لا تحمّلونا أوزاركم ؟!
يوسف رزقة / فلسطين الان
في تصريح لافت للنظر لحركة الجهاد الإسلامي قالت فيه ( إن الجهاد الإسلامي لم تصدر موقفا سياسيا محددا من عاصفة الحزم ومما يجري في اليمن، وأن موقف الجهاد الصمت وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية ؟!).
ثمة صراع بين الأطراف المتصارعة في اليمن على الورقة الفلسطينية، وبالذات ورقة الحركات الإسلامية ( حماس والجهاد)، ربما لمصداقية الحركتين، وشعبيتهما في الأوساط الإسلامية، وربما لأن الصراع في اليمن يتجه سريعا نحو الحرب المذهبية والطائفية. ومن الواضح أن حماس أصدرت موقفا مقتضبا تؤيد فيه الشرعية، والحوار، ووحدة الأراضي اليمنية، وهو موقف موزون بميزان حساس، وربما استغرقت الصياغة من صانع القرار وقتا، لأسباب معلومة.
وهنا أود أن أسأل قادة الأنظمة في وطننا العربي والإقليمي، لماذا تصرون على طلب موقف فلسطيني واضح ومحدد من ( فلسطين، ومن الفصائل الفلسطينية) ، فيما شجر بين بلادكم من خلافات داخلية، أو حدودية، أو مذهبية ؟! مع الأخذ بالحسبان أنه من المعلوم أن القادة العرب اتفقوا على ألّا يتفقوا؟! فهم في خلاف وخصام دائمين، ما دامت الديمقراطية غائبة، وما دامت الشعوب مغيّبة.
لست أرى موقفا لفلسطين، وللفصائل الفلسطينية، غير موقف الحياد، والصمت، في ملفات الخلاف العربي العربي، ودعوة الأطراف إلى الحوار، والمصالحة، والتوافق، بما يخدم المصالح العربية مجتمعة. ولست أرى مبررا لضغط الأنظمة العربية على الفلسطينيين لتحديد مواقفهم من الخلافات العربية، وهو ضغط ينتهي بالإضرار بالمصالح الفلسطينية، وبالقضية الفلسطينية باعتبارها هي القضية المركزية للعرب والمسلمين على السواء.
فلسطين قضية (تجمع ولا تفرق) ، وقضايا العرب الخلافية ( تفرق ولا تجمع)، ولأن هذه هي طبيعة قضايانا وأوضاعنا فإننا في فلسطين في حاجة إلى العمل مع الجميع في المساحات المشتركة بيننا وبينهم، والقفز عن قضايا الخلاف، باعتبارها قضايا مفسدة وضارة بالقضية الفلسطينية.
فلسطين ليست دولة مستقلة، وليست دولة تعتمد على ذاتها، وليس لها اقتصاد يمول حاجتها النضالية، من أجل التحرير والدولة والسيادة، وهي دائما في حاجة إلى الجميع، ومن ثم تخطئ الأنظمة العربية حين تضغط على الفلسطينيين لتحديد مواقفهم من الصراعات الداخلية.
لقد دفع الفلسطينيون ضريبة باهظة حين اتخذوا موقفا محددا من غزو صدام للكويت، ودفعت حماس ضريبة كبيرة لموقفها المنطقي من الأزمة السورية ، وما زال قادة العرب والإقليم يريدون تدفيعها ضرائب إضافية مع كل قضية من قضاياهم الخلافية، بدل معذرتها، والطلب منها أن تتفرغ لقضيتها وصراعها مع المحتل الغاصب، وأن تنأى بنفسها عن الصراعات العربية والإقليمية. أرجوكم لا تحملونا أوزاركم.
اتفاق تاريخي ومواقف متباينة
يوسف رزقة / فيسبوك رزقة
فرض اتفاق الإطار حول الملف النووي الإيراني نفسه على وسائل الإعلام كخبر أول، وفرض نفسه على مواقف الدول والأطراف ذات الصلة، فبينما يصفه أوباما بالاتفاق التاريخي، يصفه نيتنياهو على أنه اتفاق سيء ويهدد أمن اسرائيل والعالم. وقد تمكن نيتنياهو من تجنيد إجماع في الكبينيت الإسرائيلي على موقفه، كما استطاع الحصول على تأييد لموقفه من الجمهوريين في الكونجرس، وهؤلاء هددوا علنا بأنهم سيلغون الاتفاق إذا ما عادوا إلى الحكم في البيت الأبيض في الانتخابات القادمة.
في إيران تجري احتفالات شعبية ورسمية ممزوجة بمشاعر النصر، وقد استقبلت جماهير طهران وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عند عودته من لوزان استقبال الأبطال أو الفاتحين، وأخذت وسائل الإعلام الإيرانية تعدد الجوانب الإيجابية للاتفاق، وتعدد المصالح التي تحققت لإيران من خلاله. في إيران نشوة وفرح غير مسبوقين في إدارة هذا الملف.
أميركا وإيران يسيران في اتجاه التفاهم، بحيث يعترف أحدهما بنفوذ الآخر ومصالحه في المنطقة، بينما تعيش السعودية ودول الخليج حالة قلق متفاوتة، لا خشية أن يفسح الاتفاق الطريق لإيران لامتلاك القنبلة النووية على المدى القريب أو البعيد فحسب ، ولكن لأنه ثمة شعور عند القادة الخليجيين أن أميركا تتخلى عنهم تدريجيا لصالح التقارب مع ايران الدولة القوية عسكريا. ويمكن النظر إلى عاصفة الحزم بقيادة السعودية على أنها نوع من التعبير السعودي المباشر عن هذا القلق، حيث قررت السعودية والتحالف مباشرة الأزمة اليمنية بنفسها، وعدم الاعتماد على أميركا.
اتفاق الإطار قد يكون هشا في ذاته لغموض يكتنفه، أوللصراعات الدائرة حولة، أو لأن تنفيذه رهن بحسن نية الأطراف الموقعة عليه، وثمة شك في مسألة حسن النية، لأن كل طرف يتربص لاتهام الآخر بعدم الالتزام وحسن التنفيذ، ومع ذلك كله فإن الاتفاق يعد في كثير من التحليلات والمقاربات السياسية بداية تحولات استراتيجية في المنطقة، على مستوى دول المنطقة، وعلى مستوى الدور الأميركي والغربي.
ثمة من يتحدث عن دور إيراني أكبر في المنطقة بالتفاهم مع أميركا والغرب، وعن تراجع الدور العربي المستند للتأييد الأميركي، ويستشهدون على هذا التراجع الممكن بدعوة أوباما لدول مجلس التعاون الخليجي للاجتماع في البيت الأبيض في مايو القادم لتبديد مشاعر القلق عندهم. وثمة من يتحدث عن بداية سباق نووي في الخليج، تتجه فيه السعودية إلى عملية شراء من باكستان. وثمة من يتحدث عن تقارب تركي سعودي، وتفهم عربي للموقف الإسرائيلي الذي يرفض الاتفاق. وقد طلب نيتنياهو من أوباما أن يتضمن الاتفاق اعترافا إيرانيا صريحا بحق إسرائيل في الوجود؟! وهو طلب لا ترفضه الإدارة الأميركية.
الاتفاق إذا ما تم التوصل إلى صيغته النهائية في يونيو القادم سيكون الإنجاز الأكبر لأوباما في مجال السياسة الخارجية، وسيكون بداية لتحولات مهمة هي قيد التشكل في فضاء السياسة الإقليمة والدولية، وقد ترتفع درجة سخونة المناطق الساخنة في العراق واليمن وسوريا ولبنان وفلسطين، الأمر الذي يحتاج من العرب بناء استراتيجية تلائم المرحلة القادمة، استراتيجية تعتمد على الذات وتتخفف من الاعتماد على الآخرين.
اليرموك والنكبة المتجددة
إياد القرا / فلسطين اون لاين
يعود رمز اللجوء الفلسطيني مخيم اليرموك لواجهة الأحداث، لكن هذه المرة بجرائم جماعة "داعش" التي تجاوزت كل الحدود باعتدائها على الفلسطينيين اللاجئين الذين رفضوا أن يتركوا مخيمهم والهجرة للخارج، رغم كل المجازر التي ارتكبت ضدهم.
جماعة داعش لا تدرك رمزية وأهمية مخيم اليرموك في ذاكرة اللجوء الفلسطيني ، ولا تعرف ماذا يكون مخيم اليرموك؟، ولا يعرفون أن أهله قد اتسعت صدورهم وبيوتهم في بداية الأزمة السورية لكافة السوريين الذين ما بخلوا يوما عليهم بالدعم والمساندة وتوفير كل ما يستطيعون منذ النكبة الفلسطينية .
الفلسطينيون حافظوا على موقفهم من الأزمة السورية وتضامنوا مع الشعب السوري الذي احتضنهم، وكذلك وفروا الأمان والدعم لملايين العراقيين عام 2003 بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وأصبح المخيم مكانا يأوي إليه كل مظلوم، وفتحت أبوابه لهم جميعا ليمثل رمزا لفلسطين في سوريا.
ما تقوم به داعش وبعض الجماعات ضد مخيم اليرموك جرائم ضد الإنسانية، وكان الأَوْلى بهذه الجماعات أن تساعد وتساهم في تحييد مخيم اليرموك أو على الأقل تحييد 15.000 فلسطيني بينهم 3500طفل رفضوا الخروج حفاظا على حقهم في العودة وتمسكا بأن الخروج سيكون لفلسطين.
التقصير الرسمي من الفصائل التي ترتبط بعلاقات مع الجماعات المسلحة أو النظام السوري، يقدم دليلا جديدا على أنها جزء من المأساة بل بعضها مشارك فيها.
الرئاسة في رام الله وقيادة منظمة التحرير تتصرف بانتهازية واضحة ولم تتجرأ على إصدار موقف واضح، خشية على مصالحها وتنتظر ضوءا جديدا حول موقفها من النظام في المتغيرات الإقليمية.
بيان الرئاسة الركيك والمرتجف الذي صدر يعبر عن حال السلطة ومنظمة التحرير تجاه القضايا الوطنية ويناقض موقفها السريع مما يحدث، وهذا البيان يشير إلى أنها أصبحت تعيش رحلة جديدة من الضياع والتبعية و"الذيلية"".
جرائم "داعش" في مخيم اليرموك تدعو لتحرك واسع لحماية اللاجئين مما تقوم به "داعش" مدعومة من بعض الأطراف التي ساهمت في حصار المخيم، والتي تريد اليوم إنهاء الوجود الفلسطيني في سوريا لخدمة أغراض الاحتلال في التخلص من المخيمات الفلسطينية التي ما زالت تحمل رمزية حق العودة.
تعود النكبة من جديد لمخيم اليرموك وهذه المرة بأيدٍ غريبة تتفنن في القتل وارتكاب الجرائم، ضد الشعب الفلسطيني دون أي اعتبار لرمزية اللاجئ الفلسطيني الذي يتحدى الاحتلال يوماً بعد يوم ويقاتل الاحتلال بكل ما أوتي من قوة، والذي خرج من حرب طاحنة قبل أشهر لكنه صامد في أرضه.
انتظر الفلسطينيون كثيراً أن يمتلك العرب السلاح والقوة ليقاتلوا الاحتلال أو يساعدوه في ذلك، لكن اليوم يحدث العكس، حيث يذبح الفلسطيني ويشرد وتنتهك حقوقه، بينما يعيش الاحتلال في رغد وهو بعيد عن هؤلاء.
انتعاش الاستيطان في يوم الأرض
خالد معالي / فلسطين اون لاين
تحل ذكرى يوم الأرض الـ 39؛ والاستيطان ينتعش بشكل غير مسبوق، ولم يحدث مثله سابقا؛ فمنذ فوز "نتنياهو" لوحظ انتعاش في حركة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة بشكل لم يعهده الفلسطينيون؛ وذلك كما وعد "نتنياهو" ناخبيه من المستوطنين والمتطرفين في دولة الاحتلال خلال حملته الانتخابية، والتي آتت أكلها بفوزه المفاجئ.
استيطان رخيص ومجاني بنظر "نتنياهو"؛ على حساب الأرض الفلسطينية؛ لا تتم مقاومته إلا بالشموع، والشجب والاستنكار ومسيرات سلمية محدودة؛ وعرب يتفرجون ولا يحركون ساكنا؛ كل هذه الاعتراضات على الاستيطان تشجع "نتنياهو" على المزيد من الانتعاش في عمليات البناء الاستيطاني.
يوم الأرض الخالد؛ يحييه الفلسطينيون منذ عام 76 وحتى الآن في كافة الأراضي الفلسطينية؛ تحت شعار " إنا باقون، ما بقي الزعتر والزيتون"؛ وهو ما يتوجب الحفاظ على ما تبقى من الأرض بحمايتها من الاستيطان وجعله مكلفا وباهظا؛ وليس رخيصا ومريحا كما هو حاصل الآن.
ماذا تبقى أكثر من هكذا صراحة؛ عندما يصرح "نتنياهو" بكل وضوح وصلافة وعنجهية؛ ويقول: لا عودة لحدود ١٩٦٧، ولا تراجع عن توحيد القدس باعتبارها عاصمة لدولته المزعومة الفانية، ولا وقف للاستيطان، ولا لعودة اللاجئين.
إذن المرحلة القادمة عنوانها هو انتعاش حركة الاستيطان، وبات أمرا عاديا في عرف "نتنياهو"؛ إطلاق يد المستوطنين في البناء الاستيطاني، والزحف على ما تبقى من أراضي الضفة الغربية المحتلة، لتقوى وتنتعش حركة الاستيطان.
الإعلان عن المصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة، ومحاولات تقسيم الحرم القدسي، وهدم المنازل ومصادرة الأراضي وتجريفها، في القدس والضفة والنقب والداخل المحتل؛ كلها عناوين المرحلة المقبلة .
المستوطنون فرحون بالاستيطان الرخيص؛ وتزداد عربدتهم كل يوم؛ ولا حسيب ولا رقيب عليهم، وصاروا يسرحون ويمرحون ويجرفون المزيد من الأراضي، في مختلف أراضي الضفة الغربية، ويعتدون يوميا على مركبات المواطنين ويغلقون الطرق متى شاؤوا، ويعربدون، وكل ذلك بحماية جيش الاحتلال الذي لا يتدخل إلا في حال تعرض المستوطنون للخطر.
يوما بعد يوم يتضح أن "نتنياهو" يعبر حقيقة عن مكونات نفسية المحتلين المشتاقة للمزيد؛ من ظلم الشعب الفلسطيني وتهجيره وطرده في منافي الأرض؛ وترك ما تبقى من الفلسطينيين بلا أرض يتشبثون بها.
مع إطلالة كل شمس يوم جديد في الضفة المحتلة، يتم فرض الوقائع على الأرض بقوة السلاح والإرهاب من قبل المستوطنين؛ وصار للمستوطنين صولات وجولات في مختلف المناطق، والمحبب لهم على الدوام هي الأرض.
الاستيطان يتوحش، ويأكل اليابس والأخضر، ولا مجال للمزيد من الضعف والانقسام؛ ولا مجال للتأني وإطالة الوقت؛ وعلى الجميع – قبل فوات الأوان- سرعة التوحد ضمن برنامج وطني موحد؛ يظل الجميع دون اجتهادات فردية او حزبية؛ فيد الله مع الجماعة؛ وليس مع المشتتين المنقسمين الذين يهدرون طاقاتهم في خلافات جانبية.


رد مع اقتباس