أقــلام وآراء إسرائيلي الجمعـــة 25/07/2014 م
في هــــــذا الملف
مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة لا أسنان له لكن له فما كبيرا لا يصدر عنه سوى التنديد بجرائم إسرائيل
بقيت الأمم المتحدة جوفاء كما كانت
بقلم:افيعاد هكوهين،عن اسرائيل اليوم
يجب إنهاء المهمة بدفع حماس إلى طلب وقف النار باستعمال الحد الأقصى من القوة الوحشية
فيفعلوا ما شاؤوا
بقلم:بن كاسبيت،عن معاريف
يجب على المنظمة الآن أن تقرر هل وقف إطلاق النار يخدم مصلحتها أم لا
خريطة شكوك حماس
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
المجلس الوزاري وقيادة الجيش يفضلون أن ينتهي القتال رغم أنهم لا يقولون ذلك
ميزان الربح والخسارة
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة لا أسنان له لكن له فما كبيرا لا يصدر عنه سوى التنديد بجرائم إسرائيل
بقيت الأمم المتحدة جوفاء كما كانت
بقلم:افيعاد هكوهين،عن اسرائيل اليوم
البحر نفس البحر، وحماس نفس حماس، والامم المتحدة نفس الامم المتحدة. حسن، ربما لا تكون الامم المتحدة كلها كذلك، وهي التي عمل أمينها العام هذا الاسبوع ساعات اضافية في منطقتنا لمحاولة إحراز هدنة، بل مجلس حقوق الانسان فيها. إن هذا المجلس الذي قام على أنقاض مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان، لم يشغل نفسه في الاشهر الاخيرة بالتعبير عن الاحتجاج على القتل الجماعي الأهوج على ارض سوريا.
ولا باستعمال حماس للرضع وللمستشفيات درعا بشرية لمطلقي القذائف الصاروخية على مواطني اسرائيل، فقد كانت عنده قضايا أهم منها وهي التنديد بعمل الجيش الاسرائيلي في غزة الذي يرمي الى تدمير أنفاق الرعب، والدعوة الى التحقيق في أنه يرقى ليكون «جرائم حرب».
فما الذي يمكن أن نتوقعه من مجلس تُعد في اعضائه دول هي مثال وقدوة للحفاظ على حقوق الانسان مثل الصين وروسيا والسعودية فضلا عن ليبيا وكوريا الشمالية؟
إن هذا المجلس بخلاف مجلس الامن ليست له قوة حقيقية. وهو بخلاف محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، لا يمكن أن تؤدي قراراته الى اعتقال جنود اسرائيليين. بل إن قرارات هذا المجلس تثير استهزاء دبلوماسيين ذوي خبرة يولون موقف الامم المتحدة في سياقات اخرى أهمية.
فالقرارات معلومة مسبقا وتتبوأ اسرائيل فيها مكانا مركزيا: من تقرير غولدستون الى الجرف الصامد، واسرائيل دائما مذنبة يجب أن تُحاكم على «جرائم الحرب» التي تنفذها بادي الرأي بمحاولتها حماية مواطنيها. ليس لهذا المجلس أسنان لكن له فما: فما كبيرا ومكبر صوت ومتحدثا. وليس المجلس مخولا بأن يفرض عقوبات، لكن متحدثيه ذوي الخبرة يلقون السُم ويزرعون التشهير.
في أيام الدولة الاولى استخف بن غوريون بالامم المتحدة التي سماها «أمما متحدة جوفاء» وقال في جزم: «لا يهم ما يقوله الأغيار بل المهم ما يفعله اليهود». ولم يعد هذا الموقف يقبله الجميع. لكن في العالم الهزلي الذي نحيا فيه فان من يولي قرارات ما للامم المتحدة وزنا دبلوماسيا إن لم يكن قانونيا، لا ينظر بجدية الى تصريحات مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة الذي يفغر فاه مثل دمية على نابض فتنطلق منه بصورة آلية اقوال تنديد باسرائيل حتى قبل أن يسمع فيمَ يدور الحديث. وقد يكون مضايقا مثل ذبابة مضايقة لكن من المؤكد أنه غير مقلق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
يجب إنهاء المهمة بدفع حماس إلى طلب وقف النار باستعمال الحد الأقصى من القوة الوحشية
فيفعلوا ما شاؤوا
بقلم:بن كاسبيت،عن معاريف
1.أيام طويلة، حزينة، تمر علينا. الجنود القتلى يمرون أمامنا على الشاشة كل واحد وواحد منهم يبكينا ويثير خواطرنا. وأمس كان دور سيفان بار أور أم ليليان ابنة السنة وفي شهر حملها السادس، أرملة الرائد تسفرير بار أور، نائب قائد لواء جولاني الذي قتل في غزة. وأعترف بان الارملة الحامل، الشابة هذه، مع رضيعتها التي قبل يومين فقط تعلمت كيف تقول «بابا»، مزقتني وأفترض أن كل من شاهدها اجتاز ذات التجربة. أنت تنظر وتبكي، أنت تمر عليهم، على الجميع، على الجنود الافراد (الذين يشيع جثامينهم عشرات الالاف)، على المهاجرين الجدد من روسيا، من اثيوبيا، على الاسرائيليين الرائعين هؤلاء، المتدينين، العلمانيين، الاشكناز، الشرقيين، فتسأل نفسك، كيف لم نتعرف على كل هذا الجمال من قبل ولماذا يتعين علينا أن نطلع على هذه النوعيات النادرة في هذه الساعات الرهيبة فقط.
وعندها تقول لنفسك شيئا آخر: هؤلاء هم لحم للمدافع. فمن كل الجيوش الحديثة الموجودة اليوم في العالم، الجيش الاسرائيلي وحده يدخل جنوده الى بيت مفخخ، بدلا من أن يسحقه بقذيفة واحدة من الجو. (في جنين ايضا، في حملة «السور الواقي» حصل هذا، حيث كلفنا هناك 13 قتيلا). بيت كهذا جبا أمس حياة عزيزة للمظليين الشبان. أنت تسمع عن طياري سلاح الجو الذين يستاءون من الاضطرارات القانونية التي تجبرهم مرات عديدة على التخلي عن مساعدة المقاتلين على الارض من الجو كي لا يمسون بالابرياء. وأنت تعرف بان المستشارين القانونيين التابعين للنيابة العسكرية العامة بصعوبة يصادقون على الاهداف الان لان أحدا ما هناك (على ما يبدو النائب العسكري الرئيس) لا يريد أن يتحمل المسؤولية. وبعد كل هذا، نحن نتلقى التذمرات من كل العالم عن وحشيتنا، عن القتل غير المتوازن للابرياء. وبعد كل هذا، تقول لنفسك فليشكلوا الف لجنة غولدستون، وليحرمونا جميعا من امكانية الاجازات في الخارج، فليقفزوا لنا، كل هذا معا لا يساوي حياة مقاتل واحد من الجيش الاسرائيلي. واحد. فنحن في كل الاحوال نأكل السمك الفاسد ونتلقى كل الانتقاد الذي في العالم، أليس كذلك؟ إذن لماذا ندفع الثمن في الرأي العام وندفعه أيضا في حياة الانسان؟ لماذا لا ينهض، لنفترض، رئيس الوزراء، ويعلن بانه حتى اشعار آخر، في كل مرة يتعرض فيها الجنود في الميدان للخطر من جهة منزل او مؤسسة ما أو مبنى آخر في غزة، فانه ببساطة سيسوى بالارض؟ يؤسفني، ولكن التباهي بلقب «الجيش الاكثر أخلاقية في العالم» لا يساوي عندي حياة حتى ولا جندي واحد. فعلى أي حال، أحد لا يصدقنا. حان الوقت لان نفكر بهؤلاء الابناء، الذين يوجدون هناك كي يحمونا. حان الوقت لان نحميهم، بكل ما نملك، في كل مكان، كل زمان.
2.الان يطلقون النار. الان ليس مناسبا تصفية الحسابات. هذا ليس الوقت. ولا يزال، لا مفر من الاعتراف بالحقيقة: هذه الحملة ستولد لجنة تحقيق. لا يوجد وضع آخر. لجنة تحقيق تفحص المفاجأة الاستراتيجية التي ألمت باسرائيل. لجنة تفحص ثغرات الاستخبارات (الكبيرة). لجنة تفحص من بالضبط مسؤول عن أنه لا يوجد لدينا ما يكفي من المعلومات عن رؤساء حماس ومكانهم، وليس لدينا معلومات كافية عن مكان الصواريخ للمدى البعيد وأن ليس لنا معلومات كافية عن الانفاق مثلما لم يكن لنا على الاطلاق معلومات عن مكان جلعاد شاليط. صحيح حتى الان، اكثر من وزير واحد في المجلس الوزاري، بل وأكثر من اثنين، يتحدثون عن «قصور استخباري كبير». العلاقات بين القيادة السياسية (يعلون) وبين بعض القيادة الامنية (يورام كوهن) مثلا، متوترة. بشكل عام، يوجد توتر كثير هناك في تلك المستويات، بل والغضب ايضا لا ينقص. ولكن القيادة السياسية ايضا يجب أن تجرى مراجعة لها. فأنا أعرف شخصيا بان لدى الجيش كانت معلومات عن الانفاق. لماذا لم تصل بكاملها الى أصحاب القرار (الى المجلس الوزاري مثلا)؟ واذا ما وصلت، كيف سمح أصحاب القرار لانفسهم، من رئيس الوزراء جنوبا، تجاهل هذا التهديد الاستراتيجي المجنون، الذي في كل ساعة تمر يتبين لنا وحشيته بكل قوتها؟
كل هذه المسائل ستستوجب استيضاحا معمقا، ولكن فقط بعد أن ينتهي كل شيء. بعد أن نحاول انهاء المهمتين الاساسيتين: المهمة مع حماس وعمل ذلك بأقل خسائر ممكنة. ماذا يعني انهاء المهمة؟ دفع حماس الى طلب وقف النار، بدون شروط. وهذا لا يتم الا باستعمال الحد الاقصى من القوة الوحشية. لا يوجد سبيل آخر، مع هذه الحيوانات. فقد سبق أن جربنا كل شيء.
3.يواصل المجلس الوزاري في أن يقرر الا يقرر. صيغة كيري بسيطة: على اتفاق وقف النار يوقف ابو مازن، باسم «كل الفلسطينيين». معبر رفح يفتح. اسرائيل تسهل على الفلسطينيين في المواضيع الاقتصادية، في توسيع دائرة الصيد وما شابه. هذا هو، الى هذا الحد أو ذاك. حتى لو لم تنته الحملة في الايام القريبة القادمة، سيواصل الجيش عمل «المزيد من ذات الشيء». الامر الذي يعمق فقط المراوحة في المكان وتعريض المقاتلين الزائد للعمليات. لقد بنت حماس في غزة موقع عصابات. لا يوجد في العالم جيش يمكنه أن يخرج سليما من مثل وادي القتل هذا، عندما يحمي المدنيون بشكل دائم الصواريخ والعبوات، منازل المدنيين مفخخة، أنفاق دفاعية تسمح لرجال حماس بالاختفاء في باطن الارض والخروج أينما يريدون، بعد أن تكون القوة العسكرية قد عبرت وملاحقتها من ورائها. في مثل هذه الظروف، التي لم تستطع حتى الان قوى عظمى مثل روسيا والولايات المتحدة مواجهتها، يعرض الجيش الاسرائيلي أداء استثنائيا. لا يمكن للمرء الا يؤدي التحية للجنود، اولئك الذين بتفانٍ، بمهنية، ببطولة وبتصميم من جانبهم ينفذون ما يكلفون به.
ولكن هذه المراوحة في المكان زائدة. مسار مصري، مسار قطري، كيري هنا، ابو مازن هناك، خالد مشعل يهزأ بنتنياهو من على الشاشات في قطر ، حماس تعزف على ناي الغضب وباقي العالم يرقص على أنغامها. هذا سينتهي، مثلما كتب هنا منذ زمن بعيد، فقط عندما يفهمون باننا سنضربهم على الرأس، بكل القوة، على طول وعرض كل الجبهة، على كل الصندوق. عندها فقط، هذا سينتهي مثلما ينبغي له أن ينتهي. كل نهاية اخرى، ستجدنا نعود الى ذات الفيلم لاحقا. باستثناء ان هذه المرة مثلما هو الحال دوما، اكثر عنفا وشدة من المرة السابقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
يجب على المنظمة الآن أن تقرر هل وقف إطلاق النار يخدم مصلحتها أم لا
خريطة شكوك حماس
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
اذا كانت توجد دلائل أولى على تمهيد طريق لوقف اطلاق النار فهي موجودة في استقرار رأي الرئيس الفلسطيني محمود عباس على دفع رواتب موظفي حماس الذين يعملون في القطاع. فعلى حسب أنباء في الشبكات التي تمثل حماس، ستبدأ البنوك الفلسطينية اليوم بدفع الرواتب وستعمل البنوك بصورة غير معتادة في يوم السبت ايضا لاتمام العمل. وستدفع البنوك المال من ودائعها وستُتم السلطة الفلسطينية الفرق بعد أن تحصل على الاموال المحولة من اسرائيل.
هذا تطور مهم لأن عدم دفع الرواتب كان من العوامل المركزية التي سببت هياج النفوس في غزة وعرضت حماس على أنها لا تكسب شيئا من المصالحة الفلسطينية الداخلية. ومن هنا جاء طلب حماس القاطع أن يُشمل دفع الرواتب في قائمة شروطها لوقف اطلاق النار. ونقول بالمناسبة إن هذا الطلب لم يُسمع في حديث خالد مشعل أمس، ويبدو أنه في طريقه الى الحل. وقد قدرت مصادر فلسطينية أمس أن تُحرز الهدنة حتى عيد الفطر الذي يحل يوم الاثنين.
إن دفع الرواتب شرط ضروري لكنه غير كاف لموافقة حماس على وقف اطلاق النار. فالموضوع المركزي هو رفع الحصار عن غزة، وفتح معبر رفح، ورفع الحصار البحري على طول الساحل على نحو يسمح للصيادين بأن يزاولوا مهنتهم. ومعضلة حماس الآن هي هل يُعتمد على مصر واسرائيل والولايات المتحدة أن توافق على بحث هذا الموضوع بعد وقف اطلاق النار – كما تقترح الخطة المصرية – أم تحصل على التزامات مفصلة لذلك شرطا يسبق وقف اطلاق النار. ومن هنا يأتي طموح حماس الى أن تُشرك أكبر عدد ممكن من الدول العربية في صوغ الاقتراح «المعدل»، كي يضمن حزام الضمانات التي ستحصل عليها المنظمة ألا يبقى التباحث في رفع الحصار عن غزة بمثابة وعد فارغ.
تم توسيع هذا «الحزام» أمس حينما وصل حاكم قطر الشيخ تميم آل ثاني فجأة الى السعودية للقاء الملك عبد الله. وهذه خطوة غير عادية لأنه نشبت قبل بضعة أشهر ازمة عميقة في العلاقات بين الدولتين. لكن يبدو أن الضغط الامريكي على قطر وحاجة حماس الى ضمانات اخرى أحدثا الزيارة الأميرية. إن هدف قطر هو أن تجعل السعودية تضغط على مصر لتُعدل اقتراحها على نحو تستطيع معه حماس أن تقبله دون أن تبدو أنها خضعت. وسيكون لذلك ثمن سياسي ستضطر قطر الى دفعه من علاقاتها بدول الخليج. لكن اذا نجح الاقناع القطري فقد ترى حماس ذلك حلا مناسبا لطلبها ضمانات لاتمام اتفاق وقف اطلاق النار وللتباحث في المواضيع الجوهرية التي ستليه. إن تأجيل التباحث في هذه المواضيع الى ما بعد وقف اطلاق النار مع الاعتماد على الضمانات العربية سيمنح حماس مكانة مفاوِضة مساوية في قيمتها لسائر الاطراف، ويسلب محمود عباس سلطة التفاوض ولن يُقلل من مكانة مصر التي تسيطر على فتح معبر رفح واغلاقه.
وفي مقابل ذلك لا يضمن استمرار القتال في القطاع لحماس انجازات سياسية فورية، وذلك خاصة لفشلها في إحداث عاصفة لدى الجمهور العربي تضغط على نظم عربية ولا سيما في مصر لتغيير موقفها. وحماس قلقة ايضا من عدد القتلى والجرحى من السكان الفلسطينيين، ومن الدمار الكبير في غزة (الذي وعدت عدة دول عربية بالمساعدة على إعمارها.)
هذا قلق مضاعف الابعاد نحو الجمهور الفلسطيني وحماس مسؤولة عن سلامته، ومن الآثار السياسية المستقبلية التي قد تنبع من الحرب، وبقدر لا يقل عن الأول. فيجب على حماس مثلا أن تأخذ في حسابها الانتخابات التي يفترض أن تتم في نهاية هذه السنة أو في مطلع السنة التالية للرئاسة والمجلس التشريعي الفلسطيني والمجلس الوطني الفلسطيني. وتنوي حماس المنافسة في كل هذه المعارك الانتخابية، وهي تحتاج الى أن تُقدر الآن التأثير الذي سيكون لنتائج الحرب في مكانتها وقدرتها على إقصاء فتح عن المؤسسات الوطنية الفلسطينية.
في لبنان مثلا بقي حزب الله عاملا مؤثرا وحاسما في السياسة اللبنانية برغم أن نتائج الحرب في 2006 كانت تُرى خسارة لاذعة للمنظمة. وفي السلطة الفلسطينية في مقابل ذلك خسرت فتح لحماس خسارة مهينة في انتخابات 2006 عقابا على سلوكها الفاسد. ومع عدم وجود دلائل ناجعة تُبين مشاعر الجمهور فانه يجب على حماس أن تقرر الآن هل تكون هدنة قريبة في مصلحتها في ما يلي من الوقت أم أنها خسرت دعم جمهورها وهي تستطيع أن تحصد بضع نقاط استحقاق اخرى اذا استمرت على القتال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
المجلس الوزاري وقيادة الجيش يفضلون أن ينتهي القتال رغم أنهم لا يقولون ذلك
ميزان الربح والخسارة
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
صباح أمس دخلت قوة من لواء المظليين لتمشيط منزل في قرية خزاعة، شرقي مدينة خانيونس. قائد الطاقم، الملازم باز الياهو من كيبوتس عفرون، تحرك على رأس القوة مع رجل اتصالاته، العريف أول لي مات من ايلات، ومطلق النار، العريف أول شاحر روبين من كيبوتس جينجر. عندما اقترب الطاقم من المنزل، استخدمت نحوه عبوة ناسفة كبيرة نثرت أيضا شظايا كروية نحو المظليين. فقتل ثلاثة من رجال خلية رأس الحربة من شدة الانفجار. واصيب سبعة مظليين آخرين، من طاقم مارس 13. وضع أحد الجرحى خطير جدا.
الحادثة في خزاعة، وهي الحدث الاقسى في اليوم السادس من العملية البرية في حملة «الجرف الصامد» تعكس طبيعة القتال الجاري الان في القطاع. فالقوات تتقدم ببطء نسبي، تمشط اهدافا استخبارية وتفتش عن الانفاق الهجومية – وهو النشاط الذي يعطي حتى الان نتائج طيبة. ويبذل الفلسطينيون جهدا واضحا كي يفاجئوا وحدات الجيش في خطوط الاتصال الطويلة، من خلال تفعيل العبوات، اطلاق صواريخ مضادات الدبابات ونار القناصة. حتى الان قتل في العملية 32 ضابطا وجنديا؛ جندي آخر لا يزال يعتبر مفقودا. اما الخسائر الفلسطينية فتقدر بـ 700 قتيل، أكثر من نصفهم مدنيون.
يعمل الجيش الاسرائيلي الان بعدوانية اشد في القطاع، في ضوء التهديد الذي يحدق بحياة الجنود في المنطقة المكتظة. وألقى سلاح الجو أول أمس 120 قذيفة، كل واحدة منها بوزن طن، على مواقع وقيادات لحماس في حي الشجاعية، الذي هرب معظم سكانه بسبب المعارك. وأمس قصف المستشفى المجاور «الوفاء» بعد حالات متكررة من اطلاق النار على قوات الجيش الاسرائيلي. في شرق خانيونس، في اعقاب الحادثة مع المظليين، اطلقت نار ثقيلة وبلغ عن عشرات الفلسطينيين القتلى. ولا تبلغ السلطات في القطاع من هو من بين القتلى كان مدنيا ومن هو نشيط في الاذرع العسكرية لمنظمات الارهاب.
الى جانب ذلك، يواصل الجيش البحث والعثور والهدم للانفاق الهجومية المؤدية الى اسرائيل، في أطراف القطاع. وبتقدير الجيش، فان معالجة جذرية للانفاق كفيلة بان تستغرق حتى اسبوعين، ولكن ليس مؤكدا أن يكون هذا الزمن تحت تصرفه. وفي هذه الاثناء فان القوات لا تتقدم الى عمق المنطقة بسبب التركيز على معالجة الانفاق. وهذا يعني ان الخط الذي ينتشر فيه الجيش الاسرائيلي في القطاع ثابت نسبيا – ومن شأنه أن يخلف احيانا نقاط ضعف لمزيد من الهجمات من جانب حماس.
حسم نتنياهو وضيف
بينما يستمر القتال، لا توجد في هذه الاثناء مؤشرات واضحة على تقدم سياسي حقيقي، رغم القطار الجوي من المسؤولين الاجانب الذين يصلون الى المنطقة. عمليا، تشاهد اسرائيل وهي واقفة جانبا تقريبا الاتصالات التي بين مصر وحماس. والمرونة المصرية بالنسبة لمطلب حماس فتح معبر رفح كفيلة بان تكون المفتاح لتحقيق وقف النار. ومع أن لا المجلس الوزاري ولا قيادة الجيش في اسرائيل يقولون هذا صراحة، واضح أنهم يفضلون ان ينتهي القتال منذ الان. اذا استسلمت حماس للضغوط التي تمارس عليها، حتى ولو على وقف نار انساني طويل تأتي بعدها مفاوضات اخرى، فمن المتوقع الا تعارض اسرائيل ايضا ذلك. وسيسر الجيش الاسرائيلي اذا ما سمحوا له بعدة ايام اخرى كي يمشط ويدمر الانفاق على مقربة من الجدار، ولكن الجيش لا يمارس ضغطا على القيادة السياسية لتوسيع الحملة بشكل واضح.
اذا كانت هذه المعطيات تشير ظاهرا الى احتمال عال نسبيا لوقف النار، هناك جانبان آخران يعقدان الوضع: الاول يتعلق بالمصاعب السياسية الداخلية لرئيس الوزراء نتنياهو. والثاني – يتعلق بنهج حماس وبالاساس باعتبارات رئيس ذراعها العسكري، محمد ضيف. وحتى في الاسابيع التي يضفي فيها نتنياهو على نفسه سيما القائد الذي يقود حربا، فانه لا يزال سياسيا يبالي بحسابات الربح والخسارة الانتخابية. يخيل أنه يفهم جيدا بان هذه المعركة هي مدخل لهزات كبيرة.
في هذه اللحظة نجد أن الدعم الجماهيري لسياسة الحكومة وبالتأكيد لعمل الجيش الاسرائيلي جارف. ولكن في نظر الكثيرين سيكون التوقف الان تسليما بالتعادل، إن لم يكن الخسارة بالنقاط. وهذه مشكلة عويصة من ناحية نتنياهو، الذي من شأنه في ظروف معينة أن يجد نفسه في وضع ايهود اولمرت في 2006.
اما بالنسبة لضيف، يبدو أن الرجل خرج في بداية تموز لمعركة حياته. حماس تدير هنا كفاحا لتحرير القطاع من الحصار (فيما أن العنوان للتسهيلات، بشكل مفعم بالمفارقة، هو بالذات مصر). ليس مؤكدا على الاطلاق ان تكون حماس مستعدة لان تكتفي بأقل من ذلك بكثير، رغم الضربات التي تلقتها. وينشأ الاشتباه بان اسرائيل لم تستوعب في الوقت المناسب الانعطافة التي أخذتها حماس – وعلقت في الطريق الى مفاجأة استراتيجية، في قضية الانفاق الهجومية. وحتى لو توصلت اسرائيل الى الاستنتاج بانه يجب انهاء المواجهة العسكرية بالسرعة الممكنة، فانها ملزمة بالاستعداد لامكانية ان تختار قيادة حماس مواصلة القتال، رغم الثمن. في مثل هذه الحالة، ورغم المخاطرة بالخسائر، على الجيش الاسرائيلي أن يكون جاهزا لخطوة حاسمة، حتى لو كان يفضل الا يستخدمها.
في ميزان انجازات الجيش يحصي حتى الان كشف العديد من الانفاق والمس، من خلالها، بمشروع حماس العزيز. لا ينبغي أيضا أن نتجاهل الضربة للعديد من نشطاء حماس، قيادات المنظمة ووسائلها القتالية.
في المجال الدفاعي، فان الخليط بين «القبة الحديدية» ومستوى المسؤولية العالية التي أبداها المواطنون ادى الى الحد الادنى من الخسائر في الارواح (ثلاثة قتلى، بينهم واحد أمس)، رغم اطلاق اكثر من 2.000 صاروخ (في حرب لبنان الثانية اطلق 4.200 صاروخ وقتل 54 مواطنا وجنديا (هكذا يذكر هرئيل مع ان العدد قد يكون 154 وليس 54 – المصدر)). كل هذه الأمور معا يفترض بها ان تثبت الردع تجاه حماس. والخليط بين الردع الاسرائيلي، الذي يعتمد على الدمار المحيطي الكبير في القطاع والضرر الاقتصادي للسكان، مع الاتفاق الذي تكون فيه تسهيلات لحماس ايضا، يفترض بهذا الخليط ظاهرا أن يؤثر على طول فترة الهدوء ما بعد القتال. في المرة السابقة، بعد حملة «عمود السحاب» في تشرين الثاني 2012، صمد الهدوء سنة وسبعة اشهر.
الحدود مرة اخرى قابلة للاختراق
ولكن هذه النتيجة متعلقة ايضا بالشكل الذي تدرك فيه حماس المعركة. وهنا، المنظمة هي الاخرى تسجل لنفسها حاليا انجازات لا بأس بها. فوقف الرحلات الجوية الاجنبية لمطار بن غوريون قد يكون أهمها، حتى لو كان حصل بسبب حدث شبه هامش، اصابة صاروخ لم يلحق أي اصابة بالارواح في بلدة يهود. ولكن لا ينبغي الاستخفاف ايضا بالضرر الاقتصادي وبالاثار النفسية لنار الصواريخ على الجبهة الداخلية على مدى اسبوعين ونصف على التوالي، في هذه اللحظة دون موعد نهاية منظور للعيان.
اذا كان الاغلاق الجزئي لمطار بن غوريون هو تطور مقلق، تشغل البال بقدر لا يقل عنه قضية الانفاق الهجومية. والان بات واضحا بان حماس، المنظمة الصغيرة مقارنة بالقوة العسكرية العظمى لاسرائيل، رتبت لنا هنا مفاجأة كبرى.
فالقوات العاملة الان في قطاع غزة تبلغ عن استخبارات فائقة تقدمها شعبة الاستخبارات «امان» وجهاز المخابرات «الشاباك» قادرة على أن تشير بدقة جمة الى كل فوهة نفق صغيرة. ومع ذلك، فان الصورة العامة للتهديد لم تكن واضحة حتى قبل اسبوع للجمهور، بل وليس لكل اعضاء المجلس الوزاري. وآخذ في الاتضاح بان حماس أعدت خطة فتاكة ليوم الامر.
كل نفق هجومي أدى الى مقربة من كيبوتس قرب الجدار، واستخدام الانفاق كان سيسمح لحماس بان تهاجم بالتوازي قرابة عشرة كيبوتسات، تنفذ مذبحة جماعية وتختطف رهائن، كخطوة بدء للحرب. هذه خطة موازية في تركيبتها للعمليات الكبرى التي تنفذها القاعدة وفروعها في آسيا وفي افريقيا. وجاءت الخطوة البرية المحدودة لتحبطها، ولكن حتى هكذا نجحت أربع خلايا من القوة الخاصة لحماس في اجتياز الجدار والعمل في الاراضي الاسرائيلية. احبطت عمليتان، وفي اثنتين اخريين قتل ستة جنود من الجيش الاسرائيلي.
يمكن الادعاء مثلما يعرضون ذلك في جهاز الامن بان الذخائر الاستراتيجية التي أعدتها حماس اصيبت دون أن تنجح المنظمة في قتل مدنيين اسرائيليين. ولكن السطر الاخير مقلق: كشف الانفاق يهز احساس الامن لدى سكان غلاف غزة، الذين يشتكون منذ سنوات من اصوات الحفر التي تسمع في الليالي. في المرة الاولى منذ السبعينيات اصبحت حدود اسرائيلية قابلة للتسلل، رغم منظومة متفرعة من الامن الجاري التي يستثمر في تفعيلها مئات ملايين الشواكل في السنة. هذا أيضا ضرر يتعين على نتنياهو أن يأخذه بالحسبان في للحملة، بينما يفكر باستمرار العملية التي كان – مثل كل كبار الرجالات حوله – يفضل الامتناع عنها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس