اقلام واراء محلي
ابرز ما جاء في هذا الملف:
ما في رواتب.. كلوا الزبيب!
حسن البطل عن الايام
انتفاضة ثالثة!
حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة
المصالحة الفلسطينية أولوية وطنية
عرفات ابو راس عن القدس
موقفنا وتمثيلنا في دمشق
عدلي صادق عن الحياة الجديدة
كونفدرالية بالأيد أم دولة على الشجرة ؟
رجب ابو سريه عن سما الاخبارية
فاروق الشرع للمرة الثالثة!
يحيى يخلف عن الحياة الجديدة
الدولة الفلسطينية والاستعداد للمعارك القادمة
جمال قاش عن وكاله معا
ما في رواتب.. كلوا الزبيب!
حسن البطل عن الايام
الابنة، تلميذة "فريندز" سألت صديقي والدها الموظف في المقهى عشرة شواكل لسندويشتي فلافل لها ولصديقتها. الأب أعطى وأشار إلى عنوان الجريدة: "لا موعد لصرف الرواتب.." البنت أعادت المال، وطبعت على خدّ الوالد بوسة. مشت خطوتين، ثم استدارت والتقطت الشواكل ضاحكة!.
كلوا فلافل؟ ذات مرّة قال إسماعيل هنية ـ لما كان رئيس حكومة الوحدة العابرة ـ كلوا زعتراً وزيتاً وملحاً وخبزاً. ثلاثة سندويشات فلافل يومياً، لأسرة من أربعة أفراد تكلفها 60 شيكلاً يومياً.. وما بالخبز (والفلافل والزعتر) يحيا الإنسان (الفلسطيني).
إذن، كلوا عشرين حبة زبيب يومياً، وحبتي جوز (أربع فلقات)، دون حاجة لكم لشراء العنب الإسرائيلي، اللابذري، في "الكوانين"، أو بطيخ الشتاء الإسرائيلي من الغور. كل حبّة زبيب تعادل قيمتها الغذائية عشر حبات من العنب، وأما الجوز فهو وقاية من السرطان والكوليسترول.
.. أو، كما اقترح سلام فياض بالأمس على الصحافيين، نقل مقاطعة البضائع الإسرائيلية من مبادرة تطوعية شعبية إلى سياسة سلطوية رسمية. يعني بلاش عنب وبطيخ "الكوانين"، وجبنة "عيمك" وهذا "الشيبس" الإسرائيلي.. إلخ.
أموال المقاصة المحتجزة إسرائيلياً هي 120 ـ 150 مليون دولار، ولعلّها أقل من قيمة ما نستورده غذائياً من إسرائيل، ولا حاجة لنا به، دون أن نأكل الفلافل ثلاث وجبات، أو نغمّس الخبز بالزيت والزعتر.
لم أحضر لقاء الأمس مع فياض، لأن موعدي مع الطبيب أهمّ، ومن ثم ذكّرنا فياض بما لا ننساه، فاحتجاز أموال المقاصة لم يعد إجراء بل سياسة عقابية، مارسها نتنياهو سنة 1997 مدة شهرين، وباراك مدة سنتين، وشارون كذلك 2001ـ2002.. وحتى أولمرت عملها لمدة 16 شهراً، والآن عاد إليها نتنياهو مرتين في 2011 ومرة ثالثة في 2012.
كيف اجتزنا العقوبات ودفعنا الرواتب؟ ملك السعودية اقترح على قمة عربية تمويلاً للسلطة في سنوات الانتفاضة 2001ـ2002، وتم دفع العون "بدقة الساعة السويسرية" حسب فياض.
الآن، تطلب السلطة شبكة أمان 100 مليون دولار (بدلاً من مائتين).. ولكن "لا موعد محدداً لصرف الرواتب" علماً أن عائدات دول النفط الخليجية 400 مليار دولار سنوياً، والوليد بن طلال اشترى طائرة إيرباص 380 بقيمة ملياري دولار.
فياض طرح أربعة اقتراحات للتعامل مع الأزمة المالية: شبكة أمان عربية. تسهيلات من البنوك كما حدث 2006. استخدام فائض الشواكل لدى البنوك. بيع بعض موجودات صندوق الاستثمار الفلسطيني.
يوم ـ يوم، أو شهر ـ شهر، أو "حل جذري" مثل مقاطعة (أو ضبط) استهلاك بضائع إسرائيلية تبدأ دفعتها التجارية بالرقم 972.. أو ماذا؟ لماذا يحق للجمهور أن يشتكي على السلطة، ولا يحق لها الشكوى من الجمهور. كيف؟
هذه المرة، برّرت إسرائيل احتجاز أموال المقاصة بتسديد ديون السلطة (والشعب) لشركتي الكهرباء والمياه الإسرائيليتين بقيمة 1700 مليون شيكل. ليدفع القادرون، وليعفَ غير القادرين، ولنتخلص من "ثقافة عدم الدفع".
مع ذلك، فالمسألة معقّدة ومتداخلة، وإلاّ لماذا تهدم إسرائيل خلايا شمسية لتوليد الكهرباء في المنطقة (ج).. ولماذا تهدم آبار جمع مياه الأمطار في تلك المنطقة، وتخرّب ما موّله الأوروبيون لإصلاحها، علماّ أن بعضها يعود إلى زمن ما قبل إقامة إسرائيل.
أكثر من هذا، فإسرائيل تنهب 75ـ80% من المياه الجوفية للضفة، ولا تدفع مقابلها أغورة واحدة، وتضبط بشدة حفر آبار فلسطينية أو تمنع تعميقها للوصول إلى الطبقات الحاملة للمياه بوفرة.. ثم تبيعنا مياهنا المنهوبة، أو تسلب حصتنا من مياه نهر الأردن.
أعرف أن فك الارتباط بين الاقتصادين هو في صعوبة "استلال الشعرة من العجين"، وأن صادراتنا لإسرائيل تشكل معظم صادراتنا، ووارداتنا منها تشكل نسبة مئوية مهولة من الواردات الفلسطينية.
لكن يمكن لنا خوض الحرب على جبهة 972 (دفعة البضائع الإسرائيلية) ولو بشكل بسيط لبضائع لا حاجة لنا بها.
في الشعار يقول الفلسطينيون: الجوع ولا الركوع، لكن في الواقع يقولون: وين الراتب يا سلام؟ "دبّرها يا مستر بل.. بلكي على إيدك تنحل" كما قال بعض الفلسطينيين زمن الانتداب البريطاني!
.. أو دبّرها يا شيخ حمد!.
انتفاضة ثالثة!
حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة
منذ سنة ونيف والإسرائيليون سياسيين وعسكريين ومحللين يتحدثون عن انتفاضة ثالثة، واسهبوا في وصفها والاستعدادات العسكرية لمواجهتها وكأنهم يستمطرون انتفاضة جديدة لردم ما فات من ممارسات إسرائيلية وإعادة إنتاج الفلسطيني الارهابي الذي ينشر الموت في المدن والحافلات والمطاعم. لكن الانتفاضة المسلحة المتوقعة لم تحدث فلسطينياً، بل كانت انتفاضة إسرائيلية استيطانية بامتياز، فالسنوات الأخيرة شهدت انتفاضة مستوطنين ضد المواطنين في الضفة الغربية. وشهدت انتفاضة سياسية إسرائيلية ضد المفاوضات وضد الاتفاقات السابقة حتى أنهت أوسلو وتكاد تقبر حل الدولتين لكن الساحة شهدت في شهر تشرين الثاني الماضي انتفاضة فلسطينية ثالثة ذات وجهين الأول عسكري في غزة والثاني سياسي على مستوى القضية ككل برفع مكانة فلسطين إلى دولة غير عضو في الأمم المتحدة، وإذا كانت إسرائيل قد تقلب ظهر المجن للتهدئة في غزة بعد انتخاباتها إلا أنها لا تستطيع تغيير الواقع السياسي والقانوني في الأمم المتحدة، فالقضية دخلت مرحلة جديدة لا رجوع عنها مهما بلغ جبروت القوة الإسرائيلية. وأظن ان قادة الاستيطان في الحكم الإسرائيلي ينتظرون الظفر في الانتخابات لشن انتفاضة جديدة ضدنا لمحو آثار هزائمهم العسكرية والدبلوماسية ولهذا بدأوا منذ اليوم يروجون لانتفاضة فلسطينية كأنهم يوحون بها لبعضنا لكي يستدرجونا جميعاً إلى ميدانهم المفضل وهو ميدان العنف وسفك الدماء مستفيدين من الواقع الفلسطيني الاقتصادي الذي يزداد سوءاً بعد سرقة أمواله من قبل حكومة الاستيطان ومن اللامبالاة العربية حيث ما زال الحصار المالي مستمراً ومن حالة عدم الاستقرار في أغلب الدول العربية وحمامات الدم الجارية، فتحت ستار المذابح العربية الداخلية يمكن للاحتلال ارتكاب ما تمارسه بعض الأنظمة من قمع وتقتيل. فالمنطق يفرض علينا أن نتصرف بحذر في مثل هذا الوضع غير المنطقي، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن نترك مصير القضية بيد فرد أو مجموعة قررت في لحظة ما أن ترد على همجية الاحتلال بمثلها.. فقد شهدنا مثل هذه السيناريوهات سابقاً وعادت علينا بالوبال، ومن كان يمارس الرد في الوقت غير المناسب في السابق هو نفسه الذي ينطق الآن بلسان آخر مثل المصلحة العليا واحترام التهدئة.
إن قراءة الأوضاع السائدة تحتم علينا أن نكون أكثر من حذرين حتى لا يزج بالقضية في متاهات جديدة لا نستطيع منها فكاكا، ومن يدعي أنه يملك الحقيقة كاملة فإنه مطالب بإعادة القراءة وإعادة النظر إلى البيت الداخلي أولاً، وهل نحن في وضع مثالي لكي نغامر دون أن نكون في موقف المقامر؟ والأولى بنا أن نبني على ما استجد ونواصل درب المصالحة ودرب العمل على الساحة الدولية بثبات، لأن قعقعة السلاح هي ما يحب الاحتلال الآن سماعها.
المصالحة الفلسطينية أولوية وطنية
عرفات ابو راس عن القدس
وأنا أطالع الصحف والمواقع الالكترونية أثار انتباهي عنوان عريض ينص على تأجيل اتفاق المصالحة لحين الإعلان عن نتائج الاستفتاء على الدستور في جمهورية مصر العربية. لقد ذهل الكثير من الناس واصيبوا بخيبة امل كبيرة من هذه الاوضاع التي لا تحتمل الانتظار، خاصة أن المرحلة التي يمر بها الشعب الفلسطيني مرحلة حاسمة ومرحلة إعلان دولة على ارض الواقع باعتراف الأغلبية من الدول، فكيف يترجم هذا الاعتراف من قبل الفلسطينيين؟
ان الغضب الذي يرتسم على ملامح المواطنين الفلسطينيين،بخطوط عابسة وألوان داكنة، تعبيرا عن الوجع المعيشي والظروف الصعبة والرفض السياسي بدرجات متفاوتة، خاصة بعد الإعلان عن نوايا جدية وحازمة بين حركتي فتح وحماس لانهاء الانقسام ووجود افعال ملموسة على ارض الواقع والتي من أهمها السماح لحركة حماس باقامة مهرجانات واحتفالات بذكرى انطلاقتها في كافة محافظات الوطن...
ولكن الأمور اليوم اصبحت معلقة ومرهونة بالأوضاع السياسية في مصر وكأن الاخيرة اصبحت وصية على الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال منذ اكثر من ستين عاما.الجامعة العربية ومنذ نشأتها عام 1945 لم تجد حلا عادلا للقضية الفلسطينية ولم تمارس اي ضغط على الجانب الاسرائيلي بالانسحاب من الاراضي المحتلة عام 1967 بسبب انقسام العرب بين مؤيد ومعارض نتيجة لضغوطات خارجية من دول كبرى ونتيجة مصالح خاصة، في حين يكتفي المؤتمرون في كل الاجتماعات بالخطابات والشعارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. ناهيك بأن الجامعة العربية اتخذت قرارات فيما بينها بعدم تدخل اي دولة في شؤون الدولة الأخرى.
لذا فإن قضية الانقسام والخلافات الداخلية بين حركتي فتح وحماس هي شأن داخلي ولا يجوز لأي دولة من الدول أن تتدخل في شؤونها الا بموافقة الطرفين المتخاصمين.
لا يمكن الانتظار طويلا لأن الامور وصلت الى حالة يرثى لها واصبحت قضايا الشعب الفلسطيني وهمومه وإعادة اللحمة بين شطري الوطن تنتظر ما ستؤول اليه الاحداث في مصر خاصة بعد إعلان الاستفتاء على الدستور الامر الذي يزيد من التشكيك عند المواطن الفلسطيني بجدية التحرك وانهاء الانقسام بين شطري الوطن،لأنه بات من المستحيل الرجوع للخلف في ظل المعطيات والممارسات الايجابية بين الطرفين.
السؤال المطروح: الى متى يبقى الشعب الفلسطيني رهينة هذا الجانب أو ذاك ،من الاجدر أن يكون الشعب الفلسطيني قادرا على حل قضاياه و مشاكله بنفسه دون وساطة ودون انتظار.
على حركتي فتح وحماس ان تسارعا الى اتمام الوحدة الوطنية وتنفيذ ورقة المصالحة وليقف ابناء الشعب الفلسطيني في جبهة واحدة وموحدة للتصدي لتلك الهجمات والتحديات وللرد بقوة على تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يسعي هو وحكومته الى تغييب القضية الفلسطينية وزعزعة الاستقرار واثارة الفتنة بين ابناء الشعب .
إننا ننظر بجدية لكل المبادرات الهادفة والبناءة سواء عربية اوغير عربية والتي تهدف الى إعادة الوحدة بين شطري الوطن ودعم صمود الشعب الفلسطيني على ارضه ومجابهة كافة التحديات التي من شأنها إضعاف الشعب الفلسطيني في التخلص من الاحتلال وحصوله على دولة مستقلة ذات سيادة وإعادة كافة الحقوق المسلوبة. فهنالك تأييد دولي واسع للحقوق الفلسطينية.
موقفنا وتمثيلنا في دمشق
عدلي صادق عن الحياة الجديدة
لا أدري إن كانت النصيحة ستفيد، وبخاصة عندما نصبح في أمسّ الحاجة اليها، أم إنها ستكون ثقيلة الدم على المعنيين بها. لكننا سنجرّب ونقول، لا بد من سحب ممثلنا الذي حلّ منذ بداية الأحداث، تحت عنوان «مكتب الدائرة السياسة لمنظمة التحرير في دمشق» قبل فوات الأوان. وسأبتعد هنا، عن الحيثيات الشخصية، لأن المسألة ليست شخصية. غير أن ما ينبغي التأكيد عليه، هو أن النظام السوري بات بلا أسرار، إلا ما يخص حلقة ضيقة جداً في رأس هرم النظام. والمنشقون عن النظام السوري، يعرفون التفاصيل على صعيد قاعدة ارتكاز نظامهم وعناصره في كل حارة وبلدة وضَيْعة ريفية في الداخل، وفي كل بلد في الخارج. كذلك فإن الشارع، في سوريا، يعرف الكثير، لأن الغرور القاتل، كان من بين طبائع النظام، في أيام رخائه، لدرجة أنه أوحى للناس، أن قدرة رب العالمين عز وجل، هي دون زحزحتهم عن سدة الحكم، وأن الأسدية ستحكم لخمسمئة سنة كابراً عن كابر، وبالتالي ليست المباهاة بالموالاة له، إلا وسيلة تجميل يلامس التبجح، بالنسبة للموالين!
من جهة أخرى، نحن، في مضمون موقفنا الرسمي المتوازن، نريد أن ننأى بأنفسنا عن الصراع الذي دخل مرحلته الأخيرة، ومن الخطأ أن يُحسب علينا موقف ممثل لفلسطين، يقول إن الجيش الحر، بدخوله الى مخيم اليرموك، هو سبب قصف المخيم وسقوط الضحايا، علماً بأن الضحايا يسقطون منذ شهور، وعلماً كذلك بأن الرئاسة الفلسطينية حمّلت النظام المسؤولية عن القصف، وعلماً أيضاً، بأن مرتزقة أحمد جبريل، فرضوا قبضتهم بالسلاح على أهالي المخيم، وظلوا يحاولون إكراه الشباب على الالتحاق بزُمر الشبيحة، ومن يأبى يُهان أو يُسجن أو يصعب عليه الوصول الى فرن الخبز، لكي يحصل على بضعة أرغفة. وإن كان من حق كل إنسان، أن يعبر عن موقفه، فليس من حق أي إنسان، مهما كانت صفته، أن ينطق باسمنا إن كانت القيود التي وضع نفسه فيها، تحتم عليه أن يحرف الحقائق. فالجيش السوري الحر، سمع تصريح ممثلنا في دمشق، ونحمد الله، أن ليس لنا ممثل في حلب وريف دمشق ودير الزور وغيرها، لكي ينطق بكلام مضاد.
منذ بدايات الأزمة، تبنت منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية موقفاً مسؤولاً، هو أفضل المتاح لنا، لكي لا يؤثر أي موقف آخر، على أمن شعبنا في سوريا. لكن الفقير الى الله، كاتب هذه السطور، كان على قناعة بأن النظام الذي ظل يحاربنا لأكثر من أربعين سنة، في أيام رخائه وسطوته، لكي يضع الورقة الفلسطينية في جيبه، لن يقبل منا الحياد، وأنه سيعمل بكل فنون الدسيسة التي لا يعرف غيرها، على الزج بنا في أتون الصراع، لكي تكون ورقتنا القوية في جيبه، لا سيما وأن مخيم اليرموك، ليس مخيماً فلسطينياً مغلقاً على الفلسطينيين دون سواهم، بل هو حي دمشقي مفتوح يقطنه الناس من كل حدب وصوب، وفق معادلات العرض والطلب والأسعار في السوق العقارية، وتأسست فيه أفرع للمتاجر والمحال الدمشقية القديمة، وبالتالي فإن ثورة المجتمع السوري على النظام القاتل المستبد، لن تستثنيه. وكان أن لجأ بعض ضحايا النظام، منذ بدايات الحراك السلمي، الى مخيم اليرموك، بعد أن باتت قراهم ومهاجع نومهم في الأحياء، تحت القصف وفي مرمى النيران بالدبابات والمدفعية والطيران. ومثلما تعاطف إخوتنا السوريون مع الأهل الفلسطينيين في بدايات النكبة، كان طبيعياً أن يُحسن الفلسطينيون وفادة إخوتهم السوريين في نكبتهم الكبرى. وعندما يضع الجيش الحر، هذا الحي (المخيم) على خارطة عملياته، فهو يتحرك في جغرافيا بلاده، وحيثما يوجد شعبه، وهنا يكون جبريل متطفلاً ومستمراً في سياقه التاريخي، وهو أن يحارب الشعب الفلسطيني في أي صدام بين حركته الوطنية والنظام الاستعلائي صاحب الاغتيالات والفتن والحروب الجانبية. فطوال حياته، كان جبريل يرمينا مع النظام السوري من قوس واحدة، وكان أسياده يحمونه ولولاهم لما بقي على دأبه الشائن!
أتمنى سحب تمثيلنا في دمشق. فماذا سيكون موقفنا، لو أن الجيش الحر استهدف الناطق باسمنا في بلاده. فمن جهة، سيؤلمنا التعرض له، وفي الوقت نفسه، سنتأذى من وضعنا في خانة المستهدفين في تمثيلنا بأشخاصه وأسمائه، وسيضعف موقفنا الرسمي أمام الشعب السوري، الذي يخوض حرباً عادلة، فرضها عليه نظام غاشم لا تشرفنا أية علاقة معه، بل يسعدنا ويُسجل لصالحنا كفتحاويين، أننا ظللنا خصومه الذين لا يطيقهم، طوال تاريخه الأسود!
كونفدرالية بالأيد أم دولة على الشجرة ؟
رجب ابو سريه عن سما الاخبارية
قد تبدو زيارة الشيخ حمد بن خليفة , أمير دولة قطر , لرام اللة , يوم الجمعة القادم , محاولة منه , لأحداث حالة من التوان في علاقته بين الفريقين الفلسطينيين الداخليين , كما اوحى بذلك البعض , لكن وبالنظر , الى ان الأعلان عن الزيارة , جاء بعد وقت من زيارته لغزة , والتي كان يمكن ان يشترط لها مرافقة الرئيس الفلسطيني , كما فعل رئيس الحكومة التركية , رجب الطيب أردوغان , مثلا , او حتى أن تكون الزيارتان _ لغزة ورام اللة _ مترافقتين , وقد كانت زيارته لغزة , قبل الحرب الثانية عليها , ولم تكن ضمن زيارات التضامن , بعد او خلال الحرب عليها , كما فعل الكثيرون , لذا يمكننا القول بأن للزيارة أهدافا أخرى , وربما كانت تسعى لبث رسائل عديدة , وفي أكثر من أتجاه .
فمما لا شك فيه أن الحرب الأسرائيلية الثانية على غزة , جاءت في احد أهدافها ونتائجها , لقطع الطريق على مشروع الأعمار القطري فيها , الذي رصد له 400 مليون دولار , خسرتها غزة , بسبب الدمار المباشر الذي لحق بها , جراء تلك الحرب , كذلك يمكن القول , بأن الزيارة تشي بإمتعاض قطري تجاه حماس وأخوان مصر بالتحديد , الذين سعوا منذ أن تمكنوا في الحكم , لأدارة الظهر , وحتى تهميش الدور القطري الأقليمي , من خلال محاولتهم العمل وفق حقيقة ان مصر دولة أقليمية , تسعى لتشكيل محور أسلامي / سني مع تركيا , والخروج من " تحت الأبط " القطرية , وقد ظهر ذلك في اكثر من مناسبة , كما ان غزة , ذاتها بدأت تنسى , الجميل القطري تجاهها , من خلال التغني ليل نهار بالنظام المصري الجديد .
كذلك يمكن الأشارة الى أن قطر , تحاول أن تعيد ترتيب اوراقها الأقليمية , خاصة بعد أن أعلن رئيس حكومتها , الرجل الذي يصنع سياستها العامة , الشيخ حمد بن جاسم , عن " موت " المبادرة العربية , المسجلة بأسم المملكة العربية السعودية , الدولة ذات الثقل المركزي الأقليمي وعلى الصعيد العربي , والتي تحاول قطر منذ وقت طويل ان ترث مكانتها , على مستوى الأقليم , كذلك بعد ان حقق الرئيس عباس أنجازه المهم في الأمم المتحدة , لذا فأن الزيارة , قد لا تكتفي ببث الرسائل في اكثر من أتجاه , وقد تسعى لشق طريق سياسي , له علاقة بالشأن الفلسطيني , بعيدا عن المصالحة بين السلطة وحماس , والتي رعتها قطر مع مصر , دون ان تحقق أي نتيجة .
واقعية السياسة القطرية , ومراهناتها على رسم مستقبل مختلف للمنطقة , يضمن لها مكانة مركزية مقررة , تدفعها للبحث في كيفية حل الملف الفلسطيني , ضمن الترتيبات الجاري إحداثها في المنطقة , حيث يبدو انه ليس حل الدولتين في خطر فقط , ولكن الحل على اساس المشروع الوطني الفلسطيني , القائم على أساس دولة موحدة في الضفة الغربية / غزة / والقدس , هو في خطر , وان التحولات تدفع بأتجاه ترجيح حل يقوم على أساس أقليمي , من ضمنه كيانان فلسطينيان , واحد في غزة والآخر في الضفة , اي آخذا بعين الأعتبار , الواقع الجغرافي , من خلال ربط غزة بمصر والضفة بالأردن .
وفي الحقيقة , فأن حلا للمسألة الفلسطينية , لا يقوم على اساس وحدة غزة والضفة , يضع جناحي الوطن الفلسطيني , أو كيانيه في مشكلة جغرافية , قبل أن تكون سياسية , فغزة مكتظة بالسكان , وتحتاج الى عمق جغرافي , إن لم تجده في الضفة , من خلال دولة فلسطينية واحدة وموحدة , فبالضرورة أن تبحث عنه في مكان آخر , بالتأكيد لن يكون البحر ولا النقب , بل سيناء , وهو ثمن يمكن لمصر الأخوانية أن تدفعه للأسرائيليين , مقابل الأحتفاظ بحكمهم لمصر , فيما الضفة الغربية , دون غزة , تفتقد الأتصال الخارجي مع العالم , وتتحول الى جغرافيا داخلية , ليس لها من منفذ على العالم سوى من خلال الأردن .
أمام السلطة الفلسطينية , خيارات صعبة , فهي اما ان تسلم للأخوان وحماس , من خلال مصالحة وفق شروط حماس , التي باتت تعلن بوضوح انها الفصيل الأول , أي ان مفهومها للشراكة , بات قائما , على أساس تسليمها قيادة الشأن الفلسطيني بالكامل , كما هو حال الأخوان في مصر , أو أن تقيم دولة فلسطينية , من خلال كفاح مرير مع الأسرائيليين في الضفة الغربية , ثم تطالب بضم غزة , ولو عبر وحدة فدرالية , أو أن تتجه للشراكة مع الأردن , لذا فقد بات مقترح الكونفدرالية مع الأردن يطل برأسه مجددا .
الأردن بدوره يدرك بان الأسرائيليين من مصلحتهم حل الملف الفلسطيني , في الضفة الغربية , على حساب الأردن , وقد جعل تحالف الليكود / بيتنا , أي نتيناهو / ليبرمان , من حقيقة ان أسرائيل أحتلت الضفة الغربية , حين كانت جزءا سياسيا / اداريا وقانونيا من المملكة الأردنية الهاشمية , برنامجا أنتخابيا له , وفي مواجهة المبادرة الفلسطينية بالعودة للمفاوضات , بعد القرار الأممي , بمنح فلسطين صفة دولة تحت الأحتلال , سيطرح نيتنياهو بعد الأنتخابات الأسرائيلية القادمة , التفاوض مع الأردن , وفق صيغة مدريد , التي جرت قبل نحو عشرين عاما وفي ظل حكم الليكود .
المشكلة التي تواجه الأردن والسلطة الفلسطينية , هي ان خصمهما السياسي الداخلي : اخوان الأردن وحماس , يمكنهما ان يتوافقا مع ذلك السيناريو , وما ان ينتهي الجميع من الملف السوري , حتى تنتقل عجلة الحراك الى الأردن والضفة معا , بهدف تسهيل وصول الأخوان فيهما الى الحكم , والتساوق مع هذا الأتجاه للحل .
لذا سارع الملك الأردني عبد اللة الثاني , الى رام اللة , وقد أدرك الطرفان _ الأردني والفلسطيني _ انهما في مركب واحد , وحيث ان الموقف الفلسطيني الثابت تجاه مقترح الكونفدرالية , منذ ان اعلن الملك الأردني الراحل الحسين الأول , مشروع المملكة المتحدة , هو عدم رفض هذة الصيغة , ولكن بعد أقامة الدولة الفلسطينية , خشية ان يؤدي المقترح للتنازل عن " مناطق أو اراضي " شاسعة من الضفة الغربية , ولكن يمكن الآن " الأدعاء " بأن القرار الأممي يتضمن أعلان الدولة , وان وضعية فلسطين في الأمم المتحدة تفرض على اي مفاوض , البحث في انهاء الأحتلال عن أراضيها المحلتة منذ الرابع من حزيران عام 1967 .
ربما يكون من شأن زيارة الأمير القطري , أحتواء ما يشعر به الفلسطينيون والأردنيون معا من أمتعاض تجاه الأخوان المسلمين , خاصة المصريين , الذين باتوا يحكمون مصر , كذلك , محاولة خلق محور , يعيد لقطر دروها الذي " ضعف " قليلا , بعد التنكر الأخواني لها , وقطر تدرك الفرق بين نظامين معتدلين في الأردن ولفلسطين , يمكن تحقيق التغيير فيهما بالأحتواء , ولا يحتاج الأمر إسقاطا للنظام فيهما , على طريقة ما حدث في أكثر من بلد عربي , في سياق " الربيع العربي " , لذا فأن ما سيبحثه أمير قطر في كل من عمان ورام اللة يبدو على قدر بالغ الأهمية , ليس بما يخص مستقبل الفلسطينيين والأردنيين , وحسب , ولكن ربما ما يخص مستقبل المنطقة بأسرها, وبما يؤثرعلى شكل الترتيبات الأقليمية , الجارية , على قدم وساق .
فاروق الشرع للمرة الثالثة!
يحيى يخلف عن الحياة الجديدة
منذ اندلاع الثورة السورية، برز فاروق الشرع في الاعلام في مناسبات ثلاث.. الاولى حين بادر الى عقد مؤتمر حوار وطني في الشهور الاولى لاندلاع المظاهرات السلمية من اجل ايجاد مخرج سلمي للأزمة، ولم يكتب لهذه المبادرة النجاح، لان الرئيس بشار الاسد ومنظومته الأمنية اختارا الحل العسكري، ولم يسمحا لأي جهد سياسي بأن يأخذ فرصته.
والمناسبة الثانية التي تداول الاعلام فيها اسم فاروق الشرع، كانت عندما تواترت الانباء عن انشقاقه، ومحاولته الهرب من دمشق، وبعض هذه الانباء كانت من مصادر المعارضة. لكن سرعان ما توقفت، وسط شائعات تقول ان السلطات السورية ألقت القبض عليه. وقيل في تلك الأيام انه وضع تحت الاقامة الجبرية، ثم ظهر وهو يستقبل مسؤولا ايرانيا في صورة عرضها التلفزيون السوري، وبدا فيها الشرع كما لو أنه مغلوب على أمره، وان النظام جلبه ليظهر في الصورة فحسب، وليقول - أي النظام - ان نائب الرئيس لم ينشق، وان النظام ما زال في أوج تماسكه.
وكاتب هذه السطور، دوّن على صفحته في الفيس بوك مدوّنة أعرب فيها عن قلقه على مصير فاروق الشرع، نقلتها العديد من المواقع الاخبارية الالكترونية، وسردتُ فيها شيئاً عن معرفتي واتصالي به، حين كلفني الرئيس ياسر عرفات عام 2003 بنقل رسالة للحكومة السورية من خلاله، في ذلك الوقت الذي كانت فيه العلاقة السورية الفلسطينية قد وصلت الى طريق مسدود، اثر الغاء زيارة كانت مقررة للرئيس عرفات الى دمشق، بينما كان الرئيس يتهيأ للاقلاع بطائرته من مطار ماركا في عمان.
وحين سألت الرئيس عرفات يومها لماذا يصرّ على ارسال رسالة للحكومة السورية بعد الغاء زيارته بشكل مهين، أجابني بأن سورية هي التي احتضنت الثورة الفلسطينية لدى انطلاقتها، وان سورية هي سورية اللاعب الكبير في المنطقة، وان علاقة الضرورة معها يجب ألا تنقطع سواء كان يحكمها القوتلي او الأتاسي او بشار الأسد.
وسردت في مدونتي تلك ايضاً كيف استقبلني وزير الخارجية آنذاك فاروق الشرع، وكيف لعب بعد ذلك دورا متصلا من اجل ان تعود العلاقة الفلسطينية السورية الى طبيعتها او ما يشبه ذلك. وتحدثت كذلك عن اتصال فاروق الشرع بالرئيس عرفات حين كانت الدبابات والجرافات تدق جدران غرفته بالمقاطعة في وقت تخلى فيه الرؤساء العرب عنه، وأغلقوا هواتفهم دونه.
وعبّرت في مدونتي عن القلق على مصيره، انطلاقا من الوفاء الفلسطيني لكل من قدم لفلسطين لحظة من دعم.
والمناسبة الثالثة التي أعادت فاروق الشرع الى الواجهة الاعلامية، كانت خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية، اذ نقلت الاخبار مبادرة تقدم بها لحل سياسي للأزمة السورية ذات ابعاد اقليمية ودولية، مؤكدا فيها ان أحداً لا يستطيع ان يحسم بالوسائل العسكرية، لا النظام ولا المعارضة.
ولعله من المبكر القول ان كانت هذه المبادرة هي مبادرته، أم انها مبادرة من الرئيس الاسد ومنظومته العسكرية والأمنية، خاصة وأن معركة دمشق قد بدأت، وان المعارضة المسلحة تحقق تقدماً في كل المواقع، وان سقوط النظام قد أصبح مسألة وقت.
لكن يمكن القول ان مبادرة الشرع التي طرحها من خلال مقابلة صحفية نشرت على صفحات جريدة مملوكة او قريبة من حزب الله، يمكن القول ان هذه المبادرة حازت على اهتمام واسع في الاوساط الاعلامية والسياسية، كما يمكن القول ان الشرع ما كان باستطاعته ان يطرح ما طرحه لو لم يكن هناك ضوء اخضر من رأس النظام السوري.
والسؤال الآن: هل صمت الشرع كل هذا الصمت على مدى عام ونصف العام، اكتنف خلالها الغموض على مصيره، وحريته، ودوره، ومكانته، هل صمت هذا الصمت الطويل ليعود الى الواجهة في لحظة يتحدد فيها مصير سورية ومستقبلها، ليقول كلمته أم يقول كلمة غيره؟!
أهي مناورة من النظام ليحصل على المزيد من الوقت في خطته الرامية الى تدمير كل شيء ليكرس سيادته فوق الرماد؟!
هل الشرع يصنع قدره أم ان الآخرين يصنعون أقداره وأقدار سواه؟!
هل هو طليق أم تحت الاقامة الجبرية. هل قال ما قاله لأن النظام يريد له ان يقول.. وكما ظهر بعد خبر انشقاقه في التلفزيون مرغماً يقول ما قاله مرغماً.
لا شيء يجري في النظام السوري من باب حرية الرأي والاجتهاد.. في سورية نظام ذو بعد واحد.. هناك ممثلون على المسرح، وهناك ملقن.. وما لا يظهر في الصورة الملقّن.. وماذا بعد؟
قد تكون تصريحات الشرع كلاماً عابراً، وقد تكون مناورة من النظام، وقد تكون أو لا تكون، لكنها في نهاية المطاف تأتي والجيش الحر على بعد أمتار، ولا مكان في هذه اللحظات لمبادرات من هذا القبيل!!
الدولة الفلسطينية والاستعداد للمعارك القادمة
جمال قاش عن وكاله معا
بين حلم الدولة الفلسطينية المستقلة وتجسيده مسافة كبيرة نجحت القيادة الفلسطينية في اختصارها بتحقيقها انتصارا تاريخيا على الصعيدين السياسي والدبلوماسي تمثل في انتزاع اعتراف غالبية الدول الأعضاء في الجمعية العامة بدولة فلسطين عضوا مراقبا في المؤسسة الأممية، ما أدى إلى حسم الجدل الأبرز حول وجود الدولة الفلسطينية بصفتها كيان قانوني في الساحة الدولية، حيث ان هذا القرار كشف وجود الدولة للعالم وأعطاها شهادة ميلاد، وبناءا على هذا الإنجاز التاريخي فإن سعينا وكفاحنا السياسي والقانوني يجب أن يتركز على دعم وترسيخ مكانة دولة فلسطين في الساحة الدولية عبر اتخاذ عدة خطوات أهمها:
1-تفادي الصدام المباشر مع الأطراف المؤثرة في المجتمع الدولي وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية لما لها من تأثير ونفوذ كبيرين في العالم، لاسيما ونحن نعيش في عالم يسوده نظام أحادي القطبية.
2-ترتيب البيت الفلسطيني وإنهاء حالة الانقسام تمهيدا للبدء بوضع إستراتيجية موحدة يكون أساسها التمسك بالثوابت الفلسطينية بهدف تهيئة المناخ السياسي الصحيح لبناء منظومة علاقات دولية جيدة مع العالم من خلال الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية والانخراط في العديد من المعاهدات الأممية.
3-التوجه إلى الهيئات والمنظمات الدولية البعيدة نسبيا عن التأثير السياسي والمالي للمظلة الأمريكية، كمنظمة العمل الدولية والسياحة الدولية واتفاقية حقوق الطفل مثلاً، ما يوفر علينا الخوض مع الأطراف المذكورة في مدى تبلور الشخصية القانونية لدولة فلسطين على مستوى مفهوم القانون الدولي لاسيما وأننا لازلنا تحت الاحتلال.
وبهذا نكون قد انتهجنا أفضل السبل للنجاح في ترسيخ الشخصية القانونية لدولة فلسطين على الساحة الدولية من خلال الانضمام إلى الهيئات الأممية الصغيرة والغير مثيرة للجدل أمريكيا وإسرائيليا، كما نكون قد أضعنا الفرصة على أمريكا وإسرائيل للطعن في مدى تحقق الشخصية القانونية لدولة فلسطين.
أما على الصعيد السياسي فإننا بإتباع هذه الخطوات نكون قد أوضحنا للمجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة أن هدفنا ليس عزل إسرائيل عن المجتمع الدولي، بل عزل سياسة إسرائيل الاحتلالية والاستيطانية.
هذا بالإضافة إلى أن الخطوات أنفة الذكر قد تتيح لنا في المستقبل إمكانية تغيير مواقف الدول التي امتنعت عن التصويت لصالحنا في الجمعية العامة وخاصةً الأوروبية منها، بل ودعمنا في المراحل القادمة، لاسيما وأن حلبة معركتنا السياسية والقانونية والدبلوماسية هي الساحة الدولية المليئة بالمطبات والعوائق.
وبعد تحقيق النتائج المرصودة من الخطوات السابقة، وبعد تقييم ودراسة البيئة السياسية والقانونية، وترسيخ مكانة الدولة، نبدأ بطرق أبواب الهيئات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية بنسق تصاعدي يمكننا من تحاشي أي اشتباك سياسي أو قانوني مع الأطراف المؤثرة في المجتمع الدولي، كما أرى أن يكون كل ذلك بشكل متزامن مع تفعيل الراي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية (لاهاي) بخصوص جدار الفصل العنصري لما لهذا الراي من اهمية بخصوص اعمال الاستيطان سواء من الناحية السياسية او القانونية او الدبلوماسية، ولعل أبرز المعاهدات والاتفاقيات الواجب علينا الانخراط فيها هي:
أ-معاهدات جنيف الأربعة، والتي من خلالها نثـبِت أن فلسطين أرض محتلة، وهنا يتم التعامل مع فلسطين من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على أنها دولة محتلة من دولة أخرى، وعليه تجبر إسرائيل على الالتزام بتحمل مسؤولياتها والقيام بواجباتها كدولة احتلال وفق ما تنص عليه قواعد وأحكام القانون الدولي، كما سيتمنح الاسرى الفلسطينين وضع اسرى حرب ويمنع معاملتهم كمجرميين عاديين كما تعاملهم اسرائيل حالياً والمطالبة بالافراج عنهم.
ب- اتفاقية فينا لسنة 1961 الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية، واتفاقية فينا لسنة 1963 التي تعنى بتنظيم عمل السفارات والقنصليات، حيث أن الانضمام للاتفاقية المذكورة سيفتح المجال أمامنا لرفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين فلسطين والدول الأخرى المنخرطة في الاتفاقية، كما أنه سيوفر الحماية الدبلوماسية للبعثات والسفارات الفلسطينية ورعاياها.
ج-اتفافية الامم المتحدة المتعلقة بقانون البحار لما لهذه الاتفاقية من اهمية على المستوى السياسي بحيث سيكون لدولة فلسطين سيادة على مياهها الاقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة، ولما لهذه الاتفاقية من مزايا اقتصادية خاصةً في ظل قيام اسرائيل بنهب خيراتنا التي تم اكتشافها .
أما فيما يتعلق بانضمامنا إلى المحاكم الدولية وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، فيجب أن تكون خطواتنا متأنية ومرتكزة على دراسة وافية وثاقبة للأبعاد السياسية والقانونية لهذه الخطوة، فنحن لا نعلم ما الذي يخطط له الطرف الأخر وما هي أوراق القوة التي يملكها سياسياً أو قانونياً وما هي الخطوات التي يمكن للإسرائيليين إتباعها، حيث لم يخف الجانب الإسرائيلي امتعاضه وغضبه من هذا القرار الدولي، وما انفك يدعي أن الوضع الجديد لن يغير على الأرض شيئاً.
لكن من الأهمية بمكان التمعن طويلا ببعض التحديات المنتظرة وأهمها:
1.الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين فلسطين ( السلطة الوطنية ) وإسرائيل وبرعاية دولية.
2.الوضع القانوني الجديد لدولة فلسطين بأنها دولة تحت الاحتلال أي ناقصة السيادة، وإمكانية إثارة هذه الإشكالية في القانون الدولي وما يتمخض عنها من أثار قد تحمل في ثناياها أمور لا تحمد عقباها.
3.مدى قدرتنا على تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل بين الدول الذي تفرضه الاتفاقيات الدولية ويطبق وفق قواعد القانون الدولي.
4.تهديد إسرائيل بعدم التعامل والاعتراف بأية مراسلات موسومة بشعار دولة فلسطين.
5.الانقسام الفلسطيني الداخلي بين قطاع غزة والضفة الغربية.


رد مع اقتباس