أقلام وآراء (559 )
يوم واحد لا يكفي
بقلم إبراهيم المدهون عن الرأي
|
دماؤنا و دماء اليهود!
بقلم صلاح حميدة عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
عباس يهدد بالتيس المستعار
بقلم مصطفى الصواف عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
ترميم حماس لعلاقاتها الإقليمية
بقلم عدنان أبو عامر عن فلسطين اون لاين
|
حماس.. الرزمة الواحدة والأولويات
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
|
عن مؤتمر فلسطينيي أوروبا مرة أخرى
بقلم إبراهيم حمّامي عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
نداء الهجمة العنيفة
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
|
وفد الرئيس للمصالحة والأمل المنشود مازال الوطن يسكن فينا
بقلم أحمد يوسف عن صحيفة القدس
|
|
وفد الرئيس للمصالحة والأمل المنشود مازال الوطن يسكن فينا
بقلم أحمد يوسف عن صحيفة القدس
غزة تترقب بمشاعر مختلطة وصول وفد المصالحة الفلسطينية القادم من الضفة الغربية، والموكل من الرئيس أبو مازن بالجلوس مع الإخوة في حركة حماس، لفتح ملفات سبق أن تمَّ التوافق عليها في القاهرة والدوحة، والنظر في كيفية تطبيقها للمضي قدماً في اتجاه تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام.
وبالرغم من الكلمات الطيبة ونبرة التفاؤل التي تطلقها جهات طرفي الأزمة؛ فتح وحماس، إلا أن الشارع الفلسطيني بنخبه الفكرية والحركية لا يبدو أنه يحمل نفس القدر من الحماسة والأمل، وهو أقرب إلى وضعية الحائر المضطرب؛ والتي تحدث عنها الأديب الفلسطيني الراحل إميل حبيبي في روايته الساخرة "الوقائع الغريبة في حياة سعيد أبي النحس المتشائل".. فالفلسطيني اليوم هو أشبه بحالة "المتشائل" الذي تتخبط أعصابه في دائرة انعدام الوزن بين خطين متعارضين من التفاؤل والتشاؤم، ليعيش حالة سريالية لا تمنحه الأمن والاستقرار والتعلق - بقوة - بأوهام الفرج القريب.
أكثر من شخصٍ التقيته في جلسات مفتوحة أو على هامش أنشطة فكرية خلال الأيام الماضية، وقد بادرني السؤال حول توقعاتي من وراء هذه الزيارة لوفد المصالحة، وهل الفرصة صارت مواتية لطي صفحة الماضي، والعمل باستراتيجية جديدة يجتمع حولها الجميع، لتعزيز قدرات مشروعنا الوطني في التحرير والعودة، أم أن الأمر لن يعدو أكثر من تكرار لجولات مكوكية سابقة.؟ ويتساءل بأملٍ وحسرة: هل مناخات السياسة المتقلبة الآن، وضغوطات الواقع المأزوم في رام الله وغزة، وانحسار التأييد والتفاعل الدوليين للقضية الفلسطينية، هي أسباب كافية لإجبار الطرفين للاعتراف بأخطائهما، والنزول عن الشجرة، وتقديم كل جهة منهما طوق نجاة للآخر، وتشكيل رافعة إنقاذ له.؟
وهل حماس اليوم لديها الجاهزية والاستعداد للتخلي عن الحكومة في غزة، والذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية تجدد فيها شرعيتها كحركة تحرر وطني برؤية إسلامية، وتأكيد إثبات حضورها السياسي والجماهيري، باعتبار ما تمثله من كونها حركة إسلامية وطنية تحمل مشروعاً ريادياً في مقاومة الاحتلال، أم أن "كرسي الحكم" له جاذبيته وسحره، وأن الحركة ستظل تدفع بالشروط والأعذار التي تجعل من المصالحة مجرد سراب يتراءى، وحلماً من الماضي، ووهماً يعتاش عليه من لا يدركون ما يعنيه واقع أن تكون على رأس الأمر وفي سدَّة الحكم.؟!!
أسئلة لا تنتهي من هل وماذا ومتى وإلى أين، مصحوبة بحالة من القلق والخوف والتوتر مما ينتظرنا جميعاً من مستقبل مجهول.. قلت لكل من سألني: إن المشكلة بكل تعقيداتها مسئول عنها الطرفان، وكل طرف – للأسف - يحاول التذاكي على الآخر وتحميله مسئولية التراجع والفشل.!! إن الذي يتوجب أن يتفهمه الناس جميعاً أنه لا عذر لأي طرف منهما، وأن التاريخ لن يرحم أحداً منهما مهما كانت ذرائعه وأسبابه، لأن قصير النظر لا حجة لتبريراته وكثرة عثراته، إذ بإمكانه أن يستعين بمن يأخذ بيده ويجنبه مهاوي الردى، حيث إن جميع هؤلاء السياسيين لا تغيب عنهم حسابات ما هو قائم، فالوطن تتباعد حدوده وتنتقص أطرافه يوماً بعد يوم، ونحن بما هو متواجد من تيارات دينية وتجمعات حركية وأحزاب سياسية أشبه بالعاجز الذي يمشي مكباً على وجهه، فلا بصر ولا بصيرة، ولكن حناجر تضخ بعنترياتها وعداً ووعيد، والشعب – وا أسفاه - مطحون مطحون مطحون.
قد لا يكفي أن نعاتب أنفسنا لعدم إدراكنا لحجم المخاطر التي تعترض مستقبل مشروعنا الوطني، حيث إن كل المؤشرات تحمل دلالات سلبية تشي بعقابيل ما هو آت، إذ أن غطرسة المستوطنين والحكومات اليمينية المتطرفة في إسرائيل سوف تعمل على وأد الحلم الفلسطيني، وانتزاعنا من جذورنا، إذا ما استمر واقع الانقسام قائماً، وحالة الاستقطاب والاصطفاف الحزبي هي المحرك لفعلنا النضالي.. لقد تعلمنا في السياسية أن هناك أربعة ركائز لنجاح أي حركة تحرر وطني، وهي كالتالي:
1- الكفاح المسلح (Military Struggle)
2- التعبئة الجماهيرية (Mass Mobilization)
3- التضامن الدولي (International Solidarity)
4- الخطاب السياسي (Political Discourse)
إن أية اختلالات تقع في أركان هذه المعادلة النضالية سوف تؤثر سلباً على مشروعنا الوطني في التحرير والعودة.. من هنا، يتوجب علينا الوعي بأن كل ما سبق ذكره من تلك الأركان قد أدركه العطب، ولحق به الخلل، وإذا لم نستدرك اليوم - وقبل فوات الأوان - فلن ينفع ولات حين مندم.
قطاع غزة: الفقر والبطالة وقسوة الحصار
إن الذي يشاهد أحوال الناس، ويتفرس في وجوههم وما يعتريها من حزن وألم، يدرك أن الانفجار قادم لا محالة، وأن الذي يقترب من مرجل أحلام الشباب وطموحاتهم سيجد حراكاً يتفلت من عقاله شهراً بعد شهر، وسيسمع أصوات الغليان الهادرة، وسيدرك معنى أن ليل الطموح والأمل قد أرخى سدوله، وأن أحلامه أصبحت هشيماً تذروه الرياح، وأن ليس هناك ما يخسره حيث تستوي عنده معاني الحياة بالموت، بل ربما يرى البعض من هؤلاء الشباب أن الموت أعز وأكرم من كل أشكال المذلة التي تحاصره وتجرح هيبته.
لقد أفزعتني التقارير الصادرة - مؤخراً - عن المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة، والتصريحات التي أشارت إلى واقعنا البئيس وغدنا التعيس، والتي جاءت على لسان بعض المسئولين في تلك المنظمات والهيئات.. لقد ذكر السيد كريستيان كاردون؛ مدير البعثة الفرعية للجنة الدولية للصليب الأحمر (IRCC) في قطاع غزة، أن معدل البطالة في القطاع ظل ضمن أعلى المعدلات على مستوى العالم في عام 2013م، بينما ارتفع بأكثر من 10% خلال النصف الثاني من نفس العام، وذلك بعد فقدان حوالي ستين ألف شخص لوظائفهم.
ووصف السيد كاردون الأوضاع الإنسانية والخدماتية في قطاع غزة بأنها تحت ضغط شديد، داعياً إلى التوصل لحلول مستدامة تمس حياة أهل القطاع.. وقال إن الخدمات الأساسية في القطاع يتهددها خطر الانهيار الوشيك، وأن حالة الإفقار تراكمية، معتبراً أن الوضع المحلى والإقليمي الحالي ساعد في التعجيل بحدوث هذه الظواهر.. وأضاف: "إن البطالة والفقر والنقص المتكرر في الوقود وعدم توفر المواد والمعدات تُعدُّ من معالم الحياة اليومية لسكان قطاع غزة، وينجم عن ذلك آثار سلبية على الصحة والبنية الأساسية للمياه والمرافق الصحية والكهرباء. كما أن هناك - أيضاً - نقصاً في المواد الطبية، وعدم القدرة – أحياناً - على توفير الإمكانيات لشرائها، في حين يوجد عجز شديد في إمدادات مواد البناء الأساسية اللازمة للصناعات المحلية"، وأشار إلى أنه "في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار السلع الأساسية بصورة كبيرة، فقد تضاعف سعر الوقود خلال النصف الثاني من عام 2013م، ويستطيع اقتصاد غزة بالكاد - الآن - تلبية نحو 15% من الطلب على وقود الديزل، و40% من الطلب على البنزين، كما أن مواد البناء المتوفرة حالياً لا تلبى أكثر من 10% من المتطلبات اليومية في غزة، وأن تدهور قطاع البناء سيؤدي للمزيد من البطالة.
وأشار إلى أن القيود المفروضة على القطاع وضعت المزيد من الأعباء المتوسطة على النظام الصحي الهش أصلاً، حيث تضاعف العجز في العديد من المواد الطبية والأدوية، ووصلت نسبته إلى 35% منذ منتصف عام 2013م.
ومن الجدير ذكره، أن استمرار الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من سبع سنوات، وحملة إغلاق الأنفاق؛ شريان الحياة التجاري لقطاع غزة، والتي قامت بها مصر قبل عشرة أشهر، قد تسببت في خلق أزمات خانقة في القطاع، حيث تبخر النمو الاقتصادي في القطاع، وقفزت معدلات البطالة إلى نحو 40% مع نهاية العام 2013م، وذلك بحسب تقرير أوردته وكالة (رويترز) للأنباء الأسبوع الماضي. وقد أشار السيد سكوت آندرسون؛ نائب مدير العمليات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، إلى أن مستوى الاعتماد على المساعدات في قطاع غزة ليس له مثيل يذكر في العالم، حيث يبدو القطاع وكأنه في حالة انحدار متواصل في وهدة الفقر وتدهور الاقتصاد. وأضاف السيد آندرسون، قائلاً: من حيث الصدمة الاقتصادية للسكان، ربما كانت سيراليون هي المكان الوحيد الذي يمر فيه الناس بما يمر به سكان قطاع غزة على أساس يومي.. ومن الحقائق المعروفة عن واقع الحياة في قطاع غزة، أن أكثر من نصف سكان القطاع يحصل على الغذاء من الأمم المتحدة، كما أن الأعداد هي في ازدياد مستمر.. هذا وقد أشارت تقارير وكالة (الأونروا)، التي تتولى تزويد اللاجئين الفلسطينيين بالغذاء والمسكن، إنها - الآن - تتولى تغذية نحو 820 ألفاً؛ أي بزيادة 40 ألفاً عن العام الماضي، فيما يقدم برنامج الغذاء العالمي (WFP) مساعدات غذائية - أيضاً - لنحو 180 ألفاً آخرين من سكان القطاع. هذا وقد حذر الأخ علاء البطة؛ مسئول لجنة كسر الحصار بوزارة الخارجية، أن الوضع الصحي في القطاع ينذر بالخطر الشديد؛ لأن نسبة العجز في الأدوية والمستهلكات الطبية وصلت نحو 50% ... أما المفوض العام الجديد لوكالة (الأونروا) بيير كرينبول، فقد قال: إن كافة تقارير الامم المتحدة الانسانية أو مؤسسات حقوق الإنسان أو الإعلام لا تستطيع أن تعبر بدقة عن حجم المعاناة التي يحياها اللاجئون الفلسطينيون في قطاع غزة، والإحساس بالاستبعاد والعزل المتواصل.. وأوضح أن غزة تتعرض لعقاب جماعي، وطالب قادة العالم والأمم المتحدة بإنهاء هذا الحصار غير الشرعي.
إذا كانت هذه هي أحوال قطاع غزة، وأهلها بهذا الحالة من المسغبة والبؤس والشقاء، فعلى ماذا يراهن بعض من يريدون للوضع الراهن أن يستمر؟!! وهل قدرة الناس على التحمل والصبر يمكن الركون إليها والاطمئنان لها طويلاً، خاصة وهم يرون – سنة بعد أخرى – أن نسبة من هم تحت خط الفقر (Poverty Line) هي في ارتفاع مستمر؟!!
سؤال برسم الانفجار: الشارع الفلسطيني ومقولة "لقاء الفرصة الأخيرة"
إن هناك خمسة عوامل تجعلنا بحاجة لسرعة التحرك، وتقديم كل ما يُعجّل بتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، وهي كالتالي:
أولاً) مخاطر سياسية ومخاوف أمنية، حيث إن هناك من بدأ يتحدث عن فشل أو موت "حل الدولتين"، وهذا الطرح له من يروج له عن قناعة، مثل: السيد هنري سيجمان؛ رئيس مشروع الولايات المتحدة والشرق الأوسط، وكذلك السيد إيان لاستيك، بروفيسور العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا، والذي تحدث عن وهم شعار حل الدولتين ( (Two-State Illusion، قائلاً: لم تعد الدبلوماسية تحت هذا الشعار طريقاً للحل، حيث إن شعار حل الدولتين - الآن - هو بمثابة عصبة عين مريحة من كل الأوهام المتضاربة.. إن الترجمة الإسرائيلية لرؤية "حل الدولتين" هي أنَّ اللاجئين الفلسطينيين يتخلون عن "حق العودة" المقدس، والسيطرة الإسرائيلية على القدس، وتكتل هائل من المستوطنات الإسرائيلية يتخللها شوارع لا يسمح إلا للإسرائيليين بدخولها.!! أمَّا الترجمة الفلسطينية لتلك الرؤية، فهي تتصور حق العودة للاجئين، وإجلاء كافة المستوطنات، والقدس الشرقية كعاصمة فلسطين. وهذا – من وجهة نظر لاستيك – في النهاية هو الوهم بعينه.
قبل سنة تقريباً، كان لي لقاء مع أحد السفراء الأوروبيين، وكان النقاش حول فشل اتفاق أوسلو - بعد عشرين سنة من توقيعه في واشنطن في ايلول 1993م - من تحقيق ما جرى التفاهم حوله؛ وهو مشروع "حل الدولتين"، فقال بطريقة لا تخلو من الدعابة: "من قال لك أن ذلك لم يتحقق.؟ نحن اليوم دولتان؛ واحدة في الضفة الغربية تديرها السلطة في رام الله، والثانية في غزة تحت سيطرة حكومة حماس.!!
للأسف هذا هو واقع الحال، حيث تخطط إسرائيل لتكريس واقع الدولة في قطاع غزة، والعمل على التهام الضفة الغربية قطعة قطعة، وتهويد القدس والمقدسات وإضفاء الصبغة اليهودية على كل أحيائها القديمة، وطمس معالم تراثنا الإسلامي والمسيحي الممتد على كافة أرجائها، وكل هذا يتم بتغطية توفرها إسرائيل بما تمارسه - بمكر وخداع - من "لعبة التفاوض"، والتي ولجناها بدون رؤية واضحة أو تفاهمات متفق عليها حول الأهداف والآليات والاستراتيجية التفاوضية، فقط اندفعنا تحت ضغط الحاجة للدعم المالي، وتطلعاً لمظلة الحماية التي قد تؤمنها الدول الغربية للسلطة في رام الله من سطوة الاحتلال الإسرائيلي وغلاة المستوطنين، وذلك عبر الانصياع لرغبات الراعي الأمريكي، الذي لم يكن يوماً وسيطاً نزيهاً يمكن الاعتماد عليه أو الاحتكام إليه.
إن هناك من بين الإسرائيليين من يعمل على وأد مشروع "دولتين لشعبين"، وجعله من سابع المستحيلات، ويراهن على عامل الزمن وسياسة التوسع الاستيطاني، وما تفرضه من حقائق على الأرض في الضفة الغربية سنة بعد أخرى. كما أن هناك من ينادي بتبني مشروع يعتمد على إنشاء ثلاث كيانات سياسية ( The Three - State Solution)؛ دولة إسرائيل ودولة في الضفة الغربية ودولة قطاع غزة.!!
وقد شاهدنا أن هذه الفكرة بدأت تطرحها شخصيات سياسية وأكاديمية إسرائيلية، يُبيّن تل أبيب، مثل "غيورا آيلاند"؛ أحد المفاوضين الإسرائيليين المقربين من صنَّاع القرار في بحث عنوانه (خيارات إقليمية لفكرة دولتين للشعبين) في مذكرة صادرة عن مركز بيغن – السادات للأبحاث الاستراتيجية، حيث أشار إلى أن "حل دولتين للشعبين - الذي كثر الحديث عنه - غير قابل للتحقيق في الواقعين الإسرائيلي والفلسطيني".
ويحاول آيلاند أن "يعرض حلولا اخرى إقليمية تشارك فيها مصر والاردن، وترمي الى ربط الضفة الغربية - في نهاية الأمر - بالأردن وربط غزة بمصر"، ويرى أن هذا الحل أوفق وأصلح من حل الدولتين.
ويعرض حلين إقليميين بديلين، أولاهما؛ تتخلى إسرائيل فيهما عن غزة وعن أكثر الضفة الغربية، وهو تخلٍّ يُعبر عن المطلب الدولي، ويحظى بتأييد الأكثرية في اسرائيل أيضاً. وثانيهما؛ ليست المسؤولية فيهما عن احراز الحل هي مسؤولية إسرائيل والفلسطينيين فقط، لأنه يُطلب الى دولة أو دول اخرى أن تكون مشاركة على نحو نشيط. فهذا هو منطق التصور الاقليمي".
وتابع أن تلك "الخطتين، التي تتحدث إحداهما عن اتحاد فيديرالي أردني - فلسطيني، والأخرى التي تتناول الحل بتبادل الاراضي لا يناقض بعضهما بعضاً. فهما تُعرضان كل واحدة على حدة؛ لأن لكل واحدة منهما مخططاً مختلفاً، لكن طريقتي التفكير هاتين يمكن أن تأتلفا في حل واحد يشتمل على مزاياهما كلتيهما".
ويقترح آيلاند "سيناريو الحل الأول؛ وهو انشاء مملكة أردنية فيديرالية لها ثلاث دول: الضفة الشرقية والضفة الغربية وغزة. ستكون هذه الدول ولايات بالمعنى الاميركي، مثل بنسلفانيا أو نيوجرسي. ويكون لها استقلال كامل في الشؤون الداخلية".
وهناك أيضاً د. أوري زولتس؛ الأستاذ بجامعة جورج تاون الأمريكية بالعاصمة واشنطن، والذي قدَّم مقترحاً يشير فيه إلى أن حل الدولتين غير عملي وتواجهه مشكلات لوجستية وأمنية صعبة، وأن الأفضل هو تبني خيار "الدول الثلاث؛ أي إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة، كما حدث في السابق عندما انفصلت عدة مقاطعات هندية وشكلت دولة الباكستان؛ الشرقية والغربية، ثم انتهت بعد مواجهات مسلحة إلى دولتين، لينتهي الصراع داخل شبه القارة الهندية بقيام دول ثلاث، وهي الهند وباكستان وبنجلاديش، وتستقر أمور المنطقة بعد ذلك سياسياً وأمنياً.
ويرى زولتس أن دولة غزة يمكن مع الزمن خنقها وحصارها، وإخراجها من تحت سيطرة حماس، وإيجاد حالة سياسية قادرة على التعايش مع جيرانها.!!
ثانياً) تأبيد الانقسام، وتشجيع إسرائيل والمجتمع الدولي للبحث عن حلول للقضية خارج أرض فلسطين التاريخية، وهذه بالنسبة للإسرائيليين المتطرفين هي فقط مسألة وقت، وهم ماضون في مخططاتهم في ابتلاع الأرض الفلسطينية وتهويد مقدساتها الإسلامية والمسيحية.
ثالثاً) استمرار الحصار الظالم على قطاع غزة وخنق ساكنيه اقتصادياً، كما أشرنا سابقاً، لكسر إرادة المقاومة، والتسليم بالقابلية الاستعمارية (Colonialismablity) تحت كنف الاحتلال.
رابعاً) الرهان على سياسة "الضغط يولد الانفجار"، والدفع باتجاه نداءات "الشعب يريد تغيير النظام"، وتحويل قطاع غزة إلى كيانية هزيلة تعتاش على فتات المحتلين.
خامساً) تردي الأوضاع المعيشية والاجتماعية، وذلك في ظل غياب الموارد الطبيعية، والاعتماد شبه الكلي على ما تقدمه المنظمات الدولية من مساعدات، والتي قد يأتي الوقت الذي تنقطع فيه، إضافة لغياب أي إطلالة أمل قريب للجيل الذي أنهكته سنوات الاستنكاف والبطالة، وأحالت الكثيرين منهم للشعور بأن حياته لا تساوي شيء، وهي أقرب إلى "سقط المتاع" والعياذ بالله.
وبشر الصابرين..!!
إن هناك من كان يبشرنا ليل نهار بأن الحصار على وشك أن ينكسر، وأننا نعيش في الربع ساعة الأخيرة منه، ويطالبنا بالصبر والمصابرة، وقد أثبتنا جدارتنا - فعلاً - في التحمل والصمود، وأظهرنا من المواقف البطولية والتضحيات الكثير، وذلك من خلال تصدينا لكافة أشكال الاجتياحات والعدوان الذي تعرضنا له في كانون الاول 2008م وكذلك في تشرين الثاني 2012م.. ولكن نحن ننتظر أن نرى حراكاً جاداً باتجاه المصالحة وإنهاء الانقسام، إذ ليس من العقل والمنطق أن نستمر على ما نحن فيه من فرقة وتناحر وتنابز بالألقاب، ونحن مدركون لكل أبعاد الخطر الداهم الذي يتهددنا جميعاً كشعب، ونعي بإحساسنا الوطني العميق ما تبيته إسرائيل لتفريغ قضيتنا من مضمونها، وذلك بتغييب حقوقنا ومطالبنا المشروعة في التحرير والعودة، ثم نظل – مع كل ذلك - نواصل مسلسل المناكفات ووضع العراقيل أمام أية تحركات جادة لإنجاز مصالحتنا الوطنية.!! إن الخروج من نفق الاحتلال والحصار والقطيعة مع دول الجوار، يستوجب منا سرعة الذهاب للانتخابات وتجديد ما نسميه بقضية الشرعيات، حيث انتهت - بالفعل - صلاحيات الجميع، بأمل أن نتمكن بعدها من تأسيس شراكة سياسية بتوافق وطني يجتمع عليه شمل العائلة الفلسطينية الواحدة ويلتئم الجرح، ونصبح مؤهلين لاستعادة عمقنا العربي والإسلامي، وكسب مواقف التضامن الغربي، وقادرين بما أعددناه من ممكنات الاستطاعة على مواجهة العدو الإسرائيلي الغاصب، وأيضاً القيام بما تمليه المسئولية الوطنية والأخلاقية والدينية تجاه إخواننا الأسرى في سجون الاحتلال ومعتقلاته، وكذلك أهلنا المشردين في المخيمات الفلسطينية في كل من سوريا ولبنان.
ما هو المطلوب لنجاح المصالحة.؟ وهل المطلوب هو عند فتح أم عند حماس، أم عند كليهما معاً.؟
أعتقد أن كل طرف مطلوب منه أن يقدم أفضل ما عنده، وأن يبذل جهده للاقتراب من الآخر.. نحن بحاجة لتنازلات لبعضنا البعض حتى يتحقق النجاح لتلك المساعي والخطوات.. إن من أبجديات علم التفاوض، وأدبيات عمل لجان الإصلاح، أن نبدأ بالأسهل والذي يمكن أن نراكم عليه المصداقية و"بناء الثقة"، حيث إن هذه المسألة وبمعاير "علم الجرح والتعديل"، تذكرنا بضرورة أن يتحسس كل منا "البطحة التي على رأسه"، ومفيش رأس – للأسف - تخلو من أثرٍ لفأس.
أنا هنا أنصح إخواني في قيادة حركة حماس ألا يتشددوا في مطالبهم بتطبيق اتفاق "الرزمة الواحدة"، حيث أن الأمور بخواتيمها، وأن ليس هناك ما يقلقهم إذا اختلت آليات التطبيق، وتبين أن إخواننا على الشاطئ الآخر لهم حسابات مغايرة.. فلنمض في موضوع الاتفاق على موعد الانتخابات، والتفاهم حول الشخصيات التي ستشكل الحكومة الانتقالية التي سيتولاها الأخ الرئيس أبو مازن، ثم نعمل على تعزيز إجراءات بناء الثقة، وذلك من خلال سدِّ باب الذرائع، الذي كانت تفتحه علينا الأجهزة الأمنية بممارساتها القمعية من كبت للحريات وانتهاك للحقوق والحرمات، وذلك عبر اللجوء إلى سياسات الاعتقال والاستدعاءات .
إننا نطمح من وراء هذا للقاء لوفد المصالحة هو بناء رأس جسر من التفاهمات يصلنا بإخواننا في رام الله، لترتيب خارطة طريق بمواقيت محددة نستكمل فيها مشوارنا في تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام. إن التشدد في حوار "الرزمة الواحدة" معناه أننا نحفر خندقاً ولا نبني جسراً، إن علينا التوافق بأن هناك رزمة من الإصلاحات والمواقف والبنود المطلوب من الجميع العمل على إنجازها، والزمن هو جزءٌ من العلاج، لتخطي كل ما يضعه العدو المحتل من عقبات أمام إمكانية التحرك للأمام.
إن على الأخ الرئيس أبو مازن وإخواننا في حركة فتح مراعاة ما يتداوله البعض من مفردات سياسية لا تبعث على الاطمئنان، جميل أن نسمع من إخواننا الفتحاويين أن حماس فصيل وطني من الشعب الفلسطيني، ولكن التشهير والغمز واللمز بالإخوان المسلمين مسألة بالنسبة لنا حساسة وتوجب المراجعة والنظر.
لقد أحببنا مصر تاريخياً بعمقها القومي والإسلامي؛ لقد تعلقنا بالزعيم الخالد جمال عبد الناصر لأنه كان أملنا في تحرير فلسطين وعودة اللاجئين، كما أننا التزمنا بالإخوان المسلمين؛ لأن الإمام حسن البنا اعتبر فلسطين السليبة هي في قلب اهتمامات الحركة، وجيَّش الأمة لأجل قضيتها؛ وكانت ولا تزال في أدبيات الإسلاميين في كل مكان هي قضيتهم المركزية.
إننا نحترم خيارات الآخرين وأيدولوجياتهم، حيث إن مساحة المشترك بيننا وبينهم كبيرة، ويمكننا أن نعمل معاً يداً بيد، بغض النظر عن تلك الاختلافات، التي نراها "لا تفسد للود قضية".
لقد آمنا بالتعددية والشراكة السياسية، ونحن اليوم أكثر قناعة بالتداول السلمي للسلطة، ولدينا الجاهزية لإثبات ذلك، وثقتنا بشعبنا العظيم كبيرة، فنحن لن نحمل المصباح في رائعة النهار لنبحث عن "الإنسان" أو "الحقيقة" كما كان يفعل الفيلسوف اليوناني ديوجين، الذي عاش زمن الإسكندر المقدوني، لأن الإنسان الفلسطيني صاحب أسطورة المجد يمتلك الحقيقة ويعلم أن بوصلته نحو القدس لن تضل طريقها ما توفر الاستقرار ووحدة الصف والكلمة.
أما الطارئين على شعبنا وأصحاب الأجندات الخاصة وطلاب الامتيازات فسوف نتخطاهم، برغم حلكة ما نحن فيه من ظروف اختلت فيها موازين القوى لصالح أعداء قضيتنا.
وللمشككين بأن المصالحة مجرد وهم يتعلق به البسطاء، أقول لهم إننا سنملأ المصابيح زيتاً، ونستعد لكل عادية، لأن كل خياراتنا تبدأ وتنتهي مع المصالحة الوطنية.
ختاماً: من يحمل القنديل.؟
بصراحة، إن ما نفتقده من رجالات فتح وحماس ليس إظهار حُسن النية وصدقية الرغبة؛ لأن الجميع سبق - والحمد لله - أن أكدَّ بأن المصالحة هي "فريضة شرعية، وضرورة وطنية، وحاجة إنسانية واجتماعية ملحة"، ولكن - وهذا هو حجر الزاوية وبيت القصيد – أن الذي نفتقده هو الافتقار لقدرة الفعل، والعجز عن امتلاك الإرادة السياسية، وغياب الثقة في الآخر، إن ما نحتاجه بحق هو القرار؛ لأن الخيارات الأخرى غير إنجاز المصالحة ستأخذنا بعيداً عن الحلم الذي عشنا عمرنا من أجله نعاني وندفع الثمن، إن من نحن بانتظاره هو القائد و"الرجل الرشيد" الذي يُحسن تقليب الأمور والتشاور حولها، ثم يقطع حبل الشك والهواجس بعزيمة التوكل على الله، وقديماً قالوا: "من أكثر النظر في العواقب لم ينل خيراً".
إننا نتطلع - بأمل ورجاء - إلى من يتمتع بالحكمة، ويمتلك البصيرة (Insightfulness) والفطنة السياسية (Political Judgment)، ويعمل بطاقة صاحب الزمان، الذي ستحفظ له صفحات التاريخ سجلاً ناصعاً من المآثر والأمجاد، وخطوات واثقة على طريق النهج والأثر.
يوم واحد لا يكفي
بقلم إبراهيم المدهون عن الرأي
للعلم فإن هناك أكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني مقيدين ومقهورين ومبعدين عن أحب الناس إليهم، تُمنع عنهم الحرية وتُكبل أحلامهم قبل أجسادهم، وهل الإنسان إلا حرية يتنفسها وأحلام يعيشها واقعاً في قلبه قبل مكانه؟!
ستة آلاف أسير يسامون سوء العذاب، فكل واحد منهم هو نفسٌ بشريةٌ تتنفس تأكل تنام تتألم تتعذب في كل لحظة، فهم ليسوا أرقاماً صماء نرصدها ونوردها في تقاريرنا، فوراء كل أسير قصة وزوجة وأطفال وإخوة وأخوات يشتاقون للحظة يقضونها معه، وهناك آلاف القلوب المكوية لأمهاتٍ يتجرعن آلام الفراق والاشتياق مع شمس كل صباح، فكيف حال شعب يحمل هذا الهمَّ على ظهره ويحتمل هذه المعاناة الجماعية والفردية؟!
يوم الأسير وحده لا يكفي، إلا أنه صرخة تخرج من شعب تعود أن يكتم صرخاته ويخفي جراحاته، لأن مشواره طويل ونكبته متجددة وآلامه تشبه آلام المسيح عليه السلام، ووطنه كسفينة نوح يحمل فيها الناجين من غرق الشيطان الصهيوني اللئيم.
يومٌ واحدٌ لا يكفي لنعبر عما بنا من هم تجاه أسرانا، وإنما هو هزةٌ لهذا المجتمع الدولي الظالم، النائم الساكت أمام قضايانا ومظلوميتنا وقسوة واقعنا ومعاناتنا المتجددة مع كل يوم، فيوم الأسير لغة يفهمها العالم الذي جعل لكل قضية يوماً، ونحن قضايانا نتجرعها مع كل نفس نتنفسه.
إن قضية الأسرى هي قضية إنسان، والإنسان هو الوطن وتحرير الأسرى هو تحريرٌ للوطن، وإن صَمتنا وسكتنا على ضيم أسرانا ومعتقلينا فنتحمل جميعنا المسؤولية، لهذا علينا استنفار كل طاقاتنا وجميع أيامنا ودقائقنا لجعلها يوماً للأسير ونصرة له.
علينا بنشر صورهم وأسمائهم وأسماء أبنائهم وأمهاتهم وتفاصيل حياتهم ليعرفها كل كائن على وجه هذا الكوكب وبجميع اللغات، إن قصتنا أيها الناس قصة إنسان يبحث عن وطن حتى وإن كانت زنزانة موت وألم، فعلى شعرائنا أن ينشدوا وجدان الأسير ولوعته، وعلى أدبائنا نشر قصصهم وحكاياتهم برواياتٍ إبداعيةٍ لنقشها في الضمير الإنساني، ومهمة مخرجينا وممثلينا أن يجسدوا لحظاتهم بأفلامٍ سينمائيةٍ محترفة، لتعبر عن جزءٍ من واقع معاناتهم المستمرة.
أعرف أن الاحتلال لن يسمع صراخنا إلا إن تذوق الألم نفسه، وإن تجرع جنوده معنى الأسر والتغييب، وهذا ما حدث في صفقة وفاء الأحرار حينما استجاب مُكرهاً لمطالب شعبنا ومقاومتنا، وعليه فإن جميع حملاتنا وإعلامنا وصراخنا وحديثنا سيفشل إن لم تتحرك البندقية، وإن لم نستطع أن نذيق الجندي الإسرائيلي ما يذوقه جمال أبو الهيجا وإبراهيم حامد وأحمد سعدات ومروان وعبد الله البرغوثي وحسن سلامة وإخوانهم الشجعان.
نداء الهجمة العنيفة
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
يتعرض المسجد الأقصى الآن لأشد هجمة يمينية توراتية منذ احتلال مدينة القدس في عام 67م وحتى تاريخه. مظاهر هذه الهجمة الشديدة والعنيفة نقلتها وسائل الإعلام والفضائيات بالصوت والصورة، ورأها ملايين العرب والمسلمين في العالم. لا يختلف اثنان ممن عاشوا الهجمة الشديدة في القدس دفاعا عن الأقصى، أو ممن تابعوها عبر الإعلام غيرة على الأقصى، وطلبا لشرف المشاركة في الدفاع عنه، على أن هذه الهجمة العنيفة ليست مسبوقة. ومن ثمة تساءل الجميع عن السبب، والهدف، قائلين: لماذا الآن؟ وما الهدف؟
والجواب يكمن في (الهدف، والمخطط) ، اليميني التوراتي الاستراتيجي للمسجد الأقصى، والذي يمكن تلخيصه في كلمتين:
الأولى - فرض الأمر الواقع (على المكان، وعلى الإنسان) ، أعني المسجد نفسه، والمسلمين أنفسهم، حيث يتضمن الأمر الواقع تقسيم المسجد مكانيا، وزمانيا، بين اليهود والمسلمين، ووضع المكان في موضع التنازع، وتوجيه التنازع نحو العنف، من خلال تكتيك التحرش العنيف بالمرابطين والمدافعين عن إسلامية المسجد الأقصى. ومن ثمة تبرير تدخل الدولة الصهيونية من خلال القانون، والجيش، لفض الاشتباك والتنازع، بالقسمة المكانية والزمانية، والتي ستفضي لاحقا لإنهاء السيادة الأردنية الرمزية، التي تضمنتها الاتفاقيات المعقودة بين الطرفين.
والثانية- الانتقال بعد التقسيم الى مرحلة إقامة الهيكل داخل باحات المسجد الأقصى، إن تعذر الوصول الى هدم الأقصى في هذه المرحلة. إن مبدأ إقامة الهيكل على انقاض الأقصى حلم يراود كل يهودي توراتي، وهو حلم تغذيه عقيدة مزيفة، واعتقاد بأن حكومات اسرائيل مقصرة في حق اليهود، وأن الحقوق تنتزع، وأن سياسة الأمر الواقع وإن كانت عنيفة تبقى هي الخيار المتاح أمام اليمين.
هل سيهدم الأقصى ؟ سؤال الإجابة عليه ( بربما ) كافية، لتفسير الهجمة العنيفة على الأقصى والمدافعين عنه.
إن المشاعر العقدية والوطنية، الفردية والجماعية، داخل القدس، وفي 48م، هي الحصن المتبقي عند الفلسطينين للدفاع عن القدس، ومن شأن العنف اليهودي هذا أن يضعف قوة المدافعين والمرابطين تدريجيا، ما لم يتحرك بقية الشعب الفلسطيني، في أماكن تواجده لنصرتهم، وما لم تتحرك الأنظمة والشعوب العربية لنصرة الأقصى والحفاظ على اسلاميته، وقدسيته.
إن حريق الأقصى سيبدو هينا أمام ما يخطط للأقصى، وأمام الهجمة العنيفة، وفرض الأمر الواقع. وإذا كان الحريق قد كشف عن ضعف العرب والمسلمين، فإن ما يجري ربما يحمل شهادة وفاة لكل من يزعمون حب الأقصى والدفاع عنه من القادة والملوك والأمراء. الأقصى في مرحلة الخطر الأشد، والمدافعين العزل بداخلة وممن حوله لا يملكون الأدوات الكافية لمواجهة الأمر الواقع الذي يفرض على المكان والإنسان، بقوة السلاح وقنابل الغاز، والاعتقال، وبقوة القانون، وبقوة المتدينين والمستوطنين.
ربما نجح المرابطون أمس في إحباط الهجمة العنيفة في أعياد اليهود لسنة 2014، ولكنهم كيف سينجحون في كسر هجمات الغد، والعام القادم، وهم لا يرون حراكا عربيا وإسلاميا مناصرا، ومعينا، بشكل يبعث فيهم الأمل بالنصر.
نداء الى كل عربي ومسلم، تأمل هذه الهجمة العنيفة، وبادر لنصرة الأقصى، قبل تقسيمه، أو هدمه، وقبل أن تأثم بنسيانه ، يلحقنا عار خذلانه.
دماؤنا و دماء اليهود!
بقلم صلاح حميدة عن المركز الفلسطيني للاعلام
أثارت تصريحات وزير الأوقاف في الضفة الغربية ـ محمود الهباش ـ التي حرّم فيها قتل جنود و مستوطني الاحتلال، و ساوى بين دمهم و بين دم الفلسطينيين، ردود فعل واسعة في الشارعين الاسلامي و العربي بشكل عام، و في الشارع الفلسطيني بشكل خاص، كما أثارت اهتمام الإعلام الإسرائيلي أيضا.
من المهم الانتباه إلى أنّ تلك التصريحات تأتي في إطار خدمة المشروع السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، و ليست بدعاً من الهباش، و هي أحد أشكال الاستخدام الفظ للدين في خدمة السياسة من أكثر الناس اتهاماً لخصومهم بتوظيف الدين لخدمة أهدافهم السياسية.
تسليط الضوء على الهباش و انتقاده و شتمه، كان دافعه في الغالب من باب أنّه بلا ظهير و لكون النّيْل منه لا ثمن له، و هذا لا يعني أنَ تصريحات و سلوكيات الهباش تعجبني بشكل عام، و لكن من المهم التحلّي بالموضوعية في تناول السياسيين و السلوك السياسي.
الصراع بيننا و بين الصهيونية قائم لأسباب تتعلق بحقوقنا التي سلبتها الصهيونية منا كشعب، و لا تتعلق بدين و دم من سلب، فالصراع هو مع من سلب فقط، فقد يسلب حقك و أرضك و يقتلك و يشردك من دمه و دينه مثلك، فهل هذا يقتضي أن لا تدافع عن حقك؟.
فاليهود بشر مثلنا كمسلمين و عرب و لا يختلفون في خوّاصهم الفيزيائية عنّا، و نحن إن تبنّينا نظرية أنّ دمنا أعلى مرتبةً من دمهم نقع في نفس خطيئتهم {شعب الله المختار} و لذلك نقض كلام الهباش يقع في الأصول الأولى التي أدت لسفك الدماء، و هي قتل و تشريد و احتلال أراضي الشعب الفلسطيني التي تطلبت أن يقاوم الشعب الفلسطيني هذه الإبادة و التشريد الممنهج على يد الحركة الصهيونية، و لذلك يتحمل مسؤولية سفك دم هؤلاء مَن جلبهم ليسلبوا حقوق غيرهم.
يعيش اليهود بين العرب والمسلمين منذ مئات المسلمين، و لم يكن بينهم صراع إلا في مراحل معينة تتعلق بالممارسة السياسية و الصراع الحربي مع الخصوم في الجزيرة العربية، و ما عدا ذلك كانوا يهربون من أوروبا المسيحية للاحتماء بالعرب و المسلمين، و كانت لهم مكانة كبيرة في الأندلس {عصرهم الذهبي} وفي الدولة العثمانية وغيرها، ولذلك لم تنجح محاولات نابليون في استمالتهم عندما حاصر عكا.
خلاصة القول إنّ الكثير من اليهود يرفضون الصهيونية و يرفضون سلب حقوق الشعب الفلسطيني، بينما يوجد عرب و مسلمون و مسيحيون من غُلاة الصهيونية، و هذه لا علاقة لها بنوع الدماء التي تجري في عروق النّاس.
عباس يهدد بالتيس المستعار
بقلم مصطفى الصواف عن المركز الفلسطيني للاعلام
هل حقا محمود عباس يريد مصالحة أم يريد الانتخابات من المصالحة؟، وهل المصالحة انتخابات؟ وهل يعتقد عباس أن الانتخابات ستخرج حماس من الساحة السياسية؟، وهل يعتقد عباس أن حماس تخشى من الانتخابات؟ وهل عباس وضعه الانتخابي وحركة فتح في أحسن أوقاته؟ لو جرت انتخابات حرة ونزيهة وفي أجواء ديمقراطية بعد أن يتم تهيئة البيئة السياسية الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة بحيث تتاح الفرصة المتكافئة للجميع لممارسة عملية انتخابية حقيقة تعبر عن ما يريده الشعب الفلسطيني في المرحلة القادمة.
عباس عندها رفع سيف المجلس المركزي في وجه حماس ربما يعتقد أن هذا السيف المرفوع جعل حماس في حيص بيص مرتبكة وتخشى أن تتنزل عليها رحمات المجلس المركزي والذي بات أشبه بالتيس المستعار يستدعي كل حين وحين من أجل تحليل فعل شائن يريد أن يقدم عليه من في السلطة، فعلها ياسر عرفات عند زيارة كلنتون إلى قطاع غزة وفيها تم شطب المقاومة والتأكيد على الاعتراف (بإسرائيل) واعتبر ما قامت عليه المنظمة شيئاً من التاريخ سقط ولا قيمة له وان الشعب الفلسطيني يعيش مرحلة جديدة بحاجة إلى ميثاق جديد يتوافق مع هذه المرحلة، وسرعان ما أدرك عرفات حقيقة الأمر وعمل على عكس ما تعهد به أمام كلنتون وكانت الانتفاضة الثانية انتفاضة الأقصى.
اليوم عباس يريد أن يفعل ما فعله عرفات ولكن يبدو أن الإدراك الذي كان لدى عرفات غير موجود لدى عباس وهو يسعى إلى كل ما يسمح له ببيع الوهم للشعب الفلسطيني ولغير الشعب الفلسطيني من خلال الانتخابات ويحصل على ما يسمى بالتفويض للمضي في مشروع التفريط والتنازل تحت ذريعة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ونسي عباس أن من ضمن بنود اتفاق المصالحة الذي وقعت عليه القوى والفصائل الفلسطينية في القاهرة إعادة الحياة لمنظمة التحرير ومؤسساتها وهذا إقرار أن هذه المؤسسات ليست بالمؤسسات التي يمكن أن تقرر في مصير الشعب والقضية وان هذا الاستدعاء أو التهديد بالمجلس المركزي هو لا قيمة له لأن هذا المجلس لا يمثل الشعب الفلسطيني باعتراف فصائل الشعب الفلسطيني وقواه الحية.
عباس بتصريحاته السلبية يخلق أجواء مشحونة ويدلل على سوء نوايا لأن التهديد باتخاذ إجراءات وقرارات ودعوة لعقد المجلس المركزي لو رفضت حماس إجراء الانتخابات يجعل مهمة الوفد الخماسي أكثر صعوبة ويجعل أجواء الزيارة أجواء غير سوية وهو يكتب بهذه التصريحات فشل لما يسعى اليه الوفد من اجل تطبيق اتفاق القاهرة.
هذا الوفد مخطئ لو حصر مهمته فقط في الانتخابات، فهي مسألة تشكل جزءاً من كل، وإذا أراد هذا الوفد النجاح وإحداث اختراق في آلية وكيفية تنفيذ أتفاق المصالحة الذي يشمل العديد من النقاط بحاجة إلى تزامن في تنفيذها لأن الاتفاق هو اتفاق رزمة وليس اتفاقا انتقائيا ويتم التعامل معه بالتجزئة وهذا يعني فشلاً لهذا الوفد الخماسي في وقت ينتظر الجميع فيه إنهاء حالة الانقسام والتوحد كشعب فلسطيني في مرحلة صعبة بحاجة إلى إعادة تقييم للمرحلة السابقة والجلوس من أجل التفكير الجمعي في تأسيس لمرحلة جديدة متفق عليها تعتمد على إستراتيجية سياسية جديدة متفق عليها أساسها ثوابت الشعب الفلسطيني مبنية على الشراكة السياسية والمسئولية المشتركة بعيدا عن خداع أنفسنا بالدولة لأننا في مرحلة تحرر وطني يجب أن نتخطاها ثم نبدأ في بناء الدولة الفلسطينية.
انصح الوفد الخماسي بتأجيل زيارته إلى غزة والعمل على ترطيب الأجواء وخلق بيئة إيجابية قبل المجيء إلى القطاع ووقف كل أشكال التهديد وفرض الشروط والتأكيد على أن الزيارة تهدف إلى إيجاد الوسائل التي تتيح تنفيذ اتفاق القاهرة رزمة واحدة، الانتخابات جزء منها إذا أراد هذا الوفد النجاح وتحقيق اختراق في ملف الانقسام وتحقيق المصالحة.
عن مؤتمر فلسطينيي أوروبا مرة أخرى
بقلم إبراهيم حمّامي عن المركز الفلسطيني للاعلام
يبدو أن الموقف السابق الذي عبرت عنه بتاريخ 11/04/2014 قد تم استغلاله من قبل بعض المتصيّدين في سلطة رام الله أو بعض القوى المتربصة لأي عمل ناجح في القارة الأوروبية.
ويبدو أن هؤلاء حاولوا ويحاولون إفشال المؤتمر والطعن في منظميه وبكل الوسائل.
قلت وما زلت أكرر أن مؤتمر فلسطينيي أوروبا كان وما زال الأكبر والأنجح في فعاليات الفلسطينيين خارج الوطن المحتل، وبات من أهم العقبات في وجه محاولات اسقاط حق العودة.
إن إعلاني السابق حول عدم المشاركة بسبب وجود ممثل فتح في باريس عاملاً ومندوباً لمحمود عبّاس الذي فرّط ويفرّط بحق العودة جهاراً نهاراً لا يعني بأي حال ترك الساحة لهم ليصولوا ويجولوا ويتاجروا بقضيتنا وحقوقنا.
وقد حرصت شخصياً على حضور مؤتمر فلسطينيي أوروبا بجميع دوراته المتلاحقة والمشاركة الفاعلة فيه لأهميته ودوره، ولم أتغيب إلا عن الدورة الأولى في العام 2003 بسبب مرض والدي رحمه الله والذي توفي في ذات العام، وما زلت أحرص على إنجاح هذا المؤتمر لأنه النشاط الحقيقي والوحيد خارج فلسطين بلا استثناء الذي يحشد ويؤكد على حق العودة بزخم رسمي وشعبي ووطني لا ينافسه فيه أحد.
وما أعلنت عنه قبل أيام من موقف لم يكن بأي شكل طعناً في المؤتمر أو منظميه كما حاول البعض تفسيره والبناء عليه واستغلاله لضرب وإفشال الدورة القادمة في باريس في الثالث من شهر مايو/أيار 2014، وهو ما أوضحته في الرسالة السابقة بلا أي لبس أو تشكيك في المؤتمر، بل أكدت فيها رغم الاعلان عن عدم المشاركة على قوته ونجاحه ودوره خلال الأعوام الماضية
وأني لأشهد أن منظمي المؤتمر والقائمين عليه ومنذ دورته الأولى في العام 2003 هم من الذين يعملون بلا كلل أو ملل لرفع صوت الفلسطيني في الشتات والوقوف في وجه محاولات تهميشه، رغم الصعوبات والعقبات وحتى الطعنات من المقربين!
كما لم يكن موقفي ذاك دعوة للمقاطعة أو إفشال المؤتمر، وهو الهدف الذي سعت وتسعى إليه الطغمة التي تعبث بحقوقنا وثوابتنا طوال السنوات الماضية، وهو ما نرفضه جملة وتفصيلا.
ولم ننس بعد أن مؤتمر فلسطينيو أوروبا الحادي عشر بمدينة بروكسل عاصمة بلجيكا والاتحاد الأوروبي العام الماضي شهد تطوراً وختاماً دراماتيكياً غير متوقع، حيث أعلن المنظمون وبشكل واضح لا لبس فيه أن محمود عباس ومنظمته وسلطته وسفارته تآمروا لافشال المؤتمر، وحرضوا واتصلوا وفعلوا المستحيل لهذا الغرض، ووصل الأمر لتسمية محمود عباس وعاملته في بروكسل ليلى شهيد كمسؤولين مباشرين عن ذلك
بعد نشر موقفي الواضح في 11/04/2014 من رفض مشاركة سفير فتح في باريس ورفض أي وجود وشرعنة لمن باعوا وفرطوا وتاجروا بكل شيء، تواصل معي العديد من الأصدقاء وعلّق آخرون على صفحات التواصل الاجتماعي - ما زالت التعليقات موجودة - من منطلق عدم ترك المجال للمفرّطين ليبيعونا وطنية وأخلاق ويزاودوا علينا بحق أسقطوه، ومنعاً لأي استغلال أو تصيّد أو طعن في المؤتمر والقائمين عليه، فقد قررت التوجه للعاصمة الفرنسية باريس والتواجد في أروقة المؤتمر
مع تأكيدي على موقفي السابق من رفضي التام لوجود سفير فتح في مؤتمر يتحدث عن حق العودة، ورفضي إعطاء عبّاس ومن يمثله منبراً ليتحدث بوقاحة عن حق تنازل عنه، ورفضي التام لأية تبريرات تضفي الشرعية على من سقطوا قانونياً ووطنياً وأخلاقياً، فإن تواجدي سيكون مقروناً بإبقاء الخيارات قائمة بشأن كيفية التعامل مع مشاركة محمود عبّاس عبر عامله في باريس في جلسات المؤتمر، وكيفية مواجهة ذلك دون إفشال المؤتمر، أو منح الشامتين فرصة للتشفي
أتوجه للقائمين على مؤتمر فلسطينيي أوروبا في دورته الثانية عشر بباريس ومن باب الشفافية والمساواة، إعطاء أبناء الشعب الفلسطيني المشاركين في المؤتمر والرافضين لمواقف وأقوال وأفعال وتنازلات محمود عبّاس ومن معه ومن يمثله فرصة متساوية للرد على أية إدعاءات أو انحرافات متوقعة في مشاركة سفير فتح في باريس، وبالشكل الذي يضمن إيصال رسالة مضادة لمن يدّعون تمثيل الشعب الفلسطيني بلا تفويض ولا تكليف، ودون المساس بالمؤتمر
مع التأكيد أننا لم نفوض ولم نخول ولم نكلف لا محمود عبّاس ولا منظمته ولا سلطته ولا حركته ولا أي أحد على وجه الأرض بالتنازل عن حق العودة أو العبث به أو أي حق من حقوقنا الأخرى، فإننا نتحداهم جميعاً أن يقفوا ويعلنوا أن العودة الحقيقية إلى المدن والبلدات والقرى الأصلية التي طرد منها الشعب الفلسطيني، اي إلى يافا وحيفا وعكا والناصرة وصفد وطبريا وبيسان واللد والرملة وبئر السبع وأم الرشراش، إلى الجليل والمثلث، إلى الساحل والنقب، وإلى كل فلسطين التاريخية، لا إلى دولة مزعومة مخصية جعلوا منها انتصاراً واستحقاقاً موهوماً
أخيراً ولكل ما سبق أؤكد وبوضوح شديد جداً ودون أي لبس أو غموض أني لن أكون بأي حال وبأي شكل شاهد زور لعصابة ارتضت أن تكون مطية للاحتلال، وتحاول استغلال المؤتمر الأنجح فلسطينياً كمنبر لإضفاء الشرعية المفقودة على نفسها، بعد أن أسقطت كل الحقوق وعلى رأسها حق العودة، وإن كان الموقف بعدم المشاركة رسالة، فإن المشاركة والتصدي للطغمة المفرطة سيكون رسالة أقوى بلا شك.
حماس.. الرزمة الواحدة والأولويات
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
للمرة الأولى نسمع شيئا_فيما يخص المصالحة_ من حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى جانب " الرزمة الواحدة" وهي الأولويات" حيث قال القيادي في الحركة د.صلاح البردويل: " نحن مع تطبيق اتفاق المصالحة رزمة واحدة، ومع دراسة الأولويات، وما نتوصل إليه معًا كفصائل من الأولويات التي تحكمنا حسب حاجاتنا، فإذا كان ما نحتاجه مثلاً هو فقط إجراء الانتخابات دون النظر إلى الأخطار التي تحدق بالقضية الفلسطينية، وإلى أن القرار الفلسطيني يتعرض للاستفراد من قبل طائفة معينة وأن منظمة التحرير لم تعد قادرة على أن تحمي الشعب الفلسطيني، كان قرار الانتخابات... الخ ".
البردويل أكد على تنفيذ الاتفاق رزمة واحدة مع دراسة الأولويات، وأنا اعتقد أن الاستعداد لدراسة الأولويات يعني الاستعداد لتفكيك الرزمة الواحدة ومن ثم إمكانية التوصل إلى حل في الوقت الذي ترفض فيه حركة فتح تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بحذافيره مما قد يتسبب في تعطيل المصالحة، وهذا يعني أن حماس تقدم " تنازلات" من اجل الصالح العام.
حماس ترى بأن القضية تمر بوضع خطير وذلك يستدعي سرعة تفعيل منظمة التحرير أي أن الانتخابات وحدها لا تكفي،وربما تعتقد حماس بأن الانتخابات قد تمنح الرئيس الشرعية ثم يمضي لاستكمال مفاوضاته مع الجانب الإسرائيلي.
استمرار الانقسام يعني ترك منظمة التحرير تتخبط في مفاوضاتها مع العدو الإسرائيلي، وبشهادة حماس فإن وضع القضية الفلسطينية في ظل الانقسام هو الأسوأ على الإطلاق،وبالتالي فإن عدم انجاز المصالحة سيضر بالقضية الفلسطينية، وهكذا تكون حماس أمام ثلاثة خيارات: مصالحة الرزمة الواحدة أو مصالحة الأولويات أو " لا مصالحة".
أما مصالحة الرزمة الواحدة فإن نسبة نجاحها حاليا تقترب إلى صفر، وقد تحدثنا عن ذلك بما يكفي، وكذلك فإن عدم انجاز المصالحة يتناقض مع رغبة الشعب الفلسطيني ومصالحه ولن يصبر الشعب إلى الأبد على الانقسام، وبالتالي فإن الخيار الأفضل هو مصالحة الأولويات أو المصالحة المتدرجة.
إذا ذكرت الأولويات فإن المصالحة المجتمعية تأتي في المرتبة الأولى وسبق أن قلت بأنها " لب المصالحة" وهي التي ننتظرها، أما الانتخابات وتشكيل الحكومة بالنسبة للشارع الفلسطيني فليست ذات أهمية كبيرة، ومع ذلك يمكن انجازها إن كان هناك ضمانات بعدم تدخل الغرب و(إسرائيل) وضمانات داخلية بقبول نتائجها دون إعادة الانقلاب عليها أو الانجرار إلى انقسام آخر، وإذا تم انجاز هذه الملفات ؛ المصالحة المجتمعية والحكومة والانتخابات نكون قد قطعنا مرحلة لا بأس بها ، ثم يكون بعد ذلك النظر في ملف منظمة التحرير وغيره، وحتى ذلك الحين فإنه من حق حماس على الفصائل الفلسطينية وخاصة حركة فتح الإقرار بأنه لا يحق لمنظمة التحرير الفلسطينية التفاوض مع " اسرائيل" باسم الشعب الفلسطيني إلى حين إعادة تأهيل المنظمة وانضمام جميع الفصائل إليها بانتخابات المجلس الوطني.
ترميم حماس لعلاقاتها الإقليمية
بقلم عدنان أبو عامر عن فلسطين اون لاين
لم يعد خافيًا أن حركة حماس تحاول في الأشهر الأخيرة استرجاع بعض علاقاتها الإقليمية التي خسرتها الأعوام الماضية: مع إيران بسبب الموقف من سوريا، ومع مصر بعد الإطاحة بالإخوان المسلمين، وفي سبيل ذلك أجرى رئيس الوزراء إسماعيل هنية 8 اتصالات مع مسؤولين عرب في الأسبوع الأول من أبريل الحالي، شملت أمير قطر ووالده الأمير السابق، ورئيسي تونس واليمن، ورؤساء حكومات ماليزيا والأردن والمغرب، ووزير خارجية السعودية، في حين أرسل زعيم حماس خالد مشعل لأمير الكويت رسالة لشرح الأوضاع الفلسطينية.
وزار وفد من حماس وزير الإعلام اللبناني رمزي جريج؛ لمناقشة موقفها الداعم لتحييد المخيمات الفلسطينية، ورفض استخدامها للعبث بأمن لبنان، وعلى صعيد العلاقات مع إيران ومصر تزايدت الأحاديث بقرب زيارة مشعل إلى الأولى، وبدء ضخ الدعم المالي لغزة، في حين أجرى هنية اتصالًا هاتفيًّا بالمخابرات المصرية؛ لوضعها بصورة تحركات إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، مبديًا حرصه على استمرار رعاية مصر، وتقديره دورها.
الواضح أن حماس اجتازت بعلاقاتها الإقليمية اختبارات قاسية، وأن توجهها الجديد يقضي بالاتصال بمختلف الأطراف، وإقامة علاقات إيجابية معها، وإعلان جاهزيتها للتعامل مع القوى: الإسلامية، والمسيحية، والليبرالية، بعد اتهامها بانحيازها فقط إلى تيار الإسلاميين، وربما تتضح معالم الإستراتيجية الجديدة لحماس في نشاطها الملحوظ مع القوى السياسية في مصر؛ لإزالة القلق تجاهها مع تصاعد الاتهامات لها.
وفي لبنان بدأت وفود من حماس زيارات إلى القوى السياسية، أواخر فبراير وأوائل مارس الماضيين، ودخلت مواقع مسيحية للمرة الأولى؛ لتبرئة الوجود الفلسطيني من تهم شتى بدأت تتراكم حوله، وعلم كاتب السطور أن مشعل قد يزور بيروت قريبًا عقب توجهه إلى طهران للقاء زعيم حزب الله، مع نفي حماس وجود ترتيبات للزيارة حاليًّا، وترحيبها بفتح صفحة جديدة مع جميع الحلفاء.
يتضح مما سبق أن أهداف الحركة الأساسية أخيرًا تتمثل بـ: رفع العزلة الإقليمية، وإيجاد شبكة أمان مالية لإنقاذ الوضع في غزة، والتواصل مع الاتحاد الأوروبي لرفع اسمها من قائمة "الإرهاب"، لكن قرار بريطانيا الأخير أوائل أبريل الحالي بمراجعة أدبيات جماعة الإخوان المسلمين، استجابة لطلب سعودي مصري؛ قد يحد من أي تواصل غربي مع حماس، فلم تشهد الأشهر الأخيرة عقد لقاء بين الجانبين لعدة أسباب، منها: الحملة التي تشهدها المنطقة على الإسلاميين، وانطلاق المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، وعدم رغبة الأوروبيين داعمين لحماس الرافضة للمفاوضات.
وعلى صعيد الأزمة المالية صرفت حكومة حماس نصف راتب لموظفيها البالغ عددهم نحو 50 ألفًا، بعد عجزها عن دفعها شهورًا متواصلة، عقب الأزمة المالية التي اشتدت على القطاع بعد إغلاق الأنفاق مع مصر، وتوقف الدعم الإيراني.
حماس تبدو في حالة مراجعة لبعض سياساتها تجاه الدول العربية؛ للنأي بنفسها عنها، ما يحتم عليها السير بمعترك شائك بدقة وحذر؛ لأن التحدي الجديد في علاقاتها الإقليمية يضع أمامها مهمة كبيرة:
الحذر من وقوعها في شرك الاستخدام والتوظيف، وبناء علاقات متوازية مع حكوماتها، وألا تثير حساسيتها من علاقتها بالمعارضات داخلها؛ لأنه في ضوء القطيعة التي سادت هذه العلاقات الحركة مطالبة بالابتعاد عن سياسة الاتهام، دون قطع جسور التواصل، خاصة مع ازدياد الدول العربية ضعفًا كل يوم، ما يجعلها أكثر قابلية للتراجع أمام المشروع الأمريكي، فتتجه إلى مزيد من التضييق على الحركة، وسد المنافذ عليها.
ولما كان هدف تحرير فلسطين هو الناظم لعلاقة حماس بالدول المختلفة؛ فهي تنأى بنفسها عن لعبة المحاور، ولن تكون مع طرف ضد آخر، ما يعني أن الحركة ستمضي في علاقاتها الإقليمية على "حبل مشدود"؛ لأن الدول المقصودة: إيران والأردن والسعودية ومصر لم تنفتح بالكامل عليها، ولم تغلق في وجهها الأبواب كليًّا، وبقيت مواقفها "غامضة"، ما يزيد من تعقيدها، وهي تخشى توزيع الأدوار بين الدول تجاهها، في ضوء اتفاقها على ملاحقة الإخوان المسلمين الجماعة الأم للحركة.
ولذلك ربما تشغل دولة عربية حماس بلقاءات جانبية تحت إغراء إعادة العلاقات، وأخرى تربطها بطوق من الدعم المالي، وتقنعها بالتعقل والروية، وثالثة تقسو عليها، ما يظهر حالة من الفرز والتمحور والانقسام تسود العالم العربي منذ اندلاع الثورات، وتأثيراتها المستمرة في السياسات الإقليمية لحماس.