التقرير الاعلامي الاسرائيلي
5/4/2013
ذكرت الاذاعة العامة الاسرائيلية ان قوات الجيش الاسرائيلي في مناطق الضفة الغربية وُضعت على اهبة الاستعداد تحسبا لتجدد المظاهرات بعد انتهاء صلاة الجمعة. (ص.اسرائيل)
نشر موقع صحيفة يديعوت احرونوت تقريراً أعدته الجبهة الداخلية في الجيش الاسرائيلي اظهر ان الملاجئ العامة الاسرائيلية في محيط قطاع غزة غالبيتها غير صالحة للاستخدام وطلب من البلديات والسلطات المحلية تأهيل هذه الملاجئ كي تستوعب الاسرائيليين في حال اندلاع حرب. (معا،عكا)
ذكر موقع القناة العاشرة على الشبكة ان حارس أمن اسرائيلي أقدم على قتل امرأة من ملدافيا تعتني بوالدته، بعد ان اطلق عليها النار من مسدسه، وقام بعد ذلك بالاتصال بالشرطة. (معا،عكا)
افاد موقع يديعوت احرونوت على الشبكة ان 10 جنود من لواء غفعاتي الاسرائيلي الجدد تركوا قاعدتهم وعادوا الى منازلهم احتجاجا على سوء معاملة الضباط لهم . (معا،عكا)
كشف موقع صحيفة معاريف على الشبكة السر الذي مكن زعيمي الحزبين لبيد وبينت من اخضاع نتنياهو لشروطهما في تشكيل الحكومة وخروج المتدينين حيث وقع الحزبان قبل الانتخابات على اتفاقية تقضي بدخولهما المشترك للحكومة، أو البقاء بشكل مشترك في المعارضة. (معا)
ذكرت صحيفة معاريف ان خبراء أمن المعلومات وهيئة مكافحة السايبر في الجيش الإسرائيلي يستعدون بكامل جاهزيتهم لمواجهة أكبر هجوم هاكر ضد اسرائيل لشل أنظمتها المعلوماتية من على شبكة الانترنت . (عكا،معا،سما)
عثرت الشرطة الاسرائيلية على جثة فتى اسرائيلي يبلغ من العمر 14 عاما، في باحة مدرسة في مدينة الفي منشيه وسط اسرائيل وتشير تقديرات الشرطة الى ان الفتى سقط عن سطح المدرسة . (معا)
ذكرت صحيفة معاريف ان الفلسطينيون جمدوا مسعى الاعتراف بفلسطين كدولة في الأمم المتحدة مشيرة إلى أن وزير الخارجية الأمريكية جون كيري نجح في إقناع الرئيس محمود عباس بمنحه فرصة لتجديد العملية السياسية مع إسرائيل. (عرب48،سما،عكا)
ذكرت صحيفة هارتس ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابلغ وزير الخارجية الامريكي جون كيري ان على نتنياهو اثبات حقيقة نواياه بشان السلام من خلال الاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية وفق قرار الامم المتحدة. (سما،معا،عرب48)
دعا مندوب اسرائيل الدائم لدى الامم المتحدة رون بروس اور مجلس الامن الدولي الى شجب ما وصفه بـالاعتداءات الصاروخية الفلسطينية التي انطلقت من قطاع غزة مؤخرا على اسرائيل. (معا،ص.اسرائيل،عكا)
ذكر موقع واللا العبري أن قادة المنظومة الأمنية الإسرائيلية يجدون صعوبة في تقييم الأحداث المتصاعدة بالضفة الغربية، واحتمال انزلاق الأمور نحو نشوب انتفاضة ثالثة من عدمه. (عكا)
قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غانتس إن قطاع غزة غير مستقر، وإنه سيبقى معاديا لإسرائيل في المستقبل القريب، وأن حركة حماس تتحمل المسؤولية عن ذلك. (سما،عكا)
صرح قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال الإسرائيلي سامي تورجيمان إن جيشه يواصل استعداداته لعملية عسكرية قادمة في قطاع غزة، حال انعدم الهدوء وتوقف تعزيز التنسيق مع الجانب المصري. (سما)
كشف الجيش الإسرائيلي أنه يجري تدريبات على اجتياح الجنوب اللبناني وقطاع غزة، ونصب بطارية صواريخ لمنظومة "القبة الحديدية" في إيلات، تحسبا لإطلاق صواريخ نحوها من سيناء المصرية. (سما)
نفى الناطق بلسان وزارة الخارجية الاسرائيلية ان تكون سفينة الاسلحة التي اعترضتها السلطات المصرية في البحر الاحمر قد انطلقت من ميناء إيلات او من اي ميناء اسرائيلي اخر . (معا،ص.اسرائيل)
صرح ياكوف اميدرور مستشار نتنياهو للأمن القومي ان قوة حفظ السلام في لبنان التابعة للأمم المتحدة لم تقدم تقريرا عن أسلحة حزب الله كما هو مطلوب و ان اسرائيل لا يمكنها الاعتماد في امنها على التدخل الخارجي. (معا،عكا)
ذكرت صحيفة معاريف ان اسرائيل تبحث تعيين الجنرال في الاحتياط عاموس جلعاد رئيس الهيئة السياسية والأمنية بوزارة الجيش سفيراً في تركيا. (عكا)
عبر مسئولون إسرائيليون عن تشاؤمهم من المحادثات النووية التي انطلقت في مدينة الماتا في كازاخستان بين إيران ومجموعة 5+1، ووصف المسئولون المحادثات بأنها عبارة عن منح إيران المزيد من الوقت للمضي في خططها النووية. (عكا)
انتهت فعاليات مؤتمر هرتزيليا 13، بحيث تضمن الدعوة إلى ضرورة تكريس الصراع السنى الشيعى من خلال السعى فى تشكيل محور سنى من دول المنطقة أساسه دول الخليج، ومصر وتركيا والأردن. (سما)
كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن شركة كهرباء إسرائيل ألغت عقدها مع مصر، القاضي بتزويد إسرائيل 40 % من احتياجاتها من الغاز الطبيعي لمدة 20 عاماً وطلبت الشركة تعويضاً قدره 2 مليار دولار عن الأضرار . (ف.برس)
تنكرا بزي عاشقين.. لاول مرة منذ 25 عاما: معاريف تكشف تفاصيل قصة تصفية أبو جهاد .(سما) ...مرفق
يديعوت تكشف كيف قامت اسرائيل بتصفية قائد كتائب القسام الشهيد الجعبري. (سما) ...مرفق
طالبت النائبة حنين زعبي من وزير التربية والتعليم شاي بيرون بإلغاء نماذج التسجيل المستخدمة حاليا في موضوع التربية، في الكليات والجامعات، وذلك لاحتوائه على بند يتعلق بقومية الطالب وبتأديته للخدمة العسكرية. (عرب48)
أرسل النائب باسل غطاس عن كتلة التجمع الوطني رسالة إلى وزير الأمن الداخلي يتسحاك أهرونوفيتش، مستنكرا بها سياسة الشرطة التي تتبعها مع المواطنين العرب أثناء إحيائهم للنشاطات الوطنية وخصوصا التي أقيمت مؤخرا في النقب، ومنها نشاط إحياء يوم الأرض. (عرب48)
شارك حشد كبير من الناشطين والأسرى المحررين وعدد من قيادات التجمع الوطني الديمقراطي وكوادره في الجنازة الرمزية للشهيد ميسرة أبو حمدية، في ساحة العين في مدينة الناصرة. (عرب48)
شارك النائب جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع في مهرجان يوم الأرض، الذي نظمه البيت الفلسطيني في منطقة تورنتو بكندا وحضره أكثر من 600 شخص من العائلات الفلسطينية ومن ممثلي الجاليات العربية . (عرب48)
قام ما يسمى بمفتشو وزارة الداخلية الاسرائيلية بالصاق اوامر هدم على جدران مبان شيدت بدون ترخيص في قرية بير هداج البدوية في النقب. (ص.اسرائيل)
نقلت قوات الاحتلال الأسير عماد حميدة 46 عاما من سكان قلقيلية من سجن أيالون الى مستشفى "روفيه أساف" بعد تردي وضعه الصحي. (معا)
أعلنت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، عن فرض قيود مشددة على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك ، من بينها منع الرجال دون الـ50 عاما من دخول الاقصى . (وفا،معا)
ذكر نادي الأسير الفلسطيني إن قوات خاصة إسرائيلية تقدر بـ200 شرطي اقتحمت، قسم 10 في سجن 'ايشل'واعتدت على الأسرى. (وفا)
أصيب شابان من بلدة الخضر جنوب بيت لحم، برصاص الاحتلال خلال مواجهات مع المواطنين في منطقة 'ام ركبة' جنوب البلدة وقد تم نقلهما الى مستشفى بيت جالا الحكومي. (وفا)
استولى جنود الاحتلال على سطح منزل المواطن صبحي شاهين الواقع في منطقة أم ركبة جنوب بلدة الخضر واتخذوه نقطة عسكرية للمراقبة وأطلقوا من خلالها قنابل الغاز والصوت والرصاص المعدني . (وفا)
قمعت قوات الاحتلال، مسيرة المعصرة الأسبوعية المنددة بجدار الضم والتوسع الاستيطاني واعتدى الجنود على المشاركين بالضرب المبرح بالأيدي وأعقاب البنادق ومنعوا المسيرة من الوصول إلى مكان إقامة الجدار. (وفا)
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أربعة شبان من بلدة السيلة الحارثية غرب جنين هم محمد سعيد جبر زيود (17عاما)، ومصعب مصطفى طاهر خباص ( 18عاما)، ومنير عبد الكريم جرادات (17عاما)، وشادي جميل طحاينة (18عاما). (وفا)
اعتقلت قوات الاحتلال الشاب مأمون فالح حميدان 35 عاما من قرية بلعا في طولكرم، على حاجز حوارة ونقلته الى معسكر حوارة المحاذي للحاجز. (معا)
عناويــن الصحـــف العبريــة
|
مختارات من عناوين الصحف العبرية الصادرة اليوم الجمعة الموافق 05.04.2013
التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وعودة كيري إلى المنطقة تتصدر عناوين الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الجمعة...
|
صحيفـــة هارتس:
- جولة جديدة من المفاوضات النووية بين ايران ودول الغرب
- زعيم كوريا الشمالية ابن 30 عاما الذي يهدد بجر العالم إلى حرب نووية
- صدامات عقب جنازات الأسير الفلسطيني والشابين الفلسطينيين اللذين قتلا أمس بنيران الجيش
- كيري يطلب مهلة شهرين لتقريب وجهات النظر بين إسرائيل والفلسطينيين
- عباس: على نتنياهو عرض خارطة تشتمل على موقفه من مسألة الحدود
- خلافات بين الجيش المصري وحركة 'حماس' تتسع بعد قيام الجيش المصري بهدم أنفاق التهريب مما يضر باقتصاد القطاع.
صحيفـــة يديعوت أحرونوت:
- زعيم كوريا الشمالية جاد في تهديده ويجهز الصواريخ والولايات المتحدة على أهبة الاستعداد
- سفينة السلاح الإيرانية... مصر تضبط سفينة سلاح إيرانية
- هكذا تم تصفية أحمد الجعبري رئيس أركان 'حماس'
- جنازة ميسرة أبو حمدية... ملثمون يطلقون الرصاص بالهواء
- المئات في جنازة الصبيين في طولكرم
- تضامنا مع الشعب الفلسطيني..قراصنة الكمبيوتر يهددون بمحو إسرائيل من الانترنت
- مؤتمر حزب العمل ينتهي بخلافات بين مؤيدي ومعارضي رئيسة الحزب ووصف المعارضين بـالقوادين
صحيفـــة معاريف:
- الفلسطينيون جمدوا الإجراءات للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة
- وزير الخارجية الأميركية استطاع إقناع أبو مازن إعطاء فرصة لتجديد العملية السلمية
- يوم إضافي من المواجهات في الضفة الغربية في أعقاب وفاة الأسير أبو حمدية
- الاتفاق بين لبيد(يش عتيد) وبينيت (البيت اليهودي) وقع ثلاثة أسابيع قبل الانتخابات للكنيست
- الإطاحة بالزهار بسبب ضغوط مصرية
- مصر تضبط سفينة سلاح إيرانية
- ضربة للأسد... حماس تدرب الثوار
- المخابرات السورية ستصفي معارضين من دروز من الجولان
- إسرائيل ستتعرض لقرصنة... قراصنة سيمحون إسرائيل من الانترنت
- مؤتمر حزب العمل ينتهي بالصدامات والشتائم
خالد مشعل يبحث عن وجهة
بقلم: يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
ترأس خالد مشعل في السنوات الاخيرة منظمة حماس (كان يرأس رسميا المكتب السياسي للمنظمة)، ناظرا فيما يحدث في غزة من مستقره في دمشق الى ان بدأت دمشق تحترق وتخلى هو عن مضيفه بشار الاسد، وأخرج منها مقر المنظمة.
'لقيته' قبل سنة في قطر حينما كنت أنزل في فندق 'الفصول الاربعة'. ولاحظت زمن نزولي هناك ان شخصا ما دخل الفندق يصاحبه حراس شخصيون. وعرفته وعرفني واتجهنا نحن الاثنان وجهتين مختلفتين كي لا يكون 'اللقاء' لقاء. وكان ذلك بعد ان أعلن انه لا ينوي ان يرشح نفسه مرة اخرى لرئاسة الحركة واعتُبر ان مستقبله أصبح خلفه. بيد انه اتصل اثناء اجراء الانتخابات في المنظمة ولم يكن أحد من المرشحين الآخرين بمنزلة 'مرشح طبيعي'، وأيده عدد من الدول العربية وانتُخب مشعل، كما نشر هذا الاسبوع، ليقود الحركة لولاية اخرى.
لمشعل وجهان، فحينما يجري لقاءات صحفية مع الـ 'سي.ان.ان' مع كريستيان أمنفور يكون حذرا وبراغماتيا. وحينما يظهر في حشد في غزة يكون متطرفا ومُحرضا. وحينما يلاقي أبو مازن يكون ودودا ويتحدث باعتدال عن تسوية مع اسرائيل ستحترمها حماس اذا حظيت بتأييد الشعب الفلسطيني. وحينما يلاقي ملك الاردن عبد الله الثاني يتحدث عن دولة فلسطينية في حدود 1967، ويفهم الملك من ذلك ان مشعل يؤيد حل الدولتين.
إن حماس اليوم في موقع مختلف تماما عما كانت فيه قبل سبع سنوات حينما كانت حركة مقاومة دينية تستعمل الارهاب وتريد الاضرار باسرائيل وبالمؤسسة الفلسطينية الفاسدة من وجهة نظرها. وفازت حماس في انتخابات 2006 وفاجأها هذا الفوز وبدل ان تفي بالشروط التي عرضتها عليها الرباعية وهي التخلي عن العنف والاعتراف باتفاقات سابقة واستعداد لمفاوضة اسرائيل، فضلت ان تسيطر عسكريا على قطاع غزة وتجعل فتح تهرب من هناك. وفضلت المنظمة في الحرب الأهلية في سوريا معارضة الاسد ووجدت نفسها خارج الدولة. إن المحادثة بين حماس وفتح تجري منذ بضع سنين مثل عناق قنفذين في حين لا يبدو انه يوجد لطرف من الطرفين اهتمام كبير جدا بالانضمام الى رفيقه.
تنكرا بزي عاشقين.. لاول مرة منذ 25 عاما: معاريف تكشف تفاصيل قصة تصفية أبو جهاد.
المصدر : سما
الحدث الذي كان يفترض به أن يغير وجه الشرق الاوسط وقع قبل 25 سنة، في 16 نيسان 1988: مقاتلان من وحدة "سييرت متكال" الخاصة، احدهما يتخفى في زي امرأة، اقتربا من فيلا خليل الوزير (ابو جهاد)، نائب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، في مدينة تونس على شاطيء البحر المتوسط. وكان أحد "العاشقين" يحمل رزمة بدت كهدية، فيما أن المقاتل في زي امرأة كان يحمل خريطة للمنطقة. "الشابة" مع الخريطة اقتربت من الحارس كي تطلب منه زعما تفسيرا لكيفية الوصول الى عنوان ما في الحي. وفي نفس الوقت وجه الرجل الذي يحمل الرزمة بندقية مع كاتم صوت كان يخفيها في العلبة، نحو رأس الحارس. حارس ابو جهاد ما كان يمكنه أن يلاحظ العلامة الحمراء التي ارتسمت على جبينه. وفجأة انهار وسقط. رصاصة واحدة اصابته بدقة فتاكة.
هذا الوصف لبداية حملة تصفية ابو جهاد، الذي يؤتى به هنا مع تفاصيل اخرى تكشف النقاب عنها لاول مرة بالنسبة للعملية، ما كان يمكنه أن ينشر حتى الان: حتى وقت أخير مضى لم تعترف اسرائيل بشكل رسمي بانها هي المسؤولة عن عملية تصفية أبو جهاد، والرقابة سمحت بنشر فقط تفاصيل انكشفت من قبل في وسائل الاعلام العالمية. اما الان فيمكن الوصف بالتفصيل احدى العمليات موضع الخلاف الاشد في تاريخ الجيش الاسرائيلي. وستنشر القصة الكاملة الاسبوع القادم في العدد رقم 13 من مجلة "اسرائيل ديفنس".
كان أبو جهاد ابن 53 حين قتل بالرصاص في بيته. وقد اعتبر هدفا للاغتيال منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي بعد أن قدرت الاستخبارات الاسرائيلية بانه يقف خلف عدة عمليات كبرى في اسرائيل نفذت بواسطة قوة بحرية أقامها. احدى تلك العمليات كان يفترض أن تنفذ في معسكر وزارة الدفاع في تل أبيب، من قبل قوة كوماندو تنزل من البحر.
لم يكن أبو جهاد واعيا لذلك، ولكن عدة خطط اغتيال لم تخرج الى حيز التنفيذ. وعندها، مع نهاية العام 1987، تلقت وحدة "سييرت متكال" مهمة الاستعداد لتصفية ابو جهاد. في تلك الفترة اشتعلت في المناطق الانتفاضة الاولى. وفي اسرائيل كان من اعتقد انه سيكون ممكنا تصفية الانتفاضة من خلال ضرب "رأس الافعى" في م.ت.ف، الذي كان في حينه في تونس.
وقد الوحدة في حينه المقدم موشيه بوغي يعلون، ولاحقا رئيس الاركان واليوم وزير الدفاع، والذي كان يعتبر "خارجيا" كونه نما في لواء المظليين وليس في الوحدة ذاتها. وكان نائب يعلون، ناحوم ليف الراحل، احد المقاتلين الاسطوريين في تاريخ الوحدة العسكرية والذي قتل في حادث طرق في العام 2000. وجلب يعلون الى وحدة "سييرت" "خارجي" آخر عمل كضابط استخبارات للوحدة – ايال رجونيس الراحل، الذي خدم تحت إمرته مقبل سنوات من ذلك في وحدة المظليين. وتوفي ايال لاحقا بنوبة قلبية.
بعد أن كلفت القيادة السياسية "سييرت متكال" بمهمة اغتيال ابو جهاد تقرر أن تتم العملية على أرض تونس. وتضمنت احدى الامكانيات التعاون بين "سييرت متكال" و الكوماندو البحرية التي تنقل المقاتلين الى تونس عبر البحر وبشكل سري. خيار آخر كان اجتياحا صاخبا بواسطة مروحيات من سلاح الجو تهبط هناك على نحو مفاجىء.
وطالب رجال سلاح البحرية في حينه اعتبار قائد الكوماندو القائد الاعلى للعملية. اما في "سييرت" فرفضوا ذلك. وفي النقاش الذي جرى لدى نائب رئيس الاركان في حينه، ايهود باراك، بمشاركة رئيس شعبة الاستخبارات أمنون ليبكين شاحك، قال بوغي لرجال سلاح البحرية انهم اذا لم يتخلوا عن طلبهم، فان "سييرت" ستختار الوصول الى الهدف للتعاون مع سلاح الجو وليس معهم. وبعد هذا التهديد تقرر ان يعتبر رجال الكوماندو البحرية كشركاء في عملية هيئة الاركان.
وكان للموساد دور مركزي ايضا. فقد كان رجالها منتشرين جدا في مدينة تونس. وجمعت الموساد وشعبة الاستخبارات كل معلومة عما يجري في تونس وبالاساس عن الفيلا التي كان يسكن فيها ابو جهاد في قلب المدينة قرب العديد من كبار رجالات م.ت.ف . جاره القريب كان محمود عباس، المسمى ابو مازن، رئيس السلطة الفلسطينية حاليا.
بين تونس ورمات هشارون
"وأعد ايال المعلومات الاستخبارية الممتازة وعرف كل قطعة أرض في المكان. كان يعرف اين تعلق كل صورة، كم درجة هناك وغيرها من التفاصيل. كانت له معلومات دقيقة للغاية"، هكذا يتذكر مصدر يعرف جيدا ضابط الاستخبارات رجونيس. ويروي ذات المصدر بانه في مرحلة التدريبات، عندما كان يصل الى البيت مع رمال البحر على ملابسه وشعره كان يسأله ابناء عائلته: "يا ايال أين كنت؟ هل تذهب الى البحر في الليل؟" ولكنه ابقى على صمت صاخب.
وعندما استدعى بوغي يعلون رجونيس للانضمام الى "سييرت متكال" كان خارج الجيش وعاد اليه برتبة رائد. وفي "السييرت" كانوا يتحدثون عن "الفترة حتى ايال والفترة من ايال". وكان التكيف في "السييرت" في البداية صعبا جدا على رجونيس. وفي مرحلة ما ذهب الى رئيس شعبة الاستخبارات في حينه أمنون ليبكن شاحك وطلب منه أن يترك المهمة وقال لشاحك انه في "السييرت" "يحطمون الناس"، ولكنه اقنع بالبقاء. وبعد أن فهم رجال "السييرت" قدراته، اعطوه يدا حرة وأصبح واحدا من الجماعة.
وفي زمن الاستعدادات للعملية كان قائد "السييرت"، بوغي يعلون، يصل الى بيت رجونيس في السبوت وكان الرجلان يدرسان المادة معا. وكان ايال يقول لاخيه اون رجونيس (الذي كان لاحقا نائب رئيس شعبة القوى البشرية برتبة عميد وفي حينه كان برتبة عالية جدا في المظليين) أن يخرج من الغرفة ويغلق على نفسه عندها مع يعلون.
وقيل عن ناحوم ليف: "هو أحد اكثر المقاتلين التزاما وجسارة في الوحدة منذ الازل". وكان ليف ابن البروفيسور زئيف ليف، الحاصل على جائزة اسرائيل في الفيزياء، ومؤسس معهد "ليف" في القدس، الذي يدمج التعليم الاكاديمي التكنولوجي بالتعليم التوراتي. وكان من أوائل معتمري القبعات الدينية الذين يقبلون في "سييرت متكال" في عصر ما بعد حرب يوم الغفران حين كانت الوحدة لا تزال المعقل الحصري لابناء الاستيطان العامل، ولا سيما الكيبوتسات. وبعد مرحلة التأهيل نزع ليف القبعة عن رأسه.
وقبيل العملية عين ليف "استراتيجي" مهمته ليست فقط قيادة العملية في الميدان في الوقت الذي يوجد فيها قائد الوحدة في الخلفية بعض الشيء بل وايضا ان يعد خطة العملية وان يختار المشاركين فيها وفقا للمهام التي سيكلفهم بها.
فترة التدريب على العملية في تونس اجترفت "سييرت متكال". فمدينة تونس تقع على خرائب كارتيغو القديمة، مدينة الفينيقيين الذين كانوا الاعداء الالداء للجمهورية الرومانية. والمسافة بين شاطيء تونس – كارتيغو وبين منزل ابو جهاد كانت 5 كم. ولهذا فقد تقرر اجراء تدريبات على العملية في الفيلل في رمات هشارون التي تقع على مسافة مشابهة عن شاطيء تل باروخ.
ولغرض التدريب حصل أحد سكان البلدة على مفاتيح الفيلل التي سافر اصحابها الى خارج البلاد وكانوا مستعدين لتقديمها في صالح "السييرت". ومشكوك فيه أن يكون سكان الاحياء الفاخرة في رمات هشارون لاحظوا مقاتلي "السييرت" وهم يسترقون نحو الفيلل من الشاطيء المرة تلو الاخرى في اطار التدريبات.
وحسب خطة العملية التي وضعها ناحوم ليف، كان يفترض أن يتخفى أحد المقاتلين في زي امرأة، وطلبوا منه على سبيل التجربة أن يتجول في احدى الامسيات كامرأة في المجمع التجاري ايالون. وقد نجحت التجربة ولعب في دور العشيق ناحوم ليف نفسه.
في بداية العام 1988 قررت القيادة السياسية تأخير العملية في تونس، ولكن ليس لزمن طويل. وجاء الضوء الاخضر أخيرا بعد العملية في "باص الامهات"، قرب ديمونا في 8 اذار 1988. مخربون تسللوا من مصر سيطروا على باص كان يقل عاملات من وزارة الدفاع الى بحث نووي وقتلوا ثلاثة من مسافريه. وفي الغداة جرى نقاش حسم مصير الزعيم الفلسطيني ابو جهاد. وشارك في النقاش رئيس الوزراء اسحق شمير، وزير الدفاع اسحق رابين، وزير الخارجية شمعون بيرس، رئيس الاركان دان شمرون، نائبه ايهود باراك، رئيس شعبة الاستخبارات امنون ليبكن شاحك، مستشار رئيس الوزراء لشؤون الارهاب يغئال بارسلر، رئيس الموساد ناحوم ادموني ونائب شبتاي شفيت.
وتلقى رجال "سييرت متكال" والكوماندو البحرية الامر بالاستعداد من جديد للعملية، وهذه المرة أعادوا تنفيذ تدريبات النموذج ولكنهم لم يضطروا الى تكرار مراحل التخطيط. والطريق الى تونس كانت طويلة ولكن البحر كان هادئا. وخرجت الى الرحلة خمس سفن صواريخ، وتوقفت حيال تونس في منتهى السبت – المساء الذي تقرر كموعد للاغتيال.
تصفية ضرب أربعة
وحسب المنشورات الاجنبية على مدى السنين، بدأت العملية عمليا قبل وصول قوات الجيش الاسرائيلي الى الشاطيء، عندما استأجر اثنان من رجال الموساد وعميلة ثالثة سيارات من نوع "فولسفاجن ترانسبورتر" من ثلاث شركات تأجير مختلفة في تونس. ومكثوا في المدينة بهوية لبنانية زائفة ودفعوا نقدا على كل واحدة من السيارات.
ورست سفن سلاح البحرية الاسرائيلي بعيدا عن الشاطيء التونسي كي لا تترك علامة مشبوهة على شاشات الرادار. وحامت طائرات قتالية في السماء على مسافة عالية، جاهزة للهجوم اذا ما تطلب الامر تدخلها. وعلى سفينة صغيرة وقريبة نسبيا من الشاطيء وقف قائد قوة الانقاذ التي انتظرت المقاتلين لعودتهم من العملية.
وبدأت العملية نفسها بنزول رجال الكوماندو البحرية الى الشاطىء في قوارب مطاطية. وكان الشاطىء هادئا ومقفرا. وحسب اشارة متفق عليها نزلت الى الشاطىء القوارب المطاطية التي أقلت رجال "سييرت متكال". وفي الشاطىء كانت بانتظار المقاتلين سيارات الترانسبورتر التي يقودها عملاء الموساد. وكانوا يعرفون المدينة جيدا، ونقلوا رجال "السييرت" في رحلة استغرقت عدة دقائق مباشرة الى فيلا ابو جهاد.
نائب رئيس م.ت.ف كان لا يزال مستيقظا في الساعة الثانية قبل الفجر، عندما انتشر مقاتلو السييرت خارج فيلته بصمت، في أربع خلايا مختلفة. ناحوم ليف والمقاتل في زي امرأة كانا اول من توجه الى بيت ابو جهاد. تصفية الحارس كان اشارة الهجوم على البيت. كل خلية عرفت جيدا ما هي المهمة المخصصة لها في الهجوم. احدى الخلايا صفت جنائني كان في ساحة البيت، بينما مجموعة غير كبيرة من المقاتلين دخلت الفيلا، بعد أن اقتحمت الباب بواسطة معدات آلية حملتها معها.
حارس آخر لابو جهاد قتل في اشتباك مع رجال "السييرت" في قبو الفيلا. انتصار الوزير (ام جهاد) زوجة ابو جهاد، التي تعيش اليوم في رام الله، روت لاحقا بانه عند الاقتحام كان ابو جهاد يجلس على الطاولة وعندها دفعها، نهض بسرعة وتناول مسدسه من الخزانة. "سألته: ماذا حصل؟ ماذا حصل؟ سمعت صوت اقتحام الباب من الاسفل وصراخ الناس. وعلى الفور فهمت ماذا حصل. صرخت لابو جهاد... ولم يتمكن من اجابتي. توجه الى باب غرفة النوم وأنا وراءه. كل شيء حصل في غضون ثوانٍ. رأيت أناسا ملثمين، لا تظهر منهم سوى العيون والشعر. ابو جهاد دفعني الى داخل غرفة النوم. أحد الاسرائيليين اقترب اليّه واطلق النار عليه من مسافة قريبة. ابو جهاد سقط. ذهبت اليه، انحنيت عليه وعانقته. احد الاسرائيليين وجه مسدسا الى ظهري وأبعدني الى الحائط. وقفت مع وجهي الى الحائط. كنت واثقة بانه سيطلق النار عليّ. الرجل الذي أطلق النار على ابو جهاز تنحى جانبا. احد ما ثالث اطلق النار على ابو جهاد، وعندها احد رابع جاء واطلق النار على ابو جهاد، ولكن في واقع الامر الجندي الاول كان قد قتله".
المقاتل الذي كان اول من أطلق النار على ابو جهاد كان في حينه في العشرينيات من عمره ستكون له بعد ذلك امور عظيمة في جهاز الامن، وان كان لم يصل أبدا الى قيادة "سييرت متكال". بعد عدة ثوانٍ من ذلك هدأت النار في فيلا ابو جهاد، وفي شبكة الاتصال سمع صوت القائد يبلغ غرفة القيادة البحرية: "المدير وعماله الثلاثة في طريقهم الى عالم كله خير". وكان المعنى واضحا من ناحيتهم
ومثلما زعم في الماضي، فان قائد "السييرت" يعلون كان هو الرجل الذي أكد بكلتا يديه مقتل ابو جهاد، بعد عدة دقائق من اقتحام غرفته. وأدت العملية في تونس الى منح ثلاثة من رجال "سييرت متكال" أوسمة بطولة من رئيس الاركان بينهم كان أيضا ناحوم ليف.
بعد اشهر من التصفية كان ايال رجونيس في فرنسا وحل ضيفا لدى عائلة يهودية في وليمة السبت. وتدحرج الحديث وتبين بان تلك العائلة هي في الاصل من تونس، كانت تعيش في منطقة قريبة من حي فيلا ابو جهاد. والقى ايال الى الهواء: "آه، يوجد هناك كشك فلافل ممتاز". وفوجيء ابناء العائلة جدا. فقد اعتقدوا أنه هو ايضا قد يكون من أصل تونسي وسألوه: "كيف تعرف المكان؟" فأمسك ايال نفسه وقال: "ببساطة رووا لي بان هناك فلافل طيب جدا". مشكوك ان يكونوا صدقوه.
هل يستحق الثمن؟
تصفية ابو جهاد كانت المرة الاولى التي تحاول فيها اسرائيل تغيير سياق التاريخ من خلال قتل زعيم عربي بارز. بعد ثلاث سنوات من ذلك قاد ايهود باراك كرئيس أركان حملة التصفية الجوية، شبه العفوية، لزعيم حزب الله عباس موسوي – الذي في موته خلف لنا حسن نصرالله الاسوأ منه. في ولاية نتنياهو الاولى كرئيس وزراء نفذت على أرض الاردن محاولة اغتيال فاشلة لرئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل. والمحاولة عظمت فقط مشعل وعززت مكانته.
ولكن كانت ايضا تصفيات ناجحة في نظرة الى الوراء: في 1995 صفي في مالطا زعيم الجهاد الاسلامي الفلسطيني فتحي الشقاقي في عملية نسبت الى اسرائيل. اغتيال احمد ياسين (2005) وجه ضربة قاسية لحماس، وكذا الاغتيالات الاخرى لكبار رجالات حماس ساهمت بدورها في وقف العمليات الانتحارية في العقد الماضي.
وماذا بالنسبة لتصفية ابو جهاد؟ بعد 25 سنة من التصفية مشكوك جدا أن تكون فيها منفعة لاسرائيل. فالعملية لم تدخل ابدا في اطار العمليات البطولية لـ "سييرت متكال" مثل عملية "ربيع الشباب" في بيروت (1973)، التي استعاد ذكراها المشاركون فيها بحماسة المرة تلو الاخرى. اما عن العملية في تونس فيكاد لا يتحدثون. وزير الدفاع حديث العهد هو الاخر رفض تناولها هذا الاسبوع.
احد قادة الـ "سييرت" يقول: "صعب جدا القول ان العملية أثرت في شيء على سياق التاريخ. فهي بالاساس أثارت المناطق وحمست الانتفاضة. في العام 1988 أخذ الفلسطينيون انطباعا كبيرا عن قدرة اسرائيل في اطلاق أول قمر صناعي الى الفضاء بواسطة صاروخ شفيت مما من العملية التي بدت لهم جبانة بالذات وتنبع من عدم قدرة الجيش الاسرائيلي على مواجهة الانتفاضة في المناطق بوسائل عسكرية. كان لتصفية ابو جهاد تأثير أمني سلبي فقط، وهذا حتى قبل فحص الضرر الذي الحقته العملية باسرائيل على المستوى الدولي وفي العلاقات بعيدة المدى مع الفلسطينيين".
يديعوت تكشف كيف قامت اسرائيل بتصفية قائد كتائب القسام الشهيد الجعبري.
المصدر: سما
كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية في عددها الصادر اليوم الجمعة كيف تمت عملية تصفية الشهيد احمد الجعبري، المسؤول العسكري الأبرز لحركة حماس، وقالت الصحيفة:
وضع رئيس هيئة الاركان بني غانتس راحتيه على الطاولة في مكتبه وانتصب قائما من الكرسي. "بدأنا"، قال وخرج من الغرفة. وهكذا بدأت عملية "عمود السحاب" بعد دقائق معدودة فقط من احراز صورة النصر وهي اغتيال المطلوب رقم 1، رئيس هيئة اركان جيش حماس، احمد الجعبري، من الجو.
كان الجعبري (52) سنوات على رأس قائمة أهداف اغتيال الجيش الاسرائيلي. "استُعملت حوله جميع القدرات"، يكشف عن هذا الرائد ط. ، ضابط الفهم الشبكي المسؤول عن مجال الارهاب الفلسطيني في وحدة جمع المعلومات 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات. "تعلمنا ان نعرفه وان نفهم ما يفعله وان "نخنقه" استخبارية ببساطة".
أُعلن قبل نحو من سنتين ان الجعبري هو "الهدف ذو التفضيل الأعلى". أو كما قال رئيس هيئة الاركان غانتس في المدة الاخيرة: "من الخطأ الأساسي ان نقول ان الجعبري قد اغتيل في الرابع عشر من تشرين الثاني 2012. ففي ذلك الوقت نُفذ الاغتيال المادي نفسه فقط لكنه كان مستهدفا لنا قبل ذلك بزمن طويل. وقد انتظرنا فقط الوقت المناسب والموافقة". وكان الذي "حافظ" على الجعبري حيا ومنع اغتياله جندي الجيش الاسرائيلي جلعاد شليط خاصة. عُد الجعبري المسؤول عن اختطاف شليط في 25 حزيران 2006 واحتجازه أسيرا خمس سنوات. وطول تلك المدة امتنع الجيش الاسرائيلي عن المس بالجعبري خشية على حياة شليط لكن كان واضحا ان حصانة الجعبري ستزول منذ لحظة الافراج عن شليط.
وعلم الجعبري انه يحيا في زمن مستعار وسلك على حسب ذلك. "نجا في الماضي من اغتيال"، يقول الرائد ط. "كان شكاكا وكان عالما جيدا بأن الجيش الاسرائيلي يتعقبه. وسلك سلوك مطلوب على نحو قاطع فسكن عدة بيوت. ولم يسافر وحده في سيارة بل الى جانب ناس اعتمد عليهم فقط. ولم يخرج لتناول الطعام في المطاعم بل جيء بالطعام الى بيته. واعتمد حقا على حلقة ضيقة فقط من المساعدين المقربين. وقد علمنا انه حينما يفعل أحد اولئك المقربين شيئا ما فان ذلك يتصل بالجعبري".
باعتبار الجعبري رئيس اركان حماس كان معظم وقته مصروفا الى موضوع الذراع العسكرية للمنظمة. "اعتاد كما هي الحال في كل منظمة عسكرية ان يُجري لقاءات عمل مع المستويات العليا للذراع، وان يصل الى مواقع حماس ويراقب التدريبات"، كما يصف الرائد ط. "ومع ذلك اجتهد كي لا يخرج في جولات كثيرة لأنه علم أننا نتعقبه. وفي لقاءات كثيرة كان كبار مسؤولي الذراع هم الذين يأتون اليه كي لا يضطر الى الخروج اليهم والكشف عن نفسه"
في يوم الاربعاء 14 تشرين الثاني 2012 قبل الساعة الرابعة بعد الظهر بخمس دقائق بالضبط بلغ سباق هرب الجعبري نهايته. فقد أطلقت وسيلة طيران من سلاح الجو النار على السيارة التي كان يستقلها في مركز مدينة غزة. وقُتل الجعبري وسائقه بالانفجار وانطلقت عملية "عمود السحاب" لوجهتها. ويكشف "ملحق السبت" الآن لأول مرة عن الشبكة التي حُبكت في الجيش الاسرائيلي والأذرع الاستخبارية حول الجعبري وعما حدث في الـ 48 ساعة الحاسمة التي سبقت التصفية.
إن الجسم الذي ركّز وحلل في السنوات الاخيرة أكوام المواد الاستخبارية التي جمعتها عن الجعبري أجسام جمع المعلومات المختلفة هو الساحة الفلسطينية في قسم البحث التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان". "لم يكن الجعبري فقط رئيس اركان حماس بل كان أكثر من ذلك"، يُبين المقدم زيف من قسم البحث. "كان في الوسط بين المستوى العسكري للمنظمة والمستوى السياسي لها. وقد تحكم تحكما جيدا جدا بالطبع بالذراع العسكرية لكنه كان ذا صلة ايضا بالقيادة السياسية فهاتان الذراعان غير مفصولتين بعضهما عن بعض
"بدأت حركة حماس بعد السيطرة على قطاع غزة فورا تقوية عناصر الحكم. وكان شعور حماس بأنها قادرة على القيام بالادارة وبالارهاب ايضا. وحطمت عملية "الرصاص المصبوب" عندهم هذا التصور وبدأت الحركة تقوي المجال السياسي. ولاحظ الجعبري هذا التوجه وبدأ يقترب من الذراع السياسية فبنى لنفسه تأثيرا كبيرا في الاتجاهين العسكري والسياسي".
بيد ان الزمن فعل فعله وأخذ يضعف الردع الاسرائيلي الذي تم الحفاظ عليه منذ كانت عملية "الرصاص المصبوب". "تحولت جولات التصعيد في السنتين 2011 – 2012 الى أكثر عنفا – من جهة كمية اطلاق الصواريخ ومداها والأهداف"، يُبين واحد من كبار المسؤولين في سلاح الجو. "أدركنا انه يجب علينا ان نحطم هذا الرسم البياني وكان واضحا أننا نتجه الى عملية أساسها معركة جوية مهمة تضرب مخزونات القذائف الصاروخية ووسائل القتال. وعلمنا ايضا ان اصابة محاور اتخاذ القرارات والقيادة تؤثر جدا في العدو، وعلى حسب ذلك تم تخطيط "عمود السحاب"".
هل حدد الجعبري هدفا أول في خطة العملية؟
"كان الجعبري مستهدفا على نحو عام. وظهر اسمه في خطة درج "عمود السحاب" الى جانب أسماء اخرى. وفي الـ 48 ساعة بين يوم الاثنين ويوم الاربعاء الذي بدأت العملية فيه، بُذلت جميع الجهود الاستخبارية للبحث عن فرصة اغتياله – أو اغتيال مسؤولين كبار آخرين"، والحديث فيمن يُتحدث عنهم عن قادة ألوية في الذراع العسكرية لحماس.
"على حسب جولات التصعيد التي سبقت استقرار الرأي على عملية عمود السحاب، علمنا أن حماس تتجه الى الارهاب مرة اخرى"، يضيف المقدم زيف. "سألونا: كيف يمكن ان نفاجيء حماس؟ وقد كان اسم الجعبري منذ زمن على الطاولة".
في تلك المرحلة عُرض على قسم البحث سؤالان يبلغ الجواب عنهما الى طاولة رئيس الوزراء. وكان السؤال الاول: كيف سترد حماس على اغتيال الجعبري؟ هل تطلق صواريخ على تل ابيب أم تستمر في الاطلاق الى نفس المدى؟ والسؤال الثاني: كيف سيؤثر اغتيال الجعبري في حركة حماس في أمد بعيد؟.
"في الجواب عن السؤال الاول عرضنا عددا من سيناريوهات الرد المحتملة من حماس اشتملت على اطلاق صواريخ ايضا على مركز البلاد"، تكشف النقيب عدي وهي ايضا من قسم البحث. بازاء تقدير قسم التحقيق من شعبة الاستخبارات العسكرية أن اغتيال الجعبري قد يفضي الى اطلاق الصواريخ على غوش دان، بحثوا في الجيش الاسرائيلي وفي جهاز الامن الكلفة في مقابل الفائدة. وكان الذي رجح كفة الاغتيال عملية القضاء على مخزونات القذائف الصاروخية البعيدة المدى لحماس التي خُطط لتنفيذها بعد اغتيال الجعبري فورا والاعتماد ايضا على قدرات منظومة "القبة الحديدية".
"وكان جواب السؤال الثاني أكثر تعقيدا"، يقول المقدم زيف. "إن الجعبري في الحقيقة عامل مهم جدا في حركة حماس لكنها تستطيع ان تواجه غيابه. ومنذ كان اغتيال زعيم الحركة أحمد ياسين والرنتيسي الذي حل محله، أدركوا في حماس انه لا يمكن ان يكون كل شيء في يد انسان واحد. وأصبحت البنية الحاكمة شبه هرم مقطوع الرأس ليس طرفه الأعلى شخصا واحدا بل اربعة أو خمسة من كبار المسؤولين. وكان الجعبري واحدا من اولئك الكبار الى جانب أسماء مثل نزار عوض الله، ومحمود الزهار وخليل الحية. وبرغم ذلك كان التقدير ان اغتياله سيسبب زعزعة شديدة في الحركة وشعورا بالتغلغل الاستخباري وتجديد الردع الذي ضاع بعد "الرصاص المصبوب".
"لم نكن نفكر الى ما قبل الخروج الى عمود السحاب بـ 48 ساعة، ألبتة في أن خيار اغتيال الجعبري "سيدخل اللعبة""، يقول مسؤول رفيع المستوى في هيئة القيادة العامة كان مطلعا على سر كل تدبيرات التخطيط. "حينما بدأ التباحث في العملية، لم يظهر اسم الجعبري باعتباره هدفا للعمليات. وقال رئيس هيئة الاركان: "يُحتاج الى ضربة افتتاحية"، وكان القصد الى عدد من كبار المسؤولين في الرتب الميدانية. الى مقدار ضئيل يبلغ 2 أو 3 من كبار المسؤولين. واعتقدنا انه ستكون جولة تصعيد قوية كما كان في الماضي، وكان المنطق ان جميع رؤساء المنظمة سيكونون متحصنين عميقا تحت الارض. وحينذاك أُتيحت الفرصة الاستخبارية للوصول الى الجعبري. وأعلنت "أمان" و"الشباك" أنهما قادرتان على فعل ذلك وانه يمكن حصد ثمرات عمل جاهد جدا لمدة سنتين".
أوصى "الشباك" بأن تكون ضربة بدء عملية عمود السحاب هي اغتيال الجعبري والتزم أن يقدم جميع المعلومات المطلوبة لانشاء صورة استخبارية دقيقة كاملة تفضي الى اغتياله الناجح مع أقل عدد من المصابين من الأبرياء – معلومات جُمعت مدة سنين ومعلومات تم الحصول عليها في الوقت الحقيقي.
في المباحثة المغلقة التي ظهر فيها لأول مرة اسم الجعبري في سياق عملية "عمود السحاب" كان يجلس مع رئيس هيئة الاركان ايضا رئيس "أمان" اللواء أفيف كوخافي، ورئيس شعبة التخطيط اللواء نمرود شيفر، ورئيس شعبة العمليات اللواء يوآف هار – إيفن، ورئيس فريق الجو في سلاح الجو العميد عميكام نوركين، ومتحدث الجيش الاسرائيلي العميد يوآف (بولي) مردخاي، ورئيس مكتب رئيس هيئة الاركان المقدم ييكي غولف. وكان قائد سلاح الجو، اللواء أمير إيشل، في رحلة عمل الى الولايات المتحدة.
"حينما وضع اسم الجعبري على الطاولة كانت الغريزة الاولى لرئيس هيئة الاركان تقول ان هذه خطوة متقدمة الى الأمام وانه لا يصح قتله"، يتذكر ذلك المسؤول الكبير الذي شارك في المباحثة. "إن بداية كهذه لن تفضي الى جولة (اخرى)، بل ستفضي بنا الى مكان آخر"، قال الفريق غانتس. لكنه برغم ذلك لم يُسرع الى رفض هذا الامكان رفضا باتا. وكان واضحا لجميع حضور المباحثة ان الكلمة الاخيرة في هذا الشأن لم تُقل بعد".
وخرج رئيس هيئة الاركان من المباحثة واتجه الى جولة مشاورات بأربع عيون. تحدث طويلا الى رئيس "الشباك" يورام كوهين، والى قائد منطقة الجنوب تال روسو، والى اللواء أفيف كوخافي رئيس "أمان"، بغية الحصول على أجوبة عن الاسئلة التي وجهت في الحال الى قسم البحث في "أمان". "أراد رئيس هيئة الاركان ان يعلم ما هي النار التي سيشعلها هذا الاغتيال: هل سيقف الامر عند العملية أم يفضي الى احتلال غزة من جديد"، يتذكر ذلك المسؤول الكبير. "وأجرى بعد ذلك محادثات تشاور في هذا الشأن ايضا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومع وزير الدفاع آنذاك اهود باراك".
كان الضغط على رئيس الاركان من اجل العمل كبيرا جدا. في الاسبوعين الاخيرين انفجرت ثلاثة ألغام عند الأسلاك الشائكة الحدودية وكان واضحا انه لا يمكن الامتناع عن الخروج في عملية تعيد للجيش الاسرائيلي قدرة الردع. وقبل ذلك باسبوع عرض رئيس هيئة الاركان على المجلس الوزاري المصغر السياسي الامني خطة عملية اشتملت على انجاز كبير في المرحلة الاولى وعلى هجوم جوي بعد ذلك. وعُرض الانجاز المخطط له في بدء العملية على المجلس الوزاري المصغر بصفة اغتيال لكن من غير ذكر اسم ما، فقد قيل في العرض على المجلس الوزاري المصغر انهم "مسؤولون كبار من حماس".
في فراش الجعبري
وفي تلك الاثناء كانت واقعة تتلو واقعة، ولم يعد الجيش الاسرائيلي قادرا على الاستمرار في ضبط النفس. في يوم الخميس الثامن من تشرين الثاني 2012 انفجر نفق مفخخ ضخم تحت محور هوبرز القريب من الأسلاك الشائكة الحدودية. وكان النفق الذي اشتمل في داخله على مئات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة مخصصا كما يبدو لتنفيذ عملية ضخمة أو لاختطاف جندي. وبعد ذلك بيومين في نهاية الاسبوع، أُطلق صاروخ مضاد للدبابات على دورية استطلاع للجيش الاسرائيلي كانت تسير قرب الجدار شمالي القطاع وجُرح اربعة جنود.
في نهاية مشاورات وبعد تلقي تقدير قسم البحث من "أمان" عن التأثيرات المحتملة للعملية أصدر رئيس الوزراء ووزير الدفاع موافقة مبدئية على اغتيال الجعبري. أما قرار تنفيذ الاغتيال بالفعل، كما تقرر، فيتخذه رئيس هيئة الاركان فقط وهو يملك الصورة كاملة، أي: استعداد القوات واستعداد بطاريات "القبة الحديدية"، واستعداد الجبهة الداخلية ومعطيات حالة الجو وغير ذلك.
واتخذ غانتس قرارا وقال: "سننتظر الجعبري يومين. الى ظهر يوم الاربعاء. فاذا لم نجده حتى ذلك الحين فان الامر سيطول كثيرا. وفي هذه الحال سنبدأ العملية باغتيال اثنين أو ثلاثة من كبار المسؤولين برتب ميدانية".
ونزلت التوجيهات الى الرتب الميدانية فدخل "الشباك" والوحدة 8200 وفريق الطيران الاستخباري الذي يفترض ان يساعد على الاغتيال أقصى استعداد.
"في الغد، وفي وقت مبكر جدا في الصباح، جمعت "فريق الجعبري" من الوحدة"، يصف الرائد ط. من الوحدة 8200. "أبلغتهم ان القرار قد اتُخذ وهدفنا الآن هو الاتيان بالجعبري. الحديث عن بضع عشرات من الجنود أصبحوا مطلعين على السر ويعلمون ان الجعبري هو الهدف الآن. ومن الواضح لنا جميعا أنه يجب ان نأتي بالمعلومات المحددة وأين يوجد بالضبط".
"هفللاه" (اصابة دامغة)، هذا هو المصطلح المستعمل للتعرف المؤكد لهدف من أهداف الاغتيال. "طوال تلك الساعات كان عندنا عدد من الدلائل الجزئية لكن أكثرها لم ينضج ليصبح اصابة دامغة مؤكدة"، يصف الرائد ط. "تم الأمر على مراحل الى أن أدركوا ان تلك سيارته والى ان تحققوا من انه موجود هناك يقينا. وعرفنا كيف نصاحبه لكن ليست كل مصاحبة كهذه تنضج لتصبح اصابة دامغة".
كيف كان الجو في الفريق طول ذلك الوقت؟
"كان شعور توتر عظيم. فالحديث آخر الامر عن أولاد شباب في التاسعة عشرة والعشرين من أعمارهم يجلسون ويدركون عظم الحدث الذي يشاركون فيه. فليس هذا نشيط ارهاب آخر بل هو احمد الجعبري. وهو الرجل الذي طُلب اليهم فترة طويلة ان يعرفوا عنه كل شيء. متى يمضي للنوم ومع من ومن هم مساعدوه. كل شيء".
وكيف تبلغون آخر الامر الى اصابة دامغة مؤكدة؟
"نضيق الخناق. ونوسع الغطاء حوله وحول كل الحلقات المتصلة به. العائلة والمساعدين المقربين والمساعدين البعيدين وكبار المسؤولين في المنظمة ورجال الارتباط. نفحص كل شيء. لا يمكن ان نعلم في أي دائرة توجد التفصيلة الاستخبارية التي تجعله مستهدفا. يجب ان نتذكر أنه حذر على نحو منقطع النظير. وقد اعتاد دائما ان يُبدل مساعديه ويُبدل السيارات ويُبدل البيوت. ولم يكد ينام مرة واحدة أكثر من ليلة واحدة في نفس المكان. لقد عرفناه الى هذه الدرجة".
إن تشكيلة الطيران الاستخبارية التي ساعدت على الاصابة الدامغة للجعبري موجودة في قاعدة سلاح الجو في مركز البلاد. ويمكث أفرقاء تشكيلة الطيران المؤلفين من طيارين ومُجري استطلاعات جوية على نحو دائم في سماء قطاع غزة ويهتمون بتقديم كل معلومة استخبارية ممكنة عما يجري في الميدان.
"في اللحظة التي أبلغوني فيها انه استقر الرأي على اغتيال الجعبري، وضعت في التشكيلة لليوم القريب أفضل الأفرقاء تدريبا"، يقول المقدم أ. قائد التشكيلة الجوية. "الحديث عن أفرقاء اخترتهم بحرص على حسب مستوى أهليتهم. ولم أترك شيئا للصدفة. وفي يوم الثلاثاء علمت ان الجعبري هو المهمة لكن في الغد في التوجيه الذي أجريته في الساعة 11 صباحا، كشفت للأفرقاء الذين استعملتهم في التشكيلات الجوية عن المهمة لأول مرة. وكان من المهم عندي أن يعلموا أي وسائل طيران اخرى من السلاح ستكون في الجو حولهم وان يدركوا ايضا ما هو الواقع الذي قد يهبطون اليه بعد الاغتيال. بل قد توجد صواريخ على قاعدة التشكيلة الجوية. ولم يُفاجأ أفرقاء التشكيلة، فالحديث عن عمل ليس غريبا عليهم وقد كنا نشغل أنفسنا بالجعبري زمنا طويلا جدا من قبل. والآن، في التوجيه، قاموا ببساطة بالتأهب وحصروا عنايتهم في المهمة، بل انه لم يثر احتمال الفشل في التوجيه بسبب معرفتي العميقة بالتقنيات والقدرات".
ضُم الى التشكيلة الجوية التي أقلعت الى قطاع غزة في الساعة 12 ظهرا المستطلِع الجوي الرقيب ي. (21)، الذي يسكن في واحدة من القرى الزراعية في عيمق حيفر. والمستطلِع الجوي يوجد في فريق الطيران الذي يحلق فوق المنزل وهو خارج مدى سمع ناس حماس وبصرهم. وهو يصاحب بمساعدة وسائل رؤية ليلية خاصة الهدف و"يُطبق" عليه. وفي تلك اللحظة يتم الاطلاق من وسيلة طيران اخرى.
"صاحبت التشكيلة الجوية بعد التوجيه وكنت قد أصبحت أعلم من هو الهدف"، يستعيد ي. "تحركنا بين عدد من المراكز بحسب المعلومات الاستخبارية التي تم الحصول عليها من "الشباك" والوحدة 8200. وبعد نحو من ساعتين تم تلقي معلومة ان الجعبري موجود كما يبدو في مبنى ما ووصلنا الى هناك وقمنا من فوق البيت".
في ذلك اليوم، في الفجر، استيقظ الرائد ط. بعد بضع ساعات نوم نجح "في استراقها" في القاعدة 8200. "أدركنا في اثناء الليل ان الخناق حول الجعبري بدأ يضيق. واستيقظت عالما ان "اليوم هو اليوم". وطوال اليوم في الحقيقة تقاطعت جميع المعلومات وبدأنا "نحاصره". وندرك أين يوجد ولماذا، ومتى سيكون هناك ومع كم من الناس. وفي غضون ساعات قليلة كنا قد اصبحنا "عليه" بيقين. وعلمنا الى أي مبنى سيدخل ويجب الآن فقط ان ننتظر كي يخطيء ويخرج".
في بئر سلاح الجو في الكرياه في تل ابيب الذي يدعى "كوك بيت"، كان يجلس رئيس فريق جوي هو العميد نوركين وهو الشخص الذي أدار في واقع الامر عملية الاغتيال. وقد مكث في البئر 48 ساعة متصلة منذ تمت الموافقة على اغتيال الجعبري، وكان سيبقى هناك ايضا في الـ 24 ساعة الاولى من عمود السحاب. وفي مقر "الشباك" تم فتح غرفة عمليات خاصة للعملية تكون مشغولة بالعاملين 24 ساعة كل يوم. وجرت الى غرفة العمليات كل المعلومات ونُقحت وحُللت هناك قبل ان تُنقل قدما الى متخذي القرارات.
وتابع رئيس هيئة الاركان ما يجري من مكتبه في الطابق 14 في الكرياه مشغولا بالموافقة على الخطط لاستمرار عملية عمود السحاب التي لم تبدأ بعد. وأضاء المقدم دولف رئيس مكتبه من اجله الشاشتين اللتين بُثت عليهما الصور التي أُرسلت من الطائرة الاستخبارية وهكذا كان غانتس يستطيع ان يرى في الوقت المناسب البيت الذي يوجد فيه الجعبري بحسب المعلومات الاستخبارية.
في ذلك الوقت كان رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع باراك في جولة على الحدود الشمالية وفي منطقة هضبة الجولان كانت قد تقررت مسبقا للوقوف من قريب على التطورات في الساحتين السورية واللبنانية. وتقرر في اطار صرف الذهن عدم الغاء الجولة ولم يتجه الشخصان الكبيران الى البئر في تل ابيب بل استمرا في جدول عملهما المعتاد. ويكشف عنصر أمني رفيع المستوى قائلا: "كانا بالفعل على يقين من انه سيتم آخر الامر اغتيال مسؤولين كبيرين في المستويات الميدانية من حماس، ولم يكونا يؤمنان بأن الجعبري هو الذي سيتم اغتياله".
وبقي قائد سلاح الجو الذي كان يفترض ان يدير عملية الاغتيال، في الولايات المتحدة. "علم قائد سلاح الجو بالطبع أننا متجهون الى اغتيال الجعبري وأعلن فورا قائلا: أنا عائد"، يتذكر أحد كبار مسؤولي هيئة القيادة العامة. "وقال له رئيس هيئة الاركان "إبق". لأنك اذا عدت فجأة فسيدركون ان شيئا ما يحدث وسينشرون فورا في وسائل الاعلام: لماذا قطع قائد سلاح الجو زيارته للولايات المتحدة؟. وكان قائد سلاح الجو قد استدعى رحلة عودة الى اسرائيل في يوم الثلاثاء ليلا لكننا ألغيناها وألغينا ايضا تلك التي استدعاها صباح الاربعاء. وحينما عاد اللواء ايشل بعد الاغتيال كان عصبيا جدا لأنه أضاع ذلك ولم يكن من الممكن الاقتراب منه".
بلغ التوتر ذروته في "كوك بيت" سلاح الجو. "هدوءا، وصمتا، إن عيون الجميع مركزة على العميد نوركين"، قال أحد الحضور.
"في حوالي الساعة 3 ظهرا كانت جميع الدلائل تُبين أننا بدأنا نصل الى الهدف. وانحصرت المعلومات في البيت الذي تحلق فوقه الطائرة الاستخبارية والسيارة التي يفترض ان يدخلها الجعبري. إن المسؤولية كلها ملقاة على كتفي نوركين ويشبه ذلك مفترق "تي" فاذا اخترت ان تتجه الى الاتجاه الصحيح فسيكون ذلك جيدا وإلا فسيبدو الامر مختلفا. ويحول "الشباك" معلومة اخرى. يجب ان تكون علاقات الثقة بين المنظمات جيدة جدا فالحديث بعد كل شيء عن شخص ما من منظمة اخرى لا يخضع لسلاح الجو ولا يلبس البزة العسكرية وهو الذي يقول آخر الامر: "هذه هي السيارة". وفي هذه الحال لا يوجد وقت للفحص.
الحديث عن نافذة زمن يبلغ ثواني. والشيء الوحيد الذي يجب حصر العناية فيه هل توجد شروط تنفيذ أم لا. وسيقولون في حال الفشل، لا سمح الله: "هاجم سلاح الجو" أو "هاجم الجيش الاسرائيلي". وأشد من ذلك في حال الفشل ان جميع مسؤولي حماس الكبار سيختفون دفعة واحدة".
وتمر الدقائق ولا ذكر للجعبري. وبدأت الاعصاب تتوتر ايضا في مكتب رئيس الاركان. وكلما مر الوقت بدأ اشخاص كبار في هيئة القيادة العامة يحاولون التأثير في غانتس. "قولوا له: لا تنتظر. مُرْ باغتيال المسؤولين الكبيرين في الميدان"، يصف ذلك أحد الحضور في المكتب. "هذه لعبة اعصاب. أربما لن يخرج الجعبري ألبتة هذا المساء؟ أربما يبقى للنوم هناك في الليل؟ واستمر عدد من كبار المسؤولين يضغطون. وقالوا لرئيس هيئة الاركان: عندك عصفوران في يدك، سنضيعهما ايضا آخر الامر، فاتجه اليهما". بل إن العميد مردخاي، متحدث الجيش الاسرائيلي الذي نشأ في الوحدات الاستخبارية المختارة في الجيش الاسرائيلي، بدأ يخاف. "يالله، كم سننتظر؟" سأل. لكن رئيس هيئة الاركان لم يخضع للضغوط بل حافظ على برود اعصاب وخفض الاصوات الضاغطة. وأيد رئيس "الشباك" يورام كوهين ورئيس "أمان" اللواء أفيف كوخافي موقفه. فقد اعتقدا انه يجب انتظار الجعبري أكثر. وكان رئيس هيئة الاركان "على الطرف" حقا، فلو ان الجعبري بقي في ذلك البيت ساعة أو ساعتين لكفوا عنه".
قبل الساعة 4 ظهرا بخمس دقائق ظهر اشخاص على الشاشتين. كان الجعبري يخرج من المبنى ويدخل السيارة، وصادق "الشباك" والعاملون في 8200 على ذلك بقولهم: "هذا الجعبري. توجد اصابة دامغة".
وأبلغ المقدم دولف رئيس هيئة الاركان والمسؤولين الكبار قربه في المكتب قائلا: "خرج، نطبق عليه".
ولا يتردد العميد نوركين في "كوك بيت" فيأمر بالعملية قائلا "نفذ".
ويُطلق الصاروخ وتصاب السيارة. وما يزال في "كوك بيت" هدوء متوتر والعيون جميعا مصوبة الى الشاشات ولا توجد صيحات ابتهاج بل ينتظرون معلومات استخبارية عن الارض. هل أصيب الجعبري حقا؟ وهل كانت تلك هي السيارة الصحيحة؟ وإن لم تكن كذلك أفربما يكون موجودا في سيارة اخرى ويجب اتخاذ قرار على مهاجمتها ايضا؟.
في غضون دقائق معدودة تم تلقي الجواب وهو ان احمد الجعبري رئيس اركان حماس قد صُفي.
وراقب الرقيب ي. اغتيال الجعبري من الطائرة الاستخبارية التي حلقت فوق البيت. ويستعيد ذلك قائلا "لم يكن يوجد زمن كثير للهضم، بل إنني لم أستطع التأثر أو ادراك حجم هذا الاغتيال. حينما خرج من المبنى حافظنا على صلة عين به وصاحبناه في تعقب جوي حتى لحظة الهجوم. ورأينا سيارة وحولها ناس كثيرون. وصاحبناه من أعلى طول الوقت. وراقبنا من يدخل السيارة أو من يخرج منها، وفحصنا انه لا يضيع وانه لا يوجد اولاد حوله. ونحن نسمي هذا في اللغة المهنية "أحيزاه" (قبضة). وعملنا ألا نضيعه. والحديث من الخروج من المبنى ودخول السيارة الى لحظة الاغتيال عن دقائق. وفي لحظة الاغتيال نفسها كانت مرحلة قصيرة جدا يرتفع فيها النبض والأدرينالين وبعد ذلك بقينا في أعلى الى ان تلقينا بعد خمس دقائق النبأ النهائي وهو ان ذلك كان الجعبري. هذا جزء من عملنا بعد كل عملية اغتيال كهذه وهو ان نُبلغ أكانت اصابة أم إخطاء، وهل خرج شخص ما من السيارة بعد الاصابة أم لا، والى أين يهرب اذا كان قد خرج، وهل أصيب أبرياء. وفي حال الجعبري كان التنفيذ نظيفا وسهلا جدا. وهذا ما أبلغته ايضا بجهاز الاتصال بقولي "ألفا. نظيف وسهل".
إن الرقيب ي. يخدم في التشكيلة الجوية منذ سنتين ونصف وهذه اول مرة كان مشاركا فيها في اغتيال كهذا من قريب. "بعد ان تلقينا تصديق انه كان الجعبري استمررنا نعمل على أهداف اخرى وحينما عدنا وهبطنا في القاعدة الجوية جرت مساءلتنا وفي المساء فقط حينما شاهدت الأخبار في نادي الوحدة الجوية بدأت أفهم ما الذي كنت مشاركا فيه حقا".
هل حدثت أحدا خارج الوحدة الجوية أنك شاركت في اغتيال الجعبري؟
"أبي فقط وقد كنا وحدنا".
هل حسدك الرفاق في الوحدة الجوية؟
"يبدو لي أن نعم"، قال في حرج. "أنا لا أعلم". ويقول المقدم أ. قائد الوحدة "من المؤكد انهم حسدوه. حتى انني فرحت لنجاحه، لكن قلت في نفسي من المؤسف أنني لم أفعل ذلك". انها مسألة حظ.
لا وقت للاحتفال
نحن في "كوك بيت" سلاح الجو بعد الاغتيال بدقائق ولا وقت للعميد نوركين للاحتفال، فهو يدرك ان دولة اسرائيل ستكون بعد زمن قصير تحت هجوم صاروخي وان الملاجيء ستُفتح وان منظومات الدفاع الجوي ستُمتحن أشد امتحان لها. "دخلنا عمود السحاب"، أبلغ الطائرات الحربية التي كانت تنتظر في الجو. "أخرجوا للقضاء على مخزونات صواريخ فجر بعيدة المدى".
ولم يكن وقت للاحتفال ايضا في الوحدات الاخرى التي كانت مشاركة في الاغتيال. فبعد الاغتيال فورا بدأوا في 8200 يلاحظون استعداد حماس لعمليات رد واطلاق قذائف صاروخية. وتابعوا في الوحدة الجوية الى المهمات التالية استعدادا لكل واحدة من الطلعات الجوية الكثيرة التي نفذها سلاح الجو في العملية. "ابتُلعت عملية الاغتيال سريعا في العمل ولم نعد نشغل أنفسنا بها"، يشهد قائد الوحدة الجوية المقدم أ.
عمل في "الشباك" في اثناء العملية 12 غرفة عمل تلقت معلومات من الميدان وترجمتها الى أهداف هجوم وساعدت على الاصابة الدامغة وزودت بصور استخبارية عن نشاط حماس بل صاغت توصيات للمستوى السياسي. وجلس ممثلو "الشباك" ايضا في غرف حرب الجيش الاسرائيلي. وفي اثناء العملية هوجم وأصيب عشرات من قادة حماس والجهاد الاسلامي العسكريين الذين كانوا مشاركين في القتال ومنهم ناس في منظومة الانتاج ومحاربون وخلايا اطلاق قذائف صاروخية. فعلى سبيل المثال وبفضل ما صيغ في غرف عمل "الشباك" تم الهجوم على شقة خفية كان يمكث فيها كبار مسؤولي الجهاد الاسلامي في القطاع وقتل في الهجوم أحد النشطاء وجرح ثلاثة آخرون. وهوجمت كذلك بيوت قادة كبار في الذراع العسكرية لحماس كان بعضها يستعمل ايضا مخازن للوسائل القتالية.
وهم في قسم البحث من "أمان" يتابعون منذ كانت العملية جمع معلومات استخبارية عن اهداف جديدة ويتفهمون كيف أثر اغتيال الجعبري في تنظيم حماس.
"أصيب شعور كبار مسؤولي حماس بالمنعة اصابة شديدة"، يُبين المقدم زيف. "أجروا تحقيقات عميقة. كيف بلغت اسرائيل الى هذه المعلومات وما الذي حدث بالضبط في ذلك اليوم. وأعدموا ايضا مشتبها فيهم بأنهم عملاء، وجروا جثثهم في الشوارع مربوطة الى دراجات نارية. وما زالوا في مراحل استخلاص الدروس لكن لا توجد شكوك فحماس مستمرة في زيادة قوتها وهي مستمرة في تهريب الوسائل القتالية وهي مستمرة في تهريب الاموال وفي بناء القوة. ومن الواضح أنها ستقوم من بين الأنقاض وتعيد بناء نفسها بفضل الدعم الايراني الذي تحظى به. ولا يوجد اليوم شخص حتى ولا اسماعيل هنية، يحطم اغتياله حماس".