اقلام واراء محلي 170
في هــــــــــــذا الملف:
لنحارب الفساد والمفسدين؟؟؟؟؟
بقلم: د. سمير الجمل – وكالة معا
الشرطة لا تخذل أحدا ٌ ... لأن الشرطة في خدمة الشعب
بقلم: وكالة معا
مأساة الانقسام والأخطار المحيطة بالوطن
بقلم: حديث القدس – جريدة القدس
جمود غير مسبوق في الحراك السياسي
بقلم: المحامي إبراهيم شعبان - جريدة القدس
وأخيراً شيء من.. الطراوة !
بقلم: حسن البطل – جريدة الايام
الإرهاب في مصر: التجربة المشرقة لـ"حماس" في غزة
بقلم: أشرف العجرمي – جريدة الايام
أثمان استخدام التكفيريين ورعايتهم ومغازلتهم
بقلم: علي جرادات – جريدة الايام
"حماس" واستخلاص الدروس
بقلم: عادل عبد الرحمن – جريدة الحياة
سلفيون على ضفاف الأنهار
بقلم: فؤاد ابو حجله – جريدة الحياة
عناوين الصحف العربية
لنحارب الفساد والمفسدين؟؟؟؟؟
بقلم: د. سمير الجمل – وكالة معا
من أين لك هذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أما آن الأوان ..........ألم يقترب الوقت..........ألم نصل إلى النهاية.......... ألم..........ألم.............أ لم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
أسئلة كلها ألم واستفسارات كلها شك وريبة تدور في أذهان وعقول الشرفاء من أبناء هذا البلد، أبناء هذا الشعب المناضل الذي ضحى وما زال يضحي.
في كل يوم نقرأ ونسمع في وسائل الإعلام عن ضبط بضاعة فاسدة من هنا وهناك، بضاعة كانت ستوزع في الأسواق ليتناولها الشاب والشيخ والطفل، وما سيحدث لهؤلاء الناس لا يهم، فالمهم عند أصحاب النفوس المريضة بل النفوس الميتة من هؤلاء الشرذمة من التجار هو أن يكبر رأس ماله، يزيد ويزيد ويزيد بغض النظر عن كيف؟ وما هي الخسائر المحتملة من قيامه بهذا العمل أو تلك الجريمة، فالضمير....... مات، والمال......... زاد، ولا يهم ماذا يحصل بعد ذلك، فالناس في هذا الزمان يحترمون ويقدرون أصحاب رؤوس الأموال بغض النظر عن أصولهم وفصولهم......... المهم في معاه فلوس.
أنتم يا أصحاب الضمائر الميتة ألا تخافون من ربكم الستم مسلمون تقرأوون كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، أم أن المال يعمي البصيرة....هل ترضون لأطفالكم تناول هذه البضاعة الفاسدة التي كنتم سترضون لأطفال غيركم تناولها........أين الضمير.......أين الايمان...........اين الأخلاق...........اين؟؟ أين؟؟ أين؟؟؟.
وأنتم أيها العين الساهرة يا من تواصلون الليل بالنهار من أجل الحفاظ على صحة المواطن بوركت سواعدكم، ووفقكم الله لما فيه خير هذه الوطن، ولكن في المقابل نداء إلى المسؤولين الذين يتولون العقاب بحق هؤلاء الفاسدين فلتكونوا أشداء بحق هؤلاء الذين لا ضمير لهم، لأنهم يقصدون إلحاق الضرر في كافة أبناء هذا الشعب الذي لا يستحق سوى الاحترام والتقدير.
هذه بعض الأمثلة التي توضح وتبين الفساد على الملأ، وهي من الطرق اللاأخلاقية لجني المال بزمن ووقت قصيرين، ولكن ليست هذه الطريقة الوحيدة للفساد والمفسدين، فهناك الفساد الإداري في المؤسسات، والفساد المالي المستشري كالسرطان في الجسم، وكما يقال دخلك كذا "؟؟؟؟؟؟" مبلغ من وين هالعمارات وهالسيارات ..و..و....و....و.......ووووووو وووو.
أما آن الأوان لمن يملك السلطة لمحاسبة هؤلاء المفسدين؟.
أما آن الأوان لمن يملك السلطة للبحث عن مصادر الأموال المشكوك بها؟.
أما آن الأوان لنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب؟.
أما آن الأوان لنتحلى بمكارم الأخلاق؟.
الشرطة لا تخذل أحدا ٌ ... لأن الشرطة في خدمة الشعب
بقلم: وكالة معا
رداٌ على التقرير الصحفي الجريء الذي قام بتحريره الصحفي محمد العويوي على صفحات وكالة معاٌ الالكترونية اليوم, والذي حمل عنوان ( الشرطي المناوب خذلني ... ولن أتصل بالعائلة للحماية).
من هنا تؤكد الشرطة على أنه في مساء يوم الجمعة وعند الساعة ( 9,15 ) ورد إلى قسم العمليات بمديرية شرطة الخليل وعلى الرقم 100, اتصال من المواطن محمد العويوي يدعي فيه وجود شخص مشبوه بالقرب من منزله .
مباشرة وبعد لحظات من تلقي البلاغ قام قسم العمليات بإرسال دورية من المباحث العامة باللباس المدني لمتابعة البلاغ المقدم, حيث شاهدت الدورية بالفعل الشخص المشبوه والذي انطبقت عليه أوصاف مقدم البلاغ, وقامت بمتابعته لمسافة طويلة حتى تم الإمساك به, واتضح بأنه رجل محترم من العائلات المحترمة المعروفة وقد جاء إلى هذه المنطقة من أجل زيارة أقرباء له لتناول وجبة الإفطار معهم.
هذا وتشير الشرطة إلى أن مثل هذه البلاغات والتي يتم فيها الإبلاغ عن وجود مشبوهين, فإنه يتم إرسال دورية من المباحث العامة بسيارة مدنية تابعة لجهاز الشرطة وباللباس المدني وذلك حتى يتم القبض على المشبوهين قبل فرارهم و بحالة التلبس.
وبالتالي فإن هذا كله يؤكد على أن السيد العويوي لم يشاهد بنفسه دورية المباحث العامة التي حضرت إلى المكان تلبية لاستغاثته كونها كانت دورية شرطة مدنية.
مأساة الانقسام والأخطار المحيطة بالوطن
بقلم: حديث القدس – جريدة القدس
ربما لا يشعر قادة حماس في قطاع غزة بالمخاطر المترتبة على حالة الانقسام التي أوصلتهم للسيطرة على قطاع غزة، وربما تحجب المناصب الوزارية عنهم أفق التفكير المنهجي الواقعي- ونفس الكلام ينطبق على قادة حركة فتح في الضفة الغربية، على الأقل قبل الحادث الآثم الذي وقع في سيناء أمس الأول وأسفر عن استشهد ١٦ جنديا وضابطا مصريا- لكن هذا الاعتداء الإجرامي، كائنة من كانت الجهة الغادرة التي تقف وراءه يجب أن يفتح عيون قادة حماس تحديدا على خطورة الوضع هناك، والناجم في الأساس عن الانقسام الفلسطيني، وغياب حكومة فلسطينية واحدة تتحمل المسؤولية عن الشأن الفلسطيني كله، في الضفة الغربية وفي قطاع غزة على حد سواء.
وأشارت التقارير إلى أن الحكومة المقالة حاولت جهدها تبديد السحب التي تلبدت في الأجواء عقب اعتداء سيناء، من خلال إبداء استعدادها للتعاون مع السلطات المصرية في التحقيق في الحادث، بل وتسليم من تثبت علاقته بالعملية الإجرامية لمصر. وما نأمله هو تن تنجح هذه الجهود. فليس هناك فلسطيني وطني واحد يرضى بأن تمس شعرة واحدة لجندي مصري. وما يجمع الفلسطينيين والمصريين هو تاريخ طويل من النضال والمشاعر المشتركة والآمال الواحدة.
لكن هذا الحادث المفجع يجب أن يفتح ملف المصالحة الفلسطينية بكل الجدية والالتزام الوطني المسؤول. فلم يعد مقبولا أن يتم استغلال الفرقة الفلسطينية لبث بذور التحريض والفتنة بين الشعبين الشقيقين. ومهما كان رأي المواطن الفلسطيني والمصري في الحركات الإسلامية، فهناك بالفعل مداخل ومنزلقات يمكن للمغرضين الدخول من خلالها لغايات يقصد بها الإساءة للقضية الفلسطينية ،وأحيانا الشعب الفلسطيني على سبيل التعميم المرفوض. والسبيل الوحيد لسد منافذ الفتنة هذه هو التوصل عاجلا لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام المأساوي الذي بدأت مخاطره تلوح في الأفق.
وهناك جهات عربية وغير عربية، لها مصالح خاصة بكل منها، لا تريد للمصالحة أن تتم، والمفروض أن يتوفر لدى المسؤولين في "حماس" و "فتح" البصيرة النافذة لتحليل هذه المصالح، والتصرف بما تقتضيه المصلحة العليا للشعب الفلسطيني. ومهما كانت النتائج التي قد تستخلص من هكذا تحليل، فإن المخرج واحد من هذا الوضع الكارثي الذي يهدد بما قد يكون أسوأ، وهو الإسراع في تحقيق المصالحة قبل أن يحقق ما هو متوقع من عواقب هذا الانقسام الذي أدانه الشعب الفلسطيني منذ اليوم الأول لوقوعه.
حكومة فلسطينية واحدة، مستندة للانتماء الفلسطيني وحده، وليس للفصائلية والحزبية، ستكون مقبولة على أصدقاء الشعب الفلسطيني في هذا العالم، وستعيد قدرا من الاحترام والمصداقية التي فقدناها بسبب عجز المنقسمين عن المصالحة، وستتفادى الانطباعات السيئة التي يسعى المغرضون لترسيخها عن شعبنا وقضيتنا. فهل سيعي قادتنا خطورة الوضع، أم على قلوب أقفالها؟.
جمود غير مسبوق في الحراك السياسي
بقلم: المحامي إبراهيم شعبان - جريدة القدس
الناظر للساحة السياسية يرى جمودا غير مسبوق في الحراك السياسي المحلي والإقليمي والدولي بشأن القضية الفلسطينية. ولا يبصر المتفحص والمدقق والمتابع للقضية سوى الركود. وكأن هذا الصيف اللاهب امتد ليحرق جميع بذور النباتات السياسية التي كانت مورقة لتخدع الناظرين بأن عملا سياسيا يتم أو في صدد إتمامه.
القضية الفلسطينية مؤجلة ومجمدة على ألأقل هذا العام، رغم التصريحات المجاملة والدبلوماسية بين الفينة والأخرى التي تصدر عن المسئولين هنا وهناك، وهي التي لا تعبر عن حقيقة الوضع السياسي الكئيب . ولا يبدو في الأفق القريب أية أنوار تضيء النفق المظلم ومن غير المتوقع أن تضاء مثل هذه الأنوار في القريب العاجل وغير العاجل.
تقوم إسرائيل باستغلال هذا الوضع الشاذ أبشع استغلال. فهي تملأ الأرض الفلسطينية زرعا شيطانيا استيطانيا وبخاصة في مدينة القدس العربية فهي لا تكترث بقانون دولي ولا بميثاق جنيف الرابع ولا بمحكمة جنائية دولية ولا بمجلس الأمن ولا بجمعية عامة ولا بفصل سابع من ميثاق الأمم المتحدة. بل وصل ألأمر بأحد القضاة الاسرائيليين أن اعتبر الإحتلال الإسرائيلي منتفي عن الأرض الفلسطينية. وهي تدير احتلالا طويل الأجل مدرا لمال وفير على اقتصادها مستفيدا من سيطرته على الأراضي المحتلة. وهي تنهب المياه الفلسطينية وتعيد بيعها لأصحابها في حادثة غير مسبوقة في التاريخ الحربي وغير قانونية. ووصل بها الأمر في تقارير مؤكدة أنها تنهب نفطا فلسطينيا اكتشف حديثا في بعض المناطق. ووصل بها الإستهتار وخرق حقوق الإنسان الأساسية إلى درجة إخلاء المواطنين المدنيين العزل وزوجاتهم وأطفالهم في جبل الخليل من منازلهم من أجل استعمال المنطقة كساحة للتدريبات العسكرية. هل سبق في التاريخ الفلسطيني، أن كان جمود سياسي اكثر.
في هذه الأجواء السوداوية، تتنطح الولايات المتحدة الأمريكية لأية محاولة فلسطينية، حتى لو كانت رمزية مثل عضوية الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية الحكومية الأخرى. وتهدد وترغي وتزبد إذا ما تحركت السلطة الفلسطينية لأي تحريك للوضع الجامد غير المتحرك. ووصل الأمر بالرجل المورموني " رومني " مرشح الرئاسة الجمهوري الأمريكي بإطلاق حملته الإنتخابية من القدس استجداء للصوت اليهودي في الإنتخابات الأمريكية القادمة. لا فرق بينه وبين المرشح الديموقراطي الرئيس الحالي باراك أوباما الذي فشل فشلا ذريعا في التسوية السياسية، ولم يقم حتى بإلقاء حجر ليحرك المياه الراكدة تلبية لدعوته من على مسرح جامعة القاهرة أو في قضية الإستيطان وانهزاميته أمام نتنياهو أو في إغداق الرشوات المالية الإنتخابية على إسرائيل أو في دعوته إسرائيل للعودة إلى حدود الرابع من حزيران.
وليس بعيدا عن هذه الأجواء الكئيبة ما يجري على الساحة الأوروبية من كلام رخيص مبتذل مع الفلسطينيين يقابله عمل مع الشركاء الإسرائيليين عبر توقيع ستين اتفاقية. الإتحاد الأوروبي يدفع ثمنا ماليا مقابل الجمود السياسي تماما كما كان يدفع ليلتسين في روسيا بعد انهيار الإتحاد السوفيتي. بل إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تبذل جهودا سياسية جبارة لتنحية الرئيس بشار الأسد وتنسى بالكامل ما يجري على الساحة الفلسطينية. هذا تناقض ما بعده تناقض بل مهزلة ما بعدها مهزلة، ولكنه العمل السياسي في الزمن الرديء.
أما العرب فغارقون في الجهل والأمية والفردية والغيبية فغدت الإقليمية مطلبا وهدفا. ويبدو أن ما يسمى بالربيع العربي مقدم على تمزيق العالم العربي فوق تمزيقه وتشتته بحيث تكون الصورة الحالية وردية إذا ما قيست بما سيحصل من تمزق قادم. من يذكر القضية الفلسطينية هذه الأيام في العالم العربي، وإلى أي درك انحدرت وسقطت. شعار المرحلة " اللهم أسألك نفسي " " وكفى الله المؤمنين شر القتال ".
جميع هذه الأوضاع ساهمت بشكل أو بآخر في الوضع السياسي الفلسطيني الجامد، بل أدت إلى تفاقمه. فليس الوضع السياسي جامدا فقط بل هناك أزمة تلو أزمة بل دخلنا في سلسلة أزمات تنخر الشعب الفلسطيني وتستنفذ قواه. فمن أزمة الرواتب إلى أزمة الجامعات إلى أزمة الفساد إلى أزمة الأقساط الشققية، حتى وصلت الأزمة إلى أزمة القتل الإنساني والثأر القبلي والتصريحات العربية والدولية وصناديقها تقدم جعجعة مالية للفلسطينيين بينما لا يرى المواطن الفلسطيني المنهك سوى الأزمات والأقساط البنكية التي لا تنتهي.
هذا الأمر يشمل جناحي الوطن، فكلا الجناحين مكسوران، فهذا يشكو وهذا يلوم وحل الدولة الفلسطينية المستقلة يذوي ويبتعد. أما الحل المنشود فمعطل إلى يوم يبعثون. وهذا يبقي المياه الراكدة جاثمة على صدور الفلسطينيين بدل القيام بحركة جريئة غير متوقعة من أحدهما، لتحريك الوضع الجامد، ونفض الغبار عن صدر الشعب الفلسطيني في هذا الشهر الفضيل. يبدو أن الجميع اكتفى بالصيام والصلاة ولم يلق بالا لهذا الوضع البائس.
منذ قرن والشعب الفلسطيني يواجه الأزمة تلو الأزمة ويرزح تحت انتداب أو احتلال، بينما شعوب الأرض قاطبة نالت استقلالها أو خلعت مستعمرها. أمر يستدعي التأمل والتفكر بل العصف الفكري وليس اليأس والخمول للمأساة الفلسطينية. أمر يستدعي طرح حلول جادة ومبضع جراح ومعها نقاشات مستفيضة وإن كانت طويلة الأجل، فهي أفضل من الحلول العبثية المورفينية قصيرة الأجل. هذا أمر يستدعي إعادة التفكير في جميع نواحي البنيان الفلسطيني وأوجهه داخليا وخارجيا، وسياساته واستراتيجياته، وإلا كانت الرياح الإسرائيلية والقوى العظمى تأخذنا وتلقي بنا في مهاوي الردى.
يجب أن نذكر دائما وأن لا ننسى للحظة بأننا قابعون تحت احتلال استيطاني كولونيالي إسرائيلي في خضم عالم متفرج مشاهد لا يأبه لما يشاهده، ولا يتحرك إلا لمصالحه الضيقة أما عواطفه فمكانها أدبياته وليس قراراته. يجب إعادة ترتيب وضعنا الداخلي وخياراتنا ما دمنا نلعب في الوقت الضائع بل نستفيد منه. وكل عام وأنتم بخير!!
وأخيراً شيء من.. الطراوة !
بقلم: حسن البطل – جريدة الايام
هل تصرّمت موجات حرّ صيفية سعيرية؟ الحرّ صيف هذا العام كان فوق المعدّل من 4 إلى 9 درجات.. ومنذ مطلع "آب اللهّاب" نلمس طراوة في الجو، وبخاصة في الصباحات الباكرة والليالي.. الحرارة حول معدلها السنوي!
هناك مَثَل إفرنجي يقول: "تمطر من السماء.. وتمطر في القلب". أمطرت السماء فوق المعدل في الشتاء، وبخاصة في رام الله، لكن حظ أريحا من ماء السماء كان شحيحاً فوق العادة. لماذا أريحا؟ لأن علي السنتريسي، ولعلّه ريحاوي، رصد في صفحته على "الفيسبوك" "ظاهرة غريبة" في عاصمة الغور، حيث تتقصّف فروع الأشجار، من شدّة جفاف، أو من شدّة قيظ سعيري.
أخبرني بعض زملائي من أصول فلاّحية أن ظاهرة تقصُّف الفروع مرصودة حتى في رام الله بعد شتاءات شحيحة المطر، بشهادة قاطفي موسم الزيتون.
كان التهطال الأخير في رام الله فوق المعدّل بنسبة تقارب الـ 30%، فتوقعوا موسماً زيتونياً ماسياً.. وهذا قبل موجة حرّ متطرفة، والأمل أنها جاءت بعد أن عقدت نوّارات الزيتون.
فوق المعدّل، تحت المعدّل.. وربما ينبغي تعديل المعدّل، لأن درجات الحرارة شتاء هي فوق المعدل وصيفاً بالذات، رغم شتاء قاس هذه السنة.
هناك خمسة قياسات للحرارة، أبسطها حرارة الظل وحرارة تحت نور الشمس، لكنها، أيضاً، تقاس كالتالي: الحرارة المتوقعة. الحرارة العقلية المسجلة. الحرارة المحسوسة، كما هناك المعدل المطري الشتوي العام من جهة، وتوزيعه العادل بين الشهور من جهة ثانية، وطبيعة التهطال من رذاذ مفيد إلى وابل غزير يجرف التربة ولا يفيد كثيراً (مرّت أربعينيات جافة!).
المناخ "يشخور" مثل صدر مدخّن مدمن مثلي سنوات مديدة، وهو يجاري تطرف الناس والدول، من صقيع قياسي إلى احترار قياسي.
في ملحق علوم من مجلة "فلسطين الشباب" المجانية الممتازة سؤال مدرسي مع جائزة، وهو: كيف تكون الحرارة صيفاً عالية والأرض أبعد ما تكون عن الشمس (مدار الأرض إهليجي، وذو انقلابين واعتدالين) بينما تكون باردة شتاء والأرض أبعد ما تكون عن أمّها الشمس؟
محور الأرض مائل بـ 23,5ْ بفعل جاذبية القمر، لكن لسبب محيّر ـ غير محيّر، فإن معظم البرّ الأرضي يقع في القسم الشمالي من كوكب الأرض، ومعظم البحر في القسم الجنوبي. خبير في وكالة "ناسا" كان متشائماً من احترار جو الأرض، وصار أكثر تشاؤماً من سرعة الاحترار. قيظ أوروبا صيف 2003، ثم موجة حرّ اجتاحت روسيا 2010، ثم جفاف ضرب ولايتي تكساس وأوكلاهوما العام الماضي.. وهذا العام ضربت أميركا موجة حارة جدّاً.
تنفّسُوا الصعداء في "ناسا"
منذ مركبة أبولو 11 وقدم رائد الفضاء نيل أرمسترونغ على أرض القمر، خطوة صغيرة لإنسان وكبيرة للإنسانية، لم يصرخوا في وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" كما فعلوا، أول من أمس، مع هبوط المسبار "كيريوسيتي" أرض كوكب المريخ ليس هذا أول مسبار يحطّ على "الكوكب الأحمر" (كوكب الكائنات الخضراء في الأفلام القديمة) لكنه الأثقل والمُجهّز للعمل على مدى سنين وليس ثوان قليلة كما في السابق (مسبار روسي).
الهدف: هل كانت هناك حياة بدائية في زمن سحيق على الكوكب؟ وأين ذهبت أو تبخّرت المياه من على سطحه، مع مختبر تحليل لأرض الكوكب.
المهمّة الأطول إعداداً، والأكثر تعقيداً، والأعلى كلفة (1,9 مليار يورو) تكلّلت بالنجاح، وتلقوا أول الصور وأوضحها حتى الآن عن سطح كوكب الإله "مارس" المحارب (لذا تصوّروا في السينما حروباً بين كائناته الخضراء وكائنات بني آدم على الأرض).
كوكب الأرض جنة المجموعة الشمسية، وربما المجرة، وربما الكون بأسره.. لكن، "سيد الكون" ستيفان هوكنغ يقول: على الإنسان أن يجد كوكباً آخر في مجرة أخرى.. وإلاّ فالفناء الإنساني محتّم على المدى البعيد.
يحمل كاميرا وتحمل ميكروفونا !
الرجال أطول عموماً من النساء وأقوى.. لكن هل هذا يُفسّر لماذا النساء قوّامات على الرجال.. ولماذا ترون في الشوارع رجلاً يحمل كاميرا بأرجل، ومساعدته الحسناء تحمل الميكروفون.. وتتدلّع وتتخلّع !
مع الاحترام للجندرة والنوع والمساواة بين الجنسين، ألا تجد الفضائيات والأرضيات امرأة طويلة وقوية الأكتاف، ورجلاً وسيماً وقصيراً لتبادل الأدوار، أو أن طلّة الحسناء على الشاشة غير طلّة الخنشور الرجل عليها.
الإرهاب في مصر: التجربة المشرقة لـ"حماس" في غزة
بقلم: أشرف العجرمي – جريدة الايام
العمل الإرهابي المجرم الذي حصل في مصر قبل يومين والذي أدى إلى مقتل 17 ضابطاً وجندياً مصرياً، وفي النهاية قتل عدد من منفذيه، هو دون شك يستهدف الدولة المصرية بأمنها وهيبتها ومؤسساتها وهو يصب في خدمة إسرائيل التي تدعي طوال الوقت أن جيشها فقط هو الذي يحفظ الأمن على حدودها ولا يوجد دور حقيقي لغيره، وبالتالي لا يمكن التعويل على وجود قوات مصرية في سيناء، ولهذا ليس من المنطقي من وجهة نظر إسرائيل أن يجري تعديل الاتفاقيات بحيث يزيد عدد وعتاد القوات المصرية المنتشرة في سيناء.
ويبدو واضحاً من حجم المشاركة والتخطيط الدقيق والتنفيذ المتزامن، حتى لو لم تحقق العملية، وربما هذا هو المقصود، أي نجاح في إصابة أو قتل إسرائيليين، أن هذه العملية لا تقتصر على مجرد مجموعة أو فصيل مسلح وأنه يقف وراءها جهات اقوى وأكثر تنظيماً. ولا يعقل أن تقتصر على قتل الجنود والضباط المصريين وهم يتناولون افطارهم بعد يوم صيام شاق بهذه الهمجية والبربرية، وعلى قتل قسم من المشتركين في تنفيذ العملية، وتبدو عملية عادية بريئة للمقاومة كما قد يدعي أحد.
ومن الطبيعي أن تتجه الأنظار إلى غزة التي تحولت إلى الدفيئة التي تخرج مختلف أشكال الإرهاب المتعدد الجنسيات، بسبب وجود الأنفاق وتهريب السلاح والمدربين والارهابيين الذين يدخلون ويخرجون من غزة دون أي عائق. وهذا بفضل وجود الحكومة الربانية التي لا يهمها من حكم قطاع غزة سوى جمع المال وتعزيز قوتها لضمان السيطرة الابدية على القطاع الذي نزع عنوة عن باقي جسد الوطن. وأصبح منطقياً أن يثار موضوع الانفاق التي تربط مصر بقطاع غزة، والتي لم يكن العمل فيها يستهدف فقط توفير المواد والاحتياجات الانسانية بل أصبحت ممراً لتهريب السلاح والمخدرات والمسروقات والإرهابيين والمجرمين المطلوبين للعدالة في بلدانهم والذين يجدون في قطاع غزة ملجأ آمناً. وبطبيعة الحال كل هذا يجري في إطار البحث عن الربح المادي والصفقات الواسعة مع كل من شاء، ولا ننسى كذلك أن شعار "المقاومة المسلحة" لايزال هو الغطاء الذي تحته ترتكب كل المخالفات بما فيها قمع المواطنين ومصادرة حرياتهم ونهبهم. فما يجوز للمقاومين (المقاولين) لا يجوز لغيرهم وهذا يشمل الفساد والجرائم بمختلف اشكالها. وهذا بالضبط النموذج الرائع للإمارة الإسلامية القائمة في قطاع غزة والمنشودة في كل مكان في العالم العربي والاسلامي. ولا ندري إذا ما كان الإخوان المسلمون في مصر يستطيعون السير على هدى النموذج والتجربة الحمساوية المشرقة، التي يمكنها أن تدمر الدولة المدنية وتحولها إلى دولة مليشيات وعصابات مسلحة.
لن يكون سهلاً على "الإخوان المسلمين" في مصر التغطية على الخطر الذي تمثله أنفاق "حماس" على الأمن المصري الذي أصبح مهدداً من عصابات الإرهاب المتمركزة في غزة والمتحركة بين سيناء وغزة بكل حرية، وذلك لأن مصر دولة مؤسسات فيها جيش قوي ومؤسسة أمنية قوية وراسخة لا يمكنها أن تسمح ببقاء هذا التهديد الأمني الوجودي للدولة المصرية.
ردود الفعل في مصر كلها تقريباً تتحدث عن ضرورة وضع حد للحالة القائمة على الحدود بين قطاع غزة ومصر، فهناك من ينادي بتدمير كل الانفاق الواصلة بين مصر وغزة. وباعادة تقييم العلاقة مع القطاع. وهناك ردود فعل غاضبة أكثر. ولكن بات من الواضح أن الوضع الراهن لايمكنه أن يستمر وأن القيادة المصرية وعلى رأسها الرئيس محمد مرسي ستتخذ قرارات حاسمة بخصوص هذه الفوضى الخطيرة والإجرامية على حدود مصر الشمالية الشرقية.
أي ترتيبات أو إجراءات مصرية جديدة لمعالجة مخاطر الإرهاب لا بد وأن تأخذ بالاعتبار مصالح المواطنين في قطاع غزة الذين تشكل مصر الرئة والمتنفس لهم، وهنا من الضروري التمييز بين فتح الحدود بصورة طبيعية ووفقاً للمعايير والقواعد الدولية والسماح بتنقل الافراد والبضائع دون عائق طالما لا يوجد مساس بالأمن أو بالمصالح الحيوية، وبين الإبقاء على حدود مفتوحة عبر الانفاق دون كوابح أو ضوابط ودون اعتبار لمصالح مصر وامنها.
مصر لا يمكن أن تتخلى عن دورها القومي تجاه فلسطين والقضية الفلسطينية، وهي تتحمل الكثير من أجل الاضطلاع بهذا الدور، ولكن هذا يجب الا يجعل مصر تدفع ثمن الفوضى والمصالح الحزبية لبعض المتعطشين للسلطة والنفوذ والمنفعة الحزبية الضيقة. فمصر القوية المؤثرة هي التي تنفع القضية وتشكل رافعة ودعامة قوية لها. ويبدو أن دور مصر هذا هو المستهدف.
وإذا كانت هناك مؤامرة تستهدف العالم العربي فالدول المركزية فيه هي الأكثر استهدافاً وبطبيعة الحال مصر في مقدمتها، والمحاولة التي تبحث عن زرع الفوضى وعدم الاستقرار الداخلي في كل دولة ودولة عربية، مرتبطة بالسعي للسيطرة على المنطقة ومواردها الكبيرة، ومشروع "الفوضى الخلاقة" وتقسيم المنطقة وتفتيت دولها المركزية لا يقتصر على دول عظمى فقط بل هناك حركات وقوى تشارك في هذه المؤامرة وقسم منها يرفع لواء الإسلام كذباً وزوراً.
آن الأوان لوضع النقاط على الحروف في موضوع التخريب الذي تمارسه بعض الجماعات تحت شعارات ومسميات عديدة، وهذا يتطلب فضح كل الاكاذيب والادعاءات القائمة على استغلال الدين والنطق باسم الله على الأرض. فالدنيا قائمة على المصالح وهناك فرق بين مصالح الوطن والمواطنين وبين مصالح القوى الاستعمارية الجديدة والقديمة.
أثمان استخدام التكفيريين ورعايتهم ومغازلتهم
بقلم: علي جرادات – جريدة الايام
العملية المريبة، بل المذبحة المشبوهة، التي وقعت على الحدود المصرية الفلسطينية وراح ضحيتها عشرات من أفراد قوات حرس الحدود المصريين بين شهيد وجريح، وحظيت بالإدانة والشجب والاستنكار والتنديد من الأطراف كافة، سواء المعنية بها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، هي، وبمعزل عما ستؤول إليه الجهود الأمنية والسياسية الرامية إلى كشف ألغاز هذه العملية المعقدة، (هذا إن حصل)، ليست سوى واحدة مما لا يحصى من عمليات مماثلة وقعت، في دول عربية وشرق أوسطية وعالمية عديدة على مدار عقود خلت، ما يحيل إلى سؤال كبير، فحواه: ما دامت كل الدول تتخذ موقفاً ضد هذه التنظيمات الدموية التكفيرية المتطرفة الجاهلة متنوعة الأسماء فيما مضمونها واحد، فلماذا إذاً لم تسفر جهود محاربتها إلا عن حصاد تناميها تنامياً بكتيرياً، تجلى مؤخراً في تحولها إلى مكون أساسي من مكونات المشهد السياسي والأمني في ليبيا وسورية ومالي ونيجيريا والنيجر وسيناء بعد العراق واليمن والصومال والجزائر، وبصورة أقل، قابلة للتكاثر، في لبنان وغزة وتونس، فضلاً عن أفغانستان وباكستان اللتين صارتا أهم مستنقعين لتفريخ هذه التنظيمات وتصديرها ونشرها في العالم، منذ لجوء الولايات المتحدة الأميركية، داعية الديمقراطية وحقوق الإنسان وراعي نشرها والدفاع عنها في العالم إلى ترؤس رعاية تشكيل أولى وأهم هذه المجموعات التكفيرية، (طالبان والقاعدة)، وتمويلها وتسليحها في بداية ثمانينيات القرن الماضي في أفغانستان لمواجهة، والحد من، انتشار "امبراطورية الشر الشيوعي"، ومحورها السوفييتي آنذاك، وفقاً لتصنيف الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، بالتعاون مع بريطانيا تاتشر آنذاك، ودعمٍ من إسرائيل بيغن وشامير في حينه، فضلاً عن باكستان والسعودية ودول وحركات إسلام سياسي عربية أخرى، ما قاد إلى تحويل سياسة استخدام هذه التنظيمات ورعايتها على يد الدول، ("الديمقراطية جداً")، إلى سياسة سائدة حتى تفكك الاتحاد السوفييتي، و"انقلاب السحر على الساحر" في تفجيرات "غزوتي" نيويورك ومانهاتن في 11 أيلول 2001 التي اتخذها نظام المحافظين الجدد ذريعة لتدمير أفغانستان ثم العراق الذي تحول ببدعة "الفوضى الخلاقة" إلى دولة فاشلة تشكل مرتعاً لهذه التنظيمات التكفيرية وتمددها وانتشارها وتناميها كما يتنامى الفطر في يوم غائم.
إزاء الحقائق أعلاه أليس من المنطقي التفكير في أن مذبحة سيناء المعقدة ليست سوى مؤشر آخر، إنما من عيار أثقل، على مخطط يستهدف مصر الدولة والمؤسسات والمكانة والدور والنسيج الوطني والمجتمعي في مرحلة انتقالية مصيرية، وتخدمه بجهالة أطراف داخلية لا تدري أن تديين السياسة المصرية، بل ومذهبتها أيضاً، هو تماماً كما أمركتها خلال عهد النظام السابق، وأنه لن يقود إلا إلى إعاقة تحولها الديمقراطي من جهة واستمرار تبعيتها من جهة أخرى، بحسبان أن مذبحة سيناء لا تطرح التساؤلات على محدودية السيطرة السياسية والأمنية المصرية على سيناء وفقاً لاتفاقية كامب ديفيد فقط، بل، أيضاً على عدم إمكان حماية الأمن القومي المصري دون تصويب ما يسود غزة من أوضاع داخلية شاذة فصلتها عملياً، (معضلة وهموماً وسبل معالجة)، بانقسام، (دام أطول وأكثر من اللازم)، لا عن الضفة الغربية وقلبها القدس وحسب، بل أيضاً، عن قضية بقية أبناء الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني في الوطن والشتات.
على أية حال، وكما بعد كل عملية من طراز عملية سيناء، وكالعادة سنجد جهة أو جهات تكفيرية متطرفة جاهلة تعلن عن تبنيها لهذه العملية المذبحة، سواء كانت هي من نفذها فعلاً، أو أن طرفاً آخر اخترقها أو استخدمها أو استخدم اسمها غطاءً. ومن المقطوع به أن هذا الطرف سيكون بين أطراف تعلن ليل نهار، وعبر وسائل الإعلام كافة، عن معاداتها لهذه التنظيمات التكفيرية، وعن عزمها القضاء عليها واجتثاثها، لا باعتبارها تنظيمات تهدد استقرار المجتمعات والدول وأمنها وحسب، بل، وبوصفها جهات تضرب قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما الحقيقة المرة تقول: إن ممارسة السياسة الديمقراطية، إن لم تغذِّها، وترشدها، وتوجهها، وتحكمها، وتضبطها، رؤى فكرية تلتزم فعلاً لا قولا بقيم المساواة والحرية والعدالة، بوصفها قيماً إنسانية حضارية تتقدم البشرية بدأب واطراد، وإن بمسيرة متعرجة وصيرورة معقدة ومتناقضة، على طريق تطويرها وإعادة إنتاجها، فإنها، (ممارسة السياسة الديمقراطية)، لا محالة تكف عن أن تكون قاطرة تغيير اجتماعي يجسد هذه القيم، وتصبح أداة استعمال انتهازي لارتكاب الفظائع باسمها حدَّ التورط في مقارعة الخصوم باستخدام حركات التزمت والجهل والتطرف التي تعدُّ تنظيمات الإسلام السياسي التكفيرية الدموية الجاهلة، (كما الحركات الفاشية ذات المنشأ الأوروبي)، طبعة من طبعاتها، بينما مذبحة سيناء المريبة والمشبوهة ليست سوى إحدى إفرازات استخدام دول عربية وأجنبية "ديمقراطية جداً" لهذه التنظيمات، فضلاً عن رعاية نظام المذهب الوهابي السعودي وتمويله بثرواته الهائلة لبعضها، وعن رعاية إمارة قطر "الديمقراطية أكثر مما يجب" وتمويلها السخي لشتى تنظيمات الإسلام السياسي، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين التي بلا ريب تشكل أكثر هذه التنظيمات اعتدالاً، لكنها من أسف لم تقطع فكرياً كلياً وبشكل حاسم مع هذه التنظيمات الجاهلة، بل، وتقوم بمغازلتها أحياناً، وإلا ما معنى ألا يجد الرئيس المصري الجديد، مرسي، فاتحة لتبيان معالم سياسته الخارجية، سوى التأكيد على أن "أمن الخليج خط أحمر مصري"، وعلى أن، (وهذا هو الأخطر)، "السعودية هي راعية المذهب الإسلامي السني الوسطي، وأن مصر هي حاميته"، وما معنى تأكيد المرشد العام لـ"إخوان" سورية العلني والصريح على أن لا غضاضة في أن تتدخل تركيا المسلمة عسكرياً في سورية، بما يذكِّر بتصريح علني أطلقه قبل سنوات المرشد العام السابق لجماعة "الإخوان"، مهدي عاكف، قال فيه: "أقبل أن يرأس مصر ماليزي مسلم على أن يرأسها علماني كافر"، وربما بتأثير هذا المناخ الفكري تحمس الأخ إسماعيل هنية أكثر من اللازم بعد فوز مرشح "الإخوان"، مرسي، برئاسة مصر، وتحدث عن انفتاح الباب أمام إعادة عهد "الخلافة"، بينما سبقه وزير داخليته، بإطلاق تصريح علني غريب عجيب، لكنه خطير أيضاً قال فيه: "لا مصالحة مع العلمانيين"؟
لكن، ولأن كل شيء ينطوي على نقيضه، ولأن "السياسة جبر وليست حسابا"، بحسبان أن الحركة السياسية أعقد أشكال الحركة الاجتماعية التي تعدُّ بدورها أعقد أشكال الحركة بعامة، فإن الاستعمال السياسي لمثل هذه التنظيمات التكفيرية الجاهلة والمتطرفة، كما مغازلتها، إنما ينتج، (عاجلاً أو آجلاً)، نقيض مبتغى أصحابه، مصداقاً لحكمة مقولة "انقلاب السحر على الساحر"، وفي هذا يكمن الدرس السياسي الأساس، والاستخلاص النظري الأهم، اللذان يشيران إلى أثمان استعمال التكفيريين ورعايتهم ومغازلتهم، وهما ما ينبغي على كل متضررٍ من مذبحة سيناء التفكير في هذا الدرس وذاك الاستخلاص ومراجعة حساباته السياسية والفكرية على أساسهما، أما ما دون ذلك فلا يعدو كونه غطساً في تفاصيل هذا الحدث المريب والمشبوه والمعقد والخطير في آن.
"حماس" واستخلاص الدروس
بقلم: عادل عبد الرحمن – جريدة الحياة
حركة حماس الخاطفة لقطاع غزة من الشرعية الوطنية منذ 2007، وتسيطر من خلال مليشياتها على مليون وستمائة الف مواطن فلسطيني، هي المسؤولة بشكل مباشر، في ظل الانقلاب الأسود سياسياً وأمنياً واقتصادياً وأخلاقياً، عنهم حتى تتمكن الشرعية الوطنية من استعادة دورها القيادي الكامل على جناحي الوطن. وبالتالي هي المسؤولة عن نتيجة اي عمل تخريبي او غير تخريبي ضد ابناء الشعب الفلسطيني او الشعوب العربية وخاصة الشعب المصري بحكم الجوار الجغرافي.
العملية "المجزرة الجبانة"، التي أودت بحياة ستة عشر ضابطاً وجندياً (بالأمس ورد خطأ بإيراد ثمانية عشر شهيداً بسبب التقارير غير الدقيقة) وجرح سبعة آخرين، جراح ثلاثة منهم خطيرة من شباب الجيش المصري البطل، كانت عمليةً غادرة ووحشية بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام الحنيف، وتعكس وحشيةً منفلتةً من عقالها، ولا تمت بصلة للقيم والاخلاق والشرائع السماوية، عملية نفّذها قطّاع طرق وإرهابيون وتجار دين ودنيا.
المتأسلمون من المجموعات الإرهابية، التي تؤويها وتديرها قيادة الانقلاب الحمساوي في القطاع بالتعاون مع أقرانهم من ذات المجموعات الارهابية المنتشرة في اوساط بدو سيناء، هي المسؤولة بشكل مباشر عن المذبحة. ولا يجوز تضليل الرأي العام المصري والفلسطيني بأن المسؤول عن المجزرة هي دولة الابرتهايد الاسرائيلية، وتعليق كل البلاوي والمصائب على شماعتها، التي حلّت وتحل بالشعب الفلسطيني او الشعب المصري او غيرهما من الشعوب العربية، دون ان يلغي دور اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية في إنتاج وتفريخ الجماعات الارهابية، ليس في فلسطين والمنطقة العربية، بل في ارجاء الدنيا كلّها، مع احتلال العالم العربي أولوية في أجندة الارهاب المنظم الدولي الذي تقوده اميركا والدولة العبرية.
انطلاقاً مما تقدّم، لا يجوز للقيادات المصرية وخاصة المؤسسة الأمنية التغطية على الدور الخبيث، الذي أسهمت فيه حركة حماس، لا سيما ان كل المعطيات تشير الى ان جزءاً اساسياً من المجموعة المنفذة للمجزرة الوحشية ضد الابطال الشهداء من الجيش المصري في موقع الماسورة جاؤوا من غزة، والتقدير الأكبر انهم من كتائب القسام، الذراع العسكرية لقيادة الانقلاب. وبالتالي لا يفترض ان تنخدع القيادات المصرية بكل دموع التماسيح الصادرة عن قيادة حركة حماس في الداخل او الخارج.
كما لا يجوز ان تتعامل القيادات المصرية الأمنية والسياسية مع حركة حماس، على اعتبار انها خارج نطاق المسؤولية عن المذبحة وإشراكها في لجان وترتيبات أمنية مشتركة مع الجانب المصري، لأنها تتمنى وتطمح لذلك لتسويق نفسها كفريق "شرعي يحكم"، حتى لو طالب بذلك الرئيس الاخواني محمد مرسي. وإنما من الواجب التعامل معهم كقوة خارجة على القانون، وجلب قياداتها (حماس) باعتبارهم شركاء في الجريمة ? المجزرة، وإخضاعهم للتحقيق، والمساءلة، ومطالبتهم بتسليم الجماعات المخططة والمنفّذة لاغتيال شهداء الجيش المصري الأبطال بدم بارد. وان لم يلتزموا، تقوم السلطات الامنية المصرية بمنع قيادات حماس من دخول الاراضي المصرية، ومطاردتهم حيثما كانوا حتى تقتص من المجرمين الحقيقيين وكل من هم على شاكلتهم في غزة او سيناء.
وفي السياق، إلزام قيادة الانقلاب الحمساوية بتنفيذ اتفاقية المعابر المُبرمة بين منظمة التحرير وسلطات الاحتلال الاسرائيلية وبرعاية اميركية وأوروبية ومصرية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، والعمل بأسرع وقت ممكن على فتح معبر رفح الحدودي البري امام حركة المواطنين الفلسطينيين، لأن اغلاق المعبر الوحيد الذي يربطهم بالعالم لا يخدم العلاقات الفلسطينية ? المصرية، فضلاً عن انه يعتبر شكلاً من اشكال العقاب الجماعي، الذي لا ترتضيه القيادات المصرية السياسية والأمنية.
ومرة اخرى، حذارِ من خلط القيادات السياسية والأمنية ووسائل الاعلام المصرية بين ابناء قطاع غزة جميعاً والجماعات الارهابية وخاصة حركة حماس، لأن حماس جزءٌ محدود من الشعب الفلسطيني. ولا تمثل إلا نفسها، والتصويت الذي حصلت عليه في عام 2006، كان لحظة قاتلة في تاريخ الشعب الفلسطيني، ولا تعكس حقيقة المزاج والمناخ الوطني. والآن بعد مرور اكثر من خمسة اعوام، وعلى بؤس واقع الحال الفلسطيني العام، فإن الغالبية من المواطنين، اكتشفوا خطأهم الفادح في التصويت للحركة المشؤومة.
مع ذلك، هل تستخلص حركة حماس العبر والدروس من المذبحة البشعة، التي ساهمت بها عناصرها وقياداتها بشكل مباشر او غير مباشر وتعود لرشدها؟! وهل تتراجع عن خياراتها الانقلابية والمريبة، وتكف عن الاحلام الوضيعة، التي مزّقت النسيج الاجتماعي الفلسطيني؟! لأنها إن لم تتراجع عن سياساتها الانقلابية والارهابية من خلال ممارساتها البشعة ضد المواطنين الفلسطينيين من فتح وغير فتح، وحمايتها لكل قوى وجماعات التطرف المتأسلمة في قطاع غزة، فإنها ستُدّفع الشعب الفلسطيني ثمناً باهظاً اكثر من تداعيات الانقلاب الاسود، وخاصة مع الاشقاء المصريين، الذين عندما كانت الشرعية الوطنية موجودة ومسيطرة على المعبر وحامية للحدود، لم تشهد العلاقات المصرية ? الفلسطينية اية توترات جدية، وشكّلت العلاقات الفلسطينية ? المصرية نموذجاً رائعاً من التكامل والتعاون المشترك رغم كل الهنات، التي مرّت بها تلك العلاقات.
الكرة في مرمى حركة حماس، لتعيد النظر في سياساتها وأدائها تجاه ابناء الشعب الفلسطيني والمصالحة الوطنية وتجاه العلاقة مع الشعب المصري الشقيق. وبقدر ما تتمكن القوى العقلانية في حماس من تغيير السلوكات التخريبية التي تنفّذها القوى المتنفذة من الانقلابيين، بقدر ما تحمي ذاتها وأبناء الشعب الفلسطيني عموماً، وتخفّف من آلامه، وتعيد الاعتبار للوحدة الوطنية.
رحم الله شهداء الشعب المصري العظيم، والعزاء الحار لذويهم وللقيادة المصرية بجناحيها السياسي والعسكري.
(أشرت بالأمس الى ان الرئيس مرسي زار موقع المذبحة في رفح، ولكنه لم يصل رفح، وبقي في العريش، وبررت الجهات المعنية في الرئاسة ذلك بالخشية الأمنية على حياة الرئيس. أيضاً، الخطأ في إيراد المعلومة ناجم عن النقل غير الدقيق لوكالات الانباء، لا سيما ان المعلومة لا تحتاج لمصادر خاصة، لأن الخبر عام ومُعلن. لذا أعتذر من القارئ العزيز.
سلفيون على ضفاف الأنهار
بقلم: فؤاد ابو حجله – جريدة الحياة
مثل أفلام هوليود تحتاج الثورات المصنوعة في أميركا الى الإثارة ودراما التشويق، ولا بأس في إضفاء الغموض على بعض مشاهدها لكي يظل الجمهور متيقظا ومتابعا ومنتظرا لحظة الحقيقة.
هكذا نرى الحبكة الدرامية في رواية الثورة السورية التي تم السطو عليها ممن كانوا في زمن الثورة أعداء لكل ثورات التغيير في العالم. أعني جماعة الاخوان المسلمين والمجموعات السلفية التكفيرية التي تتسلل الى الأراضي السورية عبر كل الحدود لتجاهد ضد طاغية الشام وكأن بشار الأسد هو الطاغية الوحيد في أمة يتقاسم حكمها الطغاة المتربعون على الجماجم في كل العواصم.
يبدو أن "الجمهور عاوز كده"، ويبدو أن شاشة العرض المبثوث عبر الستالايت الاستخباري الأميركي تمتد من صحراء سيناء الى ساحات دمشق الخضراء.
المشهد واحد.. مجموعات مسلحة تخترق الحدود في عمليات تمهد لحروب الفتوحات التي تطمع في الفرات والنيل، وتلغي فلسطين من ذاكرة الماضي وبرنامج الحاضر لأن فيها أهل ذمة!
بعد يوم واحد فقط من العملية الارهابية القذرة التي نفذها سلفيون تكفيريون ضد جنود مصريين صائمين في الحدود الفلسطينية المصرية، تسللت مجموعة من السلفيين الى دمشق لتقاتل ضد قوات النظام، وكشفت الأخبار مقتل اثنين من عناصر هذه المجموعة الضالة التي قدمت الجهاد في المزة على الجهاد في غزة.
ليس الأمر غريبا ولا مستهجنا، فهذه البكتيريا الضارة كانت تحتاج الى حواضن خلقها الاستثمار الأميركي لثورات الشعوب العربية، ولا يبدو أن تخليص الجسم العربي من هذه البكتيريا ممكن بالطبابة السياسية لأن هناك حواضن أخرى لها غير حواضن الجماعات الإسلامية الحاكمة في بلاد الربيع. إنها الحواضن الشعبية في المجتمع العربي الذي تحرر من الجاهلية قبل خمسة عشر قرنا واستسلم للجهل عندما تحول العالم الى قرية.
لكن الغريب والمستهجن والمستفز أن يكون من بين سلفيي الجهاد في الشام فلسطينيون شطبوا فلسطين من ذاكراتهم واستبدلوا القدس بحمص ونابلس ببانياس، وصار سقوط الأسد في أعينهم أهم كثيرا من طرد ذئاب الاحتلال من الوطن.
مثير حد الغضب ما يجري الآن، وقاتلة هي هذه الصحوة المفاجئة للخلايا السلفية النائمة، وملفت أكثر من كل شيء أن يكون رموز السلفية الجهادية البعيدة عن فلسطين مواطنون فلسطينيون مثل عبد الله عزام وعمر أبو قتادة وأبو محمد المقدسي. هؤلاء وغيرهم لا يجدون غضاضة في التقاطع مع الاستراتيجية الأميركية، ولو كان ذلك على حساب حاضر الأمة ومستقبلها.
واشنطن تحرك الآن كل أدواتها في المنطقة، ما يوحي بأن الأمر أكبر كثيرا من خطة أميركية لإجهاض الثورات العربية، وما يستدعي الانتباه الى ما هو قادم.. ويبدو أن القادم أعظم.
إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً


رد مع اقتباس