المقالات في الصحف المحلية
|
![]()
المقالات في الصحف المحلية
|
«أمجاد يا عرب أمجاد»...!
بقلم: حديث القدس – القس
يا وطني الحزين سلاما ... من بلد المليون شهيد
بقلم: ابراهيم دعيبس – القدس
بعيداً عن حادثة الهباش .. رمضان .. والأقصى مجدداً
بقلم: راسم عبيدات – القدس
كيف نتدارك تفكك العرب وتقاتلهم؟
بقلم: باسم الجسر – القدس
نحو خطة فلسطينية منهجية لنيل حقوقنا المشروعة
بقلم: يوسف عبد الحق – القدس
التغيير يبدأ من هنا، من فلسطين
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
خلّينا تحت الاحتلال إلى ... ؟!
بقلم: حسن البطل – الايام
سايكس ـ بيكو .. و"محمد باشيك" مفجر الحرب العالمية الأولى!!
بقلم: هاني حبيب – الايام
التغيير يبدأ من هنا، من فلسطين
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
في غزة نحن مسؤولية مَن؟!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
حالات : تداعيات رحلة الصيف والشتاء
بقلم: عادل الأسطة – الايام
تغريدة الصباح – زيت مريم
بقلم: حنان باكير – الحياة
إسرائيل: هل تفضل "أوروبا اللاسامية" أم "أوروبا المتأسلمة"؟
بقلم: د. أسعد عبد الرحمن – الحياة
سؤال عالماشي - أبو مازن.. ثقافة الحرية والسلام
بقلم: موفق مطر – الحياة
«أمجاد يا عرب أمجاد»...!
بقلم: حديث القدس – القس
كنا نتحسر على الأندلس، ونتلوع على لواء الإسكندرون، ونذرف الدمع على فلسطين.. فأصبحنا اليوم نتفجع على المشرق العربي برمته.
«أمجاد يا عرب أمجاد».. أمة تجذف عكس تيار التاريخ، وتفقد أرضا إثر أرض، ووطنا إثر وطن.. لأن الشغل الشاغل لقلة من المتطرفين من أبنائها ادعاء كسب الجنة، على حساب خسارة الأرض، بقتال مذهبي عبثي.
هل جاء دور ندب العراق؟
وهل يعقل أن يتحول التطرف الإسلامي إلى عامل إحباط لأمجاد العرب وعزتهم - ناهيك عن التنكر لشعرائهم ومفكريهم؟
إذا كان الجهاديون التكفيريون لا يدركون أن العراق قطعة استراتيجية قيمة من أمة العرب، فهل من عذر لحكام بغداد المتمذهبين لتجاهلهم كون العراق، قوميا، حامي الحدود الشرقية لأمة العرب، واقتصاديا دولتهم الثانية المنتجة للنفط؟
ربما كان كاريكاتير نشرته صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية أكثر بلاغة من الكثير من المقالات في ملاحظته أن «سلاح الدمار الشامل» الذي فشلت القوات الأميركية في اكتشافه بعد احتلال العراق هو النزاع الشيعي - السني على السلطة.
إلا أن ما لم تذكره الصحيفة في هذا السياق كان دور الإدارة الأميركية في تحريك جمر نيران الفتنة الراقدة تحت الرماد، بدءا بقرارها المتسرع بحل الجيش العراقي عقب الاحتلال، ومرورا بسياسة «اجتثاث البعث» الفضفاضة، وأخيرا وليس آخرا بتغاضيها عن التدخل الإيراني المتزايد في شؤون العراق الداخلية، خصوصا في عهد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.
يوم طرحت إدارة الرئيس جورج بوش (الابن) شعارا دونكيشوتيا لحملتها العسكرية على العراق (إقامة نظام ديمقراطي عامل على أنقاض ديكتاتورية صدام حسين) لم يصدق أي عاقل دوافعه «الغيرية» الخالصة. لكن الكثيرين أيضا لم يتصوروا أن تغادر القوات الأميركية أرض العراق قبل أن تضمن قيام نظام سياسي يراعي - على الأقل - تعددية العراق الإثنية والمذهبية، فتعوض، ولو معنويا، فشلها في فرض الديمقراطية قسرا على نظامه.
رغم مخافة الإيحاء بالقبول بجدوى «دبلوماسية البوارج» التي مارستها إدارة بوش في العراق، فلا بد من ملاحظة أن الانسحاب الأميركي المبكر من العراق ترك ساحته السياسية مشرعة للصراعات المذهبية التي كانت واشنطن تعلم تماما بتنامي تياراتها التحتية. وعوض أن تستغل نفوذها كقوة احتلال لتشجيع تشكيل حكومات جامعة تعكس تعددية المجتمع العراقي وتعيد، قدر الإمكان، لحمة أبنائه ووحدة أراضيه، سهلت تسليم مقاليده لسياسي معروف بانحيازه المذهبي وتعاطفه مع طهران.. فكان أن أدى الانسحاب الأميركي المبكر إلى اختزال «تمثيل» العراق بنوري المالكي وسياساته الإقصائية حيال السنة، وبجهات وأحزاب شيعية معروفة بعلاقاتها مع نظام طهران.
واشنطن كانت على بينة من مساعي طهران الحثيثة لإحباط قيام أي نظام تعددي في بغداد ينعكس سلبا - وربما خطرا - على صورة نظامها المركزي، كما كانت على معرفة استخبارية كاملة بعمليات التغلغل الإيراني المتنامي في العراق (الأمر الذي أكده البنتاغون لاحقا باعترافه بمؤازرة «عدد قليل» من العناصر «الثورية الإيرانية» لحكومة المالكي في عملياتها العسكرية).
قد يصح اليوم التساؤل: هل كانت لإدارة الرئيس بوش سياسة ما حيال العراق تتعدى رغبته الشخصية في التخلص من صدام حسين (وهو لم يخفِ كرهه الشخصي عليه حين اتهمه بالتآمر على حياة والده)؟
مع ذلك لا يمكن التغاضي عن مسؤولية «غسل اليد» الأميركية المتسرعة من العراق عما يحدث اليوم فيه.
بمنظور مستقبلي، قد تستدعي تعقيدات الوضع في المنطقة إعادة تقييم أميركي رسمي لفشلها في إقامة ما طرحته الإدارة الجمهورية السابقة من «شرق أوسط جديد» والنمو الطفيلي «لشرق أوسط قديم» - كي لا نقول مذهبيا - على أنقاضه.
وإذا كانت اليوم ثمة مساعدة يمكن لواشنطن أن تقدمها للعراق - ولو متأخرة - فقد تكون بإحجامها عن «زيادة الطين بلة» بتدخل عسكري تكون حصيلته الميدانية المزيد من إراقة الدماء، والسياسية المزيد من الدعم للنفوذ الإيراني - علما بأن أي تدخل أميركي مباشر لن تقتصر تداعياته على العراق فحسب، بل ستتجاوزه إلى كل بقاع المشرق العربي، بحكم ترابط الخلفيات السياسية والمذهبية لاضطراباته الأمنية.
يا وطني الحزين سلاما ... من بلد المليون شهيد
بقلم: ابراهيم دعيبس – القدس
وطني العزيز الصغير فلسطين ينهشه الاحتلال بقسوة وبدون مراعاة لاي قانون او حقوق او اخلاق. القدس تضيع يوميا ان لم تكن قد ضاعت فعلا .. مؤسساتها في حالة انهيار شبه كامل .. والتهويد لا يرحم بين استيطان وحدائق «قومية» ومجمع «الهيكل التوراتي» واقتحامات لا تتوقف ... وكل شبر فلسطيني هو موقع مستباح تقتحمه قوات الاحتلال ليل نهار ... بلا حسيب ولا رقيب.
والقيادة في وطني الصغير تعيش بين اربعة جدران وهي في واد والناس في واد .. والمصالحة في وطني الصغير امنية تبدو غير قابلة للتحقيق .. وكلما حسبناها اقتربت نراها تبتعد ..
وفي وطني العربي الكبير .. تبدو الصورة قاتمة ومخجلة .
العرب يذبحون العرب .. وبلاد العرب اوطاني صارت مدعاة لاحزاني ... انتعشت القبلية والطائفية وساد الانقسام في كل مكان. صارت الدولة دولا وصار الشعب شيعا .. وصار الحرام حلالا .. وصار القتل انتصارا .. وصار التفجير في دور العبادة بطولة .. وصار تفجير الاسواق الشعبية حيث الناس البسطاء الباحثين عن لقمة عيش هدفا كبيرا .. وصار القتل على الهوية حلالا وصار جمع المدنيين في صفوف طويلة وقتلهم واحدا واحدا وسط صيحات النصر .. انتصارا .. وصار التخلف والعودة الى الوراء تقدما .. وهكذا بلا نهاية.
صارت المتاجرة بالشعارات الدينية وسيلة مريحة للمتاجرين مع انها ضد الدين ومفاهيمه الحقيقية الانسانية والاخلاقية...بدأ بعضهم يأخذ من الدين ما يريد وما يراه ويفسره...وكان هؤلاء اكبر المسيئين للدين باسم الشعارات الدينية...والدين منهم براء.
صار الانتساب الى العروبة مسخرة .. وصار العربي مدعاة للشك .. ولم يعد احد يفتخر بانتسابه لهذه الامة المجيدة صاحبة التاريخ والحضارة .. لم تعد القومية انتسابا مشرفا .. ولم تعد العروبة سوى وهم واحلام يقظة.
واعود الى الوراء قليلا ... يوم كنا طلاب مدارس .. وكانت ايام عبد الناصر .. المجيدة .،، وكانت ثورة المليون شهيد في الجزائر. كان خطاب لعبد الناصر يوحد الامة من المحيط الى الخليج. وكانت اصغر حادثة في ابعد بلد عربي تثير المشاعر كلها. كنا نتبرع بالقروش القليلة التي نحصل عليها كمصروف، لثورة الجزائر دون ضغط ودون شعور بالاحباط .. وانما بسرور وسعادة ومبادرة ذاتية.
ثم جاءت هزيمة حزيران...والانتكاسة القومية الكبيرة وجاءت بعدها ثورة الخميني الدينية في ايران...ثم الحرب الاميركية على عراق صدام حسين...واكتملت الصورة وتراجعت الى حد الاختفاء تقريباً فكرة القومية العربية...وجاء البديل المدمر وهو الاسلام السياسي والخلط العشوائي بين الدين والسياسة...حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم..وامتلأت الساحات بالمسميات والافكار والفتاوى...كما نرى في العراق وسوريا واليمن وليبيا اليوم...وكما رأينا في الصومال والسودان سابقاً...وكما هي مرشحة لذلك مصر والاردن ودول خليج اخرى.
وصل الاحباط بالمواطن العربي الصادق الطيب والمخلص الامين، حداً لا يوصف...واحسن بالابواب كلها مغلقة امامه...ووصل به الامر حد اليأس من الاصلاح وامكانيات التغيير...لان الامور تسير من سيء الى اسوأ...ومن واقع مؤلم الى مستقبل اشد ايلاماً.
وفجأة حدث شيء ما. كان حدثاً بسيطاً ولا قيمة حقيقية له..الا ان تأثيره المعنوي كان كبيراً...لقد تأهلت الجزائر بلد المليون شهيد..في مونديال البرازيل...واسعد الحدث الفلسطينيين والعرب عموماً وشاركوا الجزائر فرحتها..وقد ردت الجزائر بالمثل واهدت فوزها الى فلسطين...وعاد الاحساس ولو قليلاً بالقومية والعروبة. وقف العرب جميعاً، وما يزالون مع الجزائر لانها عربية اساساً...وملأت الفرحة قلوبهم بالفوز...تماماً كما حدث في الجزائر نفسها.وهذا فوز مؤقت لان هذا البلد العربي قد يخسر في المباريات القادمة ويغادر البرازيل عائداً الى بلاده..وحتى ولو لم يحدث هذا وافترضنا جدلاً ان بلد المليون شهيد حصلت على بطولة العالم كله...فإن مثل هذه النتيجة المشرفة لن تغير كثيراً من واقع الحال العربي...لكن النقطة الاساسية والاهم هي ان القومية العربية قد تلقت ابرة انعاش بفوز الجزائر وعادت الفكرة الى عقول الناس العرب بأننا شعب واحد ومصير واحد في النهاية...وان ما نراه اليوم من انحطاط سياسي لم يقتل مبدأ العروبة والاحساس القومي...وان هذا المبدأ وهذا الشعور وهذا الانتماء هي احاسيس لم تزل حية في عقول وضمائر العرب... وبحاجة الى قيادة تقودها وثورة حقيقية توقظها.
القومية العربية قد تلقت ابرة انعاش بفوز الجزائر وعادت الفكرة الى عقول الناس العرب بأننا شعب واحد ومصير واحد في النهاية...وان ما نراه اليوم من انحطاط سياسي لم يقتل مبدأ العروبة والاحساس القومي...وان هذا المبدأ وهذا الشعور وهذا الانتماء هي احاسيس لم تزل حية في عقول وضمائر العرب... وبحاجة الى قيادة تقودها وثورة حقيقية توقظها.
بعيداً عن حادثة الهباش .. رمضان .. والأقصى مجدداً
بقلم: راسم عبيدات – القدس
أنا اتفهم حالة الإحتقان الشعبي عند الكثير من أبناء شعبنا الفلسطيني وبالذات اهل القدس منهم، كردات فعل وحالة إحباط ازاء تصريحات وبيانات وخطابات ومقابلات العديد من قادة السلطة الفلسطينية، والتي تتعارض مع اغلب مكونات الشعب الفلسطيني، والتي لا تكون معبرة عن هموم وتطلعات شعبنا، او يشتم منها الإنتقاص والتفريط بحقوقنا، او أنها تطلق في الزمان والتوقيت الخاطئين، ففي ذروة العدوان على شعبنا بإستباحة بشره وحجره وشجره وحيواناته، من غير المعقول اطلاق تصريحات وبيانات وخطابات عن قدسية التنسيق الأمني او ان يصبح جل اهتمامها وتركيزها البحث عن ثلاثة مستوطنين إختفت آثارهم، ماسورين إفتراضياً حتى اللحظة لدى حركة حماس او غيرها من فصائل المقاومة، في وقت يختطف فيه الإحتلال شعباً بأكمله.
والهباش واحد من الشخصيات التي لا تشكل عنوان توافق حيث يشعر الكثيرون بأن تصريحاته تاتي في إطار التبرير وإيجاد الذرائع للسلطة في كل ما تقوله أو تنشره فيما يخص قضيتنا وحقوق شعبنا، ورغم إختلافي بالمنطق والموقف السياسي والرؤيا والمنهج والفكر مع الهباش، ولكن ما حدث أمس الاول في المسجد الأقصى من محاصرة العديد من الشباب المقدسي الغاضب له، ومطالبته بالخروج من المسجد الأقصى لكونه غير مرغوب فيه، فهذا ما اود التطرق له كون العملية تكررت في المسجد الأقصى أكثر من مرة، وكادت ان تصل بالأمور الى مستوى الفتنة الشاملة، والتي تاكل الاخضر واليابس. علينا ان نتفق ونتوافق جميعاً بأن المسجد الأقصى، هو مكان ديني مقدس حصرياً للمسلمين دون غيرهم، يقصده المسلمون على اختلاف مشاربهم ومنابتهم الفكرية والسياسية من اجل الصلاة والعبادة وتادية الشعائر الدينية،وطلب المغفرة والرحمة، ونيل الأجر والثواب، ولا احد يمتلك الحق في تكفير او تخوين أحد،او منع من يأتي للمسجد الأقصىى طلبا للمغفرة والأجر والثواب أو التوبة او التكفير عن ذنب او معصية إرتكبها، مع إدراكنا بانه قد يأتي الى المسجد الأقصى في شهر رمضان الفضيل وغيره من الأشهر من هو مطعون بوطنيته او مسلكه او تصرفاته، وهذا علينا ان ننبه ونحذر المصلين والقادمين الى المسجد منه، بأن قصده او قدومه قد يكون لغاية او سبب غير طلب الرحمة والمغفرة، او لربما يريد التوبة والمغفرة حقاً.
اما من كان معروفاً للمصلين بأنه يقف في خانة معادية لأبناء شعبه ويريد الإساءة والشر بهم، فواجب الجميع ان يقف ضده وليس هذه الفئة او تلك. وفي سياق آخر على ضوء ما نعيشه من حالة خلاف وإنقسام سياسي، فمن الضروري ان لا تعكس تلك الحالة نفسها على المسجد الأقصى، فهو مكان للعبادة وتادية شعائر وفروض دينية والتقرب الى الله، لا يمتلك فيها اي طرف ان يكفر او يخون طرفاً او فئة اخرى، او ان يفرض رؤيته ومنطقه ووجهة نظره السياسية او رؤيته الفكرية على مجموع المصلين، أو ان يقوم برفع صور ويافطات سياسية من شانها ان تحدث حالة بلبلة وفراق وخصام، وقد تدفع بالأمور نحو الفتنة والإقتتال الداخلي، وتحول المسجد الأقصى الى ساحة للمزايدات ورفع الصور والشعارات واليافطات السياسية، على حساب قدسيته كمكان ديني.
وقد حدث في اكثر من حادثة أن وصلت الأمور حد التشابك والعراك بالأيدي والتطاول اللفظي، وكادت الأمور ان تخرج عن السيطرة، ففي ذروة ما حصل من خلاف على الساحة المصرية، العام الماضي بعد أن أسقط المصريون حكم مرسي والإخوان، وبغض النظر نتفق او نختلف مع ذلك، وجدنا بأن البعض كان يريد نقل هذا الخلاف الى المسجد الأقصى من خلال رفع شعارات سياسية وصور الرئيس المخلوع مرسي،وهذا بحد ذاته ساهم بدفع الأمور نحو الإحتقان، وكادت الأمور ان تخرج عن السيطرة لولا تدخل العقلاء.
وكذلك هناك من يستغلون المسجد الأقصى دائماً لرفع يافطات وإطلاق شعارات تقدح وتذم وتكفر وحتى تخون الآخرين، وهنا من واجب إدارة الأوقاف ان توضح للجميع في إطار صلاحياتها ومسؤولياتها، بأنه المطلوب الحفاظ على قدسية هذا المكان، كمكان لممارسة الشعائر الدينية.
ولذلك وبعيداً عن حادثة الهباش، فانني ارى بأنه لا يجوز ولا يحق لأي كان ،ان يقوم بممارسات او افعال، قد يكون ضررها واثرها السلبي اكثر من فائدتها وقد تترك إنعكاسات كبيرة وخطيرة، ليس على المصلين او المتخاصمين، بل قد تكون النافذة التي يستغلها الإحتلال لتنفيذ مخططاته بالسيطرة على المسجد الأقصى لجهة التقسيم الزماني والمكاني، او لجهة الهدم وإقامة الهيكل المزعوم.
الجميع عليه ان يدرك ويتنبه بان الأقصى في خطر جدي، وهو بحاجة ماسة جداً الى وحدتنا وتكاتفنا، من اجل حمايته والدفاع عنه، فكل يوم أصبح يجري إقتحامه من قبل المجموعات والجمعيات الإستيطانية، وليس بشكل فردي، بل وبشكل جماعي، ويتقدمهم اعضاء برلمان"كنيست" ووزراء وحاخامات وغيرهم، يدخلون تحت حماية وحراسة الشرطة والجيش، يدنسون المسجد الأقصى ويؤدون طقوس وشعائر تلمودية وتوراتية في ساحاته، واكثر من ذلك ممارسة أفعال فاضحة،مخلة بالاداب والأخلاق، ووصل الأمر أن يصعد الحاخام المتطرف "يهودا غيلك" الى قبة الصخرة المشرفة ويرفع العلم الاسرائيلي، ويلوح به، وأصبحت الدعوات لهدم المسجد الأقصى علنية، والتقسيم الزماني نجده قائم على الأرض، ولذلك علينا جميعاً ان نحكم العقل وبعد النظر والبصر والبصيرة، وان لا نفقد اتجاه البوصلة، وكذلك ان لا نحرف معركتنا الأساسية من معركة الدفاع عن قدسية المسجد الأقصى وإسلاميته الى معركة داخلية تستنزف جهودنا وتعمق شرخ الإنقسام في صفوفنا.
الإحتلال يتربص بنا جميعاً، وعلينا ان نتمثل ونعتبر من تصريحات قادة دولة اسرائيل، بانه لو قدم الجانب الفلسطيني مزيداً من التنازلات، فالإستيطان لن ولن يتوقف، وكذلك سمعنا الكثير من التصريحات الإسرائيلية بحق رئيس السلطة الفلسطينية،عندما توجه الى الشروع في تحقيق المصالحة وحكومة "الوفاق" الوطني، فمنهم امثال بينت وليبرمان من دعا الى قتله او طرده. هم لا يريدون ان يقدموا أية تنازلات جدية من اجل السلام، لا بالمفاوضات ولا من خلال الأمم المتحدة، ولذلك نحن بحاجة لمراجعة جدية شاملة لكل المسار السياسي السابق، وبحاجة الى وحدة وطنية حقيقية، ليس مجرد شعارات و"فذلكات إعلامية" الأقصى يجب ان يجمعنا ويوحدنا لا ان يفرقنا، وحتى شعورنا نحن المقدسيين بالظلم والغبن من أبناء جلدتنا، يجب ان لا يفقدنا تجاه البوصلة ابداً، فالعنوان الأول والأخير والمسؤول عن تدميرنا، والمستهدف لنا ولأقصانا ومقدساتنا وأرضنا وشعبنا هو الإحتلال.
كيف نتدارك تفكك العرب وتقاتلهم؟
بقلم: باسم الجسر – القدس
الحديث عن تقسيم العراق وإعادة رسم خريطة الشرق الأدنى التي وضعتها اتفاقية سايكس - بيكو عام 1917. وتفكيكه إلى دويلات طائفية ومذهبية صغيرة، يطغى، اليوم، على كل حديث آخر، مع حديث مرادف عن «الحرب على الإرهاب» وتعديل في بعض التسميات، من «القاعدة» إلى «داعش». مع العلم بأن هذه العناوين الجديدة للصراعات التي تمزق المنطقة ليست سوى عناوين صغيرة آنية وثانوية، مقارنة بعناوين الصراعات الحقيقية والعميقة والأخطر، ونعني الصراع المذهبي الذي حركته إيران في أكثر من بلد عربي، والصراع الإسرائيلي - العربي الذي بات يقسم الصفوف العربية أكثر مما يوحدها، والتنافس الدولي بين الشرق والغرب الذي لم تتقلص تداعياته في الشرق الأوسط رغم انتهاء الحرب الباردة.
كان القلق الدولي على الدول العربية التي عصف الربيع العربي بأنظمتها، قد تركز منذ سنتين على الصراع الناشب في سوريا.
ونجحت موسكو - وإيران - في تعطيل المحاولات الأممية والأميركية الأوروبية لحسم المعركة سياسيا أو عسكريا. كما نجح النظام السوري في تخويف الغرب والعالم وبالتالي تجميد الدعم الدولي للثوار والمعارضين، بإبرازه للدور العسكري الكبير للفصائل الإسلاموية المقاتلة - ولا سيما {داعش} و{النصرة} وغيرهما.. - ولما ينتظر الشعب السوري - والعالم - من مصير في حال سقوط النظام السوري على يدها، إلى أن وصل الأمر إلى نوع من شبه حياد دولي إزاء ما يجري في سوريا، وإلى انتقال ميدان الصراعات إلى العراق.
لقد فوجئ العالم بعجز الجيش العراقي البالغ عدد أفراده مئات الألوف والمسلح بالدبابات والطائرات والصواريخ عن صد هجوم بضعة آلاف من مقاتلي تنظيم إسلاموي جهادي واحتلالهم لقسم كبير من المناطق العراقية ذات الأكثرية السنية. كما فوجئ العالم بخروج الحكومة العراقية عن صفتها الوطنية المركزية ودعوة رئيسها لتسليح ميليشيات مذهبية لمقاتلة الثوار الجدد. وهو يعرف جيدا، كما الجميع، بأن تحويل الصدام بين القوى الحزبية السياسية إنما يؤدي إلى حرب طائفية متداخلة مع الصراعات الدولية وبالتالي إلى تقسيم العراق أو تفكيكه، أو إلى حرب أهلية مستدامة على غرار ما يجري في سوريا.
ثمة أبعاد أخرى وأخطر ربما من انتقال الحرب الأهلية من سوريا إلى العراق، ألا وهي:
1 - انفصال الشمال العربي أي العراق وسوريا - عن جنوبه، أي مصر والسعودية.
2 - تقدم هموم الصراع بين الأنظمة العربية الحاكمة والجماعات الإسلاموية، على هموم الصراع العربي - الإسرائيلي.
3 - تراجع الدور القومي والسياسي العربي أمام أدوار إيران وتركيا وإسرائيل في الشرق الأوسط.
ثمة أسئلة كبيرة أخرى تفرض نفسها أمام هذا المشهد المفجع والمتفاقم:
1 - هل سيساعد حل الصراع في العراق على حلحلة أو حل الصراع في سوريا.. أم سيغذيه ويضاعفه ويدفع بالبلدين العربيين إلى التفكك والخروج من الرابطة القومية العربية؟
2 - هل من مصلحة الدول الكبرى التدخل لإطفاء هذه الحرائق العربية أم تركها تتمادى أم عدم التدخل فيها؟
3 - هل فقد الأمل نهائيا من قدرة الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي على العثور على حل سياسي عملي لهذه النزاعات؟
في نظر البعض ليس هناك سوى نافذة واحدة أمام أي دور عربي - إسلامي في خنق هذا البركان الذي يهدد العرب والمسلمين بنيرانه ألا وهو قيام جبهة نواتها مصر والسعودية والدول الخليجية والمغرب والأردن، تلقي بوزنها في الصراع بالتعاون - إذا لزم الأمر، مع الدول الكبرى.
وأيا كان المدخل إلى الحل فإنه يبدأ بوقف القتال وليس بمد الأنظمة والثوار بالسلاح وبالمال. كما يمر بقيام حكومة وفاق وطني انتقالية في سوريا والعراق وبوضع ميثاق قومي عربي جديد.
ولم لا. إنشاء قوات سلام عربية للتدخل في النزاعات المسلحة العربية - العربية أو الحؤول دون تفاقمها.
وأهم من ذلك كله ربما هو اقتناع الجماهير العربية بأن معالجة محنة العرب والمسلمين إنما تمر بالديمقراطية والتنمية وبالتضامن القومي، وبالانفتاح على العالم والعصر وليس ببعث نزاعات مذهبية عمرها ألف وأربعمائة عام.
لقد كلفت حربا العراق وأفغانستان الخزينة الأميركية 4 تريليونات دولار أي أربعة آلاف مليار.
أما ما أنفقت بعض الدول العربية على التسلح (لمواجهة إسرائيل مبدئيا وهدرت فعليا في حروبها الداخلية في الأربعين سنة الأخيرة) فيفوق هذا الرقم. ولو أنفقت هذه التريليونات على مشاريع التنمية الاقتصادية والبشرية لكانت كل الدول العربية - لا بعضها - في الصفوف الأولى من الدول المزدهرة والمتقدمة والراقية، ولما كانت الدماء تسيل في دمشق وبغداد، ولما كانت الأمة العربية تتمزق وتتفكك، ولما كان أبناؤها يقاتلون بعضهم البعض كما يفعلون اليوم!
نحو خطة فلسطينية منهجية لنيل حقوقنا المشروعة
بقلم: يوسف عبد الحق – القدس
منذ يوم الجمعة 6/13 اندفع الجانب الاسرائيلي في حملة ضد الفلسطينيين في عمليته المسماة " عودة الاخوة" في اشارة الى ثلاثة مستوطنين فقدت آثارهم منذ ليلة الجمعة المذكورة، والحقيقة أن هذه العمليات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين لم تتوقف منذ عام 67 حيث نتج عنها منذ بداية عام 2014 وحتى بداية هذه العملية استشهاد 26 فلسطينيا منهم 5 أطفال إضافة الى استشهاد 5 فلسطينيين منذ بدء هذه الحملة من بينهم طفل فلسطيني.
في فهم الاقتصاد السياسي لهذه العملية على الشعب الفلسطيني في الضفة يتضح أن الوضع له احتمالان، أولهما أن الجانب الاسرائيلي قد يجد مفقوديه خلال فترة قصيرة لا تتجاوز اسبوعا من الآن وفي هذه الحالة سيعود الجانب الاسرائيلي الى مساره المعروف في استمرار استهدافه للشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال وان كان بشكل اشد ولكن دون ان يغير جذريا في قواعد اللعبة، وهو وضع يعني تسارع النهم الاستيطاني بشكل يؤدي الى القضاء نهائيا على حل الدولتين.
وفي المقابل نجد الاحتمال الثاني ومفاده ان يعجز الجانب الاسرائيلي عن الوصول الى مستوطنيه المفقودين لمدة طويلة قد تصل اشهرا او سنوات، وهو ما سيدفعه الى تصعيد عمليات استهدافه للفلسطينيين بشكل غير مسبوق تطال كل جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والامنية للشعب الفلسطيني خاصة مع حلول شهر رمضان الكريم. وإذا أضيف ذلك الى ما كان عليه الوضع قبل هذه العملية من تنكر اسرائيلي لكل الحقوق المشروعة للفلسطينيين ونهمه الاستيطاني، يصبح لزاما على القيادة أن تفكر مليا في منهجية جديدة وجذرية للتعامل مع هذا الوضع وهو أمر كان قد جاء استحقاقه منذ مدة طويلة ولكن فقدان المستوطنين الثلاثة كشف المراوغة والتعنت الاسرائيليين.
وبنظرة استشرافية يمكن للمرء في ضوء التجارب السابقة مع الجانب الاسرائيلي أن يتوقع بداية استخدام اسرائيل لسياسة الحصار المالي للسلطة وللشعب معا لإجبار الفلسطينيين على الرضوخ للسياسة الاسرائيلية.
وقد يلجأ الجانب الاسرائيلي الى وضع سقف للودائع المصرفية الأمر الذي سيؤدي الى تقليص القدرة الفلسطينية على الاستيراد الذي يشكل معظم السلع الاستهلاكية مما يدفع بأسعارها الى الارتفاع بشكل سريع ناهيك عما ينتج عن ذلك من اختلال جسيم في الثقة الاقتصادية في البلاد مما يدفع الاقتصاد الفلسطيني الى التدهور بشكل سريع. وربما في مرحلة ما يقلص الجانب الاسرائيلي تزويد الفلسطينيين بالكهرباء ويعمل على منع العمالة الفلسطينية في الاقتصاد الاسرائيلي، وكذلك عرقلة حركة الصادرات الفلسطينية وخنق الحركة الاقتصادية الداخلية من خلال عزل المدن والقرى الفلسطينية بعضها عن بعض، وفي نفس الوقت يطلق العنان للتوسع الاستيطاني في كل الأرض الفلسطينية وفي مقدمتها القدس بل ويمكن أن يقدم على ضم معظم أراضي المنطقة المصنفة «ج» البالغة مع طرقها الالتفافية حوالي 70% من مساحة الضفة.
إن احتمالية حصول كل ما سبق رغم خطورته أمر وارد بصرف النظر عن اي اختلاف حول حجمه ونوعه وتوقيته، وهو ما يحتم علينا اليوم وقبل الغد اعتماد خطة منهجية جذرية تمكن الشعب الفلسطيني من الصمود على طريق تحصيل حقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير والدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود حزيران 67 وعاصمتها القدس..
من أجل ذلك لا بد من عقد اجتماع للقيادة الفلسطينية بجميع أطيافها مع مجموعة من المفكرين في مختلف التخصصات ممن يشهد لهم بالكفاءة والصدقية الوطنية بحيث يكون جدول اعماله مراجعة شامله للمسيرة الوطنية على قاعدة برنامج الاجماع الوطني في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس، ووضع خطة عمل للنضال السياسي ترتكز على وقف المفاوضات، وإعادة ملف القضية الفلسطينية برمته الى الأمم المتحدة على اساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وفي نفس الوقت التوقيع على جميع المعاهدات الدولية وفي مقدمتها معاهدة محكمة الجنايات الدولية.
كذلك وضع خطة عمل للنضال الوطني ترتكز على المقاومة في اطار قيادة وطنية موحدة جماعية تتولى فن ادارة المقاومة المتنوعة وفق معادلة ملائمة، ووضع منهجية اقتصادية اجتماعية تقوم أساسا على التشاركية في الانتاج بين القطاع الحكومي وقطاع صغار المنتجين ومتوسطيهم وإعادة بناء اطر منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية على قواعد الديمقراطية والتعددية وحرية الدين والاعتقاد والتفكير والتعبير من خلال عقد انتخابات ديمقراطية حرة مباشرة للمجلس الوطني والمجلس التشريعي والرئاسة على اساس التمثيل النسبي الكامل بما يكفل تمثيل جميع الأطياف السياسية الفلسطينية الفاعلة.
لقد بات الجميع ملزما بأن يتحمل مسؤولياته التاريخية قبل أن يصل الوضع الى مرحلة نندم فيها حيث لا ينفع الندم.
التغيير يبدأ من هنا، من فلسطين
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
ليست تصريحات وزير التعليم يشاي بيرون، حول إسرائيل الكاملة مع نابلس والخليل، وليست وسائل الضم وأدوات التوسع وعمليات التهويد والأسرلة للقدس وللغور وقلب الضفة الفلسطينية، مجرد تهويشات انتخابية مقطوعة الصلة بما قبلها، وما بعدها، فالمشروع الاستعماري التوسعي الصهيوني اليهودي الإسرائيلي، يسير وفق خطة التدرج والمراحل لتنفيذ كامل برنامجه، على كامل أرض فلسطين، وهو السائد والقوي والمتمكن.
لقد انطلقت حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية وشباب الثأر في ظل الفقر والتشرد الفلسطيني، بل ورداً عليه، وفي ظل العداء الرسمي العربي للهوية الفلسطينية، وضد أي فعل تنظيمي فلسطيني، ومع ذلك وقف الفلسطينيون على أرجلهم وانتزعوا هويتهم، والاعتراف بحق التمثيل المستقل لهم، وفرضوا حضورهم ومنظمتهم وقيادتهم الموحدة، والإقرار بوجودهم، كشعب وتمثيل مستقل وحقوق، من العرب بقرار قمتي الجزائر والرباط، ومن العدو الإسرائيلي ومعهم الأميركيون باتفاق أوسلو، ومن المجتمع الدولي بقرار الجمعية العامة بقبول فلسطين دولة مراقباً.
إذن الخطوة الأولى تبدأ من الفلسطيني نفسه، وهو صاحب الفعل، والحق، وصاحب المبادرة التي لن تأتي من أحد، لا من الشقيق ولا من الصديق، وأي ضعف في الأداء، وفي التحصيل، وفي تظهير المشهد يعود إلى قرار الفلسطيني نفسه، إلى ضعفه، أو إلى صلابة موقفه، إلى رضوخه للواقع القائم، أو إلى عناده ضده على طريق تغييره.
واليوم الحضور الفلسطيني، أقوى مما كان عليه أيام الشهداء أبو عمار وأبو جهاد وأبو إياد حينما بادروا للتكوين، ووضع أرجلهم على طريق النضال في الخمسينيات وبداية الستينيات، وكانت الأحزاب الخمسة الإخوان المسلمون، وحركة القوميين العرب، والبعثيون، والشيوعيون، وحزب التحرير الإسلامي أقوى منهم في ذلك الوقت الصعب، حينما قاموا بحركتهم ومبادرتهم والخطوات الأولى نحو ثورتهم، ونجح أبو عمار ورفاقه، وأخفق هؤلاء في برنامجهم الفلسطيني ضد العدو الواحد، بينما حقق الفلسطيني إنجازات ملموسة بفعل نضاله متعدد الأشكال والوسائل والمواقع، وفي المرحلتين:
الأولى من خارج الوطن، بقيادة فصائل منظمة التحرير، منذ معركة الكرامة آذار 1968 وانتهاء بالاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان وحصار بيروت، وقد حقق الفلسطيني خلالها، استعادة الهوية، والتمثيل المستقل، والحضور الدولي.
والثانية : خلال مرحلتي 1- الانتفاضة الأولى عام 1987، وحصيلتها اتفاق أوسلو والإقرار الإسرائيلي بالعناوين الثلاثة بالشعب وبالمنظمة وبالحقوق، وبالانسحاب التدريجي متعدد المراحل، من المدن، وعودة ثلاثمائة الف فلسطيني إلى الوطن، و2- الانتفاضة المسلحة عام 2000 والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وإزالة قواعد جيش الاحتلال، وفكفكة المستوطنات.
الانقلاب والانقسام وغياب الوحدة، تركت بصمات قوية على سائر المشهد الفلسطيني، وعلى الرغم من الانتصارات السياسية والمكاسب القانونية التي حققها الشعب الفلسطيني، في ظل الانقسام ممثلة بقبول المجلس الوطني الفلسطيني عضواً عاملاً كامل العضوية في الاتحاد البرلماني الدولي، وعضوية فلسطين لدى اليونسكو في 31/10/2011، وعضوية فلسطين دولة مراقبا لدى الأمم المتحدة في 29/11/2012، إلا أن الانقسام ترك بصماته القوية في إبقاء الوضع الفلسطيني برمته ضعيفاً ممزقاً يفتقد للمبادرة الكفاحية على الأرض، في مواجهة الاحتلال، ومشاريعه التوسعية، في التهويد والأسرلة للقدس وللغور، وتوسيع الاستيطان في الضفة الفلسطينية.
التقييم الفلسطيني، للأحداث والوقائع، والتدقيق في معطيات المشهد الفلسطيني الإسرائيلي، يجب أن يقوى ويكبر، لا أن يبقى الفلسطيني خداً يستقبل اللطم والصفعات، فأداة التقييم، ووضع التصورات، ونحت البرامج العملية الواقعية المستندة لرؤية البرنامج الوطني الديمقراطي الفلسطيني، في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي العنصري الإسرائيلي، ضرورة، وأداة، ووسيلة لتحقيق الهدف.
لقد مزقت إسرائيل، خارطة فلسطين، أمنياً وجغرافياً وسكانياً، بين مناطق 48 المفصولة عن مناطق 67، والقطاع مقطوع عن الضفة، والضفة لا صلة لها بما يجري في القدس، والقدس يتم تهويدها وأسرلتها بقوة ويومياً، والضفة يتم تقطيع صلاتها ومنع التحرك على أرضها بالحواجز، فماذا نحن فاعلون؟؟
كيف يمكن وضع البرامج الموحدة ما بين 48 وبين 67، لنصف الشعب الفلسطيني داخل الوطن، مع نصفه الآخر خارج الوطن، للفلسطينيين وعلى الفلسطينيين تقسيمات، ولكن معاناتهم واحدة وسببها واحد هو المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي يحتل أرضهم، ويصادر حقوقهم، وينتهك كرامتهم، ولذلك يجب أن يصب عملهم في مجرى واحد وعلى أساس كلمتين تختصر كل الهدف هما : العودة والاستقلال، 1- العودة للاجئين والنازحين واستعادة ممتلكاتهم في اللد ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع وفق القرار 194، 2- الحرية والاستقلال للمقيمين وفق القرار 181، نصف الشعب اللاجئ يتطلع إلى العودة واستعادة ممتلكاته المنهوبة المسروقة، ونصف الشعب الذي بقي على أرض الوطن يتطلع للتخلص من العنصرية في مناطق 48، والاحتلال العسكري في مناطق 67 .
ولهذا على الشعب العربي الفلسطيني أن يعمل لوضع الإسرائيلي أمام خيار واحد من اثنين، إما تقاسم الأرض بالدولتين وفق قرار التقسيم 181، أو تقاسم السلطة في دولة واحدة على كامل أرض فلسطين، دولة ديمقراطية، ثنائية القومية متعددة الديانات، تحتكم لنتائج صناديق الاقتراع من الشعبين وللشعبين، ولا طريق ثالثا سوى مواصلة المعاناة والدم والقتل والتصادم، وهو طريق تم اختباره خلال السنين الماضية، وفشل.
خلّينا تحت الاحتلال إلى ... ؟!
بقلم: حسن البطل – الايام
تتمة العنوان الناشز هي: كم سنة بالطبع، ربما إلى مئوية وعد بلفور 1917 (ثلاث سنوات أخرى تضاف إلى صراع المائة عام؟). ربما حتى نرى هل أن الموجة الإسلامية هي "حبل وهمي" خارج رحم العروبة. ربما حتى تعود "الركيزة" المصرية سارية للعروبة. ربما حتى نرى كيف تجتاز الدولة القطرية في المشرق العربي امتحان خارطة سايكس ـ بيكو. .. وفي الأساس، إلى أن ينضج الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية على خياره المصيري للكيانية الوطنية، وينضج الشعب الإسرائيلي أيضاً في خياره المصيري. لماذا؟ الاتجاه الغالب لدى الشعب الفلسطيني (أو قيادته السياسية) في الضفة هو الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، أما في غزة فهناك حركة إسلامية أيديولوجية مسيطرة ترفع لواء مشروع كفاحي لتحرير أرض فلسطين؛ وفي إسرائيل يتطلع الشعب الفلسطيني إلى حقوق مدنية ومواطنية متساوية، أما الشعب الفلسطيني في الشتات العربي المجاور والقريب، فهو بين حلم العودة، ومطرقة تحولات الدولة القطرية حيث يقيم (العراق، سورية، لبنان) الفلسطينيون هم أكراد العالم العربي؟! في إسرائيل، هناك اتجاه نحو "الإسرائيلية" ودولة إسرائيل، وهناك اتجاه متصاعد نحو "اليهودية" ودولة أرض ـ إسرائيل". في محصلة هذا الوضع الفلسطيني والإسرائيلي يبدو أن السقف الفلسطيني (وكذا الإسرائيلي) يتعرض لصيف وشتاء في وقت واحد، لكن ليس بمعنى الفصول، وإنما بمعنى خيارات تسوية الصراع. لنأخذ جزئية إسرائيلية، حيث أن رئيس الدولة المنتهية ولايته، الشهر المقبل، شمعون بيريس يرى أن أفضل حل ممكن هو "دولتان لشعبين"، أما رئيس الدولة الجديد والمنتخب، رؤوبين ريفلين، فيرى أن الحل هو في دولة واحدة للشعبين، مع حقوق متساوية. نقطة اللقاء الوحيدة بين الخيارين هي أن الرئيسين يريان، كل من زاويته الخاصة، أن رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، هو أفضل شريك (بالنسبة لبيريس) ومحاور ممكن (بالنسبة لريفلين)! هذا يعني أن تقرير المصير الفلسطيني يتداخل في تقرير مسار جديد سياسي وأيديولوجي لدولة إسرائيل.. وهذا المصير وذاك المسار يتأثران بالتشكيل السياسي ـ الأيديولوجي ـ الديني الذي ستسفر عنه تطورات الربيع العربي، وتجاوز الرأي الإسرائيلي بين "اليهودية" وبين "الإسرائيلية". لقد بدأ الكفاح المسلح الفلسطيني مرحلته الحالية رديفا لمشروع التحرير القومي العربي، لكنه، سريعاً وبعد عامين على انطلاقته، خاب رهانه القومي مع هزيمة ساحقة للجيوش العربية، كانت في الواقع هزيمة سياسية للنظام العربي، ولو ادعى المدعون أن النظام لم يسقط بعد هزيمة الجيوش، لكن حرب 1973 التي لم تتحطم فيها الجيوش، تحطمت فيها شعارات التحرير القومي لفلسطين إلى سياسات "إزالة آثار العدوان" لعام 1967، ضعفت النزعة القومية وقويت النزعة القطرية. الآن، يبدو أن الجيوش والنظم؛ الدول والشعوب والمجتمعات العربية مهدّدة بالانفراط والتحطم بفعل تداعيات "الربيع العربي" وبخاصة في الجناح الشرقي للعالم العربي (سورية، العراق، لبنان.. وربما الأردن أيضاً). في مرحلة ما، لم تعد الجيوش النظامية العربية تشكل تهديداً وتحدياً لإسرائيل، بل حركات إسلامية مسلحة تملك "جيوشاً" في لبنان وغزة ذات أسلحة صاروخية تهدد إسرائيل أكثر مما كانت تهددها صواريخ صدام حسين مثلاً. المشكلة أن هذه الحركات سقطت في فخ حروب مذهبية، حيث يستعين النظام السوري وقواته النظامية بإسناد من مقاتلي حزب الله للصمود في حروبه الأهلية، بينما نشأت ردة فعل إسلامية سنية على ما دعي "المحور الشيعي" وبالذات في العراق، وهو فسيفساء من المذاهب والقوميات والشعوب. هكذا يبدو، وإلى سنوات مقبلة، أن ما كان صراعاً عربياً ـ صهيونياً، عاد إلى جذره صراعاً فلسطينياً ـ إسرائيلياً، لكن ومع تداعيات الربيع العربي، صار الصراع إسلامياً ـ إسلامياً، وليس بين دول عربية معتدلة ومسالمة لإسرائيل وأخرى ممانعة أو مقاومة. في هذه اللحظة حصلت "صحوة" فلسطينية، بينما تنفرط عرى الدولة العربية القطرية في الجناح الشرقي ـ الشمالي من العالم العربي، لكن حادثة طارئة ومتوقعة أيضاً، هي اختطاف ثلاثة مستوطنين إسرائيليين برهنت عن سياسة إسرائيلية تعارض وحدة المنطقتين الفلسطينيتين، ما لم تتخل حركة حماس عن برامج ومبادئ تحرير فلسطين، بينما لا تتخلى أطراف رئيسية في الائتلاف الحاكم الإسرائيلي عن هدف تحقيق دولة أرض ـ إسرائيل؟ لقد تمت خطوة إعلان قيام دولة إسرائيل في معطيات ظرف دولي معين، ويبدو أن قيام دولة فلسطين لا يتحقق في ظرف عربي وإقليمي ودولي راهن، يؤثر على الخيارات السياسية الفلسطينية وكذلك على الخيارات السياسية الإسرائيلية. يقولون في إسرائيل، وربما أيضاً وبشكل أقل في فلسطين أن خيار الدولتين قد وصل إلى نهايته، مع الفشل الأميركي الجديد، وبسبب التطورات المترتبة على الربيع العربي. أظن أنه لم يصل إلى نهايته، وهي النهاية المنطقية الوحيدة، بل تأجل لسنوات مقبلة، سيبقى خلالها الفلسطينيون تحت الاحتلال، دون أن تنهار السلطة، ودون أن تتسبب إسرائيل في انهيارها.. إلاّ إذا رأت أن مخاطر المشروع الإسلامي عليها تبقى أهون من مخاطر المشروع الكياني الوطني الفلسطيني.
سايكس ـ بيكو .. و"محمد باشيك" مفجر الحرب العالمية الأولى!!
بقلم: هاني حبيب – الايام
مرة أخرى أعود للكتابة حول "الحرب العظمى" أي الحرب العالمية الأولى، بدون كثير من التكرار، ما يدفعني إلى ذلك، هو تزايد قناعتي بأن تلك الحرب هي التي غيرت خريطة العالم الذي نشهده اليوم، البعض يعتقد أن هذه الخريطة قد تغيرت بفعل الحرب العالمية الثانية، أو سقوط الاتحاد السوفياتي، أو نهوض الامبراطورية الأميركية الحديثة، أو أي متغير آخر، ما يجعلني أكثر قناعة بتأثير "الحرب العظمى" هو أن كل تلك المتغيرات ما كان لها أن تحدث لولا نتائج الحرب العالمية الأولى، التي كانت أبرز نتائجها سقوط ثلاث امبراطوريات عظمى، القيصرية الروسية، الامبراطورية الألمانية (النمسا والمجر)، والامبراطورية العثمانية.
لكنني أتناولها اليوم، لأن الثامن والعشرين من حزيران 1914، أي قبل مائة عام من يوم أمس، كان هو الشرارة التي ولدت تلك الحرب، لكن هناك سببا آخر، لهذا التزامن، وحيث تشتد قدرات "المنظمات الجهادية" مؤخراً في منطقتنا العربية، فإن العودة إلى ذلك المراهق الشقي الطالب الصربي غافر يلوبرنشيب الذي أطلق النار على وريث العرش النمساوي ـ المجري من مسدس براوننغ، حيث كانت شرارة الحرب، لم يكن سوى أحد أفراد مجموعة "القبضة السوداء" والتي يترجمها البعض "باليد السوداء". كانت عن مجموعة مسيحية بالكامل، باستثناء مخطط عملية الاغتيال الذي كان مسلماً من البوسنة واسمه محمد باشيك.
وبالتأكيد، فإن الحرب العظمى، الحرب العالمية الأولى، لم تندلع بسبب ذلك الاغتيال، فالأمر ليس صدفة بالتأكيد، بل يعود إلى مجموعة عوامل سياسية، ذات طبيعة "إمبريالية" بالدرجة الأولى، غير أن عملية الاغتيال، كانت الشرارة التي وفرت زمنياً عناصر اندلاع تلك الحرب.
وككل حرب، تختفي وراء أسبابها، عناصرها ذات الطبيعة الاقتصادية، مع تغطية من التطرف القومي، فالتنافس بين فرنسا والمانيا على أسواق أوروبا كان قد بدأ قبل تلك الحرب بقليل، في وقت كان التنافس شديداً بين ألمانيا الصاعدة اقتصادياً، وبريطانيا التي بدأت عظمتها تترنح وتتراجع. معظم مفكري تلك الفترة، خاصة بروز الأيديولوجية الماركسية كانوا يعتقدون أن التنافس بين قوى الاقتصاد ونمو راس المال، سيدفع تلك الدول إلى حرب عظمى، إلاّ أن خطأ هذه الأفكار، برز مع تداعيات ونتائج الحرب هذه، اذ تبين، أن الصراع ليس بين هذه الدول على اقتصاديات وأسواق أوروبا، بل في صراع على دور امبريالي "انتدابي" على دول العالم الثالث، ليس من حيث الأسواق فحسب، بل صراع على المواد الخام اللازمة لاستمرار القدرات الصناعية لدول أوروبا.. أما فيما يتعلق بالأسواق الجديدة، فإن الركود الاقتصادي في أوروبا في تلك الفترة، ترك آثاره السلبية المدمرة على تضخم رأس المال في موازاة تراجع القدرة على الاستهلاك، الأسواق الجديدة ستحل هذه المعادلة الصعبة.
الأيديولوجية الماركسية، التي عالجت في الجوهر، مسألة تركز رأس المال، اخفقت في تداعيات هذا التركز، واعتقد مبشروها، بأن الصراع بين دول أوروبا على الأسواق المحلية، وفي اتحاد قوى رأس المال في مواجهة مع عمال المصانع، سيشكل الحل بعد فترة زمنية من الصراعات والثورات الداخلية، وفي اطار هذا المفهوم، كان للمفكرة الألمانية روزا لكسمبورغ رأي طليعي مبكر، حيث اعتبرت في ذلك الوقت أن الرأسمالية هي بطبيعتها إمبريالية، وقد استمدت أفكارها من "ماركس" غير أنها اختلفت معه فيما يتعلق بأن الصراع بين الدول ليس داخلياً ورأسمالياً فحسب، بل هو استعماري امبريالي، بحثاً عن الأسواق والمواد الخام، وهذه الأفكار اعتمد عليها "لينين" عام 1917 عندما أشار إلى ذلك في كتابه الشهير "الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية" مؤكداً أن سبب الحرب العظمى يعود أساساً إلى صراع من أجل اقتسام العالم، هذه الأفكار لم تكن متداولة قبل الحرب وأثناءها، غير أن تلك الحرب، أسقطت امبراطوريات، لكنها أيضاً أسقطت نظريات فكرية ظلت سائدة لتفسير الدوافع الحقيقية وراء تلك الحرب.
لم يكن من الممكن تفادي تلك الحرب، بالضبط، وكما يحدث الآن، إذ ان تداعيات التحركات الثورية والجهادية والشعبية انطلاقاً من المنطقة العربية، لا يمكن لها أن تتفادى المد "الجهادي" الإرهابي وصعوده وربما سيطرته على مقومات تلك المنطقة الحيوية للعالم أجمع.
ما تشهده المنطقة العربية من تزايد النفوذ الإرهابي، يعيدنا من جديد للحديث عن إحدى نتائج الحرب العالمية الأولى المتعلقة بمنطقتنا، نقصد بذلك تقسيم هذه المنطقة بين الاستعمارين، الفرنسي والبريطاني تحديداً، فيما بات يعرف باتفاق سايكس ـ بيكو عام 1916، يقول ماركس، إن التاريخ يعيد نفسه، مرة على شكل ملهاة، وأخرى على شكل مأساة، لكننا اليوم نشهد أن التاريخ يعيد نفسه مأساوياً وساخراً في نفس الوقت، إذ ان كل الجهود الوطنية والقومية العربية، وفي مواجهة المد الإرهابي، يحاول باتجاه هدف واحد وحيد: الإبقاء على تقسيم حدود سايكس ـ بيكو!! الإرهاب يحاول أن يوحد المنطقة تحت سيطرته، والنضال العربي اليوم، يجهد للإبقاء على تقسيم سايكس ـ بيكو في مواجهة المد الإرهابي، هي مأساة ساخرة، تدفعنا من جديد لإعادة قراءة الحرب العالمية الأولى بدقة أكثر!
التغيير يبدأ من هنا، من فلسطين
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
ليست تصريحات وزير التعليم يشاي بيرون، حول إسرائيل الكاملة مع نابلس والخليل، وليست وسائل الضم وأدوات التوسع وعمليات التهويد والأسرلة للقدس وللغور وقلب الضفة الفلسطينية، مجرد تهويشات انتخابية مقطوعة الصلة بما قبلها، وما بعدها، فالمشروع الاستعماري التوسعي الصهيوني اليهودي الإسرائيلي، يسير وفق خطة التدرج والمراحل لتنفيذ كامل برنامجه، على كامل أرض فلسطين، وهو السائد والقوي والمتمكن.
لقد انطلقت حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية وشباب الثأر في ظل الفقر والتشرد الفلسطيني، بل ورداً عليه، وفي ظل العداء الرسمي العربي للهوية الفلسطينية، وضد أي فعل تنظيمي فلسطيني، ومع ذلك وقف الفلسطينيون على أرجلهم وانتزعوا هويتهم، والاعتراف بحق التمثيل المستقل لهم، وفرضوا حضورهم ومنظمتهم وقيادتهم الموحدة، والإقرار بوجودهم، كشعب وتمثيل مستقل وحقوق، من العرب بقرار قمتي الجزائر والرباط، ومن العدو الإسرائيلي ومعهم الأميركيون باتفاق أوسلو، ومن المجتمع الدولي بقرار الجمعية العامة بقبول فلسطين دولة مراقباً.
إذن الخطوة الأولى تبدأ من الفلسطيني نفسه، وهو صاحب الفعل، والحق، وصاحب المبادرة التي لن تأتي من أحد، لا من الشقيق ولا من الصديق، وأي ضعف في الأداء، وفي التحصيل، وفي تظهير المشهد يعود إلى قرار الفلسطيني نفسه، إلى ضعفه، أو إلى صلابة موقفه، إلى رضوخه للواقع القائم، أو إلى عناده ضده على طريق تغييره.
واليوم الحضور الفلسطيني، أقوى مما كان عليه أيام الشهداء أبو عمار وأبو جهاد وأبو إياد حينما بادروا للتكوين، ووضع أرجلهم على طريق النضال في الخمسينيات وبداية الستينيات، وكانت الأحزاب الخمسة الإخوان المسلمون، وحركة القوميين العرب، والبعثيون، والشيوعيون، وحزب التحرير الإسلامي أقوى منهم في ذلك الوقت الصعب، حينما قاموا بحركتهم ومبادرتهم والخطوات الأولى نحو ثورتهم، ونجح أبو عمار ورفاقه، وأخفق هؤلاء في برنامجهم الفلسطيني ضد العدو الواحد، بينما حقق الفلسطيني إنجازات ملموسة بفعل نضاله متعدد الأشكال والوسائل والمواقع، وفي المرحلتين:
الأولى من خارج الوطن، بقيادة فصائل منظمة التحرير، منذ معركة الكرامة آذار 1968 وانتهاء بالاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان وحصار بيروت، وقد حقق الفلسطيني خلالها، استعادة الهوية، والتمثيل المستقل، والحضور الدولي.
والثانية : خلال مرحلتي 1- الانتفاضة الأولى عام 1987، وحصيلتها اتفاق أوسلو والإقرار الإسرائيلي بالعناوين الثلاثة بالشعب وبالمنظمة وبالحقوق، وبالانسحاب التدريجي متعدد المراحل، من المدن، وعودة ثلاثمائة الف فلسطيني إلى الوطن، و2- الانتفاضة المسلحة عام 2000 والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وإزالة قواعد جيش الاحتلال، وفكفكة المستوطنات.
الانقلاب والانقسام وغياب الوحدة، تركت بصمات قوية على سائر المشهد الفلسطيني، وعلى الرغم من الانتصارات السياسية والمكاسب القانونية التي حققها الشعب الفلسطيني، في ظل الانقسام ممثلة بقبول المجلس الوطني الفلسطيني عضواً عاملاً كامل العضوية في الاتحاد البرلماني الدولي، وعضوية فلسطين لدى اليونسكو في 31/10/2011، وعضوية فلسطين دولة مراقبا لدى الأمم المتحدة في 29/11/2012، إلا أن الانقسام ترك بصماته القوية في إبقاء الوضع الفلسطيني برمته ضعيفاً ممزقاً يفتقد للمبادرة الكفاحية على الأرض، في مواجهة الاحتلال، ومشاريعه التوسعية، في التهويد والأسرلة للقدس وللغور، وتوسيع الاستيطان في الضفة الفلسطينية.
التقييم الفلسطيني، للأحداث والوقائع، والتدقيق في معطيات المشهد الفلسطيني الإسرائيلي، يجب أن يقوى ويكبر، لا أن يبقى الفلسطيني خداً يستقبل اللطم والصفعات، فأداة التقييم، ووضع التصورات، ونحت البرامج العملية الواقعية المستندة لرؤية البرنامج الوطني الديمقراطي الفلسطيني، في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي العنصري الإسرائيلي، ضرورة، وأداة، ووسيلة لتحقيق الهدف.
لقد مزقت إسرائيل، خارطة فلسطين، أمنياً وجغرافياً وسكانياً، بين مناطق 48 المفصولة عن مناطق 67، والقطاع مقطوع عن الضفة، والضفة لا صلة لها بما يجري في القدس، والقدس يتم تهويدها وأسرلتها بقوة ويومياً، والضفة يتم تقطيع صلاتها ومنع التحرك على أرضها بالحواجز، فماذا نحن فاعلون؟؟
كيف يمكن وضع البرامج الموحدة ما بين 48 وبين 67، لنصف الشعب الفلسطيني داخل الوطن، مع نصفه الآخر خارج الوطن، للفلسطينيين وعلى الفلسطينيين تقسيمات، ولكن معاناتهم واحدة وسببها واحد هو المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي يحتل أرضهم، ويصادر حقوقهم، وينتهك كرامتهم، ولذلك يجب أن يصب عملهم في مجرى واحد وعلى أساس كلمتين تختصر كل الهدف هما : العودة والاستقلال، 1- العودة للاجئين والنازحين واستعادة ممتلكاتهم في اللد ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع وفق القرار 194، 2- الحرية والاستقلال للمقيمين وفق القرار 181، نصف الشعب اللاجئ يتطلع إلى العودة واستعادة ممتلكاته المنهوبة المسروقة، ونصف الشعب الذي بقي على أرض الوطن يتطلع للتخلص من العنصرية في مناطق 48، والاحتلال العسكري في مناطق 67 .
ولهذا على الشعب العربي الفلسطيني أن يعمل لوضع الإسرائيلي أمام خيار واحد من اثنين، إما تقاسم الأرض بالدولتين وفق قرار التقسيم 181، أو تقاسم السلطة في دولة واحدة على كامل أرض فلسطين، دولة ديمقراطية، ثنائية القومية متعددة الديانات، تحتكم لنتائج صناديق الاقتراع من الشعبين وللشعبين، ولا طريق ثالثا سوى مواصلة المعاناة والدم والقتل والتصادم، وهو طريق تم اختباره خلال السنين الماضية، وفشل.
في غزة نحن مسؤولية مَن؟!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
تلك الجملة القصيرة والمعبرة كتبها الصديق طبيب العيون على صفحته على الفيس بوك وهي تلخص مجمل حجم الاندهاش الذي يعبر عنه الغزيون من حالة أشبه بحالة الفراغ الإداري التي تدخلها غزة وهي تراقب انسحاب "حماس" من الحكومة وتباطؤ السلطة في بسط سيطرتها على القطاع، وبقاء الوضع كما كان بل وأسوأ لأن أهالي غزة في السابق كانوا يعرفون لمن يوجهون الاتهامات عندما كانت حركة حماس تصر على حكمهم، وتسببت بكل ما جرى لهم من أزمة كهرباء ومعابر كانت هي المسؤولة، وهاهي تترك الحكومة وتلقي بالمسؤولية على غيرها.
الأمر تم دون ترتيبات حقيقية أدخلتنا في حالة من الحيرة لنصطدم مع أول أزمة في قضية الرواتب وموظفي حكومة غزة السابقة، وإذا كنا تعرقلنا عند مسألة بهذا الوضوح القانوني، فالحكومات ترث بعضها فماذا سيحدث عندما نذهب لتفاصيل أبعد على شاكلة الملف الأمني والقوات العسكرية.
ومع تراجع "حماس" الفوقي والتقدم الشكلي للسلطة بأربعة وزراء نشأ وضع عبثي يمعن في تمديد معاناة أهالي القطاع وجعل حياتهم أكثر صعوبة وانعدام أملهم الذي كان وقودهم حتى الوصول إلى محطة المصالحة، وها هو ينفد أمام عبثية نظامهم السياسي.
فحركة حماس تحكمنا ولا تحكمنا، وتحكمنا السلطة ولا تحكمنا، ولا نعرف لنا أبا بين هؤلاء الذين مروا على تاريخنا وعصرونا حتى النخاع، ولا نعرف من نستجدي ولمن نصرخ ومن نحمل مسؤولية معاناة تتراكم منذ سنوات، فقد جربت حركة حماس حظها العاثر بنا وعندما فشلت التجربة وضعت ثوبها بأسنانها وهربت، والسلطة التي مر شهر على أبوتها لنا لم تتقدم وكأنها لا تعرف أن غزة تحترق على جمر الوقت وتشيح بوجهها عنا كأنها تندم على المصالحة فتسمرت مكانها، لا تقدم ولا تراجع في حالة من المراوحة التي لا يشعر بها إلا من شارف بنك الأمل لديهم على الإفلاس.
غزة التي أصبحت كجمرة ملتهبة الجميع يقذفها في وجه الآخر .. إسرائيل التي ولت هاربة تاركة غزة لأبناء جلدتها والسلطة التي تنازلت عنها لحركة حماس التي استخدمت كل قوتها بلا رحمة لتسيطر عليها وها هي "حماس" تعيد قذفها في وجه السلطة، ونحن ننتظر كاليتامى على قارعة النظام السياسي، الجميع يريدها ولا يريدها. السلطة تريد من غزة أن تشرعنها فقط وأن تسقط "حماس" ولكنها لا تريد أن ترفع غزة، و"حماس" تريد السيطرة على غزة ولكن لم تعد تحمل تبعات حكمها فتهرب من الحكومة وتبقي أمنها مسيطراً على كل الأزقة والشوارع، ولم تسمح بعودة قوى السلطة الأمنية لتحقيق الشراكة في الحكم.
غزة تنتظر من يضمد جراحها، فقد تخدرت من شدة الألم، ولم تعد تحتمل لعبة الحسابات الصغيرة ولعبة السلطة والصراع عليها، غزة الأسيرة والكسيرة والتي حكم عليها القدر أن تكتب تاريخها بالدم والألم آن لها أن تستريح، فلم يبق في جسدها حتى متسع لوخز إبرة تنتظر من نظامها السياسي أن يأخذ بيدها، أن يحنو عليها، أن يعيد لها بحرها المسروق وملامحها الباهتة ومعبرها المخنوق وكهرباء تكفي لتشغيل ما يحرك هذا الهواء الساخن، فليس من العدل أن تتحمل وحدها كل خطايا التاريخ الفلسطيني.
ليس من العدل أن يبقى معبرها الوحيد المطل على العالم مغلقا بعد شهر من حكومة الوفاق، ويتساءل الناس من المسؤول عن استمرار إغلاقه؟ فالمصريون يلقون بالتهمة على الفلسطينيين متسائلين لماذا لم يتحدث معهم أحد حول آلية العمل، وكأن لا أحد يبالي، ويراقب الغزيون بحسرة معبر الكرامة والذي يحفظ كرامة المواطن في حين يتسلق رجل في الخمسينات من عمره جداراً عالياً لتسليم جوازه على معبر رفح في مشهد ربما يختصر حجم الشعور بالإهانة.
هذا الوضع الذي لم يعد يُحتمل حرك بعض الشخصيات العامة في غزة والتي لم تعد تقبل باستمرار حالة المراوحة تلك، والتي قد تأخذ سنوات أخرى من عمر المعاناة، فتداعت لاجتماع لمناقشة ما يحدث وسبل إتمام المصالحة، فهناك قلق عليها إن استمر هذا الوضع وخصوصا مع اتساع الخلاف السياسي الذي بدأ يظهر بتصعيد حملة التراشق الإعلامي بعد خطف ثلاثة مستوطنين والاتهامات بين الطرفين، أصبحت هناك حشية بأن تكون غزة مرة أخرى هي مادة الخلاف وأن تدفع ثمنا آخر لم يعد بمقدورها، فلا شيء مقنعا فيما يحدث.
هناك خوف حقيقي على المصالحة يعكسه التباطؤ في إجراءات تنفيذها وحجم العقبات التي تكتشف تباعا بعد التوقيع، فموظفو حكومة غزة السابقة مشكلة، ودمج الموظفين مشكلة، والسيطرة العسكرية مشكلة، والحدود مع مصر مشكلة، والمعبر مشكلة لكل الفئات من طلاب ومرضى وأناس عاديين ومن لهم مصالح، باستثناء مترفي العمرة الذين يوهمون الجميع أن المعبر مفتوح بشكل دائم على حساب معاناة الآخرين، هذا إذا ما تجاوزنا أنهم ضخوا منذ بداية هذا العام في الاقتصاد السعودي بحسب تقدير أحد الأصدقاء ما يقارب خمسة عشر مليون دولار من أموال غزة التي تعيش على التسول، وكأنهم لم يسمعوا بالخليفة عمر الذي أوقف حدا في عام الرمادة، وغزة لا تعيش الرمادة فقط بل إن رأسها معفر بالرماد وهذا يستدعي وقفة أكبر.
على حركة حماس أن تسحب موظفيها وقواتها من المعبر وأن تصنع أزمة حتى للمعتمرين وأن ترسل مفتاحه إلى أحد وزراء حكومة التوافق لتضع الحكومة عند مسؤوليتها، أما إن استمر هذا التنقيط والعمرة بالتغطية على الأزمة سيبقى الوضع بلا حل، وهذا ما دعا بعض الشخصيات العامة لبدء تدارس الأوضاع والتحرك ومخاطبة الأطراف تحت مسؤولية أن غزة لم تعد تحتمل، ولم تعد تقبل أن تدفع ثمن الانقسام وثمن المصالحة، وربما يصل الأمر لاتخاذ مواقف أكثر وضوحا خلال مؤتمر صحافي وخطوات احتجاجية قد تحرج الفصائل التي تواطأت جميعها في استمرار هذه المعاناة، سواء بالانقسام أو الاقتسام أو بالعجز والصمت والبحث عن الخلاص الفردي كما يفعل بعض المسؤولين .. آن الأوان لوضع حد لها، وكل عام وأنتم بخير .!
حالات : تداعيات رحلة الصيف والشتاء
بقلم: عادل الأسطة – الايام
- زمن الرواية، لا زمن الدراسات
في عمان تسأل في مكتباتها عن كتب الدراسات، ولأن أحد طلابك سيكتب عن مظفر النواب، ترغب في اقتناء أكبر عدد من الدراسات عن الشاعر وعن الشاعر محمود درويش أيضا، وتفاجأ بأن الدراسات المتوفرة في المكتبات التي تتردد عليها: الشروق والأهلية، قليلة. لماذا؟ لأن المكتبتين تهتمان بما يسأل عنه القراء: الأعمال الإبداعية أو الكتب السياسية أما الكتب التي تدور حول النصوص الإبداعية فقليلة، وهكذا تضطر لأن تبحث عن مكتبات أخرى يقترح اسمها عليك أصحاب دار الشروق والدار الأهلية، وتقودك قدماك إلى مكتبة أسامة في العبدلي، علك تجد ضالتك.
تتذكر حواراً هاتفياً مع زميل لك هو دارس بالدرجة الأولى، لا يكتب الرواية، ولا يكتب الشعر، فهو أكاديمي يدرس الأعمال الإبداعية.
قال زميلك لك، حين سألته: لماذا انصرفت عن التأليف إلى الترجمة؟ ، قال لك: الترجمة أجدى، فحين تترجم كتاباً تكافأ على ترجمته مكافأة مجزية، وأما حين تؤلف كتاباً، حتى لو كان متميزاً، فإن الناشر يطلب منك أن تسهم في دفع نصف التكاليف.
ويذكرك الحوار بحوار آخر مع صاحب دار نشر، مرة أقدم صاحب الدار على نشر كتاب لك، وطلب منك أن توقع عقداً يدفع لك بموجبه 10%، ولما تكدس الكتاب ولم يرج كثيراً غدت الاتفاقية حبراً على ورق، وحين عرضت عليه أن ينشر لك كتاباً آخر قال: كتب الدراسات كما ترى.
في ألمانيا لا ينشرون من كتب الدراسات، في طبعتها الأولى، ألفي نسخة. إنهم ينشرون 500 نسخة فقط غالباً ما تقتنيها مكتبات الجامعات لا الأفراد، إلاّ إذا كان الفرد معنياً جداً بالأمر، ويكون سعرها مرتفعاً.
لماذا طبعت من الكتاب ألفي نسخة؟ أما كان الأجدر أن تطبع منه 500 نسخة فقط هي التي بيعت؟
إن كان الكتاب مقرراً جامعياً يدفع لك الناشر، وإن لم يكن مقرراً فالقراء قليلون ولا جدوى من طباعته.
اليست الترجمة أجدى من التأليف؟ أليست كتابة الرواية وطباعتها أجدى من إنجاز الدراسات التي لا يقرؤها إلاّ كاتبها وبعض مهتمين؟ وتمعن النظر في ظاهرة الأكاديميين الروائيين.
لقد تحوّل قسم منهم إلى كتاب رواية بعد أن كانوا دارسي فن الرواية، إنه زمن الرواية، لا زمن الدراسات عنها!!
- هل استغفلك سائق الصباح ؟
كلما زرت عمان عرجت على محل بيع ألبسة إيطالية، واشتريت بنطالاً بنطالين، غالباً ما يروقان لك، بضاعة إيطالية مميزة، ومرة قال لك صاحب المتجر: إن زبائني هم من الوزراء ووكلاء الوزارات.
وغالباً ما تشتري البضاعة التي اقترب موعد نهاية عرضها، نهاية موسمها، وغالباً ما قال لك البائع: هذه آخر قطع وعليها تنزيلات، وهكذا تشتريها بنصف الثمن، على ذمة التاجر.
هذا العام، في رحلة الصيف والشتاء، تعرج على المتجر نفسه وتشتري بنطالاً، البائع قال لك: إنه بخمسة وأربعين ديناراً، وأن ثمة تنزيلات مغرية تصل إلى 30%، وهكذا سيوافق على أن تشتري البنطال بثلاثين ديناراً، إن رغبت.
هل كان البنطال الذي راق لك ايطاليا بالفعل، وأعطاك التاجر بنطالاً آخر بسبب الحجم؟ ولأن القماش لم يرق لك كثيراً فقد ترددت، وعرضت عليه سعراً أقل، وصل إلى عشرين ديناراً، ووافق التاجر.
في الفندق تنظر إلى بلد المنشأ، وتضحك، التاجر قال إنها بضاعة ايطالية، وما كتب على ورقة المنشأ يقول: صنع في جمهورية الصين، يا له من تاجر، ويا لك من مغفل! تقول.
هل اختلف الحال في الصباح؟
ما من مرة تسافر فيها إلى عمان إلاّ وتلاحظ محاولات السائقين، على الضفة الثانية، يحاولون استغلال الركاب، بعد اصطيادهم، سيارة بعشرين ديناراً يا أستاذ. و.. و.. و.. أحياناً تساوم وأصدقاء قد تلتقيهم صدفة، وغالباً ما تسافر إلى عمان راكباً في سيارة.
في أثناء العودة تستقل سيارة من الفندق إلى مجمع السيارات في طبربور. سيارات التاكسي أكثر من الهم على القلب، لا تنتظر كثيراً حتى تأتي سيارة وتقلك بدينارين على الأكثر.
سابقاً كنت توفر هذين الدينارين، فقد كانت منطقة العبدلي هي المجمع، وهي قرب الفندق، إن هي إلاّ خطوات ثم تجد نفسك أمام سيارة الجسر. لعلهم، حين نقلوا موقع المجمع، أرادوا أن يخففوا العبء على وسط العاصمة.
صباح مبكر والشوارع خالية إلاّ من عابر سبيل وصوت حافلة، يقف سائق تاكسي ويسألك عن وجهتك، فتشكره، سيارة خصوصي ركب عليها صاحبها شارة سيارة تكسي، تعرف هذا من السائق الذي أقلك، ويقف سائق ثانٍ وإلى جانبه راكب، فتشكرهما، لأنك تريد أن تذهب فوراً إلى المجمع، ولا ضرورة لأن يقلك سائق يقل راكباً آخر الله يعلم أين وجهته.
السائق الثالث توقف فصعدت، كانت الأجرة مائة وثمانين قرشاً، ولما أردت إعطاءه دينارين، سألك إن كنت تملك عشرين ديناراً ليعطيك الباقي.
لماذا لبيت طلبه؟ ثمة بقايا نعاس، وثمة ما لا يعني الكثير، وأغلب الظن أنك ناولته عشرين ديناراً أعطاك بقيتها، ثم.. ثم قال لك: هذا دينار وليس عشرين ديناراً.
هل قام بما يقوم به الحاوي؟ التبس الأمر عليك وصمت، وأغلب الظن أنك كنت مغفلاً، للمرة الثانية، خلال يومين، وربما للمرة الثالثة، ثمة التباس ما تلبسك حقاً، في المتجر، وفي متجر الجرابات، ومع سائق التاكسي.
ـ جولة في سوق الخضار:
طارق العربي اسم مستعار لشاعر شاب من نابلس درسته مساق المدخل إلى تذوق النص الأدبي ومساق لغة الإعلام بالعربية.
ولم يعمل طارق في مهنة المتاعب، ربما لأنه لم يجد وظيفة في جريدة، وأخذ يعمل في سوق الخضار في مدينة نابلس، وواصل القراءة والكتابة وأصدر ديوان شعر عنوانه في الرابعة صباحاً، إن لم تخنك الذاكرة.
في السوق في الرابعة صباحاً، في سوق الخضار في الرابعة فجراً. [الرابعة فجراً في السوق].
في عمان تقرر أن تتجول في السابعة صباحاً في سوق الخضار قرب جامع الحسيني. كان سوق الخضار هذا في 70 ق 20 مزدهراً، وكنت تمر به يومياً، ولما كان موقف باصات الجامعة الأردنية محاذاته، فقد كنت تعرف أسعار الخضار التي لم تكن تشتريها، لأنك لا تطبخ ولا تجيد الطبيخ، ولأن مطعم الجامعة الأردنية يقدم وجبات مقبولة بأسعار معقولة.
ثمة بقايا خضار، بقايا فواكه، بقايا سوق. هل تبحث عن شيء؟ تقول: لعلني أجد الكرز، الكرز يساعد غدة البنكرياس على الإفراز، ومرة قال لك بائع في نابلس: سبع حبات كرز تعادل حبة دواء سكري. وأنت، وأنت منذ سنوات قليلة تشتري في الصيف الكرز فاكهة وعلاجاً، على الرغم من أنك، دائماً، تتذكر قصة زكريا تامر "يا أيها الكرز المنسي"، القصة التي درستها في الجامعة، والقصة التي تذكرك بأصدقاء يساريين غدوا إمبرياليين ووزراء مثل عمر القاسم بطل القصة.
كم مرة كتبت عن القصة، أو أشرت إليها في إحدى مقالاتك؟ لا تعرف. إنها، مثل قصة "الشيوعي المليونير" لنجاتي صدقي، وقصة "اشتراكي حتى الموت" للطاهر وطار الجزائري.
النموذج نفسه موجود في سورية وفي الجزائر، ومن قبل في فلسطين، ما هي نهايات اليساريين؟
الكرز في الضفة منظره يروق للناظرين، وفي سوق الخضار في عمان، بقايا كرز تضطر لأن تشتريه، فقد يساعد غدة البنكرياس على الإفراز، وقد تخف حدة آلام قدميك قليلاً، قد تخف نسبة السكر في الدم، قد.. قد.. وقد.
تغريدة الصباح – زيت مريم
بقلم: حنان باكير – الحياة
مريم.. تلك الصبية الترشحانية. كانت ذات يوم تزهو بكامل حيوية الشباب، وكان لأبيها حقول زيتون في ترشيحا.. وكان للزيتون المكان الأوسع في قلبها.. تفرح بقطافه حبة حبة.. تفركها بأصابعها لتعيد لها لمعانها، تتأملها ثم تضعها في سلال القطاف. فحبة الزيتون أيقونتها المقدسة.
في عام النكبة، وجدت نفسها تسير مرغمة في درب جلجلة ستغتال صباها وشيخوختها. كان قدرها أن تنتهي في مخيم برج البراجنة .. انتهت مدة انتظارها في منفاها القسري... خمسة عشر يوما ولم تعد .. تعدّ الأيام والأشهر والسنوات والعقود .. أعياها العدّ، وأخذتها تفاصيل الحياة.
صارت تستظلّ خيمة لا تقي حرا ولا تردّ بردا .. بعد أن كانت تجلس في ظلال شجرات زيتون، زرعها أجدادها .. وتخمّن عمر شجراتها، بأعمار من زرعوها .. فتلك الشجرات قام الجدّ بزرعها، وتلك والد جدّها... وشجرة يافعة زرعها والدها يوم مولدها .. وكانت تسمّيها مريم.
مريم الآن رهينة خيمة. وشجرتها رهينة احتلال، ربما قام باقتلاعها.. لكن مريم لم تفقد رغبتها في الحياة، ولا بإصرارها على مواصلة عشقها الأول. قامت بتطريز شجرات الزيتون على الأثواب والشالات الفلسطينية .. ومع كل شجرة تكتمل على الثوب، تستعيد زيتونها الضائع.
مريم الدقاق.. سحبها الزمن الى مراحل الشيخوخة المتقدمة. رفضت السكن خارج المخيم. كانت تقول: جئت من ترشيحا الى "جورة التراشحا" في مخيم برج البراجنة.. وسأعود منها الى ترشيحتي.. هاي الله خلقها لي.
ذات يوم، جرجرت الحاجة مريم، نفسها الى محل حسام عرار في برج البراجنة. كان يجلس خلف مكتبه، وأمامه وحوله .. اصطفت كل وسائل التكنولوجية الحديثة، والتي تعينه على التواصل مع الوطن وأبنائه في طول الأرض وعرضها. قالت مريم: شوف يا "ابو" يوسف .. راح العمر .. وبنفسي حسرة.. أريد أن أتذوق طعمة زيت زيتون ترشيحا قبل ما أموت.. إحكيلي مع التراشحا يبعتولي قنينة من زيت ارض أبوي.
من عيوني يا حجّة! أجابها ابو يوسف.
اتصل ابو يوسف بباسم طنّوس في ترشيحا وطلب منه الزيت. بعد أشهر قليلة وصلت قنينة الزيت الى مكتب ابو يوسف. طار فرحا حمل الأمانة وأسرع الى مريم حاملا الغنيمة. وعاد منتشيا بتحقيق أمنية تعني الكثير له ايضا. لكن أزعجته الكتابة العبرية.. معالوت/ ترشيحا.
صباح اليوم التالي، جاءته مريم غاضبة. اسمع يا "أبو يوسف".. أنا ما خرّفت لسّه! هادا مش زيت ترشيحا اللي طعمتو بعدها تحت أضراسي! حمل أبو يوسف الزيت للحاج محمد فوزي طه، كبير التراشحة وعميدهم. الذي أكد عدم ترشحانية الزيت! عاد ابو يوسف الى مكتبه وشغّل كل وسائل الاتصالات. أكد طنّوس تسليمه زجاجة الزيت ومن دون كتابة.
لم يدر في خلد أحد، أن كل شيء فلسطيني، سوف يلقى معاملة الإنسان الفلسطيني.. فالحدود والسدود موصودة في وجهه. وكذلك زيت فلسطين.. فالحواجز والمعوقات كثيرة. من توفر الشروط الصحية، الى كتابة اسم المصدر عليها، وعبور الحدّ الفاصل بين فلسطين وفلسطين.. واجتياز الجسر قبل دخول عمان.. وفي رحلة الحواجز والحدود.. فقدت قنينة الزيت ولم يعرف مصيرها.. ولم يعلن أحد رؤيتها! عرف أبو يوسف أن أحد المكلفين بالموضوع قد اشترى قنينة بديلة من سوبرماركت في الأردن.
سجلت قنينة الزيت الفلسطيني في سجل المفقودات. وماتت مريم التي فقدت أضراسها منذ زمن طويل، لكن بقيت طعمة زيت ترشيحا في فمها!
إسرائيل: هل تفضل "أوروبا اللاسامية" أم "أوروبا المتأسلمة"؟
بقلم: د. أسعد عبد الرحمن – الحياة
حقق اليمينيون المتشككون في الاتحاد الاوروبي نصرا كبيرا في انتخابات البرلمان الاوروبي. وهي الانتخابات التي يحق لمن مجموعهم (388) مليون أوروبي الإدلاء بأصواتهم فيها لانتخاب (751) نائبا في البرلمان الذي يعد أحد الكيانات الثلاثة التي يتألف منها "الاتحاد الأوروبي" الذي يحدد مواقفه الخارجية، تجاه القضايا الدولية، من خلال لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان. كما يراقب البرلمان عمل "المفوضية الأوروبية"، ويوافق على أعضائها، ويصادق على الاتفاقات الدولية.. وغير ذلك.
ما يهمنا في هذا السياق، هل تستمر أوروبا في سياستها المعروفة - فلسطينيا؟ هل ستبقى تشجب الاستعمار/ "الاستيطان" الإسرائيلي، وتهويد القدس، وجدار الفصل العنصري، وهي (أوروبا) الأقوى في سياق نقد المقارنات الإسرائيلية كالعريضة الأخيرة التي وقعتها العشرات من المؤسسات والهيئات العاملة في عموم القارة الأوروبية وتطالب دول "الاتحاد" والمجتمع الدولي بالتدخل الفوري من أجل وقف الانتهاكات الصهيونية بحق مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك. بل وطالبت العريضة كلا من "الاتحاد الأوروبي" و"الأمم المتحدة" "فرض عقوبات على السياسات الإسرائيلية التي تهدف إلى تشويه التراث التاريخي لمدينة القدس". كما أكدت العريضة في الوقت ذاته على أن القدس "هي مدينة عربية لها تاريخ حضاري إسلامي ومسيحي طويل وممتد وغير منقطع وغني بالتراث".
الاهتمام الإسرائيلي في نتائج الانتخابات الأوروبية ظهر بشكل جلي في الصحافة الإسرائيلية. ففي مقال بعنوان "أوروبا ونحن" يقول الكاتب الإسرائيلي (آري شبيط): "إن انتخابات البرلمان الاوروبي تغير الصورة دفعة واحدة. فقد تبين فجأة أن اوروبا القديمة ما زالت تغلي تحت سطح اوروبا الجديدة. وتبين فجأة أنه تكفي ازمة اقتصادية وموجة هجرة لاعادة اوروبيين كثيرين الى كراهية الاجانب. وتخرج دول اوروبية كثيرة عن اتزانها حينما تتجه الى مواجهة تحديات أكثر تواضعا من التحديات التي تواجهها اسرائيل. وهي تنتخب قادة لا تقل قوميتهم عن قومية قادة القومية الاسرائيلية". أما (تسيفي بارئيل) كبير محللي الشؤون العربية في "هآرتس" فقد كتب يقول: "هناك علاقات وثيقة بين قادة اليمين المتطرف بأوروبا واليمين الإسرائيلي وعلى وجه الخصوص قادة المستوطنين بالضفة، علاوة على أن بعض نخب اليمين الأوروبي المتطرف تتخذ موقفا رافضا لحملات المقاطعة الدولية لإسرائيل". واضاف: "المعضلة الاسرائيلية واضحة: هل تشجب صعود اليمين المتطرف وتعلن عن اوروبا كقارة مصابة باللاسامية، أم تواصل دعوة واستضافة ممثلي الاحزاب العنصرية لان بعضهم تحدثوا بصوت عال ضد المقاطعة لاسرائيل، بل واقاموا علاقات صداقة شجاعة مع زعماء المستوطنين". وختم (بارئيل) قائلا: "إسرائيل تستفيد من"اللاسامية" الأوروبية لأنها قد تدفع يهود أوروبا للهجرة لإسرائيل مما يسهم في تحسين الميزان الديموغرافي لصالح اليهود".
نتائج الانتخابات الأوروبية ربما تستدعي لدى الشرق الأوسط بعضا من التشاؤم. فرغم تبني الاتحاد الأوروبي، بصفة عامة، موقفا مؤيدا لتسوية القضية الفلسطينية، وتوجيه دوله انتقادات محددة للموقف الإسرائيلي، إلا أن هذه الدول تحتفظ بعلاقات خاصة مع إسرائيل. وفي نتائج استطلاع شامل أجراه "معهد كونتور"، التابع لجامعة تل أبيب، تأكد أنه "رغم أن أياً من المسؤولين الإسرائيليين لم يعبّر عن رضاه علنا عن نتائج هذه الانتخابات، إلا أن إسرائيل ترى أن صعود اليمين المتطرف سيحُول دون "أسلمة" أوروبا، وأن الرأي السائد لدى القيادة الإسرائيلية هو أنه عند المفاضلة بين "أوروبا المتأسلمة" وأوروبا اللاسامية"، فإن إسرائيل تفضل، دون تردد، أوروبا اللاسامية". ويضيف: "إسرائيل تأمل أن يسهم صعود اليمين المتطرف كرأس حربة في مواجهة خطر أسلمة أوروبا، وهو الخطر الذي يصل إلى مصافي المخاطر الاستراتيجية التي تخشاها إسرائيل، فضلا عن أنه سيدفع بقطاعات كبيرة من اليهود في أوروبا للهجرة إلى إسرائيل".
سؤال عالماشي - أبو مازن.. ثقافة الحرية والسلام
بقلم: موفق مطر – الحياة
يسعى المشعوذون والدجالون السياسيون لقتل أو اغتيال خصومهم بالسلاح لخسرانهم معركة العقل مع القادة التاريخين.. وما استهدافهم الرئيس الحكيم محمود عباس ابو مازن إلا تعبيرا عن عدائية عميقة مستحكمة لتاج الانسانية ( العقلانية ).
لا يتخذ المؤتمن على مصير شعب متاريس المتحاربين سبيلا, ولا يدفع بالشعب إلى مصائر مجهولة ليسجل اسم في قائمة الزعماء أو القادة المشهورين, وإنما يزاوج العقل الجمعي الفلسطيني مع رؤاه الخلاقة ويتخذ من حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة, المعترف بها سبيلا.
يطرح الرئيس ابو مازن السلام بمثابة ثقافة إنسانية, ومصلحة استراتيجية في السياسة, ليس لشعوب الشرق الأوسط التي تعاني الصراعات الدموية وحسب, بل لكل الدول الكبرى المعنية بعلاقة مع شعوب المنطقة, فالعدل يؤسس لديمومة المصالح, فيما تدمر المصالح المجردة من القيم الانسانية الأخلاقية فرص السلام القائم على العدل.
يقوم منهج ابو مازن السياسي على استراتيجية الحفاظ على عناصر الهوية الوطنية الفلسطينية, وتعزيز مقومات ديمومتها, بأشكال حضارية سلمية لا عنفية, تلقى قبولا وحضورا لدى شعوب الدول والحكومات التي ساهمت بانشاء اسرائيل.
يهتم ابو مازن بحياة الإنسان الفلسطيني, فهو كمسؤول اول ليس معنيا بالخطاب الانفعالي المفتوح على ساحات الموت العبثي, ومن الصعب على دولة الاحتلال التفوق على عقل وطني فلسطيني, معزز بثقافة الحياة والأمل بالمستقبل, وإرادة المؤمن بحقوقه, ومبدع لأساليب انسانية عصرية لمخاطبة العالم, فالانتصار للحق بالعقل امضى واقوى وأقوم من السلاح – فكل اسلحة العالم لن تضمن لاسرائيل حقا تغتصبه.
فالأسلحة تخط كتبها نيرانا ودمارا ودخانا وغبارا في ميادين المعارك والحروب, لكنها لا تخط في الذاكرة الانسانية حقوقا تاريخية وثقافة السلام..لذا. يستهدفون حياة الرئيس ابو مازن الشخصية والوطنية ومنهجه وانجازاته كقائد لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية ورئيس الشعب الفلسطيني المنتخب, لأنه عقبة أمام مشروع شرعنة الاحتلال والاستيطان, وتحويل الدين أو الطائفة الى قومية ودولة.
لا تحتمل الحالة الفلسطينية قراءة انفعالية, شخصانية, فئوية, عصبوية, حزبية, وفصائلية ضيقة لسياسة الرئيس ومنهجه في الحكم، ومن يفعل فانه يعبر عن خشيته من رقي وسمو شخصية ابو مازن القيادية، ومكانته المحفوظة بالمحبة والاحترام في قلوب وعقول مناضلي حركة التحرر الوطني الفلسطيني والشعب الفلسطيني، فهؤلاء قد أذهلتهم انجازات قائد الشعب الفلسطيني السياسية واحترام زعماء دول العالم وشعوبها، وقدرته على الثبات على الحقوق.
لا يقبلن وطني عاقل المساس بشخص ابو مازن، ولا المس بمكانة رئيس حركة التحرر الوطنية الفلسطينية وقائد الشعب الفلسطيني وهيبته. وليعلم الذين في قلوبهم مرض أن البيوت الزجاجية لا تحتمل صخور جبل الحق، فهل ظن هؤلاء أن الشعب الفلسطيني يغط في نوم مغناطيسي، وأنه غافل عن السحرة والمشعوذين السياسيين ؟؟!.