مخاطر عدم نيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية كبيرة جدا

مقابلة حصرية مع وزير الخارجية د رياض المالكي

وول ستريت جيرنال الأمريكية

ترجمة مركز الإعلام

يقول المذيع: نتوجه إلى السيد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بأسئلة تتعلق بمسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة في الوقت الذي يحتدم فيه الجدل حول هذا الشأن.

أنت والسلطة الفلسطينية تطلبون هذا الأسبوع من الأمم الاعتراف بدولتكم، ولكنكم اعترفتم في اليومين الأخيرين أن التصويت قد لا يتم في الوقت الحالي، هل يمكننا القول أنكم تراجعتم؟ أم أنكم غيرتكم من توقعاتكم لما يمكن أن يحدث؟

د رياض المالكي: لا، هذا غير صحيح، دعني أوضح هذه النقطة: عندما نريد تقديم طلب الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، فينبغي علينا فعل ذلك بالطريقة الصحيحة. السؤال الآن هو كيف يمكن اتباع الطريقة الصحيحة؟ أولا، يجب علينا تقديم الطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وهو بدوره سيسلم الطلب لرئيس مجلس الأمن، وسيسلم أيضا نسخة إلى الجمعية العامة. عندها سيجتمع مجلس الأمن بناء على طلب من الرئيس، وسيشرع المجلس في مناقشة الطلب. الشيء الصائب عمله هو أن يشكل المجلس لجنة صادقة يمكن الوثوق بها من أجل تقييم الطلب والنظر فيما إذا كان يفي بالمتطلبات. ووفقا للإجراءات والقوانين في الأمم المتحدة، ينبغي أن يستهلك هذا الإجراء 35 يوما. هذا هو ما سنفعله في الأيام القادمة، واليوم الجمعة سنقدم الطلب. بالطبع لا يمكننا التدخل في شؤون مجلس الأمن، ونحن لا نعرف كيف سيتعامل مجلس الأمن مع هذه القضية، وأي الاتجاهات التي سيتخذها. إن الوقت الأقصى المتاح أمام مجلس الأمن ليتخذ هذه الإجراءات هو 35 يوما، ولكن نأمل منه أن يختتم مداولاته قبل ذلك الحين. نريد أن نرى تصويتا سريعا على طلبنا، وإذا حصلنا حينها على توصيات إيجابية، فستتحول تلك التوصيات إلى الجمعية العامة. لا أحد يعرف اليوم فيما إذا سيكون هناك تصويت في القريب العاجل أو في ذلك الوقت، ولا أحد يعرف أيضا كيف ستصوت الدول. إذن لا يمكن لأحد أن يتوقع ما سيحصل. نحن نعمل جاهدين للحصول على مزيد من الأصوات، لقد تحدثت إلى الكثيرين من وزراء خارجية بالإضافة إلى وزراء الخارجية العرب. نحن نعمل جاهدين من أجل الحصول على الحد الأدنى من الأصوات (9 أصوات) من أجل كسب التصويت لصالحنا. أقول مرة أخرى لا أحد يعرف متى سيتم التصويت على طلبنا، الأمر يرجع لمجلس الأمن ولأعضاء مجلس الأمن.

المذيع: دعني أسألك أكثر عن هذا الشأن، لقد أشرت إلى الأصوات التسعة. يتطلب الأمر الحصول 9 أصوات على الأقل دون استخدام حق النقض الفيتو لكي تنجحوا. وذكرت أيضا أنكم تعملون جاهدين من أجل الحصول على هذه الأصوات، ولكن الولايات المتحدة أكدت أنها ستستخدم الفيتو في مجلس الأمن. هل تسعون إلى إحراج الولايات المتحدة؟

د رياض المالكي: الأمريكان يقولون لنا إننا لن نحصل على الأصوات التسعة، وأنا أقول لهم إننا سنحصل عليها بالتأكيد. ولكي نعرف من هو مخطئ فينا ومن هو على صواب، سنرى ذلك بأم أعيننا عندما تدلي كل دولة بصوتها في مجلس الأمن، سننتظر ونرى. الولايات المتحدة تبذل جهودا حثيثة من أجل ممارسة الضغط على الدول وعلينا كما لو كانت هذه القضية قضيتهم، وكما لو كنا نعمل على تدمير صورة السياسة الخارجية الأمريكية، وكما لو كنا الأعداء رقم 1 بالنسبة للأمريكان. لا يمكنني تخيل لماذا يفعلون كل هذا ضد حق تقرير المصير الفلسطيني، لا ننسى أن أوباما نفسه تحدث عن تقرير المصير وعن الاستقلال في الربيع العربي. لقد تحدث أوباما الكثير عن مصر وتونس، ونسي أن فلسطين جزء من هذه المنطقة. على أية حال، سنرى كيف ستمضي الأمور، سنعمل على كسب أكثر من 9 أصوات. بالتأكيد نحن لا نسعى لوضع أنفسنا في موقف حرج، لا نسعى للتصويت دون الحصول على الأصوات التسعة.

المذيع: قلت أنكم لا تسعون لوضع أنفسكم في موقف محرج، ولكن ماذا ستفعلون إذا واجهتم هذا الموقف ولم تحصلوا على الأصوات التسعة؟

د رياض المالكي: ماذا لو حصلنا على الأصوات التسعة، فلمن سيكون الإحراج؟ بالطبع للولايات المتحدة. نحن لسنا في مواجهة مع الولايات المتحدة. ولكن عندما يتعلق الأمر بحريتنا واستقلالنا وبحقنا في الوجود، فلا اعتقد أننا سنتردد ولو لدقيقة واحدة في المضي قدما إلى النهاية. سنفعل ذلك من أجل تحقيق ما نستحق الحصول عليه.

المذيع: لنتحدث قليلا عن الرئيس أوباما، فقد قال إنه لا يوجد هناك طريق مختصرة لإقامة الدولة، وإن الدولة لا تقام من خلال الأمم المتحدة بل من خلال المفاوضات. كيف تنظر لما قاله أوباما؟

د رياض المالكي: نحن لم نقل أبدا إن الأمم المتحدة ستحل محل المفاوضات، بل على العكس، من شأن الذهاب للأمم المتحدة أن يسلط الضوء على أهمية الرجوع إلى المفاوضات. أريد أن أذكرك أنت والرئيس أوباما بأننا نتفاوض مع إسرائيل منذ عشرين عاما، وفي كل مرة يقولون لنا: "حسنا، اذهبوا للمفاوضات وتفاوضوا في هذه الجولة". لقد مررنا بهذه الحالة لمدة عشرين عاما. اعتقد بأن الوقت حان لجميع الدول بما فيها الولايات المتحدة لمراجعة سياساتها فيما يخص المفاوضات من أجل أن ترى فيما إذا كانت المفاوضات الوسيلة الأفضل للمضي قدما. وعندما نرجع للمفاوضات، فالسبيل الأفضل هو أن تكون هناك مرجعيات واضحة لها. لقد طلبنا مرارا وتكرارا من إسرائيل التفاوض على أساس حدود عام 1967، وأوباما بنفسه أكد على أهمية هذه المسألة في خطاب له في وقت سابق. لا يمكننا مواصلة الحديث مع إسرائيل في الوقت الذي تنهب فيه الأراضي وتبني المستوطنات وتخلق الوقائع على الأرض. يجب أن يكون هناك جدولا زمنيا. لقد تحدث عن هذا الأمر ساركوزي، واقترح شهرا للمفاوضات، و 6 أشهر لإنهاء قضيتي الأمن والحدود، وعام واحد للتوقيع على اتفاقية السلام واختتامها. لم لا؟ نحن مستعدون لقبول هكذا بنود، ولكن بالطبع يجب أن تستند على حدود 1967 كمرجعية لها. وحينها ماذا ستكون النتيجة؟ ستقام الدولة الفلسطينية وستكون القدس عاصمة لها، وستعيش فلسطين جنبا إلى جنب مع إسرائيل بأمن وسلام. وإذا وافق نتنياهو على ذلك، فإننا سنرغب بالجلوس مع الجانب الإسرائيلي الآن للبدء بالمفاوضات.

المذيع: قال الإسرائيليون بأنهم جمدوا بناء المستوطنات في كثير من الأوقات وقالوا أنهم أبقوا باب المفاوضات على حدود الـ 1967 مفتوحا.

د رياض المالكي: هذا ليس صحيحا، لقد رفضوا المفاوضات على أساس حدود الـ 1967، وقال نتنياهو في خطابه في الولايات المتحدة بأن حدود الـ 1967 لا يمكن الدفاع عنها وقال أيضا أنهم لن يرجعوا إلى حدود الـ 1967 أبدا، وهو لم يقل أنه يوافق على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الـ 1967.

المذيع: دعني أسألك عن الكونغرس، كان نتنياهو قد رفض نهج أوباما فيما يخص حدود عام 1967، ما هي نقاط القوة ونقاط الضعف التي ترونها في الكونغرس عند ما يتعلق الأمر بدعم موقف أوباما؟

د رياض المالكي: الأمر كان محيرا بالنسبة لي عندما كان يوجه خطابه للعالم، فقد كنت محتارا، من هو رئيس الولايات المتحدة ومن هو رئيس وزراء إسرائيل، وكان الأمر محيرا حتى بالنسبة للكونغرس أيضا، من هو رئيس الولايات المتحدة ومن هو رئيس وزراء إسرائيل، على أية حال، نحن لسنا هنا لنشجب ما حصل في الماضي أو لندخل في مواجهة مع الولايات

المتحدة، بل على العكس، نحن نسعى للحفاظ على علاقات متميزة مع الولايات المتحدة. نود ان نبقى حلفاء، ومن المهم أن تبقى الولايات المتحدة داعمة لعملية السلام، يهمنا دعم الولايات المتحدة لبناء المؤسسات الفلسطينية وتعزيز قدرات الأجهزة الأمنية، إذن نحن لن نسعى إلى تقويض هذا التقدم الحاصل. كانت المقابلة التي جمعت بين أوباما والرئيس عباس واضحة جدا وصريحة، ولكن كل طرف أصر على موقفه، ولكنهما بالتأكيد خرجا من الاجتماع وهما أصدقاء. صحيح أن أوباما قال لنا أننا نجبره على استخدام الفيتو، ولكنه يفهم في نهاية المطاف لماذا توجهنا إلى مجلس الأمن، وهو يتفهم أيضا لماذا نسعى للحصول على حقوقنا الأساسية، بالتأكيد لا نريد أن نخسر صديقا وحليفا أمريكيا ساعدنا في إحراز تقدم، ولكن في نهاية المطاف يتوجب علينا فعل ما ينبغي علينا أن نفعله.

المذيع: أنتم تضعفون موقف الرئيس أوباما،

د رياض المالكي: وهو يضعفنا بموقفه أيضا، ألا تعرف ما الذي يعنيه أن يرجع الرئيس عباس إلى فلسطين خالي اليدين؟" المذيع يرد: "عليك أن تخبرني ما الذي يعنيه ذلك؟"

د رياض المالكي: "ذلك يعني أنه سيفقد مصداقيته أمام الشعب وسيتم النظر إليه على أنه خائن، وهذا يعني أيضا أنه لا أحد يستطيع أن يضمن ما الذي سيحصل في الأراضي الفلسطينية مستقبلا، وما الذي سيحصل في المنطقة بأسرها أيضا. نحن بحاجة لأن نعمل مع الولايات المتحدة ومع الأنظمة المعتدلة في الدول العربية من أجل ضمان السلم والأمن.

المذيع: دعني أطرح عليك السؤال الأخير، أنت وصفت المخاطرة الكبيرة التي يقوم بها الرئيس محمود عباس والتي تقوم بها السلطة الفلسطينية بشكل عام، وأنت تعلم جيدا بأن الولايات المتحدة ستستخدم حق الفيتو، إذن من المرجح أن يرجع عباس إلى فلسطين خالي اليدين، سواء حصل على الأصوات التسعة أم لم يحصل، وذلك بفعل الفيتو.

د رياض المالكي: بالفعل إنها مخاطرة كبيرة، ولكن ليس لدينا خيارا آخر سوى هذا الطريق، ويجب علينا أن نكون بمستوى توقعات الشعب الفلسطيني وأن نلبي نداءات الشارع التي سمعناها البارحة في المظاهرات. الشعب الفلسطيني يدعم قيادته المتوجهة إلى الأمم المتحدة ولا يمكننا أن نخذل شعبنا.