الرئيس وأُكذوبة الداهية السياسية
فهمي شراب / فلسطين الان
|
قناة البحار.. والحضور الفلسطيني الغائب
فايز أبو شمالة / المركز الفلسطيني للاعلام
|
تقنين الاحتلال وتدويله
يوسف رزقة/ الراي
|
خطاب الحركات الإسلامية حول حق العودة
النائب أحمد مبارك / المركز الفلسطيني للاعلام
|
الثوابت الفلسطينية المتساقطة
محسن صالح / فلسطين الان
|
|
الرئيس وأُكذوبة الداهية السياسية
فهمي شراب / فلسطين الان
لقد وقع الرئيس محمود عباس في كثير من الاخطاء، وهنا نجري عملية رصد سريعة لبعض أهم الاخطاء التي وقع فيها الرئيس عباس، مؤكدين ان عملية الرصد ليس من باب التأريخ او التجريح ، ولكن من باب كسب التجارب واخذ العبر، ومن باب الدعوة الى اغتنام رياح المصالحة وقتما هبت، فقد مر على كثير من الناس فترات ومراحل " كان فيها الحليم حيران" لذا وجب وضع عدة اضاءات من وحي الواقع او من مدرسة " الريالبوليتيك":
1- قبيل اجراء انتخابات 2006 وفترة ما بعدها، تجاوزت بعض الاجهزة الامنية حدودها الوطنية، واختلفت طبيعة دورها، وظهرت فرق موت تابعة لجهاز الامن الوقائي، تعمل لاجندة خارجية بطابع اناني، مستغلة مقدرات وامكانيات دولة تحت سمع وبصر ابو مازن، ولم يحرك ساكنا رغم وجود اجماع وطني حول ضرورة تفكيك هذا الجهاز. اين كانت العبقرية السياسية؟
2- وافق ابو مازن على دخول حماس الانتخابات ظاناً أنها لن تحصل على أي أغلبية، وستكون أقلية طيعة في يديه، يشكلها كيفما أراد، وفاجأت النتائج أبو مازن و " إسرائيل" والغرب، ولو أن أبو مازن تفطن وكان لديه بُعد تنبؤي بسيط لكان من المفترض أن يعمل على إدخال حماس للنظام السياسي باي طريقة اخرى بنسبة "الاقلية المغرية"، دون خوض انتخابات، حتى لا يفقد على الأقل غزة التي يعتبره الغرب و " إسرائيل" رئيس على شعب الضفة فقط دون غزة، وهذه نقطة ضعف لديه في المفاوضات وأيضا في علاقاته مع أوروبا والولايات المتحدة، ولكنه لا يعلم بالنتائج وليس لديه مستشارين أكفاء. والا لما كان وافق على الانتخابات. اين التنبؤ السياسي والحكمة السياسية؟
3- رفض ابو مازن ان يشارك في الحكومة التي كانت حماس مسئولة عن تشكيلها، وذهب الى الدول العربية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يبحث عن حل سريع لارجاع ما فقده في الانتخابات باي طريقة اخرى غير "الديمقراطية"، مؤلباً العالم ضد حماس الفائزة، فكان بذلك يضرب عرض الحائط " مبدأ التداول على السلطة" ومبدأ " التسليم السلس للسلطة" فاين الايمان بالديموقراطية وقبول الاخر؟
4- بعد استفاقة السلطة -ممثلة في الرئاسة اخر قلاع السلطة حينذاك، - من صدمة الخسارة الفادحة في الانتخابات، بدأت عملية مجزرة القرارات والمراسيم التي اصدرها ابو مازن لتحويل بعض المؤسسات والهيئات العامة من الحكومة الى الرئاسة، ومنها (التلفزيون الفلسطيني، وهيئات اعلامية، وبعض الاجهزة الامنية الخ..). انقلاب مؤسساتي. اين مبدأ المشاركة السياسية؟
5- بعد الانقسام مباشرة وبعد تأكد سقوط الاجهزة الامنية – الامن الوقائي والمخابرات- دعى رئيس الوزراء اسماعيل هنية ابو مازن للعودة فورا لتسلم غزة، واكد في خطاب له بان الهدف كان ليس السيطرة وحكم غزة ولكن التصدي ومواجهة تغول بعض الأجهزة الأمنية، التي كانت تتخذ من عناصر حماس اعداء واهداف مطلوبة للتعذيب والتنكيل، ورفض ابو مازن الدعوة وضاعت عليه فرصة الرجوع تحت أوهام العودة بالاستقواء بالخارج. وبدأت في غزة عملية مأسسة كل شيء ( قضاء، نيابة، شرطة، تعليم، وزارات، مؤسسات، معابر الخ)
6- استمرار مسلسل التآمر على غزة من اجل استرجاعها باي طريقة او اجبارها على الاستسلام او استنفار شعبها من اجل الثورة على حكم حماس، وهذا واضح اذ بعد كل زيارة للرئيس عباس لمصر بعد 30 يونيو 2013 يصدر في مصر عدة قرارت، ليست في صالح شعب غزة، جاء منها، وقف الامداد بالغاز والكهرباء والبترول ومشتقاته ومواد الغذاء والبناء واغلاق المعبر، اضافة الى قرارات سحب الجنسية من الفلسطينيين الذين اكتسبوها اثناء فترة الرئيس مرسي. وهذا الامر يؤلب الشعب الغزي عليه وعلى قيادته في الضفة. وهذا يؤكد ان ابو مازن لا يحسب اي حساب للمستقبل! وهذه صفة مستثمر وليس رجل سياسي يعمل لمستقبل قيادته وحركته! ومن يعرف دواخل غزة ومكوناتها يدرك بان الشعب في غزة لن يثور على جيش القَسام وقيادات حماس حتى لو تراجعت أكثر مستويات تقديم الخدمات.
7- وعد فياض رئيس حكومة ابو مازن السابق بانه في عام 2009 ستعتمد السلطة على نفسها وتحقق وفرة ي الإنتاجية وتقلل اعتمادها على الغرب ماليا، وتعتمد على مشاريعها. فكان ما وصلوا اليه " رغوة كابتشينو" ولا مؤسسات ولا دولة وغاب فياض نفسه عن المشهد. كما سيغيب ابو مازن يوما ما قريب، تاركا لنا ميراث كبير عبارة عن فواتير تستحق الدفع، مثلما تسلمت حماس عام 2006 خزينة المال " فاضية" وبديون وقروض ظهرت فجأة !
هناك عدة نقاط في المسيرة القيادية لابو مازن تثبت بانه شخص عادي ليس له افق سياسي ولا قاعدة تنبؤية ولا لديه حتى مستشارين مهنيين او وطنيين، وهو اذا غضب يغضب لنفسه وذاته وليس يغضب للوطن ويفرح للوطن، على قاعدة يفرح لله ويغضب لله، ومن الطراز الذي يبني موقفه لسماع صاحب الرواية الاولى بغض النظر عن صدقية صاحب الرواية الثانية.
يحاول البعض خداعنا بعبارات الرئيس خطط لكل شيء، والرئيس ابو مازن داهية سياسية، وهو يخسر كل يوم شعبيته ووطنه وترتفع الأصوات الناقدة والساخطة الان من الضفة تطالبه بالاستقالة او وقف مسلسل الفساد، ويتم تهويد الضفة والقدس أمام أعينه، ويتم إنشاء وحدات استيطانية جديدة بشكل والسلطة تقف مكتوفة اليدين مكبلة الإرادة، ويحلم الآن باستعادة غزة بشرط سيطرته وليس تحت بند المشاركة السياسية، لأنه يريد ان يستمر في ما شب عليه، وهو المفاوضات حتى وهو يعلم بانها عبثية!
يقمع شعبه في الضفة بالحديد والنار، ويقطع رواتب موظفين في سابقة لم يفعلها رئيس، او زعيم مافيا، ففي الوقت الذي اطلق بعض الجماعات الفلسطينية المعارضة النار على ابو عمار رحمه الله، كان ابو عمار يرسل لهم رواتبهم بشكل مستمر ويعالجهم ايضا على حساب المنظمة. ابو مازن يترنح في حالة فشل واضحة وتتقاذفه امواج اعلى من امكانيات صموده، فالتهديد الاوروبي الاخير بوقف المساعدات بسبب جمود المفاوضات جعلته كالوحش الكاسر الذي يفترس اولاده، حيث امتدت يده الى رواتب موظفين غزة المستنكفين واقتطع " بدل مواصلات" و " وبدل علاوات اشرافية" في حين ان الموظفين كانوا يترقبون زيادة في الراتب بسبب الغلاء المعيشي الفاحش! ونتوقع ان تمتد يديه الى رواتب العساكر في الشهور القادمة.
لم يستوعب الداهية المزعوم اي درس في السياسة، حيث تنازلت القوى العظمى عن مطالبها من ايران واصبحت ايران قوى إقليمية عظمى يُخطب ودها، وبالأمس كانت ايران بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي " راعية للارهاب" و من دول ( محور الشر)، وها هي تتحالف معها وتكسبها، وتضمها في خانة الاصدقاء. فهل ستستمر عبارات التخويف من ايران وعملية التشيع؟ وهل يستمر ابو مازن يتهم حماس بالتشيع وبالارهاب بعد المصالحة التاريخية بين الغرب وايران؟
مع مرور الوقت ، ثبت للعالم ان حماس ليست القاعدة او طالبان وليست ارهابية وهي حركة معتدلة غير متطرفة وتؤمن بضرورة الحكم والاستمرار فيه حسب المسار الديمقراطي، وحماس لن تترك الحكم، كما لن تفرط في المقاومة التي اشتد عودها،، وبعد الحصار الخاطئ والظالم، بدأت خيوط المؤامرة تتفكك وبدأ يعترف الغرب بأنه اخطأ في حصار غزة ووضع حماس على قوائم الإرهاب، وبدا أيضا ان حماس تستطيع ان تعمل بنجاح تحت الحصار وتحت الضغط، وتتقدم اكثر مثلما فعلت كوبا ابان حصار الولايات المتحدة والغرب لها منذ عقود، ومثل ايران التي تم حصارها منذ الثورة الاسلامية عام 1979. فالحصار والضغط " سر النجاح" لحماس، ولن يحاصر الا الشعب الذي يعرف من يحاصره ومن يتسبب في معاناته.
ادعو ابو مازن لطي صفحة سوداء لوثت الجميع، وفتح ومد يديه لقيادة غزة والتحالف معها في حكومة وطنية على قاعدة الكل يكسب،win win theory وان ينظر حوله، فلا عداء دائم، وجميع المجتمعات التي تقاتلت وتصارعت فيها القوى المجتمعية مثل لبنان اصبحت مثال رائع للتعايش المجتمعي.
الثوابت الفلسطينية المتساقطة
محسن صالح / فلسطين الان
نريد من محمود عباس رئيس دولة فلسطين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية ورئيس حركة فتح أن يقول لنا ما هي الثوابت الفلسطينية؟!
تحدث عباس لوفد إسرائيلي من حزب ميرتس زاره في رام الله يوم 23 أغسطس/آب 2013 حيث طمأن عباس الإسرائيليين من خلال ما قاله للوفد "أستطيع أن أضمن، عشية نهاية ناجحة للمفاوضات، الالتزام بإنهاء كل الدعاوى، ولن نطالب بالعودة إلى يافا وعكا وصفد". وهو ما تلقفته وسائل الإعلام الإسرائيلية، وعرضته القناة العبرية الثانية.
اللافت للنظر أن عباس بينما كان يُلوح بالتنازل عن الثابت الفلسطيني المتعلق بحقّ العودة، كان لا يزال في اللقاء نفسه يتحدث عن الثوابت إذ قال "من الضروري التأكيد أننا نفاوض دون أن نفرط بأي من ثوابتنا"؟!
ولا ندري إن كان عباس يرى أن حقّ الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه التي أخرج منها ليس من الثوابت، وإذا لم يكن حقّ العودة من الثوابت، فأفهمونا ما هي الثوابت؟!
نشرت جريدة الحياة اللندنية يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 2013 تقريرا قالت إنه مبني على تقارير صحفية إسرائيلية متطابقة، أن طاقم المفاوضات الفلسطيني قدم لنظيره الإسرائيلي "ورقة موقف" حول القضايا الجوهرية للصراع، وفيها يعرض الوفد المفاوض التنازل عن حقّ اللاجئين في العودة إلى فلسطين المحتلة سنة 1948، ويطلب تخيير اللاجئين في العودة إلى مناطق الضفة والقطاع، أو التعويض، أو الذهاب لدولة ثالثة، أو البقاء حيث هم.
إذا صحت هذه التقارير، فهل يعني ذلك أن أحد أهم الثوابت الفلسطينية وهو حقّ الشعب الفلسطيني في العودة إلى الأرض التي أخرج منها، سيكون الثابت الجديد الذي سيتم التضحية به في مسار التسوية السلمية، بعد أن تمت التضحية بالثابت المتعلق بأرض فلسطين؟
إن المخاوف من احتمالات التنازل عن حقّ العودة هي مخاوف حقيقية، وليست مجرد شائعات. فالتفاهمات التي اشتهرت باسم تفاهمات أبو مازن- يوسي بيلين تعود إلى أواخر سنة 1995، وهي تتضمن تنازلا عن حقّ العودة.
أما وثيقة جنيف المعروفة التي وقعتها سنة 2003 شخصيات فلسطينية نافذة ومقربة من صانع القرار الفلسطيني، فهي تتضمن الطرح نفسه الذي أشار إليه تقرير جريدة الحياة، وهي تتنازل بشكل لا لبس فيه عن حقّ عودة اللاجئين إلى أرضهم المحتلة التي أُخرجوا منها سنة 1948، وتربط العودة بالموافقة الإسرائيلية.
ويستطيع القارئ أن يطلع على الوثيقة وأسماء الموقعين في الموقع الإلكتروني الخاص بها، وسيجد أسماء من رعوا هذه الوثيقة أو وقعوها أمثال عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة ياسر عبد ربه، ووزير شؤون الأسرى السابق هشام عبد الرازق، ووزير السياحة السابق نبيل قسّيس، وغيث العمري المستشار السياسي لمحمود عباس، بالإضافة إلى محمد الحوراني، وقدورة فارس، وزهير مناصرة... من قيادات فتح.
وفي الغرف المغلقة، وكما لاحظ كاتب هذه السطور في أكثر من مؤتمر وملتقى، فإن عددا من الشخصيات المنخرطة في مشروع التسوية لا تتردد في الحديث عن ضرورة التنازل عن حقّ العودة، إذا ما أراد الفلسطينيون أن يكونوا "واقعيين" في إنشاء دولتهم في الضفة والقطاع.
إن قضية اللاجئين هي جوهر القضية الفلسطينية، التي هي قضية الشعب الذي اقتلع من أرضه بعد أن أقام فيها لآلاف السنين، ولم يكن للمشروع الصهيوني أن ينشأ إلا بعد أن دمر النسيج الاجتماعي لهذا الشعب، ودمر أكثر من 400 من قراه ومدنه، وصادر أكثر من 90% من أراضيه، واغتصب ممتلكاته ومبانيه ومصانعه وأوقافه.
ومن بين 11 مليونا و400 ألف فلسطيني في العالم، هناك نحو ستة ملايين و300 ألف من اللاجئين الفلسطينيين من أبناء الأرض المحتلة سنة 1948، أي نحو 55% من أبناء الشعب الفلسطيني، يعيش أربعة ملايين ونصف المليون منهم خارج فلسطين التاريخية، بينما يقيم مليون و800 ألف في الضفة الغربية وقطاع غزة. وبالتالي فحق العودة هو مصير شعب، وليس مجرد ورقة للمساومة.
إن حقّ العودة حقٌّ طبيعي وأصيل وإنساني، ويحظى بإجماع دولي، وصدر فيه ما يزيد عن 120 قرارا دوليا، وهو فضلا عن كونه حقا جماعيا، فإنه حقّ فردي لا يملك عباس ولا قيادة المنظمة ولا أي جهة أو فصيل التنازل عنه.
من حقّ الشعب الفلسطيني أن يقلق على ما تبقى لديه من ثوابت بعد أن قامت قيادة المنظمة بتضييع الثابت المتعلق بالأرض.
في 3 مارس/آذار 1965 خطب الرئيس التونسي بورقيبة في الفلسطينيين في أريحا مطالبا إياهم والعرب بقبول قرار الأمم المتحدة رقم 181 لتقسيم فلسطين، وفي 21 أبريل/نيسان 1965 قدم مبادرته للتسوية السلمية على أساس هذا القرار، فثارت ثائرة الشعب الفلسطيني والشعوب والأنظمة العربية، واتهم بورقيبة بأقذع الاتهامات بما في ذلك الخيانة والعمالة.
وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1988 ووسط جمع احتفالي حاشد للمجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشر، أعلن ما عرف باستقلال فلسطين مع تضمينه اعترافا ضمنيا بقرار تقسيم فلسطين، كمنطلق لإعلان الاستقلال، وعلى أساس أنه يوفر للشرعية الدولية شروطا تضمن حقّ الشعب الفلسطيني في السيادة والاستقلال الوطني.
ووقف مناضلو الأمس يصفقون ويهنئون بعضهم، وأضافوا في المؤتمر نفسه اعترافا بقرار 242 الذي طالما رفضوه، لأنه يتعامل مع قضية فلسطين كقضية لاجئين، وليس كقضية شعب، وأصبح ما كان يُسمى خيانة بورقيبة واقعية نضالية ثورية تراعي متطلبات المرحلة؟!
عندما انطلقت منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964 لتحرر أرض فلسطين المحتلة سنة 1948 (غرب الضفة الغربية) اتهمتها فتح وبعض الفصائل بأنها مرتبطة بالأنظمة العربية وأنها ليست ثورية بما يكفي، ودخلت فتح المنظمة في صيف 1968 لتقودها ولتقوم بـ"تثويرها".
وفي 13 سبتمبر/أيلول 1993 كانت قيادة المنظمة (التي هي قيادة فتح) تقوم بالتوقيع على اتفاق أوسلو لإنشاء حكم ذاتي محدود في بعض مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي لم تكن محتلة أصلا عندما نشأت فتح والمنظمة، ولتعترف هذه القيادة بأن الأرض التي تأسست لتحريرها (فلسطين المحتلة 1948) أصبح اسمها "إسرائيل".
وهكذا لم تعد فلسطين (الـ 27.009 كلم2) هي فلسطين التي نعرف، فقد انتزع منها 20.770 كلم2 (77% من مساحتها)، أما فلسطين فقد أصبحت الضفة والقطاع. وأصبح يحلو للمتفذلكين من السياسيين والكتاب والإعلاميين استخدام مصطلح "الأراضي الفلسطينية" للإشارة للضفة والقطاع.
لم تعد الأرض ثابتا من الثوابت، وأصبحت فلسطين التي نعرف هي فلسطين التاريخ، وليس فلسطين الحاضر والمستقبل، وتوارت عن الأسماع الأغنية الفدائية الثائرة "ما بنتخلى عن حبة رملة... إن كنا بنحب اللد وبنحب الرملة"، واختنق صوت الشاعر" من باع شبرا من بلادي بعته وبلا ثمن".
رسام الكاريكاتير الشهير المرحوم ناجي العلي رسم كاريكاتيرا ذات يوم استخدم فيه اللعب بالألفاظ، فأشار كيف كان ثوار الأمس يرفضون الحلول المرحلية وكيف أصبحت بعد ذلك هذه الحلول مستساغة، فكتب على الرسم "الحلّ المُرُّ حلي"، أي أن الحل المَرحلي أصبح حلوا!! لم يطل الأمر بناجي العلي الذي اغتالته رصاصة غادرة، قيل إنها إسرائيلية وقيل إنها فلسطينية، غضبت من انتقاداته المرّة.
والآن إذا ضُرب الثابتان الرئيسيان للقضية المتعلقان بالأرض والشعب! فما هي الثوابت الفلسطينية المتبقية؟ وما الذي بقي مما لا يمكن التنازل عنه؟!
إذا كنا نتوافق على أن القدس أحد الثوابت، فإنه يجري الآن تكييف هذا الثابت وإفراغه من محتواه، بعد إخراج غربي القدس ابتداء من الموضوع واعتبارها منطقة إسرائيلية، ووجود إشارات فلسطينية إلى إمكانية التنازل عن حائط البراق وحيّ المغاربة وما يسمى حيّ اليهود (حيّ الشرف) في البلدة القديمة، وكذلك المقبرة اليهودية في جبل الزيتون، بالإضافة إلى عدم إحداث أي تغيير في منطقة المسجد الأقصى دون موافقة إسرائيلية كما تشير وثيقة جنيف. هذا فضلا عن طرح جون كيري لفكرة القدس عاصمة مشتركة لـ"إسرائيل" وفلسطين.
وإذا كنا نتحدث أن سيادة الفلسطينيين على أرضهم كأحد الثوابت، فإن هناك مؤشرات شبه مؤكدة على أن المفاوضين الفلسطينيين وافقوا على دولة منقوصة السيادة (في دولتهم المنقوصة الأرض) في الضفة والقطاع، تكون منزوعة السلاح، وليس فيها جيش يحميها.
وإذا كنا نتحدث عن حقّ الشعب الفلسطيني في المقاومة المسلحة لتحرير أرضه كثابت من الثوابت، فإن هذا الثابت قد تمّ تجاوزه منذ أن أعلنت منظمة التحرير "نبذ الإرهاب"، والتزمت بعدم اللجوء للقوة لفض نزاعها مع الاحتلال الإسرائيلي.
ثم قامت قيادة السلطة باستفراغ جزء كبير من طاقة أجهزتها الأمنية في ضرب وسحق قوى المقاومة المسلحة الفلسطينية، وفي التنسيق الأمني من الطرف الإسرائيلي، بحجة أن عمليات المقاومة تُعطِّل مسار التسوية باتجاه إنشاء الدولة الفلسطينية الموعودة.
وإذا كنا نتحدث عن ميثاق وطني فلسطيني يجمعنا، فقد جرى إلغاء معظم بنوده استجابة للشروط الإسرائيلية، في الجلسة الاحتفالية للمجلس الوطني التي انعقدت في غزة يوم 22 أبريل/نيسان 1996، وتضررت نحو 25 مادة من أصل 32 مادة هي مجموع بنود الميثاق.
ومن بنود هذا الميثاق مثلا أن فلسطين وطن الشعب العربي الفلسطيني، وأنها بحدودها التي كانت قائمة أيام الاحتلال البريطاني هي وحدة لا تتجزأ، وأن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحقّ في أرضه، وأن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، وأن قرار تقسيم فلسطين سنة 1947 هو قرار باطل، وأن قيام "إسرائيل" باطل من أساسه مهما طال عليه الزمن، وأن الحركة الصهيونية حركة عنصرية عدوانية توسعية غير مشروعة، و"إسرائيل" هي أداتها، وهي مصدر دائم لتهديد السلام.. وغير ذلك.
ألا يلاحظ محمود عباس وقيادة منظمة التحرير والسلطة أن الفصائل الفلسطينية التي حُرمت أو لم تشارك في المنظمة، وخصوصا حماس والجهاد الإسلامي (ومعهما قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني) هي أقرب لثوابت الميثاق الوطني الفلسطيني من قيادة المنظمة وفصائلها المتنفذة؟!
إن منظمة التحرير التي يفترض أن تمثّل الشعب وأن تحمي الثوابت، تضاءلت وانقرضت معظم دوائرها ومؤسساتها منذ أمد طويل، وانزوت لتصبح وكأنها دائرة من دوائر السلطة الفلسطينية بدل أن تكون السلطة هي إحدى أدوات المنظمة النضالية، ووُضعت المنظمة في غرفة الإنعاش ليتم إيقاظها عند الحاجة لأخذ "الختم"، وإعطاء الغطاء لقادة فتح والسلطة لتمرير سياساتهم وتوجهاتهم.
إن إلغاء قضية اللاجئين هو إلغاء للقضية نفسها، وإن شعبا عاش على أرضه أكثر من 4500 سنة لا تملك واقعية وبراغماتية قيادة المنظمة والسلطة أن تلغي حقّه الإنساني الطبيعي في العودة إلى أرضه. فليس هناك وسط الشعب الفلسطيني إجماع كما هو الإجماع على حقّ العودة.
إن من حقّ الفلسطيني الذي ضُربت ثوابته، ورأى التيار المتفاوض يُفرغ الأرض والشعب والسيادة والقدسية والمواثيق الوطنية ومؤسسات التمثيل... من معناها، أن يقف صارخا ويقول كفى!!
باختصار، فإن الثوابت ليست بضاعة تُعرض في السوق، وإن من يتنازل عن حقّي في أرضي، وعن حقّي في العودة إليها... لا يمثلني كائنا من كان.
قناة البحار.. والحضور الفلسطيني الغائب
فايز أبو شمالة / المركز الفلسطيني للاعلام
الجانب الفلسطيني لم يفكر يوماً في مشروع قناة البحار، والجانب الفلسطيني لم يخطط للمشروع الواصل بين البحر الأحمر والبحر الميت، والجانب الفلسطيني لا يمتلك القدرة على التمويل، ولا يمكنه المشاركة في الإشراف، ولن يسمح له بالتنفيذ، والجانب الفلسطيني لا يعرف خلفيات المشروع الصهيوني، ولم يخطر في بال أي جهة فلسطينية كانت العمل على شق مثل هذه القناة الواصلة بين البحر الأحمر والبحر الميت، ومن المؤكد أن ما ينطبق على الفلسطينيين ينطبق على الأردنيين الذين وافقوا أن تمر أنابيب المشروع من الأراضي الأردنية، وليس من الأراضي الفلسطينية التي اغتصبتها (إسرائيل) سنة 48 .
قناة البحار مشروع صهيوني بالكامل، سيحقق حلم مؤسس الكيان الصهيوني حاييم هرتسل كما ذكرت صحيفة يديعوت أحرنوت، والتوقيع على الاتفاق من قبل السلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية هو حدث تاريخي كما وصف ذلك المتطرف
اليهودي سلفان شالوم، ولاسيما أن التوقيع قد تم بعد أن رفضت (إسرائيل) الطلب الفلسطيني بإقامة منطقة سكنية شمال البحر الميت، ورغم الرفض الإسرائيلي، فقد وقع الفلسطينيون على هذا الاتفاق الاقتصادي الذي سيمنحهم كمية من الماء العذبة المتدفق من بحيرة طبرية بسعر التكلفة.
قناة البحار مشروع اقتصادي يصب في صالح الصهاينة سياسياً واقتصادياً، والمشاركة الفلسطينية والأردنية في التوقيع على الاتفاقية لا يعكس حجم الانتفاع الفلسطيني من هذه القناة، فلماذا صار التوقيع على المشروع في هذا الوقت بالذات؟ وهل التوقيع على اتفاقية قناة البحار جاء ليرد على حديث وزير الإسكان الإسرائيلي نفتالي بنت أحد أعمدة الحكومة الإسرائيلية، حين قال: "محمود عباس لا يسيطر على قطاع غزة لذلك لا يمكن اعتباره شريكاً في المفاوضات، التي اعتبرها الوزير الصهيوني دعابة، وقال: كأنك تفاوض لشراء سيارة من نصف مالكيها".
هل أراد محمود عباس أن يؤكد للإسرائيليين أنه الوحيد الذي يمتلك السيارة، ويمتلك القدرة والاستعداد للتوقيع على أي اتفاق دون أن يعمل حساباً لأي جهة تنظيمية أو علمية أو سياسية أو اجتماعية أو فكرية حذرت من التوقيع على
اتفاقية قناة البحار؟
ألم يخطر في بال الجهات الفلسطينية التي وقعت على هذا الاتفاق الاقتصادي المهم في هذه المرحلة من التعنت الإسرائيلي، ألم يخطر في بالهم خطورة التوقيع على الاتفاقية الاستراتيجية في الوقت الذي تراجعت فيه (إسرائيل)
عن إطلاق سراح الدفعة الثالثة من الأسرى القدامى؟ ألم يخطر في بالهم سلبيات التوقيع على اتفاقية اقتصادية أمنية مهمة بهذا الشكل، دون ربطها بالتقدم على المسار السياسي؟ ألا يعني التوقيع على الاتفاقية أن ما يجري على الأرض هو التنفيذ
العملي لأفكار نتنياهو؛ الداعية إلى تحقيق سلام اقتصادي، وسلام أمني، دون التخلي عن السيطرة الصهيونية الكاملة على الأرض الفلسطينية؟
خطاب الحركات الإسلامية حول حق العودة
النائب أحمد مبارك / المركز الفلسطيني للاعلام
يعتبر حق العودة من أهم الثوابت الأساسية للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية من الناحية النظرية إلا أن مدى الالتزام بهذا الحق يتفاوت من الناحية العملية تبعاً لرؤية كل فصيل سياسي للحل ومدى الالتزام أو التحلل من بعض الثوابت أو الالتزامات في سبيل تحقيق حل ما للقضية الفلسطينية وتبعاً لتأثر كل فصيل بالضغوطات التي تمارس عليه في سبيل انجاز أي حل سواء كانت هذه الضغوطات خارجية أو ذاتية (داخلية) لتحقيق مصالح شخصية أو حزبية ضيقة، وقد تعزز حق العودة بصدور القرار الأممي 194 الذي ينص على حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هجروا منها عام 1948 والتعويض عن كل الإضرار والخسائر التي لحقت بهم جراء تهجيرهم قسراً من أراضيهم وقد عمد الاحتلال إلى تحريف الترجمة الانجليزية لهذا القرار بجعله ينص على حق العودة أو التعويض لا العودة والتعويض
ومن الجدير بالذكر أن الهدفين الأساسيين لانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وكما نص عليه ميثاق المنظمة الذي جرى تعديله مؤخراً للأسف ليتفق مع الجنوح لعملية التسوية والمفاوضات العبثية كان تحرير الجزء المحتل من فلسطين التاريخية عام 1948 إذ لم تكن أراضي 67 قد احتلت بعد وكذلك تحقيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين .
وقد تم في عملية التسوية منذ أوسلو 1993 وحتى الآن التراجع عن الهدف الأول بشكلٍ كامل وكلي من خلال اعتراف المنظمة بدولة الاحتلال ككيان شرعي على كامل التراب الفلسطيني المحتل عام 1948 ويجري التراجع عن الهدف الثاني من خلال تبني المنظمة وتزكيتها لمشاريع وخطط مشبوهة (خطتي الهدف وجنيف) اللتين جرى من خلالهما نسف حق العودة من خلال القبول بحل جزئي يتضمن عودة بضعة مئات لأراضي الضفة والقطاع ممن نزحوا عام 1967 أو فاقدي الهوية ومجموعة قليلة من لاجئي عام 1948ومن خلال رفع شعار حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين يوحي بالتنازل عن هذا الحق من خلال تبني القراءة الإسرائيلية للقرار العودة لمن يرغب (إلى أراضي السلطة) والتعويض لمن لا يرغب، ومن خلال مشاريع التوطين المشبوهة وكذلك التهجير للاجئين الفلسطينيين لأوروبا وأمريكا اللاتينية وتقديم هذه الدول التسهيلات الكبيرة لتحقيق هذا الهدف مع التركيز على عبارة حل عادل ومتفق عليه الأمر الذي يعني استحالة تحقيق حق العودة من خلال هذه المفاوضات لاستحالة موافقة الكيان على ذلك ونحن لا نعرف تفسيراً لحل عادل لقضية اللاجئين سوى عودتهم إلى الأراضي التي هجروا منها وتعويضهم عن كل ما لحق بهم من أضرار، واي حل لا يتضمن ذلك لن يكون حلأً عادلاً أو منصفاً للاجئين الفلسطينيين.
رؤية وخطاب الحركات الإسلامية لحق العودة:
كغيرها من فصائل هذا الشعب المقاومة تؤكد الحركات الإسلامية المقاوِمة على هذا الثابت الأساسي وهذا الحق الأصيل لأبناء الشعب الفلسطيني بالعودة إلى بلادهم وديارهم وأراضيهم التي هجروا منها قسراً وقهراً بمؤامرة عالمية من خلال زرع كيان عنصري وغريب في بلادنا وتمكينه بكل أسباب القوة من إجلاء شعبنا عن أراضيه والاستيلاء عليها وجلب المهاجرين اليهود من كل أصقاع الدنيا ليحلوا محل أبناء شعبنا ليتمتعوا بخيراته وأرضه.
1-وتعتبر الحركات الإسلامية هذا الحق حقاً ثابتاً وأصيلا لا يسقط بالتقادم ولا باعتراف العالم كله بهذا الكيان الغاصب وهو بالنسبة لها حق جماعي وفردي وحق فطري وطبيعي لكل إنسان أن يعيش على الأرض التي ولد هو وآباؤه وأجداده عليها و التي كانت مرابع الصبا وعنفوان الشباب وذكريات الآباء والأجداد ... وقد بكى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لفراق مكة وقال
لولا أن قومي أخرجوني منكِ ما خرجت)، وفي ذلك بقول الشاعر:
كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى وحنينـــــه أبــدا لأول منــــــــزل
2-وهو بالنسبة لها ايضاً حقٌ مقدس من يتنازل عنه فكأنما تنازل عن عقيدته ودينه وخانهما وذلك مستمد من قدسية هذه الارض المباركة في عقيدة المسلمين وحرمة التنازل عن اي شبر منها ، وبهذا تتميز الحركات الإسلامية برفع قيمة فلسطين وحق العودة اليها إلى درجة القدسية الدينية التي يُعتبر المساس بها مساسا بالعقيدة حتى ان علماء المسلمين في فلسطين وخارج فلسطين قد حرموا الهجرة الطوعية من فلسطين بدون سبب شرعي مقبول أو عذر قاهر واعتبروا من يفعل ذلك آثماً عند الله تعالى وأوجبت على اهل فلسطين ومن يستطع من خارجها ان يرابطوا في فلسطين حتى لا يفرغوها لتكون لقمة سائغة للاحتلال، والرباط مصطلح إسلامي ورد في القرآن والسنة ونستذكره بحديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- (من اختار ساحلا من سواحل الشام فهو في رباطٍ إلى يوم القيامة).
وبذلك فان الحركات الإسلامية تحرم الاستعاضة عن حق العودة بأي شكل من الأشكال ومن يقبل بالتعويض بديلاً عن حق العودة فهو آثم وخائن ولا يُبنى على مواقفه لأن فلسطين ليست ملكاً لفرد أو أفراد وإنما هي وقف إسلامي لا يحق لأحد أن يتنازل عن أي شبر فيها.
3-تعتبر الحركات الإسلامية ان التنازل عن أي جزء من فلسطين وخاصة الجزء المحتل عام 1948 هو في حقيقة الأمر تنازل عن حق العودة لأن الاعتراف للاحتلال بحقه في تلك الأرض يدعم موقفه أمام العالم بأن هذه الأرض أرضه ومن حقه أن يمنع أي أناسٍ غرباء حسب وجهة نظره من العودة إليها وهو متسلح باعتراف أصحاب الحق الشرعيين عبر ممثلهم الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية بأن هذه الأرض للاحتلال ومن حقه ان يقيم عليها ما يشاء هذا اذا أخذنا بعين الاعتبار ان القرار 194 الذي نعول عليه في تحقيق حق العودة قد صدر قبل اعتراف المنظمة بالاحتلال عام 1993 مما يمهد الطريق إلى محاولة اللجوء إلى المؤسسات الدولية لتعديل هذا القرار من قبل الاحتلال ودعم وجهة نظره في هذا الموضوع .
4-ومن هنا فإن الحركات الإسلامية تنظر في خطورة بالغة إلى قضية اعتراف المنظمة بالكيان الصهيوني والتي فتحت شهية هذا الاحتلال ليطالب باعتراف اكبر من ذلك وهو الاعتراف بدولة الكيان دولة يهودية خالصة ونقية، الأمر الذي لن يضر فقط بحق العودة للاجئين بل بالفلسطينيين المقيمين على أراضيهم المحتلة عام 1948 والذين يقدر عددهم بمليون ونصف فلسطيني يتعرضون للمضايقات يومياً من اجل طردهم أو المساومة عليهم تحت شعار تبادل الأراضي والسكان ، وترفض الحركات الإسلامية هذا الاعتراف من قبل المنظمة وتعتبره جريمة كبرى بحق الشعب والوطن واللاجئين، وندعو فصائل المنظمة التي تدعي انها لم تعترف أو لم تكن مع الاعتراف بأن تتخذ خطوات عملية للرجوع عن هذه الخطيئة من خلال تجميد عملها في الجنة التنفيذية للمنظمة التي يتولى امانة سرها صاحب وثيقة جينيف التي فرطت في حق العودة للاجئين الفلسطينيين والإصرار على تنفيذ اتفاق القاهرة 2005، بخصوص إعادة هيكلة وإصلاح المنظمة عبر انتخابات للمجلس الوطني من خلال مصالحة شاملة وإعادة الاعتبار لميثاق المنظمة الذي تم تعديله أو إلغاؤه عملياً والضغط على القيادة المنفذة من اجل القبول بذلك.
5-وتعتبر الحركات الإسلامية أن عملية التحرير وانجاز حق العودة أمران متلازمان لأن الاحتلال لم ولن يسمح بانجاز هذا الحق عبر مفاوضات عبثية وفي ظل موازين قوى غير متوازنة لا تضغط على الاحتلال ولذلك فان اعتماد خيار المقاومة كخيار رئيسي لانجاز الحقوق الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة والضغط على الاحتلال لإجباره على القبول بذلك اذا ما تم التوصل إلى حل مرحلي لا يتضمن الاعتراف بشرعية الاحتلال وهذا يتطلب التوقف عن المفاوضات العبثية التي اثبتت فشلها طيلة أكثر من عشرين عاما والتي دفعنا ثمنها مزيدا من التراجع للقضية ومزيدا من الانقسام تحت وطأة الالتزامات الأمنية بضرب المقاومة والتعاون الأمني مع الاحتلال في هذا المجال .. والاتفاق على استراتيجية فلسطينية موحدة تلتزم بالثوابت الوطنية وتسعى إلى انجاز حقوق شعبنا وعلى رأسه حق العودة وهذا يتطلب العمل الجاد لتحقيق الوحدة الوطنية وتعزيز صمود الشعب على أرضه وترابه وثوابته.
تقنين الاحتلال وتدويله
يوسف رزقة/ الراي
غادر جون كيري المنطقة بعد ان التقى الطرفين. كيري حضر الى المنطقة ومعه خطة أمريكية مفصلة لمعالجة الشق الأمني من الاتفاقية المحتملة. الخطة الأمنية المفصلة أشرف وشارك في وضعها قرابة (١٦٠) خبيرا أمنيا وسياسي أميركي.
الخطة الأمنية كما عرضتها الصحف العبرية تتبنى معظم الرؤية الإسرائيلية. الطرف الإسرائيلي حصل فيما يبدو على ما يريد، أو جل ما يريد في باب الأمن. الطرف الفسطيني ليس له مطلب محدد في هذا الباب. المطالب الفلسطينية سياسية واقتصادية. ولكن زيارة كيري لم تطرح رؤى أميركية في السياسة والاقتصاد، لأن أي طرح سياسي سيغضب اسرائيل. كيري يقول للطرف الفلسطيني بعد الاتفاق مع ايران: ( نحن مش ناقصين ؟!)
يقصد إنه اغضب نيتنياهو في الملف الإيراني، ولا يستطيع ان يغضبه مرة أخرى بطرح رؤى سياسية في الملف الفلسطيني. كيري جاء الى المنطقة لاسترضاء نيتنياهو ، وتخفيف نقده للاتفاق مع ايران.
الاتفاق الأمني كما عرضت بنوده الصحف العبرية لا يتجاوز وثيقة الإذعان، وإعادة تكييف الاحتلال، وإعادة انتشار قوات الجيش والأمن، وإشراك القوات الأمريكية في العمليات من خلال تواجد القوات على الأرض، ومن خلال القوات الجوية والتكنولوجيا المتقدمة. نهر الأردن والأغوار ستكون الحدود الأكثر أمنا في العالم بحسب الخطة الاميركية، على حد تعبير أوباما نفسة.
من بنود الخطة الاميركية نرصد النقاط الآتية كما نشرته الصحف العبرية،( وهنا ينبغي ان نعتذر للقارئ فنحن ننقل عن صحف العدو، لأن المصادر الفلسطينية صماء بكماء، لا تصد ولا ترد؟!) الآتي:
١- تواجد متفق عليه للجيش الإسرائيلي على طول نهر الأردن لمدة تتجاوز الأربع سنوات.
٢- ربما تشارك في هذا التواجد قوات أميركية، ويتم تخفيف القوات تدريجيا، والتخفيف والمدة يرتبطان بالواقع الأمني في الضفة وعلى الحدود؟!
٣- الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح.
٤- تقوم طائرات الاستطلاع الاميركية بمهمة المراقبة المتواصلة للأراضي الفلسطينية، على غرار المراقبة التي تجريها في الجولان السوري بعد اتفاق فصل القوات بين اسرائيل وسوريا.
٥- المعابر الحدودية على نهر الأردن ستكون مشتركة بين الطرفين، مع تمثيل أميركي.
٦- إخلاء الضفة من الجيش عدا الأغوار.
٧- لا يسمح بمطاردة ساخنة للجيش الإسرائيلي داخل الضفة الغربية.
٨- استثمارات أميركية كبيرة في مجال الاستخبارات وتحسين قدرات الجيش الاسرئيلي ، لتوفير جواب تكنولوجي على إخلاء اسرئيل لجيشها من الضفة الغربية.
هذه اهم البنود التي ذكرتها الصحف العبرية، وهي تمثل بتفاصيلها جل الرؤية الإسرائيلية، مع الأخذ بالحسبان ان نيتنياهو ما زال يطالب بحقه في المطاردة الساخنة، ومن ثمة قالت الصحف العبرية ان رد نيتنياهو على الخطة الأمنية ما زال غامضا. والرد الفلسطيني يطالب بمزيد من البحث والحوار. ويرى المراقبون ان الاتفاق الأمني سيمهد الطريق لاتفاق سياسي.
أما مشكلة القدس فلا حديث عنها. وأما مشكلة اللاجئين فيقال انها ستحل بالتعويضات فقط. ولا احد يدري الحقيقة كاملة لانها ملك حصري لعباس، ولا حق للشعب فيها.
ولكننا نستطيع القول إن الشعب الفلسطيني ليس بحاجة الى هذا الاتفاق، وبقاء الاحتلال افضل من حل سيئ يقنن الاحتلال ويضفي عليه الشرعية. اتفاق مثل هذا هو جريمة كبيرة في حق الشعب الفلسطيني.