اقلام واراء اسرائيلي 446
24/9/2013
في هــــــذا الملف
نهاية الغموض الذري الاسرائيلي
بقلم: رؤوبين بدهتسور،عن هآرتس
يجب الاتفاق لحل المشكلة الذرية الايرانية
بقلم: يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
حرب النووي تنتقل الى الامم المتحدة
بقلم: إيلي بردنشتاين،عن معاريف
أكثر العائلات في اسرائيل ترفض نقاش الموضوع
15 عربيا اسرائيليا على الأقل يحاربون في سورية.. والحركة الاسلامية في الداخل تتبرأ من المسؤولية عن ذلك
بقلم: جاكي خوري،عن هآرتس
نهاية الغموض الذري الاسرائيلي
بقلم: رؤوبين بدهتسور،عن هآرتس
أصابت اسرائيلُ في نهاية الاسبوع الماضي انتصارا آخر في حربها الانسحابية التي تجريها للحفاظ على غموضها الذري. فقد رُفض اقتراح القرار الذي قدمته الدول العربية في المؤتمر السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية بأكثرية الأصوات لـ51 دولة مقابل 43 دولة صوتت تؤيده. ودعا الاقتراح اسرائيل الى أن تجعل منشآتها الذرية تحت رقابة الامم المتحدة وتنضم الى ميثاق منع انتشار السلاح الذري. إن نتائج التصويت في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هي في ظاهر الأمر، برهان قاطع على الحكمة الكامنة في السياسة الاسرائيلية. فنحن مستمرون في التمسك بالغموض ولا ننضم الى ميثاق منع انتشار السلاح الذري (ولا توجد سوى أربع دول اخرى غير منضمة اليه) والعالم يسكت ويُسلم.
لكن يجب عليهم في تل ابيب أن يعلموا أن هذا وهم خطير. فقد أُحرز الفوز في التصويت في فيينا عقب ضغط استعملته الادارة الامريكية على دول كثيرة. ومع كل الاحترام للمكالمات الهاتفية العاجلة التي قام بها بنيامين نتنياهو مع زعماء دول كانت المحادثات التي أجراها ممثلو الادارة في واشنطن هي التي رجحّت الكفة. وقد قامت دعوتان في أساس موقف الادارة الامريكية، وهما أن القرار على اسرائيل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد يضر باحتمالات انشاء منطقة محررة من سلاح الابادة الجماعية في الشرق الاوسط، وقد يضر ايضا باحتمالات نجاح المحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين. ويجب على نتنياهو أن يخشى من أن تغير الادارة الامريكية موقفها من الشأن الذري اذا لم تفِ اسرائيل بتوقعاتها في هذين الشأنين.
قبل ثلاث سنوات أيدت الولايات المتحدة مبادرة لعقد مؤتمر يبحث في تجريد الشرق الاوسط من السلاح الذري. وتقرر أن يكون موعد المؤتمر الذي كان يفترض أن يعلن ذلك في نهاية السنة الماضية في هلسنكي، وأعلنت اسرائيل أنها لن تشارك فيه. ويحاول الامريكيون الآن أن يُحيوا هذا الموضوع. وقد يفضي موقف اسرائيلي سلبي بالادارة الى أن تزن مرة اخرى تأييدها لسياسة اسرائيل الذرية. وقد يؤثر فشل المحادثات مع الفلسطينيين اذا نُسب الى اسرائيل في موقف باراك اوباما من الشأن الذري. وليس من الممتنع ايضا أن تقرن الادارة في اطار تفاوض بين الولايات المتحدة وايران التنازلات الايرانية بتغيير سياسة الغموض الاسرائيلية.”
لكن الولايات المتحدة ليست اللاعبة الوحيدة في الملعب الذري. فقد انضم الى اللعبة ايضا رئيس روسيا هذا مع الضغوط الدائمة من الدول العربية بقيادة مصر في الامم المتحدة وفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ‘إن تفوق اسرائيل التقني لا يوجب عليها أن تملك سلاحا ذريا. إن السلاح الذري يجعلها هدفا فقط’، قال فلاديمير بوتين في حلقة فلداي التي بحثت في جملة ما بحثت الوضع في سورية. ‘بُني السلاح الكيميائي السوري ردا على السلاح الذري الاسرائيلي’، أكد، وقال إن اسرائيل ستضطر آخر الامر الى الموافقة على التجرد من السلاح الذري، كما تتخلى سورية الآن عن السلاح الكيميائي.
يجب على نتنياهو ومستشاريه في الشؤون الذرية أن يدركوا أن اسرائيل تلعب في وقت ضائع. ولن يكون من الممكن التمسك بالغموض الى الأبد. والمسألة مسألة وقت فقط الى أن تطلب الولايات المتحدة كما يبدو ايضا من اسرائيل تغييرا لسياستها. وعلى ذلك تحسن المبادرة الى سياسة جديدة وعدم الاكتفاء بعمليات صد. وعلى اسرائيل أن تُنسق مع الولايات المتحدة التخلي عن الغموض فمن الواضح للجميع أن اسرائيل لن تكون مستعدة للتخلي عن ذخائرها الذرية المنسوبة إليها بحسب مصادر أجنبية. ولهذا ينبغي السبق والمبادرة قبل أن تُستعمل علينا الضغوط المتوقعة. وتُبين أحاديث مع مقربين من الادارة الامريكية ونشرات ظاهرة أنه يوجد في واشنطن استعداد لمباحثة اسرائيل في إلغاء وهم الغموض.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حرب النووي تنتقل الى الامم المتحدة
بقلم: إيلي بردنشتاين،عن معاريف
تالى جانب طوفان اللقاءات ومحاولة ممثلي ايران تنظيف السمعة واقتحام أسوار العزلة الدولية، ستصبح ساحة الامم المتحدة في الاسابيع القريبة القادمة ساحة جس نبض استراتيجية بين مذهبين فكريين متعارضين، ‘على أساس مكانة متساوية واحترام متبادل’، على حد قول روحاني في ‘واشنطن بوست’. فروحاني سيخطب غدا في الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك. أما نتنياهو فسيخطب في الامم المتحدة يوم الثلاثاء القادم.
‘في الوقت الذي سيسعى فيه ممثلو اسرائيل، حتى مستوى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الى التحذير من الانجراف الذي من شأنه أن يكون في صالح طهران في أعقاب التسونامي الدبلوماسي الايراني اثناء الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك ـ فسيذكر الايرانيون من على كل منصة ما يعرفه الجميع، حسب المنشورات الاجنبية، بأن اسرائيل تحوز مخزونات متنوعة من اسلحة الدمار الشامل: النووي، الكيميائي والبيولوجي.
‘وزير الخارجية الايراني الوافد، جباد ظريف، السفير الايراني السابق الى الامم المتحدة، الذي تعلم في جامعات رائدة في الولايات المتحدة ويتكلم الانكليزية بطلاقة، عُين في هذه الاثناء مسؤولا عن المفاوضات مع القوى العظمى على النووي. وهو لا يعتزم إضاعة الزيارة الى نيويورك وسيلتقي اليوم بوزراء خارجية هولندا، استراليا، ايطاليا، بريطانيا، سويسرا، اليابان، تركيا، عُمان، سلوفاكيا، كرواتيا، جورجيا وبلغاريا. بعد أن التقى يوم الخميس الماضي بالأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، الذي أثنى على الخط الايراني الجديد. وسيلتقي ظريف ايضا بوزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين آشتون، ليحدد في ختام اللقاء الموعد الذي تُجرى فيه جولة المحادثات التالية بين ايران والقوى العظمى الست.
‘هل سيعقد لقاء ايراني ـ امريكي على مستوى رفيع بين جباد وربما روحاني مع نظيريهما، وزير الخارجية الامريكي جون كيري والرئيس باراك اوباما؟ في البيت الابيض متحمسون لعقد مثل هذا اللقاء، ولكن التقدير هو أنه اذا ما عُقد فانه سيكون لقاء بين ظريف وكيري، لأنه بالنسبة للايرانيين يُعد اللقاء مع اوباما مبكرا جدا، قبل أن تُستأنف المفاوضات مع القوى العظمى، وعلى خلفية الانتقاد في ايران على انبطاح روحاني أمام الغرب.
في تل ابيب ينظرون الى الجدول الزمني للقاءات الايرانية في نيويورك ويُقدرون أن محاولات روحاني تجنيد العطف لموقفهم لن تنتهي بسرعة. ويفهمون في اسرائيل أنه لن يكون بوسعهم احباط هذه اللقاءات، ولا سيما بسبب التصريحات المتصالحة من طهران. ومع أن الساحة السياسية في اسرائيل غير راضية عن الحملة الايرانية، الساعية الى تجديد الثقة الدولية والشرعية للجمهورية الاسلامية، إلا أن اسرائيل تنازلت عمليا مسبقا عن ذلك، ولن تخوض حملة لافشال عقد هذه اللقاءات. وفي تل ابيب سيواصلون الشرح لنظرائهم في الغرب لماذا يتعين عليهم أن يكونوا حذرين، ولكن ليس أكثر من ذلك.
ومع ذلك، في تل ابيب يأملون بأن تكون الحكومة الايرانية الجديدة مطالبة بأن تثبت بالافعال بأنها تغير النهج بالنسبة للبرنامج النووي. الأمل هو التعبير السليم في هذا السياق. وذلك لأنه خلافا لما نشر في ‘نيويورك تايمز′ عن رسائل تهدئة صدرت من واشنطن، ففي تل ابيب لا يعرفون وعودا نُقلت الى اسرائيل من جهة الادارة الامريكية. ويقولون إن أحدا لم يعدنا بشيء، وكل ما يقولونه لنا، بمثابة رفع العتب، هو أن الايرانيين سيُفحصون حسب أفعالهم.
حتى هنا بالنسبة للنووي الايراني، ومن هنا لاحقا الى النووي الاسرائيلي. في نهاية الاسبوع نجحت اسرائيل في احباط مبادرة عربية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاصدار قرار حول ‘قدرات اسرائيل النووية’ ووضع المنشآت النووية في اسرائيل تحت رقابة الوكالة. وهذا مشروع قرار يحاول العرب طرحه كل سنة على مدى السنوات الخمس الاخيرة. في 2009 خسرت اسرائيل وأُقر المشروع بالاغلبية. في 2010 انتصرت اسرائيل. وفي السنتين التاليتين، قرر العرب ألا يطرحوه للتصويت.
يوم الجمعة الماضي، في أعقاب جهد متعاظم، انتصرت اسرائيل بأغلبية كبيرة من ثماني دول، وتوصلت الى تأجيل التصويت في ظل ارتفاع كبير في عدد الدول التي امتنعت أو تغيبت، غير أنهم في نل ابيب يشعرون بأن النقاش عن النووي الاسرائيلي (حسب مصادر اجنبية) كفيل بأن يعود بقوة أكبر الى جدول الاعمال الدبلوماسي العالمي، ومن ستقوده وتقود الدعوة الى عقد مؤتمر دولي لتجريد الشرق الاوسط من السلاح النووي، ستكون ايران بالذات. فليس صدفة أن تحدث روحاني أمس منددا باسرائيل التي تشكل الخطر الحقيقي على استقرار المنطقة حين تخرق، على حد قوله، المواثيق الدولية وتراكم كميات هائلة من السلاح الكيميائي والنووي.
بعد تقرير مراقبي الامم المتحدة الذي قضى بأنه كان استخدام كثيف للسلاح الكيميائي في سورية والصفقة الروسية لتدمير مخزونات هذا السلاح، فان التقدير هو أن ايران (الى جانب دول الجامعة العربية وعلى رأسها مصر) ستحاول أن تُدخل الى الحوار المتجدد على النووي الايراني اسرائيل والقدرات الخاصة المنسوبة لها.
كان اوباما هو الذي أعطى موافقته في 2010 على المبادرة المصرية لعقد مؤتمر من هذا النوع، رغم استياء اسرائيل. ومع ذلك فقد كان الامريكيون، لاستياء روسيا، هم الذين قرروا تأجيل انعقاد مؤتمر دولي كهذا في نهاية السنة الماضية. محاولات مختلفة لاقناع الجامعة العربية للقاء مع اسرائيل، في آذار/مارس الماضي ولاحقا في أشهر الصيف، والبحث في جدول اعمال هذا المؤتمر والوصول الى توافقات بالاجماع، فشلت بسبب رفض العرب.
ويعتقدون في تل ابيب أن أحد معاني تأجيل القرار المناهض لاسرائيل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو أن العرب لن ينجحوا في الصدام مع اسرائيل في محفل دولي. كما أنهم يعتقدون هناك بأن القرار يعبر عن فهم أعمق من جانب الأسرة الدولية لمصالح اسرائيل الأمنية، على خلفية الهزة في الشرق الاوسط. ومع ذلك يعرفون في القدس جيدا أنه كلما سخنت الاتصالات بين ايران والولايات المتحدة فانه ستتزايد التوجهات لاسرائيل بشأن القدرات النووية المنسوبة لها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
يجب الاتفاق لحل المشكلة الذرية الايرانية
بقلم: يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
ما الذي أردناه بالضبط؟ هل أن يدرك العالم أن السلاح الذري في يد ايران خطير لا على اسرائيل فقط. هل أردنا أن يدرك العالم أنه رغم أن قادة ايران يُقسمون أغلظ الأيمان أن السلاح الذري يخالف الشريعة الاسلامية، وأن كل ما يبغون هو احراز قدرة ذرية لحاجات مدنية كانتاج الكهرباء، فانهم يقصدون في الحقيقة شيئا آخر؟
أردنا ايضا أن يدرك العالم أنه اذا تقرر العمل فانه يحسن العمل قبل أن يبلغ الايرانيون السلاح الذري لأن الهجوم على دولة ذرية أكثر خطرا. وأردنا أن يفرض العالم عقوبات مؤلمة جدا على ايران كي يبلغ تذمر المواطنين عنان السماء، ويعبر عن ذلك بطلب الى قادتهم أن يُحادثوا الغرب لضمان أن تكون المسافة بين قدرات بلدهم الذرية وانتاج السلاح الذري كبيرة بقدر كاف. إنه شيء يشبه ضربات مصر التي أفضت بفرعون الى ارسال آبائنا.
وما أردناه هو الذي يحدث ايضا. فقد أعلن زعيم العالم الحر على رؤوس الأشهاد أن الولايات المتحدة لن تُمكّن ايران من تطوير سلاح ذري. وزادت العقوبات على ايران قوة الى أن بلغ وضعها الاقتصادي شفا الهاوية.
وعبر الجمهور عن عدم رضاه عن القيادة الهاذية لمحمود احمدي نجاد، وفي اطار الوسائل الديمقراطية المحدودة جدا التي يملكها فضل المرشح الوحيد الذي يعتبر معتدلا نسبيا والذي يرغب في أن ينهي بطريقة سياسية المواجهة مع الغرب أي حسن روحاني.
يُذكرنا روحاني جدا برئيس ايراني سابق هو محمد خاتمي. بيد أن قوة روحاني في الحكم كما يبدو أكبر. فقد عين ناسا يعتبرون معتدلين نسبيا لمناصب رئيسة في حكومته، وحصل على المسؤولية عن ادارة التفاوض في الشأن الذري وهو يظهر في وسائل الاعلام العالمية من دون تهييج.
يبدو أن روحاني بلغ الى الحكم في طهران مع أجندة في أن ينقذ ايران قبل الانهيار بلحظة. وهو يريد أن يُحادث زعماء الغرب ويعرض محادثات أكثر جدية مما كان في الماضي في الجوانب المختلفة لتطوير قدرة بلده الذرية.
ما الذي يجب على قادة العالم الحر أن يفعلوه في هذه المرحلة؟ لا يحق لهم أن يقولوا لروحاني سمعنا بكم وبحسن ابتسامتكم ولا شك عندنا في أنك احمدي نجاد المتنكر. ولا يحق لهم أن يقولوا له برهن قبل ذلك على أنك معتدل وتجرد من كل ما عندك وتعال للتحادث آنذاك. فهم يعلمون أن ذلك لا يمكن أن يحدث. ولا يحق لهم ايضا الاكتفاء بانتظار استنفاد الحوار بين التقنيين. إن من يعتقد أن الزمان مثل شمعة تحترق وأن كل يوم يمر يُقرب ايران من السلاح الذري يجب أن يدرك أن محادثات في الصعيد الفني يمكن أن تستمر زمنا طويلا جدا اذا لم توجد من ورائها تفاهمات سياسية في أعلى صعيد سياسي.
قد تكون ظاهرة روحاني سرابا ويمكن دائما أن يُقال ‘ميونيخ’ و’تشامبرلن’ و’1938′؛ لكن كل من يقلقه قدرات ايران الذرية يجب أن يشجع اللقاء في المستوى الأعلى وأن يبذل جهدا كي يفضي ذلك الى مسار ناجع أفضل رقابة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أكثر العائلات في اسرائيل ترفض نقاش الموضوع
15 عربيا اسرائيليا على الأقل يحاربون في سورية.. والحركة الاسلامية في الداخل تتبرأ من المسؤولية عن ذلك
بقلم: جاكي خوري،عن هآرتس
كان مؤيد يختلف في السلوك. فقد بحث عن أن يكون أنشط واهتم دائما بما يحدث في الدول حولنا. وقد حاولوا عدة مرات أن يُقنعوه بترك ذلك لكنه أصر واستسلموا في العائلة لارادته’. قال هذا الكلام لصحيفة ‘هآرتس′ قريب لمؤيد زكي إغبارية من سكان قرية مشيرفة في وادي عارة، الذي قُتل في الاسبوع الماضي في معارك في سورية، بعد أن انضم الى صفوف المتمردين.
ولم يكن مؤيد وحده، فحسب تقديرات مختلفة خرج بين 15 20 شابا اسرائيليا عربيا أكثرهم من البلدات العربية في وسط البلاد للقتال في تلك الدولة، خاصة في صفوف العصابات المسلحة، التي هي أكثر ولاء لمنظمة جبهة النُصرة والقاعدة. فما الذي يدفع اولئك الشباب الى ترك العائلة وقطع مسافة حتى سورية للمشاركة في حرب دامية؟
اذا نظرنا من الجانب الاقليمي فان انضمام الشباب الى صفوف المتمردين ليس خطوة غير عادية. فالمتمردون أنفسهم مثل حكومات في الدول العربية والاوروبية ايضا يعترفون بأن آلافا من ذوي الجنسيات العربية أو الاوروبية جاؤوا في السنوات الاخيرة الى سورية، للمساعدة على قتال جيش النظام. وأصبحت هذه القضية ايضا مركزية في تقديرات القوى الكبرى والدول الغربية في مسألة إسقاط نظام الاسد، لأنه لا أحد يضمن أن تحل محل الجيش النظامي قوة مدربة من المواطنين، والخوف الأكبر هو أن تكون الهيمنة على الارض للعصابات المسلحة من القاعدة على اختلاف فروعها.
يرفض أكثر العائلات في اسرائيل بشدة التعاون، خشية أن يضر الكشف عن الامر بأبناء العائلة الاخرين أو يُعرض ابن العائلة في سورية للخطر. وليس من الممكن ايضا أن نحدد بدقة عددهم، لأن أكثرهم، وهم شباب في العشرينيات من أعمارهم خرجوا من البلاد بصورة قانونية الى تركيا في الأساس واختفت آثارهم هناك. ويمكن أن نقول بيقين من أحاديث أجرتها صحيفة ‘هآرتس′ مع عدد من أبناء العائلات ان اغلبية اولئك الشباب كانوا متدينين ورعين، وكان عدد منهم من التيار السلفي من جهة صورة اللباس والحياة اليومية.
وبدت شهادة واضحة على ذلك في صورة مؤيد إغبارية التي عُلقت في باحة بيت العائلة في مشيرفة، والى جانبها كتابة تناسب صورة علم الجهاد العالمي والقاعدة. وبيّن أبو بكر، وهو قريب لمؤيد، أن مؤيد لم يُخفِ حبه للجهاد ورأى أكثر من مرة أن قادة القاعدة ومنهم أسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي هم أناس يُقتدى بهم.
وأضاف قريب آخر هو ماجد فهمي أن نية إغبارية أن ينضم الى الجهاد العالمي لم تكن جديدة. ‘فقد ترك في 2006 البلاد الى الاردن وكان ينوي أن يجتاز الحدود الى العراق للانضمام الى المتمردين هناك. وقد سافر والهاتف معه، وبذلك نجح أبوه في الاتصال به وخرج على أثره فمنعه من الخروج وأعاده من الحدود العراقية. وقد غادر في هذه المرة بغتة من دون هاتف. ويبدو أنه أصر جدا على الانضمام الى تلك المنظمات ولم تُغير شيئا حقيقة أنه تزوج قبل سنة فقط’.
بحسب ما تعرفه العائلة غادر البلاد مع مؤيد قبل بضعة اسابيع ايضا شابان من أم الفحم كانا متدينين تقيين ايضا وشاركاه نفس التصور العقائدي، وعائلتاهما خائفتان على مصيرهما. إن صورة الوضع عند عائلة ياسين في مدينة طمرة في الجليل الغربي أقل توترا، لأن ابن العائلة محمد ياسين وهو في الخامسة والعشرين من عمره الذي خرج الى سورية ايضا، يحافظ على الاتصال بهم كما يقولون. ‘إنه يتصل مرة كل اسبوع أو اسبوعين احيانا، ولا يُكثر الحديث بل يقول لي فقط إنه على ما يرام’، قالت أمه وحيدة ياسين، ‘لا أعلم أين يوجد والى من انضم، آمل فقط ألا يُصاب’.
مكث ياسين في سجن مؤبد في السجن الاسرائيلي وهرب الى سورية عن طريق الجولان حينما كان في إجازة من السجن قبل نحو من نصف سنة. وساعده أخوه حاتم وصديق آخر على الوصول الى جدار الحدود، ودخل منه الى سورية وفُرضت على الأخ في الاسبوع الماضي 19 شهر سجن بسبب ذلك. وتقول الأم: ‘لم أعلم شيئا عن خططه. صاحبته في يوم الاجازة من باب السجن ولم أتخيل أبدا أن يفعل شيئا كهذا’.
وقدّر أحد معارفه أنه انضم الى جيش سورية الحر. ‘دين بالقتل حينما كان حدثاً وحُكم عليه بالسجن المؤبد. وقد قضى وراء القضبان سبع سنوات وبقي له عشر أو أقل بقليل. لا اؤمن بأنه هرب فقط للخروج من البلاد، بل أعتقد أنه كان عنده باعث ايديولوجي ايضا’، قال.
كان بين اولئك الذين خرجوا الى سورية ايضا من استقر رأيهم على العودة. ففي آذار/مارس من هذا العام اعتقلت قوات الامن في مطار بن غوريون حكمت مصاروة وهو شاب في التاسعة والعشرين من عمره من الطيبة، بعد أن هبط من الطائرة من تركيا. وجاء في لائحة اتهامه أنه تسلل الى سورية عن طريق الحدود مع تركيا عن مشايعة عقائدية وانضم الى صفوف المتمردين. ويُبين أبناء عائلته في مقابل ذلك أنه خرج الى سورية للبحث عن أخيه. وهناك شاب آخر ما زال معتقلا وما زالت محاكمته جارية وهو عبد القادر التلة، وهو من الطيبة ايضا درس الصيدلة في الاردن وخرج الى سورية عن طريق تركيا. وقال أحد أبناء عائلته إنه ‘خرج الى هناك لاسباب انسانية. لا أنكر أنه كان متدينا لكن الشيء الذي حثه هو الصور القاسية التي رآها في التلفاز، بل إنه أخذ معه أدوية’.
مكث عبد القادر في سورية بضعة ايام فقط واستقر رأيه بعد ذلك على العودة الى البلاد عن طريق تركيا واعتقل في مطار بن غوريون. ‘اطلع هناك على فظاعات، وأدرك كما يبدو أن الامر ليس نزهة ولا مغامرة’. ويخوض أبناء العائلة نضالا قانونيا للافراج عنه الى حجز منزلي، وبعد أن نالوا نجاحا في المحكمة اللوائية في اللد استأنفت النيابة العامة على القرار الى المحكمة العليا.
يقول أحد أقربائه إن عبد القادر كان محظوظا لأنه نجح في العودة، لأن اولئك الشباب الذين يأتون الى سورية بارادتهم الحرة يصعب عليهم أن يغادروا الدولة آخر الامر. ‘أدركنا متأخرين أنه بسبب مجيئه بصورة مستقلة وعدم انضمامه الى منظمة ما، نجح في العودة لكن في ما يتعلق بالآخرين الذين ينضمون الى العصابات المسلحة تكون صورة الوضع مختلفة بيقين: ففي اللحظة التي تحصل فيها على سلاح وتدخل التدريبات تغرق في ذلك حتى عنقك. وأقول لكل اولئك الذين يفكرون في الخروج الى هناك إنه ليس الحديث عن مغامرة وفيلم حركة، بل هي حرب، حرب دامية’.
إن الغموض الذي يلف الامور وعدم تعاون العائلات يمنعان الى الآن أي نقاش في المستوى العام في المجتمع العربي لهذه الظاهرة. فالاحزاب والحركات السياسية من جهة لا تكاد تتناول الامر رسميا، ويرفضون في الحركة الاسلامية، حيث الموقف الرسمي هو دعم المتمردين في سورية، كل محاولة للربط بينهم وبين اولئك الشباب. وقد ذكر نائب رئيس الحركة الاسلامية الشيخ كمال خطيب في مقابلة صحافية أجراها في نهاية الاسبوع الماضي لراديو الشمس في الناصرة، أنه لا يعرف ولم يسمع أي إمام في مساجد الحركة أو في كل مكان آخر دعا الى الانضمام الى المتمردين. ‘صحيح أننا نؤيد الثورة في سورية لكننا نؤمن بأن الشعب السوري يستطيع تحمل المسؤولية وحده. وعلينا نحن الفلسطينيين مسؤولية عما يجري هنا وقضايانا الساخنة هي على رأس الأجندة. فيجب علينا ألا نبحث عن صراعات وراء الحدود ولهذا فان كل من يربط بين هذه الظاهرة والحركة الاسلامية يبحث عن التحريض علينا فقط’.
ويوافق رجل حياة عامة من سكان وادي عارة مطلع على تفاصيل أمور عدد من الشباب، على أنه ليس الحديث عن ظاهرة واسعة توجب أن تتناولها الاحزاب ورجال الدين، لكنه يقول إنه ينبغي لزوم قدر كبير من الحذر. ‘إننا اليوم جزء من القرية العولمية والتعرض لايديولوجية القاعدة أو الجهاد العالمي يجب ألا يكون في هذا المسجد أو ذاك، بل يكفي متابعة مواقع الانترنت وعدد من قنوات الاقمار الفضائية لتكون في داخل ذلك. وهنا يأتي واجب الآباء وهو متابعة ما يجري في مرحلة مبكرة، ربما ليوجهوهم آنذاك الى رجال دين يُبينون لهم ويمنعونهم من الخروج، وإلا فان الامر سيباغت الجميع′.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ


رد مع اقتباس