أقلام وآراء

(67)

مواجهة موانع للسلام: الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وثيقة سياسية

استمرار الصراع يزيده شدة ويزيد في صعوبة تسويته ويعرض مستقبل الشعبين للخطر بقدر كبير

بقلم:يعقوب بار سيمان طوف، معهد القدس للبحوث الاسرائيلية،مترجم، عن صحيفة القدس العربي

نُدير ظهورنا للأردن مرة أخرى

بقلم: د. غاي زيف/ يُدرس العلاقات الدولية،عن هآرتس

ديمقراطية من غير محكمة العدل العليا ومن غير «بتسيلم»

بقلم: تسفي برئيل،عن هآرتس

دولة أضحوكة قانون

بقلم: عكيفا الدار،عن هآرتس

الصندوق الصغير للاسد

بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس

مواجهة موانع للسلام: الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وثيقة سياسية

استمرار الصراع يزيده شدة ويزيد في صعوبة تسويته ويعرض مستقبل الشعبين للخطر بقدر كبير

بقلم:يعقوب بار سيمان طوف، معهد القدس للبحوث الاسرائيلية،مترجم، عن صحيفة القدس العربي

هذه الوثيقة هي وثيقة سياسة كتبت على أثر نشر الكتاب: 'موانع السلام في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني' الصادر عن معهد القدس لابحاث السلام بالتعاون مع صندوق أديناور. لهذه الوثيقة هدفان: 1- ان تعرض باختصار موانع السلام في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني التي تمنع أو تصعب تسويته مع الفحص عن عمقها وصعوبتها النسبية. 2- اقتراح استراتيجيات مواجهة لهذه الموانع والفحص عن مبلغ قدرتها على التغلب على هذه الموانع في الظروف الحالية.

موانع السلام

تم بحث اسباب فشل مسيرة اوسلو ونشوب المواجهة العنيفة الاسرائيلية الفلسطينية في ايلول 2000 بتوسع في المذكرات التي كتبها المشاركون في مسيرة السلام وجرى تحليلها بأبحاث اكاديمية كثيرة. عرض بعضهم خصائص الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بأنه عنيد ولا يُتحكم فيه وغير قابل للحل. وعلق آخرون فشل المحادثات في عدم نضج الطرفين للقيام بالتنازلات المطلوبة لتسوية الصراع، وادارة مختلة للتفاوض، وحصر العناية في تسوية بينية لا في تسوية دائمة، وعدم التطرق الى الروايتين الوطنيتين للطرفين وقضايا العدل والنزاهة، وفشل قادة لصوغ استراتيجية سلام واضحة ومنظمة، وتجنيد التأييد العام لمسيرة السلام. وكان هناك من حصروا عنايتهم ايضا في عدم نجوع الوسيط الامريكي.

منذ كان مؤتمر طابا الذي عقد في كانون الثاني 2001، لم تتم مسيرة سياسية حتى 2008، برغم أنه أُثيرت خلال هذه المدة اقتراحات مختلفة لتسوية الصراع في ضمنها المبادرة العربية، ومبادرة بوش، وخريطة الطريق، والانتساب الوطني، ومبادرة جنيف ومبادرة السعودية ومؤتمر أنابوليس. وبرغم أن خطط السلام على اختلافها قد أخذت في الحسبان جزءا من الموانع التي أفضت الى فشل المسيرة السياسية بل حاولت ان تواجهها بقدر ما، فانها لم تفحص عن هذه الموانع فحصا عميقا. ولم تفحص ايضا عن استراتيجيات حقيقية لابطالها من اجل التمكين من تسوية الصراع بطرق سلمية. على أثر مؤتمر أنابوليس تمت المسيرة السياسية في مسارين: اولمرت ـ أبو مازن ولفني ـ أبو العلاء، وتثبت صعوبة تجديدها في السنتين الاخيرتين الصعوبة في تسوية الصراع. ففضلا عن ان أكثر الموانع التي منعت تسويتها في الماضي ما تزال نافذة قائمة، فانها زادت قوة بقدر واضح وذلك لفشل مسيرة اوسلو والمواجهة العنيفة في السنين 2000 ـ 2004، وقد قوي في الطرفين القوى التي ترفض تسوية الصراع أو التي تشكك في احتمالاته وتفضل الاستمرار في ادارته سواء طوعا أو باعتبار ذلك لا مفر منه.

ان الموانع التي تمنع تسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني أو تجعل احرازها صعبا هي من أنواع مختلفة: واقعية وتخص الهوية، وبنيوية ونفسية. والموانع الواقعية هي المصالح المتضاربة لطرفي الصراع ولا سيما في القضايا الجوهرية: القدس والحدود والمستوطنات واللاجئين والأمن. والطرفان يريان القضايا الجوهرية ذخائر واقعية يصعب التنازل عنها أو المهادنة عليها. بل ان موضوعي القدس واللاجئين يُعرفهما الطرفان بأنهما قيمتان أساسيتان خاصتان، وبأنهما قيمتان محميتان مقدستان، محميتان من التفاوض والمساومة والمصالحة والتنازلات. وتستمد القيم المحمية قوتها من الرواية التاريخية وهي مصدر موانع الهوية.

وتتناول موانع الهوية الفروق والتناقضات بين هويتي طرفي الصراع وفي ضمن ذلك الروايات التاريخية، والأساطير والروح العامة في شأن جذور الصراع وتطوره وادارته وتسويته، وتصورات العدل وعدم العدل وضحايا الطرفين. وبرغم ان هذه الفروق والتناقضات ليست مصدر الصراع فانها تزيده قوة لأنها تزيد عليه الجوانب الدينية والروحانية والحضارية والثقافية والعقائدية. ان موانع الهوية تمنح الصراع أبعادا رمزية ترسخ مواقف طرفي الصراع وتساعد على إبقائها وعدم تغييرها وتُصعب جدا استعداد الطرفين للقيام بالتنازلات المطلوبة لتسوية الصراع.

وتتعلق الموانع البنيوية بالبنى السياسية والاجتماعية للطرفين اللذين يمتازان بشقاق عميق وبخاصة فيما يتعلق بالاستعداد للتوصل الى تسوية سلمية ودفع الثمن المطلوب لذلك. في حين ان الجانب الفلسطيني موجود في واقع تاريخي متميز وجديد، فان وجود كيانين فلسطينيين مستقلين (في الضفة وغزة)، مختلفين في شأن الاستعداد لتسوية الصراع، فان الجانب الاسرائيلي منقسم هو ايضا وبخاصة فيما يتعلق بثمن السلام. ويمتاز المجتمعان ايضا بعدم وجود قيادة تؤمن بأهمية قيمة السلام باعتبارها قيمة أولية، أو معنية وقادرة على تحريك مسيرة سلام حقيقية قُدما. والمجتمعان تعوزهما شرعية عامة واسعة من اجل التنازلات المطلوبة لانشاء سلام ويتميزان ايضا بوجود جهات سياسية واجتماعية تعارض سياسيا أو عقائديا انشاء السلام أو ثمنه (النافرون من السلام أو المشوشون عليه).

وتشتمل الموانع النفسية على ثلاثة أنواع: معرفي وشعوري وباعثي. وهذه الموانع تمنع أو تُصعب تغيير اعتقادات ومواقف في الصراع. وهي تؤثر ايضا في تهيئة المعلومات وتفسيرها بحسب اعتقادات طرفي الصراع، وفي ضمن ذلك تجاهل فرص تاريخية لتسوية الصراع.

وهي تهب ثقة زائدة بتوجيه مُراد للتطورات في الصراع وفي ضمن ذلك تقدير زائد لمبلغ النجاح في تحقيق أهداف في المسيرة، ويشمل ذلك اعتقاد ان الزمن يلعب في مصلحته. وتميل الموانع النفسية الى إحداث تقدير ناقص لتنازلات الطرف الثاني، وتُعظم المخاوف والخشية من الطرف الثاني وتزيد الكراهية والعداوة له، وتُعظم عدم الثقة به. وتسهم ايضا في حصر الصراع في الروايات القومية وتصورات العدل وعدم العدل، وتساعد في تعريف القضايا الجوهرية للصراع بأنها قيم محمية. والموانع النفسية مثل موانع الهوية ليست مصدر الصراع لكنها تميل الى تعظيمه وتصعيب تسويته جدا.

ان فشل مسيرة اوسلو والمواجهة العنيفة التي بدأت في ايلول 2000 عززا كثيرا الموانع المذكورة آنفا. وحصرا وأطرا من جديد الموانع الواقعية باعتبارها قيما محمية لا تمكن المصالحة عليها. وزادا في عمق موانع الهوية وأحدثا روايات تاريخية جديدة تتعلق بفشل مسيرة اوسلو، تشير الى استعداد كل طرف لتسوية الصراع واتهام الطرف الآخر بافشال المسيرة. وزادا في قوة الموانع البنيوية والتي عبر عنها ازدياد القوى التي تعارض تسوية الصراع أو ثمن التسوية، قوة. فعلى سبيل المثال كان انتصار حماس في انتخابات 2006 وسيطرتها على غزة، وتولي اليمين السلطة في اسرائيل في انتخابات 2009. وزادا ايضا في قوة الموانع النفسية في المجتمعين والتي التعبير الرئيس عنها هو: اليأس من مسيرة السلام ومن احتمال السلام، والاستخفاف بقيمة السلام، وتقدير انه يمكن بالعنف تحقيق الأهداف القومية (الفلسطينيون) وتفضيل ادارة الصراع على تسوية الصراع (اسرائيل)، وازدياد عدم الثقة بالطرف الآخر، وعدم الاعتراف بالطرف الآخر أنه شريك في السلام أو باستعداده أو قدرته على تسوية الصراع والقيام بالتنازلات المطلوبة لذلك.

ان الاستنتاج المركزي من نقاش هذه الموانع هو ان الموانع الواقعية وبخاصة القضايا الجوهرية الرئيسة: الحوض التاريخي في القدس واللاجئون هي العوامل المركزية التي تمنع من تسوية الصراع. ان تأطير هاتين القضيتين الجوهريتين باعتبارهما قيمتين محميتين يزيد بقدر كبير من صعوبة هذه الموانع ويمنع في واقع الامر امكانات التفاوض والمصالحة والتنازلات في هذه الموضوعات. وازاء قوة هذه الموانع ومركزيتها فان احتمالات تسوية الصراع في هذا الوقت واهنة جدا. وبغير مواجهة لهذا السور العالي من الموانع فان كل جهد لتسوية الصراع في هذه المرحلة لا يُحكم عليه بالفشل فحسب بل قد يزيد اليأس من احتمال احراز سلام بل قد يفضي الى تجدد العنف بين الطرفين. وبغير نضج لظروف تُمكّن من مواجهة ناجعة لهذه الموانع نشك في امكانية تسوية الصراع. يجب على الطرفين وعلى الوسطاء المحتملين ان يأخذوا في الحسبان هذه الموانع وان يجابهوها بطريقة مختلفة وجديدة.

مجابهة الموانع

يبدو انه في الوضع السائد اليوم فانه أسهل ان نصف ونُبين موانع السلام من ان نجيب عن سؤال كيف نتغلب عليها. ان نقطة انطلاق هذه الوثيقة هي انه برغم مركزية الموانع التي تقف في طريق السلام، فانه ينبغي الفحص عن طرق مجابهتها للتمكين من تسوية الصراع. ونقطة انطلاق هذه الوثيقة هي ان الوضع القائم برغم أنه يُرى بادي الرأي مستقرا فانه ليس بالضرورة كذلك وفيه طاقة انفجار عالية قد تفضي الى موجة عنف جديدة. وبغير مبادرة سياسية فعالة لتسوية الصراع قد ينشأ طريق مسدود قد يشجع البحث عن سبل عنف لتغييره وللاضرار بأهداف الطرفين المشاركين في الصراع وحاجاتهما الأساسية، وأن الزمن ليس بالضرورة في مصلحة هذا الطرف أو ذاك.

ان سبل مجابهة موانع تسوية الصراع هي: زعامة باحثة عن السلام، وشرعية واسعة للسلام، وتطوير اعتقادات حافزة، وتعريف تسوية الصراع بأنها مصلحة قومية عليا، والحاجة الى مصالحة قيمية مؤلمة، والحاجة الى التحرر من قيود الماضي، وصيغة مصالحة بين العدل والسلام، وحصر العناية في نتائج حرب 1967، وتوسيع نشاط اللقاءات والحوارات بين منظمات المجتمع المدني في الطرفين، والحاجة الى وسيط فعال، وشرعية عربية لسياسة السلام.

1- زعامة باحثة عن السلام ـ ان زعامة ترى السلام قيمة وهدفا أول في السياسة الخارجية هي شرط مركزي وحيوي لتقديم مسيرة واتفاق سلام الى الأمام. والزعامة الباحثة عن السلام التي ترى دورها التاريخي هو انشاء سلام، ضرورية ويُشك في امكانية إحلال سلام من غيرها. يجب على هذه الزعامة ان تطور تصور سلام منظما يعرض رؤيا السلام وأهدافه والاستراتيجية المطلوبة لتحقيقها، ويجب عليها ايضا أن تهييء الشرعية المطلوبة لتأييد سياسة السلام. يجب على هذه الزعامة ان تعرض على نحو واقعي وعقلاني احتمالات وأخطار سياسة السلام وسبل مجابهتها.

2- شرعية واسعة لسياسة السلام ـ ان سياسة سلام في مجتمع منقسم مختلف في جوهر انشاء السلام أو في شأن بقاء السلام والثمن المطلوب ايضا تقتضي دعما واسعا من قبل النخب الحاكمة والنخب المنافسة، ومجموعات المصالح والجمهور بعامة. وكلما كان تأييد سياسة السلام أكبر شعر صاغة السياسة بمشاركة جمهور أوسع في حقيقة تصور السلام وصار أسهل عليهم ان يواجهوا احتمالات السلام وأخطاره. فواجب على زعامة تبحث عن السلام ان تسعى دائما لتوسيع قاعدة شرعية سياسة السلام. فبغير شرعية واسعة لسياسة السلام يُشك في امكانية تقديم هذه السياسة الى الأمام.

3 - تطوير اعتقادات حافزة ـ ان طريقة مواجهة مركزية تقترحها هذه الوثيقة هي عدم الإخبات وعدم اليأس التام من احتمال احراز تسوية. تنبغي محاولة اثارة أفكار خلاقة جديدة على الدوام لا تساوق الاعتقادات والآراء السائدة التي تقول ان الصراع حتمي وانه لا احتمال لتسويته. هذه الافكار الجديدة التي يمكن ان نسميها ايضا 'اعتقادات حافزة'، يجب ان تناقض الاعتقادات الراسخة. وبرغم ان الامر يبدو ساذجا وعديم الاحتمال الواقعي في ظاهر الامر، فانه ينبغي جعل انهاء الصراع بالطرق السلمية مصلحة قومية وقيمة مركزية في مجتمع جرب صراعا طويلا وعنيدا: 'ان الايمان الحافز الذي قد يبعث الباعث على المصالحة، والانفتاح والمرونة، يقوم على الاعتراف بعدم التلاؤم بين المستقبل المرغوب فيه وبين المستقبل الذي يتبدى و/ أو الوضع كما يُرى'. وهذا التوجه عقلاني في أساسه؛ ويوجب على طرفي الصراع ان يحللا بطريقة واقعية تكاليف استمرار الوضع وتدهوره وأن يفحصا بنظرة واعية عن أخطار عدم وجود تسوية. لأن تكاليف استمرار الصراع قد تكون أبهظ من التكاليف التي تنبع من ثمن المصالحة المطلوب للسلام، ووعي ذلك هو الذي يفترض ان يبعث مسيرة السلام ويحفزها. وليس هذا فقط: فاستمرار الوضع الراهن وتدهوره قد يضران اضرارا كبيرا بما يُعرفه الطرفان بأنه قيم محمية ويُعمقان الهوة الفاغرة بينهما. وحتى لو كان بدء هذه المسيرة صعبا على نحو خاص ويحظى بتأييد قلة صغيرة فقط فهناك حاجة الى المثابرة والتصميم والمشاركة الفاعلة في منح الكثيرين الاعتقاد الحافز.

4- تعريف تسوية الصراع بأنها مصلحة قومية عليا يجب ان تكون تسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني مُعرفة عند الطرفين بأنها مصلحة قومية من الدرجة الاولى، بمثابة 'إعمل من اجلك' إن لم يكن من أجلهم. ان تسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وانشاء دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل مصلحة واضحة لكل يهودي يؤيد استمرار وجود اسرائيل باعتبارها دولة الشعب اليهودي. لأنه بلا حل دولتين للشعبين، قد تجد اسرائيل نفسها دولة واحدة للشعبين، وتخسر تميزها بصفتها دولة الشعب اليهودي وتصبح دولة فصل عنصري وهذا شيء يناقض صبغتها الديمقراطية. ان الخطر الذي يترصد هوية اسرائيل اليهودية والاخلاقية بعدم تسوية والخوف من نزع الشرعية عن اسرائيل في العالم، يجب ان يحث الطموح الى السلام ويقوي الباعث على وجود تسوية مع الفلسطينيين. يبدو ان الخوف في هذه الحال من عدم تسوية يمكن ان يزيد الخوف من التسوية نفسها. ان تسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني مصلحة واضحة لكل فلسطيني يريد ان يضع حدا للاحتلال الاسرائيلي والمعاناة الفلسطينية المستمرة وان يحقق الطموح الفلسطيني الى انشاء دولة مستقلة ـ فبغير تسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، يُشك في ان توافق اسرائيل على انشاء دولة فلسطينية. وحتى لو أعلنت الجمعية العامة للامم المتحدة أو مجلس الامن انشاء دولة فلسطينية، فانه يُشك في امكان تحقيق هذا بغير تسوية الصراع.

5ـ الحاجة الى مصالحة قيمية مؤلمة ـ يجب على الطرفين ان يعترفا بأن تسوية الصراع تقتضي مصالحة قيمية صعبة مؤلمة. ان تسوية الصراع تقتضي مواجهة الطرفين لقيمهما المحمية، بتبني ثنائي لاستراتيجيات تنفيذ صفقات 'مأساوية' تقتضي تنازلا في هذا المجال. وبرغم ان الطرفين غير ناضجين في هذه المرحلة للتنازل عن قيم محمية، من المهم ان يكونا عالمين بامكان صفقة مأساوية تشتمل على تنازل عن قيمة محمية لانقاذ قيمة محمية اخرى، أو بعبارة اخرى: تأطير المصالحة بصفتها معضلة قيمية. يمكن مثلا تأطير المصالحة على المناطق باعتبارها وسيلة للحفاظ على صبغة دولة اسرائيل اليهودية، أو تأطير المصالحة على تحقيق حق العودة باعتباره وسيلة لانشاء دولة فلسطينية. ان تأطير المصالحة باعتبارها معضلة قيمية يحظى بتأييد أخذ يتسع في اسرائيل ازاء الحاجة الى الحفاظ على صبغتها بصفتها دولة يهودية ديمقراطية. لكن هذا التأطير ما يزال لم يحظ بتأييد واسع في الطرف الفلسطيني. ومواجهة محتملة اخرى هي كسر حظر القضية المحمية. بعبارة اخرى: تأطير هذه القضايا باعتبارها مصالح لا باعتبارها قيما محمية. ان هذا التأطير يُمكّن من ان يُستبدل حوار عقلاني يُسهل على الطرفين التفاوض بل المصالحة، بالحوار الاسطوري. وهذا الصنيع يُمكّن من تعريف القضايا المختلف فيها بمفاهيم المصالح التي تخضع للتفاوض والمساومة.

6 ـ الحاجة الى التحرر من قيود الماضي ـ ان الفرق بين روايتي الطرفين واسع جدا في هذه المرحلة ولا يمكن التقريب بينهما. وفي حين ان التقريب في مستوى ما بعد الرواية ضعيف جدا، ينبغي الفحص عن امكان تطوير اطار فكري مشترك لبحث الروايات القومية المختلفة المتعلقة بتحقيق المطامح القومية في أطر سياسة مستقلة، مع الاستعداد لمعرفة وتعلم التناقضات بينها وإن لم يمكن في اثناء ذلك التقريب بينها. يمكن فعل هذا الآن بمبادرة من قادة الطرفين وبمبادرة من المجتمع المدني وبمبادرة خارجية من طرف ثالث. واذا لم يكن الطرفان ناضجين لمبادرة كهذه فينبغي وزن امكان ان يعترف الطرفان بأنه يوجد لهما روايات مختلفة لا يمكن التقريب بينها الآن وأن يوافقا على تأجيل التطرق اليها الى مرحلة المصالحة، وذلك كي لا تصبح الفروق الأساسية التي تعرض في روايات الطرفين موانع لتسوية الصراع. يدل بحث الموانع لتسوية الصراع على ان الطرفين أسيران بقدر كبير في قيود الروايات التاريخية وأنهما أصبحا ضحية الماضي الذي يمنعهما من المصالحة. وبرغم ان الروايات التاريخية جزء من الهوية القومية لكل طرف وأن الحفاظ عليها مهم من جهة التراث القومي، فانه لا يجوز ان تكبل الطرفين الى الماضي وتمنعهما من مستقبل أفضل. هذا الى أن التأليف بين الروايات التاريخية والاعتقادات الدينية للطرفين قد جعل المصالحة أمرا محظورا ومخالفة دينية عند الطرفين. وهنا من المهم تأكيد ان التنازلات من اجل السلام ليست بالضرورة مسا دينيا اخلاقيا باعتقادات دينية وليست خيانة للروايات التاريخية والقيم المحمية. بالعكس: ان عدم الاستعداد للمصالحة من اجل السلام هو غير الاخلاقي لان ضحايا المستقبل لن يغفروا الثمن الدموي الذي ستطلبه حرب اخرى.

7 ـ صيغة مصالحة بين العدل والسلام ان الطرفين مختلفان جدا، في شأن الصلة بين العدل والسلام. فاسرائيل غير مستعدة لقبول المطالب الفلسطينية ان تعترف اسرائيل بمسؤوليتها عن احداث مشكلة اللاجئين في حرب 1947 ـ 1949 (عدل انتقالي) وبحق عودة اللاجئين الى داخل اسرائيل (عدل تعويضي). تبين ان الربط الالزامي بين العدل والسلام بحسب المطالب الفلسطينية مانع للسلام في مسيرة السلام وان استمرار الاصرار عليه قد يفسد احتمال احراز اتفاق، وبرغم ان من المرغوب فيه ان يطور الطرفان تصورا مشتركا عن الصلة بين السلام والعدل فانه يُشك في أنهما ناضجان لذلك. لهذا ينبغي السعي الى مصالحة معقولة في مسألة الصلة بين العدل والسلام. والمصالحة الممكنة هي الفصل بين مطالب الفلسطينيين لعدل انتقالي وبين مطالبهم لعدل تعويضي. ان طلبا فلسطينيا معتدلا لعدل انتقالي، مثل استعداد اسرائيل للاعتراف بمعاناة الشعب الفلسطيني (لكن لا أن تتحمل المسؤولية) ـ كما تم الاقتراح في مخطط الرئيس كلينتون ـ قد يكون حل مصالحة لطلب العدل الانتقالي. ومن جهة اخرى يستطيع الطرفان تبني صيغة تعترف بمسؤوليتهما المشتركة عن الظلم الذي سببه كل طرف اثناء الصراع للطرف الاخر، وان يعتذر بعضهما لبعض ويعفو بعضهما عن بعض. وفي شأن مطالب العدل التعويضي، ينبغي ان يُرى حل الدولتين وانشاء دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل مصالحة اسرائيلية وخطوة لتحقيق طلب العدل التعويضي. وقد تكون المقترحات الاسرائيلية والامريكية، ان يتجه اللاجئون، في ضمن ما يتجهون اليه، الى المناطق التي تتبادلها اسرائيل مع الفلسطينيين ـ وان يُعرف هذا بأنه تحقيق لحق العودة ـ يمكن ان تكون مصالحة. ان طلب الفلسطينيين تحقيق حق العودة داخل اسرائيل خاصة، يناقض فكرة انشاء دولة فلسطينية لأنه لا يمكن انشاء دولة فلسطينية واعادة اللاجئين في الوقت نفسه الى اسرائيل وأن تُعرض اسرائيل لذلك باعتبارها دولة الشعب اليهودي للخطر، لأن انشاء دولة فلسطينية حل عقلاني واخلاقي ومعقول لذلك. والاصرار الفلسطيني على حق العودة الى اسرائيل خاصة فضلا عن أنه يمنع احراز اتفاق سلام وانشاء دولة فلسطينية، يسبب معاناة اخرى للاجئين ولسكان الضفة الغربية وغزة ويزيد الشعور بالظلم وعدم العدل. حينما لا يكون الطرفان قادرين على التوصل الى اتفاق في شأن العدل لكنهما معنيان بالتوصل الى اتفاق سلام على أساس حل دولتين للشعبين، فيحسن ان يؤجلا علاج قضية العدل لمرحلة المصالحة. وبهذه الطريقة يتفق الطرفان في اطار اتفاق سلام على ان موضوع العدل مهم في نظريهما جدا وانه لا يمكن بناء السلام واقراره بينهما حتى إتمام علاج مسألة العدل في علاقاتهما. ان نقل النقاش الى مرحلة المصالحة سيُسهل على الطرفين التغلب على مانع العدل ويُمكّنهما من الفحص عن هذا الموضوع بعد تسوية الصراع بينهما وبناء الثقة بينهما. آنذاك سيكون الطرفان أكثر نضجا لتناول هذه القضية التي هي قيمية جدا وتصعب المصالحة عليها.

8 ـ حصر الاهتمام في نتائج حرب 1967 ـ يجب ان يكون الافتراض الانطلاقي لتسوية السلام هو حل نتائج حرب 1967 لا نتائج حرب 1947 ـ 1949. فيجب اذا ان يكون المبدأ الموجه 'الاراضي مقابل السلام' لا فتح 'ملف' 1947 ـ 1949. وتُحدد نقطة انطلاق التفاوض باتفاق بين الطرفين على هدف التفاوض النهائي وهو دولتان للشعبين في حدود 1967 واحدة الى جانب الاخرى بسلام وأمن. وتكون كل القضايا موضوعة على طاولة التفاوض، لكن نهايته تقوم على مبدأ 'لا يُتفق على أي شيء حتى يُتفق على كل شيء' وينبغي أن يوزن امكان منح أسبقية للنقاش والاتفاق على القضايا 'الجوهرية'، تحت مبدأ ادارة التفاوض 'من الثقيل الى الخفيف'. ويُحدد الاطار الزمني لاجراء التفاوض حتى نهايته ويتفق عليه الطرفان سلفا.

9- توسيع نشاط اللقاءات والحوارات بين منظمات المجتمع المدني في الطرفين ـ ان هذا النشاط الذي استمر سنين كثيرة هو متميز وحيوي. فبرغم الصعاب وبرغم الشعور الذي يثور احيانا بأنها غير مجدية وأنها لا تستطيع ان تغير الوضع، فان هذه اللقاءات والحوارات مهمة برغم كل شيء لاستمرار التحادث بين الطرفين ولتهيئة الشرعية العامة لتسوية الصراع. ان تجديد التفاوض يقتضي من الطرفين ان يعترفا اعترافا متبادلا بالفروق الثقافية الدينية بينهما وأن يحاولا ان يلائما أنفسهما لهذه الفروق لا عن استكبار أو إبطال بل عن شعور بالمساواة والاحترام المتبادل. وهكذا ينشأ جو مريح، ويمكن وجود تفسير أدق للتصريحات والسلوك، ودقة في ارسال الرسائل الى الغير.

10- الحاجة الى وسيط فعال ـ يمكن ان نزعم على نحو قاطع إزاء الفروق بين مواقف الطرفين وعدم الثقة بينهما أنه لا تمكن تسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بلا تدخل طرف ثالث. فالطرفان يحتاجان الى وسيط امريكي حازم وفعال وناجع على نحو خاص، يساعدهما على التغلب على الموانع والوصول الى النضج المطلوب لدخول التفاوض واجرائه واحرازه وتحقيقه. ويجب على الوسيط الامريكي ان يبذل قصارى جهده لا باقتراحات التقريب بين مواقف الطرفين فحسب بل بأن يساعدهما على التحرر قدر المستطاع من قيود شعورية مصحوبة بروايات قومية وقيم محمية ويساعدهما على صوغ 'صفقات مأساوية'. فالحديث عن مستوى آخر من الوساطة لم يجربه طرفا الصراع الاسرائيلي الفلسطيني حتى الآن. ويقتضي مستوى وساطة كهذه خبرة مؤرخ وحساسية عالِم نفسي.

ويقتضي تشخيصا حادا ودقيقا لمشكلات الصراع المركزية والصعاب التي تواجه الطرفين في الداخل، لكنه يقتضي ايضا مساعدة على تخفيف التهديدات الامنية وبذل ضمانات لمضاءلتها وتعويض عن المس الحرج بقيم محمية، مع تأكيد الأهمية العليا لتسوية الصراع. ويجب على الوسيط الامريكي ان يكون نزيها وان يستعمل الاغراءات أكثر من التهديدات وأن يساعد زعماء الطرفين على توسيع دوائر شرعيتهم لتأييد تكاليف السلام. وعلى الوسيط الامريكي ان يساعد الطرفين على أن يؤطرا السلام باعتباره مكسبا مشتركا لا خسارة وأن يُبين لهما جيدا أن حل الدولتين هو المخرج الوحيد من الصراع ليس غير. هذا الى انه توجد حاجة الى تدخل دولي لتحقيق الاتفاق والحفاظ عليه. ويجب ان يشتمل هذا التدخل على اقامة قوات لحفظ السلام ومساعدة اقتصادية كثيفة للطرفين ولا سيما لحل مشكلة اللاجئين من الطرفين.

11- شرعية عربية لسياسة سلام ـ بازاء الشقاق في المعسكر الفلسطيني ودروس اخفاق مؤتمر كامب ديفيد في تموز 2000، ينبغي ربط دول الجامعة العربية أو على الأقل مصر والاردن والسعودية بمسيرة التفاوض وتأييد اتفاق السلام، وذلك لضمان شرعية للاتفاق تُسهل على السلطة الفلسطينية تسويغه ولا سيما بازاء رفض حماس ومنظمات فلسطينية اخرى إياه، وكذلك ايضا بعض الدول العربية. ان هذا التأييد سيساعد اسرائيل ايضا ويُمكّن من عمليات تطبيع مع دول عربية اخرى.

الخلاصة

عرضت هذه الوثيقة باختصار موانع السلام في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني كما رآها باحثو الكتاب: 'موانع السلام في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني'. مع ذلك نعتقد ان من الواجب علينا باعتبارنا باحثين ألا نقف جانبا وأن نقترح ايضا طرق مواجهة لهذه الموانع لأنه ينبغي بذل كل جهد لتسوية الصراع لأن استمراره يزيده شدة ويزيد في صعوبة تسويته ويُعرض مستقبل الشعبين للخطر بقدر كبير.

ونحن نكشف للساسة وللجمهور العريض عن الموانع التي تمنع أو تُصعب تسوية الصراع وعن طرق مواجهة هذه الموانع. والباحثون الذين شاركوا في كتابة هذا الكتاب عالمون جيدا بالصعاب وبالتكاليف وبالعذاب الذي يشتمل عليه صنع السلام، ويشهد على ذلك تحليل الموانع في طريق السلام، الذي تم هنا. ومع ذلك فاننا نقبل كلام رئيسي الحكومة مناحيم بيغن واسحق رابين اللذين قالا ان عذابات الحرب أصعب من عذابات السلام وان طريق السلام أفضل من طريق الحرب.

ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

نُدير ظهورنا للأردن مرة أخرى

بقلم: د. غاي زيف/ يُدرس العلاقات الدولية،عن هآرتس

قبل 25 سنة لخّص ملك الأردن ووزير خارجية دولة إسرائيل على سلسلة اللقاءات السرية التي أجرياها في لندن بوثيقة كانت ترمي إلى حث مسيرة السلام الذاوية بين الدول العربية وإسرائيل، إلى الأمام. ولن نعلم أبداً أكان اتفاق لندن الذي صاغه الملك حسين وشمعون بيرس ودعا إلى عقد مؤتمر سلام يكون بداية لتفاوض سياسي ـ كان سيفضي إلى اتفاق سلام لأن رئيس الحكومة اسحق شمير طواه في نهاية الأمر.

إن ما نعلمه هو أن إسرائيل دفعت ثمناً باهظاً عن عناد شمير. ودرس ذلك الإخفاق ذو صلة بهذه الأيام التي تولى فيها الأردنيون مرة أخرى زمام المبادرة إلى إحياء مسيرة السلام ـ ولاقوا عدم الاكتراث من إسرائيل والسلطة الفلسطينية معاً.

لو أنه تم تبني اتفاق لندن الذي تم التوقيع عليه في الحادي عشر من نيسان 1987 لخدم مصالح إسرائيل والأردن والفلسطينيين. وكانت إسرائيل ستستطيع أن تجري تفاوضاً مع وفد أردني فلسطيني لا مع م.ت.ف التي هي أكثر إيماناً بالكفاح. وكان الأردنيون سيحصلون على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في 1967 ويتخلص الفلسطينيون من نير الاحتلال الإسرائيلي.

أحبط شمير الذي خشي ضغطا يُستعمل على إسرائيل في مؤتمر دولي، هذا الاتفاق. وكان ذلك قراراً قصير النظر. ففي كانون الأول من ذلك العام نشبت الانتفاضة الأولى وعلى أثرها انتشر العنف في الضفة وغزة والقدس. وفي رد على ذلك أعلن الملك حسين في 31 تموز 1988 فك الارتباط الإداري والقضائي مع الضفة ووضع بذلك حداً لدور الأردن الرسمي في محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي خلال أربع سنين وجد شمير نفسه في نفس المؤتمر الدولي الذي خشي منه لكن في شروط أثقل على إسرائيل. وحُكم على اسحق رابين، وريثه، أن يجري تفاوضا مع قائد م.ت.ف المتقلب، ياسر عرفات، بدل الحسين.

يحاول الأردن الآن مرة أخرى أن ينفخ الروح في مسيرة السلام. ففي كانون الثاني استضاف الأردنيون المحادثات التمهيدية في عمان وهم يحاولون منذ ذلك الحين أن يُعيدوا الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة التفاوض. لكن وكما رفض شمير جهود الملك حسين بالضبط تم استقبال مبادرة الملك عبد الله حتى الآن أيضاً بصورة فاترة من قبل بنيامين نتنياهو ومحمود عباس هذه المرة.

لم تثمر خمس جولات محادثات تحسس تقدماً كبيراً. فالفلسطينيون يرفضون العودة إلى المحادثات ما لم تجمد إسرائيل البناء في المستوطنات وما لم تُفرج عن أسرى من أعضاء فتح وتوافق على عودة إلى خطوط 1967. وتهدد حكومة نتنياهو زيادة على رفض هذه الشروط المسبقة بترك المحادثات إذا دامت فتح وحماس على محادثات المصالحة. وفي الأثناء نحى اهتمام إسرائيل بإيران العمل بمسيرة السلام. وعند الأردنيين سبب جيد لتشجيع هذه المحادثات. فالملك عبد الله يخشى بسبب الثورات في العالم العربي على الاستقرار في بلاده حيث يوجد سكان فلسطينيون كثيرون. وقد تنتقل انتفاضة ثالثة إذا نشبت، إلى الأردن.

وهكذا يضيع الإسرائيليون والفلسطينيون مرة أخرى فرصة لتحقيق حل الدولتين. إن نتنياهو يواجه اليوم أكثر قيادة فلسطينية اعتدالاً وبراغماتية في تاريخ الصراع تلتزم بعدم العنف ودولة فلسطينية تعيش في سلام إلى جانب إسرائيل. وفي المقابل يواجه عباس حكومة مستقرة جداً من المؤكد أنها ستنجح في أن تروج لتسوية سلمية بين الجمهور الإسرائيلي.

وكما برهنت عشرات السنين لا يوجد في مجرد إجراء محادثات ضمان نجاح. ومع ذلك فإن وقفها أشد خطراً. وكما أفضى انهيار اتفاق لندن إلى نشوب الانتفاضة الأولى وانصراف الحسين عن المشاركة في تفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين ـ قد يفضي إخفاق المبادرة الأردنية الحالية إلى تجديد سفك الدماء واستبدال زعامة أكثر تطرفاً برئاسة حماس كما يبدو بالشريك الفلسطيني المعتدل. وقد تصبح انتفاضة ثالثة علامة بدء لما قد يحدث بعد ذلك وبخاصة أن الطرفين أصبحا أكثر شكاً في حل الدولتين.

ـــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

ديمقراطية من غير محكمة العدل العليا ومن غير «بتسيلم»

بقلم: تسفي برئيل،عن هآرتس

هكذا يجب أن تبدو الديمقراطية: إذا سن ممثلو الشعب قوانين تناقض الدستور أو القوانين الأساسية التي سنوها هم أنفسهم فللمحكمة صلاحية أن تلغيها. وهذه هي القوة التي منحها المُشرع نفسه لمحكمة العدل العليا لحماية المواطنين إذا ما خان المُشرع عمله واستقر رأيه على حصد قوة أكبر من تلك التي وافق الجمهور على منحها له. ويعتمد هذا الحزام الواقي على اعتراف المُشرع المستنير بقدرته على الخطأ أو الطموح إلى الاستبداد أو التنكيل بالمواطنين، ويجدر لذلك أن يعارضه شرطي كبير الصلاحية يستطيع أن يردعه.

يقترح وزير العدل يعقوب نئمان الآن إزالة هذا الحزام الواقي. فإذا استقر رأي محكمة العدل العليا على إلغاء قانون لأنه يناقض قانوناً أساسياً يستطيع المُشرع أن يسن مرة أخرى نفس القانون بالضبط ولن تستطيع حتى محكمة العدل العليا هذه المرة أن تنقذ الجمهور من ممثليه. وهذا هو أساس اقتراح القانون الذي سيعرضه نئمان على الكنيست.

لا شك في أن العلاقات بين المُشرع والمحكمة تحتاج إلى ترتيب. لكن في دولة يرى أعضاء الكنيست فيها محكمة العدل العليا عدوا، ويرون الأقليات طابوراً خامساً واليسار إرهابيين من إنتاج محلي، والدين أساساً للشعور الوطني، ليس المُشرع هو الذي يحتاج إلى المزيد من القوة بل المحكمة التي بقيت آخر ملاذ لمن لا ينتمي إلى «التيار المركزي».

طوال سني وجود الدولة جرت العلاقات بين المُشرع ومحكمة العدل العليا في نطاق احترام متبادل واعتراف كل واحدة من هاتين السلطتين بدور الأخرى وأهميتها. وبقي حلم الساسة وفحواه أن تستطيع الدولة التحرر وان تعمل «من غير محكمة العدل العليا ومن غير بتسيلم» على نحو عام في المكان الذي يناسبه ـ في مُخيلتهم.

إن الحاجة إلى أن يُرتَب بالتشريع الآن العلاقات بين المُشرع والسلطة القضائية لا تنبع فقط من أن المُشرع أحس بالاهانة حينما تبين له فجأة أنه برغم قوته السياسية فإنهم يُبطلون له قانون طال ويمنعونه من أن يستوطن حيثما شاء ومتى شاء في أراض ليست له، وأنه غير قادر على أن يقرر من يحق له ومتى أن يمنحه ضمان دخل. إن المُشرع أو مندوبه الكثير الحيلة نئمان لا يريد أن يحمي مكانته فقط بل يطمح إلى أكثر من ذلك. فاقتراح القانون يطلب اعترافا مطلقا بتفوق المُشرع، أما رأي محكمة العدل العليا إذا اتجهت إلى إلغاء قانون غير دستوري فسيحظى بمكانة توصية فقط.

إن القيد الذي يقترح نئمان فرضه على القانون ـ وفحواه أن سناً من جديد لقانون أُلغي يحتاج إلى تأييد 65 من أعضاء الكنيست وأن يتم تحديد القانون الجديد في خمس سنين (وفي خمس سنين أخرى بعد ذلك إلى ما لا نهاية) ـ ليس في الحقيقة كابحا يؤثر في آلة تشريع وهي تتدهور في منزلق. وحينما يشارك وزراء بصورة تظاهرية في مراسم مخالفة للقانون مثل الوزير إسرائيل كاتس الذي ركّب دعاء دخول المنزل في بيت الماكفيلا في الخليل أو حينما يسخر مُشرعون ووزراء من قرار محكمة العدل العليا على إبعاد المستولين على الأرض عن ميغرون فإن قيد الأكثرية النسبية هو أمر هامشي بالنسبة إليهم وبخاصة حينما لا يعلم فريق من المُشرعين دائماً لمن يصوتون.

يستطيع أعضاء الكنيست اليوم في واقع الأمر أن يُبطلوا قدرة محكمة العدل العليا على إلغاء قوانين تناقض القوانين الأساسية. وكل ما يجب عليهم فعله أن يُبطلوا القوانين الأساسية. فبعضها مثل القانون الأساسي: الحكومة والقانون الأساسي: حرية العمل يحتاج في الحاصل العام إلى 61 عضو كنيست لتغييره، أما القانون الأساسي: كرامة الإنسان وحريته والقوانين الأساسية الأخرى فإنها غير مثبتة البتة ويمكن أن يتم التعامل معها كأنها قوانين عادية. فلماذا إذا يريد المُشرع، وليست هذه أول مرة، الالتفاف على محكمة العدل العليا خاصة لا أن يلتف على نفسه بإلغاء القوانين الأساسية؟ يبدو أنه تكمن هنا الثورة الدستورية الجديدة التي صاغها اليمين: فمحكمة العدل العليا ستبقى والقوانين الأساسية ستظل موجودة بشرط أن تُحبس محكمة العدل العليا والقوانين الأساسية في زنزانتين منفصلتين. فلا تستطيع محكمة العدل العليا أن تمس قوانين ملغاة وتظل القوانين الأساسية تلبس رداءً شرعياً وكأنها غير قابلة للمس بها في الحقيقة. وهذا حفل أقنعة قانوني كامل سيحقق في نهاية الأمر الكابوس الذي شعاره «من غير محكمة العدل العليا ومن غير بتسيلم». أجل، جعلونا نشتاق إلى دانيال فريدمان.

ــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

دولة أضحوكة قانون

بقلم: عكيفا الدار،عن هآرتس

مدير إحدى المنظمات الدولية العاملة في المناطق المحتلة روى لي بأن ضابطاً إسرائيلياً سأله مؤخراً إذا كان يعرف ما معنى المنطقة أ و ب و ج. بالطبع، أجابه المدير، حسب اتفاقات أوسلو الأولى هي منطقة تحت السيطرة الأمنية والمدنية للسلطة الفلسطينية، الثانية، تحت السيطرة المدنية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية، والثالثة تحت السيطرة الإسرائيلية المطلقة. «أنت مخطئ»، ضحك الضابط الإسرائيلي، «أ هي عرفات، ب هي الفوضى وج هي لنا» (مشوق حسب أي نسخة). من يعرف الواقع في الضفة الغربية، مثل يوسي بيلين، يعرف أن هذه ليست نكتة؛ فالمؤسسة الرسمية الإسرائيلية ـ السياسية والأمنية والقضائية أيضاً ـ ترى في المنطقة ج، التي تقع على نحو 60 في المائة من الضفة، جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل. هذا هو أحد الأسباب في أن بيلين اقترح على رئيس السلطة، محمود عباس، دفن اتفاقات أوسلو ـ الوليد الذي قبل 18 سنة وقف كلاهما قرب مهد ولادته.

عندما أقنع بيلين اسحق رابين بمصافحة ياسر عرفات، رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو سار أمام تابوت كان يرمز إلى اتفاق أوسلو. ومنذ ولايته الأولى كرئيس للوزراء فهم نتنياهو بأن أوسلو هو اتروجة ينبغي الحفاظ عليها تحت طبقة سميكة من القطن. تسوية التقسيم إلى ثلاث مناطق سيطرة، والتي جاءت لتكون محطة انتقالية مؤقتة في الطريق إلى تسوية دائمة، تحولت إلى مخزن أراضي «قانوني» للمشروع الاستيطاني. قبل ثلاث سنوات استعاد نتنياهو المنطقة ج مع بعض التحسينات؛ مخططو جدار الفصل الذي قررت حكومة ارئيل شارون إقامته قبل عشر سنوات دخلوا هنا وهناك إلى المنطقة ب. المستوطنون رأوا أن هذا خير، وساروا في أعقابهم مع، وبدون أيضاً، مساعدة السلطات.

في هذه الأيام تكتمل ست سنوات على التحقيق في قضية البناء غير القانوني لمئات الشقق في حي «متتياهو شرق» في المستوطنة موديعين عيليت. في نيسان 2006 أبلغت النيابة العامة للدولة محكمة العدل العليا بأن وحدة تحقيق الغش في الشرطة فتحت تحقيقا جنائيا ضد رئيس مجلس موديعين عيليت، يعقوب غوترمان (الذي رفع مستواه في هذه الأثناء إلى رئيس بلدية)، مستثمرين وشركات بناء كبيرة، تجار أراضي يهود، ممن شروا أراض خاصة للفلسطينيين، محامين وجمعيات للمستوطنين تعنى بـ «خلاص الأرض». وكما نشر في حينه في «هآرتس» فإن الملتمسين، السلام الآن وسكان قرية بلعين (المنطقة ب) التي على أراضيهم بني الحي ومسار الجدار الذي تكيف ليتلاءم معه، نقلوا إلى النيابة العامة عقود شراء من أصحاب الأراضي في القرية والمشبوهة بأنها مزيفة.

الناطق بلسان وزارة العدل أفاد، بأنه قبل بضعة أشهر جرت جولة استكمال أخرى للتحقيق في هذا الملف، أظهر أدلة إضافية. وعلى حد قوله، فإن «النيابة العامة على علم باستمرار المعالجة للملف، تبذل جهوداً كبيرة وتواصل فحص الملف كل الوقت. ولكن لم يتخذ بعد قرار». لننتظر بصبر، ولكن لا يقين في أن عباس سينتظر إلى أن ينهي نتنياهو والمستوطنون مشروع تحويل المنطقة ج زائد لتصبح «لنا». وحسب خطته، فبعد أن تعترف الأغلبية العظمى من أعضاء الأمم المتحدة بدولة فلسطينية في حدود 67 ـ فإن السلطة ستعلن عن كل المنطقة شرقي الخط الأخضر بأنها تعود إلى فلسطين، دون فرق عرفات، فوضى ولنا.

المشكلة مع المنطقة ج هي أن الفلسطينيين الذين علقوا في المنطقة يجدون صعوبة في أن يفهموا بأن المنطقة «لنا» ويصرون على البقاء هناك. الكثير منهم يحملون وثائق تدل على ملكيتهم للأراضي التي ضمت إلى البؤر الاستيطانية. وحسب المستشار القانوني للحكومة لا يمكنه أن يحول هذه الأراضي إلى «لنا». لتجاوز هذا الحاجز أقام نتنياهو في كانون الثاني من هذا العام لجنة فحص مسألة الأراضي في يهودا والسامرة برئاسة قاضي المحكمة العليا المتقاعد ادموند ليفي. ودعت اللجنة إلى الشهادة بعض من منظمات حقوق الإنسان، بما فيها لإسلام الآن، بتسيلم ويوجد قانون.

هذا الأسبوع أبلغت منظمة «يوجد قانون» أعضاء اللجنة بأنه لا يمكنها أن تخدم لجنة ولدت في الخطيئة ـ كمستشار يتجاوز المستشار واستفزاز ضد مكانة المستشار القانوني للحكومة. في رسالة بعث بها رئيس المجلس الجماهير للمنظمة، يئير روت ليفي، يذكر ان لجنة شمغار (على طريقة تعيين المستشار القانوني، في أعقاب قضية بار أون ـ حبرون) قررت في العام 1998 بأن المستشار القانوني للحكومة هو المفسر القانوني المخول والأعلى للقانون بالنسبة للسلطة الرسمية، وطالما لم تنطلق كلمة «المحكمة»، تفسيره هو التفسير المخول. ولهذا فقد قررت اللجنة، التي تضم في عضويتها ثلاثة وزراء عدل سابقين ـ لن تتلقى سلطة رسمية مشورة خارجية إلا بموافقة المستشار القانوني للحكومة. ولأفضل علمنا، كما كتب قادة «يوجد قانون»، فإن تشكيل اللجنة لم يكن بناء على رأي المستشار القانوني للحكومة، الذي ابلغ رئيس الوزراء بأنه مشوراتها لا تلزمه ولا تلزم مكتبه.

المستشار القانوني السابق ميخائيل بن يئير، عضو المجلس الجماهيري لـ «يوجد قانون»، قال أمس لـ «هآرتس» انه لو كان هو المستشار القانوني للحكومة، لأعلن مسبقاً بأنه لن يتناول توصيات اللجنة حتى لو كانت تنسجم ومواقفه. وعلى حد قوله، فإن تشكيل اللجنة هو مس بمكانة 350 موظف في النيابة العامة ولدى المستشار القانوني.

ـــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

الصندوق الصغير للاسد

بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس

فرار مساعد وزير النفط السوري، عبده حسام الدين الشهر الماضي وفر اطلالة مشوقة الى الشكل الذي يدير فيه بشار الاسد اقتصاد الدولة.

في ورقة موقف عرضها المسؤول السوري في مؤتمر الدول الصديقة لسورية، الذي انعقد في بداية الشهر في اسطنبول روى بان النظام السوري منع توريد البنزين، السولار وغاز التدفئة الى المنازل في القرى الثائرة؛ ووصف كيف أن حواجز الطرق التي اقامها الجيش السوري ابادت ارساليات كبيرة من الخبز الذي تبرع به المواطنون للقرى المحاصرة، وكيف أفسد الجيش محاصيل بمنع الاسمدة عن المزارعين.

ولكن المعطى الاشد خطورة الذي عرضه حسام الدين كان هبوط احتياطات العملة الصعبة التي لدى النظام من نحو 17 مليار دولار الى 4.5 مليار دولار ـ مبلغ يكفي، بتقديره، لثلاثة اشهر فقط.

الاسد، كما يتبين يعاني من نقص شديد في السيولة النقدية، وبالتالي فقد أمر باصدار شهادات دين كي يتمكن من دفع الرواتب لجنوده والموالين له. واقترح على الصين شراء شهادات دين بحجم 10 مليار دولار، ومن روسيا وايران طلب ان يشتري منهما شهادات بحجم 5 مليار دولار كل واحدة.

'النتيجة ستكون هي أنه اذا سقط النظام ستبقى الدولة مدينة لهذه الدول الثلاثة بمبالغ طائلة، ليس واضحا من أين سيتوفر المال لدفعها. وهكذا بالطبع سيزداد أيضا التعلق السياسي للنظام الجديد، مهما كان، بهذه الدولة'، حذر المسؤول الفار.

في سورية نفسها من الصعب الحصول على معطيات موثوقة عن الوضع الاقتصادي وعن تأثير العقوبات التي فرضتها عليها دول اوروبا، الولايات المتحدة والدول العربية. التقديرات تتحدث عن إقالة عشرات الاف العاملين من المصانع، وعن هبوط الاستثمارات الاجنبية الى شبه الصفر، وعن النمو المرتقب هذه السنة سيكون سلبيا بمعدل 3.5 في المئة. هذه المعطيات العموم اقتصادية تترجم الى هبوط ساحق في الاستهلاك وتهريب المال الخاص الى خارج الدولة ولكن كل هذا لا يزال لا يمنع النظام من مواصلة قتل المواطنين دون تمييز.

يوم الخميس، اذا وافق النظام على تطبيق خطة مبعوث الامم المتحدة كوفي عنان، يفترض بكل الاطراف ان تضع سلاحها. في هذه الاثناء تراجع الاسد عن نيته تطبيق الخطة ولكن حتى لو تحقق وقف النار عن طريق المعجزة، ليس واضحا على الاطلاق ماذا ستكون الخطوة التالية. اذا ما بدأ بالفعل حوار مع هيئات المعارضة، فمن شأن ذلك أن يكون فيه اعتراف بشرعية النظام؛ اذا رفضت هيئات المعارضة ادارة الحوار، يمكن للنظام أن يدعي بانه يعمل قانونيا ضد من ليس مستعدا لقبول خطة أقرتها الاسرة الدولية.

ولكن حتى لو قررت الاطراف ادارة حوار حول تغيير طريقة الحكم، فان سورية ستجد صعوبة في العيش دون مساعدة مكثفة. التقدير في الغرب هو أن سورية ستحتاج الى حقنة فورية من نحو 10 مليارات دولار، ونحو 20 مليار دولار اخرى في السنة للسنوات الخمسة القادمة.

المجتمعون في مؤتمر اسطنبول وان كانوا تعهدوا بمساعدة النظام الجديد على اعادة بناء سورية، بل وتشكلت لجنة لخاصة برئاسة ألمانيا ودولة اتحاد الامارات لفحص احتياجاتها الاقتصادية، الا ان تجربة الماضي في افغانستان، في العراق ومؤخرا في مصر تفيد بان الحماسة والاستعداد للمساعدة، واللذين تتميز بهما المؤتمرات الدولية يتبددان عندما يحل الوقت لتحرير الشيكات.

الدول المانحة سترغب قبل كل شيء في أن تعرف ماذا سيكون عليه النظام الذي سيتلقى المال، ولاي اهداف سيوجه، وبعد ذلك، كالمعتاد، ستطرح شروطا اقتصادية وسياسية بالغة.

من جهة اخرى، فان دولا مثل ايران، الصين وروسيا عرفت دوما كيف تقترح المساعدة حتى دون شروط اقتصادية مقيدة. من يتمنى تغييرا دراماتيكيا في سورية، يحدث أيضا انعطافة استراتيجية في علاقاتها الدولية، يتعين عليه أن يأخذ بالحسبان ان مثل هذه الانعطافة تكلف مالا كثيرا. بدونه، فانه حتى النظام الاكثر راحة في سورية سيتعين عليه أن يعود الى طاولة روسيا، الصين وايران كي يعيش.

{nl


إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً