النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء حماس 552

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء حماس 552

    اقلام وآراء
    (552 )

    السبت
    12/04/2014



    مختارات من اعلام حماس



    أقلام وآراء (552 )
    إرادة التغيير
    بقلم عصام عدوان عن الرأي
    الموقف الفلسطيني الموحد جزء من الحل
    بقلم مصطفى الصواف عن الرأي
    الانقسام لا يمنع العمل الوطني
    بقلم يوسف رزقة عن المركز الفلسطيني للاعلام
    جدلية العلمي والإلهي.. "فاليوم ننجيك ببدنك" مثالاً
    بقلم أحمد أبو رتيمة عن فلسطين اون لاين
    لماذا تنتهي الحرب على الإخوان المسلمين دائماً إلى الفشل؟
    بقلم بشير موسى نافع عن فلسطين اون لاين
    المثقف والمعرفة خارج النمط التدويني.. معرفة المقاوم كمثال
    بقلم ساري عرابي عن المركز الفلسطيني للاعلام
    قيادة فلسطينية مثل حجر الصوان
    بقلم فايز أبو شمالة عن المركز الفلسطيني للاعلام
    الامتحانات النصفية
    بقلم يوسف رزقة عن الرأي














    الامتحانات النصفية
    بقلم يوسف رزقة عن الرأي
    يبدو أن جامعاتنا في حاجة الى مراجعة أنظمة الإمتحانات بشكل عام، حيث تركز الامتحانات بصورتها الحالية على القدرة على الحفظ، دون باقي القدرات المهمة التي تحتاج الى فحص. ولكنني في هذا المقال أريد ان أتوقف عند الامتحانات النصفية من الزاوية الإدارية وتداعياتها على المنفعة العلمية، لا من الزاوية الفنية والتربوية التي تقتضي فحص كافة قدرات الطالب، بعد أن تلقيت العديد من الشكاوى من الطلاب والمدرسين على السواء، وبعد أن طلب مني بعض المدرسين أن أتناول الموضوع في مقال ربما يصل الى قادة الجامعات.
    تجرى الامتحانات النصفية في بعض الجامعات ومنها الجامعة الإسلامية مع بقاء عملية التدريس تعمل بحسب البرامج العادية، وكأن الامتحانات النصفية ليست ( متغيرا حقيقيا) في سلوك الطالب وتحتاج الى إجراءات مناسبة.
    قد تكون فلسفة نظام الساعات المعتمدة تتقبل هذا الإجراء باعتباره جزءا من النظام كما استوردته الجامعات العربية من الغرب، ولكنه يبقى نظاما يطبق على طالب عربي، وفي بيئة عربية ومن خلال مدرس عربي، وهذه البيئة تقتضي النظر في سلوك الطالب العربي في الواقع، لا فيما يجب .
    في أثناء الامتحانات النصفية نلحظ السلوكيات الآتية:
    1- تزايد نسبة غياب الطالب الكامل عن مقعد الدراسة في اليوم الذي يسبق مساق الامتحان.
    2- تزايد نسبة غياب الطالب عن محاضرات يوم امتحان المساق، بحيث لا تتجاوز نسبة الحاضرين عن 20٪.
    3- لا يستطيع المدرس معاقبة الغائبين بحسب قانون الغياب في الجامعة، لأن العقاب هنا يكون بلا منطق.
    4- ليس من المنطق في جامعة نظامية أن يقوم المدرس بشرح موضوع جديد، أو مواصلة شرح موضوع قديم، لحضور بنسبة 20٪ ، ثم يمتحن فيه الطلاب بنسبة100٪. ولو فعل هذا فإنه يتوقع انخفاض في درجات الطلاب الذين لم يلتقوا الشرح بسبب الغياب.
    5- بعض الطلاب ممن يحضرون المحاضرة وعليهم امتحان في اليوم نفسه لا يتفاعلون جيدا مع المدرس في المحاضرة، وبعضهم يكون شارد الذهن يفكر في الامتحان، وهو موجود في المحاصرة لأن المدرس يأخذ حضورا وغيابا.
    6- بعض الطلاب لديه ثقافة وقناعة أن غيابه عن الحاضرة كان مبررا بوجود الامتحان، لذا تجده يطلب من المدرس إعادة الشرح للغائبين، فإن رفض المدرس، تكونت له عند الطالب صورة سلبية، وإن أعاد المدرس الشرح صار الشرح الأول لا قيمة له وعقابا للطالب الذي حافظ على الحضور، وعندها يشعر من حضروا بالغبن، وأنهم لو تغيبوا لكان هذا أفضل لهم.
    هذه بعض الملاحظات السلوكية الواقعية التي نواجهها في أيام الامتحانات النصفية، وهي تثبت أن الامتحان متغير مهم في سلوك الطالب والطالب هو الجزء الأهم والمستهدف الأول، ومن الخطأ الا تعترف الإدارة المتغير وتداعياته. لذا فإن مقترح الحل يكون بعقد أسبوع امتحانات تتعطل فيه المحاضرات، وتجند الجامعة لها كل إمكانياتها، ويمكن احتساب الأسبوع من الإجازة السنوية للحفاظ على حقوق الطلاب. إن الراحة النفسية، والفائدة العلمية تستحق النقاش وإعادة النظر.

    إرادة التغيير
    بقلم عصام عدوان عن الرأي
    تتسم سلوكيات المجتمع بالجمود والتقليد والاستنساخ، عندما لا تتوفر رؤية لدى نخبة المجتمع وقيادته لرسم المسار المراد تحقيقه في نهضة المجتمع.
    الافتقاد للرؤية يترتب عليه انعدام الإرادة، فمن لا يؤمن بضرورة التغيير وليس لديه رؤية للتغيير، سيفقد الدافعية، وبالتالي يفقد إرادة التغيير.
    إذا كانت لدى المجتمع الفلسطيني _من خلال قيادته ونخبته_ رؤية لصوغ مجتمع مقاوم، حر، مناضل، ومكتفٍ ذاتياً، وواعٍ لماضيه وحاضره، فإن ذلك سيورث أسباب إرادة التغيير. وإذا لم يحصل تغيير، فإن العلة هي في الرؤية قبل أي أسباب موضوعية يمكن أن تذكر. إذا لم يحصل تغيير في المجتمع الفلسطيني، فإن العلة هي في عدم توفر رؤية واضحة وفلسفة تحرر وبناء لدى القيادة.
    عندما نقول إننا نريد مجتمعا إسلاميا، فإن هذه الرؤية بحاجة إلى إرادة تغيير لتعيد صياغة مناهج التعليم، ورسالة الإعلام، وإطار الوعظ والخطابة في المساجد، وضوابط نظام العمل وسلوك العاملين في الجهاز البيروقراطي، وقوانين المعاملات والجزاءات. والشيء نفسه يذكر عندما تكون لدينا رؤية لمجتمع فلسطيني مقاوم. إن عدم تحقيق هذه الإرادة لتغيير المجتمع يعني أن الرؤية غير موجودة أو غير واضحة لدى القيادة والنخبة، ويجب إعادة الأمور إلى منطلقاتها؛ فلا تغيير بلا رؤية.
    عندما نقرر إعادة صوغ مقرر ما، من مناهج التعليم، يجب أن تسبق هذا القرار رؤية توضح الأسباب الحقيقية وراء الحاجة لتغيير المنهاج، ورؤية للفلسفة التي ستحكم هذا المنهاج وتضع على أساسها مفرداته. فإذا توفرت الرؤية والفلسفة، سيصبح وضع مفردات المنهاج التي تحقق التغيير المنشود أمراً متاحاً يدور في فلك الرؤية والفلسفة. ولا يسمى تغيير المنهاج تغييراً إذا افتقد للرؤية، بل سيصبح استنساخاً غير مبرَّر، بل مذموم؛ لما يترتب على ذلك من إزهاق الوقت والمال والجهد.
    إن المسار السياسي والاقتصادي والثقافي الذي سلكته منظمة التحرير الفلسطينية منذ قيام السلطة الفلسطينية، مسارٌ مضاد للتحرير، ويستوجب إدخال التغيير عليه في كل المجالات، ولن يصلح الأمر بإجراءات ترقيعية. إن رؤية التغيير المطلوبة لهذه المرحلة هي: بناء مجتمع مقاوِم لإصلاح ما أفسدته منظمة التحرير وسلطتها، وينبغي أن يطال التغيير كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، وبناء مؤسسات المجتمع والسلطة على أساس المقاومة.







    الموقف الفلسطيني الموحد جزء من الحل
    بقلم مصطفى الصواف عن الرأي
    أسبوع مزدحم بالقضايا والأخبار والتحركات السياسية والداخلية وأخرى متعلقة بالتهديدات الصهيونية والتحركات العسكرية على حدود قطاع غزة مع فلسطين المحتلة من عام 48 وأخرى في القاهرة من اجل لقاء لوزراء الخارجية العرب بدعوى من محمود عباس.
    لعل أول القضايا التي تثير اهتمام المواطن الفلسطيني هي قضية المصالحة وإنهاء حالة الانقسام ووفد شخصيات فلسطينية متنوعة يرأسه عزام الأحمد من اجل اللقاء مع قيادات حركة حماس والحكومة في قطاع غزة من أجل تطبيق وتنفيذ اتفاق المصالحة وتفاهمات الدوحة من اجل إنهاء الانقسام ، القضية ذات اهتمام عال وهي مطلب وطني وشعبي وفصائلي لكن الغريب أن التوقيت الذي أعلن فيه توجه الوفد يجعل الشك قائما في النوايا وهي متعلقة بالفشل في المفاوضات مع العدو الصهيوني وكأن التوجه للمصالحة ليس ناتجا عن قناعة تامة وهي محاولة من اجل التلويح بورقة المصالحة في وجه الإدارة الأمريكية والاحتلال الصهيوني وهو استغلال بشع وتوظيف المصالحة خدمة لملف التفاوض وتحسين شروطه وليس توجها حقيقيا من قبل عباس الذي لو أشارت الإدارة الأمريكية له بإصبع واحد سيضع المصالحة مرة أخرى في الثلاجة ليعاد تجميدها.
    كنا نتمنى أن يكون التوجه للمصالحة نابع عن قناعة بأهميتها وضرورتها بعيدا عن فشل المفاوضات أو استغلالها في هذا الاتجاه أو ذاك، وما يجعل المواطن متشككا في النوايا أن الحديث عن المصالحة جاء دون أي تغيير على ارض الواقع في السياسات المتبعة داخل الضفة الغربية من اعتقالات وملاحقات ومضايقات وأحكام سياسية بحق حماس وبعض القوى كالجهاد والجبهة الشعبية وحزب التحرير، إضافة إلى التهديدات بعقاب لغزة والحديث عن انتخابات في الضفة بعيدا عن غزة وغيرها من تهديدات تدلل على عقم مطلقوها وسطحيتهم.
    نتمنى أن تتحقق المصالحة على قاعدة وطنية وحماية للحقوق والثوابت في أسرع وقت ممكن لأننا في حاجة ماسة لها كشعب، وكقضية وان يلتئم الصف الفلسطيني من أجل بناء إستراتيجية سياسية فلسطينية بعيده عن المصالح الحزبية والذاتية الضيقة ثم يتم التوافق على بقية القضايا دون تهميش أو إقصاء لأحد بل على أساس الشراكة وتحمل المسئولية المشتركة.
    القضية الثانية هي اجتماع وزراء الخارجية العرب بدعوة من محمود عباس من أجل المفاوضات مع الاحتلال الصهيوني والحصول على موقف عربي مساند لمحمود عباس ، وكان الأولى بعباس أن يطالب بدعوة وزراء الخارجية العرب من أجل قضية إجماع وطني وليس من أجل قضية مختلف عليها فلسطينيا، القضية التي كان من المفترض أن يدعى إليها العرب هي القدس والتي تتعرض لدمار شامل وهي بحاجة إلى موقف لوقف هذا التدهور والدمار الذي تتعرض له على أيدي يهود من أجل تدمير المسجد الأقصى وإقامة هيكلهم المزعوم بأسلوب الخطوة خطوة والتي بلغت هذه السياسية إلى مراحلها الأخيرة.
    أما اللجوء إلى العرب من اجل تحويلهم إلى تيس مستعار لتحليل جريمة التنازل عن فلسطين وشرعنه هذا التنازل من خلال غطاء عربي منح منذ فترات طويلة لعباس والسلطة ليفعل ما يريد ، وهنا نؤكد على أن الموقف العربي يجب أن يسبقه موقفا فلسطينيا موحدا، وكان أولى بعباس أن يتوجه إلى الكل الفلسطيني من أجل التوافق على أسلوب وطريقة التعامل مع المرحلة الجارية والتوقف عند موقف متفق عليه ثم التوجه إلى العرب بموقف موحد وليس في حالة انقسام وتفرق.
    التهديدات الصهيونية كقضية مثارة خلال هذا الأسبوع على قطاع غزة تؤكد أن الاحتلال الصهيوني باتت لديه فوبيا الأنفاق وهستيريا أصابت سكان المستوطنات المحيطة بقطاع غزة والذين باتوا يفكرون بالهجرة بل ترك عدد منهم مساكنهم خشية وصول المقاومة إليهم خاصة بعد أن وصلت العديد منهم رسائل من المقاومة تتوعدهم بان يكونوا شاليط 2 ، كما أن قوات الاحتلال تحاول بهذه التهديدات إلى ترميم قوة الردع لجيشها والتي أصيبت بتصدع كبير وتحصين جبهته الداخلية ، لذلك يبدو أن النية لديه بالقيام بعدوان على قطاع غزة وهو ينتظر اللحظة المناسبة والتي تكون أفضل له لتحقيق مكاسب في دعم أمنه الداخلي ومحاولة القضاء على المقاومة أو تقويض قواتها وإمكانياتها.
    القضية الرابعة هي قضية الأسرى في سجون الاحتلال والآخذة بالتصعيد داخل وخارج السجون الصهيونية نتيجة سياسة الاحتلال القمعية والإرهابية بحق الأسرى ونعتقد أن تفعيل القضية في كافة المحافل وعلى رأسها التحرك الشعبي والفصائلي وتحرك المقاومة التي يمكن لها أن تكون الحل الأمثل والأنجع، ولكن قضية الأسرى تحتاج إلى حديث أعمق واهتمام أكثر سنخصص لها مقالا قادما إن شاء الله.




















    المثقف والمعرفة خارج النمط التدويني.. معرفة المقاوم كمثال
    بقلم ساري عرابي عن المركز الفلسطيني للاعلام
    لا يغني التدوين في إدراك المعرفة الناجمة عن تجربة ذات طبيعة خاصة، فإن ثمة معرفة تنبت خارج المدونات وغرف الدرس الأكاديمي والنشاط الثقافي الكلاسيكي، وهذه المعرفة يَقْبَلُ بعضها التدوين، وبعضها الآخر يبدو عصيًا على التدوين، وما يقبل منها التدوين فإنه يبقى قاصرًا عن حقيقته في لحظة تولده في ظروفه الخاصة، وبهذا فإن نقله بصورة تامة لا يبدو ممكنًا، كما أن هذا النمط من المعرفة يتفاوت حتى في منشئه الأصلي لتعلقه بالتجربة الخاصة التي تصدر عنها أحاسيس وأفكار متفاوتة.
    مثلا؛ المعرفة التي ينتجها أو يدركها مقاتل يطارده الاحتلال، يمكن تدوينها، وهذا ليس متاحًا بصورة دائمة، لأمر يتعلق بإرادة المقاتل وقدرته، أو بالظروف غير المواتية، لكن ما يمكن تدوينه منها فإنه أبدًا قاصر عن نقل المعرفة الوجدانية المصاحبة للمطارد، وعاجز إزاء الإشراقات الذهنية التي ترد على قلب المطارد في لحظات شديدة الخصوصية، كاقتراب العدو منه، أو اشتباكه معه، وإحساسه باقتراب الاعتقال أو اقتراب الشهادة، والأفكار الوجودية التي تتسارع في عقله في مثل هذه اللحظات، والصراع الطبيعي بين ضعفه الإنساني وقوة القضية في داخله.. وبعيدًا عن هذه المعرفة التي تبدو أقرب لتجربة صوفية خاصة، فإن ثمة معارف موضوعية يكتشفها المطارد أو ينتجها، مثل فن الاختفاء والتمويه وطرق الاتصال، وهي معارف يمكن نقلها أو التعبير عنها، ولكن المقدمات التي أفضت إلى هذا الاكتشاف تبقى تجربة معرفية خاصة.
    يمكن قول الأمر نفسه، مع معرفة المقاتل في ميادين الجهاد المفتوحة، أو معرفته في ظروف البناء الجهادي والإعداد، أو معرفة المناضل في المظاهرات وهو يتوقع القتل أو الاعتقال والتعذيب في أي لحظة، أو معرفة المناضل الذي خاض سنوات طويلة في مكافحة الطغيان والاستبداد وهو يجرب طوال هذه السنوات الحلول والأفكار ويجري المراجعات ويقلب البدائل، أو معرفة المعتقل.. الخ، وفي كل هذه المجالات المعرفية الخاصة معارف شخصية ذاتية تتفاوت بحسب تجربة كل فرد وظروفه وأوضاعه الجوانية والبرانية، فلا يستوي بهذا معرفة اثنين جربا الاعتقال، وسيخرج كل منهما بحمولة معرفية خاصة به لا تتوفر للآخر، وإن كانا أقدر على فهم معرفة كل منهما أكثر من ذلك الذي لم يخض التجربة.
    يبدو من بعض المثقفين ازدراء لكل أنماط المعرفة التي تُنتج من خارج مجالهم، أو على الأقل لا يعترف هذا البعض من هؤلاء المثقفين بإمكان إنتاج المعرفة من خارج النمط التدويني، أو بغير الأدوات الأكاديمية، أو لا يدركون في موقفهم من التجارب العملية أنها مجالات خصبة لإنتاج المعرفة، بعضها منقول وبعضها يستعصي على النقل، الأمر الذي يظهر لنا مفارقات طريفة، كاعتبار كتاب يتحدث عن تجربة عملية منتجًا معرفيًا، وبالتالي اعتبار مؤلفه صاحب منتج معرفي، حتى لو لم يكن هو نفسه صاحب التجربة، وعدم اعتبار التجربة نفسها منتجًا معرفيًا، وبالتالي لا يعتبر من خاض التجربة مالكًا أو منتجًا لمعرفة لأنه جربها عمليًا ولم يقرأها في كتاب!
    من ناحية يتخذ المثقف هذا الموقف لأنه لا يشارك في إنتاج هذه المعرفة، ولا يجد نفسه داخل مجالاتها ولا في صورة أنماطها، ويشعر بضعف موقفه حين يريد تقييمها وتحليلها، وهو ما قد يفسر، بنسبة ما، عدوانية بعض المثقفين تجاه التجارب العملية، لتعويض الشعور بنقص الامتلاك الفعلي لهذه التجربة التي يجري تقييمها ونقدها، ومن ناحية أخرى؛ فإنه ومع هيمنة المؤسسة الأكاديمية ولغتها السائدة حتى لدى المثقفين الذين راكموا مخزونهم الثقافي من خارج المؤسسة الأكاديمية؛ جرى حصر المعرفة في أنماط محددة وكتابات ذات ديباجات لغوية خاصة، ما جعل أنماطًا كثيرة من المعرفة خارج الاعتراف الثقافي.
    يعبر عن هذه الحالة، مثلاً؛ مثقف يقدم عرضًا لمذكرات أسير فيترك التجربة ليهجو اللغة غير الأكاديمية التي عبّر بها الأسير عن تجربته، وبهذا لا ينال هذا المنتج المعرفي، ومع أنه مدوَّن، شهادة الجدارة بالانضمام إلى أي من حقول المعرفة!
    أو مثقف يتخذ موقفًا عدوانيًا من فكرة التنظيم، الذي تقتضيه طبيعة الصراع مع العدو الصهيوني، ويقترح بدلاً منه نماذج لا يمكنها أن تجيب على التحدي الأمني والعسكري الذي يفرضه الشكل الاستعماري للكيان الصهيوني، وقد تمثلت مثل هذه المقترحات بـ "الحراكات الشبابية" التي أريد منها أن تكون بديلاً نهائيًا عن التنظيمات، والطريف أن بعض هذه الحراكات، أو البدائل المقترحة عن العمل التنظيمي والمقاوم، ممولة من جهات استعمارية تمول وترعى دولة العدو الصهيوني أيضًا، والواضح حتى الآن أن هذه الحراكات ما استطاعت أن تملأ أي مساحة من الفراغ الناجم عن ضعف التنظيمات في الضفة الغربية، ولا أن تقدم أي مقولة أو ممارسة جادة لمواجهة الاحتلال ومعالجة مظاهر التردي في المشهد الفلسطيني. وعربيًا؛ ورغم كل النفخ في الحراكات الشبابية غير المنظمة، فإن النموذج الوحيد الذي بقي قادرًا على مواجهة الثورة المضادة وفاشية العسكر هو (التنظيم) ممثلاً في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين وبعض التنظيمات الحليفة لها، بينما انهارت تلك الحراكات ما بين العجز أو ممالأة النظام العسكري!
    ثمة تعبير آخر عن هذه الحالة يبدو غريبًا ومقابلاً في ظاهره للتعبير السابق ولكنه ينطلق من نفس الجوهر؛ وهي حالة المثقف الذي يتطرف في التأكيد على المقاومة وضرورة العمل التنظيمي السري، إلى الدرجة التي يتهم فيها التنظيمات المقاومة بترك المقاومة، بينما لا يمارس هو أي شكل من أشكال المقاومة، ولا يدفع حتى ثمن مزاودته.
    ومثله موجود عربيًا، فقد انتكس بعض أصحاب الصوت العالي في ادعاء الثورة من المثقفين إلى درجة كاتب بلاط لدى الجنرال، في الوقت الذي لا يزال فيه بعض من مثقفي الشباب يقدم مزاودة ثورية عالية دون أن تتغبر أقدامهم وإن في مظاهرة واحدة!
    وإذا كانت المعرفة المدوّنة والمعترف بها في الأوساط الثقافية، تقدم إضافة واضحة لقدرتها على الانتقال، فإن التجربة العملية تقدم إضافة للتجربة نفسها، والتي بدورها تقدم إضافة للمجتمع، وهذا بطبيعة الحال لا يغني عن التدوين لتعميم هذه المعرفة، ولتوسيع مساحة الإسهام فيها بالنقد والاقتراح والتحليل، وهي بهذا تقدم أيضًا إضافة ثقافية وأكاديمية، وبهذا يتضح أن المقصود هنا، ليس خلق ثنائيات جديدة أحد أطرافها المثقف، وإنما هذه محاولة رصدت مظاهر دالة على مواقف ثقافية ذات نزعة عدوانية تجاه المعرفة العملية، كما اتضح في الأمثلة السابقة، وهدفنا منها كسر الثنائية، وتقريب التجربة العملية من الإسهام النظري في سبيل مقاربات نظرية أفضل وأكثر تواضعًا.











    قيادة فلسطينية مثل حجر الصوان
    بقلم فايز أبو شمالة عن المركز الفلسطيني للاعلام
    عضو المجلس الوطني الفلسطيني استشف عدم ثقة الدكتور صائب عريقات بالقيادة الفلسطينية الراهنة، فقد أوصى في دراسة له بضرورة الدعوة لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، في أقرب وقت، بمشاركة حركتي المقاومة الإسلامية حماس، والجهاد الإسلامي، وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة تكون بمثابة "حكومة دولة فلسطين المؤقتة"، تماشيا مع قرار الامم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطين في 29/11/ 2012 والذي رفع مكانة فلسطين الى مقام دولة وعاصمتها القدس الشرقية.
    دعوة الدكتور صائب عريقات لم تأت من فراغ، فقد جاءت لاحقة لكتاب استقالته من المفاوضات، الذي بدا وكأنه يعلن براءته عن ممارسة الفاحشة في وضح النهار. لن أسأل عن الأسباب التي أفقدت كبير المفاوضين ثقته بقيادة منظمة التحرير الذي هو أحد أركانها، فقد صارت الأسباب معلومة لكل طفل وامرأة يفكران بشكل سوي، ولكنني أتساءل عن مقدرة المجلس الوطني الفلسطيني على اختيار قيادة جديدة، ولاسيما أن أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني مغيبون عن الحدث، غائبون عن الساحة السياسية، وقد شاخ بعضهم حتى الهلاك، واغترب بعضهم عن الواقع حتى فقد الذاكرة، وصار بعضهم كهنة تاريخية لا يصلح حتى للمشاركة في إبداء الرأي، إضافة إلى أن كثيراً من أعضاء المجلس الوطني هم في الأصل نتاج مرحلة سياسية اعتمدت على التوافق بين التنظيمات، والتراضي بين القيادات، وأنا وغيري شهود على سائق لأحد قادة التنظيمات قد صار عضواً في المجلس الوطني، وآخر عمل حارسا لقائد تنظيم فصار عضواً، ونحن شهود على تلك المرأة التي صارت عضو مجلس وطني لأنها زوجة قائد أحد التنظيمات، وهكذا.
    فكيف نضع مصير الشعب الفلسطيني الخارج من تجربة المفاوضات الفاشلة في يد أشخاص لم ينتخبهم الشعب الفلسطيني؟ وكيف نسلم مصير شعب وقضيته للأشخاص ذاتهم الذين قادوا العمل السياسي طوال مراحل الفشل السابقة؟ فكرة استبدال القيادة التي هرمت فكرة رائعة، وفكرة إيجاد البديل القيادي الجديد الذكي النافع القادر الواثق الموزون القوي الأمين فكرة نصلي من أجلها ليل نهار، ولكن هذا البديل لا يمكن أن يفرزه الشكل القديم الذي تأسس عليه المجلس الوطني الفلسطيني.
    إن أول مراحل اختيار القيادة هو اصطفاء مجلس وطني فلسطيني جديد، مجلس يغلب عليه الشباب دون الخمسين عاماً، مجلس يحظى بثقة الشعب، ويؤمن بأنه صاحب قضية وطنية، مجلس يصير انتخابه والتوافق عليه من داخل الساحات الفاعلة، على أن تكون أغلبية أعضاء المجلس الوطني من الشخصيات الوطنية والإسلامية الموثوقة، والقوية جسدياً، والسليمة نفسياً، والنقية فكرياً، والقادرة على تحمل مشقة المسئولية بكافة تبعاتها، مثل هذا المجلس هو القادر على أن يفرز قيادة تنفيذية مثل حجر الصوان، لا يخترقها مسمار المخابرات الإسرائيلية، قيادة تتقافز وسط الميادين، وقد حملت روحها على أكفها، قيادة تعيد للشعب الفلسطيني كرامته، وتعزز ثقته بنفسه، وتستنهض قدراته، وتستلهم إمكانياته.
    إن شعباً يغتصب الأعداء أرضه، ويحتقرون أبسط حقوقه، ويستقوي الأعداء عليه من خلال التسلط على نخبه السياسية لهو شعب جدير بأن يقلب الطاولة رأساً على عقب، وأن يختار قيادته بشكل استثنائي، بعد أن يتمرد على التقليدية. إن تحقق ذلك؛ لا بأس من كتاب شكر لأعضاء المجلس الوطني الذين اجتمعوا آخر مرة في قاعة رشاد الشوا سنة 1998، وصفقوا حتى الكلل للرئيس الأمريكي بيل كلنتون.




    الانقسام لا يمنع العمل الوطني
    بقلم يوسف رزقة عن المركز الفلسطيني للاعلام
    انتهى اجتماع الجامعة العربية بالقاهرة على مستوى وزراء الخارجية العرب. استمع المجتمعون لعرض محمود عباس، وانتهوا إلى قرارات من أهمها: قرار تأييد موقف رئيس السلطة، وتحميل مسئولية الأزمة لنتنياهو، مع شكر لجهود جون كيري. وكان القرار الثاني هو دعوة الحكومات العربية بالوفاء بالتزاماتها ومساهماتها لتوفير مائة مليون دولار شهرياً تكون شبكة أمان للسلطة، وتعوضها عن أموال المانحين، وتحويلات الضرائب عند توقفها. وكان القرار الثالث هو دعم عباس في مواصلة التفاوض، وطلب أميركا بمواصلة الرعاية والوساطة، دون حديث مباشر عن تمديد المفاوضات، مع احتمال تقبل التمديد بعد إطلاق إسرائيل الدفعة الرابعة من الأسرى.
    ما يهم عباس والسلطة في هذه القرارات هو الوفاء بالقرار المالي، لأنه هو جوهر ما تحتاجه السلطة من القادة العرب، وهو التزام عربي تقرر في قمة الكويت قبل الأخيرة، ومع ذلك اشتكت السلطة مراراً لأن القادة العرب لم يلتزموا بالقرار، وربما كانت قطر هي الوحيدة التي التزمت بدفع حصتها.
    قرار الجامعة في اجتماع الأمس لا يحمل جديداً، لأنه توقف عند مناشدة الدول المساهمة بالالتزام، ( مجرد مناشدة)، ولم تقدم الجامعة آليات عمل ، تجعل من الالتزام واجب التنفيذ ، وهنا أود أن أذكّر بالقرارات العربية التي رصدت مئات الملايين لإعادة إعمار غزة بعد حربي 2008، و2012، ولم يصل منها مليم واحد، باستثناء المنحة القطرية لغزة والسلطة، وهي من خارج قرارات القمة أيضاً. لذا فإن السؤال الذي يؤرق السلطة، ويؤرق كل فلسطيني، هو هل ستصل هذه الأموال؟ وما هي ضمانات الوصول؟ لأن هذه الأموال هي التي تمنح السلطة القدرة على الحياة بحدها الأدنى، وتمنح السلطة والشعب القدرة على الصمود أمام تهديدات نتنياهو.
    أنا أختلف مع عباس في مشروع المفاوضات، ولكن لا أختلف معه في وجوب الحصول على دعم عربي يساعد الشعب الفلسطيني على الصمود، كما لا يجب أن يقف عباس صامتاً إزاء حصار غزة، لأن رفع الحصار هو قوة لصمود الشعب، وهذا هو ميدان واسع لإدارة الملفات الوطنية ، إلى أن ينتهي الانقسام وتعود اللحمة.
    لقد أطلع عباس قادة الدول العربية على ملف المفاوضات، وفي قادة الدول من يختلف مع عباس كالإمارات ، ومصر، ولم يمنع الاختلاف أن يجتمع عباس معهم ،وأن يعرض عليه تفاصيل ملف المفاوضات، فلماذا لا يفعل الشيء نفسه مع حماس والجهاد وبقية الفصائل فيجتمع معهم ويطلعهم على التفاصيل، وعلى رؤيته المستقبلية لما بعد هذه الأزمة. ويستمع لمشورتهم.
    إن دائرة العمل الوطني تتوسع بمثل هذه اللقاءات المشتركة رغم الانقسام، ورغم اختلاف الأطراف في المشاريع السياسية. إن العمل المنفرد، والقرار المنفرد يضيق دائرة العمل الوطني، ويعيق المصالحة والشراكة، وفي النهاية لا يأتي القرار المنفرد بخير لا لصاحبه، ولا للوطن. نحن في حاجة إلى شراكة وطنية وبالذات في الملف السياسي، الذي هو أم الملفات وأبوها.





    لماذا تنتهي الحرب على الإخوان المسلمين دائماً إلى الفشل؟
    بقلم بشير موسى نافع عن فلسطين اون لاين
    ولدت جماعة الإخوان المسلمين مصر في 1928، ومنذ مطلع الأربعينيات وحتى الثمانينيات من القرن الماضي، كانت الجماعة قد انتشرت في معظم البلاد العربية، ووسط التجمعات العربية – الإسلامية في المهجرين الأوروبي والامريكي.
    كما شهدت دول إسلامية عديدة، مثل ماليزيا وإندونيسيا وتركيا، بروز جماعات إسلامية تأثرت بالإخوان المسلمين، وإن لم تحمل اسمها. ولأن الإخوان المسلمين حملوا منذ البدايات توجهاً سياسياً إصلاحياً، فقد تعرضوا لحملات قمع منذ نهاية الأربعينيات، في مصر ودول عربية أخرى، تحولت أحياناً إلى حملات إبادة واستئصال، كما في مصر الخمسينيات والستينيات، وعراق السبعينيات، وسوريا منذ منتصف الثمانييات.
    ويتعرض الإخوان المسلمون، المصريين منهم على وجه الخصوص، والحركة على وجه العموم، لحملة واسعة النطاق، في مصر وخارجها، تستهدف تقويض القواعد التنظيمية والاقتصادية التي ترتكز إليها الجماعة، وكسر إرادة وولاء أعضائها، وإخراجهم كلية من الحياة السياسية، سواء بكونهم قوة فاعلة ومؤثرة، أو شركاء في الحكم.
    ليس من السهل معرفة حجم حركة الإخوان المسلمين، لا في مصر ولا في المجال العربي ككل، ولكن، إن وضعنا في الاعتبار عضوية الحركة، والمتعاطفين معها، ومن ينتمون للتيار الإخواني فكرياً وسياسياً، بدون أن يكونوا أعضاء في تنظيماتها المختلفة، فإن التقديرات تدور حول أكثر من عشرة ملايين من العرب. هذه ليست أكبر قوة سياسية فعالة في العالم العربي وحسب، بل وبين أقدمها وأرسخها جذوراً وميراثاً.
    في بعض من البلدان العربية، بما في ذلك مصر، لا تكاد توجد قوة سياسية فعالة، ذات انتشار وطني، سوى الإخوان المسلمين. والمؤكد أن الحرب الشعواء التي أعلنتها دول عربية على الإخوان ستخفق، ولن تنتهي إلى نتيجة ما، اللهم إلا إيقاع بعض الأذى بالإخوان والكثير من الأذى بالدول التي تتعهدها.
    ولكن هذا الفشل لا يعود إلى حجم وانتشار الإخوان وحسب، بل إلى أسباب أعمق وأكثر أهمية وتعقيداً.
    هذه هي الأسباب الثلاثة الأكثر أهمية:
    الأول، أن الإخوان المسلمين يمثلون التيار العريض، الأقرب إلى الصورة الجامعة لأهل السنة. أطلق اسم أهل السنة والجماعة على الفقهاء والمحدثين من أهل الحديث في نهايات القرن الثاني ومطلع الثالث الهجري، مثل عبد الله بين المبارك، أحمد بن حنبل، يحيى بن معين، ابن راهوية، ويحيى المديني.
    الإخوان المسلمون هم أقرب الجماعات الإسلامية لهذه السمة الأصيلة لأهل السنة. يوجد في التيار الإخواني من هم أقرب في اعتقادهم للتصور السلفي الحنبلي، للسلفي الوهابي، للسلفية الإصلاحية، للأشاعرة.
    السبب الثاني، والذي يرتبط إلى حد كبير بالأول، أن الإخوان لم يولدوا من مسودة أيديولوجية قاطعة، كما حزب التحرير، أو الجماعات السلفية الراديكالية المحدثة، مثلاً. لا المشروع الإحيائي الإسلامي لدى الإخوان، المبرر الأول لوجودهم، ولا النزوع السياسي، الذي تبلور من الإدراك المتزايد لهيمنة الدولة الحديثة وتحكمها في شؤون البلاد وحياة العباد، يرتكز إلى رؤية أيديولوجية مصمتة.
    وهذا ما وفر للجماعة مرونة ودينامية بالغة، وجعلها أكثر استعداداً للتطور والاستجابة للتحديات الفكرية والسياسية طوال أكثر من ثمانية عقود.
    أما السبب الثالث، فيتعلق بطبيعة المعسكر الذي يقود الحرب على الإخوان المسلمين، والذي يضم بقايا جماعات قومية عربية، تجمعات من رجال الأعمال والليبراليين العرب، عددا قليلا من الأنظمة العربية، سيما أنظمة دول نفطية، وعددا من الأجهزة الأمنية والعسكرية والعدلية والإعلامية في دول عربية محددة.
    مشكلة أغلب هؤلاء، أولاً، أن لا قاعدة شعبية لهم، وأن علاقتهم بعموم الشعب علاقة نخبوية بحتة؛ وثانياً، أنهم متهمون بالفساد واستباحة ثروات البلاد وحقوق الناس؛ وثالثاً، أنهم سيطروا على الحكم والسلطة، من طور إلى آخر، طوال القرن الماضي، وكانت نتيجة سيطرتهم على مقاليد الحكم والسلطة كارثة كبرى، لم يعد من الممكن قبول الشعوب باستمرارها؛ ورابعاً، أن هناك شكاً عميقاً لدى الأغلبية الشعبية في مصداقية ولاء هؤلاء للإسلام واحترامهم لقيمه وتقاليده. في الحرب على الإخوان، تقوم أجهزة الدولة بالزج بخيرة طاقات وخبرات وشبان البلاد في السجون، وتندفع الأصوات الليبرالية والعلمانية إلى الهجوم على تقاليد الإسلام وقيمه، وتضطر أنظمة عربية تقليدية إلى توسيع الهوة التي تفصلها عن شعبها. هذا المعسكر، باختصار، لا يملك الشرعية الكافية ليخوض حرباً ضد جماعة تقف على أرضية أخلاقية أعلى، سواء بنضالاتها من أجل الاستقلال والحرية، بدعوتها إلى الإصلاح، أو بتجذرها في صفوف الشعب بكافة طبقاته وسجل خدمتها الطويل له.
    بيد أن هذا لا يعني، بالطبع، أن الحرب لن تترك أثراً ما على الإخوان. الأرجح أنها ستفعل. عندما يعتقل عشرات الآلاف من جماعة إسلامية سياسية، حتى وإن كانت بحجم الإخوان المسلمين، ويجد آلاف آخرون نفسهم في المنفى؛ عندما تصادر المئات من الجمعيات الخيرية والمدارس الأهلية؛ عندما يطرد كبار الأساتذة الجامعيين من مناصبهم التعليمية، ويجد آلاف من المهنيين أنفسهم وقد فقدوا وظائفهم؛ عندما يضيق على الجماعة في البلاد الغربية، حيث تنشط منذ عقود في مناخ الحريات والقانون المتاح؛ وعندما تجد أحزاب تنتمي للجماعة نفسها في مواجهة مليارات الدولارات النفطية التي تصب للتآمر عليها، فلا بد أن تتأثر.
    ليس ثمة شك في ذلك. ولكن الأثر الذي ستتركه هذه الحرب على الأنظمة والدول التي تتعهدها سيكون أكبر وأعمق بكثير، بداية من تعميق الانقسام المجتمعي، مروراً بفقدان الاستقرار وإحباط روح التنمية والنهوض، وليس نهاية بالمزيد من تآكل أسس الشرعية.











    جدلية العلمي والإلهي.. "فاليوم ننجيك ببدنك" مثالاً
    بقلم أحمد أبو رتيمة عن فلسطين اون لاين
    يقول أصحاب مدرسة الإعجاز العلمي إن من معجزات القرآن الكريم أن الله تعالى نجى بدن فرعون: "فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً"، وهو ما يصدقه العلم الحديث، إذ إن مومياء فرعون لا يزال محفوظاً في متحف القاهرة حتى اليوم، لكن العلم يقول أيضاً إن هناك عشرات المومياءات الأخرى المحفوظة حتى اليوم ، وإن سر بقائها هو معرفة قدماء المصريين أسرار التحنيط. .
    هل نحن حقاً أمام تفسيرين متناقضتين؟ وهل بقي جسد فرعون بمعجزة أم أن من حفظ جسد فرعون هم قدماء المصريين تماماً كما حفظوا مومياءات الملوك الآخرين عبر وسائل التحنيط التي عرفوها؟؟.
    بدايةً أنبه إلى أني لا أمتلك معلومات تاريخيةً ولا تفاصيل علميةً إنما قصدي تقديم إطار للتفسير بغض النظر عن التفاصيل التي يتكفل العلم بتوفيرها.
    القضية لا تتعلق بتناقض بين روايتي الدين والعلم، والالتباس ناشئ فقط عن اختلاف زاوية المعالجة، فالقرآن يتناول المسائل بما يناسب رسالته الروحية لذلك فهو يسقط كل التفاصيل المعرفية غير الضرورية لتحقيق رسالته، عكس العلم الذي يهتم بتفاصيل الإجابة عن أسئلة ماذا وكيف...
    القرآن يخبرنا أن الله نجى بدن فرعون، وهذا الإخبار لا يأتي في سياق وصف منجزات الحضارة الفرعونية فذلك تخصص العلم، بل يأتي في سياق استخلاص العبرة من مصائر الظالمين، لذلك يعلل القرآن سبب إنجائه: " لتكون لمن خلفك آيةً"، فمن زاوية نظر الدين فالآثار التاريخية ليست للمتعة السياحية والاندهاش، بل هي للتفكر في مصائر الأمم الغابرة واستقاء العبرة، ولهذا السبب أيضاً فإن القرآن ينسب إبقاء جسد فرعون سليماً إلى الله: " ننجيك"، ونسبة الفعل إلى الله ينظر الماديون إليها بأنها فرضية غير ضرورية لكنها في القرآن تناسب مقاصده لأنها تبين حقيقةً إيمانيةً بأن الله هو الفاعل والمحيط من وراء كل أحداث التاريخ والكون..
    في ذات الوقت الذي يسقط فيه القرآن التفاصيل العلمية فهو لا يناقضها، فلا يوجد في ذكر نجاة فرعون موسى ما ينفي أنه نجى آخرين، لكن القرآن اكتفى بذكر مثل لحالة نموذجية لبيان عاقبة الظالمين.
    القرآن أيضاً لا يذكر الآلية التي نجا الله بها بدن فرعون "كيف"، وليس في السياق القرآني ما يبين إن كانت عبر معجزة استثنائية أم عبر قوانين طبيعية يمكن فهمها بالبحث العلمي، وهنا تبرز إشكالية العقلية المعجزاتية التي لا تستطيع أن تفهم فعل الله إلا بالخروج عن سنن الطبيعة، وهي مشكلة كبيرة ندفع تكلفتها الباهظة بالانفصال عن الواقع والبحث العلمي لأننا لا نرى في القرآن سوى محتوىً غيبي دون قدرة على تفكيك مكوناته وإخضاعه للسنن العلمية، مع أن الله يوجهنا في مئات الآيات بأن السنن الطبيعية هي آيات الله: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم"، بل إن أفعال الإنسان ما هي إلا تعبير عن إرادة الله وعمله في هذا الكون: "فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى"، "والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمون" مع أن وسائل المواصلات الحديثة مثل السيارة والطائرة هي من اختراع الإنسان إلا أنها من خلق الله فهو الذي هدى الإنسان إلى صناعتها.
    في ظل هذه الرؤية القرآنية فإنه لا معنى للفصل بين العلمي والإلهي، فالله حاضر في كل الأحداث الكونية، وفعل الله لا يتضح عبر المعجزات الاستثنائية فقط بل عبر السنن الطبيعية، وكما أهلك الله قوم نوح وعاد وثمود في الماضي فإنه أهلك أيضاً في زماننا الحاضر الطغاة من أمثال شاه إيران وصدام وتشاوشيسكو وهتلر والقذافي، لذلك فإن قولنا إن أمريكا أسقطت صدام لا يتعارض مع القول بأن الله أسقط صدام، فالقول الأول تفسير للكيفية الواقعية وهذا هو اهتمام العلم، أما القول الثاني فهو حديث في الغايات الكلية للوجود وهذا هو اهتمام الدين..
    الأمر متروك للعلم فإن أثبت العلم أن بقاء جسد فرعون مرده إلى التحنيط فلن يكون في هذا أي تعارض مع فعل الله، فالله تعالى هو الذي علم الفراعنة أسرار التحنيط: "علم الإنسان ما لم يعلم"، وما الذي يمنع أن فرعون بعد غرقه تم استخراج بدنه من البحر وتحنيطه كما كانت التقاليد سائدةً في التعامل مع الملوك آنذاك، وأن هذا التحنيط هو الذي حفظه من التحلل، وفي جميع الأحوال فإن الله هو الفاعل الأول تماماً كما أن الله هو الذي يهلك الظالمين في زماننا ليس بإرسال صاعقة من السماء، إنما عبر القوانين الطبيعية التي أودعها والتي تقضي بتداول الأيام وتدافع الناس وصعود أمم وموت أخرى..
    والله أعلم..

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء حماس 255
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 10:59 AM
  2. اقلام واراء حماس 254
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 10:56 AM
  3. اقلام واراء حماس 253
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 10:55 AM
  4. اقلام واراء حماس 252
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 10:55 AM
  5. اقلام واراء حماس 247
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-23, 01:15 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •