اقلام واراء محلي 291
في هذا الملف
تحييد مخيمات الشتات ضرورة قومية
حديث القدس عن صحيفة القدس
اليرموك: "تقاطع نيران" في "عاصمة الشتات
بقلم :حسن البطل عن صحيفة الايام
الكفر بالثورات
بقلم :حافظ البرغوثي عن صحيفة الحياه الجديده
لعنة آل كلينتون والحصار العربي ... وانطلاقة غزة
بقلم : جهاد حرب عن سما الاخبارية
معادلة .. ملاحظات على هامش الانطلاقات
بقلم : حمدي فراج عن صحيفة القدس
التعددية السياسية: بين النظرية والتطبيق
بقلم :ابراهيم ابو النجا ، عن وكاله معا
تعليلات رديئة
بقلم : عدلي صادق : عن الحياه الجديده
احتفالات الانطلاقة بغزة تحطم أحلام اليمين الإسرائيلي
بقلم : اشرف العجرمي ، عن سما الاخبارية
الانامالية
بقلم : د .فتحي ابو مغلي ، عن صحيفة القدس
منخفض في الربيع!
بقلم : فؤاد ابو حجلة ، عن الحياه الجديده
تحييد مخيمات الشتات ضرورة قومية
حديث القدس عن صحيفة القدس
التجارب القاسية والمريرة التي حدثت خلال العقود الماضية حين تم استدراج اللاجئين الفلسطينيين في الشتات للتورط في النزاعات والخلافات القطرية والعربية- العربية، وما أسفرت عنه من العواقب الوخيمة على صعيد النزول بالقضية الفلسطينية عن قداستها وارتفاعها فوق الحزازات والحساسيات- هذه التجارب يجب أن تكون درسا وعبرة لكل من يعنيهم الأمر لإبقاء اللاجئين الفلسطينيين ومخيماتهم في الشتات بعيدا عن الصراعات والحروب الداخلية والعربية- العربية، في الحاضر والمستقبل كذلك.
وما حدث في مخيم اليرموك من خسائر في أرواح الفلسطينيين وتدمير لممتلكاتهم كان نتيجة لعدم استيعاب بعض القيادات والمنظمات الفلسطينية هناك لهذا الدرس. فمع المشاعر الفلسطينية والعربية والإنسانية المؤيدة لحق الشعب السوري الشقيق في الحرية، فإن الأمر يجب أن لا يتجاوز هذه المشاعر إلى المشاركة في الصراع مع هذا الطرف أو ذاك. لأن كلا من الجانبين سيلجأ إلى التعميم وتبني انطباعات حول موقف الشعب الفلسطيني ككل. وهي انطباعات مجتزأة وخارجة عن سياقها في كل الأحوال.
ما يهم الفلسطينيين في الداخل وفي الشتات هو التطلعات الوطنية الفلسطينية، والحقوق الفلسطينية الثابتة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وزوال الاحتلال وتصفية الاستيطان، وعودة اللاجئين من منافيهم في الشتات إلى ديارهم وفقا لقرارات الشرعية الدولية. واللاجئون الفلسطينيون في الدول الشقيقة المضيفة لهم هم ضيوف على تلك الدول في انتظار العودة، وما يعنيهم هو استقرار تلك الدول وأمنها ورفاهية شعوبها، لأن ذلك ينعكس عليهم طمأنينة وأمنا وتفاعلا إنسانيا إيجابيا مع محيطهم في ديار الشتات.
ومع أن مختلف الفصائل الفلسطينية دعت في السابق، وطالبت يوم أمس بسحب المقاتلين المؤيدين والمعارضين للنظام السوري من مخيم اليرموك، فما يزال عدد منهم متمركزا في بعض المواقع داخل المخيم وخارجه. وقد أسفر إطلاق النار والقذائف عن سقوط خمسة قتلى يوم أمس فقط، ما يشير إلى أن تحييد المخيم وإبعاد اللاجئين الفلسطينيين عن معترك الصراع السوري لم يتحقق بعد.
إن ما يحدث في سوريا، وما حدث قبل ذلك خلال العقود الماضية في عدد من الدول العربية من توريط للفلسطينيين في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وما نجم عن ذلك التوريط من مفاهيم وانطباعات خاطئة عن الدور الفلسطيني في العالم العربي قد أدى إلى تراجع في البعد العربي للمسيرة النضالية الفلسطينية، وإلى نشوء وتطوير نظريات المؤامرة والتوطين والأوطان البديلة عن فلسطين، و هو ما يجري تسويقه من جانب الإعلام في دول عربية معينة لأهداف سياسية محلية مغرضة، يكون الفلسطينيون فيها هم آخر من يعلم، وهم كبش الفداء للصراعات والمناورات الحزبية في تلك الدول.
ومن هنا فإن من مصلحة القضية الفلسطينية أولا، والمصلحة القومية العليا ثانيا وأخيرا أن يتم تحييد اللاجئين الفلسطينيين ومخيماتهم في الشتات عن هذه الصراعات الداخلية القطرية والعربية- العربية، ليتفرغ الفلسطينيون في كل مكان لقضيتهم الأولى والأهم وهي إنهاء الاحتلال والاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعودة للاجئين إلى وطنهم بكرامة ودون تداعيات أو انعكاسات سلبية. ولتظل القضية الفلسطينية عامل توحيد ووفاق في العالم العربي، ونقطة التقاء لمختلف القوى والتيارات والتوجهات العربية والإسلامية والإنسانية- كما كانت في الماضي، وكما يجب لها أن تكون حاضرا ومستقبلا.
اليرموك: "تقاطع نيران" في "عاصمة الشتات
بقلم :حسن البطل عن صحيفة الايام
اللاجئ الفلسطيني حسن البطل تعلّم في المدرسة الابتدائية ـ دوما ـ سورية، أن سكان سورية، آنذاك، كانوا 3,5 مليون، وأن دمشق ـ الشام كان يسكنها 250 ألف إنسان.
المواطن الفلسطيني إيّاه قرأ في رام الله أن مخيم اليرموك صار مدينة يقطنها 170 ألف لاجئ فلسطيني و650 ألف سوري.
اللاجئ الفلسطيني في اليرموك، أبو هلال، المتزوج من امرأة سورية، لجأ إلى مخيم شاتيلا في لبنان، وقال: "اليرموك مدينة تدخل السيارات والشاحنات وحتى الدبابات شوارعها، وليس مثل مخيم شاتيلا. كانت أحوالنا المعيشية والسكنية في اليرموك، أفضل من أحوال السوريين المقيمين بيننا". في المخيم أربع مشاف، وأكبر عدد من مدارس "الأونروا" ومدارس الحكومة.
في ذلك العام 1957 كان اللاجئ حسن البطل غلاماً وشاهداً على نقاش بين والده مصباح، رحمه الله، وأخيه الأكبر عبد الرحمن، الذي كان يعمل في شركة "أرامكو" بالسعودية. قال الأب: "يَلاَّ نروح من دوما على ربعنا في اليرموك". قال أخي: الحياة هناك غبرة وتغبير. لكن شقيقتي آمنة، رحمها الله، علّمت أولاداً لاجئين في اليرموك، مدرسة ترشيحا، مدة ثلاثين سنة، وصار بعض تلاميذها، مثل نوال الحاج (كندا ـ الآن) وماري عيلبوني (تونس ـ الآن) زملاء لي في "فلسطين الثورة".
في 20 كانون الأول من العام المنصرم، تظاهر اليرموكيون الفلسطينيون في تشييع فلسطيني لاجئ: "يا حيف يا يرموك يا حيف/ شعبك نازح ع الرصيف" و"ويا يرموك نحنا رجالك/ الله يلعن خوّانك".
في مطلع حزيران 2011 طبقت المخابرات السورية، وعميلها أحمد جبريل، وحليفها "حزب الله" تهديد صهر الرئيس المليونير رامي مخلوف: لا أمن في سورية.. فلا أمن في إسرائيل، ودفعت باللاجئين الشبان إلى الجولان المحتل، محطّمين الشريط الحدودي المكهرب، ونظم "حزب الله" مسيرة مماثلة.. وفي المسيرتين سقط عشرات الشبان الفلسطينيين (وصل واحد منهم مدينة حيفا، وكان من اليرموك، ووالده حيفاوي).
في 6 تموز من ذلك العام، ثار غضب الفلسطينيين في "اليرموك" على استخدام أبنائهم لخرق هدوء هدنة سورية ـ إسرائيلية سارية منذ 1974. وكانوا قد تظاهروا في العام 1983 احتجاجاً على استخدام سورية جنود جيش التحرير للهجوم الفجائي غير المرتّب على مدينة زغرتا اللبنانية، وفي النتيجة شيع اليرموك 120 شهيداً فلسطينياً.
في تموز 1964 استخدم العقيد السوري الناصري جاسم علوان جنود الفرقة الفدائية في الجيش السوري للهجوم على الأركان العامة السورية في ساحة الأمويين.. لكن خائناً أباح للسوريين بساعة الصفر، فحصدوا العشرات من الجنود الفلسطينيين، وذهبوا إلى اليرموك للانتقام من ذويهم، أيضاً.. ومن ثم تكرّست سيطرة "البعث" على جيش سورية فوق جماجم الجنود الفلسطينيين؟
كم كان عمر الرئيس بشار الأسد في العام 1964؟ ها هو يقول: بعض الفلسطينيين تعاملوا مع سورية مثل "فندق استحمام".. أو صعد "البعث" للحكم باسم "تحرير فلسطين" وقام بتبعيث الجيش على جماجم الفلسطينيين، وعمل ما عمل في مخيم تل الزعتر، ومخيم نهر البارد والبداوي.. وسجون فرع "أمن فلسطين"؟
يا سيدي الرئيس: منحت المخيمات الفلسطينية العشرة في سورية المأوى لعشرات آلاف السوريين، ومن قبل فرص العمل والسكن لمئات آلاف السوريين. نعم، سورية شكري القُوَّتلي عام 1957 أقرّت معاملة الفلسطينيين كالسوريين، ومن ثم منح اللاجئون هناك عشرات آلاف من المهندسين والأطباء والمعلمين والضباط والإداريين لنهضة سورية. لقد ردُّوا جميل الشعب السوري أضعافاً مضاعفة: "سوري فلسطيني واحد"؟
السورية العلوية سمر يزبك انشقت عن النظام وكتبت أشهر الكتب عن الثورة السورية: "تقاطع النيران". كل الشعب السوري في "تقاطع نيران" بما فيه اللاجئون الفلسطينيون.
الفلسطيني محمود درويش قال بعد خروج بيروت: إذا رجعتم ذات يوم فلأيِّ منفى ترجعون.. والآن، من مخيمات لبنان لجوءاً إلى مخيمات سورية؛ ومن مخيمات سورية لجوءاً إلى مخيمات لبنان (شرط أن يدفعوا المال الكثير رشوة للسوريين واللبنانيين لدخول مخيمات لبنان." العرب يُحبُّون فلسطين ويكرهون الفلسطينيين".
اللبناني أنطون سعادة، مؤسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي، قال: فلسطين شأن سوري في الصميم. الآن، يقول الفلسطينيون: إن سورية شأن فلسطيني في الصميم، لأن سورية هي سورية وليست تونس ومصر واليمن أو لبنان والعراق، ولأن اليرموك "عاصمة الشتات الفلسطيني".
الفلسطينيون حاربوا الجميع وحاربهم الجميع.. وهم مثل عنقاء الرماد تنهض من الدمار. وكل من يلعب بفلسطين ورقة تحترق أصابعه.. وأكثر.
الكفر بالثورات
بقلم :حافظ البرغوثي عن صحيفة الحياه الجديده
ستون ألف سوري ذهبوا ضحية الحرب الأهلية حتى الآن.. وكأنما الرقم يتصاعد ليوازي ما ارتكبه المغول والفرنجة من مذابح في بلاد الشام. فالمخطط ما زال كما هو تدمير الأخضر واليابس في الأقطار العربية تباعاً حتى تعود قاعاً صفصفا لا حياة فيه. وأدرك القاصي والداني أن الهدف وهو التغيير الذي طالبت به الشعوب تم استغلاله للتدمير الساحق الماحق، فلم يكن هدف عرابي الربيع اسقاط أنظمة بل تدمير الدول وايقاع الفتنة بين أفراد الشعب وتمزيقه مذهبياً وعرقياً وطبقياً وسياسياً ليبقى لهيب الفتنة مشتعلاً كما هو الحال في العراق وتونس واليمن ومصر.
لم يشهد أي قطر عربي داهمته رياح السموم الغربية التآمرية أي استقرار ولن يشهده على المدى المنظور لأن الأمن القومي العربي هو المستهدف والشعب العربي هو الوقود، أما الدمامل المذهبية والطائفية والعرقية والشعوبية والحزبية فهي المطلوب إبرازها وتسييدها، بل بات الدين والعروبة هما الهدفين النهائيين للإجهاز على هذه الأمة، ولذلك تبنى الغرب بعض الجهلة لأنهم يعرضون الدين كدين بدائي وحشي، وصارت القومية رجساً من عمل الشيطان ويجب محوها من الوجدان العربي.
عملياً نحن نشهد أسوأ مرحلة تاريخية لأننا نذبح أنفسنا ونخرب بيوتنا بأيدينا ونسعى للمذلة طائعين بأرجلنا ونشوه ديننا بممارساتنا. ولعلي أستغرب ما يصرح به بعض المنصبين حديثاً في سدة الحكم من أنهم سينهضون بالأمة.. وهم يعلمون أن من نصبهم ودعمهم يحظر عليهم تاريخياً أية تنمية حقيقية منذ مشروع محمد علي باشا مروراً بمشروع ظاهر العمر والخديوي اسماعيل وصولاً إلى مشروع عبد الناصر وانتهاء بمشروع صدام حسين. وكل من يوهم نفسه بالنهوض بمساندة الغرب فهو واهم لأن مخطط الغرب الإجهاز على الدين والعروبة معاً.
فالكفر بالثورات كما هي بات فريضة مثله مثل الكفر بما سبقها لأنها البديل الخفي للاحتلالات المباشرة مثله مثل الكفر بما سبقها من وكلاء للغرب من الأنظمة.. فالايمان فقط بالله والأمة وإرادتها.
لعنة آل كلينتون والحصار العربي ... وانطلاقة غزة
بقلم : جهاد حرب عن سما الاخبارية
(1) لعنة آل كلينتون والخذلان العربي
شكلت تهديدات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للرئيس محمود عباس في زيارتها الأخيرة لمدينة رام الله، بإنهاء حياته السياسية اثر اصرار القيادة الفلسطينية على قرارها بالتوجه للجمعية العامة لرفع مكانتها الى دولة مراقبة في هيئة الأمم المتحدة، تحضيرا للحصار المالي والسياسي العربي والأميركي والإسرائيلي .
تعيد هذه التهديدات للأذهان نفس التهديدات التي وجهها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون للرئيس ياسر عرفات، بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد عام 2000، وتحميله مسؤولية الفشل للجانب الفلسطيني وللرئيس ياسر عرفات شخصيا، وما تبعه من تشويه أميركي للقيادة الفلسطينية وحصارها.
هذا التشابه في التعاطي، ما بين الزوج والزوجة اللذين لعبا دورا مهما في السياسة الخارجية الأميركية، مع الرؤساء الفلسطينيين ربما يأتي لارتباط وثيق ما بين هذه العائلة والسياسات الاسرائيلية أو للحفاظ على حياتها السياسية الذي تمثل بفوز السيناتور هيلاري كلينتون في انتخابات ولاية نيويورك بعد ولاية زوجها مباشرة بالدعم الكبير للوبي اليهودي.
لعنة آل كلينتون وتهديداتهم على الرغم من أنها واحدة تتمثل بإنهاء الحياة السياسية لرئيس فلسطين وتترافق مع الحصار العربي المالي للفلسطينيين. لكن السياق الدولي مختلف من "قوة" موقف اسرائيلي على المستوى الدولي في المرة الأولى الى تأييد جارف للموقف الفلسطيني تمثل بقرارات الجمعية للأمم المتحدة في مقدمتها قرار رفع مكانة فلسطين الى دولة مراقبة.
(2) انطلاقة فتح ... انطلاقة غزة
أذهل التدفق الهائل، الذي شاهدناه عبر شاشات التلفزة، للجماهير الفلسطينية نحو ساحة السرايا من كافة أنحاء قطاع غزة للاحتفال بالذكرى الثامنة والأربعين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، بعد خمس سنوات من الحرمان الفتحاويين قبل غيرهم.
هذا الجمع الفتحاوي الكبير، وهنا لن أنساق لتحديد عدد الحضور سواء بعشرات الآلاف أو مئات الآلاف أو بمليونية، يرسل العديد من الرسائل الداخلية منها والخارجية، أولها أن حركة فتح هي التنظيم الأكبر في الساحة الفلسطينية، وفي غزة تحديدا، على الرغم من ما حاق بها من ظلم وملاحقة في سنوات الانقسام. وثانيها أن كوادر حركة فتح وأعضائها برجالها ونسائها جميعهم موحدون في انطلاقتهم، وان الخلافات الداخلية تتوقف "عندما يجد الجد" ما يتطلب معالجة كافة الخلافات بصدر رحب وتسامي على الجراح. وثالثها أن التخوفات الأمنية وغيرها التي برزت قبل يوم الاحتفال لم يكن لها أية أسس. ورابعها أن الوحدة الوطنية ضرورة فلسطينية يمكن العبور اليها من خلال اطلاق الحريات العامة باعتبارها مدخلا هاما لتحقيق المصالحة تسبق الانتخابات والحكومة.
أما على المستوى الخارجي فإن هذا الحشد شكل صفعة قوية للحكومة الاسرائيلية وللولايات المتحدة رأس الامبريالية العالمية ( كان يقول الرفاق في الجبهة الشعبية "علمنا الحكيم وقال: أميركا راس الحية") وحصارهما، وهو يقول إن حركة فتح ما زالت قوية وهي التنظيم القادر على حشد هذا الجمع وما زال لديه القوة والمكانة، وأن الرئيس محمود عباس يحظى بدعم كبير من جماهير الشعب الفلسطيني في مواجهة السياسات الاسرائيلية. كما توجه رسالة الى الدول العربية المشاركة في الحصار وتلك التي أرادت ان تلعب على وتر الخلاقات الفلسطينية الداخلية.
انطلاقة فتح وانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الذكرى الثامنة والأربعين هي بحق انطلاقة غزة والغزيين. أما آن الأوان لتستثمر حركة فتح هذه اللحمة القاعدية والالتفاف الشعبي للتسامي على الخلافات الداخلية؟ وهل يمكن استثمار انطلاقة غزة لتكريس الوحدة الوطنية على قاعدة الشراكة والتآخي؟ أم أن قاعدة الغالب والمغلوب "النظرية الصفرية حسب علماء السياسية" ما زالت تسود في الحياة السياسية الفلسطينية والعلاقات الداخلية؟.
معادلة .. ملاحظات على هامش الانطلاقات
بقلم : حمدي فراج عن صحيفة القدس
أما وقد انتهت احتفالات ومهرجانات انطلاقات الفصائل الفلسطينية الرئيسية ، وبالتحديد احتفالات حماس في الضفة ، واحتفالات فتح في غزة ، على خير ، فإنه من المفيد لربما تسجيل الملاحظات التالية عند ذاك الهامش :
• الانفاق المالي الكبير على هذه الاحتفالات ، والتي لم يعرف الشعب حجم هذه النفقات ، لكنها من الوجهة التقديرية كانت بالملايين ، في وقت ما تزال قطاعات الناس ترزح تحت وطأة أزمات مالية واقتصادية ومعيشية خانقة . وبدلا من ان تصدر وزارتا المالية في الحكومتين الحاكمتين في الضفة وفي غزة بيانا رقميا ، رأينا كيف يتم التعتيم على ذلك ، بل ان بعض المسؤولين خرجوا على الناس ببيانات تضليلية تفيد ان الناس دفعوا النفقات من جيوبهم المعروف اصلا انها شبه خاوية ، فمرتبات شهر تشرين الثاني لم تصرف كاملة بعد.
• اتسمت الاحتفالات بطوابع استعراضية واحيانا كيدية أكثر منها احتفالية وحبورية وتربوية وكفاحية تضع المحتفين وجماهير الشعب في صورة لحظات الانطلاق الاولى الخالدة والصعاب التي واكبت والتحديات التي رافقت والتضحيات التي قدمت والمخططات التي حيكت والمؤامرات التي حبكت والبطولات التي اجترحت .
• لم يقف المحتفلون ، بمن في ذلك المفكرون والمنظرون امام بند استنباط العبر ، اي عبر ، ولا حتى استخلاصها ، وهو ما يمكن ان يطلق عليه في باب العمل التنظيمي خصوصا والسياسي على وجه العموم "النقد والنقد الذاتي" ، بل لم يكن هناك الا المدائح ، حتى كاد المرء يعتقد ان فلسطين قد تحررت ، وان لدينا دولة مستقلة ، بل دولتان ، واحدة في الضفة والاخرى في غزة .
• كان يفترض ان تسهم الاحتفالات المتبادلة ، في تقريب الفصيلين مربعا او اثنين نحو المصالحة الوطنية فعليا ورسميا ، لكن هذا لم يحدث بعد ، وما زلنا نرى ونسمع منغصات، بما في ذلك الاعتقالات ، ناهيك عن التصريحات التي تصل حد التحقير ، وكان من ضمن ما خلص اليه البعض من الاحتفالات ان تقول حماس انها ستسيطر على الضفة في حال حدوث انتخابات ، ما قالته فتح بالضبط عن غزة .
• بدا وكأن الموافقة على اقامة الاحتفالات هنا وهناك بدا وكأنه منة كبيرة يقدمها هذا لذاك ، وفي حقيقة الامر ان هذا هو الوضع الطبيعي لدى كل الحكومات او الحركات التي تحترم شعوبها ومؤسساتها وخصومها السياسيين وبالتالي نفسها ، ان منع اقامة الاحتفالات وخاصة الوطنية منها ، وبالتحديد فتح وحماس ، هو شيء معيب اصلا. إن هذا يقود للاستخلاص العلمي من ان الوحدة الوطنية لا تعني الاندماج ، بل المزيد من التنوع واختلاف البرامج ، فيقرر الشعب ايتها الاقرب اليه والاجدر بثقته وخياره.
التعددية السياسية: بين النظرية والتطبيق
بقلم :ابراهيم ابو النجا ، عن وكاله معا
هذا العنوان : سواءً كان : نظرية أو مبدءًا أو مقولة أو طريقاً أو هدفاً أو وسيلة أو غير ذلك من المرادفات التي تحمل المعنى الأسمى لإفساح المجال أمام المتطلعين إلى الحرية والتغيير وإطلاق العقل والفكر والارتقاء بالإنسان والجماعات التواقة إلى خدمة أوطانها وشعوبها خاصة في ظل الويلات التي جلبتها الأنظمة الشمولية من تقييد للحريات وحبس للطاقات ، وقتل للمفاهيم وتنكر للحقوق ، وحجر للفكر والإبقاء على تحريم التفكير والخروج على برنامج الحكومة والحزب الحاكم وإكراه الجمهور على التصفيق والهتاف ، واعتماد نظرية البطل الذي يصيغ بأجهزته ومؤسساته غير القائمة على الحد الأدنى من احترام الآخر ، وكل ما من شأنه أن يحول البلاد سجوناً لكل من يخرج على ذلك أو مجرد الظن فيه ، ولعل الكثيرين من المناضلين وأصحاب الفكر الناضج والواعي دفعوا أرواحهم وحياتهم ثمن نضالهم ، في إشاعة ما يجب أن يتسلح به الانسان أو المجموعات سواء كان ذلك عبر جمعيات أو أحزاب أو روابط أو مؤسسات حقوق الانسان ، وحتى الأوراق التي كتبت بالأيدي لوحق أصحابها ، وحتى المنادون على المنابر لوحقوا وكان مصيرهم غياهب السجون في أحسن الحالات ، وكثيرون الذين لم يعرف مصيرهم .
ليت أن هذا السلوك شكل رافعة للأوطان والإنسان ، وكان وسيلة للنماء والرفاء وبناء الاقتصاد ، والتخلص والانعتاق من الفقر والجهل والمرض ، وقاد البلاد إلى مصاف الدول حتى الصغيرة في إمكانياتها .
فكثيرة هي الدول في وطننا العربي التي امتلكت من الامكانيات المادية والبشرية الواعدة لو أتيح لها أن تكون في أيدي حكام غير أولئك الذين أداروا ظهورهم لشعوبهم ولطلائعها ويمنون عليهم أنهم أسياد نعمتهم وبدونهم لكانوا من فصيلة غير آدمية .
لقد وقف الفلسطينيون أمام هذه المشاهد بألم شديد تعتصرهم الحسرة على مصير الأمة الغنية بكل شيء ولا تفتقر إلا إلى احترام الحاكم للمحكوم .
كان على الفلسطينيين أن يجَّددوا المفاهيم الحقيقية للتعددية السياسية حتى يستحقوا أن يلقبوا بطليعة الأمة ، رغم أننا لم يكن لنا أي كيان سياسي ، وليست لنا أرض نقف عليها ، وليس بيننا تواصل أو وسائل اتصال كتلك التي أصبحت في متناول الأطفال اليوم .
فكانت الحاجة بحق أم الاختراع ، كيف لشعب مشتت ممزق متباعد غير مترابط أن يلتقي ويلتف ويصوغ حياته متطلعاً إلى مستقبل تحفه المخاطر والاستحالات كافة .
إنه استحقاق كبير ووحيد وبعيد المنال ولكن الإرادة كانت أقوى من المعوقات كافة .
كانت للفلسطينيين قراءة خاصة ومتميزة تنطلق من أن ينطلق من عقاله باتجاه كيف نحقق أهدافنا .
ولأن الوعي الفلسطيني كان أكبر من أن يوضع في إطاره من قبل الأحزاب الحاكمة خاصة ونحن نعيش على أرضها فقد كان القرار لا سدود ، ولا حدود ، ولا قيود ، وعلينا أن نملك زمام أمورنا .
بدأت الاتصالات واللقاءات والحوارات بين طلائع شعبنا حيث يتواجد ، ولم يُمْلِ فريق أو شخص أو جماعة رأيه على الآخر ، الاستماع كان سيد الموقف ، الحرص كان الدافع الحقيقي ، النظرة للآخر بعين الاحترام والتقدير قربت الكل من الكل ، والبعض من البعض ، والبعض من الآخر .
صاغ الفلسطينيون الوطنيون على اختلاف مشاربهم وأماكن تواجدهم برنامجاً وطنيا كبيراً حمل الشعار التالي :
وحدة وطنية ... تعبئة قومية ... تحرير ، إنه البرنامج أو الشعار الذي لم يختلف عليه أحد وشكل القاسم المشترك ، وخرجوا بالمسمى المجسد لهذا الشعار ، وهو منظمة التحرير الفلسطينية ، كجبهة وطنية عريضة لم يستطع أحد أن يطعن أو يشكك فيها ، إلا الذين كانت لهم حسابات ومصالح ارتبطت بالأنظمة الرافضة ، لأنها شعرت أن البساط سحب من تحتها ، وأن الورقة التي تاجروا بها وغطوا بها أنفسهم لم تعد في جيوبهم .
لم يقف الفلسطينيون عند التسمية ولكن لمعرفتهم أن ذلك ليس شعاراً غير قابل للتحقيق ، وأنه للاستهلاك وأنه تلويح فقط لتحسين أوضاعهم كلاجئين حيث يقيمون ، بل تعدى ذلك ، إلى ممارسة الكفاح المسلح حيث انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة تعلن للعالم أن الشعب الفلسطيني لم يمت وأنه صاحب حق في عودته إلى أرضه المنهوبة والمصادرة والمحتلة .
التقت البنادق على أرض المعركة ، وتفتحت الأزهار على أرض فلسطين وما حولها ، وبدأت القضية الفلسطينية تأخذ مساراً مغايراً وجديداً .
اعتراف عالمي بحركة التحرر ، ووصول الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة ، وعقد جلسات المجلس الوطني الذي مثل فيه الجميع ، ولم يقصَ أحد ولأول مرة يشهد العالم شكل النقاش والحوار الكبير والراقي ، وكانت الجلسات مفتوحة وشهدها العديد من سياسيي العالم ووسائل الإعلام ، وهو شكل غير مسبوق مما بهر العالم بالديمقراطية الفلسطينية ، وفتح أعين عشاق الحرية رغم أنهم يعيشون في دول شقيقة .
لقد انتزع الفلسطينيون حقهم في إقامة أول سلطة وطنية على أرضهم في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة ، عبر انتخابات رئاسية وتشريعية اعترفت بها دول العالم ، وزارها معظم قادة الدول الكبرى ، كما أصبح لنا مطار ساهمنا في تدميره .
لقد كانت لدينا سلطة تشريعية صاغت قوانين لم تَرْقَ لها دول كبرى ، وبشهادة المراقبين الدوليين وفقهاء القانون ، وتجلت على أرضنا التعددية السياسية الحقيقية .
لقد اكتشف الحكام والمحكومون كيف تكون التعددية السياسية الحقيقية .
ليست كما يريدها بعض قادة الأمة ، حيث قاموا هم بصناعة ما يسمى بالمعارضة الموجهة ، ليُضفوا على أنفسهم شرعية جديدة غير الشرعية المقامة من الصناديق المزورة .
احتضنت الثورة الفلسطينية المعارضة الحقيقية ، رغم أنها ليست على أرضها ، ما جلب لها الشقاء والتآمر وتكالبت قوى الشر والتقت كلها وتقاطعت أهدافها كلها حول التخلص من هذا الفكر الجديد ، الذي فتح عيون الشعوب على الديمقراطية الحقيقية ، والتعددية الصحيحة ، وكيفية احترام الآخر ، وعدم الإقصاء وإدارة الظهر ، مهما كان حجم هذا الفصيل أو ذاك .
اليوم يُذَكر الفلسطينيون أشقاءهم التواقين إلى الحرية والارتقاء بشعوبهم إلى مصاف الشعوب المتقدمة ، أن عليهم أن يقرأوا التجربة الفلسطينية الناضجة ، وأن يغادر ثوارهم وطلائعهم حزبيتهم الضيقة ، لينفتحوا على الآخر ... لأن الآخر جزء أصيل من نسيج مجتمعاتهم ، ولم تعد الحزبية الضيقة بإمكانها أن تقود شعبا ، فلم تعد الشعوب صماء وبكماء .
وكما نذكر الأشقاء ، علينا أن نذكر أنفسنا لنبقى القدوة ، فعلينا أن لا نتنكر لتاريخنا وإنجازاتنا التي لم تتحقق إلا بتعدديتنا السياسية التي بلورت وحدتنا الوطنية التي أصابها التشرذم والتفتت بسبب الانقسام البغيض .
فيا عقلاء الوطن ... أيها الغيارى ... عليكم العودة إلى تجسيد الوحدة الوطنية ، وأن تحتكموا إلى صوت شعبكم الذي حقق إنجازات هزت دولاً عظمى ، وأصبحت لكم دولة ، شكل ذلك إنجازاً عظيماً وكبيراً وليس صغيراً . عليكم أن لا تقللوا من أشكال النضال كافة لأن عدوكم شعر بحجم هذا الانتصار ... عليكم أن تنهوا حالة التشظي والانقسام ، وتذكروا شهداءكم وجرحاكم وأسراكم الأبطال الذين صاغوا لكم أعظم وثيقة من زنازينهم أصبحت المرجعية السياسية والعسكرية والنضالية ، وعليها يتجدد اللقاء ، ونستكمل بناء مؤسساتها ونجددها ، عبر انتخابات حرة نزيه وشفافة ، كما مارسناها قبل ذلك وشهد العالم بها وعليها . فعدوكم تسره الحالة التي نعيش ، فلا تطيلوا من فرحته وتشفيه ... بل ردوا عليه بما يجب أن يكون والكل يعرف ما يجب أن يكون ، وكفانا حديثاً عن المصالحة الوطنية ، ونحن أبعد ما نكون عنها بممارساتنا مع بعضنا .
تعليلات رديئة
بقلم : عدلي صادق : عن الحياه الجديده
ما تزال تترى، ردود الأفعال ذات التعليلات الرديئة، بعد مليونية احتفال «الإنطلاقة» في غزة. بعض هذه الردود، يُغري بالتطرق الى مصدرها كشخص وإسم، بينما نحن ماكثون في الموضوعات، ولا نرغب في التطرق للأشخاص، ولا في وضع مقاربات لأسباب ما يعبرون عنه من حقد معقّد، له شروحاته، وبخاصة عندما تصدر التعليلات الرديئة، عن مستفيدين سابقين وفوريين، من السلطة ومن حركة «فتح» التي لم تقصر معهم في شيء ولم تدقق لا في مقاصدهم ولا في انتماءاتهم!
معظم الحمساويين أظهروا تأدباً واحتراماً لواقعة مهرجان «فتح» المليوني. ومن نشأت غصة في داخله، تحامل على نفسه فعفَّ وكَتَم. وهذا ما نأنسه ممن يتأدبون بتقاليد العمل الوطني الفلسطيني، ونقيضه هو ما كنا نستهجنه ممن حادوا عن التقاليد. أما الذين صدمتهم واقعة المهرجان المليوني، ورأوا فيها إخفاقاً لحركة «حماس» في تجربة حكمها لغزة، فاندفعوا الى تعليلات رديئة؛ فإنهم يهربون من الواقع، ولا نريد أن ننـزلق الى توصيفات أخرى أو ننتقل من الموضوعي الى الشخصي. أحد هؤلاء يصف حركة «فتح» بأنها نجحت في تمرير كذبها ودجلها. إن هذا تعليل مثير للسخرية لأسباب كثيرة، من بينها أن حركة «فتح» لم تطرح نفسها كحركة ربانية، لكي يتبدى الدجل لمجرد ظهور علامات تؤكد على كونها حركة بشرية (ولا نقول شيطانية في العديد من ممارسات الحكم، مراعاة لمناخ المصالحة). وحركة «فتح» لم تستفرد بالناس، في الضفة وغزة، فكرياً، بكل محمولات الوعظ الديني، المشبعة باتهامات بأغلظ الأيمان، تؤكد على أن الطرف الآخر مارق وخائن ونديم الذميم الأمريكي «كيث دايتون». فقد تركت «فتح» الميدان في غزة لأم احديدان، لكن الناس عافت الست أم احديدان وهذا أمر لا يأتي من فراغ!
حركة «فتح» لم تقل للناس، إنها المقاومة المسلحة المستمرة، برنامجاً وإطلاقاً، ولا تثاؤب ولا راحة ولا وقفاً للنار في كل الظروف، ثم قدمت للناس نصراً على قاعدة وقف مقابل وقف لإطلاق النار، وإن ظل «برنامج» المقاومة على الألسن، يثير همسات النمامين!
صحيح إن حركة «فتح» لديها مشكلات، حسب ما جاء في أحد التعليلات. لكن الصحيح أيضاً، إن من بين أعراض مشكلاتها، ما يجعلها غير قادرة على ممارسة الخداع. فإن حاول عضو منها أن ينصب حتى على طرف أجنبي ـ فما بالنا بالطرف الفلسطيني ـ تتداعى له سائر الأعضاء الفتحاوية بالسهر على كشف لعبته وإفشالها. أما إخواننا من معسكر السمع والطاعة؛ فإن تعجل عضو ناطق منهم، في قول شيء مخادع أو مضلل لا يصدقه عقل، وقد تمنى هو نفسه لو أنه لم ينطق به؛ فإن سائر الأعضاء تتداعى له بالسهر والحمى مع القسم بأغلظ الأيمان، أن ما قاله أخوهم هو الحق كل الحق!
نحن في حركة «فتح» بساطنا أحمدي وطبيعيون، لم نسع الى تحزيب جامع ولا الى تحزيب مدرسة ولا الى إفساد علاقة اجتماعية على قاعدة انتماء سياسي، ولا الى تخوين الناس وشيطنتها ولا الى أخذها بالجملة. ولم نسع الى تخبئة عورة ولا نكران فعل شائن. نفضح أنفسنا بأنفسنا. وليدلني واحد، على جملة حمساوية واحدة، قيلت علناً، تنتقد فعلاً رديئاً لـ «حماس» لكي أعرض عليه ألف مقالة فتحاوية تنتقد أفعالاً رديئة لحركة «فتح» والسلطة. إن رسول الله عليه السلام، دعا للاعتراف بالخطأ والى التوبة عنه، وهو القائل: «كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون». فهل يدلني واحد، على حديث عن خطأ اقترفته «حماس» ذي علاقة بهمسات الناس وانطباعاتها؟! كأنها منزهة عن الخطأ، معصومة، لا تخرج عن النص، وأفرادها «مصاحف متحركة» مثلما بالغ سيد قطب في وصف الربانيين!
نحن في «فتح» نعتبر تخوين المجاميع والجزم بعمالتهم وبانتهاء صلاحيتهم الوطنية والإنسانية؛ إعلاءً من شأن العدو وقولاً يفرحه ويزيده غروراً، بل إن من يفعل ذلك عندنا نشتبه في أمره، ونرى في قوله دسيسة تنتمي الى صنف الجوسسة.
إننا لا نغالي في انتماء، بل إن حركتنا ليست بديلاً لانتمائنا الأعمق لمجتمعنا. بالتالي لم نضرب شاباً برصاصة لتفتيت عظام مفصلي اليد والقدم مجتمعين أو كل منهما منفصلاً برصاصة. لم نضرب منزلاً بقذائف مضادة للدروع، ولم نرمِ جثة ضحية، على المزابل، ولم ندع لانتقام، ولم نقتل جريحاً ولا أسيراً محرراً ولا ضحية سقطت برصاص بعضنا القليل، في غير حال الدفاع الاضطراري عن النفس، وقد أحزننا سقوطها ولم نبتهج به ولم يصرخ خطيب منا، في مدح القتل والاقتتال!
لهذا كله، ولغيره، خرج الناس في غزة. في هذه المرة، احتفل بذكرى انطلاقة الحركة الوطنية 80% من المقيمين في غزة، وستأتي الأيام، ليحتفل 80% من المقيمين في «حماس» نفسها، لأن بساطنا أحمدي!
التعليل الجيّد، هو الذي استند الى ملاحظات واقعية، أهمها أن الفلسطينيين أذكياء، وأنهم لا يُخدعون، وأن المسلمين الذين يعايشون حكماً ـ أي حكم ـ يقيسون الأفعال على دينهم وعلى الشرع الحنيف، وليس على أقوال الخطباء وعلى فتاوى الفتنة والعنف والتغالظ مع الأخ الشقيق!
ثمة قائل، ماذا حققت «فتح» من أهدافها. إن «فتح» سعت وقدم شعبها في مسيرتها قوافل من الشهداء. كان العدو وما يزال، هو أمريكا والعالم. سنظلم الأمتين العربية والإسلامية، ومعها الحركة القومية، إن سألنا ماذا حققت الأمتان، ومعهما الحركات القومية والجماعات الإسلامية، لأولى القبلتين وثالث الحرمين، على مر الصراع الذي يخصهما مثلما يخصنا؟
على الأقل، نحن سنقول إننا ما زلنا على الدرب، وقد سقط منا الشهداء، ورحل الراحلون على أمنية وعلى عزم، أورثوهما للأجيال، وهذا هو سر تعلق الناس بحركتها الوطنية!
احتفالات الانطلاقة بغزة تحطم أحلام اليمين الإسرائيلي
بقلم : اشرف العجرمي ، عن سما الاخبارية
منذ ما قبل الانتفاضة الثانية أي منذ فشل قمة "كامب ديفيد" في صيف العام 2000 برزت في إسرائيل اسطوانة رددها قادة إسرائيليون وعلى رأسهم إيهود باراك تقول أنه لا يوجد في الجانب الفلسطيني شريك لصنع السلام معه، فالرئيس الراحل أبو عمار رفض "العرض السخي الذي قدمه باراك والذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي." ولا يوجد في القيادة الفلسطينية من هو قادر على اتخاذ قرار آخر. وهذه الأكذوبة التي فندها ودحضها بعض الإسرائيليين الذين رافقوا باراك للمفاوضات لاحقاً، والذين قالوا أن ما عرضه باراك لا يصل في حده الأقصى إلى 90 في المائة من مساحة الأراضي المحتلة منذ العام 1967، وأن تفوهاته لا أساس لها إطلاقاً . وقد تكررت هذه الأسطوانة في كل المراحل التي أعقبت هزيمة باراك في الانتخابات وخاصة من قبل بنيامين نتنياهو وأريئيل شارون الذي فضل القيام بخطوات أحادية الجانب يفرض فيها رؤيته للتسوية مع الجانب الفلسطيني. ثم تحولت إلى عمود السياسة الإسرائيلية في الولاية الثانية لنتنياهو الذي تحالف مع أفيغدور ليبرمان ومع جماعات المستوطنين.
لتثبيت فكرة عدم وجود شريك فلسطيني دعمت إسرائيل فكرة وجود قيادة بديلة أو موازية فسهلت فوز "حماس" في الانتخابات بعد القيام بخطوة إخلاء المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة من جانب واحد، وسهلت سيطرة "حماس" على غزة ورأت فيها خطوة على طريق القضاء على وحدانية التمثيل الفلسطيني، وحاولت طوال الوقت الترويج لعدم تمثيل قيادة منظمة التحرير للشعب الفلسطيني بادعاء أن "حماس" تمثل الأغلبية مستندة في هذا الادعاء على وجود أغلبية برلمانية لحركة "حماس". وتنوعت مضامين الرسالة الإعلامية الإسرائيلية التي تبرر التهرب من استحقاقات العملية السياسية مرة بعدم رغبة القيادة في التفاوض بناءً على عرض نتنياهو الذي يقول أنه مستعد للتفاوض بدون شروط مسبقة، مع أنه يضع شروطاً تعجيزية ويرفض الاعتراف بمرجعيات العملية السياسية، ومرات أخرى بعدم قدرة القيادة على تطبيق أي حل سياسي على قطاع غزة الذي يخضع لسلطة "حماس". ولم تكن الجهات الإسرائيلية المختلفة تقبل حقيقة أن الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني يؤيد موقف القيادة الشرعية بل لم تكن تصدق استطلاعات الرأي المتكررة التي تظهر أن التأييد لحركة "حماس" لا يصل بأي حال إلى أكثر من ربع الناخبين أو الجمهور الفلسطيني على أكثر تقدير.
الحشود الهائلة أو الطوفان البشري غير المسبوق الذي ذكر الناس بالحج الذي تجاوز المليون من أبناء شعبنا حسب معظم التقديرات، قال بوضوح أن الشعب خرج ليصوت ضد حكم "حماس" وضد برنامجها، والمشاركة في احتفال انطلاقة "فتح" لا يعبر فقط عن تأييد للحركة أو انحياز لها في إطار المنافسة مع "حماس" بل هو يذهب إلى تأكيد الحقيقة الراسخة التي تقول أن شعبنا لم ينفض بعد عن البرنامج الوطني، برنامج منظمة التحرير و"فتح" عمودها الفقري، برنامج الحرية والاستقلال وإقامة الدولة المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وما حصل في انتخابات العام 2006 خطأ لن يتكرر. وهذا الطوفان يقول لإسرائيل رسالة واضحة لا تقبل التأويل وهي أن القيادة في رام الله هي التي تمثل شعبنا، وأي بحث عن التسوية والحلول لابد وأن يكون معها ومعها فقط.
بل تقول تلك الحشود وداعاً لكل الأكاذيب والفنتازيات الإسرائيلية التي تحاول تكريس واقع الانقسام من خلال اتفاقات جزئية على هدنة طويلة الأجل والقبول بالأمر الواقع والحل الانتقالي "الدائم" المبني على تفاهمات مع "حماس" في إطار لعبة الحرب مع غزة. فالحقائق التي صفعت العقلية الإسرائيلية التي تهرب من الحقيقة بدفن الرأس في الرمل أو الاختباء وراء أقاويل وادعاءات لم تعد تصمد تحت وطأة مشهد الاحتفال الأسطورة. فكل أحلام اليمين الإسرائيلي الحاكم تهاوت تحت أقدام مئات آلاف المحتفلين الثائرين.
هذا يفرض على إسرائيل أن تغير خطابها وتبحث عن مبررات جديدة لتهربها من الاستحقاقات السياسية ورفضها الذهاب نحو عملية تسوية تؤدي إلى إنهاء الصراع وتحقيق السلام والأمن والاستقرار في هذه المنطقة ولكل شعوبها دون استثناء. فحجة التمثيل وقدرة القيادة على تطبيق الاتفاق سقطت تماماً وقال الناس أنهم يريدون برنامج المنظمة وحل الدولتين ولا قوة في العالم يمكنها أن تقف في وجه مثل هذا الطوفان الهائل. وهذه رسالة إلى القيادة الإسرائيلية والشعب الإسرائيلي وإلى كل العالم. فالحقيقة المشاهدة أقوى وأبلغ من كل الخطابات والجمل السياسية.
وهذه رسالة كذلك إلى قيادة حركة"حماس" لتصحو من الوهم الذي باتت تغرق فيه وبالذات قدرتها على ابقاء سيطرتها على قطاع غزة وتحدي رغبة الغالبية الساحقة من ابناء شعبنا التي ترغب في انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية. ومن يعتقد أنه يستطيع الوقوف في وجه هذا الطوفان لو خرج مرة أخرى إلى الشوارع يكون مخطئاً تماماً بل ظالماً لنفسه. وهي فرصة لمراجعة مرحلة الانقسام والاستفادة من دروسها القاسية التي لا تزال ندوبها عميقة في جسد قضيتنا الوطنية.
ومن المفيد أن يدرك الجميع وهذا يشمل كل القيادات في غزة والضفة أن الشعب قال كلمته ولا يمكن لأحد أن يتحداه، أو أن يستخف برغبته وإرادته. وليسارع الجميع كل بطريقته إلى إصلاح كل الخلل والأخطاء التي سادت المرحلة الماضية، حتى لا يكون انفجار الناس في وجه القيادات وإنما في وجه الاحتلال البغيض، فالرسالة البليغة التي أرسلتها الجماهير تخترق حتى العقول البليدة.
الانامالية
بقلم : د .فتحي ابو مغلي ، عن صحيفة القدس
تعود براءة اشتقاق هذا المصطلح الغريب، الأنامالية، الى الأمير الأردني الحسن بن طلال، وهو تعبير عن اللامبالاة التي يبديها الأفراد أمام وضع غير سليم او تصرف غير لائق، او صمت وعدم اكتراث تجاه ظلم او استلاب للحقوق او اعتداء على ممتلكات عامة او خاصة او تقصير في الالتزام تجاه الدولة والمجتمع بالواجبات المفروضة على كل مواطن.
هذه اللامبالاة التي ينطبق عليها تماما" تعبير الأنامالية تنتشر في بلادنا وتسمعها وتراها يوميا" في كل مكان، فترى الجميع يقر بان الموظف الفلاني يرتشي وعندما يطلب من احد المتذمرين ان يرفع شكوى يكون الجواب: وأنا مالي، وعندما يتهرب التاجر من دفع الضرائب ويرفض إعطاء فاتورة بثمن البضاعة المشتراة ونسأل الشاري: لماذا لا تطلب فاتورة ضريبية لتحفظ حق الدولة يكون الجواب: وانا مالي، وعندما يعترض احدهم على جار يلقي القمامة في الشارع، ما يؤدي الى خلق مكرهة صحية وعند السؤال: لما لا تشتكون هذا الجار الى السلطات المسؤولة، يكون الجواب: وإحنا مالنا.
تتعدد الشكاوى ودائما يكون الجواب على اي دعوى للتظلم للجهة صاحبة العلاقة من اجل وقف الاعتداء على الحقوق أو على الفساد أو التقاعس عن تأدية الواجب "وأنا مالي".
كلنا مسؤول وكلنا متضرر من اي سلوك شاذ أو غير قانوني أو من اي مخالفة، وإذا كان الأذى لحق بجارك أو صديقك اليوم فمن المؤكد انه سيلحق بك يوماً ما، وإذا ما لحق الأذى بالممتلكات العامة فالمواطن هو من سيتحمل نتائج وآثار هذا الأذى.
ان سرقة الكهرباء والماء وعدم الالتزام بسداد فواتيرها والتي انعكست الآن وبشكل حاد على كافة أفراد المجتمع وساهمت في استفحال ازمتنا المائية والمالية بل وادت إرهاصاتها الى احتجاجات شعبية واشتباكات بين المواطنين ورجال الامن، كان من الممكن تلافي هذه المشاكل بل ومنعها لو ان البعض قام بواجبه وتحمل مسؤولية التبليغ عن ما يراه من مخالفات لا ان يقول: وانا مالي.
فالمواطنة هي الاحساس بالعضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليها من حقوق وواجبات، والمواطن المسؤول هو من يشعر انه صاحب حق في كل حبة تراب على ارض الوطن وهو بالتالي مسؤول عنها وعن كل ما عليها وهو وكافة ابناء الوطن الواحد الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية بدون أدنى تمييز قائم على أي معايير مثل الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي والموقف الفكري.
ويرتب التمتع بالمواطنة سلسلة من الحقوق والواجبات، مثل الحق بالتعليم والصحة والعمل والمساواة أمام القانون وكذلك الحق في حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية وحرية التنقل داخل الوطن وحرية الحديث والمناقشة بحرية مع الآخرين حول مشكلات المجتمع ومستقبله وكذلك حرية التأييد او الاحتجاج في قضية أو موقف أو سياسة ما.
كما تحقق المواطنة حرية المشاركة في المؤتمرات أو اللقاءات ذات الطابع الاجتماعي أو السياسي وبالتالي ممارسة الحق في الاحتجاج السلمي المنظم مثل التظاهر والإضراب كما ينظمها القانون، والتصويت في الانتخابات العامة بكافة أشكالها، وتأسيس أو الاشتراك في الأحزاب السياسية أو الجمعيات أو أي تنظيمات أخرى تعمل لخدمة المجتمع أو لخدمة بعض أفراده، والترشيح في الانتخابات العامة بكافة أشكالها وهو في نفس الوقت ملزم بالقيام بالعديد من الواجبات مثل واجب دفع الضرائب، واحترام القانون، واحترام حرية وخصوصية وممتلكات الآخرين.
منخفض في الربيع!
بقلم : فؤاد ابو حجلة ، عن الحياه الجديده
ضربت صاعقة رعدية منطقة الجنيد في نابلس وألحقت أضرارا كبيرة بتسعة عشر منزلا هناك، وهددت كتلة هوائية قطبية باجتياح ثلجي لمرتفعات الخليل وبيت لحم والقدس ونابلس اليوم، ونجحت الأمطار في إغراق شوارع الضفة واغلاق الكثير منها، وتمكن الطقس من إغلاق المدارس أيضا.. إنه المنخفض الجوي الذي يجتاح المنطقة ويمر في أجوائها ليستقر في فلسطين على ما يبدو.
لا اعتراض على الطقس وتغيراته وقسوته فكل ما يصلنا من السماء يجيء بأمر الله، وليس غريبا علينا أن نوقد النار في أحواش الدور، وقد مرت علينا منخفضات أقسى وأشد من الهواء المستورد من شرق أوروبا والكتل القطبية الباردة التي تصلنا مغلفة بالثلوج.
المنخفض الجوي عابر وقصير وجليده لا يصل القلوب، لكن ما يؤذينا هو المنخفض السياسي الطويل الذي تشتد قسوته منذ أيلول وتتكدس ثلوجه على ملفاتنا المفتوحة في الربيع.
وإذا كنا نستطيع مقاومة برد السماء بما أوتينا من حطب في الحقول ودفء في القلوب فإننا نجهد في البحث عن وسائل مقاومة برودة الموقف السياسي العربي والدولي من نضالنا الوطني ومن حقنا في التحرر والاستقلال.
يحذر رئيس الوزراء من صعوبة وضعنا المالي، وتنشر الصحف تقارير توجع القلب عن معاناة العائلات الفلسطينية الفقيرة في هذا الشتاء القاسي الذي يتزامن مع عجز الحكومة عن دفع رواتب موظفيها، ولا أحد يتحرك في المحيط العربي الذي يفاخر «فرسانه» بشهامتهم!
كان النظام العربي قد وعدنا بمظلة مالية لمواجهة الحصار الاسرائيلي- الأميركي – الغربي بعد حصولنا على حقنا في اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين كدولة، لكن هذا النظام البائس لم يلتزم بوعده وأدار لنا ظهره وقت الشدة ليصبح الضلع الرابع في مربع الحصار الشيطاني.
نعجز عن مواجهة المنخفض الجوي بسبب ضعف بنيتنا التحتية، ويبدو أننا سنظل عاجزين عن مواجهة المنخفض السياسي إذا لم نبادر إلى إصلاح بنيتنا السياسية وترميم خطابنا المؤدب أكثر مما ينبغي في التعامل مع النظام العربي.
نقول مرة أخرى ان بعض العرب لن يدفعوا التزاماتهم بالمناشدة المؤدبة ونذكر بوسائل أخرى مجربة كانت دائما تأتي بالحصاد.


رد مع اقتباس