ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
ف ي هـــــــــذا الملف:
أبو مازن وأبو الوليد
محمد كريشان عن القدس العربي
نتانياهو بين عباس ومشعل
عبدالله إسكندر عن الحياة اللندنية
دولة فلسطين: نحو تجسيد الاستقلال الاقتصادي
د. محمد مصطفى(رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني) عن القدس العربي
نكتة فلسطينية.. لكن في بغداد
فاتح عبدالسلام عن الزمان العراقية
“ربما” الأوروبية من أجل فلسطين
آنا بالاسيو (وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة)، عن دار الخليج
يدينون كيانهم ويتوقعون نهايته
فايز رشيد عن دار الخليج
الجعة ياريس
حمدي رزق عن المصري اليوم
دولة كردية.. وأخرى علوية..
كلمة الرياض بقلم يوسف الكويليت
دويلات سورية بعد «سورية الأسد» ؟
مايكل آيزنشتات(باحث ومحلل عن «واشنطن انستيتيوت فور نير ايست بوليسي» الأميركي، إعداد منال نحاس) عن الحياة اللندنية
أبو مازن وأبو الوليد
محمد كريشان عن القدس العربي
محمود عباس (أبو مازن) وخالد مشعل (أبو الوليد) كلاهما هذه الأيام في مرمى النيران الإسرائيلية: الرئيس الفلسطيني طبعا بسبب انتصاره الأخير في الأمم المتحدة وحصول بلاده على صفة دولة مراقب غير عضو، ولكن كذلك أيضا بسبب ما وُصف بصمته عن كلام مشعل في غزة عن حق الفلسطينيين في أرضهم من البحر إلى النهر، أما رئيس المكتب السياسي لحركة 'حماس' فطبعا بسبب ما خرجت به المقاومة من مكاسب بعد العدوان الأخير على غزة ولكن كذلك أيضا بسبب الأجواء التي أشاعتها زيارته الأخيرة إلى القــطاع وتصريحاته خلالها. أما ما لم تفصح عنه إسرائيل صراحة فهو أن غيظها المتنامي من الرجلين مرده أساسا توجههما الجاد نحو إغلاق ملف حالة الانقسام.
بالنسبة لعباس وقع التركيز على أن ما قام به مؤخرا في الأمم المتحدة يعد 'إرهابا سياسيا' وأنه ليس فقط لا يختلف عن الزعيم الراحل ياسر عرفات وقد يلقى مصيره وإنما أيضا لا يختلف عن مشعل وحماس في محاولة إيذاء إسرائيل ولكن على طريقته الناعمة الماكرة. وفي هذا السياق جاء المشروع الاستيطاني الأخير في القدس الشرقية والذي أثار استياء عديد الدول الغربية، صدقا أو كذبا، نوعا من العقاب والمناكفة للرئيس الفلسطيني الذي أحسن صنعا عندما ألمح أول أمس في أنقرة إلى أنه سيرد بـ'وسائل أخرى' إذا ما مضت إسرائيل قدما في تنفيذه. كلام لا يمكن أن يفهم سوى أنه تهديد باللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية باعتبار الاستيطان جريمة حرب يمكن أن يلاحق مرتكبوها.
بالنسبة لمشعل المقاربة مختلفة، فإسرائيل التي فهم سماحها بدخول زعيم 'حماس' إلى قطاع غزة على أنه نوع من محاولة المراهنة على الشق المعتدل والبراغماتي في الحركة أصيبت بنوع من خيبة الأمل من تصريحات الرجل في غزة. كلامه هناك اعتبر كشفا لـ 'الوجه الحقيقي' لحماس 'التي ليس لديها نية للتسوية معنا' كما قال نتياهو. وقد تم تجاوز ما هو أبعد من خيبة الأمل بالدعوة صراحة لاغتيال مشعل على غرار ما أعلنه شاؤول موفاز رئيس حزب كاديما والمعارضة في بيان له وليس في تصريح غاضب أو زلة لسان. ومع ذلك، لم تنفض كل الدوائر الإسرائيلية يدها من مشعل بدليل إشارة البعض إلى احتمال قرب اليوم الذي قد تجد فيه إسرائيل نفسها تتفاوض معه ومع حركته وهو ما قد يعتبر حركة إخراج اللسان لإغاظة عباس أكثر منها شيئا آخر.
أكثر ما يقلق إسرائيل الآن هو اقتراب عباس ومشعل من المصالحة الحقيقية بين 'فتح' و'حماس'. لم تكن هذه المرة الأولى التي تبدو فيها المصالحة قريبة دون نتيجة ولكن ما يزعج إسرائيل هذه المرة أن الرجلين يقتربان منها وكل منهما لديه ما يفخر به ويفاخر: محمود عباس تجاوز عاصفة تصريحاته حول حق العودة التي جلبت عليه غضبا شديدا وبات اليوم في موقع أفضل بالمكسب الأخير في الأمم المتحدة والاستقبال الشعبي الكبير الذي لقيه في رام الله... أما خالد مشعل فتجاوز على ما يبدو قصة عدم ترشيح نفسه مرة أخرى على رأس 'حماس' ومرارة الاختلاف مع بعض إخوانه في غزة . لقد أصبح اليوم بعد ضربات المقاومة الأخيرة من غزة والاستقبال الشعبي الكبير الذي حظي به هناك في وضع أفضل للمضي مع عباس في ما سبق لهما أن اتفقا عليه دون منغصات ولا مزايدات.
هنا لم يجد نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي موشيه يعلون ما يعبر به عن سخطه من احتمال إنتهاء الانقسام الفلسطيني وتقارب زعيمي 'فتح' و'حماس' وكلاهما في وضع جيد سوى القول إنه لا يوجد فرق بين عباس ومشعل، فيما قال نتنياهو إن عباس يسعى إلى الوحدة مع 'حماس' المدعومة من إيران حتى يصور الجميع في اصطفاف واحد معاد لإسرائيل والأمريكان والغرب كله. ولهذا فإن أكثر ما يمكن أن يربك به أبو مازن وأبو الوليد إسرائيل الآن هو المسارعة فعلا إلى 'عفا الله عما سلف' دون تأخير لأن معطيات اليوم قد لا تكون معطيات الغد.
نتانياهو بين عباس ومشعل
عبدالله إسكندر عن الحياة اللندنية
مع الزيارة التاريخية التي قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» لقطاع غزة، يدخل الملف الفلسطيني في مرحلة جديدة يسعى اليمين الإسرائيلي، وزعيمه بنيامين نتانياهو، إلى توظيفها في وأد الصدقية الفلسطينية إزاء السلام ووأد المفاوضات مع الفلسطينيين وإنهاء فكرة الدولتين.
أمام نتانياهو لتحقيق هذا الهدف فترة زمنية محددة تنتهي مع تولي الرئيس باراك أوباما ولايته الثانية رسمياً، مطلع السنة المقبلة، إذ إن التصويت على العضوية غير الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة ترافق مع تأكيدات، سواء من الذين صوتوا إلى جانب القرار أو الذين امتنعوا عن التصويت، لضرورة أن يكون هذا الاعتراف مقدمة لبدء تنفيذ حل الدولتين. وأجمع هؤلاء على أن بدء هذا الحل يرتبط بالولايات المتحدة التي وحدها قادرة على الضغط على إسرائيل لجلبها مجدداً إلى المفاوضات. ويُعتقد بان مثل هذه المطالبات قد تشجع أوباما على معاودة الاهتمام بالملف الفلسطيني بعد إهمال، خلال الحملة الانتخابية. خصوصاً أنه تحرر، في الولاية الثانية من ضغوط اللوبيات المؤيدة لإسرائيل والتي وقفت إلى جانب نتانياهو خلال مرحلة برود العلاقة مع نتانياهو.
وفي الحسابات الإسرائيلية، خصوصاً لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، ينبغي استباق مثل هذا الوضع الجديد في الولايات المتحدة، وتحييد الضغوط الدولية، خصوصاً الأوروبية، والتي تدفع في اتجاه المفاوضات من اجل حل الدولتين.
وجاءت الخطة الاستيطانية التي أعلنت، فور التصويت في الأمم المتحدة على العضوية الفلسطينية، وقُدمت على أنها رد على الخطوة، لتكشف هذا الاستباق عبر جعل الاستيطان واقعاً يقضي على الدولة الفلسطينية من جهة، وتوجيه رسالة إلى العالم أن إسرائيل لن تتقيد بما يراه الغير من حلول.
ويمكن الاعتقاد بان طبيعة التحالف الانتخابي مع اليمين الإسرائيلي المتطرف، والذي هندسه نتانياهو، يقع ضمن هذه الخطة الاستباقية من اجل تشكيل حكومة مقبلة متجانسة في التمسك برفض الدولة الفلسطينية.
في هذا السياق، جاءت الموافقة الإسرائيلية على زيارة مشعل للقطاع. إذ إن مناسبة الاحتفال بذكرة انطلاق «حماس» بعد صد العدوان الأخير على غزة، ستساهم بإظهار الدور القيادي لرئيس المكتب السياسي للحركة ولـ «حماس» أيضاً على المستوى الفلسطيني. بما يجعل ممكناً لإسرائيل استثمار الكلام الذي سيُقال خلال الزيارة من اجل استنتاج أن الفلسطينيين لا يزالون يريدون القضاء على دولة إسرائيل. وركزت الدعاية الإسرائيلية على كلام المناسبات لمشعل، خصوصاً لجهة عدم التنازل عن فلسطين التاريخية والمقاومة... إلخ، وتجاهلت إشارته السياسية البالغة الأهمية في شأن المصالحة الفلسطينية وتشديده على أن المرجعية الفلسطينية تبقى منظمة التحرير التي ما يزال يرأسها الرئيس محمود عباس، بما هي المؤسسة المخولة إدارة ملف المفاوضات.
لقد استثمر نتانياهو هذه الزيارة ليظهر أن الفلسطينيين لا يزالون يسعون إلى القضاء على إسرائيل، وانهم متطرفون ومتشددون وإرهابيون لا يمكن أن يكونوا شريكاً في سلام مع الدولة العبرية.
المقلب الآخر لهذا الاستثمار هو الحملة العنيفة على الرئيس عباس، من أجل نزع صدقيته. وترادفت هذه الحملة السياسية مع إجراءات على الأرض في الضفة تحرج الرئاسة الفلسطينية وتضعفها عملياً، سواء على الصعيد الفلسطيني عبر تكبير دور «حماس» أو على الصعيد الدولي عبر اتهامه بعدم إعلان مواقف صريحة منددة بالحركة الإسلامية.
ففي الحملة الدعائية الإسرائيلية، تشكل «حماس» القوية في القطاع والمتزايدة النفوذ في الضفة خطراً أمنياً كبيراً على إسرائيل نظراً إلى مواقفها المتشددة من الدولة العبرية، ولا يمكن ان تكون شريكاً في سلام. أما عباس فهو فاقد الصدقية وضعيف لا يمكنه أن يلبي الشروط الإسرائيلية للسلام.
هكذا تسعى إسرائيل أن تنسف مسبقاً أي مساع جديدة من اجل معاودة الحديث عن الحل الذي يقوم على الدولتين.
دولة فلسطين: نحو تجسيد الاستقلال الاقتصادي
د. محمد مصطفى(رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني) عن القدس العربي
أرسلت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقرارها الاعتراف بفلسطين كدولة مراقبة، بصيصاً من الأمل، وخلقت سبباً حقيقياً للتفاؤل بإمكانية تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، وحتمية قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على أرض الواقع. وقد بدأ النقاش العام وعلى كافة المستويات حول الخطوات التي ستلي هذا القرار الأممي ولذلك فإن هذا المقال هو مساهمة أولية في الجانب الاقتصادي للنقاش.
يُشكّلُ هذا الاعتراف وهذا التفاؤل بما يحمله من المقدرات السياسية والقانونية والأدبية فرصة واعدةً لإعادة بناء الاقتصاد الفلسطيني على أسس مغايرة، تفك وثاقه وتكسر أطواق تبعيته لاقتصاد الاحتلال الإسرائيلي، وتُهيئُ المناخ لإعادة قيامه على أسس أكثر استدامة تجسد الاستقلال الاقتصادي المنشود بعد ما وصل إليه من ضعف بات يهدد البرنامج الوطني برمته.
وكما هو معروف للجميع، فقد شهدت المؤسسات الدولية بأن المسبب الرئيس للوضع الاقتصادي الفلسطيني الهش هو منظومة السيطرة التي فرضها الاحتلال على الاقتصاد الوطني، والتي لا تزال قائمة بعد حوالي عشرين عاماً من توقيع الاتفاقية المرحلية (اتفاقية أوسلو)، حيث لا زالت سلطات الاحتلال تتحكم في الجزء الأكبر من العناصر الرئيسة التي تشكل البنية التحتية للاقتصاد، ألا وهي: منظومة السياسات التجارية والمالية والنقدية، الموارد الوطنية الطبيعية، وحركة العمال، والمعابر الخارجية اللازمة لحركة البضائع والأفراد.
لقد تسبب وجود هذه المنظومة الضاغطة في إحداث مجموعة من التشوهات البنيوية في الاقتصاد الوطني الفلسطيني تمثلت في عجز الموازنة العامة، والعجز في الميزان التجاري، والاعتماد شبه الكامل على السوق الإسرائيلية، وانخفاض الصادرات، وتراجع حجم الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الواعدة، وانخفاض مساهمة القطاعات الإنتاجية (وبالذات الصناعة والزراعة) في الناتج المحلي الإجمالي والعمالة.
وقد أدى ذلك بدوره إلى إضعاف قدرة الاقتصاد على خلق عددٍ كافٍ من فرص العمل للمواطنين مما رفع معدلات البطالة وتسبب في استمرار الاعتماد على اسرائيل والمستوطنات كمصادر للتشغيل. وقد باتت مشكلة البطالة، خاصة بين الشباب والتي تجاوزت 35' عام 2011، مشكلة كبرى بعد أن وصل عدد الداخلين إلى سوق العمل إلى حوالي 45 ألفاً سنوياً بينما لا تستطيع السوق المحلية في الوقت الحاضر توفير أكثر من 15 ألف فرصة عمل سنوياً، حيث أدت ممارسات الاحتلال إلى ارتفاع معدلات الفقر لتصل إلى 30' عام 2011.
لقد كان جلياً أن السلطة الوطنية الفلسطينية قد ورثت جزءا كبيرا من هذه التشوهات نتيجة الاحتلال الطويل للأراضي الفلسطينية منذ العام 1967. وبالرغم من استمرار الإجراءات الإسرائيلية التعسفية، والتي تسببت في التشوهات البنيوية المذكورة، فقد استطاعت السلطة الوطنية تحقيق كثير من الإنجازات خلال السنوات الخمس التي تلت قيامها، وخاصة خلال الفترة من 1997-2000. فقد بلغ معدل النمو خلال الفترة 1997 1999 حوالي 11.2' سنويا، وانخفض معدل البطالة من 23' عام 1996 إلى حوالي 10' في الربع الثالث من العام 2000، عشية اندلاع انتفاضة الأقصى، ونمت الإيرادات المحلية للسلطة الوطنية لتغطي جميع النفقات الجارية لتحقق فائضا بسيطا في العام 2000. ولعل من المهم التأكيد في هذا السياق بأن المحرك الرئيسي لهذا الانجاز كان زيادة حجم الاستثمار في الاقتصاد، والذي وصلت نسبة مساهمته في الناتج المحلى الإجمالي إلى 34' سنويا، في حين بلغت نسبة مساهمة الاستثمار في المعدات الانتاجية من الناتج المحلي الإجمالي 14' سنويا خلال نفس الفترة.
ومن الجدير بالملاحظة، أنه تم تحقيق ذلك في وقت كان لا يزال التفاؤل بقيام دولة فلسطينية مستقلةٍ قائماً. لكن سرعان ما تغيرت الصورة تماماً بعد فشل مفاوضات الحل النهائي في كامب ديفيد 2000، وعانى الاقتصاد الفلسطيني من تصاعد الإجراءات والممارسات الإسرائيلية الغاشمة ما انعكس على كافة مناحي الحياة، وتحديداً الاقتصادية منها، حيث ارتفعت معدلات البطالة والفقر إلى مستويات غير مسبوقة، وانخفضت معدلات النمو بشكل كبير، وزاد العجز في الموازنة العامة بصورة خطيرة. وقد فاقم من هذه المشكلات الانقسام الذي حدث في الصف الفلسطيني وانعكس سلبا على الاقتصاد.
وفي نوفمبر 2007، عُقد مؤتمر أنابوليس للسلام، والذي أشاع أجواءً جديدة من التفاؤل بإمكانية قيام الدولة المستقلة مما شجع المانحين على تقديم مساعدات مالية كبيرة خلال الفترة 2008 2011. ولكن أغلب هذه المساعدات ذهب لتمويل عجز الموازنة العامة للسلطة الوطنية الفلسطينية، ما مكن الحكومة من زيادة الإنفاق العام خلال تلك الفترة. وبالرغم من أن الاقتصاد الفلسطيني استطاع خلال هذه الفترة تحقيق معدلات جيدة للنمو بلغت حوالي 7.8' سنويا، إلا أن هذا الانتعاش لم يدم طويلاً بعد أن فقدت جميع الأطراف الثقة بالعملية السياسية وتراجعت المساعدات الخارجية التي كانت المحرك الأساسي للنمو في هذه المرحلة، وذلك على عكس المرحلة الأخرى التي كان الاستثمار المحرك الرئيس لها، والتي تزامنت مع تصاعد السياسات الإسرائيلية الرامية إلى عرقلة كل محاولة للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، سواء من خلال استمرار مصادرة الأراضي وتوسيع الاستيطان والسيطرة على الموارد الفلسطينية، خصوصا في المنطقة المصنفة (ج)، واستمرار الحواجز والحصار والسيطرة على المعابر وغيرها.
ومع نجاح الجهود الســـــياسية الفلســطينية في نوفمبر 2012 في الاعتراف بفلسطين كدولة مراقبة في الأمم المتحدة، فإنني أرى أن من أهم التحديات الرئيسية لدولة فلسطين في المرحلة القادمة هو العمل على تجسيد الاستقلال الاقتصادي وبناء اقتصاد جديد ومستقل خالي من التشوهات البنــــيوية المذكــورة وقادر على تعزيز صمود المواطن الفلسطيني على أرضه ورفع مســـتوى حياته وتأهيله للمساهمة في البرنامج الوطني الهادف لإزالة الاحتلال.
وبالرغم من الأهمية الكبرى للقرار الدولي هذا، إلاّ أنه لن يؤدي إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي المنشود، ولن يحل الأزمة المالية أو الضعف الاقتصادي الحاليين بصورة تلقائية. لكن من الضروري العمل على الاستفادة من القرار الدولي، خاصة في ظل أجواء التفاؤل المصاحبة له، من أجل إنهاء منظومة السيطرة الاسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني، والعمل على تطوير منظومة جديدة تعتمد على القدرات الذاتية للشعب الفلسطيني، وتستطيع إعادة الثقة لدى المستثمرين في اقتصادنا، والعمل على تحقيق تنمية اقتصادية حقيقة على الأرض تمكّن وتجسّد الاستقلال السياسي والاقتصادي. ويتطلب ذلك وضع استراتيجية وطنية شاملة يشارك فيها القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومختلف فئات الشعب الفلسطيني ومكوناته.
يجب أن تراعي الاستراتيجية الاقتصادية الوطنية المقترحة ما يلي:
تعظيم الميزات النسبية لفلسطين ومراعاة البيئة السياسية وسيناريوهات التطور السياسي وتحديد العمق الجغرافي الملائم للاقتصاد الفلسطيني بما يتماشى مع تطلعاته وإمكانياته، وكذلك تطوير شبكة العلاقات الاقتصادية مع الدول والمؤسسات العالمية بما يتلاءم مع التطور السياسي الجديد باعتبار فلسطين دولة معترفٌ بها في الأمم المتحدة.
العمل على إعادة ترتيب العلاقة مع الجانب الإسرائيلي والتوصَل إلى منظومة جديدة للسياسات الاقتصادية والمالية والنقدية تتلاءم وخصوصية الاقتصاد الفلسطيني بدلاً من المنظومة الحالية التي يحكمها بروتوكول باريس الاقتصادي والاتفاقية المرحلية. ولا بد أن يشمل ذلك ضمان السيطرة على الموارد الطبيعية، بما في ذلك السيطرة على الأراضي والمياه والطاقة والمعادن والشواطئ وترددات البث، والاستفادة المثلى منها ووضع الاستراتيجيات الملائمة لتطويرها. إضافةً إلى السيطرة على المعابر،
العمل على تطوير البنية التحتية للتجارة وإعادة توحيد المكونات الجغرافية للاقتصاد الفلسطيني المجزئ حالياً: القدس، غزة، والضفة الغربية بما في ذلك منطقة الأغوار والبحر الميت ومناطق (ج)،
إطلاق برنامج للإنعاش الاقتصادي يقوم على شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وتُساهم فيه كافة الأطراف المعنية في مؤسسات الدولة إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني بطريقة متناسقة وفعالة تتجاوز الشعارات، بحيث يتضمن تنفيذ برنامج استثماري كبير في القطاعات الانتاجية والاستراتيجية المختلفة، ويسهم في تحسين القدرة التنافسية للمنتج الوطني، وقادر على تحقيق إنجاز نوعي في حل مشكلة البطالة، يتم تمويله من خلال شراكات تساهم فيها الشركات الاستثمارية الفلسطينية والعربية والبنوك المحلية والعربية ومؤسسات التمويل الدولية. ومن المبادرات التي يمكن أن يتضمنها برنامج الانعاش الاقتصادي المذكور ما يلي:
مشاريع إنتاج سلع وخدمات قادرة على المنافسة في قطاعات قادرة على التصدير وأخرى ذات صبغة إحلالية بهدف زيادة حصة المنتج الوطني في السوق المحلي وتخفيض العجز في الميزان التجاري الفلسطيني من خلال زيادة الصادرات وتخفيض الواردات.
مشاريع بنية تحتية من خلال شراكة بين القطاع الخاص والحكومة والمانحين، وخصوصا في قطاع الطاقة، بما في ذلك الطاقة النظيفة، وتحلية المياه، والبنية التحتية للتجارة الداخلية والخارجية، بما في ذلك سكك الحديد والمطار الدولي والميناء، والمناطق الصناعية، والمناطق الاقتصادية الخاصة.
برامج لتطوير المناطق المسماة (ج)، واستصلاح الأراضي، وتطوير قطاع الزراعة والتشجير في كل المناطق الفلسطينية، وتطوير البنية التحتية لقطاع السياحة الداخلية والخارجية، من خلال شراكات مع مؤسسات وطنية محلية.
مشاريع كبرى لتطوير برنامج وطني لإسكان ذوي الدخل المحدود وللارتقاء بالخدمات الصحية والتعليمية لما لذلك من أهمية في رفع مستوى العمالة الفلسطينية وملاءمتها لسوق العمل.
برامج للاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة في القطاعات الإنتاجية المختلفة.
ولتحقيق هذه الاستراتيجية الوطنية الشاملة، فإن الأمر يتطلب مجموعة من الخطوات الرئيسية، وأهمها:
أولاً: دعوة الطرف الإسرائيلي للموافقة على ترتيبات جديدة للعلاقة بين إسرائيل وفلسطين في المجالات الاقتصادية والمالية والنقدية وإدارة المعابر والجمارك.
ثانياً: قيام جميع الأطراف الفلسطينية المعنية بالعمل على معالجة الأمور المالية والاقتصادية وتوحيد الجباية الضريبية لما في ذلك من خدمة للمصلحة العامة وتخفيف حدة الأزمة المالية وتحسين الوضع الاقتصادي.
ثالثاً: قيام جميع الأطراف ذات العلاقة بالعمل على إصلاح البيئة التشريعية الاقتصادية بما يتلاءم مع تطورات الأوضاع السياسية ويهيئ بيئة استثمارية جاذبة ومحفزة.
رابعاً: العمل على تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الفلسطيني من خلال توفير حزمة محفزة من السياسات الاقتصادية والمالية يكون أحد أهدافها الرئيسية خلق عدد كبير من فرص العمل، لا سيما أن إطلاق امكانيات القطاع الخاص الفلسطيني وتعزيز قدراته الانتاجية لا يمكن أن تتحقق بالشكل المطلوب ضمن الإطار الاقتصادي الحالي.
قد لا تكون إسرائيل مستعدة في البداية للتعامل إيجابيا مع مبادرات من هذا النوع تهدف إلى تسهيل تنفيذ استراتيجية تجسيد الاستقلال الاقتصادي الفلسطيني. وفي هذه الحالة لابد لدولة فلسطين أن تقود - وبمساعدة من أصدقائها في العالم، وعلى الأخص المؤسسات المالية الدولية بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والاتحاد الدولي للاتصالات واتحاد البريد العالمي - حملة دولية ضاغطة لإقناع إسرائيل بضرورة التعاون، وأن تستخدم وضعها السياسي والقانوني الجديد لضمان تجاوب إسرائيل وفرض أمر واقع جديد، إذ لا يعقل أن تستمر ترتيبات المرحلة الانتقالية أكثر من عشرين عاما وبعد الاعتراف الأممي بدولة فلسطين.
نكتة فلسطينية.. لكن في بغداد
فاتح عبدالسلام عن الزمان العراقية
قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل تستحق وقفة عربية جادة وموحدة. إذْ هناك أسرى وسجناء قضوا سنوات طويلة من دون أمل في خروجهم الى الحياة مرة أخرى بسبب دفاعهم عن حقهم في العيش بدولة على أرضهم ويترتب على أوضاعهم مشاكل اجتماعية تمس جوهر النسيج الفلسطيني قبل الدخول في أمور سياسية أو حقوقية.
وفي بغداد برز فجأة العنوان الفلسطيني على نحو جديد حيث، أقيم مؤتمر للأسرى الفلسطينيين، حضره رئيس الوزراء الفلسطيني وأمين عام الجامعة العربية. وهي مبادرة ذات بعد خارجي تبدو غريبة على نشاط الحكومة العراقية الغارقة بمشاكلها الداخلية التي تكاد تصل الى حد الاقتتال مع الإقليم الكردي من جهة، وقد تصل من جهة أخرى الى مواجهة مع محافظات عدة كانت تسعى الى الأقاليم حسب الدستور العراقي، فضلاً عن إنّ مشاكل السجناء العراقيين هي الأكبر في سجون العراق، حيث لا تزال منظمة العفو الدولية في آخر تقاريرها تقول إن التحقيقات التي يخضع لها السجناء العراقيون يتخللها انتزاع اعترافات بالإكراه والتعذيب، وان هناك سجوناً سرية تنفي الحكومة وجودها في المنطقة الخضراء الى جانب السجناء المغيبين أو أولئك الذين دخلوا السجن ثم وجدت جثثهم في الشوارع بعد أيام. أي إن الوضع العراقي على صعيد السجناء والذين يسميهم بعض الأطراف أسرى من مناطق وفئات ومذاهب، إنما هو وضع غير صافٍ بل لعلّه عكر تماماً.
كما إن من الصعب أنْ ينسى الفلسطينيون ما حدث لهم بعد سقوط النظام السابق في احتلال العراق عام 2003 حيث قامت المليشيات المدعومة من أحزاب وشخصيات لا تزال تحكم في بغداد بعقاب جماعي للمجمعات السكنية الفلسطينية في أحياء معروفة في بغداد، وحسب إحصائيات القتلى فإن أكثر من تسعين فلسطينياً اختطفوا وقتلوا ومثل بجثثهم على اعتبار أنهم ساندوا النظام السابق، فيما تهجرت مئات العوائل الفلسطينية شهوراً الى الحدود العراقية قبل أن تقبل البرازيل باستقبالهم.
ألا تزال الحكومة العراقية في نظر القيادات الفلسطينية بوضعها غير الإصلاحي ، عنواناً مناسباً لإحياء ذكرى الأسرى الفلسطينيين في سجون اسرائيل..؟ ألا تبدو هذه الفعالية صدى لصوت يقرع في دولة مجاورة باتجاه تسليط الضوء على القضية الفلسطينية ونسيان ما لا يمكن أن ينسى في جريمة استخدام النظام السوري الطائرات والصواريخ ضد شعبه الرافض لوجوده في أبسط تعبير؟
الفلسطينيون لم يعودوا كما كانوا قبل أربعين سنة مكسوري الجناح، أصبح لهم عنوان دولة في الامم المتحدة بصفة مراقب ولهم دولة على الأرض برغم الانقسام الداخلي المخزي، وإنهم ليسوا بحاجة إلى فعاليات استعراضية يتكسب غيرهم بها على حساب عذاباتهم، كما كان يجري معهم طوال عقود.
“ربما” الأوروبية من أجل فلسطين
آنا بالاسيو (وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة)، عن دار الخليج
في ليلة الاثنين، قدمت السلطة الفلسطينية مشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يقضي في حالة الموافقة عليه بترقية وضع فلسطين من “كيان مراقب” إلى “دولة مراقبة غير عضو” . ومن شأن التصويت الإيجابي على مشروع القرار هذا أن يغير منظور المحادثات الثنائية بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية .
يأتي هذا التصويت بعد أن أطلقت أعمال العنف الأخيرة في غزة ظاهرياً رصاصة الرحمة على أي فرصة واقعية لإجراء مفاوضات مجدية تفضي إلى حل الصراع الذي يظل يشكل المفتاح إلى مستقبل المنطقة بالكامل . وفي هذا السياق، فإن العديد من العوامل سوف تؤثر في قرار الجمعية العامة، وسوف يكون موقف الاتحاد الأوروبي واحداً من أكثر هذه العوامل أهمية .
على الرغم من فشل دول الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى الإجماع على رأي واحد، فإن التصويت الأوروبي لم يعرقل تبني القرار، وهو ما من شأنه أن يجعل فلسطين الدولة الثانية التي تكتسب وضع الدولة المراقبة غير العضو، بعد الفاتيكان .
خلافاً لعملية تقرير العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، فإن الأغلبية البسيطة في الجمعية العامة كافية لمنح وضع الدولة المراقب، من دون الرجوع إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة . ولأن 132 دولة في الأمم المتحدة تعترف بفلسطين بالفعل، فمن المرجح أن يأتي التصويت إيجابياً .
ويستحضر مشروع القرار الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما عام 2010 في الجمعية العامة، والذي أعرب فيه عن أمله في “العودة في العام التالي( . . .) ومعه الاتفاق الذي سوف يؤدي إلى التحاق دولة جديدة بعضوية الأمم المتحدة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة” . ولكن على الرغم من كلمات أوباما المؤيدة، أعربت الولايات المتحدة عن معارضتها للطلب الفلسطيني، لأنه من شأنه أن يعطل الوضع الراهن الذي بات مهدداً بالفعل بسبب التوترات المتصاعدة بين إدارة أوباما ورئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو حول كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني .
والواقع أن اليقين بشأن الفيتو الأمريكي كان سبباً في منع الطلب الفلسطيني الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة من الوصول إلى مجلس الأمن العام الماضي . والآن، ومع اكتساب “حماس” المزيد من الجرأة بعد توقف الأعمال العدائية مؤخراً مع “إسرائيل”، فإن منافسها على دعم الفلسطينيين، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يتقدم على المسار الأقل طموحاً بطلب وضع الدولة المراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة .
ونتيجة لهذا فإن مشروع القرار يؤكد أن كل القضايا الرئيسية الحدود، ووضع اللاجئين، والسيطرة على القدس، والأمن، وحقوق المياه، وإطلاق سراح السجناء السياسيين الفلسطينيين سوف يتم التفاوض عليها في مرحلة لاحقة . ولكن حقيقة أن وضع الدولة المراقب غير العضو من شأنه أن يمنح الفلسطينيين القدرة على اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية تثير المخاوف بين الزعماء الأوروبيين .
ومع تحديد موعد التصويت بحيث تزامن مع الذكرى السنوية الخامسة والستين للقرار الصادر عن الأمم المتحدة في عام 1947 بتقسيم فلسطين، فقد أثارت هذه المسألة الحساسة انزعاج كثيرين بما في ذلك المفوضية الأوروبية ولو أن صوتها جاء مرة أخرى محتجباً بسبب نشاز الدول الأعضاء . فقد أعلنت فرنسا والبرتغال وإسبانيا أخيراً اعتزامها التصويت لمصلحة ترقية وضع فلسطين، في حين عارضت جمهورية التشيك، وامتنعت ألمانيا وبريطانيا عن التصويت، في حين تدعو الولايات المتحدة إلى الاضطلاع “بدور رائد حاسم” في السعي إلى حل للصراع “الإسرائيلي” - الفلسطيني .
لا شك في أن الموافقة على الطلب الفلسطيني تنطوي على مخاطر كبيرة . فهي على سبيل المثال قد تدفع “إسرائيل” إلى النكوص على عقبيها، على أساس أن هذه الموافقة جزء من محاولة لنزع الشرعية عن القضية الصهيونية . وقد تخلق صدعاً بين أوروبا والولايات المتحدة، التي أملت في تجنب العزلة في التصويت . فضلاً عن هذا فإن وضع الدولة المراقب يتناقض مع الواقع على الأرض، حيث لا تسيطر السلطة الفلسطينية فعلياً على الأراضي التي تطالب بها .
ولكن من المنظور الأوروبي، فإن الحجج المؤيدة للطلب الفلسطيني تحمل ثِقَلاً أكبر من الحجج المضادة . فأولاً وقبل كل شيء، يتناقض منع فلسطين من الوصول إلى المحكمة الجنائية الدولية مع القيم الأوروبية ويقوض الدور المعترف به للاتحاد الأوروبي الذي ناضل من أجله بوصفه مدافعاً عن القانون الدولي والمؤسسات المتعددة الأطراف .
فضلاً عن ذلك، فإن التصويت الإيجابي، على خلفية عملية السلام المتعثرة، قد يكون مغيراً لقواعد اللعبة، فيعزز من الجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي في دعم المفاوضات والحل الشامل . وهو كفيل أيضاً بتوفير السياق السياسي المطلوب بشدة لجهود بناء دولة فلسطين، التي ناصرتها أوروبا بقوة . والواقع أن الاتحاد الأوروبي، بعيداً عن المساعدات الأوروبية الرسمية التي تتجاوز في مجموعها مليار يورو سنوياً، استثمر بكثافة في التنمية المؤسسية في فلسطين .
وكان الاتحاد الأوروبي حريصاً دوماً على دعم حل الدولتين، على الرغم من الواقع الديموغرافي الذي يشكل تحدياً كبيراً، ناهيك عن ضرورة الحفاظ على هوية “إسرائيل” . إن منح فلسطين وضع الدولة المراقبة من شأنه أن يرفع من على الطاولة حل “الدولة الواحدة”، الذي اكتسب في الآونة الأخيرة زخماً بين الخبراء .
ولكن هذه الأسباب الوجيهة لدعم الطلب الفلسطيني لم تمنع الاتحاد الأوروبي من الوصول إلى حالة التصويت المنقسم، ولن تتردد الأصداء التي قد تترتب على هذا في مختلف أنحاء العالم العربي وتدعو إلى اتهام الاتحاد الأوروبي بالنفاق فحسب، بل إن هذا قد يؤدي أيضاً إلى إعاقة الجهود الأوروبية الرامية إلى إعادة ضبط العلاقات مع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا .
التصويت المنقسم يقوض المصالح الأوروبية، ويوجه ضربة قاصمة للسياسة الخارجية الأوروبية في بيئة جيوسياسية بالغة الصعوبة . والواقع أن انقسام الموقف الأوروبي في ما يتصل بالصراع “الإسرائيلي” - الفلسطيني يجسد سجلها الهزيل في تحقيق الإجماع في ما يتصل بالسياسة الخارجية . وهذا يعني بالتالي إهدار أوروبا لفرصة حاسمة لتحويل وضعها من كونها مصدراً للمشكلات المالية العالمية إلى قوة لا يستهان بها في دعم السلام .
يدينون كيانهم ويتوقعون نهايته
فايز رشيد عن دار الخليج
أواخر شهر أوكتوبر/تشرين الأول الماضي عقد في جامعة حيفا مؤتمر الرابطة الدولية للدراسات “الإسرائيلية” . في إحدى ندواته تحدث الكاتب “الإسرائيلي” سامي ميخائيل عن العنصرية الصهيونية في الكيان، من خلال القول “بإمكان “إسرائيل” أن تتفاخر بلقب الدولة الأكثر عنصرية في العالم المتطور” . وعن سياسة “إسرائيل” قال الكاتب “يوجد خطر حقيقي على “إسرائيل” إذا لم تدرك القيادة الحالية بحقيقة أن “إسرائيل” ليست موجودة في شمال أوروبا وإنما في المركز النشط للشرق الأوسط المعذب، وليس لنا مكان فيه بعد أن جعلنا كل المحيط يكرهنا، وشددنا ليل نهار، أن هذا المحيط مكروه علينا أيضاً” . وقال ميخائيل محذراً: “قد نفقد كل شيء ودولة “إسرائيل” ستكون ظاهرة عابرة مثل الهيكل الأول والهيكل الثاني” . سامي ميخائيل هو باحث في الشؤون الاستراتيجية، وأديب له العديد من المؤلفات، من بينها الأدبية، وقد ترجم بعضها إلى لغات كثيرة منها العربية، التي يتقنها قراءة وكتابةً وحديثاً . توقعات ميخائيل تعيد إلى الأذهان تصريحات رئيس الكنيست الأسبق إبراهام بورع . الذي صرّح في مقابلة له في عام 2007 “بأن “إسرائيل” دولة فاشية وهي قوة استعمارية شبيهة بألمانيا عشية صعود النازية إلى الحكم” . وحول واقع الحياة في “إسرائيل” قال بورغ آنذاك: “إن أكثر من نصف النخب “الإسرائيلية” لا يريدون لأبنائهم العيش في دولة “إسرائيل”” ونصح “الإسرائيليين” باستصدار جوازات سفر أجنبية . وحول المستقبل أضاف بورغ في المقابلة الصحفية التي أجرتها معه صحيفة يديعوت أحرونوت من خلال الصحفي آري شاليط ونشرتها في 8 يونيو/حزيران 2007 “أن يهودية دولة “إسرائيل” ستقرّب نهايتها” . حينها ثارت ضجة كبيرة في الكيان الصهيوني وكانت بمثابة الهزة الأرضية القوية، فبورغ هو ابن للحاخام يوسف بورغ، الذي كان مقرباً من ديفيد بن غوريون، وهو تولى منصب رئاسة الوكالة اليهودية لسنوات عدة، وتسلم رئاسة الكنيست في الفترة بين عامي 1999-2003 وتولى مناصب وزارية عدة، ونافس مراراً إيهود باراك على زعامة حزب العمل .
أيضاً فإن ما سبق يذكر بالمؤرخ “الإسرائيلي” إسرائيل شاحاك وكتاباته وبخاصة مؤلفه “التاريخ اليهودي، الديانة اليهودية، وطأة ثلاثة آلاف سنة” . وفيه يفصّل في شرح العنصرية في تاريخ اليهود تجاه الآخرين، والتي ازدادت حدتها بوجود دولة “إسرائيل”” . وحول توقعاته بالنسبة لمستقبل دولة “إسرائيل” صرّح شاحاك مراراً بأن “مصيرها إلى زوال” ولذلك كان مُحَارَباً في الكيان الصهيوني بوسائل عدة . في السياق نفسه يأتي أستاذ التاريخ (المؤرخ) “الإسرائيلي” ايلان بابيه في مؤلفه القيّم “التطهير العرقي للفلسطينيين” والذي يكشف فيه المخططات “الإسرائيلية” بعيد إنشاء الدولة الصهيونية وبالوثائق: تطهيرها العرقي للفلسطينيين، وتواريخ المجازر التي ارتكبتها “إسرائيل” بحقهم، وغير ذلك من أشكال القتل والتحايل لتهجير الفلسطينيين . بابيه ومثلما ذكر في تصريحات ومقابلات كثيرة له “أنه ونتيجة لعنصرية “إسرائيل” ودمويتها لم يستطع العيش فيها”، ولذلك غادر إلى بريطانيا وهو يمارس التدريس في إحدى جامعاتها . للسبب نفسه سبق للمحامية “الإسرائيلية” التي اشتهرت بدفاعها عن الأسرى الفلسطينيين في المحاكم العسكرية “الإسرائيلية” فيليتسيا لانغر، أن هاجرت هي وعائلتها إلى ألمانيا . بابيه ولانغر يعترفان في أقوالهما بأن استمرار “إسرائيل” في نهجها الدموي مع الفلسطينيين وفي عنصريتها المتزايدة سيؤدي بالضرورة إلى زوالها .
هؤلاء قلّة من “الإسرائيليين” الذين يتنبأون بإزالة هذه الدولة، وقيمة أقوالهم أنهم يهود، عاشوا (ومنهم لا يزال يعيش) لسنوات طويلة في الكيان الصهيوني وعاشوا في تماس مع كافة أشكال العدوان والقتل الذي مارسته “إسرائيل” ولا تزال ضد الفلسطينيين والعرب . ولأن الفاشية والعنصرية متلازمتان مع العدوان، والشوفينية، والعنجهية، والأنا فوق كل البشر، هذه الصفات ليس لها حدود في هذه الدولة وستظل من سماتها الرئيسة، طالما بقيت، فلذلك من الطبيعي أن يكون مصيرها إلى زوال .
هؤلاء يرددون حقيقة علمية تم تأكيدها بالحقائق التاريخية، ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، اكتسحتا في تحالفهما أوروبا، واحتلتا مناطق من الأراضي، شاسعة، ولكن بعدوانيتهما وعنصريتهما، حفرا قبريهما بأيديهما، وأصبحتا في ذمة التاريخ وعلى مزابله . النظام العنصري في جنوب إفريقيا كان مصيره إلى زوال، وغير ذلك من الأمثلة، والدولة الصهيونية لن تكون استثناءً من هذه القاعدة .
حرّي القول، أن العامل الفلسطيني والآخر الشعبي العربي وعنوان العامليْن، المقاومة للمشروع الصهيوني برمته، وهما فاعلان على هذا الصعيد، فالمقاومة الفلسطينية وإن انحسرت لفترة، فهي ستظل قائمة، كذلك المقاومة الوطنية اللبنانية بالمعنى الفعلي . هاتان المقاومتان رأس جسر على المدى المستقبلي التاريخي، لإمكان قيام مقاومات شعبية عربية أخرى للمشروع الصهيوني في المنطقة . الفلسطينيون مؤمنون ومصرون على نيل حقوقهم . والأمة العربية كذلك من المحيط إلى الخليج تعتبر المشروع الصهيوني طارئاً على المنطقة، ومصيره مثل مصير كل المستعمرين والمحتلين الذي جاءوا إلى هذه المنطقة، وفي النهاية حملوا عصيّهم على كواهلهم واضطروا إلى الرحيل . العدوان “الإسرائيلي” مستمر طالما بقيت دولته، لذا فإن الصراع الفلسطيني العربي - الصهيوني سيظل قائماً، والدم لا يستسقي إلا الدم . العدوان والعنصرية لن يتوقفا في هذا الكيان، فبعد ما يزيد على ال64 عاماً على الإنشاء القسري لهذه الدولة المغتصبة، التي كانت وستظل متحالفة مع كافة أشكال الاستعمار، لم يزدد فيها سوى العنصرية والعدوان، بالتالي ستتوقع مقاومة هذا المشروع المؤهل من داخله إلى الزوال، مثلما يتوقع هؤلاء “الإسرئيليون” .
الجُعةُ ياريِّس
حمدي رزق عن المصري اليوم
أطرف ما فى قرار رئيس الجمهورية الضرائبى 102 لسنة 2012 «المجمد» هو جدول «الجعة» ما بين قوسين «البيرة الكحولية»، والجعة لمن لا يعرف، ووفق تعريف موسوعة «ويكيبيديا»، هى مشروب كحولى، يشرب فى أى وقت، ويعتبر من أشهر وأقدم المشروبات الكحولية فى العالم، وثالث أكثر المشروبات استهلاكاً بعد الماء والشاى، وللمشروب شعبية كبيرة فى مختلف دول العالم، خاصة فى أوروبا وأمريكا الشمالية.
الحمد لله لم يذكر مشروب الجعة باعتباره المشروب الرسمى للشعب المصرى، حتى لا يظن البعض من الإخوة أن الجعة تشرب قاهرياً على النواصى، ويعبها العلمانيون بديلاً عن الماء بعد زيادة فواتير مياه الشرب لحدود أسعار الجعه!
الحكاية فيها خلل سياسى، على رأى نادر بكار، يا سيادة الرئيس المؤمن، أتنتوى فعلاً تطبيق الشريعة وتطلب ضرائب على الجعة؟!، أليست الجعة حراماً؟!، وكل ضريبة نبتت من حرام فالنار أولى بها، أتأمرون الناس بالجعة، أفى شرعكم - دام حكمكم - ضرائب الجعة حلال؟!، القرار الرئاسى يفرض 200 فى المائة ضرائب على الجعة، يقيناً من وضع الجعة فى جدول الضرائب «المجمد» مدمن على الكحول، بتاع سفنجة، ابن بار، يقول الخمورجى الدهقين فى جدول الحرام: نبيذ العنب، وعصير عنب أوقف اختماره بإضافة الكحول، بما فى ذلك المستلا، وفرموت، وأنبذة أخرى، فضلاً عن مشروبات مخمرة، وأيضاً مشروبات روحية، ومشروبات كحولية محلاة، وأخرى معطرة، ومحضرات كحولية مركبة، ومقطرات طبيعية، تصل الزيادة إلى 150 فى المائة.
عجباً فى دولة يتظاهرون فيها لتطبيق الشريعة يحصّلون ضرائب على الخمور؟!، يا قوم أتسيِّرون مليونيات الشريعة وتستحلون ضرائب المستلا والفرموت؟!، لا تسألوا عن المستلا والفرموت، إنها أسماء كحولية إن تبد لكم تسؤكم.
حكومة جباية ملتحية، تنمى مواردها السيادية من الجعة والنبيذ والمعسل والنشوق والمدغة والشعير المخلوط وغير المخلوط، وجماعة تتحدث عن المرابحة، والبنوك الشرعية، وتترجى الله فى ضرائب النشوق، رئيس الحكومة الدكتور هشام قنديل يذكرك بالفنان الراحل أمين الهنيدى، وهو يعطس ويعقب بعد كل عطسة: «الله يخرب بيتك يا واد يا نشق، يا نششجى يا بتاع النشوق، يظهر حط لى كسبرة بدل النشوق».
حلمك يا شيخ قنديل، آخرتها جعة يا مصليين الفجر حاضر، نبيذ وتقولوا علينا علمانيين وبناكل جبنة نستو معفنة، نبيذ يا قوم، حصّلت المستلا والفرموت، تشنفون آذاننا بالمركبات الكحولية، والمحضرات المركبة، إلهى يركبكم عفريت سكران وبيطوح، وكحوليات معطرة، وهات العطر يا ولد، ومحلاة، يعنى إيه محلاة؟!، يعنى خمرة فى زجاجة حمرة مثلاً، يخرب بيوتكم، والبيوت اللى جنب بيوتكم، ياااااااه تخيلوا أنا سكرت وأنا بكتب المقال، يرحم الله أيام الشيخ سعاد جلال «سعاد ستلا» كان جعاوى قديم، والجعاوية بلد يعب فيها الناس الجعة عبا فى أوانٍ فخارية يقال لها «قرعة»، تراهم سكارى وما هم بسكارى، ويصيحون فى الحارة المزنوقة «أنا جدع»، ويفيقون بعد منتصف الليل فيلغون ما أمروا وهم مغيبون!
دولة كردية.. وأخرى علوية..
كلمة الرياض بقلم يوسف الكويليت
الجدل لن ينتهي حول سوريا ما بعد الأسد، فالإشارات معظمها غير متفائلة؛وذلك لاحتمال انفجار حروب طائفية وقومية، وأن النظام غرس مبادئ التفرقة الوطنية وغذاها، بدليل أن أول إطلاق التصريحات جاء من الأكراد الذين يؤكدون على حكمهم الذاتي ضمن الدولة المركزية، ويعتبرها البعض مبادرة لخلق الدولة الجديدة التي تضم أكراد العراق وسوريا معاً، ثم السعي لضم مناطق الكرد في تركيا..
آراء أخرى تتحدث عن تركيز القوة العسكرية للأسد في المناطق العلوية، والقول بإمكان إيجاد دولة تستطيع أن تكتفي ذاتياً بإمكاناتها الموجودة والمبشرة بوجود غاز، وألماظ بجبالها وسهولها، وأن نواة هذه الدولة ظلت حلماً لعائلة الأسد منذ أيام الانتداب الفرنسي على سوريا لكنها أبطلت من قبل علويين وطوائف أخرى رفضت تجزئة سوريا، إلى جانب مشكل الأقليات الأخرى التي تسكن تلك المناطق، ورغم أن العلويين يسكنون معظم مناطق الساحل الشمالي، فهناك علويون يحادون هذه المنطقة في تركيا، ربما يتعاطفون مع أبناء جلدتهم ومذهبهم تأييد قيام دولة كهذه تضم إلى جانب علويي سوريا، الأقلية الأخرى في تركيا ولبنان..
ورغم ان الجغرافيا (والديموغرافيا) تلعبان دوراً محورياً في تجزئة الأقاليم إلاّ أن نظرة بعيدة، تجعلنا أولاً ومن حيث الواقع المعقد، يستحيل أن تسمح تركيا بقيام دولتين، كردية تمتد من إيران مروراً بالعراق وسوريا، وحتى حدودها، ثم تلحقها دولة علوية على جانبها الجنوبي، وحتى حلف الأطلسي الذي قامت بعض دوله باعتماد التقسيم للأقطار العربية وفق اتفاقية (سايكس بيكو) لا ترغب أن يكون أحد حلفائها على قائمة التقطيع والتمزيق..
هناك آمال للأقليتين منذ أزمنة بعيدة بوجود كيانين لهما، لكن لا يوجد في التاريخ ما يشير إلى نشوء هاتين الدولتين، ولا في السجل العالمي ما يعرف بذلك، وتركيا بدورها، وإن قال الأكراد بحالة التمييز ضدهم قياساً للجنسية التركية، فهم في حالهم أفضل من حياة الأكراد في الدول الأخرى، وينجر هذا الأمر على العلويين الأتراك، والذين يرفضون حتى الادعاء بأنهم سوريون، لأن ما حصلوا عليه من حياة مستقرة ونامية، وحقوق متساوية في دولة ديموقراطية يجعلهم على مسافة بعيدة من الانجذاب لدولة في الحلم وفي بلد لا زال يعيش حالات عدم الاستقرار منذ أول انقلاب عصف بسوريا وحتى ثورته الحديثة..
الغرب ليس لديه النوايا القديمة، وإن كان يرى تمزق الخارطة العربية إلى صراع بين أقليات وأكثرية بنزعة الاستقلال، وأنه يخدم مصلحة إسرائيل بوجود كيانات قزمة إلاّ أن الخوف الأكبر يأتي من بروز خط إسلامي متشدد يمتد من الأطلسي إلى سوريا قد يغير خرائط المنطقة ويزعزع الاستقرار الأوروبي بالدرجة الأولى لأنها القارة المجاورة للمنطقة العربية، ولذلك شهدنا تشجيع اتباع خط تركيا المعتدل والنامي والمتطور ديموقراطياً، عن حكم سني متشدد، أو إيراني يعيش هاجس الامبراطورية للقومية الفارسية بغطاء مذهبي شيعي..
المخاوف موجودة، لكن الواقع قد لا يسمح بنشوء دويلات تخلق مآزق جغرافية ودينية، وكل الاحتمالات لا تجعل هذا المشروع يمكن قيامه لوجود عوائق استراتيجية وأمنية...
دويلات سورية بعد «سورية الأسد» ؟
مايكل آيزنشتات(باحث ومحلل عن «واشنطن انستيتيوت فور نير ايست بوليسي» الأميركي، إعداد منال نحاس) عن الحياة اللندنية
سقوط النظام السوري لن يختم الحرب الأهلية السورية، بل ينذر ببدء فصل جديد من فصولها هو الأخطر. ولن يطول الأمر قبل سقوط النظام، إثر نجاح عمليات المعارضة العسكرية على مشارف دمشق وفي حلب ودير الزور. والحال أن انزلاق سورية إلى الفوضى مرجح لكنها قد تفلت من مثل هذا المصير القاتم. وتحدد كيفية إفلات نظام الأسد مقاليد السلطة، معالمَ المرحلة الانتقالية. فإذا بقيت القوات الحكومية متماسكة وتواصلت عملية طردها من قرية تلو الأخرى ومن مدينة تلو الأخرى، كسبت المعارضة الوقت لإرساء مؤسسات «أولية» في المناطق المحررة. وقسم كبير من سورية خرج على سيطرة الحكومة، وتديره اليوم لجان محلية. وإذا واصل النظام القتال في دمشق وألحق الدمار فيها أو انسحب إلى مراكز نفوذه العلوية التقليدية في الشمال الغربي، لن تبصر النور حكومة مركزية جديدة قبل أعوام. انهيار قوات النظام انهياراً مفاجئاً فقد يؤدي إلى استشراء الفوضى جراء نزاع بين القوات المتنافسة على ملء فراغ السلطة.
ثمة أسئلة كثيرة لن تجد جوابها إلا بعد سقوط الأسد. فهل تسارع المعارضة إلى «تطهير» الحكومة ومؤسساتها من الموظفين الأسديين وهل تدمر مراكز الحكومة وتنهبها على ما حصل في العراق، وهل تنزلق المعارضة إلى نزاع مسلح؟ من المستبعد أن تبرز حكومة مركزية قوية من رحم الحرب الأهلية. فقوا
إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً


رد مع اقتباس