اقلام واراء محلي 391
6/5/2013
في هذا الملـــــف:
حياتنا - التدخل الاسرائيلي
بقلم: حافظ البرغوثي - الحياة
العدوان وقراءات رديئة
بقلم: عدلي صادق - الحياة
اوراقنا الرابحة !!!
بقلم: يحيى رباح - الحياة
قيامة المسيح .. قيامة الدولة
بقلم: عادل عبد الرحمن - الحياة
إحياء الكارثة والبطولة الفلسطينية
بقلم: عبد الحكيم صلاح - الحياة
كلهم متورطون
بقلم: فؤاد أبو حجلة - الحياة
اعتداءات المستوطنين لا تتوقف
بقلم: بهاء رحال - الحياة
فتح أبواب السلام الموصدة
بقلم: القدس
سياسة "النأي بالنفس" وفيضان المُستنقع الأسدي
بقلم: د. خالد الحروب - الايام
أين التنظيمات من القوانين التي تسن في غزة
بقلم: د.عاطف أبو سيف - الايام
حياتنا - التدخل الاسرائيلي
بقلم: حافظ البرغوثي - الحياة
مع انتهاء الحرب الاهلية في سوريا بضمان المصالح الاميركية والاسرائيلية، سيكون الدم السوري على ايدي الكثيرين من العرب والعجم والبجم واليهود والفرنجة واليانكي والتركمان والفرس والزط والمنافقين والمتنافقين والنكاحين والمنكوحين والحاخام عوفاديا يوسف والشيخ يوسف القرضاوي، وستكون حرائر الشام جواري في مخادع المشايخ الفسائين والاعراب المخلفين واتباع ابن سبأ وابن سلول سل الله قلوبهم وشبيحة النظام الصنمي الظالم، فما تتعرض له سوريا الآن من قتل وتنكيل بمشاركات متعددة الجنسيات والمآرب من الاعداء والاقارب والعقارب يمهد لتدمير الدولة السورية بالكامل توطئة لتقسيمها، فالمخطط هو ازالة انوية الدولة في كثير من الاقطار العربية لتتقاتل القبائل كما كانت في الجاهلية ولكن بلا فروسية بل بوحشية، فحتى الان ما زالت ما مسها شيطان الربيع تعاني من الفتنة والسلب والنهب والقتل والسحل والانقسام كالعراق وتونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، ولعله أريد للتغيير في سوريا ان يكون بطيئا ومميتا حتى تصير انموذجا للانقسام، بحيث يتكرر في بلاد اخرى لأن الثابت في السياسة الاميركية هو امن اسرائيل وامن النفط وليس دول النفط، وما من بلد عربي في مأمن من التدمير لان المحصلة النهائية هي تجريف مفهوم القومية العربية والعالم العربي بل والدين كمفهوم ناظم للرابط العروبي والانساني وتحويله الى مذهب تابع للآخرين من خارج الاسلام. وليس غريبا التدخل الاسرائيلي في الحرب داخل سوريا لأن فيه مؤشرا على ان النظام بدأ يلفظ انفاسه ويجب تدمير مخزونه من الاسلحة غير التقليدية حتى لا يرثها آخرون مع استعصاء لملمة نظام بديل بسرعة يكون حسب المقاييس الاميركية الاسرائيلية. كما حدث في بلاد اخرى، ولعلنا نذكر انه مع سقوط النظام العراقي تم تفكيك مصانع الاسلحة العراقية فورا ونقلت الى ايران، وفي الحالة السورية جرى ويجري تدمير المراكز والمصانع والصواريخ السورية تحت عيني النظام دون ادنى مقاومة، فاشتداد المعارك في سوريا يأتي قبل قمة محتملة بين الرئيسين الروسي والاميركي بشأن سوريا، والذي قد يتم الاتفاق فيه على حل سياسي من شأنه الابقاء على الوضع على ما هو عليه ولا تريد اسرائيل للنظام ان يبقى ولديه اسلحة غير تقليدية أو انها تريد تدميرها خشية وصولها الى حزب الله أو مد يد العون لتيار اميركي قطري في الجيش الحر، فكل الاحتمالات واردة لأن اسرائيل ضمنت ان تكون الرابحة سواء سقط النظام ام بقي، وهكذا فان اي تغيير في العالم العربي لا يفزع عدوا ولا يفيد شعبا هو تغيير عقيم زنيم رجيم.
العدوان وقراءات رديئة
بقلم: عدلي صادق - الحياة
سوف تنحصر ردة فعل النظام السوري على القصف الإسرائيلي لمنشآت عسكرية ومخازن صواريخ؛ في الاتجاه الدعائي ضد ثورة السوريين، توخياً لبعض التغطية على الجرائم في ذروتها المروّعة. فالعدوان على سوريا، ليس جديداً، ولم تكن ثمة ثورة، عندما كانت إسرائيل تقصف وتدمر، فيما النظام المستريح، يكتفي بأيقونة لغته التبريرية وهي عبارة "إن سوريا تحتفظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبيْن".
اليوم، وبعد أكثر من عامين، على بدء ذبح الشعب السوري، يريدوننا أن نصدق، بأن إسرائيل استفاقت على نوايا الانحياز للطرف المظلوم المطالب باسقاط النظام الفاجر، حتى وإن كان من بين هذا الطرف، مجموعات "السلفية الجهادية". وكأن خلط الأوراق، جديد على الخصومات والحروب في المنطقة. الجديد هو القراءة الرديئة، لمحاولة إسرائيل، هذه المرة، تحقيق هدف عسكري وفي الوقت نفسه خلط الأوراق، وتحفيز النظام على المزيد من السعار في صب النيران على شعبه، وصولاً الى تدمير الدولة. ففي القراءات المنطقية، لحالات سابقة لاختلاط الأوراق؛ لم يقل القارئون، إن هجوم النظام السوري على الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية في لبنان، واثناء حرب داخلية؛ كان تساوقاً متفقاً عليه، بين إسرائيل والنظام السوري لصالح الطرف المرتبط فعلاً ـ آنذاك ـ بإسرائيل. وعندما شارك النظام السوري في "حفر الباطن" مع الأميركيين، لم نقل إن حافظ الأسد ذيل للإمبريالية. وعندما هاجم الإيرانيون العراق، من تحت الباطن، تزامنا مع هجوم القوات الأميركية من حفر الباطن، لم نقل إن التزامن هو ثمرة اتفاق استراتيجي بين أميركا وإيران لصالح إسرائيل. ولما قصفت إسرائيل المفاعل النووي العراقي، في حزيران 1980 مع بدء توتر العلاقات العراقية الإيرانية، لم نقل إن إسرائيل قصفت بالتواطؤ مع إيران. ولما كاد أبو عمار وأبو جهاد أن يُقتلا، في طرابلس في خريف العام 1983 بأيدي النظام السوري وأذنابه؛ لم نقل إن محاولة القتل، كانت لمصلحة إسرائيل التي تطاردهما والتي قتلتهما فيما بعد. وعندما قذفت الأمواج الى الشواطىء السورية، بقتيل السفينة المختطفة "أكيلي لورو" في تشرين الأول 1985 لم نقل إن النظام السوري أعلن عن اكتشاف الجثة ثم سلمها، لتقديم برهان إدانة الشهيد "أبو العباس" ولمصلحة إسرائيل. وعندما تصادق بشار الأسد، مع أمير قطر، لم نقل إن الإمبريالية وراء ذلك الوداد. وعندما أخرس النظام جبهته لأكثر من أربعين عاماً، ولم يوفر للجنوب اللبناني، من الأراضي السورية، بعض الغطاء الجوي، لم نقل إن النظام توافق مع إسرائيل على انكشاف الجنوب اللبناني. وعندما سمحت أميركا للنظام ولإسرائيل، باقتسام الهيمنة العسكرية على لبنان بدءاً من العام 1975، بحيث يسيطر الأول بعد جسر الأولي شمالاً، والثانية في حزام جنوبي؛ لم نقل إنها استراتيجية احتواء للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية آنذاك، لصالح إسرائيل. فهذه كلها قراءات لا تفرّق بين خلط الأوراق وتقاطع الأجندات من جهة، والتساند أو التحالف من جهة أخرى!
فلا الغارات جديدة، ولا الشعب السوري صديق المحتلين الإسرائيليين، ولا العجز المزمن عن ردع إسرائيل هو من صنع الثورة السورية. ولا يستوي، إذاً، الحديث بلغة سنسكريتية، تتزاوج فيها الاتهامات المتناقضة، بأن من يتصدون للنظام هم "إرهابيون تكفيريون" وفي الوقت نفسه تدفعهم أميركا ووكلاؤها، وتساندهم إسرائيل!
إن هذه قراءات قاصرة، تتوخى الإفادة من العدوان ومن العامل الإسرائيلي. فالمحتلون يتحسسون من أقل الأخطار، وهذا ما جعل عربات مدرعة شرطية، تبرعت بها روسيا للسلطة الفلسطينية، تقبع في مرفأ العقبة ـ على ما سمعنا ـ لأن إسرائيل تخشى أن تكون هذه العربات قوة ضاربة تتهددهم، فما بالنا والأمر يتعلق بمنظومات صواريخ متقدمة؟!
جاء العدوان، وفق أجندة إسرائيلية، مقطوعة الصلة بثورة السوريين، وقد أدان الأحرار القصف الإسرائيلي لمنشآت بلدهم، وأكدوا على موقفهم من المعتدين. فما الذي سيجمع ثورة سوريا بإسرائيل، حتى ولو لم يجد هؤلاء الأحرار نصيراً؟!
وبهذه المناسبة نسأل، أين إيران المستأسدة على الشعب السوري؟ وأين "حزب الله" وذو العمامة السوداء؟ أليسوا الواعدين بالزلازل؟
نحن اليوم، بصدد لغة قاصرة، لن تنفع أصحابها. فالمستبد مقترف الجرائم، الجاثم على صدور الناس لأكثر من أربعين سنة، هو المتسبب في انفجار المجتمع السوري، وفي ظهور المقاومين المسلحين، وفي العجز عن بناء نظام سياسي ديمقراطي، وعن بناء القدرة على ردع إسرائيل، ونقطة على السطر.
اوراقنا الرابحة !!!
بقلم: يحيى رباح - الحياة
من محرك غوغل الذي سطع على صفحته بدلا من الاراضي الفلسطينية, الى مملكة الدنمارك التي رفعت مستوى التعامل الدبلوماسي مع فلسطين, امتدادا الى جبهات عديدة ومتنوعة, ينضج الوعي الفلسطيني اكثر وأكثر, ويتواصل الجهد, وتتراكم النقاط التي تجعل اوراقنا الفلسطينية الرابحة اكثر تفعيلا في الواقع السياسي الدولي في هذا العمل.
بعض الاطراف: لديهم اختلاط في المفاهيم, وهذا الاختلاط في المفاهيم يجعلهم يتوهمون ان المواقف السلبية المجانية التي يعلنونها ضد الحراك الفلسطيني والعربي, هي مواقف تدل على حضورهم المبهر !!! وهذا بطبيعة الحال نوع من خداع النفس, ونوع من الاعتراف بالعجز عن فعل أي شيء سوى طعن الذات الوطنية الفلسطينية التي تشق طريقها الى الامام.
فلسطين عادت من غيابها التراجيدي ليس عن طريق الانكفاء على الاحزان, ولا عن طريق الشك والشلل والخذلان !!! وإنما عن طريق الجهد المثابر, والأفكار الملهمة, والمحاولات المتراكمة, ابتداء من اطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة التي وضعها البعض في حكم المستحيل –نظرا لظروفها الصعبة –وصولا الى ابداع الانتفاضة, والدخول في غمار التجارب السياسية التي كان بعضها مجحفا بشروطه الى درجة خارقة, مثل مشاركتنا في مؤتمر مدريد حين ذهبنا بما يمكن تسميته شبه وفد, فإذا بوفدنا يصبح بعد ذلك هو المنارة ومسارنا الذي كانوا يسخرون منه ويتخطونه يصبح المسار الاهم !!! وصولا الى محاولاتنا الشجاعة الاخيرة مع مجلس الامن والجمعية العامة, وايجابيتنا في الحراك السياسي القائم في هذه الايام. نحن شعب القضية, وأهل القضية, وضحايا القضية, وأمل القضية, وليس من حقنا ان نصاب بلعنة المواقف المجانية !!! ولا يمكن لنا ان نعزف عن المشاركة حين تطرح قضيتنا على بساط البحث.
كل الصعوبات تحولت الى ممكنات من خلال شجاعة المحاولة !!! وكل الحقوق تحضر من غيابها القسري حين تدخل دائرة التعاطي وتمزق اردية الخوف !!!وأوراقنا الرابحة تصبح ذات قيمة ووزن حين تخرج من ادراجها الى ساحات التفاعل, والأخذ والرد, واعتقد ان الاجتماع الاخير الذي عقدته اللجنة الوزارية العربية في واشنطن مؤخرا كان في هذا السياق التفاعل الايجابي, وجعل النصوص المجردة تتحول الى رؤى وبرامج واقتراحات وتفاصيل متحركة, وجعل مدى الرؤيا اقرب، وخاصة وأننا تعلمنا ان كلمة لا مجرد صرخة معدومة حين لا تحشد وراءها أي فعل حقيقي.
لو كان المنهج الفلسطيني غير ذلك, لما قامت منظمة التحرير اصلا ولما انطلقت الثورة, ولا اندلعت الانتفاضة, ولما وجدت الحركة الفلسطينية الجدية, ولما اصبحت فلسطين اهم علامة في حياة مئات الملايين في العالم.
البعض في الساحة الفلسطينية يختلط عليه الامر, ويغل بالمغازل القديمة, ويعتنق ضد نفسه ديانة التوجس, ويمعن في التوهم بان أي حق فلسطيني لابد ان يكون على حساب حق فلسطيني اخر !!! مثل هذه الاعتقادات هي خطيئة كبرى, فالدولة المستقلة هي التي تجعل قضية اللاجئين حية !! وخوض غمار التجارب السياسية هو الذي يجعل حضورنا جزء من المشهد, اما هذه الحالة التطهرية التي يدعيها البعض زورا وبهتانا, فقد تليق بنساك يقطعون على اطراف الصحراء, اثقلتهم همومهم وخطاياهم !!! اما قضية قيامة وطن وقيامة شعب فهذه مسألة اخرى.
قيامة المسيح .. قيامة الدولة
بقلم: عادل عبد الرحمن - الحياة
تحتفل الطوائف المسيحية في فلسطين مع بقية اتباع الديانة المسيحية في العالم بأعظم واهم الاعياد المسيحية وأكبرها، وهو عيد الفصح او أحد القيامة، حيث يستذكر المسيحيون قيامة السيد المسيح عليه السلام من بين الاموات بعد ثلاثة أيام من صلبه كما جاء في العهد الجديد (الانجيل).
واهمية هذا العيد دينيا اضافة لما تقدم، انه يأتي بعد سلسلة من الاعياد، وكونه يحل بعد انتهاء الصوم الكبير، الذي يستمر أربعين يوما، ويجيء بعد انتهاء أسبوع الآلام، ويبدأ مع انبلاج زمن القيامة. ويهتف المسيحيون في احتفالاتهم الكنسية: "المسيح قام .. حقا قام " عند اصحاب التقويم الغربي، واما عند الارثوذكس الشرقيين، فيكون الترنيم: "المسيح قام من بين الاموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور".
عيد الفصح أو احد القيامة ليس عيدا للمسيحيين الفلسطينيين فقط، بل هو عيد للوطنية الفلسطينية، لأن السيد المسيح عليه السلام، كنعاني فلسطيني، وقيامه آنذاك بعد ثلاثة أيام من صلبه وموته على ايدي اليهود كما انبأنا به العهد الجديد، يعكس الرواية الفلسطينية في صراعها مع احفاد اليهودية الصهيونية المعاصرة، وبصيغتها الاستعمارية الحديثة في تواطئها مع الرأسمال الغربي، أدعياء التابعية للمسيحية.
السيد المسيح عليه السلام، السلف الفلسطيني الوطني الصالح والمجدد للعهد القديم، وانشق عن اتباعه، ثم أنشأ عهده الجديد، ونشره بين العباد، ما حدا باليهود أن يطاردوه ويلاحقوه حتى أمسكوا به وصلبوه ثم اغتالوه، ثم قام كطائر الفينيق من بين الاموات ليعمد مسيرته وينشر تعاليمه، التي مازالت حية، وستبقى ما بقيت البشرية.
قصة السيد المسيح، هي قصة ابناء شعبه، الذين شاءت الحركة الصهيونية أداة الغرب الرأسمالي في تزوير الحقائق التاريخية، ونفي وصلب الشعب العربي الفلسطيني ثم إغتياله عبر عمليات التطهير العرقية، ومتابعة عملية القتل والتبديد لروايته وقضيته ولشخصيته الوطنية. لكن الفلسطينيين أحفاد السيد المسيح، نهضوا من تحت الرماد كطائر الفينيق، من بين انقاض النكبة والنكسة، لملموا جراحهم ورفعوا رايتهم الوطنية ثانية من خلال تشكيل الاحزاب والفصائل الوطنية والقومية والاممية لبعث الروح في الشعب العظيم. فكانت الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي فجرتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح عام 1965، التي أعادت الاعتبار للهوية الفلسطينية، ورسخت الرواية والاهداف السياسية الوطنية في المنابر العربية والاممية رغما عن انف اليهودية الصهيونية والغرب الاستعماري في عهديه القديم والجديد.
قيامة السيد المسيح عليه السلام، كانت العلامة عميقة الدلالة على قيامة الشعب العربي الفلسطيني من بين أوحال وجراح النكبة والمؤامرة الصهيونية ? الغربية والعربية الرسمية، وقيامة دولة فلسطين، التي تم الاعتراف بها كعضو مراقب في التاسع والعشرين من تشرين الثاني الماضي. وبنهوض الدولة الفلسطينية من ركام المذبحة وعملية الصلب الاسرائيلية كخطوة اولى بتشريعها من قبل الامم المتحدة مجددا، فإن الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة آتية لا محالة بفضل عبقرية العطاء الوطني، ورغم إنشقاق وانفصال اتباع العهود البائدة والظلامية، ورغم المحاولات الصهيونية ? الاميركية الحثيثة على نفي الرواية الفلسطينية، وتقزيم الدولة إلى الحد، الذي لا ترى به.
أحد قيامة السيد المسيح عليه السلام، عيد وطني بامتياز، لا يخص المسيحيون فقط، انما يخص كل الفلسطينيين من اتباع الديانات المختلفة الاسلامية والمسيحية واليهودية واصحاب المعتقدات واتباع النظريات الوضعية المختلفة. على الفلسطينيين ان يحتفلوا به كعيد للوطنية الفلسطينية رغم الخصوصية لابناء الديانة المسيحية. وهو (العيد) فرصة وطنية ملائمة جدا لاعادة الاعتبار للوحدة الوطنية، وطي صفحة الانقلاب الاسود في محافظات الجنوب، لتعزيز عوامل الصمود الوطنية ومواجهة التحديات الاسرائيلية، التي تستهدف الكل الفلسطيني.
وكل عام وابناء الشعب العربي الفلسطيني من اتباع الديانات المختلفة وخاصة المسيحية، وهم بخير. وفصح مجيد .. وعيد سعيد.. وقيامة آتية للدولة الفلسطينية العتيدة. لان احد القيامة، مَّثْل تاريخيا عيدا للنصر والنهوض والفرح والانعتاق من الظلم والصلب، وعيدا للظفر بالاستقلال والحرية والعودة وتقرير المصير.
إحياء الكارثة والبطولة الفلسطينية
بقلم: عبد الحكيم صلاح - الحياة
بعد مرور اكثر من قرن على الصراع العربي الصهيوني، بات من الضروري توثيق وتدريس وتعميم الكارثة التي حلت بالشعب الفلسطيني.الاجيال لم تعد تعرف الكثير عن تفاصيل الغزو الصهيوني لأسباب عديدة اهمها اعتماد الاجيال السابقة على القصص المحكية ممن عاصروا تلك الفترة وهؤلاء غيبهم الموت، وكذلك سياسة المستعمر البريطاني ومن بعده الصهيوني اضافة الى الانظمة العربية التي تعاملت مع التاريخ الوطني الفلسطيني بحذر.الشعب الفلسطيني قاوم المد الصهيوني والاستعمار البريطاني، وخاضت المدن والقرى معارك ضارية مع المستعمر والعصابات الصهيونية. بطولات فردية وجماعية سجلها الفلسطينيون طوال قرن من الكفاح من اجل دحر الفكرة الصهيونية وتثبيت الهوية الوطنية.تفاصيل الكارثة والبطولة يجب جمعها وتوثيقها وإتاحتها للاجيال باعتبارها تراثا وطنيا عمد بالدم وبالمعاناة.
كلهم متورطون
بقلم: فؤاد أبو حجلة - الحياة
كشف العدوان الاسرائيلي الجديد على سوريا ما كنا نؤكده طيلة سنوات اللاحرب على حدود فلسطين المحتلة مع كيانات العرب المستقلة، فقد حلقت القاذفات الاسرائيلية في سماء دمشق بحرية كاملة ولم تعترضها الدفاعات الجوية السورية مثلما كان الحال في جميع الحلقات السابقة من مسلسل الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا.
رد فعل النظام وهو يترنح كان مضحكا مثل رده على الاعتداءات السابقة عندما كان قويا.. سنرد في الوقت المناسب! بالطبع لن يرد النظام ولن يطلق ما لديه من صواريخ روسية أو صواريخ ايرانية على أهداف اسرائيلية، لأن هذه الصواريخ مخصصة لمعاقبة سكان المدن السورية. ولن ترد المعارضة السورية لأن الجيش الحر منهمك في تفجير مواقع النظام والسيطرة على المعابر الحدودية مع دول الجوار، ولأن جبهة النصرة تعتبر الاسرائيليين من أهل الكتاب وهي متفرغة للجهاد ضد الكفار الحاكمين، ولأن الاخوان المسلمين منشغلون في ترتيب أنفسهم لقطف ثمار «الربيع السوري» وهم لم يتورعوا في السابق عن المطالبة بالتدخل العسكري الأجنبي لاسقاط النظام، وربما لا يعنيهم الأمر كثيرا إن كان هذا التدخل اميركيا أم اسرائيليا.
الجامعة العربية، بلا مؤاخذة، هي أيضا ثابتة على موقفها في الرد على العدوان ببيان. والدول العربية الربيعية لا تخفي سعادتها بالغارات الاسرائيلية على سوريا، والدول العربية الخريفية لا تتدخل خوفا من وصول الربيع الاميركي اليها.
في ظل كل هذا الخراب يتنطح محللون على شاشات العرب الساقطة لاتهام حلفاء النظام السوري بالطائفية، ولا يقولون شيئا عن حلفاء المعارضة السورية ومقاتلي جبهة النصرة القادمين من ليبيا واليمن ومصر والشيشان، ولا تعنيهم اطلاقا محاولات الولايات المتحدة وحلفائها الصغار في المنطقة لتحويل السنة العرب الى مشروع طائفي.
وفي ظل هذا الخراب تستطيع اسرائيل احتلال سوريا وكل دول المنطقة بلا مقاومة، لأن العرب يختلفون على كل شيء ويتفقون على حماية اسرائيل التي لا عدو لها في هذا الشرق المتأمرك الا نحن الماكثين في الوطن والموزعين شوكا في حلوق أهل ارض الشتات.
اعتداءات المستوطنين لا تتوقف
بقلم: بهاء رحال - الحياة
قنابل موقوتة داخل الأراضي الفلسطينية المحتله تنفجر في كل لحظة وكل يوم اولئك هم المستوطنون المنتشرون على رؤوس الجبال بين محافظات الوطن، من الشمال وحتى الجنوب مروراً بالوسط المكتظ بالكتل الاستيطانية التي يقطنها أبشع أنواع البشر وأكثرهم عداء وهم موغلون بالحقد والكراهية والتطرف، وهم مدربون جيداً على القتل ويمتلكون أسلحة رشاشة ومتطورة ولكل واحد منهم سلاحه الشخصي بالإضافة الى أن كل تحركاتهم تكون تحت حراسة مباشرة من جنود الاحتلال الذين يوفرون الغطاء والحماية لهم ولإجرامهم المتواصل بحق المواطنين الفلسطينيين وبيوتهم ومزارعهم وممتلكاتهم ومساجدهم وكنائسهم، وفي كل يوم يتواصل هذا الحقد والإجرام ويكبر وتتسع رقعة الاعتداءات دون رادع ودون أي تدخل دولي لنزع فتيل القنابل المتفجرة التي تسكن بين المدن والأحياء الفلسطينية الأمر الذي يدفع بالمستوطنين الى الاستمرار في أعمالهم الاجرامية دون أن يجدوا عقابهم الذي يستحقون، لهذا فإننا نجد ارتفاعا يوميا بوتيرة هذه الاعتداءات والتي تتعدد أشكالها سواء كانت اعتداءات لاغتصاب وسلب المزيد من الاراضي وضمها لصالح المستوطنات او كانت اعتداءات مباشرة على املاك المواطنين وبخاصة المحاصيل الزراعية وقطع الاشجار المثمرة والمعمرة او أخطرها وهي التي تتعرض لحياة الانسان الفلسطيني بالقتل حيث ان قطعان المستوطنين يحملون عتادهم من السلاح ولا يتوانون في اطلاق الرصاص على الفلسطينيين، وكل هذا يحدث تحت غطاء مباشر من جنود جيش الاحتلال الذين يوفرون لهم الأمن ويحرسون ارهابهم المنظم، بينما لا يجد المواطن الفلسطيني من يوفر له الحماية ومن يدافع عنه في وجه الاعتداءات اليومية والمتكررة التي ازدادت بشكل كبير في الاونة الاخيرة، وأمام هذه العنجهية وهذا التطرف فإن المطلوب تدخل دولي وعلى اعلى المستويات لتوفير الحماية للفلسطينيين من هذه المجموعات الارهابية التي تحميها دولة الاحتلال وتدفع بها لتنفيذ المزيد من الاعتداءات وتنفيذ المزيد من عمليات القتل والإجرام وفق عقيدة راسخة مبنية على التطرف والعنصرية ومسكونة بالنازية الحاقدة.
فتح أبواب السلام الموصدة
بقلم: القدس
في الأسبوع الماضي، اقترحت لجنة الجامعة العربية المعنية إدخال تغيير على مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي كانت قد وعدت فيها بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إذا ما قامت الأخيرة بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967، والتوصل إلى حل متفق عليه من خلال المفاوضات لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
تعديل
وقد أدخلت الجامعة العربية تعديلاً إلى حد ما على ذلك، عندما أعادت لجنتها الأسبوع الماضي، التأكيد على أن حدود 1967 يجب أن تكون هي الأساس للمفاوضات الرامية للتوصل إلى سلام نهائي بين إسرائيل وفلسطين مع الاعتراف بأن فكرة "تبادل الأراضي" ستكون مقبولة في إطار هذه الصفقة. وفي الحقيقة أن ذلك يمنح إسرائيل تنازلاً كبيراً، حيث يسمح لها الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبيرة التي قامت ببنائها على الأراضي الفلسطينية منذ 1967. ومن المعروف أن بعض تلك المستوطنات يقع على امتداد حدود 1967، وبعضها الآخر يحيط بالقدس، في حين أن مستوطنات أخرى تمتد في قلب الضفة الغربية، وتقسم العديد من المناطق الخاصة بالأراضي الفلسطينية.
وفي حين شجب بعض الفلسطينيين قرار لجنة الجامعة العربية ووصفوه بأنه يقدم لإسرائيل تنازلاً غير مبرر، إلا أن البعض في معسكر السلام الإسرائيلي وصفوا الخطوة بأنها تمثل اختراقاً مهماً. أما نتنياهو فقد صب من جانبه ماء بارداً على المقترح، عندما قلل من شأنه ووصفه بأنه غير ذي شأن، وأن ما كان يفصل الإسرائيليين عن الفلسطينيين دائماً لم يكن يتعلق بالأراضي. وهذا الرفض كان متوقعاً، بيد أن الشيء الغريب هو أن ذلك لم يحدث. فمن بين الحقائق التي يؤسف لها أن مناقشات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تتجاهل غالباً الحقائق المهمة التي تتحكم فيه.
ففي أعقاب اجتماع الجامعة العربية المشار إليه، استمعت إلى مسؤول عربي كبير كان حاضراً في جلسات تقييم الوضع الحالي للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. وقد بدأ هذا المسؤول بالإشارة إلى "حقائق" وصفها بأنها هي التي تحدد حالة الصراع الحالية. وتتمثل هذه الحقائق في أن إسرائيل قد تحركت نحو اليمين وتقودها حكومة أسيرة لحركة الاستيطان المتشددة غير الراغبة في تسليم ما تعتقد أنها أرض مقدسة موروثة.
وأما الفلسطينيون فهم منقسمون، حيث لا يبدي أي طرف، سواء "حماس" أو "فتح"، رغبة في الالتزام بالتسوية. وأما الولايات المتحدة، فهي لا تستطيع أن تكون "وسيطاً نزيهاً" نظراً للاعتبارات السياسية في واشنطن، في حين يعيش العالم العربي حالة من الفوضى العارمة، حيث يشهد تحدي جماعات الإسلام السياسي في بعض المناطق، في الوقت نفسه الذي تمثل فيه إيران هاجساً دائماً لدول أخرى في المنطقة.
وبعد أن قدم المسؤول تلك اللوحة القاتمة، انتقل النقاش إلى مناقشة الوضع الحالي لـ"عملية السلام" والخطوات التي يتم اتخاذها لإعادة إطلاق المفاوضات.
حكومة الائتلاف الإسرائيلي
وإذا كانت حكومة الائتلاف الإسرائيلي لديها نزعة تشددية موالية للمستوطنين، تحول بينها وبين تقديم أية تنازلات بخصوص الأراضي. وإذا كانت الحركة الفلسطينية ممزقة على نحو لا أمل في إصلاحه، والولايات المتحدة تعتبر غير قادرة على الضغط على الإسرائيليين لتغيير مسارهم، فإنه سيكون بمقدور المرء هنا أن يتساءل -عن حق: ما هو القصد من تقديم المزيد من التنازلات لإسرائيل من أجل اتفاقية سلام لن تقبل بها، وخصوصاً عندما يترتب على تلك التنازلات فصل القدس عن بيئتها الفلسطينية، وخلق المزيد من الشروخ في بنية الدولة الفلسطينية التي يفترض أنها ستقوم؟
إن تجاهل الحقائق في السياق الإسرائيلي الفلسطيني أمر له عواقبه. ففي الفترة التي سبقت عقد مؤتمر مدريد عقب انتهاء حرب الخليج الثانية على سبيل المثال، وافقت الدول العربية على إنهاء مقاطعتها الاقتصادية الثانوية لإسرائيل مقابل مشاركة إسرائيل في المؤتمر، وموافقتها على تجميد بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. والآن وبعد مرور عشرين عاماً على ذلك المؤتمر نجد أن مباحثات السلام قد توقفت، وأن عدد المستوطنين الإسرائيليين الذين يقيمون في الأراضي الفلسطينية قد تضاعف ثلاث مرات. وبعد أن تخلى العرب عن أوراق الضغط التي كانت بحوزتهم، وجدوا أنه لم يعد لديهم أي نفوذ متبقٍّ يمكن استخدامه للضغط على إسرائيل.
ولكن كل ذلك لا يشكل دعوة لعدم الفعل، بل يحث على الحذر وعلى تغيير الاتجاه. ومن بين الطرق التي يمكن استخدامها للمضي قدماً على هذا الطريق، النظر مجدداً إلى ما قاله أوباما في خطاب ألقاه مؤخراً في القدس، وتعهد فيه بالاستمرار في دعم إسرائيل مع مطالبة الإسرائيليين بالاعتراف بالفلسطينيين، والتعامل مع احتياجهم للعدل.
ملاحظات
وأعتقد أن ملاحظات الرئيس نابعة من اعتقاده بالحاجة للاعتراف بالحقائق في صياغة السياسات. ولكن السؤال هنا: إذا استمرت الولايات المتحدة في تقديم المزيد من التنازلات السياسية لحكومة نتنياهو، واللجوء بعد ذلك للضغط على العرب لتقديم المزيد من التنازلات، فكيف يمكن لهذا أن يغير الحسابات الإسرائيلية؟
لقد منح الرئيس بخطابه المودة للإسرائيليين، وهو مطالب الآن بمواجهتهم بالحقائق الخشنة.
ولذلك يتعين على الولايات المتحدة، أن توفر فرصة للفلسطينيين تدفعهم قدماً نحو التسوية، وذلك من خلال توضيح أنه إذا ما قبلت "حماس" بشروط ثابتة لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، فإن واشنطن ستدعم مثل تلك الاتفاقية وتحث الأطراف الأخرى في الرباعية على دعمهما أيضاً.
وقصارى القول، إذا ما أخذنا في اعتبارنا الحقائق الحالية للصراع قد لا يكون السلام ممكناً؛ ولكن إذا أمكن تغيير الأحوال الراهنة في السياسات الإسرائيلية والفلسطينية، وإذا ما استطاعت الولايات المتحدة إظهار أنها قادرة على أن تكون عاملاً مساعداً وفاعلاً في هذا التغيير، فإن الأبواب الموصدة حالياً قد تفتح في النهاية.
سياسة "النأي بالنفس" وفيضان المُستنقع الأسدي
بقلم: د. خالد الحروب - الايام
من ناحية نظرية بحتة وفي مواقف وقضايا سياسية كثيرة تبدو سياسة "النأي بالنفس" حكيمة ومُتصفة بالحصافة. وعندما تتعقد الجوانب وتتفاقم المخاطر المحتملة من أزمة سياسية ما فإن الحياد الذي يلتزمه بعض الدول والاطراف والمنظمات، خاصة في الجوار الجغرافي الاقرب، يكون مفهوما بل ومُحبذا. وعندما يكون الصراع المُحتدم اكبر بكثير من طاقة تحمل دول الجوار الصغيرة فإن "النأي بالنفس" يُصبح استراتيجية دفاع وبقاء.
الشرط الأولي والأهم لنجاح هذه الاستراتيجية هو وجود حد أدنى من العقلانية والبراغماتية السياسية عند الاطراف المتخاصمة بحيث تنأى هي الاخرى بنفسها عن اطراف "النأي بالنفس"، لأن في ذلك تحقيقاً لمصلحة المتخاصمين، ذلك ان كلا منهم يقر بأن بقاء طرف ما على الحياد افضل من انحيازه للخصم. لكن عندما ينعدم الرشد تماما عند احد الاطراف المتخاصمين من خلال تصميمه على توريط الآخرين في الدم وتصدير الازمة إليهم، او عندما تفيض الأزمة عن حدودها الجغرافية ويشكل استمرارها تهديدا استراتيجيا وامنيا لأحد الاطراف المحايدة فإن استراتيجية "النأي بالنفس" تصبح انتحارا سياسيا.
النظام الاسدي هدد كثيرا، وها هو الآن قيد تنفيذ تهديداته، بإغراق المنطقة في مستنقع من الفوضى والحرب والدم. كل دول الجوار سوف تدفع الثمن، ولن تهنأ دولة بالأمن طالما امن العصابة الحاكمة في دمشق مُهدد، هذا هو جوهر استراتيجية "أنا أو الدمار الاقليمي الشامل" التي يتبناها الاسد.
معالم هذه الاستراتيجية واعلاناتها تتكرر يوميا، إن على شكل تصريحات او ممارسات وتعديات ومحاولات تصدير على الحدود التركية واللبنانية والاردنية. الإطار الأعم للاستراتيجية هو تحويل المعركة العادلة للثورة السورية المُنتفضة على نظام اقطاعي ومُستبد وفاسد إلى معركة "نضال إقليمي" يتورط فيها الجميع وتصبح مصلحة الكل مرهونة بالحفاظ على نظام الاسد وإجهاض الثورة. ليس هناك ذكاء خارق في اجتراح هذه الاستراتيجية إذ لولا انحياز روسيا بوتين المتوترة والباحثة عن دور في السياسة الدولية، ولولا انحياز "دولة الثورة الاسلامية" في إيران إلى جانب "مُستكبر دمشق" ضد "مستضعفي" سورية كلهم لما كان هناك ادنى فرصة لاستمرار النظام في الحكم حتى هذه اللحظة.
توازن، او بالاحرى، لا توازن القوى في المعركة على مستقبل سورية يُشير إلى انها ستطول، وإطالتها لا تصب وحسب في مصلحة النظام الاسدي، بل وتفاقم من منعكساتها على المنطقة وخاصة دول "النأي بالنفس" في الجوار، وفي مقدمتها الاردن ولبنان. فهذان البلدان هما من يعاني الآن وبشكل مباشر من مخاطر فيضان المُستنقع الاسدي وهو المقصود والمُستهدف تماما من قبل النظام. مقارنة الوضع الراهن سواء داخل سورية او المنعكسات الحالية للأزمة على الاردن ولبنان بما كانت عليه الامور في نفس الوقت من السنة الماضية تدلل على المنحى الحاد والمُتدهور وزيادة المخاطر على البلدين. والاكثر قتامة في الصورة هو ان هذا المنحى ما زال حاد الانحدار بما ينبئ بحالة اسوأ بكثير بعد عام من الآن.
فإذا كانت التحديات الانسانية والامنية والمعيشية التي يفرضها وجود مئات الالوف من اللاجئين في البلدين تستنزف قدرات الحكومات في البلدين، فلنا ان نتوقع الحال عندما تتفاقم هذه الاعداد، وهو الامر المرشح حدوثه في ظل استعار المجازر التي يقوم بها النظام في كل ارجاء الوطن السوري.
فاتت الفرصة الذهبية في تأييد دول الجوار وخاصة الاردن للثورة السورية في مرحلتها السلمية الاولى، وعندما كان الملك الاردني اول من تحدث وبجرأة عن ضرورة رحيل بشار الاسد وخضوعه لمنطق المطالبات الشعبية العارمة. ثم فاتت الفرصة الفضية اللاحقة بتأييد الثورة السورية التي اجبرت على التحول الى مسلحة من قبل النظام، وعندما كان الجيش الحر وعلى ضعف امكانياته هو العنوان الرئيسي للحركة المسلحة وقبل دخول جماعات التطرف والتعصب وبروز جبهة النصرة، ثم فقدان الثورة لوضوحها الاولي مع ازدياد الشحن الطائفي والثقافة القاعدية التي جاءت مع تلك الجماعات. كانت امكانية تسليح الجيش الحر وتقويته وتوثيق هرميته مع المجلس الوطني السوري اولا ثم الائتلاف لاحقا ما زالت قائمة بحيث تقوم بنية سياسية - عسكرية موحدة تكون هي الناطق الرسمي باسم الثورة والشعب السوري، والطرف الاكثر فعالية من ناحية عسكرية.
تتحمل الولايات المتحدة والغرب المسؤولية الأكبر في التردي الذي آلت إليه امور الشعب السوري وثورته وهي تواجه آلة الدمار الاسدي/الإيراني/الروسي، وهي مسؤولية تتمثل في وضع الخطوط الحمراء امام تسليح الطرف الاهم في الثورة السورية. تلك الخطوط اتاحت لجبهة النصرة وغيرها ان تتمدد وتسلح نفسها وتعتمد على التدريب والتأهيل الذي يتمتع به افرادها، وبالتالي تصدر جبهة القتال ضد النظام. لكن الدول العربية مجتمعة مع تركيا تتحمل مسؤولية لا تقل خطورة عن المسؤولية الاميركية والغربية وتتمثل في أمرين: الاول هو الانصياع الكامل للأوامر الاميركية بعدم تسليح المعارضة والوقوف عند النقطة التي ترسمها واشنطن ولا يتم تعديها، والثاني هو التمسك بسياسة "النأي بالنفس" عند بعض الدول العربية، وخاصة دول الجوار كالاردن، رغم اتضاح مسار الامور وفجاجة الاستراتيجية الاسدية في تصديرها الازمة بلا تردد للجوار الاقليمي.
كل ذلك صب وما زال يصب الحب في طاحونة النظام ويطيل من عمره، ويطيل بالتوازي من هول المجزرة التي يتعرض لها الشعب السوري.
والامر الثاني هو التغافل عن ان حسابات العواصم الغربية وخاصة واشنطن وبروكسل ومصالحها الحالية والمستقبلية والمحتملة في سورية ومآلاتها تختلف عن حسابات ومصالح الدول العربية ومحددات صناعة القرار فيها.
بوصلة صوغ المصلحة والسياسة الاميركية والاوروبية إزاء سورية هي "امن إسرائيل"، وهي البوصلة التي كانت قد حكمت تلك السياسة إزاء حكم عائلة الأسد، الأب والابن، طيلة العقود الأربعة الماضية. طالما كانت العائلة حارسة على امن اسرائيل كان الغرب جاهزا لتقديم كل تنازل، بما في ذلك التغاضي عن ابتلاع دمشق للبنان كله لفترة مديدة من الزمن.
على ذلك فإن مقدار التأييد للثورة السورية ينضبط على هذا المقياس: هل سورية ما بعد الثورة تشكل تهديدا أكثر أم اقل على إسرائيل؟ اما الحسابات العربية فمن المُفترض أن تقودها بوصلة ثانية وهي تغول النفوذ الايراني في قلب المنطقة العربية. اي نظام يرث النظام الاسدي سوف يكون افضل للعرب، وافضل لمواجهتهم مع اسرائيل لأنها لن تكون مواجهة خطابية هدفها الابقاء على نظام حكم معين. لكن هزيمة الثورة السورية معناها سقوط سورية في الحضن الايراني لعقود قادمة، وربما سقوط لبنان ايضا، وتهديد الاردن. ومعناها ترسخ النفوذ الايراني في الخليج طولا وعرضا. تلكؤ العرب و"نأيهم بأنفسهم" عن الثورة السورية لن يضمن لهم دحر المخاطر، بل هو خداع للنفس، وغدا أو بعد غد سوف تضطر العواصم "النائية بنفسها" لأن ترد على القبضات الايرانية وهي تدق على بوابات عواصمها.
أين التنظيمات من القوانين التي تسن في غزة
بقلم: د.عاطف أبو سيف - الايام
لا تنفك حماس تصدر القانون تلو الآخر والتشريع وراء التشريع، وكأنها في سباق مع الزمن لتغيير القواعد القانونية والتنظيم التشريعي الذي يضبط علاقات الناس فيما بينهم وعلاقتهم بالمؤسسات الحكومية. ورغم ان الكثير من القوانين كان قد سن قبل ذلك وطوال سنوات الانقسام الست، فإن الأشهر الاخيرة شهدت تسارعاً كبيراً في وتيرة التشريع وتطبيق التوصيات التشريعية والمصادقة على مقترحات القوانين. وربما تميزت القوانين التي تمت مناقشتها مؤخراً واقرارها بكونها قوانين من العيار الثقيل حيث انها ليست مجرد تشريعات تفصيلية بل هي من النوع التأسيسي الذي تترتب عليه جملة من الضوابط التشريعية الأخرى.
بداية لا بد من التنوية أن ليس من حق المجلس التشريعي الحالي ان يقوم بسن القوانين فهو معطل بفعل الانقسام وهو في نظر المواطنين العاديين جزء من هذا الانقسام لأنه اولاً عجز عن إيقافه ولأنه بعد ذلك تواطأ في تثبيت أركانه. فالمجلس التشريعي ليس إلا أداة من أدوات الانقسام وحربة من حرابه. طبعاً كلنا يأسف لهذه الحال ولكن الواقع لا يتم تغييره للأسف. الامر الآخر أن سلطة المشروع ليست بلا قيود ومخطئ من ظن أن مجرد انتخابه من قبل الناس بإمكانه ان يصادر حرياتهم. فسلطة التشريع مقيدة بعدم انتهاك حقوق المواطنين وبعدم تجاوز العقد الاجتماعي الذي وفقه تنازل الناس عن حقهم في حكم انفسهم وانابوا عنهم من يقوم بذلك. وهذا النائب لا يمكن له ان يصادر حرية من منحه الحق بتمثيلهم. لذا فإنه في الكثير من النظم الديمقراطية، وحتى في الحالات التي يقر البرلمان قراراً بأغلبية ساحقة وتصادق عليه مؤسسات الدولة، يمكن لمواطن عادي يرى أن ما تم سنه من قوانين ينتهك حريته المكفولة بعموميتها في الدستور، ان يقاضي الدولة على ذلك.
وعليه فإن السلطة الوطنية الفلسطينية التي لا دستور مقراً لها، لها نظام أساسي معدل، وإذا ما سلمنا ومن اجل الجدل البيزنطي الذي يرغب به البعض، ان من حق المجلس التشريعي في حالته الراهنة ان يسن القوانين، فإن مثل هذه القوانين لا يمكن له أن يتجاوز مواد النظام الأساسي ولا أن ينتهكها. كما أن ثمة بعض القوانين التي يقترح النظام الديمقراطي الحقيقي أن إقرارها يحتاج إلى اجماع وتوافق وليس أغلبية خاصة تلك القوانين التي تمس هوية المجتمع وتنوعه.
والأزمة الحقيقية فيما يتعلق بتلك التشريعات التي تسن في غزة ان الحاجة لها لا تنبع من حاجة المجتمع المحلي وضرورات بقائه وتنظيم الحياة فيه بقدر كونها انعكاسا لتوجهات اكبر من تلك الحاجات وامتدادا لتصورات كبرى أوسع من حدوده.
لذا اجدني قد اعترض على من يقول إن هذه "حمسنة" أو " أخونة" للمجتمع الفلسطيني في غزة لأنني قد لا أتضايق لو كان مثل هذه التشريعات نابعا من رؤية وطنية خاصة بحماس أو بأعضاء المجلس التشريعي حيث عليهم مثلاً ووفق عقد التمثيل الممنوح لهم ان يتصرفوا كممثلين للشعب وليس لشيء آخر، بل انا أتضايق لأن ثمة شخصا من كراتشي وربما آخر في الدوحة وقد يكون في الزقازيق او في شقة فارهة في لندن أو مدريد هو من يكون قد قرر أن علي أن أعيش بهذه الطريقة وأن احتكم لهذا التشريع. فالمجتمع الفلسطيني بكل مكوناته المسلمة والمسيحية هو مجتمع عربي وعاداته وتقاليده عربية بحتة وليست مستوردة، والعروبة هي أساس الإسلام ومنبعه ولم تكن الاخلاق والعادات التي سنها الرسول الكريم إلا من فطرة هذا المجتمع العربي، لذا فإن أحداً مهما كان لا يحق له أن يقول لهذا المجتمع عليك أن تفعل كذا وكذا.
فأنا مثلاً حين أسمع ان قانون التعليم الذي أقرته حكومة حماس يمنع الاختلاط في المدارس لا يمكن ان أصدق أن أحداً يعيش في غزة وليس في برج عاجي، أي يختلط بالناس ويعرف واقعهم، يمكن له أن يقول إن مجتمع غزة لا يترك شاردة ولا واردة إلا يحدث فيها اختلاط بين رجاله ونسائه. للمجتمعات شفرة وراثية وخارطة جينية هي من تحدد قواعد السلوك فيها وهي من تحدد كيف يتصرف المجتمع وكيف تتشكل عاداته وطباعه.
انظروا قانون التعليم الفلسطيني الذي أقر في غزة في شهر آذار الماضي كيف يتحدث في المواد 46 منه على الفصل بين الطلاب والطالبات في سن التاسعة ثم تعود المادة التالية 47 وتشير إلى أن الحكومة ستعمل على "تأنيث المدارس" وهي عدم عمل المدرسات الإناث في مدارس الذكور وعدم عمل المدرسين الذكور في مدارس الإناث. ناهيك عن تعريف القانون لغايات العملية التعليمية. كما يقرر مقترح قانون العقوبات اجراءات عقابية بعيدة عن روح القانون الفلسطيني. تشمل هذه عقوبات مثل الجلد (انظر الفقرة التي يوصف بها السوط) وقطع اليد والصلب والقصاص. ناهيك عن ان ما يتم وفق ما قالت القانونية والناشطة زينب الغنيمي هو البحث عن شكل وظاهر النص فقط.
النتيجية الأولى لكل ذلك بجانب مضاره الاجتماعية هو تعدد القواعد القانونية المتبعة في القطاع والضفة وهو ما يعني التأسيس لمرجعيات تشريعية وقانونية يكون لها ترجمة سياسية في المستقبل. ثانياً أن هذه التشريعات ستصبح شوكة في حلق المصالحة لو تمت. ثالثاً أننا تدريجياً سنتحدث عن المجتمعين الفلسطينيين في الضفة وفي غزة. هذا بدوره، رابعاً، سيترك بصمة، ليست وراثية لسوء حظ أنصار هذه القوانين، على نسيج المجتمع الفلسطيني حتى داخل قطاع غزة. ويمكن سرد العشرات من النتائج لكن المصيبة الكبرى هي هذا الصمت الأسود والمعيب الذي يخيم على موقف الفصائل وكأن الأمر لا يعنيها. او كأن هناك حفنة من السذج الذين يعتقدون أن الأمر مجرد قانون ويتم محوه بممحاة القلم الرصاص لو تمت المصالحة. إنه ذات المنطق يا سادة الذي تركت فيه غزة فريسة للانقسام ولم تتم وفقه استعادة الوحدة الوطنية، منطق يعتقد بأن الوطن جثة يمكن تخديرها وإجراء التجارب عليها. هل ستفيق الفصائل من غفوتها. وهل من عاقل يصرخ بأن الحصان سيجتاز اسكدار!!.


رد مع اقتباس