الشأن الاسرائيلي 79
موعيتست هامديناه
تعني بالعربية مجلس الدولة... ويقصد بها (مجلس الدولة المؤقت) وهي الهيئة التشريعية التي عملت خلال التسعة أشهر الأولى على قيام واستقلال إسرائيل. ومجلس الدولة المؤقت تضمن 37 عضوا وكان بمثابة بلورة لشكل مجلس الشعب (بتشكيل مماثل) بموجب التحديد الذي جاء في وثيقة إعلان (الاستقلال) ... وبدء من لحظة انتهاء الانتداب، لليلة يوم الجمعة قبيل دخول قدسية السبت في 15 مايو 1948، وحتى إقامة السلطات المنتخبة والنظامية للدولة... يعمل مجلس الشعب كمجلس دول مؤقت. وفي نفس اليوم أعلن مجلس الدولة المؤقت في منشور علني (أن مجلس الدولة المؤقت هو الهيئة التشريعية). وفي الجلسة الأولى للمجلس انتخب مجلس الدولة المؤقت حاييم فاتيسمان والذي لم يكن ضمن أعضائه، لمنصب رئيس المجلس. وفي نفس الجلسة تم الإعلان عن حالة الطوارئ (والتي لا تبرز على الساحة مطلقا)، وفي الجلسة الثانية تم التصديق على قانون تنظيم السلطة والقضاء، والذي وضع الأسس للحكم والقضاء في إسرائيل ولمهمة التشريع للكنيست. ومجلس الدولة المؤقت كان مقره في تل أبيب وأدار 40 جلسة تم التصديق خلالها على 98 أمرا وقانون. ولأن العديد من أعضاء المجلس كانوا يسكنون بالقدس المحاصرة فقد حددت إحدى الأوامر الأولى إجراء القائمين بالأعمال، وقد استعان المجلس في أعماله بـ11 لجنة وكان وضعه كهيئة تشريعية به إشكالية بالإضافة لأن ثلث الأعضاء عملوا كوزراء. فمبادرة التشريع وتحديد جدول الأعمال اليومي كانت بأيدي الحكومة المؤقتة. وفي الشهرين الأولين تولى رئيس الحكومة رئاسة المجلس، وبعد ذلك تم انتخاب رئاستها والتي تضمنت الرئيس يوسف شبرنييك وثلاثة نواب آخرين. وقد حدد مجلس الدولة المؤقت إجراءات الانتخابات للجمعية التأسيسية، وأنهى مهمته باجتماع هذه الجمعية.
موعيتست هاعام
ومعناها بالعربية مجلس الشعب... ولكن كمصطلح عبري له مدلول تاريخي خاص في الفترة التي سبقت قيام الدولة حيث تم تشكيل هذا المجلس أواخر فترة الانتداب البريطاني على (أرض إسرائيل) من أجل تحمل أعباء السلطة في الفترة الانتقالية نحو حكم يهودي مستقل. وقد وضع الأساس لإنشائه في قرار اللجنة القومية اليهودية في 1 مارس عام 1948، والذي جاء فيه: "التمثيل المنتخب للحركة الصهيونية وهو الإدارة الوطنية الإسرائيلية للوكالة اليهودية، وصلاحية ضم ممثلين لهيئات ليست ممثلة في الهيئتين تخضع لحسم الإدارتين، ويقوم المجلس الحكومي المؤقت ـ وفقا لما جاء بقرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة ـ بإقامة كل دعائم السلطة المركزية والحلية". وقد صدقت اللجنة التنفيذية على هذا القرار بعد مرور شهر واحد، وقررت أنه من خلال (مجلس الحكومة المؤقت) يتم تشكيل هيئة مصغرة من 13 عضوا تكون مسؤولة بأعمالها أمام المجلس. وبسبب تحذير البريطانيين من إقامة مؤسسات دولة في فترة الانتداب تحدد الاسم (مجلس الشعب) وبديلا له الكودي بالأبجدية العبرية (ل ـ ز) للدلالة على النصاب المكون من 37 عضو، ومن بين هؤلاء 14 عضوا بإدارة اللجنة القومية و11 عضوا ونائب أعضاء بإدارة الوكالة اليهودية. وتركيب التكتلات السياسية كان تقريبا من أقصى اليسار السياسي إلى أقصى اليمين كالتالي: ماباي(حزب عمال أرض إسرائيل) 10 أعضاء، صهيونيون بمختلف أشكالهم (بما في ذلك حركة العامل الصهيوني) 6، مابام (حزب العمال) 5 أعضاء، هامزراحى وهابوعيل هامزراحى5، الرجعيون الإصلاحيون3، أجودات يسرائيل1، سفارديم1، عالياه حاداشاه1، الهجرة الجديدة1،فيتسو1، عمال أجودات إسرائيل1، شيوعيون1، واتحاد اليمينيين1، وقد نجح مجلس الشعب في إقامة وإدارة 4 جلسات وفي الأخيرة منهم تم الإعلان عن قيام الدولة، أي إعلان الاستقلال والذي جاء فيه ... "ولذلك اجتمعنا، نحن أعضاء الشعب. ممثلو الاستيطان العبري والحركة الصهيونية، وفي يوم انتهاء الانتداب البريطاني على أرض إسرائيل، واستنادا لحقنا الطبيعي والتاريخي وعلى أساس قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، نحن نعلن بذلك عن قيام دولة يهودية بأرض إسرائيل، وهي دولة إسرائيل". وفي نفس الإعلان تقرر أيضا أن مجلس الشعب يصبح مجلسا مؤقتا للدولة (حكومة).
مكدونالد إيجيرت
رسالة وزعتها الحكومة البريطانية في 13 فبراير 1931 تحمل توقيع رئيس الحكومة «رامز مكدونالد». وقد وزعت هذه الرسالة في أعقاب استقالة د.حاييم وايزمان احتجاجا على سياسة «الكتاب الأبيض». وجاء في هذه الرسالة أن التزام الانتداب هو التزام خاص بالشعب اليهودي وليس بالسكان اليهود المقيمين في فلسطين فقط. وقالت الرسالة أن الحكومة البريطانية مازالت وفية لالتزاماتها و واجباتها. وانطلاقا من هذا الموقف، فإنها ستعمل جادة على تسهيل الهجرة اليهودية وتشجيع الاستيطان اليهودي المكثف دون أن تلحق الضرر بحقوق ووضع السكان الآخرين الذين يقيمون في فلسطين. كان القصد من هذه الرسالة هو المصالحة والتراجع بشكل مؤقت وجزئي، وتمكين اليهود من مواصلة أعمال البناء، ولكن ضمن شروط صعبة جدا.. فالحكومة البريطانية لم تتخل عن رغبتها في التخلص من الوطن القومي لليهود.
مكفيه يسرائيل
أول مدرسة زراعية أقيمت في فلسطين وخرجت أجيال من المزارعين الذين لعبوا أدوارا هامة في مجال الاستيطان والأمن. أقيمت هذه المدرسة عام 1870 على جانب الطريق الممتد من يافا إلى القدس. وقد أقامت المدرسة الشركة اليهودية الفرنسية (أليانس) ـ كل إسرائيل زملاء ـ وكانت الأرض التي أقيمت عليها المدرسة قد أعطيت بامتياز أبدي على أيدي السلطان التركي عبد العزيز. وقد أعيد تنظيم المدرسة بعد الحرب العالمية الأولى، وأخذ البارون «أدمون روتشيلد» على عاتقه دفع القسط الأكبر من نفقات صيانة هذه المؤسسة، كما قام المدير الجديد إلياهو كراوزة، الذي كان قد تخرج من المدرسة نفسها، بتطبيق اللغة العبرية كلغة تدريس في المؤسسة ولاءم برنامج التدريس مع متطلبات العهد الجديد. بعد قيام إسرائيل أضافت الحكومة 1000 دونم لأراضي المؤسسة، ووضعت منذ ذلك الوقت تحت إشراف الحكومة الإسرائيلية والشركة اليهودية الفرنسية (إليانس).
اللاسامية
اللا سامية، أو معاداة السامية، مصطلح اخترعته الحركة الصهيونية للتعبير عن معاداة اليهود. وكلمة (سامي) مأخوذة مما ورد في الإصحاح العاشر من سفر التكوين من أن أبناء نوح هم سام وحام ويافث. والساميون هم نسل سام من العرب وغيرهم. ولكن الصهيونية تعمدت إطلاق السامي على اليهودي وأصرت على إطلاق مصطلح معاداة السامية على كل الحركات والأفعال المناوئة لليهود في أوروبا، وفي كل أنحاء العالم فيما بعد، تجنبا منها لاستعمال مصطلح معاداة اليهود بسبب ما اكتسبه لفظ اليهودي من ظلال قبيحة في أذهان الشعوب الأوروبية عبر التاريخ. فقد ارتبطت كلمة اليهودي بصفات البخل والانغلاق والجبن والاستغلال وغيرها. وظاهرة معاداة اليهود تعود إلى العصور القديمة. فشيشرون الروماني عبر عن ضيقه باليهود الموجودين في روما. ويذهب الكثير من المؤرخين إلى أن الصحفي الألماني اليهودي الأصل (ولهلم مار) هو أول من استخدم مصطلح اللاسامية بمعنى معاداة اليهود، وذلك عام 1879 بعد الحرب البروسية ـ الفرنسية التي تسببت في انهيار كثير من الماليين الألمان وجعلتهم يلقون اللوم على اليهود. ولقد كان العداء بين اليهود والعالم المسيحي عداء دينيا بحتا منذ القرن الأول الميلادي، إلا أنه تحول في أواخر القرن الثامن عشر إلى عداء اقتصادي وعرقي. فبعد موجة التحرر التي أشعلتها الثورة الفرنسية في أوروبا وتلاشي التعصب الديني اهتم الناس بالعلم الحديث وتعلقوا به. وأصاب اليهود مكاسب جمة من جراء ذلك إذا نالوا حقوق المواطنة في معظم دول أوروبا: هولندا 1796، وفرنسا 1830، والدانمارك 1849، وإنكلترا 1858، والنمسا 1867، وإيطاليا وألمانيا وسويسرا والبلقان، وأخيرا روسيا بعد ثورة تشرين الأول 1917.
تذكر الكاتبة (حنة ارندت) أن اليهود في فرنسا وفي جميع الدول الأوروبية التي نالوا فيها التحرر أصبحوا على صلة بأموال الدولة. وقد تمكن الممولون اليهود من الهيمنة على مقاليد الأمور في مختلف الدول. فحين أبرمت اتفاقية 1871بين فرنسا وألمانيا تولى النواحي المالية في الاتفاقية أصحاب البنوك اليهود في كلا الجانبين.
وحين ظهرت فكرة القوميات في القرن التاسع عشر وما صحبها من محاولات لاكتشاف عبقرية كل أمة صنف اليهود أنفسهم أمة سامية ترفض الاندماج في الأمم الأخرى. وبسبب هيمنتهم المالية ومنافستهم للرأسمالية الأوروبية حاولت هذه الرأسمالية توجيه نقمة الطبقة العاملة الأوروبية عليهم فجعلت من الصراع بينها وبين العمال (الصراع الطبقي) صراعا عرقيا يستهدف اليهود.
وحين جاءت الصهيونية تلقفت هذا العداء لتجعل منه ظاهرة وعقيدة راسخة في النفوس. وكان موسى هس (1812ـ 1875) من أوائل المفكرين الصهيونيين الذي حاولوا استغلال السامية وجعلها عقيدة صهيونية. ففي محاولة هس حل المسألة اليهودية وهاجم اليهود الذين يدعون إلى الانصهار في الحضارة الغربية، وذهب في محاولته الرد على تفوق العرق الآري إلى الادعاء بأن الإنسانية عاجزة بتحكم تكوينها العضوي عن التقدم بدون اليهود.
أما ليو بنسكر (1821 ـ 1891) فقد حاول أن يجعل من اللاسامية مرضا موروثا لدى الشعوب فقال إن كراهية الشعوب لليهود مسألة نفسية، وإن اللاسامية مرض لا يمكن علاجه لأنه عاهة تنتقل من الأب إلى الابن، وأن التقدم مهما عظم لن يقتلعها، إلا إذا تغير وضع اليهودي تغيرا جذريا.
ثم جاء هرتزل، وفي عهده حديث القضية المشهورة (قضية دريفوس) التي استغلتها الصهيونية أبشع استغلال وجعلت منها عنوانا للاسامية، وجعلت هرتزل يغير وجهة نظره ويذهب إلى أن المسألة اليهودية ليست مسألة اقتصادية بل قضية قومية، وأن حلها لن يكون إلا بجعلها مسألة سياسية. ورأى هرتزل أن اللاسامية أعادت القوة إلى اليهود، وأنها مفيدة للحركة الصهيونية ولتطوير الفردية اليهودية.
ثم جاء حاييم وايزمن فزغم أن اللاسامية مسألة نفسية، وأنها باقية ما دام اليهود موجودين. كل ذلك كان من أجل دفع اليهود إلى أحضان الصهيونية والحيلولة دون اندماجهم في الأمم الأخرى بزرع الشك والريبة والخوف في نفوسهم، أو بزرع الاستعلاء والغرور ومزاعم التفوق العرقي.
استغلت الصهيونية فكرة اللاسامية لتحقيق أهدافها في إنشاء الكيان الصهيوني في فلسطين، بل عملت على تأجيج نارها وافتعالها كلما خمدت. وقد كان هناك اعتقاد بأن اللاسامية ستنتهي بهزيمة النازية. ولكن الصهيونية أرادت للاسامية أن تستمر لأنها البقرة الحلوب للصهيونية المعاصرة وأداة الابتزاز والإرهاب التي تشهرها ضد العالم، ولاسيما ضد الإنسان الأوروبي الذي أصبح يعاني بفعل الدعاية الصهيونية من عقدة الذنب وتأنيب الضمير.
لقد استطاعت الصهيونية أن تجند منذ مطلع هذا القرن عددا هائلا من الكتاب والمفكرين الغربيين الذين خدعوا وانزلقوا في أحابيل الصهيونية فراحوا. يروجون للاسامية من وجهة النظر التي تخدم الحركة الصهيونية. وغالبا ما استقى هؤلاء الكتاب معلوماتهم عن اللاسامية من المصادر الصهيونية كالموسوعة اليهودية التي أفردت عن اللاسامية ما يزيد على 150 عمودا تتحدث فيها عن تاريخ اللاسامية ابتداء من عام 410 قبل الميلاد. ومن أبرز الكتاب الذين روجوا للاسامية بما يخدم الأهداف الصهيونية الكاتب الإنكليزي جيمس باركس الذي رآها أمضى سلاح ضد الديمقراطية وعاملا من عوامل الهدم، وقال إنها ليست سلاحا موجها ضد اليهود وحدهم ولكنها موجهة ضد العالم الغربي كله. وما لبث اللاسامية أن أصبحت في مفهوم هذا الكاتب (اللا إسرائيلية) وتحول كل عداء لـ (إسرائيل) ـ حتى العداء العربي المشروع ـ عداء للسامية. وعلى الرغم من اعترافه بأن التعامل العربي مع اليهود طوال التاريخ كان يخلو من العداء فإنه يجعل عداء العرب للصهيونية عداء للسامية. إن شهر سلاح اللاسامية على كل من يقف في وجه الحركة الصهيونية أو يشك في نشاطها أو مطامعها التوسعية أطلق يدها لتهيمن على مقدرات الإعلام الغربي. فلم يعد هناك كاتب أو مفكر أو صحفي حر يجرؤ على فضح الصهيونية أو إدانتها دون أن يتعرض لتهمة اللاسامية. بل إن الصهيونية اتهمت الاتحاد السوفيتي باللاسامية بسبب موقفه من بعض اليهود الذين يمارسون تخريب اقتصاده، أو بسبب موقفه من الهجرة اليهودية. وأصبحت اللاسامية المنسوبة إلى الاتحاد السوفيتي تعني (اللامسيحية)، وذلك لتأليب الغرب المسيحي على الاتحاد السوفيتي. ويحدث هذا رغم أن الاتحاد السوفيتي كان أول دولة جعلت من اللاسامية بمعنى كراهية اليهود جريمة يعاقب عليها القانون. أما بلزر فقد كانت اللاسامية عنده تعني أشياء متعددة. فثورة العمال في ألمانيا على الرأسمالية اليهودية واحتكار حفنة من اليهود للاقتصاد الألماني هي عنده (اللاسامية الاقتصاديةأو اللارأسمالية). أي أن معاداة الرأسمال اليهودي أصبحت عند بلزر معاداة اللاسامية.
ولم تقف الصهيونية في استغلالها اللاسامية عند هذا الحد فراحت تتهم كل من يتعاطف مع الفلسطينيين في مأساتهم بأنه لا سامي، تماما مثلما اتهمت العرب (الساميين) بأنهم لا ساميون. لا بل اتهمت اليهود الذين عارضوا الصهيونية باللاسامية. فحين تظاهر اليهود العراقيون في تل أبيب عام 1951 احتجاجا على التفرقة بين الأشكنازيين والسفرديين هاجمهم بن غوريون ووصف تظاهرتهم بأنها لا سامية إسرائيلية. وهكذا تحولت اللاسامية كليا إلى اللاصهيونية، فأصبحت معاداة الصهيونية، أو استنكار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والأمة العربية، أو الوقوف إلى جانب الحق العربي في فلسطين، معاداة للسامية. وما تزال الصهيونية تشهر سلاح اللاسامية في وجه كل دولة أو سياسي في العالم ينتقد (إسرائيل) أو يقف من العرب موقفا مؤيدا، بعدما استخدمت هذا السلاح بفاعلية لإقامة دولتها في فلسطين العربية.
إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً


رد مع اقتباس