النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 366

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء محلي 366

    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG]

    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age002.jpg[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]في هذا الملـــــف:

    • إسرائيل 65: عين "المصادفات" ترعاك؟
    • بقلم: حـسـن الـبـطــل – الايام
    • حماس والتناقض بين فوق وتحت ...
    • بقلم: طلال عوكل – الايام
    • عن الحريات العامة في غزة
    • بقلم: د.عاطف أبو سيف - الايام
    • ثلاثون نبضة بالدقيقة
    • بقلم: حديث القدس - القدس
    • «الاختلال» الفلسطيني..
    • بقلم: هاشم عبد العزيز - القدس
    • هل نشهد ولادة فيدرالية بين ضفتي نهر الأردن..؟
    • بقلم: محمد خليفة - القدس
    • مَن هو الصهيوني الليبرالي؟
    • بقلم: جيري هابر (ديلي بيست) - القدس
    • حكومة إسرائيل حولتني إلى «وزير جنازات»!
    • بقلم: عيسى قراقع وزير شؤون - القدس
    • تغريدة الصباح - رفرفْ يا علم!
    • بقلم: محمد علي طه - الحياة
    • تنين السلطة والخبر اليقين
    • بقلم: عدلي صادق - الحياة
    • الانقسام...من هو الفاعل الأصلي؟
    • بقلم: يحيى رباح - الحياة
    • حرب «الهاكرز» على إسرائيل
    • بقلم: عادل عبد الرحمن - الحياة




    إسرائيل 65: عين "المصادفات" ترعاك؟
    بقلم: حـسـن الـبـطــل – الايام
    ست مفردات وجمل بالعبرية، في مقابل مفردة واحدة بالعربية. هكذا استخدم أوباما البليغ المفردات والجمل في خطابيه بإسرائيل وفلسطين.
    بالعربية قال "مرحبا" وفي العبرية قال كلمتين عربيتين في العبرية "صبابا" و"أحلى".. لكن جوهر الخطبة في إسرائيل "لستم وحدكم" وجوهر الخطبة الفلسطينية "دولة فلسطينية".. و"ضعوا أنفسكم مكانهم"!
    مساء اليوم (أمس) تبدأ إسرائيل احتفالاتها ببلوغها سن الـ 65 أي بإحياء ذكرى المحرقة و"الكارثة والبطولة"، وهذا الأسبوع يبدأ جون كيري دور "المَكُّوك" بين إسرائيل وفلسطين، كما أسلافه المبعوث الخاص جورج ميتشيل، والوزيرتين كوندوليزا رايس وهيلاري كلينتون.
    إلى طلبة الجامعات الإسرائيليين قال أوباما ما معناه: ضعوا أنفسكم مكان الفلسطينيين، وعندما وضع إيهود باراك نفسه مكاننا قال: "كنت سأصير عضواً في منظمة إرهابية".. والآن، يعتبرون الحجر إرهاباً؟
    الإسرائيليون سُرُّوا لأن أوباما صحّح خطبته في جامعة القاهرة (الكارثة سبب قيام إسرائيل) وقال في خطبته الإسرائيلية إن حق العودة اليهودي إلى فلسطين سبب قيامها.
    المفردة والمصطلح جزء من "حرب الرواية" وفي حرب الرواية هناك الأساطير و"الوعد الإلهي" والقوة طبعاً (المستمدة والمستعارة).. وأخيراً الفرص الضائعة الفلسطينية والفرص المنتهزة الإسرائيلية.
    هل هذا يكفي؟ أم لا بدّ من "احتلال" إسرائيل للمصادفات، أيضاً، (هل هي مصادفات؟) ففي مقالته ("هآرتس" 4 نيسان، "الأيام" 5 نيسان) يمسك آري شبيط بتلابيب المصادفات السعيدة، التي نشلت إسرائيل من الفشل؛ وآخرها اكتشاف الغاز البحري، فصارت إسرائيل "أرض الحليب والغاز" بدل "ارض الحليب والعسل"!
    الخلاصة: كل عقد مصادفة سعيدة على إسرائيل، بدءاً من طائرات "المستير" و"الميراج" الفرنسية منتصف خمسينيات القرن المنصرم، رداً على تحالف موسكو مع القومية العربية، إلى طائرات "سكاي هوك" و"فانتوم" الأميركية منتصف الستينيات، إلى السلام المفاجئ مع مصر، والهجرة الروسية.. وثورة "الهاي تيك".
    في المقابل، تتالت المصادفات التعيسة على الفلسطينيين، بدءاً من "وعد بلفور" غداة الحرب العالمية الأولى، إلى إجهاض ثورة 1936 ـ 1939 نظراً لصعود النازية، إلى ذيول الهولوكوست بعد الحرب العالمية الثانية، فإلى هزيمة حزيران، ثم قصور حرب 1973، والسلام المصري ـ الإسرائيلي، ثم حرب العراق وإيران، وانهيار العراق والاتحاد السوفياتي.. وأخيراً "غزوة نيويورك" التي أجهضت الانتفاضة الثانية، والآن هذا "الربيع العربي" الذي تراه إسرائيل برهاناً على أن فلسطين ليست محور الصراع ومركزه.
    هل نسي آري شبيط دور الهجرة اليهودية العربية (حوالي مليون) في إنقاذ إسرائيل، أو دور الهجرة الروسية في اندفاعة الاستيطان و"ثورة الهاي تيك".
    القراءة الانتقائية للفرص والحظوظ في الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني تفسر لماذا تقول الإحصائيات إن إسرائيل تحتل المركز التاسع في "سلم سعادة" مواطنيها، ولكنها لا تفسر كيف كان الصراع صراعاً عربياً ـ إسرائيلياً (أو إسلامياً ـ يهودياً) وكيف صار فلسطينياً ـ إسرائيلياً.
    بعد شهرين ـ ثلاثة، سينفض كيري وأوباما أيديهما من الحل، لكن المشكلة ستبقى وستكبر، وخلاصتها كالآتي: تقرير المصير الفلسطيني ورسم مسار جديد لإسرائيل خطان متوازيان لا يلتقيان لأن فلسطين تعني إسرائيل جديدة بغضّ النظر عن حروب الروايات التاريخية، وحروب القوة، وحروب الاحتلال.. وأيضاً، المصادفات السعيدة إسرائيلياً، والتعيسة فلسطينياً.
    يقولون في إسرائيل إن الفلسطينيين أهدروا فرصة "قرار التقسيم الدولي"، ثم فرصة "كامب ديفيد"، وفرصة "مشروع إيهود أولمرت".. ولكنهم يهدرون فرصة "إنقاذ إسرائيل من نفسها" واحتلالها، لأن إسرائيل ترفض فكرة كيري: للتفاوض الجديد أين هي الحدود بين الدولتين؟ هل هي الجدار؟ هل هي النهر؟ هل هي "حكم ذاتي للسكان وليس للأرض"؟ هل هي حدود (أ. ب. ج).
    إسرائيل محظوظة؟ نعم لكن "هِيَ الأمُورُ كما شَاهَدْتَهَا دُوَلٌ/ مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ ساءَتْهُ أزْمَانُ".

    حماس والتناقض بين فوق وتحت ...
    بقلم: طلال عوكل – الايام
    بعد أشهر طويلة، وجدل لم يتوقف من قبل المراقبين بشأن طبيعة القيادة الجديدة ومصير الأخ خالد مشعل، وفي رحاب حكم الإخوان في مصر، أتمت حركة حماس انتخاباتها الداخلية، وأعادت اختيار مشعل رئيساً لمكتبها السياسي للمرة الخامسة على التوالي. التكهنات كثيرة فيما يتعلق بأسباب عودة مشعل لهذا الموقع، وأبعاد هذه العودة، لكن أكثرها مبالغة، تلك التكهنات التي ذهبت إلى حد أن اختيار مشعل بعد أن كان أعلن عزمه عدم الترشح، من شأنه أن ينقل الحركة إلى مربع التعاطي مع التسوية السياسية.
    في الواقع فإن وكالات الأنباء تنقل عن أوساط وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يزور تركيا، رغبته في أن تلعب القيادة التركية دوراً أساسياً في إقناع حركة حماس بدخول معترك التسوية فضلاً عن أن الولايات المتحدة عادت إلى الحديث عن شروط الرباعية الدولية المعروفة.
    يتحرك الأميركيون سياسياً لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين من مربع السياسة الإسرائيلية، ويستخدمون قدراتهم للضغط على الطرف الفلسطيني. الأمر الذي لا يمنح كيري أية فرصة لنجاح مساعيه من أجل استئناف المفاوضات حتى لو استمر في تحركاته لثمانية عشر أسبوعاً وليس فقط لثمانية أسابيع.
    الغريب في الأمر أن يسعى كيري وراء نقل حماس إلى مربع التسوية والقبول باشتراطات الرباعية، ذلك أن مثل هذا الطلب يوحي بأن أزمة المفاوضات سببها الفلسطينيون المنقسمون على أنفسهم، وليس السياسة الإسرائيلية، التي تلتزم بها السياسة الأميركية.
    في الواقع مجنون من يتوقع أو يطلب من حماس مثل هذه الطلبات، ومجنون حتى أن يطلب أحد من أي فصيل فلسطيني ما تطلبه وتسعى إليه الإدارة الأميركية مع حماس وبعد كل ما جرى خلال عشرين عاماً من المفاوضات الفاشلة.
    أردت أن أقول إن الكثير من الدوائر السياسية العربية والإقليمية والدولية، وحتى الوطنيين الفلسطينيين يستبشرون خيراً من إعادة اختيار مشعل لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس، ذلك أنه يتمتع برؤية سياسية واسعة وبعيدة النظر إن كان على المستوى القومي والإسلامي أو إن كان على المستوى الوطني الفلسطيني. مشعل يتمتع بمرونة معقولة، وإيجابية حتى بشأن كيفية وإطار آليات تحقيق برنامج حركة حماس وأهدافها على المستوى الفلسطيني إذ لا غضاضة في أن يخوض كل فصيل نضالاً قوياً من داخل المؤسسة الفلسطينية واستناداً إلى نتائج ما تفرزه صناديق الاقتراع، لكي يسود برنامجه وتسود رؤيته، وحتى لكي يصبح سيد القرار الفلسطيني.
    ولكن إذا كان مشعل ونائباه وزملاؤه في المكتب السياسي الجديد، يحملون رؤى وتطلعات عامة تدفع حماس أكثر فأكثر إلى مربع العمل السياسي العربي والإسلامي والدولي، مستفيدين من واقع ما أفرزته ثورات "الربيع العربي" حتى الآن، وخصوصاً في مصر، فإن على هؤلاء أن ينتبهوا إلى التجربة العملية التي تبنيها حركتهم في قطاع غزة، وما إذا كانت هذه التجربة تشكل لهم عوناً في مساعيهم على مستوى السياسة الخارجية.
    كنت أعتقد أن حركة حماس وقفت بعمق لدراسة أسباب ودوافع وأبعاد الخروج الجماعي الواسع لسكان القطاع، يوم الرابع من كانون الثاني الماضي، احتفالاً بانطلاقة حركة فتح والثورة الفلسطينية. الناس لم يخرجوا على ذلك النوع، وبذلك الاتساع لأنهم أعضاء في حركة فتح، وحركة فتح تعرف ذلك، ما يعني أن ذلك الخروج غير المسبوق للناس، ينطوي على احتجاج كبير على سياسات حركة حماس، إذا حاولنا فحص الجوانب التي يحتج عليها الناس، فإنني لا أعتقد أنهم يحتجون على رؤية المقاومة وسلوكها، والموقف الذي تتبناه الحركة من إسرائيل وإنما يحتجون على طريقة تعامل حماس مع الناس فيما يتعلق بالحقوق وطرق إدارة الحكم التي تتلخص في الاستحواذ، ورفض الآخر، وفرض رؤيتها على الناس بالقوة، وتقييد الحريات.
    يبدو أن الحركة لم تقرأ الدرس على النحو المطلوب، وأن القراءة تقودها إلى المنطق الأمني، واستخدام أدوات الضغط لفرض سلوكيات على الناس. تحت طائل الخوف، قبل بضعة أشهر جرت محاولات لفرض اللباس الشرعي على طالبات جامعة الأقصى الحكومية، وقبلها على المحاميات اللواتي يترافعن في المحاكم، وقبلها جرى فرض اللباس الشرعي على طالبات المدارس، وفي كل مرة يقال إن قراراً لم يصدر بذلك، ولكن الواقع يختلف على أرض الممارسة.
    في الأيام القليلة الماضية، خرجت مجموعات من الشرطة مسلحة بالهراوات تبحث وتركض وراء الشبان الذين يلبسون سراويل ضيقة و"ساحلة"، والذين يصففون شعورهم بطريقة يعتبرونها عصرية. شخصياً لا أحب ولا أؤيد مثل هذه التسريحات، أو تلك الألبسة، ولكنها في كل الأحوال شكل من أشكال الحرية الشخصية، طالما أنها لا تخدش الحياء، ولا تسيء للآخرين، المشكلة أن الملاحقة تأخذ طابعاً عنفياً، إذ تقوم الشرطة بحلق رؤوس من تمسك بهم من هؤلاء متناسين أن هؤلاء هم صنّاع المستقبل وشعلة كل انتفاضة. من جانب آخر يواصل المجلس التشريعي إصدار المزيد من القوانين أحدها قانون التعليم رقم (1) لسنة 2003م، لا أريد مناقشة القانون ولا مدى مشروعية إصداره، ولكن الغريب أنه مروّس بعبارة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، ومذيل بالعبارة ذاتها، فيما الرئيس على ما أعتقد لا يعرف شيئاً عن ذلك ـ من ضمن ما ورد بند صغير ـ ربما هو الأصغر من حيث عدد الكلمات يقول: "تعمل الوزارة على تأنيث مدارس البنات"، وبند قبله رقم (46) يقول: يحظر اختلاط الطلبة من الجنسين في المؤسسات التعليمية بعد سن التاسعة". وفق القانون ذاته تنطبق هذه البنود على كل المدارس العاملة في قطاع غزة، حتى لو كانت أجنبية أو خاصة، إدارتها مسيحية أو مسلمة الأمر الذي سيؤدي إلى إغلاق بعض هذه المؤسسات التي قد لا تكون قادرة على تكييف أوضاعها مع هذا القانون. غير أن المشكلة أساساً في طريقة التفكير وفي مسوّغات عملية الفصل بين الجنسين حتى من سن صغيرة، فإذا كان خطر الاختلاط وارداً عند ذوي السن الصغيرة، فهل هو غير وارد عند ذوي السن الشبابية أو المتقدمة؟ لماذا إذا لا يتم الفصل بين الجنسين في الوزارة والتشريعي، وفي الأسواق، والمؤسسات وحتى في الأحزاب؟ ولماذا لا يتم الفصل بين الجنسين في كل المجالات؟ سألت شيخاً من خِرّيجي الشريعة الإسلامية فقال: "إن اختلاط الناس ذكوراً وإناثاً صغاراً وكباراً في طقوس الحج والطواف، يسمح بالاعتقاد بأن الأصل في الأمر التربية، والتربية لا يمكن أن تتحقق نتائجها بالقوة والإكراه.
    إن جملة الخطوات المتدرجة التي تقوم بها حكومة غزة، تشير إلى أنها ماضية في طريق الأسلمة حتى لو استلزم الأمر اعتماد القوة سبيلاً، وهو أمر لا تحسب حماس عواقبه على المدى الطويل، حين تأتي ساعة الامتحان عبر صناديق الاقتراع.
    أما ما يحيّرني فهو لماذا أقدمت حماس على ما تقوم به هذه الأيام، مباشرة بعد إعادة انتخاب المكتب السياسي وعلى رأسه خالد مشعل، فهل يعني ذلك أن أهل التجربة في القطاع، يريدون من ذلك، نسف الانطباعات الإيجابية التي تولّدت، ويجري تداولها، بعد انتخاب مشعل؟ السؤال مطروح على مشعل والقيادة الجديدة.
    عن الحريات العامة في غزة
    بقلم: د.عاطف أبو سيف - الايام
    كان أول الأسئلة التي ظهرت بعد حكم "حماس" لغزة يتعلق بالمدى الذي ستذهب فيه "حماس" لفرض رؤيتها الخاصة على القطاع خاصة فيما يتعلق بفهمها للقضايا الدينية ولأمور الشريعة. وظهر القلق جلياً مع صدور تصريحات نارية في وقتها من قيادة الحركة حول وجوب تطبيق الشريعة وضرورة إلزام الناس بأحكامها. وكان مصدر القلق أن مثل هذه الأفكار التي تتم ترجمتها لأفعال عادة لا تعكس فهماً دقيقاً لعلاقة الدين بالناس بل إنها تسعى لاستخدام الأول في التحكم بالناس وتحويل الدين إلى ماكينة تنتج مبررات ومسوغات للهيمنة والسيطرة، وبالتالي وربما على المدى البعيد الإساءة لكُنه وجوهر الدين القائم على التسامح واليسر والمحبة.
    وليس مصدر هذا القلق إلا أن خبرة الحياة وتجارب الشعوب دللت بأمثلة كثيرة كيف تجنح النظم القمعية ونظم الحزب الواحد إلى استخدام الدين أو الثقافة الحزبية أو الأيديولوجيا في تعزيز حكمها، ويصار إلى إنتاج قوالب فكرية ترى النور عبر أوامر وقرارات تحدد لناس قواعد السلوك ويكون منطقها أن الدين أو مصلحة البلد أو الشعب يحتمون ذلك. إن جنوح البشر للهيمنة ونزوع السلطة إلى فرد أجنحتها على حياة الناس يكمن في جوهر السلطة البدائي القائم على كبح الإرادات الفردية للناس. لكن رحلة البحث عن أفضل سبل التعايش بين البشر نجحت في تحقيق هذا التوازن بين السلطة وبين حرية الأفراد عبر أشكال من العقد الاجتماعي التي تحمي الأفراد من بطش رغبات السلطة كما تجعل هذه السلطة هي نتاج مجموع إرادات الأفراد.
    وحدها النظم التي لا تكون نتاجاً لمجموع إرادات الأفراد من تسعى لقمع هذه الإرادات. لذلك ارتبطت الحرية دائماً بالديمقراطية لأن شعباً لا يمارس حقه في اختيار سلطته لا يمكن أن يكون حراً. وحين لا يكون النظام تتويجاً لحرية أفراده فإنه يعمل كل جهد ممكن من أجل أن يصادر تلك الحرية لأنها تشكل عبئاً عليه. في سبيل ذلك يتم تطويع الدين وتشكيله ونبش الأفكار القديمة وإيقاظها من سباتها وربما استيراد بعض الأفكار الغريبة عن الثقافة الاجتماعية للمجتمع لتعزيز هذه الهيمنة على جثث الحرية المسلوبة.
    كان سؤال الحريات العامة السؤال الأهم إذا ما تم وضع القلق الوطني العام الذي يمثله الانقسام وخطورته على مستقبل وممكنات تحقيق تطلعات وآمال شعبنا. إلا أن المواطن العادي وتحت وطأة الحياة يصبح السؤال الاقتصادي وتوفر الطعام أكثر إلحاحاً عليه بحكم الحاجة، كما تصبح عيناه على المساحة المتاحة له في ممارسة طقوسه اليومية دون تدخل ولا رقيب، كما اعتاد لعشرات السنين. فالمواطن يقلق على مدى مقدرته على العيش وعلى مواصلة الحياة التي تتحول إلى جحيم بفعل الحصار والغلاء وعدم المقدرة على السفر والتنقل. وحين يضاف إلى كل ذلك تضييق الحريات العامة وتقييدها وحين لا يكون الهم الشاغل للسلطة الحاكمة ولرجل الشرطة إلا مراقبة قصر أو طول بنطال الشاب وقصر أو طول شعره أو التحقق من أن الفتاة التي تمشي بجوار الشاب هي خطيبته أو أخته أو خالته أو جدته وليست عشيقة سرية له، حينها يضيع القلق الوطني وتطغى الحياة بزبدها الملوث على وجه البحر.
    لقد شهدت سنوات الانقسام الست الماضية محاولات كثيرة لتضييق مساحة الحريات العامة وانتهاكات جسيمة بحق حقوق الإنسان. إلى جانب الانتهاكات بحق الحريات السياسية وما مثلته من انعدام العمل الحزبي والنشاط العام بدرجات مختلفة والاعتقال السياسي والمنع من السفر فإن ثمة بعض التدخلات الصغيرة ولكن المتراكمة التي تكشف عن وجهة نظر في الحكم يصار إلى ترجمتها على المجتمع. وهي تفاصيل في بعض المرات قد يتم التعبير عن عدم تمثيلها لوجهة نظر السلطات مثلما يخرج ناطق ليقول قبل يومين إنه لا يوجد شيء اسمه "حملة البنطال" وقص الشعر. لأنه ببساطة تم تنفيذ المراد من وراء الحملة: أي الردع الذاتي وجعل الخوف لدى الشبان ذاتياً وبالتالي يمكن للسلطات وأمام الضغوط والهجوم الأخلاقي من قوى المجتمع الحرة أن تعلن براءتها من تلك الأفعال فيما تكون تلك الأفعال قد حققت المراد منها. وهذا أخطر ما في النظم التسلطية أنها تخلق في نفس كل مواطن رقيباً لها وتجعل من المرء منفذاً لرغبات السلطات من تلقاء نفسه لأنه يبدأ في إعادة إنتاج أشكال الهيمنة والكبت ذاتياً.
    شملت هذه حملات الفضيلة التي تراقب الشباب والفتيات في الشوارع وتتأكد من وجود علاقة شرعية بينهما وكأن هذا الشعب منحل بطبعه ولا تضبطه قواعد وسلوك تربى عليها، ومنع تقديم الأراجيل للفتيات في الأماكن العامة، وفرض الجلباب على المحاميات عند الترافع أمام المحاكم، وتغطية أجزاء الجسم عند الاستجمام على الشاطئ. وربما كانت حملة "تأنيث مدارس البنات" الأكثر إثارة للجدل حيث يمنع المعلمون الذكور من تدريس الفتيات كما يتم فصل الذكور عن الإناث من الصف الثالث، وقبل ذلك تسجيل محاولات لفرض الحجاب على فتيات المرحلة الثانوية والإعدادية. لتأتي آخر طبعة من هذه التدخلات والتضييقات في اعتقال الشبان الذين يلبسون البنطال الساحل أو من يضعون الجل على شعورهم أو هؤلاء أصحاب الشعر الطويل.
    إن باب الاعتراض على مثل هذا التصرف يأتي من حيث المبدأ فرفض فكرة تقييد السلطات لحريات الأفراد هي الأساس، لأن قبول النقاش في التفاصيل يشكل تسليماً بالمبدأ. فما لم ينتهك الشاب أو الشابة قانوناً أو يتعدوا على حرية الآخرين فإن المساس بحريتهم الشخصية جريمة. أما إذا اعتبر أحد أن مثل هذه التصرفات من لبس وطريقة تصفيف للشعر غير لائقة فإن ثمة طرقاً أخرى غير ترهيب الناس والتعدي على حرياتهم يمكن من خلالها تقويم مثل هذا السلوك. لكن مرة أخرى هذا يدخل في باب التفاصيل التي تخل بالمبدأ العام لمفهوم الحرية الشخصية.
    المحزن أن مثل هذه التعديات تتم ببطء ولكن بثبات ومع الوقت تزداد. فلا أحد يريد من السلطات في غزة أن تخرج لتقول إنه لا توجد حملات، نريد من يمنع مثل هذه الحملات قبل أن تحدث. فمساحة الحرية المتاحة للفرد باتت أضيق من خرم الإبرة.

    ثلاثون نبضة بالدقيقة
    بقلم: حديث القدس - القدس
    التأكيدات التي نشرت امس في وسائل الاعلام حول امكانية (الموت المفاجىء) للاسير سامر العيساوي المضرب عن الطعام واعلان اطباء في مستشفى كابلان الاسرائيلي ان نبضات قلبه وصلت الى ٣٠ نبضة في الدقيقة عدا عن ضعف واضطراب عضلة القلب لديه مما قد يصيب الدماغ بضرر شديد ، يثير العديد من التساؤلات اولها حول كيفية انقاذ حياة الاسير العيساوي وهل فعلنا كل ما هو ممكن فعله بهذا الشأن رسميا وشعبيا ؟!والسؤال الاخر الذي يطرح نفسه هو : كيف يسكت المجتمع الدولي ازاء هذه الانتهاكات الاسررائيلية الجسيمة بحق الاسرى الفلسطينيين ؟ واين هي اصوات القادة الغربيين الذي ملأوا الدنيا ضجيجا في حينه مطالبين باطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الاسير سابقا جلعاد شاليط الذي أسر كجندي احتلال غير مشروع وكان في مهمة تندرج في اطار الحصار غير المشروع لقطاع غزة ، اين هم هؤلاء اليوم ولماذا يصمون ازاء ما يتعرض له الاسير العيساوي وغيره من الاسرى المضربين عن الطعام والاسرى والمرضى وصغار السن والشيوخ او اولئك الذين مضى على احتجازهم اكثر من عقدين .في حين فتحت ابواب الاليزيه في باريس وابواب عواصم في حملة متواصلة لاطلاق سراحه وعهي نفس العواصم التي تصمت اليوم وتتجاهل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني ، الواقع تحت احتلال غير مشروع والذي يتعرض لانتهاكات جسيمة بشهادة منظمات دولية.ان ما يجب ان يقال هنا اولا ان شعبنا لا يمكن ان يقبل باستمرار هذا الوضع الذي يستشهد فيه اسير تلو الاخر داخل السجون والمعتقلات الاسرائيلية بفعل سياسة اسرائيل اللامشروعة ولهذا فان من الطبيعي ان تتواصل مختلف اشكال التضامن مع الاسرى في كل مكان والاهم ان تتواصل الجهود الرسمية للرئاسة والحكومة وجهو مختلف الفصائل في ايصال رائل واضحة للمجتمع الدولي ولكل القوى التي يهمها الامن والسلام في هذه المنطقة ولكل من يتحدث عن اطلاق عملية السلام، مفادها ان شعبنا وقيادته يرفضان تماماً ما ترتكبه اسرائيل وان على المجتمع الدولي التحرك فوراً لانقاذ حياة الاسير العيساوي وباقي الاسرى والزام اسرائيل بالتعامل معهم بموجب المواثيق الدولية، وان اية جهة معنية عما يسمى عملية السلام عليها ان تبحث اولاً قضية الاسرى وتلزم اسرائيل بتغيير مواقفها فلا يعقل ان تتشدق اسرائيل باستعدادها للتفاوض في الوقت الذي تتسبب فيه ممارساتها وسياستها باستشهاد المزيد من الاسرى وفيما تواصل عدوانها على الشعب الفلسطيني وحقوقه بالاستيطان والمصادرات والتهويد والحصار.اللجنة الرباعية.. الحاضر الغائب!!واخيرا وصل مبعوث اللجنة الرباعية الدولية توني بلير الى المنطقة واجتمع بالرئيس عباس في رام الله واستمع منه الى آخر المستجدات السياسية ومعيقات استئناف عملية السلام اضافة الى ما يمارسه الاحتلال ويضعه من عقبات امام نمو الاقتصاد الفلسطيني.والسؤال الذي يطرح هنا، بعد ان فشلت اللجنة الرباعية الدولية في الوفاء بتعهداتها والقيام بواجبها وبعد ان صمتت طويلا وعضت الطرف عن كل ما ترتكبه اسرائيل من انتهاكات ومن تعطيل لخريطة الطريق التي يفترض بهذه اللجنة متابعة تطبيقها، هو: ما الذي سيقدمه بلير الآن للشعب الفلسطيني وقضيته؟ وهل حقا يمكن للمواطن الفلسطيني ان يقتنع ان خطوة جزئية هنا وهناك فيما يتعلق بالاقتصاد او غيره سيقربنا نحو انهاء الاحتلال غي المشروع وتنقذ اسرانا الذين تهددهم مخاطر حقيقية وتوقف هذا التوسع الاستيطاني الخطير او مخططات تهويد القدس او حصار قطاع غزة الظالم... الخ مما حول حياة الشعب الفلسطيني الى جحيم؟!ان ما يجب ان يقال هنا هو ان هذه اللجنة الرباعية وممثلها قد خيبا آمال الشعب الفلسطيني، فهذه اللجنة هي الحاضر الغائب الذي ثبت ان اسرائيل لا تحسب لها حسابا وانها اي اللجنة لم تقدم ما هو جوهري نحو السلام.

    «الاختلال» الفلسطيني..
    بقلم: هاشم عبد العزيز - القدس
    فيما كانت السلطات الاسرائيلية تواجه الفعاليات الفلسطينية من مسيرات ومهرجانات وتظاهرات لمناسبة يوم الأرض، بالإجراءات القمعية وبالمصادمات والمطاردات والاعتقالات وإصدار قوانين ضم الأراضي الفلسطينية وبخاصة في الضفة الغربية . وبينما كان الجانب الاسرائيلي يرد على إعلان “حماية” القدس بدفع المستوطنين إلى استباحة الحرم القدسي بحماية قواته كانت حركتا “فتح” و”حماس” تتبادلان الاتهامات في شأن عرقلة المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام السياسي الذي تداعى إلى هذا المشهد المؤسف والمؤلم . نعم، هذه الحالة الاتهامية تعود إلى ما قبل وقوع الانقسام، وهي كانت متبادلة على نحو لافت في شباط الماضي، ما أدى إلى توقف اللقاءات المعنية بالوقوف على الخطوات العملية لبدء تنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية . المستجد بالمقارنة إلى ما كان يجري من جهود لاحتواء الانزلاق إلى المتاهة الاتهامية الإعلامية، والمستجد أن أياً من الطرفين لم يبادر منذ شباط إلى استعادة زمام العمل لتنفيذ اتفاق المصالحة . ومع أن كليهما التقى على الترحيب بمبادرة عقد قمة عربية مصغرة في القاهرة تعنى بقضية إنهاء الانقسام الفلسطيني، إلا أن هذا اللقاء بات في افتراق طروحات، كما لو أنها تلغي ما كان قد تم الاتفاق عليه، وهذا لا يمكن تفسيره بالأسقف السياسية وإنما بالاحتكام إلى الوضع الانقسامي بمردوداته على أطرافه في الضفة من جهة، وفي غزة من جهة ثانية . رحبت “فتح” و”حماس” بالمبادرة، لكن لكل منهما رؤيته، ف”حماس” ثمنت المبادرة وأعلنت ترحيبها، و”فتح” رحبت هي الأخرى بالمبادرة، ووصفتها بأنها محل تقدير لكل جهد عربي يصب في اتجاه الدعم والمساعدة لإنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني . الاختلاف أن “حماس” بدت في حالة استعداد للمشاركة في القمة بوفد يمثلها، فيما “فتح” والسلطة الفلسطينية وعلى لسان رئيسها أكدت وحدة تمثيل الفلسطينيين في هذه القمة . الإشكالية ليست في الموقف المختلف من المشاركة في القمة المصغرة فقط، بل هي تعود إلى ما هو أعمق، وهذا ما تعبر عنه الاتهامات المتبادلة، ف”فتح” تتهم “حماس” ب”الاستقواء” بأطراف خارجية، وهي تشير إلى أن “حماس” بعد “استيلائها” على غزة تسعى إلى تمثيل الفلسطينيين، في المقابل تتهم “حماس” حركة “فتح” بعدم الجدية في العمل لتحقيق المصالحة.. لسنا بصدد هذه الضجة، ولكن لنبدأ من حيث الخلاف على القمة المصغرة، ف “حماس” ترى أن القمة من شأنها الوقوف أمام من يعرقل العمل على إنهاء الانقسام، وهي من خلال تصريح ناطقها في غزة أشارت إلى أنها تجد في القمة فرصة لإعادة طرح بعض مطالبها التي لم تتمكن من حصولها على اتفاقات، ومن ذلك أن تجري الانتخابات الرئاسية والتشريعية والخاصة بالمجلس الوطني الفلسطيني رزمة واحدة . في المقابل لا ترفض السلطة القمة، لكنها أعلنت رفضها المشاركة في حال ألا يكون التمثيل الفلسطيني في القمة بوفد واحد، لأن من شأن غير ذلك أن يكرس الانقسام الفلسطيني، وبموقف عربي كهذا، قد يصير مفتوحاً على إعادة مواجهة الانقسام من مترتباته لا من أسبابه . أما حركة “فتح” فمع أنها أشادت بهذا الاهتمام العربي، لكنها ترى أن الأمور لا تستدعي عقد قمة عربية، لأن الاتفاقات بينها وبين “حماس” استوعبت كل القضايا التي من شأنها فتح أفق وطني فلسطيني للمستقبل يقوم على الوحدة، وأن ما يعوز هذه الاتفاقات تحولها إلى التطبيق، والدور العربي المطلوب في الدعم والدفع بهذه العملية يمكن أن يكون من خلال آلية عملية للجامعة العربية يناط بها مراقبة تنفيذ اتفاقات المصالحة الفلسطينية . من الواضح أن الطرفين على خلاف في شأن القمة، وهذا لا يحتاج إلى تفسير، غير أن هذا التطور ليس وحده الحاضر في الشأن الفلسطيني وفي مشروعات متعددة، من هذه التطورات كان توقيع الملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس في العاصمة الأردنية عمان مطلع الأسبوع الماضي على اتفاقية وصفتها المصادر الأردنية ب “التاريخية” لرعاية مدينة القدس والأماكن المقدسة فيها و”المحافظة عليها” . الاتفاقية التي وصفتها وسائط إعلامية عدة ب “المفاجئة” تعيد تأكيد الوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة في مدينة القدس، والهدف الأردني الفلسطيني الموحد في الدفاع عن هذه المدينة باعتبارها مدينة مقدسة و”مباركة لأتباع الديانات السماوية” . ما كان لافتاً ومثار اهتمام الوسائط الإعلامية أن توقيع الاتفاقية حصل بعد تجاذبات وحوارات وتسريبات عن مشاورات وراء الكواليس بين الأردن والسلطة الفلسطينية تحت عنوان “البحث في المشروع الكونفيدرالي، بعد حصول فلسطين على شرعية دولة عضو في المجتمع الدولي” . المشروع على هذا النحو ليس الوحيد، هناك مشاريع أخرى أحدها أن يتم إنهاء الانقسام من خلال الكونفيدرالية بين إقليمين، الأول في الضفة والثاني في غزة، وإلى هذا وذاك هناك المشروع الاسرائيلي المعروف ب”الحل الإسرائيلي” وبناء عليه تعود الأوضاع في الضفة إلى الرعاية الأردنية، وغزة إلى الحماية المصرية من دون أن يعني هذا العودة الاسرائيلية إلى حدود 1967 وإزالة التجمعات الاستيطانية وضم الأراضي التي أجهزت على أغلبية الأراضي الفلسطينية .

    هل نشهد ولادة فيدرالية بين ضفتي نهر الأردن..؟
    بقلم: محمد خليفة - القدس
    مما لا شك فيه أن الأحداث التي تجري على الصعيد العالمي يكون لها تأثير ملحوظ على العالم العربي إما بشكل مباشر، وإما غير مباشر . فعلى سبيل المثال لم يكن لنا في الحربين العالميتين الأولى والثانية ناقة ولا جمل، ومع ذلك كنا - الشعوب العربية - من أكثر الشعوب تضرراً، بسببهما . ففي أتون الحرب العالمية الأولى وُقّع وعد بلفور 1917 وفي الثانية أسست دولة إسرائيل بعدما مُكنت من رقاب الفلسطينيين أصحاب الأرض، وأُعلن عن قيام دولة إسرائيل العام 1948 . ويبدو أن الأمم الكبرى لا يزال في جعبتها الكثير لهذه المنطقة، خاصة القضية الأم - القضية الفلسطينية - وفي القلب منها الأماكن المقدسة والمسجد الأقصى، وهنا يحق للإنسان العربي أن يتساءل بحرقة ومرارة، عن انهيار الموضوعية في التعامل مع المسجد الأقصى، الذي يطرح أسلوباً مثيراً مفزعاً لم يحل الجدلية الدينية للحفاظ على أولى القبلتين وثالث الحرمين المسجد الأقصى، ويثير ثنائية المواقف التي لا يملك أحد الإجابة عنها، في تفسير لهذا الغبن والاختزال لوجود الإنسان الفلسطيني في أرضه ومقدساته، عندما يواجه الذات، وخيار الهروب من المسؤولية والعجز والاعتكاف، ليسقط في حفرة اليأس العميقة، والمواجهة الأليمة في قبو عميق حالك الظلام على حافة غير مرئية، نحو مصير أبدي تختفي فيه أماكن مقدساته - تحت سمع وبصر العالم - في ثنائية تناقضية محيرة وسلبية . والسؤال كيف يتم تهويد الأقصى رغم صراخ واستنكار العالمين العربي والإسلامي - وذوي الضمائر الحية - لأكثر من 60 عاماً؟ كيف يتم كبت الإرادات، وتزييف التاريخ إلى هذه الدرجة؟ لقد أوردت وسائل الإعلام خبراً مفاده أن العاهل الاردني قد وقّع مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عمان في الأول من نيسان 2013 اتفاقية وُصِفت بالتاريخية لحماية المسجد الأقصى، والأماكن الأخرى في القدس المحتلة التي تواجه حملة تهويد . وتنص الاتفاقية على اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية بدور ملك الأردن بصفته “صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدسة في القدس” . وعلى ضرورة بذل الجهود الممكنة لرعاية والحفاظ على الأماكن المقدسة في القدس، وبشكل خاص “الحرم القدسي” . تبدو هذه الاتفاقية بعيدة عن التوجه العام للسلطة الفلسطينية التي كانت تسعى إلى دولة فلسطينية مستقلة تكون القدس الشرقية عاصمة لها . فما الذي دفعها إلى تغيير استراتيجيتها، والعودة إلى مرحلة ما قبل احتلال إسرائيل للضفة الغربية العام 1967 .. لقد عَوّل المسؤولون في السلطة الفلسطينية كثيراً على التفاوض مع الإسرائيليين، لكن عملية التفاوض طالت كثيراً، ولم يجنِ الفلسطينيون منها شيئاً، وخصوصاً في الضفة الغربية التي تعدّها إسرائيل جزءاً من أرضها . فهي السامرة، وفق المفهوم التوراتي لأرض إسرائيل التاريخية . ولم يتوقف الاستيطان الإسرائيلي لحظة واحدة في أراضي الضفة منذ احتلالها حتى اليوم . ولم تكن الضفة معروفة بهذا الاسم، بل كانت جزءاً من أرض فلسطين التي رسمت حدودها سلطات الانتداب البريطاني العام 1922 . وبعد قيام إسرائيل العام 1948 في الجليل والمثلث والنقب، دخلت الجيوش العربية إلى فلسطين لاخراج اليهود منها، لكن الجيوش العربية عادت بخفيّ حنين، وفي العام 1951 انعقد مؤتمر في مدينة أريحا، وقرر فيه الملك عبدالله ضم الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية، وجعلها جزءاً من مملكته، وفي العام 1967 احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، ومع ذلك ظل الأردن يعتبر الضفة الغربية أرضاً أردنية محتلة . وفي العام 1988 قرر ملك الأردن الحسين بن طلال، بناء على طلب من منظمة التحرير الفلسطينية، فك الارتباط الإداري والقانوني والمالي مع الضفة، ما عدا الأوقاف الإسلامية والمسيحية التي ظلت مرتبطة حتى اليوم بالحكومة الأردنية من إشراف وصيانة . وفي العام 1993 وبرعاية أمريكية ودولية، دخلت منظمة التحرير في مشروع سلام مع إسرائيل في ما سمي “اتفاق أوسلو” . ومرت الأيام من دون تقدم ملحوظ على الأرض، وأصبح استمرار الصراع في الشرق الأوسط، والخروقات الإسرائيلية المستمرة لاتفاقات السلام المتعددة من قتل، وبناء مستوطنات، وجدار عازل، وسواها من الخروقات، يزعج الدول المؤيدة لإسرائيل، والداعمة لها، وخاصة الولايات المتحدة التي لم تعد قادرة على الاستمرار في لعبة التغطية على الانتهاكات الإسرائيلية، ولا على الاستمرار في سياسة الكيل بمكيالين على الفلسطينيين والعرب . وأيضاً فإنها تتحمل تكاليف مالية باهظة كل عام لضمان أمن إسرائيل، وضمان تفوقها على جيرانها العرب . وإذا تم تحقيق السلام فإن الصداع المزمن للولايات المتحدة كلها سوف يخف أثره، بدءاً من الإحراج الذي يسببه لها موقفها المؤيد لتعالي إسرائيل على الشرعية الدولية، وصولاً إلى تخففها من الأعباء المادية والعسكرية المكلفة التي تقدمها الولايات المتحدة إلى إسرائيل كل عام، في الوقت الذي تعاني فيه الخزينة الأمريكية ديوناً تبلغ 16 تريليون دولار . وكانت زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 19 آذار 2013 إلى إسرائيل والضفة الغربية والأردن، مقدمة لإيجاد حل ينهي الصراع بشكل كامل، ويقوم هذا الحل الذي اتفقت عليه مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية، على أساس إقامة فيدرالية بين ضفتي نهر الأردن الغربية والشرقية، بحيث تصبح هذه الفيدرالية دولة مشتركة فلسطينية أردنية، وتبقى إسرائيل دولة يهودية داخل حدودها التي يتم ترسيمها لاحقاً . وأما غزة فيتم ربطها بكونفيدرالية مع مصر، بحيث تبقى مستقلة داخل إطار السيادة المصرية مثل إمارة موناكو وفرنسا . وتُعد اتفاقية السلطة الفلسطينية مع الأردن مقدمة لهذا الحل الذي قد يتبلور في المستقبل القريب، وسيكون ذلك في إطار تسوية شاملة تُعيد فيها إسرائيل الجولان إلى سوريا دون بحيرة طبريا، وتنهي مشكلاتها مع لبنان، وتُعيد ما تبقى له من أرضٍ محتلة . وبهذه الطريقة لن يكون هناك مسوغ لاستمرار الصراع العربي الإسرائيلي . وتبقى الإشكالية في موافقة الفلسطينيين، فإن هم رضوا بالحل، فإن سائر العرب سيلتزمون الصمت، ولن يكونوا مَلكِيّين أكثر من الملك، وقطعاً سيلقى هذا الحل معارضة بعض الفصائل الفلسطينية - خاصة الفصيل المقاوم - لكن ذلك لن يغير من الأمر شيئاً، لأن الفصائل الرئيسة مثل “فتح وحماس” ترضيان به .
    وهكذا قد ينتهي الصراع بين الشعب الفلسطيني وإسرائيل كواقع سياسي، لكنه سيبقى حاضراً في نفوس الفلسطينيين والعرب وشرفاء العالم أجمع بوصفه أسوأ انتهاك ومخالفة ارتُكِبت، بحق شعب آمن، على مر التاريخ البشري .

    مَن هو الصهيوني الليبرالي؟
    بقلم: جيري هابر (ديلي بيست) - القدس
    عندما ناشدت الصهاينة الليبراليين لدعم "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات العالمية"، افترضت أن الحركة تدعو إلى إنهاء السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة، ووقف التمييز الإسرائيلي ضد المواطنين غير اليهود -الفلسطينيين داخل إسرائيل في المقام الأول. واعتقدت أيضاً أن الصهاينة الليبراليين يقبلون بهذه الأهداف، وأن الخلاف المركزي بين الصهاينة الليبراليين وحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات العالمية تتعلق بالهدف الثالث؛ حق عودة الفلسطينيين إلى فلسطين، وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 194. لكن افتراضاتي كانت غير مبررة على ما يبدو. فقد أجاب بيتر بينارت، باسم الصهاينة الليبراليين، بأن لديه مشاكل مع اللغة التي صيغ بها هدف حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات الأول: "إنهاء احتلال إسرائيل واستعمارها لكل الأراضي العربية"، لأن هذه اللغة يمكن أن تشمل مرتفعات الجولان، وأي شيء خارج الخط الأخضر، بما في ذلك الكتل الاستيطانية التي وافقت السلطة الفلسطينية، تحت الإكراه، على التخلي عنها من حيث المبدأ لإسرائيل. كما أن لدى بينارت أيضاً مشكلة مع لغة هدف حركة المقاطعة الثاني الذي يتحدث عن "الحق الأساسي للمواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل في المساواة الكاملة"؛ لأن ذلك يمكن أن يعني وضع حد لقانون العودة اليهودي. من المضحك كيف يقرأ الناس الأشياء... عندما قرأت بيان حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات العالمية، فوجئت عندما علمت أن ذلك يعني ضمناً الاعتراف باستمرار وجود -بل في الواقع، شرعية دولة إسرائيل. فبعد كل شيء، تفترض دعوة إسرائيل لإنهاء احتلالها واستعمارها لكل الأراضي العربية أن هناك أراضي عربية (لا) تحتلها إسرائيل وتستعمرها -ولكن، بخلاف ذلك، أين كانت إسرائيل لتكون؟ كما أن الدعوة إلى ضمان الحق الأساسي للمواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل في المساواة الكاملة يفترض أنهم من مواطني دولة إسرائيل، أي دولة الشعب اليهودي، بما أن "إسرائيل" و"الشعب اليهودي" مترادفان. تخيلوا دعوة مماثلة لا يتم فيها حث المواطنين السود في بلد قومي عرقي يسمى "أرض الأفريكان" على النهوض واستبدال دولة المستوطنين هذه بشيء آخر، وإنما أن يصبحوا بدلاً من ذلك "أفريكانيين" على قدم المساواة. الحقيقة هي أن كلاً من قراءة بينارت وقراءتي انتقائية، وكذلك هي محاولات المنادين بالدولتين، مثل ميرا سوخاروف ونورمان فنكلستين، لدى النظر إلى حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات العالمية على أنها حركة تتحدث عن دولة واحدة أساساً. ولا يبدي المنادون بدولة واحدة في حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات؛ مثل عمر البرغوثي وأبونعمة البرغوثي، أي تحفظ لدى قولهم إنهم منادون بدولة واحدة. لكن اللغة التي اختاروا استخدامها تدل على أنهم يرغبون في بناء تحالف واسع بين القوميين وما بعد القوميين والمناهضين للقومية، من أجل وقف استمرار انتهاك الحقوق الفلسطينية الإنسانية والمدنية الأساسية. وتدرك اللغة حقيقة الدعم القوي المستمر لفكرة الدولتين بين أبناء الشعب الفلسطيني، وكذلك بين بعض المنظمات التي تشكل "اللجنة الوطنية لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" (BNC)، اللجنة الفلسطينية التي توجه حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات العالمية. أخشى أن هذا هو ما يفوته العديد من الصهاينة الليبراليين. إن الخلاف الحقيقي ليس بين المنادين بدولة واحدة والمنادين بدولة ثنائية، وإنما بين أولئك الذين يعتقدون بأن الحق الجماعي لجماعة المستوطنين في تقرير المصير ينسخ ويلغي حقوق الإنسان والحقوق المدنية للمواطنين الأصليين، وبين أولئك الذين لا يعتقدون بذلك. بالنسبة للجماعة الأولى، فإن الأمل الوحيد لضمان تقرير المصير للفلسطينيين هو أن يقبلوا عرض إسرائيل السخي منحهم "دولة"، تعتمد في أمنها على الغرباء (مثل مبادرة جنيف للقوات متعددة الجنسيات)، والامتنان لعطف الإسرائيليين الذين عاملوهم -بعبارة ملطفة: بطريقة مزرية على مدى السنوات الـ65 الماضية. كان المرء ليتوقع أن يناقش صهيوني ليبرالي مناوئ لحركة المقاطعة العالمية مخاطر حركة المقاطعة على دولة إسرائيل أو على آفاق السلام، كما فعل جيل تروي، على سبيل المثال. لكن بينارت يقلق من تداعيات أهداف الحركة على مرتفعات الجولان وقانون العودة اليهودي. ويدهشني ذلك ويبدو لي غريباً. إذا كان المفاوضون الإسرائيليون سيعرضون إعادة مرتفعات الجولان وتعديل قانون العودة، فهل سينشق بينارت عنهم ويعاديهم؟ بالنسبة للصهيوني الليبرالي، يعد منح إعلان استقلال إسرائيل مكانة الكتاب المقدس شيئا، ومنح هذه المكانة لـ"معايير كلينتون" هو شيء آخر تماماً. يعرض بينارت وجهة نظر نمطية بين الكتاب الإسرائيليين من جيل الصهاينة الأقدم. وهو يذكر ألكسندر ياكوبسون وأمنون روبنشتاين، لكن المرء يستطيع أن يضيف أيضاً كلاً من روث غافيسون، شلومو أفنيري، وآخرين. ويذهب هؤلاء الصهاينة الليبراليين في إحدى وجهتين: إما أنهم لا يرون توتراً قائماً بين مبادئهم الليبرالية والصهيونية، أو أنهم يدركون وجود التوتر، ويتخلون عن قيمهم الليبرالية باسم الصهيونية، شريطة أن يستطيعوا تبرير مثل هذا التنازل بعقد مقارنات سطحية مع دول أخرى، وحجج من قبيل "إذا كان (إكس) يستطيع، فلمَ لا نستطيع؟". ومن الأمثلة على ذلك، القبول الذي لا تراجع عنه بقانون العودة، وهو قانون لأهلية المواطنة لا مثيل له في عدم الليبرالية، لأنه يرى في أعضاء جماعة دينية معينة مواطنين مؤهلين للعودة إلى دولة لم تكن موجودة أبداً، وذلك بحكم انتمائهم -أو انتماء أجدادهم- الديني. أضف إلى ذلك قانون الجنسية للعام 1952، وسيتبين لك أن امرأة فلسطينية عربية من الجيل السابع كانت تقضي شهر العسل في باريس في وقت إعلان استقلال إسرائيل أصبحت محرومة قانونياً من المواطنة، إلا إذا تحولت عن دينها إلى اليهودية. كما أن أيّ تشابه بين هذه القوانين والقوانين التي "توفر سياسات هجرة تفضيلية لمجموعة عرقية معينة" هو من قبيل الصدفة تماماً. إنك لا تصبح مؤهلاً للحصول على الجنسية في أي مكان آخر في العالم، سوى إسرائيل فقط، بفضل التحول عن دينك. ويشبه ذلك الكثير من طبيعة علاقة إسرائيل غير الليبرالية بين الدين والدولة، رغم المقارنات بعيدة الشأو التي يطرحها الحرس القديم من الصهاينة الليبراليين. والحالة التي أفضلها هنا هي ولع شلومو أفنيري بالإشارة إلى أن بعض الدول الأوروبية تضع صُلباناً على أعلامها، وأن ملكة انجلترا هي رئيس الكنيسة الأنجليكانية. لكنني سأقبل من جهتي بتتويج رئيس إسرائيل ليكون "ملك اليهودية" إذا كان ذلك يعني أن إسرائيل يمكن أن تسمح؛ مثل بريطانيا العظمى، بالزواج المدني. هل يمكن لأحد أن يدعو نفسه "ليبرالياً" ويدعم ضم إسرائيل لمرتفعات الجولان، وهو الأمر الذي تضمن، بالإضافة إلى كونه مخالفاً للقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، طرد العديد من سكانها، والاستغلال المستمر لمواردها؟ (مثل كل دعاة الإلحاق غير المشروع، لا تعتبر إسرائيل ضمها للجولان غير قانوني). هنا سيشير بينارت إلى أن إعادة الجولان إلى "نظام بشار الأسد الوحشي، أو الفوضى التي ربما تأتي في أعقابه" سيكون فعلاً إشكالياً من الناحية الأخلاقية، ولكن من دون اقتراح أنه قد يكون هناك بديل آخر، مثل تسليم إدارة الجولان لجامعة الدول العربية أو الأمم المتحدة، أو حلف شمال الأطلسي أو الولايات المتحدة، أو حتى لإسرائيل نفسها، لتتصرف كمحتل مؤقت وليس ككيان يقوم بالضمّ. ربما تحتل إسرائيل مرتفعات الجولان، لكنها بالكاد تحتل الأرض العالية على الصعيد الأخلاقي بحيث تستطيع أن تحدد أين سيكون الخاضع للاحتلال أفضل حالاً، خصوصاً وأن إسرائيل قد استغلت موارد الإقليم، ونقلت مواطنيها إلى هناك، وطردت ما يقرب من 7.000 لاجئ فلسطيني من العام 1948، الذين كانوا يعيشون هناك في العام 1967، جاعلة منهم اللاجئين الذين يقوم "نظام بشار الأسد الوحشي" الآن بقصف مخيماتهم. يدعم الكثير من الصهاينة الليبراليين ما يسمى بحل "الدولتين" الذي لا يوفر للفلسطينيين أي شيء يشبه الدولة -ولو من بعيد، والتي لن تكون بالتأكيد دولة تتمثل مهمتها في توفير الأمن لسكانها. اسأل أي إسرائيلي؛ لا، اسأل أي صهيوني؛ لا، بل اسأل معظم البشر عما إذا كانوا سيقبلون بدولة على 22 % من وطنهم، في قطاعات من الأرض تتصل فقط بواسطة جسور وأنفاق، بدون أن تكون لديهم وسيلة لحماية أنفسهم من دولة قوية عسكرياً على حدودهم، مع ميول قوية وثابتة إلى سياسات الضمّ. ولكن، مَن إذن، كان المقصود بدعوتي، إن لم يكن مثل هؤلاء الصهاينة الليبراليين؟ في الواقع، كان المقصود بها هم الصهاينة الليبراليون الذين يعتقدون بأن الإسرائيليين والفلسطينيين يستحقون دولتيهما الخاصتين بهما، لكنهم يرفضون أن تكون واحدة منهما خاضعة للأخرى، والذين يعتقدون بأن حق الفلسطينيين في العيش كشعب حر في وطنهم فلسطين لا يقل أبداً عن حق اليهود. وفي حين يعتقد هؤلاء الصهاينة الليبراليون بضرورة تقسيم فلسطين إلى دولتين، فإنهم يريدون لهذا التقسيم أن يكون منصفاً، أو قريباً من الإنصاف، مع نوع من التكافؤ في ميزان القوة بين الجانبين. إنهم يعتقدون بأن رفاهية وأمن الفلسطينيين يشكلان قيمة لا تقل أهمية عن رفاهية وأمن الشعب الإسرائيلي. هؤلاء الصهاينة الليبراليون يرفضون الاستفادة من الفرق في الطاقة والقدرة خلال المفاوضات، وإنما يريدون التفاوض مع الإبقاء على مصلحة كلا الطرفين في الاعتبار. هؤلاء الصهاينة الليبراليون يؤيدون دولة إسرائيل، لكنهم راغبون في تحمل مسؤولية تغيير العقلية الصهيونية التي ما تزال تمنع الإسرائيليين، حتى يومنا هذا، من إدراك المسؤوليات التي يتحملونها كغزاة مستوطنين تجاه السكان الأصليين الذين تم محو بلدهم بكل معنى الكلمة من الخريطة. هل هناك صهاينة ليبراليون من هذا القبيل؟ لكم أن تراهنوا على أنهم موجودون. وثمة البعض منهم في طليعة النضال من أجل الحقوق الفلسطينية داخل إسرائيل وفي داخل الأراضي المحتلة. إن دعوتي تقصد إلى مناشدة هؤلاء الصهاينة الليبراليين الذين يفهمون أن بعض المبادئ التوجيهية لمؤسسي إسرائيل من الشرق-أوروبيين لا تمر فيما يعتبر اليوم (أو عندئذ) دولة ليبرالية. إن الصهاينة الليبراليين الحقيقيين في إسرائيل غير راضين عن التفرد العرقي الإسرائيلي، تماماً كما كان الليبراليون الحقيقيون في أميركا غير راضين عن العبودية والتفرقة العنصرية، والتمييز المؤسسي. بالطبع، سوف تكون هناك خلافات بين الليبراليين على أي من القوانين والمؤسسات يمكن اعتبارها الليبرالية بنيوياً. ويمكن لي من جهتي أن أتصور بسهولة دولة إسرائيل مستقبلية، تكون قد عدلت قانون العودة بالطرق التي كان قد اقترحها حاييم غانس في كتابه، "صهيونية عادلة"، والتي ستعطي، على سبيل المثال، الأفضلية في الهجرة لجماعتي الوطن: اليهود والفلسطينيين، وكذلك لضحايا الاضطهاد. وأستطيع أن أتخيل حل دولتين تبقى فيه إسرائيل دولة يهودية، لكنها تتخلص من معتقداتها العرقية الحصرية لصالح إقامة دولة لجميع مواطنيها، والتي سوف تعزز الثقافة والهوية الإسرائيلية المشتركة لأقليتها الوطنية. سوف يمكنني العيش في مثل هذه الدولة، بل وحتى الافتخار بها، رغم حقيقة أنني، شخصياً، قد لا أجد أنها ستكون الحل الأمثل لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. في نهاية المطاف، لم يكن موضوعي يتعلق بالأيديولوجيا، بقدر ما كان يتعلق بالتكتيكات. ونظراً لتحفظات بينارت، فإنني على استعداد لتغيير دعوتي على النحو الآتي: هل يتكاتف الصهاينة الليبراليون والناشطون الفلسطينيون يداً بيد في حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل، طالما كانوا يستطيعون العثور على أرضية مشتركة؟ بل إنهم يمكن لهم أن ينظموا، بالتوازي مع ذلك، حملات منسقة أو منظمات، إذا ما أحبوا ذلك. وليس هذا "تطبيعاً"، إنه نضال منسق. أم أنهم سيستخدمون الخلافات الأيديولوجية لإحباط احتمال اتخاذ إجراءات مشتركة أو منسقة، مثل رجال الإطفاء الذين يتجادلون حول أي طفاية حريق هي التي سيقومون باستخدامها بينما البيت يحترق ويتداعى إلى الأرض؟ ***** ومن الأمثلة على ذلك، القبول الذي لا تراجع عنه بقانون العودة، وهو قانون لأهلية المواطنة لا مثيل له في عدم الليبرالية، لأنه يرى في أعضاء جماعة دينية معينة مواطنين مؤهلين للعودة إلى دولة لم تكن موجودة أبداً، وذلك بحكم انتمائهم -أو انتماء أجدادهم- الديني. أضف إلى ذلك قانون الجنسية للعام 1952، وسيتبين لك أن امرأة فلسطينية عربية من الجيل السابع كانت تقضي شهر العسل في باريس في وقت إعلان استقلال إسرائيل أصبحت محرومة قانونياً من المواطنة.
    حكومة إسرائيل حولتني إلى «وزير جنازات»!
    بقلم: عيسى قراقع وزير شؤون - القدس
    واضح أن السجون الإسرائيلية ومراكز احتجاز الأسرى تحولت إلى وباء، ومرتع للأمراض العديدة، وأنها البديل لمقصلة الإعدام ، وأصبح تعبيري الدائم عن قلقي على حياة الأسرى المرضى صراخا في الوادي العميق، أسمع صوتي في الصدى، ولا يتوقف إلا عندما أجد نفسي أمشي في جنازة أسير ينظر إلي نائما يسألني ماذا فعلت؟! منذ عام 2009 استقبلت 8 شهداء من الأسرى كنت اعرفهم وأتابع موتهم البطيء ساعة بساعة ويوما بيوم، أتلقى نداءاتهم ورسائلهم كأنها شهقات رجاء في اللحظات الأخيرة، الشهداء: محمد العملة، زكريا عيسى، رائد أبو حماد، أشرف أبو ذريع، زهير لبادة، عرفات جرادات، سيطان الولي، ميسرة أبو حمدية. انفجرت فيهم الشرايين، وسالت دماء الكلى، توسع مرض السرطان في أجسادهم حتى التهمها عظما ولحما، ولا زال القاتل المحقق في سجن مجدو طليقا يجر جثث عرفات جرادات ورائد أبو حماد. كانوا أحياء، والآن أزورهم في ثلاجات الموتى في المستشفيات، صامتين مبتسمين، وأرى بضع كلمات تكرست على شفاههم لم تكتمل، تجمدت بقطرات دم أو خيبات أمل في أحضان الكلام. حكومة إسرائيل حولتني إلى وزير للجنازات ، وأرى زحمة للموت في السجون الإسرائيلية، لأن الإهمال الطبي والاستهتار بصحة الأسرى المرضى أصبح سياسة وروتين، وأطباء عيادات السجون لا يتلقون تعليماتهم من أخلاقهم المهنية والطبية، وإنما من أجهزة الأمن وتعليماتها التي تقول: إما أن يموت الاسير الفلسطيني فورا وإما أن يموت تدريجيا، فهو يشكل خطرا على الأمن القومي الإسرائيلي حيا وميتا. انا وزير الجنازات، أقرأ الجنازات القادمة في رسائل الاسير رياض العمور ومنصور موقدة وخالد الشاويش وناصر الشاويش ومحمد التاج، ومحمد أبو حميد وناهض الأقرع ومحمود سلمان ومحمد أبو لبدة وشادي محاجنة، وأمير أسعد، وفؤاد الشوبكي وعامر بحر ومعتصم رداد وسامر عويسات وأيمن أبو ستة، وفواز بعارة ومحمد براش وغيرهم الكثير الكثير، موتى أحياء يفرون من قبورهم إلينا سالمين أو ناقصين، يطيرون حول السماء المسيجة، يحاولون الوصول إلى أي لجنة تحقيق محايدة أو محكمة دولية، تعطيهم الحق في العلاج المناسب، وتنقذ ما تبقى فيهم من حياة ولو مؤقتا. حكومة إسرائيل حولتني إلى وزير للجنازات، لأنها لا زالت تمارس التعذيب بشكل منهجي ورسمي، ولأنها تقمع الأسرى بكل أساليب القمع والبطش، ولأنها لا تملك سوى مشفى هو أسوأ من السجن، وأكثر قسوة من زنازين العزل،كأن وظيفتي أصبحت التنبؤ بمواعيد الموت القادم، وترتيب حالات الفجع ودهشة المأساة. وزير الجنازات يعلن أنه لم يستطع أن يمنعهم من بتر ساق الاسير ناهض الأقرع، ومن منع انتشار السرطان في جسد الاسير ميسرة أبو حمدية، لم يمنعهم من وقف حالات الصرع والاضطرابات النفسية للعشرات من المرضى الأسرى، الذين فقدوا الذاكرة أو صدمتهم أحوال السجن الجهنمية، وسيبقى هذا الوزير راحلا من عزاء إلى عزاء ، يستقبل التوابيت والأجساد المحطمة، يشم رائحة الموت في أنفاسهم وصرخاتهم المخنوقة في النسيان. وزير الجنازات يقرأ عن أسرى فقدوا النظر ، وآخرين فقدوا السمع، وأسرى مشلولين يتعكزون على رائحة الدواء المسكن إلى حين، يبحثون عن سماء للروح إذا صعدت، أو عن أرض لها اذا نزلت، مغسولة بالورد وسورة الفاتحة، فيتعثرون بعبء البطولة وهروب الملائكة. إسرائيل حولتني إلى وزير للجنازات،وظيفة من يسدل التراب على الميتين ظلما، ويلقي خطابات التأبين الحزينة، وهي تحاول أن تجعل هذه الوظيفة عادية وطبيعية، ولكنها لم تدرك أنني أتابع إيقاع دوراتنا الدموية، من الدولة إلى المحكمة الجنائية الدولية، إلى حيث ينهض كل الضحايا أحياءً وشهوداً على الجريمة المنظمة المعاصرة. لا زلت أملك تلك الذاكرة الرمادية، وأراهم جميعا يأتون كاملين، ينشدون على أوتار آلامهم وأوجاعهم، ليس نشيد الوداع الأول، ولا السقوط عن قمة الهاوية، وإنما الصعود إلى الحرية في جبال أجنحتهم العالية. انا وزير الجنازات، لا اطلب الآن سوى أن لا أشارك في جنازة سامر العيساوي المتوقعة، بل اطلب أن تسمحوا لي أن استقبله حيا حرا، يتحرك على قدمين وليس على عربة المقعدين، تضمنا شمس القدس وشوارعها ، نتبادل الحديث عن السلام والجمال لا عن الخوف،وننجو معا من الموت والعدوان، ونصلي.

    تغريدة الصباح - رفرفْ يا علم!
    بقلم: محمد علي طه - الحياة
    «فرّ الدمع» من عينيّ عندما استقبلني عشرات الأولاد، من الصبيان ومن البنات، صباح الجمعة التاسع والعشرين من آذار 2013 في قاعة مكتبة عامة في قرية في الجليل وهم يلوّحون بالأعلام الفلسطينيّة الزاهية مثل أزهار البرّ في صباح نديّ، ليستمعوا إلى محاضرتي عن يوم الأرض. وكان بين المستقبلين فتاة جميلة مثل غزالة على سفح الكرمل رسمت علمين فلسطينيين على خدّيها الأسمرين فزاداها جمالاً وبهاء وروعة، وبعث شبابُها وجمالُها في العلمين تألّقًا وحياة.. ولولا الحياء لقبّلت علميها!!
    كانت السلطات الإسرائيليّة، قبل الاعتراف المتبادل مع منظمة التحرير الفلسطينيّة، تحظر رفع العلم الفلسطينيّ وتعاقب كل من يمتلكه أو يتماهى معه قولاًً أو فعلاً أو كتابة، وكم شابٍّ وشابّة من أبناء شعبنا اعتقلته وحاكمته وسجنته لأنه رفع علمًا فلسطينيًا في مسيرة أو مظاهرة أو اجتماع، أو لانّ قوات الأمن عثرت على علم فلسطينيّ على صدره أو في بيته أو في حقيبته أو لأنه رسم علمًا على ورقة بيضاء أو على الجدار.
    حينما شاهدت هؤلاء الأزهار حملني بساط الذكريات، وحلّق في ثنايا السنوات الغابرة، وهبط في ثلاث محطات من العمر. وكانت المحطة الأولى في بلدة كفركنا حيث حول السيّد المسيح الماء إلى خمرة، والتي غنّى الشاعر إبراهيم طوقان لرمّانها، فقد ألقيت في أواخر السبعينيات كلمة في مهرجان يوم الأرض قلت فيها، ملتفًا على القانون الإسرائيلي، انّ الفلاح العربيّ الفلسطينيّ في الجليل والمثلث يحبّ البطيخ أكثر من جميع الفواكه والخضار التي ينتجها من حقله لانّ قشرة البطيخة خضراء مثل العشب الربيعيّ على سفوح الجليل، وتليها طبقة بيضاء ناصعة مثل الثلج على قمّة الجرمق، وتليها الثمرة الحلوة الحمراء القانية مثل شقائق النعمان في هضاب الروحة، ويتخللها البذر الأسود مثل الليل البهيم. وأضفت قائلاً: نحن نحبّ البطيخ ونحبّ ألوانه الأربعة يا خواجة مناحيم بيغن فهل ستحاكمنا حكومتك على هذا الحبّ؟
    وكانت المحطّة الثانية عندما كتبت قصّتي «العلم» في كانون الأول 1982 عن الطفل الفلسطينيّ الذي رسم علمًا ذا أربعة ألوان في يوم استقلال إسرائيل. وأقنعني رئيس تحرير «الاتحاد» يومئذ بعدم نشرها في الصحيفة كي لا نعطي السلطات ذريعة لإغلاق الجريدة، ولمّا علم صديقي الشاعر الكبير سميح القاسم بذلك أخذ القصّة منّي وأرسلها إلى صحيفة عربيّة تصدر في عاصمة أوروبيّة، ولكنّ رفيقي رئيس التحرير عاد ونشرها في الصحيفة في مكان بارز تضامنًا معي وتحديًّا للسلطات الإسرائيليّة حينما صادروا كتابي «وردة لعينيّ حفيظة» واعتقلوني في صيف العام 1983 بتهمة التماهي مع «منظمة إرهابية» وتحريض الشعب على رمي الجنود بالحجارة.
    وأما المحطّة الثالثة فقط شاركت مع أخي الكاتب الكبير يحيى يخلف ومع سفير فلسطين في اليونان السيّد فؤاد البيطار -رحمه الله- في إحياء ذكرى يوم الأرض في مدينة أثينا في أواخر الثمانينيات، وكان قانون تمير الإرهابيّ يومئذ يعتبر أي لقاء مع أي فرد من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينيّة مخالفة جنائيّة يعاقب مرتكبها بالسجن لعدة سنوات. جلسنا، نحن الثلاثة، في أصيل ذلك النهار على منصة في ميدان واسع وكان العلم الفلسطينيّ الكبير يخفق عاليًَا فوقنا. وفي الغداة أعطاني أحد منظمي المهرجان مجموعة من الصور مع الأخوين يخلف والبيطار ومع العلم الفلسطينيّ الخفّاق.
    تأمّلت الصور وقلت بأسى: هذه الصور ستخلق لي متاعب في مطار اللد عند عودتي فأرجوك يا أبا الهيثم أن تحفظها أمانة عندك إلى ما شاء الله.
    واليوم، وبعد ربع قرن على ذلك اللقاء أظنّ أنه آن الأوان أن يعيد يحيى الأمانة إلى صاحبها وألا يخلف وعده!!

    تنين السلطة والخبر اليقين
    بقلم: عدلي صادق - الحياة
    ألقت العوامل الموضوعية وحسابات البيدر، بثقلٍ غير مسبوق، اثناء انعقاد مجلس شورى "حماس" في القاهرة، إذ تمخض الانعقاد، عن تعديلات لها مغزاها، في تراتبية أسماء من يضطلعون بمواقع القيادة في هذه الحركة الكبيرة!
    فمن جهة، تحقق لإسماعيل هنية من التوصيف القيادي، ما يناسب حجم السلطة الماكثة في غزة، أي على الجغرافيا، لا سيما وانها بدت في سلوكها اليومي متطابقة مع التنين البحري أو الوحش الضخم. فالتنين هو شكل الهيمنة الذي وصفه توماس هوبز، أهم فلاسفة التاريخ والقانون والنظرية السياسية، عندما تحدث عن سلطة ربما تقوم على رقعة صغيرة من الأرض، لكنها بتفوقها على أية تنظيمات اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، داخل الدولة، تصبح بمثابة وحش خرافي ضخم Leviathan أو تنين بحري، أو حوت أزرق!
    في مفاضلة القاهرة، أو في انتخابات "حماس" الأخيرة" تنافس وكاد يتلامس، ممثلان للتنين، واحد يختص بحيثياته في الواقع، والآخر يمثل أصداءه السياسية "المجيدة" في الفضاء العربي والإسلامي. وفي الحقيقة، لم يكن في خاطر أي من الرجلين، أن يباهي الآخر بتقوى زائدة، أو بمقاومة أكثر إبهاراً، وإن كان الرجلان يتساويان في مهارة الخطابة، التي كانت ـ أصلاً ـ السبب الأساس للتميز عن اندادهما من الملتحقين مبكراً بـ "الجماعة". فالأول، يمثل حيثيات سلطة أمر واقع، مُهابة لأنها قتلت على الملأ وخارج قواعد الشرع والقصاص، وأطلقت النار من النقطة صفر، على مفاصل الشُبان لإرهاب المجتمع، وهي لا تزال ماكثة على الأرض، لا تتردد في تغليظ المقتضى الأمني، لكبح المقاومين من "الجهاد الإسلامي" و"لجان المقاومة الشعبية" وسواهما، دونما خشية من تأثيم يستهدفها. ذلك لأن المنابر والفتاوى والأبواق وذوي المواويل، كلهم مضمونون، وبالتالي لن يُسمع صوت لتقي من "إخوان" العالمين وسلفييهم؛ يردد الاتهامات التي دارت رحاها على الآخرين قبلئذٍ. فـ "حماس" كانت ولا تزال وستبقى "تجاهد في الله حق جهاده" وتنطبق عليها، الفتوى التي خلعها الإمام الخميني، على "فتح" في العام 1968 عندما كان مجرد فقيه شيعي أول، في "قم" يتواصل معه أبو عمار وأبو جهاد، لكي يغيظا به شاه إيران صديق الإمبريالية!
    ولعل من بين المفارقات، أن الحصاد الفتحاوي من الفتاوى القديمة، جاء على قاعدة عداء كل مفتي وجميع المناضلين الفلسطينيين للاستعمار ولعملائه. لكن جبهة الانتصار لـ "حماس" في هذه الاثناء، مع حسابات فتواها، نُطقاً أو احتباساً، تقوم على قاعدة المشتركات بين أنظمة صديقة للغرب الاستعماري وحركة المؤمنين المتوضئين الساهرين المفترضين، على "الثغور" في فلسطين!
    أخونا الثاني، وهو ممثل الأصداء الخارجية والتعبيرات السياسية عن سلطة "الثغور"، استطاع قراءة الموقف السياسي الإقليمي والدولي، ونجح في المزاوجة بين الأضداد، بشفاعة اللغة وبراعة الخطابة، دون أن يتنبه قارئ أو مستمع، لضرورة تعيين الفارق بين ما يُسمع ويُقرأ، من جهة؛ وما يرشح من أحاديث الغرف المغلقة، أو ما تشي به تحليلات منطقية تتقصى وجهة السياق، استناداً الى حقائق المكان والعلاقات وهوامش الحركة، من جهة أخرى!
    رجل ثالث، كان رئيساً للمكتب السياسي لحركة "حماس" وفقد موقعه بسبب السجن الأمريكي. بُنيت حساباته على عاملين اعتقد أنهما حاسمان، ظلال الخارج، والمشاركة مع المعايشة، في تحويل أوضاع غزة الى أصداء وتعبيرات "مجيدة" ورواج، أي تلك التي بات لها رجل أول سواه، وعلاقة اجتماعية مع واقع غزة، باعتبار أنه خرج منها ومن سكانها. ربما ظن أخونا أنه سيربح من الفضائين، غير أن أنصاف العوامل وأنصاف الأوراق لا تفيد دائماً، لا سيما وأن هناك في غزة، متتاليات معقدة من الحسابات، تتداعى أصغر فأصغر، حتى يظهر الفارق الذي لا ينبغي أن يكون، بين "الجورة" و"يبنا". كذلك هناك متتالية أخرى، في الفضاء الخارجي، يعلمها المشتغلون على السؤال من يأخذ ماذا؟ هؤلاء الذين من الضفة أم أولئك الذين من غزة أو الشتات، وفي أية ظروف؟ وكيف سينعقد للرجل الثالث شيء في الخارج، حين تنعقد لقاطني غزة، الإمارة في التنين؟
    عير أن الخبر اليقين، في المناسبات والمواقف الحاسمة، سيظل عند هذا التنين!
    كل ذلك وقد اتفقنا منذ البداية، أن التقوى وشرع الله والإيثار، ليست عوامل مطروحة للترجيح، في مثل هذه المناسبات!

    الانقسام...من هو الفاعل الأصلي؟
    بقلم: يحيى رباح - الحياة
    شكراً للأخ العزيز عبد الله حجازي على رأس الهيئة الوطنية للمتقاعدين في مدينة رام الله، الذي دعاني يوم أمس الأحد، للحديث عن الأوضاع في قطاع غزة، في ظل الانقسام الذي يوشك أن يكمل سنته السادسة، كان الحضور مميزاً، جميعهم من الجيل الذي أسهم بكامل الوعي والاختيار والطاقة في بناء هذه الظاهرة الخارقة في العصر الحديث وهي الثورة الفلسطينية، وتحملوا ذلك العبء الكبير في الحضور من الغياب، وفي القيامة من الموت، وفي الأمل الممكن من الجميل المستحيل، وهو ولادة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، القدس الشرقية، هذه الدولة التي جعلناها بنضالنا وتضحياتنا، واختراق السدود المنيعة، أقرب حقوقنا إلى التحقق على أرض الواقع، بعد أن جعلناها الحاضر الدائم في ذاكرة العالم.
    و من الطبيعي أن هدفا ضخماً ومدهشاً مثل هذا الهدف، وصراعاً ضارياً مثل هذا الصراع، لا بد وأن يمر بمحطات صعبة بل تشبه المستحيل، ومن بين هذه المحطات، الانقسام الذي حدث في الرابع من حزيران عام 2007 مستمراً حتى هذه اللحظة.
    هذا الانقسام له مفاعيل وتداعيات تشمل كافة مناحي الحياة الفلسطينية، وله حوافز وأبعاد وأعماق من الظلم الفادح لأنفسنا أن نزعم بأننا الفاعل الأصلي، حتى لو كانت مشاركة بعضنا في صنع هذا الانقسام، والتماهي معه، والعزف على أوتاره، والتشبث به، توحي كما لو أننا الفاعل الأصلي!!!
    و على العكس من ذلك، فأنا أعتقد أننا فلسطينياً لو كنا الفاعل الأصلي لسقط هذا الانقسام وانتهى بعد أيام أو شهور قليلة، فحين ننظر إلى هذا الانقسام بعيون فلسطينية نجد أنه بدون أي نوع من العطاءات السياسية أو الوطنية أو الأخلاقية!!!
    إنه انقسام عار تماماً تحت الشمس، حتى أن أكثر المستفيدين منه والمتاجرين بيومياته، مضطرون إلى انكار علاقتهم به، لأن تهمته تكاد لا تضاهيها أي درجة من درجات الخيانة!!!
    لماذا إذاً يستمر الانقسام؟؟؟
    و الجواب الذي تؤيده التجربة، أن هذا الانقسام رغم كل نواقصه ونقائضه وأضراره، يستمر لأن الفاعلين الرئيسيين في وجوده هم أطراف كثيرة ومتعددة، أهمها إسرائيل نفسها، التي اكتشفت منذ وقت مبكر أن قطاع غزة هو مشكلة متفاقمة في حد ذاتها، سواء على مستوى المكان الضيق أو على مستوى الزحام الخانق، وأن أفضل شيء لها أن تنفجر المشكلة المتفاقمة هناك في صحراء سيناء!!!
    سواء أخذ هذا الانفجار شكل دولة تكون بديلاً عن الكيانية الفلسطينية التي نطالب بها وتتفق معنا فيها غالبية المجتمع الدولي كما حدث في الجمعية العمومية في نوفمبر من العام الماضي، أو كان ذلك الانفجار بانسلاخ قطاع غزة عن مساره ومصيره الفلسطيني، بأن يعود مثلما كان جزءاً من الإدارة المصرية.
    و لكن إسرائيل تفكر في الفراغ:
    فهي أولاً وقبل كل شيء قوة الاحتلال التي تفرض الأمر الواقع، وهي ثانياً قوة لها حلفاء أقوياء في هذا العالم يضعون أمنها في أول أولوياتهم، ومن بين مفردات هذا الأمن تصوراتها للمستقبل!!!
    و هناك الواقع العربي المحيط بنا، وأبسط ما يوصف به هو فقدان الدور، والبحث عن دور ما يتم التماهي معه والانهماك فيه لإشباع غريزة الرغبة في الحضور، وإشباع عقدة تضخم الذات، وشاءت الأقدار أن يصعد إلى المسرح الاسلام السياسي الذي يتعامل بمصطلحات غير ما تعودنا عليه، ويرتب الأولويات بالمقلوب، وعلى استعداد أن يفعل أي شيء لإثبات جدارته في المعادلة، وجزء من هذا الاسلام السياسي «الإخوان المسلمون على وجه التحديد» هي حركة حماس التي تفرض سيطرتها منذ ست سنوات على قطاع غزة.
    النقاش مع هذه النخبة من المناضلين الذين شاركوا في اللقاء، كان نقاشاً واسعاً، مفتوح الأفق، متعدد المستويات، مليئا بثراء التجربة، التي هي أصدق إنباء من الكتب.
    قطاع غزة ليس على الهامش كما يريده البعض، بل هو في لب الصراع، وهو في قلب الحضور، وهو بيضة القبان في صراعنا الحالي، وكلما زدنا إلماماً بضروراته وإلحاحاته، كلما أصبحنا أكثر جذرية في صياغة المستقبل الفلسطيني، هذا المستقبل الذي تحاول العديد من الأطراف أن تتجاهله، على اعتبار أنه أصبح رجما بالغيب، ثم سرعان ما يعود المتجاهلون والمنكرون إلى بداية الطريق، إلى جوهر الصراع، إلى النبع الأول، لأن هذه القضية الفلسطينية ما زالت وسوف تبقى هي أكبر جذراً للأحداث والتحولات التراجيدية في هذه المنطقة.


    حرب «الهاكرز» على إسرائيل
    بقلم: عادل عبد الرحمن - الحياة
    ثورة الاتصالات والمعلومات، التي وسمت عصر العولمة ببصماتها، أدخلت للعالم اسلحة جديدة، وفتحت جبهات للصراع بين القوى لا تقل اهمية عن المعارك الحربية والاقتصادية والدبلوماسية، لا بل انها تتفوق عليها في تحطيم قوى العدو، والتي تمس بالضرورة كل المجالات المذكورة آنفاً.
    امس الاول شهدت دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية حربا من النوع الجديد، شنتها مجموعة «الهاكرز أنونيموس» تحت إسم «عملية إسرائيل» وذلك دعما لكفاح الشعب العربي الفلسطيني وقضيته الوطنية. وتمكنت من اختراق نحو الـ (19) تسعة عشر الف موقع إسرائيلي شملت مواقع وزارة الحرب والتعليم والاستخبارات وسوق الاوراق المالية والمحاكم وشرطة تل ابيب وحزب كاديما وبنك القدس. وعند كتابة هذه المادة لم تكن حرب الهاكيرز قد انتهت.
    جاءت هذه الحرب عشية إحياء دولة الابرتهايد الاسرائيلية «ذكرى المحرقة»، ووضعت مجموعة «انونيموس» رسائل متعددة داعمة لنضال الاسرى الفلسطينيين ولعموم الشعب الفلسطيني، ورفعت العلم الفلسطيني مع اعلام عربية منها العلم الجزائري على بعض المواقع الاسرائيلية المخترقة. كما نددت بجرائم وانتهاكات دولة التطهير العرقي الاسرائيلية تجاه العرب الفلسطينيين.
    وصفت وسائل الاعلام الاسرائيلية الحرب الجديدة، بأنها الهجمة الالكترونية الأوسع حتى الآن. وهذه الحرب على ما شملته من مواقع على ما يبدو، انها بروفة لحرب أوسع وأعمق لاحقا ضد المصالح والمواقع الاليكترونية الاسرائيلية.
    ومع ان مجموعة «انونيموس» اعلنت عن فتح حربها على المواقع الالكترونية الاسرائيلية قبل أيام، ورغم أن حكومة نتنياهو استخدمت ما يزيد على (5000) هاكرز إسرائيلي للتصدي للمجموعة، الا انها لم تتمكن من حماية مواقعها ومواقع مؤسساتها، علما ان المصادر الاسرائيلية، اعلنت ان مجموعاتها الهاكرزية نجحت في اختراق بعض مواقع مجموعة «انونيموس»، غير أن تصديها كان ضعيفا، ولم يقو على دحر الهجمة الانونيموسية. الامر الذي يؤشر الى أن إمكانية توسيع دائرة الحرب الاليكترونية، هي إمكانية واردة، والتي سيكون لها تداعيات على مجمل الحياة الاسرائيلية.
    ونتيجة لذلك اعتبر افيغدور ليبرمان، رئيس لجنة الخارجية والامن بالكنيست، أن هجمة الهاكرز لتخريب مواقع إسرائيلية على الانترنت، دليل آخر على «معاداة اليهود» !؟ وهذا غير صحيح، لان الهجمة لا تطال اليهود، بل تطال الصهاينة اعداء السلام والتعايش بين الشعوب، جاءت ردا على عمليات القهر والتنكيل الاسرائيلية ضد ابناء الشعب الفلسطيني، ولرفع الصوت عاليا امام العالم على حجم المعاناة، التي يتعرض لها اسرى الحرية، وقطاعات الشعب المختلفة، والحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، ولفضح وجه إسرائيل العنصرية امام شعوب الارض قاطبة. وبالتالي على ليبرمان وغيره من القتلة والمجرمين الكف عن استخدام اوراق مهترئة ومتهتكة، ومكشوفة للعالم. مرة «معاداة السامية» والوجه الآخر لها «معاداة اليهود» وكلا العنوانين لم يعد ينطلي على احد. لان العدوانية الاسرائيلية فاقت حدود الوصف، ولم يعد اصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي قادرين على تحمل تكرار الاسطوانة المشروخة.
    وحرب الهاكرز باتت جزءا من عمليات المواجهة مع دولة العدوان والاحتلال الاسرائيلية، وعلى القوى المؤيد للحقوق الوطنية المختصة في مجال النت مواصلة هجماتها على المواقع الاسرائيلية المختلفة، وتوسيع حربها أكثر فاكثر للمساهمة في إخضاع إسرائيل للتراجع عن عدوانيتها وجرائمها ضد الفلسطينيين، والاقتناع بان خيارها وأمنها لا يكون الا بالانسحاب الفوري وغير المشروط من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 لاقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
    شكرا للهاكرز المساندين لكفاح الشعب العربي الفلسطيني، وشكر خاص لمجموعة الانو نيموس أياً كانت جنسيتها ومكان إقامتها، لأنها بوقفتها الشجاعة مع الشعب الفلسطيني، تعزز من رفع معنويات ابناء الشعب، وتفتح امام خبراء فلسطين والعرب وانصار السلام في العالم جبهة جديدة، يمكن الاستفادة منها في مواجهة التحديات الاسرائيلية وايقاع الهزيمة بها.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 348
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-20, 10:12 AM
  2. اقلام واراء محلي 325
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-26, 10:36 AM
  3. اقلام واراء محلي 324
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-26, 10:35 AM
  4. اقلام واراء محلي 323
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-26, 10:35 AM
  5. اقلام واراء محلي 289
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 11:17 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •