المقالات في الصحف المحلية
|
المقالات في الصحف المحلية
|
مهاترات نتنياهو!!
بقلم: حديث القدس – القدس
على اوروبا دفع ثمن أخطائها تجاه الفلسطينيين واليهود
بقلم: جون ويتبيك – القدس
حول السلام والحقوق الفلسطينية
بقلم: فيصل أبو خضرا – القدس
خيارات العالم العربي
بقلم: مروان المعشر – القدس
بين الجحود والافتراء..؟...الحاج أمين الحسيني زعيم الدولة الفلسطينية الأول
بقلم: صالح عوض – القدس
بقاء السلطة الفلسطينية - مصلحة فلسطينية عليا
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
إعلان الشاطئ : حقيقة الصفقة
بقلم: رجب أبو سرية – الايام
الثابت والمتغير في سياسات ثلاثة رؤساء مصريين تجاه فلسطين
بقلم: محمد ياغي – الايام
أصحيح أن الأسد ليس يانوكوفيتش!؟
بقلم: هاني عوكل – الايام
إنهاء الانقسام: حقيقة وواقع
بقلم: سميح شبيب – الايام
تغريدة الصباح - سيرة مرتجاة
بقلم: عدلي صادق – الحياة
عندما يصبح أولمرت خائنًا
بقلم: جواد بولس – الحياة
"أيها الإسرائيليون: استقلالكم... نكبتنا"
بقلم: د. أسعد عبد الرحمن – الحياة
القرضاوي وتجيير الدين
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
سقوط النص الصهيوني وصعود النص الفلسطيني!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
مهاترات نتنياهو!!
بقلم: حديث القدس – القدس
مرة أخرى عاد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو امس الى نفس اسطوانته المشروخة مطالبة الفلسطينيين بالاختيار بين وحدتهم الوطنية وتطبيق اتفاق المصالحة وبين «السلام» مع اسرائيل معطيا لنفسه الحق بالتدخل الفظ في شؤون الشعب الفلسطيني من جهة ومفضلا الرأي العام وكأن المصالحة الوطنية هي السبب وراء تعثر المفاوضات ووصول عملية السلام الى طريق مسدود، متجاهلا ممارسات ومواقف حكومته المتطرفة التي سدت الطريق امام تقدم عملية السلام قبل اتفاق تطبيق اتفاق المصالحة.
إن ما يجب ان يقال هنا اولا ان ليس من حق نتنياهو ولا أي طرف خارجي التدخل في الشأن الوطني الفلسطيني، وإن تشبث نتنياهو الان باتفاق المصالحة انما يشكل محاولة جديدة لتستر عورة تطرف حكومته وتهربها من استحقاقات عملية السلام. ويجب على حكومة اسرائيل ورئيس وزرائها ان يدركا ان الرأي العام العالمي بات يفهم تماما حقيقة الاحتلال الاسرائيلي وبشاعة سياسة الاحتلال بما في ذلك الانتهاكات الفظة للشرعية الدولية ولحقوق الانسان ومصادرة حق شعب باكملة في تقرير المصير وفرض التوسع الاستيطاني ومصادرات الاراضي والمداهمات والاعتقالات والحصار على الشعب الفلسطيني الذي يناضل من اجل حريته واستقلاله.
وللتذكير فان نتنياهو نفسه استخدم ذريعة الانقسام سابقا لتبرير تهربه من عملية السلام متهما الفلسطينيين بالتحدث بصوتين واليوم وبعد ان وصل الفلسطينيون الى إنهاء الانقسام واعتزموا تشكيل حكومة جديدة تحترم الالتزامات الدولية والاتفاقيات الموقعة يأتي نتنياهو ليناقض نفسه ويقول ان المصالحة هي سبب تعثر عملية السلام في مهاترات غريبة عجيبة لا تنسطلي على أحد.
والاخطر في مثل هذه المهاترات ذلك التخبط السياسي الاسرائيلي وذلك التصعيد غير المسبوق الذي تمارسه حكومة نتنياهو المتطرفة ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه ولعل سقوط شابين امس الاول برصاص القوات الاسرائيلية خلال فعاليات احياء ذكرى النكبة واصابة آخرين انما يشكل مؤشرا واضحا على نوايا هذه الحكومة المتشددة التي اطلقت العنان ليس فقط لجيشها وانما ايضا لعصابات المستوطنين التي ترتكب يوميا اعتداءات سافرة ضد الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين وضد اماكنهم المقدسة ورموزهم الرئيسية.
ولهذا نقول ان وحدتنا الوطنية وتطبيق اتفاق المصالحة انما يشكل الرد الانسب على هذه الغطرسة الاسرائيلية وعلى هذا العدوان السافر على شعبنا وحقوقه. ولن يردع شعبنا وكل قواه الوطنية مثل هذه المهاترات التي يطلقها نتنياه، فالسلام الذي يتحدث عنه هو التنازل عن الحقوق الفلسطينية والسكوت عن انتهاكات الاحتلال وجرائم مستوطنيه، اما السلام الحقيقي الذي تؤيده الغالبية الساحقة من دول العالم وشعوبه فهو السلام الذي يقوم على انهاء الاحتلال الاسرائيلي غير المشروع للاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وفي مقدمتها القدس العربية والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني وعاصمتها القدس وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة بموب القرارات الدولية.
حكومة نتنياهو التي تكتب بتعداتها باطلاق سراح الدفعة الرابعة من الاسرى واتخذت قرارا بوقف الاتصالات مع الجانب الفلسطيني وتمارس هذا الكم من الانتهاكات والعدوان هي التي يجب ان تختار بين طريق السلام الحقيقي العادل والدائم وبين استمرار الاحتلال البشع والانتهاكات الفظة للقانون الدولي والعزلة على الساحة الدولية والدفع باتجاه التصعيد والانفجار. ولكن يجب على نتنياهو ان يدرك ان شعبنا وفي كل الاحوال سيبقى متمسكا بحقوقه المشروعة وسيواصل مسيرته نحو انهاء الاحتلال ويمثل حريته واستقلاله ويعرف طريقه تماما بعيدا عن مهاترات نتنياهو وخياراته السقيمة.
على اوروبا دفع ثمن أخطائها تجاه الفلسطينيين واليهود
بقلم: جون ويتبيك – القدس
الآن وقد انتهت "عملية السلام" التي احتكرتها الولايات المتحدة، فعلى اوروبا الإمساك بالمبادرة ومحاولة القيام بعمل مفيد للاسرائيليين والفلسطينيين والسلام.
وإذا كانت الدول الأوروبية ما تزال تؤمن بحل معقول يمكن تحقيقه في نطاق "حل الدولتين"، فهناك العديد من المبادرات المفيدة المتاحة على الفور. يمكنها مثلا دعم وتعزيز شرعية الدولتين الراهنة من خلال الانضمام للدول الـ 134 التي قدمت اعترافا دبلوماسيا بدولة فلسطين.
كما تستطيع كذلك أن تطلب من الاسرائيليين الراغبين في الحصول على تأشيرات لزيارة الدول الاوروبية تقديم إثباتات على أنهم لا يقيممون في فلسطين المحتلة. والإجراء البناء أكثر هو فرض عقوبات اقتصادية على اسرائيل، وتصعيدها إلى أن تمتثل اسرائيل للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وتنهي احتلالها المتواصل منذ 47 عاما.
وإذا لم تكن الدول الأوروبية راغبة في القيام بخطوات كهذه، أو إذا استنتجت بشكل غير منطقي أن "حل الدولتين" المعقول لم يعد قابلا للتحقيق، وأن القضية الوحيدة هي ما إذا كان وضع الدولة الواحدة الواقع سيتطور إلى نظام تمييز عنصري "ابارتهيد" فعلي، او يمكن تطويره إلى نظام ديموقراطي فعلى هذه الدول، أن تتأمل تاريخها ومسؤولياتها من أجل تحديد أفضل طريقة للمسير إلى الأمام.
الحقيقة القاسية هي أن الصهيونية هي، وكانت دائما، حلما معاديا للسامية تم تحقيقه، يوفر الأمل بأن اليهود في بلد ما يمكن استدراجهم للمغادرة والانتقال لمكان آخر.
وكان السياسي البريطاني آرثر بلفور الذي أعطى اسمه للرعد المشؤوم عام 1917 مؤيدا مخلصا لقانون الأجانب لعام 1905، الذي كان هدفه بشكل خاص هو وقف تدفق اليهود القادمين إلي بريطانيا هربا من ملاحقة روسيا القيصرية. وبالتالي ففي أعقاب المحرقة النازية لليهود، وهي خطيئة اوروبية بالكامل، تجاهلت الحكومات الأوروبية بالإضافة للولايات المتحدة وكندا واستراليا بشكل مخز المناشدات العربية بالتعامل مع إعادة توطين اليهود المهجرين على أنها واجب والتزام عالمي، وذلك بالتخفيف من القيود التي تفرضها على الهجرة، ونتيجة لذلك توجه معظمهم إلى فلسطين، سعيا لبناء حياة جديدة حتىوإن كان الكثيرون يفضلون الاستقرار في أماكن أخرى.
وبدلا من استمرار الدول الأوروبية في الوقوف ضد العدالة والكرامة الإنسانية والقانون الدولي من خلال الدعم غير المشروط لتجربة استعمارية عرقية دينية عنصرية ، فإن هذه الدول التي لم تعد معادية للسامية يمكنها أن تفتح أبوابها لأي يهودي ولكل اليهود الذين قد تستهويهم فكرة بناء حياة أفضل جديدة لأنفسهم ولأولادهم، أو الهجرة لدول أخرى يختارونها، وتعرض عليهم حقوق الإقامة الفورية والمساعدات اللازمة لاستقرارهم، ومسارا سريعا للتجنس (إن لم يكن لديها بالفعل مثل هذا المسار).
مثل قوانين العودة الأصلية هذه ستكون إلى حد كبير مؤتلفة مع السامية ومع اليهودية ونعم، مع الصهيونية. وقد تعكس اعترافا أخلاقيا ذا مصلحة ذاتية بأن الصهيونية السياسية مثل غيرها من معتقدات القرن العشرين المسيطرة التي استحوذت ذات يوم على مخيلة الملايين، كانت فكرة سيئة بشكل مأساوي- ليس فقط بسب الأبرياء الذين علقوا أو سقطوا في طريقها، بل أيضا بسبب اؤلئك الذين اعتنقوها- وهو الأمر الذي جعلها مع كونها ظلت موجودة بسبب الدعم الغربي، فهي لا تستحق أن تستمر، لأنها تسببت وستتسبب إذا ظلت موجودة في مشكلات عميقة للعالم الغربي، وعلاقاته مع بقية دول العالم.
وترغب الدول الغربية في الدعوة "لاجراءات بناء الثقة" من جانب الاسرائيليين والفلسطينيين والعرب الآخرين، دون أن تقدم هي أي إجراءات من جانبها. ولن يعارض تقديم مبادرة بناءة للغاية متعددة الجنسيات للتعويض عن خطايا اوروبا السابقة بحق اليهود، وذلك بالترحيب باليهود الاسرائيليين وإعادة توطينهم في الدول الأوروبية، لن يعارضها سوى أناس هم إما معادون للسامية أو من الصهيونيين، أو من هاتين الفئتين معا.
وفي الأرض التي كانت حتى العام 1948 تدعى فلسطين فإن الديموقراطية والحقوق الإنسانية في دولة موحدة، ومعها حرية الاختيار والخيارات المغرية لإعادة التوطين عندما تتاح لكل من قد يفضل عدم العيش في دولة كهذه، يجب أن توفر المزيد من الآمال الواقعية للسلام مع بعض العدالة، بدلا من مواصلة تدوير عملية سلام مبنية على التقسيم، وهي ما أصبحت معترفا بها على أنها ممارسة تبعث على السخرية لقتل الوقت، والتي إذا "نجحت" ستشرعن ببساطة، وتكافىء وتكرس، التطهير العرقي والعنصرية والأبارتهيد- وهي بالكاد وصفة لسلام دائم، ناهيك عن أي قدر من العدالة.
ويجب التشكيك في الافتراضات القديمة بما في ذلك"النجاح" الذي لا يمكن تراجعه للتجربة الصهيونية. وحتى الأفكار التي كانت تعتبر ذات يوم نوعا من الهرطقة. مثل استعادة السلمية للتجربة الصهيونية - على الأقل في شكلهاالحالي الهجومي المحض باعتبارها "الدولة القومية للشعب اليهودي"- واستبدالها بالديموقراطية من خلال الاختيار الشخصي الطوعي وليس من خلال العنف، يجب الآن التفكير فيها.
ولو أن السياسيين الغربيين اهتموا برفاه وسعادة البشر من اليهود كأفراد، أكثر من اهتمامهم بالمال وقدرة عدد قليل من الأثرياء الأقوياء الصهيونيين القادرين على إيذائهم، ومعظم هؤلاء الأثرياء يعيشون مرتاحين وآمنين بعيدا عن الشرق الأوسط- فإن الديموقراطية والحقوق المتساوية وحرية الاختيار، وكل المبادىء التي تدعي الدول الغربية التزامها بها، ربما كانت ستأتي بالفعل "للأرض المقدسة".
ولتشجيع الدول الأوروبية على التحرك، فإن على حكومات الدول الإسلامية التي هاجر منها المواطنون اليهود إلى اسرائيل تستطيع، بل ويجب، أن تصدر وعدا جديدا على نمط وعد بلفور بأن مواطنيها السابقين من اليهود، بالإضافة لذراريهم، مرحَّب بهم للعودة إلى بلدانهم الأصلية، وأن تطالب الدول الأوروبية علنا بأن تحذو حذوها.
حول السلام والحقوق الفلسطينية
بقلم: فيصل أبو خضرا – القدس
بعد فشل كيري بحلم تحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين ،اصحاب الارض الحقيقيين حسب ما ورد والتاريخ القديم والجغرافيا في التاريخ الحديث، وهذا عكس تماماً ما صرح به نتنياهو امام اكبر لوبي يهودي صهيوني في العالم ( ايباك) عندما قال ان تاريخ اليهود في فلسطين يعود الى 4000سنة ونسي او تناسى ما تقوله التوراة حسب رؤية حزقايل والتي جاء فيها بالحرف الواحد بأن هذه الارض (معدنك كنعاني ،أباك اموري وأمك حثية )وهي قبائل عربية مائة بالمائة، بعد هذا الفشل لا اريد هنا ان اقول اكثر مما قاله أنبياؤهم لكن فقط اريد ان انوه بان التاريخ ثابت فيه بأنه وبعد ان تاه الشعب اليهودي في سينا أربعين عاماً اكتشفوا فلسطين والتي كانت تسكنها القبائل العربية، اي ان فلسطين لم تكن خالية من السكان.
والان بما ان الشعب اليهودي مقيم في ارضنا منذ مئات السنين، فأهلا بهم ولكن ليس كمحتلين ولكن كشعبين شاء القدر ان يتعايشا مع بعضهما البعض وكل شعب منهما يحترم دين الاخر.
ان المطلب الفلسطيني بسيط وكريم جداً مع هذا الشعب الذي هجرنا واستولى على اراضينا وارزاقنا بغفلة من ظلم لم يراع اي قيم أخلاقية او انسانية، وهذا المطلب هو دولة فلسطينية على حدود 1967 م والقدس الشرقية عاصمة لها، وعودة اللاجئين الى بيوتهم التي استولت عليها اسرائيل بالقوة ومن ثم اخترعت قانون الغائبين، ونحن ومنذ عام النكبة موجودين بالقرب من أرزاقنا.
وأخيرا وليس اخرا اطلاق سراح جميع المعتقلين من السجون الاسرائيلية، وخصوصا انهم تابعين لفصائل فلسطينية معترف بها من حكومة اسرائيل.
ان القرار التاريخي الذي صدر عن مجلس الامن سنة 1967م ويحمل الرقم 242 يقول الاتي: ان انسحاب القوات الاسرائيلية من اراض احتلت في النزاع الاخير (هكذا بالنص الانكليزي الاصلي بالقرار) وهذا البند الذي تتمسك به اسرائيل يعطيها الحق بقضم اي نسبة تريدها من الاراضي التي احتلتها سنة 1967م.
اما بالنسبة الى اللاجئين فيقول القرار تحقيق تسوية عادلة لهم- وليس عودتهم كما في القرار 194-.
فكلمة اراض هي المشكلة الحقيقية التي يعاني منها المفاوض الفلسطيني. هذه الكلمة التي تقول اراض وليس الاراضي حسب النص الفرنسي ثم حلها بما تم من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل حيث ان الاخيرة انسحبت من كل ملمتر من الارض المحتلة بما فيها طابا. لذلك لا يوجد اي سبب لتعنت اسرائيل بالاحتفاظ بأي ارض مهما كانت مساحتها قبل سنة 1967م.
وفي سنة 1991م وفي مؤتمر مدريد للسلام برعاية امريكا كان رئيس الوفد الاسرائيلي اسحق شامير قائد منظمة «شتيرن» الإرهابية التي اشتركت في مجزرة دير ياسين في 9-4-1948 (ذكرى النكبة) ، وحينها قال بالحرف الواحد باننا نقبل المفاوضات لاجل المفاوضات ، وهذا ما ينفذه الان نتنياهو والذي كان عضوا بالوفد الاسرائيلي انذاك . وفي احدى المقابلات الصحفية قال شامير وبعد خروجه من قصر الاليزيه في زمن الرئيس متران ان حدود اسرائيل هي النقطة التي يجلس فيها اخر جندي اسرائيلي. وهذا أيضاً ما يريد ان ينفذه نتنياهو.
علينا ان نتذكر التاريخ ونحن نتذكر النكبة كي نعرف ما هو الهدف الصهيوني تجاه قضيتنا التي كذب علينا الأوروبيون في معاهدة سايس بيكو بشأنها، اي بريطانيا بالاشتراك مع فرنسا وسلموا فلسطين الى عصابات نكلت بالشعب الفلسطيني بدون رحمة.
الان نشكر فرنسا على صحوتها المتأخرة ومازلنا نعتب على بريطانيا والتي لم يصح ضميرها حتى يومنا هذا.
اما بالنسبة لعودة اللاجئين بما صدر عن مجلس الامن يعتبر تراجعاً عن القرار الاممي 194لسنة 1949 حيث ان القرار رقم 194 ينص صراحة على العودة والتعويض لذلك نرى اسرائيل تحاول اللعب على هذه التناقضات وخصوصا ان القرار 242 ملزم اما القرار 194 غير ملزم.
لذلك على السلطة واجب وطني بان تتمسك بعدم التنازل عن حقوقنا الثابتة غير القابلة للتصرف والتي لا يملك احد ولا تملك اي قوة عظمى في العالم حق التصرف بها.
وهذا يعيدنا الى اعلان بلفور غير الاخلاقي ، والوعد الذي قدمته بريطانيا التي لا تملك سنتمتراً واحداً من ارض فلسطين اما الاكتفاء بالتعويض على من يريد العودة فهو يدخل في خانة النصب من اي جهة كانت، ونحن نشكر الرئيس على تصريحه في كل المناسبات بان حق العودة ثابت ومضمون.
اما موقف امريكا فهو قمة التناقضات مع الشعارات والمبادىء التي تؤمن بها والتي تذكر في دستورها وهو حقوق الانسان وحق تقرير المصير، فهي تريد تطبيق ذلك في كل دول العالم ماعدا الدولة الوحيدة العنصرية التي بقيت وهي اسرائيل.
وكم كان معيبا على امريكا ان ترفض الاعتراف بفلسطين كعضو في الجمعية العامة، وكم هو مخزي بان تكون بين عدد قليل جداً من الدول حيث انها كانت بين دول لا يتجاوز عدد سكان احداها خمسين الف نسمة في المحيط الهادي و اسرائيل وكندا.
واليوم تبين بان اسرائيل ليست بوارد اي سلام قائم على القرارات الدولية ، ولكن سلام مذل للشعب الفلسطيني.
اما الدول الاوروبية وامريكا فليس لديها العزم الحقيقي لمجابهة التعنت الاسرائيلي المفضوح، وتحاول رشوتنا ببعض الدولارات، لذلك ليس لنا الا التمسك في وحدتنا الوطنية ورسم خطة استراتيجية داخلياً وخارجياً لمجابهة عنجهية المحتل، والاعتماد على الدول التي تؤمن بعدالة قضيتنا.
خيارات العالم العربي
بقلم: مروان المعشر – القدس
عمان – عندما بدأت الصحوة العربية في العام 2011، لا بد أن هدفها الأساسي كان يدور حول تعزيز التعددية والديمقراطية -القضيتين اللتين أهملتهما صحوة العالم العربي الأولى المناهضة للاستعمار في القرن العشرين. لكن هذه العملية بدأت بعد ثلاث سنوات من النضال بقطع أولى خطواتها إلى الأمام تواً فقط. فهل تنجح الصحوة العربية الثانية في تحقيق أهدافها أخيراً؟
تتوقف الإجابة عن هذا السؤال على النموذج الذي قد تستخدمه البلدان العربية من بين ثلاثة نماذج لتوجيه وإدارة انتقالها: نموذج تشاركي بعيد النظر يهدف إلى بناء الإجماع؛ أو نهج يقوم على استئثار الفائز بكل شيء ويستبعد شرائح كبيرة من السكان؛ أو نهج تدميري لا توقفه حدود، ويركز على بقاء النظام فحسب. والواقع أن هذه النماذج تعكس الفوارق الشاسعة بين الظروف الحالية في مختلف البلدان العربية وآفاقها في المستقبل.
تُعَد تونس أقوى مثال للنموذج التشاركي، حيث شَكَّلت المعارضة السابقة حكومة ائتلافية من دون تدخل عسكري. بطبيعة الحال، لم تكن العملية سهلة، لكن التونسيين أدركوا بعد صراع متوتر أن التعاون هو السبيل الوحيد للمضي قدما.
في شهر شباط ، أقَرَّت تونس الدستور الأكثر تقدمية في العالم العربي، والذي يرسخ المساواة بين الرجال والنساء، وينص على التداول السلمي للحكم، ويعترف بحرية المعتقد -وهي خطوة غير مسبوقة في المنطقة، والتي حظيت بدعم القوى الإسلامية والعلمانية على حد سواء. وتجسد تجربة تونس الالتزام بما ترمز إليه اليقظة العربية الثانية من التعددية والديمقراطية.
لعل ما يدعو إلى التفاؤل أن تونس ليست وحدها على هذا المسار. فقد باشرت كل من اليمن والمغرب عملية سياسية شاملة نسبيا، حيث تسعى اليمن إلى إقامة حوار وطني وتشكل المغرب حكومة ائتلافية.
بيد أن هذا النموذج فشل في فرض سيطرته في العديد من البلدان الأخرى. ولنتأمل هنا حالة مصر، التي لاحقت النهج الثاني الإقصائي، حيث تتصور الأطراف كافة أنها تحتكر الحقيقة ويجوز لها بالتالي أن تتجاهل خصومها أو تقمعهم. وقد تبنى الإسلاميون في مصر بقيادة جماعة الإخوان المسلمين هذه الفلسفة حين كانوا في السلطة؛ والآن تتبنى القوى العلمانية التي أطاحت بهم في انقلاب تموز العسكري نفس النهج.
باختصار، أصبحت السياسة المصرية أشبه بمباراة حاصلها صفر -وكان الحاصل صِفراً حقا. فما تزال البلاد مبتلاة بالتهديدات الأمنية والفوضى الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي- وهي المشاكل التي لا يستطيع أي من المعسكرين أن يحلها منفرداً نظراً لحجمها الهائل. وإذا لم يبدأ زعماء الجانبين العمل معاً، فإن يقظة مصر سوف تظل حلماً بعيد المنال، وسوف يعاني المواطنون العاديون من العواقب الاجتماعية والاقتصادية.
ولكن النهج الثالث -والذي تجسده حالة سورية- هو الأكثر تدميراً. لن يتوقف نظام الرئيس بشار الأسد عند أي حد في سعيه إلى الفوز بما تحول إلى لعبة حياة أو موت. ومن ناحية أخرى، تظل المعارضة مجزأة، وهو ما يخلف فراغاً أمنياً تستغله الجماعات المتطرفة التي تتألف إلى حد كبير من مقاتلين أجانب. وكانت النتيجة تلك الحرب الأهلية المروعة التي حصدت مسبقاً أرواح 150 ألف إنسان على الأقل، وأجبرت الملايين على الفرار من منازلهم، ولا تلوح في الأفق أي نهاية قريبة لهذه المأساة.
تقدم الفوارق الصارخة بين هذه النماذج الثلاثة ونتائجها درساً واضحاً: إن التشاركية هي الطريق الوحيد إلى الاستقرار. وبالاستعانة بالنهج الصحيح، يصبح بوسع أي بلد أن ينجح في بناء مستقبل أفضل.
بطبيعة الحال، لم يكن تحديد المسار الذي اتخذته الصحوة العربية الثانية قائماً بالكامل على حدود وطنية. فقد تغلغلت المحظورات القديمة عبر العالم العربي. وعلى وجه التحديد، عجزت القوتان اللتان هيمنتا على الساحة السياسية لفترة طويلة -الحكام العلمانيون العسكريون أو أولئك الذين تدعمهم المؤسسة العسكرية غالبا، والمعارضة الدينية- عن الحفاظ على مكانتهما الحصينة؛ واليوم أصبحت كل من هاتين القوتين عُرضة على نحو متزايد لذلك النوع من الانتقاد الذي يميز الأنظمة الديمقراطية. وفي العديد من البلدان العربية، بات من المقبول حتى أن يكون النظام ليبرالياً.
ولكن، وعلى الرغم من انهيار النظم الاجتماعية الجامدة التي طالما عرقلت التقدم في العديد من البلدان العربية على مدى السنوات الثلاث الماضية، مع تحول الليبرالية إلى رؤية عالمية أكثر قبولاً، فإن تجربتي مصر وسورية تثبتان أن أهداف اليقظة العربية الثانية لم تكن مشتركة في كل البلدان. وما تزال الخصومات القديمة والهوس بالإيديولوجية والعادات الهدّامة تعترض سبيل الجهود الرامية إلى إيجاد حلول حقيقية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
إن المجتمعات العربية تستحق الأفضل. وكما أثبتت تجربة تونس، فإن هذه المجتمعات إذا تبنت مبادئ التعددية السياسية والتشاركية، فسوف يكون بوسعها أن تحقق الأفضل على الدوام.
* وزير خارجية سابق ونائب سابق لرئيس الوزراء في الأردن، وهو نائب رئيس دراسات السلام العالمي في منحة كارنيغي. آخر كتبه هو "الصحوة العربية الثانية: المعركة من أجل التعددية".
بين الجحود والافتراء..؟...الحاج أمين الحسيني زعيم الدولة الفلسطينية الأول
بقلم: صالح عوض – القدس
في هذه الأيام تلوح لنا ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني بحرمانه من إقامة دولته وإقامة اسرائيل على أرضه.. في هذا اليوم نقف إجلالا لكل زعماء الدولة الفلسطينية الرواد العظام وعلى رأسهم الحاج أمين الحسيني .. فالدولة الفلسطينية هي هدف الفلسطينيين من نضالهم المر خلال قرن من الزمان. ويبدو لأكثر من سبب أنها عقدة النجار التي لا تلاقي استحسانا لدى كثير من القوى الإقليمية والدولية إلى الدرجة التي يتم فيه تعامل البعض مع الانتهاكات الاسرائيلية كأمر واقع .. الأمر الذي ضاعف المعاناة على الشعب الفلسطيني وأثار التحديات الكثيرة أمامهم..
وللدولة الفلسطينية زعماء كان الرئيس الراحل ياسر عرفات من أكثرهم حضورا على الأقل للجيل الذي عشناه وها هو رفيق دربه الرئيس عباس يتحرك لتثبيت الحلم بواقع دولة فلسطينية رغم كل ما يمكن أن يقال عن فعاليتها وحجمها والقيود المفروضة عليها.. إنها الفكرة الأكثر بريقا أمام أعين الفلسطينيين الذين عرفوا كم هي مأساة شعب بدون دولة ترعى شئونه وتيسر أموره وتسيرها وتحمي كرامته..؟ شعب قد شتت على كل دول العالم ولم يعد في وطنه سوى الجزء الأصغر منه وتفرقت عوائله ومجتمعه ..
إلا أنني وجدت أن هناك ظلما كبيرا يلحق بأحد أهم زعماء فكرة الدولة والكيان السياسي الفلسطيني انه الحاج أمين الحسيني .. الذي كان على مدار نصف قرن رجل فلسطين الذي لم يشق له غبار .. وحاولت أن أتعرف على أسباب هذا التجني على الحاج أمين الحسيني فوجدته احد ثلاثة أسباب، الأول الجهل بمكانة الحاج وعدم الإحاطة بتاريخه الواسع..والثاني الدعاية الاسرائيلية ومن سار في فلكها حيث اتهامه بالنازية ومعاداة السامية .. والثالث القوميون واليساريون العرب بوجه عام حيث يرجع ذلك للصدام بين الحاج وعبد الناصر كما هو بسبب الموقف الأيديولوجي لليسار ضد الرموز الدينية..
من هنا يتطوع بعض أبناء الأمة ظلما للنيل من رجل هو أكبر قامة فلسطينية بلا شك ممتلئة ثقافة وخلقا ووعيا وكفاحا وألمعية ونبلا .. ودفعا عن أنفسنا وعن المناضلين في شعبنا وجدت نفسي مدفوعا بالذود عن أب الدولة الفلسطينية الأول وأب الوطنية الفلسطينية المتميز الحاج أمين الحسيني..
ذلك هو الحاج أمين الحسيني الذي جسد القضية الفلسطينية مبكرا في مواجهة المشروع البريطاني وعمل مبكرا على بناء مؤسسات وطنية تشمل كل التراب الفلسطيني لا سيما على صعيد الأوقاف والأملاك وصنع رأيا عاما حصن فيه الشعب ضد عمليات تسريب الأراضي للمستوطنين وخاض المواجهات والإضرابات لإيقاف عمليات التزوير التي تقوم به سلطات الاحتلال البريطاني في تسريب أراضي الوقف للجماعات اليهودية..
الحاج أمين الحسيني دارس الشريعة بالأزهر وخريج الكلية العسكرية باسطنبول والضابط في الجيش التركي والذي حمله الفلسطينيون على الأعناق وهو يتصدى للمؤامرات البريطانية مقيما مؤتمرا عاما يمثل فيه الفلسطينيون وقام بعده بتحركات جماهيرية بما يليق برجل فلسطين الأول مما استفز الانجليز وسعوا في اعتقاله حتى دخل المسجد الأقصى معتصما فيه وتمكن أهل القدس من تهريبه إلى خارج فلسطين ليقوم بفصول جديدة من الكفاح من أجل فلسطين والعرب.
في العراق اشترك مع الكيلاني في ثورة العراق الشهيرة وعمل جهده أن يكون حاضرا في المسرح الدولي حيث كان القرار بنزع فلسطين من بلاد الشام قد تم اتخاذه على مستوى الدول العظمى..فكانت حركة الحاج امين على أكثر من مستوى إقليمي ودولي لإسقاط المشروع الغربي الاسرائيلي وكما قال احد قادة إسرائيل إن الحاج أمين الحسيني اخر قيام دولة إسرائيل عشرات السنوات..
اعرف أن سلسلة كتب لن تحيط بجهود المفتي وبشخصيته ولن أحاول أن أتكلم بشذرات من هنا وهناك لذا فإنني سأقصر حديثي على معلمين من معالم كفاح المفتي والمعلم الأول: سعيه لإقامة دولة فلسطينية .. فلقد أسس الحاج الهيئة العربية العليا التي كانت تمثل الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية والعربية معلنا عن الوجود السياسي للشعب الفلسطيني مفندا بذلك المقولة الاسرائيلية المدعومة من الغرب: "شعب بلا أرض لأرض بلا شعب" ..
فكانت الهيئة عضوا مراقبا في الأمم المتحدة وفي جامعة الدول العربية كما في دول عدم الانحياز فيما بعد..وقبيل النكبة ألح الحاج امين على جامعة الدول العربية بضرورة الاعتراف بالهيئة ممثلة للشعب الفلسطيني إلا أن الرفض كان جواب الجامعة على مطالبته .. وبعيد النكبة سارع لعقد مؤتمر فلسطيني تشريعي في مدينة غزة تمثلت فيه كل الشخصيات ورؤوس القبائل والعشائر والشخصيات الاعتبارية والسياسية الفلسطينية وانبثق عنه حكومة عموم فلسطين وفيها عدد من الوزراء يغطون كل مجالات النشاط.. ومنذ اللحظة الأولى كان مهما صك العملة وإصدار جواز سفر باسم حكومة عموم فلسطين.
المعلم الثاني : علاقاته الدولية والإقليمية حيث كانت قدرته فائقة في ترتيب أوراقه وصنع تحالفات إقليمية ودولية تدفع بقضيته إلى واجهة الأحداث ولعل تحالفات الحاج مع ألمانيا هي التي جلبت عليه كل الهجمات المتتالية من قبل اليساريين والاسرائيليين والانجليز والأمريكيين وبالتبعية كل وسائل الإعلام التابعة والموالية لهم وكل من جعل مصادر ثقافته ومعلوماته تلك الوسائل..
إلا أننا نستطيع الجزم أن بحث الحاج امين كان ضروريا ومهما عن حلفاء دوليين ضد الحلفاء الذين أصدروا قرارا بمصادرة فلسطين .. من هنا كان تحالفه مع الألمان أي مع عدو العدو..أما الموقف من اليهود فرغم أن الحركة الصهيونية العالمية تتخذ منهم مادتها في تكون الجماعات اليهودية ضد شعبه البريء الأعزل إلا أن له مواقف مشهودة أمام النازيين بخصوص التعامل مع اليهود فلقد جمع لقاء بينه ومنظر الايدويولوجيا النازية بهذا الخصوص وبعد أن اطلع الاخير الحاج امين على تصنيفات وتحليلات وعمل واسع عن اليهود حول العالم منتهيا إلى حكم معروف بالتوسع في ملاحقة اليهود فقال الحاج امين كلمته الدقيقة:" مهما كانت صحة تحليلاتكم وعملكم النظري إلا أننا في الإسلام لا نستطيع أن نحاكم أحدا على تحليل أو على ظننا نيته إنما على أعماله فقط واليهود وغيرهم يتساوون في هذا.."
لقد كان الحاج مثقفا وفارسا ونبيلا وقائدا مثاليا وممثلا لفلسطين تقف له الملوك والزعماء إجلالا لمكانته ولمكانة القدس التي يمثلها فحق للقدس وفلسطين أن تفتخر به..انه الأب الأول للوطنية الفلسطينية وزعيم الدولة الفلسطينية الأول.. وعلني استطيع قريبا أن أكمل بحثي عن المفتي بعد ان اجتمع لدي كثير من الوثائق والأسانيد وذلك إنصافا لتاريخنا وحماية لذاكرة أبنائنا.. تولانا الله برحمته.
بقاء السلطة الفلسطينية - مصلحة فلسطينية عليا
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
في المقابلة التي أجرتها قناة "عودة" بمناسبة انطلاقها قال الرئيس محمود عباس إنه لن يحل السلطة الفلسطينية لكن إذا أرادت اسرائيل أن تسقطها فأهلا وسهلا فلتسقطها ولتستلم هي إدارة السلطة، والواقع أن هذا التصريح يضع حدا نهائيا للإشاعات والأقاويل التي ترددت مؤخراً عقب أزمة وقف المفاوضات وفشل مهمة كيري جراء رفض إسرائيل تنفيذ ما التزمت به من إطلاق سراح الدفعة الأخيرة من الأسرى حيث راجت تصريحات وإشاعات صادرة عن قيادات فلسطينية حول حل السلطة ودعوة إسرائيل لتحمل مسؤولية إدارة الأوضاع في الضفة الغربية.
والذي لا شك فيه أن إقامة السلطة الفلسطينية كان أحد أهم إنجازات اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني مع الحكومة الإسرائيلية عام 1993 لأنه لأول مرة منذ العام 1948 تقام سلطة وطنية فلسطينية باعتبارها أول كيان حقيقي سياسي فلسطيني يقوم على الأرض الفلسطينية ويحظى بتأييد غالبية الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات حيث يمارس الشعب الفلسطيني حقوقه السياسية في أجواء من الديمقراطية والنزاهة والحرية والشفافية، وتمثل ذلك في الإنتخابات في عام 2010 لولا الخلافات الداخلية الفلسطينية التي حصلت في غزة عام 2007 والتي أدت إلى الإنقسام المشؤوم والذي يأمل الآن الشعب الفلسطيني وضع حد نهائي له بعد اتفاق المصالحة الأخير والذي نرجو أن يجد طريقه الى التنفيذ.
كما أن السلطة الفلسطينية هي نواة حقيقية لإقامة دولة فلسطينية متكاملة الأركان كاملة السيادة في الأراضي الفلسطينية ضمن حدود الرابع من حزيران عام 1967، وقد استطاعت القيادة الفلسطينية وضع أسس ثابتة وراسخة لتلك الدولة المنتظرة من خلال الخطة الطموحة التي وضعها ونفذها رئيس الوزراء السابق الدكتور سلام فياض وذلك برعاية وتأييد مباشر من الرئيس محمود عباس، وقد أشارت منظمات وشخصيات دولية بنجاح تلك الخطة وأكدت أن الفلسطينيين يستطيعون إدارة دولة عصرية بكل نجاح واقتدار.
ويعمل في السلطة الفلسطينية الآن أكثر من مئة ألف موظف مدني يحصلون على أكثر من أربعين في المئة من ميزانية السلطة ويعيلون عشرات آلاف الأسر. وإذا حلت السلطة فماذا سيكون مصير هؤلاء ومصير أسرهم أيضا؟ هذا عدا عن منتسبي الأجهزة الأمنية حيث يحصلون على حوالي أربعة وعشرين في المئة من ميزانية السلطة ناهيك عن التزامات السلطة المالية تجاه الإخوة الفلسطينيين المقيمين في الخارج في الشتات خاصة المقيمين في المخيمات في سورية ولبنان والأردن، كما أن السلطة تحول حوالي سبعة في المئة من ميزانيتها إلى الخارج وذلك في صورة رواتب لكوادر السفارات والصندوق القومي والساحات الخارجية وقوات منظمة التحرير ومؤسساتها، وأما الأسرى فيحصلون على حوالي اثنان ونصف بالمائة من فاتورة الرواتب.
وكل هذا العبء المالي على السلطة الفلسطينية لا يشمل ما تقدمه من خدمات أساسية في مجالات التعليم والصحة ودعم الأسرة الفقيرة والإنفاق على شق الطرق وتحسين البنية التحتية وصيانة المرافق العامة وما تقدمه من دعم للمحروقات وغيرها. وهكذا يتضح جليا أن حل السلطة الفلسطينية ستكون له نتائج كارثية على ملايين الفلسطينيين في الضفة والقطاع والقدس الشرقية وفي الشتات الذين يعتمدون بصورة شبه كاملة على ما تقدمه لهم السلطة في كافة المجالات الحياتية.
من هنا يتبين أن بقاء السلطة الفلسطينية مصلحة فلسطينية عليا وأن حلّها سيكون كارثيا ليس على الشعب الفلسطيني فقط بل على اسرائيل ذاتها وعلى بقية دول المنطقة والعالم أجمع. فهل تستطيع إسرائيل تحمل مسؤولية إعاشة ملايين الفلسطينيين في الضفة والقطاع والقدس الشرقية الذين يعملون لدى السلطة الفلسطينية ويتلقون رواتب شهرية ثابتة؟ هذا عدا عن تحملها مسؤوليات التعليم والصحة والأشغال العامة، ومن هنا كان تراجع الحكومة الإسرائيلية عن قرارها حجز أموال الضرائب العائدة للسلطة الفلسطينية الذي كان من شأنه أن يضع السلطة في أزمة مالية خانقة وقد يؤدي إلى انهيارها وعجزها عن تحمل مسؤولياتها الضخمة تجاه أبناء شعبها.
وفي ذات السياق فإن حل السلطة الفلسطينية سيؤدي إلى انهيار الأمن وشيوع الفوضى وعودة حكم المليشيات والإنفلات الأمني وتعطل القضاء وعدم تنفيذ أحكامه وشيوع الجرائم بكافة صورها وأشكالها والذي نجحت السلطة الفلسطينية في منعه ووقفه ووضع حد نهائي له عقب تولي الرئيس عباس قيادة السلطة حيث استطاع بكل نجاح القضاء على الفوضى والإنفلات الأمني وحكم المليشيات وأعاد الأمن والأمان إلى الشارع الفلسطيني، كما أعاد إلى القضاء هيبته وأصبحت أحكامه تنفذ بصورة كاملة ما أدى إلى أن الأراضي الفلسطينية أصبحت من أكثر المناطق أمناً في العالم.
وهذا الأمن والأمان الذي رسخته القيادة الفلسطينية هو الذي أدى الى النشاط الإقتصادي العريض في الأراضي الفلسطينية وإلى افتتاح العديد من البنوك المحلية والعربية والمؤسسات المالية وإقامة الكثير الكثير من المصانع التي تستوعب الآلاف من الأيدي العاملة وإذا ما حلت السلطة الفلسطينية فماذا سيكون مصير تلك البنوك والمؤسسات والمصانع؟ وماذا سيكون مآل الآلاف من الموظفين العاملين فيها؟
ومن أجل بقاء السلطة الفلسطينية واستمرارها في تحمل مسؤولياتها تجاه ملايين الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات ومعرفة أهمية الدور الكبير الذي تقوم به تأتي المساعدات المالية للسلطة من الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي ومن دول عربية عديدة لأن هذه الدول تعلم أن البديل عن السلطة هو الفوضى وانتشار العنف والإنفلات الأمني، وهذا آخر ما تريده تلك الدول في هذه المنطقة الحساسة من العالم خاصة في ظل الأوضاع الخطيرة التي تشهدها الدول العربية من عدم الإستقرار وانتشار الإرهاب والحروب الأهلية في العديد منها الأمر الذي يهدد السلام العالمي.
إن السلطة الفلسطينية واحة للإستقرار والأمان وهي التي تسعى لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني في الحرية والإستقلال وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة على أراضيها في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وقد حظيت بمكانة مرموقة في المنظمة الدولية حيث نالت صفة عضو غير دائم العضوية في الأمم المتحدة كما أنها أصبحت عضواً في العديد من المنظمات والهيئات الدولية ولها شعارات ترفع علمها الفلسطيني في أكثر من عاصمة عربية ودولية.
ولا جدال في أن هناك إجماعا دوليا على تطبيق رؤية حل الدولتين دولة فلسطينية إلى جانب اسرائيل وإن حاولت حكومة اسرائيل كما قال الرئيس عباس في المقابلة مع قناة "عودة" تعطيل تطبيق هذه الرؤية، حيث أكد أن نفي حل الدولتين لم يعد ممكنا. وقد استطاعت القيادة الفلسطينية من خلال سياستها الحكيمة الواقعية العقلانية، كما قال الرئيس أبو مازن الحصول على مزيد من الكسب الدولي حيث كسبت أوروبا وبعد مرور وقت تكسب أميركا وتكسب أيضا أصواتا داخل إسرائيل نفسها.
وقد أبدى الرئيس خلال المقابلة حرصه على تحقيق السلام العادل مع الجانب الإسرائيلي وذلك من خلال المفاوضات حيث أكد أنه لا مانع لدى الجانب الفلسطيني من استئناف تلك المفاوضات وقال إن الجانب الإسرائيلي هو الذي أوقف المفاوضات ولسنا نحن، وأضاف إن العودة إلى المفاوضات يجب أن تتم بعد إطلاق إسرائيل سراح ثلاثين أسيرا، ثم نذهب الى المفاوضات لمدة تسعة أشهر إنما في الأشهر الثلاث الأولى نركز على الخارطة والحدود وتوقف اسرائيل خلالها نشاطها الإستيطاني.
وهكذا يتأكد مجددا أن الرئيس عباس رجل سلام بكل ماتعنيه الكلمة وليس ارهابيا كما يزعم بعض غلاة اليمين الإسرائيلي المتطرف، فالرئيس عباس وكما أكد في المقابلة لم يخرج من أجهزته الأمنية أي خطأ ولم تحدث أي عملية إرهاب، وأن اتهامه والفلسطينيين بأنهم إرهابيون كذب وإن هذه الفرية وهذا الإختلاف لن ينجحوا في تسويقه، فالعالم مفتوح والروايات التي يروجها اليمين الإسرائيلي غير صحيحة.
ولو كان الرئيس عباس ارهابيا لما انفتح على المجتمع الإسرائيلي ولما اتصل والتقى بممثلين عن كافة شرائح هذا المجتمع من يسار ويمين ومتدينين، حيث أن استطلاعا للرأي العام الإسرائيلي أشار الى ان جانبا من الإسرائيليين يريدون الحل السياسي وحل الدولتين ولكن وكما أكد الرئيس أبو مازن هناك طبقة حاكمة في اسرائيل لا تريد أن ترى الحقيقة والواقع.
وأخيرا فإن السلطة الفلسطينية ستبقى قائمة كخطوة نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي تكون تجسيدا للحلم الفلسطيني على أرض الواقع. والله الموفق
إعلان الشاطئ : حقيقة الصفقة
بقلم: رجب أبو سرية – الايام
مع التقدم الملموس والواضح على طريق المصالحة وإعلان إنهاء الانقسام، باقتراب موعد إعلان الرئيس محمود عباس عن حكومة التوافق الوطني، ازداد حجم الإشاعات وليس التسريبات من قبل عدد من الشخصيات المستوزرة، خاصة ممن يقطنون قطاع غزة، من شخصيات "مستقلة" في شكل جديد لاستجداء الوظيفة والمكانة العامة وتحقيق الطموح الشخصي، من خلال توظيف واستثمار التقدم في وسائل الاتصال، وأدوات الإعلام، خاصة الإلكترونية، سهلة الاستعمال وغير المكلفة، بحيث شهدت مواقع التواصل الاجتماعي "تسمية" الطاقم الوزاري، قبل أن يلتقي وفدا "فتح" و"حماس" في غزة، قبل أيام !
ما يعلنه الطرفان : "فتح" و"حماس"، رغم انهما _ بالتأكيد _ تداولا في الأسماء المرشحة لحكومة التوافق الثنائي بينهما، هو ان الحكومة ستكون مقلصة، تضم نحو خمسة عشر وزيراً، وهذا أمر جيد للغاية، كما انه لم يتضح بعد، إن كان الرئيس سيتولى رئاسة الحكومة شخصياً، أم انه سيوكل شخصية أخرى بذلك، وإن كان في حالة توليه هو شخصيا سيعين نائباً له، يقوم بتحمل بعض العبء عنه، ام لا، وفي كل الأحوال تؤكد حركة حماس أن هذا الأمر لا خلاف عليه وانه متروك للرئيس ليقرر فيه كما يشاء.
ليست هنا المشكلة، فقاطرة المصالحة انطلقت بشكل عملي منذ إعلان الشاطئ قبل ثلاثة اسابيع، بما يتضمن "شكلا" إنهاء الانقسام، والذي سيكون على اية حال نتيجة إنجاز عدد من الملفات، منها المصالحة المجتمعية، اجراء الانتخابات، دخول "حماس" لمنظمة التحرير الفلسطينية، لكن وحيث ان إعلان الشاطئ احتوى ما هو جديد ومهم وحاسم، نقصد بذلك توقيع إسماعيل هنية شخصياً على بيان تنفيذ اتفاقي القاهرة والدوحة، فان ما لم يعلن عنه بين الطرفين يبقى هو الأهم، فيما يمكن وصفه، بالاتفاق على صفقة المصالحة بينهما، والتي تضمنت ما هو في مصلحة وفي مقدور الطرفين خلال هذه اللحظة بالذات، حيث وجدت "حماس" نفسها في ضائقة بعد عزل الرئيس الإخواني في مصر، وبعد الإغلاق التام للأنفاق، كذلك وجدت "فتح" نفسها، في ضائقة جراء انتهاء الفترة التفاوضية دون إنجاز، بل ومع صفعة نتنياهو بعدم إطلاق المجموعة الأخيرة من الأسرى، مع ان الرد بالتوقيع على خمس عشرة معاهدة واتفاقية دولية، أزال الحرج عن السلطة.
يمكن القول إن عنوان الصفقة هو "فرد عباءة السلطة على قطاع غزة " من الخارج، وذلك من خلال عدد من الإجراءات، تحديدا هي : تشكيل حكومة واحدة، ثم تواجد رسمي للسلطة في معبر رفح ومعابر غزة مع اسرائيل، ثم إعلان موعد للانتخابات الرئاسية والعامة بعد ستة أشهر من إعلان الحكومة، ولا شيء غير ذلك.
وكل ما تحت هذا العنوان يظل معلقاً مع الأيام، ورهناً بإرادة الطرفين ومراهناتهما على الوقت، وعلى شيطان التفاصيل، خاصة ما يتعلق منه بالانتخابات، وعلى ما ستؤول اليه الأمور لاحقا، ولكل منهما كما اشرنا مصلحة، في الاتفاق بهذا الشكل، "حماس" ستخرج من دائرة المسؤولية عن حصار وفقر وعزلة غزة، وهي بذلك ضحت بحكومتها مقابل الإبقاء على حكمها _ على الأرض _ ولو الى حين، لهذا يؤكد قادتها ليل نهار، على ان "القسام" سيظل تحت إمرة "حماس" ولن يخضع لأي حكومة ولا حتى بعد الانتخابات، لكن هذا القول – برأينا _ ما هو إلا محاولة لتحلية المر وتمرير "تسليم حماس" بل وهزيمتها في النهاية، وقبولها بما كانت ترفضه سابقا، فـ "القسام"، نعم سيبقى تحت مسؤولية "حماس"، كما هو هو حال "كتائب الأقصى" و"سرايا القدس" وكل الأذرع العسكرية للفصائل، وهذا لا يمنحه امتيازاً ولا سلطة خاصة على الأرض، وكان هذا حاله قبل عام 2006 / 2007، ويمكن للسلطة الشرعية، خاصة بعد الانتخابات، القيام "بحملة" لفرض السلطة الشرعية على الأرض واحترام اتفاقياتها ومعاهداتها، خاصة في حال التوصل لاتفاق سلام، ويمكن أعتبار المجموعات المسلحة في أية لحظة جماعات خارجة عن القانون، خاصة في غزة، المحررة من الاحتلال، وبالقول بان المقاومة مكانها الضفة وليس غزة.
بصفقة الشاطئ، فضلت "حماس" الحركة، وربما الحكم على الحكومة، لذا فبمجرد ان وقع هنية بالذات اعلان الشاطئ، توارى الرجل، فيما واصل ابو مرزوق ومعه قيادة "حماس" في غزة الحوار مع وفد "فتح، الذي بدوره اكتفى من حضور ( ما سمي بوفد م ت ف ) بتوقيع المصري، البرغوثي، الصالحي وشحادة على الإعلان، وهكذا، لم تعد هناك حاجة لا لفصائل قريبة من "فتح" ولا لتنظيمات موالية لـ "حماس"، ولا حتى لشخصيات مستقلة للجلوس مع الطرفين، حتى ولو كشهود على ما يرتبه الطرفان من مستقبل لكل الشعب الفلسطيني.
تضيق الدائرة، إذاً، ما بين "حماس" و"فتح" حتى انها تقترب من ان تكون دائرة مغلقة، تنطوي على جلسات شبه سرية، وعلى الطريق الى خروج إسماعيل هنية من حكم غزة، فإن غزة تتداول معلومات مؤكدة، مفادها إقدام الرجل على توقيع عدد كبير من قرارات التعيين وبأثر رجعي، بهدف توظيف عدد من كوادر "حماس"، بمن فيهم مستشاروه الذين قام بتعيينهم في وظائف رفيعة دائمة، بقصد تحميلهم على فاتورة راتب موظفي "حماس" في غزة، التي يقال إن صفقة الشاطئ تضمنت ان تتم تغطيتها من دافعي الضرائب في غزة . تماما، كما كانت تفعل حكومة هنية خلال سبع سنوات مضت، حين كانت تجمع نحو أربعين مليون دولار شهرياً من المواطنين لتغطية هذه الفاتورة، وبهذا فإن كلا من "فتح" و"حماس" حققتا مصلحة خاصة لهما في إعلان الشاطئ عبر تلك الصفقة، التي لم تضع حداً للانقسام على الأرض ولكن فقط من الخارج وفي الإطار، وجاءت على حساب الحق العام، حيث إن الحق العام يشمل ان يكون التقدم للوظيفة العامة بناء على مسابقة وان يتم الاختيار لها وفق شروط عامة، كما أن الحق العام يتضمن أن يحافظ دافع الضرائب على حقه في تحديد طبيعة وجوهر الحكم، من خلال إجراء الانتخابات في موعدها، ان كانت بلدية أو برلمانية، فضلا عن قدرته على مساءلة ومحاسبة السلطة التنفيذية كل الوقت وفي أي وقت.
الثابت والمتغير في سياسات ثلاثة رؤساء مصريين تجاه فلسطين
بقلم: محمد ياغي – الايام
في السنوات الثلاث الأخيرة في مصر، كان هناك رئيس مخلوع وآخر معزول، وفي نهاية الشهر الحالي رئيس جديد هو على الأغلب وزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي.
لدى الثلاثة رؤساء قواسم مشتركة في قضايا عديدة - على صعيد السياسات الاقتصادية، جميعهم من دعاة الدفاع عن اقتصاد السوق.. على صعيد السياسات الخارجية جميعهم أراد ويريد علاقات قوية مع الولايات المتحدة ودول الخليج وحافظ وسيحافظ على مسافة واضحة من إيران وحلفائها في المنطقة، لكن تجاه فلسطين يبدو أن هناك فروقات بين الأنظمة الثلاثة.
الرئيس مبارك، اعتبر اتفاقات كامب ديفيد أساساً لعلاقة مصر بإسرائيل، لكنه في المقابل استفاد من بنود المعاهدة ليخلي مسؤوليته عن نشاط الجماعات الجهادية في سيناء وعن مئات الأنفاق التي تربط غزة بمصر. وفي الوقت الذي رفض فيه فتح معبر رفح بشروط غير تلك التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع إسرائيل، إلا أنه لم يسع لإحكام الحصار على غزة وترك الأنفاق تقوم في السر ما لا يرغب بالقيام به علناً بسبب علاقات النظام الدولية وانحيازاً لخياراته السياسية التي كانت تفرض عليه من وقت الى آخر تشديد إجراءات الحصار.
مبارك لم يرسل الجيش المصري لمحاربة الجماعات الجهادية في سيناء والسبب لا يعود لعدم قدرة الجيش المصري على ذلك، ولكن يبدو أن حسابات النظام كانت إستراتيجية وقائمة على عدم وجود مصلحة لـ"مصر" في حرب من هذا النوع لأن نشاط هذه الجماعات لا يستهدف الداخل المصري ولكن إسرائيل، بمعنى أن نظام مبارك رأى في هذه الجماعات استنزافاً لإسرائيل وبالتالي إذا أرادات إسرائيل محاربتها فلتفعل هي ذلك. هذا الخيار نابع من إدراك نظام مبارك أن سيادة مصر على سيناء ناقصة بحكم معاهدة كامب ديفيد، وبالتالي لا يوجد ما تستفيده مصر من حرب على أرض سيادتها عليها ليست كاملة.
نظام مبارك لم تكن له التزامات أيدولوجية تجاه قضية فلسطين لكنه اضطر للتعامل مع هذا الملف بسبب العمق العربي للقضية الفلسطينية وبسبب علاقات النظام الخارجية التي كانت تطالبه دائما بالتدخل. في هذا الاتجاه شجع النظام المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبنى سياسته على مبدأ "ما يقبل به الفلسطينيون تقبل به مصر"، كان يتجنب موضوع الصراع مع إسرائيل في الإعلام، وعندما كان مضطراً للحديث عنه، كانت المبادرة العربية للسلام توفر له المخرج المناسب مصحوبة دائماً بتحذير من أن عدم حل القضية الفلسطينية يؤدي الى تفاقم "الإرهاب" في المنطقة، لكن بالمجمل، لم توجد له سياسة أبعد من تشجيع فريقين يتنافسان في مباراة كرة قدم لا تعنيه.
الرئيس مرسي، أيديولوجياً، كان يعتبر القضية الفلسطينية قضية مصرية. سهل حركة العبور بين غزة ومصر على معبر رفح دون أن يقوم بفتح المعبر رسمياً، وبدأ بدراسة مشروع لمنطقة تبادل تجاري حرة على حدود غزة كان يمكنها لو نفذت مساعدة غزة على الصمود وإحداث تنمية في سيناء.
مثل نظام مبارك كان يرى أن معاهدة كامب ديفيد تنتقص من السيادة المصرية على سيناء وبالتالي فإن المعركة مع الجماعات الجهادية فيها ليست معركته، لكن بعكس نظام مبارك، كان يرى أن إحداث تنمية في سيناء يعزز من سلطة الدولة المصرية عليها. في السنة التي حكم فيها كان من الواضح أنه ملتزم باتفاقيات كامب ديفيد وأن لا نية لديه لإلغاء المعاهدة لأسباب لها علاقة بمحاولة الحصول على تأييد دولي لنظامه ولأن الأولوية كانت لحل مشاكل مصر الاقتصادية لا مفاقمتها بإعطاء مبرر لقوى دولية بمقاطعة مصر ولأن النظام كان يرى أن الأولوية يجب أن تكون لتمكين الجماعة من الحكم لا توفير مبررات لإبعادها عن الحكم.
عمل نظام الرئيس مرسي، مثل النظام الذي سبقه، على إطفاء الحرب التي دارت في عهده بين المقاومة في غزة وإسرائيل، لكن بعكس نظام مبارك، أظهر تعاطفا واضحا مع الفلسطينيين عندما أرسل رئيس وزرائه أثناء الحرب الى غزة للتعبير عن تضامنه مع الفلسطينيين. تجاه تطوير العلاقة مع إسرائيل، ألقى الرئيس مرسي الكرة بملعب إسرائيل هروباً من المسألة وتحدث عن ضرورة احترامها للشرعية الدولية وتنفيذ قراراتها من أجل "تعزيز السلام" في المنطقة وبعد ذلك يمكن الحديث عن علاقة مصر بإسرائيل وسبل تطويرها.
الرئيس القادم، عبد الفتاح السيسي، قدم رؤيته بشأن القضية الفلسطينية وإسرائيل في المقابلة التي أجرتها معه زينة يازجي من قناة سكاي نيوز. على عكس مبارك ومرسي، السيسي يرى أن سيادة مصر على سيناء كاملة وغير منقوصة، وبالتالي فإن على الجيش المصري مهمة القضاء على الجماعات الجهادية فيها. مصر بإمكانها أن ترسل ما تشاء من فرق الجيش والمعدات العسكرية لسيناء لمحاربة هذه الجماعات و"الطرف الآخر" لن يعترض على ذلك لأنه يعلم بأن قوة الجيش المصري "ليست غاشمة أو معتدية".
أيديولوجياً، يقف "الرئيس" السيسي في خط واضح ضد حركة "حماس" لأنهم في تقديره جزء من جماعة الإخوان في مصر التي يحاربها الجيش المصري، لهذا تم هدم جميع الأنفاق بين غزة ومصر وإحكام الحصار على غزة بما في ذلك الإبقاء على معبر رفح مغلقاً إلا في أوقات محدودة.
مثل سابقيه، "الرئيس" السيسي ملتزم باتفاقيات كامب ديفيد، لكنه مثل مبارك، لا توجد لديه أيديولوجيا تربطه بالقضية الفلسطينية، هو سيشجع المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتحقيق سلام بغض النظر عن طبيعته، وسيقبل بما يقبل به الرئيس عباس، وهو يشاهد "فرصة" للسلام بين الطرفين يجب اغتنامها. للأسف المذيعة اليازجي لم تسأل السيسي عن تفاصيل "الفرصة" التي يتحدث عنها لأن المشهد السياسي التفاوضي كما هو واضح لكل متابع مغلق، لكن الحديث عن وجود "فرصة" للسلام يؤكد أن الرجل يتحدث عن عموميات تخص رؤيته لهذا الملف وهي قائمة على تشجيع المفاوضات أياً كانت الظروف والنتائج لأن هذا ينسجم مع استحقاق حاجته للحصول على شرعية دولية لنظامه الجديد.
هذا العرض السريع لسياسات ثلاثة رؤساء يوضح أن المرحلة القادمة ستكون المرحلة التي يحصل فيها الجانب الفلسطيني على أقل دعم من الدولة المصرية. النظام الجديد يعتبر غزة مشكلة لأمنه، وحاجته للشرعية الدولية ستدفعه الى الوقوف الى جانب المفاوضات السياسية مع إسرائيل بغض النظر عن الخسائر التي ترافقها للجانب الفلسطيني، وفوق ذلك انشغال النظام الجديد بحربه على جماعة الإخوان ستبعده أكثر عن الاهتمام بالقضية بالفلسطينية.
أصحيح أن الأسد ليس يانوكوفيتش!؟
بقلم: هاني عوكل – الايام
حينما أطاحت المعارضة الأوكرانية بالرئيس المخلوع يانوكوفيتش، واستولت على السلطة وأصبح الأخير في صف المعارضة هارباً من بلده، بعث الرئيس السوري بشار الأسد برسالة إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، يقول فيها إنه ليس يانوكوفيتش.
الأسد أراد من هذه الرسالة التأكيد على أنه لن يرحل عن السلطة مهما كلفه ذلك من ثمن كبير، وأن نظامه متماسك وثابت على مختلف المستويات، السياسية والميدانية، وهي رسالة ربما ليست مرتبطة ببوتين فقط، بقدر ما أنها رسالة للجميع أن النظام السوري متحصن وواقف على أرضية صلبة.
والحقيقة أن رسالة الأسد تعكس واقعاً فعلياً، لأن دولاً عربية أصابها الربيع العربي، انهارت أنظمتها كما حصل مع تونس ومصر وليبيا التي اختار زعيمها القذافي أزلامه بعناية فائقة، ومع ذلك كان كثير منهم أول من هرب وانضم إلى المعارضة، إلى أن طار النظام.
القصد من هذا أن الوضع السوري مختلف كثيراً عن باقي دول الربيع العربي، نظراً لأن سورية أصابتها بدايةً الاضطرابات والتظاهرات السلمية، التي سرعان ما تحولت من المربع السلمي إلى نظيره العسكري وإلى بروز جماعات مسلحة لم تعد فقط سورية صافية مائة بالمائة، إنما انضمت إليها جماعات من كل حدب وصوب.
كان يمكن للنظام السوري أن يستنزف كل مقومات الصمود لو كانت المعارضة وطنية تواظب على التظاهرات السلمية، لكن التحول الدراماتيكي في طبيعة النزاع على الأرض، أكسب النظام رصيداً شعبياً وجعل من بنيته متماسكة على حساب تشتت المعارضة وارتهان الكثير من جماعاتها للغرب ولدول مختلفة.
ثم إن الوقفة الروسية بـ "الباع والذراع" كان لها حساباتها الكثيرة التي أثرت إيجاباً على قوة النظام السوري، وهذا أمر مفروغ منه ولا أحد يمكنه التهرب من أن صمود سورية لا يقتصر فقط على تماسك النظام من الداخل، بل يتجاوز ذلك إلى الدعم الذي حصلت عليه الحكومة السورية من روسيا والصين وإيران وحزب الله.
ربما يشعر الرئيس بشار الأسد أنه من الضروري إعادة ترشحه لرئاسة سورية لأسباب كثيرة، أولها أن النظام دفع الكثير حتى يحافظ على هيبته ولا يقع فريسةً للمعارضة، والأمر الثاني أن الأخيرة بتشتتها وارتباط أجندتها بالغرب، حسنت من موقف النظام أمام جمهوره، الأمر الذي ربما دفع الأسد لإعادة انتخاب نفسه، في ظل عدم توفر بديل لقيادة سورية.
الآن هناك محاولة لاستثمار النزاع المسلح وفشل الحل السياسي إلى إعادة إنتاج النظام السوري عبر الوسائل الديمقراطية، وعبر إجراء الانتخابات التي تعقد أوائل شهر حزيران المقبل، وسط اشتداد للنزاع مع المعارضة وتفوق نسبي للقوات الحكومية وسيطرتها على مناطق كانت في السابق تحت إمرة المعارضة.
ويبدو في الأفق تحركات ومساعٍ سريعة لإحداث نقلات نوعية في موازين القوى الداخلية، في ظل غياب التوافق الدولي وإدارة كل لاعب منخرط في النزاع السوري، الظهر للطرف الآخر، ففي حين استقال المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي من منصبه رسمياً، فإن ذلك يعني بالتأكيد أن الحل السياسي قد فشل، وهو فاشل أقله في المرحلة الحالية.
وحالياً تسعى المعارضة السورية التي ربما لن تتمكن من تعزيز وجودها على حساب النظام السوري، نقول هذه المعارضة تسعى للحصول على دعم قوي من الغرب، فهذا أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض الذي التقى مؤخراً بالرئيس الأميركي باراك أوباما، لم يحصل على الدعم الذي يريده.
الجربا كان يطمح بالحصول على أسلحة قوية وفتاكة وتغير في موازين القوى الداخلية، ولم تأت مخرجات اجتماعه مع أوباما على أي من المساعدات العسكرية، الأمر الذي يعني أن واشنطن متخوفة جداً من موضوع تزويد المعارضة بالسلاح الفتاك، وهي لن تفعل ذلك.
ولعل الاستراتيجية الأميركية تستهدف إطالة أمد النزاع السوري ورفع الكلف إلى مداها الأقصى، نحو تدمير سورية بشكل كامل، والمساهمة في إعادة بنائها وفتح السوق أمام الصادرات الأميركية، وهذا يبدو أنه استراتيجية جديدة في ضوء عدم قدرة الولايات المتحدة على حسم النزاع، والأهم تحوطها من المعارضة السورية المتطرفة التي باتت تنظر إليها بعين القلق والريبة.
حتماً سيحصل الجربا على التأييد والدعم الأميركي والأموال التي تمكّن المعارضة من الصمود أمام قوات النظام السوري، ومجموعة أصدقاء سورية تقدم الدعم الذي يبقي المعارضة المعتدلة في تنفس دائم، لكن لم تتبن ولا دولة قراراً بإرسال أسلحة من شأنها أن تقلب موازين القوى لصالح الجيش الحر والجماعات الأخرى المعتدلة.
وتشعر عدد من دول مجموعة أصدقاء سورية، بالقلق الشديد نتيجة ذهاب مقاتلين من أبنائها وانخراطهم مع الجماعات المتطرفة ضد النظام السوري، وبات يشكل هذا بالنسبة لها هاجساً وتحدياً أمنياً قد ينعكس عليها سلباً في حال عاد هؤلاء إلى بلدانهم.
هذا يعني أن مجموعة أصدقاء سورية تمشي على الخطى الأميركية، بحيث أنها تقدم الدعم السياسي والعسكري للمعارضة المعتدلة، وتبقيها صامدة أمام غريمها القوات النظامية السورية، ولا يبدو في الأفق الحالي أن هناك مسارا للسياسة، بل هو الميدان عنوان النزاع الحاضر كل الوقت.
السؤال المطروح الآن: ماذا يعني انتخاب الأسد لرئاسة الدولة من جديد؟ ربما لن يغير ترشح الرجل وانتخابه شيئاً من الواقع، خصوصاً وأن روسيا تنظر إلى هذا الأمر باعتباره شأناً داخلياً وحالة طبيعية، في حين تندد الولايات المتحدة بهذا الإجراء وتعتبر الأسد رئيساً غير شرعي.
قبل ترشح الأسد تنظر المعارضة ولا تزال تعتبر الأول فقداً للشرعية، وكذلك الحال الدول الكبرى المنخرطة في النزاع، وبعد الانتخابات لن يتغير هذا المضمون، وسيبقى النزاع على أشده، إلى جانب أن استقالة الإبراهيمي تحمل دلالة على أن الأجواء الحالية غير مهيأة لاستقبال أو استكمال المسار السياسي.
وعليه فإن السيناريو الأفضل وربما الأنسب لهذا الوضع القائم، يتصل باستمرار النزاع السوري العسكري، لأن التعويل على الحل السياسي أمر غير قائم في هذه المرحلة، لكن الفاتورة الوحيدة التي يدفع ثمنها هو الشعب السوري الذي فقد 150 ألفاً من أبنائه ودماراً في بلد كان حضناً للاجئين من مختلف الدول المجاورة، وصار اليوم ربما الأكثر من بين دول العالم نزوحاً للسوريين.
إنهاء الانقسام: حقيقة وواقع
بقلم: سميح شبيب – الايام
منذ الإعلان عن إنهاء حالة الانقسام، لا أزال أتعرض للسؤال ذاته، في الأماكن العامة التي أرتادها، ممن أعرفهم او يعرفونني عبر وسائل الإعلام، السؤال هو: هل ستنجح المصالحة وهل ستشكل حكومة وفاق وطني؟!! السؤال في حد ذاته، يحمل شكوكاً ومخاوف!! وعند سماع الجواب بالإيجاب، يستغرب السائل هذا الجواب!!
في الذاكرة الشعبية، ما يحمل على طرح هذا السؤال، وتلك الشكوك. وفي مخزون الذاكرة، العديد العديد من الأفكار الخاطئة التي بثتها وسائل الإعلام المختلفة، والتي تحمل المواطن على الشك في الواقع والمستقبل في آن.
مع تشكيل الحكومة، ستزول مقدمة الشكوك، ويصبح المواطن الفلسطيني، أمام حالة حية ماثلة، وهي حكومة وطنية ائتلافية، تمثل الفلسطينيين جميعاً، وبعد ذلك سيبدأ المشوار الميداني - العملي، لإنهاء حالة الانشقاق في مختلف أبعادها واتجاهاتها.
إنهاء الانقسام، ليس فكرة مجردة، ولا اجتهاد ذكي لحزب او هيئة بعينها، إنهاء الانقسام هو عملية سياسية، تطال المجتمع الفلسطيني بكافة مستوياته وهيئاته وقواه وأحزابه السياسية.
ما جاء به الانقسام من حالات وهيئات وتوجهات وبنى إدارية - وأمنية مختلفة، كان حالة طارئة على الفلسطينيين، لها مسبباتها بالتأكيد، لكن تلك المسببات هي أمر طارئ، وغير قابل للعيش والبقاء.
طال أمد الانقسام 2007 - 2014، وتنوعت مظاهره، وكان أبشعها ما حدث في سفك الدماء، وفي التعبئة الإعلامية التحريضية ومن الطرفين على حد سواء. فيما اذا عدنا لتلك الحملات التحريضية، لوجدناها - الآن - حملات فارغة من المضامين الصحيحة، التي تصب في قنوات العمل الوطني السليم، تم تصوير م.ت.ف والسلطة الوطنية الفلسطينية، وكأنها ألعوبة بيد الولايات المتحدة وإسرائيل. وبأنها مسلوبة الإرادة، لا حول لها ولا قوة. جاءت أحداث ومواقف كثيرة، وبرهنت على عكس ذلك، لكن قوة الدعاية والإعلام، حالت دون رؤية تلك الحقيقة الساطعة، كان الرئيس محمود عباس يقول، جربونا وعند التجربة الأخيرة، استشاطت إسرائيل غضباً مهددة متوعدة، وكذلك فعلت الولايات المتحدة، لكن الإرادة الفلسطينية الصلبة، أنجحت إعلان إنهاء حالة الانقسام، كما أنجحت مباحثات تشكيل حكومة الائتلاف الوطني.
أظهرت الإرادة الوطنية الفلسطينية، مدى هشاشة المواقف الأميركية والإسرائيلية وعدم منطقية مواقفها.
الإرادة الوطنية الفلسطينية، تتعزز وتتصلب وتقوى في ظل إنهاء حالة الانقسام، وم.ت.ف تتعافى وتنشط وتتجدد في مسارات الوحدة والائتلاف.
إنهاء الانقسام مسار سياسي - إداري ومؤسساتي، وهذا المسار يحتاج الى جهود دؤوبة ومتواصلة، تتطلب إسقاط مصطلحات الخلاف والانشقاق، وإفراز مصطلحات ومفردات الوحدة وإنهاء الانقسام.
تغريدة الصباح - سيرة مرتجاة
بقلم: عدلي صادق – الحياة
يُلحُ عليَّ خاطر الكتابة عن رحلة العمر. فلكتب السيرة مذاق خاص، سواء تلك التي يسجلها صاحبها عن نفسه، وتسمى ذاتية، أو التي يسجلها كاتب عن قامة سياسية أو أدبية أو فكرية أو إعلامية، وتسمى سيرة غيرية. وثمة خطأ أو حرج شائع، وهو أن من يدون سيرته الذاتية، كمن يُنصّب نفسه قامةً أو علامة فارقة. لكن الأوساط النقدية في العالم العربي، لاحظت غياب نوع ثالث من كتب السيرة، يسمونه "سيرة العوام" ويرونه مصدراً مهماً للصور من التاريخ الاجتماعي للناس، يقدم أنماط التقاليد ومشاهد الحياة في زمن الراوي. فهذا النوع من أدب السيرة، شائع عند أمم العالم، يكتبه صحفيون أو كتّاب محترفون، فيما يمليه عليهم، رواة بسطاء تلقائيون، يقولون كل ما يتذكرون!
بقدر ما يتحرج محسوبكم، من طرح نفسه قامةً، فإنه يتحاشى مظنة التزيّد في التواضع، حين يقدم نفسه واحداً من العوام. فأخوكم بدأ سنوات حياته كشاب صغير، مقاتلاً في قوات "العاصفة". جُرح في إحدى المعارك، قبل أن يؤسر في أعالي البحر المتوسط، ليطوي في السجن نحو تسع سنوات. قبلها عمل في وسط الأردن وجنوبه، وفي جنوبي لبنان، وأغوته العلوم العسكرية. أما في السجن، فقد قرأ كثيراً وتعلم اللغة الإنجليزية. هناك، من بين الجدران، بدأ دخول فضاءات جديدة بغير استئذان، وبلا انتظار للتأهل الأكاديمي، فجعل من نفسه مترجماً، يوائم بين علاقته البصرية الناشئة مع اللغة الثانية، ومحاولاته التعبيرية بلغته الأولى، مستفيداً من مهارات اكتسبها بالقراءة. وما أن لفظه السجن، حتى وجد نفسه ذا حصيلة معقولة، قياساً على ما لدى أقرانه الطلقاء الذين يأخذهم صخب الحياة وضجيجها الى عزوف عن القراءة. كان استئناف العمل الوطني، بعد السجن، رهنا بمشاعر طاغية أحس بها السجين السابق، دفعته الى الاستمرار في حياة توقفت منذ لحظة الاحتباس الأولى. كأنه يسترجع حقه في العودة الى سياقه الأول. لكن طبيعة العمل الذي وجد نفسه فيه، كانت لها ضرورتها، مع تبدل الأوضاع واتجاهات الرياح. فبعد فقدان بلد الارتكاز اثر اجتياح العدو للأراضي اللبنانية، كانت الوُجهة المناسبة، الى بلد لم يسافر اليه الفلسطينيون إلا للعمل في قطاعات التعليم والصحة والبناء وسواها. فكيف يرتكز هناك؟ كانت الصحافة هي الفضاء الأنسب. ولكن كيف يدخل فضاءً كهذا بلا استئذان ولا تأهيل أكاديمياً ولا تجربة سابقة. في الحقيقة، دخل العبد لله، ربما من ثغرة صغيرة ومؤقتة، بين تدبيرين: مسابقة الحصول على الوظيفة، بدأت قبل إجراء التقدم بالأوراق. نجح كمترجم محرر، ولما طولب بالأوراق، طرح عذره الكبير: كنت أسيراً. كان العذر كافياً لإعطائه مهلة، لكي ينتسب الى جامعة وأن يتقدم للامتحانات في إجازته السنوية، حتى يتحصّل على شهادته الجامعية الأولى. وهكذا كان!
هذا المحرر الصحفي، الذي أحرز وظيفته بفضل خطأ في التسلسل بين تدبيرين؛ هو الذي لفظ الوظيفة مثلما لفظه السجن، فاستقال اعتراضاً على الخط التحريري للصحيفة أثناء الحرب على العراق. اضطر بعدها للعمل لسنة واحدة، مع شركة صحافة انجليزية في دبي، مختصة في تغطية رياضة البذخ، كالراليات وسباقات القوارب السريعة والدراجات البخارية، وحفلات التفاريح التي كانت تقيمها شركة طيران ناشئة ثم اختار أن يخلعَ تاركاً أجراً مجزياً. كان ثمة عمل موازٍ، من غير جنس العمل، ويجمع بين العملين عنصر حبس الأنفاس ولحظة الانطلاق.ففي وقت تحرير خبر السباق، كان يتابع تطورات سباق آخر مع مصاعب وصول الشباب الى الأراضي المحتلة: دولٌ وجنود وحدود وجوازات سفر وتأشيرات. وجوه وأسماء وحكايات. كان مُقيماً محسوبكم في أماكن أوسع كثيراً من موضع المكوث. تغشاه فكرة الارتحال ولا تشده الى المكان فكرة الإقامة. ارتحل في النهاية، ليبدأ فصلاً جديداً من رحلة العمر. وعلى امتداد السنوات، بين بدء الهجوع بعد الهجوع، وبدء الرحيل بعد الرحيل؛ توجعت المسافات، بحسابات أخطأت وأصابت. بأصدقاء خطأ وأصدقاء صواب، وبالمرأة الخطأ والمرأة الصواب، وبالأمال وبإلإحداثيات الخطأ ونقيضتها الصواب. كان السراب، من حيث هو مرئي ولا استحوذ عليه، هو صنو اليقين. لم يكن جرى، حتى تلك اللحظة، معظم ما هو مثير ومفعم بالمفارقات والعناوين الكثيرة في الفصول التي مرت قبل السراب. لتكن سيرة واحد من العوام، أو سيرة رجل على قناعة بأنه ذو تجربة مختلفة، قياساً على سير كثيرين، ذهبوا وتعلموا ثم مكثوا في وظائفهم حتى تقاعدوا. كانت تجربة الجمع بين فضاءات غير متجانسة: البحر والسجن، التوجيهي العلمي والتوجيهي الأدبي، الديبلوماسية التي تجامل، والصحافة التي تصارح. السباق الذي يبهج اللاهين والحرب التي يألم فيها الجادون. الصحيفة التقليدية، تابعة أولياء النعمة والصحيفة الطليقة التي لا تطيع ولياً للأمر. كانت فلسطين حاضرة لا تغيب، على امتداد المسار، وكانت سيرة حياة!
عندما يصبح أولمرت خائنًا
بقلم: جواد بولس – الحياة
أثار قرار قاضي المحكمة المركزية في تل أبيب، دافيدروزين، ردود فعل متضاربة داخل المجتمع الإسرائيلي، وخصوصًا في أوساط النخب وبين فقهاء في القانون ومحترفي السياسة، فتفاوتت مواقفهم بين مؤيد له جملةً وتفصيلا وبين منتقد للقرار بشقّيه؛ العقوبة القاسية والديباجة الحادة التي لم يسبق لقاض في المحاكم الاسرائيلية أن طوّعها ليبرر حكمًا في حق متهم من فصيلة أولمرت وصحبه من المتهمين الثمانية المدانين معه، وكلّهم من عِلية القوم وسادته.
فبعد أن أدان القاضي المتهم أولمرت بجرائم تلقي الرشاوى وتهم أخرى، وصف أفعاله "بالخيانة" و"بالجشع الخنازيري" وبسيل من الأوصاف التي تليق بمحاكم وقضاء العالم السفلي ومجرميه.
لا أكتب كي أنحاز لأي من المعسكرين، فما فعلته زمرة المتهمين وأولمرت هو جريمة خطيرة، وعليهم أن يدفعوا ثمنها بسنوات سجن طويلة تكفل إبعادهم عن مراكز القوة والتأثير.
كما أنني لا أبالي لما سيخلقه من حرج دخول أولمرت ومعه مخزون ما يعرفه من أسرار ومعلومات إلى واحدة من أخطر الساحات وأكثرها قذارة وحساسية، وهو الذي سيكون بمقربة وصحبة مجرمين، وفيهم من كل وكر "فأرة"، ولا لقساوة ما ورد من ألفاظ وأوصاف بدت غريبة على كياسة اللغة الدارجة في قرارات قضاة المحاكم، لا من أجل ذلك أكتب، بل لأثير بعض القضايا التي غابت عن أقلام كتّابنا وخطابات سياسيينا، ولأطرح أسئلة قد يكون لها أثر ومعنى على حياتنا، نحن العرب الساكنين في إسرائيل.
فهل،مثلًا، يعتبر هذا الحكم شهادة على استقلالية ونزاهة القضاء الإسرائيلي وقوة واستقامة قضاته؟
هل بتقديم رئيس حكومة أسبق وثمانية من رجال المال الأقوياء شهادة على نزاهة أجهزة التحقيق والنيابة وشفافيتها؟
وهل تعتبر الإدانة نصرًا للحق العام من شأنه أن يعزز سلطة القانون على ما تعنيه هذه القيمة العليا في نظام حكم الدولة الحديثة، وكما كنا نريدها كمواطنين في الدولة؟
وأخيرًا، ماذا يعني تقديم هذا الكم ومن "نوعية" هؤلاء المتهمين، لا سيّما وسبقهم الى زنازين السجون، رئيس دولة ووزراء ورؤساء بلديات وقياديون في الجيش وقاض في محكمة مركزية وكثيرون أدينوا في السنوات القليلة الماضية؟
هل يعتبر هذا دليلاً على نجاعة النظام ووقوفه في وجه الجريمة والمجرمين؟
قبل سنوات قمت بتمثيل شاب فلسطيني اتهم بطعن وقتل جنديين إسرائيليين. وقف الشاب في المحكمة المركزية، وأعلن أنه لا يعترف بالمحكمة ولا يهمّه ماذا سيكون حكمها، فهو مقتنع بما فعل، وطلب إعفائي من مهمة الدفاع وأصر على موقفه.
تفاصيل القضية، على أهميتها، ليست ذات علاقة هنا، فبعد عدة جلسات حكمته المحكمة بمؤبدَين. استأنفت النيابة العامة للمحكمة العليا وطالبت أن يُحتسب الحكم تراكميًا، فقضاة المركزية لم يكتبوا ذلك في قرارهم، مما سيؤدي إلى احتساب الحكم مؤبدًا واحدًا فقط.
استدعاني قضاة العليا وطلبوا أن أقدم مرافعتي خطيًا، لأنهم اعتبروا القضية سابقةً سيعطون فيها قرارًا مبدئيًا. حاولت التملص، فالشاب لا يريد أن يتعاطى مع القضية، وهو غير مكترث لما سيقرره القضاة.
لم أمتثل للقرار في الوقت المحدد. بعد ستة شهور هاتفني السكرتير الأول للمحكمة عاتبًا، ونقل لي "زعل" القضاة علي وطلب أن أكتب صفحةً واحدةً من أجل البروتوكول وصحة الإجراء الصوَرية.
بعثت موظفتي لتقوم بتصوير لائحة ادعاءات قدمتها النيابة العامة للمحكمة. ذهبت الموظفة، وقامت بتصوير كل ما وقع تحت يديها وعادت. فوجئت لمّا فتحت الملف، فقد كانت أمامي رزمة أوراق مكتوبة بخط يد القاضي، وكانت عبارة عن قرار حكم كامل جاهز.
قرأتها فذهلت. كتب القضاة قرارهم وخلال استعراضهم تطرقوا إلى لائحة ادعاءاتي التي لم تصلهم أصلًا. لقد تخيّل واجتهد القاضي، كاتب النص، ما بوسعي أن أدعيه، فسرد ذلك بحرفية وبأدب، وفنّد، بعد ذلك، ادعاءاتي، واحدًا تلو الآخر.
أنهيت القراءة حائرًا خائرًا غير مصدق ما رأيته. رن الهاتف بجانبي، وكان صوت متهدج يخاطبني بذهول. سكرتير المحكمة يعتذر على الخلل، ويبرر كيف أعطى السكرتيرة كل الملف دون أن ينتبه لتلك الاوراق، وأكمل شارحًا لي ما قد يصيبه جرّاء ذلك، ضحكت بملء فمي ووعدته أن لا أنشر عن هذه الحادثة إلّا في وقت لا يؤذيه نشرها، فهو في النهاية كان وراء الخطأ، والقاضي كان في البداية والنهاية الفضيحة.
في علم القانون مقولة شائعة تفيد أن القاضي هو ابن لشعبه ويعيش بينهم ومعهم، هكذا علّمنا فقهاء القانون ليؤكدوا للعامة أن القضاة لا يعيشون في أبراج عالية، وأنهم من صلب الشعب وأبنائه.
قد يكون القاضي روزين مستقيمًا وقويًا، ويكون عادلاً لكنه عضو في جهاز بدأ التلف يضربه من القاعدة لرأس البرج الذي أصبح زجاجُه مستهدفًا من حجارة "تدفيع الثمن" وآبائهم. فالمجتمع الإسرائيلي يشهد تحولات سريعة وخطيرة، وفيه تتشكل منظومات قيم لن تترك للقانون سلطة ولا للاستقامة مكان. تزاوج المال الفاسد مع السياسة الفاسدة وتشكيلات اجتماعية تؤمن بغيبيات شيطانية، ينسف ما كان قائمًا في المجتمع الإسرائيلي، ويقضي على نخب ذلك الزمن الذي عرف بعض البقايا من قيم الليبرالية الديمقراطية.
حكام ذلك الزمن صاروا مجرمين، فالنظام كلّه صار، أيّها القاضي، نظامًا خنازيريًا، وكما في الحظائر هكذا هنا، فلن يبقى على سدة الحكم إلّا "الفحل" وسلالته من الفحول. أولمرت وزمرته ومن على شاكلتهم أنهوا دورهم الاجتماعي والتاريخي ومكانهم صار وراء القضبان كما يليق بالخونة.
ويبقى السؤال أين سيكون مكاننا نحن العرب؟ فهل سيكتفي سادة النظام الجديد لنا بالسجون منازل؟
أعداد الفاسدين دليل على مرحلة مرّ بها النظام والمجتمع الإسرائيلي في رحلته صوب الهاوية، ملاحقة هؤلاء ومحاكمتهم ووصفهم بالخونة وما إلى ذلك دليل على من سيكون سلطان الزمن المقبل، أمّا نحن العرب فلقد كنا ضحايا ديمقراطية مهيضة كاذبة عرجاء، وهذه تسجل آخر هزائمها في "حروب اليهود"..
والبقية قد تأتي في كتب تاريخ المستقبل.
"أيها الإسرائيليون: استقلالكم... نكبتنا"
بقلم: د. أسعد عبد الرحمن – الحياة
ظن الصهيونيون الأوائل أن إرهاب الفلسطينيين العرب وإخراجهم من ديارهم سينسيهم حق العودة إليها، وأن الفلسطينيين سيتنازلون عن حقوقهم السياسية وسيذوبون في البلدان التي هجروا إليها، مرددين مقولة "الكبار يموتون والصغار ينسون". لكن الفلسطينيين أظهروا تمسكهم ببلادهم وحقوقهم، خاصة بعد أن تبين للعالم أن الفلسطينيين إنما أكرهوا على الخروج بقوة المذابح التي قادتها المنظمات العسكرية الصهيونية.
66 عاما وما زالت استراتيجية "النكبة المستمرة" تتجسد، إسرائيليا، على الأرض. لكن التحركات والمقاومة الشعبية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أثبتت للعالم أن هناك صمودا فلسطينيا عبر مقاومة سلمية فلسطينية، مع كثافة المشاركة الأممية وحتى الاسرائيلية، وبالتالي الدعم المتزايد الذي يلقاه هذا النوع من النضال الذي يستقطب كل يوم أنصارا جددا لخيار المقاومة السلمية في أوساط الشعب الفلسطيني، وهذا ما نراه يوميا يترسخ في مناسبات وطنية عديدة كيوم الأرض أو ذكرى "النكبة 1" في 1948 و"النكبة 2" في 1967. ولقد أثبت الفلسطينيون أن صمودهم يأخذ أشكالا عديدة، سواء على الأرض، عبر المظاهرات والمسيرات التي تتصاعد في كل مناسبة خاصة مع استمرار الاستعمار/ "الاستيطان" وقرب اكتمال جدار الفصل العنصري. وكأني بالفلسطينيين أدركوا أن ربح المعركة يوجب تنظيم الجهد الشعبي الوطني الفلسطيني على نحو يستهدف تجسيد مقاومة جماهيرية متعاظمة تنتشر وتمتد في الأراضي المحتلة. أضف إلى ذلك، صمودا في مسألة الذاكرة التاريخية والإصرار عليها وما هو ما نلحظه تماما في المواقع الالكترونية المتخصصة في مسائل التهجير والعودة والحركات الشبابية التي تقيم مسيرات العودة إلى القرى المدمرة.
أما إسرائيليا، فرغم أن حكومة اليمين المتطرف ماضية في غيها وإصدار القوانين الفاشية، إلا أن هناك دعوات متزايدة في أوساط الإسرائيليين تدعو إلى الاعتراف بالنكبة، فمثلا تعتبر جمعية "ذاكرات" الإسرائيلية، التي قامت بهدف تعريف النكبة إلى الجمهور اليهودي في إسرائيل، وكذلك اعتراف وتحقيق لحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى بلادهم وفقًا لقرار الأمم المتّحدة رقم 194، تعتبر، إحدى أنشط الجمعيات التي ترى أن "تحمل اليهود المسؤولية عن حصتهم في النكبة الفلسطينية هو شرط حتمي لإرساء سلام عادل ومصالحة". وتؤكد أن "حق العودة يجب ألا يكون متعلقًا بطابع التسوية السياسية النهائية في البلاد (دولتان، دولة واحدة، أو كونفدرالية)، بل إنه شرط سابق لتلك كلها". وقبل أيام، قامت المنظمة غير الحكومية بإطلاق تطبيق للهواتف الذكية يسمح للمستخدمين إيجاد قرى فلسطينية في أراضي 1948. ويشمل نطبيق "آي-نكبة”" خريطة تفاعلية وصورا لمبان ومنازل تركها الفلسطينيون خلال حرب 1948. وفي هذا الشأن، قالت (ليئات روزنبرغ) مديرة "ذاكرات": "هدفنا هو أن يعي اليهود الاسرائيليون موضوع النكبة، التي اقتلعت مئات الآلاف من الفلسطينيين من جذورهم". ومن جهته، كتب (إيلان روبنشتاين) يقول: "الحوار حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين، معدوم في إسرائيل. لقد حاولت في موضعٍ آخر، تقديم تفسير لذلك، على أساس الرعب الغريزي الذي يثيره الموضوع في نفوس اليهود الإسرائيليون، إذ يذكرهم بالجريمة التي اقترفوها سنة 1948، وأنهم هم، وبشكل شخصي، يقيمون مكان اللاجئين الفلسطينيين الذين جرى طردهم". ويضيف: "ربما لا داعي لأن أذكر هنا مدى الأهمية التي أراها في تعزيز الحوار حول قضية حق العودة للاجئين الفلسطينيين، حيث ان الحل المبني على هذا الأساس هو شرط أساس للوصول إلى سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين". هذا، طبعا دون أن ننسى "المؤرخون الجدد" من الإسرائيلين الذين قدموا قراءة علمية، لما حدث في السنوات التي رافقت قيام "دولة إسرائيل"، مناقضة للرواية الرسمية الإسرائيلية. وقد ظهر هؤلاء في العام 1988 بعد كشف إسرائيل عن أرشيفها الوطني بموجب القوانين، فتوفرت أمام جيل جديد من الباحثين الإسرائيليين إمكانية الإطلاع على وثائق رسمية قديمة خاصة حول مسألة تهجير/ طرد الفلسطينيين في العام 1948. ورغم تنامي عدد "المؤرخين الجدد" فإن الأبرز اليوم ضمن هؤلاء المعترضين الناقدين، والذي بات يغرد بعيدا عن سرب المثقفين الإسرائيليين، هو الشاعر (نتان زاخ) – الألماني الأصل - الذي فتح النار على سياسات دولته، وقال إنه هرب من "دولة نازية ليجد نفسه مواطنا في دولة فاشية".
القرضاوي وتجيير الدين
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
لم يفتأ الشيخ يوسف القرضاوي استعمال الدين للحسابات الخاصة والفئوية ولكل من يدفع الثمن. باسم موقع اغتصبه إغتصابا "رئيس رابطة علماء المسلمين" دون وجه حق. فسمح لنفسه بتحليل الحرام، وتحريم الحلال، وقلب الامور رأسا على عقب.
آخر فتاوى الشيخ القرضاوي "تحريم" المشاركة بالانتخابات الرئاسية المصرية، كجزء من الحرب الضروس، التي تخوضها جماعة الاخوان المسلمين على المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي، الذي تتجه الانظار إليه كمنقذ للشعب العربي المصري وشعوب الامة العربية من المخطط الاميركي إسرائيلي التفتيتي او ما يسمى مخطط الشرق الاوسط الكبير.
السؤال الذي يطرح نفسه على مفتي جماعة الاخوان المسلمين، اين ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية ما يدعم فتواه بتحريم المشاركة في الانتخابات؟ ولماذا كانت الانتخابات عام 2012 حلالا؟ وان افترض المراقب، ان القرضاوي "عالم" من علماء المسلمين وله حق الاجتهاد، هل له ان يبرر فتواه؟ وكيف ؟ وما هي عوامل القياس، التي استند لها، غير انه يجيّر الدين لحسابات جماعة الاخوان المسلمين كي تبطش بالعباد وتفتت الانظمة وتخدم سياسات اميركا واسرائيل؟
القرضاوي المرابط في الامارة القطرية، التي تتربع على ارضها قاعدتا السيلة والعديد الاميركيتان، والمنافح عن سياساتها المتناغمة مع المشروع الاميركي في المنطقة، لايملك اي مبرر للدفاع عن فتواه المتناقضة مع مصالح واهداف وحرية الشعب العربي المصري. وفتواه ذات خلفية سياسية مأجورة، تهدف الى تعميق فتنة وارهاب جماعة الاخوان المسلمين. لا سيما وان الجماعة تعمل وفق مخطط ممنهج ومعد سلفا لضرب العملية الديمقراطية المصرية من خلال العمليات الارهابية في مختلف محافظات مصر المحروسة، ومن ضمن مخططها اغتيال المشير السيسي وحتى المرشح الناصري حمدين صباحي، ليس خارج خطط الاغتيال وفرض لغة الارهاب الاخوانية.
لتحقيق هدف تخريب الانتخابات المصرية في الـ 25 و26 من أيار الجاري جماعة الاخوان لن تتوانى عن استخدام اي سلاح بما في ذلك الدين. ولن تتردد في انتهاج كل الذرائع والاكاذيب لوأد الديمقراطية واستعادة الحكم إن أمكن، وان لم يكن ممكنا، فتعمل بمقولة "علي وعلى اعدائي...!"
من هنا جاء إستخدام القرضاوي وفتوايه لخدمة اغراضهم التخريبية، التي لا تمت للدين ولا للشرائع السماوية او الدنيوية بصلة. وكل صلتها بمصالحها وحساباتها الضيقة. وتشارك في الحملة المغرضة والمعادية لمصالح الجماهير المصرية كل الابواق والمنابر الاخوانية والقطرية والتركية وفروع جماعة الاخوان المسلمين بما في ذلك في فلسطين، حيث قام انصار حركة حماس في الاونة الاخيرة برفع شعارات رابعة وصور الشيخ حسن البنا، والرئيس المخلوع محمد مرسي، لتؤكد انغماسها في وحل السياسات المعادية للشرعية المصرية الجديدة، وتورطها في الشؤون الداخلية العربية، مع ان بعض قادتها، يسخدمون لغة اخرى، تدعي "رفضها" التدخل في الشؤون الداخلية لمصر او اي دولة عربية، مع الحقائق على الارض تؤكد عكس ما تعلنه تلك القيادات.
فتوى القرضاوي وغيره من الدجالين والمنافقين وتجار الدين والدنيا، ستبوء بالفشل، وسيسقطها الشعب العربي المصري، الذي ضاق ذرعا بالاخوان وسياساتهم، وستنتصر ارادة الشرعية الجديدة، وسينتخب الشعب المشير عبد الفتاح السيسي، لأنه يراهن عليه في حماية وحدة النظام والتراب المصري، وكونه الاقدر على ردع قوى الشر، والنهوض بمصر العربية، ووضعها على سكة المجد بعودتها إلى مكانتها العربية والاقليمية والدولية.
سقوط النص الصهيوني وصعود النص الفلسطيني!
بقلم: يحيى رباح – الحياة
يجب الانتباه الشديد لما يجري في إسرائيل، حيث كل شيء يتكشف بشكل حاد، والأسئلة تطرح بلا هوادة، والنصوص التي كان يبدو أنه متفق عليها يتم تمزيقها بقسوة في ظل جنون الاستيطان، وعربدة السلوك اليومي ضد الشعب الفلسطيني، وصعود موجة الفاشية العنصرية ممثلة ليس فقط بمجموعات تدفيع الثمن، بل بالسلوك المثير للاشمئزاز من أقطاب التحالف الحاكم مثل نفتالي بينيت من البيت اليهودي، وأفيغدور ليبرمان من "إسرائيل بيتنا" وسلفان شالوم وزلمان شافال من الليكود وعلى رأس الجميع بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الذين يهربون من الحقائق الصاعدة إلى اطروحات بداية تأسيس الحركة الصهيونية في نهاية القرن التاسع عشر، وهي أطروحات تشتمل على نصوص مغلقة ومتناقضة إلى حد التدمير الذاتي، يهودية الدولة، وتجنيد المسيحيين الفلسطينيين في جيش الاحتلال، الإحجام عن تنفيذ الاتفاق الخاص بإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين ما قبل أوسلو وقانون يقضي بعدم الإفراج عن أي أسير فلسطيني، معايرة الشعب الفلسطيني بالانقسام والتهديد بعقوبات تصل إلى حد إعلان الحرب رداً على المصالحة الفلسطينية، الاستمرار في معزوفة الشكوى من الإرهاب واستقبال الجرحى من المصابين من أفراد الجماعات الإسلامية المحاربة في سوريا وعقد دورات تدريب لهم، رفض قاطع لما يوصف بأنه اجراءات أحادية من الجانب الفلسطيني والإقدام على تنفيذ كل ما هو أحادي الجانب في الإجراءات الإسرائيلية، إلى أين ينتهي ذلك كله؟
يجب أن نعود إلى الوراء إلى مؤتمر تأسيس الصهيونية في مدينة بازل بسويسرا قبل مئة وسبعة عشر عاماً، لقد نجح هرتزل وزعماء الحركة الصهيونية الأوائل في استثمار كل الحقائق السياسية في ذلك الوقت، ضعف الإمبراطورية العثمانية التي كانت ترزح تحت ثقل الديون، وكثرة الاحتياجات، فظهرت في ذلك الوقت بدايات حركة الاستيطان، واستندت الحركة الصهيونية في ذلك الوقت على ركيزتين وهما ادعاء أن المسار اليهودي هو فوق التاريخ، ضد التاريخ، وأن فلسطين التي يتجه إليها الهدف الصهيوني هي أرض بلا شعب، وأن هذا الشعب الفلسطيني يجب إنكاره من خلال إخراجه من الجغرافيا وبعثرة هويته والاتفاق ضده حتى ولو مع الشيطان نفسه.
وعندما قامت دولة إسرائيل بناء على قرار التقسيم الذي تجاوزته منذ اللحظة الأولى، حصلت على دعاية من أصحاب المشروع الأصليين الأوربيين والأميركيين، تصل إلى حد الأسطورة، فكل ما حصل من تواطؤ وجرائم شبيهة بجرائم النازية وضعت له عناوين مزورة، عناوين التفوق والعبقرية، بل إن بعض فلاسفة ذلك العصر مثل جان بول سارتر لم يجد مرتكزات لفلسفته الوجودية "الاختيار والثمن" إلا في عبقرية المسألة اليهودية، واستمرت صناعة الأسطورة بلا حدود، تواطؤ الأقوياء بفعل كل شيء بينما الدعاية تذهب لصالح إسرائيل والحركة الصهيونية، بلفور البريطاني يعطي وعداً لروتشيلد اليهودي، ويتم التركيز على عبقرية روتشيلد وليس على بلفور الذي كان يمثل زعيمة الاستيطان القديم الإمبراطورية البريطانية، وجيوش الحلفاء تشكل فيلقاً يهودياً ولكن الدعاية تذهب إلى حاييم وايزمن، وهزيمة عام 1967 هي صناعة غربية مئة في المئة ولكن الأسطورة تجنح إلى موشيه دايان والجيش الذي لا يقهر، أهداف المستوطنين والإمبرياليين بعد ذلك يتم تنفيذها تحت عنوان عبقرية النص الإسرائيلي، حتى أتى "نعوم شومسكي" المفكر اليهودي الأميركي يقول " ما من وفد إسرائيلي ذهب إلى الولايات المتحدة يطلب مالاً أو سلاحاً إلا ومنحوه أكثر مما كان يطلب"، بل إن كل السلاح يصنعه الأميركيون لا بد من أن يعطى أولاً للجيش الإسرائيلي لتجريبه في أهداف حية قبل اعتماده في الجيش الأميركي نفسه، وفي ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كانت تجربة "الكيبوتس" في إسرائيل تصل إلى ذروة الدعاية ليتضح بعد ذلك أنها كانت نموذج الفساد والفشل، وهلم جرا.
لكن الزمن يتغير، والتاريخ يتقدم ويتطور، ولا أحد خارج التاريخ، ولا أحد فوق التاريخ، وهذا هو مأزق النص الصهيوني الآن، أنه لم يعد نصاً ملفوفاً بالأساطير المقدسة، إنه نص يخضع لمعايير الواقع، أنه مكشوف، فإذا به نص عاجز، منكفئ، لا يمكن أخذه على علاته مسلماً به بلا نقاش مثلما يفعل غلاة البروتيستانت مع نصوص العهد القديم، فكل شيء قابل للنقاش، يغري بالنقاش، يخضع للفحص والتدقيق، ويسلط عليه ضوء المصالح المتعارضة، وهذا هو مأزق النص الصهيوني الآن، فلا يمكن انكار وجود شعب ستة ملايين منه يعيشون في أرضه الأصلية وهي أرض فلسطين التاريخية، وهو الشعب الفلسطيني، وستة ملايين آخرون يعيشون في الشتات القريب حول فلسطين وفي العالم، وهم اللاجئون، وجميعهم يمكن اعتبارهم ناشطين سياسيين من الدرجة الأولى في حقل القضية الفلسطينية.
لم يعد النص الصهيوني قادراً على التعايش مع المتغيرات والحقائق الجديدة، النص الصهيوني عاجز عن استيعاب أي شيء، لم تنفع سياسة الجسور المفتوحة، ولا تجدي الآن سياسة الجسور المغلقة، النص الصهيوني نص مغلق حتى الاختناق إنه يخاف من الاعتراف، وانظروا ماذا حل باتفاق أوسلو، وماذا حل بمبادرة السلام العربية التي اتسعت وأصبحت إسلامية، والتبادل الدبلوماسي مع عدد من الدول العربية ودول المنطقة، إنه نص خارج التاريخ ولذلك فهو مهدد بالهزيمة الكاملة، بينما النص الفلسطيني واقعي وجزء عضوي من الحقيقة التاريخية وكذلك فهو رغم اختلال موازين القوى يصعد تدريجياً.
اعتقد أن العالم بما في ذلك أكبر أصدقاء وحلفاء إسرائيل قد تعبوا من حمل أعباء هذا النص الصهيوني المغلق، لأن حوافزه الأولى لم تعد موجودة، لأن استثماراته الأولى لم يعد لها لزوم، فهل إسرائيل في ظل القيادة الحالية قادرة على التغيير؟ قادرة على الانقلاب على نفسها؟ أم أنها ستحاول من جديد الهروب إلى جرعات الدعاية المبالغ فيها والأساطير التي لم يعد لها مكان؟ هل نرى إسرائيل تذهب إلى حرب جديدة طاحنة تعيد لها البريق والخصوصية والاستعلاء على التاريخ أم تدخل إسرائيل في حرب مع نفسها حين يتصاعد الانفجار بين مصالح المستوطنين وضرورات الدولة الإسرائيلية؟