تناغم الإيقاع
بقلم أسامة العيسوي عن الرأي
|
من لا يزرع لا يحصد
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
|
صناعة القادة بتكليف الشباب بالقِيادة
بقلم خالد الخالدي عن فلسطين الان
|
وتبقى غزة رقم المعادلة الصعب
بقلم محمد الافرنجي عن فلسطين اون لاين
|
جهود أمريكية وقيود إسرائيلية
بقلم عادل ياسين عن فلسطين اون لاين
|
وزراء الخارجية يقررون فيما لا يملكون
بقلم حسن أبو حشيش عن فلسطين اون لاين
|
الأسير عثمان بلال وحديث عمّن حبّهم في القلب قد سكن
بقلم فؤاد الخفش عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
شموع المخيم، ودموع الأونروا
بقلم فايز أبو شمالة عن الرأي
|
|
تناغم الإيقاع
بقلم أسامة العيسوي عن الرأي
رفعت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في عام ٢٠١٣ شعار (تناغم الإيقاع) إيماناً منها بضرورة التنسيق والتكامل والتناغم بين القطاعات ذات العلاقة بطبيعة الوزارة وأعمالها بمكوناتها القطاع العام والخاص والأكاديمي كذلك. وبفضل الله، ومن ثم بفضل جهود جميع الموظفين دون استثناء نجحت الوزارة في تحقيق هذا الشعار من خلال خطتها لعام ٢٠١٣، والتي انبثقت من اليقين بأهمية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ودورها في التنمية المجتمعية.
فكان عام ٢٠١٣ حافلاً بالعديد من التطورات في مجال تكنولوجيا المعلومات والإتصالات: فقد شهدنا إقرار قانون المعاملات الإلكترونية، وإعداد الإستراتيجية الوطنية للإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وإعتماد الخطة الإستراتيجية للحكومة الإلكترونية، وإطلاق المجلس الإستشاري الشبابي لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات، وتعزيز الشراكة والتكاملية مع القطاع الأكاديمي وتوفير التدريب للخريجين، كما تم إصدار تعليمات وزارية لحماية المنافسة وفتح السوق أمام المشغل الثاني للهاتف المحمول، وإصدار تعلميات شروط وضوابط تقديم خدمة الإنترنت من خلال خطوط النفاذ، وإستحداث رخص جديدة لفتح المجال أمام شركات جديدة ولتنظيم عملها، وإعداد الإستراتيجية الوطنية للحاضنات التكنولوجية، كما تم تفعيل التسجيل الإلكتروني الموحد للمواطنين والذي وصل عدد المشتركين فيه إلى 130 ألف مشترك،
وإطلاق أول تطبيق حكومي للهاتف المحمول، وتم إنطلاق عمل مركز أمن المعلومات في الجامعة الإسلامية بتمويل من مجموعة الإتصالات وبتوجيه من الحكومة الفلسطينية والذي يعنى بتدريب الكوادر المختصة من كافة المؤسسات الوطنية على تقنيات أمن المعلومات في المحاور المختلفة، وكذلك الإحتفال بإختتام مشروع مبادورن 2 لريادة الأعمال، وبالنسبة لسرعة الانترنت تم مضاعفتها من خلال خطوط النفاذ ADSL Access ليصار الحد الأدنى لسرعة الإنترنت إلى 1ميجا، وتقرر بالإتفاق مع شركة الإتصالات من بداية هذا الشهر تخفيض أسعار الربط البيني بين مزودي الإنترنت وشركة الإتصالات بنسبة 35%، وكذلك تخفيض أسعار الربط لخدمة تناقل البيانات عبر الإنترنت للمؤسسات من خلال تطوير تقنية IP-VPN وذلك بنسب متفاوتة تصل إلى 42%.
وفي مجال البريد ومن باب دعم القطاع الخاص تم تحويل خدمة توزيع الرسائل والبعائث البريدية عبر شركة خاصة. ولخدمة المواطنين بصورة حضارية تم تطوير آليات العمل من خلال الشباك الموحد، وكذلك مركزية البيانات بحيث يستطيع المواطن التعامل مع أي فرع يشاء، بالاضافة إلى إعادة تأهيل ستة مراكز للبريد وتزويدها بأحدث وسائل الخدمة والأمان، وأصدرت الوزارة مجموعة من إصدارات طوابع البريد والتي تعبر عن فلسطين تاريخها وحاضرها، لتكون خير رسول لهذا الشعب.
هذه بعض إنجازات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في عام كامل، اجتهدنا فيه بكل ما نستطيع وبكل ما نملك من إمكانات وقدرات لخدمة شعبنا والعمل في سبيل النهوض بالمجتمع الفلسطيني لتحقيق التقدم والتطور المنشود، فلله الحمد والشكر، ومن ثم كل الشكر لموظفي الوزارة، ولجميع شركائنا في القطاع الخاص والمؤسسات المجتمعية والأكاديمية، ومعاً وسوياً لزيادة تناغم الإيقاع خدمة لشعبنا، والله ولي التوفيق.
شموع المخيم، ودموع الأونروا
بقلم فايز أبو شمالة عن الرأي
هنالك فرق بين التفويض وبين عدم القدرة، وهنالك فرق بين المساعي الجادة وبين المماطلة، وهنالك فرق بين تحمل المسئولية، والتهرب من الواجبات التي دأبت وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين على القيام بها.
لقد تم تفويض وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، لقد تم تفويضها من قبل المجتمع الدولي بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فكيف يدعي السيد عدنان أبو حسنة، الناطق الرسمي باسم الأونروا، أن تزويد المخيمات بالكهرباء ليس من اختصاص الأونروا، ويضيف: نرجو من الجميع تفهم هذه القضية لأبعادها السياسية المعقدة، والتي تعتبر خارج تفويضنا.
فكيف نصدق نحن اللاجئين الفلسطينيين الذين عشنا سنوات اللجوء في المخيمات، وانتفعنا من خدمات الأونروا، بما في ذلك الوقود اللازم للإضاءة والطبخ الذي زودتنا به الأونروا على مدار سنوات طويلة من اللجوء؟ كيف نصدق أن إضاءة بيوت المخيم ليست من تفويض الأونروا؟ وما هي الأبعاد السياسية المقعدة في إضاءة بيوت المخيمات، والتي تعتبر خارج تفويض الأونروا كما يقول الناطق باسم الأونروا؟
مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين ما زالوا شهود أحياء على التفويض الذي مكن الأونروا من العمل داخل أوساط اللاجئين الفلسطينيين، منذ مطلع الخمسينات من القرن العشرين، حين قدمت الأونروا فرصة عمل للاجئين، وقدمت التغذية للعاجزين عن العمل، وقدمت العلاج للمرضى، وحرصت على صيانة المخيم، ونظافته، وحرصت على تعليم الطلاب اللاجئين، وقدمت لهم الحليب في المدارس، والطعام في مراكز التغذية.
فلماذا يصير اليوم تقليص الخدمات الضرورية المقدمة للاجئين؟ لماذا يصير قطع التموين عن ألاف الأسر المحتاجة؟ وهل اللاجئين في ظل الحصار بحاجة إلى تقليص الخدمات، أم هم بحاجة إلى برنامج طوارئ يمد يد العون لمن يحاول البقاء على قيد الحياة؟
لقد مثلت الأونروا بالنسبة للاجئين الفلسطينيين السلطة المحلية، والحكومة الشرعية، والسلطة الدولية التي ترعى كل شئون حياتهم، فكيف يدعي الناطق باسم الأونرا أن رعاية شئون اللاجئين خارج تفويض الأونورا، ليلقي بالمسئولية على الحكومة والبلديات، ويعتبر خدمة مخيمات اللاجئين ليس من ضمن اختصاص الأونروا، ويضيف في تصريح له لوكالة معا الإخبارية قبل فترة، ويقول: لا يمكن لنا ان نتجاوز التفويض الممنوح لنا للاعتداء على صلاحيات الاخرين، ولأنه ليس بمقدورنا ايضا ان نفعل ذلك.
إن إضاءة المخيم من صلاحيات الأونروا، وليست من صلاحية البلدية، وإن إيصال الماء للمخيم من صلاحية الأونروا، وعلى اللاجئين الفلسطينيين أن يتجاوزا بصرخاتهم جدران المخيم، وأن يخرجوا غاضبين في اتجاه مقرات الأونروا؛ مطالبة بحق اللاجئين بالإضاءة والوقود اللازم للطهي، ومن حقهم استعادة كل خدمات الأونروا التي جرى تقليصها على مدار سنوات.
لقد سمح التفويض الذي مارست الأونورا مهمتها على هدية بتقديم ضروريات بقاء اللاجئين على قيد الحياة مثل "سكر وطحين ومعلبات، وتمر، وسمنة، وكانت تقدم لنا الملابس والأحذية، وأعترف أمام القارئ بأنني وكل أبناء جيلي قد ذهبنا إلى المدارس حفاة، قبل أن تصلنا أحذية المتبرعين التي حمت أقدامنا من برد الشتاء ومن حر الصيف. وكانت الأونروا تقدم لنا مياه الشرب في المدارس وفي المخيم، ولم تكن تقبل الأونورا بأن تعتدي البلدية على صلاحياتها، ورفضت أن تقدم الحكومات المتعاقبة أي خدمة للاجئين الفلسطينيين خارج إطارها.
إنني أدعو اتحاد الموظفين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين إلى تطوير فعالياتهم، والتنسيق مع اللجان الشعبية في مخيمات اللاجئين، بحيث يصير التحرك المشترك الذي يحفظ للموظف مطالبه، ويعيد لفقراء اللاجئين حقوقهم الضائعة، كما أدعو إتحاد الموظفين إلى أن يتجاوزا في خطوتهم الاحتجاجية مخيمات قطاع غزة، ليستحثوا إخوانهم في مخيمات الضفة الغربية مشاركتهم مطالبهم، والوقوف صفاً واحداً مدافعاً عن حقوق اللاجئين الإنسانية الضائعة.
من لا يزرع لا يحصد
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
المفاوض ٠(محمد اشتية) يتحدى نيتنياهو ؟! لست أدري هل يقبل نيتنياهو، أم لا ؟! ولكن أقول : ما الذي يجبره على قبول التحدي؟! اشتية يتحدى نيتنياهو ان يعرض على حكومته خطة سلام على حدود ١٩٦٧ . يقول اشتيه إنه لن يجرؤ ، وإذا ما عرض خطة كهذه فلن يقبل بها أحد من وزارائه.( وأنا أقول لاشتية صدقت).
ما خلص اليه محمد اشتية عضو اللحنة المركزية لفتح، وشريك عريقات في قيادة المفاوضات صحيح. ولكن نيتنياهو نفسه لا يقبل بحدود ١٩٦٧ م ، ولأنه أسبق من وزراء حكومته في رفض هذا المبدأ، فهو لا يقبل التحدي، وهو ليس مضطرا إليه، بل هو يسخر من هذا الطرح.
نيتنياهو ووزرائه وقادة أحزاب اليمين، واليمين الوسط، وجل اليسار، متفقون على عدم العودة الى حدود١٩٦٧ م ومحمد اشتية يعلم هذا علم يقين، قبل أن يضع رجله في المفاوضات في اليوم الاول من العودة البائسة إليها. ولأنه يعلم ذلك فإن المسألة لا تقبل التحدي. والتحدي لا يضيف لنا جديدا، ولا يحرج نيتنياهو، بل إن حكومته تبقى متماسكة إذا رفض السماع لما يقوله اشتية.
اشتية يقول بعد التحدي المنشور في الحياة اللندنية: ( من يزرع في الأرض يحصد على طاولة المفاوضات) ، وهذا قول حكيم وجيد، ولأن السلطة المفاوضة لم تزرع على الأرض ، فهي لن تحصد شيئا في المفاوضات. وهذا الاعتراف بالضعف هو عين العقل، وهو ما تقوله الناس، وما تقوله المقاومة. ولكن كيف يمكن للسلطة ان تزرع بعد أن حطمت البدائل، وجعلت كل البيض في سلة المفاوضات ؟! .
محمد اشتية يقترح المقاومة الشعبية بديلا. ( حسنا ) ، ولكن قادة المقاومة الشعبية لا يرون لها جدوى كبيرة في مثل الحالة الفلسطينية، لأن اسرائيل استعمار استيطاني، ولديه الخبرة الكافية لاستنزاف المقاومة الشعبية وإفراغها من محتواها، والسلطة في رام الله لا تسمح بمقاومة شعبية ذات مغزى، خشية ان يتجه جزءا منها الى مهاجمة السلطة نفسها.
جيد ان يفكر محمد اشتية بالبديل، وجيد ان يطلب هذا من رئيس السلطة، وجيد أن يكشف للشعب أسرار المفاوضات، وأن يحدد لنا أين نقف نحن كسلطة وكشعب. إن انضمام ( اشتية المفاوض )الى الفصائل التي تطالب بالبدائل في غاية الأهمية ، لأنه من فتح أولا، ولأنه كان مفاوضا ثانيا، ولأنه كان يؤمن بالمفاوضات طريقا للوصول الى الحقوق كما يؤمن محمود عباس نفسه.
أما وأنه استقال من المفاوضات بعد معاناة طويلة، وعبر عن حالة يأس غير مسبوقة، فإنا نسأله : هل يتوقع أن استقالة محمود عباس نفسه منها، أم ان استقالة اشتية لا تعني شيئا لعباس أو لغيره؟!
يمكن للرأي العام الفلسطيني ان يستفيد من تصريحات محمد اشتية، وان يضغط من خلالها على السلطة لكي تنسحب من المفاوضات. ويجدر بالسلطة أن تأخذ بمعادلة اشتية: (من يزرع في الأرض يحصد في المفاوضات) ، وهي معادلة أهملها عباس، والتزم بها نيتنياهو، حيث زرع المستوطنات في جل الأرض الأرض الفلسطينية، وهاهو يحصد ثمار زرعه مجموعة من التنازلات الفلسطينية ، وبعض التنازلات مست فيما يبدوا بشكل خطير الثوابت الفلسطينية.
الأسير عثمان بلال وحديث عمّن حبّهم في القلب قد سكن
بقلم فؤاد الخفش عن المركز الفلسطيني للاعلام
فرحة كبيرة وحزن شديد خيّم بينما كان يحدثني سائلًا عن حالي وهو المعتقل منذ 18 عامًا بشكل متواصل في سجون الاحتلال بعد مكالمة استطاع أن ينتزعها خلسة من بين أصفاد السجن والسجان.
وقال لي "أتذكُر يوم كنا صغاراً في سجن النقب وتلك النادرة التي حدثت معنا؟" فأجبته "نعم". ومضى يذكرني بقصص قديمه قبل الاعتقال، وكأنه يريد أن يأتي بالماضي لحاضره الذي لم يتغير عليه شيء من ذلك الوقت. يتنقل من سجن لآخر يخوض معارك ضد مصلحة السجون من إضراب عن الطعام لإضراب آخر، جدول يومياته هو الجدول ذاته، قليلة الوجوه التي تتبدل عليه، رابض في سجن نفحة منذ سنين طويلة.
سألته عن رحلة الاستجواب الأخيرة التي كانت قبل أسبوع وكيف كانت معاناته على عكس جميع المعتقلين قال لي "كانت رائعة لقد رأيت العالم من خلال البوسطة شاهدت الشوارع والناس من نافذة الحافلة" وكيف أن الحياة لم تتوقف وكيف أن العمران تطور، "ما أجمل الشمس" قالها كهذه الشمس جميلة "حين خرجت من باب الباص وأنا مقيد القدمين لم أعبأ كثيرا بمن حولي من جنود نظرت للسماء، وحلقت في قرص الشمس دون أسلاك شائكة ولا أسلاك صفراء صافية، على عكس شمس السجن التي تبدو لي مقسمة مكسره بفعل الأشياك والأسلاك التي تحاصرنا".
خلال الحديث ذكرنا (الأجهزة النقالة) فقال "كل ما أذكره عن هذا التلفون أبو قرص دائري هذا أخر عهدي بالهاتف أشاهد عبر بعض المحطات أين وصلت الأمور وكيف أصبح حال هذه الأجهزة الذكية". وقال "بعد التحرر سأطلب من زوجتي أن تعلمني على كل هذه الأمور".
سألته عنها وعن اسمها فقال "زوجتي موجودة وهي تنتظرني هي حظي ونصيبي ربي يرضى عنها ويسعدها مين ما كانت تكون" وعثمان لم يتزوج أو يخطب فقط يتحدث عن المستقبل.
سألني عن إخوتي وأمي وزوجتي وأطفالي وآخر أخبارهم حدثته باقتضاب لأني أريد أن أسمع عنه أكثر مما أتحدث إليه. وسألته عن الشباب قال "بخير. منهم من يتوقع الفرج القريب وعنده تفاؤل أكبر من أن يتخيله إنسان ويقين أن الفرج قادم وقريب". سألته عن سر امتلاكه هذه الروح الوثّابة، قال "هي من الله وهي التي تجعل الرجال يصبرون فانتظار الفرج عبادة يا أخي".
أخبرته عن خطبة ابن شقيقه سعيد بكر فقال لي "تخيل! سعيد الطفل أصبح عريسًا، أي عمر هذا الذي يمضي! لقد كان عمره ثلاثة سنوات أتذكر صورته عام 1993 في سجن النقب حين أحضرت لنا وكيف كنا ننظر إليه" قلت له "أذكر يا عثمان".
سألني عن آخر ما قرأت من كتب وطلب مني أربعة كتب سيسمح لها بالدخول خلال الزيارة القادمة وتحدثنا عن هذا الجانب فقال "هي الطريقة الوحيدة التي نستطيع من خلالها معرفة ما يدور حولنا" تحدثنا وضحكنا وحاولت أن أتحدث له عن الخارج والدنيا والأوضاع ليعيش دقائق خارج أجواء السجن.
تحدثت له عن والده الشيخ المربي سعيد بلال وعن آخر حكاياتي معه وقصصي معه فقال "آخ" يشعر بها كل من حرم من والده وقال "رحمه الله" وكأنه لا يريد لهذه المكالمة أن تكون إلا ذكريات جميلة سعيدة فانتقلت سريعًا لموضوع آخر.
طلب مني إيصال السلام لوالدتي وسألني عن الدجاج المحشي، فقد كان آخر ما تناوله في منزلنا قبل اعتقاله بأيام دجاج محشي من صنع الوالدة فقلت له "أمي حرمتنا الدجاج لسنوات بعد اعتقالك وهي بخير تهديك الدعوات ولك منا كل الحب يا حب".
حبيبي عثمان سعيد بلال سمحت لنفسي أن أكتب عن بعض ما جال ودار بيننا دون إذن منك أو استئذان لكي أحاول أن أضع من يعشقونكم ويحبونكم في جزء من تفاصيل حياتكم مع النجم والشمس والشوق للأحباب.
مزاعم إسرائيلية لتعزيز خطة كيري
بقلم عصام شاور عن المركز الفلسطيني للاعلام
من ضمن الخطة الأمنية الأمريكية التي طرحها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على الجانب الفلسطيني هو استمرار قيام (إسرائيل) بتنفيذ اعتقالات ليلية داخل أراضي السلطة الفلسطينية حتى في ظل وجود اتفاق (سلام) مع الفلسطينيين، وحول الهدف من الاعتقالات التي ينفذها جيش الاحتلال بشكل يومي في الضفة يقول المحلل العسكري الإسرائيلي روني دانييل: نحن نعتقل ملقي الحجارة وفي حال توقفنا ستتحول الحجارة إلى رصاص.
إذن؛ الاعتقالات التي ينفذها جيش الاحتلال هي ضد ضاربي الحجارة وقد تكون بلا سبب، والدليل هو الإفراج عن الكثير ممن يتم اعتقالهم بعد أيام أو أسابيع دون توجيه اتهامات، وهذا ينسف مزاعم صحيفة "هآرتس" ومعرفتها إن كانت "حماس" نجحت في الآونة الأخيرة في بناء منظومتها العسكرية في الضفة الغربية أم لا. الصحيفة العبرية خرجت للإعلام بتوليفة عجيبة لتضرب بها أكبر قدر من العصافير؛ إعادة بناء عسكري لتنظيم "حماس"، يقوده محررو صفقة وفاء الأحرار من غزة ومن الخارج، عناصر من الضفة تتلقى تدريباتها في غزة وتعود إلى الضفة عبر مصر، ووزير الداخلية في غزة له علاقة وطيدة بالأمر.
ادعاءات الصحف العبرية وكذلك تصريحات القيادة الإسرائيلية وتلميحاتهم حول مخاطر صواريخ قادمة من الضفة الغربية كلها تصب لصالح الخطة الأمنية التي طرحها كيري؛ لأن تلك الخطة تجمد المفاوضات مع الجانب الفلسطيني الذي بدوره تراجع عن مهلة الشهور التسعة ووافق على فكرة التمديد وفكرة مفاوضات الإطار كما جاء على لسان كبير المفاوضين صائب عريقات.
الاتهامات الإسرائيلية لمحرري صفقة الأحرار بشكل عام ولبعضهم بالأسماء يعني وجود نية إسرائيلية مبيتة لإعادة اعتقال غالبية المحررين في الضفة الغربية واحتمال اغتيال بعض الموجودين منهم في قطاع غزة، وكذلك التنصل بشكل تام من التزامات العدو الإسرائيلي مما ورد في صفقة وفاء الأحرار، وإذا ربطنا ذلك بالجرائم المتزايدة في الضفة الغربية فهذا يعني أن (إسرائيل) تسعى إلى خلط الأوراق وإدخال المنطقة إلى تصعيد عسكري جديد أملاً منها في تحقيق مكاسب كبيرة في ظل انحياز أمريكي تام إلى جانبها، وفي ظل وجود نظام مصري انقلابي ضاغط على قطاع غزة، فضلًا عن الانقسام الداخلي وحالة التيه التي تعاني منها منظمة التحرير ومفاوضوها.
وزراء الخارجية يقررون فيما لا يملكون
بقلم حسن أبو حشيش عن فلسطين اون لاين
سابقاً تسلح رئيس السلطة محمود عباس بقرار من الجامعة العربية في توجهه للمفاوضات , وفي شرعية رئاسته للسلطة , بعد انتهاء ولايته. كان وقتها حدثاً غريباً , ودخيلاً على الأعراف المعمول بها في العالم , فكيف برئيس يأخذ شرعيته من جهات غير مقررة وطنياً وداخلياً , حيث إن نظام الجامعة العربية في الأصل يقوم على توافق الأطراف في القرارات وليس على التصويت أو الديمقراطية . فكيف تقرر الجامعة في شأن داخلي لإحدى الدول الأعضاء ؟! لقد كان الأمر مريباً ومسيئاً , وينم عن خبث نية وسوء مقصد وتدخل سلبي , وعبر عن حالة الانفصام بين عباس وبين شعبه , لذا لجأ إلى أسلوب خطأ لموقف خطأ .
اليوم يتجدد الموقف ، فوزراء خارجية العرب يجتمعون في القاهرة , ويعلنون منح عباس وفريق المفاوضات رخصة وفتوى الاستمرار في المفاوضات خمسة شهور , في خطوة أرادها عباس وكانت بناء على طلبه بالتأكيد , وذلك ليقول لشعبه ولأمته: إن القرار ليس فلسطينياً بل هو عربي ورسمي وشرعي ولا أحد يلومني بل لوموا العرب , هذا استخفاف بالعقول , وتزوير للمواقف , وتضليل للرأي العام , وينظر لموقف خطير قد يطرأ عنه اتفاقيات سرية انتقالية ومرحلية تجري في الخفاء , وخاصة أن تصريحات صائب عريقات الأخيرة تُدلل على ذلك . فبدلاً من هذه المواقف المُحللة كان أولى للجامعة العربية أن تُفاوض هي بنفسها , وتتوقف عن حالة الخداع, وعن دور " التيس المستعار " .
وللأسف كانت مخرجات الاجتماع الدعوة لفك الحصار عن غزة وتحقيق المصالحة , وهنا نسأل هل الجامعة العربية كيان يعبر عن النظام العربي المقرر ؟ و يا ترى الدعوة لمن ؟! ولا أعلم هل وزراء الخارجية العرب يعلمون أنهم هم من يحاصر غزة , وأن الجامعة العربية أصدرت قراراً سابقاً بفك الحصار عن غزة , ذهب أدراج الرياح ؟! وهل يعلمون أن الفيتو الأمريكي والصهيوني هو من يُعطل المصالحة , وهل لديهم الشجاعة في مجابهة هل الفيتو ؟!
إن ما نحن مقتنعون به أن الجامعة العربية ووزراء خارجية العرب يقررون في أمور لا يملكونها وليست من صلاحياتهم , ويتهربون من اتخاذ الخطوات العملية في القضايا التي هي في صلب مسئولياتهم .
صناعة القادة بتكليف الشباب بالقِيادة
بقلم خالد الخالدي عن فلسطين الان
يلاحظ المتأمل في وجوه كبار المسئولين في الدول والحكومات والأحزاب والمؤسسات العربية أن معظمهم من كبار السن، وأن من يُعدُّون منهم في مرحلة الشباب قد دخلوا في عقدهم السادس أو السابع، كما يُلاحِظُ أن هؤلاء المسئولين يبقون في مناصبهم مدداً طويلة، وإذا ما انتهت مدة أحدهم القانونية خولفت القوانين من أجل إبقائه في منصبه، أو صُنعت لتحقيق ذلك قوانين جديدة، ولا يُبعدُ عن منصبه إلا لينُقل إلى منصب أرفع، وكأنه منقطع النظير، أو أن نساء بلده قد عقمن أن يلدن مثله، وهكذا يبقي المسئول مسئولاً إلى أن يمرض ويخرف ويموت، وقد أدى ذلك إلى كثرة أعداد المسئولين المسنين في بلاد العرب والمسلمين، وإلى ضعف أدائهم، وقلة إنتاجهم، وكثرة فسادهم، وشدة تسلطهم، ونشوء الديكتاتوريات في الدول والأحزاب والمؤسسات، كما أدى إلى إبعاد الشباب عن مواقع المسئولية، وخسارة الأمة لطاقاتهم وإبداعاتهم، إضافة إلى أمر خطير وهو غياب القادة الشباب. لقد خالف الأنانيون وعشاق المناصب الذين أبعدوا الشباب عن مواقع المسئولية المنهج النبوي العظيم الذي قام على أساس أن أفضل طريق لصناعة القادة هو تكليف الشباب بالقيادة، حيث يُلاحَظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى الشباب منذ بداية الدعوة بمعظم المهمات القيادية العسكرية والسياسية والدعوية، فًمثلاً عندما قرر قبيل وفاته أن يرسل جيشاً لقتال الروم اختار لقيادته أسامة بن زيد الذي لم يكن قد تجاوز السابعة عشرة من عمره، لقد فعل ذلك بالرغم من علمه أن في المسلمين من هم أكفأ منه وأصلح كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، لكنه أراد أن يصنع قائداً من جيل الشباب الذي سيخلف جيل صحابته الكبار، وأن يرسِّخ منهج صناعة القادة بتكليف الشباب بالقيادة، وقد فهم الصحابة الكرام قصد النبي صلى الله عليه وسلم، فرضوا وهم أصحاب السبق والفضل والسن أن يكونوا جنوداً تحت إمرة شاب صغير السن، وأصر أبو بكر الصديق بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على أن ينفذ جيش أسامة، وأن يبقي أسامة قائداً عليه. وعلى الدرب نفسه سار الخلفاء الراشدون ومَن بعدهم، فولوا معظم المهمات القيادية إلى الشباب، حيث كان قادة الجيوش الذين هزموا امبراطوريتي الفرس والروم من الشباب، ونجد أبا بكر الصديق- رضي الله عنه- يكلف يزيد بن أبي سفيان بقيادة أحد الجيوش المتوجهة لفتح الشام ويترك أباه جندياً في الجيش بالرغم من سنه وخبرته الإدارية، حيث كان سيد مكة في الجاهلية، وبعد وفاة يزيد في طاعون عمواس نجد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يعين مكانه أخاه معاوية، ثم يجعله والياً على الشام كلها بالرغم من وجود الكثير من الصحابة الأكبر سناً والأكثر فضلاً والأسبق إسلاماً. واستمر منهج صناعة القادة بتكليف الشباب بالقيادة في العهود اللاحقة، فهذا معاوية بن أبي سفيان يكلف ولده يزيد وهو ابن ثلاثة وعشرين عاماً بقيادة الجيش الذي توجه لفتح القسطنطينية سنة 49هـ، بالرغم من وجود عدد من كبار الصحابة في الجيش أمثال أبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير، ولم يعترض هؤلاء الكرام على أن يكونوا تحت قيادة شاب صغير هم أكبر منه وأفضل وأكفأ لعلمهم أن هذا التكليف يأتي ضمن منهج صناعة القادة الذي تعلموه في مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا والي العراق الحجاج بن يوسف يقرر أن يرسل جيشاً كبيراً لفتح السند بعد أن فشلت جيوش عدة أرسلها لهذه المهمة في فتحها، فيكلف بقيادة هذا الجيش شاباً لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره هو محمد بن القاسم الثقفي، فينجح في فتحها، وينشر الإسلام في ربوعها. وبالرغم من المحاولات الكثيرة والجهود الضخمة التي بذلها المسلمون عبر القرون لفتح القسطنطينية والفوز بثناء النبي صلى الله عليه وسلم القائل:" لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش"، إلا أن الذي نجح في فتحها سنة 857هـ وفاز بثناء النبي صلى الله عليه وسلم بأنه نعم الأمير هو شاب قد بلغ من العمر ثلاثة وعشرين عاماً اسمه محمد الفاتح سلطان الدولة العثمانية، وقد استوعبت هذا الدرس حكومة أردوغان التي تستمد فلسفتها وكثيراً من سياساتها من الإسلام العظيم وتاريخه المجيد، فقررت أن تخص الشباب بأهم المناصب في وزاراتها ودوائرها، ولعل هذا من أهم أسباب نموها وتقدمها السريع... فهل من معتبر؟!
وتبقى غزة رقم المعادلة الصعب
بقلم محمد الافرنجي عن فلسطين اون لاين
يسعون دومًا لكشف سترها وتعرية مفاتنها أمام العالم, يأكلون لحمها وهي مازالت حية ترزق, يحاصرونها, يقطعون عنها المحروقات، يحرمونها الكهرباء, غزة تجوع بما تحمله الكلمة من معنى؛ لتبقى أداة من أدوات التسول وجني الأموال وتحصيل المكاسب الحزبية حتى الشخصية.
غزة عرضت لنكبة جديدة تضاف إلى نكباتها التي تتقلب صفحاتها منذ سبع سنوات، هي عمر الحصار الظالم الذي يفرضه الاحتلال على القطاع، ويمارسه الأشقاء العرب بكل دقة وأمانة متناهية تماشيًا مع رغبات المحتل, وأصعب ما في الأمر أن رئاسة السلطة الفلسطينية تنحاز إلى الاحتلال بحصاره على غزة، وتتعامل معها كأنها كيان معادٍ.
غزة تعرض لكل أشكال الإجرام: الحروب التي يشنها عليها الاحتلال، وكان آخرها حربي "الفرقان" و"حجارة السجيل"، والتوغل، وحملات الاغتيالات التي تطال قادتها السياسيين والعسكريين.
تعرض دومًا هذه البقعة الصغيرة من الأرض الفلسطينية إلى الإجراءات القمعية والإجرامية كافة، من: حصار ودمار وحروب واغتيالات، وحملات إعلامية لا تقل فتكًا عن قذائف الاحتلال المدفعية ولا صواريخ طائراته الحربية.
معبر يغلق على شعب، وحينما يفتح تتعطل حواسيبه, شعب يدفع ثمن الكراهية الحزبية بين الأطراف المحيطة به يراد منه أن يكون الأداة التي تسقط أعداء النظام القائم بمصر, وأن يرضي الاحتلال بعنجهيته, وأن يحمل عباس وسلطته على الأعناق وهي عائدة للتحكم بغزة أرضًا وشعبًا.
حتى نكبته الطبيعية الكارثة التي أصابته استغلت لتكون أبشع أداة يمكن تسليطها على رقاب شعب يعرض للموت غرقًا، في وقت يفتقر فيه لأبسط مقومات الحياة بفعل حصار جاثم على صدره منذ أعوام.
كانت الصورة قاتمة قبل أن تنقشع الغيوم السوداء التي حجبت غزة عن الكون وعزلتها عن العالم أكثر مما هي معزولة, ومع غرق شوارعها وأحيائها ومساكنها ومناطقها لم يترك الاحتلال لها متنفسًا؛ فزاد من صعوبة الأوضاع، ففتح عليها السدود طمعًا بأن تتحقق أمنيتهم غرق غزة في بحرها، ولكن هذه المرة بفعل الأمطار والعواصف التي اجتاحتها.
مجتمع دولي أعمى أصم, كان خارج التغطية إزاء ما يحدث بغزة، فلم يسعفها أو يناشد لإسعافها, وطن عربي كبير ضاق ذرعًا بغزة؛ فلم يسمع له صوت ولم يشاهد له تحرك، ولو من باب الإنسانية، أو الندية بالتعامل حينما تصاب إحدى الولايات الأمريكية بكارثة، أو أي بقعة أخرى من العالم.
تحركت قطر لتخترق صمت العالم، الذي كان يرقب ويتابع ما يجري بغزة دون حراك، وكأنه جثة هامدة أصيبت بالشلل، فلا حراك فيها سوى تلك العيون التي ترى ما يجري بغزة دون ردة فعل طبيعية لنجدة شعب يغرق بصمت، ويموت محاصرًا، مع أنه لا يزال يقف على قدميه؛ ليموت شامخًا عزيزًا رافضًا الذل والمهانة.
مليارات يقدمها وطننا العربي الكبير للغرب في أي كارثة تصيبه: جسور جوية, وقوافل إغاثة تسير بلا انقطاع؛ حتى تعيد الأماكن إلى أفضل ما كانت عليه قبل نكبتها.
غزة التي كانت ترقب عبر الإعلام جولات رئيس سلطتها بالضفة وهو يزور المخابز الدافئة، وبعض الأماكن الأخرى، في (بروتوكول) إعلامي رائع يجسد قلق عباس على رعيته بالضفة؛ غزة كانت خارج سياق معادلته، والأدهى أنه لم يوافق على تمرير المحروقات إلى محطة الكهرباء المتوقفة بالكامل منذ قرابة الشهرين، إلا بعدما تقاضى عشرة ملايين من دولارات قطر، ضريبة عن هذه المحروقات.
غزة باتت الكاشفة لكل من سقط في أخلاقه وضميره؛ لتنزع أقنعة الوجوه الباسمة الضاحكة؛ لتكشف حجم البشاعة خلفها, ولتكشف نوايا مبيتة معادية لها ولسكانها الأشاوس، الذين لا يغترون بتلك الأقنعة، وسرعان ما يكتشفون زيفها.
تتهاوى في غزة التماثيل كافة، تتحطم على صخرة صمودها, تتكشف صعوبة المعادلة فيها؛ لتغرق أحلام وأمنيات أعدائها؛ لتعود غزة من تحت الأنقاض شامخة عزيزة، ولو كره المحتلون الحاقدون، والمستسلمون والمتخاذلون، وكل المتفرجين على نكباتها والشامتين في مصابها.
غزة لها رجال بعد الله تحميها، لها قسامها وسرايا قدسها، لها القادة الذين انخرطوا بين أبنائها ليكونوا خط دفاع أول يواجهون النكبة كأي فرد فيها, غزة لها قيمها وصمودها الأسطوري الذي يصبح معادلة صعبة الفهم مع تكاتف أبنائها، مهما اشتدت مآسيها.
اليوم تتكشف في غزة هذه المآسي لتكشف المزيد من عورات من عرتهم سنوات مضت, غزة اليوم تنال من خصومها، وتصيبهم بسهام عزتها في قلوبهم وعيونهم؛ لتوجعهم أكثر مما هم فيه من أوجاع نتيجة صمودها وصمود شعبها, وستبقى غزة الشموخ والعزة رقمًا صعبًا في المعادلة الصعبة، وتبقى شوكة في حلق أعاديها, عاشت غزة عزيزة منتصرة على جلاديها، وسيبقى نصر غزة دومًا تلك الصخرة التي تتحطم عليها كل أمنيات أعدائها: المحتلين والمأجورين لعدائها.
جهود أمريكية وقيود إسرائيلية
بقلم عادل ياسين عن فلسطين اون لاين
يواصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري جولاته وصولاته في المنطقة، محاولًا إيجاد حل ما للقضية الفلسطينية، يستعيد به بعض المكانة الدولية التي فقدتها أمريكا خلال المدة الماضية، ومن جانب آخر يسعى للحفاظ على بقاء "الكيان العبري"؛ ليواصل دوره الطبيعي في خدمة المصالح الأوروبية والأمريكية على وجه الخصوص, إلا أن هذه الجهود تصطدم بالتعنت الإسرائيلي المعهود، ولم يشفع لها سيل التعهدات والضمانات والمساعدات الأمريكية.
فها هو رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مازال يبدع في وضع العراقيل والقيود أمام التحركات الأمريكية قولًا وعملًا، أم الجانب العملي فقد تولى مهمته وزير الإسكان المتطرف أوري أرئيل عبر تحديه العالم أجمع ببناء المزيد من الوحدات الاستيطانية، أما نتنياهو الذي يوفر له الغطاء من وراء الكواليس فيقوم بدور آخر، وهو تأكيد التمسك بسيطرة الاحتلال الأمنية على منطقة غور الأردن، ورفض الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 67, وموقف نتنياهو هذا لا يختلف كثيرًا عن مواقف رؤساء حكومات الاحتلال المتعاقبة، وعلى رأسهم "رجل السلام" يتسحاق رابين الذي أكد في خطاب له أمام (الكنيست) في الخامس من أكتوبر 1995م ضرورة بقاء سيطرة الاحتلال الأمنية على حدود غور الأردن، هذا لا يقتصر على كونه أحد الشروط التعجيزية التي يضعها قادة الاحتلال أمام المفاوض الفلسطيني, بل إنه يعكس أيضًا مخاوف الاحتلال من التداعيات الكارثية لفقدانه السيطرة على تلك الحدود، كونها خط الدفاع الأول، لاسيما أن طولها يمتد إلى مسافة تقدر بـ360كم، إضافة إلى طبيعتها الجغرافية المعقدة والمتعرجة بين 400م تحت سطح البحر و1000م فوق سطح البحر، وهذا يعني انكشاف جبهته الداخلية بشكل كامل، ما يشجع خصومه على شن الحرب عليه، كما يقول وزير الحرب موشيه يعالون.
ليس هذا فحسب، بل إن الاحتلال يضع العديد من "السيناريوهات" التي يرى أنها مخيفة:
أولها: التواصل الجغرافي الذي قد يحدث بين الضفة والأردن، وتأثير ذلك في مدينة القدس إذ ستصبح مركزًا عربيًّا إسلاميًّا، في المقابل سيشتد الخناق على الاحتلال وتضعف مكانته، لذلك يسعى بكل ما أوتي من قوة لتهويدها ومحاصرتها بتوسيع ثلاث مستوطنات رئيسة: (جفعات زئيف) شمالًا، و(جوش عتسيون) جنوبًا، و(معاليه أدوميم) شرقًا.
ثانيًا: سيطرة الإسلاميين على الأردن، الأمر الذي وصفه (الجنرال) آفي إيتام بالكارثة الإستراتيجية على الاحتلال، إذ إنها ستكون قاعدة لشن عمليات على المدن الساحلية في فلسطين الـ(48)، حيث يتمركز 70% من الإسرائيليين، و80% من المشاريع الصناعية، إضافة إلى المخاطر التي قد تحيق بالموانئ الجوية والبحرية، مثل: مطار اللد (بن غوريون)، وميناء أسدود.
ثالثًا: محاكاة ظاهرة الأنفاق في بعض الأماكن، كما حدث بعد دحر الاحتلال من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) الواقع بين حدود مصر وغزة، واستغلالها لإدخال الأسلحة والمقاومين إلى مدن الضفة.
رابعًا: فقدانه العمق الجوي، فالوقت الذي تستغرقه أي طائرة معادية للاحتلال لدخول المجال الجوي لمدينة القدس هو دقيقتان فقط، في الوقت الذي يحتاج فيه طيرانه الحربي إلى ثلاث دقائق على الأقل لاكتشافها وإسقاطها، لذلك هو بحاجة لإبقاء أجهزة الإنذار والمراقبة في تلك الحدود تحت سيطرته.
وإضافة إلى ذلك كله هو يرى أن استمرار سيطرته على حدود غور الأردن هو الضمان الوحيد لتطبيق البند المتعلق بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، أما فيما يتعلق بحدود الرابع من حزيران فإن الأمر لا يختلف كثير بل إنه يزداد عنده تعقيدًا، إذ إنه يخشى تكرار ما حدث في غزة، وإمكانية سيطرة جهات معادية له على مدن الضفة.
وفي هذا السياق يقول المحلل الإسرائيلي أودي سيجال: "إن المسئولين الإسرائيليين قالوا لجون كيري: لولا وجود القوات الإسرائيلية في مناطق الضفة؛ لسقط أبو مازن خلال ثانيتين"، لذلك الاحتلال يؤكد أن أحد أهم الشروط له للموافقة على إقامة دولة فلسطينية هو الحفاظ على حقه في حرية العمل؛ لإحباط العمليات ومواصلة سياسة الاعتقالات والاغتيالات، أينما وكيفما أراد.
أمام هذه المخاوف، وبناء على ما يقوله الاحتلال: "إن الأمن مفتاح السلام" حاولت أمريكا إيجاد حلول منطقية للتغلب على ذلك، وجندت ما يقارب 160 خبيرًا عسكريًّا وأمنيًّا لإيجاد حلول مناسبة لذلك، تشمل إقامة منظومة أمنية متكاملة من طائرات الاستطلاع وأجهزة الرقابة والدوريات المشتركة لإحباط أي عملية قد تستهدف الاحتلال؛ لطمأنته وإنجاح المبادرة الأمريكية، إلا أن حلم الاحتلال بل وهمه مازال يراود قادته بإمكانية وجود طرف فلسطيني يقبل دويلة فلسطينية في قطاع غزة، أو ضمها إلى مصر بأي وسيلة كانت، وإقامة كونفدرالية مع الأردن، وقد تحدث عن هذه الرؤية صراحة الجنرال جيورا أيلاند أخيرًا.
وما بين الأحلام الأمريكية والأوهام الإسرائيلية نعود إلى الوراء قليلًا؛ لنرى كيف اضطر الاحتلال إلى الانسحاب من لبنان عام 2000م، والانسحاب من غزة عام 2005م بخطوة أحادية الجانب حتى دون الاتفاق مع أحد؛ لندرك ويدرك غيرنا أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، حينها سنريح أمريكا من التفكير بنا وبقضيتنا، وسنريح الاحتلال أيضًا من عناء التفكير في الأمن؛ لأننا حتمًا سنعود لنسود.