1- الغرب والربيع العربي

• من سوء الحظ أن تقاطع الربيع العربي مع أزمات متصلة اقتصادية وسياسية في الولايات المتحدة وأميركا واليابان.

• انتفاضات العالم العربي أثارت في دول الغرب ردوداً مختلفة توحي برسالة معاملة مزدوجة وثلاثية للمصالح التي تتغلب على الأخلاقيات

• تخلي أميركا عن مبارك دفع السعودية لإرسال قوات إلى البحرين وموافقة مجلس التعاون الخليجي على ضم الأردن والمغرب إليه في محاولة لإيجاد حلفاء ضد إيران.

• القاسم المشترك في "الربيع العربي" هو الاحتجاج على استبداد السلطة المركزية وقمع حقوق الفرد والفساد الاقتصادي والاجتماعي.

المصدر: معهد أبحاث الأمن القومي

بقلــــــم: د. عوديد عيران/سفير اسرائيل السابق في الاردن

مقدمة:

تناولت دول الغرب الثورة في البلاد العربية بشكل متناقض، وبما يؤكد أنها تجري وراء مصالحها ليس إلا، فقد حاولت أميركا الإبقاء قدر المستطاع على حكم الرئيس مبارك في مصر، كون أنه من حلفائها ومؤيديها، وممن يطيعونها ويلفون لفها، ولكن عندما رأت أن الأمور بدأت تفلت من عقالها تخلت عنه بكل سهولة، وطالبته بالتنحي والرضوخ لرغبات شعبه، وكل هذا عندما تبين أن مصالحها قد تتضرر، وليس مصر فقط بل أنها ومنذ البداية وجدت أن نظام القذافي غير مريح لها لهذا سرعان ما وجدناها تدخل في قلب الثورة الليبية، وبدأت بالقصف، وشكلت مع الناتو جيشاً الهدف منه ظاهرياً مساعدة الشعب الليبي، وباطنياً التخلص من عدوها اللدود.

وهذا أيضاً نراه يحصل الآن مع سوريا، حيث تحاول أميركا فرض عقوبات وأكثر عليها جراء الجرائم التي ترتكب في سوريا، ولكن روسيا والصين اللتين لهما مصالح معها تعرقلان أي خطوة بهذا الاتجاه، رغم الإلحاح الأميركي والأوروبي.

أما اليمن ورغم ما حدث هناك فلا تلاقي أي بال أو انتباه من دول الغرب وأميركا لأن لا مصالح تهمها، لذا فلا تفكير بتدخل عسكري يقود إلى خسائر بلا هدف.

تقريرنا التالي يحلل فيه الدكتور عوديد عيران ثورة "الربيع العربي" ومصالح الغرب وأميركا ونظراتهم إليها، وفيما يلي نص التقرير:

تسمى الاحداث في العالم العربي في سنة 2011 'الربيع العربي' ولها قدرة على إحداث تغيير سيكون مشابها بكبره لما حدث في شرق اوروبا إثر انهيار الاتحاد السوفييتي ونظم الحكم التابعة له. يمكن أن نقول بنظرة متفائلة إن الاحداث في منطقتنا قد تكون بدء مسيرة تجعل 'تصادم الحضارات' كما يرى هنتنغتون ممتنعا.

إن الجموع التي خرجت هذا العام للتظاهر في عواصم الدول العربية، وفي طهران في سنة 2009، بيّنت جيدا عن مشكلاتها في مجال حقوق الانسان، والحريات السياسية وشفافية نظام الحكم والمشكلات الاجتماعية الاقتصادية. تتراكم مطالبهم لتصبح برنامج عمل مشحونا، لسنوات عديدة ومتعلقا بنفقة عظيمة. فبغير أن تجند المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية والدول الصناعية والدول المنتجة للنفط والغاز (ولا سيما تلك التي في الشرق الاوسط)، بغير أن تجند نفسها يُشك في أن يُستطاع استغلال 'الربيع العربي' في مسيرة طويلة الى نتيجة تشبه ما يبدو اليوم في شرق اوروبا بعد أكثر من عشرين سنة من سقوط سور برلين.

من سوء الحظ أن تقاطع 'الربيع العربي' مع ازمات متصلة، اقتصادية وسياسية، في الكتلتين الرئيستين للدول الصناعية الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي (أكثر من نصف دول الــ جي 8 الذي هو التنظيم نصف الرسمي للدول الصناعية). وكذلك دُفعت اليابان الى ازمة بسبب كارثة طبيعية ذات تأثيرات اقتصادية صعبة.

وفي الولايات المتحدة تغلب الانتقاد الداخلي على الزيادة السريعة المقلقة للدين القومي. وإن تهديد أن تُدفع اليونان وربما دول اخرى في كتلة اليورو الى عجز عن قضاء الديون جعل الاتحاد الاوروبي يواجه واحدة من أقسى الازمات منذ انشائه. فالحاجة الى أن يوجه الاتحاد الاوروبي الى الدول الواقعة في ازمة مبالغ تبلغ مئات مليارات اليورو (110 مليارات يورو لليونان فقط في 2010) تضائل بقدر كبير قدرته على تخصيص نفقات كبيرة لحاجات تواجه تلك المخصصة لدول الاتحاد نفسه.

إن ازمة اليورو فوق أنها لم تُحل يتوقع أن تزداد حدة. إن الظروف عن جانبي المحيط الاطلسي في المجال السياسي، الداخلي والدولي لا تبشر بالخير من وجهة قدرة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي على أن يجندا أنفسهما للجهد الضخم المطلوب لاحراز نجاح باستغلال الوضع الحالي في بعض الدول العربية لاحداث مسيرة تاريخية ثورية.

تدخل الولايات المتحدة الربع الأخير من ولاية الرئيس اوباما الحالية في وقت يسيطر فيه الجمهوريون على مجلس النواب ويهددون بمنع مبادرات للبيت الابيض، ولا سيما في شؤون السياسة الخارجية التي تحتاج الى ميزانية كبيرة. والاتحاد الاوروبي برغم ميثاق لشبونة الذي أُنشيء في اطاره جهازه الخارجي، لم ينجح في انشاء اطار فعال ولا يبدو أنه سيحدث في المستقبل القريب تحسن كبير يُمكّن مؤسسة اوروبية مركزية في مجال سياسة الخارجية والامن من صياغة سياسة اوروبية ذات رؤيا وقدرة على التحليق.

الواقع الذي يجب على 'الغرب' أن يواجهه:

1- استعمال القوة لقمع المظاهرات

مال الغرب عشرات السنين الى التعامل بتسامح مع القمع، العنيف احيانا، لحقوق الانسان والحقوق السياسية في أكثر الدول العربية. وقد فُسر هذا التسامح في الأكثر بكون نظم الحكم حليفة للغرب برغم أن هذا التفسير ليس صحيحا في حال مظاهرات الجماهير والقتل والشدة على المتظاهرين الايرانيين زمن الانتخابات هناك في سنة 2009، وهي أعمال حظيت بانتقاد كلامي واهن من دول اوروبا والولايات المتحدة. أثارت

الانتفاضات في الدول العربية في دول الغرب ردودا تختلف من حال الى حال، وهذه الردود توحي برسالة معاملة مزدوجة وثلاثية، للمصالح التي تتغلب على التقديرات الاخلاقية والأخذ بعمل مفرط في مواجهة نظم الحكم المستبدة اذا لم يكن لهذا العمل ثمن اقتصادي أو سياسي فقط.

اتُخذ قرار مجلس الامن 1973 بشأن انشاء 'منطقة بلا طيران' في سماء ليبيا بعد أن أُجيزت موافقة الجامعة العربية على هذا القرار فقط، وهذا الامر مفهوم من الجانب السياسي لكن ليس فيه ما ينقل رسالة اخلاقية. ففي الوقت الذي اتخذ فيه قرار مجلس الامن 1973 (17 آذار 2011) لم يكن عدد القتلى في ليبيا، بحسب تقدير أكثر المصادر، يزيد كثيرا عن عدد القتلى في مدن سورية حتى نهاية حزيران 2011. وبرغم ذلك لم تبدُ خطة في الجامعة العربية. وفي مجلس الامن بدأت من قريب فقط عضوتان دائمتان هما بريطانيا وفرنسا تعملان على اتخاذ قرار مشابه بشأن الوضع

في سورية، لكن روسيا والصين بينتا أنهما لن تؤيدا هذا القرار لأن الوضع في سورية في رأيهما ليس خطرا على سلام العالم. ويذكر الاعلان الختامي لدول الـ جي 8 أنه 'اذا لم تستجب السلطات في سورية لهذه الدعوة (وقف استعمال العنف) فسنزن خطوات اخرى'. في مقابل هذا كادت الولايات المتحدة ودول اوروبا تتجاهل تماما دخول قوات السعودية الى البحرين لمساعدة النظام على قمع المظاهرات التي بادر اليها الشيعة خاصة الذين هم أكثرية سكان الدولة. وفي اليمن ايضا التي جبى فيها نضال المنتفضين لسلطة الرئيس عبد الله صالح مئات الضحايا، لا يوزن في هذه المرحلة تدخل عسكري، وتقف الجماعة الدولية جانبا. قال الرئيس اوباما في خطبته المركزية حتى الآن في هذا الشأن ان الخشية من مذبحة جماعية في ليبيا ووجود سلطة للعمل جعلا الولايات المتحدة تتعاون مع حليفاتها في حلف شمال الاطلسي في العملية في ليبيا. ولم يُبين لماذا اكتفت الولايات المتحدة في سورية بعقوبات وبدعوة الى تنحي الرئيس الاسد، مع وعده إياه بتحديات في الداخل وعزلة في الخارج لسورية فقط.

إن تأييد الولايات المتحدة غير المتحفظ لتنحية الرئيس مبارك السريعة ستدوي أصداؤه زمنا طويلا في المنطقة، لا سيما في نظم الحكم التي اعتمدت حتى الآن على فرض أن الولايات المتحدة لن تُمكن من سقوطها. إن تخلي الولايات المتحدة السريع عن مبارك أفضى من جملة ما أفضى اليه الى قرار السعودية على ارسال قوات الى البحرين واستعداد مجلس التعاون الخليجي لأن يزن ان يضم الى المنظمة دولتين عربيتين نظام الحكم فيهما ملكي ايضا هما الاردن والمغرب. كانت هذه الخطوات ترمي الى تثخين القدرة العسكرية لدول الخليج بسبب الخشية التي تزداد من الفراغ الذي قد ينشأ عندما يُستكمل خروج قوات الولايات المتحدة من العراق، وإزاء علامات تزداد على احجام الولايات المتحدة عن استعمال القوة لمجابهة استمرار ايران على النشاط النووي العسكري.

من الصحيح حتى نهاية حزيران ان العملية العسكرية 'الدرع الموحدة' التي يقوم بها حلف شمال الاطلسي مستمرة منذ ثلاثة اشهر وأن نظام القذافي ثابت على حاله. وفي السلطة التي خولتها المنظمة نفسها لم يرد في الحقيقة أن الهدف هو اسقاط النظام، لكن لما كانت المنظمة تتهم النظام بالاستمرار على قمع السكان ففي هذا اعتراف جزئي بأن العملية لم تحرز هدفها بعد. قرر وزراء دفاع الدول الاعضاء في لقائهم في الثامن من حزيران 2011 إطالة العملية حتى نهاية ايلول 2011. وبعد أكثر من 4500 طلعة هجومية (حتى الواحد والعشرين من حزيران) نشأ ما يشبه تعادلا بين القوات الموالية للنظام وبين قوات الثوار في الوقت الذي يحافظ فيه كل جانب على مواقعه وتنجح قوات حلف شمال الاطلسي في ايصال مدد ومساعدة الى منطقة مدينة بنغازي بالأساس.

لم يصدر عن الغرب ولو تحذير واحد باستعمال القوة على النظام في دمشق، ويمكن أن ننسب هذه الحقيقة الى عدم وجود دعوة أو تخويل من الجامعة العربية وقرار من مجلس الامن في عقب ذلك. لكن ينبغي أن نفترض انه حتى لو وجدت هذه الشروط لصعب على حلف شمال الاطلسي أن يتخذ قرارا على استعمال القوة. في نهاية حزيران 2011 اكتفى وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي بالتهديد بتوسيع العقوبات على اشخاص سوريين وشركات سورية يتصلون بخطوات القمع، لا غير. ومن هذه الجهة ليست ليبيا مثالا على القاعدة بل هي الشذوذ عن القاعدة لانه لم يكن يتوقع 'ثمن' للنشاط العسكري على صورة مس ليبيا بمصالح حيوية للولايات المتحدة واعضاء أخر من حلف شمال الاطلسي، ومن الحقائق انه لم يكن لقوات حلف شمال الاطلسي حتى الآن خسائر في الارواح أو المعدات.

2- الظروف الاقتصادية والاجتماعية

قبل نشوب الانتفاضات في العالم العربي كانت المعطيات الأساسية الاقتصادية في المنطقة من اسوأ ما يوجد في العالم. وقد بلغ النمو الاقتصادي الحقيقي في المنطقة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي 3 في المائة قياسا بـ 4.5 في المائة في الاقتصادات النامية. وفي السنين من 1980 2010 كانت زيادة الناتج الوطني الخام للفرد في الشرق الاوسط 0.5 في المائة فقط قياسا بـ 3 في المائة في الاقتصادات النامية. وقد تغير توقع النمو في سنة 2011 بعقب الاحداث اذا استثنينا الدول المنتجة للنفط والغاز في الخليج الفارسي. والتوقع الآن هو نمو بنسبة 3.6 في المائة فقط في المتوسط للمنطقة كلها في سنة 2011، أي بانخفاض عن التقدير السابق بنسبة الثلث. ويفسر الانخفاض بتضاؤل الايرادات من السياحة (كان قطاع السياحة في مصر وتونس يشكل في سنة 2010، 13 و 16 في المائة من الناتج الوطني الخام، على الترتيب)، وتشويش على النشاط الاقتصادي الجاري وانخفاض للاستثمارات بعقب زيادة عدم اليقين السياسي وإثر الزيادة المتوقعة للعجز الميزاني. في مقابل نمو بلغ 5.2 في المائة في مصر في سنة 2010 يتوقع في 2011 نمو بنسبة 1 في المائة فقط. وتزداد ضغوط التضخم وزيادة حادة لاسعار المنتوجات الغذائية المستوردة تزيد الوضع سوءا. التأثيرات الاقتصادية للربيع العربي في الأمدين القصير والمتوسط خطيرة. واستمرار الانتفاضة سيعقد الوضع فقط والقدرة على مواجهة التأثيرات السياسية. وقد تتضرر فروع كثيرة كالبناء والسياحة والقطاع المالي في الأمد البعيد. وفي الأمد القصير تأخذ حكومات مؤقتة وحكومات جديدة بوسائل شعبوية كدعم المنتوجات الغذائية ورفع أجور العمل في القطاع العام، وعدم رفع الضرائب من اجل مضاءلة عجز الميزانية، وعلى ذلك فان الصورة العامة التي نحصل عليها هي صورة ازمة اقتصادية مستمرة.

يُقدر صندوق النقد الدولي الاحتياجات المالية لمواجهة جملة مشكلات دول المنطقة التي تستورد النفط بـ 160 مليار دولار للسنين 2011 2013، والهدف الرئيس هو احداث استقرار اقتصادي في الحد الأقصى حتى النضج ولو الجزئي للاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهذه الحاجات بالنسبة للجماعة الدولية ولا سيما الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واليابان عبء غير ممكن تقريبا حيال ازماتها الاقتصادية.

محت الولايات المتحدة حتى الآن مليار دولار من دين مصر واشترطت ذلك بأن تنفق حكومة مصر هذا المبلغ على خلق اماكن عمل، وستضمن مليار دولار آخر لمُدينات تستطيع مصر أن تجنده في السوق العالمية. وهكذا أعطت الولايات المتحدة الذراع الحكومية 'اتحاد الاستثمار الخاص وراء البحار' امكان أن تمنح القطاع الخاص في المنطقة ملياري دولار من المساعدة الأساسية. وافق الرئيس اوباما في لقائه مع عبد الله ملك الاردن في 17 أيار 2011 على منح الاردن مليار دولار وخمسين ألف طن من القمح (نحوا من 5 في المائة من الاستهلاك السنوي أو ما يقرب من 17.5 مليون دولار بحسب اسعار أيار هذا العام)

في لقاء القمة في ديفيل في فرنسا قرر قادة الـ جي 8 أن يخصصوا بواسطة مصارف التطوير (ولا سيما البنك الاوروبي للاستثمارات والبنك الاوروبي للتعمير والتطوير الذي يعمل في دول شرق اوروبا) 'أكثر من عشرين مليار دولار' لتونس ومصر حتى 2013. ينبغي افتراض أن الحديث عن قروض لأن البنوك لا تشتغل على نحو عام بالهبات. وقد أعلنت حكومة فرنسا باعتبارها مستضيفة لقاء قمة الـ جي 8 بهبة تبلغ 185 مليون يورو بمساعدة ميزانية لحكومة تونس ومساعدة تبلغ 425 مليون يورو اخرى لاعادة البناء الاقتصادي لهذه الدولة. كذلك منحت فرنسا مصر 650 مليون يورو من اجل اعادة بنائها الاقتصادي. وقُبيل القمة في ديفيل قرر الاتحاد الاوروبي منح دول المنطقة 1.24 مليار يورو، تُزاد على مساعدة تبلغ 5 مليارات يورو أُعلنت في الماضي.

المبالغ التي عرضت حتى الآن بعيدة عن المبلغ السنوي الذي أشار اليه صندوق النقد الدولي من اجل اعادة البناء الاقتصادي لاقتصادات المنطقة، ومن هنا تأتي أهمية الدول العربية المنتجة للنفط والغاز بأن تنشيء عجل انقاذ ورافعة لتغييرات في المنطقة. والمفارقة هي أن هذه الدول يُطلب اليها المساعدة على مسيرة هي غير معنية بها ألبتة وتُدفع الى معضلة هي أن تساعد أو أن تظهر بمظهر المتخلية عن السكان العرب في ازمة.

تُبين النشرات في هذا الشأن أن السعودية حولت الى مصر هبات تبلغ 4 مليارات دولار وقروضا 'ليّنة' وودائع في مصارف مصرية. وجعل صندوق النقد الدولي في تصرف مصر 3 مليارات دولار في 12 شهرا للمساعدة على البناء الاقتصادي وانشاء اماكن عمل. ومع اعلان الصندوق بتخصيص المبلغ أعلن بنية حكومة مصر أن ترفع الضريبة على أصحاب الدخول العالية، ومساعدة المصانع الصغيرة والمتوسطة على عدم فرض ضريبة قيمة مضافة، والغاء الدعوم والأخذ بخطوات اخرى برغم أن الصندوق يشارك حكومة مصر رأيها انه لا يوجد في هذه المرحلة امكان لتحقيق جميع الاصلاحات. أعلن رئيس البنك الدولي في 24 أيار 2011 باستعداد البنك أن يخصص 6 مليارات دولار لمساعدة مصر وتونس. ويتبين من اعلانه ان مساعدة صندوق النقد هي جزء من المبلغ. وقد منحت السعودية الاردن 400 مليون دولار نقدا لمضاءلة عجز ميزانيته الذي زاد زيادة كبيرة ولا سيما نتاج ارتفاع اسعار الطاقة. وقد انشأت ايضا صندوقا بعشرين مليار دولار لاقرار الوضع في عُمان والبحرين ولا تخفي نيتها أن تقوي نظم الحكم الملكية العربية.

لا تقترب المبالغ التي ذكرت من تقدير الاحتياجات؛ فبحسب تقدير صندوق النقد تزيد المبالغ المطلوبة على 50 مليار دولار كل سنة لمدة ثلاث سنين، لكنها برهان على استعداد الجماعة الدولية لأن تجند نفسها للمهمة. لكن القنوات المختلفة التي ستحول المساعدة عن طريقها وعدم وجود وسائل رقابة وتوجيه لجزء من المساعدة كالمساعدة السعودية مثلا، تثير اسئلة بشأن جدواها. ويثار بخاصة سؤال هل سيساعد هذا على انشاء اماكن عمل وهل سيكون استغلاله شفافا للجمهور أكثر مما كان في الماضي. عبّر رئيس حكومة كندا، ستيفان

هاربر، عن هذه الشكوك باعلانه في هامش قمة الـ جي 8 أن بلاده لن تسهم بموارد واموال تزيد على نصيبها في المؤسسات المالية الدولية لانهم يستطيعون بهذا مراقبة الاستعمال المناسب للاموال. ومن المحقق ان الاموال من السعودية التي تبلغ نحوا من 25 مليار دولار والتي يعطى أكثرها باعتباره منحة وحقنة مباشرة للميزانيات، غير مشروطة بالاصلاحات. ولذلك ينبغي ألا تنشأ توقعات كثيرة لتغيير جوهري في الأمد القصير ينبع من المساعدة الغربية العربية لنظم الحكم العربية التي وقعت في دولها الانتفاضات الشعبية. ينبغي ان نفترض أن يؤثر الخوف من المظاهرات في الأمد المباشر على الأقل في تحسين شفافية عمل نظم الحكم، وخفض مستوى الرشوة وخفض التبذير. وبغير رقابة أوثق وأكثر الزاما مما كان في الماضي من المؤسسات الدولية، يُشك كثيرا في أن تُطيل المساعدة الطارئة أيام الفضل.

التصور الغربي للأمد البعيد

المساعدة الاقتصادية

في حين نجحت الجماعة الدولية في الأمد القصير بتجنيد مبالغ مالية كبيرة برغم أنها ما زالت لا تبلغ المقدار المطلوب برغم عدم وجود يقين بأنها ستساعد على تقديم الأهداف التي يطمح اليها مئات آلاف المتظاهرين في العالم العربي والحكومات الغربية فانه ليس للغرب في الأمد البعيد جواب كاف. سواء كانت الشرارة التي أشعلت الانتفاضات الشعبية في سنة 2011 شرارة ايرانية المظاهرات الجماعية على النظام بعد الانتخابات في ايران في 2009 أم المواطن التونسي الذي قتل نفسه احتجاجا على تنكيل النظام، فان القاسم المشترك هو الاحتجاج على استبداد السلطة المركزية وقمع حقوق الفرد والفساد الاقتصادي الاجتماعي. في عدد من الحالات نجح الثوار في إبعاد الحكام لكن الواضح ان نجاحهم الأكبر هو في إرساء قاعدة جديدة لتعددية الخطاب السياسي في الشرق الاوسط يشارك فيه المواطن نفسه والسلطة المركزية المؤقتة وتلك التي ستحل محلها بعد الانتخابات في الدول المختلفة، والمجتمع المدني على اختلاف قطاعاته، ومنه وسائل الاعلام التي استمدت تشجيعا وتعزيزا من استعداد المواطن لمجابهة السلطة.

كل ذلك يثير علامات سؤال كثيرة: فكيف الحفاظ على انجازات الربيع العربي بحيث يأتي بالتغييرات والاصلاحات ويُقرها في الأمد البعيد؟ وما هي صلة اجراءات مشابهة (من جهة خارجية على الأقل) حدثت في شرق اوروبا أو في امريكا اللاتينية مثلا؟ وما هي أهمية الدول الغربية في هذه المسارات زيادة على دعمها المالي؟ وهل تستطيع الدول العربية ولا سيما التي تستورد مصادر الطاقة أن تثبت لعبء الديون؟ وما هي الصلة بين الاجراءات السياسية وبين التغييرات والاصلاحات السياسية الخارجية؟ وهل توجد صلة مباشرة بين الحاجة الى انشاء ما يقرب من 100 مليون مكان عمل في العقد القريب وبين نجاح الاصلاحات السياسية؟. وبسبب من تعلق اقتصادات الشرق الاقصى النامي بمصادر طاقة الشرق الاوسط، هل يمكن انشاء شراكة اقتصادية ثلاثية بين الاقتصادات التي تستورد الطاقة في الشرق الاوسط والشرق الاقصى وبين الاقتصادات التي تنتج الطاقة في الشرق الاوسط؟ حتى الآن، ما يزال التصور

الذي يقف من وراء رد الغرب بعيدا عن اعطاء جواب واضح عن هذه الاسئلة وغيرها. وقد احتارت في جزء كبير من هذه الاسئلة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والمؤسسات المالية الدولية التي ذكرنا عددا منها هنا، حتى قبل بدء الانتفاضات الشعبية. وقد زادت هذه الانتفاضات من سرعة النقاش وزادت الضغط من اجل وجود رد استراتيجي.

لم يسهم الرئيس اوباما اسهاما كبيرا في النقاش بخطبته في أيار 2011. وقد ذكر حقا أن ليست القضايا السياسية وحدها هي التي دفعت الجماهير الى الشارع وأن نقطة البدء آخر الامر هي الاهتمام بالطعام وبالعائلة. يتعلق الانتقال الى الديمقراطية بتوسيع النمو والرفاه كي يتمتع الجميع بهما. والى الخطوات المباشرة التي ذكرت أعلاه لم يقترح الرئيس حلولا ما في الأمد البعيد. وكان وزير المالية ووزيرة الخارجية الامريكية أكثر تحديدا بتوجههما الى نظرائهما قبل أن عُقدت قمة الـ جي 8 في ديفيل. تبنى الوزيران الامريكيان ترتيب أفضليات جماهير السائرين كما فهماه: الاستقرار المالي؛ وتعزيز القطاع الخاص؛ ومضاءلة الفساد؛ وانشاء اماكن عمل؛ واستمرار اندماج الاسواق المحلية في الاقتصاد الاقليمي والعالمي.

اقترحت الولايات المتحدة بهذه الرسالة على شريكاتها تبديل ديون مصر باستثمارات في اقتصاد مصر، وعملت بحسب هذا الاسلوب كما قلنا آنفا. واقترح الامريكيون ايضا أن يوجه البنك الاوروبي للتعمير والتطوير الى نشاط في الشرق الاوسط ايضا وتبنت دول الـ جي 8 هذه التوصية. وقد عاد الامريكيون ايضا الى فكرة زيادة التجارة الاقليمية الداخلية ذاكرين ان نسبتها أقل من عُشر تجارة المنطقة العامة، وفي هذه النقطة تقترح الولايات المتحدة ما يلي، 'كما أن العضوية في الاتحاد الاوروبي كانت حافزا ذا قوة الى التغييرات الاقتصادية في مركز اوروبا وشرقها بعد الحرب الباردة فان احتمال المشاركة في اقتصاد اندماجي ديناميكي سيحدث قوة كبيرة جدا على اصلاحات في الشرق الاوسط وشمال افريقيا'. ينبغي ألا تفسر هذه المقولة سوى باعتبارها 'دعوة' للاتحاد الاوروبي الى اشراك الدول العربية في المنطقة الاقتصادية الاوروبية. إن الاتحاد الاوروبي حائر حقا في مسألة علاقاته بالشرق الاوسط وشمال افريقيا منذ بدء تسعينات القرن الماضي على الأقل. وتنبع الحيرة من تعلق دول الاتحاد بمصادر الطاقة في الشرق الاوسط، ومن تأثيرات عدم الاستقرار في المنطقة في اوروبا بسبب القرب الجغرافي، ومن ارادة لعب دور في المسيرة السياسية باعتبار ذلك جزءا من مسيرة بناء القدرة السياسية الامنية للاتحاد ومن عمليات الهجرة غير القانونية من شمال افريقيا الى اوروبا. في العقود الثلاثة الاخيرة انشأ الاتحاد الاوروبي ثلاثة أطر في محاولته أن يحل مسألة علاقاته بالمنطقة وهي: مسيرة برشلونة في سنة 1995، وسياسة الجوار الاوروبي في 2004 واتحاد البحر المتوسط في 2008. وقد كانت جميع هذه الأطر ترمي الى الوفاء بالتفضيلات الاوروبية مع حسم امكان اندماج اقتصادي كامل وعضوية كاملة (برغم أن المغرب عبر عن اهتمام بذلك). وقد عرض الاتحاد الاوروبي انشاء منطقة تجارة كاملة أوسطية واتفاقات تآلف تُمكن من تجارة حرة ومشاركة في خطط اوروبية معينة. ومع ذلك طلب الاتحاد الاوروبي من شريكاته على البحر المتوسط اصلاحات داخلية اقتصادية وسياسية وقانونية تشتمل على تقريب سن القوانين فيها الى القوانين الاوروبية.

بدأ مسار النظر من جديد في سياسة الاتحاد الاوروبي نحو الجيران في الجنوب والشرق قبل نشوب الانتفاضات الشعبية لكن هذه منحته أهمية أكبر. ففي الخامس والعشرين من أيار 2011 صدرت وثيقة مشتركة عن قسم التوسيع في مفوضية الاتحاد الاوروبي والمسؤولة عن العلاقات الخارجية في الاتحاد السيدة كاترين أشتون. يعترف كتاب الوثيقة بأن الاتحاد فشل حتى الآن في انجاز اصلاحات سياسية في الدول المجاورة، وبعقب الاحداث هناك حاجة الى توجه جديد لتعزيز الشراكة بين الاتحاد والجارات. والمبدأ الذي سيوجه الاتحاد بحسب هذه الوثيقة، هو اشتراط المساعدة الاوروبية بتقدم بناء الديمقراطية وسلطة القانون: 'فكلما تقدمت الدولة أسرع في الاصلاحات الداخلية ستحصل على مساعدة أكبر من الاتحاد الاوروبي'. بعد ذلك يدعو كتاب الوثيقة الى هذا التوجه 'أكثر من اجل أكثر'. ويهدد الاتحاد الاوروبي ايضا بالغاء الافضالات في حال نكوص وسوء لوضع

حقوق الانسان والحقوق السياسية. تُكثر الوثيقة في الحقيقة من الصيغ الايجابية مثل: 'رد طموح على التغييرات المدهشة التي تحدث في جنوب حوض البحر المتوسط'، أو 'ستكون الشراكة شاملة واسعة'، لكن الاستنتاج هو أن الأطر والوسائل التي استعملها الاتحاد الاوروبي في علاقته بالجارات قد حُسنت لكنها لم تتغير جوهريا، لا يوجد شيء

مرفوض في توجه 'أكثر من اجل أكثر'، لكن هذا لن يضمن بقاء الاصلاحات المختلفة حتى لو جرى تبنيها، ونشوء قيادة ديمقراطية ذات مسؤولية.

إن النموذج الاوروبي ليس كاملا ولم يمنع بالاطلاق ظواهر فساد أو اخفاقات اقتصادية، لكنه حسن تحسينا كبيرا الوضع الذي ساد عددا من الدول الاعضاء قبل انضمامها. من اجل تبني الاصلاحات في الدول العربية والحفاظ عليها زمنا طويلا يحتاج الى أن تتبنى الدول العربية التي تطمح الى هذه الاصلاحات القوانين الاوروبية في عدة مجالات. وستأتي الحوافز الى ذلك والرغبة في الثبات للمعايير الاوروبية من سلسلة خطوات اقتصادية التي يقترحها الاتحاد الاوروبي في الوثيقة المذكورة. لكن الحوافز الأهم التي لا تظهر في الوثيقة هي الاستعداد الاوروبي للمخاطرة وإبداء انفتاح لم يكن ظاهرا حتى الآن. ما تزال الزراعة مثلا أساسا مهما في اقتصاد الدول المجاورة برغم أنه يجب على دول الشرق الاوسط في الأمد البعيد أن تجد بدائل، فان على الاتحاد الاوروبي في الأمدين القصير والمتوسط أن يبدي انفتاحا أكبر بالاستعداد لاستيعاب الانتاج الزراعي من هذه الدول، والتغيير الذي لا يقل عن ذلك جوهرية هو الاستعداد لتشجيع تبني تشريع اوروبي وسلوك بحسب معايير اوروبية باشراك الدول المختلفة في المسيرة الاوروبية لاعداد التشريع، وإن لم يكن ذلك في القرار على التشريع في مجالات قرر الاتحاد الاوروبي والدول المجاورة جعله مجال التعاون. إن إشراك موظفية رفيعة المستوى بل وزراء من الدول المجاورة في اجراءات اوروبية داخلية سيزيد استعدادهم للعمل بحسب معايير أعلى وأحسن.

ويقال الشيء نفسه ايضا في إشراك نواب برلمانيين من الدول المجاورة في اجراءات تشريع في البرلمان الاوروبي، وبهذه الطريقة سينشأ شعور بالملكية المشتركة ويُلغى الشعور الذي يريد كتاب الوثيقة الاوروبية الامتناع عنه وهو القسر والاملاء الاوروبيان.

لن تستطيع المساعدة المالية للدول التي يجري فيها صراع من اجل التغيير والاصلاحات أن تأتي من اوروبا في هذه المرحلة. يجب أن تُدبر في الأساس على أيدي المؤسسات المالية الدولية كي تستغل بالطريقة الأكثر شفافية ونجوعا. ومع ذلك للاتحاد الاوروبي دور مركزي في صوغ صورة نظم الحكم الجديدة كي تدوم على تحقيق توقعات من بذلوا مهجاتهم في شوارع طرابلس والقاهرة ودمشق. يجب على الاتحاد الاوروبي للوفاء بهذه المهمة ان يحل معضلات مثل التعارض بين الرغبة في المساعدة وبين مصالح دول أو جماعات ضغط في الاتحاد، أو القدرة على خرق أطر صارمة يعمل الاتحاد الاوروبي بواسطتها.

إن وثيقة دول الـ جي 8 عن الربيع العربي هي من جهة عودة الى العناصر المركزية التي ظهرت في وثيقة الاتحاد وفي رسالة وزيرة الخارجية ووزير المالية في الولايات المتحدة الى نظرائهما؛ وهي من الجهة الاخرى وعدٌ من الدول المتقدمة في الاقتصاد العالمي وبدعم المؤسسات المالية الرائدة. لم يعدُ هذا المسار أن بدأ، كما قال الرئيس اوباما في خطبته في 19 أيار وسيستمر مدة طويلة وسيكون للدول العربية المنتجة للنفط والغاز سوى السعودية وللاتحاد الاوروبي ايضا وقت كاف للتوصل الى ما تسميه وثيقة الختام الصادرة عن الـ جي 8 'تغييرا استراتيجيا في توجه الجماعة الدولية وعملها'.

الحوار مع القوى

السياسية الثائرة

أجرت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي في الماضي اتصالات بجهات معارضة في الدول العربية، وقد أعطت الانتفاضات الشعبية في البلدان العربية في النصف الاول من سنة 2011 شرعية دولية لاتصالات مكشوفة بقوى متمردة كما هي الحال في ليبيا. فممثلو الدول التي لها صلة بالمجلس الليبي المؤقت الذي أُنشيء في نهاية شباط 2011 يلتقونه في احيان متقاربة ويرون هذا المجلس أنه 'الجسم الشرعي للشعب الليبي'.

تمنح هذه الدول هذا المجلس مساعدة مالية بل تشتري النفط المستخرج من المنطقة التي تسيطر عليها قوات المتمردين في ليبيا. وثم ظاهرة مهمة هي استقرار رأي الدول العربية المنتجة للنفط على أن تجند أنفسها لمساعدة المجلس المؤقت. وقد تقدم المسار نحو ليبيا الذي بدأ بقرار الجامعة العربية واستمر باستدعاء لقرار مجلس الامن 1973، تقدم

مرحلة اخرى عندما حولت الكويت وقطر الاولى 180 مليون دولار والثانية 100 مليون دولار الى المجلس الليبي المؤقت.

أحدث الربيع العربي سابقة ما يزال من الصعب تقدير معانيها، لتعاون بين الدول العربية والدول الغربية على نظم حكم عربية (وقد تناولت مجموعة الدول ذات الصلة ما يحدث في ليبيا والتي اجتمعت في أبو ظبي الوضع في اليمن ايضا). ويمكن ان نقول من جهة اخرى ان الحديث عن دول هامشية في الجامعة العربية كليبيا واليمن وأنه ينبغي ألا نرى ما يحدث فيهما سابقة لاوضاع مشابهة في دول اخرى مثل سورية؛ ومن جهة ثانية تساعد الدول العربية على تنحية الحكام بسبب مشكلات داخلية (لا كما كانت الحال في 1990 1991 حينما تعاونت مع الولايات المتحدة في حرب الخليج الاولى على أثر غزو العراق واحتلال الكويت). من المحقق أن هذا التعاون لا يقوم على تشابه القيم لان نظام الحكم في الكويت مثلا لا يُعد نظاما ديمقراطيا، بل على مصالح عارضة وقد يكون هذا سبب ضعفه ومحدودية وقته. سيكون الامتحان المهم في هذا السياق هو ارادة وقدرة الشريكات العربية والغربية على انشاء صلة مشابهة بما حدث في ليبيا، بالمتمردين في سورية ايضا.

2 - الثورات العربية ..

إلى أين ستقود؟

• انتفاضة الجماهير في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ودول أخرى هي ضربة شديدة لمنظمة القاعدة.

• محللون: الربيع العربي كان أسوأ شيء وقع منذ أسست "القاعدة" وهو يومئ إلى سقوطها.

• الشعارات في الانتفاضة المدنية في البلدان العربية تبين توق الجماهير إلى التحول الديمقراطي الذي يناقض تصور القاعدة.

• القاعدة بدأت تخسر "حرب الأفكار" في العالم الإسلامي قبل أن تبدأ الاضطرابات بزمن طويل.

• ينبغي الامتناع عن استخلاص نتائج شاملة بشأن صبغة نظم الحكم في المستقبل والتأثيرات الإستراتيجية للتحولات في المنطقة.

المصدر: معهد أبحاث الأمن القومي

بقلــــــم: يورام شفايتسر وجلعاد شتيرن

مقدمة:

يحوم الكاتبان في هذا المقال على تفسير ثورة "الربيع العربي" من وجهة نظر منظمة القاعدة، حيث يصور الكاتبان أن هذه الثورة لا تلقى ترحاباً من المنظمة لأنها تشير إلى أن الجماهير العربية لم تعد تحتاج المنظمة للتعبير عما يجول في أذهانها، وأنهم باتوا يستخدمون أيديهم ولا يحتاجون لأي منظمة تقوم بدورهم.

الكاتبان يريان أن ثورة "الربيع العربي" هي بداية النهاية لمنظمة القاعدة خصوصاً وأن الثورات التي تحصل وحصلت، تعبر عن ثورة بسيطة دون عنف، وهذا ضربة للمنظمة لأنه بخلاف طريق الإرهاب الذي اقترحه رؤساء المنظمة، فإن مظاهرات الاحتجاج الجماعية غير عنيفة وتعبر عن نفور من كل ما تمثله القاعدة وقادتها.

المحللان يريان أن القاعدة بدأت تخسر تأييد الجماهير العربية قبل بدء ثورة "الربيع العربي"، وهذا ما تشير إليه استطلاعات الرأي العام العالمية.

ويشير المحللان إلى إستراتيجية عمل القاعدة التي سطرها أيمن الظواهري-نائب ابن لادن سابقاً والزعيم الحالي للمنظمة في كتابه "فرسان تحت راية النبي" بأنه ينبغي إقصاء نظم الحكم هذه وإنشاء نظم بدلاً منها تحكم بمقتضى الشرع الإسلامي.

ويؤكد المحللان أن قادة القاعدة يرون أن السبيل الوحيد لتحقيق رؤيا المنظمة هي الجهاد العسكري.

وفيما يلي نص التقرير الذي أورده الكاتبان يورام شفايتسر وجلعاد شتيرن:

تُسمع في الشهور الاخيرة من خبراء بالشرق الاوسط وساسة ومحللين، آراء مختلفة عن تأثير الموجة الثورية التي تُغرق العالم العربي في مستقبل منظمة القاعدة. والرأي السائد هو أن انتفاضة الجماهير في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ودول اخرى هي ضربة شديدة للمنظمة. ويعتمد هذا التقدير على فرض أن 'الربيع العربي' الذي لم تشارك فيه القاعدة كما نعلم بنصيب، يعبر عن توق الجماهير في البلدان العربية الى التحول الديمقراطي. والديمقراطية مصطلح يناقض تمام المناقضة تصور القاعدة العام، التي تراها صورة حكم تناقض قيم الاسلام وكما يقول قادتها 'الديمقراطية هي الطريق الى جهنم'. والى ذلك وبعد عقدين من اعلانات قادة المنظمة بأنهم مصممون على الافضاء الى تغيير ثوري لنظم الحكم الكافرة الفاسدة في العالم العربي والاسلامي بالكفاح المسلح والجهاد والاستشهاد، والوعود بأن سبيلهم وحدها هي التي ستفضي الى اسقاط نظم الحكم هذه، يبدو أن ذلك لا يستوي مع الواقع، ويعرض المنظمة بأنها غير ذات صلة بقدر كبير.

نريد بهذه المقالة أن نفحص هل الانتفاضات الشعبية في العالم العربي تشهد حقا بنهاية المنظمة، أم أن الواقع الجديد قد يصبح ارضا أخصب وأسهل لتحقيق استراتيجية نضالها، وتسهيل وجود نشطائها في هذه الدول ومساعدتها على تجنيد كوادر جديدة لصفوفها مع استغلال وضع الاضطراب في دول الشرق الاوسط، وللاجابة عن هذه الاسئلة يحسن أن نفحص عن تفسيرات من يزعمون أن 'الربيع العربي' يبشر بنهاية المنظمة، وعن معنى هذه الأحداث بناء على تصريحات قادة القاعدة ومؤيديها، عن تفهم تصورها الذاتي لهدفها وأن نقدر اعتمادا على ذلك كيف قد يؤثر الواقع المتشكل في مجال عملها في واقع الامر.

أهذه بداية النهاية للقاعدة؟

يرى كثيرون من الباحثين والمحللين الذين يحللون سلسلة الانتفاضات الشعبية في الشرق الاوسط، يرونها تعبيرا عن بدء نهاية القاعدة. ويزعمون أن 'الربيع العربي' كان 'اسوأ شيء وقع منذ أُسست المنظمة' وهو يوميء الى 'سقوط المنظمة'. يمكن ان نلاحظ بين النشرات الكثيرة بهذا الشأن عددا من الدعاوى المركزية لهذا التقدير. أولا أن الاضطرابات الحالية في الشرق الاوسط تجري على الأكثر بطريقة انتفاضة شعبية غير عنيفة نسبيا وهو شيء كان 'ضربة شديدة لخطاب القاعدة'، لأنه بخلاف طريق الارهاب الذي اقترحه رؤساء المنظمة، تعبر مظاهرات الاحتجاج الجماعية غير العنيفة عن 'نفور من كل ما يمثله أسامة ابن لادن'. وتعارض 'كل ما تدعو اليه القاعدة'.

وثانيا، تبين الشعارات التي قامت في مركز الانتفاضة المدنية الجماهيرية توق الجماهير في البلدان العربية الى التحول الديمقراطي وهو مصطلح يناقض تمام المناقضة تصور القاعدة العام الذي يرى الديمقراطية مخالفة لقيم الاسلام لان طريقة الحكم هذه 'لا تلائم أي أخلاق أو قيمة أو مبدأ'، فهي فعل يد الانسان وتعارض تصور السمو المطلق لله وتوحيده في قضاء الانسان وقدره.

وثالثا، بعد أن نددت القاعدة لأكثر من عشرين سنة بالمستبدين الفاسدين الذين قادوا الدول العربية والمسلمة، نهض الجماهير العرب وأسقطوا زعماءهم 'من غير أن تلعب القاعدة دورا في الأحداث'. توصف منظمات الجهاد العالمي بأنها تخلفت وأصبحت 'غير ذات صلة' وأن 'كل يوم من المظاهرات يُبين مبلغ كون فلسفة القاعدة غير ذات صلة'. وقد زعم الرئيس اوباما ايضا بعد القضاء على اسامة بن لادن 'أن القاعدة حتى قبل

موت ابن لادن خسرت نضالها من اجل البقاء ذات صلة'. ويزعم الباحث ريان جانكنز هو ايضا 'أن أكبر تهديد للقاعدة في الأمد البعيد هو أن تصبح غير ذات صلة'.

ورابعا، ثم دعوى تحتل مكانا مركزيا في الخطاب الاعلامي والاكاديمي وهي أن 'انتشار الديمقراطية في العالم العربي يسلب القاعدة مجرد تسويغ وجودها'، و'اذا وجدت الحرية فستختفي القاعدة'. وبحسب هذا، بين مسؤولون كبار

في ادارة الولايات المتحدة على نحو لا لبس فيه أنهم يؤيدون 'الثورات الديمقراطية' في مصر ودول المنطقة لانها تساعد على مكافحة التطرف والعنف كالموجودين عند عدو كالقاعدة.

وزعموا أن الديمقراطية ستمنح قنوات تعبير كثيرة لتيارات مختلفة في المجتمعات العربية ولا سيما الشباب، وهذا سيصعب على القاعدة أن تجند نشطاء جددا. وبهذا يقول ايضا خبير استخبارات من وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية: 'الديمقراطية هي أنباء سيئة للارهابيين. فكلما وجد عدد أكبر من القنوات غير العنيفة التي يستطيع بها البشر احراز أهدافهم قل احتمال أن يتجهوا الى العنف'.

وخامسا، يزعم محللون انه بغير صلة بالاضطرابات والمظاهرات في الشرق الاوسط، حصل في العالم الاسلامي كله أصلا انخفاض لشعبية القاعدة خلال العقد الاخير. وقد قوّت سلسلة استطلاعات للرأي واسعة النطاق نشرها معهد بي.إي.دبليو من سنة 2003 الى آذار 2011 هذا الزعم في ظاهر الامر باشارتها الى توجه متصل لانخفاض تأييد القاعدة وابن لادن في استطلاعات في سبع دول مسلمة.

ويزعم بيتر بيرغن ايضا وهو محلل رائد في شبكة 'سي.ان.ان' وخبير معروف بتاريخ المنظمة، أن القاعدة بدأت تخسر 'حرب الأفكار' في العالم الاسلامي قبل أن تبدأ الاضطرابات بزمن طويل. وقد كانت الأحداث في العالم العربي في نظر كثيرين برهانا آخر على أن القاعدة لا تستطيع أن تحرك الجمهور الواسع وانها خسرت نهائيا تأييد الشارع المسلم.

أمور تُرى من هناك: وجهة

نظر القاعدة الى 'الربيع العربي'

كي نفهم وجهة نظر القاعدة ومؤيديها لـ 'الربيع العربي'، قبل أن نأتي بنظرة عدد من القادة البارزين في المنظمة، يعبرون عن تصورهم للأحداث في العالم العربي، يحسن بنا أن نفهم كيف تنظر القاعدة الى دورها في تحريك المسارات التاريخية التي ستفضي الى تحقق رؤياها، وهي اعادة الاسلام الى مكانه الطبيعي في قيادة العالم وانشاء خلافة اسلامية.

رأت القاعدة أن دورها أن تكون حافزا يحفز شباب الاسلام الى الثورة على الوضع الذي لا يحتمل الموجود فيه العالم الاسلامي بحسب تصورها وهو وضع الدونية والاستغلال والظلم والاذلال والمسؤولة عنه نظم الحكم الكافرة التي تحكم العالم العربي والتي تبقى بحماية الغرب برئاسة الولايات المتحدة.

قضت استراتيجية عمل القاعدة التي عبر عنها كتاب الدكتور ايمن الظواهري نائب ابن لادن سابقا وزعيم المنظمة الحاضر 'فرسان تحت راية النبي'، بأنه ينبغي إقصاء نظم الحكم هذه وانشاء نظم بدلا منها تحكم بمقتضى الشرع الاسلامي وعلى حسب النموذج الذي كان موجودا ايام النبي محمد. هذا المبدأ أساسي في تصور القاعدة وينبغي الطموح اليه بكل طريقة. ويرى قادة القاعدة السبيل الوحيدة الممكنة لتحقيق هذه الرؤيا هي الجهاد العسكري لأن نظم الحكم هذه لن تتخلى عن سلطتها راغبة أو عن نهجها المنحرف، وقد رأى قادة القاعدة أنفسهم قادة للمعسكر الاسلامي الناهض الذي سيمس بالنشاط الارهابي مراكز الحكم في العالم العربي والاسلامي

ومؤيديها ويخط لشباب الاسلام الطريق الذي سيؤدي بهم الى تحقيق رؤياهم. ورأوا أن هذا النضال طويل الأمد ويقتضي صبرا تاريخيا لكن نهايته الناجحة مضمونة سلفا لأن الله والعدل الى جانبهم.

إن الايقاع السريع للانتفاضات الشعبية، في تونس أولا وفي مصر بعد ذلك قبل أن تنتشر في دول اخرى، فاجأ كثيرين وفيهم ايضا مسؤولون كبار من القاعدة مُعرضون على الدوام لمطاردة عالمية مكثفة، وكانت ردودهم على الاحداث التي تقع في العالم حولهم بطيئة ومتقطعة دائما. هكذا كان الرد الأولي للظواهري الذي بارك المنتفضين حتى قبل أن يعلم بسقوط مبارك.

بعد ذلك نشر الظواهري تصريحات أكثر نظاما وتحديثا عبر بها عن تأييد وتحمس لما يحدث في الشرق الاوسط. وقد عرّف الظواهري الثورة في العالم العربي بأنها 'مجيدة وعادلة ومشرفة'، وشجع الأمة المسلمة على الاستمرار في العمل من اجل تغيير حقيقي الى أن تنشأ نظم حكم 'طاهرة وعادلة'. وقال ان 'هزيمة امريكا بدأت تلوح في الأفق لأن خُدامها بدأوا يسقطون'.

وقد أرسل ابن لادن نفسه تهنئات الى المنتفضين وعرّف الثورات بأنها لحظة 'تاريخية' ترمي الى رفع شأن الأمة المسلمة وتحريرها من 'الاستعباد ونزوات الحكام'، ومن 'سيطرة الغرب'، كما صاغ هذا في آخر رسالة له الى الأمة المسلمة قبل أن يقضى عليه: 'نحن نشارك في الفرح والسعادة والحماسة والتسامي الروحي للشعوب الثائرة'.

وقد سمى ابو يحيى الليبي الذي ذكر اسمه باعتباره وريثا ممكنا لابن لادن وذلك خاصة لشعبيته عند الجيل الشاب من نشطاء الجهاد العالمي وشهرته باعتباره محاربا وكاتبا كبيرا في قيادة القاعدة، سمى اسقاط نظم الحكم 'خطوة واحدة من جهود كثيرة للوصول الى الهدف'.

وكان أنور عولقي المتحدث الاكثر شعبية ونشاطا ومن كبار مسؤولي القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو الذي احسن صياغة موقف القاعدة. ففي مقالة العولقي في مجلة 'إنسبير' التي نشرت في ايار 2011، أظهر خبرة كبيرة بالجدل اليقظ الذي تم في الغرب في الاحداث الاخيرة، وعبر تعبيرا ساخرا عن الجدل الكثير الذي تم في الغرب بشأن معنى 'الربيع العربي' عند القاعدة.

وبيّن مع اقتباسه من كلام هيلاري كلينتون واستخفافه ببيتر بيرغن وسخريته من روبرت غيتس على تحليلاتهم قائلا: 'ما زلنا لا نعلم النتائج (للانقلابات) ولا يجب أن نعلم. لا يجب ان تكون النتيجة خلافة اسلامية كي نعلم أن الحديث عن خطوة في الاتجاه الصحيح'. يرى قادة القاعدة انه مهما تكن نظم الحكم التي ستنشأ بعد مبارك والقذافي وابن علي فان الاحداث الاخيرة يكمن فيها تغيير لم يسبق له مثيل الى أحسن عند من يؤيدون الجهاد العالمي. وقال العولقي: 'سيحظى اخوتنا المجاهدون في تونس ومصر وليبيا وسائر العالم العربي في نهاية الامر بفرصة للتنفس بعد ثلاثة عقود من الاختناق'.

يمكن أن نقول على حسب تصريحات رجال القاعدة وشركائهم، إن انهيار نظم الحكم العربية الكافرة الفاسدة على أيدي جماهير المنتفضين يعتبر نعمة من السماء وتحقيقا لآمالهم وبرهانا على أن الله معهم في الطريق الى النصر. وهم يرون أن 'الأبرار يتم عملهم على أيدي آخرين'، وأن كل من يعمل بهذا العمل ويدفع قدما بالمصلحة العليا للأمة المسلمة بأن يُنحي نظم الحكم الكافرة منفذ لأمر الله يرمي الى أن يفضي آخر الامر الى تحقيق سلطته الوحيدة على الارض بالطريقة التي رسمتها القاعدة وتسير عليها.

والى ذلك يمكن أن نخمن أن قيادة القاعدة تتوقع أن يحل محل مشاعر الحماسة الأولية لموجة الاحتجاج الحالية سريعا مشاعر خيبة أمل وشعور بالمرارة تحطم وهم انجازات 'الربيع العربي' وتجعل الثورة 'تنفجر من الداخل'. وهكذا يمكن بحسب رأيهم أن نرى التباشير الممكنة لهذه الظاهرة في مصر اليوم حيث يُتحدث علنا عن الحاجة الى 'ثورة ثانية'.

يتبين من كلام قادة القاعدة أنهم يأملون أن تستمر النجاحات التي حققها المنتفضون في تونس ومصر في اليمن وليبيا والسعودية والاردن وسوريا وفي سائر الدول المسلمة. لكن يحسن بنا أن نتناول كلامهم ايضا بالحذر المطلوب وبتحفظ لكونه كلام دعاية وتشجيع لأنصارهم الذين يواجهون أحداثا وقعت سريعا وعلى نحو غير متوقع. في حين تستوي هذه الاحداث الثورية مع ارادة المنظمة المعلنة لسقوط نظم الحكم الكافرة، فانها تضطر قادة القاعدة وأنصارهم الى مواجهة الطريق التي تناقض ذاك الذي دعوا اليه وتنبأوا بأنه سيفضي الى التغيير المأمول.

'الربيع العربي ارض

مريحة لنمو الجهاد'

برغم انه ليس واضحا الى الآن كيف ستبدو نظم الحكم الجديدة في تونس ومصر، وفي تلك الدول التي لم يُحسم فيها بعد مصير نظم الحكم التي تناضل عن بقائها، يبدو انه يوجد في الوضع الجديد اليوم مزايا للقاعدة وشركائها في طريق الجهاد العالمي. إن واحدة من النتائج المباشرة للموجة الثورية في عدد من هذه الدول هي حل اجهزة الامن القديمة، وهي اجهزة عملت في احيان متقاربة في عنف شديد لا ضابط له وكانت الأداة المركزية لنظم الحكم في مجابهة العناصر الجهادية السلفية.

ففي مصر مثلا، ازاء عداوة الجماهير لاجهزة الامن، أعلن وزير الداخلية الجديد منصور الصاوي انه سيُحل تنظيم 'مباحث أمن الدولة'، وهو تنظيم حمل في الأساس عبء المتابعة والتحقيق والمواجهة الاستخبارية مع المنظمات الارهابية وفيها الجهاد الاسلامي المصري الذي هو اليوم جزء مركزي من منظمة القاعدة وقاده الظواهري في

الماضي. وكذلك أعلنت الحكومة الانتقالية في تونس أنها ستحل فورا الشرطة السياسية وجهاز أمن الدولة. اذا استمر تبديل السلطة في دول اخرى في المنطقة فانه يمكن أن نفترض أن تتخذ خطوات مشابهة لارضاء الجماهير، وهذه سياسة قد توسع مجال عمل منظمات الجهاد في الدعاية وتجنيد نشطاء جدد وتعميق