النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء اسرائيلي 439

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء اسرائيلي 439

    اقلام واراء اسرائيلي 439
    14/9/2013


    في هــــــذا الملف

    الموت في سبيل أرضنا
    هل تغير شعور الاسرائيليين بعد اربعين سنة وهل تعلموا الدرس من حرب يوم الغفران وتركوا الغرور والصلف الذي ميز القيادة الاسرائيلية قبل اربعين سنة؟
    بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت

    غولدا مئير والشعور بالخطأ
    بقلم:موشيه رونين،عن يديعوت

    حرب يوم الغفران إشارة تحذير
    بقلم:موشيه يعلون،عن معاريف

    اسرائيل مقتنعة بانها الى الابد ستعيش على الحراب
    بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس

    اوباما مُحتاج الى مجلس النواب لأجل الشرعية
    بقلم:دوري غولد،عن اسرائيل اليوم





    الموت في سبيل أرضنا
    هل تغير شعور الاسرائيليين بعد اربعين سنة وهل تعلموا الدرس من حرب يوم الغفران وتركوا الغرور والصلف الذي ميز القيادة الاسرائيلية قبل اربعين سنة؟

    بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت

    تت’أمي، هل يُسمح بالبكاء الآن؟’، سألت بنت حينما خرجت من المخبأ الذي كانت تختبئ فيه في سنوات الاحتلال النازي. وكتب نتان ألترمان فيها قصيدة يُكثرون من إنشادها في مسيرات الذكرى.
    خلّفت حرب يوم الغفران التي مر عليها اربعون سنة 2656 قبرا لرجال اسرائيليين شباب من أفضل الشباب. إن الحداد العام واسع في هذه السنة بصورة خاصة، لأنها سنة مُدورة، ولأن شهادات حُفظت في الأرشيف أُفرج عنها بعد اربعين سنة للنشر. وقد يكمن هنا سبب آخر أهم، وهو أن جيل المحاربين بلغ السن التي يشعر فيها بحاجة قوية الى أن يروي قصته؛ فعنده وقت للتوثيق والكتابة والحديث. ويُذكر طوفان الكتب والأفلام واليوميات والتقارير الصحافية التي تُنشر الآن تمهيدا للذكرى السنوية في سعته، بالمجموع الضخم المُر الذي نُشر بعد الحرب بسنة.
    لا تبدو حرب يوم الغفران اليوم مختلفة عما بدت عليه آنذاك، فهناك نفس الشهادات المثيرة للقشعريرة عن الغرور العسكري والسياسي، وعن الضغط واختلاط الأمر في بئر القيادة، وعن الحروب المجنونة بين أنا الجنرالات، وعن القتال اليائس البطولي لجنود في الميدان قوّموا بدمائهم ما أفسده قادتهم.
    إن الاسرائيليين هم الذين تغيروا. كان اللقاء بين جنود الخدمة الاحتياطية الذين عادوا الى بيوتهم في خريف 1973 وأعزائهم الذين قضوا مدة الحرب في الجبهة الداخلية، دراماتيكيا. كان الجنود ممتلئين غضبا، وكانت الجبهة الداخلية كسيرة القلب. وكان ذلك بدء مواجهة صاحبت المجتمع الاسرائيلي منذ ذلك الحين من حرب الى حرب. وكان هناك ارتفاع وكان هناك انخفاض لكن المعركة حُسمت وتغلب البكاء على الغضب.
    لا يستطيع من لم يكن موجودا آنذاك أن يتخيل كم كان الشعور بالخيانة شديدا، وكم كان الغضب قاسيا، لا لأنه قُتل كثيرون جدا، فقد قُتل في حرب الاستقلال أكثر منهم، لكن لأنهم قُتلوا عبثا.
    التقيت لوبا اليئيل بعد الحرب بوقت قصير. وسألته ماذا سيفعل موشيه ديان فأجاب: ‘عندي له عمل واحد وهو أن يعمل حتى آخر ايامه جنائنيا في مقبرة عسكرية’. ولم يكن من السهل على لوبا اليئيل، وهو أكثر الساسة ايجابية في دولة اسرائيل، أن يُسمع هذه الجملة القاسية. توفي ديان في 1981 ودُفن في جفعات شومرون في مقبرة نهلال غير بعيد عن قبر موشيه يفيه ابن القرية الزراعية الذي قُتل في سيناء في الحرب. وتبين لأبيه رؤوبين (آسي) يفيه أنه في ساعة ما بعد الظهر يمس ظل قبر ديان طرف شاهد قبر ابنه. وقد طلب إبعاد قبر ديان عن قبر ابنه.
    كنت أقف ذات مساء عند أسفل المنصة في حفل سياسي. وكان ذلك واحدا من عروض غولدا مئير الاخيرة، إذ كانت رئيسة الوزراء. وخطرت في بالي مقولة: ‘كنت أقتلها’، وأدركت فجأة أنني أقول هذه الجملة بصوت عال. وكان يقف الى جانبي رئيس وحدة حراسها فنظر إلي نظرة سريعة ولم يقل كلمة. ومن المثير أن نعلم ما الذي اعتقده في سريرته في تلك اللحظة.
    والى أن نُقل القتلى من المقابر المؤقتة الى قطع الارض العسكرية حل الصمت محل الغضب، وهو صمت مُر مُطبق الشفتين. وجمعت الكيبوتسات والقرى الزراعية التي كانت نسبة القتلى فيها أكبر كثيرا من نسبتهم من السكان، جمعت موتاها وصاحبتهم في صمت الى مثواهم الأبدي. وكان ذلك هو المعيار والثقافة وهو عدم البكاء في الجنازات ولا سيما الجنازات العسكرية.
    في مساء ما من أمسيات رأس السنة أُذيع في القناة الثانية تقرير آسر جميل جدا عن ثمانية من أبناء كيبوتس جفعات حاييم قُتلوا في حرب يوم الغفران. وكتب الأديب موتي زعيرا كتابا عن الثمانية. وأجرى المراسل شاي غال مقابلات صحافية مع عدد من اعضاء الكيبوتس. وتحدث اشخاص من الجيل الأوسط من أبناء الخمسين والستين اليوم عن رفض الآباء الثاكلين ورفاقهم مؤسسي الكيبوتس الغرق في الحداد. فقد قبلوا الحكم وعادوا فورا الى العمل لأجل الكيبوتس ولأجل الوطن. ‘ومن عبر عن شعور كانوا يعتقدون أنه جُن’، قالت واحدة ممن أُجريت اللقاءات معهم في ألم. وصُنع فيلم مشابه قبل بضع سنين عن ثقافة الحداد في نهلال. ‘لا يبكون في نهلال’، قال أخ ثاكل في ذلك الفيلم. ‘كان من المُحرم عندنا أن نأتي الى المقبرة بنظارتين شمسيتين كي نخفي الدموع′.
    إن خنق الشعور جبى ثمنا لا يُستهان به، فقد حفظ الناس حزنهم في أحشائهم الى أن انفجروا، وكان الضرر قاتلا احيانا. واحتيج الى تقويم وتم التقويم، فقد تلاشى الحظر في الاربعين سنة التي مرت منذ ذلك الحين، ومن أراد أن يصرخ صرخ ومن أراد أن يبكي بكى.
    لكن كما يحدث في قضايا اخرى في المجتمع الاسرائيلي نتأرجح في هذه القضية ايضا من طرف أقصى الى طرف أقصى. وانعكست التوقعات في ثقافة الحداد العام، فالذي لا يُشرك الجمهور في دموعه يعتبر بليد الحس ومُعوق الروح وفيه شيء مُختل. ويبكي المظليون بكاء جيدا، أما المظليون الذين لا يبكون فان أمرهم مُريب، فيجب استدعاؤك فورا الى عيادة الخبير النفسي لعلاج نفسي.
    أقول هذا عن احترام للاشخاص الذين وخط الشيب شعرهم والذين سيحضرون احتفالات الذكرى في الايام والاسابيع التالية. سيقفون صامتين أمام شواهد قبور اصدقائهم، وسينشد شخص ما قصيدة ويروي آخر قصة قصيرة. وينشد المتدينون صلاة ‘إله ممتلئ بالرحمة’. وسيُسمع العلمانيون قطعة موسيقية منذ اربعين سنة. وسيتلو هؤلاء واولئك القُداس ولن تسمع نحيبا ولن تُذرف دمعة. سيأتون صامتين وينصرفون صامتين.
    في الاربعين سنة التي مرت قضى أكثر الآباء نحبهم. وأصبح الحداد من نصيب الاخوة والأخوات ومن نصيب رفاق السلاح. وحُكم على الرفاق أن يعيشوا حياتهم كلها مع شعور بالذنب لماذا قُتل هو لا أنا ألسنا نحن الاثنين من القرية نفسها وأنا حي وأنت وراء الجدار.
    لم تغير حرب يوم الغفران معايير الحداد فقط، بل غيرت النظرة الى الموت. قال (أو لم يقل) يوسف ترومبلدور ‘من الحسن أن نموت في سبيل أرضنا’. وكرر أجيال من الجنود الأصحاء النفوس هذه الجملة في سخرية، لأنه لم يعتقد أحد أن الموت حسن. لكن لا أحد خمّن أن نبلغ الى التطرف الثاني وهو أنه لا يجوز .
    في المواجهات العسكرية التي حدثت منذ ذلك الحين في لبنان والضفة وغزة انقلبت الامور رأسا على عقب، فقد اعتبر موت المدنيين محتملا وموت الجنود جريمة ومخالفة للقانون توجب انشاء لجنة تحقيق. وثبتت الحروب في الوعي لا بحسب انجازاتها الحقيقية، بل بحسب عدد الجنود القتلى. وأملى عدد القتلى المتوقع ايضا مسار اتخاذ القرارات في حلقات حكومية. إن مجتمعا لا يُظهر حساسية خاصة تجاه حياة الغير لا حينما يكون الحديث عن حوادث طرق، ولا حينما يكون الحديث عن وباء صحي، يرى حياة جندي واحد هي المشهد العام. وهو يريد مواطنين من الحديد وجنودا من الخزف. قد تكون قواعد اللعب هذه صالحة لدولة مثل الدنمارك لا للواقع الذي تعيش فيه دولة اسرائيل.
    إن بحر الدموع كبير، واذا لم نحذر أمكن أن نغرق فيه. ولا تمس هذه المشكلة النظرة الى الحروب فقط بل الى سلسلة قضايا اخرى تملأ برنامج عملنا العام.
    إن المجتمع الاسرائيلي مشحون بالصدمات. ويحمل كل وسط على ظهره صدمته الشعورية أو أكثر من صدمة واحدة احيانا. إن الناجين من المحرقة مروا بجحيم على عهد النازيين وأُذلوا وظُلموا حينما هاجروا الى البلاد؛ وورث أبناء الجيل الثاني للمحرقة الصدمة الشعورية عن آبائهم؛ ويتذكر العرب في اسرائيل على اختلاف أجيالهم، النكبة والحرب والاحتلال والسلب، الظلم والعداوة اللذين يلقونهما كل يوم؛ ويتذكر الشرقيون الفرق الاجتماعي والفساد في المنازل الانتقالية والآراء المسبقة؛ ويحيا المستوطنون الذين أُجلوا عن بتحات رفح قُبيل السلام مع مصر وعن قطاع غزة وشمال الضفة في فترة الانفصال، يحيون في ألم الاقتلاع؛ ويتذكر المهاجرون من روسيا الاذلال واحتقار تراثهم؛ ويتذكر الحريديون كراهية العلمانيين لهم؛ والنساء إقصاءهن الديني؛ ويتذكر اليمين كراهية اليسار منذ أن قُتل أرلوزوروف؛ ويتذكر اليسار كراهية اليمين منذ أن قُتل رابين. توجد هنا اسباب كثيرة للبكاء وحرب يوم الغفران هي سبب واحد من اسباب كثيرة.
    ليس الامتحان هو عظم الصدمة الشعورية هل الشيطان الطائفي أخبث من ظلم الناجين من المحرقة، أم هل النكبة أكثر زعزعة من اخلاء غوش قطيف؟ إن كل حِمل يحمله الاسرائيليون على ظهورهم يستحق احترامه احتراما كبيرا. لكن الامتحان هو في المواجهة والنظر الى الأمام فما هي الدروس التي يتعلمها المجتمع ويتعلمها الاشخاص من الأخطاء التي تمت، وكيف نتحرر منها. قال رابين ذات مرة لا تُصنع الزعامة بالندب.
    حينما أرى اسرائيليا شبعان، اشكنازيا أو شرقيا، يهوديا أو عربيا، متدينا أو علمانيا، يجلس في صالون مرتب مليء بالكتب ويشتكي من الظلم الذي وقع على وسطه، على وسطه فقط، يُخيل إلي أنه ليس كل شيء سيئا هنا. من أراد سكت ومن أراد بكى.
    علّمت حرب يوم الغفران حكومات سبعينيات القرن الماضي حدود القوة. فقد أدركت ثلاث حكومات حكومة غولدا مئير واسحق رابين ومناحيم بيغن أن اسرائيل لا تستطيع السيطرة على جميع الاراضي التي احتلتها، وكان الانسحاب من سيناء وجزء من الجولان تدريجيا وضمن اربعين سنة هدوء مطلق تقريبا مع مصر وسورية، وهما أكثر الجبهات تهديدا. ومهد الطريق لاتفاقي سلام مع مصر والاردن، فلو لم تحدث الحرب ولم تنته بوهم انتصار للعرب لما كانت لنا اربعون سنة هدوء.
    من المؤسف كثيرا أن الغرور لم يختفِ. لا يصعب أن نتخيل جلسة المجلس الوزاري المصغر بين رأس السنة ويوم الغفران في هذا العام. تجتمع على الطاولة معطيات مهددة من الجانبين المصري والسوري، فيقول عضو المجلس الوزاري المصغر بينيت: ‘دعكم من المصريين’. ويقول لبيد بصورة قاطعة: ‘لن نجند قوات الاحتياط. ما الذي يستطيع هؤلاء الأوغاد فعله؟’. ويردد نتنياهو منشدا: ‘إن لم أكن أنا لي فمن يكون لي’. وينسى ما يلي ذلك من الجملة: ‘وحينما أكون لنفسي فماذا أنا’.
    يا الله يقول نتنياهو، أدخلوا المصورين.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    غولدا مئير والشعور بالخطأ

    بقلم:موشيه رونين،عن يديعوت

    ‘في السادس من شباط/فبراير 1974 بعد اربعة أشهر بالضبط من نشوب حرب يوم الغفران مثلت رئيسة الوزراء غولدا مئير أمام لجنة التحقيق الرسمية. وبقيت الشهادة الدراماتيكية التي أدلت بها هناك وراء الابواب المغلقة سراً عن الجمهور مدة نحو من اربعين سنة، الى الآن.
    وقد سمح أرشيف الجيش الاسرائيلي في وزارة الدفاع أمس بنشر عشرات من صفحات البروتوكول، تبسط أكثر شهادة مئير. ‘أعتقد أن عنوان الكارثة التي حدثت لنا مساء يوم الغفران هو أخطاء. فكل واحد في ميدانه اخطأ قليلا. لا أعتقد أنه يوجد شخص واحد يستطيع أن يقوم ويقول لم أُخطئ’، قالت مئير لاعضاء لجنة أغرينات. ‘ما الذي أُعذب نفسي به؟ لا بأنني كنت أكثر حكمة أو عرفت بصورة أفضل. لكن لماذا لم أقل: أيها السادة، ربما ينبغي أن نُجند مع كل ذلك قوات الاحتياط؟ ماذا كان سيحدث لي؟ كانوا سيعتقدون أنني غبية. حسن، هذا ايضا صحيح بقدر كبير. لكن ماذا كان سيحدث لي لو أنني قلت ما شعرت به في تلك الايام؟ ليس هذا حسنا بالنسبة إلي. لم أستطع أن أقوم في مواجهة مع رئيس ‘أمان’ أو رئيس هيئة الاركان’.
    وليست هذه المرة الوحيدة في شهادة غولدا التي هي أول امرأة تتولى رئاسة وزراء في اسرائيل، التي تُقلل فيها من قيمة نفسها بصفتها سلطة أمنية. وحينما أرادها اعضاء اللجنة على أن تصف فهمها في الشؤون العسكرية قالت في سخرية: ‘لم أكن رئيس هيئة اركان منذ زمن. ولم أعرف التفريق بين جهاز دفاعي وغير دفاعي’. واعترفت في موضع آخر قائلة: ‘في كل شؤون الاستخبارات يوجد أناس أكثر خبرة مني’.
    وبيّنت رئيسة الوزراء أنه في يوم الاربعاء قبل نشوب المعركة بثلاثة ايام، حينما أخذت تتجمع الدلائل الشاهدة على الاستعداد المصري والسوري ـ كفّت عن ‘أن تكون هادئة’، لكن ‘لم أعتقد أنني أستطيع أن أجادل أناس ‘أمان’ ورئيس هيئة الاركان’. وقالت، ‘إن الحقيقة هي أنه لم يُشر أحد من اعضاء الحكومة الى أنه ربما ينبغي مع كل ذلك أن نعلن التجنيد… أنا أُعذب نفسي لأنني لم أقترح ذلك… قال لي حاييم بارليف بعد الحرب: ‘لا أفهمك. يجلس جنرالات. وأنا، بار ليف، كنت رئيس هيئة اركان قبل سنتين فقط. ويجلس رئيس هيئة الاركان. ويجلس وزير الدفاع الذي يفهم هو ايضا في الشؤون العسكرية. ويوجد جنرال هو رئيس ‘أمان’. وكل هؤلاء الاشخاص لا يقترحون تجنيدا، فهل يجب عليك أنت خاصة المدنية أن تقترحي ذلك؟’. وقال لي: ‘لا أعلم ما هو الاستعداد ج. وأنت لا تعرفين ما هو الاستعداد ج’. وهذا صحيح، إن هؤلاء اشخاص ليست هذه أول حرب لهم’.
    وأكدت رئيسة الوزراء في اللجنة أن ‘كل رجال الأمن ورئيس الموساد ايضا يعلمون أنه لا توجد ساعة في الـ24 ساعة كلها يكون فيها هاتفي مقطوعا لا في النهار ولا في الليل ولا في السبت ولا في العيد. وليس مسموحا لهم فقط، بل إن طلبي هو أنه اذا كان يوجد شيء ما فليُهاتفوني’.
    وبيّنت أنها تتلقى مادة استخبارية كبيرة بعضها خام وبعضها مُنقح: ‘توجد أوراق وردية وصفراء وزرقاء، وتوجد منتخبات… أنا لا أرى المادة الأصلية. بعد ذلك تأتي مادة منتخبة من ‘أمان’ وهم ‘يطبخونها’ ويُقدرون ذلك’.
    وقالت رئيسة الوزراء في ما تلا ذلك من شهادتها: ‘كان لي حديث مع رئيس الموساد وقلت له لا تُشفق علي. أنا أريد أن أتلقى كل ما تتلقاه. فاذا افترضت أنه شيء مهم فحوله إلي. لا تُشفق. وقلت له آنذاك: أريد أن أرى مصادر. معلومات في المصدر لا بعد أن ‘تُطبخ’ ‘. ومع ذلك كله، حينما خرج رئيس الموساد تسفي زمير في الليلة بين الرابع والخامس من تشرين الاول/اكتوبر للقاء عاجل في لندن مع أشرف مروان المقرب من رئيس مصر، الذي أصبح عميلا لم يُبلغ مئير ذلك. وعلمت بذلك في الغد فقط: ‘قيل لي بعد ذلك إن الرمز الشيفري كان ‘الحرب’، ولذلك قام وخرج ولم يتصل حتى بي’.
    واعترفت مئير عند سؤال عضو اللجنة يغئال يادين، أكان هناك عيب في أن رئيس الموساد لم يُبلغها عن سفره الى لندن بقولها: ‘للحقيقة أقول إنني غضبت قليلا في تلك اللحظة.. اعتقدت بيقين أنه ليس على ما يرام لأن هذا لم يحدث قط’. وقالت في مرحلة اخرى من شهادتها: ‘أعتقد أنه كان يجب أن أحصل على المعلومة لأن ذلك مصدر جيد’.
    وندمت مئير لرأيها في مروان الذي مُحي اسمه من البروتوكولات. ‘أريد أن أعترف بظلم أوقعته بهذا المصدر طول السنين. فقد قلت لرئيس الموساد أكثر من مرة: ‘هل تُصدقه؟’ وكنت أعتقد دائما لأنني لست مختصة إنه ربما كان تضليلا في حالات كثيرة’.
    وسأل يادين رئيسة الوزراء عن مصدر استخباري آخر أنذر في الثلاثين من ايلول/سبتمبر 1973 بأنه ستنشب في الغد في الاول من اكتوبر حرب شاملة مع مصر وسورية، مع تفصيل أكثر دقة. ونبّه زميله القاضي موشيه لندوي قائلا: ‘يجب أن نقول هنا شيئا في فضل ‘أمان’ وربما رئيس الموساد ايضا. قال المصدر إن الحرب ستنشب في الاول من اكتوبر في الصباح ولم يحدث شيء’. وردت مئير قائلة: ‘أعلم أنه أُصيب.. أنتم لا تُعاملونني بجدية’.
    وطلبت اللجنة أن تتطرق رئيسة الوزراء الى تلك ‘الرسائل الخاصة’، التي كان يفترض أن تُنذر بحرب قريبة لكنها لم تُستعمل في اللحظة المناسبة. وتكشف مئير في شهادتها على ذلك، وقد حذفت الرقابة قطعا منها، عن أنه ‘منذ 1967 أُنفقت مبالغ ضخمة لضمان أن يوجد إنذار.. وانشأنا اشياء مذهلة وكل ذلك بقدر المستطاع لضمان أن يكون لنا إنذار، وطول الوقت حينما كنا نتحدث في تلك السنين قيل لنا دائما ‘سيكون لنا إنذار’. ولم يكن ذلك ما عدا مسألة خروج الروس (إجلاء المستشارين السوفييت وأبناء عائلاتهم من مصر وسورية قُبيل الحرب)’.
    وسأل يادين مئير أعرفت أن الوسائل لم تُستعمل قبل الحرب. ‘كان واضحا لي تماما أنه يوجد سبيل للمعرفة. وأعلم الآن أن ذلك لم يعمل’.
    يادين: ‘لا أريد أن أُزعزعك أكثر. هل تعلمين أن رئيس هيئة الاركان ووزير الدفاع اعتقدا أن … مفتوحة في الوقت الذي لم تكن مفتوحة فيه؟’.
    مئير: ‘أجل، أنا أعلم كل ذلك لكن بعد أن حدث. لم أحقق الى الآن وليس عندي جواب معقول عن ذلك. ولم أتحدث الى رئيس ‘أمان’. وعرضت غولدا على اللجنة وثيقة قسم الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي الذي قدّر أن احتمال الحرب منخفض: ‘لم يقولوا إنه ليس لمصر قدرة بل قالوا إن كل شيء مُعد وإنهم قادرون على فعل ذلك لكن ليس من المعقول أن يفعلوه… أنا مُجبرة على أن أقول إنه في قضية حرب يوم الغفران هذه كان زعيرا (رئيس ‘أمان’، اللواء ايلي) قاطعا جدا. وكذلك كان ايضا معاونه العميد أريه شيلو. لكن لم يُسمع ايضا اعتراض لشخص ما من رجال الأمن.
    ‘من حسن حظنا وجود ‘أمان’. إنه جهاز استخبارات أشك في أن تستطيع دول كثيرة منافسته’، قالت مئير. لكن كما قالت حينما يستقر رأي حاكم مثل أنور السادات وحده من دون مشاورة أحد على الخروج لحرب يصعب التنبؤ بنياته: ‘اعتدنا أن السادات ليس رجلا جديا. فهو يرمي بمواعيد (لنشوب الحرب) ولا يخجل ولا يفي بذلك بعد ذلك. وكان موضع تندر، على أنه كيف يستطيع البقاء أصلا وكيف يستطيع الشعب تحمله’، شهدت مئير وأضافت في أسى: ‘يمكن الآن تقريبا أن نطلب المعذرة منه’.
    ووصفت مئير الجدل الذي نشب في صباح يوم الغفران قبل نشوب الحرب بساعات معدودة، بين وزير الدفاع ديان ورئيس هيئة الاركان اليعيزر، فيما يتعلق بعدد فرق الاحتياط التي ينبغي تجنيدها. فقد طلب اليعيزر تجنيد اربع فرق واكتفى ديان باثنتين واستقر رأيه على أن يأتي بالقضية لتبت فيها رئيسة الوزراء: ‘بدأ وقال ‘توجد بيننا اختلافات في الرأي، واذا حسمت الامر لصالح رئيس الاركان فلن أستقيل’… قلت له: ماذا تريدان من حياتي؟ أيجب علي أن أبت الامر بينكما؟’. وفي نهاية المطاف قبلت مئير رأي رئيس هيئة الاركان، لكنها شعرت بأن ديان ‘ظل على رأيه حتى النهاية. وقد قبل ذلك بروح طيبة لكنني شعرت بأنه غير مقتنع في قلبه’.
    وبيّنت مئير أنها لا تندم على قرارها على عدم السبق وبدء حرب على مصر وسورية. لأن هجوما استباقيا كان سيفضي بحسب كلامها الى انتقاد دولي لاسرائيل ويُعرض للخطر القطار الجوي للمساعدة العسكرية التي أُرسلت من الولايات المتحدة: ‘حينما أثار رئيس الاركان أمر الضربة المانعة قلت: إن 1973 ليست 1967 ولن يُغفر لنا ذلك هذه المرة ولن نحصل على مساعدة حينما نحتاج إليها. ويمكن أن نقول بيقين إن الشباب الذين لم يعودوا موجودين كانوا سيبقون أحياءً لو أننا بدأنا بضربة مانعة. لكنني لا أعلم كم كان سيسقط من الشباب الآخرين بسبب عدم وجود معدات’.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ





    حرب يوم الغفران إشارة تحذير

    بقلم:موشيه يعلون،عن معاريف

    مرت أربعون سنة. أربعون سنة منذ ذاك السبت الذي دوت فيه صافرة الانذار في يوم الغفران وغيرت حياة الامة. أربعون سنة مرت منذئذ تغيرت فيها ايضا حياة عائلات عديدة والطرقة على الباب فتحت فيها فضاءً لن يغلق ابدا، جرحا لن يندمل ابدا. الثمن الذي دفعته تلك العائلات من أجل استمرار وجود دولة اسرائيل اثقل من أن يحتمل أو ان يترك.
    قلت كجندي احتياط في حرب يوم الغفران وترافقني حتى اليوم احاسيس الدهشة وانعدام الوسيلة، في ضوء الانباء القاسية عن سقوط رفاق وزملاء في السلاح، والخوف من أن تكون دولة اسرائيل تقف أمام خراب بيت ثالث. ولكن أذكر ايضا الالتزام الهائل الشخصي والجمعي في الجيش الذي مجدناه عاليا. التزام ترافق ايضا مع من قاتل بتفان وضحوا بالاغلى حياتهم.
    حرب يوم الغفران هي حدث تأسيسي في تاريخ دولة اسرائيل، يضع امامنا اشارة تحذير ودروسا مهمة لا مثيل لها: حذار علينا أن نسمح بسيطرة الغرور، عدم الاكتراث وعدم الحذر. من واجبنا منع الطغيان الفكري وانعدام التواضع واتخاذ طريق مسؤول ومتوازن لقيادة متعاونة، انفتاح، نقد وشك. هكذا فقط يمكننا أن نصمد في وجه التحديات الكبرى التي نقف امامها.
    الثمن الاغلى
    ‘القصة لا تكتمل من دون أن نشرح ان كل هذه الحملة ما كان يمكن لها أن تتم الا بفضل طاقمي، وسريتي’، روى لاحقا رامي متان، قائد سرية في كتيبة 79 في المدرعات، قاتلت في المزرعة الصينية. ‘طاقم مهني، شجاع، مصمم ومفعم بالدوافع العظيمة. هذا الطاقم هو الذي أعطاني القوة. والسرية نفسها، سرية دورة قادة دبابات بمشاركيها وقياداتها سرعان ما غيرت مبناها الاصلي واستوعبت طواقم جديدة وغير معروفة، هي التي بقيت على اتصال، وهي التي قاتلت ببطولة وبلا خوف ووقفت بوجه التحديات الصعبة. أشكر الطاقم والسرية اللذين كان لي شرف قيادتهما في هذه الحرب’. يخيل لي أن الكثير من قادة سرايا الجيش الاسرائيلي الذين نجوا في الحرب، والكثير من قادة الجيش الاسرائيلي بشكل عام في تلك الايام، يمكنهم أن يقولوا امورا مشابهة عن بطولة، تفاني وبسالة مقاتليهم في احدى اشد الازمنة التي مرت بها دولة اسرائيل.
    ‘فقدنا كل ما هو عزيز وسنسكت الكلمات التي نسيناها’، كتب الشاعر نتان يونتان، الذي ثكل في حرب يوم الغفران ابنه ليئور، قائد حظيرة دبابات في لواء 14، سقط في الجبهة الشمالية لقناة السويس.
    الفقدان يعذب، ولكن بطولة العائلات الثكلى رمز لقدرة صمود المجتمع الاسرائيلي، الذي يقف قيد الاختبار المرة تلو الاخرى امام التحديات التي يواجهها. وهي تفعل ذلك انطلاقا من قوة وعظمة الروح التي لا مثيل لها، وهي الاساس لوجودنا في هذه البلاد.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    اسرائيل مقتنعة بانها الى الابد ستعيش على الحراب

    بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس

    بعد ظهر غد، قبل 40 سنة، وقعت مفاجأة. كل العناوين كانت على الحائط واسرائيل فوجئت. وقد اصيبت ليس فقط بالصدمة، بل وعرفت أيضا سفك دماء رهيب أكثر من 2500 شاب قتلوا في المعارك، واصيب الالاف، واسر المئات وعشرات الالاف تعرضوا لصدمة القتال. كل هؤلاء دفعوا ثمن قيادة سياسية فاقدة الحس، قيادة عسكرية مغرورة، وفوق كل شيء، الروح الشوهاء التي سيطرت على اسرائيل. روح الزمن الذي بين حرب الايام الستة وحرب يوم الغفران كانت روح وقاحة وعمى.
    ‘في ختام 40 سنة على الحرب اياها تكثر اسرائيل مرة اخرى من الانشغال بها، ولكن اساس اهتمامها ينصب على تقصير الاستخبارات، سياقات المعارك، مخازن العتاد، وبالطبع – ذكرى الموتى. ومع كل الاهمية التي في كل هذه الامور، تواصل اسرائيل اشاحة وجهها عن الامر الاساس، وهو تجاهلها الفظ والمتعالي لمحاولات الوصول الى تسوية سياسة في السنوات التي سبقت اندلاع الحرب، الاصل الاول لكل الخطايا.
    عشية يوم الغفران اياه قالت اسرائيل، بشكل جوقة تقريبا: ‘خير شرم الشيخ بدون سلام من سلام بدون شرم الشيخ’، على حد تعبير موشيه دايان. عشية يوم الغفران اياه قالت اسرائيل لن نستجيب لمساعي السلام المصرية، محاولات الوساطة من جهات دولية واشارات وصلت الى القيادة. كان هذا هو القصور الحقيقي في 1973 وفيه يقل الاهتمام.
    ‘يقللون من الاهتمام به لدرجة أنه واضح أنه لم يستخلص منه اي درس. مثلما في حينه، الان أيضا: بعد 40 سنة، اسرائيل تواصل عادتها. لا تعتمد الا على قوتها العسكرية وعلى دعم الولايات المتحدة وهي تواصل تجاهل عزلتها وقيود قوتها.
    روح الزمن لم تتغير، اسرائيل مقتنعة بانه الى الابد ستعيش على الحراب، إذ ليس في يدها تغيير وضعها، إذ ان عزلتها هي ذنب العالم، ليس ذنبها، وان طريقها الوحيد هو طريق السلاح. مخازن عتادها امتلأت من جديد، تسليحها تحسن، ولهذا فانها تعتقد بانه لا يوجد اي معنى للاجتهاد وللوصول الى اتفاق سلام. غدا، عندما يعود شعب اسرائيل ويغرق في ذكرياته المريرة، يجدر به أن يتذكر الدروس الحقيقية ايضا.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    اوباما مُحتاج الى مجلس النواب لأجل الشرعية

    بقلم:دوري غولد،عن اسرائيل اليوم

    ‘إن استقرار رأي رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما على طلب موافقة مجلس النواب على عملية عسكرية في سورية، هو الفصل الاخير في صراع طويل بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية في الولايات المتحدة، على سلطات كل طرف أن تقرر هل يجب على الولايات المتحدة أن تشارك في مواجهة مسلحة؟ ويُقسم الدستور الامريكي هذه السلطات بين الطرفين: فالرئيس هو القائد الأعلى، لكن سلطة اعلان الحرب هي لمجلسي النواب مجلس الشيوخ ومجلس النواب.
    كان يبدو في خلال الحرب الباردة أن سلطات الرئيس قد اتسعت على حساب مجلس النواب، ولا سيما في حالات حروب محدودة النطاق. بدأ ذلك في الحرب الكورية حينما لم يطلب الرئيس هاري ترومان من مجلس النواب تأييده الرسمي. وفي حالات ما كما حدث في قرار خليج تونكين في 1964، كانت موافقة مجلس النواب على استعمال القوة في فيتنام تعريضا فقط حينما حصلت الادارة على ‘ضوء أخضر’ لاستعمال ‘كل الوسائل المطلوبة’ لصد الهجمات عن قوات الولايات المتحدة.’
    ورغم أنه لم يوجد اعلان حرب، بل لم يُتخذ قرار صريح في مجلس النواب، لم ترَ حكومة لندون جونسون مشكلة في توسيع حرب فيتنام، وحشد أكثر من نصف مليون جندي هناك. وبدأ منتقدو اجراءات الادارة الامريكية آنذاك يتحدثون عن ‘رئاسة قيصرية’ تستولي على سلطات السلطة التشريعية.
    وبدأت الصورة تتغير في 1973 حينما أعاد مجلس النواب الى نفسه سلطاته من السلطة التنفيذية، باجازة ‘قانون سلطات الحرب’. وطلب القانون الجديد الى الرئيس أن يُبلغ مجلس النواب فورا عن كل حالة تُرسل فيها قوات الولايات المتحدة الى عمل عسكري، وبعد ذلك اذا لم يوافق مجلس النواب على استمرار العملية تُسحب القوات بصورة آلية بعد ستين يوم قتال. ومكّن القانون من إطالة اخرى تبلغ ثلاثين يوما اذا أعلن الرئيس ‘ضرورة عسكرية غير ممتنعة’، أي أن رئيس الولايات المتحدة يستطيع من جهة نظرية أن يرسل قوات امريكية في عملية عسكرية مدة تسعين يوما في الأكثر من دون موافقة رسمية من مجلس النواب.
    واستعمل الرئيس ريتشارد نكسون النقض على إجازة ‘قانون سلطات الحرب’، لكن ضعفه بسبب قضية ‘ووتر غيت’ مكّن معارضيه من حشد دعم في مجلس النواب لالغاء النقض. ودخل ‘قانون سلطات الحرب’ سِفر القوانين الامريكي، لكن كثيرين من الجمعية القانونية في الولايات المتحدة رأوه قانونا غير دستوري. ولم يتمسك أكثر الرؤساء في السنوات التي تلت ذلك دائما بـ’قانون سلطات الحرب’.

    حذارِ إنها سابقة

    في مرات كثيرة لم يكن تنفيذ القانون متسقا، ففي 1983 مثلا حينما أرسل الرئيس رونالد ريغان قوات الى غريناده لم يُبلغ السلطة التشريعية. لكن حينما أُرسل جنود التدخل السريع الى بيروت، طلب ريغان وحصل على موافقة مجلسي النواب، وفي ذلك الوقت تُلقيت في واشنطن تقارير تقول إن السوريين درسوا ‘قانون سلطات الحرب’ كي يدركوا مجال حيلتهم.
    وتحرك الرقاص الى الاتجاه الثاني في 1999 حينما استقر رأي الرئيس كلينتون على الالتفاف على السلطة التشريعية وارسال قوات امريكية الى كوسوفو. وقد كشف تحليل اخباري في صحيفة ‘وول ستريت جورنال’ أن كلينتون نجح في أن يهزم الصربيين في كوسوفو، قبل أن تنقضي مدة التسعين يوما التي يُجيزها ‘قانون سلطات الحرب’ بـ12 يوما.
    ونفذ كلينتون من دون موافقة من مجلس النواب ايضا هجوما بصواريخ بحرية على أهداف للقاعدة في افغانستان والسودان. وفي مقابل ذلك طلب الرئيس جورج بوش الابن وحصل على موافقة مجلس النواب على استعمال القوة في افغانستان، عقب كارثة التوأمين في 2001 وفي حال الحرب في العراق ايضا.’
    يشهد النظر في هذه السلوكيات الرئاسية (في الماضي) بأن استقرار رأي اوباما على استعمال القوة على سورية ردا على استعمال بشار الاسد للسلاح الكيميائي هو قانوني ولا حاجة الى موافقة مجلس النواب مسبقا، خاصة اذا كان الحديث عن عملية قصيرة المدة لا تقترب مدتها من المدة التي حُددت للاستعمال الرئاسي تحت ‘قانون سلطات الحرب’. ومن المؤكد أن اوباما يدرك ذلك فقد درّس القانون الدستوري قبل أن يدخل السياسة. فاذا لم يكن اوباما محتاجا الى موافقة المُشرعين فلماذا استقر رأيه على أن يتجه إليهم مع كل ذلك؟
    الجواب هو أن . فقد أعلن في واقع الامر أنه يملك السلطة القانونية لتوجيه هجوم على سورية. وقال في خطابه في 31 آب/اغسطس في حديقة الورود في البيت الابيض: ‘مع ذلك ورغم أنني اؤمن بأنني أملك صلاحية تنفيذ هذه العملية العسكرية من دون موافقة خاصة من مجلس النواب، أعلم أن الدولة ستكون أقوى اذا أجرينا هذا الحوار وستكون عملياتنا أنجع′.’
    يشهد كلامه بأنه يدرك أنه يوجد خطر أن يُستغل قراره على التوجه الى مجلس النواب في حال سورية سابقة لتحديد سلطات الرئيس في شؤون الحرب تحديدا أكبر يفوق التحديد الذي رسمه ‘قانون سلطات الحرب’. وستكون تلك سابقة يتوقع أن تُضعف مكانة الولايات المتحدة الدولية.

    فوق قيود الامم المتحدة

    اذا كان الرئيس اوباما يبحث عن شرعية اخرى لعمله الموجه على سورية، فانه يستطيع نظريا أن يتجه الى الامم المتحدة. بعد انتهاء الحرب الباردة ساد واشنطن تفاؤل جديد بأن الامم المتحدة يمكن أن تصبح وسيلة لحفظ السلام والأمن الدوليين. وتوجه الرئيس جورج بوش الأب الى مجلس الأمن للحصول على موافقة على هجومه على العراق بعد أن غزت الكويت واحتلتها.
    وحصل على تأييد الاعضاء الخمس الدائمة كلها في مجلس الامن، ومنها الاتحاد السوفييتي (الذي أصبح روسيا في اغسطس 1991) والصين. لكن تبين في غضون بضع سنوات أن الروس ينوون تعويق كل مبادرة امريكية في مجلس الامن. وفي واقع الامر خرج كلينتون في 1999 للحرب في كوسوفو من دون موافقة مجلس الامن لأنه علم أنه سيلقى الاعتراض الروسي.
    يبدو الآن أن اوباما يدرك قيود الامم المتحدة. وقد اعترف في خطبته في حديقة الورود في واقع الامر قائلا: ‘أشعر بالراحة في التقدم الى الأمام من دون موافقة مجلس الامن الذي كان الى الآن في شلل تام في هذا الشأن ولم يكن مستعدا لالقاء المسؤولية على الاسد’. وفي اثناء مدة ادارة بوش الأب في مطلع تسعينيات القرن الماضي نبع طلب موافقة مجلس الامن في جزء منه من الرغبة في تحسين احتمالات أن يُحرز موافقة من مجلس النواب.
    والآن في 2013 لا يملك اوباما نفس الامتيازات.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء اسرائيلي 367
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-06-16, 12:33 PM
  2. اقلام واراء اسرائيلي 366
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-06-16, 12:32 PM
  3. اقلام واراء اسرائيلي 365
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-06-16, 12:31 PM
  4. اقلام واراء اسرائيلي 364
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-06-16, 12:30 PM
  5. اقلام واراء اسرائيلي 323
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-24, 09:29 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •