أقلام وآراء

(95)

حديث القدس ... الانتخابات في اسرائيل وغيرها مبرر جديد للتجميد السياسي !!

بقلم: اسرة التحرير عن جريدة القدس

يبدو اننا سندفع الثمن نتيجة بعض الانتخابات في اكثر من دولة، سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة. سنة الانتخابات في الولايات المتحدة هي سنة الابتزاز الاكبر الاسرائيلي ولا يستطيع اي رئيس او مرشح للرئاسة ان يخطو خطوة او يقول كلمة قد تغضب اسرائيل بسبب ما تتمتع به من نفوذ وتأثير. والانتخابات في فرنسا التي جاءت بالرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند ستكون لها ابعاد بشكل ما على المنطقة، خاصة وانه يؤيد التحرك العسكري ضد سوريا مثلا اذا جاء بقرار من مجلس الامن، وقد تكون فرنسا بقيادته هي المبادرة الى ذلك ولا سيما ان التطورات داخل سوريا تزداد عنفا من النظام والمعارضة اساسا.

الا ان الانتخابات التي سيكون لها التأثير المباشر علينا هي التي اعلن عنها رئيس وزراء اسرائيل، نتانياهو، والمقررة مبدئيا في مطلع ايلول القادم. وكما هو معروف فان حكومته ستصبح رسميا حكومة تسيير اعمال ولا تستطيع اتخاذ اية خطوات سياسية، اي ان نتانياهو سيجد مبررا جديدا لزيادة التجميد السياسي الذي تواجهه القضية الوطنية. وهو بالطبع سيظل قادرا على مواصلة الاستيطان والتهويد في هذه المرحلة.

وحسب استطلاعات الرأي فان الليكود سيحقق فوزا كبيرا يمنح نتانياهو المزيد من القوة والنفوذ والتأييد بصفته الزعيم الذي لا منافس له في اسرائيل، مما سيزيد في الغطرسة والتجاهل لكل متطلبات وشروط اي حل سلمي محتمل.

وسيكون علينا بالتأكيد، عدم توقع اية خطوة ولو صغيرة او بادرة محدودة ايجابية حتى نهاية الانتخابات الرئاسية في اميركا والتشريعية في اسرائيل، اي حتى مطلع العام القادم.

لابد ونحن نتحدث عن الانتخابات الا ننسى ولو للحظة انتخابات الرئاسة المصرية المقررة قبيل نهاية الشهر الحالي، وما يرافقها من احتمالات خطيرة سواء بالانقسام المحتمل بين القوى السياسية والمجلس العسكري والتظاهرات الدامية وحالة الفوضى التي تسود بلاد النيل، وقد تدخل مصر - لا قدر الله - في حالة من العبث والانفلات ويهتز دورها في المنطقة فترة طويلة ويغيب فيها الاستقرار، مما سيقوي غلاة المتطرفين في اسرائيل واحساسهم بانهم اللاعب القوي الوحيد، وان كنا نأمل ان تمر الانتخابات بسلام وامن وتعود مصر لدورها الريادي وتبدأ مرحلة البناء الداخلي والقيادة في المنطقة ولا سيما في ما يتعلق بقضيتنا.

نكبة... استيطان... وانقسام!!

بقلم: سليمان الوعري عن جريدة القدس

تتوالى النكبات على الشعب الفلسطيني ، فمنذ العام 1948 والشعب الفلسطيني يعاني التهجير والتشرد واللجوء في كافة بقاع الأرض ، ولا يفوت الجانب الاسرائيلي أي فرصة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ، فبعد حرب حزيران 1967 واحتلال الضفة الغربية سعى الجانب الاسرائيلي الى مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات عليها ، واستعرت الهجمة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس تحديدا ، وبدأت إسرائيل في سباق مع الزمن بمصادرة آلاف الدونمات وبناء مئات الوحدات الاستيطانية عليها في محاولة لفرض أمر واقع على الأرض يمنع قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا وذات سيادة حسب اتفاقات السلام الموقعة .

فالاستيطان بنظر إسرائيل هو إستراتيجية سياسية / أمنية يقوم على أساسه تحقيق الحلم بأرض إسرائيل الكاملة من البحر إلى النهر ، وقد تعززت بناءً على ذلك مكانة المستوطنين السياسية والبرلمانية وأصبحت لهم قوة تأثير واضحة في الحياة الإسرائيلية، وتحولت حكومة بنيامين نتنياهو إلى حكومة يمين يحكمها المتطرفون وتسودها العقلية المتطرفة التي لا تؤمن بالسلام.

وتندرج قرارات الحكومة الإسرائيلية الأخيرة لشرعنة المواقع الاستيطانية " المؤقتة " على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية في إطار الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل على شعبنا وأرضه لفرض هجرة قسرية عليه ، بعدما حولت المناطق الفلسطينية الى كانتونات ومعازل في إطار منظومة فصل عنصري مخالفة لقواعد القانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية ، فمحاولة " شرعنة " البؤر الاستيطانية العشوائية واللعب على حبل القوانين مع المحاكم الإسرائيلية لاضفاء الصبغة القانونية على هذه المستوطنات يعتبر تحديا لإرادة السلام الفلسطينية وتحديا للقانون الدولي ولإرادة المجتمع الدولي أيضا الذي يعارض الاستيطان بكافة اشكاله بشكل رسمي وعلني.

ولابد من التأكيد هنا بأنه لا توجد مستوطنات شرعية أو غير شرعية، أو مستوطنات قانونية أو غير قانونية ، فجميع المستوطنات غير شرعية وغير قانونية، وسيتم تفكيكها عاجلا أم آجلا كما حدث في مستوطنات سيناء المصرية بعد توقيع معاهدة السلام مع جمهورية مصر العربية.

فالقانون الدولي يحظر التهجير القسري للمدنيين ونقل المستوطنين ،ومصادرة الممتلكات الخاصة أو تدميرها، و بذلك اصبحت عملية السلام غير موجودة وغير واقعية جراء الممارسات الإسرائيلية اليومية من مصادرة للأراضي وبناء الجدران وتهويد القدس وتضييق الخناق عليها وعلى مقدساتها الاسلامية والمسيحية، وحصارها بكافة الوسائل لترحيل سكانها الأصليين واحلال المستوطنين والقادمين الجدد مكانهم والقضاء على إمكانية ان تكون عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة .

لقد أصبح الاستيطان بالفعل نكبة جديدة تحل على الفلسطينيين بشكل يومي وأصبح كابوساً يؤرق حياتهم اليومية .

وهو يعبر عن سياسة تطهير عرقي تمارسه إسرائيل بحق المواطنين الفلسطينيين منذ العام 1948 عندما دأبت على الاستيلاء على اكبر قدر ممكن من أراضي فلسطين التاريخية وإزالة معظم القرى والأحياء العربية فقد ارتكبت مجازر وعمليات طرد جماعي تنضوي جميعها تحت صفة (التطهير العرقي) .

وبشكل اكثر تحديداً فإن سياسة التطهير العرقي كما عرفتها الأمم المتحدة تهدف الى تحويل منطقه مسكونة من قبل أعراق مختلطة الى مساحة تتميز بالنقاء العرقي ، حيث تعتبر كافة الوسائل مبرره لذلك ، ويصنف القانون الدولي مثل تلك السياسة على انها جريمة ضد الانسانية .

وبذلك تتحمل اسرائيل المسؤولية عن خلق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وأنها وحدها تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن تشريد شعب بأكمله عن أرضه ووطنه ، وعلى القيادة الفلسطينية التمسك بموقف مبدئي فيما يخص قضية اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها عملية تطهير عرقي من أجل ضمان ألا يتجاهل أي حل سياسي جذور الصراع ، والأخذ بتجربة جنوب افريقيا بهذا الخصوص ، بالاضافة الى تطبيق القرار الأممي رقم 194 والذي يقضي بالعودة غير المشروطة للاجئين الفلسطينيين وأسرهم الى موطنهم الأصلي ( وبيوتهم حيث كان ذلك ممكناً) ، اضافة الى ان مبدأ التعويض يقوم على القانون الدولي الذي يلزم الدولة التي تنتهك حقوق الملكية وحقوق الأفراد ، بارجاع الحال الى ما كان عليه قبل ارتكاب تلك الأعمال غير الشرعية ، وعلى تلك الدولة أن تزيل كل الآثار الناتجة عن ذلك واعادتها الى الوضع الذي كانت عليه ، واذا استحال ذلك فان للمتضرر الحق في التعويض المادي عن ذلك بقيمة تساوي إصلاح الضرر او ارجاع الحال كما كان عليه ،أي أن لكل لاجئ الحق بالعودة بالاضافة الى التعويض، ولا يلغي أحدهما الآخر .

إن انسداد الأفق السياسي نتيجة التعنت الإسرائيلي، وتوقف العملية السياسية واستمرار الاستيطان وتهويد القدس ، دفع القيادة الفلسطينية الى البحث عن خيارات أخرى للدفع بالمصالح الفلسطينية وتحريك المياه الراكدة ، فكان التوجه للأمم المتحدة لطلب العضوية في ايلول الماضي أحد هذه الخيارات ، وبرغم عدم نجاحها الا انها استطاعت احداث حراك محلي ودولي واسع ، مما جعل إسرائيل تستنفر حول العالم وتطعن في قدرة السلطة الوطنية على إنشاء دولة بحجج وذرائع كثيرة أهمها الانقسام الداخلي وعدم قدرة الفلسطينيين على الاتفاق فيما بينهم..

إن قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 يتطلب توحيد الجهود وإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة الوطنية وتوحيد الوطن جغرافيا وسياسيا للوقوف أمام الهجمة الإسرائيلية.

فالانقسام الداخلي الفلسطيني كان بمثابة (نكبة أخرى) في تاريخ الشعب الفلسطيني، ونقطة سوداء في صفحة نضالاته ضد الاحتلال ، بعدما اصبحت اسرائيل تستخدم هذا الانقسام ذريعه للتهرب من مسؤولياتها السياسية والقانونية وتنفيذ التزاماتها ، وأخذت تشوه موقف السلطة الوطنية ومنظمة التحرير أمام العالم بعدم قدرتها على الحكم واقامة دولة ذات سيادة مستقرة ، وعمدت اسرائيل على تغذية هذا الانقسام وزرع بذور الفتنة بين الأشقاء وأبناء الوطن الواحد لعدم تنفيذ اتفاق المصالحة فيما بينهم.

ان معركة الامعاء الخاوية التي يخوضها أسرانا حاليا ضد الظلم ودفاعا عن وطنهم وقضيتهم العادلة ، ويتوحد حولهم الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه بالداخل والخارج ، يجب أن تكون حافزا قويا لإتمام المصالحة وإنهاء الانقسام حفاظا على مشروعنا الوطني الفلسطيني .

فالرد الفلسطيني على هذه النكبات المتتالية يجب أن يكون بإتمام المصالحة فورا بين حركتي فتح وحماس وإعادة اللحمة لشطري الوطن، ثم التوجه بموقف فلسطيني – عربي موحد لكافة الهيئات والمحافل الدولية واللجنة الرباعية، بأن هذه الانتهاكات وهذا العدوان المستمر على الحجر والبشر لا يمكن أن يستمر الى ما لا نهاية، وعلى المجتمع الدولي إلزام اسرائيل باحترام قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم حسب الاتفاقات الموقعة وإنهاء الصراع والعيش بدولتين مستقلتين جنبا الى جنب باستقرار وأمان .

"مناورة نتنة 2"؛ الانقلاب الثاني؟

بقلم: حسن البطل عن جريدة الأيام

اقلب قبة قميصك، أو اقلب حزام سروالك. ماذا تجد؟ نسبة الخيوط والأنسجة التركيبية في قماشة القميص والسروال والسترة أيضاً.

انتخابات الكنيست 19 في أيلول المقبل لا تحتاج قلب قبة القميص (الحزب) أو قلب حزام السروال (الائتلافات الحزبية) ولا الجيب الداخلي للسترة (تشكيل الحكومة بناء على أغلبية مقاعد الكنيست).

.. ومع ذلك، تهمنا انتخاباتهم المقبلة قليلاً، وليس مثل انتخاباتهم السالفة التي كانت تهمنا كثيراً، وبخاصة منذ "المناورة النتنة" التي قادها شمعون بيريس، فأسقط حكومة الشراكة، ومنذ انتخابات 1992 التي جاءت، ولأول مرة منذ انقلاب 1977، بحكومة عمالية بقيادة "شريكنا" الأوسلوي رابين.

حتى انتخابات 2009 كان الحزب الأكبر يشكل حكومة ائتلافية، وبعدها صار الحزب الذي يشكل الحكومة هو صاحب الائتلاف الأكبر، منذ نال "كاديما" أغلبية مقعد واحد على "الليكود" الذي شكل الحكومة بفضل أكبر ائتلاف.

عام 1977 أسقط بيغن-حيروت صيغة ائتلافات حزب العمل، التي صاغها بن-غوريون "حكومة بدون الشيوعيين وحيروت". كان هذا انقلاباً حزبياً تاريخياً، سيكمله بنيامين نتنياهو بانقلاب ثان ائتلافي، بعدما رفضت أميرة "كاديما" تسفي ليفني ما تصفه "بيع الدولة" للأحزاب الأصولية، وفضلت قيادة المعارضة.

بين الانقلاب الحزبي بزعامة بيغن، والانقلاب الائتلافي بزعامة نتنياهو، جربت اسرائيل انقلاباً عابراً بانتخاب رئيس الحكومة أيهود باراك، مباشرة، من جانب المقترعين عام 1999، ثم تراجعت عن ذلك بعد دورة انتخابية واحدة، وجاؤوا بشارون رئيساً للحكومة، فتجاوز صيغة "من لا يريده" رئيساً للأركان (بعد مجزرة صبرا وشاتيلا) حصل عليه وزيراً للدفاع".. وصار رئيساً للحكومة!.

ومعه، دُفع الى الوراء اقتراح باستبدال نظام الأحزاب "الائتلافات الحاكمة البرلمانية" الى "نظام رئاسي" على غرار أميركا وفرنسا. من يدري؟ ربما يعودون لفكرة النظام الرئاسي.. إن وجدوا "ديغولاً" ينقذ اسرائيل التي طول عمرها تحلم بـ "ديغول وراء الباب".

لماذا تهمنا، قليلاً، انتخابات الكنيست الـ 19، مع أن الليكود بقيادة نتنياهو يتصدر في الاستطلاعات "الحزب الأول" بينما تهاوى ما كان الحزب الأول "كاديما" الى المرتبة الثالثة أو الرابعة.

عادة، يلجأون الى تبكير الانتخابات في اسرائيل ان سقطت الحكومة في تصويتات الثقة بالكنيست، أو تزعزع الائتلاف الحكومي بانسحاب حزب صغير يفقد الائتلاف غالبية 61 مقعداً في الكنيست.

لا هذا السبب ولا ذاك وراء تبكير الانتخابات، لأن الائتلاف اليميني الحالي يتمتع بغالبية برلمانية مريحة، وبتحالفات متينة، ومع ذلك اتخذ رئيس الحزب والائتلاف والحكومة مبادرة تبكير الانتخابات، مع أنه نجح في تمرير الميزانية لعامين متواليين في الكنيست، بينما سقطت بعض الحكومات الائتلافية بسبب الميزانية.

هناك مشكلة الخلاف على تجنيد "الحريديم" (أتقياء الله) ولو في خدمة مدنية، واحتمال تجدد "الاحتجاج الاجتماعي" هذا الصيف كما الصيف الفائت، وأسباب تفصيلية، لكن السبب الحقيقي هو "مناورة نتنة" أخرى من نتنياهو لاستباق الانتخابات الأميركية، واحتمال رئاسة ثانية لأوباما، بينما الرياح موائمة الآن لليكود ورئيسه وائتلافه الحكومي والبرلماني.

"الضربة الاستباقية" و"حروب الخيار" جزء من سياسة الجيش الاسرائيلي وحكومات اسرائيل.. فلماذا لا تكون "انتخابات استباقية" بينما تتوقع الاستطلاعات غالبية برلمانية مريحة لحزب الليكود كأكبر حزب ولائتلافه اليميني (31 للحزب و65 مقعداً للائتلاف مقابل 55 لائتلاف اليسار والليبراليين).

.. الى ذلك فإن "شعبية" نتنياهولا تهددها شعبية أي زعيم حزب آخر (29,1% مقابل 9,2%).

الكنيست انحلت، ورئيس الحكومة أمامه "اختبار زعامة" في غيابها، بدل المناورات والتسويات.

نادراً ما حكم رئيس حكومة في اسرائيل ثلاث مرات، وعليه في المرة الثالثة أن يكون "زعيماً تاريخياً" على غرار بن-غوريون وبيغن ورابين. "ديغول وراء الباب" والموضوع الفلسطيني وراء الباب!

عام إدارة الأزمات

بقلم: رجب أبو سرية عن جريدة الأيام

نحو 80% من الفلسطينيين يؤيدون الرد على رد نتنياهو على رسالة الرئيس محمود عباس بتصعيد جماهيري ضد الاستيطان، مقابل نحو 15% مع التوجه للأمم المتحدة. هذا الاستطلاع يشير بوضوح إلى الحس الشعبي وقدرته على تحديد أفضل خيار كفاحي للفلسطينيين.

وفي الحقيقة، كان الشعب الفلسطيني ولسبب بسيط، وهو انه وعلى مدار العقود الماضية داخل في أتون الكفاح الوطني، والذي وان كان في مستواه القيادي ـ الإداري يدخل في دهاليز النخب، إلا انه على الأرض وفي معمعان الكفاح، فإن الشعب هو الذي يوجد في الميدان، لذا كان يظهر عبقريته في لحظات الاستعصاء السياسي، وقد كانت لحظات فاصلة وكثيرة، وكان الشعب ينجح في اجتراح المعجزة، ويطلق أفق الحل !

حدث هذا بعد نكسة النظام العربي العام 67 حين أطلق الشعب الفلسطيني ثورته الوطنية لتمسك زمام المبادرة، بعد أن قاد عبد الناصر معركة تحرير فلسطين، ثم مرة أخرى العام 87 بعد أن انكفأت الثورة بعد اجتياح بيروت، وتمت محاصرتها ميدانيا أولا، ومن ثم سياسيا، وها هو الشعب يؤشر إلى طريق الخلاص بعد أن انشغلت نخبه السياسية فيما بينها .

جرب الفلسطينيون في السنوات الأخيرة كل البرامج السياسية، في مقدمتها برنامجا التفاوض والمقاومة منفصلين دون أن ينجح احدهما في فرض الحل السياسي على الإسرائيليين أو تحقيق إنهاء الاحتلال وفرض الاستقلال الوطني، ورغم البطولات العظيمة التي قدمها الفلسطينيون، إن كان عبر قوافل الشهداء أو الأسرى، أو الصمود، إلا أن تقدما مهما لم يحدث خلال عقدين مضيا، والاهم انه في هذه اللحظات بالذات، فإن القيادات الفلسطينية تبدو وكأنها قد أضاعت البوصلة أو أنها غير قادرة تماما على إقناع شعبها بالأساس على قدرتها في متابعة الطريق دون فعل شعبي مباشر يعدل من طبيعة معادلة الصراع المختلة القائمة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي .

لم ينجح حتى اللحظة طرفا القيادة الفلسطينية في تجاوز حالة الانقسام وتوحيد الصفوف، لفرض منطق القوة السياسية والكفاحية على الجانب الإسرائيلي، وبات واضحا أن الخيار العام بالضغط الدولي والدبلوماسي على إسرائيل صار متعثرا تماما، ليس لأن الوقت قد مضى، على قرع أبواب الأمم المتحدة وحسب، بل لأنه أيضا بات واضحا أن الاهتمام الدولي تراجع كثيرا عن متابعة هذا الأمر، كذلك، فان العالم العربي نفسه لم يعد قوة إسناد فاعله بالنظر إلى أكثر من سبب يحول دون أن يبدو خيار التوجه للأمم المتحدة خيارا واقعيا .

دليل إضافي يؤكد هذا التقدير، ونقصد به توجيه القيادة الفلسطينية الرسالة للجانب الإسرائيلي. وبتقديرنا فإن التوجه بالرسالة نفسه يظهر مدى "ضعف" الجانب الفلسطيني وتردده عن متابعة خيار اللجوء للأمم المتحدة، وقد كان الجانب الفلسطيني يظن أنه بعد انقضاء فترة الثلاثة أشهر التي انقضت في كانون الأول الماضي يمكنه أن يذهب للأمم المتحدة بتأييد أوروبي للخطوة، وبذلك فإن ابتداع فكرة الرسالة ظهر وكأنه رضوخ للمطلب الإسرائيلي ـ الأميركي بالعودة لقناة التفاوض الثنائي .

لذا، فان الرد الإسرائيلي يكاد يكون معروفا، وأقله لجوء نتنياهو للمراوغة وكسب الوقت، وتمييع أو تمويت فكرة التفاوض بهدف التوصل لحل .

هذا ما يدركه الشعب جيدا، لذا فهو يفضل التصعيد الميداني الجماهيري ضد الاستيطان أي شكل محدد من المقاومة السلمية والمجابهة الشعبية، في إطار يضمن التعاطف والتأييد الدولي، في لحظة تبدو ميتة بالمعنى السياسي، ونقصد ما تبقى من هذا العام حتى نهايته .

من الواضح أن إدارة البيت الأبيض الأميركي منشغلة ومنذ وقت بانتخابات الرئاسة التي ستجري مع نهاية العام، وواضح هذا الانشغال من خلال تراجع فاعلية السياسة الخارجية الأميركية في معظم ملفات المنطقة , بما في ذلك الملفات التي يتركز عليها " الفوكس " الإعلامي , نقصد الملف السوري , وحتى الملف الإيراني وما إلى ذلك من ملفات داخلية عربية : ملف انتخابات الرئاسة المصرية، والملفان الليبي واليمني .

لذا، فان معظم الدول ذات المكانة الدولية والإقليمية المؤثرة وحتى المقررة , تفضل تأجيل الحسم في هذه الملفات وترحيلها إلى العام القادم والدول التي تدرك هذة الحقيقة تقوم الآن بتحضير نفسها وفق هذا المعطى السياسي، ولعل ذهاب إسرائيل إلى انتخابات مبكرة ربما تجري في أيلول القادم , يمكن تفسيره ارتباطا بهذا الأمر .

نحن نقدر أنه حتى في الملف السوري، حيث يسقط كل يوم عشرات الضحايا، فان متابعة الملف بكل هذه الأناة يرجح هذا التصور، فخلال هذا العام سينضج البديل عن نظام الأسد، كذلك ستتضح الصورة النهائية لأوضاع مصر الداخلية , وإذا ما جرت الانتخابات الإسرائيلية المبكرة , كرد على التحولات في دول الجوار العربي , خاصة مصر وسورية , فان الجميع سيكون على موعد مع سياسة جديدة في العام القادم مع أدارة قوية في البيت الأبيض إن كانت جمهورية أو حتى في حال التمديد، كما هو مرجح لباراك أوباما .

هذا الارتخاء السياسي كان أحد دوافع عدم تنفيذ المصالحة الداخلية الفلسطينية، وما دام الأمر كذلك، فإن قيادتي حماس وفتح مع ذلك يمكنهما إدارة الانقسام، ولكن مع فتح الأفق لكفاح فلسطيني فعال ضد الإسرائيليين، من خلال التوافق على صيغة جبهوية تتبع كفاح الأسرى، والتعامل مع منطق الفدرالية السياسية، حيث ليس من الضروري أن يتم تنصيب الرئيس أبو مازن رئيسا لحكومة انتقالية، حتى يتم بث رسالة الوحدة للشعب الفلسطيني، فالرجل هو رئيس السلطة الوطنية المنتخب، أي أنه عنوان وحدة وتوحيد، لذا يمكن ومن خلال هذه الصفة أن تفتح له حماس الباب ميدانيا، حتى يفعل شيئا في قطاع غزة، مثلا يمكنه أن يجيء إليها مع خالد مشعل، ومعهما لجنة الانتخابات المركزية، لفحص الظروف الميدانية لإنهاء الانقسام وكسر الحصار عن غزة والتحضير للانتخابات العامة، وفحص مراكز الاقتراع وجاهزية لجان الانتخابات وما إلى ذلك.

فوضى أم فراغ؟

بقلم: صبري صيدم عن الحياة الجديدة

انتهت قبل أيام موجة النقاشات التي دارت حول المواقع الالكترونية المحجوبة التي رفع الحظر عنها بموجب قرار رئاسي دون أن ينتهي معها انشغال المجتمع فيما يدور في الفضاء الإلكتروني ودون أن ينسى المتذمرون من القدح والتشهير حقهم العادل والواجب في مقاضاة وملاحقة من تسببوا لهم بالضرر المعنوي والأخلاقي.

وحتى النائب العام وفي لقاء نظمه معهد ماس لمناقشة آليات تنظيم الإنترنت وانتهى مع بداية كتابة هذه الكلمات تعهد بعدم إغلاق أية مواقع مستقبلا مع الاحتفاظ بحق ملاحقة من تعرضوا لكرامات الناس وأعراضها في إطار ما تتيحه القوانين القائمة.

لكن المتاح من القوانين لم يكن كافيا في مقابل المراجعة التي أجراها المتحدثون في كلماتهم وما استعرضه الحضور من نقاط وملاحظات وتوصيات في اللقاء المذكور، لدرجة أن الجميع أقر بوجود فوضى تنظيمية في مجال التعامل مع الإنترنت والفضاء الإلكتروني.

ففي ظل التلكؤ في تنفيذ قانون هيئة تنظيم قطاع الاتصالات وغياب قوانين الإنترنت والإعلام الإلكتروني والجريمة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني وحتى التجارة الإلكترونية سنبقى نراوح ونجتهد ونرتجل في التعامل مع المشاكل التي نواجهها اليوم وسنبقى نسأل أنفسنا إذا ما كنا نعيش فوضى أم فراغاً؟

وحقيقة الأمر أن القوانين القائمة لا تفي بما هو موجود من إشكاليات وما سيولد من مشاكل تتصاعد بانتشار الإنترنت. وقد عرض المتحدثون في اللقاء المذكور لمشاكل كبيرة قائمة لم تخطر للجميع على بال.

وبالفعل فإن إغلاق المواقع الأخير قد حرك ملفي الحريات والنشاط الصحفي الإلكتروني، لكن هذين المجالين ليسا كل الحكاية. الحكاية هي مجرة من النشاطات الترليونية غير المسبوقة تدور إلكترونيا على الشبكة العنكبوتية منها ما هو تقليدي وهو النذر اليسير، ومنها ما هو خارج التقليد وهو الذي يحتل حصة الأسد.

لذا فإن أمن المعلومات وأمن الناس ليسا إلا من أمن المجتمع الإلكتروني الذي سيستبدل الكثير من مناحي حياتنا ويستبدل الكثير من اجتماعياتنا وثقافاتنا وسبل تواصلنا الآدمي وحتى انماط نشاطاتنا الاقتصادية والسياسية وحضورنا الفكري.

إن مجتمعنا الآمن بأهله لا يحتمل فكرتي الفوضى أو الفراغ ومن يعتقد أن الإلحاح في ترتيب فضائنا الإلكتروني وتشجيعه وحمايته بموجب سياسات وقوانين وإجراءات حافزة هو امر لا يستحق الاستعجال والاهتمام، فربما سيغير رأيه خلال عامين أو أقل وربما احتاج أيضا أن يرى وجوه المتجهمين في الاجتماع المذكور!

الحق على ماركس ولينين

بقلم: محمود ابو الهيجاء عن الحياة الجديدة

على نحو بالغ الغرابة و«الحماس» تتسابق الجبهتان الشعبية والديمقراطية في مضمار الانقسام الضيق، لانتزاع اكبر قدر من ما يمكن تسميته بالوجاهة الفصائلية التي يريدان بها حضورا في المشهد السياسي الوطني وبلغة القضاء العشائري التي لا تريد قطيعة مع احد او مع اي شيء، وهما يواصلان تحميل حركة فتح مسؤولية تعطل اتفاق المصالحة بنفس القدر مع حركة حماس....!!

وهذا بالطبع ليس مجافيا للحقيقة فحسب بل انه تلاعب بها ايضا، وهو تلاعب لا يخدم في المحصلة غير الانقسام ولا تجد فيه حركة حماس والحالة هذه ضررا، بل انه يصب بعد كل قول في طاحونتها ويعزز روايتها عن الانقسام بانه ليس اكثر من خلاف مع حركة فتح، مع بقية الرواية المفبركة والبغيضة، وهذا ما سيدفعنا الى القول ان سباق الجبهتين الشعبية والديمقراطية في ذلك المضمار هو ايضا سباق لانتزاع اكبر قدر من الرضا الحمساوي بهذه الصورة او تلك...!!! ومن المثير للمرارة ان تقول الجبهتان الشعبية والديمقراطية انهما سئما الانقسام وانه وحسب تصريحات لعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية رباح مهنا، لا بد من تحرك القوى السياسية بقوة في الشارع الفلسطيني، ضد طرفي الانقسام لتشكيل قوة ضغط على الطرفين باتجاه انجاز المصالحة، وبنفس المعنى يدعو عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية صالح زيدان لأوسع حركة شعبية ضاغطة على الطرفين لتحقيق الهدف ذاته وقد استخدم العباراة ذاتها تماما..!ّ!!

ومبعث المرارة هنا ان الجبهتين الشعبية والديمقراطية يقولان ذلك وكأنهما غير مسؤولتين عن استمرار الانقسام وهما يراوغان الحقيقة ويتلاعبان بها لصالح الرواية الحمساوية، واكثر من ذلك وهما يعرفان تفاصيل التفاصيل المعطلة لانجاز المصالحة والتي جميعها تفاصيل حمساوية لا على الارض فحسب وانما في النصوص التنظيمية والاعلامية وغيرها كذلك، ولربما من المفيد هنا ان نذكر صالح زيدان بفحوى الكلام الذي قاله امينه العام نايف حواتمة للرئيس ابو مازن في لقاء عمان قبل فترة ليست بعيدة أبدا، والذي كان متوافقا بل ومتطابقا مع وجهة نظر حركة فتح والرئيس ابو مازن وحيث النقاط على الحروف بهذا الشأن وهي جميعها نقاط فتحاوية على حروف الحقيقة التي جوهرها ان الانقسام في التقييم النهائي ليس خلافا بين حركتي فتح وحماس وانما هو صراع حركة حماس مع المشروع الوطني الفلسطيني وبهدف الاستحواذ على القرار ومركزه وسلطته.

تعرف الجبهتان ذلك حق المعرفة لكنه مضمار السباق الضيق، ولن تكون الوجاهة الفصائلية ولا الرضا الحمساوي بجائزة في هذا السباق ابدا...!!! ثم وانا لطالما أرقني هذا السؤال : ترى اين صارت رؤية اليسار ومواقفه التي لا تقبل المساومة ولا التأرجح بحبال قوى الضد العقائدية ناهيكم عن مناهضتها الاصطفاف معها...!! ربما الحق كل الحق في النهاية هو على ماركس ولينين اللذين لم يخبرا التاريخ بامكانية تحولات من هذا النوع لليسار والى هذا الحد المحزن الذي لا نعرف ولن نعرف له بعد ذلك اي اتجاه ورؤية وموقف...!!!

فاقد الشيء لا يعطيه؟

بقلم: يحيى رباح عن الحياة الجديدة

تابعت ردود الأفعال على اجتماع الجامعة العربية على مستوى المندوبين، ومن وجهة نظري فإن الاجتماع جيد، مجرد الاجتماع شيء جيد، والقرارات والتوجهات جيدة، وخاصة الذهاب بموضوع الأسرى الفلسطينيين إلى مجلس حقوق الإنسان وإلى محكمة العدل الدولية، وإلى بقية الهيئات الدولية، وبما أننا غير قادرين في هذه المرحلة على إجبار إسرائيل على تغيير سياساتها العنصرية بصفتها دولة مارقة دائما عن القانون الدولي والإنساني وكل الأعراف الأخلاقية الأخرى، فلا بأس أن نفضحها – مع أنها تعودت على الفضائح - وان نكشف صورتها المشوهة، وأن نجعل أكبر قدر من الرأي العام العالمي يشير إليها أينما حلت بأصابع الاتهام.

ولكنني في نفس الوقت، غير موافق على الصراخ الهستيري الذي انطلق من حناجر بعض المسؤولين الفلسطينيين متهمين قرار الجامعة بأنه أقل كثيرا من المطلوب!!! فهؤلاء الصارخون الذين يكذبون على أنفسهم قبل أن يكذبوا على غيرهم، يتظاهرون كما لو أنهم لا يعرفون الجامعة العربية، بأنها إطار لدول عربية مختلفة في بنية ونوعية الأنظمة، ومختلفة في بيئتها الداخلية الاجتماعية, ومختلفة في نسق التحالفات الدولية، ومختلفة في الإمكانيات والقدرات، وبالتالي فإن اجتماعا يضم مندوبي ثلاث وعشرين دولة – وأرجو ألا يصبحوا أكثر من ذلك عددا بسبب الإعصار العربي المتجول – لا يمكن أن يصدر عنهم سوى قرارات بالتوافق، وقرارات التوافق تكون عادة بالحد الأدنى.

ثم إن مطالبة الجامعة العربية بأكثر مما اتخذته من قرارات بشأن الأسرى الفلسطينيين، هو مزايدة ليست في محلها، لأن هذه الدول العربية نفسها لها قضايا ما زالت معلقة منذ عقود مع إسرائيل بشأن أسرى من مواطنيها مثل مصر وسوريا والأردن ولبنان!!! كما أن بعضها له قضايا عالقة بخصوص الأسرى مع دول غير إسرائيل، مثل العراق وإيران، ومثل العراق والكويت، ومثل سوريا ولبنان، ومثل فلسطين وسوريا والعراق حاليا، ومثل فتح وحماس!!! فكيف نتوقع من الذين لا يستطيعون حل مشاكلهم مع بعضهم أو مع جيرانهم الأقربين بشأن الأسرى أنهم يمكن أن يحلوا مشكلة الأسرى الفلسطينيين بغمضة عين أو ضربة كف متوهمة؟

أعتقد أن قرار الجامعة العربية على مستوى المندوبين، يؤسس لعمل تراكمي، إنه لشيء جيد أن يذهب الأخ العزيز عيسى قراقع وزير شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية إلى القاهرة إلى اجتماع الجامعة ويطرح قضية الأسرى الفلسطينيين بالتفاصيل والأرقام والوثائق، وأن يتوسع الفهم العربي لهذه القضية، وخاصة أن بعض معاناة الأسرى لها ذيول مرتبطة بصفقات توسطت فيها بعض الدول العربية مثل الشقيقة مصر، والتي توسطت لإنجاز صفقة التبادل الأخيرة التي خرج بموجبها أكثر من ألف أسير فلسطيني إلى الحرية، كما تم الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حيث ان الأسرى من قطاع غزة، المحرومين من زيارة عائلاتهم، يخضعون لقانون شاليط، لأن السبب وراء هذا المنع الذي تذرعت به الحكومة الإسرائيلية هو احتجاز شاليط لدينا في غزة، ولكن شاليط عاد إلى أهله فلماذا تستمر العقوبة؟

ثم إن اللجوء إلى الهيئات الدولية يكون أكثر جدوى حين تتقدم به المجموعة العربية تساندها المجموعة الإسلامية، من أن يظل ردة فعل فلسطينية قد تدار بشكل أقل وزنا، وقد تدخل على خط المزايدات.

ولكن أهم سؤال صدمني وأنا اسمع بعض الفلسطينيين يتحدثون بصخب، وأوداجهم منفوخة عن الجامعة العربية، هو: كيف يا أيها المسؤولون الفلسطينيون تأمرون بالبر وتنسون أنفسكم؟ كيف تطلبون من دول الجامعة أن تكون يدا واحدة صارمة بينما أنتم منقسمون، وتعبدون الانقسام، وتضعون في طريق المصالحة كل العراقيل؟ وإذا كنتم تتضرعون إلى الله في حلحلة قضية الأسرى، فلماذا لا تجعلون مع دعائكم قليلا من القطران، أي الدواء، وهو في هذه الحالة دواء المصالحة، للشفاء من جرب الانقسام وسرطان الانقسام وعبثية الانقسام ووساوس الانقسام الشيطانية؟

حتى لو كانت الجامعة العربية لا تطرح عليكم هذه الأسئلة المحرجة الموجعة، فهي أسئلة مطروحة! وحتى لو كان العالم لا يعايركم بنقيصة الانقسام وخطيئة الانقسام، فإنها مطروحة عليكم في كل مكان، والكل يقول لكم ولو بالغمز واللمز، مادمتم فصحاء في الخطابة إلى هذا الحد، فلماذا أنتم غارقون في وحل هذا الانقسام؟

وصدق الله مولانا العظيم حين قال في قرآنه الكريم: «وفي أنفسكم أفلا تنظرون»؟

الأسرى يجسدون اليوم الوحدة الوطنية

بقلم: عباس الجمعة عن وكالة معا

لعبت الحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال دوراً هاماً ومميزاً في مختلف مراحل النضال الوطني الفلسطيني وتبوأت مكانة خاصة في طليعة الحركة الوطنية الفلسطينية بصفتها مكوناً عضوياً وأصيلاً من مكوناتها رفدتها خلال سنوات النضال بالآلاف من الكادرات المجربة التي أسهمت في إغناء التجربة النضالية الفلسطينية بعد أن نجحت في تحويل السجون من مقابر جماعية كما أرادها لها الاحتلال إلى قلاع شامخة ثورية خرجت أجيالاً من المناضلين.

انطلاقا من خصوصية نضالهم وتجربتهم الغنية، فقد اصبح الأسرى خط الدفاع الأول عن الحقوق الوطنية الفلسطينية. فالأسرى يجسدون اليوم الوحدة الوطنية الحقيقية، وهذا يتطلب من الجميع دعم قضية الأسرى، من خلال إنهاء الانقسام فوراً دون مماطلات، وتجسيد الوحدة الوطنية لمواجهة المشاريع والمخططات الصهيونية تجاه المشروع الوطني الفلسطيني برمته، والقضية الفلسطينية تمر بمنعطف وطني حاسم يتطلب الارتقاء نحو رسم استراتيجية وطنية جامعة تكون من اولوياتها الإفراج عن الأسرى جميعاً دون قيد أو تمييز، ومواجهة حملة الاستيطان المسعورة التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني على مدينة القدس وتغيير معالمها ومواصلة بناء جدار الفصل العنصري والعديد من السياسات الاحتلالية العنصرية الوحشية، التي تستهدف البشر والشجر والحجر، وتطال مجمل نواحي الحياة .

ان التجاوب مع الجهود الرامية للعودة للمفاوضات ليس فيه مصلحة لأحد سوى لإسرائيل ومساعيها لضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية وتكريس الانقسام الفلسطيني، وتطبيع علاقاتها مع الدول العربية، والخروج من عزلتها الدولية، وتضليل الرأي العام الدولي حول حقيقتها كدولة عنصرية كولونيالية، ترتكب أفظع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.

ان المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، وتوحيد الصف الوطني بكل قواه وفصائله ضمن إستراتيجية نضالية موحّدة، وإعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية على أسس تحمي الثوابت والحقوق وتحقق تطلعات شعبنا وينبغي أن يكون وفق استراتيجية ثابتة وليس تكتيكا سياسيا ينسف كل جهود وتضحيات الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال والعودة.

لقد فرضت معركة الأمعاء الخاوية للأسرى الابطال شروط الوحدة الوطنية، وعوامل تحقق المصالحة عملياً على الأرض، بعيداً عن اللقاءات الثنائية والقيادية ، لقد اكتشف الجميع أن ميدان المواجهة مع الاحتلال، هو المكان الأنسب لتحقيق المكاسب لكل من صدق الانتماء لفلسطين، وأخلص الولاء للثوابت الوطنية.

وعليه فقد بات مطلوباً إسناد قضية الأسرى عملياً وقانونياً ونضالياً وشعبياً، لأن الخطوات النضالية وحدها تستطيع ان تصحح الخلل من خلال انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية ، وبهذا نعتبر ان المدخل الحاسم للانتصار لقضية الأسرى الذين انتصروا هم للحركة الوطنية عبر وثيقة الاسرى عام 2006، والتي أصبحت تعرف باسم وثيقة الوفاق الوطني فبدون الوحدة الوطنية لا يمكن التصدي للمهمات النضالية الكبرى .

ولهذا نرى ان على فصائل العمل الوطني الاهتمام بقضية الاسرى والتعامل معها بجدية وبذل الجهد المتواصل لتحريرهم عبر كافة الوسائل النضالية بما فيها تحرك الدبلوماسية الفلسطينية من خلال الضغط على المؤسسات الدولية والحقوقية واستصدار القرارات الداعمة لحقوق هؤلاء الابطال وحث المجتمع الدولي على الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لإطلاق سراحهم ومعاملتهم معاملة إنسانية حسب معايير القانون الدولي.

وفي ضوء هذه التطورات الجارية راهناً، ومن اجل مجابهة ووقف آثارها ومفاعليها الخطيرة على حاضر ومستقبل قضيتنا ونضال شعبنا ، الامر الذي يدفعنا الى استنهاض طاقاتنا كضرورة ملحة في اللحظة كما في المستقبل، وباعتبار ذلك شرط ان نتخلص من حالة التراجع وما يتهدد مستقبل المشروع الوطني وهذا يستدعي من كافة القوى والفعاليات الوطنية أن تبادر إلى ممارسة أشكال من الضغط السياسي والجماهيري المتصل في محاولة انهاء الانقسام واعادة ترتيب البيت الفلسطيني والاسهام في صياغة أسس تشكيل حكومة الكفاءات الوطنية التي ستشرف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية ،وبما يضمن فرض تنفيذ عملية إعادة إحياء كافة مؤسسات م.ت.ف وفي مقدمتها اعادة تشكيل وانتخاب المجلس الوطني الفلسطيني ، والتمسك ب م.ت.ف باعتبارها الاطار الجامع لكل ابناء شعبنا في الوطن والشتات ، علاوة على انها الضمانة الوحيدة على قاعدة برنامج الاجماع الوطني- لسيرورة نضالنا الوطني الفلسطيني صوب تحقيق أهدافه الوطنية في الحرية والاستقلال والعودة .

هذه المرحلة الحرجة تحمل في طياتها جملة من المخاطر الجدية غير المسبوقة على قضيتنا الوطنية وثوابتنا في مقدمتها حق العودة والاستقلال والدولة .

إننا على ثقة من أن إعادة بناء العلاقات الداخلية الفلسطينية ، وفق ثوابتنا الوطنية والمجتمعية وبإرادة وطنية تقوم على المشاركة والتعددية, أمر قابل للتحقق من خلال تكريس الاتفاق والالتزام الجماعي بما تم التوافق عليه في اتفاقات المصالحة من اجل تجسيد الوحدة الوطنية بما يمكننا من امتلاك القدرة على تحديد معالم مستقبلنا السياسي بوضوح .

وامام هذه الاوضاع نرى ان التحولات الجارية في العالم وخاصة الانتخابات الفرنسية ووصول الاشتراكي الفرنسي لسدة الرئاسة فرنسوا هولند الذي اكد دعمه قيام دولة فلسطينية مستقلة، ويبدي التزام بلاده في حال فوزه بالرئاسة الفرنسية بالمساهمة بتقديم مبادرات من أجل إيجاد حل القضية، تتطلب من القيادة الفلسطينية التمسك برؤيتها في رفض المفاوضات ونقل ملف القضية الفلسطينية الى الامم المتحدة حتى تتحمل المسؤولية في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بعدما تكشف الانحياز الامريكي الاعمى بدعم وحماية دولة الاحتلال وسياستها القائمة على الحرب والعدوان والاستيطان والحصار والتطهير العرقي والدوس على القيم الانسانية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة التي تكفل حق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس .

لقد وقف الشعب الفلسطيني بكافة قواه وفصائلة ليؤكد ان حقوق الشعوب العربية بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، مؤكدا رفضه للتدخل الخارجي الأميركي والأطلسي الهادف لاحتواء الثورات العربية ومصادرة حقوق الشعوب عبر سياسة مخادعة ومكشوفة للتدخل لحرف الثورات عن أهدافها.. فالمنطقة العربية منطقة حيوية بالنسبة للاستعمار الامبريالي.. لكن الجماهير ستتمكن في النهاية، عبر وعيها ويقظتها، من تحقيق أهدافها وتوجيه البوصلة باتجاه فلسطين القضية المركزية للامة العربية وجوهر الصراع في المنطقة ،وعلى هذه الارضية نعتقد أن حركة التاريخ تسير للأمام رغم المخاضات والمصاعب التي نواجهها، ففي نهاية المطاف فحركة الشعوب لا تسير إلا في طريق الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية.

ختاما : لا بد من القول ان وقوفنا وتضامننا تجاه قضية الأسرى الذين يخوضون نضالاً مريراً ضد العدو الصهيوني ، هؤلاء الابطال الذين يجسدون معاني الوحدة الوطنية والصمود والاستبسال، حيث لم يخضعو ا للضغوطات والإغراءات التي مارسها العدو لتفريق صفوفهم، بل قدموا نموذجاً في المثابرة والاستمرار والكفاح وقدموا للشعب الفلسطيني والأمة العربية دروسا في النضال، يؤكدون بوقفتهم الشامخة بان الشعب العربي الفلسطيني الذي يدافع عن حاضر ومستقبل الأمة في وجه المشروع الامبريالي الصهيوني التوسعي سينتصر بارادة احراره مهما كانت التضحيات .

الاسرائيليون يتحدون والفلسطينيون متفرقون رغم قسوة حالهم

بقلم: رأفت حمدونة عن وكالة معا

كم شعرت بالغيرة وأنا أطالع كيف زف نتنياهو هذا الصباح للاسرائيليين والعالم اتفاق " الليكود وكاديما " بانضمام الثانية إلى الائتلاف الحكومى الذى وصل اليوم أربعة وتسعين نائباً من أصل 120 ليتحد كل الاسرئيليون بيمينهم ومتدينيهم وشتى أصولهم ولغاتهم وخلافاتهم فى وجه التحديات الداخلية والخارجية كما يقولون.

وتساءلت فى نفسى من أحوج لهذه الوحدة وأقرب اليه " شعب تاريخى لا يختلف فى الدين واللغة والمشروع الوطنى والباحث عن الحرية والسيادة والاستقلال أم الغزاة اللذين اختلفوا فى لغاتهم وأصولهم وأعراقهم وتوجهاتهم " ؟؟

كم كانت مؤثرة كلمات كل من عقب على الاتفاق الليلة من الاسرائيليين اللذين أكدوا أن هذا الاتفاق مهم لصالح اسرائيل على المستوى السياسى والاقتصادى والأمنى والتحديات الداخلية والخارجية ، وقلت فى نفسى ولماذا نحن اللذين نعيش القهر لا يجمعنا مشروع سياسى واحد نتفق عليه ونخاطب به العالم ؟ لماذا لنا حكومتين وأصبحنا ثقافتين وتجذرت فينا أشكال الانقسام والتفسخ والكراهية رغم حاجة فلسطين والقدس والأسرى وطموح الدولة وهموم اللاجئين ؟

كم أتمنى كمواطن أن أنهض يوماً من نومى كما نهض الاسرئيليون على حكومة وحدة وطنية واتفاق سياسى ، لنتحدى بها الاحتلال ونتحدث بلسان فلسطينيى واحد للعالم عن همومنا وقضايانا فنحن أقرب لهذه الوحدة وأكثر حاجة اليها فى ظل القهر والحصار والاحتلال وأتمنى على قوانا الوطنية والاسلامية وأستحلفهم بعذابات الأسرى فى جوعهم وأخص بالذكر اخواننا فى حركتى فنح وحماس بقادة الرئيس أبو مازن والسيد خالد مشعل للوصول الى ذلك واليوم قبل الغد.


إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً