أقــلام وآراء إسرائيلي الاربعاء 14/05/2014 م
في هــــــذا الملف
قنبلة إيرانية في حقيبة
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
الحنين لجواز سفر اوروبي
بقلم: أمير حتسروني،عن معاريف
الأردن: مسألة الهوية والسلام
إسرائيل والفلسطينيون والعنصر الأردني: التداخل الحتمي والتنسيق الضروري
بقلم: أودي ديكل وأوريت برلوف،عن نظره عليا
المثلث الفلسطيني ـ الاردني ـ الاسرائيلي
بقلم: عوديد عيران،عن نظرة عليا
دولة يهودية أو دولة اسرائيل
إسرائيل ماضية سريعا لتصبح دولة متدينة تعارض الدولة والعمل ولذلك يجب على العلمانيين أن يدافعوا عن استقلالهم
بقلم: عنار شيلو،عن هارتس
قنبلة إيرانية في حقيبة
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
يتعقب الامريكيون منذ نهاية العقد الماضي من الجو حاويات تتجه في البحر نحو موانيء في سواحل الولايات المتحدة، ويحاولون بمروحيات ووسائل طيران مختلفة العثور على اشعاع ذري تصدره هذه الحاويات. وإن أكبر كابوس عند مكتب حماية الوطن والجهات الاستخبارية التي تخدمه هو دخول حاوية يُخبأ فيها قنبلة ذرية ململمة الى ميناء امريكي. لأن قنبلة ذرية صغيرة كهذه قد تدمر ميناءا ماديا وتقضي على الحياة في المدينة الساحلية.
حينما تتحدث الاستخبارات الامريكية لا الاسرائيلية فقط عن التهديدات الذرية الايرانية، لا تقصد بالضرورة صواريخ بالستية عابرة للقارات تحمل رؤوسا ذرية. فربما تكون هذه الصواريخ البالستية في حوزة الايرانيين بعد عشر سنوات فقط كما يزعم، وربما بحق، البروفيسور عوزي عيلام. إن السيناريو الاكثر يقينا هو على الخصوص ارهاب ذري يبزغ دون أية بصمة لدولة ما كأن تخرج حاوية من الصين وتبحر بصورة ساذجة تماما الى ميناء ديترويت أو الى ميناء حيفا، ولا يكون عند الربان وشركة الملاحة أي علم بأنه خُبئت فيها ‘حقيبة متفجرات ذرية’، وتصل السفينة الى الميناء وتستعمل القنبلة. وستكون ايران بصفتها دولة تساعد الارهاب مشتبها فيها دائما ولا سيما حينما تصبح عندها قدرة ذرية عسكرية. لكن حاول أن تبرهن على ذلك.
في منتصف كانون الاول 2011 قال وزير الدفاع الامريكي آنذاك ليون بانيتا لشبكة ‘بي.سي.إس′ إن ايران ستكون قادرة على تركيب قنبلة ذرية في غضون سنة بل في أقل من سنة. وأُجري لقاء صحفي بصورة موازية مع الـ ‘سي.إن.إن’ مع رئيس هيئة الاركان الامريكي مارتن دامبسي وقال كلاما مشابها. وهاج الجميع بسبب تغير التوجه الامريكي. فقد كان العالم حتى ذلك الحين يعيش تحت اعلان الاستخبارات الامريكية في 2007 بانتهاء المشروع الذري الايراني. ونسب محللون آنذاك تحول توجه الادارة الامريكية الى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حزيران 2011 الذي كشف عن معلومات جديدة عن المشروع العسكري الايراني. لكن يتبين أن الاستخبارات الامريكية كان عندها آنذاك معلومات مستقلة عن تطورات مقلقة في المشروع العسكري. وجاءت المعلومات من مصادر سرية جدا وكانت خطيرة جدا بحيث امتنع الامريكيون عن إشراك اسرائيل فيها برغم الاتفاقات على تبادل المعلومات في هذا الشأن. وفوجئت اسرائيل وغضبت لنقض الثقة. وبعد ضغط فقط نقل الامريكيون الى اسرائيل التقرير الملخص دون المادة الخام. وزعموا دفاعا عن أنفسهم أنه حتى الرئيس تلقى التقرير قبل أن يُنقل الى اسرائيل باربعة ايام فقط.
إن الاستخبارات الامريكية لا الاستخبارات الاسرائيلية المتهمة بالتسييس وبعدم الموضوعية هي التي تقول في جزم إن الايرانيين قريبون جدا من قدرة ذرية عسكرية. وفي كانون الثاني 2014 فقط عرضت الاستخبارات الامريكية تقرير تقدير على اللجنة الاستخبارية التابعة لمجلس الشيوخ يُبين أن لايران القدرات العلمية والتقنية والصناعية لصنع سلاح ذري. وضُمت الى التقرير شهادة رئيس الاستخبارات القومية الذي يقول إن ايران قادرة على بناء صواريخ ذات قدرة على حمل سلاح ذري في اللحظة التي ترغب فيها في ذلك. وبُذلت هذه الشهادة في خلال المحادثات التي تجريها القوى العظمى الست مع ايران، وفي وقت تبحث فيه الادارة الامريكية عن كل طريقة للتوصل الى تسوية مع الايرانيين. وقد يئس الامريكيون من امكان أن ينجحوا في وقف المشروع الذري العسكري الايراني تماما وهم يبحثون عن نظام يضمن رقابة وثيقة مدة سنوات طويلة كي لا تفاجيء ايران العالم فجأة بتفجير ذري خفي.
لا تستطيع اسرائيل والولايات المتحدة ودول اوروبا أن تنام في هدوء برغم توقع أن ايران لن تكون عندها صواريخ بالستية حاملة للرؤوس الذرية في السنوات العشر القريبة. لأنه من يقول إن الايرانيين يسيرون في هذا الاتجاه خاصة؟ ومن ذا يستطيع أن يقول بيقين إن هذا هو الانذار وهذا هو التهديد الحقيقي في مدى السنوات القريبة؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الحنين لجواز سفر اوروبي
بقلم: أمير حتسروني،عن معاريف
بدأت حياتي مع جواز سفر واحد اسرائيلي بلون أزرق. ومنذئذ اضيف الى ميزاني جوازا سفر اثنان آخران بلون أحمر قاتم، روماني وبولندي. ولا تزال اليد ممدودة. سلسلة التقارير في القناة 10 عن الفزع لجوازات السفر الاجنبية تكشف ما نعرفه جميعا: قيمة جواز السفر الاسرائيلي الازرق منخفضة جدا.
والدليل الطوابير الطويلة من الاسرائيليين الذين يقفون أمام بوابات القنصليات الاوروبية، يحملون في أيديهم وثائق مصفرة تعود الى 70 80 سنة تشيرالى صلة طفيفة باوروبا ما قبل الحرب العالمية على أمل نيل بطاقة دخول الى العالم الغربي، تتيح لهم الاحتفال في برلين، العمل في لندن، والتنزه في نيويورك.
بالمقابل، في القسم القنصلي من السفارات الاسرائيلية في اوروبا، يسود القفر. مئات الاف الاسرائيليين استغلوا في السنوات الاخيرة حقوق الاباء كي يصبحوا اوروبيين، ولكن الاف قليلة فقط من الاوروبيين استخدموا جذورهم اليهودية كي يحظوا بجواز سفر اسرائيلي.
والسبب في هذا الفارق بسيط اوروبا أكثر جذبا. فهي أغنى (الناتج القومي الخام للفرد في دول مثل ألمانيا او هولندا أعلى منه في اسرائيل بـ 30 في المئة على الاقل)، أكثر راحة (فكروا بقطار في اسرائيل مقابل قطار سويسري). تضمن تقاعدا أكثر يقينا وشروطا اجتماعية محسنة بضمان الحكومة، وبالاساس آمنة أكثر.
في كل مرة تسكن فيها الجبهة في غزة أو في لبنان أتلقى اتصالات هاتفية من اصدقاء يطلبون فحص امكانية الانتقال الى السكن عندي في البيت الى أن يمر الغضب إذ أني اسكن بعيدا نسبيا عن الحدود وعندي ملجأ خاصا.
في كل مرة أعطيهم ذات الجواب: البيت مغلق، لان صاحبه سافر الى الخارج. أمني الشخصي يقف فوق المصلحة الوطنية، ودوري في القوة المقاتلة أنهيته عندما تسرحت من الخدمة الالزامية في الجيش الاسرائيلي ليس كي أعود مرة اخرى الى البزة العسكرية الحقيقية أو الافتراضية.
يشير التاريخ الاسرائيلي الى دورات من خمس سنوات هدوء بالمتوسط بين الاشتعال والاشتعال حيث أن الاشتعالات تتحول مؤخرا من حروب سريعة بقوى عالية الى عمليات عضال متواصلة تتداخل بنار صاروخية ومقذوفات. يمكن التعايش مع هذا مثلما يتعايش المرء مع مرض عضال؛ السؤال اذا كان ممكنا العيش على نحو افضل في مكان آخر. من يسكن في اسرائيل لاعتبارات ايديولوجية سيواصل على ما يبدو السكن هنا بكل ثمن. ومن جهة اخرى، فان الكثيرين الذين مثلي يوجدون هنا أساسا لان هذا هو الخيار الاكثر راحة صحيح حتى هذه اللحظة لن يبقوا اذا ما وعندما تفتح خيارات اخرى افضل بكثير. استطلاع اجري مؤخرا أظهر أن اكثر من 80 في المئة من الاسرائيليين لا يرون في اقتناء جواز سفر اجنبي عملا مناهضا للصهيونية. يمكن الجدال اذا كان مثل هذا الرأي بحد ذاته لا يزال صهيونيا، ولكن هذا لا داعي له إذ ان الصهيونية أصبحت حكاية عديمة المعنى، حين تحاول أن تحتوي في داخلها ميرتس والبيت اليهودي في آن واحد بل وربما حتى ميخائيل بن آري.
أما الحرب القادمة، التي ستقع بهذا الشكل أو ذاك في المستقبل غير البعيد، إذ أن الفجوة التي بين العناد الاسرائيلي للحفاظ على المستوطنات والاحتفاظ بالمناطق وبين التطلع الفلسطيني لتحقيق حق العودة غير قابلة للجسر، فدعها تجري بدوني. مفهوم من تلقاء ذاته أني لست مستعدا لان اضحي بحياتي من أجل قبر راحيل. ولكني حتى لست مستعدا لان اصاب بجراح طفيفة بصاروخ في تل أبيب. مسموح لي أن اعيش بسكينة، حتى لو لم تكن هذه السكينة تنسجم وتجسد الرؤيا الصهيونية.
بشكل عام، حان الوقت لان نفهم باننا نعيش في عالم عالمي، لم تعد فيه قيمة للرمز. ولاء المواطن للدولة ليس أقوى من علاقة لاعب كرة القدم المهني بفريقه. كلاهما سيغادران ما أن يحصلا عن عرض افضل من الفريق المنافس. وعليه، فينبغي ان نفكر كيف نجعل الحياة في اسرائيل أسهل وألطف وليس أكثر صهيونية وقيما.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الأردن: مسألة الهوية والسلام
إسرائيل والفلسطينيون والعنصر الأردني: التداخل الحتمي والتنسيق الضروري
بقلم: أودي ديكل وأوريت برلوف،عن نظره عليا
التقلبات في محيط الاردن الاستراتيجي الحرب الاهلية في سوريا التي أدت الى انتقال نحو مليون ونصف لاجيء الى الاردن وتواجد شبكات ارهاب جهادية اسلامية قرب حدود المملكة؛ استمرار عدم الاستقرار في العراق، الذي جلب هو أيضا قرابة نصف مليون لاجيء عراقي، استقروا في الاردن في العقد الاخير، المصاعب في المفاوضات لحل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني مما لها تأثير كبير على المزاج العام ولا سيما في الشارع الفلسطيني في الاردن هذه التطورات تثير نقاش جماهيري يقظ، يجد تعبيره في الشبكات الاجتماعية حول هوية المملكة الهاشمية.
ردود الفعل على حدث قتل القاضي الاردني/الفلسطيني على جسر اللبني من قبل جندي اسرائيلي، هي حالة اختبارية لفحص الموضوع. فعدد النشطاء في الشبكات الاجتماعي واعضاء برلمان في الاردن، معظمهم من اصل فلسطيني، قرروا استخدام الحدث كرافعة لممارسة الضغط الجماهيري والبرلماني على الملك، الضغط الذي يستهدف الغاء اتفاق السلام بين اسرائيل والاردن، طرد السفير الاسرائيلي من عمان واضافة الى ذلك العمل على تحرير احمد دقامسة، الجندي الاردني الذي قتل سبع فتيات في نهاريم في 1997.
انتظمت ثلاث استعراضات للقوة في اليوم التالي للحدث: استعراض قوة امام السفارة الاسرائيلية في عمان، وآخر لاتحاد المحامين والقضاة، والذي احرق فيه علم اسرائيل وهتف لطرد السفير، واستعراض ثالث تمثل بتصويت حجب الثقة في البرلمان الاردني حين طالبت اللجنة الفلسطينية ولجنة حقوق الانسان الغاء اتفاق السلام بين الاردن واسرائيل.
وندد الملك عبدالله الثاني بالحدث علنا، بعث بوزير الخارجية ناصر جودة الى البرلمان للتنديد ولضمان التحقيق الدقيق للحدث، قدم التعازي في منزل والد المغدور في الاردن والتقطت له صور وهو يعانق الاب. بعد نحو 24 ساعة من الحدث، قرر رئيس وزراء اسرائيل، وعلى ما يبدو بالتنسيق مع الديوان الملكي، ارسال اعتذار علني الى الملك والى الشعب الاردني على الحدث المؤسف بل والاعلان عن تشكيل لجنة تحقيق مشتركة لفحص ملابسات الحدث.
يشير الخطاب المكثف الذي ثار في الشبكات الاجتماعية في اعقاب الحدث الى ثلاثة ميول اساسية:
فوارق المناهج بين مجموعات النفوذ المختلفة في الاردن الاردنيون مقابل الفلسطينيين في مسألة الهوية والتماثل بين ‘الاردني’ وبين ‘الفلسطيني’.
فشل بارز للمعسكر الفلسطيني في الاردن وزعماء المعارضة في مساعيهم لتجنيد الرأي العام واستخدام الحدث الموضعي للتصعيد في الساحة الثنائية بين اسرائيل والاردن.
الاهمية الاستراتيجية لاتفاق السلام بين الاردن واسرائيل في نظر الجمهور الاردني.
علاقات الفلسطينيين الاردنيين: خطاب الهوية بين ‘الاردني’ وبين ‘الفلسطيني’ والتوتر بينهم. فقد بدأت الازمة في الشبكة عندما اختار النشطاء الفلسطينيون التشديد على كون القاضي المغدور فلسطيني من سكان نابلس وليس على كونه اردنياً. اضافة الى ذلك، اختاروا التلويح في أثناء المظاهرات بعلم فلسطين واستغلوا الحدث من ناحية سياسية لممارسة الضغط على الملك، لاحراجه، لاضعافه وللتهديد بتصويت حجب الثقة في البرلمان. وأدت هذه الخطوات الى رد مضاد في الشبكات الاجتماعية من جانب مواطنين اردنيين ونشطاء من اصل غير فلسطيني.
الشباب الاردني يقف الى جانب الملك. يمنح الشباب الاردني الملك التأييد في ضوء نجاحه في الحفاظ على وحدة الاردن ووقف الفوضى الاقليمية في بوابات المملكة. فالجمهور الشاب الذي شهد الثورات في الدول العربية، ليس معنيا اليوم بدفع ثمن مشابه ولهذا فليس له أي مصلحة في اضعاف الملك. أما محاولة المس بسياسة الملك، فقد أدت بالذات الى توحيد الصفوف وخلق جبهة واحدة ومعارضة فورية وقاطعة للمطالب المطروحة. وثمة حتى من أضاف وقال: ‘كلنا اردنيون، فلماذا هذه التفرقة’؟ ‘العلم الوحيد الذي يجب أن يرفع في المظاهرات هو علم الاردن’.
المطالب الثلاثة: طرد السفير الاسرائيلي من الاردن، الغاء اتفاق السلام وتحرير احمد دقامسة، لم تحظ بتأييد جماهيري واسع وبالاجماع وبالتالي فان المحاولة لاستخدام الحدث كخطوة استراتيجية ضد اسرائيل فشلت.
‘الدولة البديلة’ و ‘دولة كل مواطنيها’. توجد محافل في الشبكة تعتقد بان مواطني الاردن من اصل فلسطيني لا يتنازلون عن الهوية الوطنية الفلسطينية. ويطرح الامر ايضا حول النقاش بالنسبة لمستقبل المملكة، هل ستحافظ المملكة على طابعها الهاشمي أم ربما في ضوء كثرة الاقليات في الاردن فلسطينيين، سوريين وعراقيين يشكلون عمليا اغلبية مطلقة، سيتحول الاردن الى ما يسمى ‘الدولة البديلة’. يرى شباب الاردن في هذا السيناريو خطر للغاية على استقرار المملكة وذلك لان المجموعة الفلسطينية ستكون السائدة وستجعل الاردن دولة فلسطينية بحكم الامر الواقع. ويفهم من الخطاب في الشبكة سيناريو بديل ‘للدولة البديلة’ وهذا يسمى: ‘دولة كل مواطنيها’، يكون فيها كل مواطن في الاردن متساويا في الحقوق والواجبات، دون أفضلية لاي طائفة، قليلة او مجموعة عرقية.
علاقات الاردن ـ اسرائيل
لقد تبين نتيجة الحدث بانه توجد اليوم اغلبية في اوساط الجمهور الاردني الشاب، الذي يشارك في الشبكات، يؤيد اتفاق السلام بين الدولتين.
فليست النخبة السلطوية وحدها تفهم الاهمية الاستراتيجية والمقابل الذي يحققه الاردن جراء اتفاق السلام، بل والجيل الشاب ايضا الذي يرى في الاتفاق عنصر استقرار حيوي في هذه اللحظة. في نظر هذه الجهات، فان الاتفاق يحافظ بالذات على الالية والتوازن الداخلي في الاردن بين مواطني الاردن الفلسطينيين والاردنيين وهو حرج لبقاء المملكة. واذا كان في الماضي اعتراض على اتفاق السلام بين السكان الاردنيين واضطر الملك ووزراؤه الدفاع عن الاتفاق، فثمة اليوم اساس شرعي أوسع للاتفاق، ولهذا فان المحاولة لاستخدام الحدث الذي قتل فيه القاضي، فشلت فشلا ذريعا.
ملاحظات:
الشباب في الاردن، ولا سيما الاردنيون، يحتلون بالتدريج المكان التقليدي للقبائل البدوية في قاعدة التأييد والشرعية للمملكة الهاشية وللملك عبدالله الثاني بشكل خاص. وقد اختار الشباب أن يضعوا أنفسهم في معسكر الملك انطلاقا من الايمان بقدرتهم على التأثير على الملك واحداث الاصلاحات والتغييرات المرغوب فيها والمواجهة الناجحة لتحديات عدم الاستقرار الاقليمي دون عواصف زائدة. وفي السنة والنصف الاخيرتين نشهد انه في كل مرة حاولت فيها مراكز القوة في الاردن ممارسة الضغط على الملك، وقف النشطاء الشباب الى جانبه وسمحوا له بمواجهة الضغوط الداخلية دون أن تهز هذه المملكة.
في ميزان القوى الداخلي الاردني، يشكل الشباب الاردني اليوم قوة توازن بين مركزي القوة: فمن جهة ـ رؤساء القبائل الاردنيين، ومن جهة اخرى ـ الحركات الاسلامية ولا سيما الاخوان المسلمين. وبالتالي، فان كل أزمة داخلية مستقبلية في الاردن ستفحص أيضا عبر هذا المنشور لموقف الشباب الاردني.
اضافة الى ذلك، فاذا كان اتفاق السلام في الماضي منح الشرعية لدولة اسرائيل في المنطقة وبالمقابل تصاعدت في الاردن الاصوات والانتقادات للاتفاق واقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل، فاليوم، عندما يجتاز العالم العربي الصدمات والزعماء العرب يفقدون الشرعية لحكمهم، انقلبت الامور رأسا على عقب وبات اتفاق السلام مع اسرائيل يشكل اساسا شرعيا وعامل استقرار للمملكة الاردنية. وقد أدى هذا التطور التدريجي بالجمهور الشاب في الاردن الى ان يؤيد الحفاظ على اتفاق السلام واعتباره ذخرا استراتيجيا.
جملة التحديات التي تواجهها المملكة: التدخل الخارجية في شؤونها الداخلية؛ انتقال اللاجئين من سوريا الى الاردن؛ استخدام الاردن كمسار عبور وتمويل للجهاديين في طريقهم الى سوريا؛ الصراع بين طالبي النظام الجديد والنخب التقليدية التي تحاول الحفاظ على النظام القديم: غياب حل للنزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني؛ الازمة الاقتصادية ـ كل هذه وغيرها من العناصر تثير خطابا حول هوية الاردن المستقبلية ـ الحفاظ على المملكة الهاشمية، ‘الدولة البديلة’ أو ‘بلاد كل مواطنيها’. هذا الخطاب لا يزال في بدايته وينبغي متابعة تطوراته وآثاره.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
المثلث الفلسطيني ـ الاردني ـ الاسرائيلي
بقلم: عوديد عيران،عن نظرة عليا
الفصل الذي ضربته بريطانيا الانتدابية في 1921 بين الضفة الشرقية لنهر الاردن والمنطقة الواقعة بين النهر والبحر المتوسط لم يلغِ الصلات المختلفة، التي تواصل الارتداء والتبديل لاشكالها وفقا للتطورات السياسية. في الصلة الاردنية الفلسطينية يمكن أن نشخص فجوة هائلة بين ضم الاردن في 1950 للضفة الغربية التي تبقت بعد الحرب في 1948 تحت سيطرة الفيلق، وبين فك الارتباط التام في 1988. غير أن مصلحة الاردن في ما يجري في الطرف الغربي من نهر الاردن لم تتوقف وبشكل خاص، في كل ما يتعلق بالقدس. فالواقع الديمغرافي الذي يجعل أكثر من نصف مواطني الاردن هم من اصل فلسطيني، هو بحد ذاته يخلق الحاجة الى دور اردني ولكن موضوع القدس يمنح المملكة الهاشمية المكانة الخاصة في العالم العربي وان لم يكن بالقوة التي للسعودية بفضل كون مكة والكعبة تحت حكمها.
وقد ترجم الاردن اهتمامه العملي بالقدس في وثيقتين مركزيتين. ففي اتفاق السلام مع اسرائيل في تشرين الاول / أكتوبر 1994، حيث ورد في المادة 9 ‘… اسرائيل تحترم الدور الخاص القائم للمملكة الهاشمية الاردنية في الاماكن المقدسة الاسلامية في القدس. وعند المفاوضات على المكانة الدائمة، ستمنح اسرائيل أولوية عالية للدور الاردني التاريخي في هذه الاماكن المقدسة’. ومقابل ذلك وعلى سبيل التوازي الاردني الفلسطيني نجد الاتفاق الذي وقعه في 31 اذار 2013 الملك عبدالله الثاني بصفته ‘حامي الاماكن المقدسة’ (دون تمييز بين اسلامية ومسيحية) ومحمود عباس بصفته ‘رئيس الدولة الفلسطينية’. ففي المادة الثانية من الاتفاق، فان الملك الاردني ‘… يتعهد من الان فصاعدا ان يتمكن المسلمون من الوصول الى الاماكن المقدسة الاسلامية في القدس…’ (تعهد كهذا لم يقطع في الاتفاق للمسيحيين). وسيدير الملك الاماكن المقدسة ويحميها ويمثل المصالح المرتبطة بهذه الاماكن في المحافل الدولية. وسيشرف الملك الاردني على الاوقاف المقدسية وأملاكها حسب القانون الاردني. كما أن هذا الاتفاق منح شرعية فلسطينية للادعاء الاردني بان وصايتها على الاماكن المقدسة في القدس يعود مصدرها الى طلب فلسطيني رفعه الحاج امين الحسيني ورئيس بلدية القدس في حينه راغب النشاشيبي في اذار 1924 الى الشريف حسين (والد الملك عبدالله الاول).
في الاشهر الاخيرة اشتعلت الخواطر في الضلع الاسرائيلي الاردني في هذا المثلث في سلسلة من المواضيع أهمها قضية القدس. ويجري تبادل الحديث على المستوى البرلماني حيث أن أعضاء برلمان في الاردن دعوا الى تجميد اتفاق السلام بين الدولتين وطرد السفير الاسرائيلي (بعد الحدث الذي وقع في معبر جسر اللنبي وقتل فيه مواطن اردني) وفي الكنيست بادر النائب فايغلين الى بحث في موضوع السيادة الاسرائيلية في الحرم. وفي الحالتين عملت القيادات السياسية في الاردن وفي اسرائيل على انهاء المداولات دون قرارات كان من شأنها أن تلحق ضررا سياسيا جسيما.
وانتقل الجدال، رغم التدخل السياسي، الى المستوى الدبلوماسي ايضا عندما أطلق سفيرا اسرائيل والاردن في الايام الاخيرة تصريحات عما يجري في القدس. فالسفير الاردني، الامير زيد رعد (الذي أعلن في هذه الاثناء عن استقالته من منصبه) أعلن في 2 نيسان في مجلس الامن (الذي يشغل الاردن منصب العضو المؤقت في 2014 2015)، بان اعمال اعضاء الحكومة والكنيست من أحزاب اليمين تشكل ‘تحديا وتهديدا للاردن’. وقد احصى بين هذه الاعمال ‘الدخول الى نطاق الحرم’، ‘الحفريات غير القانونية’ وترميم جدار المسجد الاقص ‘دون تلقي الاذن من الطرف الاردني’. اما جواب السفير الاسرائيلي في رسالة الى الامين العام للامم المتحدة فقد أشار الى المادة 9 في اتفاق السلام بين اسرائيل والاردن وفصل مساعي اسرائيل في تهدئة الخواطر في نطاق الحرم.
على مستوى آخر، والذي يحظى بكشف اعلامي أقل، يطور الاردن واسرائيل منظومة علاقات تعتمد على مصالح اقتصادية مشتركة وعلى الحاجة للتصدي لاضطرارات سياسية أمنية اضيفت كنتيجة للهزة التي تعصف في المنطقة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة. فالاتفاقات في مواضيع الماء والغاز الطبيعي والذي وقعت في الاشهر الاخيرة بين اسرائيل، الاردن والشركات العاملة في هذه المجالات في الدولتين، تشير الى ميل هام والى قدرة الزعماء السياسيين في الدولتين على تمييز المصلحة السياسية عن المحاولات الاستفزازية للمس بنسيج العلاقات بينهما. وعلى المستوى الامني ايضا يتعزز التعاون بشكل خاص في ضوء التحديات الجديدة التي يخلقها الوضع في سوريا والعبء الثقيل الذي يلقيه على جهاز الامن الاردني الذي يحاول اغلاق الحدود المشتركة مع الجار الشمالي.
كما ينبغي الاشارة الى أن تجميد مسيرة المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين من شأنه ان يلقي بأثر سلبي على علاقات اسرائيل والاردن. ومثال على ذلك هو مقال من كان وزير الخارجية الاردني كامل ابو جابر في صحيفة ‘جوردن تايمز′ (28 نيسان 2014)، والذي يهاجم فيه اسرائيل بشكل لاذع في ظل استخدام اقتباسات عن كتاب ‘كفاحي’ لهتلر ويتهمها بافشال مساعي وزير الخارجية الامريكي جون كيري. يبدي النظام في الاردن حساسية تجاه التغييرات في شبكة العلاقات بين اسرائيل والفلسطينيين وغياب مسيرة سياسية بينهما وبالتأكيد اذا ما تدهور الجمود السياسي الى العنف، مما يثير القلق في عمان. ولم يخرج الاردن عن طوره عند تحقيق اتفاق مصالحة بين الفصائل الفلسطينية ورئيس وزرائه اكتفى بتصريح في التلفزيون بان بلاده تدعم الاتفاق. وتملي العلاقات المركبة بين الاردن وحركة الاخوان المسلمين ولا سيما الجناح الاردني فيها، الحذر وضبط النفس مما يجعل من غير الممكن اخفاء تفضيلات النظام الهاشمي وينبغي الافتراض بان الاردن سيواصل العمل خلف الكواليس لمساعدة ابو مازن وحركة فتح.
بسبب التطورات المرتقبة في اعقاب تجميد المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية، المسيرة السياسية الداخلية في المعسكر الفلسطيني، استمرار الصراع في سوريا والاثار المحتملة لازمة ذات أبعاد اقليمية في سياق البرنامج النووي الايراني، ستقف القيادة السياسية للاردن واسرائيل أمام تحديات صعبة وستضطر الى ابداء ضبط نفس كبير في سلوكهما المتبادل. ثمة أهمية كبيرة لجهد اسرائيلي للحفاظ على شبكة العلاقات مع القيادة السياسية العسكرية للاردن. كما أن ردود الفعل الاسرائيلية، المبررة بحد ذاتها، على عمليات وردود مختلفة من موظفين اردنيين، ينبغي أن تتخذ انطلاقا من الرؤيا الاستراتيجية لجملة المصالح الاسرائيلية الاقليمية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
دولة يهودية أو دولة اسرائيل
إسرائيل ماضية سريعا لتصبح دولة متدينة تعارض الدولة والعمل ولذلك يجب على العلمانيين أن يدافعوا عن استقلالهم
بقلم: عنار شيلو،عن هارتس
أخذت الحكومة تجهد على إثر تحذير وزير الخارجية الامريكي جون كيري، من أنه في عدم وجود حل سياسي ستصبح اسرائيل دولة فصل عنصري، في أن تحقق في سرعة قياسية نبوءته وتُثبت الفصل العنصري بسن القوانين. إن قانون القومية الذي يصاغ في هذه الايام يقسم اسرائيل الى مواطنين من النوع أ (اليهود) ومواطنين من النوع بـ(الأقليات) واشخاص شفافين، وهم النوع ج ممن ليست لهم حقوق مواطنة وحقوق اقتراع. وغاية القانون هي الغاء التعبير القديم المبتذل ‘دولة يهودية وديمقراطية’ وأن يُبين أن لليهودية الافضلية على الديمقراطية. إن قانون القومية هو مقدمة لقانون الضم فهو يُمكن من ضم مناطق دون منح سكانها حقوق مواطنة ـ وهذا هو حلم اليمين الرطب.
إن دولة اسرائيل حتى من غير قانون القومية أخذت تصبح يهودية أكثر فأكثر واسرائيلية وديمقراطية أقل فأقل. ولا تُستعمل اجهزة الاحتلال والقمع على الفلسطينيين فقط بل على مواطني اسرائيل العلمانيين ايضا.
فالاضطهاد الديني يسيطر على حياتنا في الزواج والطلاق والنقل العام وأحكام الحلال والدفن. وكل أمل في التحرر من هذه القيود يُطوى سريعا. حتى إن يوجد مستقبل الذي يعارض في ظاهر الامر الاضطهاد الديني، يتكمش في هذه المواضيع، وفضل حلفا مع البيت اليهودي على محاربة حكم الدين للدولة.
وبدل أن توجد دراسات للمواضيع الجوهرية في التربية الحريدية بُشرنا الآن بمبادرة نتنياهو الى دراسة الغمراه الالزامية في كل المدارس.
إن اليهودية الارثوذكسية لا تفرض نفسها على العلمانيين فقط بل على يهود متدينين ايضا من تيارات اخرى كالاصلاحيين، وتُحدث بذلك شعورا بالاغتراب عند طوائف يهودية في الولايات المتحدة والعالم نحو دولة اسرائيل. إن الحاخامية قد تحولت برعاية الدولة الى محتكرة مستبدة ومبتزة اموال لا تعرف الشبع. وتضطر معامل في أنحاء البلاد الى الانفاق على مراقبي الطعام الحلال. وليس الزواج المدني ممكنا في داخل الدولة خلافا لدستور كل دولة سليمة. لكن من يُقم عرسا يهوديا في غير اطار الحاخامية يخالف قوانين الدولة ويُعرض نفسه لخطر السجن سنتين.
حتى شولا زاكين تحتاج الى مراسم دينية للتحلل من النذر كي تقول الحقيقة عن ايهود اولمرت. إن نافذة فرص نادرة بصفة ائتلاف حكومي من غير حريديين أغلقها سريعا سن قوانين غير اخلاقية تزيد فقط في التمييز الواقع على العلمانيين في التجنيد للجيش الاسرائيلي والدفعات المصاحبة. ويزداد تمييز النساء والاقليات تسارعا، واذا كنت ولدا فلسطينيا فانه يجوز أن يُرمى بك من سيارة شرطية في منتصف الليل على مبعدة 15 كم عن بيتك.
أفادت أنباء في المدة الاخيرة أن اسرائيليا تزوج بامرأة من كوريا الجنوبية وبعد حياة مشتركة في كوريا هبط الاثنان في اسرائيل فطُردت المرأة فورا برغم أنها متزوجة قانونا بمواطن اسرائيلي. إن الدولة التي تعمل هكذا هي دولة لا تحاول حتى أن تغطي عنصريتها. أفربما يحسن أن يُضاف الى قانون القومية مادة تمنع الزواج المختلط من اجل طهارة العرق؟.
إن الدولة اليهودية هي نظام الابادة الذاتية لدولة اسرائيل والزمان يعمل في مصلحتها. وقد أصبح أكثر من نصف الاطفال في اسرائيل الآن يولدون لعائلات حريدية أو متدينة. ففي غضون مدة جيل أو اثنين لن يكون هنا أكثرية متدينة فقط بل أكثرية حريدية تعارض الدولة والعمل. فهل نتحول آنذاك الى دولة شريعة يهودية؟ أو نختفي في غضون مدة جيل أو اثنين عن الخريطة بصفتنا كيانا سياسيا ونبقى، اذا بقينا أصلا، طائفة جالية فقيرة جاهلة؟.
هذا هو الوقت لنقول بصوت واضح: أقانون الفصل العنصري؟ لا، شكرا، وربما يكون هذا هو الوقت ايضا بعد حرب التحرير بـ 66 سنة لنحارب عن استقلالنا ولنؤسس آخر الامر دولة اسرائيل بدل الدولة اليهودية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس