحشية، التي لا تنتهي. وسارعت لندن الى موافقة باريس. ولم تدع صور الفظاعة من بلدة خان العسل في ريف حلب في شهر آذار/مارس أحدا غير مكترث. وقد أمر الاسد ـ بتوجيه شخصي، بحسب ما تقول جهات استخبارية غربية ـ جيشه باستعمال سلاح كيميائي، وتلعثمت واشنطن فقط.
وأمس فقط ظهرت صور فظيعة من سورية مرة اخرى، كانت هذه المرة من حي جوبر في ريف دمشق. وتشير جميع الدلائل الى ان الجيش السوري استعمل غاز السارين مرة اخرى بواسطة صواريخ موجهة على هدف حظي المتمردون فيه بانجازات في الايام الاخيرة، وكانت نتيجة ذلك بحسب تقارير المعارضة السورية مئات القتلى، وفيهم نساء واولاد. والصور فظيعة. وقد حذرت وسائل الاعلام في الغرب المشاهدين من أن الصور تتضمن مشاهد مؤلمة. وينبغي أن نأمل اذا ثبت صدقها، ألا يكونوا يلعبون في ذلك الوقت في واشنطن الغولف أو لعبة الورق. واذا كان ما زال يوجد شيء قليل من الاخلاق في عالم منافق، فان الاسد يجب ان يتنحى رغم البديل غير الواعد.
بيد ان واشنطن في مشكلة حقيقية، فقد بيّن رئيس الاركان العامة هذا الاسبوع فقط الجنرال مارتن دامبسي ان الولايات المتحدة يجب ألا تتدخل عسكريا في ما يجري في سورية.
وليس زعمه غير منطقي تماما اذا أخذنا في الحسبان البديل الذي ينتظرنا بعد فترة الاسد، لكن ماذا عن ‘كلمة القوة العظمى’؟ ألم يتحدث اوباما عن خط أحمر حينما كان يقصد استعمال نظام الاسد للسلاح الكيميائي.
إن هذا الخط الاحمر قد تم تجاوزه في شهر آذار/مارس حينما ثبت أنه استُعمل السلاح الكيميائي، لكن اوباما لم يفعل شيئا آنذاك، فماذا سيحصل هذه المرة؟ إن امريكا اليوم لا علاقة لها بما يحدث في مصر. والويل لها ولنا اذا كانت هذه هي الحال في سورية ايضا. وفي الحالة السورية، خلافا لمصر يكمن الروس في الزاوية. فيجب على واشنطن ان تأخذ الامور بيديها، فان لها عددا كافيا من الشركاء الاقليميين الذين يستطيعون مساعدتها. ألم يفرض اوباما علينا بسبب ذلك ان نصالح تركيا؟ ومع هذا الايقاع سيبقى الاسد وسنعود نحن الى مشاجرة تركيا.
إن سورية منذ 15 مارس في تدهور دائم. وقد سقط أكثر من 100 ألف قتيل وهناك 1.7 مليون لاجئ. وسيكون من الصعب على العالم ان يقول لم نرَ ولم نعلم ولم نسمع.
ينظر الاسد حوله ويدرك ان اوباما لا يريد أو لا يستطيع أو لا يعلم ببساطة ماذا يفعل، ويجعل رئاسته في الشؤون الخارجية بذلك محرجة. وفي هذه الاثناء وفي الوقت الذي يذبح فيه الاسد أبناء شعبه ويحتفظ بحكمه تامر محكمة في القاهرة بالافراج عن الرئيس مبارك، بعد ان تمت تبرئته من جنايات فساد. وما زال مبارك لم يُنه الامور مع المحكمة، لكن أي انتقام حلو لمن يُخلف وراءه في السجن مرسي وزعيم الاخوان بديع ووريثه المشير الطنطاوي الذي لم يحفظه وأصبح اليوم عاطلا عن العمل. إن الثورة المصرية تأكل ابناءها كالثورة الفرنسية بالضبط.
وفوق كل شيء يجب أن يُسأل اليوم في اسرائيل السؤال البسيط التالي: أية رسالة بالضبط ينقلها اوباما بسلوكه في الشرق الاوسط الى ايران؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لماذ لا تتدخل امريكا في سورية؟
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
لا أمل في أن تغير الصور الفظيعة من سورية السياسة الامريكية أو الاوروبية تجاه الصراع الدامي ـ فمأساة سورية تكمن في حقيقة أنها دولة غير مهمة بقدر كاف للمصالح الغربية.
ما لم تتضرر المصلحة الامريكية في المنطقة أي ما لم تهدد الازمة الاستقرار في الاردن ولم تُعرض للخطر الحليفتين تركيا واسرائيل فان السوريين يستطيعون الاستمرار في ذبح بعضهم بعضا بلا عائق. إن القوات الامريكية أصلا منتشرة في الاردن ومستعدة لوضع مواجهة كيميائية ايضا. ولماذا الاردن؟ لأنه دولة مهمة للولايات المتحدة، لكن سورية ليست كذلك.
قبل بضعة أشهر حدث خلل دبلوماسي: فقد قال اوباما إن تحريك السلاح الكيميائي أو استعمال السلاح الكيميائي في سورية سيكونان تجاوزا لخط احمر، وفهم العالم أنه يقصد استعمال قوة عسكرية امريكية. الا انه لم يستقر الرأي قط في واشنطن على استعمال قوة في سورية أو على خطوط حمراء. ومنذ ذلك الحين تبذل السياسة الخارجية الامريكية كل شيء للنزول عن الشجرة التي تسلقها الرئيس، وعاد رئيس الاركان الامريكي دامبسي وأوضح علنا القيود على استعمال القوة في سورية، وأثبت ان السياسة الحقيقية هي أنه لن يوجد تدخل عسكري في أي سيناريو.
إن الصور الفظيعة للاولاد المُسممين ستضطر الادارة الامريكية الى الرد، لكن لا على نحو يورطهم في مواجهة عسكرية اخرى في الشرق الاوسط. قد يثير الجنرالات الامريكيون فكرة انشاء مناطق حظر طيران في سورية، لكن القيادة العليا من جهاز الامن تعلم ـ بفضل ألعاب تبادل الأدوار ـ أن محاولة تغليب ذلك بالقوة ستوجب عليهم ان يضعوا القدم على الارض السورية، وهم غير مستعدين لسماع ذلك.
هل أُثيرت في اثناء زيارة دامبسي لاسرائيل في الاسبوع الماضي قضية تعميق المساعدة العسكرية للمتمردين في سورية؟ حينما سُئلت جهات أمنية رفيعة المستوى أمس في اسرائيل عن ذلك أجابوا بابتسامة مُرة تقول: لم يكن هناك أمل في تغيير رأي رئيس الاركان الامريكي.
وسيتأثر الرد الامريكي ايضا بايقاع البيروقراطية: فحينما يُقال للامريكيين إنه وقعت حادثة كيميائية يجمعون معلومات وينقحونها ويفحصون عن صدق المصدر، ويُجرون مباحثات ويقدمون بعدها للقيادة الامنية توصية. هكذا مثلا نضجت حرب الخليج الاولى في مدة ثمانية أشهر. ولن يزعزع 1400 قتيل ايضا مبادئ الثقافة التنظيمية الامريكية. هذا هو الوضع في الشأن السوري وهو كذلك في الشأن الذري الايراني. ولا يكف الروس في هذه الاثناء عن نقل سلاح الى الجيش السوري، على نحو سيجعل من الصعب على كل دولة غربية ان تفرض على سورية حظرا جويا.
إن الجيش السوري يطلق سلاحا كيميائيا على مواطنيه لأنه يستطيع ولأنه يحصل على دعم من روسيا وايران. إن السلاح الكيميائي في الحقيقة ليس خياره الأول، لكنه حينما يُحشر في زاوية يستعمله. وهذا هو الدرس الذي يجب ان يتعلمه العالم من أحداث أمس: لا يوجد ثواب وعقاب، ولا تخرج الدول للحرب لاسباب انسانية، والشيء الوحيد الذي يقرر هو المصالح الباردة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس