أعطوا النووي… وخذوا الأسد
بقلم: تسفي بارئيل،عن هآرتس
المضمونيتناول الكاتب الملف النووي الايراني و تبعيات الاتفاق بين ايران و الدول الكبري حول ذلك مما ينعكس على مستقبل المنطقة و الصراع الدائر في سوريا )
لولا الانتخابات، وتحديدا نتائجها، لكانت الانباء عن شطب الولايات المتحدة لحماس وحزب الله من قوائم الإرهاب قد اثارت بالتأكيد عاصفة شديدة. لا يكفي تسرع الولايات المتحدة من اجل الالتزام بتاريخ توقيع اتفاق المبادئ حول النووي، والان هي تمنح إيران وحزب الله شهادة تأهيل في تقرير المخابرات القومية السنوي (nia) والذي وقع عليه مديرها، جيمس كلافر. ذلك على الرغم من انها ليس تقديرات المخابرات لوحدها، وأيضا ففي تقرير وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغرون» فإن إيران وحزب الله يظهران كتحديات، ولكن من غير الممكن ان لا يتم الاخذ بالاعتبار حقيقة تقديرات الـ (nia) بشكل خاص في اعقاب تصريحات كلافر العلنية عن قدرة إيران على تطوير قنبلة نووية.
التفسير لهذا التغيير يكمن في التقرير نفسه، الذي يمتدح إيران على مشاركتها في الحرب ضد منظمات الإرهاب السنية، اي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ومساعدتها للدول التي تحارب من اجل وقف انتشار التنظيم، مثل العراق. فيما يتعلق بإيران، الرؤية الأمريكية تفرق بين الحرب على الإرهاب وبين المسألة النووية وبذلك فهي تلغي احدى الركائز التي تعلق عليها اسرائيل مسعى اقناعها ضد طهران. كما انه لا يعني الولايات المتحدة كثيرا اذا كانت إيران تزود العراق بصواريخ متطورة من طراز فجر ـ 5 وفاتح ـ 110، من اجل المساعدة في معركة احتلال مدينة تكريت. حيث ردت الخارجية الأمريكية في واشنطن على ذلك بالقول» اننا نتابع عملية تزويد إيران للعراق بالاسلحة».
«نتابع» هو مصطلح مرادف لـ «نعرف وموافقون». فواشنطن تعرف ان إيران ليس فقط تزود العراق بالصواريخ، بل بالتدريب، التسليح، التمويل، بالقيادة وشبكات الاتصال للجيش العراقي والميليشيات الشيعية التي تعمل تحت امرة الإيرانيين. وحتى بدون اتفاق مكتوب فإن إيران هي جزء ناشط وغير منفصل عن التحالف الدولي الذي اسسه الرئيس اوباما. فهي تقصف من الجو اهدافا لداعش في العراق بعلم من قوات التحالف ويبدو ان هناك تنسيق شامل بين الطرفين. عن طريق العراق، بين القوات الغربية وبين الإيرانية من اجل منع صدامات قتالية في سماء العراق. التعاون غير المباشر هذا هو ليس المحرم الوحيد الذي تم كسره في السنة الماضية، التي تدار فيها المفاوضات حول النووي الإيراني بموازاة التوسع لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
وجود حوار مباشر بين مندوبين إيرانيين وأمريكيين كتلك التي يجريها في سويسرة وزيري الخارجية كيري وظريف، هي امر مسلم به. كما انه لم تكن هناك قطيعة تامة بين البلدين على مدى اكثر من 35 عاما. وعلى مدار عام ونصف لم يسمع في إيران تعبير «الشيطان الاكبر»، وفي المقابل فقد اظهر استطلاع جديد ان حوالي 68 بالمئة من الأمريكيين ـ ديموقراطيون وجمهوريون بنسب متشابهة ـ يدعمون المفاوضات المباشرة حول النووي.
الشرعية التي تتمتع بها المفاوضات حول النووي هي جزء من عملية هامة تسمى في عالم الدبلوماسية العامة «كسب القلوب». في هذه العملية فإن كل جانب يدير المفاوضات ليس فقط مع خصمه بل ايضا مع مواطني بلده استعدادا لتسويق الاتفاقات المهمة او الحروب، فتفوهات صالحي التي قال بموجبها ان «90 بالمئة من المشاكل الفنية تم الاتفاق عليها وانه تبقى موضوع هام واحد فقط»، لها تأثير مشجع ايضا على مندوبي الدول الكبرى وعلى ذلك رغم وجود الفجوات، لا احد يتحدث عن كسر للقواعد او العودة للبيت، وبذلك، فإن هذه المفاوضات ليس فقط تحظى بالشرعية، بل ان إيران تحظى بمكانة مختلفة من تلك التي كانت فيها فقط قبل سنتين. فهي لم تعد بحاجة لان تثبت اكثر برغبتها الجدية بالتوصل إلى اتفاق وهي تحسب جانبا متساويا مع الطرف الاخر المفاوض. والاهم من ذلك، فإن إيران بدأ النظر اليها كدولة جذابة تنظر بذات المستوى مع الدول الغربية إلى تهديد داعش.
في هذا الاسبوع الحافل الذي جرت فيه الجولة السادسة من المفاوضات بين إيران وبين الدول العظمى، حظيت إيران بـ «تحلاية» إضافية من جانب الولايات المتحدة. ففي مقابلة مع شبكة (cbs) تم بثها يوم الاحد قال وزير الخارجية كيري انه في نهاية المطاف سوف تكون هناك حاجة للتفاوض مع الرئيس السوري، بشار الاسد، حول الحل السياسي في بلده. الا ان وزارة الخارجية سارعت لتوضيح ان كيري قصد بذلك انه سيكون هناك ضرورة لادارة مفاوضات مع ممثلين من نظام الاسد وان الاسد لن يكون شريكا مباشرا في هذه النقاشات. الا ان اقوال كيري تم تفسيرها كتشجيع لإيران من اجل اتخاذ قرارات حول المسألة النووية.
رسميا، فإن واشنطن ما زالت متمسكة بالموقف الداعي إلى ضرورة إزاحة الاسد كشرط من اجل التوصل إلى حل في سوريا، ولكن قبل اسبوع من الان اقترح السفير الأمريكي السابق في دمشق، روبرت فورد، من معارضي الاسد الشديدين، انه على الولايات المتحدة التنازل عن مطلب اقصاء الاسد كشرط مسبق للمفاضات. فهل مقال فورد في مجلة «فورين بوليسي» يعبر عن رؤية جديدة للادارة الأمريكية او على الاقل عن روح جديدة تهب في مجلس الامن الدولي؟.
اوضح دبلوماسي أمريكي لـ «هآرتس» ان الادارة الأمريكية لم تقتنع بعد ان الاتصالات مع الاسد ستساعد في الحرب ضد داعش ولكنه اكد ان «هذه الفكرة ليست مستبعدة».من القلق من تصريحات كيري هي تركيا. فقد رد رئيس الحكومة التركية احمد داوود اوغلو على اقوال كيري وقال ان المفاوضات مع اسد «مثلها مثل مصافحة هتلر او صدام حسين».
في التركيبة السياسية المعقدة، المطلوب من الولايات المتحدة ان توازن بين مواقف العربية السعودية وبين مواقف إيران، بين إعطاء الاولوية للحرب ضد داعش مع تنازلات لسوريا (وكذلك لإيران) وبين التوجه لتسوية شاملة حول النووي الإيراني، واستبعاد موقف اسرائيل. نتائج الانتخابات الاسرائيلية ترسي مرساة المواجهة بينها وبين الادراة الأمريكية. التوضيح الأمريكي الذي جاء فيه ان اوباما لن يكون مساهما اكثر في العملية السلمية الا اذا كان هناك حاجة لذلك، يدلل ليس فقط على الاحباط وغياب الامل من وقوع المعجزة في الساحة الاسرائيلية – الفلسطينية، بل هي تعبر عن إمكانية الابتعاد ايضا في الموضوع الإيراني. يبدو ان الولايات المتحدة تنازلت ليس فقط عن التنسيق الوثيق مع اسرائيل حول النووي، كما فعلت مؤخرا، بل ايضا تجاهلت التفاهمات التي تمت صياغتها بشكل غير رسمي حول الخطوط الحمراء استعدادا للاتفاق النووي.
في نفس الوقت، الشرخ بين القدس وواشنطن يعزز رؤية إيران ان الخيار العسكري ضدها لم يعد مطروحا على المائدة، على افتراض ان اسرائيل لن تعمل لوحدها. حجارة المنجنيق التي القاها نتنياهو على الاتصالات مع إيران من شأنها الان ان تنزلق على جدران مغلقة في واشنطن وان تثير ابتسامة في إيران.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
اليهود الأمريكيون نحو الابتعاد عن اسرائيل
تصريحات نتنياهو عشية الانتخابات ضد الدولة الفلسطينية وضعت رؤساء الجالية في موقف حرج
بقلم: شلومو شمير،عن معاريف
المضمونيحلل الكاتب تبعات الانتخابات الاسرائيلية على موقف يهود العالم و تحديدا في امريكا حيث ازدادت القناعة لدى يهود امريكا اليساريين منهم ان نتنياهو سوف يزيد من عزلة اسرائيل بسبب توقف عملية السلام)
«العنوان مضلل وغير دقيق. رئيس الحكومة لم يزد الانقسام بين اليهود في الولايات المتحدة»، كما كتبت «نيويورك تايمز» في صفحتها الاولى، «نتنياهو عزز تكتل الجالية في ردودها ضد التصريحات المتطرفة التي أسمعها عشية الانتخابات». هكذا ردت شخصية كبيرة في الولايات المتحدة، الذي شغل في السابق منصب رئيس لجنة الرؤساء.
التصريحين اللذين أسمعهما نتنياهو عشية الانتخابات أثارا عاصفة في الجالية وتبعتهما ردود قاسية واستياء بدرجة وقوة غير مألوفة. «في اوساط اليهود الصقور فان نجاح نتنياهو أثار التصفيق»، كتبت «نيويورك تايمز»، «لكن من الحديث مع حاخامات واكاديميين ويهود من أرجاء الولايات المتحدة يتضح أنه نجح في عزل وإبعاد حتى اوساط محافظة كانت تشك منذ فترة بأنه يهتم بالبناء في المستوطنات أكثر من اهتمامه في صنع السلام مع الفلسطينيين». نجاحه الساحق في الانتخابات والتيقن من أنه سيقف على رأس الحكومة القادمة عززا الردود في اوساط الجالية اليهودية في أعقاب تصريحاته ضد العرب في اسرائيل وتعهده بأنه اذا انتخب فلن تقوم دولة فلسطينية. ليس فقط البيت الابيض عبر عن شكوكه تجاه تصريحات نتنياهو واعتذاره الظاهري. «الاغلبية عندنا لا تصدق التبريرات التي قدمها نتنياهو لتصريحه حول تخليه عن فكرة الدولتين لشعبين»، قال أمس لصحيفة «معاريف»، سيمور رايخ، محامي مشهور في نيويورك ونشيط في الجالية، وتولى في السابق رئاسة منظمات يهودية كبيرة وشغل منصب رئيس لجنة الرؤساء اليهود. «أغلبيتنا لا تقبل اعتذاره عن اقواله ضد العرب في اسرائيل. أنا أصدق أكثر تصريحاته الأصلية، وحسب رأيي هي تعبر عن رأيه الحقيقي.
«هذه مأساة. سيصعب على الجالية اليهودية في الولايات المتحدة دعم اسرائيل. الجالية ستفقد الجيل الشاب، وستجد اسرائيل نفسها في المستقبل القريب معزولة أكثر فأكثر».
اقوال مشابهة سُمعت من شخصيات يهودية كبيرة مثل أريك يوفا، الذي كان رئيسا للحركة الاصلاحية ونشيطا في الجالية قال: «يجب على نتنياهو الاعتذار بشكل علني أمام العرب في اسرائيل وأن يقول بصورة صريحة إن ذلك التصريح كان خطأ، وعليه أن يعلن بأنه يؤمن بالديمقراطية وبالدولة اليهودية الديمقراطية لأن هذا جوهر الصهيونية. نحن الآن في لحظة حاسمة فيما يتعلق بالعلاقات بين اسرائيل والجالية. اسرائيل تحتاج دعم الجالية اليهودية الامريكية، واذا لم يستيقظ نتنياهو ويوضح بصورة علنية وقاطعة أنه اخطأ فبعد ثلاثة أو اربعة اشهر ستدفع اسرائيل ثمنا باهظا».
ما يجب أن يشعل الضوء الاحمر في قمة القيادة في اسرائيل هو حقيقة أنه في اوساط شخصيات يهودية كبيرة تعتبر جزءً من المؤسسة اليهودية المنظمة، لوحظ في الآونة الاخيرة تصدعات تزداد اتساعا في جدار الدعم المؤمن والاخلاص التلقائي الذي ميز هذه الشخصيات. لجنة الرؤساء اليهود نشرت في نهاية الاسبوع تصريحا صحافيا جاء فيه «اللجنة تبارك التوضيح الذي قدمه رئيس الحكومة بشأن الدولتين لشعبين». لكن اللجنة لم تنشر اعلان تهنئة لانتصار نتنياهو كما اعتادت بعض المنظمات اليهودية.
مدير عام لجنة الرؤساء، ملكولم هونلاين، لم يستجب لمن طالبه بالرد. التوضيح المقبول هو أن اعلانات المنظمة العليا يجب أن يحظى بموافقة شاملة للمنظمات الاعضاء في اللجنة، ويبدو أنه لم يتم الحصول على الموافقة الشاملة من رؤساء المنظمات لتهنئة نتنياهو على الانتصار. لكن كانت هناك موافقة بأن توضيحه لتصريحه ضد الدولة الفلسطينية هو على الأقل خطوة ايجابية أمام البيت الابيض. رئيس منظمة يهودية كبيرة اعترف في محادثة معه أول أمس أنه رغم أن منظمته نشرت اعلان تهنئة لرئيس الحكومة إلا أنه غير راض عن استمرار نتنياهو في تولي رئاسة الحكومة. «لم يفعل شيئا خلال السنوات الستة الاخيرة»، قال.
الردود القاسية ضد تصريحات نتنياهو لا تعبر فقط عن نقص الثقة به في اوساط اغلبية الجالية ـ وهي ظاهرة جاءت بشكل كبير نتيجة التجاهل المستمر لرئيس الحكومة للجالية والذي تم التعبير عنه اثناء زياراته المتعددة في الولايات المتحدة التي يظهر في جدول اعمالها الخطاب في «ايباك» واللقاء مع الداعمين، لكن ليس فيها لقاءات مع حاخامات ومُربين ونشطاء محليين.
في اوساط جزء كبير من الجالية يسود في الاسابيع الاخيرة شعور أنه حان الوقت لاجراء تغيير في القيادة السياسية في اسرائيل. يهود كثيرون لم يعجبهم أداء الحكومة ولا سيما جمود المسيرة السياسية. في محادثات مع زعماء يهود يمكن ملاحظة خيبة أمل من فشل المعسكر الصهيوني، وأكثر من ذلك القلق من توقع تشكيل حكومة يمينية دينية. «نتنياهو سيعطي الآن للاحزاب الدينية اموال وامور اخرى سيطلبونها، وستزداد وتتعاظم سيطرة المؤسسة الحريدية على جهاز الحياة الديني»، قال يوفا.
زعماء في الجالية لا يغفرون لنتنياهو تصرفه تجاه البيت الابيض والرئيس اوباما. هم يوافقون على أنه ايضا كان للردود القاسية للبيت الابيض على رئيس الحكومة والتصرف غير الودي للرئيس، كان لها دور في الجو العكر بين الرجلين. لكن حسب اقوالهم فانه لم يتصرف رئيس حكومة في تاريخ اسرائيل باستخفاف واضح وبتعالٍ كما تصرف نتنياهو ازاء البيت الابيض والرئيس.
القلق الذي تم التعبير عنه في كل اللقاءات مع يهود في الايام الاخيرة يتمثل في أن تصرف نتنياهو المستفز وحكومة يمينية دينية متوقعة في اسرائيل ستُسرع وتزيد الابتعاد عن اسرائيل ـ وهي عملية لوحظت في السنوات الاخيرة في اوساط اجزاء كبيرة من يهود الولايات المتحدة وخصوصا في اوساط الشباب.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
سر نتنياهو
اليسار وعد الناخبين بتغيير محرك دولة إسرائيلولكن معظمهم لم يرغبوا بالتحول الاقتصادي
بقلم: سيفر بلوتسكر،عن يديعوت
المضمونيصف الكاتب ان السياسة الاقتصادية التي اتبعها الليكود ساعدت كثيرا في تقليص التضخم وتحسين الوضع الاقتصادي للاسرائيليين مما ساهم في نجاحهم بالانتخابات التي جرت مؤخرا.)
لن يكون صعبا على المؤرخ السياسي في المستقبل أن يحلل ويفسر نتائج الانتخابات في اسرائيل 2015: فهو سيتوجه إلى الحقائق. وسيتعرف من الاحصاءات على أنه في السنوات الستة لولاية الحكومتين برئاسة الليكود تحسن الوضع الاقتصادي للاسرائيليين. فقد اختفى التضخم المالي، تقلصت البطالة وارتفع بمعدل واضح مستوى معيشة اقتصاد العائلات، حتى في العشريات الدنيا.
وهذه هي المعطيات التي ستكون تحت تصرفه: في 2009 كانت هناك سيارة واحدة لكل عائلة ثانية في العشرية الرابعة، في 2013 قفزت الملكية على السيارات الخاصة إلى 61 في المئة من العائلات في ذات العشرية (دخل شهري متوسط بنحو 9 الاف شيكل للعائلة). في 2009 كان لدى 66 في المئة من العائلات في العشرية الرابعة هاتفان متنقلان، اما في 2013 فكان هذا لـ 72 في المئة. أجهزة تكييف الهواء كانت في 2009 في شقق 74 في المئة من العائلات من العشرية الرابعة ـ وصارت في 86.5 في المئة من شققهم في 2013. واخيرا فان نصيب العشرية الرابعة من كعكة المداخيل الصافية لكل العائلات ارتفع من 6.4 في المئة إلى 7 في المئة.
وحتى الوضع الاقتصادي للعشرية الدنيا، كما سيكتشف الباحث في المجتمع الاسرائيلي، قد تحسن: من 2009 حتى 2013 اتسع نصيبها في كعكة المداخيل من 2.4 في المئة إلى 2.7 في المئة. معدل العائلات الفقيرة مع سيارات ارتفع من 24.5 في المئة إلى 31.5 في المئة، مع هاتفين متنقلين ارتفع من 50 في المئة إلى 58 في المئة، ومع تكييف للهواء في الشقة ارتفع من 42.4 في المئة إلى 62.5 في المئة. اوه، اوه، سيقول لنفسه الباحث، هذا زخم مثير للانطباع في مستوى المعيشة.
ومن مصادر احصائية اخرى سيتلقى المؤرخ معطيات عن استثمار كبير في البنى التحتية تربط بين بلدات المحيط ووسط البلاد وعن ارتفاع حاد في قيمة املاك الجمهور الذي يسكن هناك. ومن كل هذا سيستنتج الاستخلاص الوحيد اللازم: الاسرائيليون صوتوا في صالح استمرار ولاية حكومة برئاسة نتنياهو لاسباب اقتصادية. يمكن ان يتذكر شعار الانتخابات الشهير والمظفر للحزب المحافظ البريطاني في 1959: «لم يسبق أن كان لكم خير كهذا».
بالمقابل، سيجد المؤرخ صعوبة في فهم لغز الخطاب الذي نشأ في اسرائيل بعد الانتخابات، الخطاب المحمل بمحاولات شرح نتائجها بكل عامل آخر غير الاقتصادي ـ المستند إلى الحقائق. وسيفاجأ في أن يقرأ بان اليسار والوسط خسرا الانتخابات لان وضع الناخبين موضوعا لم يكن أسوأ أبدا. ولكنهم، الناخبين، إما كذبوا على أنفسهم، أو صوتوا من البطن، او استسلموا للتحريض القومي المتطرف، أو ساروا كالقطيع الطائع خلف المشاعر الطائفية، او ارادوا معاقبة حزب العمل الذي لم يكن في الحكم 15 سنة أو أردوا تلقين درس لـ «دولة تل ابيب» ـ واغلب الظن لكل هذه الدوافع غير العقلانية معا. وفقط ليس لانهم كناخبين عقلانيين تماما ارادوا أن يضمنوا حكم الليكود بشكل عام وحكم رئيس الوزراء بشكل خاص، لان هؤلاء أحسنوا لهم اقتصاديا.
وسيسأل نفسه مؤرخ السياسة الاسرائيلية (وانا ايضا اسأل الان) لماذا يتعين علي أن الجأ إلى نظريات المؤامرة عن «الطغمة الحاكمة»، نظريات ما بعد الماركسية عن «الوعي الزائف»، أو نظريات ما بعد الحداثة عن «سياسة الهويات»، عندما تتحدث الحقائق عن نفسها بصوت واضح وجلي؟ اليسار وعد الناخبين «بتحول»: تغيير محرك دولة اسرائيل. ولكن معظم الناخبين لم يرغبوا بالتحول الاقتصادي ولا بمحرك جديد للدولة. فهم راضون عما يوجد ومستعدون لان يكتفوا بتصليحات لهيكل السيارة وطلائها. وحتى حزب كلنا لموشيه كحلون بدا له ثوريا اكثر مما ينبغي. فليكن وزيرا، ولكن لدى بيبي.
حان الوقت لان تكف احزاب المعارضة عن اتهام الناخبين بهزيمتها وبتدأ باتهام نفسها ولا سيما تركيزها المغلوط على الموضوع الاقتصادي. وبدلا من الصراخ «الوضع سيء/سيء»، كان يمكن لليسار ان يقول الحقيقة للجمهور: «صحيح ان الان الحال جيد لكم، ولن سياسة نتنياهو حيال الفلسطينيين تؤدي بالضرورة إلى قيام دولة ثنائية القومية، سيكون الحال فيها عليكم وعلينا سيئا، سيئا جدا. مخيفا حقا»..
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
انتصار الخوف والكراهية
لقد كان التخويف هو المنتوج الذي سوقه نتنياهو للجمهور الإسرائيلي لكي يفوز
بقلم: جدعون ليفي،عن هآرتس
المضمونيصف الكاتب اليساري جدعون ليفي ما تم في الانتخابات الاسرائيلية بانه استفتاء على الخوف و الكراهية التي يحركهما نتنياهو كوكيل شرعي لهما)
لقد قال الشعب كلمته ـ ليس من المناسب نقاش ذلك ـ وكلمته حركها أمرين اساسيين حساسين: الخوف والكراهية اللذين يرتبط الواحد منهما بالآخر.
بنيامين نتنياهو هو الوكيل الشرعي والناشر الوحيد لكليهما ـ هو يفهم بالتسويق ـ لأنه طوال سنوات حكمه ذهب من بيت إلى بيت وباع للاسرائيليين هذين المنتوجين المطلوبين، انتاج السنة، حتى تحولا تقريبا إلى الوحيدين في السوق. سواء كان يؤمن فيهما أو كان يسوقهما باستخفاف، فقد قام في هذه الحملة الانتخابية بتسويقهما فقط. وحتى في يوم الانتخابات قام بذلك بواسطة تعبيره السافل عن «الحافلات الناقلة للعرب»، والذي ربما جلب له مقاعد أكثر ـ ولكنه جلب لنا تحريضا أكثر.
اعتاد السياسيون أن يؤسسوا الحكم على نشر الأمل، ليس في اسرائيل فقط. هنا الأمل هو أمر مهمل والتخويف هو المؤكد.
نتنياهو ليس الحاكم الاول والاخير الذي يقيم حكمه على نشر الخوف والكراهية، لكنه الوحيد الذي يقوم بذلك بهذا القدر، ايضا في حكم يعتبر ديمقراطي.
لا نريد نقاش النجاح: لقد نجح ذلك. صحيح أنه وقف قبالته مرشح رمادي، وصحيح أن نتنياهو حطم معسكره، لكنه في نهاية المطاف نجح. شكرا للفائز.
إن انتخابه كشف الصورة الحديثة لاسرائيل 2015. فقط مستوى عالٍ من الخوف والكراهية بامكانه تفسير نجاح نتنياهو، رئيس حكومة فاشل جدا وغير محبوب بصورة خاصة، اسرائيله خائفة، تخاف من العرب والإيرانيين والافارقة واليساريين. داعش وحزب الله وحماس وعباس، هذه اسماء ملاحقة. وتخاف ايضا من اللاساميين والاوروبيين والمسلمين، وفي الحقيقة تخاف من كل العالم، لهذا هي تكرهه. هكذا علمها نتنياهو، مع مضاربات المخاوف والكراهية الكبيرة ـ الإعلام الجماهيري. طوال سنوات علمت وسائل الإعلام مستهلكيها لغة التهديدات والمخاطر، المخاوف والخوف، والآن جزء منها يستغرب وحتى حزين على نجاح نتنياهو.
المنتوج ثار على منتجه. وسائل الإعلام هي التي تزرع بذور النكبات، لقد أخافت الاسرائيليين من كل شخص حاف في غزة ومن كل إمام في لندن، ومن كل ماكث فلسطيني غير شرعي، ومن كل طالب لجوء افريقي في المحطة المركزية.
عندما يصبح كل نفق تهديد وجودي وكل جهاز طرد مركزي كارثة، نحتاج إلى نتنياهو. وعندما يكون محظور المس بميزانية الامن، غواصاته وطائراته المفترضة، من الواضح أن هناك مخاطر مهددة كامنة لنا ـ يجب على شخص ما الوقوف أمامها، ومن إن لم يكن نتنياهو، المايسترو لاوركسترا التخويف، يستطيع القيام بذلك. هو الذي يلقي الحجارة على النوافذ وبعد ذلك يحضر من يصلح الزجاج. دولة عظمى اقليمية، لا يوجد سلاح في العالم غير موجود لديها، تُحرك بمخاوف وجودية، معظمها ليس له اساس أو مبالغ فيه فقط لأن هناك من يغذيها في وعي الجمهور المغسول عقله. حليفة الدولة العظمى الوحيدة في العالم ـ احيانا ليس واضحا من هي الدولة الراعية من بينهما ـ تبول في فراشها ليلا. أنقذونا، جميعهم يريدون القاءها في البحر. ماذا تبقى؟ علينا أن نخاف ونكره.
هذه هي النتيجة: اسرائيل في هذه الانتخابات ظهرت كاسرائيل الاكثر يمينية وقومية في تاريخها. يفضل أن نعترف بذلك. روفين أدلر يستطيع أن يتهم بقدر ما يستطيع المواجهة المرتجلة في التلفزيون، لكن هذه مبررات المستشارين. لزبونه لم يكن احتمال، لقد حاول بث الأمل، حتى لو كان متخيلا، في مجتمع تسيطر عليه المخاوف والكراهية.
الآن دولة اسرائيل تستحق حكومة على شاكلتها: أكثر يمينية، دينية وقومية. فقط تستطيع ان تحرك الاسرائيليين الذين انتخبوها: ان تنشر مخاوف اخرى وتزيد الكراهية. ان حافلات العرب بتمويل جمعيات اليسار في الطريق الينا ـ هناك من هو ملزم بوقفها قبل ان تحل بنا كارثة اخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ


يتناول الكاتب الملف النووي الايراني و تبعيات الاتفاق بين ايران و الدول الكبري حول ذلك مما ينعكس على مستقبل المنطقة و الصراع الدائر في سوريا )
رد مع اقتباس