الردود على تصريحات المرشح الامريكي الجمهوري غينغرتش

رقم ( 1 )

مقدمة:

اثارة تصريحات المرشح الجمهوري للرئاسة الامريكية غينغريتش التي قال فيها في مقابلة يوم الجمعة الماضي إن الفلسطينيين شعب "تم اختراعه." غضب واسف جميع القوى والفصائل الفلسطينية، بل كل من يؤمن بحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، وأضاف جينغريتش لقناة "جويش" التلفزيونية اليهودية "اعتقد أن الشعب اليهودي لديه الحق في الحصول على دولة.. تذكر، لم يكن هناك دولة فلسطين، بل كانت جزءا من الإمبراطورية العثمانية."، ومضى يقول أعتقد أن الشعب الفلسطيني تم اختراعه.. الذين هم في حقيقة الأمر من العرب، وتاريخيا جزء من المجتمع العربي، كان أمامهم فرصة للذهاب إلى العديد من الأماكن ولعدة أسباب سياسية تحملنا هذه الحرب ضد إسرائيل منذ الأربعينيات،إنه أمر مأساوي."

حيث اتخذ غينغرتش مثل هذه المواقف وهو مطمئن الى انه لن يتضرر، ولا مصالح بلاده ستتضرر ايضا، لانه لا يوجد خوف على مصالح بلاده في الاساس، وان العراب ما زالت تعتبر الولايات المتحدة حليفا استراتيجيا، فلا بد هنا ان نشير الى ما قاله رئيس تحرير صحفة القدس العربي عبد الباري عطون عندما كتب في مقال له ان، في الولايات المتحدة ثلاثة 'لوبيات' رئيسية، الاول الاسرائيلي، والثاني لوبي شركات النفط، والثالث لوبي شركات السلاح وصناعته، وهناك من يضـــيف لوبيا رابعا هو لوبي المتقاعدين، وبنظرة سريعة يمكن القول بان اكبر 'لوبيين'، اي شركات النفط والسلاح، يعتمدان اعتمادا كليا على العرب ونفطهم وصفقاتهم، ومع ذلك لا تأثير على الاطلاق لنا في السياسة الامريكية الخارجية.

السلطة الوطنية الفلسطينية استنكرت التصريحات التي قال فيها ان الشعب الفلسطيني تم اعتراعه، ووصفتها بالغباء، وطالبت بالاعتذار ايضا.

ابرز التصريحات المستنكرة لما قاله غينغريتش من قبل القيادة الفلسطينية:

دعا رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، المرشح الجمهوري إلى قراءة التاريخ مجدداً، وقال له إن الشعب الفلسطيني "يقطن هذه الأرض منذ فجر التاريخ وهو يعتزم البقاء فيها إلى يوم القيامة."

قالت د. حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إن تصريحات المرشح الجمهوري للإنتخابات الرئاسية الأمريكية العنصرية ضد شعبنا تدل على جهل حقيقي ومجبولة بعنصرية وبنفاق تام من أجل مراضاة الذين يعملون لاسرائيل.

قالت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن غينغريتش "منفصل عن الواقع" ورأت أن تصريحاته تعبر عن "جهل وانحياز،" كما وصفتها بأنها "أسلوب رخيص للحصول على الأصوات المؤيدة لإسرائيل."

اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د.صائب عريقات، تصريحات المرشح الجمهوري للرئاسة الامريكية نيوت جينجريتش بخصوص شعبنا بانها لا تنفصل ومرتبطة بالاعتداءات المتواصلة على شعبنا.ووصف عريقات هذه التصريحات بانها جهلٌ في التاريخ والحضارة وحقوق الانسان مضيفا انه لامر مستغرب ان ينحط العقل البشري الى هذا المستوى.

قال صائب عريقات حول تصريحات جينجريتش:" إنها التعليقات "الأكثر عنصرية التي شاهدتها على الإطلاق"، واضاف عريقات، إنه بهذه التصريحات يظهر "مدى حقيقة الأشياء الحقيرة التي يمكن أن تحصل في السياسة .

قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد قريع، إن تصريحات المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية نيوت جينغريتش العدوانية العنصرية والبائسة، بزعمه أننا شعب مخترع، تعكس جهلا متعمدا بالتاريخ والجغرافيا الحقيقية لشعبنا الضاربة جذوره في عمق هذه الأرض المقدسة منذ آلاف السنين.

دعا رئيس دائرة شؤون المغتربين في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تيسير خالد، الجاليات الفلسطينية والعربية في الولايات المتحدة الأميركية إلى مقاطعة المرشح الأميركي المحتمل للرئاسة نيوت جينغريتش.

قالت دائرة العلاقات الدولية في 'م.ت.ف'، إنها وجهت رسالة للقنصل الأميركي العام في مدينة القدس، قالت فيها إن تصريحات المرشح المحتمل للرئاسة الأميركية نيوت جنغريتش، 'عنصرية وعدم إدراك وفهم للتاريخ والواقع، وتسيء للشعب الأميركي، وتظهر أن هذا الشخص غير مؤهل للترشح وقيادة شعب أمريكا'

قال غسان الخطيب مدير مركز الاعلام الحكومي، تعليقا على تصريحات المرشح الامريكي "غينغريتش" بأن الشعب الفلسطيني تم اختراعه:"الخطورة هي زج القضية الفلسطينية في سياق الصراعات الحزبية الأمريكية الداخلية، العرب لا يستخدمون مصالح الولايات المتحدة لديهم كوسيلة للحصول على مواقف ايجابية من الولايات المتحدة لصالحهم ولصالح القضية الفلسطينية.

ابرز ردود حركة حماس على تصريحات غينغريتش:

قال فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس، حول تصريحات جينجريتش المرشح المحتمل للرئاسة الامريكية، الذي وصف الفلسطينيين بالشعب المختلق إن"هذه التصريحات تضر بسمعة الشعب الامريكي ودعوة لتطهير عرقي بحق الفلسطينيين"

إستنكر الاخوان المسلمين في الأردن، تصريحات المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية غينغريتش، وقال مسؤول الملف الدولي في الحزب موسى الوحش:"هذه التفوهات العنصرية التي يظهر فيها العداء الواضح للشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أنَّها "دلالة واضحة على إفلاسه وضعفه أمام الناخبين".

جهات متفرقة، ردت على تلك التصريحات:

ذكرت صحيفة "الفايننشيال تايمز" أن تصريحات نيوت جنجريتش، المرشح الجمهورى لانتخابات الرئاسة الأمريكية، والتى وصف فيها الفلسطينيين بأنهم شعب تم اختراعه، تثير احتمالا بكسر دعم الحزبين الجمهورى والديمقراطى لحل إقامة دولتين.

جددت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى مصر آن باتيرسون، التأكيد على التزام الإدارة الأمريكية والرئيس أوباما بالعمل الجاد والمستمر لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين.

قالت ممثلة حاكم ولاية ماساتشوستس السابق ميت رومني، وأقرب منافسي غينغريتش، "لست متأكدة من أن هذا النوع من التصريحات يقربنا أكثر إلى حل."

قالت ماري كريمر، السفيرة الأميركية السابقة في بربادوس، وممثلة رومني، "واحد من الأشياء التي تجعلني قلقة من جينغريتش هو أنه في بعض الأحيان يطلق تعليقات تحتمل تفسيرات واسعة جد".

قال حسين ايبش، الناطق باسم "مجموعة التحرك الاميركية من اجل فلسطين" (اميريكان تاسك فورس اون بالستاين)، لوكالة الأنباء الفرنسية أن "اسرائيل لم تكن موجودة ولم يكن هناك شعب اسرائيلي قبل 1948"، وأضاف الناطق باسم المنظمة التي تتخذ من واشنطن مقراً لها أنن "القول ان الفلسطينيين وليس الاسرائيليين شعب تم اختراعه ليس صحيحاً ولا يمكن الدفاع عنه تاريخياً" ورأى ايبش في تصريحات غينغريتش "عداءاً لا عقلانياً لهوية الفلسطينيين وقوميتهم"

قالت صحيفة "البيان" الإماراتية إن تصريحات المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية نيوت جينجريتش حول الشعب الفلسطيني، تثير الكثير من التساؤلات حول الثقافة التاريخية التي يتلقاها الكثير من أفراد النخبة السياسية الأمريكية وماهية مصادر معلوماتهم وما هى معاييرهم التي يبنون عليها مواقفهم السياسية، وتحت عنوان "الحقيقة المعكوسة في واشنطن" ، قالت الصحيفة في افتتاحيتها اليوم الثلاثاء ""إنه ربما نسى المرشح أن الشعب الأمريكي نفسه هو شعب تم اختراعه والأمريكيون أنفسهم يعرفون هذه الحقيقة ولا يعتبرونها مذمة أو دعوة للانتقاص من حقوقهم" .. متسائلة "ما بال هذا السياسي ينكر على الفلسطينيين حقهم في الحياة على أرضهم وأرض أجدادهم التي عاشوا فيها منذ مئات بل آلاف السنين؟".

من هو نيوت جنجريتش؟:

يخصص مؤلفا كتاب «سياسة الإنكار» مساحة أكبر يتناولان فيها شخصية «نيوت جنجريتش» رئيس مجلس النواب الأمريكى الأسبق مستندين إلى دراسة مستفيضة قامت بها «جيل شيهى» Gail Sheehy سنة 1995م التقت فيها بسبعين شخصًا من أسرته وأصدقائه وأقاربه، كشفت فيها عن صورة مثيرة لحياة شخصية تعرضت فى طفولتها للعنت وسوء المعاملة من أب سكير قاسٍ قمعى النزعة فأصبحت فى حياتها السياسية والاجتماعية نموذجًا للغضب والإنكار، واتسمت مواقفها بردود الأفعال العاطفية والتعميمات الواسعة التى لا تستند إلى أى أساس منطقى أو علمى.

فى نوفمبر سنة 1995 طالت مناقشة الميزانية بين قادة الحزب الجمهورى وبين البيت الأبيض وكان جنجريتش قد وضع قيودًا شديدة على هذه الميزانية.. وحدث أثناء ذلك أنه سافر مع الرئيس كلينتون فى طائرته الخاصة إلى إسرائيل لحضور جنازة إسحق رابين، وفى العودة طلب جنجريتش لقاء الرئيس ليناقشه فى موضوع الميزانية ولكنه رفض لقاءه.

أمام هذا الرفض صعّد جنجريتش مع تعنته وفرض مزيدًا من القيود على الميزانية لإحراج بل كلينتون، فقد عُلّقت الميزانية وترتب على ذلك إغلاق كثير من مكاتب الحكومة الفيدرالية ومُنح الموظفون إجازات طويلة.. ويعلق جنجريتش على ذلك بقوله: «شيء مؤسف حقًا.. ولكنه إنسانى».. ثم اعترف للصحفيين بأن مقترحاته بمزيد من القيود والتضييق على الميزانية كان رد فعل لشعوره بالغضب من سوء معاملة الرئيس له فى طائرة العودة من إسرائيل».

يستخلص المؤلفان أن مشكلات جنجريتش فى طفولته التى تكاتفت عليها عوامل الهجر والرفض وقسوة العقوبات البدنية والصراع الأسرى هى التى صنعت هذه الحالة المرضية، ويعتقدان أنها حالة نموذجية مقنعة للعلاقة بين آلام الطفولة وسياسة الكبار.

وقد تناول «روبرت جودوين» أحد علماء النفس الإكلينيكى شخصية جنجريتش بالتحليل فى مقالة له بمجلة «التاريخ النفسى» سنة 1996م وخلص إلى نتائج تؤيد نظرة «جيل شيهى».

كما يرى «هارى جنتريب» وهو محلل نفسى آخر بأن نموذج جنجريتش هو أخطر أنواع القادة السياسيين لأنه يجمع سمات الانطواء المتطرف من التوتر وأوهام العظمة والخيال التعويضى الجامح مع النرجسية، والاكتفاء بالذات والشعور بالتعالى على الآخرين والموت العاطفى.

ويدلل على ذلك بعبارات قوية الدلالة من كلام جنجريتش نفسه:

* «أريد أن أنقل الكوكب بأسره وسأفعل.. وسوف أحصل على جائزتى».

* «أكتفى بقراءة الكتب ولا أسعى للأصدقاء».

* «أنا أحول بين الأمريكيين وبين محرقة أوشفيتز».

* جنجريتش يهمل زوجته ولا يعنيه شيء من أمرها.

ويخلص جنتريب إلى القول بأن «الذات المنسحبة من الواقع الزاخر بالحياة تحاصر نفسها فى قلعة فكرية لتتحرر من الاحتكاك أو الاعتماد على الآخرين، وتشكل نظامًا عاطفيا خاصًا مغلقًا على نفسه عاجزًا عن التقمص العاطفى أو التواصل والرحمة.. فى عالم كهذا ينعدم المعنى الحقيقى للحياة».

يقول مؤلفا كتاب «سياسة الإنكار»: ينعكس غضب جنجريتش مباشرة فى عباراته وصوره اللغوية المشحونة بالانفعالات الساخطة والكلمات اللاذعة التى يستخدمها فى حملاته الانتخابية ضد خصومه، كما ينعكس فى توجيهاته لزملائه فى الحزب الجمهورى أن يحرصوا على وصف منافسيهم بأنهم خونة وبأوصاف أخرى مثل: فاسدين ومرضى وشواذ.. وبذلك تتحول الحملات الانتخابية إلى عملية «ردْح» وشتائم وتنابذ بالألقاب، تتلاشى فيها القضايا الجادة والبرامج السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى تهم الجماهير.

من أمثلة ذلك أنه فى سنة 1978 قاد حملة تلويث ضد منافسته سناتور «فيرجينيا شابارد» لأنها صرحت مرة للصحفيين أنها قد تضطر للذهاب إلى واشنطن تاركة زوجها وأطفالها فى جورجيا، فوصف جنجريتش هذا التصرف بأنه دليل على التحلل من الروابط والمسئوليات الأسرية.. وسنرى أن جنجريتش هذا ـ متناقضًا مع نفسه ـ يذهب بعد عام ونصف من القطيعة إلى زوجته التى كانت فى المستشفى تستعد لعملية استئصال الرحم ليناقش معها شروط انفصالهما نهائيا، ثم يخرج ليصرح للصحافة متهكمًا: بأنها لم تكن بالجمال الذى يؤهلها لتكون زوجة رئيس ناجحة!

فى أحد لقاءات «جيل شيهى» مع جنجريتش سألته: هل أنت إنسان رحيم؟ فرد ببساطة: «أنا لا أفهم ماذا تعنى هذه الكلمة!».. ثم وصف لها شعوره بالغضب عندما سمع أن طفلاً تخرج من المدرسة الابتدائية دون أن يتعلم القراءة ثم عقب قائلاً: «هل هذه رحمة أم مجرد غضب؟!».

وهو ـ شأنه كشأن رونالد ريجان ـ مرجعيتهما الأساسية هى الأفلام السينمائية وعلى الأخص أفلام جون وين وجيمى ستيوارت التى صنعت نماذج البطولة التى تحظى بتقديرهما، حتى أصبحت تمدهما بالبديل الأسطورى للبطولات الحقيقية فى الحياة.. وقد لاحظت شيهى أن جنجريتش يعتنق بالفعل أسطورة جديدة بدأت تسود فى المجتمع الأمريكى وهي: «أن الرجل الأبيض الغاضب بدأ ينتقم».