أقلام وآراء (518 )
ثقافة
بقلم محمد إبراهيم المدهون عن الرأي
|
التهدئة بين الكنبة والحاجة
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
|
خارطة عباس للتنسيق الأمني
بقلم أيمن أبو ناهية عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
فلسطين.. دعوا لنا ما تبقى من أرض!
بقلم هشام منور عن فلسطين اون لاين
|
تجاوز الخطوط الحمر
بقلم نقولا ناصر عن فلسطين اون لاين
|
نائب الرئيس
بقلم إياد القرا عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
تحسينات بأيدٍ ناعمة وعسكرية
بقلم يوسف رزقة عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
الضبط الميداني وإطلاق الصواريخ الارتجالية
بقلم إبراهيم المدهون عن الرأي
|
|
ثقافة
بقلم محمد إبراهيم المدهون عن الرأي
إن ميلاد مشهد ثقافي فلسطيني جديد قائم على أساسٍ من الوطنية الصادقة والجذور الراسخة في أرض تحب أبناءها ويحبونها كفلسطين أصل وضرورة.
وإن هذا الميلاد لمشهدنا الثقافي الفلسطيني الخالص يحتاج إلى منظومة متكاملة الأركان راسخة البنيان تتضافر فيها الجهود كلٌ في موقعه وعلى أساس من إيمانه بدوره بعيداً عن التجاذبات السياسية والانتماءات الحزبية وعلى أساس من وفاق ثقافي وطني يؤمن بفلسطين وهجاً ثقافياً لا ينطفئ، ونوراً بيَّنا، وكاشفاً، ومعياراً، وضابطاً، ومقياساً محدداً، وعنوان ذلك أين المثقف من مشروع تحرير فلسطين؟.
الاستراتيجية الوطنية الثقافية الجامعة والضابطة والناظمة دليل إرشادي رئيسي في ضبط هذه المنظومة الثقافية وفي الاحتكام إليها باعتبار أن بوصلتها تشير إلى فلسطين ثقافياً. هذه الاستراتيجية الوطنية الثقافية وهي ترى النور نعتقد جازمين أنها ستؤدي دوراً مفصلياً حال انتقل رواد المشهد الثقافي في العلاقة معها من مستوى الإعجاب والقبول إلى مستوى التطبيق والانضباط والتكامل والإثراء والفعل الثقافي. مداراتنا بحلتها الجديدة في عددها العاشر تؤكد على رسائل الديمومة والعطاء والتطوير والتنوع والمشاركات الخارجية لتترك بصمة ثقافية مؤثرة في مشهدنا.
ومن أجل ثقافة الإنتصار في معركة الثقافة وصياغة الوعي الفلسطيني فإن مدارات والتي تجمع أراء نخبة مثقفة جامعها خوض معركة الثقافة من أجل صناعة الإنسان الفلسطيني الجديد على أساس من الحق الأبلج والرؤية الواضحة باتجاه تحرير فلسطين وبناء الدولة الحضارية بأفق حضاري. وهذه المجلة تذهب بشكل خاص في مجال كيف يكون للمثقف والشاعر والروائي والقاص والمحقق والأديب والفنان دوراً في صناعة وصياغة الثقافة الفلسطينية برسم ملامح طريقها وصولاً لثقافة النصر والتحرير بإذن الله. ندعوكم جميعاً كتاباً ومثقفين وروائيين وشعراء ونقاداً ليكن لكم الحضور في حضرة مدارات الثرية بمتنها وتنوعها وتألقها.
الضبط الميداني وإطلاق الصواريخ الارتجالية
بقلم إبراهيم المدهون عن الرأي
طالما هناك تهدئة مع الاحتلال ومتفق عليها من جميع الفصائل فمن واجب الحكومة في غزة ومن حقها منع إطلاق الصواريخ ومحاسبة من ينتهك التهدئة قانونيا ووطنيا، فإن خرج فصيل مقاوم مؤثر كسرايا القدس أو كتائب أبو علي مصطفى والألوية وأعلنوا بوضوح عن تخليهم وحلهم من التهدئة، فمن حق هذا الفصيل أن يستأنف المقاومة بالطريقة والآلية المناسبة ولن يمنعه أحد أو يقف في وجهه بل سيجد دعم الحكومة ومساندتها كالعادة.
لا مكان اليوم للعمل الفردي البسيط الساذج الذي لا يليق بالمقاومة الفلسطينية وبما حققته من إنجاز في حروبها الأخيرة، فلم يعد مسموحا لحالة اشتباك صغيرة هامشية مشتتة و مُشتِتِة بعد أن انتقلت العلاقة مع الاحتلال للحرب المفتوحة، وبعد ما حققته حرب حجارة السجيل من تطور نوعي ملحوظ وتقدم واضح على صعيد التكتيك والفكر العسكري، والتأثير المباشر على ميزان قوة الردع لصالح المقاومة وحساباتها وسياستها وأهدافها.
لا أحد يستطيع التشكيك بالحكومة الفلسطينية في غزة إلا إن كان حاسدا أو جاهلا، وهؤلاء لا يؤثرون بالمزاج الشعبي الواثق بمقاومته وحكومته، لهذا على المقاومة والحكومة أن يعلنا عن سياستهما بوضوح كامل لا لُبس فيه، ونحن معهما فيما يريدان ويتوجهان.
المطلوب من الحكومة الفلسطينية طالما أخذت التفويض من فصائل المقاومة الرئيسية أن تمنع ولو بالقوة كل من يريد الخروج عن الخطة العسكرية الجامعة، وهذا لن يكون شبيها بما تقوم به السلطة في الضفة الغربية بأي وجه من الوجوه، فمن خاض حربين كبيرتين بحجم الفرقان والسجيل ويستعد على مدار اليوم والليلة لا يمكن أن يلتفت أو يهتز لبعض المشككين المتربصين من أصحاب الألسن الطويلة والأيدي القصيرة.
واقع قطاع غزة اليوم يضج بالتدريب والإعداد والتجهيز، والمراقب يجد أن مجاهدي غزة لا يكلون ولا يملون، ففي كل لحظة هناك دورة تدريبة لإحدى الفصائل وهناك محاضرات عسكرية وتدريب على السلاح، وتجهيز مكان للصواريخ، ومحاولات جادة للتطوير والتصنيع، هذا السلوك المثابر من المقاومة والحكومة يزيد من ثقتنا وطمأنتنا أننا نسير في الاتجاه الصحيح.
الاحتلال الإسرائيلي اليوم أصبح يتهيب من مواجهة قطاع غزة، ويرفض التورط مرة ثالثة بسبب إعداد المقاومة وجهوزيتها واستنفارها الدائم للدفاع عن نفسها، وتخوفا من أسر جنوده واختفائهم في بطن غزة كما حدث مع جلعاد شاليط، حتى أدى بهذا الارباك والتهيب لقتل أحد الضباط على تخوم القطاع بنيران الجيش الاسرائيلي نفسه.
التهدئة بين الكنبة والحاجة
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
التهدئة حالة من حالات وقف إطلاق النار. وهو مصطلح مستحدث في الساحة الفلسطينية وفي الصراع مع المحتل. لا يوجد للتهدئة تكييف قانوني محدد ، بينما يتمتع وقف إطلاق النار بمرجعية قانونية محددة. وتعد التهدئة القائمة بعد حرب (حجار السجيل) نوعا من وقف إطلاق النار الاضطراري بدون اتفاق موقع، وبتفاهمات عامة لا ترقى الى الاتفاق. ويبدو أن حاجة الطرفين إلى التهدئة نابت مناب الاتفاق القانوني الملزم.
يبدو أن مفهوم (الحاجة التي ترتبط بالمصلحة) عرضة للتبدل والتغيير، فما هو حاجة ملحة ومصلحة لطرف اليوم ، عرضة لأن يتغير بسقوط هذه الحاجة وتلك المصلحة، لأسباب ذاتية، أو خارجية.
لقد جرت مياه كثيرة في مجرى نهر التهدئة منذ حجارة السجيل وحتى اليوم، ولم تعد مصر هي مصر، ولم تعد، و لم تعد سوريا وإيران هي سوريا وإيران، ولم تعد دول الإقليم هي دول الإقليم. وباتت دولة الاحتلال أكثر جرأة على غزة والمقاومة من ذي قبل، وترى أنها تستطيع فرض معادلات جديدة على مفهوم التهدئة غير المحدد أصلا.
لم تلتزم دولة الاحتلال بتفاهمات التهدئة، لا على مستوى الأميال البحرية الستة، ولا على مستوى حق الفلسطيني بزراعة أرضة الى نقطة الصفر مع الحدود الشرقية لغزة، ولا على مستوى إدخال مواد البناء والإعمار، ولا على مستوى وقف الاغتيالات ، ووقف الاجتياحات الحدودية. كل ما قيل عن التفاهمات لم تنفذ دولة الاحتلال شيئا منها إلا لأيام محدودة، ثم تنكرت لها أشد التنكر، غير أنها تمسكت بمطلب وقف إطلاق النار كما تفهمه هي، لا كما تفهمه المقاومة.
كل شيء في التهدئة تقريبا تراجع، وانتهى، وبدأت دولة الاحتلال في فرض معادلات جديدة على غزة، فهي تريد من حماس أن تكون شرطيا يحرس الحدود، وتريد من المقاومة أن تتلقى الصفعات والقصف والاجتياحات والاغتيالات دون رد. فهل لم تعد دولة الاحتلال في حاجة إلى التهدئة؟! وهل تريد هدم التهدئة لأسباب داخلية، أم لأسباب خارجية، تتعلق بالوضع العربي وانشعالاته، ومعاداة بعضه للمقاومة؟! ، أم لأن البيئة مواتية لفرض شروط اسرائيل على المقاومة؟!
قد يختلف المحللون في الإجابة على هذه الأسئلة، ولكن من المؤكد أن حاجة دولة الاحتلال الى التهدئة لا تقل عن حاجة غزة إلى التهدئة. وإن معركة جديدة ستكون مؤلمة جدا للطرفين، ومن المؤكد أن المقاومة ترفض تغيير معادلة التهدئة القائمة، وأن حماس التي تدير الحكم في غزة لن تكون شرطيا لاحتلال أوجب الشرع مقاومته بكل سبيل ممكنة.
ليس في التهدئة عيبا إن كانت المقاومة في حاجة لها، وهنا يجدر بها ألّا تلتفت إلى المزايدات الرخيصة، من الخصوم ، أو من حزب الكنبة، الذي يفسر الإعداد بأنه حالة هروب، وكأن العمل المقاوم سجال دائم بلا قواعد حاكمة، حتى الانتحار.
تحسينات بأيدٍ ناعمة وعسكرية
بقلم يوسف رزقة عن المركز الفلسطيني للاعلام
من المعلوم أن البيئة الاستراتيجية للكيان الإسرائيلي هشة وتفتقر إلى عناصر القوة القادرة على الصمود والبقاء، وترجع الهشاشة إلى عوامل عديدة، بعضها بنيوي في المجتمع نفسه، وفي قيام الكيان على الاحتلال، وبعضها جغرافي و ديمغرافي معادٍ، وبعضها تقني تكنولوجي، يسلب منها الضمانة النووية، والتفوق العسكري، وغير ذلك مما فصله الخبراء، ولا نود الإفاضة فيه، لأن لنا غرضاً آخر، هو مقاربة بعض التصريحات الإسرائيلية التي أشارت إلى(البيئة الاستراتيجية ) من خلال المتغيرات الإقليمية التي ضربت الربيع العربي.
يقول بروفيسور ( إفرايم كام) نائب رئيس مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، في ورقة بحثية :
(إن العوائد الإيجابية على إسرائيل من الإجراءات العقابية الكبيرة التي نفذتها السلطات المصرية ضد حماس، وأهمها تدمير الأنفاق ، أنها حسنت البيئة الاستراتيجية ( لإسرائيل). وقال الجنرال المتقاعد شلومو بروم، وبروفيسور شفيتسر في ورقتهما: إن السلطات المصرية الحاكمة الآن في مصر تحاول إضعاف التأييد الجماهيري لجماعة الإخوان من خلال شيطنة حماس...).
إن ضعف البيئة الاستراتيجية لدولة الاحتلال، لا يمكن التغلب عليه أو تعويضه بالتفوق العسكري وحده، لأن القوة العسكرية عنصر من عناصر البيئة الاستراتيجية وليس كل البيئة، ولكن يمكن التغلب على الضعف بشكل أفضل من خلال احتواء البيئة العربية المحيطة، وتطبيع العلاقات معها، وتجنيدها لحماية حدودها، لإخضاع المقاومة والشعب الفلسطيني للقبول بالأمر الواقع، والتعايش مع ( إسرائيل )لاعباً أساسياً في المنطقة.
إن قوة البيئة الاستراتيجية وضعفها في دولة الاحتلال يرتبط جدلياً بمواقف البيئة العربية المحيطة، والسياسة الإسرائيلية تقوم على اختراق هذه البيئات ودعم الأنظمة المعادية للتيارات الإسلامية، باعتبار التيارات الإسلامية خطراً استراتيجياً وأيديولوجياً.
لقد قرأت دولة الاحتلال الخطر الاستراتيجي في حماس كحركة تحرر وطني إسلامية الفكرة والمرجع، وقرأته في ثورات الربيع العربي، وبالذات في الثورة المصرية، وكان وجود الإخوان في سدة الحكم في مصر بمثابة الكابوس المؤرق لها، لذا وجدتها الدولة الأكثر فرحاً وطرباً بسقوط حكم الإخوان في مصر.
إن ما تقوله الأوراق البحثية آنفة الذكر عن تحسن البيئة الاستراتيجية أمر حقيقي لا يقبل النقاش، وهو تحسن لا توفره الأسلحة النووية أو التقليدية، إذ بات الإخوان وحماس هما العدو الأول للسلطات في مصر، وباتت ( إسرائيل) دولة أقرب، وأكثر دفئاً لعديد من الأنظمة العربية.
إسرائيل قتلتنا ، نحن الفلسطينيين، بيدها أحياناً وبأيدٍ عربية في أكثر من محطة تاريخية، و ما زالت هذه المحطات محفورة في ذاكرة الأجيال، واستطاعت أن تحسن بيئتها الاستراتيجية منذ نشأتها بأيدٍ عربية، وهي تخطط لتكون لاعباً أساسياً في المنطقة من خلال الأيدي العربية الناعمة والعسكرية أيضاً، بعد أن صنعت للأنظمة العربية أعداء غيرها. إسرائيل لم تعد العدو الأول في عديد من العواصم العربية المحترمة. وجل ما يصدر عن العواصم من تشريعات، وإعلام، هو ضد عدو داخلي مصطنع، بأيدٍ ليست عربية.
خارطة عباس للتنسيق الأمني
بقلم أيمن أبو ناهية عن المركز الفلسطيني للاعلام
الدعوة التي أطلقها رئيس السلطة محمود عباس لجلب حلف الناتو للأراضي الفلسطينية تمثل استعمارا جديدا يضاف إلى الاحتلال الإسرائيلي، لا بل_إن جاز التعبير_ هو تعزيز له وإشراك هذه القوات الدولية في احتلال بلادنا وإحكام القبضة على شعبنا، لا من اجل حمايتنا كما يدعي عباس لصحيفة الأيام (16/4/2012) بقوله: "عندما يكون لدينا أمن؛ فإن هذا لمصلحتنا؛ والتنسيق الأمني ليس لطرف واحد؛ ولكن أيضا للأرض الفلسطينية؛ ونحن حريصون على التنسيق الأمني؛ لأننا نريد أمن المواطن الفلسطيني؛ وبالتالي فإن ما يقال بهذا الشأن هو برأيي مزايدات رخيصة".
وهذا ما تأكد لنا خلال العشرين عاما الماضية منذ توقيع اتفاقية أوسلو التي لم يتبق منها إلا التنسيق الأمني، فمتى كان التنسيق الأمني مع الاحتلال يخدم مصالحنا؟ ومتى كان حماية لشعبنا من أذى المستوطنين؟ بل العكس فالتنسيق الأمني وجد لحماية الاحتلال ومستوطنيه وملاحقة أبناء شعبنا المقاوم.
عجبت كثيرا من كلام الناطق باسم حركة فتح، فايز أبو عيطة في لقاء تلفزيوني قبل أيام قليلة لقوله إن تسويق ملف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، على أساس أنه تعاون أمني يخدم الاحتلال، أمر مشوه ومرفوض من قبل الذين يسعون إلى تمرير حقائق مشوهة، وتصوير القيادة الفلسطينية أو السلطة الوطنية أنها في خدمة الاحتلال وبشكل مجاني.
وقال أبو عيطة :"إن تسويق التنسيق مع الاحتلال من قبل السلطة الوطنية بهذه الطريقة لا يخدم أحدا ويبدو أنكم تريدون تصوير الشعب الفلسطيني بأن هناك جهة متعاونة مع الاحتلال وهناك جهة تقاوم وتقاتل من أجل حقوق الشعب الفلسطيني، وهذه التصنيفات، تشرذم الشعب وتزيد من حالة عدم الوفاق الموجودة على الساحة الفلسطينية، إن تسويقكم للأمور بهذه الصورة لا يجوز بالمطلق".
نأخذ مثالا حيا واحدا على نموذج من أشكال التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال: المواطن حمزة في تصريح لفلسطين الآن (1/12/2013): "اعتقلني الاحتلال فور الإفراج عني من سجن (جنيد) بنابلس، قبل أن أصل إلى بيتي، "كانت بمثابة الصاعقة بالنسبة لي، لقد أصبت بالصدمة والذهول ولم أصدق ما تشاهده عيناي اللتان سيأكلهما الدود؛ حينما اعتقلتني قوات الاحتلال الإسرائيلي وأثناء التحقيق معي في مركز التحقيق (بتاح تكفا) الاحتلالي وإذا بالمحقق يسألني عن معلومات تم اعتقالي عليها لدى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وكانت محاور التحقيق على القضية ذاتها، بل عرضوا علينا الإفادات التي تحدثنا بها خلال اعتقالنا لدى جهاز الأمن الوقائي، حيث حُكمت على القضية نفسها عند الاحتلال لمدة 11 شهرا وأفرج عني بعد انتهاء محكوميتي وتابع حمزة -الذي يتناوب الاحتلال اعتقاله مع السلطة-: "الملفت للنظر في القصة أن المحقق كان يرفع سماعة الهاتف أمامي ويتصل بأحد قيادات التحقيق في سجن (جنيد)، ويسألني عن صحة ودقة المعلومات التي أدليت بها هناك، كما يسألني عن فحوى (كيس) تم مصادرته مني من السلطة الفلسطينية"
ماذا نفهم من مثل هذه المشاهد والوقائع؟ هل أن الأمر وصل إلى حد التعامل المؤسساتي للسلطة مع الاحتلال؟ انه التنسيق الأمني الذي تتباهى به السلطة وقادتها الذين يحرفون الكلام عن مواضعه ويبررون أفعالهم المخزية بعبارات غير صحيحة لتبرئة أنفسهم وان ألاعيبهم وأكاذيبهم أصبحت مكشوفة للجميع.
للأسف إن الذين كانوا يتبنون الكفاح المسلح للتحرير استبدلوه بالتنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال وأصبحوا أصدقاء في التآمر على شعبنا وقضيته، وليس عيبا عندهم الافتخار بذلك، ومن نافلة القول إن "شراكة السلطة الفلسطينية لـ(إسرائيل) في الحرب التي تشنها على حركات المقاومة في الضفة الغربية، المتمثلة في التعاون الاستخباري والتنسيق الأمني، ودور أجهزة حكومة رام الله الأمنية الكبير في تجفيف منابع المقاومة الفلسطينية؛ قد أسهمت بشكل واضح في تعزيز مستويات الشعور بالأمن الشخصي والجماعي لدى المستوطنين في الضفة الغربية والقدس، وهو ما أقنع بالتالي جماعات جديدة من اليهود بالقدوم للاستيطان في الضفة الغربية.
وما شجعهم على ذلك أقوال وتصرفات المخلصين للتنسيق الأمني أمثال صائب عريقات لقوله في اجتماع مع ديفد هيل، نائب المبعوث الأميركي لعملية التسوية، في الـ17 من سبتمبر/أيلول 2009- بأن السلطة الفلسطينية "اضطُّرَّت" "لقتل فلسطينيين؛ في سبيل إقامة سلطة البندقية؛ وسيادة القانون؛ وما زِلنا نؤدي ما علينا من التزامات".
لكن التطور الأكثر دراماتيكِية على صعيد التنسيق الأمني؛ حدث بعد أحداث حزيران 2007 في قطاع غزة؛ حيث أصبح التنسيق لا يتم وفقًا للاتفاقيات الكارثية؛ بل بدافع آخر؛ هو الرغبة في الانتقام من حماس وتطور الأمر إلى التعاون في عمليات الاعتقال؛ وإغلاق المؤسسات؛ ومراقبة الأرصدة البنكية؛ إلى جانب كل ما يمثل تضييقاً على جميع حركات المقاومة في الضفة الغربية؛ خاصةً حماس؛ وبذلك تحول التنسيق الأمني إلى شراكة حقيقية.
والسؤال المطروح الآن؛ ماذا عن هذه الأجهزة التي أثبتت كفاءتها في توفير الأمن للاحتلال وقطعان مستوطنيه؛ وكبح جماح المقاومة؟ هل تعتبر أجهزة وطنية؛ يجب البقاء عليها؛ وتحسين قدرتها الأمنية باستمرار في التنسيق الأمني؟ أم أنها أجهزة مرتبطة بالاحتلال أيضا بموجب اتفاقية التنسيق الأمني يجب السكوت عنها؟ كذلك السكوت على جلب قوات حلف الناتو لزيادة ومضاعفة التنسيق الأمني لحراسة الكيان الإسرائيلي والمستوطنات أكثر من السابق؟
نائب الرئيس
بقلم إياد القرا عن المركز الفلسطيني للاعلام
من الواضح أن مرحلة محمود عباس قد شارفت على الانتهاء، وحركة فتح تعيد ترتيب أوراقها بمشاركة دولية وإقليمية لتحضير الخليفة، وهنا يستوجب أن تفتح كافة الملفات التي يتولاها الرئيس محمود عباس والمسميات التي ورثها عن الرئيس الراحل ياسر عرفات.
تعاملت حركة فتح مع هذا الأمر بشكل استفزازي للمؤسسات والفصائل الفلسطينية، حيث يبدو منصب الرئيس كأنه يخص حركة فتح دون غيرها، وتحدد الآلية والطريقة، بل الشخص الذي سيتم تعيينه في سياسة استبعاد لكافة الخيارات الأخرى والتي من شأن بعضها أن يخرج القضية الفلسطينية برمتها من دائرة الأزمة التي أدخلها فيها عباس خلال السنوات العشر الأخيرة.
هنا يقع على عاتق الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس أن تقدم رؤية واضحة بهذا الشأن، خاصة أن عباس يمتلك شرعية واحدة هي شرعية الانتخاب عام 2005، وتمتلك حماس شرعية شعبية عام 2006، وشرعية الحكومة وشرعية المقاومة، بحيث لا تترك الساحة لفئة من حركة فتح لتقرر من هو الرئيس القادم.
ويتطلب أن يكون هناك نقاش ودراسة واسعان لهذا الأمر والبحث عن شخصية فلسطينية جامعة يمكن توفير الدعم والغطاء الشعبي والسياسي لها لتولي هذا المنصب، والذي بدوره يكلف بإنجاز العديد من الملفات والخطوات، من بينها إنجاز ملف المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة يكون مسئولا عنها نائب الرئيس بتوافق الفصائل الفلسطينية، ويتوافق على طريقة انتخاب الرئيس القادم والمجلس التشريعي وتنفيذ ما يتعلق بانتخابات المجلس الوطني وغيرها من الملفات.
حركة فتح أمام منعطف تاريخي للخروج من أزمتها الداخلية والتحرر من الفئة التي تريد أن تعين الرئيس المقبل وفق أجندة إسرائيلية وإقليمية ، ولتعود حركة فتح حركة وطنية لكل الفلسطينيين بعد سيطرة فئة بعينها لمدة 10 سنوات عليها بعيداً عن مبادئها وقيمها الوطنية التي تربى عليها الآلاف من الفلسطينيين الأحرار.
بكل أسف الاحتلال الإسرائيلي بدأ مبكراً الحديث عن نائب الرئيس قبل المعنيين فلسطينيًّا، بل ذهب أكثر من ذلك بعقد لقاءات ومباحثات وترشيح أسماء معروفة بتساوقها مع الاحتلال وبينهم اثنان من جنرالات التنسيق الأمني مع الاحتلال.
فلسطين.. دعوا لنا ما تبقى من أرض!
بقلم هشام منور عن فلسطين اون لاين
في أيدينا بقية أرض..أو هكذا كان يخيل لنا، فالأرض التي يحاول اليوم الوفد الفلسطيني المفاوض أن يحاصص الكيان الإسرائيلي عليها لا أظنه يمون على أمتار منها في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على كامل مناطق الضفة الغربية المحتلة.
الموقع الإخباري الإسرائيلي "واللا" يكشف النقاب متباهياً عن أنه وفي إطار جلسات التفاوض بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني طالب المفاوض الإسرائيلي بضم 10% من مساحة الضفة الغربية لـ(إسرائيل)، إلا أن السلطة الفلسطينية لم توافق إلا على 3% فقط!؟
ووفقاً لما جاء في الموقع، فإن معنى ذلك هو استعداد إسرائيلي للتنازل عن مساحة 90٪ من الأراضي التي تحتلها في الضفة الغربية في إطار اتفاق سلام مع الفلسطينيين، لا أن المعنى أن السلطة لا تزال مصرة على التنازل عن المزيد من الأراضي الفلسطينية.
الخلاف بين الجانبين لا يقتصر على مساحة الأرض التي ستضمها "إسرائيل"، وإنما على طريقة تعويض الفلسطينيين عن هذه الأراضي، فالأحزاب اليمينية في "إسرائيل" ترفض اقتراح كهذا وتقول إن الاقتراح أقل بكثير من تلك الاقتراحات السابقة التي تلقتها السلطة الفلسطينية في عهد الحكومات الإسرائيلية السابقة. ونقل الموقع الإخباري عن مسؤول أميركي قوله "إنه لم يتم لغاية الآن وضع خرائط محددة على طاولة المفاوضات إلا أن الصورة واضحة تقريباً لهذه الخارطة، فهناك استعداد للتخلي عن 90٪ من هذه المنطقة".
(إسرائيل) عرضت استئجار مستوطنات بيت ايل وعوفرا والمستوطنات المقامة حولها لمدد طويلة من الفلسطينيين، معربة عن رغبتها بإبقاء تواجد إسرائيلي في الخليل بالإضافة إلى مطالبتها بالاحتفاظ بالتجمعات الاستيطانية الكبرى (غوش عتصيون ومعاليه ادوميم وجفعات زئيف واريئيل). ووفقاً لمصادر فلسطينية واسرائيلية، فإن هناك خلافا حول تعريف التجمعات، فالفلسطينيون أعربوا عن موافقتهم على ضم غوش عتصيون لــ "إسرائيل" إلا أن هناك خلافا حول مستوطنتي إفرات ومجدال عوز الواقعتين غرب الشارع رقم 60.
أما فيما يتعلق بـ معاليه أدوميم، فإن (إسرائيل) تطالب بضم المستوطنات الكبيرة والصغيرة المحيطة بها، إلا أن الفلسطينيين يعارضون ذلك بشدة، وعلى الرغم من ذلك فالسلطة لا تعارض ضم جفعات زئيف شمالي القدس بالإضافة إلى المستوطنات المحاذية للخط الأخضر .
موقع "واللا" أشار إلى أن المساحة التي تطالب "إسرائيل" بضمها تزيد عمّا طالبت فيه (إسرائيل) في مفاوضات العام 2000 في عهد حكومة ايهود باراك، والتي اقتصرت وقتذاك على مساحة نسبتها 6.5٪، إلا أن المصادر الإسرائيلية أشارت إلى إمكانية تنازل "إسرائيل" عن سقف الـ 10٪ الذي تطالب به حالياً. وحسب مصادر فلسطينية وإسرائيلية، فإن المناطق المقترحة للتبادل مع الفلسطينيين مقابل التجمعات الاستيطانية هي عبارة عن قطاع ضيق في غور بيسان وقطاعين جنوب جبل الخليل، كما طُرح أثناء المفاوضات تعويض الفلسطينيين بقطاع آخر محاذٍ لقطاع غزة، كما أن "إسرائيل" لا تمانع في إقامة طريق آمن يربط بين قطاع غزة والضفة الغربية، إلا أنها ربطت ذلك بتطور الأوضاع في قطاع غزة. الأميركيون يسعون لإقناع الجانبين لقبول الصيغة التي تنص على أن "مساحة الدولة الفلسطينية العتيدة بالإضافة إلى الممر الآمن بين الضفة وغزة يجب أن تكون مساوية لمساحة الأرض التي احتلتها "إسرائيل" في العام 1967" .
مساعي الإدارة الأمريكية لحل مسألة الثقة بين الطرفين ونسبة التنازل المؤلم الذي تستعد الحكومة الإسرائيلية للقيام به كما تدعي، يتزامن مع مساع تبذلها الحكومة الإسرائيلية للبحث عن بديل لعباس في حال استمر جمود المفاوضات، فقد أفاد موقع صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو |أوفد المحامي يتسحاق مولخو، مبعوثا عنه للقاء القيادي الفلسطيني سابقاً محمد دحلان، بغية مواصلة الاتصال توطئة لاحتمال اعتزال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس منصبه، ولعدم تجاوبه مع مساعي السلام.
أوساط إسرائيلية تعتقد أن بإمكان دحلان أن يكون شريكًا في عملية السلام بخلاف عباس الذي لن يكون قادرا على الأرجح على توقيع اتفاق التسوية الدائمة مع (إسرائيل). اللقاء ليس الأول بين الجانبين، ودحلان بإمكانه أن يشكل حلقة وصل بين الضفة وغزة، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، على عكس عباس الذي لا يسيطر عليها، وإنه من الممكن أن يكون الرئيس القادم القادر على صنع السلام مع "إسرائيل". وعلى ضوء هذه التقديرات، فإن القيادة الإسرائيلية تجد في دحلان البديل لأبو مازن، وتجد فيه شريكاً للسلام، وهذا ما دفع نتنياهو لإرسال مولخو للقاء دحلان، وقد يكون قد التقى به أكثر من مرة، لتوثيق العلاقات استعدادا للمرحلة المقبلة.
مقربون من دحلان وعباس ورجالات من السلطة اعتبروا أن خطوة الحكومة الإسرائيلية عبارة عن محاولة قديمة جديدة للضغط على المفاوض الفلسطيني بإيهامه بإمكانية استبداله في أي لحظة، وتهديد أبو مازن بأن مصيره قد يشابه مصير أبو عمار بعد أن وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود.
وبين مسارعة الخطى لإيجاد منفذ لخطة كيري للسلام التي يبدو أنها في طريقها للتعثر ما لم يتم اجتراح بديل أو مخرجن وبين التفريط بما تبقى من أراض نخشى أن تسمى في المستقبل "فلسطين" ولو كانت على سطح المريخ، يبدو المواطن الفلسطيني داخل الضفة المحتلة او قطاع غزة المحاصر أو حتى في الشتات تحت ضغط الاقتصاد ولقمة العيش والإيذاء السياسي يومياً للتنازل عما تبقى من أرض.. وتوطينه على سطح القمر بدلاً عنها؟!
تجاوز الخطوط الحمر
بقلم نقولا ناصر عن فلسطين اون لاين
في رأي تزفي بن جدالياهو، حسب ما كتبه في "الجويش برس" في الثالث من شهر شباط الجاري، فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد "تراجع في الأساس عن كل خطوطه الحمر باستثناء" الاعتراف ب"يهودية" دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وما زال الخناق يضيق على عباس. ف"اتفاقية الإطار" المتوقع أن يعرضها وزير الخارجية الأميركي جون كيري على مفاوضيه ونظرائهم من دولة الاحتلال في جولة كيري التالية قد تحولت إلى أداة ضغط جديدة على عباس لدفعه إلى تجاوز المزيد من الخطوط الحمر الفلسطينية.
فهذه الاتفاقية المقترحة كما تسرب عنها "تبدو كمن يطلب من الفلسطينيين أن يقبلوا بشروط للسلام أسوأ من الشروط الإسرائيلية التي سبق لهم أن رفضوها" من أجل دفعهم إلى "رفضها" بدورها بهدف إعفاء دولة الاحتلال من المسؤولية عن فشل المفاوضات التي استؤنفت في التاسع والعشرين من تموز الماضي وتحميل هذه المسؤولية لعباس ومفاوضيه، كما كتب لاري ديرفنر في "ذى ناشونال اينترست" في اليوم ذاته.
لقد سبق للرئيس عباس ان أعلن بنفسه رفضه ل"كل الحلول الانتقالية والجزئية والمؤقتة" كما أعلن المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في الخامس من الشهر الماضي، لكن ذلك هو بالضبط خلاصة مسودة "اتفاقية الإطار" الأميركية كما كشفت عنها تسريباتها.
ومع ذلك فإن اللجنة "الرباعية" للولايات والأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والروسي قد أعربت عن تأييدها ل"جهود" كيري بعد اجتماعها على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ الألمانية الأسبوع الماضي، بينما هدد الاتحاد الأوروبي، "المانح" الأكبر لسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية برام الله، بأنه لن يواصل تلقائيا دعمه لهذه السلطة في حال فشلت محادثات "اتفاقية الإطار".
وكما كتب إلهانان ميللر في "ذي تايمز أوف إسرائيل" يوم الإثنين الماضي، فإن الرئيس عباس "في وضع لا يحسد عليه في هذه الأيام. فبينما تدخل المفاوضات مع (إسرائيل) الثلث الأخير من إطارها الزمني المحدد بتسعة أشهر" يجد نفسه "محشورا" بين شبه إجماع فلسطيني على رفض المفاوضات المستأنفة و"اتفاقية الإطار" المقترحة فيها وبين "قيادة إسرائيلية مصممة على تصويره كمتطرف لا يقبل التسويات"، ليقتبس ميللر من حملة لشيطنته وصف وزير الاستخبارات في دولة الاحتلال يوفال شتاينيتز له بأنه "سم معاد للسامية ومعاد (لإسرائيل)".
ولم يكن جيمي شتيرن - فاينر الناشط في "مشروع اليسار الجديد" مبالغا عندما قال في "غلوبال ريسيرتش" في الحادي عشر من الشهر الماضي إنه "من الممكن أن يتلقى عباس رصاصة في رأسه" في ضوء حملة الشيطنة هذه، وفي ضوء تجربة "التخلص" من سلفه الشهيد الراحل ياسر عرفات، وفي ضوء تحذير كيري لعباس، على ذمة مسؤولين في فريقه، من أنه قد يواجه مصير سلفه.
وبالرغم من أنه قد "تراجع في الأساس عن كل خطوطه الحمر باستثناء" واحد منها، فإن تحذير رئيسة الوفد المفاوض لدولة الاحتلال، تسيبي ليفني في الخامس والعشرين من الشهر الماضي من أن مواقف عباس "غير مقبولة" وتهديدها بأن الشعب الفلسطيني "سوف يدفع الثمن" إذا تمسك عباس بمواقفه، إنما هما تحذير وتهديد يستهدفان الضغط عليه كي يتجاوز الخط الأحمر الأخير فيعترف ب"يهودية" دولة الاحتلال وهو ما يرقى إلى دعوة الرئيس عباس للانتحار السياسي ناهيك عن خلق بيئة وطنية محمومة تعمق الانقسام الفلسطيني حد التهديد باقتتال وطني لو حدثت معجزة تورط عباس في تجاوز خط وطني أحمر كهذا.
وفي هذا السياق يندرج ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في نهاية الشهر الماضي على لسان المبعوث الأميركي مارتن إنديك بأن "اتفاق الإطار" الذي سيطرحه كيري سيشمل "اعترافا (بإسرائيل) كدولة قومية للشعب اليهودي وبفلسطين دولة قومية للشعب الفلسطيني".
لقد تراجع عباس عن تعهده المعلن بعدم استئناف المفاوضات من دون أن يقترن استئنافها بوقف التوسع الاستيطاني ولو مؤقتا خلال عملية التفاوض.
وفي مقابلته مع النيويورك تايمز في الثاني من هذا الشهر جدد تعهده بعدم السماح بانتفاضة ثالثة ضد الاحتلال "في حياتي"، وتعهده ب"انني لن أعود أبدا إلى الكفاح المسلح"، وكلاهما يجيزه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
ثم سلم ب"تجريد" أي دولة فلسطينية في المستقبل "من السلاح" مجحفا بحق سيادي لأي دولة في العالم.
واقترح نشر قوات تابعة لحلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة في كل أرجاء الدولة الفلسطينية المأمولة "إلى ما لا نهاية" للقيام بالمهمات التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي، في انتقاص واضح لسيادتها، متجاهلا حقيقة ان شعبه سوف ينظر إلى قوات الناتو كقوات احتلال جديد أو كقوات "إسرائيلية" تستبدل علمها بعلم الناتو وزي جنودها بزي جنود الحلف.
وفي المقابلة ذاتها تراجع عباس عن السنوات الثلاث التي سبق له أن اقترحها مؤخرا لانسحاب تدريجي لقوات الاحتلال فمددها إلى خمس سنوات، مشترطا سحبا تدريجيا للمستعمرات الاستيطانية ضمن المهلة ذاتها.
لكنه لم يحدد المستعمرات التي يقصدها وهل هي المستعمرات الاستيطانية جميعها أم فقط تلك التي لا يشملها الاتفاق المعلن من حيث المبدأ على "تبادل الأراضي" الذي يوجد تفاهم ينتظر التوقيع عليه فحسب على ضم معظم المستعمرات الكبرى بغالبية مستوطنيها الذين يزيد عددهم على النصف مليون نسمة إلى دولة الاحتلال.
فطبقا لما نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في نهاية الشهر الماضي فإن المبعوث الأميركي مارتن إنديك أبلغ قيادات المنظمات اليهودية الأميركية أن (75%) إلى (80%) من المستوطنين سوف يظلون حيث هم في الضفة الغربية في إطار تبادل الأراضي، وبالتالي فإن شرط عباس ينطبق فقط على أقل من مائة ألف منهم.
ويكرر الرئيس عباس التزامه بمبادرة السلام العربية التي تنص على حل "متفق عليه" لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وفي ضوء موقف دولة الاحتلال المعلن بأن عودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها هي خط أحمر غير قابل للتفاوض فإن أي حل "متفق عليه" يصبح وهما يغطي تكرار الإشارة إليه على ترويج أمل كاذب مضلل يغطي بدوره على قبول ضمني بتأجيل البت في قضية اللاجئين إلى أجل غير مسمى تأجيلا يتم خلاله تصفية هذه القضية، وفي ذلك إجحاف بيّن بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والفردية غير القابلة للتصرف.
وكان عباس في مخاطبته للجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول عام 2011 قد أشار إلى التنازل الوطني الأكبر والأقدم عندما "وافقنا على إقامة دولة فلسطين على 22% فقط من أرض فلسطين التاريخية" في وثيقة إعلان الاستقلال الذي تبناه المجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر عام 1988.
ومنذ ذلك الحين بدأ مسلسل لا نهاية له في الأفق حتى الآن من تنازلات تذرعوا بأنها تكتيكية في البداية لكن تراكمها حولها إلى تنازلات استراتيجية تجاوزت كل الخطوط الحمر الوطنية وكانت حتى الآن مجانية من دون أي مقابل يسوغ ولو جزءا يسيرا منها.