النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 685

  1. #1

    اقلام واراء محلي 685

    في هذا الملـــــف:
    ü خطاب أبو مازن ... متوازن وحازم
    بقلم: حديث القدس – القدس
    ü قرار فلسطيني تاريخي..
    بقلم: صالح عوض – القدس
    ü التغيير والإصلاح في المحكمة العليا...!
    بقلم: المحامي جواد بولس – القدس
    ü الأحد... وكل يوم أحد...المصالحة... بين المراوحة والواقع على الأرض
    بقلم: المحامي زياد أبو زياد – القدس
    ü "اتفاق إطار" المصالحة وانكشاف أطرافه !!
    بقلم: هاني حبيب – الايام
    ü استبعاد النساء عن مشهد المصالحة
    بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
    ü شرط إنهاء الانقسام: الاتفاق على المشروع الوطني
    بقلم: د. فيحاء قاسم عبد الهادي – الايام
    ü ماضون في خياراتنا
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    ü الوجه الآخر لتهديدات نتنياهو!
    بقلم: موفق مطر – الحياة
    ü عـــائـــد الـــى غـــزة
    بقلم: د.ناصر اللحام – معا











    خطاب أبو مازن ... متوازن وحازم
    بقلم: حديث القدس – القدس
    على ضوء اتفاق المصالحة والضجة المفتعلة التي تحاول اسرائيل إثارتها، انعقد المجلس المركزي لبحث تطورات الوضع الراهن وما هي الاحتمالات والبدائل المختلفة، وألقى الرئيس أبو مازن خطابا في غاية الأهمية والوضوح تناول فيه كل القضايا بكل الأبعاد والخلفيات، وكان خطابا متوازنا وواقعيا وكان في الوقت نفسه حازما وصريحا.
    أكد أبو مازن ان حكومة التوافق الوطني المقترحة ستلتزم بكل الاتفاقات وهي شأن فلسطيني داخلي لا علاقة له بالمفاوضات التي تتولاها رسميا منظمة التحرير، وقال انه ضد العنف وضد الارهاب ايضا وان التفاوض هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الأهداف ... ولكن للتفاوض شروطا ومتطلبات وليست مجرد مضيعة للوقت او غطاء للاستيطان وكل الممارسات الاسرائيلية ... وأضاف ان الهدف واضح وهو إقامة دولة فلسطينية في حدود 4 حزيران 1967، واذا التزمت اسرائيل بهذه المرجعية وأوقفت الاستيطان بشكل كامل تماما فان من الممكن تمديد المفاوضات ثلاثة أشهر أخرى أو أكثر.
    بهذا لم يترك الرئيس أية ذريعة تتذرع بها اسرائيل للتهرب من عملية السلام سواء تمت المصالحة وحكومة التوافق او لم تتم لأن الموقف في الحالتين واحد وواضح. لكن اسرائيل، كما هو معروف وكما يؤكد الرئيس لا تريد السلام ولا حل الدولتين وهي ترفض وقف الاستيطان والاعتراف بمرجعية حزيران 67 ثم تقول إننا نعطل العملية .. وهذا كلام باطل وقد جربناه خلال أكثر من عشرين عاما من المفاوضات العبثية.
    واذا كانت اليد الممدودة للسلام قوية فإن الرد على المواقف الاسرائيلية كان حازما وحاسما بلسان أبو مازن حين قال اكثر من مرة اذا كانوا لا يريدون الالتزام بمتطلبات السلام ويصرون على ممارساتهم المعروفة والمرفوضة، فاننا لن نقبل بذلك وسنقول لهم تعالوا ومارسوا احتلالكم المباشر واستلموا الضفة وغزة وتحملوا مسؤوليات هذا الاحتلال وكانت هذه في تقدير كل المراقبين، إشارة الى ما تردد سابقا من حديث عن احتمالات حل السلطة الوطنية وعدم استمرار الوضع الحالي بالصورة الحالية المرفوضة.
    وهذا موقف هام يبدو أنه الأول من نوعه وهو يفتح الأبواب أمام كل الاحتمالات والتطورات، وهو ليس رسالة الى اسرائيل وحدها ولكنه الى المجتمع الدولي عامة والولايات المتحدة بصورة خاصة وهي التي تسعى لتحقيق السلام القائم على حل الدولتين، وفيه تأكيد على اهتمامنا وسعينا واستعدادنا لتحقيق هذا الحل وإذا عرقلته اسرائيل فإن عليها تحمل المسؤولية.
    وجها المعادلة واضحان وموقفنا واضح ويجب محاسبة من يعيق ويضع العقبات أمام حل كهذا.
    قرار فلسطيني تاريخي..
    بقلم: صالح عوض – القدس
    تعود الفلسطينيون أن يصنعوا التميز والحدث الذي يحرك الساكن ويمنح المنطقة كلها أهميتها .. هذا ما حصل في أكثر من محطة تاريخية وهم يختارون لفعلهم طقوسا تجعل منه مشهدا تراجيديا بامتياز..في مخيم الشاطئ وبين حاراته المسماة بأسماء البلدات التي هاجر منها سكانه كان اللقاء الفلسطيني في حارة الحمامية وبجوارهم حارة اليفاوية واللدادوة واسدود والمجادلة..لقاء في مكان يشهد عليه الفلسطينيون من كل المدن الفلسطينية والقرى والبلدات ليكون عبقه فلسطينيا صافيا.
    جاء قرارهم تاريخيا لأنه يحرك الساكن ويلغي الروتين المميت الذي ظنه صانعوه و المستفيدون منه أبديا..جاء تاريخيا لأنه فاصل بين مرحلتين واحدة تنتهي بكل مراراتها وثانية تأتي بكل عنفوانها وتفاؤلها.
    وهنا لا بد من الاقتراب لتركيب محصلة النتائج في مشهد يكشف لنا خطوات قادمة ضرورية لإحداث التراكم المطلوب في الملحمة الفلسطينية الأسطورية.
    فعندما يخير بنيامين نتنياهو السلطة الفلسطينية بين المصالحة مع حماس أو السلام مع إسرائيل نكتشف كم هو عظيم إنجاز ما حصل بين فتح وحماس بالأمس عندما تم الإعلان عن البدء في تشكيل حكومة فلسطينية بقيادة الرئيس الفلسطيني..
    وعندما يخرج أبناء الشعب الفلسطيني في غزة يحيطون الوفدين المجتمعين في مشهد له دلالته بضرورة الخروج باتفاق لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، فإن ذلك يعني بوضوح أن الأمر بلغ ذروته ولا متسع للوقت بعيدا عن العمل المشترك الواحد.
    وعندما تعلن الإدارة الأمريكية عزمها على وقف المساعدة الممنوحة للسلطة لمجرد أن حاول الفلسطينيون توحيد صفهم والخروج من فتنة عمياء دفعوا ثمنها كثيرا من سمعتهم وقوة دفعهم..أن هذا يكشف لنا خطورة أية خطوة فلسطينية وأن الفلسطينيين يملكون أن يعيدوا ترتيب المواقف والسياسات نحوهم وحولهم.
    ولكن الذي لا بد أن نؤكد عليه هنا أن ما بين نتنياهو واليمين المتطرف ومن يقف خلفه في إسرائيل من جهة ومن الجهة الأخرى الشعب الفلسطيني إنما هو صدام الحياة مع الموت ونزاع الوجود مع النفي..
    إنهما يمثلان الإرادة الوطنية في مواجهة الإرادة الاستعمارية. وبينهما يجب أن يتم الاختيار الحاسم وبلا تردد بفحص عميق، فمن هو مع الوطنية الصادقة هو بالضرورة ضد الإرادة الاستعمارية أما من هو مع المصلحة الحزبية الشخصية فهو بالضرورة يتقاطع مع المصلحة الاستعمارية شاء أو لم يشأ.. فجاء قرار الفلسطينيين في هذه المرحلة التاريخية الصعبة بإغلاق ملف الانقسام البغيض والتوجه فورا نحو برنامج عمل مشترك لمصلحة الشعب والقضية بتشكيل حكومة تهيئ للانتخابات وبناء المؤسسات الوطنية من جديد بالكل السياسي الفلسطيني.
    لا بد من تأمل الحدث خلال سياق يمارس على الساحة وفي الإقليم منذ فترة ليست قصيرة.. فلقد انتقل الرئيس الفلسطيني من كونه رئيسا للسلطة وقائدا لحركة فتح ورئيسا لمنظمة التحرير، أي بمعنى أنه يترأس المؤسسة الفلسطينية إلى أن يصبح زعيما مقتدرا للشعب الفلسطيني بعد أن أصبح موقفه محل إجماع الضمير والوعي الفلسطينيين.
    وتجلى ذلك بإعلانه مواقفه التي لم تخضع إلا لمصلحة الشعب العليا رغم كل الضغوط المضادة.. لقد أنجز الرئيس عباس مشهدا متكاملا مركبا بأبعاد الحقيقة الفلسطينية في هذه المسيرة وذلك من خلال تعارضه الواضح مع السياسة الأمريكية والاسرائيلية في ما يمس المصلحة الوطنية في ظل ظروف قاسية عربية ودولية..
    فلقد قال: "لا!" كبيرة في وجه أمريكا عندما ذهب إلى الأمم المتحدة لانتزاع اعتراف دولي بفلسطين دولة تحت الاحتلال.. وقال: "لا!" كبيرة تماما عندما وقع على وثيقة الالتحاق بالمنظمات الدولية.. وقال: "لا!" كبيرة وهو يعلن إنهاء الانقسام وطي صفحته وتقديم كل ما يطمئن حماس بعدم إقصائها من المشهد السياسي.
    يتطلع الفلسطينيون الآن إلى إعلان فتح معبر رفح فورا كحق فلسطيني تقره القوانين والأعراف الدولية كما توجبه علاقات الدول المتجاورة، فضلا عن واجبات الأخوة وحقوقها.. وهذا ما تؤكده المصادر المقربة من دائرة الحوار الفلسطيني كما أن كهرباء غزة ستعود قريبا لتضيء ظلام غزة ويتدفق الوقود لتحريك مركبات غزة المتعطلة والتي أنهكها استخدام زيت القلي وذلك كله كأول مهمة مستعجلة من مهمات الحكومة المنتظرة.. كما أن الفلسطينيين يتطلعون الآن إلى بناء مؤسسات منظمة تحرير فلسطينية قوية تصعب على الانشطار والتفسخ والتحرك نحو تكريس الدولة على الأرض بدستور وانتخابات وملاحقة إسرائيل في المحافل الدولية التي أصبحت فلسطين عضوا كامل العضوية فيها.
    إن الضمانة الحقيقية للوحدة الفلسطينية تنبع من إرادة الشعب الواحد ومن حرص الأمة والأحرار والشرفاء في العالم أن تكون أدوات الفلسطينيين في نضالهم متناسقة متكاملة تسير في اتجاه محصلته التحرير والسيادة..وهي بلا شك تنبع أيضا من روح المسئولية التي يتمتع بها القادة الفلسطينيون.
    الآن تقترب القدس ببهائها وجمالها وروعتها.. والآن الآن تقترب الأرض المباركة من لحظة الانتصار العظيم.. والآن الآن الآن يكون الفلسطينيون قد خطوا خطوة أكيدة نحو القدس والدولة المستقلة وعودة اللاجئين إلى بيوتهم.. مباركة خطوتكم أيها الفلسطينيون..وها انتم تحركون عقرب الزمان لمرحلة رائعة ولن يجد العرب مهما كبلتهم ظروفهم إلا أن يكونوا معكم بشعوبهم وبأحرارهم لأنكم حررتم أرواحهم من الهزيمة وهم ينتظرون منكم المزيد.. فإلى الأمام.. تولانا الله برحمته.

    التغيير والإصلاح في المحكمة العليا...!
    بقلم: المحامي جواد بولس – القدس
    من منكم يتذكر اسم محمود الرمحي؟ ذلك الطبيب الفلسطيني الذي ما زال يدفع ثمن إيمانه ووهمه بأن العالم سعى، حقيقةً، في العام 2006، من أجل رفعة فلسطين وسلامة أهلها، وما كان عليهم إلّا أن يحسنوا التصرف ويختاروا، كما تختار شعوب العالم المتحضرة، قادتهم وقباطنتهم ليقودوهم إلى بر السلامة وإلى المستقبل الآمن المضمون.
    "حرّية بثلاثين كلمة"، كان عنوان تلك الخاطرة، التي نشرتها قبل ثلاثة أعوام، وفيها أخبرتكم كيف قضى ثلاثة من قضاة العدل الإسرائيلي، وقرروا بثلاثين كلمة فقط رَفْض التماس قدمته في حينه باسم محمود، وقرروا أنٌه فلسطيني خطير على أمن وسلامة الجمهور، فهو، ومن خلال موقعه أمين سر المجلس التشريعي الفلسطيني وقياديًا في قائمة "التغيير والاصلاح"، يعمل لمصلحة حركة "حماس" ومن أجل تعزيز مكانتها بين الجمهور الفلسطيني.
    لمحمود قصة طويلة تشبه حكايا ابريق الزيت الفلسطيني. بدأ فصلها الحالي، حين قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باعتقاله وعشرات من زملائه مباشرة بعد انتهاء الانتخابات التشريعية التي جرت في محافظات فلسطين المحتلة في العام 2006. قدّمت بحقه لائحة اتهام، وعلى كونه منتخبًا عن قائمة "التغيير والاصلاح"، التي اعتبرتها اسرائيل، بعد نجاحها في الانتخابات ذراعًا لتنظيم "حماس" (على الرغم من قبولها متنافسة شرعية قبل النتائج). حكمت محكمة عسكرية إسرائيلية بسجنه فعليًّا لمدة ثلاثة وثلاثين شهرًا. ثم قامت إسرائيل باعتقاله مجددًا، في تشرين الاول 2010، وأعلنت عنه أسيرًا إداريًا. لم أنجح في معاركي القضائية العديدة، فالمحاكم الإسرائيلية أبقته أسيرًا إداريًا حتى شهر تموز عام 2012.
    أفرج عن محمود ليبدأ ترميم حدائق عمره، فعاد إلى أحضان زوجته وأولاده الخمسة وإلى عمله طبيبًا في رام الله. لكنّهم لم يتركوه، فهم يحترفون إجهاض الفرح. جاءوه في ليلة باردة من كانون الأوّل عام 2012، وانتزعوه من حضن الدفء. أصدروا بحقه، مرّةً أخرى، أمر اعتقال إداري لستة أشهر ما زالوا يجدّدونها، والحجة، أنه بقي فلسطينيًا يكره الاحتلال ويحب شعبه ووطنه أكثر.
    لا أعرف لماذا عدت مجدّدًا إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية؟ وهي التي لم تنصفني طيلة ثلاثة عقود من عملي أمام قضاتها المتعاقبين. مئات القضايا خضتها أمام معظم هيئاتها، وفي كل مرّة كنت أجتهد وأوظف ما تيسّر لي من حِكَم تاريخ القمع ومشاهد من مسارح العبث. كانوا يسمعونني، أحيانًا على مضض، وأحيانًا بشهية تميّز أبناء حضارة "قبة السماء".
    طالما ذكّرتهم، كذلك، بما كتبه بعض زعماء دولة إسرائيل، من أمثال يتسحاك شمير ومئير شمجار وغيرهما، من الذين كانوا "ضحايا" للاعتقالات الإدارية الأولى زمن الاحتلال البريطاني لفلسطين الكبرى، وكيف وصف هؤلاء الضحايا همجية "الإنجليز" للجوئهم إلى هذه الوسيلة ولا انسانيتها ووحشيتها!
    لم يسعفني الجد ولا تشبيه حالي بحال "دون كيخوته" الذي حاربت رماحه طواحين الهواء، ولم تسعفني الاستعانة، أحيانًا، بقصص "قراقوشنا" التي أضحكتهم، فأصغوا إليها بلهفة، فقد تعلموا منها، وأبكوني.
    سمعوا مني كثيرًا عن حكايا جدتي، وأحبوا ترديدها الموزون لحكمة أيوب: "الصبر يا مبتلي واللي ابتلى يصبر"، فبطبيعة الحال هم أحفاد أيوب وخبراء بفقه الوجع والاصطبار. ولكنهم تفاجأوا ببعض الأشعار التي كنت أختار أن "أطعّم" كلامي بها، وذلك لإدخال بعض المرح، وأحيانًا لأعيد لهم يقظةً، بعد أن كنت أشعر، من طريقة إلقاء رؤوسهم إلى الخلف أو باتجاه الطاولة أو لأحد الجانبين، أنني أفقد إصغاءهم؛ أفلا يكفي أنني سأفقد القضية؟
    غالبًا ما وجدتهم يجهلون كيف أقسم شاعر/ إنسان منا ومن الناصرة تحديدًا: "أن يعطي نصف عمره لمن يجعل طفلًا باكيًا يضحك"! ومرّة، هكذا أذكر، دهشوا، حتى أني خفت من أن يغمى على واحد منهم، حين عرفوا أن فلسطينيًا اسمه "أبو سلمى" مات وهو مطمئن: "أن البلابل لما تزل هناك تعيش على أشعارنا"
    بعد أن أنهيت مرافعتي، سألني أحدهم، أين تقع "الهناك" التي تغنى بها هذا الشاعر؟ فقلت، أظنني "بقلبه"، فصمت وبدا عليه بعض الحزن، أو ربما كانت تلك علامات قلق.
    لماذا عدت اليوم إليهم ولم يقبلوا مني حجّة وذريعة؟
    هم دائمًا انتصروا لأسطورة الأمن وغلّبوها على كل دمعة أو وجع أو جرح فلسطيني.
    لماذا عدت وأنا أمام إجراء وُلد "مخصيًا" منذ البداية، فكيف له أن ينجب عدلًا وأبناءه؟
    المهم، أنني عدت اليوم ولاحظت، لأول مرة، أنني بدوت كبيراً وهم أصغر مني. اليوم شعرت أنهم منتوجات من صناعة إسرائيلية خالصة، عقولهم مصبوغة بالأزرق والأبيض، ولا يحلمون بالزنابق البيضاء ..
    وقفت وطمأنتهم أنني لن أطيل عليهم، فقصة هذا الفلسطيني شبيهة بكل قصص الفلسطينيين التي تابعوها كمسلسل، تحافظ فيه الأبطال على أدوار الصدارة، والضحايا فقط هي التي تتبدل.
    طلبت على عجالة أن أسمع منهم نصيحة قد تؤدي وتضمن حرية موكلي، فهو لن يحب الاحتلال، ولن ينضم للبيت اليهودي ولا الى مجموعات تدفيع الثمن. وهو عربي فلسطيني مسلم يعتز بهذه الولاءات والهوية ولن يبدّلها، فما العمل؟
    بعد دقائق من حيرة، اقترحت عليهم مخرجًا، ونصحتهم بأن يفرجوا عن موكلي بعد هذه الشهور الطويلة، ويمهلوه بضعة أيام، وبعدها يصطاده صاروخ ذكي تقذفه "أباتشية" جميلة، وهكذا سيضمنون، أن لا يبقى خطرًا يهدد أمن وسلامة الجمهور.
    أغضبهم اقتراحي بوقاحته. بسرعة وبتلقائية استجرت بـ"شكوى الضفدع" وصحت: "كلامي إن قلته ضائري/ وفي الصمت حتفي فما أصنع"
    وأردفت شارحًا الكلام، فتعلموا عن فكاهة العرب وحذاقتهم، وكيف تكون الشكوى إذا سيقت مجازًا، على لسان ضفدع، حكمةً أو نهفةً، فاطمأنوا.. لم أنتظر قرارهم، محمود لم يكن حاضرًا ومحظور على عائلته دخول القدس، تركتهم، فمثلي لم يعد ينتظر المفاجآت.
    الأحد... وكل يوم أحد...المصالحة... بين المراوحة والواقع على الأرض
    بقلم: المحامي زياد أبو زياد – القدس
    المتتبع لردود فعل الناس على الإعلان عن اتفاق المصالحة يجد ان الغالبية لا تصدق بأن الاتفاق سيستمر وينفذ وبالتالي فقد جاء ردها مشوبا بخيبة الامل والإحباط والتساؤل.
    فإذا كانت المصالحة بهذه البساطة فلماذا انتظرنا سبع سنوات الى ان تحققت وإذا كانت صعبة ومعقدة فلماذا التلاعب بعواطف الناس وإيهامهم بأن الانقسام انتهى.
    سبع سنوات من الانقسام افرزت نتائج عملية على الارض لا يمكن تجاهلها. ففي غزة امتنع عشرات الآلاف من الموظفين المحسوبين على رام الله عن العمل وجلسوا في بيوتهم بينما قامت حركة حماس بحشد افرادها ومؤيديها ليحتلوا الوظائف الادارية في مختلف الدوائر الحكومية. وفي غزة تم «تطهير» الاجهزة الامنية من العناصر المحسوبة على فتح وتحولت هذه الاجهزة الى اذرع امنية وعسكرية لحركة حماس هي بمثابة ميليشيات فصيل واحد وليست اجهزة امن للوطن والمواطن تقوم بواجبها بشكل مهني. وفي غزة وقعت مآسي كثيرة واعتداءات وإهانات واعتقالات للمواطنين المناوئين لحركة حماس تركت ندوبا في النسيج الاجتماعي لن تختفي او تبرأ بسهولة وستحتاج الى وقت وعلاج طويل.
    وفي الضفة كانت اجهزة الامن هي التي تعطي شهادة حسن السلوك لمن يحتاج الى وظيفة وتحولت هذه الاجهزة الى فلاتر تصفي وتنقي وتسبغ على العاملين في الجهاز الاداري صبغة اقل ما يقال فيها انها خالية من اي اثر او ميل لحركة حماس او الجهاد. وفي الضفة تم تطوير الاجهزة الامنية بحجة بناء اجهزة امنية «مهنية» وانيطت بهذه الاجهزة مهمة اعتقال وملاحقة كل من يشتبه بأن له صلة بحركة حماس بشكل خاص او بأي تنظيم مقاوم بشكل عام.
    هل يمكن ان تتخلى حماس عن سيطرتها على الاجهزة الامنية والادارية في قطاع غزة وتستبدل ولو جزءا منها بعناصر من حركة فتح او الفصائل الوطنية الاخرى؟ وهل يمكن ان تتوقف الاجهزة الامنية في الضفة عن ملاحقة عناصر حماس والجهاد وتقوم بالافراج الفوري عن جميع المعتقلين لديها في نفس الوقت الذي تقوم به حماس بهذه الخطوة في القطاع؟.
    سبع سنوات من انفراد حماس بقطاع غزة ومن محاولة خلق اجهزة غير مسيسة في الضفة خلقت واقعا جديدا من الصعب جدا الاقتناع بأنه سيتغير بين عشية وضحاها. ومن حق الناس ان تشك وان لا تصدق بسرعة وان تتردد في الاقتناع بأن عهدا جديدا قد بدأ.
    ومع ذلك فان المرء يتمنى ان يكون الامر صحيحا وأن المصالحة قد تمت وان الانقسام انتهى. وأقول في نفس الوقت بأننا اذا اردنا ان نصدق ما حدث فإن على الطرفين المتصالحين ان يقوما بخطوات عملية سريعة على الارض تجعل المصالحة تتم من تحت الى فوق، مصالحة مجتمعية ومحاولة لإعادة تقييم وترسيم خارطة بناء السلطة والعلاقة الجذرية بين شطري الوطن بحيث تراعي التطورات والحقائق التي نضجت على الارض وتحاول استيعابها واحتوائها.
    هذا على الصعيد الوطني الداخلي، اما على الصعيد الاقليمي والدولي فإن احدا يجب الا يفاجأ سواء برد الفعل الاسرائيلي او الاميركي او الاوروبي او حتى من قبل بعض الجهات العربية ولو بشكل صامت.
    فحكومة نتنياهو التي فضلت الاستيطان على المفاوضات ووجدت نفسها امام انتقاد دولي بأنها افشلت المفاوضات وجدت في تحقيق المصالحة فرصة ذهبية لإعادة القاء الكرة في الملعب الفلسطيني والادعاء بأن ابو مازن كشف عن وجهه الحقيقي وأن حديثه عن السلام مجرد خداع ومراوغة وأن برنامجه يلتقي مع برنامج حماس وهو تدمير اسرائيل.
    اما الادارة الاميركية فبالرغم من قول الرئيس الاميركي في سيئول قبل يومين بأنه ربما كانت هناك حاجة للتوقف قليلاً والانتظار لحين يقدم الطرفان على فعل شيء ايجابي آخر غير ما فعلاه فإن وزارة الخارجية الاميركية لم تنفض يدها بعد وما زالت تحاول بشكل يائس انقاذ ما يمكن انقاذه بالرغم من ان هناك في واشنطن من يعتقد بأن ما حدث من قبل ابو مازن ونتنياهو جاء في الوقت المناسب لأن هذه الادارة لا تريد ان تقوم بأية خطوة تثير غضب اللوبي اليهودي بأميركا قبيل انتخابات النصف للكونغرس في شهر تشرين ثاني القادم.
    ولا شك بأن الأشهر القادمة ستشهد مراوحة في نفس المكان من قبل الادارة الاميركية وربما من قبل حركتي فتح وحماس حيث نشهد تباطؤاً في التنفيذ ومحاولة للحفاظ على شكل المصالحة وليس مضمونها.
    وفي جميع الاحوال فإن الادارة الاميركية ستعود لتعزف من جديد اسطوانة مطالبة حركة حماس بتلبية الشروط الثلاثة التي وضعتها الرباعية وتبناها الغرب بشكل عام وهي نبذ العنف والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود والاعتراف بكل الاتفاقيات التي سبق توقيعها بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
    وعلى اية حال، فإنه يجب الا يغيب عن بال أحد بأن ما يجب التركيز عليه هو برنامج حكومة الوحدة الوطنية وليس برنامج حركة حماس، واذا ما ارادوا ان يقوم احد بتبني شروطهم الثلاثة فيمكن ان يتم ذلك من قبل الحكومة التي سيترأسها ابو مازن وليس من قبل اي حركة او حزب يشارك في هذه الحكومة.
    واذا ما اصرت اميركا واوروبا على ان تعترف حماس بهذه الشروط فإنه على القيادة الفلسطينية ان تطالب بأن تعترف كل الاحزاب المكونة للائتلاف الاسرائيلي الحاكم برئاسة نتنياهو بحق الشعب الفلسطيني بالاستقلال والسيادة على الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس العربية، وأن هدف المفاوضات الجارية هو تحقيق سلام على اساس حل الدولتين.
    ويقيناً ان احزاباً رئيسية في حكومة نتنياهو ترفض الاعتراف بحقنا في اقامة دولتنا بل ويدعو بعضها الى ترحيل الفلسطينيين وضم الضفة الغربية لاسرائيل، ولا يجوز التغاضي مع برامجها وعدم وضعها على المحك للكشف عن حقيقة وجهها وبرامجها التوسعية.

    "اتفاق إطار" المصالحة وانكشاف أطرافه !!
    بقلم: هاني حبيب – الايام
    في اللحظة الأولى التي تلت الإعلان عن اتفاق المصالحة الجديد في غزة، تحقق الإنجاز الأول، وربما الأهم، لهذا الاتفاق، ذلك أنه نجح في كشف كافة الأطراف التي باتت عارية بعد الإعلان عنه، ولعلّ أول هذه الأطراف إسرائيل التي أكدت من جديد، أن حالة الانقسام الفلسطيني، حتى لو لم تكن من صناعتها، فإنها حافظت عليها ودعمتها ووضعت العراقيل أمام إنهائها، وأن الانقسام هو مصلحة إسرائيلية خالصة، فإسرائيل التي كانت تتهم الرئيس عباس بأنه غير مؤهل لقيادة عملية تفاوضية واعتباره ليس شريكاً كونه لا يسيطر على قطاع غزة بسبب الانقسام، عادت لتتهم عباس كونه فضل المصالحة على المفاوضات، وعندما توفر للرئيس أمر قيادة كل الفلسطينيين من خلال هذه المصالحة، ما يجعله "شريكاً" بعد أن كان الانقسام لا يجعله كذلك من وجهة نظر إسرائيل، عند ذلك، اتهمت إسرائيل عباس بإجراء مصالحة مع "إرهابيين" وهي حركة حماس، مع أن إسرائيل سبق وأن أجرت اتفاقات تهدئة، ثم اتفاق هدنة مع حركة حماس برعاية الرئيس المصري المعزول مرسي، مع الفارق أن المصالحة في الوسط الفلسطيني هي بين "خصوم" بين اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس، من المفترض أنه بين "أعداء"!!
    ما دفع الجانبين، إلى الوصول إلى لحظة فارقة وأدت إلى التوقيع على "اتفاق اطار" للمصالحة بات معروفاً على نطاق واسع، لكن يهمنا في هذا السياق الإشارة إلى أن هذا الاتفاق تم التوقيع عليه بين طرفين: منظمة التحرير من جانب وحركة حماس من جانب آخر، وهذه المسألة ليست شكلية إذا ما تمعنا في معانيها، وتوقيت هذا الإعلان حول المصالحة، له أهمية من زاوية أنه تم أثناء العملية التفاوضية وقبل انتهاء أجل جولتها الحالية، أي أن ما كان يطرح سابقاً من أن هذه العملية هي أحد أهم أسباب الفشل في التوصل إلى اتفاق المصالحة، لم يكن طرحاً صادقاً، بل مبرراً لرفض التوصل إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اتفاق القاهرة، أو على الأقل محاولة لتبرير التأجيل والتأويل.
    وقد تبين أن أمر المصالحة لم يكن بيد إسرائيل وأميركا، وها هو الرئيس أبو مازن يدير ظهره لهما متوجهاً عبر وفده إلى قطاع غزة، رغم الإدانات والاحتجاجات والتهديدات، عندما نضجت الظروف، ووصلت الأزمة الداخلية لدى طرفي الأزمة ذروتها، لم يكن لإسرائيل أو الولايات المتحدة الاّ أن تشاهدا قدرة الرئيس عباس على أن يتخذ القرارات الصعبة والتنازلات المهمة، ليس لهما بل لصالح ما شعر أنه يخدم القضية الوطنية الفلسطينية، إسرائيل أو أميركا، أو كلتاهما، لم يكونا سبباً في تأخير الإعلان الجديد عن المصالحة، بقدر ما كان الأمر يعود إلى أسباب داخلية فلسطينية بالدرجة الأولى، ولعل سبب ما تعانيه كل من إسرائيل والولايات المتحدة بسبب هذه المصالحة، هو توقتيها، إذ بينما تلفظ المنظومة العربية، مصر ومعظم دول الخليج العربي، جماعة الإخوان المسلمين وتطاردها، في هذا الوقت بالذات، يقوم الرئيس عباس باحتضان هذه الجماعة عبر ممثليها في القطر الفلسطيني، حركة حماس، ليعود الرئيس عباس ليؤكد من جديد، أنه رئيس كان ولم يزل لكل الفلسطينيين، حتى لو كانت هناك خلافات وتباينات داخل البيت الفلسطيني!!
    في سبيل التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، تم تجاهل ملفات هامة وخطيرة، لعلّ أبرزها "الملف الأمني"، وبينما كانت حركة حماس تؤكد على أن أي اتفاق يجب أن يتم حول كل الملفات رزمة واحدة.. مع ذلك، فإنها وضعت هذا الملف خارج الرزمة، وموافقة وفد منظمة التحرير على ذلك، ما كان إلاّ لتيسير التوصل إلى مثل هذا الاتفاق الذي يشير إلى حد بعيد "اتفاق اطار" أو "إعلان مبادئ" أو اتفاق على ما تم الاتفاق عليه سابقاً، وهي إشارات تحمل في مضمونها الحذر الشديد حول مدى قدرة أطراف الاتفاق إلى تحويله إلى واقع يتجاوز "إدارة الانقسام" ومن الصعب النظر إلى هذا الاتفاق بوصفه "إدارة المصالحة" على ضوء ما جرى في نهر الانقسام طوال السنوات السبع الماضية، وإذا كان سبب التوصل إلى الاتفاق الأخير يعود بدرجة أساسية إلى تأزّم أوضاع حركتي فتح وحماس، فإن هدف هذا الاتفاق، هو محاولة الخروج من هذه الأزمات، ولعلّ توفير "حراك تصالحي" يفي بهذا الغرض، مع التوصل إلى توافقات هنا وهناك، دون أن يعني ذلك التوصل إلى نهاية حقيقية للانقسام.
    وإذا كانت بعض الأطراف، قبل وبعد هذا الاتفاق، تؤكد على أن قاطرة المصالحة قد بدأت في الانطلاق، فإن هذه الأطراف تشير بين وقت وآخر، إلى أن تعطيل مسيرة قطار المصالحة قد يحدث بسبب التدخل الإسرائيلي ـ الأميركي، وكما أسلفنا، فإن ذلك ذريعة واستدراك مسبق، لما قد يحدث، وأكثر من ذلك، إيجاد المبررات الجاهزة لدى أي تعطيل، مع أن ابو مازن، وكما أشرنا أدار ظهره تماما، في سياق المصالحة لكل من إسرائيل وأميركا.
    لا يعني ذلك على الإطلاق، انتظار التعطيل والفشل، بل نقول ذلك، لكي نقف جميعاً وراء هذا الاتفاق مهما كانت رؤيتنا له، ودعم كافة الأطراف من أجل تسهيل وصول قطار المصالحة إلى نهايته المرجوة، وحتى لا تصبح مقولة أحد كتّاب الرأي العرب تعقيباً على الاتفاق صائبة عندما قال إن هذا الاتفاق كزواج الفنانين: حفلات صاخبة وطلاق سريع!!



    استبعاد النساء عن مشهد المصالحة
    بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
    أثبتت التجربة العملية أن المرأة عندما تقتنع بالفكرة، فإنها تمتلك إرادة استثنائية على تأدية المهام الصعبة، وعلى الاستمرار بها حتى إنجازها مهما صادفها من متاعب وصعاب. هذا ما تثبته، على الأقل، الفرادة التي تحلّت بها النساء في غزة، وثباتهن على تنظيم الوقفة الأسبوعية المطالبة بإنهاء الانقسام منذ إقرارها من قبل هيئات الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في آذار 2012.
    على مدار أكثر من عامين، استمرت النساء في وقفتهن الأسبوعية في قطاع غزة بشكل منتظم، معبِّرات عن رفضهن استمرار الانقسام من جهة، والمطالبة بإنهائه على أساس الاتفاقيات الموقعة بين القوى السياسية من جهة أخرى. والهدف من الفعالية إيصال رسائل شتى، من خلال الوقوف في الشارع، إلى أصحاب القرار ومتخذيه، رغم أن جميع القوى السياسية وكذلك مؤسسات المجتمع المدني قد يئست من جدوى الجهود السياسية لاستعادة الوحدة الداخلية، وبدت كالذي نفض يديه من أمر تغيير المشهد الانقسامي للحد الذي ظهر أنها تكيَّفت مع واقع الانقسام وتعايش مع وجوده وتعامل معه. وبمرور الوقت ومع استمرار تشكيل البنى والمواقف المتوازية، تشكلت فجوات صلبة من الثقة بين المجتمع والقيادات السياسية، وهو ما يفسّر الشكوك والبرود الذي استقبل فيه توقيع الاتفاق الأخير في غزة. لقد بقيت المرأة وحدها في الشارع وحتى اللحظة الأخيرة، صيفاً وشتاءً، في ظروف الشدة كما في ظروف الجُمَع المشمشية متحمِّلة، في الضفة وغزة، جميع أشكال الضغط والقمع للحد الذي وصل إلى استدعاء بعض الناشطات من كلا الجانبين وتعريضهن إلى التحقيق وغيره من أشكال التطاول على الحريات العامة، ولكن لم تمنع المتاعب، إلى التزحزح عن موقفها مثبتة إخلاصها وولاءها لفكرة الوحدة.
    ومع ذلك وحين توقيع الاتفاق لم نر أيّ امرأة واحدة في صورة المشهد التصالحي، وكأن الجميع يريدها فقط وقوداً أو أداة للاستخدام في الحرب الإعلامية فقط، وهو الأمر الذي وقع في جميع جلسات الحوار، حيث استبعدت عن لجنة المتابعة لتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وأقصيت عن الصورة الحقيقية وحتى الرمزية المعتادة.
    إن التوقيع أنتج ولادة طفل خداج، والطفل الخداج لا بد وحتى يتمكن من العيش أن تتوفر له الظروف الملائمة للنمو والحياة، وبحاجة الى إرادة استثنائية لدفع المصالحة الأولية نحو التطور لجعلها حقيقة ثابتة، وهذه المهمة بحاجة إلى مشاركة القوى التي لا تسترشد بمصالحها لاشتقاق مواقفها، ومنها قطاع المرأة، للموضوعية التي تتميز بها وتكوينها الخاص، وقدرتها على تحسس المخاطر المحيطة، وامتلاكها الحس العالي بمحددات الأمن الإنساني واستشعارهن بالأثر الضار الذي يوقعه المساس بالنسيج الاجتماعي وخلخلته للسلم الأهلي.
    لا أقدم عملية المصالحة كأحد الشؤون النسوية، فالمصالحة بشكل مباشر شأن سياسي بامتياز، لكن مشاركة المرأة، كحق وواجب، تكسب الحوار ونتائجه أبعاده الديمقراطية في اجراءات حل الصراع والخلاف، كأحد مبادئ العدالة الاجتماعية والوصول للعدالة الانتقالية، حيث يوفر مساحة حوارية شاملة لمشاركة جميع أطياف العمل السياسي والاجتماعي، باعتبار أن الخلاف الفلسطيني لم يكن خلافاً سياسيا فقط، بل خلاف على القضايا الفكرية والاجتماعية، يكمن في ثناياها موقع المرأة ودورها ومكانتها في المجتمع في جميع مناحي الحياة، وقدرة المرأة على إحداث تغيير نوعي، كونها تركز على المهمات الرئيسية، وتغلِّب المصالح الوطنية التحررية، على مصالحها الفئوية.
    سبع سنوات مرت على الانقسام استمرت المرأة خلالها في الحراك مقدمةً المبادرات المتنوعة على مختلف الأصعدة، بدءاً من تقديم رؤية المرأة الفلسطينية لمواجهة الانقسام، مروراً بفعاليات جماهيرية كالتظاهر وعقد المؤتمرات وتقديم العرائض والنداءات التي تنادي بالمصالحة، وانتهاء بطاولات الحوار النسوية المتمخضة عنها ورقة موقف يستند إلى تحليل إشكالات التجارب السابقة ومعايير المصلحة الوطنية العليا ومضامين العقد الاجتماعي.
    ماذا بعد، الآن وعلى أثر توقيع اتفاق الشاطئ، ما زالت القوى السياسية الفلسطينية، من أقصى يسارها الى أقصى يمينها، تتجاهل القوى النسائية والاجتماعية، وتتنكر لوجهة نظر مؤسسات المجتمع المدني بشكل عام، انطلاقاً من مفهوم خاطئ وتعريف قاصر لأسس الوحدة الوطنية، القائم على أساس وحدة الفصائل السياسية وقادتها، متجاهلا وجهة نظر القوى الاجتماعية، مقصياً احتياجاتها ومتطلباتها، وكأن توافق القوى ينتج بشكل ميكانيكي تحقق وحدة المجتمع وكأن توافقها تحصيل حاصل للتوافق السياسي.
    ومن هنا، تكتسب الحوارات النسوية الموازية بين القوى النسائية الأهمية للحوار حول موقع المرأة في النظام السياسي ورؤيتها له، ومن أجل حوار آخر فيما بينها، ولتشكيل مرصد يراقب الأداء ويوثق الانتهاكات المقترفة من أي طرف من الأطراف السياسية للإعلان عنه توخياً لتصويب المسار المؤسَس على المرجعيات المتوافق عليها لجهة الاتفاقات السياسية، والمستند للمرجعيات والمبادئ الاجتماعية.


    شرط إنهاء الانقسام: الاتفاق على المشروع الوطني
    بقلم: د. فيحاء قاسم عبد الهادي – الايام
    تم التوقيع في غزة قبل أيام معدودات، وتحديداً في الثالث والعشرين من نيسان 2014 على الاتفاق الذي تم التوقيع عليه منذ سنوات، في القاهرة، والدوحة؛ لإنهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد.
    "تم التأكيد على الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه في اتفاق القاهرة، والتفاهمات الملحقة، وإعلان الدوحة، واعتبارها المرجعية عند التنفيذ".
    وبعد المراوحة بين التوقيع، ونقضه، مراراً وتكراراً؛ يحق لنا ان نتساءل: حتى ينتهي الانقسام؛ هل يكفي الاتفاق على إجراء مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني، خلال خمسة أسابيع، والاتفاق على تزامن إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وعلى مناقشة إجراءات الانتخابات، في لجنة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، في اجتماعها المقبل، والتأكد من عقد اجتماعات منتظمة للجنة، واستئناف عمل لجنة المصالحة المجتمعية ولجانها الفرعية؟!
    وإذا كانت هناك أسباب منعت تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام منذ 14 حزيران 2007؛ فهل زالت هذه الأسباب، حتى يمكن أن يُزَفَّ إلى الشعب الفلسطيني "انتهاء مرحلة وسنوات الانقسام الفلسطيني"؟!
    وبعيداً عن الجلسات الودية، والابتسامات العريضة، وتبادل التحيات، والعناق، وروح المحبة، التي سادت بين طرفي الانقسام، والوفد المرافق؛ هل تم اتفاق على البرنامج السياسي؟ وهل تم الاتفاق على موقف محدد بشأن استئناف المفاوضات؟ وبشأن مقاومة الاحتلال؟ وهل تم الابتعاد عن تحميل كل طرف الطرف الآخر مسؤولية تعطيل تنفيذ الاتفاق؟!
    وهل صحيح أنه لا يوجد تناقض بين المفاوضات والمصالحة؟!
    *****
    تخلل موضوع إنهاء الانقسام، جلسات المؤتمر السنوي الثالث للمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية/ مسارات، بيوميه، رغم تخصيص جلسة خاصة لمناقشته، في اليوم الثاني للمؤتمر: 5 نيسان 2014؛ تبحث الموضوع بارتباطه بإستراتيجيات مقاومة المشروع الصهيوني الاستعماري العنصري.
    كما شكل إنهاء الانقسام حجر الزاوية؛ ضمن كافة الأوراق المطروحة في المؤتمر.
    وقد تبيَّن ذلك منذ الجلسة الأولى للمؤتمر، حتى ختامه؛ إذ لا يمكن إنهاء الانقسام دون إعادة تعريف المشروع الوطني والهدف الاستراتيجي، وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، كما لا يمكن تفعيل المقاومة الشعبية، ومواجهة السلبيات، وتطوير الإيجابيات، دون وحدة نشطاء المقاومة الشعبية. أما الأسرى فهم أحوج ما يكون لإنهاء الانقسام بينهم، حتى يتصدوا لجلاديهم، وينالوا بعض حقوقهم/ن.
    *****
    لم يختلف أي من المشاركين والمشاركات في المؤتمر حول ضرورة إنهاء الانقسام. ولم يختلف حول أهميته طرفا الانقسام، حيث تسابقا على الحديث حول أهمية إنهاء الانقسام؛ بل ذهبا إلى أبعد من ذلك، حين أكدا على أن: "الانقسام تدمير للقضية الفلسطينية"، "ضد المصالحة مع إنهاء الانقسام؛ لأن المصالحة موجودة والجريمة الوطنية قائمة".
    وإذا كان الانقسام تدمير للقضية الوطنية، وجريمة وطنية؛ فمن يتحمل مسؤولية تدمير القضية الوطنية، ومسؤولية الجريمة الوطنية، منذ حزيران 2007 حتى الآن؟!
    *****
    كرَّس المؤتمر جلستيه الأولى والثانية، لعرض ونقاش الأوراق، التي تناولت "إعادة تعريف المشروع الوطني والهدف الاستراتيجي"، والذي شكَّل ضرورة لا غنى عنها لإنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الوطنية؛ لتحقيق الانتصار.
    ولم يقتصر نقاش الموضوع على مقدمي الأوراق والمعقبين/ات؛ بل امتد ليشمل مجموعة كبيرة من المفكرين/ات، والأكاديميين/ات، والنشطاء السياسيين، في الوطن وفي الشتات، الذين قدموا تصوراتهم/ن المكتوبة، لمرتكزات الرؤية الجديدة للمشروع الوطني، وللهدف الوطني الاستراتيجي؛ الأمر الذي وسَّع دائرة النقاش، وعمَّقها.
    ضمن مداخلته؛ واصل د. نديم روحانا، ما طرحه من أفكار في المؤتمر الأول لمسارات عام 2012؛ حين تحدث عن أهمية انطلاق المشروع الوطني الفلسطيني، من وحدة الشعب الفلسطيني، ووحدة قضيته، ووحدة مصيره، وحين نبَه إلى خطر التقسيم والتجزئة على مصير الشعب الفلسطيني، مبيناً أهمية أن يعود الصراع إلى أصوله، من حيث هو صراع بين حركة تحرر وطني، ومشروع كولونيالي، داعياً إلى استخدامه ليس كتوصيف فحسب؛ بل كتحليل، ومذكراً أنه لم ينته أي مشروع من المشاريع الكولونيالية باقتسام البلاد التي جرى استعمارها بين المستوطنين والسكان الأصليّين.
    "إذا تصالح الشعب الفلسطيني مع الصهيونية؛ معنى ذلك انه تصالح مع حركة كولونيالية، تأتي لتقول له: هذا الوطن ليس وطنك".
    وعلى هذا الأساس؛ يفكك د. نديم المنظومة الفكرية، التي أوصلت الحركة الوطنية الفلسطينية وقياداتها إلى طريق مسدود، وينتصر لحل الدولة الواحدة، التي يرى فيها تجسيداً للمشروع الفلسطيني الوحدوي، مقابل حل الدولتين، الذي يجسد المشروع الفلسطيني التجزيئي.
    ويطرح تساؤلاً مشروعاً حول أفضل وسائل المقاومة، ووسائل النضال، لتحدي المشروع الصهيوني الكولونيالي.
    *****
    في الجلسة المكرَّسة لبحث "إنهاء الانقسام ضرورة وطنية"؛ وبعد تأكيد طرفي الانقسام، على رغبتهم الجدية بإنهائه، مراراً وتكراراً، وإعلانهم عن ذلك عبر وسائل الإعلام؛ توقع المشاركون/ات أن يستمعوا، إلى لغة تخاطب تعكس هذه الرغبة، وتبحث في أفضل الوسائل لتجسيد هذه الرغبة، في خطوات عملية، على الأرض.
    جرى تراشق الاتهامات، المعلنة والمبطنة، واستمعنا إلى الخطاب القديم الجديد، والذي يشعرنا، في كل مرة نستمع إليه؛ بأن الانقسام يزداد عمقاً، وأن شعار "إنهاء الانقسام"، ليس سوى خطاب إعلامي، وشعبوي، يهدف إلى كسب الوقت، وتعميق الانقسام، وتكريس واقع التجزئة والتشرذم القائم.
    *****
    بعد تراشق الاتهامات بأسابيع قليلة؛ اجتمع وفد منظمة التحرير الفلسطينية، مع وفد حركة حماس، في غزة، ضمن أجواء وصفت بالإيجابية، وعبرت حركة حماس عن الأجواء التي سادت اللقاء، بأنها "مجتمعة على قلب رجل واحد، وأن أياديها ممدودة للوحدة الوطنية بكل روح إيجابية"، كما أن وفد منظمة التحرير، عبر عن الفرحة بلقاء أشقاء "عشنا معهم لسنوات، ونقترب من إنهاء الانقسام"، ودعا إلى "اجتثاث الانقسام البغيض والورم الخبيث من الجسد الفلسطيني".
    ولكن الانقسام لن ينتهي بتجاهل أسبابه الحقيقية، ولن ينتهي؛ إذا لم يكن هناك إرادة حقيقية لإنهائه، على أساس النضال المشترك لمواجهة المشروع الصهيوني الكولونيالي، وتحقيق الانتصار.
    كما انه لن ينتهي؛ سوى ضمن مفهوم الشراكة السياسية الحقيقية؛ ليس بين طرفي الانقسام فحسب؛ بل بين مختلف مكونات الشعب الفلسطيني، نساء ورجالاً، داخل الوطن وخارجه، وأينما وجد الفلسطينيون.
    ماضون في خياراتنا
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    لا بد أن يكون الاميركيون، ومعهم الأوروبيون قطعاً، قد سخروا ـ بينهم وبين أنفسهم ـ من ردة فعل مجلس نتنياهو الوزاري المصغّر، عندما تلقف التوطئة المتعلقة بالمصالحة الفلسطينية، لكي يجعلها أم الإحباطات لعملية التسوية. وليست هذه السخرية التي نفترضها، بسبب أن نتنياهو وحكومته في صيغتيها الموسعة والمصغّرة، لم ينطقا بكلمة ـ ناهيك عن خطوة ـ من شأنها أن تساعد حتى على الخداع في شأن التسوية؛ وإنما لكون الأميركيين والأوروبيين، يعرفون أن هذا الرجل، عندما شكّل حكومته، ضم اليها متطرفين لا يعترفون بآدمية العرب قاطبةً، فضلاً عن مجاهرتهم بالرفض المطلق لأي شكل من التسوية حتى ولو ضمنت لهم البقاء في كل الأرض الفلسطينية واستوطنوها!
    ردة الفعل الاسرائيلية على الإعلان عن مصالحة فلسطينية وشيكة، تعكس كل سمات العربدة والغرور وجفاء السياسة والتقصّد العنصري للفلسطينيين في وجودهم وفي حياتهم وفي وئامهم واجتماعهم. لذا فإن الأصح والأكرم والأوجب، هو أن تؤخذ ردة الفعل هذه، وسيلة إيضاحية للتعريف بمجموعة من الحقائق، أولها إن إرادة الحياة عند الفلسطينيين، ستقاوم إرادة التتار الجدد، وأنها قررت منازلتها في كل المنابر، وأن على العالم أن يحكم، وأن يدقق للمرة المليون، فيما عندنا وفيما عندهم. فـ "حماس" في خطابها السياسي، تقدم مقاربة تقول إنها مع الدولة الفلسطينية في أراضي 67 وهذا ما تقوله الشرعية الدولية ولا ينكره الأميركيون، وهو ما يدعو اليه الأوروبيون. أما حكومة نتنياهو، في ثناياها المفعمة بلطجة ونكراناً؛ فإنها تخوض حرباً ضد هذه المقاربة، سواء بالقصف أو بإطلاق المستوطنين الهمج، أو بتهويد القدس الشرقية المحتلة عام 67 أو بالجرافات أو بمشروعات البناء الاستيطاني تلو الأخرى. فإن كانت المسألة هي التبرم من حركة ذات خطاب مقاوم، فالأجدر بنتنياهو، وهو سليل حركة ارهابية علّق البريطانيون صور قادتها كمطلوبين بعد أن قتلوا مبعوثين أمميين وفجروا فنادق ومنازل واغتالوا بشراً؛ أن يطرد من حكومته منتمين لأوساط صهيونيين، وصفوا العرب بالثعابين والعقارب، وهذه زواحف حسب التوراة، لا حل وسطاً معها، ولا حلّ لها إلا السحق كما ورد في اللفظ التوراتي الذي يعتمدونه. فمن يرى أن هناك شرعية لفئات تريد سحق الآخر ونفي وجوده؛ لا يحق له الاعتراض على شرعية من يتقبلون مقاربات للتسوية أو للهدنة الطويلة أو للدولة الفلسطينية في حدود 67.
    السخرية التي نفترضها، التقطت قطعاً، عنصر الخفة والرعونة، في نطق نتنياهو. كان واضحاً أن الرجل، يستأنس بالقوة الغاشمة ويتوعد ويهدد ويتوجع كذباً. هو يظن أن الطرف الفلسطيني سوف يخشاه. ربما ساعدته على اختيار طريقته في الرد على الإعلان عن توطئة المصالحة؛ قناعاته بأن العالم بات عاجزاً، وأن واشنطن تغطيه سياسياً مهما كان عربيداً. ربما ظن أن الفلسطينيين لن يغامروا باعتماد أي موقف من شأنه إفقادهم سلطتهم على أرضهم، حتى وإن كانت سلطة بلا سيادة لا تدفع خطراً ولا استيطاناً ولا تمتلك طريقاً ولا منفذاً. إن هؤلاء المحتلين، قد أعماهم غرورهم عن رؤية الحقيقة، وهي أنهم لم يتركوا لنا شيئاً نخسره سوى أنفسنا التي لا يمكن أن نخسرها. لم نعد نأمل في شيء طالما هؤلاء بهذه العقلية الخشبية المعاندة لسنن الحياة والتاريخ. رهاننا اليوم على تحسين الشروط المعنوية لوجودنا ولكيفية هذا الوجود على الأرض وفي الآفاق. القوة الغاشمة أعجز من أن تحبط إرادة شعب. وعليهم أن يختاروا، إما أن يجعلونا نتعاطى مع الواقع، مثلما كان الحال في المربع الأول، قوة احتلال وشعب يقاوم بالسبل المتاحة ويناضل من أجل قضيته ولا وسيط ولا سلطة ولا ما يحزنون، ومعه كل محبي الحرية في العالم، وإما أن يرضخوا لإرادة هذا الشعب، ويتعاطوا في السياسة كبشر لا كوحوش مجردة من الحواس.
    ماضون في طريق الاجتماع السياسي الفلسطيني، فإن أحسنت القوى الوطنية الأداء، وأظهرت احتقارها لطروحات مجالس نتنياهو المصغّرة الموسعة؛ سوف نحرز تقدماً لضمان أنفسنا وشرفنا وكرامتنا. ليرتفع مستوى الرد على نتنياهو. حين يقول أوقفنا المفاوضات نرد عليه جاءت منك، فأنت غير المؤهل لها. وإن قال عقوبات، نقول له إن ما نخشاه، قاعدون عليه أصلاً. وإن خامرت نفسك رغبة في خنق حياتنا، فإن الكارثة الإنسانية هي التي يليق بك وصحبك، أن تتحملوا تبعاتها مثلما تحمل النازيون تبعات أفران الغاز التي جعلتموها موضوع بكائياتكم قبل أن تنكشف فاشيتكم. نحن هنا باقون على هذه الأرض، وماضون في خياراتنا!

    الوجه الآخر لتهديدات نتنياهو!
    بقلم: موفق مطر – الحياة
    قد يكونون كبارا أو أقوياء..لكن ليس بالضرورة حكماء أو صادقين، فالادارة الأميركية وحكومة اسرائيل رغم كل ما تتمتعان به من قوة تمنعهما من استخدام الكذب كوسيلة للمناورة، إلا انهما وباعتراضهما على اعلان غزة كل حسب رؤيته ولهجته وباندفاع غير مسبوق وغير مقصود طبعا قد أعطيا الرئيس ابو مازن شهادة صدق حول ما كان يقوله حول رفضه الانصياع لضغوط واشنطن وتل ابيب، وتهديداتهما الجدية فيما اذا وقع اتفاقا مع حماس. فالادارة الأميركية بقدرها وفخامتها، وحكومة نتنياهو بجبروتها وثعلبيتها، فتحتا النار على الرئيس ابو مازن مباشرة فور البث المباشر لـ (اعلان غزة) فسمع قادة حماس الذين كانوا يتهمون الرئيس ابو مازن بالانصياع لضغوط اوباما ونتنياهو، وضعف الارادة والقرار الوطني، سمعوا بآذانهم هذه المرة علنا وبصوت عال ما كانوا يهددون به الرئيس سرا وفي الغرف المغلقة، علما انهم في الحالتين وفي كثير من المرات سمعوا الجواب نفسه من رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية ابو مازن:" الوحدة الوطنية قدرنا، فهؤلاء (حماس) جزء من شعبنا، وغزة جزء من دولة فلسطين، ولن نسمح بقيام دولة فيها ولن نسمح بدولة فلسطينية دون غزة ".
    أسعدتني تهديدات نتنياهو للرئيس والقيادة ومنظمة التحرير بسبب (اعلان غزة) رغم قناعتنا بضرورة البرهان على حسن نوايا قيادة حماس، اقله اعلان استقالة حكومة اسماعيل هنية المقالة اصلا منذ سبع سنوات، وإعلان الالتزام بما يقرره الرئيس بخصوص حكومة تصريف اعمال، تقوم بواجباتها حتى موعد تشكيل حكومة التكنوقراط حسب (اعلان غزة) خلال خمسة اسابيع، فخطوة كهذه ستكون دليلا قاطعا على نوايا قيادة حماس بإنهاء الانقسام فعلا، وخطوة للأمام ستؤثر ايجابا في توضيح معالم المرحلة المقبلة، وملامح استراتيجية العمل الوطني، خاصة اذا ما أعلنت حماس مبدأ الانتماء والولاء للوطنية الفلسطينية، وتحررت من الولاء لجماعة الاخوان، فإعلان غزة وحده لن يكون كافيا –وسيبقى حبرا على ورق، ولن يفتح ابواب القاهرة امام حماس – في ظل تأكيد الجميع على رعاية مصر للمصالحة – ما لم يتبع بمراجعة سياسية وفكرية ونظرية، فالوضع الجديد الناشئ بعد اعلان غزة يتطلب وضوحا في الرؤية السياسية لحماس، أو على الأقل عدم عرقلة تحقيق هدف البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية بقيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، وان المقاومة الشعبية السلمية والمفاوضات والمعركة في ميدان القانون الدولي منهجان متوازيان للعمل الوطني في المرحلة المقبلة، ولعلنا نجد في قراءة نائب رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية بنفسه نصا في اعلان غزة يؤكد على قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس خير دليل على تجديد حماس تفويضها لقيادة منظمة التحرير العمل لتحقيق هذا الهدف.
    ما نخشاه اخذ البعض تهديدات نتنياهو كيافطة للعمل على اسقاط "اعلان غزة " ثم العودة الى نغمة انصياع الرئيس للضغوط الاميركية!! فتهديدات نتنياهو كما تبدو محرض قوي بهذا الاتجاه.

    عـــائـــد الـــى غـــزة
    بقلم: د.ناصر اللحام – معا
    المصالحة فكرة نبيلة ، وقد لا نفهم جميع تفاصيلها الان . ولكننا نحس بها وهذا هو المهم .
    ومثل ابناء جيلي ، كنت محظوظا ان أتربى على قراءة الادب الذي كتبه عمالقة الفكر الثوري ، ومنذ نعومة أظافري قرأت رواية "عائد الى حيفا " للاديب الشهيد غسان كنفاني ، وقد هزّت قصصه وجداني ، واستوقفتني براعته في توصيف ما مرّت به العائلات الفلسطينية ، ورغم ان قصص وروايات الاديب كنفاني ترقى الى مستوى أعلى من مستوى جائزتي نوبل وبوليتزر ، الّا انه لم يطمح بأية جائزة ولم يفكر بها اساسا . وحين فخّخ الموساد سيارته واغتاله في بيروت حصل على جائزة الشهادة و"الخلود "، ومن رواياته ومسرحياته موت السرير رقم 12 والشئ الاخر وام سعد ورجال في الشمس وجسر الى الابد والباب وغيرها ، ولكن رواية عائد الى حيفا هي الاقوى والاكثر ابداعا في عقلي وقلبي .
    حين أصبحت شابا يافعا ، عدت وقرأت " عائد الى حيفا" مرة اخرى ولكنني ايضا لم افهمها بشكل صحيح ، فقرأتها مرة ثالثة في السجن ، ومرة رابعة بعد سنوات طويلة ، ولكن وفي كل مرة كانت الاسئلة تزداد في داخلي أكثر وأعمق من ذي قبل . وفي كل مرة أندهش من ابداع الاديب غسان كنفاني وأتمنى لو انه على قيد الحياة لاجري معه مقابلة خاصة حول هذه الرواية .
    ثم اكتشفت انني لم أفهم الرواية لانني اطرح الكثير من الاسئلة ، فيما تحتاج هذه الراوية بالذات الى احساس ولا تحتاج الى أسئلة من قبيل : كيف خرج من حيفا ؟ ولماذا عاد الى حيفا ؟ ولماذا تحدّث مع الغريب الذي سكن بيته وأقام فيه ؟ ولماذا لم يتحدث مع ولده من صلبه بعد أن أصبح جنديا ؟ ولماذا يتحدث الولد اللغة العبرية ولا يفهم اللغة العربية ؟ ولماذا سكت الزوجان الغريبان وطلبا منه ان يتحدث مع ولده اذا أراد أن يجرّب ذلك ؟ ولماذا غادر المنزل وخرج دون ان ينبس ببنت شفة ولم يحاول ان يتحدث مع ابنه ؟ ولماذا في كل مرة نقرأ الرواية نشعر بالألم والحنين يقطعان لحمنا ويكسران عظمنا ؟ هل أخطأنا ؟ هل أجرم العالم فينا ؟ هل نؤمن بما قدر الله لنا ونسكت ؟ ام نثور ونموت ونحن نثور من شدة الغضب والألم ؟
    وفي هذه الراوية يقول كنفاني ان الانسان قضية ويقول : أتعرفين ما هو الوطن يا صفية ؟ الوطن هو ألا يحدث ذلك كلّه .
    ولذلك ومجرد احساس المرء بقضيته تصبح الاجابات امامه واضحة ولا تحتاج الى كل هذه الحيرة ، ولذلك تراني يزداد ألمي أكثر حين أدخل حيفا بلونها الفيروزي ، وأرى خليجها ، وأقف على جبل الكرمل وأنظر منها الى اسوار عكا .
    غسان كنفاني ثائر رومانسي ،ولكنه كاتب لا يرحم قراءه أيدا ، ولا يغفر لهم سذاجتهم . بل يستحثّهم على التحدي والاضطلاع بدور ، ولا يقبل ان يتركهم مجرّد قراء . وهو القائل : إن الفكرة النبيلة لا تحتاج غالبا إلى الفهم، بل تحتاج إلى الإحساس.
    سادتي
    انتم لستم مجرّد قرّاء ، أنتم شركاء في كتابة وصنع التاريخ .

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 573
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-02-10, 09:23 AM
  2. اقلام واراء محلي 572
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-02-10, 08:58 AM
  3. اقلام واراء محلي 571
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-02-10, 08:56 AM
  4. اقلام واراء محلي 570
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-02-09, 12:16 PM
  5. اقلام واراء محلي 297
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:19 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •