اقلام واراء اسرائيلي 461
19/10/2013
في هــــــذا الملف
الشارع الفلسطيني يغلي
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
محاولة اوباما وقواته في اسرائيل والسلطة اضعاف نتنياهو تأتي للمس به على خلفية موقفه الصقري ايران
بقلم: أمنون لورد،عن معاريف
التهدئة وعدم الحماسة
بقلم: أسرة التحرير،عن هآرتس
نتنياهو على حق فيما يتعلق بايران لكن حملته الدعائية فظة ولا تؤثر في الرأي العام العالمي
بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس
اذا أرادت اسرائيل منع ايران من الحصول على القدرة الذرية عليها بالحكمة والسرية لا بالحيل والتهديدات الجوفاء
بقلم: دوف فايسغلاس،عن يديعوت
الشارع الفلسطيني يغلي
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
تسلل مخرب فلسطيني يقود جرافة أمس الى معسكر للجيش الاسرائيلي قرب رام الله فاطلقت النار عليه. مبادرة شخصية، خطوة خاصة، وربما مجرد جنون. من قبل قتل فلسطينيون اسرائيليا سكن في بيت بعيد في غور الاردن. واعتقلت المخابرات مشبوهين ويبدو أنها تبحث عن مساعدين آخرين، والكثيرون ينشغلون في مسألة ذات أهمية هامشية – هل الدافع جنائي أم قومي. ويحتمل أن يكون العاملين تسببا بالفعلة الفظيعة.
قناص أطلق النار من مسافة بعيدة على جندي كان في وردية حراسته في الخليل. أطلق النار وفر. حاليا. طفلة اطلقت النار عليها أو طعنت على شرفة بيتها في مستوطنة. ومن يدري اذا كان هذا قاتلا ام سارقا؟ ماكث غير قانوني حرض رفيق عمل في مطعم في بات يام ليأتي معه الى قريته. يحتمل أن يكون أغواه بقصة هاذية عن كنز كبير. عملية قتل اخرى سجلت.
اسرائيل الرسمية تدعي بان الحديث لا يدور عن ارهاب مخطط له، وهذا صحيح. لا توجد مؤشرات على ان القيادة برئاسة ابو مازن، التي تتخذ من المقاطعة في رام الله مقرا لها، قد صعدت على طريق سفك الدماء. وتستند انجازات ابو مازن في الساحة الدولية الى قلة أعمال القتل. فمن جهة لا يمكن تجاهل تكاثر عمليات الارهاب. لا يوجد خط ولكن يتراكم باستمرار مخزون النقاط التي تدل على اعمال العنف. ماذا يجري هنا؟
الحقيقة المزدوجة هي أنه منذ ترسخ مكانة ابو مازن الدولية، وتحقق خطوات بتحسين مستوى المعيشة في المناطق تحت حكم سلام فياض، خبا الارهاب لدرجة انتهائه. ولعدة سنوات برز تعاون امني اسرائيلي – فلسطين نشط للقضاء على شبكات الارهاب وهي في اجنتها، وبنجاح. ولا تبلغ اسرائيل عن تغيير في سلوك قوات الامن الفلسطينية، ولكن توجد مؤشرات على أنه يظهر انخفاض في مستوى تمسكهم بتقديم المساعدة في هذا المجال. يحتمل أن تكون صدرت تعليمات باننا نواصل، ولكن ليس بتميز. موقف خفي كهذا من القيادة الفلسطينية يلمح لاسرائيل بان استئناف الانتفاضة هو خيار للمستقبل. وان من يريد الحفاظ على الهدوء في مستواه الحالي يجمل به أن يتقدم في المفاوضات السياسية، التي يبدي فيها الطرفان بالفعل عدم اهتمام بايجاد حل وسط.
استنتاج مشابه يمكن استخلاصه من اتجاه آخر: صحيح أن اعمال الارهاب، التي سجلت في الاشهر الاخيرة، ليست مؤطرة. فهي ثمة افعال لافراد. ولكنها عندما تكون تغلي في الشارع الفلسطيني فانها تعكس الاستياء المتعاظم. وفي نهاية النهار فان الانتفاضتين لم تندلعا كنتيجة قرار من ياسر عرفات بل من استيقاظ الجمهور في ميدان المدينة وجره للقيادة لتبني العنف.
أبو مازن لن ينزلق الى انتفاضة حتى نهاية الاشهر التسعة من المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية برعاية الامريكيين. وهو سيحترم التزامه. ولكن افعالا فردية كهذه تعد التربة لاستئناف للعنف بالجملة. ومن جهة الاخرى لا يمكن لبنيامين نتنياهو أن يخرق التزامه بتحرير سجناء امنيين في سياق المفاوضات. القليل الذي يمكن قوله هو انه يحتمل أن يكون تحرير السجناء الامنيين يوقظ الارهاب من سباته، حاليا بحجوم جزئية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
محاولة اوباما وقواته في اسرائيل والسلطة اضعاف نتنياهو تأتي للمس به على خلفية موقفه الصقري ايران
بقلم: أمنون لورد،عن معاريف
لاسرائيل يوجد شريك في الموضوع الايراني في شكل فرنسا بالذات. فالفرنسيون، بقيادة الرئيس اولند، ووزير خارجيته فابيوس، يحتقرون سلوك اوباما في الساحة الايرانية والسورية. وهم أكثر صقرية بكثير في هذا الموضوع. كما يوجد ايضا السعوديون ومحافل اخرى تحدث عنهم نتنياهو كمن تعلموا بان “اسرائيل ليست عدوهم”. “في غابة الشرق الاوسط علينا أن نختار الغابة الاكثر راحة لنا”، قال رئيس الوزراء في حديث مغلق.
ولكن المشكلة الحقيقية ليست في نقص الشركاء في الموضوع الايراني او الفلسطيني بل بالذات السلوك الداخلي في اسرائيل. فالطرف الاسرائيلي لا يعمل كجسد واحد، على الاقل حيال الفلسطينيين. فالمفاوضة بتكليف من اسرائيل، الوزيرة تسيبي لفني، لا تتحدث. وعلى فرض أن علاقاتها السياسية مع الرئيس قائمة اليوم ايضا، معقول ان يكون في تصريحاته الاخيرة يعبر عن مشاكلها داخل الاطار الذي أملاه عليها رئيس الوزراء. على لفني أن تنسق خطها علنا مع نتنياهو، والا تسمح لاحد بشق حكومة اسرائيل.
“السلام يصنع مع الاعداء”، صرح هذا الاسبوع بيرس في احتفال احياء الذكرى الـ 18 لاغتيال رئيس الوزراء رابين. غير أنه بشكل استثنائي حبذ رئيس الوزراء نتنياهو اصلاح اقواله فصرح قائلا: “الاعداء الذين لا يريدون السلام – ليسوا هدفا للسلام”. ومن يجمع هذه التصريحات مع خطاب الرئيس في افتتاح دورة الكنيست، حين قال ان السلام هو “فريضة اخلاقية عليا”، وهجوم “مصدر سياسي رفيع″ يقتبس في نبأ شالوم يروشالمي في منتصف الاسبوع، لا يمكنه الا يفهم بانه يوجد تنسيق بين التهديدات بتفجير المحادثات مع الفلسطينيين وبين تصريحات بيرس هذه. لقد اختار الرئيس المناسبات الابرز كي يدير هجوما سياسيا خفيا على نتنياهو. وقد فعل ذلك تقريبا دون تمويه. والرسالة واضحة: اسرائيل مذنبة في أن المفاوضات السياسية عالقة لان مطالبها مبالغ فيها.
ولكن ليست مسألة المحادثات على جدول الاعمال، ولا السلام الذي يكثر بيرس من الحديث عنه، بل مسألة اكثر ثقلا وأهمية بكثير: استئناف هجوم الرئيسين اوباما وبيرس على رئيس الوزراء نتنياهو. هذا جزء من ادارة الظهر من جانب امريكا لاسرائيل، ولا سيما في الموضوع الايراني. وعندما يهدد ابو مازن بتفجير المفاوضات بسبب مطالب اسرائيل، فانه يفعل ذلك بصلاحية وبإذن من البيت الابيض ومن مقر الرئيس في القدس. يبدو أن بيرس وابو مازن يتشاركان في الرأي بانه يجب التوجه فقط الى تسوية دائمة بمبادىء مشابهة بتلك التي اقترحها اولمرت. واذا لم تعرض الحكومة في هذا الموضوع موقفا موحدا، فسيضعف موقفها المساوم. واضح ان التسوية الدائمة حسب مطالب الحد الادنى لنتنياهو تكاد تكون متعذرة. وعليه يوجد منطق من ناحيته في تحقيق هدف جزئي. يحتمل أن يكون اوباما، بيرس وابو مازن يرغبون في حشر نتنياهو في الزاوية. غير أن رئيس الوزراء لن يتنازل عن مطالبه الايديولوجية حيث يكون من شأن اسرائيل أن تعود الى منطقة القتل السياسي الدولي في الامم المتحدة، وهذه المرة دون حماية الولايات المتحدة.
اذا كانت الانباء من هذا الاسبوع صحيحة، واسرائيل تعرض الان مواقف مثل اقتراح ضم مقابل ضم او استئجار طويل المدى للغور، فقط كي تتملص من فخ الذنب بتفجير المحادثات فهذا دليل على ان ليس لهذه المحادثات غاية. ومحاولة اوباما وقواته في اسرائيل وفي السلطة الفلسطينية اضعاف نتنياهو تأتي للمس برئيس الوزراء على خلفية موقفه الصقري في الموضوع الايراني. ومنذ البداية يستخدم اوباما الازمات في الساحة الفلسطينية ورفع هذا الموضوع الى الصدارة كي يصرف الانتباه عن ضعفه في الساحتين الايرانية والسورية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
التهدئة وعدم الحماسة
بقلم: أسرة التحرير،عن هآرتس
في غضون اقل من شهر قتل في الضفة الغربية ثلاثة اسرائيليين واصيبت طفلة. الاشتباه هو أن هذه عمليات مضادة، رغم انه في حالتين من هذه الحالات لم يستبعد اتجاه جنائي. هذا واقع معروف في علاقات الفلسطينيين والاسرائيليين. الخط الفاصل بين الجريمة الامنية وغيرها ليس واضحا دوما؛ وهو يحاذي الخط الاخضر، ولكنه لا يماثله. غير أنه لغرض تقويم واع للوضع، يجدر بنا أن نتناول الاحداث المنفصلة كجملة مؤشرات دالة وفحص المعاني السياسية الناشئة عن الظاهرة.
بعد ربع قرن من بدء الانتفاضة الاولى وعقدين بعد اتفاق اوسلو، محقون ضباط الجيش الاسرائيلي الذين يدققون في تقديرهم ويقولون انه في المناطق لا تتلور انتفاضة اخرى. فالسلطة الفلسطينية وقوات أمنها تسيطر على الارض بنجاعة متزايدة – إذ ان لهم حافزا لذلك. وبضغط امريكي استؤنفت المحادثات بين مندوبي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبين رئيس السلطة محمود عباس. ورغم الاخطارات العديدة بانتظام خلايا للعمليات، فان الجيش والمخابرات الاسرائيلية يحبطان تقريبا كل الخطط التي تنكشف. والفرضية هي أن العمليات التي لم تحبط نفذها افراد، بالهام منظمات ولكن ليس بتكليف مباشر منها.
في الوقت الذي تحاول فيه محافل مهنية ان تحل لغز مصدر أعمال القتل والدوافع خلفها، تسارع محافل يمينية تحقيق مكاسب سياسية من هذه الاحداث. فقد قرر نائب وزير الخارجية، زئيف الكين منذ الان بان “الارهاب الفلسطيني يرفع رأسه بتشجيع من التحريض الذي تقف خلفه السلطة الفلسطينية وقياداتها”. وسارع وزير الاسكان اوري ارئيل الى اللحاق به حين “طلب من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ان يوقف فورا المفاوضات السياسية التي لا تجلب شيئا غير سفك الدماء اليهودي”، بل ان ارئيل يطالب “بوقف تحرير المخربين واعادة القرار بتحريرهم الى طاولة الحكومة لبحث عاجل فيه”.
وبالذات على خلفية حقيقة أن عناصر الانفجار في الميدان موجودة منذ الان وثمة حاجة الى تهدئة التوتر، يجدر بالكين، ارئيل وباقي المثيرين للشقاق والنزاع ان يكفوا عن الخطاب الحماسي وان يتصرفوا بمسؤولية. فاذا ما غاب الافق السياسي، في أعقاب خضوع نتنياهو لضغوط اليمين في حزبه وخارجيه، فان الارض ستشتعل مرة اخرى. وبالتالي من المهم أن في هذه اللحظات بالذات تتمكن حكومة اسرائيل من أن تفهم عظمة مسؤوليتها وتفعل كل ما في وسعها كي تؤدي التزاماتها نحو الفلسطينيين والامتناع عن الاستفزازات الزائدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
نتنياهو على حق فيما يتعلق بايران لكن حملته الدعائية فظة ولا تؤثر في الرأي العام العالمي
بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس
ان مأساة بنيامين نتنياهو هي في أن حقيقة انه صدق – وما زال صادقا – في جزء كبير من تشخيصاته المتعلقة بالتهديد الذري الايراني لا تساعده الان في اتصالاته بالمجتمع الدولي. فاسلوب تهويل رئيس الوزراء يفشله. وان التربيت الدائم على كتفه بقوله “حذرنا ولاحظنا”، والمقارنات بتشرتشل والذكر الدائم للمحرقة والتجاهل لقوة اسرائيل نفسها العسكرية بل الذرية (كما تدعي مصادر اجنبية) ورفض التقدم في التفاوض السياسي مع الفلسطينيين وهو ما يثير امتعاض اوروبا والولايات المتحدة – كل ذلك يجعل من الصعب قبول الدعاوى الاسرائيلية في العالم.
نبه المحامي دوف فايسغلاس رئيس ديوان ارئيل شارون في الماضي في مقالة في صحيفة “يديعوت احرونوت” الى فظاظة ادارة الحملة الاعلامية الاسرائيلية في المسألة الذرية في المدة الاخيرة. وذكر فايسغلاس وقت كشف الشاباك عن الجاسوس الايراني والانباء التي نشرت عن تدريب تزويد سلاح الجو في الوقود في الجو والذي صحبه تهديد لطهران. واقتبس من تحذير رئيس الوزراء شارون الدائم للعاملين معه حينما كان يقول: بشرط الا يسخروا منا.
وصف تقرير موسع عن نتنياهو نشر في نهاية الاسبوع الماضي في صحيفة “نيويورك تايمز″ وصفه بانه انسان معزول وغير مفهوم تقريبا، ويبدو أن هذا هو الشعور السائد الان بين صديقات اسرائيل في الغرب، ولا تنجح حملة الضغوط والاشارات الخفية من الحكومة في ازالته. وقد نشأ في هذا الاسبوع بلبلبة حقيقة حينما أجرى سلاح الجو تدريبا كبيرا خطط له في الماضي فسر ذلك مرة اخرى بانه رسالة تهديد على خلفية جولة المحادثة الجديدة التي تجرى هذا الاسبوع مدة يومين بين ايران والقوى الكبرى الست في جنيف. حينما تجري المعركة على هذا النحو من عدم النظام فان وسائل الاعلام الاسرائيلية قد تستعمل خطأ صفحة رسائل غير محدثة.
ان القيادة الاسرائيلية التي لم يكن لها ممثل في المحادثات في جنيف اضطرت الى ان تنتظر من بعيد نتائجها وان تأمل الا يسرع الغرب التخلي عن ممتلكاته في التفاوض. ان عمل اسرائيل في هذه المرحلة من الدراما واضح. فهي المحذرة الواقفة على الباب التي تلوح بتهديد الهجوم العسكري لمزيد من الامن برغم ان صدقه لا يبدو كبيرا الان. اذا انتهت الاتصالات بايران الى اتفاق فلن تكون اسرائيل راضية وسيبقى المستوضح بعد ذلك ما هو الاصيل في عدم رضا رئيس الوزراء عن مواد الاتفاق واي شيء هو جزء من لعبة ادوار معلومة مسبقا.
على حسب سلسلة طويلة من الانباء الاجنبية وزن نتنياهو هجوما لاسرائيل مستقلا على ايران عند بدء فصلي الصيف والخريف في كل واحدة من السنوات الثلاث السابقة بين 2010 الى 2012. ويبدو اذا حللنا رجوعا الى الخلف ان القرار الاشد حسما قد طرح في السنة الماضية. وبدا الاختيار في صيف 2012 في الحقيقة كاختيار بين القنبلة الذرية والقصف. وقد وزن نتنياهو بحسب تصريحاته المعلنة الكثيرة في تلك الفترة بجدية امكان قصف اسرائيلي للمنشآت الذرية دون موافقة امريكية كان يراه افضل من استمرار تقدم ايران نحو القنبلة الذرية. وقد كان يملك بادي الرأي نافذة فرص بدت مغرية وهي عملية في الاشهر الثلاثة التي سبقت انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة. وكان يمكن ان تجعل ادارة اوباما تواجه حقيقة منتهية وتجعل من الصعب على الرئيس أن يدخل في مواجهة مباشرة مع اسرائيل معرضا نفسه لخطر المس بالصوت اليهودي في الانتخابات.
واستقر رأي نتنياهو آخر الامر على عدم العمل.
وسادت وسائل الاعلام الاسرائيلية تقديرات ان وزير الدفاع آنذاك ايهود باراك انتقل فجأة من معسكر مؤيدي الهجوم، في آخر لحظة، وترك نتنياهو وحده (ثم من يعتقدون ان باراك لم يرد الهجوم قط في الحقيقة) وقد أنكر هو نفسه أي تغيير في ارائه انكارا شديدا). ومن المعلوم ايضا ان جميع رؤساء الاذرع الامنية تحفظوا من هجوم بلا تنسيق. وفي تلك الفترة نشر تقدير ان القصف الاسرائيلي سيؤخر البرنامج الذري الايراني سنتين فقط.
لكن المعارضة الامريكية كانت اهم من كل شيء. وكما كانت الحال في سنوات سبقت هبط في البلاد بين آب وتشرين الاول من العام الماضي قطار جوي لمسؤولين كبار في مقدمتهم وزير الدفاع آنذاك، ليون بانيتا وكانت الرسالة واضحة وهي لا تعملوا وحدكم وبخاصة قبل الانتخابات. وانكمشت اسرائيل. ويبدو الهجوم العسكري الاسرائيلي الان اقل احتمالا مما كان قبل سنة وسيعود التهديد العسكري الى الطاولة في الربيع القادم، فيما سيبدو مثل رقص وداع اذا انتهى التفاوض بين القوى الكبرى وايران الى عدم اتفاق.
اذا كان الخيار العسكري الاسرائيلي يبدو ضعيفا الان فان خيار الهجوم الامريكي قد ازيل من برنامج العمل تماما، تقريبا. وقد اثبت هذا بصورة جيدة سلوك البيت الابيض في قضية السلاح الكيميائي السوري في بدء شهر ايلول. حينما يفسر اسرائيليون لانفسهم التحفظ الامريكي من عملية عسكرية اخرى في سوريا او في ايران بعد ذلك فانهم يميلون الى ربط ذلك من التعب العام في واشنطن ومن حروب في الشرق الاوسط على المعارك الطويلة الباهظة الكلفة في العراق وافغانستان. ولكن معارضة اوباما اعمق، ويبدو انها ذات صلة بالخوف من تورط في حروب بعامة اكبر من الخوف من نتائج مواجهة عسكرية خاصة. لم يحجم الرئيس في الحقيقة عن استعمال القوة للقضاء على اسامة بن لادن لاجراء معركة طويلة لاغتيال نشطاء ارهاب باستخدام طائرات بلا طيارين، من باكستان الى اليمن، لكن يبدو أن هذا هو الحد الاعلى لمستوى التدخل العسكري الذي اصبحت الادارة الحالية مستعدة لالتزامه.
وقد أحسن تفسير ذلك بصورة غير مباشرة تقرير صحفي نشر في الشهر الماضي في مجلة “اتلانتيك” تناول على الخصوص تحير رئيس امريكي آخر هو جون كيندي الذي سيكون قد مر خمسون سنة في هذا العام على قتله. يصف المؤخر روبرت دالك في اطالة المواجهة الدراماتيكية بين كيندي وجنرالاته بسبب الفشل في قضية “خليج الخنازير” لكوبا فيدل كاسترو في 1961، وأزمة الصواريخ الكوبية بعد سنة ونصف والتحمس العام من القيادة العسكرية العليا من استعمال السلاح الذري. وتبين المقتبسات التي يوردها دالك بوضوح حظر كيندي من استعمال القوة العسكرية وعدم ثقته بالجنرالات في الاساس. بعد ذلك قال كيندي لواحد من مستشاريه انه أخطأ حينما صدق ان “للعسكريين ورجال الاستخبارات موهبة متميزة وخفية ليست عند البشر العاديين”.
ان اراء اوباما بشأن السياسة الخارجية تقوم في جملة ما تقوم عليه على دروس كيندي. ان لاوباما مشكلات أقل مع جنرالاته اذا قيس بكيندي. وقد اضطر الرئيس في حالة واحدة الى أن يعزل ستانلي ماكرستل قائد القوات في افغانستان بسبب اظهار الاستخفاف بالبيت الابيض (في تصريح للصحافة) في ظروف ذكرت بالعلاقات بين كيندي والجنرالات.
ان المسؤولين الكبار الاخرين الذين عزلوا في ايام اوباما من رئيس وكالة الاستخبارات المركزية، الجنرال دافيد باتريوس فمن دونه قد تورطوا في الحقيقة بقضايا صورية لكن لم يكن لذلك علاقة في الاختلافات مع الرئيس. ومع ذلك كله، حينما يسمع اوباما الان تحذيرات نتنياهو المعلنة او يقرأ في صحيفة “نيويورك تايمز″ عن السيجار الذي يفضله رئيس الوزراء، يكون من المثير أن نعلم أيفكر ببهجة هجوم ضباط كرئيس هيئة القيادة الاستراتيجية في ايام كيندي، الجنرال محب السيجار كارتيس لهمي.
هكذا فعل الجميع
أيما يعاني من جنرالاته اكثر، اوباما ام نتنياهو؟ كان لرئيس الوزراء مواجهة قاسية مع القيادة العليا السابقة للاذرع الامنية – رئيس هيئة الاركان آنذاك غابي اشكنازي، رئيس الموساد السابق يئر داغان على الخصوص ونظيره في الشاباك يوفال ديسكن. وكان الصدام متعلقا باختلاف بعملية اسرائيلية غير منسقة في ايران عارضها المسؤولون الامنيون الكبار الثلاثة على الدوام لكن الصدام كان في جوانب شخصية ايضا مثل التبرؤ من داغان بعد الدعاوى التي سمعت في خارج البلاد على الموساد على اثر اغتيال محمود المبحوح في دبي؛ وزعم داغان وديسكن ان نتنياهو تبرأ من وعده بتعيين ديسكن رئيسا للموساد بعد داغان. وحقيقة أن رئيس الوزراء لم يتدخل في الصراع بين باراك واشكنازي الذي بلغ ذروته في قضية وثيقة هيرباز. واليوم، مع ثلاثة رؤساء امنيين جدد عينوا في فترة نتنياهو وبدعم منه وهم بيني غانتس وتمير باردو ويورا كوهين، اصبحت علاقات نتنياهو تبدو افضل برغم انه يبدو ان القيادة العليا ما زالت مصرة على معارضتها هجوما مستقلا على ايران.
في مقالة نشرها الباحث العسكري البروفيسور يغيل ليفي في اطار معهد بحوث الامن القومي في جامعة تل أبيب يزعم ان رؤساء الوزراء في اسرائيل قد عرفوا اياما اسوأ. فقد استعرض البروفيسور ليفي تاريخ المشاحنات بين رؤساء هيئة الاركان ورؤساء الوزراء في العقدين الاخيرين ووجد تحديا اشد من الجيش للمستوى السياسي. هكذا كان رئيس الاركان شاؤول موفاز الذي هاجم معلنا قرار رئيس الوزراء آنذاك ايهود باراك على الانسحاب من لبنان، وهاجم بعد ذلك التردد الاول لارئيل شارون في مواجهة الارهاب الفلسطيني في الانتفاضة الثانية. ويعتقد ليفي ان علاقات القوى بين الجيش والحكومة تتأثر بسلسلة متغيرات كالصلة المتبادلة بينهما ومسألة ايعتمد الائتلاف الحكومي على احزاب من اليمين ام من اليسار: ان الفرعين يحتاجان الى شرعية من هيئة القيادة العامة، كل واحد من الاتجاه العكسي.
ويفهم من المقالة ضمنا زعم ان اشكنازي لم يجدد كثيرا لانه كانت توجد دائما توترات بين الساسة والجنرالات، وان مواجهة اشكنازي لباراك لم تجرِ مثل تحد معلن، على الاقل. ويطابق هذا تقريبا زعم اشكنازي حينما يهاجم بمشاركته في قضية هيرباز فهو يقول: هذا ما فعله الجميع. أوجد رئيس اركان بريء من الاحتكاك للمستوى السياسي؛ ولكن تحقيق الشرطة في القضية الذي جدد في تموز يعتمد على الشرط المسجلة من مكتب رئيس الاركان، التي لم يكن يملكها بالطبع ناظرون من الخارج في حال اسلافه في منصبه. سيكون التحقيق الجديد اوسع كثيرا من الاطار الذي حد اناس مراقب الدولة الذين حققوا القضية انفسهم فيه. ولم تنحصر فقط في العلاقات بين مكتب اشكنازي ومزور الوثيقة بوعز هيرباز بل سيفحص ايضا عن مسألة أكان هنا اخلال بثقة رئيس هيئة الاركان السابق بالمستوى السياسي.
ثمة نقطة مركزية سيتم فحصها تتعلق بالعلاقات بين رئيس هيئة الاركان ووسائل الاعلام وهي هل حدث اجراء منهجي من قبل اشكنازي والعاملين معه على باراك (وعلى نتنياهو بقدر اقل) بواسطة وسائل الاعلام، وان يمر الحد؟ اليس سرا ابدا أن رئيس هيئة الاركان في ايام حكومة نتنياهو الاولى، امنون ليبكين – شاحك لم يتأثر باداء رئيس الوزراء بل انطلق من الفور مع تسريحه من الجيش الاسرائيلي الى السياسة، لينافس نتنياهو.
ستدخل الشرطة والنيابة العامة في تحقيقهما منطقة قضائية غير معروفة. يشك في أن يكون قد تطرق اليها في الماضي تحقيق جنائي في اسرائيل. والاسئلة المتفرعة عليها لن تلمس فقط مكانة الجيش الديمقراطية بل المباح والمحظور ايضا من العلاقات بين قيادة الجيش الاسرائيلي العليا ووسائل الاعلام في الحدود الشرعية كحملة دعائية صحفية موجهة على رئيس وزراء مكلف، وتتطرق في مقابل ذلك الى استقرار الرأي على انه هل تستطيع جهات التحقيق اصلا ان تحفر في هذه العلاقات دون ان تضر بحرية التعبير.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اذا أرادت اسرائيل منع ايران من الحصول على القدرة الذرية عليها بالحكمة والسرية لا بالحيل والتهديدات الجوفاء
بقلم: دوف فايسغلاس،عن يديعوت
إعتاد اريك شارون أن يقول لنا إنه من المهم أن يحبوكم في الحياة العامة، لكن ذلك غير ممكن دائما. “يبدو أن جزءا من الناس لن يحبوكم، لكن ينبغي ألا يحدث شيء واحد، بربكم وهو ألا يسخروا منكم”.
دُفعت اسرائيل الى عُسر سياسي: وهو الخوف الحق من ألا تقضي التسوية المتوقعة مع ايران على البرنامج الذري العسكري. ومن المؤسف كثيرا أن اسرائيل ترد بصورة تثير السخرية شيئا ما على نحو ما يجري في الدول الجارة: ففي ايام صعوبة سياسية ينشرون أمر اعتقال “عميل اجنبي”، ويعرضون صور “تدريب عسكري”.
عشية خطبة رئيس الوزراء نتنياهو في الجمعية العامة للامم المتحدة أجاز “الشباك” ـ وهو منظمة تطلب على نحو عام السرية المطلقة فيما يتعلق بتحقيقاتها – نشر أمر اعتقال عميل ايراني، مسلح بسراويل قصيرة، ونشر صورة “معوجة قليلا” صورها العميل لسطح مبنى السفارة الامريكية في تل ابيب، وكل ذلك كي يتحدث رئيس الوزراء عن ذلك في خطبته في الامم المتحدة لأنه ربما بذلك تتشوش علاقة الحب التي أخذت تنشأ بين ايران والولايات المتحدة. ربما.
وتبّل نتنياهو الخطبة باعلان حاسم بأنه اذا لم يُرض الاتفاق المتوقع بين ايران والولايات المتحدة اسرائيل فستحقق اسرائيل حينها بنفسها وهي وحدها حقها في “حماية نفسها”. ولاثبات مبلغ كون التهديد حقيقيا أُرسل سلاح الجو الاسرائيلي “للتدرب” فوق دولة اوروبية واعداد “القدرات” المطلوبة لطلعات جوية هجومية طويلة. ونشر اعلان مصور بذلك بصوت عال.
امتنعت اسرائيل الى الآن برغم كل التهديدات والكلام من الهجوم على ايران ومن جملة اسباب ذلك المعارضة الامريكية. فهل بعد أن يُحرز الاتفاق “التاريخي” بين الولايات المتحدة وايران وحينما يعرض اوباما بفخر القلم الذي منحه إياه روحاني في مقام التوقيع – فهل في ذلك الوقت خاصة تهاجم اسرائيل ايران؟ يصعب أن نصدق أن تتجرأ اسرائيل على احباط “الانجاز″ الامريكي – من وجهة نظر الولايات المتحدة على الأقل – بطائرات منحتها إياها الولايات المتحدة، وأصعب أن نصدق أن تدع الولايات المتحدة اسرائيل تفعل ذلك. فان سلاح الجو الاسرائيلي (“وهو الذراع الطويلة للجيش الاسرائيلي المسؤولة عن تحقيق الخيار”، كما ورد في الاعلان غير المتواضع كثيرا الذي نشر بعد التدريب) يعلم جيدا أنه تكفي رسالة قصيرة امريكية، فلا تخرج أية طائرة من مربضها. فلماذا هذا الهراء؟ ليس فيه شيء سوى تأدية رسالة ذعر. ويا لمبلغ الأسى لأن منظمتين كالجيش الاسرائيلي و”الشباك” كانتا الى الآن قلعتي وعي وتقدير للامور ومسؤولية أصبحتا تشاركان في أباطيل كهذه
إن لاسرائيل بيقين سبب جيد يبعثها على الخوف من اتفاق متسامح مع ايران. فيجب على الحكومة أن تعمل في برود أعصاب وهدوء وتقدير للامور دون حيل دعائية و”عمليات” دعاية أو اعلام. ويجب على الحكومة أن تجري محادثات واقناعا مشحونين بالمعلومات الاستخبارية والعلم مع الادارات في الولايات المتحدة وفي دول اوروبا ذات القرار؛ وأن تشارك دولا اخرى في المنطقة تهددها الذرة الايرانية ـ وأن تفعل ذلك في هدوء وسرية. فليس عند الجمهور في الولايات المتحدة واوروبا أصلا برغم أن أكثره يعارض ايران الذرية، ليس عنده أي فهم وقدرة على التعبير عن الرأي في الشؤون المعقدة لدرجات التخصيب وعدد آلات الطرد المركزي وما أشبه ذلك من موضوعات تقنية لكنها جوهرية لأجل جوهر الاتفاق المتوقع. وكل ذلك ستبت فيه الحكومات. والتوجه الى الجمهور من فوق رؤوس الزعماء يثير الغضب ويضر ولا فائدة فيه. وإن نشر اعتقال “عملاء ايرانيين خطيرين”، والتهديد الأجوف بالهجوم المصحوب بـ “تدريبات جوية” وما أشبه ذلك من الحيل، سيسبب لاسرائيل فقط ما حذر اريك شارون منه وهو أن يسخروا منها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ


رد مع اقتباس