اقلام واراء محلي
ابرز ما جاء في هذا الملف:
اطلبولي 101 دخيل الله
بقلم: د. ناصر اللحام – وكالة معا
هل الحكومة فقط وزير المالية.؟
بقلم: م.طارق ابو الفيلات – وكالة معا
جلطة سلطوية ؟
بقلم: حسن البطل – جريدة الايام
فلسطين أولى بدماء أهلها...
بقلم: طلال عوكل –جريدة الايام
الكونفدرالية البغيضة
بقلم : حمادة فراعنة – جريدة الايام
ارفعوا أيديكم عن مخيماتنا في سورية
بقلم: د. عبد المجيد سويلم – جريدة الايام
محنة «اليرموك» ومعالجات معيبة
بقلم: عدلي صادق – جريدة الايام
الفلسطينيون وتداعيات الخطيئة الأولى !!!
بقلم: يحيى رباح – جريدة الحياة
رهن المصالحة الفلسطينية!
بقلم: موفق مطر – جريدة الحياة
الرئيس ابومازن .. رجل دولة دولي محترف ومهني
بقلم: الدكتور عيسى ابوزهيرة – جريدة القدس
أوروبا والدور المطلوب لمواجهة التوسع الاستيطاني
بقلم: حديث القدس – جريدة القدس
اطلبولي 101 دخيل الله
بقلم: د. ناصر اللحام – وكالة معا
لا يبدو ان حال الامة بخير، فلا كانت بخير ايام القوميين والماركسيين والبروليتاريا الرثة، ولا هي بخير ايام الاخوان واصحاب الغاز والكاز في الثورات العربية الراهنة، ولا يزال المواطن هو الوجبة المفضلة على مائدة السياسيين، كما ان هيبة الحكم ولّت الى غير عودة، ولا يمكن اصلاح البلاد الا من خلال الاتفاق الوطني على اساس ان حزب واحد لا يمكن ان يحكم اي بلد وان على الجميع التقاسم النسبي والوظيفي في ذلك.
في المجتمع
ورد العقاب والثواب في جميع الكتب السماوية والفلسفات الارضية ومعاجم الحكمة، فلا يجوز ان يستوي الناس جميعا، وحين يقال إن الناس متساوون فلا يقصد انهم متشابهون، وانما المقصود انه يحق لهم نفس الفرصة .. اما دون ذلك فلا يمكن مساواة الصالح بالطالح، والباني بالهادم، والمذل للمخس، والبطل بالجبان، والكريم بالبخيل، والمقدس بالمدنّس.
وفي العالم العربي لا يوجد عقاب ولا ثواب، فلا يجازى العلماء خيرا، ولا تجد ان من يقطع الاشارة وهي حمراء يتعرض لاية عقوبة .. وعلى العكس فقد يحصل الفاشل الفاسد الفاسق الغاصب على امتيازات اكبر من تلك التي يحصل عليها المجتهد الملتزم القانع، ولذلك لا غرو اننا في اسفل الهرم الغذائي للطغاة وسنبقى كذلك حتى نفرق بين المواطن الصالح وبين المواطن العاق المخرّب لانجازات الامة.
في السياسة
نتنياهو لا يقوم بالتمثيل او الادعاء وانما هو مقتنع جدا من ناحية ايديولوجية وحتى اجتماعية انه لن ينسحب من الضفة الغربية طالما هو في الحكم، وقد ترددت اسرائيل ان تعلن ضم الضفة وتهدم السلطة ردا على الامم المتحدة وفي النهاية قررت الاستيطان بهذا الشكل وعدم المجاهرة بطرد ابو مازن حيث ان نتنياهو مقتنع انه لن يسمح بإقامة دولة غربي النهر ولن يترك غور الاردن بل شرع في اقامة مخطط كامل للاستيطان هناك ولذلك يخلي حقول الالغام ونتنياهو يريد فعلا ايصال رسالة للقيادة الفلسطينية ان تكتفي بمناطق الف "أ" الى اشعار اخر مقابل تسهيلات شكلية للسلطة وتنسيق امني اما مناطق سي "ج" هي مناطق العمل الاستيطاني في العشرين سنة القادمة وصولا الى الضم غير المعلن، ولا يزال الاسرائيليون يراهنون على تأييد امريكي كامل لكل خطواتهم ولن يزعجهم سوى امر واحد، والحل هو الرد على الرطل برطل ونصف، وعلينا اعلان سحب المبادرة العربية فورا ليعود كل شيئ الى نقطة البداية من جديد.
ابراج
العام 2013 يحمل في بطنه جميع انواع السيناريوهات، وامامنا مفترق طرق علينا ان نضع دائرة حول الاجابة الصحيحة، ومن يقرأ تصريحات المسؤولين والصحافة الفلسطينية يعتقد اننا مخيّرون بين الكونفدرالية او ضم الضفة لاسرائيل او اقامة دولة حرة مستقلة !!!
وفي الحقيقة ليس امامنا سوى ان نجعل من 2013 عام الانجازات السياسية، وان نحذو حذو تجربة جنوب افريقيا في اللاعنف وبأٌقل خسائر ميدانية وان لا نسمح بعودة الاحتلال لاجتياح مدن الضفة او تدمير قطاع غزة.
الوحدة الوطنية
من خلال معلوماتي كصحافي انصح المواطن الا يصدّق ان هناك وحدة وطنية حقيقية بين فتح وحماس الا اذا سمع في الاخبار انه تم الاتفاق على حكومة وحدة مهمتها تحديد موعد الانتخابات القادمة، وما دون ذلك فان كل ما يسمعه مجرّد مسكّنات، الهدف منها تضليل الجمهور لاطول فترة ممكنة.
الحكومة والراتب
الحمد لله صاحب النعم، لدينا حكومتان تملئان الدنيا صراخا، ومن يسمع تصريحات الحكومة هنا او في غزة يعتقد انها حكومة ترقد على مليارات الدولارات وكارتيلات الصناعة، ولكننا نعلم جميعا ان الحكومتين تشحدان الملح، ولو ان سلام فياض لا يصرف ميزانية غزة كل شهر فإن شبكة الامان الاجتماعي في غزة ستنهار فورا، ولو ان امريكا ومن لف لفها لا تصرف ميزانية حكومة رام الله ( ويشمل حكومة غزة ) كل شهر لانهار المجتمع في الضفة، والجميل في الامر اننا اقنعنا أنفسنا ان جامعة الدول العربية تريد منح السلطة شبكة امان ضد امريكا واسرائيل.
وبصراحة الامر يدعو للضحك، لا بل يدعو للبكاء، بل يدعو للالم الشديد في البطن، جامعة الدول العربية ودول الخليج يريدون منح فلسطين شبكة امان مالي ضد امريكا واسرائيل، والله كبيرة .... اطلبولي 101 دخيل الله.
هل الحكومة فقط وزير المالية.؟
بقلم: م.طارق ابو الفيلات – وكالة معا
التواصل بيننا كشعب وبين الحكومة هذه الايام اشعره منحصر بإطلالة شهرية لوزير المالية يعلن فيها انه وبناء على ما تعلمون من ظروف وما تعلمون من ضغوطات وما تحفظون من تنكر عربي للوعود اضافة لما حفظتم من قرصنة الاعداء ونظرا لقلة حيلة السلطة وقله ما في اليد وعملا بمبدأ العين بصيرة واليد قصيرة نعلمكم يا شعبنا الصامد ان الرواتب في علم الغيب وليس المسئول عنها بأعلم من السائل والله من وراء القصد,ويختفي وزير المالية .
وزير المالية الحالي اشبهه بأخر ملوك غرناطة سقطت في عهدة الدولة مع ان الانهيار بدا قبله بعقود والسياسات الاقتصاديه والمالية لم يكن وزير المالية الحالي من رسم خطوطها وحدد ابجدياتها وقرر اولوياتها فهو ورث هذا الهم والله المستعان.
بقية الوزراء في هذه الازمة نشعرهم مواطنون عاديون وإذا تجرأت وسالت احدهم يبادرك فيقول أنا ايضا لم اقبض راتبي ويظن بذلك انه اصبح خارج دائرة السؤال.
أنا مواطن اعلم ان الحكومة حاكمة وانها جسم واحد مسؤولية واحدة سياسة عليا واحدة وإذا حصل خلل في الرواتب لا بد من وضع خطط حكومية بديلة لان الحكومة فيها وزراء اخرون غير وزير المالية.
أتمنى ان يطل علينا وزير الاقتصاد فيخبرنا في ظل انقطاع الرواتب كيف ندبر اقتصاد بيوتنا؟
ووزير التربية والتعليم يخبرنا كيف ندبر التبرعات الإجبارية للمدارس اضافة إلى سيل الطلبات للنشاطات اللامنهجيه؟
وحبذا لو تفضل وزير التعليم العالي وشرح لنا كيفية التسجيل في الجامعات بدون رسوم وبدون قروض؟
ولا باس لو تدخل وزير الاقتصاد لدى المحلات والبقالات للاستمرار في صرف التموين لأطفالنا؟
ووزير الصحة ليته يعلمنا ماذا نفعل اذا انتظرنا في الطابور اياما بل اشهر ليصدمنا احد ملائكة الرحمة بان لا طبيب ولا دواء ولا عمليات واللي مش عاجية يشوف مشفى خاص؟
ووزير الحكم المحلي يخبرني كيف ارخص بيتا من غرفتين لأحصل على اشتراك كهرباء مسبق الدفع وبالمرة كيف اشحن هذا العداد في فصل الشتاء بالذات؟
وزير المواصلات هل ابتكر وسيلة مجانية لمن لا يملك اجرة المواصلات؟
احد العباقرة اقترح تقنين ايام العمل لتوفير اجرة النقل على المعلمين لكنه نسي ان يخبرنا كيف يقنن المعلم والموظف وجبات الطعام لاطفاله هل يكفي ان نأكل ثلاثة ايام اسبوعيا ونصوم اثنين وخميس والجمعة ناكل في الاعراس؟
اكثر الاقتراحات استفزازا هو ما سمعته عبر اثير راديو الحرية صباح اليوم هو ان نزيد مصروف ابنائنا ليتقاسموها مع المعلمين,ولا املك إلا ان ابحث في مفردات اللغة عن كلمات تصلح للتعبير عن الاسف وأقدم باسم كل فلسطيني الاعتذار للمعلمين لان فلسطينيا فكر بهذه الطريقة.
انا اعرف ان ايا من الوزراء الذين ذكرتهم لن يتعاطى مع هذا الطرح وان احدا منهم ولو رغب لن يتمكن من ارشادنا لكيفية التعامل مع الحياة بدون رواتب ولا استغرب صمتهم وقلة ما في يدهم تجاه هذا الواقع لكنني استغرب ان الحكومة مع كل هذا العجز تتوقع مني ان اجد حلولا لكل هذه المشاكل وتكتفي بالقول :لا موعد محدد لصرف الرواتب.
اختم فأقول انني لست موظفا لكن السياسات الاقتصادية للحكومة وبالذات في التخلي عن الصناعة الوطنية والتعامي عن طغيان المستوردات وتحويلنا من امه منتجة صانعة الى امه مستهلكة تحول كل ما يتوفر من مال الى الصين جعل الرواتب هي دماء الاقتصاد ووحدها مصدر السيولة في حياتنا الاقتصادية فان انقطع الراتب توقف قلب الاقتصاد عن النبض ببساطة لان قلب اقتصادنا منتج صيني رديء.
لو كانت صناعتنا تحظى بالدعم والحماية لمال بعضنا على بعض ولصمدنا امام كل انواع الحصار,لكن الحكومة تخلت عنا من اجل تحصيل سريع من بيان جمركي مزور لحاوية من بضائع الصين وسمحت ان نقول كله صيني.
عذرا لإقحامي الصناعة الوطنية في كل سجال لكن رحم الله اياما كان اخر ما ينتظره السوق الفلسطيني هو رواتب الموظفين,لكن دوام الحال من المحال .
جلطة سلطوية ؟
بقلم: حسن البطل – جريدة الايام
برنامج "وزارات" واحد من برامج تسهيلات الاستهلاك لخدمة المشتركين في الهاتف النقال، إلى برامج لرجال الأمن، والطلبة والعموم.. إلخ!
شركتا الهاتف النقال تتنافسان، والمستهلك يستهلك أكثر خدمات التسهيلات الترويجية الذكية هذه.. لكن كل تسهيلات خدمية واستهلاكية ذات صلة بـ "سلسلة" تذكّركم بالسلسلة الغذائية.. وبالمعكوس طبعاً.
.. ومن ثم، بدت شوارع رام الله، مساء أمس، خفيفة الحركة. لماذا؟ حوالي 30% من سكانها موظفون سلطويون، وهؤلاء رحلوا إلى قراهم في إجازة إضراب أربعة أيام احتجاجاً على تأخر الرواتب، وربما 30% آخرون لزموا بيوتهم.
"الحركة بركة" والحركة خفيفة الآن، ويكفي لتفسيرها ما ذكره، ذات مرة زميلي الغزّي توفيق وصفي: راتب الحكومة المقالة لا يحرّك السوق، لكن راتب حكومة رام الله يحرّكها.. وهذه هي "سلسلة حركة" مثل ناقل السرعة في السيارة وذات صلة بـ "السلسلة الغذائية".
عندما عنونت عموداً ساخراً: "ما في رواتب؟ كلوا الزبيب" انتقدني الموظفون المضربون لأنني بسّطت المسألة العويصة. حسناً، دعنا من "السلسلة الغذائية" و"سلسلة الحركة" إلى سلسلة طبّية.
إذا أصيبت ساقك بجلطة خفيفة متكررة، فاحذر أن تصاب لاحقاً بجلطة قلبية أو دماغية "تودّيك في داهية"، أو تشلّ "سلسلة الحركة" للجملة العصبية في جسمك.
الحال أن أزمة الرواتب تشكل، إلى الآن، جلطات متكررة في ساقي الأداء الإداري للحكومة الفلسطينية (للسلطة أو النظام إن شئتم)، علماً أن تقارير دولية ما قبل أزمة 2011 المالية أشادت باستعداد مؤسسات الإدارة الفلسطينية لتشيل على كاهليها مهام دولة!
قبل الأزمة، وعدنا فياض بالاستغناء التدريجي عن منح دعم ميزانية السلطة، وفي المقابل تحسين الجباية، وتطويع "ثقافة عدم الدفع"!
الأزمة كانت انتكاسة؛ والانتكاسة لها علاقة بالتصويت الدولي على الدولة، وبخردقة "شبكة الحماية" العربية، ومن ثم بالجلطة المتكررة في سيقان الأداء الإداري والمؤسساتي للسلطة. تذكّروا "سلسلة غذائية" وحركية.. واقتصادية.. وربما اجتماعية إلخ!
مع هذا، تكيلون السباب للسلطة، سياسياً ومالياً وأمنياً.. وربما انتخابياً إن لم تنتظم الرواتب، دون أن يتذكر الجمهور مسؤوليته الجزئية.
مثلاً: كيف يمكن تحسين الجباية في حالة "جلطات" الرواتب؟ أقصد، مثلاً، جباية فواتير الماء والكهرباء، علماً أن ثقافة عدم الدفع أطلّت برأسها مع كل أزمة رواتب.
إن توزيع عبء الجباية غير عادل على المستهلكين، لأن بعض المخيمات تتدفّأ وتطبخ على الكهرباء، وتترك النوافذ مفتوحة في برد الشتاء.. ولا تدفع فاتورة الكهرباء، لأن "حق العودة" مقدس، وأما حقوق الحكومة في الجباية فمهضومة. لا تشتموني فأنا لاجئ مثلكم ولكنني مواطن أولاً.
أيضاً، يعتبر موظفو السلطة في غزة، وهم 70 ألفاً، أن بدل زيادة المواصلات (300ـ1200 شيكل لكل واحد شهرياً) صار حقاً مكتسباً، حتى وهم قعود في بيوتهم، ومعظمهم يدعي أنه يسكن رفح وهو يسكن غزة. هذه الحالة موجودة لدى موظفي الضفة، أيضاً، والشاطر بشطارته. احلبوا فياض!
بعض الموظفين لا يرى حاجة ملحّة لتسديد السلطة ديونها إلى "المورّدين" لكن المسألة ليست بهذه البساطة، لأن المورّدين سيتوقفون عن التعامل مع مالية السلطة، أو يصرفون بعض الموظفين لديهم.. فتزداد البطالة "ضغثاً على إبالة".
اسمحوا لي أن أضرب مثلاً: تقوم مؤسسة "الأيام" بطباعة الكتب المدرسية بناءً على مناقصة تجارية محضة. مع أزمة الرواتب قلّلت السلطة من واجباتها إزاء المورّدين" وارتفعت ديونها لمؤسسة "الأيام" حتى 40 مليون شيكل ذات فترة.
المؤسسة اضطرت للتقشف وخفض رواتب موظفيها نسبة 10% مدة ستة شهور وتجميد عقود البعض، أيضاً.. وهذا يؤثر على "السلسلة الغذائية" والحركية و"الحركة بركة".. وبسبب جلطات خفيفة، أيضاً. حسموا على محسوبكم 600 شيكل لمدة ستة شهور!
أعرف واحداً من أسباب شدة "جلطة" الرواتب، وهو أن الموظف صار ملزماً بفواتير البنوك لشراء سيارة وبيت، وهناك طفرة في هذا الموضوع مع التسهيلات ووفرة الشواكل في البنوك.
.. وأخيراً، فضحتنا صديقتنا "عميرة هس" في "هآرتس"، لأن أي حرب تجارية بين السلطة وإسرائيل قد تدمر السلطة ولا تؤذي اقتصاد إسرائيل إلاّ بنسبة ضئيلة. بس بلاش جبنة "عيمك" الصفراء.
العقل السياسي الفلسطيني يعمل جيداً، وإن لا يرى ذلك معظم الجمهور، ولا نريد للجلطات في السيقان أن تسبب لنا "سكتة دماغية" في خياراتنا السياسية الوطنية.. والسلام على من تعقّل واهتدى، لأن شعبنا طويل اللّسان وسليطه. الكاتب يحسّ مع الشعب وهذا لا يحسّ مع الكاتب.. معليش!
فلسطين أولى بدماء أهلها...
بقلم: طلال عوكل –جريدة الايام
محزن ومقلق إلى حد كبير وضع التجمع الفلسطيني البشري الكبير في سورية، فقد تم زجهم بغير إرادتهم في أتون الصراع الجاري منذ نحو عشرين شهراً. وعلى الرغم من أن القسم الأكبر من الفلسطينيين في سورية، يعيشون فيما يُعرف بمخيم اليرموك، المتصل مباشرةً بالعاصمة دمشق، فإنهم موزعون في مختلف أنحاء سورية. حتى مخيم اليرموك لم يعد منفصلاً عن عدد من الأحياء التي تشكل امتداداً لدمشق الكبرى، من حي التقدم ـ والحجر الأسود إلى الميدان، والتضامن وحي الزاهرة، وكلها أحياء يوجد فيها سكان فلسطينيون، كما أن مخيم اليرموك يوجد فيه مواطنون سوريون، خصوصاً أنه قد تحول إلى مركز تجاري نشط ومنافس للمراكز التجارية الأخرى في العاصمة، ويتميّز بطابعه الشعبي.
في الحياة العامة واليومية لا يمكن الفصل بين حياة الفلسطيني في سورية وحياة المواطن السوري، وقد عومل الفلسطينيون الذين يناهز عددهم نصف المليون معاملة المواطن السوري مع استثناءات محددة جداً تكاد لا تذكر.
وبصفة عامة ظل الفلسطينيون في مختلف أماكن وجودهم خصوصاً العربية منها، يتصرفون باعتبارهم ضيوفاً، رغم أنهم في بعض الأحيان، تعرضوا للاضطهاد والظلم، واضطروا، إلى الدفاع عن حقوقهم كضيوف، لا يرغبون في الاندماج الكامل، أو الخضوع لمخططات التوطين.
من هذا الموقع، ندرك أن الفلسطينيين في سورية لا يمكن أن يعزلوا أنفسهم عما يدور من حولهم، ولكنهم يحافظون على حياديتهم، وما يصفه طرفا الصراع في سورية، بالموقف السلبي.
النظام في سورية، يريدهم أن يكونوا إلى جانبه، وفاءً للمعاملة الحسنة، التي عوملوا بها خلال عقود ما قبل الأزمة، والمعارضون يرونهم إلى جانب الشعب الذي يتطلّع إلى الحرية والكرامة، ومن أجلها يخوض معركة ضارية ويدفع ثمناً باهظاً.
عند الحديث عن الفلسطينيين في سورية، ودورهم في الأزمة، فإننا نتحدث عموماً عن مواقف الفصائل والقوى السياسية، وهذه الفصائل عموماً حافظت على مواقف محايدة، ترفض الانخراط في الأزمة، وتقف عند حدود الدعوة للحوار، والصلاة من أجل سلامة سورية، وكانت هذه الحدود مقبولة نسبياً من قبل أطراف الصراع التي تتفهم حساسية الوضع الفلسطيني.
غير أن الأمر لم يقتصر على ذلك، بل إن بعض فصائل المقاومة المرتبطة عضوياً بالنظام السوري، مثل "الصاعقة" و"الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة"، اتخذت مبكراً مواقف متطابقة إلى حد كبير مع مواقف النظام وساهمت في الدفاع عنه، الأمر الذي أقحم الفلسطينيين إقحاماً في الصراع، وحول المخيم إلى ساحة من ساحاته.
وعلى الرغم من التذبذب الذي ميز علاقات سورية النظام بمنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية، منذ انطلاقة الثورة، حيث شهدت العلاقات مراحل توتر وصدام، ومراحل هدوء وتحالف، فإن كل فلسطيني يتمنى الخير لسورية وشعبها، ويصلي من أجل انتهاء هذه الأزمة، بما يؤدي إلى قيام نظام ديمقراطي يقوم على الشراكة والمواطنة، والعدالة الاجتماعية، نظام قادر على استرجاع الأراضي السورية المحتلة، وعلى تقديم أفضل الدعم للقضية الفلسطينية وشعبها. خلال الأيام الأولى من هذا الأسبوع توالت الإعلانات من قبل "الجيش الحرّ" الذي قال إنه سيطر تماماً على مخيم اليرموك، وإنه استولى على المقر المركزي للجبهة الشعبية ـ القيادة العامة، والإعلانات المقابلة من النظام الذي بادر إلى قصف المخيم مما أدى إلى سقوط المزيد من الشهداء والجرحى والكثير من الدمار.
المخيم تحول إلى ساحة معركة حقيقية، لا حول للفلسطينيين فيها ولا قوة، ولا دور لهم سوى أن يدفعوا الثمن، مقابل أهداف لا يشاركون في تحديدها، ولم يكن لهم دور في الوصول إليها.
ولكن إذا كان على الفلسطينيين أن يدفعوا قسطهم من الثمن إزاء ما تمر به سورية وذلك بسبب عوامل التاريخ والجغرافيا، والتداخل الاجتماعي والحياتي، فإن المسألة تتصل بحجم ونوع الثمن الذي يترتب على الفلسطينيين أن يدفعوه رغماً عنهم.
هنا تقع المسؤولية على الفصائل الفلسطينية، التي ما كان يحق لها أن تدفع الوجود الشعبي الفلسطيني في سورية إلى خضم الأحداث، وكان عليها أن تكتفي في أسوأ الحالات باتخاذ مواقف سياسية نظرية، تدعم النظام إن أرادت ولكن دون القيام بأعمال ونشاطات مباشرة أو غير مباشرة، أدت وتؤدي إلى توريط الفلسطينيين، وتدفيعهم أثماناً باهظةً، وسيحصدون نتائجها السلبية راهناً ومستقبلاً، والحال أن موقف الفصائل الفلسطينية، التي تنتمي إلى ثورة تحررية، دأبت على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، هذا الموقف كان لا بد أن يكون دائماً إلى جانب قوى التغيير وإلى جانب الشعوب العربية حين تقرر حاجتها للتغيير الديمقراطي.
إن النظام السوري في طبيعته لا يختلف عن بقية الأنظمة العربية التي تتصف بالاستبداد، ولا يجوز أن يشكل خطابه القومي ساتراً لممارساته غير الديمقراطية، ولذلك كان لا بد من أن تأتي لحظة التغيير، التي تمنينا أن تكون عبر الحوار الوطني، وبوسائل سلمية، لا بوسائل أمنية وعسكرية، ستؤدي عملياً إلى تدمير هذا البلد، ودفعه نحو مرحلة طويلة من الاضطرابات والنزاعات والصراعات التي تستنزف طاقاته.
في هذا الصدد لا بد للقيادة الفلسطينية من أن تتحمل مسؤوليتها عن حماية شعبها الذي يتعرض للقتل اليومي والتدمير في سورية، ابتداءً من رفع الغطاء السياسي عن أي فصيل أو طرف فلسطيني يساهم في توريط الفلسطينيين فيما يجري، وليس انتهاء بمطالبة المؤسسات الدولية لكي تقوم بدورها في حمايتهم. إن سياسة الشجب والاستنكار وإصدار التصريحات والبيانات لا تكفي لحقن دماء الفلسطينيين، ولا تكفي لصيانة وضع الفلسطينيين في سورية خلال المراحل اللاحقة، حين تضع الأزمة أوزارها، وتدخل البلاد إلى مراحل التغيير.
الكونفدرالية البغيضة
بقلم : حمادة فراعنة – جريدة الايام
بعيداً عن الحس بالمسؤولية الوطنية، وبعيداً عن المهنية والنزاهة، تم الترويج لإشاعة مشروع كونفدرالية أردنية فلسطينية متوقعة، بعد نجاح خطة منظمة التحرير في الأمم المتحدة والتصويت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قبول فلسطين دولة مراقبا، وبما يحمله ذلك من آمال سياسية، وخطوة إلى الأمام، واستحقاقات قانونية ستعود على الشعب الفلسطيني بالتقدم خطوات تراكمية على الطريق الطويل المتدرج، متعدد المراحل لاستعادة كامل حقوق شعبنا العربي الفلسطيني الثلاثة : حق المساواة، وحق الاستقلال وحق العودة.
فلسطين، بقيادة منظمة التحرير، رغم الحصار والجوع والضعف ورغم التشتيت والانقسام وغياب الوحدة، ورغم تجفيف الموارد وعجز خطة التنمية للضفة والقدس والقطاع وتوقفها، ورغم قوة الاحتلال وجبروته العسكري والأمني والاستخباري والتكنولوجي وانعكاساته السياسية والاقتصادية، ورغم ضعف معسكر الأشقاء والأصدقاء، وقوة معسكر العدو، رغم ذلك فلسطين تهزم إسرائيل وأميركا بالنقاط بواقع 138 دولة ضد تسع، هذا انتصار كبير للشعب الفلسطيني ولمنظمة التحرير وإدارة الرئيس محمود عباس.
ولذلك تسعى إسرائيل وأدواتها، والمعارضة ضيقة الأفق وإعلامها، ولا أقول المعارضة الوطنية التي وجهت نقدها، بشجاعة أو بخجل كما فعلت "حماس" و"الجهاد" و"الشعبية"، وتراجع بعضها قبل الانتصار وبعده، لا أتحدث عن هذه المعارضة المطلوبة والجادة وحقها، ولكن أتحدث عن المعارضة المدفوعة الأجر من قبل "الغاز دولار"، الذين يستهدفون منظمة التحرير والسلطة الوطنية والائتلاف الذي يقود المنظمة، وبرامجها وشعاراتها وتكتيكاتها، وهم خارج الوطن، لا يتحملون المسؤولية، ويتهربون من السؤال: ماذا نقدم للوطن وأهله وصموده ؟؟ ما الذي نفعله ونحن في الخارج لكسب الأصدقاء لعدالة قضية شعبنا ؟؟ وما الذي نفعله لإسناد سياسات منظمة التحرير كي تصمد أمام تحذير الأشقاء ونصائح الأصدقاء وضغوط الأعداء، وهي مكشوفة لدى مطبخ صنع القرار الفلسطيني ولدى المراقب المتتبع المدقق، يسمع في الخليج وأوروبا أو من واشنطن نفس المضمون بمفردات مختلفة بصيغ التحذير أو النصائح أو الضغوط.
بعد الانتصار السياسي والدبلوماسي في نيويورك يوم 29/11/2012، ظهرت " فبركة " الكونفدرالية، التي استفزت بعض أجنحة الحركة السياسية الأردنية، واعتمدوا على إشاعة أقل ما يقال بشأنها، أنها ليست صحيحة وليست دقيقة ولا أساس لها ونفاها الناطق بلسان الرئيس وهو عضو لجنة مركزية في حركة فتح : نبيل أبو ردينة.
ومع ذلك، وإمعاناً بالسقوط بعدم المهنية، وافتقاد الحس بالمسؤولية الوطنية، واصلوا إصرارهم على وجود مشروع الكونفدرالية في الحوار أو النقاش أو الاهتمام لدى الجانب الفلسطيني للخروج من مأزق انسداد الأفق السياسي أمام الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية، بهدف تبديد الانتصار السياسي الذي حققته منظمة التحرير في نيويورك .
الانسداد موجود، والمأزق حاضر، والضعف الفلسطيني مشهود، والتفوق الإسرائيلي ملموس، ولكن ليس الأردن أسعد حالاً وأفضل مكانة، وأريح بالاً من فلسطين، فكلانا كأردنيين وفلسطينيين نعاني من المتاعب والضغوط ونواجه التحديات، في عمان كما في رام الله وغزة، وندفع ثمن الاحتلال وتهويد القدس وأسرلة الغور، وصهينة فلسطين برمتها، وهذا فقدان لهوية فلسطين وعروبتها وإسلامها ومسيحيتها، وخطر على الأردن وهويته الوطنية وأمنه واستقراره، ولذلك قدرنا أن نكون سوية في مواجهة العدو الواحد المشترك.
نجاح أبو مازن في نيويورك، وزيارة الملك عبد الله إلى رام الله، لم تكن مريحة، ليس فقط للعدو المحتل وبرنامجه ومخططاته، بل لأولئك الذين ينظرون للبديل في غزة ويراهنون عليه، للإخوان المسلمين، لتفاهمات القاهرة، للتعبير الذي تم استعماله في اتفاق وقف إطلاق النار "وقف العمليات العدائية" المتبادلة، هؤلاء لم يرق لهم ما تحقق في نيويورك، وتداعيات هذا الانتصار واستحقاقاته، وللخطوات المقبلة، ولذلك سعوا لتقزيمه، لطرح عناوين إعلامية تفرغه من مضمونه، وإضعاف وتحجيم ما تحقق على اعتبار أنه بلا قيمة، بل مجرد مؤامرة أو هروب من المواجهة على الأرض ضد الاحتلال والبحث عن انتصارات وهمية في نيويورك وغيرها بديلاً عن المواجهة الكفاحية في مواجهة الاحتلال والاستيطان، وكأن المعركة على الأرض بديل للمواجهات السياسية والدبلوماسية، وليست مكملة لبعضها البعض.
الكونفدرالية وأي شكل من أشكال العلاقة الأردنية الفلسطينية، هي مؤامرة على الأردن وعلى فلسطين في نفس الوقت، لأنها تشكل غطاء للاحتلال، ولكن المشكلة أن القيادات الفلسطينية خجولة في الرفض العلني لأي علاقة مع الأردن، لتقديرهم أن ذلك يسبب حرجاً للأردن أو مع الأردن، ولذلك تصريحاتهم في رفض الكونفدرالية خجولة، ما يسبب القراءة الخاطئة للموقف الفلسطيني، ولهذا يجب أن لا يتردد أي فصيل فلسطيني أن يقول وعلناً أننا ضد أي علاقة مع الأردن في ظل الاحتلال، وأن فلسطين المستقلة وشعبها الباسل الشجاع هو الذي سيقرر العلاقة مع الأردن وغير الأردن، بالرفض أو القبول، بعد استعادة الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه الوطنية وأي حديث عن علاقة أردنية فلسطينية مرفوض لأنه يخدم مشاريع الاحتلال، ويضر بفلسطين والأردن على السواء.
لقد سعوا لتبديد الانتصار وتبهيته، وعلينا أن نتمسك به ونقويه ونواصل طريقه، والرحلة طويلة.
ارفعوا أيديكم عن مخيماتنا في سورية
بقلم: د. عبد المجيد سويلم – جريدة الايام
تتواتر الأنباء المفزعة عن احتمالات وتحضيرات فعلية لاقتحام مخيم اليرموك في جنوب دمشق بعد أن تمكّن "الجيش الحرّ" من تطهير المخيم من ميليشيات النظام السوري، وخصوصاً "جماعات جبريل" التي ظلت تقوم بدور مرتزقة النظام السوري طوال فترة الصراع، وبعدما عملت بكل وسائلها وإمكانياتها (وهي وسائل وإمكانيات كبيرة مركزة في مجمّع الخالصة) إلى جرّ أهلنا في سورية إلى أتون هذه الحرب التي يشنها النظام السوري على شعبنا السوري الشقيق والتي تحولت إلى حربٍ للتدمير الشامل والقتل الجماعي.
وعلى الرغم من كل محاولات فصائل العمل الوطني الفلسطيني في مخيمات سورية النأي بالنفس عن الدخول أو الانجرار إلى حرب النظام على الشعب السوري الشقيق، وكذلك رفض كل محاولات الزجّ بالمخيمات الفلسطينية كطرف في هذه الحرب أو في هذا الصراع بل ومقاومة هذه المحاولات، وعلى الرغم من تحذيرات القيادة الفلسطينية من مخاطر هذه المحاولات فإن عصابات ومجموعات جبريل والتي تعمل كمقاولٍ للنظام السوري استطاعت مع الأسف الشديد أن تقحم المخيم عبر العمليات التي قامت بها ضد قوى المعارضة السورية انطلاقاً من المخيم، وعبر تجنيد بعض شباب المخيم للقتال ضد "الجيش الحرّ" والاشتراك في عمليات قذرة للاغتيالات والقتل وترويع المواطنين السوريين في المخيم وعلى أطرافه وفي أحياء بعيدة عن المخيم وحتى عن دمشق نفسها.
ولأن النظام السوري يبحث بكل الوسائل المتاحة عن خلط أوراق الصراع القائم في سورية وعليها، ولأن الزجّ بالمخيم الفلسطيني إلى ويلات الصراع يعتبر، بكل المقاييس، أحد أخطر أنواع الخلط الذي يستجديه النظام ويلهث لتأمينه، فقد انبرت عصابات أحمد جبريل للقيام بهذا الدور الشرّير.
لم يعد في ضوء ذلك السكوت على هذا الدور مقبولاً، ولم تعد المناشدة كافية، ولم يعد التحذير مجدياً لأن النظام السوري بات مرشحاً للسقوط والانهيار التام وربما المفاجئ، أيضاً، مما ينذر بارتكاب مجازر لم نشهد مثيلاً لها بعد والقيام بأعمال قتل وترويع وتهجير أبعد من الخيال.
لن تقتصر العمليات العسكرية على مخيم اليرموك، خصوصاً أن أحزمة الفقر السورية تكاد تحيط بكل مخيم فلسطيني، كما أن التداخل بين التجمعات الفلسطينية والتجمعات السورية قد يشكل ذريعة "كافية" لتدمير كافة مخيمات شعبنا في سورية، وقد نكون أمام استحالة منع تهجير عشرات الآلاف من أبناء شعبنا في تلك المخيمات.
وليس بمقدورنا التحقق من قدرة لبنان على استيعاب مئات آلاف الفلسطينيين، حيث إن عدد سكان مخيم اليرموك وحده يزيد على مائة وخمسين ألفاً ويزيد عدد الفلسطينيين في سورية والذين يسكنون سورية على 450 ألف لاجئ، وهو الأمر الذي يمكن أن يحول مأساة أبناء شعبنا في سورية إلى نكبة وكارثة وطنية كبرى.
صحيح أن سيطرة الجيش الحر على مناطق واسعة من سورية في هذه المرحلة تخفف قليلاً من هذه المخاوف لكن الصحيح، أيضاً، أن النظام وعلى الرغم من كل المؤشرات على أنه بات مرشحاً للانهيار يمكن أن يبطش بأبناء شعبنا ظناً منه أنهم ورقة سهلة ولا يوجد من يستطيع الدفاع عنهم وحمايتهم في ظل الواقع المحيط.
لقد بات معيباً أن تبقى هذه العصابات جزءاً من نظامنا السياسي وبات مطلوباً لفظهم من صفوف المنظمة والشعب، وبات ضرورياً محاصرة وجودهم في كل تجمعات شعبنا نظراً لما يشكلونه من خطر على هذه التجمعات، ونظراً للعار الذي تسربلوا به جراء أعمالهم المأجورة.
إن عصابات أحمد جبريل، صاحبة الباع الطويل في القتال المأجور ضد شعبنا في مخيمات لبنان وضد قيادتنا الشرعية في طرابلس في لبنان والاشتراك المباشر في حصار القائد الشهيد الرمز ياسر عرفات بات يحتّم على كل فلسطيني ينتمي إلى هذا الفصيل المقاول لأجهزة المخابرات السورية والليبية سابقاً وربما الإيرانية، أيضاً، في الواقع القائم، الانسحاب الفوري والتمرّد السريع حيث نحسب أن جزءاً كبيراً من أبناء شعبنا الذين عملوا في صفوف هذا الفصيل هم أساساً من الشرفاء والمناضلين ولا يتحملون وزر ما قامت به قيادتهم من أعمال مشينة ومسيئة لنضال شعبنا وقضيته العادلة.
كما أن قيادة "الجيش الحرّ" في سورية مطالبة بدورها بالابتعاد والإقلاع النهائي عن كل السلوكيات التي تسيء إلى هذا الجيش المناضل الشجاع والذي قدم أعظم آيات الشجاعة والإقدام والتصدي لجيش النظام وقاوم ببسالة نادرة كل أشكال التدمير المنظم وهذه الحرب الإبادية ضد شعبنا السوري الشقيق.
وعلى "الجيش الحرّ" أن يبقي شعبنا في سورية خارج إطار الصراع ليس لأننا لا نتعاطف مع أماني شعبنا السوري الشقيق في الحرية والخلاص من أكثر أنظمة هذا العالم استبداداً وتعسفاً وإنما لأن الزجّ بالفلسطينيين في أتون هذا الصراع مخطط للنظام وهو جزء من الأوراق التي يحاول أن يلعبها النظام في أيامه الأخيرة.
في هذا السياق، أنظر باحترام شديد إلى دعوة الأخ الرئيس (رئيس دولة فلسطين) الأممَ المتحدة إلى العمل على حماية أبناء شعبنا من سورية، والعمل على حصولهم على حقهم الطبيعي في العودة إلى وطنهم هنا في فلسطين ليعيشوا معنا وبيننا كأهل أعزّاء وأحبّاء وليتقاسموا معنا لقمة العيش والبيت والمزرعة.
لماذا يحقُّ لليهود العودة إلى إسرائيل، وهم لا يواجهون أي أخطار تهدد حياتهم ولا يجوز لأبناء شعبنا الذين يواجهون خطر الموت تحت مساكنهم وبيوتهم أن يعودوا إلى وطنهم هنا على الأقل إذا كان متعذّراً عودتهم إلى مدنهم وقراهم التي هُجّروا منها على يد العصابات الصهيونية قبل أكثر من خمسة وستين عاماً.
أليست الأمم المتحدة مسؤولة عن حياة اللاجئين الفلسطينيين؟
أليس الحفاظ على حياتهم جزءاً من مسؤولية المجتمع الدولي؟!
ولماذا يقوم العالم ولا يقعد عندما يتعلق الأمر بتهديد حياة بعض اليهود ولا يتحرك العالم لإنقاذ عشرات ومئات الألوف من الفلسطينيين؟
كم يجب أن يموت من الفلسطينيين حتى يتحرك العالم وتتحرك الأمم المتحدة؟
بعد أن أصبحت فلسطين دولة (تحت الاحتلال) من حق سيادة الرئيس أن يطلب من الأمم المتحدة التحرك السريع وإيجاد الآليات التي من شأنها تحريك هذا الملف دولياً وفضح السياسة الإسرائيلية العنصرية التي تأتي بالمهاجرين من أصقاع الأرض وتقدم لهم كل التسهيلات والمغريات للاستيطان على أرضنا في حين ترفض عودة أبناء شعبنا إلى أرض وطنهم على الرغم من الأخطار التي تهدد وجودهم.
محنة «اليرموك» ومعالجات معيبة
بقلم: عدلي صادق – جريدة الايام
لم يغادر أهلنا من سكان مخيم اليرموك مساكنهم، إلا بتأثير فكرة مرعبة، وهي أن طيران النظام، سيقصف بلا تمييز، كل موضع يسيطر عليه المعارضون، فيُلقي بحممه على المباني والبيوت بهمجية الأعداء الذين لا تربطهم أية أواصر مع الضحايا. بل إن الأعداء، يتورعون أحياناً، وبخاصة عندما لا تكون هناك جدوى ميدانية من قصف المناطق المدنية بدون تمييز. وقد كان متوقعاً أن تشمل العمليات القتالية، الدائرة في سوريا الآن، مخيم اليرموك وأحياء فلسطين والتضامن والحجر الأسود. على الرغم من ذلك، هناك بعض المعالجات في الصحافة العربية، رأت في مظهر الهلع والنزوح عن المخيم «مؤامرة» من طرف المعارضين، وعملية زج مفتعلة، للفلسطينيين في أتون الصراع. ولا نعلم بالضبط، ما الذي كان أصحاب هذه المعالجات يتوقعونه على صعيد الصراع؟ أن تحاط مناطق التجمع الفلسطينية المختطلة ـ مثلاً ـ بتدابير للحجر وللتعقيم، بحيث يظل يحافظ على طهارتها أحمد جبريل وشبيحته، ويكون الفلسطينيون غير مبالين بالحدث السوري، وتُستثنى مناطق سكناهم من مسرح العمليات بسبب أن فيها فلسطينيين؟ ولماذا يقال إن الجيش الحر أو المعارضة هي سبب النزوح، وكأن الأمر الطبيعي هو أن يسيطر جبريل، وبخلاف ذلك يكون الأمر النشاز، بحيث يصبح الأمر الطبيعي الثاني، في حال فقدان جبريل للسيطرة، هو تسوية مساكن المخيم بالأرض، بقصف من الجو وبالمدفعية؟!
صديق لنا يكتب من عمّان، فيعدد الجهات المسؤولة عن نكبة «اليرموك»، فيرى الإمبريالية ويرى قطر ويرى الرجعية وقوى الشر الخارجية، ولا يرى الأسديين وشبيحتهم وقواتهم، في ذروة هذا الولوغ في دم الشعب السوري. فكأن حافظ الأسد وأبناءه وأشقاءه قد ولدوا للأم تريزا الحانية الزاهدة، وكأن بشار حفيدها، وكأن رقة الأسرة وطهارة أيديها هي الخيار الجميل للسوريين. بل كأن هؤلاء الأوغاد، هم من القوميين فعلاً، أو كأن القومي الفلسطيني سيكون قومياً حقاً، إن لم يألم ويغضب لسفك دم الإنسان العربي السوري، مثلما يألم ويغضب لسفك دم الإنسان العربي الفلسطيني دون زيادة أو نقصان!
في هذه المعالجات المعيبة، يستغل المعالجون الحرج الطبيعي لدى القوميين والديموقراطيين، من الوقوع في أية مشتركات مع أنظمة تقليدية أو مع جهة صاحبة إرث استعماري. والناس، من حيث المبدأ، مترددون في المصارحة بدواخل نفوسهم. فمحسوبكم لا يتردد لحظة في القول، إن ما فعلته القوى الاستعمارية في شعوب سوريا وفلسطين ولبنان، لا يصل الى نسبة 10% مما فعله نظام الأسديين الذي يطرح نفسه حارساً لمصالح الأمة، ناهيك عن كون أولئك هم المستعمرون وليسوا المحررين الثوريين الممانعين. فيا ليت البلجيك أو الهولنديين، أو حتى الإنجليز، حكموا سوريا طوال الأربعين سنة الماضية، طالما أن هؤلاء جميعاً، على قبح استعمارهم، يختلفون عن الصهيوينة والأسدية في أمر مهم واحد، هو عنصر الأبدية، أي الاستيطان الأبدي بالنسبة للأولى، والحكم الأبدي الاستبدادي الفاجر بالنسبة للثانية. فالمستعمرون، في هوامش حكمهم، دربوا النخب على السياسة، وقاوموا التصحر السياسي، ولما جاءت مواعيد الاستقلال، لم يقفز الى السلطة متطرفون أو «قاعديون». ثم من الذي قال إن الأميركيين يؤيدون ثورة الشعب السوري؟! إن مثل هذا القول «العبيط» قائم في الإنشائيات الساذجة التي يروج لها الأسديون، والأمر مختلف تماماً على صعيد مراكز البحوث الأميركية التي تعاين الموقف وترى أن الأسديين ضمانة استقرار استراتيجي لإسرائيل!
أما «الرجعيات» ومعظمها لم تكن رجعيات في كتابات إخواننا الحالمين منكري دم الشعب العربي السوري، عندما كانت صديقة للأسديين وحليفتهم وكانت العلاقات بينها وبين الأسرة الأسدية ومعاونيها، عائلية واجتماعية وسياسية وأمنية. فهل يريد بعض إخواننا القوميين تحميل الشعب السوري أوزار «الرجعيات» مرتين، واحدة عندما يستقوي النظام بها ويزداد رخاءً ويتعزز دوره، ومرة عندما تنقلب هذه الأنظمة المحافظة عليه لأنها لم تألف القتل الجماعي للناس في أوطانها، فتصبح علاقة الثورة بها، وتلقيها المعونة، سُبّة للمعارضة وبرهان انحراف؟! إن ما أوصل خطاب بعض القوميين، الى حال البؤس الذي يكون كلامهم فيها مثل «زن الناموس» هو مثل هذا المنطق القاصر الذي يعوم على شبر ماء. فكيف يرى عاقل، في النظام السوري ضمانة للممانعة ولوحدة للأراضي وللوئام الاجتماعي ولمناهضة الاستعمار، بينما يعتبر غضب الشعب وغضب وانشقاق حتى الحاشية والأجيال هو الاستسلام والارتهان للمستعمر وللانقسام الطائفي؟!
أما حكاية «جبهة النُصرة» فهي التي عوضت ميدانياً عن غياب لجنة المدد القومي التي كان ينبغي أن تحضر. والمجتمع السوري له طابعه الخاص. ففي الدين، هو أقرب الى الصوفية والتسامح. ومؤسسو الضغينة الطائفية ليسوا إلا هؤلاء الأوغاد الذين حكموا طوال العقود الماضية، وعندما واجهوا الثورة، اخترعوا في بعض المواضع، جهاديتهم السلفية المزورة لكي يغيثهم أعداؤها الأميركيون. وهؤلاء الأخيرون، لم يغيثوا ولكنهم لم يتحمسوا لثورة الشعب السوري. وفي هذا السياق الصعب المضطرب، دخل سلفيون جهاديون، فأظهروا سلوكاً مختلفاً بشهادة المراقبين. لكنهم أولاً وأخيراً، لن يحكموا لأن النظام الذي انفجر في وجهه الشعب السوري أعتى منهم وكان أكثر تمكيناً. فإرادة الشعوب لا يقهرها مستبد ولا متطرف، والأمم تلتزم أخلاقها وثقافتها!
الفلسطينيون وتداعيات الخطيئة الأولى !!!
بقلم: يحيى رباح – جريدة الحياة
الفصائل الوطنية والإسلامية في قطاع غزة، عقدت الثلاثاء الماضي، اجتماعا تدارست فيه أوضاع المخيمات الفلسطينية في سوريا، والأخطار التي تتهدد الوجود الفلسطيني في سوريا، بعد أن قامت القاذفات الجوية السورية، بقصف مخيم اليرموك، وإصابة مسجد رئيسي في المخيم الذي هو أكبر مخيمات سوريا، والملاصق مباشرة لحي الميدان الذي هو أحد المراكز السنية المشهورة جنوب شرق مدينة دمشق العاصمة، مما اضطر آلاف من سكان المخيم لمغادرته والهجرة منه، سواء إلى لبنان حيث الوضع الفلسطيني ليس مستقرا هو الآخر، أو إلى الأردن، أو إلى مناطق جديدة داخل سوريا ليست آمنة تماما.
من وجهة نظر البعض :
فإن الدماء الفلسطينية ليست أغلى من الدماء السورية التي تسفك بغزارة منذ أكثر من واحد عشرين شهرا تحت عنوان ما يسمى بالربيع العربي وثوراته العجيبة التي اعتدنا في السنتين الأخيرتين على امتداحها مع أننا لم نر منها حتى الآن سوى تفكك الدول، وإضراب المكونات للشعوب في تلك الدولة، ومعارضات لم تستطع أن تبلور ملامحها، وأنظمة لا تجيد سوى إنكار وجود الكارثة التي يشتد لهيبها، ودول إقليمية ودولية، لا يعرف أحد من مواطني دول الربيع العربي على ماذا تتصارع بالضبط، هل تتصارع على النفوذ، أم على الغنائم وإعادة توزيع المكاسب، أم أن الموضوع من أوله إلى آخره إعادة تقسيم هذه المنطقة التي قسمها أصلا " تراكتور " الاستعمار القديم بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، ويريد الاستعمار الجديد أن يقسم ما هو مقسم أصلا، ويجزئ ما هو فتات أصلا، بحيث تصبح إسرائيل هي الدولة المحورية التي يلتجئ إليها كل دول الطوائف والأعراق الموجودة منذ قرون.
و عودة إلى الوضع الفلسطيني :
فإن المتضرر الأول في أحداث العقد الأخير في المنطقة هم الفلسطينيون، فقد لوحق الفلسطينيون الذين كانوا وديعة محترمة في العراق حتى إنهم عبروا جبال كردستان ليبحثوا عن إمكانية البقاء على قيد الحياة !!! وجرى ما جرى للفلسطينيين في لبنان الذين كانوا أول المتهمين بالأحداث التي لم يعترف بها الحكام الذين صنعوها بأيديهم، لدرجة أن أوضاع تلك الدول التي حدث فيها الربيع أو الإعصار كانت مطروحة على طاولة عمليات الدول الكبرى علنا، ولكن الأنظمة كانت أعجز من أن ترى الخطر، وإذا رأته كانت أعجز من أن تصمد أمامه !!!
و نتذكر جميع ما جرى للفلسطينيين في لبنان، في مخيم نهر البارد الذي تم تدميره بالمطلق، ولم يتم تعميره وإعادة كل سكانه إليه، هذا بالإضافة إلى معاناة الفلسطينيين في كل لبنان من شماله إلى جنوبه حتى ان كل الأعداء المتناقضين حتى الفاجعة في لبنان لم يتفقوا على شيء سوى إنتاج المأساة الفلسطينية باستمرار.
و ها نحن نصل إلى دولة أخرى توشك أن تنهار، وهي سوريا وقد تتقاسم الطوائف والأعراق الذبيحة أو جسد الذبيحة، فأين يذهب الفلسطينيون ؟؟؟ كما يقول فلاسفة الأديان، أن كل ما يحل بنا هو إعادة إنتاج الخطيئة الأولى حيث خرج آدم وحواء من الجنة، فظلت الخطيئة الأولى تتحكم بالبشر إلى يومنا هذا، وحين حلت بنا النكبة، قبل خمس وستين سنة، وتوزعنا إلى كل جهات هبوب الريح، ظلت تداعيات نكبتنا تلاحقنا في كل اختيار.
لم يفعل الفلسطينيون في الوطن العربي ما يناسب مأساة انتشار وحيوية التجربة المتراكمة لديهم، تعاملوا طيلة هذه السنوات على أنهم ضيوف، فقط مجرد ضيوف، وعلى أنهم وديعة، مجرد وديعة مؤقتة، وكانوا يلتزمون بالحياد التام في بلاد لا تحترم الحياد، لأنه ليس جزءا من تاريخها، وهكذا دفع الفلسطينيون في أكثر من ستة عقود منذ نكبتهم ثمنا مضاعفا لفشل الدول التي استضافتهم، ووجهت إليهم أول التهم في كل انفجار أصاب هذه الدول، وفي معظم الأحيان ظلوا بلا حماية حين تفلت الأمور عن السيطرة في البلدان التي يعيشون فيها في هذه المنطقة المعقدة والهشة ذات التاريخ المتناقض والمأساوي، مع أن هؤلاء الفلسطينيين أعطوا جهدا خارقا، وأمانا شاملا وإضاءة تبشيرية في كل مكان استقروا فيه لأنهم شعب مشرد، صاحب قضية مقدسة وقضيتهم المقدسة صاغتهم بحيث يكونون النخبة والطليعة والتضحية والذاكرة.
وضع الفلسطينيين في سوريا مقلق جدا، تتداخل فيه العوامل المتصارعة، بعضها قد يصدر من بعض الفلسطينيين الذين اندمجوا بالكامل في اللعبة الدموية، وبعضها أن الوجود الفلسطيني هو أصلا أحد الخيارات المطروحة لإعادة الانتشار والتشكيل، ولذلك يتوجب على الإطارات السياسية الفلسطينية أن يكون لها ما تتفق عليه بشكل جداري وصلب بالنسبة لهذا الوجود الفلسطيني هنا وهناك، لان الوجود الفلسطيني في الشتات القريب والبعيد هو أصل القضية، وهو جوهر القضية، وهو الذي يعطي القضية الفلسطينية معناها وفحواها، لأنهم ليسوا هجرة عمل مؤقتة، ولا جالية مشردة، بل هم أهل كل الأسئلة العادلة !!! وهم ضحية كل ما توهمه العالم في الدول الصغيرة والكبيرة على حد سواء، وهم الذين طبقت بحقهم قوانين وممارسات سياسية لا يجمعها جامع، وبالتالي فإنه يتوجب على القوى السياسية الفلسطينية أن تصعد بمستوى حقوقهم الأساسية ومحنتهم التي تتكرر باستمرار، إنهم في كل بلد عربي يعيشون فيه لا يجدون ما يستظلون به سوى جدار الخطر، الخطر الوشيك، الخطر الذي يعيشون معه في الصباح والمساء.
إن حياة الفلسطينيين في المنطقة العربية المحيطة بنا تحتاج إلى ما هو أكبر بكثير من الإطارات التي تعودنا عليها، إنها إطارات موغلة في الغياب وفقدان التأثير، ولا بد لهذه الحالة أن تتغير.
رهن المصالحة الفلسطينية!
بقلم: موفق مطر – جريدة الحياة
نعتقد ان نائب رئيس المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق يعلم جيدا ان الرئيس ابو مازن رجل دولة، ويعرف ما يريد، ولا يمكن له أن يضع الحصان أمام العربة، فعقلانية وخبرة الرئيس السياسية اصوب وأدق من أن يقدم الرئيس الأمور على بعضها، بما يخالف منطق تسلسلها، وتأمين فرص النجاح لها، خاصة وأن الأمر يتعلق بقضية مفصلية وتاريخية في حياة ومستقبل الشعب الفلسطيني، عمل وما زال، باخلاص وصدق لانهاء مرحلة عصيبة تكاد تعصف بقضية شعبنا وامكانية تحقيق اهدافه الوطنية، فعندما قال الرئيس ابو مازن «المصالحة هي الانتخابات» فهذا تلخيص مركز لمضمون جوهر اتفاق الدوحة الذي وقعه رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل وشهد عليه امير قطر بتوقيعه، أي أن يتم تشكيل حكومة برئاسته يكون من مهامها المحددة الاشراف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وهذا ما ذهب اليه ابو مازن حين بدأ مشاوراته لتشكيل الحكومة بالتوازي مع سماح حماس للجنة الانتخابات المركزية بالعمل في المحافظات الجنوبية ( غزة ) وتسجيل الناخبين الجدد. وبعد ايقاف اعمال اللجنة قال الرئيس :» لن يتم تشكيل حكومة ما لم يُسمَح للجنة الانتخابات بمباشرة عملها كالعادة في غزة، وعليه فان المصالحة مرتبطة بموافقة حماس على السماح للجنة الانتخابات بتسجيل الناخبين وليس اجراء الانتخابات ذاتها، كما طرح ابو مرزوق في لقائه المنشور على وكالة معا الاخبارية.
نعلم حجم التيار المتضرر من المصالحة وقوته على الأرض، لكننا لا نقبل تحريف كلام الرئيس ابو مازن الموثق الذي قاله لآخر مرة في مهرجان ذكرى استشهاد القائد ياسر عرفات ابو عمار حول المصالحة وارتباطها بالانتخابات، حيث اكد أن قطار تشكيل الحكومة سينطلق فور السماح للجنة بالعودة الى غزة وبدء التسجيل، كما لا نقبل صدم الجمهور الفلسطيني بعد بلوغه ذروة الأمل بالمصالحة، وبدأت الجماهير السياسية محاولات جادة للتعايش الى حد ما تحت الرايات .
لا يجوز رهن المصالحة الفلسطينية بأي تطورات اقليمية او دولية، فهذه حتمية وليست خيارا، ولأجل ذلك تحمل الرئيس التهديدات المباشرة لأنه لم يسمح لنتنياهو بوضع القيادة الفلسطينية بين خياري السلام وحماس، فقال: نريد السلام، أما نحن فشعب واحد .
قد لا تسمح الأجواء القائمة في مصر بعقد جلسات المصالحة للبدء في تنفيذ ما اتفق عليه، لكن من قال ان الوحدة الوطنية مرتبطة بالوضع الداخلي لأي دولة عربية، فإن كنا نتفهم الأسباب المانعة الآن، فإننا نعتقد أن ذات الأسباب يجب ان تكون المحفز لكل مؤمن بالوطنية الفلسطينية على اطلاق مسار المصالحة، فلعلنا نعطي مثالا يحتذى لأشقائنا العرب كما كنا دائما سباقين في تقديم الأمثلة النموذجية السياسية والكفاحية والنضالية والابداعية ... فلعل الأشقاء المصريين يقتدون بتجربتنا. أما محاولات اختلاق اعذار، ونقل الكلمات عن مواضعها، فانه عمل لا يبشر بخير, في وقت نحن احوج ما نكون فيه الى خير وطني، فربيعنا الفلسطيني طال انتظاره ولا بد أن يأتي في موسمه مهما بلغت التضحيات .
الرئيس ابومازن .. رجل دولة دولي محترف ومهني
بقلم: الدكتور عيسى ابوزهيرة – جريدة القدس
يوجد في علم السياسة منهج معروف ومشهور يسمى " منهج صنع القرار- دراسة الحالة النفسية الذاتية والموضوعية لصانع القرار " طبق على رجال حكم من امثال روزفلت و ترومان وكندي والسادات وكارتر وغيرهم من الزعماء . باختصار يقول المنهج ان لكل زعيم ورجل دولة بيئة سيكولوجية خاصة به تؤثر وتتاثر بالعوامل الموضوعية المحيطة به من ظروف سياسية محلية ودولية.
يضاف الى ذلك انه من الصعوبة بمكان تصوير نسخة( استنساخ) ( من رئيس لرئيس اخر ) على المستوى النفسي والذاتي ؛ مع ثبات بعض العوامل السياسية الموضوعية وتغير بعضها الاخر؛ فعلى سبيل المثال لا يمكن تصور تشابه السمات الشخصية لناصر ب الميزات الذاتية للسادات ؛ علما ان ظروف مصر الموضوعية ثابتة في بعضها ومتغيرة في بعضها الاخر .ان
الحديث هنا يتمحور حول البيئة النفسية للرئيس ابومازن وادائه وسلوكه السياسي كرجل يحكم البلاد والعباد والمسؤول الاول عن القضية الفلسطينية المركزية .
بداية ما هي المعايير العلمية والمنهجية التي تحدد سلوك سياسي ما على انه مهني وعلمي واحترافي ؟ العلم يقول ان الاسس التالية هي التي ترسم ملامح الشخصية السياسية المهنية:
اولا:الانطلاق من التوازن بين الامكانات والقدرات والاهداف و الانطلاق من حسابات المكاسب والمخاسر ( المغانم والمغارم ) كما تقول الفلسفة الاسلامية ‘ والعمل على تحقيق الممكن القابل للتنفيذ والانسيابية والبساطة، والبراجماتية .
ثانيا :العمل دون الاندفاع العاطفي وبتجرد عقلي دون مؤثرات نفسية غير رشيدة .
ثالثا : الاستمرارية والثبات على الموقف البراجماتي دون كلل او ملل ؛ والبناء التراكمي للوصول الى الهدف .
رابعا : العمل وفق خطة وبرنامج ومنهج علمي والتركيز على الهدف الاستراتيجي وعدم الانجرار وراء المصالح الآنية العارضة .
خامسا :العمل ضمن قواعد اللعبة السياسية والنفاذ الى المصالح الحيوية من خلال سلوك هذه الطرق والادوات دون استفزاز او ازعاج اللاعبين الدوليين .
سادسا : المرونة والعقلانية والكياسة الكافية للتعاطي مع جميع الاطراف وان تناقضت وتعارضت وتناحرت .
مما تقدم يمكن
لنا توضيح الاسس السياسية العملية المُمارسة ( توضيح الواضح ) كما تقول الفلسفة ؛ وتفسير بعض الظواهر السياسية التي تم التطرق لها كثيرا ونضجت مؤخرا :
اولا : قيل عن الرئيس ابو مازن انه ضعيف( وكنت مع من قال عنه ذلك) كما قيل عن ترومان وكارتر والسادات وغيرهم ؛ ومع الاختلافات بينهم لم يعجزوا عن صنع القرار المصيري ؛ وها هو الرئيس ابو مازن يوصل القضية الفلسطينية الى اول شاطئ دولي آمن .
ثانيا : قيل عنه انه يضيع الوقت في العمل الدبلوماسي غير المجدي والعبثي ( وكنت مع من قالوا عنه )واذا به يرفع اوراق اعتماد قضيتنا الى اعلى سلطة برلمانية دولية ).
ثالثا : قيل عنه يمارس دور الرئيس بمنهج وظيفي ( بمعنى موظف برتبة رئيس )( وكنت ممن قالوا ذلك )؛ ولكن الرجل اثبت انه رجل دولة دولي محترف .
رابعا : (قالوا وقلت عنه ان يتردد ويخاف ولا يجرؤ ) ‘ وتحمل الكثير من التجريح الشخصي والذاتي ؛ ولكنه لم يترك تركيزه على هدفه وحقق ما يريد ولم يحسب حساب احد من الدول المُهددة و اثبت ابو مازن مدى عنده وجرئته في طرح المصالح الوطنية .
خامسا : قيل عنه لا يتمتع باي جانب كارزمي وكنت معهم في هذا الحديث ( ومع ذلك كان حضوره قوي في هيئة الامم )(ومن قال ان رجال الدولة بحاجة الى منظر تلفزيوني و جاذبية سينمائية وحضور مسرحي بل محقق مصالح وطنه وشعبه )؛ كما ان نظرية الدور الكارزمي عادت الى الوراء في ظل تعزز المنهج المؤسسي والمشاركة الفاعلة في اتخاذ القرار وصنعه .
سادسا : ايمانه المطلق ب العمل التفاوضي والدبلوماسي والسياسي ( العيب هنا ليس في الاداة السياسية السلمية بل في تجبر قوى الاحتلال وظلمه ومن هنا كان المخرج اللجوء الى البرلمان الدولي والمؤسسات الدولية ذات الصلة من اجل تثبيت الحق واحقاقه )؛ ان ما انجز وضع فلسطين مكانة محترمة بين الامم وشعوب العالم اجمع واثبت ان القضية الفلسطينية تستحق كل سند ودعم ومؤازرة كقضية انسانية سامية ونبيلة .
سابعا : نجح ابومازن في ضم فلسطين للعالم واتى بالعالم الى فلسطين ؛ نعم ان القضية الفلسطينية اليوم اصبحت بلا منازع القضية الاكثر وجودا على المسرح الدولي؛ ووضع الاحتلال في موقف شائن ومهيُن ومنُعزل .
ثامنا : الخبرة والتمرس والمهنية والاحترافية السياسية الدولية والحديث مع العالم وفق لغتهم ومنطقهم وجدلهم ؛ انني لا اجازف اذا قلت ان ابو مازن هو اكثر رئيس مارس الحوار الهاديء والمرن والعقلاني السياسي الدولي على مستوى رؤساء العالم اجمع .
ان هذه الظاهرة الحديثة ( العمل والنجاح الدبلوماسي الدولي المثمر )ستفرز نتائج سياسية مستقبلية - تعتمد على الاستمرار في هذه العملية ومدى قدرتنا على تطويرها واستثمارها وتعزيز منهجها ونهجها حتى تأتي بثمارها .
أوروبا والدور المطلوب لمواجهة التوسع الاستيطاني
بقلم: حديث القدس – جريدة القدس
تتحرك بعض الحكومات الأوربية هذه الأيام، خصوصا بعد أن أوغلت الحكومة الاسرائيلية في عمليات التوسع الاستيطاني، لمواجهة هذه الظاهرة التي تهدد بنسف عملية السلام كليا، والقضاء على أي فرصة لحل الدولتين الذي تبنته الأسرة الدولية، وصادق عليه مجلس الأمن الدولي قبل أعوام قليلة.
وحتى الآن كان الموقف الأوروبي من الاستيطان غير فعال ولا مؤثر في الحد من الامتداد الاستيطاني في الضفة الغربية عامة، والقدس الشرقية على وجه الخصوص. وأقل ما يمكن قوله في ما يتعلق بهذا الموقف هو أنه لم يرق إلي المستوى المطلوب، واقتصر في معظمه على التقارير التي يقدمها السفراء والمبعوثون الأوروبيون إلى حكوماتهم، أو إلى الدوائر المختصة في الاتحاد الأوروبي، والاتصالات مع الحكومة الاسرائيلية التي لا يتم الكشف علنا عن فحواها، لكن جدواها العملي لا يكاد يذكر، لأن فعالية أي جهد في هذا المجال إنما تقاس بالنتائج على أرض الواقع. وليست هناك أي نتيجة للجهود الأوروبية على شكل وقف أو تجميد للبناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية خلال العقود الماضية.
وتستطيع أوروبا، سواء من خلال الاتحاد الأوروبي أو عبر إجراءات تقوم بها حكوماتها على انفراد، أن تقوم بخطوات فعالة وضاغطة على الحكومة الاسرائيلية بما يؤدي فعليا لكبح التوسع الاستيطاني الذي تفاقم خطره خلال الأيام القليلة الماضية. وهناك إجراءات اقتصادية وسياسية في متناول الدول الأوروبية، ليس أقلها حظر استيراد السلع المصنوعة أو المنتجة في مستوطنات الضفة الغربية، وسحب الأموال المستثمرة في شركات مالية وإنشائية اسرائيلية ودولية تشارك في النشاطات الاستيطانية.
وهناك اتفاقيات للتعاون العلمي التكنولوجي بين عدد من الدول الأوروبية واسرائيل يمكن استخدامها كورقة ضغط على اسرائيل، لردعها عن مواصلة عمليات التوسع الاستيطاني. كما أن بإمكان هذه الدول ممارسة نفوذها لدى الولايات المتحدة لسحب شبكة الأمان السياسية التي توفرها واشنطن للحكومة الاسرائيلية، خصوصا ما يتعلق بالقرارات التي تدين الاستيطان في مجلس الأمن الدولي، ورفع خطر الفيتو الذي يتم إشهاره على مثل تلك القرارات.
ومع أهمية الدور الأوروبي المطلوب، بسبب ثقل القارة اقتصاديا ودبلوماسيا وتاريخها العريق في مجال الدفاع عن حقوق الشعوب، فإن الدور الأهم يبقى منوطا بالسطة الفلسطينية المتضررة رسميا وشعبيا على صعيد التراب الوطني بالسرطان الاستيطاني المنتشر في أرجاء الوطن. ويفترض أن لا تكون هناك حاجة للتذكير بأن من مسؤولية السلطة أن لا تدخر أي جهد في التوجه لمختلف الهيئات والمنظمات الدولية لتفعيل جهود تلك الهيئات والمنظمات وتحفيزها للتحرك الفعال لوقف الاستيطان. وإذا تعذر استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، فهناك المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية وغيرها من الجهات العالمية المؤثرة. المهم أن لايستمر العمل دون كلل لإبقاء هذه القضية في صدارة الاهتمام الدولي الفعال والقادر على تجميد الاستيان كخطوة أولى نحو تصفية هذه الظاهرة الاستعمارية واقتلاعها من جذورها.


رد مع اقتباس