أقلام وآراء (547 )
مع عباس ولكن...
إياد القرا / المركز الفلسطيني للاعلام
|
للمقاومة السلمية متسع
عصام عدوان / المركز الفلسطيني للاعلام
|
فوز أردوغان .. يوم زفاف تركيا
غسان الشامي/ الرأي
|
السيسي.. سيناريو أسود
أحمد منصور / فلسطين اون لاين
|
وانتصر رجل الدولة في تركيا
يوسف رزقة / الرأي
|
عن المفاوضات وعوامل القوَّة
عزت الرشق / المركز الفلسطيني للاعلام
|
|
عن المفاوضات وعوامل القوَّة
عزت الرشق / المركز الفلسطيني للاعلام
سؤال: الأحداث العربية متسارعةٌ عاصفة.. فهل الوقت مناسبٌ للحديث عن مسار ومآلات المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية اليوم؟
جواب: نعم. ولعلّ أبسط الأسباب الموجبة للحديث عن المفاوضات الآن، هو أن "إطار كيري" المنتظر وبمنطق الفكر السياسي لن يولد في بيئة نموذجية هادئة، بل يحتاج حتى يمرّ ظروفاً استثنائية للغاية؛ تجبر الطرف الفلسطيني –الأضعف- على التفكير ألف مرَّة قبل أن يقول "لا"، وتوسّع رقعة الضغط على الدول التي من المتوقع أن ترفض الاتفاق، وتوجّه أكثر تلك القوى المؤيّدة له، وتستغلّ كل الظروف اللاإنسانية التي يعيشها الفلسطيني من غزّة المحاصرة جنوباً إلى مخيم اليرموك شمالاً، لخلق حاضنة شعبية لاتفاق كارثي جديد.
مسار مفاوضات ..
منذ أن انطلقت المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وبين الاحتلال الصهيوني في أكتوبر 1991 بمدريد وبعدها في أيلول (سبتمبر) 1993م بأوسلو، ومسلسل التنازلات عن الحقوق والثوابت الوطنية في تصاعد خطير، ومع مرور الوقت وتعثّر هذا المسار بين الفينة والأخرى، يمضي الاحتلال في تنفيذ مخططاته على الأرض في تسارع محموم غير مكترث باتفاقيات ولا مواثيق دولية، مستغلاً في ذلك انحياز الوسيط والراعي الأمريكي والصمت الدولي وتخلّي المفاوض الفلسطيني عن مكامن القوّة وعناصر الضغط.
وفي كل مسار من مسارات التفاوض مع الاحتلال التي تتم تحت مسمّيات وعناوين شتى، ولكنَّ المضمون واحد هو تصفية القضية الفلسطينية؛ فبدءاً من أوسلو واتفاقَي القاهرة وطابا، فاتفاقَي واي ريفر 1و2، ومروراً بتقرير ميتشل وخارطة الطريق ومؤتمر أنابوليس، وصولاً إلى خطّة الإطار التي يعدّها جون كيري؛ ففي كل هذه المحطات التفاوضية كانت السّمة الغالبة فيها:
1. قبول المفاوض الفلسطيني العودة إلى المفاوضات مع استمرار الاستيطان والتهويد وجرائم الاحتلال في تهجير شعبنا وحصاره وانتهاكاته ضد الأسرى.
2. استغلال الاحتلال مسار المفاوضات لتسريع وتيرة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتنفيذ المزيد من المشاريع لفرض أمر واقع.
3. استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال والتزام الجانب الفلسطيني بواجباته في حماية أمن الاحتلال ومحاربة المقاومة وملاحقة رجالاتها.
4. الرَّاعي الأمريكي للمفاوضات غير نزيه ومنحاز للاحتلال وأجنداته ممّا يشكّل عامل ضغط أكبر على المفاوض الفلسطيني.
5. ازدواجية المعايير لدى الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي في التسوية بين الضحيّة والجلاّد، وعدم ممارستهم الضغط اللازم على الاحتلال الصهيوني الذي يعدُّ نفسه خارج إطار المحاسبة والمعاقبة.
6. وصول المفاوضات في كلّ محطاتها إلى طريق مسدود وفشل ذريع، وعدم تحقيق المفاوض الفلسطيني أيّ تقدّم يُذكر يلبّي فيه أدنى طموحات شعبه، وفي المقابل يرفع الاحتلال من وتيرة مطالباته ويصعّد من ضغوطه وفي الوقت نفسه يحقّق المكاسب على الأرض.
7. غياب الإجماع الوطني الحاضن والداعم لخيار المفاوضات مع الاحتلال ممّا يجعلها تغريداً خارج السرب وعملاً مرفوضاً ولا تلزم نتائجه وما تتمخَّض عنه جماهير شعبنا الفلسطيني وقواه الحيّة.
مشهد ما قبل مفاوضات خطّة "كيري"
تعدّ "خطّة الإطار" التي يحملها وزير الخارجية الأمريكي هي آخر إبداعات الإدارة الأمريكية في رعاية وإدارة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وفي حقيقتها لا تعدو كونها بقايا مخلّفات خطط من سبقوه من وزراء خارجية، تمّ البناء عليها أو إعادة تدويرها وصياغتها لا أكثر، ولا تحمل في مضمونها شيئاً جديداً سوى المزيد من تكريس الانحياز لمخططات الاحتلال وأهدافه التوسعية وفرض أمر الواقع والضغط على الطرف الفلسطيني للقبول به.
ولعل المشهد الأبرز لهذه الخطّة بعد أن شارفت مهلة تسعة أشهر على الانقضاء؛ والتي قلنا وقتها: "لن يكون مآلها إلاّ الإجهاض أو مولوداً غير شرعيّ يرفضه شعبنا ... وهذا مصيرٌ حتميٌّ لكل مشروع يُؤسَّس خارج الإجماع الوطني"... هذا المشهد تختصره المواقف التالية:
- فشل المفاوضات يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية ستسحب يدها من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، هكذا يلمح كيري.
- الاعتراف بيهودية الدولة ثم نناقش ما تريدون، هذا هو الخط الأحمر الإسرائيلي.
- لا بديل عن المفاوضات إلا المفاوضات، يقول الطرف الفلسطيني.!
إطار خطّة "كيري"!
نطلُّ على المنشور من أفكار كيري ما سرّب منها ويتداول إعلامياً، فحتّى اللّحظة ينفي الطرف الفلسطيني تسلّم المبادرة مكتوبة رسمياً، فنشعر من خلال التسمية "إطار" أنَّ الكلام يدور عن بحث قضايا الحل النهائي، وتأجيل الحديث في تفاصيلها إلى وقت لاحق. كيري عرف أنَّ الشيطان يكمن في التفاصيل فقرَّر تأجيل التفاصيل، إلى ما بعد الاتفاق على الإطار!
الإطار سيكون مقبولاً للجانبين، عبارات فضفاضة، ومصطلحات حمّالة أوجه؛ لذلك سيكون سهلاً على الطرفين القبول بها، وفي المرحلة التالية سيبدأ تنفيذ الالتزامات، وهنا تفرض كل التفاصيل الشيطانية نفسها، وسنّة التاريخ لا تسمح للطرف الأضعف –بالمعطيات المادّية- أن يفسر المُبهم بما يتناسب مع مصلحته. إسرائيل آنذاك ستفرض التفسيرات التي تريدها واقعاً دون ضغوط من الراعي الأمريكي المنحاز، الذي لم و لن يثق به الشعب الفلسطيني بعد أن جرّبه راعياً للمفاوضات على مدار أكثر من عشرين عاماً مضت، ولم يجنِ غير الإحباط وخيبة الأمل، وهو يرى غول الاستيطان يلتهم أرضه وآلة القتل الإسرائيلية مسلطة عليه، ومقدساته تُنهب، وشبابه في المعتقلات، ومقاومته مهدّدة، وقدسه تهوّد.
دولة الاحتلال الإسرائيلي دخلت لقاءات الإطار، وخطّها الأحمر هو ضرورة الاعتراف الفلسطيني بيهودية إسرائيل، ما يعني مصيراً أسوداً ينتظر الفلسطينيين من أبناء الأرض المحتلة عام 1948م، ويعني أنَّ المقامرة التي شملت الفلسطينيين في دول الشتات اتّسعت لتشمل فلسطينيي الـ48، وستعزّز وجود الكيان الصهيوني كدولة دينية احتلّت الأرض وسلبت المقدسات، ثمَّ مارست التطهير العرقي، وفي الختام حصلت على صكّ الغفران من أصحاب الأرض السليبة!
لماذا الرّفض؟
يسألونك: لماذا ترفضون ما يُنشر ويسرّب من خطة الإطار التي يسوّقها جون كيري وتدعمها دوائر الغرب وربّما بعض الدول العربية؟
انطلاقاً من المبدأ الرّاسخ والمتجذّر في أعماق كل فلسطيني بعدم التنازل عن أرضه التي ضحّى من أجلها الأجداد والآباء، نرفض هذه الخطّة لأنها تقود إلى الاعتراف بـ"يهودية الدولة" وتصفية القضية وضياع الثوابت، والقضاء على الحقوق التي ضحّى شعبنا في سبيل نيلها مقدّما أرواح أبنائه وحرية شبابه وبناته.!
نرفضها لأنَّ أكثر من نصف الشعب الفلسطيني يعيش خارج حدود بلاده، وقضية اللاجئين من أهم قضايا الحل النهائي، يتناولها "الإطار" بصياغات تتكلم عن لمّ شمل "محدود" لمواليد فلسطين. ماذا تعني كلمة "محدود"؟ تعني لم شمل خمس عائلات مثلا؟! وعودة الراغبين إلى أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة وغزة)، واستيعاب بعض الفلسطينيين في أماكن وجودهم. ماذا يعني استيعاب؟!
ما نريده هو عودة كل اللاجئين إلى كل المدن والقرى والبيوت التي هجّروا منها هم أو آباؤهم أو أجدادهم، دون أيّ اعتراف بشرعية دولة الاحتلال، ودون أيّ تنازل عن فلسطين التاريخية التي لا يملك أحدٌ حق التنازل عن شبر منها.
نرفضها لأنها تطرح تبادل الأراضي كحل لمشكلة المستوطنات والجدار، ما يعني أن الاستيطان والجدار كمبدأ خرج من المفاوضات وصار واقعاً، يبحث المتفاوضون سبُل الالتفاف عليه، والخروج برؤية عامة تكرّس وجوده وتضفي عليه الشرعية من جهة، وتحفظ ماء وجه المفاوض الفلسطيني أمام شعبه من جهة أخرى، الوسيط الأمريكي يتعامل مع الإسرائيليين بمنطق الحلول العمليّة، ومع الفلسطينيين بمنطق "تبويس اللحى".!
نرفضها لأنَّ دولة الاحتلال –حسب المنشور- ستنسحب خلال سنوات من أرض الغور، ونحن رصدنا التزام إسرائيل بتعهّداتها بعد سنوات من أوسلو، فكم أسيراً أطلقت؟ كم حالة لمّ شمل سمحت بها، انسحبت أم توسّعت استيطانياً، كرّست حدود الدولة الفلسطينية أم نسفتها بالجدار؟ هل طبّقت إسرائيل التزاماً واحداً إبَّان تنفيذ تفاصيل "أوسلو"، ماذا عن السيادة والمياه وتأمين الحدود، ألم يتعلَّم المفاوض الدرس بعد؟!
إذا كان هذا هو الإطار الذي يناقش أهم قضايا الصراع مع العدو الصهيوني، فلكَ أن تتخيَّل المنهجية التي تقوم عليها المفاوضات!
ماذا بعد وإلى أين؟
بمرارة أرى أنَّ إصرار رئاسة السلطة الفلسطينية على بيع الوهم للشعب الفلسطيني الذي أعطاها الفرص الواحدة تلو الأخرى، وكان الدم الفلسطيني المسفوك، والأرض المسلوبة، والمقدسات المدنّسة هي ثمن هذه الفرصة في كلّ مرّة، والنتيجة دائماًّ هي المزيد من المحاولات، والمزيد من الخسائر!
الأولى والأجدى بالإخوة في رئاسة السلطة وحركة فتح الانسحاب من المفاوضات، والمسارعة إلى مؤتمر وطني جامع، يرأب صدع البيت الفلسطيني ويحقّق المصالحة ويوحّد الصف، ويبني إستراتيجية فلسطينية جديدة قوامها المقاومة بكل أشكالها الشعبية والمسلّحة، ثم تكريس الجهود في استثمار الوضع الدولي الجديد لـ "دولة فلسطين" للانضمام إلى هيئات الأمم المتحدة التي تتيح لنا كفلسطينيين ملاحقة قادة وجنود الاحتلال أمام المحاكم الدولية على جرائمهم التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني.
إنَّ المفاوضات تقوم على أرضية عناصر القوَّة التي يملكها كل طرف، واستعداده لفتح خياراته في سبيل تحقيق المكتسبات التي يسعى لتحقيقها.
المفاوض الفلسطيني يذهب خالعاً عن كتفيه عباءة المقاومة، بدل إشهارها كأهم عامل من عوامل القوة الفلسطينية، فيجلس على الطاولة مع عدوّه مسلّما بأنَّ "إسرائيل" هي الطرف الأقوى وحارماً نفسه حقّ مقاومتها، وهو في الوقت ذاته يخلق هوَّة سحيقة بينه وبين أغلبية شعبه المؤمنة بخيار المقاومة والكفاح المسلّح سبيلاً للتحرير.
يدخل ميدان التفاوض خاسراً احترام شعبه، واحترام الوسيط، فضلاً عن احترام عدوّه.
خيار حلّ السلطة الفلسطينية أيضاً مغيّب كورقة قوَّة فلسطينية، فهل يستطيع المفاوض الفلسطيني التفكير، مجرّد التفكير، بحلّ السلطة؟!
الأفكار أعلاه جاءت ردّاً على المنشور والمسرب من خطة كيري، ونعلم أنَّ الخافي أعظم، وتجربة التاريخ علّمتنا درساً قاسياً، لذلك لن يلومنا أحدٌ لو أعلنّا رفضنا المسبق لهذا النهج، وأكّدنا أنَّ ما سينتج عنه لن يلزم شعبنا بشيء.
وختاماً: آن للوفد الفلسطيني المفاوض أن يَعِيَ أنَّ خيار التفاوض الذي يتبنّاه مع الاحتلال الصهيوني هو في حقيقته صراع ولن يكون حياة !!
مع عباس ولكن...
إياد القرا / المركز الفلسطيني للاعلام
خطوة الرئيس محمود عباس بالاتجاه الى المؤسسات الدولية والتوقيع على الانضمام لها هو مطلب وطني حقوقي وموضع إجماع، بعيداً عن عجلة المفاوضات العبثية، وخطوة فلسطينية نحو مواجهة الاحتلال ومحاكمة الاحتلال على جرائمه خلال السنوات الماضية، بل فرصة تاريخية لمحاكمة الاحتلال بكافة مكوناته وجرائمه التي ارتكبها.
المشهد الارتجالي لمحمود عباس في التوقيع على الانضمام إلى 15 مؤسسة ومنظمة دولية وما تبعه من حديث لعباس, يدل ويثبت بالدليل القاطع أن المفاوضات هي عبث لن تجدي نفعاً و تعثرها ينبع من تنصل الاحتلال بكافة الاتفاقات مع السلطة والتي كان آخرها امتناع الاحتلال عن إطلاق سراح 26 أسيراً من سجونه، هم العدد الأخير من الأسرى المتبقين ممن اعتقلوا قبل أوسلو ,حيث أطلق عدد قليل منهم ضمن صفقات إطلاق التفاوض بين عباس والاحتلال في حين أطلق سراح غالبيتهم ضمن صفقة وفاء الأحرار بين المقاومة والاحتلال في تشرين الأول 2011.
صفقة الأسرى سواء تمت أم لم تتم, هي دليل عجز للسلطة في التفاوض مع الاحتلال ,وان ربط التوجه إلى المؤسسات الدولية في المفاوضات يظهر بالدليل القاطع أن ملف إدارة التفاوض عقيم ويعاني من غياب الرؤية الوطنية باعتمادها على سياسة الصفقات التبادلية بين طرفي الاحتلال والسلطة ,حيث يواصل الاحتلال ارتكاب الكثير من الجرائم ليس أقلها الإعلان عن بناء 700 وحدة استيطانية في الضفة الغربية وهذا ليس أقل ضرراً بالقضية الوطنية من إطلاق سراح 26 أسيراً.
كان الأولى للرئيس محمود عباس أن يعلن عن وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال وإطلاق سراح "أسرى" المقاومة في سجون الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية على أن يطالب باستئناف المفاوضات وأن يتخذ خطوات وطنية نحو تعزيز الوحدة الوطنية والمطالبة برفع الحصار عن قطاع غزة وإطلاق حوار وطني داخلي ,والاتفاق على سبل توحيد القوى الوطنية ضمن استراتيجية وطنية واحدة تواجه الاحتلال.
قفزة عباس التفاوضية خطوة إيجابية بأن يتم التوجه للمنظمات الدولية لكن بعيداً عن الابتزاز التفاوضي بين الجانبين ,وخاصة أن عباس لا يمتلك أي عامل قوة في الضفة الغربية ,وخاصة أنه استبعد في خطابه المقاومة وهي السلاح الأقوى ,والأجدر أن يتم استخدامه في وجه الاحتلال ,لأنه الأقوى على إخضاع الاحتلال بدلاً من خطابات التذلل والخضوع.
للمقاومة السلمية متسع
عصام عدوان / المركز الفلسطيني للاعلام
ما دام الاحتلال جاثمًا على الأرض الفلسطينية، فإن كل سبل دحره وإزعاجه وتشويه صورته القبيحة أصلاً، وفضحه وملاحقته قانونيًا, ومهاجمته إلكترونيًا، وإرهابه نفسيًا، والتحريض ضده في وسائل الإعلام ومناهج التربية، والاشتباك معه بالحجارة وبالرشاش وبالصواريخ, وبالتظاهر وبالمهرجانات والإضرابات، والمقاطعة بكافة أشكالها، وبأدب المقاومة والجهاد، جميعها سبل مطلوبة وضرورية، وهي تسع جميع طاقات الشعب على تنوعها.
دعوات التظاهر على حدود قطاع غزة الشرقية، من أجل دفع العدو للتراجع عن السياج الحدودي، ووقف تعديه على أراضي المزارعين هناك، تعبِّر عن وعي الشباب بأهمية الاستمرار في مقارعة العدو بكل الوسائل. إن لهذه الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات ورجم الحجارة على العدو فوائد عدة، على الرغم مما يصاحبها من بعض الضرر المتوقع:
1- تُبقي على حالة العداء مـتأججة في نفوس الشباب؛ هذا الجيل الذي لم يشهد الانتفاضة الأولى، وربما وُلد مع بدء الانتفاضة الثانية، من حقهم أن يضعوا بصماتهم في المقاومة، وأن يسجلوا مشاركتهم، ويكتسبوا تجربتهم الخاصة، ويلاحظوا عدوهم المجرم عن قرب.
2- مع تركيز المقاومة في قطاع غزة على المقاومة المسلحة، ربما شعر كثير من الأهالي وشبابهم أنه لا دور لهم في المعركة، فاسترخوا ثم اعتادوا على الاسترخاء، ثم ضجروا بالمقاومة المسلحة. إن من شأن هذه المواجهات الحدودية السلمية أن تعيد حالة العداء مع العدو إلى نصابها، وأن تُشرك أوسع قطاع من الأهالي فيها.
3- عندما يخرج الشباب إلى حدود القطاع، يشاهدون جمال أرضهم ويتعرفون على مدى جرم العدو الذي حرمهم منها، وضيَّق عليهم سبل العيش، حتى لاحقهم في داخل حدود القطاع الصغير, إنهم سيدركون فظاعة هذا الاحتلال، فيدخل كرهه إلى نفوسهم، وهذا يشكل محطة أولية وضرورية لمقاومة العدو.
4- عندما يرمي الشباب دوريات العدو المدججة بالسلاح بالحجارة، حيث لا يملكون غيرها، فتصور الكاميرات مشهد الكف وهو يقاوم المخرز، فيدرك العالم بشاعة هذا العدو؛ الذي يمثل آخر استعمار في العالم.
5- عندما يتعامل العدو بعنف وإرهاب مع هؤلاء الشباب المنتفضين من أجل حقهم المغتصب، فيصيب بعضهم بجراح، وقد يسقط شهداء، وقد يأسر العدو بعضهم، فتتأجج دواعي الكراهية والحقد في نفوسهم ونفوس أهليهم تجاه هذا العدو، ويتضامن معهم ويلتف حولهم أحبابهم وأصدقاؤهم، فتتصاعد وتيرة المقاومة السلمية، وتوفر أرضًا خصبة لدعم المقاومة المسلحة. إننا بحاجة لأن يتعرف المجتمع الفلسطيني بكافة فئاته على قبح هذا العدو وإجرامه وإرهابه، كي لا يظل أحد في غفلة من هذا ويظن أنه يمكن التعايش مع هكذا عدو همجي.
إن من حق شباب الانتفاضة أن يواظبوا على فعالياتهم في مقاومة العدو بطريقتهم، لصده ودحره عن حدود القطاع، وليُظهروا للعالم بشاعة هذا العدو وإجرامه، وإن المأمول من حكومة المقاومة في غزة أن ترحب بهذه الجهود، وتدعمها، وتتبنى جرحاهم وشهداءهم وأسراهم، لأنهم مناضلون من أجل حرية وطنهم ولهم حق على حكومة المقاومة وفصائلها.
السيسي.. سيناريو أسود
أحمد منصور / فلسطين اون لاين
حينما سيطر العسكر على السلطة في مصر بعد انقلاب يوليو عام 1952، اقاموا جمهورية العسكر الخاصة بهم تلك الجمهورية التي اصبحت في عهد مبارك فوق مصر وشعبها، حيث اصبح الطريق للكلية الحربية او الكليات العسكرية يعني الطريق الى الثروة والسلطة، وحينما قامت ثورة 25 يناير 2011 وتأكد العسكر ان الشعب لن يتراجع قرروا التضحية الشكلية بمبارك وبعض رجاله حتى تبقى جمهورية الضباط، وخدعوا الشعب.
وانخدع الشعب لهم حينما ترك المجلس العسكري يدير الدولة من فبراير 2011 وحتى القيام بانقلابه في 3 يوليو 2013 لأن أيا من المؤسسات التي انتخبها الشعب سواء كانت مجلس الشعب الذي تم حله او مجلس الشورى او الرئيس الذي تم الانقلاب عليه لم تتسلم شيئا من مقاليد السلطة سوى شكلياتها وبقي العسكر يحكمون قبضتهم على كل شيء، وحينما جاءت لحظة الضعف والارتباك لديهم حينما اطاح مرسي بوزير الدفاع طنطاوي ورئيس الاركان سامي عنان لم تكن لدى مرسي رؤية ليكمل المسيرة ويطهر المؤسسة العسكرية من كبار الفاسدين فيها، بل إن خطأه الاكبر حينما جاء بعبد الفتاح السيسي تلميذ طنطاوي ومبارك والمتهم بكل الجرائم التي جرت للثوار بعد 25 يناير في التحرير ومحمد محمود وماسبيرو ومجلس الوزراء وغيرها ليضعه وزيرا للدفاع ويترك له الحبل على الغارب رغم المؤامرات التي حاكها ضد مرسي طوال عام كامل...
وبقي مرسي في غفلة رغم كثير من التحذيرات التي وصلته من الداخل والخارج ورفض اتخاذ اية اجراءات ضد السيسي حتى عصف السيسي به بل بأحلام الشعب المصري في النهاية وحينما وجه السيسي انذاره لمرسي ثم انقلابه كان السيناريو الاسود الذي اعده ونفذه هو عدم الاعلان عن الانقلاب مباشرة وانما المجيء بشخصيات ممسوخة لتقوم بادوار محددة لعدة اشهر يتم بعدها ترتيب السيطرة على السلطة من خلال المسارات الشكلية للانتخابات وغيرها، غير ان ردة الفعل غير المتوقعة من الشعب المصري احبطت مخططات السيسي والسيناريو الاسود الذي اعده وهذا ما جعله مترددا طوال الفترة الماضية حتى اعلن ترشحه يوم الاربعاء الماضي، وقد جاءت ردة فعل الشعب على هذا الترشح هائلة من خلال التصويت على الهشتاج الذي حقق اكبر النسب على مستوى العالم والذي يصف السيسي بأوصاف غير رجولية مما يعني ان الشعب لن تنطلي عليه هذه الخدعة ولن يتركه يهنأ ولو يوما واحدا بجرائمه التي ارتكبها بحق الشعب...
فالجرائم التي ارتكبها والمذابح التي قام بها جعلت له ثأرا تاريخيا لن يستطيع محوه ولانه يعرف انه لن يتمكن من عمل مؤتمر انتخابي واحد فانه لن يظهر في اي اماكن عامة وسوف يتم فبركة كل المسرحية الباقية من الانقلاب حتى يصل بالزي المدني الى القصر الرئاسي، وقد اعد لذلك سيناريو محكما يسعى لتحقيقه خلال الفترة القادمة لاسيما بعد ترشيحه.
وانتصر رجل الدولة في تركيا
يوسف رزقة / الرأي
نجح اردوغان، وسقطت المؤامرة. لماذا نجح الرجل؟ وهل تعرض فعلا لمؤامرة؟ وما تأثير نجاحه عربيا وإقليميا ودوليا؟
لا أحد يمكنه إنكار حالة التآمر عليه وعلى حزبه بأبعادها
الداخلية، والإقليمية ، والدولية) . إننا نقرأ التحالف الشاذ بين حزب الشعب التركي اليساري، وجماعة فتح الله غولن المتدينة، وهو تحالف استظهر بالإعلام، وبالقضاء، وبرجال من الشرطة والجيش. ودخلت الى تركيا ملايين كثيرة من الدولارات والمال السياسي، من أجل إنجاح هذا التحالف وإسقاط اردوغان وحزبه. دخلت الدولارات من بلاد تعادي اردوغان وحزبه، وربما اشتركت في التمويل منظمات صهيونية، و أنظمة عربية تدير سياستها الخارجية عادة من خلال المال. وقد كبدت المؤامرة الميزانية التركية في الأشهر الثلاثة الماضية خسائر تقدر ما بين (30-50) مليار دولار، إضافة الى انخفاض قيمة الليرة التركية، وتأثر الاستثمار في البلاد سلبا.
لم تكن اسرائيل بعيدة عن المؤامرة ، بل جلّ المعطيات تقول إنها كانت ضالعة فيها، وكانت موجهة لها، لذا كانت اسرائيل الدولة الأكثر نقدا لسياسة اردوغان، والأكثر تغطية لأخبار المعارضة، وقدمت اردوغان وحزبه بطريقة سلبية، وأنه سيفقد التأييد الشعبي، لأن حكومته فشلت في الملف السوري، والمصري، والإسرائيلي، والخليجي، وقد أشار أرد غان الى أطراف التآمر بلغة دبلوماسية، قبل النجاح، وهددهم بدفع ثمن تآمرهم بعد أن فاز.
كان فوز اردوغان وحزبه فوزا تاريخيا بحصوله على 46٪ من الأصوات، وفوزه بالبلديات الكبرى، كأسطمبول، وأنقرة وأضنة، في ظروف داخلية صعبة جدا، بعد أن أفسدت المؤامرة المزاج العام، وأدخلت الحكماء في حيرة، وكانت تطمع أن تصنع بأردوغان وحزبه، ما صنعته بمحمد مرسي والأخوان في مصر، ولولا صحافة أردغان وحزمة، كرجل دولة، وصاحب قرار ، يتخذ قراره بقوة وحزم لحماية الدولة في الوقت المناسب، وبلا تردد، لوصلت المؤامرة الى أهدافها. لقد ضرب اردوغان رأس الفساد بقوة، ولم يبال باستقالة بعض الوزراء، ولا باستقالة المئات من الحزب، في وقت حرج قبل الانتخابات بثلاثة أشهر، وقد تلقى نصائح بتأجيل القرار الى ما بعد الانتخابات، فرفض ، وحزم أمرة، وتوكل، وضرب رأس المؤامرة، وكشف الغطاء عن المتآمرين وعن الفاسدين، وقدم نفسه، وحزبه للمجتمع قويا، نقيا، واثقا بالمستقبل، وجفف منابع التسريبات المدبلجة في تويتر، ويوتيوب.
رجل الدولة قرار. نعم قرار حكيم. قرار قوي. قرار في الوقت المناسب بلا تردد. قرار يضع حماية الدولة في المقام الأول، قبل الدعوة، وقبل العلاقات، وقبل كل شيء. الدولة أولا، والمطالب الأخرى تأتي لاحقا. سيشهد التاريخ لأردغان أنه كان رجل دولة من الطراز الأول الفريد، وأنه حمى بقراره تركيا من المؤامرة، وأنه وضع حزب العدالة والتنمية على بداية النصر الثاني، لتبدأ الجمهورية التركية الثانية أكثر ثقة بالمستقبل، وأكثر ثقة بأنها ستضع قدمين راسختين بين الدول العشر الأكثر قوة واقتصادا وتقدما في العالم، في وقت قريب.
اكتفي بهذا لضيق المساحة، على أمل أن نعود للحديث في الأسئلة الأخرى، ورسائل النصر التاريخ، وتأثيراته.
فوز أردوغان .. يوم زفاف تركيا
غسان الشامي/ الرأي
الفوز التاريخي الذي حققه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية التركية، يفرض معادلات جديدة وواقعًا جديدًا على تركيا وعلى حزب أردوغان، في إطار الاستعدادات لتحقيق الفوز الأكبر للحزب في الانتخابات الرئاسية القادمة.
إن فوز حزب أردوغان في الانتخابات المحلية يمثل دليلاً حقيقيًا على الشعبية الكبيرة لأردوغان وحزبه، وهو نتيجة واقعية للإنجازات الكبيرة التي حققها الحزب خلال السنوات الماضية، ومدى التطور والنهضة اللذين حدثا في المدن التركية خلال حكم أردوغان، فقد حوّل حزب أردوغان مدينة إسطنبول -كبرى المدن التركية- لجوهرة نماء مميزة يؤمها آلاف السياح والمثقفين ليشهدوا الحضارة والعراقة والتاريخ والأصالة في هذه المدينة، كما أصبحت من المدن الأكثر جذبًا لسياح العالم، ووصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الفوز بأنه "يوم زفاف تركيا الجديدة، واليوم يوم النصر لتركيا الجديدة ".
إن فوز حزب العدالة في هذه الانتخابات المهمة يمثل استفتاء شعبيًّا كبيرًا، وتوافق 77 مليون تركي على برنامج أردوغان، ورضا تركي على جهود حزبه بالارتقاء بتركيا منذ فوز الحزب بالانتخابات عام 2002م.
لقد جاء هذا الفوز بعد التجربة الكبيرة والعريقة لحزب العدالة التي تمثلت في إدارة الدولة، وتنمية المناطق الريفية فيها، والاهتمام بالشرائح الضعيفة، والاهتمام بالمناطق النائية في تركيا، والارتقاء بها لتصبح من الدول المحورية في المنطقة، ودورها الاستراتيجي بالنسبة للأوروبيين .
إن فوز حزب العدالة يمثّل صفعة كبيرة للحاقدين والمتآمرين الذين أشعلوا الاحتجاجات الأخيرة ضد الحكومة التركية، كما يمثل الفوز مؤشرات أولية على فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية في آب/ أغسطس القادم.
لقد نجح رئيس الوزراء أردوغان بالوقوف في وجه خصومه وأعدائه، ومواجهتهم على مدار الأشهر الماضية، واستطاع السيطرة عليهم ووقف مؤامراتهم الدنيئة ومكائدهم الخبيثة، كما استطاع أردوغان أن يحفظ البلاد التركية من الوقوع في الكثير من الأزمات ويحبط محاولات تهديد الأمن القومي لتركيا.
المراقبون الصهاينة نظروا بقلق كبير لهذا الفوز التاريخي، وذلك لأن تركيا تمثل مكانة مهمّة بالنسبة للكيان المحتل، خاصة بعد التوترات الدبلوماسية والسياسية بين دولة الاحتلال وتركيا، وخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، ووقف المناورات الصهيونية التركية في البحر المتوسط، ودعم تركيا الكبير لقطاع غزة من أجل رفع الحصار عنه، إن مثل هذه الأمور تلقي بتأثيراتها السلبية على العلاقة بين العدو الصهيوني وتركيا التي كانت بمثابة حليف استراتيجي قبل عهد أردوغان.
وقد وصفت صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية علاقة (إسرائيل) مع تركيا بأنها تتجه إلى المزيد من التشدد في التعامل، معلنة أن أردوغان حرص على تحطيم أسس العلاقات السياسية والأمنية التي كانت تربط (تل أبيب) بأنقرة.
كما قال المحلل الصهيوني (حاييم أسيروفتيس) المختص في الشؤون التركية: إن تحقيق حزب العدالة والتنمية نجاحات كبيرة في الانتخابات المحلية، ولا سيما في المدن الكبرى سيجعل أردوغان يقدم دليلاً على أن الحملة التي تعرض لها مؤخرًا على يد أنصار (فتح الله غولن) كانت مجرد محاولة للمسّ بفرصه بالفوز في الانتخابات، وذكر المعلق في صحيفة "يسرائيل هيوم" بوعاز بسموت في تعليقه على الانتخابات المحلية التركية قائلا: "إن الأتراك يذكرون لأردوغان حقيقة أنه المسؤول عن النمو الاقتصادي الكبير الذي حققته تركيا بين العامين 2002م و2012م، حيث فاقت معدلات النمو التركية معدلات النمو لأي دولة من دول منظمة التعاون والتنمية "OECD".
إن الفوز التاريخي الكبير الذي حققه حزب أردوغان يمثل استفتاء كبيرًا على الإنجازات الكبيرة التي حققها الحزب في الاقتصاد والسياسية والحكم والإصلاحات الديمقراطية الأخيرة، وعملية السلام مع الأكراد التي تعتبر إنجازًا سياسيًّا مهمًّا في تاريخ تركيا المعاصرة، فضلاً عن أن هذا السلام مع أوجلان والأكراد يتعارض مع مصالح الكيان الصهيوني الذي يسعى جادًّا لدسّ السموم والفتن، وتقوية الجماعات المنافسة لحزب أردوغان وزعزعة نظام الحكم التركي، خاصة أن دولة الكيان الصهيوني تلقّت من تركيا صفعة كبيرة وتوقفت العلاقات بسبب موقفها المتعنت من المجزرة الإسرائيلية بحق سفينة مرمرة في مايو 2010م .
الكيان الصهيوني، والمراكز الاستراتيجية اليهودية والأمريكية تابعوا عن كثب التطورات الحاصلة في تركيا، خاصة أن علاقات " إسرائيل " مع تركيا تمتد إلى 6 عقود، وهناك علاقات اقتصادية وحجم تبادل تجاري بين تركيا ودولة الكيان، وقد أعطت الدوائر الصهيونية مؤخرًا إشارات قلقة ومخاوف كبيرة إزاء هذا الفوز، حيث قدمت نصائح للكيان الصهيوني بالعمل على عدم تحسين فرص فوز حزب العدالة، واستخدام كافة الطرق والوسائل لإفشال هذا الفوز، وذلك للمخاوف الكبيرة على أمن (إسرائيل ) ومستقبل الكيان الصهيوني خاصة بعد الانتخابات الرئاسية التركية القادمة وتحقيق حزب أردوغان الفوز فيها.
فوز حزب العدالة والتنمية التركي في الانتخابات المحلية يعاظم التحديات القادمة أمامه والاستعدادات المتواصلة لتحقيق الفوز الكبيرة في رئاسة تركيا لدورة رئاسية جديدة، وسط ما تشهده المنطقة من تطورات سياسية متسارعة في ظل احتفاظ تركيا بمكانتها الإستراتيجية ودورها البارز في المنطقة، رغم الظروف الداخلية التي واجهتها خلال الأشهر الماضية..