النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء حماس 247

العرض المتطور

  1. #1

    اقلام واراء حماس 247

    اقلام واراء حماس 247
    20/1/2013

    في هذا الملف

    ومات أبوه
    بقلم فايز ابو شماله عن فلسطين الان

    المراهنون على خراب ربيع العرب
    بقلم ياسر الزعاترة عن فلسطين الان

    وقاحة إسرائيلية أم اقتناع؟
    بقلم فايز أبو شمالة عن المركز الفلسطيني للاعلام

    المقاومة السلمية نظرية دون تطبيق
    بقلم نقولا ناصر عن المركز الفلسطيني للاعلام

    فرنسا تكذب وتقتل المسلمين
    بقلم يوسف رزقة عن المركز الفلسطيني للاعلام

    السياسة الغربية وصناعة التطرف في مصر
    بقلم عصام شاور عن المركز الفلسطيني للاعلام

    تقسيم المُقسّم
    بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين

    أسرع تغيير في بلاد العرب
    بقلم فهمي هويدي عن فلسطين اون لاين
    ومات أبوه

    بقلم فايز ابو شماله عن فلسطين الان
    مات أبوه في الذكرى الحادية والثلاثين لاعتقاله، مات يونس والحسرة تملأ قلبه على فراق ابنه كريم، مات العجوز يونس فضل يونس دون أن يودع بأصابع يديه وجه ابنه الأسير، مات وفي قلبه غصة؛ لأن ابنه لن يشارك في تلك اللحظة التي يتوارى فيها جثمانه تحت التراب، مات يونس دون أن يزحزح صخرة الظلم التي جثمت على صدره ثلاثين عامًا، انتظر خلالها انكسار الحزن، والإفراج عن ولده كريم؛ ليتوقف عن عد الأيام والليالي التي يعيشها ولده خلف الأسوار، ولكن دون جدوى، فقد تبخر الزمن الذي حلم فيه بزفاف ولده إلى عروسه، وانقضى الرجاء بأن يلعب أحفاده بين يديه، فجاءه الأجل ولما يزل يكره الصهاينة الذين اغتصبوا الأرض الفلسطينية، قبل أن يصادروا عمر ابنه الأسير كريم يونس.
    وللحزن خلف الأسوار مذاق النعناع، وله رائحة شاي الصباح، حزن يختلط فيه ربيع قرية عارة الفلسطينية المغتصبة مع صدأ القضبان، حزن كريم يونس على فراق أبيه كان صامتًا كالسجن، وكان بطيئًا كحركة الأيام، وكان ثقيلًا بحجم المسافة الفاصلة بين عد الأسرى في الصباح وإغلاق السجن في المساء، وكان الحزن طويل القامة، عملاقًا يتسلق أسوار السجن، يتنقل بين الزنزانة وبيت العزاء، وبين حسرة الفراق على مدار ثلاثين عامًا، وشهقة الفراق الأبدي على هذه الأرض التي تحاصرها الأطماع الصهيونية.
    كريم يونس أقدم أسير فلسطيني في السجون (الإسرائيلية)، عجزت الثورة الفلسطينية عن تحريره من سجون الاحتلال، وقصّرت السلطة الفلسطينية عن تحريره من الأسر، لذلك أصبغنا عليه الألقاب التي تفضح ضعفنا، وتكشف تخاذلنا، وبدل أن نعيب مشوارنا السياسي، وننتقد نهجنا التفاوضي، قفزنا في الهواء، وأطلقنا عليه لقب عميد الأسرى الفلسطينيين والعرب.
    فهل يحق لنا أن نفتخر ونفرح بأننا نترك أسرانا أكثر من ثلاثين عامًا في السجون؟!، هل يحق لنا أن نتباهى بين الأمم بعدد أسرانا الذين يمضون عشرات السنين من أعمارهم خلف أسوار السجن؟!، هل صرف الرواتب للأسرى خلف الأسوار جاء بديلًا عن تحريرهم من الأسر؟!
    إن كل الألقاب والمسميات التي نصبغها على الأسرى لا تعادل لحظة حرية، وإن كل الأموال التي تقدمها السلطة لأهالي الأسرى لا تعادل لحظة كرامة، وإذا نجحت السلطة الفلسطينية في إشغال الناس عن تحرير كل فلسطين بالدرجات الوظيفية، والتعيينات، والترقيات، ثم تأخر صرف الرواتب؛ فمن العار أن يصير توزيع الألقاب والدرجات الوظيفية والرواتب الشهرية على الأسرى بديلًا عن كسر الأقفال وتحريرهم.

    المراهنون على خراب ربيع العرب

    بقلم ياسر الزعاترة عن فلسطين الان
    لم يعد سرا أن تحالفا بعضه مباشر، وبعضه الآخر يلتقي في السياسات وردود الأفعال، قد نشأ خلال المرحلة الماضية، بينما أخذ يتعزز منذ فوز الإسلاميين بالانتخابات البرلمانية المصرية، وعنوان هذا التحالف هو تخريب ما عرف بالربيع العربي وإثبات عبثيته وتأثيرها السلبي على مصالح الناس، وقبل ذلك وبعده إحباط الشعوب التي عوّلت عليه وعلى القوى التي تصدرته، وفي مقدمتها القوى الإسلامية وعلى رأسها الإخوان.
    هذا التحالف يتداول الأموال والخبرات الأمنية والسياسية والإعلامية، ويلتقي في السياسات حيال المستجد من القضايا العربية العامة؛ والمحلية منها على وجه الخصوص.
    المطلوب بالنسبة لهذا التحالف واضح كل الوضوح. إنه باختصار تخريب مسيرة الربيع العربي وإثبات عبثيتها، لا لشيء إلا لأنها مسيرة لا تتوقف عند بلد بعينه، بل تمتد وتتمدد لتصل مختلف العواصم دون استثناء، أي أنه في عرف أركانه “وباء” لا يستثني أحدا على الإطلاق، أكان غنيا أم فقيرا، ملكيا أم جمهوريا أم غير ذلك.
    ما جرى في ليبيا أثبت أن الدول الغنية ليست بمنأىً عن مسيرة التغيير، فضلا عن الدول الفقيرة المدججة بالدكتاتورية والفساد. لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذه المجتمعات المثقفة والمتعلمة لم تعد تطيق حكمها بذات الآليات القديمة؛ أكانت دكتاتورية كاملة، أم ديمقراطية ديكور، وهي ترغب تبعا لذلك في محاكاة النماذج الغربية في الحرية والتعددية، وإن رأت أن ثمة خصوصيات ينبغي أخذها بنظر الاعتبار.
    في دول أخرى تحسُّ بعض الأنظمة أن الأرض تميد من تحت أقدامها، فهذه الملايين التي تدخل يوميا إلى "تويتر" و"فيس بوك" وتتحدث عن الفساد والسرقات الفلكية والحرية والتعددية لا يمكن أن تصبر طويلا على وضعها، وهي تنتظر الفرصة المناسبة لكي تنتفض، ولا شك أن نجاح دول الربيع العربي سيمنحها تلك الدفعة المطلوبة.
    من أجل ذلك كله يجري العمل على إجهاض ذلك الربيع؛ أحيانا بالحصار الاقتصادي، وأحيانا بالحصار السياسي، وأحيانا بدفع بعض الناس إلى التخريب الداخلي، ولا تسأل عن الهجوم الإعلامي اليومي الذي ينقب في التصريحات والمواقف عن كل ما من شأنه إدانة تلك القوى التي صعدت مع نجاح الثورات.
    واللافت بالطبع أن التحالف المذكور لا زال يجد عونا من قوىً تدعي مناصبته العداء مثل القوى اليسارية والقومية وبعض الطائفية، وهذه هي التي تتولى كبر تخريب الربيع العربي عبر رفض آلياته الديمقراطية والإصرار على الحصول على حصة من كعكته أكثر بكثير مما تمنحه لها صناديق الاقتراع، وكذلك عبر التشكيك بالقوى الإسلامية على مختلف الأصعدة.
    هذا التحالف الذي يصطدم مع تلك الدول في سوريا بهذا القدر أو ذاك لا يزال يتحالف معها في تخريب ربيع العرب واستهداف قواه، وهو أمر لا يجد تحالف "حكام ضد ربيع العرب" إن جازت التسمية أي حرج في استثماره أفضل استثمار.
    في سوريا يتبدى مشهد بالغ الغرابة، ففي حين وجدت بعض الدول في الثورة فرصة لإشغال جماهيرها عن أوضاع الداخل، مع الخوف من ردة فعلها على موقف متخاذل في سوريا في ظل حشد مذهبي واسع النطاق، فقد مالت إلى التلكؤ في منح الثورة فرصة نجاح حقيقية.
    ولما كانت الحالة المصرية هي "أم ربيع العرب" والأكثر تأثيرا فيه، فقد تعرضت للكثير من الاستهداف، وستتعرض للمزيد منه، لاسيما أنها تضيف لمخاوف نشر عدوى الثورات مخاوف أخرى بشأن الوضع العربي وطريقة إدارته وعلاقاته البينية والخارجية.
    وإذا تذكرنا أن تحالف "حكام ضد ربيع العرب" يحظى بدعم كبير من أمريكا والغرب، فينبغي علينا أن نتوقع حربا طويلة ومضنية بين الثورات التي نجحت وبين قوى التخريب الداخلي والخارجي، بل علينا أن ننتظر استخدام كل الأساليب الشيطانية من أجل أن لا يقترب ربيع العرب من الدول الخائفة منه.
    كل ذلك لا يدفعنا إلى اليأس بحال، بقدر ما يدفعنا إلى تقدير الموقف بشكل صحيح، وعدم التورط في مستنقعات الإحباط بسبب فشل هنا أو هناك، فهذا الربيع ينطوي على تحولات تاريخية تؤثر على مصير الكيان الصهيوني، وتؤثر على منظومة العلاقة بين شعوب منطقة بالغة الأهمية والحساسية وبين الغرب الاستعماري، ولا يمكن أن يمر بيسر وسهولة، وهو يحتاج إلى نضال حقيقي ومرير حتى يصل إلى شاطئ الحرية والوحدة والنهوض للأمة بأسرها.

    وقاحة إسرائيلية أم اقتناع؟

    بقلم فايز أبو شمالة عن المركز الفلسطيني للاعلام
    يبالغ نتنياهو في تطرفه، حتى خلا برنامج حزب الليكود بيتنا من إشارة لحل الدولتين حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أنه فرض نفسه رئيساً لوزراء (إسرائيل) للمرة الثالثة، رغم أنف بعضيهود أمريكا، ورغم أنف الرئيس الأمريكي أوباما، ورغم أنف شمعون بيرس وإيهود أولمرت اللذين شنَّا ضده حرباً تحريضية شرسة، بل ازداد نتنياهو تطرفاً، وازداد تقرباً من مزاج المتطرفين اليهود، حتى أنه وظف حائط البراق في حملته الانتخابية، واعتبره مكاناً مقدساً لليهود.
    المثير في تصريحات نتنياهو لصحيفة "جيروزالم بوست"؛ أنها ليست آنية، ينتهي مفعولها مع ظهور نتائج الانتخابات، بل إنها تعكس مواقف سياسية استراتيجية ثابتة، وتكشف عن حقيقة وجدان رجل يعتنق اليهودية، ويحظى بالأغلبية البرلمانية، ويمتلك القوة العسكرية والاقتصادية، ويثق بأن لديه ذراعاً سياسياً ومالياً داخل أمريكا نفسها، ولا مفر لهذا الذراع من الوقوف خلف (إسرائيل)، مهما تطرف رئيس وزرائها في مواقفه السياسية، لذلك فجر نتنياهو قنبلة قذرة في وجه القيادة السياسية الفلسطينية، حين اعتبر اعتراف الفلسطينيين بـ(إسرائيل) دولة يهودية قومية للشعب اليهودي غير كافٍ لإقامة دولة فلسطينية، بل راح يطالب الفلسطينيين بتغيير طريقة تربية أطفالهم ووقف الدعاية ضد (إسرائيل) والشعب اليهودي، ويطالب بإعادة صياغة عقول العرب من جديد، وضرورة تنظيم دقات قلوب الفلسطينيين على حب (إسرائيل).
    لم يكتف نتنياهو بما سبق من وقاحة، بل أضاف قائلاً: "إن جوهر الصراع مع الفلسطينيين هو إصرارهم على رفض الاعتراف بالدولة اليهودية أياً كانت حدودها".
    في مقابل نتنياهو يبالغ السيد محمود عباس في التفتيش عن السلام المنبوذ إسرائيلياً، حتى أنه قال مساء الجمعة في حفل الاستقبال الذي أقامته الطائفة الأرمينية: ندعو جيراننا (الإسرائيليين) إلى عدم تفويت فرصة تحقيق السلام، وألا يضيعوها، لكي نصل إلى السلام!
    فأين هي فرصة تحقيق السلام التي يتحدث عنها السيد محمود عباس؟ وهل لجوؤه إلى استخدام لفظ "جيراننا" فيه استجابة سريعة لشرط نتنياهو، أم هو تذكير للإسرائيليين باعتراف القيادة الفلسطينية بدولة الغاصبين، وأنهم صاروا جيراناً؟
    الذي يعترف بدولة الصهاينة جارة للفلسطينيين، يعترف بأنه لا حق للفلسطينيين بأي شبر من أرضهم المغتصبة سنة 1948، ويعترف بأنه لا حق للفلسطينيين بالعودة إلى أرض الجيران، طالما قد صارت لهم أرضهم الخاصة التي يعودون إليها.
    والذي يعترف بدولة الصهاينة جارة للفلسطينيين يعترف بأنه لا عداء للفلسطينيين مع هذه الجارة، وأنها بريئة من كل جرائهما التي اقترفتها بحق العرب والفلسطينيين، ولا حق للجار على جاره إلا ابتسامة الصباح، وإفشاء السلام! فهل هذا ما قصده السيد محمود عباس؟
    كم تمنيت أن تكون المواقف السياسية الفلسطينية معبرة عن وجدان الشعب الفلسطيني، مثلما تتطابق المواقف السياسية الإسرائيلية مع مواقف الصهاينة المتطرفين؟.

    المقاومة السلمية نظرية دون تطبيق

    بقلم نقولا ناصر عن المركز الفلسطيني للاعلام
    في الحادي عشر من هذا الشهر أقام مناضلون فلسطينيون من أنصار المقاومة السلمية خيام قرية "باب الشمس" فوق هضبة شرقي القدس المحتلة تمثل الممر الوحيد المتبقي للوصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وبين جنوبها، وفي ليل الخميس الماضي هدمتها جرافات الاحتلال بقرار من المحكمة العليا لدولة الاحتلال.
    ويذكر العمر القصير للقرية ومصيرها بمصير حوالي خمسمائة مدينة وبلدة وقرية فلسطينية لم تعد موجودة على الخريطة لأنها كنت ضحية المقاومة السلمية للغزوة الصهيونية العسكرية قبل أربعة وستين عاما، ما يعيد الجدل ساخنا حول جدوى المقاومة السلمية، ويثير السؤال الوطني القديم المتجدد حول ما إذا كان هذا الشكل من أشكال المقاومة هو الخيار الوحيد أم مجرد واحد من أشكال مقاومة الاحتلال.
    والجواب على هذا السؤال موجود في رواية الأديب اللبناني الياس خوري المولود عام النكبة الفلسطينية في العاصمة اللبنانية بيروت، وهي الرواية التي أخرجت فيلما سينمائيا وأخذت قرية "باب الشمس" منها اسمها، وهو في الرواية اسم مغارة في الجليل كان يتسلل اليها بطل فلسطيني مقاوم من لبنان ليلتقي فيها زوجته التي أصرت على البقاء في قريتها لتنجب منه أطفالا يعيشون في وطنهم ليعود هو الى الالتحاق بالمقاومة في لبنان.
    في تقرير استراتيجي رقمه (43) لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في آذار الماضي، أعد نصه الأساسي مؤمن بسيسو، قال المركز إن الرئيس محمود عباس "الأكثر تبنيا وتنظيرا" لفكرة المقاومة السلمية إنما ينطلق من عدة "اعتبارات" منها "التغطية على فشل المشروع التفاوضي عبر الايحاء بفتح الخيارات الوطنية الكفاحية التي يتم تقزيمها واختزالها في المقاومة الشعبية السلمية المجردة"، ليخلص التقرير إلى أن هذه المقاومة كخيار وحيد أم كواحد من خيارات متعددة لا تزال "نظرية دون تطبيق"، وليخلص التقرير في "توصياته" إلى "التنبيه إلى أن المقاومة الشعبية لا تلغي المقاومة المسلحة ولا تحل مكانها وأن المقاومة المسلحة تبقى الخيار الأصيل .. وأن للشعب الفلسطيني الحق الشرعي والقانوني الكامل في المقاومة المسلحة طالما بقي الاحتلال".
    في مقال له يوم الأربعاء الماضي احتفاء "بالمناضل بسام الشكعة .. أبو نضال مقاوم من جبل النار"، وصف علي عقلة عرسان رئيس اتحاد الكتاب العرب والأمين العام للأدباء والكتاب العرب لدورات متعددة قرية باب الشمس ب"الانموذج النضالي الجديد" لكنها "لم تكن .. أول الابداع الفلسطيني السلمي المقاوم"، إذ "منذ بداية المشروع الصهيوني في فلسطين كانت المقاومة الشعبية السلمية"، وتوقف عند الاضراب الشعبي الذي استمر ستة أشهر عام 1936، والانتخابات البلدية في الضفة الغربية عام 1976 التي قمعها الارهاب الصهيوني بتفجيرات كان من نتائجها بتر ساقي رئيس بلدية نابلس المنتخب بسام الشكعة، والانتفاضة الفلسطينية الأولى في النصف الثاني من ثمانينيات القرن العشرين الماضي كثلاثة معالم رئيسية للمقاومة "السلمية" في التاريخ الوطني الفلسطيني.
    لكن غاب عن الأديب العربي من حوران السورية أن يستنتج بأن نتائج المقاومة السلمية الطويلة لعرب فلسطين، التي يمكن إضافة الكثير الكثير من محطاتها وأعلامها ورموزها إلى معالمه الثلاث، كانت نتائج عكسية حتى الآن وقادت إلى الوضع الراهن الذي يتهدد الهوية العربية الاسلامية لبيت المقدس وأكنافه في فلسطين بل ويتهدد الوجود الديموغرافي العربي ذاته فيها.
    وغابت عنه حقيقة أن المقاومة السلمية لم تمنع الاستيطان اليهودي من تهويد غربي القدس من دون قتال ليجند مستوطنوها منهم حوالي عشرة آلاف مقاتل مثلوا حوالي ربع مجموع المسلحين العرب من الدول العربية وفلسطين الذين قاتلوا مائة ألف مقاتل في العصابات الصهيونية كانوا أكثر من ضعفيهم عددا وأفضل منهم تسليحا وتنظيما ووحدة قيادة في حرب النكبة عام 1948، مثلما لم تمنع المقاومة السلمية الفلسطينية تغول الاستيطان على الأرض والانسان في الضفة الغربية بعد احتلال عام 1967 ليزيد عدد المستوطنين في مستعمراتهم فيها اليوم على نصف مليون مستوطن يمكنهم بكل سهولة تجنيد مائة ألف مقاتل معظمهم جنود محترفون أو احتياط في جيش الاحتلال أو هم يتدربون على السلاح ويمكنهم إغلاق مفاصل الضفة الغربية ب"مقاومة سلمية" في أي محاولة لإخلائهم منها بالطرق "السلمية".
    وبالرغم من ذلك فإن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تتعامل اليوم مع دعوتها إلى المقاومة الشعبية السلمية مثلما تعاملت مع المقاومة المسلحة قبل أن تلغي "الكفاح المسلح" من ميثاقها، بطريقة انتقائية وموسمية وإعلامية لا تعتمد المقاومة السلمية استراتيجية شعبية بل تحولها إلى أداة تكتيكية تستخدمها للمناورة السياسية في الوقت الضائع بانتظار استئناف المفاوضات، ول"التغطية على فشل المشروع التفاوضي"، ولخدمة أهداف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال في صرف الأنظار الشعبية بعيدا عن أشكال المقاومة الأخرى، ولنزع الشرعية عن المقاومة المسلحة، وللتهرب من استحقاقات المصالحة الوطنية كشرط مسبق لا غنى عنه لنجاح المقاومة سلمية كانت أم مسلحة بطرح المقاومة السلمية خيارا لا اختلاف عليه بين من يريدونها خيارا وحيدا تتساوق الدعوة إليه مع استراتيجيتهم التفاوضية الوحيدة وبين من يقبلون به واحدا ضمن خيارات مقاومة غيرها.
    يقول منظرو اللاعنف والمقاومة السلمية إن الاستبداد يكتسب قوته من إذعان ضحاياه وطاعتهم له وتعاونهم معه، لذلك فإن رفض الاحتلال والاذعان له وطاعته والتعاون معه يمثل شرطا مسبقا لشعبية المقاومة السلمية ولنجاحها كبديل ثالث بين القبول السلبي بوضع الاحتلال القائم وبين المقاومة المسلحة له، وكطريق ثالث بين الخضوع للاحتلال وترك الأرض له يصول ويجول فيها على هواه وبين الهروب من قتاله.
    ولذلك فإن المقاومة السلمية تستدعي أول ما تستدعي وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، والوحدة الوطنية ضده، وهو ما يحدث نقيضه اليوم، فقيادة منظمة التحرير التي تدعو إلى المقاومة الشعبية السلمية كخيار وحيد تواصل التعاون مع الاحتلال والتنسيق الأمني معه وتركز كل جهودها على استئناف المفاوضات مع دولته، وهو ما يفقد الدعوة صدقيتها، وشعبيتها، ويجهضها قبل أن تنطلق، ويحكم عليها مسبقا بالفشل، ويحول تناقض القيادة إلى العقبة الرئيسية أمام انطلاق المقاومة في شكلها السلمي وغير السلمي على حد سواء.
    لقد كان أبو اللاعنف في العالم المهاتما غاندي يعد المقاومة السلمية غير العنيفة "حربا من دون عنف" تحركها "قوة الشعب"، لكن نماذج المقاومة السلمية الجديرة بالاعجاب والتقدير في بلعين وأخواتها في الضفة الغربية لا تزال قدوة معزولة عن الشعب، ولا يمكن بالتأكيد وصفها بأنها "حرب الشعب من دون عنف"، والسبب واضح لاستمرار عزلتها وبقائها قدوة تنتظر الاقتداء بها على مستوى الشعب والوطن، ناهيك عن النتائج الضئيلة التي حققتها بالمقارنة مع الحقائق المادية التي أنجزها الاحتلال على الأرض خلال السنوات التي أعقبت انطلاقها، لتظل المقاومة السلمية نظرية دون تطبيق حتى الآن بالرغم من استمرار الدعوة لها والتوافق الوطني عليها.

    فرنسا تكذب وتقتل المسلمين

    بقلم يوسف رزقة عن المركز الفلسطيني للاعلام
    (مالي) جرح جديد في جسد الأمة. نحن في فلسطين لا نعرف كثيراً عن دولة مالي وشعب مالي، ولكننا نعرف كثيراً عن الإسلام. الإسلام في مالي وفي غيرها من الدول العربية والإفريقية واحد لا يتجزأ ما التزم أهله بالكتاب والسنة، ونحن لا نعرف كثيراً عن (القاعدة) في مالي وفي بلاد المغرب العربي، ولكننا نعرف أن شعب مالي فيه أكثرية مسلمة تؤمن بما نؤمن به، وكذلك كل شعوب المغرب العربي. في مالي حركات إسلامية تعمل للإسلام وتنادي بتطبيق الشريعة كغيرها من الحركات الإسلامية في البلاد العربية.
    (القاعدة) في مالي هي جزء من الحركات الإسلامية وليست كل الحركات الإسلامية. في مالي سلفيون، وإخوان، وأنصار الشريعة، وصوفيون وغيرهم. وفي مالي قبائل عربية وإفريقية مسلمة كالطوارق، وسكان أزواد حيث الحركة الانفصالية، ومن الخطأ الجسيم والتضليل الإعلامي المقصود جمع كل مكونات الحركة الإسلامية في (القاعدة)، فهذا زعم باطل، ويمثل حالة من التضليل لتمرير المؤامرة ضد الإسلام في هذا البلد الإفريقي الفقير.
    لست أدري هل حركة أزواد الانفصالية محقة أم لا، وهذا شأن داخلي، فلسطين لا تتدخل فيه، ولكن ما نجزم به أن الشعب المالي وحده هو صاحب الصلاحية في معالجة أموره الداخلية، ولا شأن لدول الجوار فيه، كما أن لا شأن لدول أوروبا وأمريكا فيه. فرنسا دولة استعمارية تقليدية، كانت صاحبة نفوذ في المغرب العربي وفي مالي وما جاورها. لقد استعمرت فرنسا الجزائر ودول المغرب العربي واستولت على خيراتها ومصادرها الطبيعية، وألحقتها أمنياً بعد الاستقلال بالشبكة الفرنسية للأمن الإقليمي. فرنسا الاستعمارية أخطأت في الماضي ولم تدفع ثمن خطئها التاريخي حتى الآن، واليوم تخطئ فرنسا مرتين في حربها ضد جزء من الشعب المالي. الخطأ الأول أنها تقاتل (الإسلام) في بلد بعيد عنها جغرافيا، نعم تقاتل (الإسلام) بقتل المسلمين، ولا تقاتل القاعدة التي ربما ارتكبت بعض الأخطاء بحق فرنسا أو مالي أو الجزائر. بالأمس لم تتمكن واشنطن من التفريق بين (القاعدة) و(طالبان) والشعب الأفغاني، فقتلت الجميع وقالت إنها تقاتل (القاعدة)، وخسائر المدنيين الأفعال تفضحها.
    وفي العراق لم تتمكن أمريكا من التفريق بين القاعدة وغيرها من الحركات الإسلامية والشعب العراقي، فقتلت الجميع تحت مسمى مكافحة القاعدة. لقد خرجت أمريكا من العراق جزئيًا، وهي تخطط لتخرج من أفغانستان، لأن حلولها الأمنية العسكرية فشلت في البلدين وزادت من شعبية القاعدة ومن كراهية العالم الإسلامي لأمريكا.
    فرنسا ترتكب الخطأ نفسه الآن، فهي تقاتل الإسلام والحركات الإسلامية والقاعدة وسكان شمال مالي، وتحاول أن تفرض رؤيتها بقوة السلاح، على شعب يكره أن ينطق باسم فرنسا في حديثه. لست أدري لماذا تعجلت فرنسا قتال المسلمين في مالي؟!، ولماذا حصلت على تأييد بريطاني وأمريكي وكندي، وجزائري أيضًا، وكان بالإمكان البحث عن حلول سياسية تسمح باحتواء التطرف ومعالجته؟!، ولماذا تعجلت الدخول إلى مالي، ولم تتعجل الدخول إلى سوريا مثلاً؟!، لماذا غامرت الجزائر بأمنها في جنوب الصحراء من أجل عيون فرنسا ؟!، فرنسا كدولة استعمارية تؤيد (إسرائيل) وتسلحها، أخطر على شمال أفريقيا ألف مرة من القاعدة. الإسلام يذبح في مالي تحت عنوان باطل هو الإرهاب.

    السياسة الغربية وصناعة التطرف في مصر

    بقلم عصام شاور عن المركز الفلسطيني للاعلام
    إذا ظنت أمريكيا أنها قادرة على الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، والانقلاب على خيار الشعب المصري، وإعادة أذنابها من علمانيين وناصريين أو من الفلول إلى سدة الحكم، ثم يستكمل حكم مبارك وتعود مصر مرة أخرى شريكًا استراتيجيًا للصهاينة والغرب، وكأن شيئًا لم يكن فأمريكا واهمة، وسينقلب سحرها عليها وعلى الدول الغربية، وكذلك على الأنظمة العربية المنبطحة والمتآمرة على مصر وثورتها.
    الإسلاميون في مصر قبلوا بحكم الشعب والشعب اختارهم، وهذه هي الديمقراطية التي يبشر الغرب بها، فإن أغلق ذلك الباب بالمؤامرات التي تظهر بأشكال مختلفة كالحصار الاقتصادي لمصر، والضغط على الرئيس لأنه وصف أحفاد القردة والخنازير اليهود بمصاصي الدماء، وتهديد العمالة المصرية في الدول العربية واعتقال مصريين رجالاً ونساء (وهذا عار على فاعلها وسابقة خطيرة)، وتجنيد الكتاب والإعلاميين المأجورين لتشويه الإسلاميين وخاصة الإخوان المسلمين، فإذا أغلق ذلك الباب فإن البديل هو التطرف، والويل للغرب والعلمانيين وأعداء الدين إذا تطرفت الأغلبية المسلمة في بلد يزيد تعداد سكانه عن 85 مليوناً.
    لا شك أن مصر بحاجة إلى أموال خارجية حتى تصبح قادرة على استغلال ثرواتها والاعتماد على مقدراتها الوطنية، وقد سعت القيادة المصرية للانفتاح على العرب سياسياً واقتصادياً فإن رفض العرب الانفتاح على دولة لا تحظى بالرضا الأمريكي_ وهذا ما نلمسه وإن بشكل خجول_ فإن مصر قادرة على مد الجسور مع تركيا وإيران وأية دولة تلبي العلاقة معها مصالح مصر السياسية والاقتصادية.
    دول عربية ترى في إيران الخطر الأكبر عليها، ولكنها في ذات الوقت تفتعل الأزمات مع مصر أكبر دولة عربية للتخلي الأخيرة عن التوازن الذي يحكم سياستها الخارجية، فتتجه أكثر نحو إيران بشكل اضطراري، وذلك لا يصب في صالح الدول المشار إليها، وهنا ندرك أن تلك الدول تقدم رغبات أمريكا على مصالحها الوطنية والقومية، وندرك كذلك أن السياسة الأمريكية هي التي تعزز ما تصفه بـ"محور التطرف".
    الشباب الإسلامي المعتدل الذي يسعى إلى الانعتاق من حكم الأنظمة العميلة والفاسدة احتكم _بعد ثورة سلمية_ إلى صناديق الاقتراع، فإن أصرت أمريكا على رفض نتائج الانتخابات فإن الشباب سيتمرد على الصناديق، ولن يجد سوى العنف طريقة للخلاص من يد أمريكا العابثة بمصير الشعوب العربية والإسلامية.
    الغرب لا يصنع التطرف في مصر فقط، بل وفي كل أنحاء الوطن العربي، فالشعوب العربية والمسلمة لن تسكت طويلا عن التواطؤ الغربي مع النظام السوري، أو الاعتداء الفرنسي الهمجي على مالي، وقرييًا جدًا ستدفع فرنسا وأمريكا وبعض الدول العربية والأوروبية ثمن سياسة الغرور والغباء.

    تقسيم المُقسّم

    بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين
    التقسيم، أو التجزئة فكرة رديئة ولكنها تهدد الوطن العربي المقسم أصلاً إلى دول قطرية بحسب اتفاقية سايكس بيكو الاستعمارية, العراق دولة قطرية يتهددها التقسيم الطائفي والعرقي إلى ثلاث دويلات متخاصمة. العراق بعد صدام، وبعد الاحتلال الأمريكي خرج منهكاً ومهدما، ولم يستطع بناء نظام ديمقراطي مستقر ومتعاون. الدستور الذي قسم العراق إلى أقاليم وضع بذور الاستقلال الإقليمي لكل إقليم عند نضج الظروف، أو عند الاختلاف الجذري في المصالح.
    توقعات التقسيم عالية، ومكونات التقسيم قائمة، دولة كردية، ودولة عربية سنية، ودولة شيعية، ولا تكاد تجد تسامحًا ذا مغزى بين من يعيشون في هذه الأقاليم الثلاثة. العراق المركزي يأتي في الأجندة بعد الاقليم الحزبي ومصالحه. ولا تكاد توجد في العراق دولة مستقرة عليها الصمود أمام نزعات التقسيم والتجزئة والانفصال.
    لقد تمكن الاحتلال الأمريكي من اللعب في ديمغرافية العراق، ونشر بذور الصراع الطائفي، فاحتضن الكتلة الشيعية بكافة أطيافها، ومكن لها في الحكم وفي مفاصل الدولة، وزعم أنها الأغلبية في الإحصاء السكاني وأقصى الكتلة السنية، وعاقبها على مشاركتها الحكم مع صدام، وعلى مشاركتها في المقاومة المسلحة مع الزرقاوي وغيره. وجعل من الكتلة الكردية بيضة الميزان التي تتحكم في الطرفين، وحقق للأكراد طموحهم التقليدي بدولة كردية في شمال العراق.
    بعد سنوات من حكم المالكي (شيعي) تحرك أهل السنة والعرب في الأنبار وسامراء وبغداد، وبعقوبة وغيرها من المدن فخرجوا في مظاهرات شعبية سلمية في كافة المدن تطالب بالإصلاح، وتطالب بسقوط المالكي، وتحولت المظاهرات إلى اعتصامات دائمة على غرار ميدان التحرير في مصر، وبدأت المعارضة ترفع سقف مطالبها، وتطالب بالإصلاحات وبالشراكة الحقيقية، وتنادي بسقوط المالكي، وبسقوط الطائفية ورفض التبعية لإيران.
    حالة الاحتقان الداخلي في العراق توسعت، بعد تهديدات المالكي وسخريته من المتظاهرين والمعتصمين، وبعد أن فشلت الوساطات التي أرسلها إلى الأنبار وسامراء لاحتواء الأمر، لأنه لم يعط هذه الوساطات صلاحيات الاستجابة لمطالب المتظاهرين والمعتصمين.
    "العراقية" و"السنية" تحاولان نفي الطائفية عن احتجاجاتهما، والمالكي يحاول نفي الشيعية الطائفية عن حكومته وحزبه، ومع ذلك فهذا النفي المؤكد لا يصمد أمام حقائق الواقع، فالمظلومية السياسية يشعر بها كل من الكردي والسني، ومن ثمة فهي أقوى المحركات في عملية التظاهر والاعتصام بينما تتمدد الشيعية على حساب الوطنية في مساحات الحكم والقرار والمؤسسات.
    ومن ثمة يمكن أن نقول إن اللغة الوطنية المشتركة كادت تلفظ أنفاسها الأخيرة، مالم يتداركها قادة من ذوي المسئولية والحكمة.
    لا مجال أمام العراق إلا أن يبقى موحدًا، وعصيًا على التقسيم والتجزئة، وهو لن يبقى عصياً على التجزئة إذا رفض المالكي مطالب المعارضة، وأغلق مسامعه عن العدالة الاجتماعية والإقليمية، والطائفية.

    أسرع تغيير في بلاد العرب

    بقلم فهمي هويدي عن فلسطين اون لاين
    حين خرج المنتخب السعودي من الدور الأول لبطولة كأس الخليج عقد الاتحاد السعودي لكرة القدم على الفور اجتماعًا استمر ثلاث ساعات، قرر فيه إقالة المدرب فرانك ريكارد واستبعاد الجهاز الإداري للمنتخب، حدث ذلك يوم الأربعاء الماضي، وقبله بيوم واحد كان الاتحاد القطري قد أقال المدرب البرازيلي للمنتخب باولو أوتوري للسبب نفسه، وليس ذلك أمرًا استثنائيًّا؛ لأن هذه الإقالات السريعة أصبحت من تقاليد المحيط الرياضي في العالم العربي بوجه أخص، الأمر الذي يسوغ لي أن أزعم أنه أسرع تغيير يحدث في بلادنا؛ لأن خبرتنا في مجالات الإخفاقات _وهي كثيرة للأسف_ لا ترتب بالضرورة الإقالة أو الاستقالة؛ لأن المسئول عندنا كلما علا مقامه بعد عن دائرة المسئولية والحساب، وما الثورات التي تتابعت في العالم العربي إلا دليل على أن الجماهير قد فاض بها الكيل من كثرة الإخفاقات والمفاسد، ولم تجد وسيلة لإقصاء المسئولين عنها إلا بإعلان الثورة، والإصرار على الإطاحة بالأنظمة القائمة والمسئولين عنها.
    وحدها الرياضة أصبح يمارس فيها التغيير السلمي للمدربين بمنتهى السرعة والحزم، إذ ما إن يخسر الفريق اللاعب حتى يصب مسئولو الاتحادات الرياضية جام غضبهم على المدرب، فيسارعوا إلى إقالته في يوم الخسارة نفسه.
    حين حاولت تحري السبب الذي وراء ذلك قيل لي: "إن المدرب الأجنبي هو أول من يدفع ثمن إخفاق الفريق اللاعب؛ لأن أعضاء مجلس الإدارة عادة لا يكونون مستعدين إلى الاعتراف بأية أخطاء وقعوا فيها، وأسهمت في النتيجة السلبية، لذا أسهل وسيلة للتهرب من المسئولية تكون بتوجيه أصابع الاتهام إلى المدرب، والإسراع في إقالته والتضحية به، (لا تنس أن الحق دائمًا على الطليان في موروثنا الشعبي). وهذه الإقالة لا تبرئ ساحة بقية المسئولين عن اللعبة فقط، ولكنها أيضًا تمتص غضب الجمهور الذي يتزايد اهتمامه بكرة القدم يومًا بعد يوم".
    لا أستبعد هذا التفسير وأرى فيه بعض الوجاهة، لكني أضيف إليه عنصرًا آخر وثيق الصلة بثقافة عصر الفرجة، الذي تلعب فيه الصورة التي تبث على شاشات التلفزة دورًا أساسيًّا في تشكيل الإدراك، ودغدغة مشاعر الجماهير، ومن هذه الزاوية تحتل مباريات كرة القدم مكانة خاصة، ذلك أنها تمارس تحت أعين الناس الذين يتابعون حركة وأداء كل لاعب، فيبتهجون أو يكتئبون وهم يرون النصر يصنع على أيديهم أو الهزيمة.
    في عصر الفرجة ترتبط الجودة والقيمة بالرؤية والمظهر، ويصبح النجوم هم الذين تقدمهم الشاشات ويحركون المشاعر المباشرة، أما العاكفون في المعامل والصوامع ودور الكتب وغيرهم ممن لا ترى لهم صور فلا مكان لهم في خرائط الوعي الراهن، بل إنهم يسقطون من الذاكرة ولا ينالون حظهم من التقدير، ذلك أنه ما ارتبطت القيمة بالمظهر يصبح الذين لا يظهرون بلا قيمة، حتى إذا أنصفهم التاريخ في المستقبل.
    كرة القدم كلها فرجة من أول المباراة إلى آخرها، شأنها في ذلك شأن التمثيل على المسرح والغناء في الحفلات العامة، إلا أن كرة القدم تتميز بما تحرزه من أهداف، بمعنى أنها توصل البهجة بمعيار واضح ونتائج محددة، وهذه قد لا تضيف شيئًا إلى حياة الناس العملية، لكنها تستمد قيمتها مما تشيعه من فرحة وترحاب.
    مباريات كرة القدم إذا كانت نتائجها إيجابية فإنها تشيع إحساسًا بالتفوق لا علاقة له بالتقدم، والتفوق في هذه الحالة يتحقق بسرعة، وربما تبخر أثره بسرعة كذلك، لكن التقدم مثل الصناعة الثقيلة يحتاج إلى نفس طويل ووقت، إلا أنه يبقى ثابتًا على الأرض، والتفوق يمكن استجلابه واصطناعه، وربما شراؤه أيضًا، عبر استعارة وإغواء أفضل المدربين وأكثرهم شهرة وإنجازًا، أما التقدم فلا يمكن استجلابه ولا شراؤه لصلته الوثيقة بالقيم الاجتماعية والسلوكية السائدة.
    في الفراغ السياسي المخيم على العالم العربي أصبحت الأندية والفرق الرياضية أهم بكثير من الأحزاب أو الجماعات السياسية القائمة، وقد ساعدت الفضائيات على تضخيم دور وتعزيز أهمية تلك الأندية والفرق. وبسبب شح التفوق في ميادين التقدم الحقيقية _خصوصًا ما تعلق منها بالمعرفة والابتكار_ إن الفوز في مباريات كرة القدم أصبح له رنينه القوي، الذي تردد الشاشات أصداءه بسرعة، وتنجذب إليه الجماهير بقوة؛ لأنه يعطيها إحساسًا مؤقتًا بالنشوة، لا يغير من شيء في حياتهم، وإنْ أحدث تغييرًا عابرًا في أمزجتهم.
    لقد سوق لنا عصر الفرجة أوهامًا كثيرة، حتى صرنا نأسى ونغتم لخسارة مباراة أو للخروج من مسابقات الكأس أو الدوري، في حين لا يحرك فينا شيئًا أن تستبعد جامعاتنا من قائمة المؤسسات العلمية المحترمة، أو تلاحقنا الهزائم في مجالات التقدم الحقيقية؛ ففي عصر الفرجة أصبحت الصورة هي الأهم، أما الأصل فلا تسأل عنه!

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء حماس 245
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-23, 01:13 PM
  2. اقلام واراء حماس 244
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 12:20 PM
  3. اقلام واراء حماس 243
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 12:18 PM
  4. اقلام واراء حماس 242
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 12:17 PM
  5. اقلام واراء حماس 241
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء حماس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 12:16 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •